التحديات النسوية أمام العلوم السياسية

تاريخ النشر:

2010

التحديات النسوية أمام العلوم السياسية

لقد كانت الحركة النسوية المعاصرة حافزًا لدراسة موضوع النساء والسياسة في إطار العلوم السياسية، كما بدأت هذه الدراسة في الوقت نفسه مع تلك الحركة. فقبل نشأة الحركة النسوية في منتصف ستينيات القرن العشرين، أصدر الباحثون/الباحثات في مجال العلوم السياسية عددًا قليلاً من الكتب أو المقالات المتعلقة بالنساء (وكان الاستثناء الملحوظ يتمثل في كتابات Duverger عام 1955), ولم تكتمل خلال الفترة 1901-1966 سوى 11 أطروحة فقط من الأطروحات التي ركزت على النساء Shanley and Schuck 1994)). إن اللجنة النسائية للعلوم السياسية، والتي تأسست عام ١٩٧١، بدأت منذ ١٩٧٢ في تبني العديد من الأوراق البحثية حول النوع الاجتماعي والمُقدمة إلى الاجتماعات السنوية للرابطة الأمريكية للعلوم السياسية. وخلال الفترة الواقعة بين بداية إلى منتصف السبعينيات، نشرت أول مجموعة من الكتب التي تشق طريق البحث في موضوعات النساء والسياسة (وعلى سبيل المثال Amundsen 1971: Kirkpatrick 1974; Jaquette 1974; Freeman 1975)

وانطلاقًا من تلك البدايات المتواضعة، بدأ الميدان الفرعي المتعلق بالنساء والسياسة في النمو بخطوات متسارعة. ومع حلول السنوات الأولى من التسعينيات، تعاظمت أعداد الأوراق البحثية ومقالات وكتب الباحثين/الباحثات في مجال العلوم والسياسة، والتي تركز على موضوع النساء والسياسة أو النظرية النسوية. وعلى سبيل المثال، قُدمت 60 ورقة بحثية مرتبطة بالنوع الاجتماعي إلى الاجتماع السنوي الذي عقدته الرابطة الأمريكية للعلوم السياسية عام ١٩٩٢. وفي عام ۱۹۹۱، قامت مجلة Women & Politics – وهي مجلة علمية مكرسة للكتابات الإمبيريقية والنظرية حول النساء والسياسة بنشر ٢٤ مقالاً، و۲۱ عرضًا لكتب تتناول موضوعات النساء والسياسة والنظرية النسوية. إن نمو هذا العدد من البحوث التي تركز على النساء والنوع الاجتماعي داخل الدراسة المتخصصة للعلوم السياسية قد كان موازيًا لأنماط مشابهة من النمو (وإن كانت أسرع) في فروع أخرى بمجال الإنسانيات والعلوم الاجتماعية .DuBois et al.1985)) وعلاوة على ذلك، خضعت الكتابات المتعلقة بالنوع الاجتماعي في العلوم السياسية لتأثير التطور السريع الذي شهدته الكتابات متعددة التخصصات في برامج دراسات المرأة.

كما ازدادت مأسسة دراسات النساء والسياسة داخل ميدان العلوم السياسية خلال السبعينيات والثمانينيات. وتتمثل أهم التطورات في أمرين: إصدار مجلة Women & Politics عام ۱۹۸۱، وإنشاء قسم حول بحوث النساء والسياسة داخل الرابطة الأمريكية للعلوم السياسية في عام ١٩٨٦. وعلاوة على ذلك، أصبح قسم العلوم السياسية في جامعة Rutgers عام 1986 أول قسم في الولايات المتحدة يعتبر موضوع النساء والسياسةمادة تخصص رئيسية أو فرعية عند الحصول على درجة الدكتوراة. ونجد الآن أن أغلب أقسام العلوم السياسية الكبرى تضم أستاذًا واحدًا على الأقل بالكلية متخصص في سياسات النوع الاجتماعي، كما تقدم العديد من الأقسام الآن موادًا عديدة لدراسة النساء والسياسةكجزء من المنهج الدراسي لطلاب الجامعة.

إن التطور الدائم للكتابات في هذا المجال يسفر عن آثار مهمة بالنسبة لجميع باحثي/ باحثات العلوم السياسية، وليس فقط المتخصصين في مجال النساء والسياسة. وتطرح البحوث النسوية مجموعة من الأسئلة التي تتحدى الأساس النظري والإبستمولوجي الذي ينبني عليه هذا الفرع العلمي. كما أن كتابات الباحثات النسويات تثير تساؤلات مهمة – أحيانًا ضمنيًا وأحيانًا صراحًة – حول ما ندرسه كمتخصصات / متخصصين في العلوم السياسية وكيفية دراسته.

 

يدرس هذا المقال التساؤلات التي تطرحها بحوث النساء والسياسةحول ما ندرسه كمتخصصات / متخصصين في العلوم السياسية، وكيفية دراسته في سياق ثلاث فئات بحثية متمايزة حول النساء والسياسة. تضم الفئة الأولى انتقادات للطرق التي اتبعتها النظرية السياسية والبحوث الإمبيريقية في العلوم السياسية لاستبعاد النساء على نحو تقليدي بوصفهن فاعلات سياسيات، واعتبار وجودهن غير مرئي أو لا سياسي. وتضم الفئة الثانية البحوث التي حاولت إضافة النساء في دائرة السياسة، بحيث يصبح وجودهن مرئيًّا كفاعلات غیر سیاسیات، مع قبولهن أطر التحليل السياسي الحالية السائدة. وتضم الفئة الثالثة البحوث التي تثير تساؤلات حول الأطر والفروض الحالية، بما يطرح أن أطر عملنا السائدة لا يمكن أن تتلاءم لتشمل النساء كفاعلات سياسيات، فضلاً عن ضرورة إعادة النظر في مفاهيم كثير من الأطر والفروض والتعريفات التي تمثل أهمية مركزية بالنسبة إلى العلوم السياسية.

ونحن لن نجادل بشأن التمايز الكرونولوجي لهذه الأدوات المتعلقة بالكتابات حول النساء والسياسة، أو أن بحوث أي فئة منها أهم من بحوث أية فئة أخرى. وعلى الرغم من أن العديد من البحوث المبكرة حول المرأة والسياسة يقع داخل الفئتين الأولتين، حيث الفئة الثالثة أحدث عمرًا، فإن جميع فئات البحوث الثلاثة تبدو واضحة في عملنا الحالي. وبالمثل، قدمت بحوث الفئات الثلاث إسهامات مهمة لدراسة الطرق التي جعلت من النوع الاجتماعي (Gender) وفروضه موضوعًا يتخلل إلى العلوم السياسية. وعلى الرغم من أننا نتناول هذه الفئات البحثية الثلاث باعتبارها متمايزة تحليليًّا، تحقيقًا لأغراض هذا المقال، فإننا نعترف بصعوبة تعيين حدود واضحة بينها: فإحدى الفئات قد تميل إلى التدفق نحو فئة أخرى، وأحيانًا يتقاطع بحث منفرد مع بحوث فئتين أو حتى الفئات الثلاث جميعها.

ونحن لا نستهدف تقديم استعراض شامل للأدبيات الصادرة حول المرأة والسياسة، رغم انتشارها خلال السنوات الأخيرة الماضية، ذلك أنها مهمة ضخمة وتخرج – لحسن الحظ – عن نطاق هذا المقال. وفي المقابل، فإننا نركز في الأساس – عند مناقشة الفئات البحثية الثلاث – على الأدبيات الخاصة بالنظرية السياسية وتلك الخاصة بالسياسات الأمريكية؛ ذلك أن تخصصاتنا تقع في إطار هذين المجالين، ولأنهما من مجالات العلوم السياسية التي تضم قدرًا أكبر من الكتابات حول النوع الاجتماعي. ومع ذلك، فإننا نأمل أن يوضح هذا الاستعراض أن كلاً من النظرية النسوية والكتابات إمبيريقية التوجه حول النوع الاجتماعي يطرح تساؤلات جدية – وغالبًا متشابهة – حول ما ندرسه في العلوم السياسية وكيفية دراسته.

في العلوم السياسية، كما هي الحال في الفروع العلمية الأخرى، تمتد أصول البحث النسوي إلى نقد الطرق التي اتبعتها المبادئ الفلسفية للنظرية السياسية والمبادئ الإمبيريقية للعلوم السياسية السلوكية لاستبعاد النساء والنشاط النسائي من موضوعاتها الدراسية، وعادة ما تجعل وجودهن غير مرئي، مع توظيف فروض نمطية حول الطبيعةاللاسياسية للنساء وسلوكهن. وعلى الرغم من ظهور عديد من الانتقادات المهمة في السبعينيات (مثل Bourque and Grossholtz 1974; Shanley and Schuck 1974; Jaquette 1974; Iglitzin 1974; Goot and Reid 1975; Boals 1975; Okin 1979; Elshtain 1979a) , فإن الانتقادات التي ظهرت مؤخرًا تستمر في تعميق فهمنا للطرق التي أدت إلى إخفاق العلوم السياسية ككل، ومجالاتها الجزئية الخاصة، في تناول الموضوعات المتعلقة بالنساء أو معالجتها بأسلوب نمطي (وعلى سبيل المثال: Randall 1991; Ackelsberg and Diamond 1987; Nelson 1989; Sapiro 1989; Grant 1991; Halliday -1991)

وبقدر اهتمام العلوم السياسية بموضوعات المواطنة، وجهت عديد من النسويات انتباهين نحو التقاليد التاريخية للنظرية السياسية الغربية بغية تفسير كل من وجود النساء غير المرئي كفاعلات سياسيات والمواقف الجنسانية ( sexist) تجاه النساء اللاتي انضممن إلى ميدان العلوم السياسية. لقد كانت الانتقادات النسوية المبكرة تُعنى بتحطيم حاجز الصمت الذي يحيط بالنساء وتتصف به، ولا تزال، الأدبيات البحثية حول مبادئ النظرية السياسية. وحتى عندما وجدت النسويات أن أغلب المُنظرين السياسيين في الماضي كانوا يستبعدون النساء من المشاركة في مجال العمل العام، وجدن أيضًا عدم تجاهل هؤلاء المُنظرين ببساطة للنساء في نصوصهم (Okin 1979; Elshtain 1981; Saxonhouse 1985; Eisenstein 1981; Shanley 1982)). بل على العكس، كان المنظرون الكلاسيكيون يشعرون بقلق عميق حول ما اعتبروه غالبًا تأثير النساء المضطرب على الشؤون السياسية. لم تكن النساء ببساطة غائبات في النصوص الأساسية، بل تعرضن بالأحرى للطرد من التراث الغربي من جانب باحثي النظرية السياسية (Jones and Jonasdottir 1988)

تولت المُنظرات السياسيات النسويات إذن، فيما يتعلق بالجوانب المهمة، إعداد نقطة البداية اللازمة ليصبح وجود النساء مرئيًا – والذي استطاع زملائهن من الأكاديميين من جعله غير مرئي. وعلى الرغم من اهتمام عدد ليس بقليل من المُنظرين الكلاسيكيين بموضوع النساء، فقد كانت النساء غائبات كفاعلات سياسيات. وبالتالي، استهدفت النسويات توضيح ما يلي: أولاً، کیف بررت التقاليد استبعاد النساء من المشاركة في مجال العمل. ثانيًا، كيف قدم هذا الاستبعاد تعريفًا مهمًا للمواطنة عبر نطاق تاريخي واسع من النظريات السياسية، وصولاً إلى النظرية الديمقراطية الحديثة وبما يتضمنها. ونظرًا لأن النساء لم يُمثلن موضوعات فعلية داخل الأدبيات البحثية في النظرية السياسية، كانت العديد من النسويات معنيات بداية بإعداد تسلسل زمني تاريخي لما طرحه المنظرون السياسيون السابقون حول النساء، وتوضيح كيفية استخدام أطروحاتهم لتبرير استبعاد النساء من الحياة المدنية. وبالتركيز على المواقف البطريركيةالتي طرحها المنظرون السياسيون، من أفلاطون إلى هيجل، وجدت النسويات أن أغلبهم قدم صورة للمرأة باعتبارها ليست إنسانًا بالكامل، أو عقلانية بالكامل، أو كائنًا سياسيًا بالكامل (Figes 1970; Mahowald 1978; Brennan and Pateman 1979; Clarke and Lange 1979; Pateman 1980a) وسواء تم تعريف النساء من زاوية جنسانيتهن التي تهدد النظام، أو افتقارهن إلى العدالة، أو عجزهن عن التفكير العقلاني، أو كل ذلك وأكثر منه، فقد وضعهن المُنظرون الكلاسيكيون في قالب نمطي باعتبارهن قاصرات تمامًا عن امتلاك تلك الصفات التي تُعتبر ضرورية للمشاركة النشطة في المجتمع المدني. لقد كانت النساء بوصفهن نساء، بإيجاز، مستبعدات من المجالات العامة والسياسية والاقتصادية” (Clarke and Lange1979, viii)

إن النسويات اللاتي ركزن على العناصر التي تنطوي صراحة على مفارقة تاريخية أو كراهية واضحة للنساءفي النصوص الكلاسيكية Brown 1988, 11)) شجبن جنسانية النظرية السياسيةوصرحن بأن التقاليد الغربية أفلست تمامًاكوسيلة لتطوير النظريات النسوية حول المواطنة والمساواة بين الجنسين Clarke and Lange 1979, Xvii; Figes 1970)). وحتى النسويات اللاتي لم يؤيدن رفض تلك المبادئ بالكامل، ذهبن إلى أن المُنظرين الكلاسيكيين لم يقدموا سوى القليل في طريقة التحليل السياسي للتقسيم الجنسي للعمل داخل الأسرة Okin 1979: Elshtain 1981; Eisenstein ;1981)). وتجادل سوزان مولر أوكين (Susan Moller Okin) أن جزءًا من المشكلة يكمن في قيام المُنظرين السياسيين بتطبيع الأسرة وموقع النساء داخلها. لقد كانت نظرتهم للنساء من زاوية وظيفية محضة: “إن الفلاسفة الذين طرحوا، عند وضع أساس نظرياتهم السياسية، التساؤلات التالية: ’من هم الرجال‘؟ و’ما إمكانات الرجل‘ ، قد تكرر تساؤلهم، عند تناول الإناث، “’لماذا النساء‘؟” (Okin 1979, 10)

لقد كانت سوزان مولر أوكين واحدة من عدد متنام من النسويات اللاتي اعتبرن الصور الكريهة للنساء، والمنتشرة عبر أنحاء التراث الغربي، أكثر من مجرد صور عرضية لتمثيلات السياسي. إن ما قاله واحد من المُنظرين حول النساء، كما تجادل النسويات، كان يمثل أهمية مُطلقة فيما يتعلق بتصوره عن شروط المواطنة (Pateman 1980b; Eisenstein 1981; Elshatain 1981; Saxonhouse 1985). ولم يقتصر الأمر على صياغة مفاهيم العدالة والحقوق والإجماع في غياب النساء كفاعلات سياسيات، وإنما تشكل معناها أيضًا من خلال ذلك الغياب. وعلى الرغم من أن الرؤية المركزية لم تتطور بالكامل في الأدبيات النسوية خلال أواخر السبعينيات وبدايات الثمانينيات، فقد كانت تمثل أهمية للبحوث العلمية التي تتناول النوع الاجتماعي. ويرجع ذلك إلى ثلاثة أسباب على الأقل: الأول، تمكين النسويات من تفنيد منهج أضف النساء ثم قم بالتقليبتجاه النظرية السياسية. والثاني، قدمت طريقة للتفكير من خلال الوضع المعاصر للنساء بوصفهن مواطنات من الدرجة الثانية. والثالث، الطرح بأن ميراث التقاليد الغربية في العلوم السياسية كان يعتبر النساء خارج السياسة لأن موقعهن المناسب هو الأسرة.

لقد كان صدى الانتقادات الموجهة إلى المبادئ الإمبيريقية لبحوث العلوم السياسية السلوكية يردد، في جوانب عديدة، الموضوعات التي كانت تتسم بها الانتقادات الموجهة إلى مبادئ النظرية السياسية. وقد خلصت النسويات، بعد دراسة، إلى وجود إشكاليات في تناول موضوعات المرأة في بعض الأعمال الكلاسيكية مثل:

Angus Campbell et al., The american Voter; Robert Lane, Political Life; Fred Greenstein, Children and Politics; Gabriel Almond and Sidney Verba, The Civic Culture; Robert Dahl, Who Governs?; and Hans Morgenthau, Politics Among Nations (Bourque and Grossholtz 1974; Sapiro 1979; Tickner 1991).

وربما يثير الدهشة ملاحظة مدى ندرة الإشارة إلى النساء في الأدبيات التقليدية بمجال العلوم السياسية الذي يركز على السلوك السياسي، ومدى قلة الاهتمام الجديد والمتواصل المُكرس لتفسير سلوكهن. وبغض النظر عن وجود النساء الفعلي أو غيابهن بين السكان تحت الدراسة، فقد كان وجودهن غير مرئي في كثير من الأدبيات ما قبل النسوية. وحتى عند وجود النساء في الموضوعات تحت للدراسة، وحتى عندما تتناقض دراسة خبراتهن مع النتائج الأساسية لأي بحث (كما تؤكد، مثلاً، فيرجينيا شابيرو Virginia Sapiro فيما يتعلق بحالة: Robert Dahl’s Who Governs?)، غالبًا ما كان التجاهل من نصيب النساء Sapiro 1979)).

ومع ذلك، تبرز صورة واضحة ومتسقة للنساء وسلوكهن في الكتابات المتعلقة بالمبادئ الإمبيريقية، بما في ذلك العديد من الكتب المشار إليها أعلاه، التي تدرس صراحة (حتى وإن كان بإيجاز) سلوك النساء. هذه الصورة تعتبر النساء لاسياسيات، في أسوأ الأحوال، وقاصرات سياسيًّا في أفضلها. كما تعتبرهن فاقدات للاهتمام السياسي والمشاركة السياسية (وعلي سبيل المثال: .(Berelson, Lazarsfeld, and McPhee 1954, 25; Campbell et al. 1960, 489-90). هذا بالإضافة إلى انخفاض كفاءتهن السياسية وافتقار نظم معتقداتهن إلى الثقافة الرفيعة (على سبيل المثال: Campbell et al.1960, 492-2)). كما أن نسبة إدلاء النساء بأصواتهن أقل من نسبة الرجال، وعندما يدلين بأصواتهن يملن إلى الإذعان لأزواجهن والتصويت مثلهم (على سبيل المثال: Campbell et al., 485-6, 492-3). والنساء “’يُضفين طابعًا شخصيًّاعلى السياسة، ويهتممن بالشخصيات أكثر من اهتمامهن بالقضايا (على سبيل المثال: (Greenstein 1965, 108; Almond and Verba 1963, 535. كما أنهن أكثر محافظة في تفضيلاتهن وأصواتهن السياسية (رغم أنهن يدلين بأصواتهن لصالح من يختارهم أزواجهن) (على سبيل المثال: Almond and Verba 1963, 535)، وأقل تسامحًا تجاه مجموعات الجناح اليساري السياسية مثل الشيوعيين والاشتراكيين (على سبيل المثال: Stouffer 1955, 131-55) .

وقد أوضحت الباحثات النسويات أن هذه الصورة السياسية للنساء ترتكز على بحوث يشوبها عدم اختبار الفروض، ووجود أخطاء منهاجية (انظر/ي بوجه خاص Jaquette 1974; Bourque and Grossholtz 1974; Goot and Reid 1975). ونظرًا لأن تحليل النساء يتسم بمشكلات عديدة في كثير من تلك الأدبيات، فمن المستحيل تقديم تأكيد كامل لمدى ما تعكسه البحوث من صورة دقيقة للسلوك السياسي النسائي في الوقت الذي تسفر فيه تحيزات الباحثين المرتبطة بالنوع الاجتماعي عن صورة للنساء تعتبرهن أقل حنكة وانخراطًا في السياسة من الرجال. ويبدو من العدل، في الحد الأدنى، أن نخلُص إلى أن الفروض والتحيزات التي تنعكس في هذا البحث (كما تناقش أدناه) قد أدت إلى صورة مبالغ فيها للاختلافات بين النساء والرجال.

لقد قبل الباحثون الأوائل في مجال العلوم السياسية السلوكية، ودون تشكك، الفصل بين العام والخاص، كما يبدو تعريف النساء بوصفهن موجهات في الأساس نحو الاضطلاع بمسؤوليات المجال الخاص وأنشطته واضحًا في كثير من كتابات الفكر السياسي الغربي (Elshtain 1974). وكانت الأسرة تُعتبر وحدة متراصة Sapiro 1989; Goot and Reid 1975)) يحتل فيها الرجل موقع رأس الأسرة والممثل السياسي المسيطر. ومن المفترض أن تتمثل التزامات المرأة الأساسية في دورها كزوجة وأم. وأصبح المسلك السياسي للرجل بمثابة القاعدة التي يُقاس بناء عليها مسلك المرأة السياسي، ويُعتبر بالتالي ناقصًا (Bourque and Grossholtz 1974). ولم يقتصر الأمر على عدم اختبار هذه الفروض، بل كانت مقبولة أيضًا بوصفها طبيعية، مع عدم إدراك – أو عدم الرغبة في – تغيير أدوار الرجال والنساء.

إن هذه السلسلة من الفروض متداخلة الارتباط قد أثرت على تحديد الأسئلة التي وُجهت (والتي، وهو الأكثر الأهمية، لم تُوجه) حول مسلك المرأة السياسي، وكيف درسه الباحثون في مجال العلوم السياسية السلوكية ما قبل النسوية. ونظرًا لاعتبار النساء لاسياسيات وموجهات في الأساس نحو المجال المنزلي والأسري الخاص، لم تكن النتائج المتعلقة بانخفاض مستويات مشاركة النساء في السياسة واهتمامهن بها تُعتبر إشكالية. لم يقم الباحثون في العلوم السياسية بإجراء بحوث إمبيريقية حول أسباب عدم ارتفاع مستويات مشاركة النساء بوجه عام في السياسة؛ بل افترض الباحثون بالأحرى أنهم يعرفون الأسباب. وبالمثل، لم يكن غياب النساء عن مواقع داخل النخب السياسية، وخاصة في المناصب عامة، يثير أي اهتمام أو يزعج باحثي العلوم السياسية. إن انخفاض تمثيل المرأة بين النخب السياسية لم يصبح مسألة جديرة بالدراسة إلا بعد حلول النزعة النسوية، سواء خارج هذا العلم أو داخله.

إن طرق تأثير فروض باحثي العلوم السياسية السلوكية ما قبل النسوية تبدو أكثر وضوحًا عندما يتعلق الأمر بكيفية دراسة المسلك السياسي للنساء. لقد كرست الناقدات النسويات اهتمامًا كبيرًا لتوضيح أن تطبيق أساليب البحث الموضوعي المفترض على دراسة المسلك السياسي للنساء في المبادئ الإمبيريقية بالكاد ما كان يخلو من القيمة.

كما أشارت النسويات إلى عدد من الطرق التي يمكن من خلالها اتهام باحثي العلوم السياسية بممارسة علم سيءلتقصي اتجاهات المرأة ومشاركتها. وقدمت العديد من الباحثات أمثلة توضح مبالغات علماء السياسة – أو حتى سوء بناء نتائجهم – بما يتناسب وأفكارهم المدركة سلفًا حول طبيعة النساء والاختلافات القائمة بين الرجال والنساء (على سبيل المثال Goot and Reid 1975; Bourque and Grossholtz 1974)

وعندما وجد الباحثون اختلافات مشروعة بين الإناث والذكور، قاموا بتفسيرها على نحو يجعل الإناث لاسياسيات. وعلى سبيل المثال، حين سأل فرد جرينشتاین (Fred Greenstein) الأطفال حول ما يمكنهم القيام به لتغيير العالم، أشار إلى ميل البنات إلى اقتراح تغييرات لاسياسية متمايزةمثل التخلص من جميع المجرمين والأشرار” (Greenstein 1965, 116; Bourque and Grossholtz 1974, 243) وبالمثل، تشير كل من سوزان بورك وجين جروسهولتز إلى أن النتائج التي توضح انخفاض مستوى الكفاءة السياسية لدى النساء مقارنة بالرجال كانت تُفسّر كعلامة على كفاءة الرجال السياسية. وعدم كفاءة النساء. لكنهما اقترحتا، في المقابل، أن تلك النتائج تعكس فطنة النساء في تقييم العملية السياسية، وربما الرجال يعبرون عن معدلات مرتفعة من الكفاءة، على نحو لا عقلاني، نظرًا لمحدودية دورهم كرجال، حيث يتعلمون أنهم يمتلكون براعة وقدرة على التأثير في العملية السياسية” (Bourque and Grossholtz 1974, 231)).

وفي بعض الأحيان، كان الباحثون يوجهون أسئلة متحيزة بوضوح على نحو يتيح لها انتزاع إجابات يمكن تفسيرها على أن الذكور سياسيون والإناث لاسياسيات. وعلى سبيل المثال، فحصت لين ايجليتزين (Lynne B. Iglitzin) الاستبيانات المستخدمة في ثلاث دراسات تقليدية حول التنشئة السياسية (Greenstein 1965; Hess and Torney 1968; Andrain 1971)، وخلُصت إلى أن العديد من الأسئلة كان يعتبر السياسة عالمًا يقتصر على الذكور، وذلك بالاستعانة دومًا بالذكور، في اختيار صور بعينها، وبالاختيارات النمطية والمحدودة للإجابات المقدمة” (Iglitzin,1974, 33)

وأخيرًا، انخرط باحثو العلوم السياسية في الممارسة التي اصطلحت بورك وجروسهولتز على تسميتها التلاعب بالحواشي” (1974). التي أدت ببعض باحثي العلوم السياسية إلى الاقتباس من بعض المصادر عبارات حول المواقف والسلوكيات السياسية للنساء، والتي عند اختبارها لا تحدد بالفعل ماذا كان يعزى لهن. وعلى سبيل المثال، أشارتا إلى كتاب روبرت لين ( Robert Lane) بعنوان الحياة السياسية” (Political Life)، حيث يجادل أن حل الخلافات السياسية بين الزوجين غالبًا ما يتحقق عبر إقناع الزوج لزوجته، وهو الأمر الذي يتناقض والدراسة التي يشير أنها تدعم وجهة نظره. ففي مقابل إقناع الزوج لزوجته، تطرح الدراسة وجود تأثير متبادل بين الأزواج والزوجات وميل لدى الأطفال نحو اتباع توجهات الأمهات السياسية في حالات الاختلاف بين تفضيلات الوالدين للحزب السياسي (1974,234-5). كما تقدم بورك وجروسهولتز أمثلة أخرى لتوضيح دور الباحثين السلوكيين السابقين أحيانًا في التلاعب بالحواشيعبر اقتباس بيانات من دراسات مبكرة، دون ذكر مدى صلاحيتها أو سياقها في النص الأصلي، مما يقود بالتالي إلى سوء تمثيل النتائج الأصلية. وعلى الرغم من إمكانية تصحيح العلم السيء” – الذي كانت تتسم به دراسة سلوك النساء في بعض الدراسات الكلاسيكية – من خلال القضاء على التحيزات السابقة وممارسة العلم الجيدفي البحوث المستقبلية، فقد وجهت بعض النسويات انتقادات إلى بحوث العلوم السياسية السلوكية، والتي تُعد أساسية ومن الصعب تناولها ببساطة باعتبارها مجرد اتهامات بالتحيز. وقد طرحت جين الشتين (Jean Bethke Elshtain)، وهي إحدى هؤلاء الناقدات، أن المشكلة تكمن في الإبستمولوجيا التي تفصل بين الحقائق والقيم. وتشرح قائلة:

إن المشكلة أكثر تعقيدًا وأساسية عن أي اتهام بالتحيز. فالأمر يكمن في أن كل نظرية تفسيرية للسياسة تدعم مجموعة بعينها من النتائج المعيارية. وللحصول على النظرية، يجب أن يتبنى المحلل إطارًا يرتبط، ضمنًا إن لم يكن صراحًة، بالأفكار المتعلقة بالطبيعة الإنسانية والأغراض الإنسانية. ويحدد هذا الإطار حدود الظواهر التي يجب دراستها. فقبل بدء البحث، يجري إدراج بعض عوامل الحياة الاجتماعية إلى الرؤية، وحذف البعض الآخر منها (1979a, 242)

تتمثل وجهة نظر إلشتين (وهي وجهة النظر التي تتقاسمها كثير من النسويات الأخريات اللاتي يدرسن العلوم السياسية) في أن العلوم السياسية السلوكية تبنت إطارًا استبعد الكثير مما تفعله النساء من التحليل السياسي، وهبط بهن إلى ميدان الحياة الخاصة خارج السياسة. وقد لاحظت إلشتين ما يلي:

في سياق الاتجاه العام للعلوم السياسية، فإن ما كان يوصف، تقليديًا، بأنه سياسة كان يميل إلى استبعاد النساء من النشاط، وقد استبعد لسنوات عديدة التساؤلات التي طرحتها النسويات. لقد أحيلت هذه التساؤلات إلى مجال خارج النشاط السياسي المنظم، ونُبَذت باعتبارها مشكلاتخاصة (1979a, 243).

وقد أشارت أيضًا باربارا نلسون (Barbara Nelson) – مثلها مثل إلشتين – إلى المشكلات القائمة مع كل من الإبستومولوجيا ومحتوى العلوم السياسية. وعلى الرغم من إقرارها بأن باحثات العلوم السياسية النسويات قد يرغبن في الإبقاء على الدراسة المنسقة للأحداث، كأحد أنماط البحوث، فإنها تجادل أن الناقدات النسويات يطرحن تساؤلات حول عالمية النتائج ونزاهة المراقب وعدم ارتباطه” – وهي أمور لا يمكن تصحيحها ببساطة بالإقرار بوجود القيم والتحيزات، أو محاولة إزالتها من البحوث الإمبيريقية (1989, 22). وقد أشارت إلى ما يلي:

تُعد دراسة النوع الاجتماعي دراسة ثورية، لأنها تهدد الفرض السائد إن أغلب البحوث القائمة محايدة تجاه النوع الاجتماعي وشاملة. في العلوم السياسية، كما هي الحال في العلوم الاجتماعية بشكل عام، قد لا تتكيف النساء داخل النظريات الاجتماعية القائمة، مما يطرح أن المعرفة الاجتماعية التي تعتبر تراكمية – في عديد من الحالات – قد لا تكون تراكمية على الإطلاق (1989, 22).

وفيما يتعلق بالمضمون، خلصت نلسون ارتكازًا على تحليلها لثلاثة كتب تمهيدية ذات شعبية ومجلدين حديثين للتفكير الذاتي حول حالة علم السياسة – إلى أن المبالغة في التشديد على السياسة الانتخابية تُعد إحدى أسباب تكريس العلوم السياسية لقدر قليل من الاهتمام نحو النساء وخبراتهن. كما جادلت أن علينا، من الناحية العلمية:

أن نضم إلى دراسة السياسة ليس فقط الإقرار باستبعاد النساء مما هو سياسي تقليديًا، وإنما أن نُدرج السياسة أيضًا في ما قامت به النساء تقليديًّا. علينا أن نسير دربًا طويلاً لخلق خطاب سياسي أكثر شمولاً، إذا وجهنا الاهتمام نحو الأسر، والمجتمعات المحلية، والمجموعات التطوعية، والحركات الاجتماعية، ودولة الرفاه – هذا إن ذكرنا عدد قليل فحسب من الموضوعات. إن علم السياسة يحتاج إلى استراتيجية من شقين: تؤكد ارتكاز جميع الموضوعات السياسية على النوع الاجتماعي، بينما تهتم أيضًا بتلك المجالات التي أنفقت فيها النساء تقليديا طاقاتهن السياسية (1989, 21).

إن الانتقادات النسوية لكل من المبادئ الفلسفية للنظرية السياسية والمبادئ الإمبيريقية للعلوم السياسية السلوكية تطرح ضرورة تشكك باحثي العلوم السياسية المعاصرين في كثير من الكتابات التي ظهرت قبل السبعينيات حول النساء. فالأدبيات الإمبيريقية ما قبل النسوية متأثرة، إلى حد كبير، بفروض الطبيعة اللاسياسية للنساء، بحيث يصبح من الصعوبة الفصل بين الحقيقة العلمية والخيال. وتسفر النتيجة النهائية عن قلة ما نعرفه نسبيًا – قبل تطور البحوث النسوية عن مسلك النساء السياسي؛ فنادرًا ما ظهرت دراسة جادة أو مستمرة حول النساء، وغالبًا ما تجري تلك الدراسة من خلال عدسة متحيزة.

كما أن الانتقادات النسوية للمبادئ الإمبيريقية تقدم دليلاً أيضًا على أن الإبستمولوجيا الوضعية بمقدورها (وربما تفعل ذلك دائمًا) أن تحجب مجموعة من الفروض المعيارية حول الطبيعة الإنسانية، وبوجه خاص حول طبيعة النساء. وتشعر عديد من الباحثات النسويات اليوم بقلق شديد تجاة الزعم بموضوعية البحوث وخلوها من القيمة، وشمولية الحقائق. ويبدو أن قلقهن يرجع، جزئيًا، إلى اكتشاف وجود تحيزات قوية في البحث العلمي ما قبل النسوية حول مسلك النساء السياسي. كما ينبع قلقهن جزئيًا أيضًا من إدراكهن بأن غياب النساء عن موضوعات الكثير من البحوث السلوكية يعني أن الحقائق الشاملة والتي من المفترض اكتشافها من خلال هذا البحث – ترتكز، في واقع الأمر، على النوع الاجتماعي: أي ترتكز على خبرات الرجال السياسية وليس النساء.

وأخيرًا، تثير الانتقادات النسوية للمبادئ الفلسفية للنظرية السياسية، والمبادئ الإمبيريقية للعلوم السياسية السلوكية، تساؤلات حول مفهومنا للسياسة وأساسها الذي يتمثل في الفصل بين الحياة العامة والحياة الخاصة. وبدلاً من تناول المعنى الظاهري لهذا الفصل، حاولت النسويات تحليله تاريخيًّا وتوضيح إمكانية أن يقود تصور أشد انتقادًا إلى تغيير دال في كيفية تفكيرنا حول معنى المواطنة وحول النساء كمواطنات.

لقد كان الكثير من الكتابات النظرية والإمبيريقية التي قامت بها النساء والباحثات السياسيات خلال السبعينيات والثمانينيات تستهدف إلقاء الضوء على وجود النساء المرئي في النظرية السياسية والبحوث السلوكية وتصحيح تحيزات الماضي. ولا يزال هذا النمط من الكتابة مستمرًا في وقتنا الحاضر. وقد استخدمت الباحثات في مجال النساء والسياسة الأطر والمناهج العلمية الحالية (وأحيانًا العلوم البيئية غير القائمة على النوع الاجتماعي) لدراسة صورة النساء في كتابات أغلب المُنظرين السياسيين، والسلوك السياسي للنساء على مستوى المواطن ومستوى النخبة. وحاولت الباحثات تبديد فكرة اعتبار النساء كائنات لاسياسية، فضلاً عن الفكرة القائلة إن الطبيعة هي التي تُملي أدوار النساء (والرجال) في المجتمع وبالتالي فهي أدوار ثابتة لا تتغير.

إن هذا الكيان من الأدبيات حول النساء والسياسة يتسم بالأهمية، لأنه يوضح أهمية النوع الاجتماعي كأداة للتحليل داخل الاتجاه العام للنظرية السياسية والعلوم السياسية. على أن أهميته ترجع أيضًا إلى سبب آخر. عند إجراء تحليل سياسي للنساء والخبرة النسائية، وعند تطبيق الأطر العلمية والمناهج الحالية على النساء، يشير هذا البحث إلى حدود تلك الأطر والمناهج وجوانب عجزها الممكنة. إن التركيز على النساء وخبراتهن، في محاولة لوضعهن في موقع مناسب داخل الصورة، غالبًا ما يكشف عن ضرورة إجراء تعديلات مهمة؛ فالنساء ببساطة لم يتخذن موقعًا مناسبًا داخل الصورة القائمة. وتطرح بعض جوانب هذا البحث عدم الالتفات إلى مادة مهمة، وأن الصورة الحالية ليست سوى تمثيل جزئي للواقع السياسي، وأن هناك ضرورة لاستخدام عدسة ذات زاوية أكثر اتساعًا. ومن جوانب أخرى، يطرح هذا البحث أن الصورة نفسها كانت تحتاج إلى إعادة التشكيل لكي تضم خبرة المرأة.

في جهد لتعقيد الصورة المألوفة للرجل في الحياة العامة والمرأة في الحياة الخاصة، قامت عديد من المُنظرات السياسيات النسويات بإعادة التفكير في تطور الميدان العام الحديث من خلال عدسة تاريخية حول مشاركة المرأة وخبراتها السياسية. وعلى سبيل المثال، جادلت جوان لاندس Joan Landes, 1988)) بأن بروز الميدان العام البرجوازي في فرنسا خلال عصر التنوير لا يمكن فهمه على نحو مناسب دون الاهتمام بالتأثير الاجتماعي الضخم لنساء الصالونات في ظل النظام القديم. فلم يكن الصالون محض تزيين للبلاط الملكي، بل كان ينتمي إلى ثقافة حضرية أوسع، وكان يتميز ’بعالميته‘ وطابعه الكوزموبوليتاني” (1988, 25). وبوصفهن لاعبات أساسيات في نظام التقدم من أجل الجدارة” (1988, 24)، كان دور نساء

الصالون مهمًا للتغيرات الاجتماعية التي أدت إلى زوال الأرستقراطية المالكة للأرض.

لقد جعلت لاندس النوع الاجتماعي أداة مركزية في تحليلها، مما أدى إلى إثراء فهمنا للنضالات الطبقية التي غيرت وجه أوروبا القرن الثامن عشر. كما أوضحت أن أيديولوجية الحياة المنزلية الأنثوية كانت مهمة لتحقيق الصعود الاجتماعي للطبقات الوسطى، وأن الميدان العام الحديث كان مبنيًّا من الناحية التاريخية من خلال استبعاد النساء. وعند وضع النساء ومصالحهن في الاعتبار، كما تجادل لاندس، يبدأ التنوير في النظر بتشكك مثل التنوير المضاد، والثورة مثل الثورة المضادة” (1988, 204). إن زعمها بأن مواطن القرن الثامن عشر لم يكن مواطنًا عامًا، بل ينتمي بالأحرى إلى فئة تقوم على النوع الاجتماعي، قد أسفر عن نتائج بعيدة الأثر: “ليس بإمكان الحركة النسائية المعاصرة أن ‘تمتلك’ الميدان العام لأنه يتعرض دومًا لإعادة البناء عبر خطوط ذكورية” (1988, 202).

إن التوتر الذي حددت لاندس موقعه بين المساواة السياسية وعدم المساواة الجنسية أصبح موضوعًا للدراسة من جانب العديد من المُنظرات النسويات الأخريات المهتمات بمعارضة الحكايات التقليدية عن الظهور التاريخي للديمقراطيات الحديثة. وقد اتبعت ماري ليندون شانلي Mary Lyndon Shanley 1989)) خطًا بحثيًّا مماثلاً داخل النقاشات الفيكتورية حول عمومية حق الاقتراع وحياة المرأة في البيت، ووجدت أن النساء السياسيات تحدين ليبرالية القرن التاسع عشر لكي يوفين بوعد الحقوق المتساوية للجميع. وعلى حين تعترف شانلي بفشل أغلب النسويات الفيكتوريات في استجواب التقسيم الجنسي للعمل داخل الأسرة والدفاع عن المساواة الاقتصادية للجماهير العاملة، فقد لفتت انتباهنا أيضًا إلى كيفية استغلالهن للمعتقدات الأيديولوجية الليبرالية لخدمة نطاق واسع من الغايات التقدمية. وفيما يتعارض وأطروحة لاندس، اقترحت شانلي إمكانية مواصلة الحركة النسائية المعاصرة في لعب هذا الدور.

ويتمثل واحد من أهم مساهمات النسويات، اللاتي أدرجن النوع الاجتماعي داخل كتاباتهن حول أصول المجتمع الليبرالي، في إلقاء الضوء على التوتر القائم بين النساء كمواطنات يتمتعن بالحقوق والنساء كفئة جنسية مقموعة. وتجادل بعض الباحثات أن هذا التوتر يُعد بمثابة قوة الدفع المحركة للنزعة النسوية الليبرالية، وأن بإمكانها إضفاء طابع راديكالي على الاتجاه العام للحركة النسائية Eisenstein 1981; Shanley 1989)) . وكما لاحظت زيلا أيزنشتين (Zilla Eisenstein) ما يلي:

تضم النزعة النسوية الليبرالية أكثر من مجرد تحقيق الحقوق الذكورية البرجوازية التي أنكرت النساء من قبل، على الرغم من أنها تضمنت ذلك. فالنزعة النسوية الليبرالية ليست مجرد نزعة نسوية مضافة إلى الليبرالية. بل هناك بالأحرى اختلافات حقيقية بين الليبرالية والنسوية الليبرالية، حيث تتطلب النسوية اعترافًا بتحديد الهوية الجنسية للنساء كنساء…. هذا التعرف على النساء كطبقة جنسية يفترض الخاصية الهادمة للنسوية تجاه الليبرالية، ذلك أن الليبرالية ترتكز على استبعاد النساء من الحياة العامة على هذا الأساس. وإذا مضينا بمطالب المساواة الحقيقية للنساء مع الرجال إلى نتائجها المنطقية, نجدها تزيح البنية البطريركية الضرورية للمجتمع الليبرالي (1981, 6)

وفي كتابها الذي صدر في فترة تالية بعنوان النسوية والمساواة الجنسية“(Feminism and Sexual Equality, 1984) خلُصت أيزنشتين إلى أنه كلما زادت راديكالية برامج عمل النسويات الليبراليات الأمريكيات كرد فعل لعدم استجابة الدولة – والتي تسعى، على الأقل منذ ١٩٨٠، إلى زيادة حذف جزء من المطالب السياسية الأساسية التي طرحها الاتجاه العام للحركة النسائية (وعلى سبيل المثال: الإصلاحات الخاصة بالمساواة في الحقوق، وحق الإجهاض) – كلما زاد انكشاف التوتر القائم بين النساء كفئة جنسية والنساء كمواطنات. وبإيجاز، تُجبر النسويات الليبراليات على الاعتراف بحدود النزعة الليبرالية.

وتجادل نسويات أخريات أن مشكلة النسوية الليبرالية تكمن في مناشدتها الجهاز البيروقراطي للدولة وعالم الشركات لإدماج النساء داخل ميدان العمل العام من خلال برامج تسعى إلى الفرص المتساوية والفعل الإيجابي،(affirmative action programs ),(Ferguson 1984, 4 ) ويتناقض هذا الاعتماد على الدولة البيروقراطية لتحقيق الغايات النسوية، مع معادة التراتبية في رؤية الفرد والحياة الجماعية” ( Ferguson 1984, 5; Elshtain 1981; Ruddick 1989: Denhardt and Perkins 1976).
وتشعر كثير من النسويات بالقلق تجاه تعزيز سلطة الدولة، والتي تُعد قدراتها الإشرافية كما يجادلن سببًا للانزعاج. ووفقًا لما تطرحه کارول باتمان (Carole Pateman)، تدخل النسوية الليبرالية في تحالف غير سهل مع الدولة، عندما تعتمد على فكرة العقد الاجتماعي من أجل تعزيز المساواة الاجتماعية للنساء. في الوقت الذي يمتد نفوذ مذهب العقد إلى أقصى الأركان والزوايا حميمية في الحياة الاجتماعية، كما كتبت باتمان، توجد لدى النسويات جميع أسباب القلق حول تزامن خطاب الحقوق الفردية والزيادة الهائلة في سلطة الدولة” (1988, 232). وترفض باتمان فكرة أن الخطاب الليبرالي حول الحقوق يمكن بمفرده أن يعزز النضالات النسوية الرامية إلى تحقيق المساواة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية. إن الفرد المُفترض استقلاله الذاتي ويملك نفسه ويبرم العقود، كما تجادل، لم ينطبق بالكامل أبدًا على النساء. بل على العكس، كانت الذات المالكة بناًء ذكوريًا افترض تاريخيًّا ولا يزال ملكية الرجل للمرأة. أما بالنسبة إلى النساء، فقد كانت حرية التعاقد مقيدة دائمًا بخضوعهن الجنسي للرجال، واعتمادهن الاقتصادي عليهم. وبجدالها أن النظام الاجتماعي الحر لا يمكن أن يكون نظامًا تعاقديًّا، فإن باتمان تحث النسويات على تطوير أشكال أخرى من الاتفاق الحر، يمكن من خلاله تشكيل علاقات سياسية بين النساء والرجال” (1988, 232).

وفي التعارض مع النزعة الشكوكية لدى هؤلاء المُنظرات السياسيات النسويات، اللاتي يؤكدن أن الحركة النسائية لا يمكن أن تحقق أهدافها المتعلقة بالمساواة بين الجنسين من خلال السياسات السائدة، تطرح كثير من الباحثات النسويات في مجال السياسة الإمبيريقية ضرورة دخول النساء إلى الساحة السياسية الرسمية من أجل تحقيق المساواة. وبالتالي، ركز جزء مهم من الكتابات الإمبيريقية، تحت إشراف النساء والباحثات السياسيات في السبعينيات والثمانينيات، على السياسة الانتخابية. وبوجه خاص، ركزت العديد من أوائل الكتب الصادرة حول النساء والسياسة على النساء اللاتي يتحملن مواقع المسؤولية العامة، والناشطات الحزبيات (مثل (Kirkpatrick 1974,1976; Diamond 1977; Githens and Prestage 1977). كما ركزت الكتابات المبكرة الأخرى على جهود النساء الجماعية للتأثير على عملية صنع القرار (وعلى سبيل المثال .((Freeman 1975.
وتتمثل إحدى المهام الأولية التي اضطلعت بها البحوث المبكرة حول نساء النخب السياسية في تحدي الوجود غير المرئي للنساء في المبادئ الإمبيريقية للعلوم السياسية، وذلك بتوضيح وجود النساء بين أصحاب المناصب والنشطاء. ومن هنا استهلت جين كيركباتريك (Jean J. Kirkpatrick) خاتمة دراستها المهمة، حول 50 امرأة تعمل في مجال التشريع بالدولة منذ بداية السبعينيات، بقولها: تكمن أهم نتيجة لهذه الدراسة في وجود النساء السياسيات” (1974, 217) بمعارضة صورة النساء بوصفهن لا سياسيات، على اعتبار أنهن يختلفن عن الرجال بحكم الطبيعة، استمرت تؤكد التماثل القائم في جوانب عديدة بين النساء السياسيات اللاتي قامت بدراستهن والذكور الساسة، وخاصة من حيث الخلفيات الاجتماعية والصفات السيكولوجية (1974, 220) ومع ذلك، ولإعادة طمأنة من اعتقدوا في ذلك الوقت أن المرأة المشابهة لرجل السياسة ليست طبيعية، توضح كيركباتريك ما يلي:

… “المرأة السياسيةلا تختلف كثيرًا عن نظيراتها من الإناث. فهي ليست بالضرورة ذكوريةفي مظهرها أو سلوكها؛ ولا ترفض بالضرورة الأدوار والاهتمامات التقليدية للإناث. بل على العكس تمامًا، فالنساء السياسيات اللاتي يرتكز عليهن هذا الكتاب هن … (غالبًا جميعهن) زوجات وأمهات لديهن أزواج جيدين، ويتمتعن بحسن المظهر وبسلوكيات جيدة، ومحتشمات في كلامهن وأفعالهن، إنهن النساء الإناثبالمعنى الجنسي النمط التقليدي للكلمة (1974, 219)

ومن منظور التسعينيات، يمكن القول إن كتاب كيركباتريك مثله مثل الكتابات الإمبيريقية المبكرة الأخرى حول النساء والسياسة – يبدو حذرًا ومُحَافظًا ومُقَيدًا من حيث نطاقه. لكن أهميته تنبع من زاوية سياقه التاريخي المناسب – أي كرد فعل للوجود غير المرئي والصورة اللاسياسية (أو الناقصة سياسيًا) للنساء في بحوث العلوم السياسية السلوكية لذلك الوقت – تبدو واضحة على الفور، فضلاً عن أهمية الطبيعة المتحدية (على الأقل ضمنًا) للكتابات المتعلقة بموضوع المرأة السياسية وغيره من الكتابات المشابهة.
لقد حاولت الباحثات في مجال النساء والسياسة جعل وجود النساء السياسيات مرئيًّا، ليس فقط
كأفراد وإنما أيضًا كقوة سياسية جماعية منظمة. وبالعمل داخل الأطر العلمية التقليدية، قامت الباحثات بتحليل كل من الحركات النسوية والمناهضة للنسوية، فضلاً عن تحليل نجاحاتها وإخفاقاتها في التأثير على نتائج السياسة العامة. وعلى سبيل المثال: Freeman 1975; Costain 1980, 1982; Gelb and Palley 1982; Gelb 1989; Boles 1979; Mansbridge 1986; Mathews and De Hart 1990; Klatch 1987.

ومثل كيركباتريك وغيرها ممن درسن نساء النخب السياسية، قامت الباحثات في مجال النساء والسياسة – واللاتي درسن السلوك السياسي الجماهيري – بإجراء أبحاث تعارض صورة النساء بوصفهن لا سياسيات أو ناقصات سياسيًّا. وعلى حين واصلت بعض الباحثات إيجاد دلائل على الاختلافات الملحوظة بين النساء والرجال في التوجهات السياسية والسلوك السياسي بالولايات المتحدة وغيرها من البلدان (على سبيل المثال: Jennings and Farah 1980; Rapoport 1982 ,1985) , وجدت أغلب الباحثات في السبعينيات وبداية الثمانينيات أدلة قليلة على اختلاف النساء في الولايات المتحدة عن الرجال في توجهاتهم السياسية أو سلوكهم السياسي. إن نتائج الاختلافات القليلة بين الجنسين في تلك الدراسات ترجع، جزئيًّا، إلى التخلص من قدر كبير من تحيزات النوع الاجتماعي التي أثرت على منهاجية وتأويل نتائج البحوث المبكرة بما أدى إلى تقديم صورة للنساء بوصفهن أكثر اختلافًا من الناحية السياسية عن الرجال. ومع ذلك، فإن غياب اختلافات دالة بين الجنسين في أغلب الدراسات التي جرت في السبعينيات والثمانينيات يعكس التغيرات الفعلية التي شهدها السلوك السياسي في ظل تناقص الاختلافات بين الرجال والنساء في الأدوار الاجتماعية، والتعليم، والعمل.
لقد أوضحت البحوث التي جرت في السبعينيات والثمانينيات أن النساء يماثلن الرجال من حيث المشاركة في الأنشطة السياسية – مثل شن الحملات، وكتابة رسائل إلى المسؤولين، وحضور الاجتماعات السياسية، وتقديم مساهمات مالية إلى المرشحين أو الأحزاب (Hansen Franz, and Netemeyer-Mays 1976; Welch 1977; Baxter and Lansing 1980; Beckwith 1986). وعلاوة على ذلك، وجدت ساندرا باکستر (Sandra Baxter) ومارجوري لانسينج (Marjorie Lansing) أن للنساء في جميع المجموعات العمرية اهتمامات تماثل اهتمامات الرجال فيما يتعلق بمتابعة الحملات الانتخابية – وهي النتيجة التي نلاحظ أنها تتعارض بحدة مع الأسطورة القائلة إن المرأة لا تهتم بالسياسية” (Baxter and Lansing 1980,46) كما تطرح البحوث المتعلقة بالتنشئة الاجتماعية للأطفال، والتي أُجريت في السبعينيات، أن الاختلافات المرتبطة بالسياسية بين الأولاد والبنات تبدو قليلة أيضًا من حيث عددها ومحدودة أساسًا بالاهتمام والمعرفة السياسيين (Orum et al 1974; Sapiro; 1983,38) 1 وقد أجملت بيرينيس (Berenice A. Carroll)في عام 1979 البحوث الإمبيريقية النسوية حول النساء في السياسة الأمريكية على النحو التالي:

الصورة التي تبرز هي صورة نساء ذات اتجاهات سياسية ويشاركن في عمل سياسي، يشبه إلى حد كبير العمل السياسي الذي يقوم به الرجال، على جميع المستويات: من أطفال المدارس إلى الناشطات الحزبيات والنساء في المواقع الرسمية المحلية. وفي جميع مقاييس التصويت والمشاركة والكفاءة والنشاط والأيديولوجية والأداء، نجد اختلافات قليلة بين الرجال والنساء – إن وجدت على الإطلاق (1979,292).

وفي التعارض مع كل من المبادئ الفلسفية للنظرية السياسية والمبادئ الإمبيريقية للعلوم السياسية السلوكية – والتي نظرت للاختلافات بين النساء والرجال على أنها طبيعية – نجد أن كتابات السبعينيات والثمانينيات للباحثات في مجال النساء والسياسة تُرجع هذه الاختلافات بشكل عام إلى دور النوع الاجتماعي و/أو أدوار الجنسين الناضجين من خلال التنشئة الاجتماعية. فقد كانت الاختلافات بين النساء والرجال، سواء في النخبة أو الجماهير الشعبية، تعتبر مبنية اجتماعيًّا وبالتالي قابلة للتغير، وليست قائمة على الطبيعة وبالتالي ثابتة. وما أن تغيرت التنشئة الاجتماعية للنساء، وتغيرت آفاق الفرص والأدوار التي أصبحت مفتوحة أمامهن في المجتمع، فإن الشيء نفسه يحدث في سلوكهن السياسي.

وفي هذا الإطار، اختبرت الدراسات المتعلقة بالتوجهات والمشاركة السياسية للنساء الآثار المترتبة على التعليم، ووجدت أن زيادة التعليم ترتبط بزيادة مشاركة النساء، بالإضافة إلى ارتباطها بارتفاع مستويات الاهتمام السياسي والكفاءة السياسية (وعلى سبيل المثال: Sapiro 1983; Hansen, Franz, and Netemeyer-Mays 1976; Welch 1977; Baxter and Lansing 1983; Poole and Zeigler 1985). كما وجدت الدراسات أيضًا أن عمل النساء خارج المنزل يرتبط بانخراطهن في الأشكال التقليدية من المشاركة، حيث تصل مشاركة النساء الموظفات إلى معدلات مشابهة لمعدلات مشاركة الرجال، على حين تنخفض بشكل ملحوظ معدلات مشاركة ربات البيوت (Andersen 1975; Welch 1977,724- 5) 2 وأخيرًا، طرحت الدراسات أن وجود أطفال يؤثر تأثيرًا سلبيًا على كل من المشاركة السياسية والتوجهات السياسية المختلفة (Sapiro 1983, 177; Jennings and Niemi . 1981, 296-7) ويكمن أثر تلك النتائج في ارتفاع مستويات مشاركة النساء مع ارتفاع تحصيلهن التعليمي، ودخولهن إلى ميدان العمل بأعداد كبيرة، وإنفاق وقت أقل من حياتهن في تربية الأطفال، وحصولهن على مزيد من المساعدة لرعاية الطفل. وبالتالي، فإن اختلافات الجنس القليلة في التوجهات السياسية والمشاركة السياسية يمكن أن تتقلص مع تغيير أدوار النساء وتنشئتهن الاجتماعية داخل تلك الأدوار.
وعلى مستوى النخبة، كرست الباحثات في مجال النساء والسياسة اهتمامًا كبيرًا لدراسة أسباب تقلد عدد قليل من النساء للمناصب العامة. وهنا أيضًا كانت التفسيرات النسوية المبكرة تركز غالبًا على دور النوع الاجتماعي عبر التنشئة الاجتماعية وأدوار النوع الاجتماعي الناضج. كما ركزت دراسات عديدة على المندوبات في اجتماعات الأحزاب الوطنية وغيرها من الأنشطة الحزبية، والتي تُعتبر موقعًا إمكانيًا للترشيح للمناصب العامة في المستقبل. على أن تلك الدراسات وجدت أن النساء أقل طموحًا من الرجال فيما يتعلق بتقلد المناصب العامة (Jennings and Thomas 1968; Costantini and Craik 1977; Kirkpatrick 1976; Fowlkes, Perkins, and Rinehart 1979; Sapiro and Farah 1980; Jennings and Farah 1981; Costantini and Bell 1984). وكان تفسير تدني مستويات الطموح السياسي لدى النساء ينظر إلى المسألة دائمًا من زاوية الاختلافات بين الجنسين من حيث التنشئة الاجتماعية على المستوى السياسي وأدوار النوع الاجتماعي، على الرغم من أن التفسير كان يرتبط أحيانًا بالافتقار إلى الفرص السياسية. وعلى سبيل المثال، لاحظ كل من جينينجس (M. Kent Jennings) وباربارا فرح (Barbara G. Farah) ما يلي: “في الوقت الحاضر نجد أن الأعراف الثقافية والظروف البنيوية – وخاصة ازدواجية مطالب العمل في المنزل وفي الحياة العامة، فضلاً عن التفاوت في بنية الفرص – تتسم بأثر يُخمد الحياة السياسية وتوقعات النساء” (1981, 480)

إن التشديد على التنشئة الاجتماعية حول دور النوع الاجتماعي، فضلاً عن تأثير أدوار النوع الاجتماعي، لتفسير قلة عدد النساء بالمناصب العامة كان سائدًا في الأدبيات التي تناول بالدراسة نساء أخريات ناشطات سياسيًّا أيضًا. ففي دراسة يجري الاقتباس منها كثيرًا، قامت مارسيا مانينج لي (Marcia Manning Lee) باختبار العوامل التي تحول دون دخول النساء النشيطات بمجتمعاتهن المحلية إلى حلبة المنافسة على منصب عام. وبالإضافة إلى الخوف من التمييز على أساس الجنس، كان العاملان اللذان منعا المرأة هما: مسؤوليتها عن رعاية الأطفال الصغار (وهو عامل منع عدد قليل من الرجال)، وتصوراتها عن الأدوار المناسبة وغير المناسبة للنساء – حيث اعتبرت أغلب النساء أن تقلد منصب عام يُعد سلوكًا غير مناسب للمرأة (Lee 1976)

كما أكدت أيضًا البحوث المتعلقة بالنساء في المناصب العامة القيود الناجمة عن أدوار النوع الاجتماعي والتنشئة الاجتماعية لدور النوع الاجتماعي (Diamond 1977; Stoper 1977 Mandel 1981). وتشير كيركباتريك، على سبيل المثال، إلى أن المتطلبات التقليدية للدور القائم على نوع الجنس كانت تمثل القيود الأساسية التي تمنع النساء من المنافسة على المنصب العام. كما لاحظت امتياز النساء اللاتي شملتهن دراستها ويعملن في مجال التشريع، ويرجع إلى تحديدًا إلى نجاحهن في الجمع بين حياتهن السياسية وأدوارهن التقليدية. وقد طرحت التساؤل التالي:

إذا كان بإمكان هؤلاء النساء القيام بذلك، فلماذا ترفض الأخريات؟ ربما لافتقارهن إلى التقدير المرتفع للاحترام الذاتي والهوية العامة، وعادات المشاركة، والرغبة في التأثير على السياسة العامة، والمهارات السياسية اللازمة للقيام بذلك، واستعداد الزوج للتعاون، واعتناق رؤية، والمرونة، والمعرفة الذاتية، والطاقة الضرورية لحياة الانشغال والتعقيد عندما تتوفر بدائل أخرى (1994, 240)

وكما توضح هذه الفقرة من كتاب كيركباتريك بعنوان Political Woman، فإن الأدبيات العديدة التي تؤكد أهمية تنشئة المرأة وأدوار النوع الاجتماعي تقضي ضمنًا بأن الأفراد من النساء عليهن تغيير حياتهن في اتجاه زيادة تمثيل المرأة في المناصب العامة. وبملاحظتها هذا الميل في الأدبيات، كتبت بيرينيس كارول في عام 1979 تقول: “لا يزال التركيز شديدًا على التنشئة الاجتماعية لدور النوع الجنسي، مع نزوع ضمني نحو ’لوم الضحية‘ (أو والدتها)، وإلقاء عبء تغيير الأدوار الجنسية على عاتق المرأة دون تغيير النظام الذي يتطلب استمرار الأنماط القائمة للدور الجنسي، ويكافئ من يتسقون معه، ويعاقب من يعارضونه” (1979, 306). وسواء كرد فعل على هذه الملاحظة من جانب كارول وأخريات، أو لأسباب أخرى، فقد شهد هذا التأكيد تغييرًا خلال الثمانينيات في الأدبيات التي تناولت النخب السياسية – وخاصة عند المعالجة الفعلية للسؤال المتعلق بأسباب قلة تمثيل النساء عدديًا في المناصب العامة. لقد أبعد كثير من الباحثين تركيزهم عن دراسة تنشئه دور النوع الاجتماعي وأدوار الناضجين من الجنسين، وكيف أسهمت في عدم تشابه المرأة مع الرجل السياسيالذي يتقلد منصبًا عامًا. وفي المقابل، ركز الباحثون بقوة على عملية النظام السياسي نفسه كمتغير تفسيري يساعد على تقديم أسباب سوء تمثيل النساء (مثل: (Carroll 1985: Darcy et al. 1987

وقد أوضحت البحوث المقارنة أن تمثيل المرأة في الهيئات التشريعية الوطنية في البلدان التي تتبع نظام التمثيل النسبي، وخاصة تلك البلدان التي تستخدم القوائم الحزبية، أكبر من تمثيلها في بلدان مثل الولايات المتحدة التي تنتخب الممثلين على أساس تصويت التعددية (Randall 1987, 140-2; Rule 1981; Norris 1985; Lovenduski 1986; haavio-Mannila et al.1985) . إن تحديد وتنفيذ أنصبة النساء في القائمة الحزبية للانتخاب في بعض الأحزاب السياسية الأوروبية يعزز زيادة تمثيل النساء في تلك البلدان (انظر/ي على سبيل المثال: (Dahlerup 1988, 297; Kolinsky 1991; phillips 1991, 84-5)

وعلى الرغم من أن هذا البحث، الذي يتناول أثر الترتيبات الانتخابية على تمثيل النساء، قد استخدام الأطر والمناهج والتقنيات الخاصة بالاتجاه العام في العلوم السياسية، فإنه يسفر عن نتائج معيارية مهمة بالنسبة لباحثي العلوم السياسية السلوكية. وقد اقتبسنا أعلاه من باربارا نلسون اقتراحها بأن جميع الموضوعات السياسية تقوم على النوع الاجتماعي“. وتقدم البحوث التي تتناول أثر الترتيبات الانتخابية مثالاً جيدًا، حيث توضح وجود ملامح بعينها تعتبر محايدة لطريقة عمل النظام السياسي تجاه النوع، ولكنها تتسم بالتمييز ضد المرأة، على الرغم من أن المُفترض أنها محايدة تجاه النوع الاجتماعي. إن الترتيبات الانتخابية الموجودة بالولايات المتحدة ليست محايدة بالتأكيد تجاه الجنسين، على الرغم من أن خبرة بعض البلدان الأوروبية الغربية التي تتبع نظام الحصص تطرح إمكانية تغيير النظم الانتخابية لتصبح محايدة. كما أن التحليل السياسي الذي يتناول الإصلاحات المقترحة للنظم الانتخابية أو إجراءاتها (مثل وضع حد لمدة تقلد المنصب، أو تمويل الحملات الانتخابية)، أو التحليل الذي يقبل الترتيبات الانتخابية الحالية دون انتقادها ودون اختبار أثر تلك الإصلاحات أو الترتيبات صراحة على النوع الاجتماعي، يمكن أن تنتهي – وإن كان عن غير عمد إلى استمرارية استبعاد النساء من المناصب العامة.

وربما تكون جانيكي روس Janneke Van der Ros1987)) قد مضت قدمًا بأطروحة اختلافات السلوك السياسي وصنع القرار لدى الرجال والنساء أبعد من أي شخص آخر. لقد طرحت أن النماذج التفسيرية المرتبطة بالنوع الاجتماعي تستخدم عندما تكون ذات صلة في الدراسات السلوكية، كما اتخذت الخطوات الأولى نحو تطوير تلك النماذج.

لكن الرغبة في خلق نماذج للسلوك السياسي ترتكز على النوع الاجتماعي لم تنل موافقة كاملة من النساء والباحثات السياسيات. فبعضهن قد يفضل تطوير نماذج لا ترتكز على النوع الاجتماعي، بل تضم السلوك البشري برمته. وقد يقترح البعض الآخر ضرورة رفض فكرة النماذج التي تحاول التعميم عبر كل البشرية أو حتى نصفها، والتحرك – في المقابل – في اتجاه خصوصية تاريخية وثقافية وموقفية في بحثنا حول السلوك السياسي. ومع ذلك، فإن الدراسات التي تطرح الاحتياج إلى نماذج للسلوك السياسي ترتكز على النوع الاجتماعي تتسم بالأهمية، ذلك أنها تثير تساؤلات حول كلية معارفنا الحالية وتكشف أنها تضرب بجذورها في خبرة الرجال. وعلى الرغم من أن الباحثات النسويات قد لا يتفقن مع الكليات المرغوبة، فمن المؤكد أنهن يوافقن على أن المعرفة الإمبيريقية الحالية لا تعكس خبرات المرأة بشكل واف.

لقد شهدت السنوات الأخيرة كتابات لكثير من النساء والباحثات في مجال السياسة، ومن المُنظرات النسويات، تواجه وتعارض صراحة الأطر والفروض المهيمنة لهذا العلم. وقد أثارت هؤلاء الباحثات – اللاتي خضعن غالبًا لتأثير منظور العلوم البيئية لدراسات المرأة – تساؤلات جديدة، وأدخلن أطرًا جديدة إلى دراسة النوع الاجتماعي والسياسة. وتطرح كتاباتهن أننا نحتاج إلى إعادة التفكير وإعادة التصور حول مختلف المناهج والفروض والمفاهيم التي تحتل موقعًا مركزيًّا في هذا العلم.

على أن النسويات الباحثات في المجال السياسي إمبيريقي التوجه عارضن التعريفات التقليدية للسياسة، وتبنت بحوثهن منهجًا يضع منظور المرأة وخبراتها في مركز تحليلاتهن. ومثال على ذلك: بالتعارض مع البحوث المبكرة التي قدمت توثيقًا لتأثير حياة النساء الخاصة على حياتهن العامة ولم تتشكك في الغرض الأساسي للأفكار والممارسات السياسية الغربية حول انقسام الحياة إلى مجالين عام وخاص, أثارت بعض البحوث الحديثة شكوكًا من خلال تركيزها على خبرات النساء – حول فرضية الانفصال بين الحياة العامة والخاصة. وعلى سبيل المثال، بدراسة قرارات النساء اللاتي يعملن في مجال التشريع بالدولة للترشيح لانتخابات المنصب العام وأوضاع حياتهن الخاصة، لم تجد سوزان كارول أي دليل على الانفصال بين العام والخاص في حياة هؤلاء النسوة، وطرحت أننا نحتاج إلى تصور جديد. ولما وجدت أن خيارات الحياة الشخصية للنساء تؤثر على عملهن وأن خياراتهن في الحياة العامة تؤثر على مواقف حياتهن الخاصة، خلُصت كارول إلى أن المفهوم المزدوج للعام والخاص، بقدر ما يفصل بدرجة كبيرة بين مجالات الوجود ويفترض أنها تساهم في الإقصاء المتبادل، فإنه لا يقدم صورة غير وافية لواقع حياة هؤلاء النساء، بل بالأحرى فإن العام والخاص في حياة النساء المتقلدات لمناصب عامة يشكلان نظامًا كليًّا من العلامات الاجتماعية متداخلة الارتباط، حيث تنتُج عن أي فعل أو اختيار عواقب تتخلل النظام بأكمله” (1989, 63).

وعلى الرغم من عدم تركيزهن بصورة مباشرة على العلاقة بين العام والخاص, طرحت العديد من الباحثات الأخريات تساؤلات حول التصورات المسيطرة في مجال السياسة وذلك باستخدام منظور النساء كنقطة انطلاق لتحليلهن للسياسة. ومن بين الأمثلة، هناك المقابلات التي أجرتها ديان فولكس (Diane Fowlkes) مع ٢٧ من النساء البيض الناشطات، ومن خلفيات سياسية مختلفة. وأقرت فولكس بأن غرضها ليس اختبار النظرية، وإنما تقديم وتحليل العوالم السياسية للنساء البيض المختلفات في هذه الدراسة، وأن التعميمات التي استقتها من مقابلاتها كانت تستهدف شرح المعاني المختلفة التي تضفيها هؤلاء النساء على عوالمهن السياسية، فضلاً عن الديناميات المختلفة التي تشكل أفعالهن السياسية” (1992, 27). وكجزء من دراستها، سمحت فولكس للنساء أن يتحدثن في مقالات مفتوحة حول تصورهن لتعريف السياسي“. وكانت طرق تقديم هؤلاء الناشطات لتعريف السياسة تتسم بالثراء والتنوع. بعضهن نظرن إلى السياسي كما يفعل عادة الباحثون السياسيون – أي بمعنى العمل مع المرشحين للمناصب العامة، تقلد منصب عام، الحكم، أو مناصرة القضايا. ومع ذلك، نظرت أخريات إلى السياسي بطرق تطرح مفهومًا أوسع أو بديلاً للسياسة – أي الربط بين مجالي الخاص والعام، وتطوير السلطة لإحداث التغيير، فضلاً عن تغيير الحياة اليومية للناس. وعلى حين كانت أغلبية مفاهيم النساء الناشطات تمس بشكل أو آخر موضوع السلطة، فقد لاحظت فولكس أن باحثات العلوم السياسية المعاصرات ربما يعتبرن موضوعات التعليم ورفع الوعي جزءًا من السياسة بدرجة أقل وإن تقاطعت مع مفاهيمهن للسياسة (1992, 184-214). وبالسماح للنساء التحدث من منظورهن الخاص وبمصطلحاتهن الخاصة، طرحت كتابات فولكس ضرورة توسيع مفهوم السياسة في إطار العلوم السياسية بحيث يشتمل على أساليب تفكير نساء، مثل اللاتي أجرت معهن مقابلات، حول السياسي.

ومثل فولكس، استعانت أيضًا سينثيا إنلو (Cynthia Enloe) في كتابها الصادر بعنوان Bananas, Beaches, and Bases منظور النساء كنقطة انطلاق لإعادة التفكير في السياسة – في هذه الحالة: السياسة الدولية. وأشارت إنلو إلي أنها بدأت هذا الكتاب بالتفكير في بوكاهونتاس (إحدى نساء المستوطنة الأصليين في أمريكا الشمالية)، وأنهته بالتفكير مليًا في حياة كارمن ميراندا (نجمة هوليود ذات الأصول اللاتينية)” (1990, Xi). وقد أقرت، عن طيب النفس، بأن:

هؤلاء النساء لسن من بين الفاعلين الدوليين الذين قيل لي أن أتناولهم بجدية كفاعلين في الشؤون العالمية. ولكن كلما زاد تفكيري حول بوكاهنتاس وكارمن ميراندا، كلما بدأت أتشكك في أنني أفتقد بُعدًا كاملاً للسياسة الدولية لقد توصلت إلى لمحة حول العلاقات بين الحكومات وكيف لا يقتصر اعتمادها على رأس المال والمعدات، بل يمتد ليشمل أيضًا السيطرة على النساء كرموز ومستهلكات وعاملات ومسؤولات عن الرعاية العاطفية ( (1989,Xi.

وبشكل ما، قدم كتاب سينثيا إنلو للعلاقات الدولية ما حاول كتاب جين كيركباتريك وغيرها تقديمه للسياسة الأمريكية – أن يصبح وجود النساء مرئيًّا. على أن كتابات إنلو تختلف اختلافًا كبيرًا عن كتابات كيركباتريك وغيرها، والتي ناقشناه أعلاه، من حيث عدم اتباع إنلو للفروض والأطر المسيطرة في العلوم السياسية، بل نحتها جانبًا واستعانت بدلاً منها بمنظور الخبرات النسائية، وخاصة خبرات بوكاهنتاس وكارمن ميراندا كنقطة انطلاق لدراسة السياسة الدولية. لقد اختبرت بعض الموضوعات (مثل: القومية، الدبلوماسية، الجيش، الديون الدولية) التي تُعتبر مألوفة لمن يدرسون السياسة الدولية. وقد أجرت إنلو تحليلها من خلال عدسة النوع الاجتماعي ومن منظور خبرات النساء لهم، وخلصت إلى ما يلي:

تتوقف التحليلات التقليدية عند بحث دراسة ميدان من العلاقات الدولية، وهو ميدان كانت النساء رائدات في استكشافه: كيفية اعتماد الدول على بني بعينها للمجالين المنزلي والخاص. فإذا تناولنا بجدية سياسة الخادمات المنزليات أو سياسة تسويق الأزياء الحديثة أو شارات الشركات العالمية، فإننا نكتشف أن السياسة العالمية أكثر تعقيدًا مما تصورناه من خلال التحليلات غير النسوية. علينا بوجه خاص أن نتناول الثقافة – بما في ذلك الثقافة التجارية الإعلانية – بصورة أكثر جدية (1989,197)

ومثل كارول، فولكس وإنلو، فإن الباحثات اللاتي اعتبرن خبرات النساء نقطة انطلاق لتحليلاتهن، مع تبنيهن منهجًا يغلب عليه الطابع التاريخي، ط في رحن ضرورة إعادة التفكير والتصور حول طريق تناولنا للسياسة. لقد كان الكثير مما فعلته النساء تاريخيًّا يُعتبر بمثابة عمل خيريأو خدمةأو سلوك مخل بالنظام العام، ونادرًا ما كان يُعتبر عملاً من أعمال السياسة Lebsock 1990,35)). ويرجع الجزء الأكبر من ذلك إلى انفصال العام /الخاص؛ حيث تُعتبر أنشطة الرجال أنشطة عامة، بينما تُعتبر أنشطة النساء امتداد لأدوارهن المنزلية. وقد قدمت ميري نورتون (Mary Beth Norton) وصفًا لمرحلة الانتقال التي شهدها ميدان تاريخ المرأة، حيث وافق الباحثون بداية على تعريف ذكوري للسياسة” – تعريف يرتبط بوضوح بانفصال العام / الخاص. وسرعان ما اكتشفت المؤرخات اللاتي ركزن على خبرات النساء أنه تعريف ضيق على نحو لا يتيح إدراج الأنشطة السياسية للمرأة. وتوضح نورتون: “انطلاق من رؤية الحركة النسوية التي تعتبر ’الشخصي سياسي‘، قامت المؤرخات بتوسيع أدوات البحث بحيث تتضمن محاولات النساء للفوز بالسيطرة على حياتهن – سواء داخل الزواج أو خارجه – وأن يمارسن تأثيرًا على المجتمع الذي يعشن فيه” (1986, 40) واتساقًا مع هذا التعريف حول السياسي، ركزت المؤرخات النسويات على مشاركة المرأة في الجمعيات التطوعية، وحركات الاعتدال وضبط النفس، وحركة نادي المرأة، وحركة الاستقرار الاجتماعي، وحركة النقابات، من بين أنشطة أخرى ( Norton 1986; Lebsock 1990). ويمكن للباحثين السياسيين الاستفادة من خبرة الباحثات في التاريخ للحصول على إرشاد حول بناء مفهوم للسياسة يقوم على أساس إدخال النوع الاجتماعي في تحليلاتهن.

وقد تحركت بعض الكتابات الإمبيريقية في اتجاه مشابه لاتجاه تاريخ النساء. ومن بين الأمثلة، صدر في عام ١٩٨٨ كتاب عن النساء وسياسات التمكين” (Women and the Politics of Empowerment) تحریر آن بوكمان وساندرا مورجن (Ann Bookman and Sandra Morgen). ويضم الكتاب العديد من الدراسات لنشاط نساء الطبقة العاملة، ويدرس أنشطة النساء العاملات بالأسر المعيشية ووكالات الخدمات الاجتماعية، ونقابات عمال المستشفيات، والموظفات في مكتب تأمين. كما يضم الكتاب أيضًا دراسات عن النساء اللاتي نظمن اتحاد عمال المكاتب، وناضلن من أجل إعادة فتح عيادة أمراض النساء ورعاية ما قبل الولادة، وقمن بالتنظيم لتحسين جودة التعليم لأطفالهن، وقدن حملة لتحسن الخدمات بالجوار. وعلى حين يمكن اعتبار هذه الأنشطة خارج نطاق السياسة، حسب تعريفها التقليدي، فقد جادلت المحررتان بأن جميع هذه الموضوعات ترتبط بالسياسة. وأوضحتا أن:

المقالات المتعلقة بتنظيم المجتمع توثق معنى جهود النساء واتساعها السياسي لتغيير الفضاء الحضري والسياسة العامة. وفي التعارض مع الرأي الشعبي الذي يعتبر هذه الأنشطة روابط تطوعيةأو جمعيات للمساعدة المتبادلة، فإن هذه الحالات توضح تحدي النساء لسلطة الدولة ومصالح ملاك الأرض، وغيرها من المؤسسات الخاصة. وهذه بالتأكيد أنشطة سياسية (1988, 9-10)

وبالإضافة إلى معارضة أساليب تفكير الباحثين السياسيين التقليدية حول السياسة، بدأت الكتابات الإمبيريقية الحديثة حول النساء والسياسة تستخدم النوع الاجتماعي كأداة للتحليل عند دراسة البني والعمليات السياسية. وهو ما يُمثل تطورًا جديدًا نسبيًا، لأن النوع الاجتماعي – كما أوضحت الأقسام السابقة من هذا المقال لم يكن يُوظف بشكل عام كأداة تحليل إلا عند دراسة سلوك الأفراد. وربما أفضل مثال على تطبيق التحليل القائم على النوع الاجتماعي على دراسة البني والعمليات السياسية يتمثل في كتابات التسعينيات حول دولة الرفاه وتشكيلها (على سبيل المثال:Gordon 1990; Sarvasy 1992; Nelson 1990; Diamond 1983)). وقد أوضحت هذه البحوث أن دولة الرفاه في الولايات المتحدة تطورت بطرق ترتكز بوضوح على النوع الاجتماعي Nelson 1990; Jenson 1990)). وعلى سبيل المثال، تطورت في الولايات المتحدة دولة رفاه ذات شقين: ينبع الأول من تطور معونة الأموالتي استهدفت ربات البيوت واللاتي فقدن أزواجهن، وينبع الثاني من تطور تعويض العمالوالذي استهدف الرجال الذين فقدوا أجورهم بسبب إصابة عمل Nelson 1990)). وأوضحت الكتابات أيضًا أن دولة الرفاه عززت عدم المساواة على أساس النوع الاجتماعي والعنصر والطبقة، في الوقت الذي تقدم فيه المعونة المادية للمحتاجين Mink 1990)). وكثيرًا ما يجري تصوير دولة الرفاه باعتبارها أبوية، ووسيلة لممارسة السيطرة الاجتماعية على النساء. لكن البعض يجادل أنها تشكل أيضًا موردًا سياسيًا يتيح للنساء الشعور بالأمان، كما يقلص شعورهن بالضعف، على خلاف ذلك Piven 1990)). وبغض النظر عن ذلك، يبدو واضحًا أن البحوث النسوية الجديدة حول دولة الرفاه تحدت الباحثين السياسيين من أجل التفكير بصورة أكثر جدية حول دور النوع الاجتماعي في تشكيل هذه الدولة وعملها

إن الباحثات السياسيات ذات التوجه الإمبيريقي – اللاتي اختبرن الطرق التي استخدمتها النساء، سواء الناخبات أو المتقلدات لمناصب عامة قدمن منظورًا إلى السياسة لم يكن جيد التمثيل من قبل، وقد خضعن بقوة لتأثير كتابات من يطلق عليهن مُنظرات الاختلاف النوعيفي دراسات المرأة (مثل:Gilligan 1982; Chodorow 1978; Ruddick 1989). إن كتابات كارول جيليجان حول الاختلافات بين الجنسين في المنطق الأخلاقي كانت تتسم بأهمية خاصة لكثير من النسويات الباحثات في السياسة، وبدراسة بحوث النظرية الأخلاقية، من سيجموند فرويد إلى لورانس كهولبرج، تحدت جيلجان الزعم بأن النساء يحققن مرحلة واهنة من التطور الأخلاقي حيث يساوي الخير مساعدة الآخرين وإسعادهم” (1982, 18) وأن النساء – لهذا – يمتلكن حسًا مبتورًا بالعدالة (أي عدم قدرة إصدار أحكام غير متحيزة وفقًا لمجموعة من القواعد الشاملة). ومما يثير الفضول بدرجة كبيرة، كما تلاحظ، جيليجان، أن ذات السمات التي قدمت تقليديًّا تعريفًا حول ’طيبة‘ النساء، ورعايتهن وحساسيتهن تجاه احتياجات الآخرين، هي تلك السمات التي تعتبرهن عاجزات في مجال التطور الأخلاقي” (1982, 18) لقد اعتمدت على كتابات نانسي شودورو Nancy Chodorow 1978)) للجدال بأن الاختلافات بين الجنسين في المنطق الأخلاقي لا تضرب بجذورها في البيولوجيا وإنما بالأحرى في تطور الطفولة، وبوجه خاص في الاختلاف بين علاقات الأولاد والبنات تجاه من يقدم الرعاية في الأساس – أي الأم. وتذهب جيليجان إلى أن القواعد المجردة التي تحكم منطق الرجال الأخلاقي تعكس تحقيق الهوية الذكورية من خلال الانفصال الراديكالي عن الأم، والحفاظ على حدود صارمة للذات. أما المبادئ المرتكزة على السياق، والتي تحكم منطق النساء الأخلاقي، فتعكس تحقيق الهوية النسائية من خلال شكل أقل راديكالية من أشكال الانفصال عن الأم، فضلاً عن الحفاظ على علاقات حساسة مع الآخرين.

وبقدر ما يتعلق الأمر بأن المقياس الأخلاقي التقليدي لعدم التحيز يُسلم جدلاً بالقيم الذكورية للانفصال والاستقلال الذاتي، كما كتبت جيليجان، فإن إخفاق النساء في فصلهم يصبح بالتعريف فشلاً في التطور [أخلاقيًّا]” (1982, 9) دحضت جيليجان فكرة اعتبار نوعية الانغماس في التفاعل الاجتماعي والعلاقات الشخصية، التي تتسم بها حياة النساءبمثابة ” “خسارة تنموية” (1982, 9) كما ذهبت إلى أن هذه النوعية تُعد مناسبة لتقديم نظرية أخلاقية بديلة نظرية تضفي مشروعية على الصوت المختلفللمرأة:

عندما يبدأ المرء بدراسة النساء، ويشتق بني تنموية من حياتهن، فان خصائص المفهوم الأخلاقي المختلف عن مفهوم فرويد وبياجيه وكهولبرج يبدأ في الظهور ويقدم وصفًا مختلفًا للتنمية. في هذا المفهوم، تبدأ المشكلة الأخلاقية من المسؤوليات المتصارعة وليس الحقوق المتنافسة، ويتطلب حلها نمطًا للتفكير سياقيًّا وسرديًّا وليس رسميًّا ومجردًا. إن هذا المفهوم للأخلاقية، في اهتمامها بأنشطة الرعاية، يركز التنمية الأخلاقية حول فهم المسؤولية والعلاقات، تمامًا كما يعمل مفهوم الأخلاقية كعدالة على ربط التنمية الأخلاقية بفهم الحقوق والقواعد (1982, 19).

إن الحجة القائلة إن النساء يمتلكن إحساسًا مختلفًا تجاه الأخلاق، يضرب بجذوره في الإحساس بالحياة اليومية وشبكة العلاقات البشرية (Belenky et al. 1986; Miller 1976; Gilligan 1982) قد أثرت بعمق على كتابات كثير من المنظرات النسويات المعنيات بمعارضة مجموعة واسعة من النماذج المجردة في العلوم الاجتماعية. وكما ذهبت سارا روديك (Sara Ruddick) في کتابها بعنوان التفكير الأمومي” (Maternal Thinking): “بمعرفة قيمة التجريد في الحياة الأكاديمية، يصبح التجسيد شكلاً من أشكال الإصرار المناهض الذي ينظر ويتحدث ويوجه الأسئلة العسيرة (1989, 95).

وقد أكدت روديك أن التجريد يُعد مركزيًّا للتفكير المُشبع بالروح الحربية“. ومثل عديد من النسويات الأخريات في مجال دراسات السلام، جادلت أن الواقعية كما عالجها مثقفو الدفاع تمتد بجذورها إلى قواعد السلوك البشري العامة، والتي تفترض سيطرة الناس والأمم إن تمكنت – واستغلالهم للأضعف (Ruddick 1989, 179; Elshtain 1987; Cohn 1987; Enloe 1989). وبالمثل، كتبت جين إلشتين أن النموذج الواقعي حول خطاب العلاقات العامة ذات الطابع المهنييركز حصرًا على الكيانات المجردة التي يطلق عليها الدول، ويتجاهل الحقائق المادية للحياة البشرية: “لم يولد أطفال أبدًا، ولم يمت أحد أبدًا، في هذا العالم المبني. هناك دول، وتظل الأساس” (1987, 91).

لقد جادلت كل من إلشتين وروديك أن خبرة النساء، وخاصة خبرة الأمومة، توفر أساس المقاومة السياسية للنظم السلطوية، وأساس النشاط السلمي في البلدان الديمقراطية. وقد أصرت كل منهما على أن دور النساء في الحفاظ علي الحياة يقدم نموذجًا حيويًّا للمشاركة المدنية والتي تعتبر الارتباط بين الذات والآخرثمينًا Ruddick 1989, 255)). وعلى سبيل المثال، فإن مقاومة مظاهرات الأمهات الشهيرة في الأرجنتين تتحدانا في إعادة التفكير حول الأفكار التقليدية لسياسة السلام، وحول – وليس آخرها – الأنوثة. وقد لاحظت روديك أن:

هؤلاء النساء يلبين، من خلال احتجاجاتهن، التوقعات التقليدية للأنوثة، مع مخالفتها في الوقت نفسه إن النساء اللاتي يعرضن صور أحباءهن في الميادين العامة للدولة البوليسية – مثل النساء اللاتي يضعن أغطية الوسادات، واللعب، وغيرها من الأشياء التي تربط الأفراد ببعضها في مواجهة الأسلاك الشائكة لقواعد الصواريخ يترجمن رموز الأمومة إلى خطاب سياسي. الحب الحفاظي، المفرد في الارتباط، الوعد بالميلاد، مرونة الأمل، الكنز الثابت للوجود الجسدي المعرض للتأثرهذه الكليشيهات التي اشتملت عليها الكتابات الأمومية كانت تُطرح علانية إنها تتحدث لغة النساءحول الولاء والحب والغضب؛ لكنها تتحدث بغضب عام في مكان عام، بطرق لم تعنيها أبدًا (1989, 229)

وبوضوح، ليست جميع النسويات داعيات لنموذج التفكير الأموميأو النسوية الاجتماعية الذي طرحته روديك وإلشتين، بل هناك بعض النسويات اللاتي ينتقدن بشدة هذا النموذج. إن النقاش النسوي الحيوي حول ما يسمى الاختلاف النوعييتحول، في جزئه الأكبر، إلى تشكك بعض الناقدات من أي جهد يبذل لإعطاء قيمة للدور التقليدي للمرأة داخل الأسرة. وقد جادلت ميري دييتز (Mary Dietz) أن التفكير الأمومي يغالي في تقييم الأمومة والعلاقات الحميمة للقرابة، ويبخس أيضًا تقييم العلاقات بين غرباء بالكامل أو مجرد معارف – وهو ما يُعد أساس الديمقراطيات التمثيلية الكبيرة، إن الأم الجيدة ليست بالضرورة مواطنة جيد، والعلاقة بين المواطنين ليست مثل الحب بين الأم والطفل 1985, 31; Ferguson 1984)). ونظرًا لأن المواطنين لا يرتبطون ببعضهم البعض بحميمية وإنما بشكل سياسي، كما تطرح دييتز، فإننا نبحث في المكان الخاطئ عن نموذج للمواطنة الديمقراطية، إذا ما نظرنا إلى الأسرة” (1985, 31)

ربما تكمن أصعب التوازنات التي قامت بها الباحثات النسويات في كيفية تحديد أسباب وقيمة خبرة المرأة دون إعادة إنتاج أدوار النوع الاجتماعي على أساس قديم. على أن العديد من الباحثات يشعرن بالقلق – ما دامت الاختلافات بين الجنسين تحمل دلالة اجتماعية خشية أن تقلل النسويات من قيمة هذه الاختلافات، مما يعرضهن للخطر. وقد بينت البحوث النسوية بوضوح أن فكرة نحن جميعًا بشرتجري ترجمتها في خطاب العلوم السياسي، ناهيك عن الإشارة إليها في الممارسات الاجتماعية، إلى نحن جميعًا رجال“. وكما جادلت سوزان موللر أوكين (Susan Moller Okin) في أحدث كتبها بعنوان Justice,Gender, and the Family، فإن اللغة المحايدة بين الجنسين في النظرية السياسية المعاصرة تطمس الواقع المادي بشأن عدم المساواة الجنسية وتعيد إنتاج نظريات العدالة [التي]، مثل نظريات الماضي، تدور حول الرجال وزوجاتهم في المنزل” ( 1989, 13) ومثلها مثل روديك وجيليجان وإلشتين، انتقدت أوكين نظريات العدالة التي تطرح رؤية تجريدية من اللامكان” (1989, 15) ومع ذلك، فإنها لا تقبل، مثلها مثل دييتز، الحجة القائلة إن ’العدالة‘ و’الحقوق‘، هي طرق ذكورية للتفكير حول الأخلاق، ويجب على النسويات تجنبها أو مراجعتها جذريًا للدعوة إلى أخلاقية الرعاية” (1989, 15) . وهناك أمران: أولهما أن الدليل على أن للنساء طريقة مختلفة للمنطق الأخلاقي تُعد مسألة قابل للنقاش – في أحسن الأحوال – وثانيهما أن النسويات اللاتي يطرحن هذا الزعم يواجهن خطر القوالب النمطية التي تبرر المجالات المنفصلةعلى نحو مألوف Okin 1989, 15)).

لقد تمكنت إحدى المُنظرات القانونيات، مارتا مینو (Martha Minnow)، بالإمساك بناصية المشكلة على النحو التالي: “كلاهما يركز على، ويتجاهل، الاختلاف الذي يعيد مخاطرة إنتاجه. هذا هو مأزق الاختلاف” (1984, 160) وكان التفاوض حول مأزق الاختلافيتسم بحساسية خاصة في مجال الدراسات القانونية النوية Eisenstein 1988; Mackinnon 1987 Bower 1991). وفي مقال حول قضية للتمييز الجنسي رفعها مجلس الفرص المتساوية في التوظيفعام 1978 ضد شركة Sears, Roebuck & Company، قدمت المؤرخة جوان سكوت (Joan Scott) تلخيصًا مفيدًا للغز المساواة مقابل الاختلافعلى النحو التالي:

عند وضع الاختلاف والمساواة بشكل ثنائي، تصبح بنيتهما خيارًا مستحيلاً. فإذا ما نشد المرء المساواة، يصبح مجبرًا على قبول فكرة أن الاختلاف هو النقيض. وإذا ما رغب المرء في الاختلاف، عليه الإقرار بعدم إمكانية تحقيق المساواة كيف يمكننا إذن الإقرار بأفكار الاختلاف الجنسي واستخدامها، مع تقديم أطروحات المساواة؟ وتتمثل الإجابة الوحيدة في إجابة مزدوجة: کشف قناع علاقات القوى المبنية من خلال وضع المساواة كموضوع نقيض للاختلاف، ورفض عواقب ما يترتب على ذلك من بنية مزدوجة للخيارات السياسية (1988, 172).

هذا أمر عسير للباحثات النسويات. لكن سكوت أصرت على أن تجنب معاملة الذكورة والأنوثة كجوهر لا يتغير يتطلب من النسويات طرح التساؤل التالي: “كيف يجري بناء الاختلافاتفي سياقات اجتماعية وتاريخية وخطابية بعينها؟ (1988, 173) وتكمن الطريقة الوحيدة للخروج من مأزق الاختلاف، كما جادلت هؤلاء الناقدات، في رفض الاختلاف الجنسي (الرجل في مقابل المرأة)، وتأكيد، بدلاً من ذلك، ما اصطلحت زیللا ایزنشتاين على تسميته تعددية الاختلاف بين النساء” (1988, 223). وقد دعت في كتابها بعنوان The Female Body and the Law إلى نظرية تعددية ونسوية راديكالية للمساواة، نظرية من شأنها الاعتراف بخصوصية الجسد الأنثوي وتنوع الطرق التي يمكن بها التعبير عن ذلك: من الزاوية الفردية (كما في الاختلافات في الصحة، والسن، والقوة الجسدية، والحجم) ومن زاوية انتماء المرأة من حيث العنصر والطبقة الاقتصادية” (1988, 222). وقد تناولت أيزنشتين أكثر تمثيلات الجسد الأنثوي تماسكًا الجسد أثناء الحمل – وأعادت استخدامه على نحو راديكالي عبر كتابها للتقليل من أهمية تعارض التماثل / الاختلاف:

إن جسد امرأة حامل سوداء من الطبقة الوسطى ليس مثل جسد امرأة حامل بيضاء من الطبقة العاملة. كما أن جسد امرأة حامل في منتصف الثلاثينيات من عمرها ليس مثل جسد امرأة حامل في بداية العشرينيات من عمرها. وجسد امرأة تعيش على معونة الحكومة ليس كجسد امرأة حامل مرفهة، وهذا الأخير قد لا يماثل جسد أمرأة حامل تنتمي إلى الشرائح العليا من الطبقة الوسطي، [و هكذا] (1988, 222-223)

إن ما دعت إليه أيزنشتين كمنهج تجاه النساء والاختلاف الجنسي يُعد أكثر تعقيدًا من مقاربة الأدبيات البحثية حول النساء والسياسة. وفي الواقع، لقد طلبت من النسويات أن يتشككن في المصطلحات التي يستخدمنها في كتاباتهن، لأن تلك المصطلحات تميل إلى إعادة إنتاج نفس الشيء الذي ترغب النسويات في انتقاده: أي عدم المساواة الجنسية. فإذا كان الفرد امرأة ، فهذا لا يعني بالتأكيد كل شيء؛ فهناك تلك الهويات العنصرية أو الطبقية الأخرى (إن ذكرنا اثنين فقط) التي تشكل كيفية مرور الإنسان بخبرات كونه امرأة، وكيف وهو أمر شديد الأهمية – ينظر إليه الآخرون بوصفه امرأة. فالنظرة إلى النساء الأفرو أمريكيات لا تعتبرهن (ولم تعتبرهن) “نساءعلى شاكلة النظرة إلى النساء البيض hooks 1981; Spelman 1988)). والنظرة إلى نساء الطبقة العاملة لا تعتبرهن (ولم تعتبرهن) “نساءعلى شاكلة النظرة إلى النساء ربات البيوت بالطبقة الوسطى Riley 1988; Zerilli 1993)). ويضم القسم الختامي من هذا المقال الكثير الذي نطرحه حول النساءكأداة تحليلية.

هناك مشكلة أخرى تواجه الباحثات النسويات اللاتي يرغبن في تقديم منهج للسياسة، يتسم بالحساسية تجاه النوع الاجتماعي، لكنهن يشعرن بالقلق من المزاعم المتماسكة (monolithic) حول اختلاف النساء” – من زاوية كيفية تنظير خبرة النساء“. وقد عالجت نانسي هارتسوك (Nancy Hartsock) هذه المشكلة في كتاباتها المهمة حول نظرية وجهة النظر النسوية” (Feminist Standpoint Theory). كانت هارتسوك ترغب في تطوير ابستومولوجيا ونظرية للسلطة، تضع في حسبانها الاختلافات النوعية دون تعميمها، وقد قامت بالتمييز:

بين ما أسمته سارة روديك الملامح الثابتة أو غير المتغيرة تقريبًا‘ ، للحياة البشرية، وتلك الملامح – التي على الرغم من كونها ‘عامة تقريبًا’ فهي ’متغيرة بالتأكيد‘ . وبالتالي، فإن كون النساء وليس الرجال يحملن أطفالاً ليس خيارًا اجتماعيًّا (حتى الآن)، لكن قيام النساء وليس الرجال بتربية الأطفال هو بوضوح خيار اجتماعي (1985, 223).

لقد قرأت هارتسوك خبرة المرأة من خلال عدسة المادية التاريخية الماركسية. وجادلت أنه لا يكفي الحديث حول وجهة نظر النساء، وإحساسهن بالارتباط المتبادل مع الآخرين ومع الطبيعة (pace Gillian, Ruddick, or Elshtain)؛ بل يجب بالأحرى دراسة تطور وجهة النظر النسويةكما برزت في سياق النشاط السياسي، أي طابعها المتحققوإمكاناتها التحريريةالآخرين ومع (Hartsock 1983, 232)

وتتسم مقاربة هارتسوك بميزة التفكير ليس فقط من خلال كيفية تشكيل خبرات النساء لوعيهن السياسي، وإنما أيضًا من خلال كيفية تشكيل وعيهن السياسي لخبراتهن كنساء. وبالتالي، تحاول الإجابة عن السؤال حول كيفية بناء الهوية الأنثوية اجتماعيًّا وكيفية تحديها راديكاليًّا من خلال النشاط السياسي. وبدلاً من تناول خبرة النساءكما لو كانت مستقرة وموحدة، دعت هارتسوك إلى إجراء تحليل سياسي حول كيفية إعطاء معنى لخبرة أن تكون امرأةفي الممارسات السياسية للنزعة النسوية ومن خلالها.

لقد جادلنا بوجود مشكلة مستمرة أمام الباحثات النسويات، وهي كيفية تطوير نماذج نظرية وإمبيريقية بديلة تضع بعين الاعتبار خبرات النساء ومنظورهن، على أن تتجنب أيضًا كلاً من إعادة إنتاج الاختلافات بين الجنسين والتي تُعزى اجتماعيًّا، وطمس التنوع الاجتماعي بين النساء. ولهذه الأسباب، أصبحت النساءكفئة تحليلية مطروحة للتساؤل في كتابات بعض الباحثات النسويات.

على أن هناك من الأسباب ما يدعو النسويات إلى القلق حول التشكك في نفس الفئة التحليلية التي مكنتهن من المقاومة الجماعية للقمع، كما مكنتهن من إجراء بحوثهن. إن إعطاء صوت للنساء، بوصفهن نساء، في الحياة الاجتماعية والممارسة السياسية، كان يتسم بأهمية مطلقة لتفنيد القول إن وجود النساء غير مرئي وأنهن لاسياسيات أو ببساطة باعتبارهن بمثابة الآخر (الناقص) على خلاف الرجال. وقد كتبت إليزابيث سبيلمان (Elizabeth Spelman) تقول: “ظلت النسويات واعيات لفترة طويلة بالمستويات التي يعمل من خلالها التفوق الذكوري لمحو حياة النساء ومنظورهن من مجال الرؤية” (1988, 4). “ومع ذلك، كما تضيف، فإن إبعاد أنفسنا عن أنصار التمييز على أساس الجنس يمنعنا من الإقرار بمدى إمكانيتنا أن تتقاسم في الواقع بعض العناصر في رؤاهم” (1988, 5). وهو ما يعني القول إن النسويات أيضًا غالبًا ما توجد بقعة عمياء في أبحاثهن – بقعة تتجاهل الفئات الأخرى للاختلافات الاجتماعية (مثل: الطبقة، العنصر، الميل الجنسي(sexual orientation))، من خلال العمل مع النساء كفئة تحليلية كما لو كانت تضم خبرات جميع النساء. وهذا” – كما تقول سبيلمان يقودنا إلى مفارقة تقع في قلب النسوية“:

إن أية محاولة للحديث حول جميع النساء من زاوية شيء مشترك بيننا إنما يقوض أساس محاولات الحديث حول الاختلافات بيننا، والعكس صحيح. هل يمكن إعطاء الأشياء المشتركة بين النساء دلالتها الكاملة، دون أن يستلزم ذلك اعتبار الاختلافات بيننا أقل أهمية؟ كيف يمكننا وصف تلك الأشياء التي تميز بين النساء دون تجاوز ما نتقاسمه بشكل مشترك؟ (1988, 3).

ومن وجهة نظرنا، تصوغ سبيلمان بدقة المأزق الرئيسي الذي يواجه العلوم السياسية النسوية اليوم. فبينما اتخذت الباحثات النسويات خطوات ضخمة، لا يمكن أن يتشكك قليلون في أن هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به. هل يمكن إنجاز هذا العمل إذا تناولنا الاختلافات بين النساء كما لو كانت مهمة بمثل دلالة المشترك بينهن؟ كيف يمكن جعل وجود المرأة مرئيًّا، ناهيك عن تحدي الأطر التي تجعل وجودهن غير مرئي، إذا ما شهد مصطلح النساء، الذي يجعل المشروع النسوي ممكنًا، تعقيدًا صريحًا؟ ومن نافلة القول عدم وجود إجابات يسيرة على هذه الأسئلة، على الرغم من أنها – من وجهة نظرنا – من أهم الأسئلة التي تواجه الباحثات النسويات في العلوم السياسية، وبالطبع الباحثات النسويات في جميع الفروع العلمية، في بداية التسعينيات. على أننا نتناول، في هذا القسم الختامي، الأسباب التي تجعل من الضرورة أن تواصل الباحثات النسويات طرح هذه الأسئلة، وذلك بغية تقديم بعض طرق التفكير الممكنة للإجابة عليهم، وللإشارة إلى الأسباب التي تجعلنا نعتبر أن هذه التساؤلات تمثل أهمية للعلوم السياسية.

يكمن السبب الأول وراء أهمية مواصلة النسويات دراسة الفئة التحليلية (النساء) التي تبدو للوهلة الأولى الأساس النظري لبحوثهن في تحديد معنى المقصود من ما هو مشترك بين النساء كنساء“. وفي كتابها عن النظرية النسوية: من الهامش إلى المركز” (Feminist Theory: From Margin to Center)، طرحت بل هوکس (bell hooks) تصورها حول تلك العبارة على النحو التالي:

لقد كان الاعتقاد المركزي للفكر النسوي الحديث يتمثل في تأكيد أن’جميع النساء مقموعات؛ بما يقضي ضمنًا أن النساء يتقاسمن الكثير من الأمور المشتركة، وأن عوامل مثل الطبقة والعنصر والدين والتفضيل الجنسي الخ لا تخلق تنوعًا للخبرة من شأنه أن يحدد مدى قوة قمع التمييز على أساس الجنس في حياة النساء المنفردات. إن التمييز الجنسي، بوصفه نظامًا للهيمنة، يتسم بطابع مؤسسي، لكنه لم يحدد أبدًا بطريقة مطلقة مصير جميع النساء في هذا المجتمع (1984, 5).

وترتكز أيديولوجية ، ’القمع المشترك‘ هذه” (1984, 8)، كما تجادل هوكس، على منظور أحادي لواقع النساء” – منظور المرأة البيضاء، المتغايرة جنسيًا (heterosexual)، وتنتمي إلى الطبقة الوسطى (1984, 3) وعندما تستدعي النساء عبارات مثل قمع المرأة أو خبرات المرأة أو الاختلافات بين النساء، فإنهن يدمجن ظروف مجموعة واحدة من النساء مع ظروف جميع النساء، ويتناولن الاختلافات بين النساء البيض من الطبقة الوسطي كما لو لم تكن اختلافات” Spelman 1988, 3)). وبعبارة أخرى، يمسح مصطلح النساءتنوع المرجعية الاجتماعية المدعاة؛ على حين تتمثل مرجعيتها الحقة في واقع اجتماعي جزئي.

وكما نجادل بمزيد من التفاصيل أدناه، حتى عندما تحاول النسويات وضع تنوع النساء في الاعتبار – بتحليل متغيرات مثل العنصر والطبقة – فإنهن لا يتناولن مشكلة فئة النساء، والتي وصفناها أعلاه، بشكل صحيح. وتمامًا كما أوضحت النسويات أنه لا يمكن معاملة النوع الاجتماعي كمجرد متغير، لا يمكن للمرء أن يتناول العنصر والطبقة كمجرد متغيرات. وتمامًا كما أوضحت النسويات، فإن اعتبار النوع الاجتماعي فئة تحليلية لبحوثهن يعني إعادة التفكير في أطر العلوم السياسية التقليدية كما فعلت ناقدات مثل سبيلمان (1988) وهوكس (1984) وإفلين بروكس هيجينبوثام (1992)، وباتريشيا هيل كولنز (1989) وجوليان مالفو (1990) ، واللاتي أصررن على أن العنصر والطبقة عند تناولهما كفئات تحليلية للنظرية النسوية يجب عندئذ إعادة التفكير في الأطر النسوية القائمة نفسها.

وبالنسبة لبعض المنظرات النسويات السياسيات، استلزمت عملية إعادة التفكير تطوير استراتيجيات جديدة لاستجواب النقوش التاريخية والمعاصرة للاختلاف الجنسي الذي يختبر العلاقة الاجتماعية المعاشة للفاعلين بالتشكلات الاجتماعية الرمزية للذكورة والأنوثة (Brown 1988; Lorraine 1990; Di Stefano 1991; Zerilli 1991; Zerilli 1993) وكما كتبت كريستين دي ستيفانو مؤخرًا تقول: “يجب مقاربة النوع الاجتماعي بوصفه حقيقيومزيففي الوقت نفسه؛ أي بوصفه مجموعة من التمثيلات التي (بالاقتران والتوتر مع تمثيلات أخرى [مثل: العنصر والطبقة]) تخلق عالمًا من المعاني والعلاقات والهويات المستقرة وغير المستقرة أيضًا، وتسفر في وقت واحد عن إنتاج وتدمير موضوعات بعينها وبطرق بعينها معها” (1991, xiv). إن التحدي المطروح أمام النسويات، كما تجادل، يتمثل في هز التمثيلات الثقافية لاختلاف جنسي غير قابل للقياس، وينظم العالم” “كما لو أنالنساء في علاقة اشتقاقية (وإنما أيضًا معارضة) للرجل” (1991, xiv)، ونحن يمكن أن نضيف كما لو أنهذه العلاقة لم تكن ثابتة فحسب وإنما أيضًا أكثر دلالة اجتماعيًّا من علاقات العنصر والطبقة.

إن عدم استقرار الفئة التحليلية النساءوتطبيع الاختلاف الجنسي، كما أوضحت كتابات المُنظرات النسويات، يسفر عن تداعيات مهمة – ليس بالنسبة للمُنظرات السياسيات فحسب، وإنما أيضًا للمزيد من الباحثات السياسيات ذات التوجه الإمبيريقي. وعلى الرغم من زيادة وضوح هذه التداعيات مع استمرار النقاش حول فئة النساءحتى النهاية، خلال السنوات العديدة القادمة، فإن بإمكاننا أن نطرح عدة ملاحظات أولية قليلة من موقع مناسب في بداية التسعينيات.

وتطرح كتابات المُنظرات النسويات ضرورة توخي الباحثات في التسعينيات المزيد من الحذر والتأمل الذاتي بشأن استخدامهن الفئة التحليلية النساء عما كانت عليه الحال في الماضي. إن أغلب الكتابات الإمبيريقية التي تركز على النساء أو النوع الاجتماعي (أو حتى تتضمن الجنس كمتغير للسيطرة أو التحكم)، افترضت أن فئة النساءيلازمها معنى سياسي، أي وجود شيء وثيق الصلة سياسيًّا تشترك فيه جميع النساء – الافتراض الأكثر شيوعًا هو المصالح” (انظر/ ي Sapiro 1981) للإطلاع على مناقشة للقضايا التي يتضمنها تعريف مصالح المرأة). كما طرحت أغلب الباحثات الإمبيريقيات أن بإمكانهن عزل وقياس الآثار الناجمة عن النوع الاجتماعي، من خلال التحكم إحصائيًّا في متغيرات مثل العنصر والسن والدخل والتعليم. يمكن عزل آثار النوع الاجتماعي. لا يكفي هذا لتناول مشكلة النساءكفئة تحليلية كما وضعتها المُنظرات النسويات. لكن النسويات اللاتي درسن النساءكفئة تحليلية، طرحن تساؤلات حول ما إذا كان تأثير النوع الاجتماعي، خاليًّا من تأثير متغيرات أخرى مختلفة، موجودًا على الإطلاق – ما إذا كان هناك شيء مشترك، جوهر أو حتى مصالح مشتركة بين جميع النساء، بعد الأخذ في الحسبان للتغيرات في العنصر والسن والتعليم والدخل، وما شابه ذلك. وفي المقابل، يطرحن أن العنصر والطبقة والنوع الاجتماعي على سبيل المثال – هي عوامل شديدة التداخل على نحو يتيح أن يعمل الجميع معًا من أجل تشكيل الهوية (أو، في هذه الحالة، الهوية السياسية). إن النساء موجودات في سياق تاريخي وثقافي، والتخلص من هذا السياق أو تجاهله يعني التمويه عن اختلافات مهمة بينهن.

ماذا يعني ذلك بالفعل بالنسبة لمن يقومون ببحوث إمبيريقية؟ إنه يعني، أولاً، ضرورة تقليص اهتمامنا بمقارنة النساء بالرجال وزيادة اهتمامنا باختبار السلوك السياسي للمجموعات المختلفة من النساء في السياقات المختلفة. إذا أخذنا انتقادات النساءكفئة تحليلية بجدية، من المرجح أن تصبح بحوثنا أكثر سياقية وتاريخية. كما سيجعل ذلك وجود النساء مرئيًّا (مثل: النساء الملونات، والنساء الفقيرات)، حيث غالبًا ما تتعرض خبراتهن إلى المسح في سياق التعميمات العلمية التي تنطبق زعمًا على جميع النساء. وإذا أخذنا بجدية انتقادات فئة النساء، فإننا سنتحرك في اتجاه تقليص مزاعم معارفنا وسعينا من أجل الحقائق الشاملة. وهو ما سيقلص تعميماتنا حول النساء (أو الرجال) من مختلف الطبقات والعناصر والثقافات والجنسيات والإثنيات أو الأجيال. على أن التضحية بقدرتنا على التعميم (والذي تطرح المُنظرات حول فئة النساء أنها قادت إلى مجرد تعميمات مزيفة أو مضللة على أية حال) ستكون من أجل تعميق وإثراء تحليلنا وفهمنا.

وبينما يمكن أن تصبح الباحثات الإمبيريقيات، الحساسات للانتقادات الموجهة إلى فئة النساءالتحليلية، أكثر تأملاً ووعيًا ذاتيًّا عند استخدامهن للمصطلح وأكثر تحديدًا سياقيًّا وثقافيًّا في منهجهن في البحث، فإن هناك – كما لاحظنا أعلاه – ما يدعو من الأسباب أمام الباحثات لعدم النبذ الكامل للأداة التي ساعدت على تمكين هذا العمل. ومن خلال استخدام مصطلح النساء، تمكنت الباحثات السياسيات النسويات من استجواب بعض الفروض والأطر المركزية للعلوم السياسية. إن اتساق تركيز النسويات على النساء وخبرات النساء قد ساعد العلوم السياسية على رؤية التحيزات والعتامة التي كانت تتسم بهما الكتابات ما قبل النسوية, كما ساعد على تحسين قاعدة معرفتنا من خلال تصحيح هذه التحيزات وإزالة تلك العتامة. وبالطريقة نفسها، يمكن أن تقود التساؤلات النسوية الحالية النساءإلى دراسات توسع وتُحسن قاعدة معارفنا العلمية وترتقي بها من خلال الاهتمام بمزيد من الخصوصية التاريخية والثقافية وتكريس اهتمام أكبر إلى القطاعات المهملة من السكان. إن مهمة رئيسية أمام النساء والباحثات السياسيات في التسعينيات تتمثل في العمل من خلال العديد من الأسئلة التي تحيط بفئة النساء، ربما لإيجاد أرضية متوسطة بين القبول غير النقدي والنبذ الكامل لهذا المصطلح. وبذلك، من المرجح أن تواصل الباحثات النسويات طرح تحديات جديدة ومهمة أمام الدراسة المتخصصة للعلوم السياسية.

نود أن نتوجه بالشكر إلى كل من أيدا فينيفتر، وفرجينيا شابيرو وباربرا كرو وكاثلين كيسي (Ada Finifter, Virginia Sapiro, Barbara Crow, Kathleen Casy) وإلى مراجع غیر معروف، لما قدموه من قراءات متأنية ومقترحات بناءه حول هذا المقال.

*Susan Carroll and Linda Zerilli, “Feminist Challenges to Political Science”, in Political Science: the State of the Discipline II, ed. Ada W. Finifter (Washington DC: American Political Science Association, 1993), pp. 55-77

1- اقترحت بحوث أحدث ضرورة عدم التسرع في التقليل من أهمية أثر التنشئة الاجتماعية للطفولة في إنتاج اختلافات سياسية ذات صلة بين البنات والأولاد، انظر/ ي على سبيل المثال: Bennett and Bennett 1989; Owen and Dennis 1988

2- تطرح البحوث الأحدث أن العلاقة بين العمل خارج المنزل والمشاركة السياسية ليست مباشرة على نحو ما تصورنا. وعلى سبيل المثال، تجادل ماكدونا MacDonagh 1982)) أن متغيرات الوضع الاجتماعي أكثر أهمية من التوظيف في ذاته، وقد أخفقت كل من أندرسون وكوك (1982) في إيجاد تأثير قصير المدى ناتج عن الدخول في العمل المأجور، على الرغم من أن نتائجها تشير إلى إمكانية وجود تأثير على المدى البعيد.

3- في المقابل، نتائج الانتخابات بالنسبة للنساء في المناطق التي يوجد فيها ترشيح مفتوح، لا تخدم مصالح الأفارقة الأمريكان وذوي الأصول اللاتينية. انظر / انظري Persons

(1991) و (1991) Fraga. للأسف معظم الأبحاث التي تخص نساء الأقليات لا تفحص تأثير النظام الانتخابي على النساء الملونات. هناك استثناءات مثل Karnig & Welch (1979) الذين وجدوا النساء من أصول أفريقية في المناطق الانتخابية المفتوحة، تتمتعن بنجاح، مما يجعل تجربتهن مختلفة عن النساء البيض ونساء الأقليات (1992) Rule

و Welch and Herrich(1992).

Ackelsberg, Marta, and Irene Diamond. “Gender and Political Life: New Direction in

Political Science.” In Analyzing Gender: A Handbook of Social Science Research,ed. Beth B. Hess and Myra Marx Ferree. Newbury, California: Sage.

Almond, Gabriel, and Sidney Verba. 1963. The Civic Culture, Princeton: Princeton University Press.

Amundsen, Kirsten. 1971. The Silenced Majority: Women and American Democracy.

Englewood Cliffs: Prentice-Hall.

Andersen, Kristi. 1975. “Working Women and Political Participation, 1952-1972.”

American Journal of Political Science 19:439-53.

Andersen, Kristi, and Stuart J. Thorson. 1984. “Congressional Turnover and the Election of Women.” Western Political Quarterly 37:143-56.

Andersen, Kristi, and Elizabeth Cook. 1985. “Women, Work, and Political Attitudes.”

American Journal of Political Science 29:606-25.

Andrain, Charles F. 1971. Children and Civic Awareness. Columbus: Merrill.

Baxter, Sandra, and Marjorie Lansing. 1980. Women and Politics: The Invisible Majority.

Ann Arbor: University of Michigan.

Beckwith, Karen. 1986. American Women and Political Participation: The Impacts of

Work, Generations, and Feminism. New York: Greenwood.

Belenky, Mary Field et. Al. 1986. Women’s Ways of Knowing: The Development of Self, Voice, and Mind. New York: Basic Books.

Bennett, Linda L. M., and Stephen Earl Bennett. 1989. “Enduring Gender Differences in Political Interest: The Impact of Socialization and Political Disposition.” American

Political Quarterly 17: 105-22

Berelson, Bernard R., Paul F. Lazarsfeld, and William N. McPhee. 1954. Voting. Chicago: University of Chicago Press.

Blair, Diane Kincaid, and Ann R. Henry. 1981. “The Family Factor in State Legislative

Turnover.” Legislative Studies Quarterly 6:55-68.

Bledsoe, Timothy, and Mary Herring. 1990. “Victims of Circumstances: Women in Pursuit of Political Office.” American Political Science Review 84:213-23.

Boals, Kay. 1975. “Review Essay: Political Science.” Signs 1:161-74.

Boles, Janet K. 1979. The Politics of the Equal Rights Amendment: Conflict and the Decision-Making Process. New York: Longman.

Bookman, Ann, and Sandra Morgen. 1988. Women and the Politics of Empowerment.

Philadelphia: Temple University Press.

Bourque, Susan C., and Jean Grossholtz. 1974. “Politics an Unnatural Practice: Political Science Looks at Female Participation.” Politics and Society 4:225-66.

Bower, Lisa C. 1991. “‘Mother in Law’: Conceptions of Mother and the Maternal in Feminism and Feminist Legal Theory.” Differences: A Journal of Feminist Cultural Studies 3:20-38.

Brennan, Teresa, and Carol Pateman. 1979. “Mere Auxiliaries to the Commonwealth: Women and the Origins of Liberalism.” Political Studies 27:183-200.

Brown, Wendy. 1988. Manhood and Politics: A Feminist Reading in Political Theory.

Totowa, NJ: Rowman & Littlefield.

Campbell, Angus, Philip Converse, Warren Miller, and Donald Stokes. 1960. The American Voter. New York: Wiley .

Carroll, Berenice A. 1979. “Political Science, Part I: American Politics and Political Behavior.” Signs 5:289-306.

Carroll, Susan J. 1985. Women as Candidates in American Politics. Bloomington: Indiana University Press.

—–. 1988. “Women’s Autonomy and the Gender Gap: 1980 and 1982.” In The Politics of the Gender Gap: The Social Construction of Political Influence, ed. CarolM.

Mueller. Newbury Park, CA: Sage.

—–. 1989. “The Personal Is Political: The Intersection of Private Lives and Public Roles Among Women and Men in Elective and Appointive Office.” Women and Politics 9:51-67.

Carroll, Susan J., Debra L. Dodson, and Ruth B. Mandel. 1991. The Impact of Women in Public Office: An Overview. New Brunswick, NJ: Center for the American Woman and Politics.

Chodorow, Nancy. 1978. The Reproduction of Mothering: Psychoanalysis and the Sociology of Gender. Berkeley: University of California Press.

Clarke, Lorenne M. G., and Lynda Lange. 1979. The Sexism of Social and Political Theory: Women and Reproduction from Plato to Nietzsche. Toronto: University of Toronto Press.

Cohn, Carol. 1987. “Sex and Death in the Rational World of Defense Intellectuals.” Signs: Journal of Women in Culture and Society 12:687-718.

Collins, Patricia Hill. 1989. “The Social Construction of Black Feminist Thought.” Signs 14:745-73.

Conover, Pamela Johnston. 1988. “Feminists and the Gender Gap.” Journal of Politics 50:985-1010.

Costain, Anne N. 1980. “The Struggle for a National Women’s Lobby.” Western Political Quarterly 33:476-91.

——. 1982. “Representing Women: The Transition from Social Movement to Interest

Group.” Women, Power and Policy, ed. Ellen Boneparth. New York: Pergamon Press.

Costantini, Edmond, and Kenneth H. Craik. 1977. “Women as Politicians: The Social

Background, Personality, and Political Careers of Female Party Leaders.” A Portrait of Marginality, ed. Marianne Githens and Jewel L. Prestage. New York:McKay.

Costantini, Edmond, and Julie Davis Bell. 1984. “Women in Political Parties: Gender Differences in Motives Among California Party Activists.” Political Women: Current Roles in State and Local Government, ed. Janet Flammang. Beverly Hills: Sage.

Dahl, Robert. 1961. Who Governs? New Haven: Yale University Press.

Dahlerup, Drude. 1988. “From a Small to a Large Minority: Women in Scandinavian

Politics.” Scandinavian Political Studies 11:275-98.

Darcy, R., Susan Welch, and Janet Clark. 1987. Women, Elections, and Representation. New York: Longman.

De Lauretis, Teresa. 1987. Technologies of Gender: Essays on Theory, Film, and Fiction.Bloomington: Indiana University Press.

Denhardt, Robert B., and Jan Perkins. 1976. “The Coming Death of Administrative Man.” Women in Public Administration 36:379-84.

Diamond, Irene. 1977. Sex Roles in the State House. New Haven: Yale University Press.

—–, ed. 1983. Families, Politics, and Public Policy: A Feminist Dialogue on Women and the State. New York: Longman.

Dietz, Mary G, 1985. “Citizenship with a Feminist Face: The Problem with Maternal

Thinking.” Political Theory 13:19-37.

Di Stefano, Christine. 1991. Configuration of Masculinity: A Feminist Reading in Modern Political Theory. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Dodson, Debra L. 1991. Gender and Policymaking: Studies of Women in Office. New

Brunswick, NJ: Center for the American Woman and Politics.

Dodson, Debra L., and Susan J. Carroll. 1991. Reshaping the Agenda: Women in State Legislatures. New Brunswick, NJ: Center for the American Woman and Politics.

DuBois, Ellen Carol, Gail Paradise Kelly, Elizabeth Lapovsky Kennedy, Carolyn W. Korsmeyerm and Lillian S. Robinson. 1985. Feminism Schlarship: Kindling in the Groves of Academe. Urbana: University of Illinois Press.

Duverger, Maurice. 1955. The Political Role of Women. Paris: UNESCO.

Eisenstein, Zillah. 1981. Radical Future of Liberal Feminism. New York: Longman Press.

—–. 1984. Feminism and Sexual Equality: Crisis in Liberal America. New York: Monthly Review Press.

—–. 1988. The Female Body and The Law. Berkeley: University of California Press.

Elshtain, Jean Bethke. 1974. “Moral Woman and Immoral Man: A Consideration of the Public-Private Split and Its Political Ramifications.” Politics and Society 4:453-73.

—–. 1979a. “Methodological Sophistication and Conceptual Confusion: A Critique of

Mainstream Political Science.” In The Prism of Sex: Essays in the Sociology of

Knowledge, ed. Julia A. Sherman and Evelyn Tort Beck. Madison: University of

Wisconsin Press.

—–. 1981. Public Man, Private Women: Women in Social and Political Thought.

Princeton: Princeton University Press.

—–. 1987. Women and War. New York: Basic Books.

Enloe, Cynthia. 1990. Bananas, Beaches and Bases: Making Feminist Sense of

International Politics. Berkeley: University of California Press.

Ferguson, Kathy E. 1984. The Feminist Case Against Bureaucracy. Philadelphia: Temple University Press.

Figes, Eva. 1970. Patriarchal Attitudes. Greenwich: Fawcett.

Firestone, Shulamith. 1970. The Dialectic of Sex. New York: Bantam.

Fowlkes, Diane, Jerry Perkins, and Sue Tolleson Rinehart. 1979. “Gender Roles and Party Roles.” American Political Science Review 73:772-80.

Fowlkes, Diane L. 1992. White Political Women: Paths from Privilege to Empowerment. Knoxville: University of Tennessee Press.

Fraga, Luis Ricardo. 1991. “Latinos in State Elective Office: Progressive Inclusion in Critical Perspective.” In Women, Black, and Hispanic State Elected Leaders, ed. Susan J. Carroll. New Brunswick, NJ: Eagleton Institute of Politics.

Frankovic, Kathleen A. 1982. “Sex and Politics – New Alignments, Old Issues.” PS:

Political Science & Politics 15:439-48.

Freeman, Jo. 1975. The Politics of Women’s Liberation. New York: Longman.

Gelb, Joyce, and Marian Lief Palley. 1982. Women and Public Policies. Princeton: Princeton University Press.

Gelb, Joyce. 1989. Feminism and Politics: A Comparative Perspective. Berkeley: University of California Press.

Gilligan, Carol. 1982. In a Difference Voice: Psychological Theory and Women’s Development. Cambridge: Harvard University Press.

Githens, Marianne, and Jewel L. Prestage, eds. 1977. A Portrait of Marginality: The Political Behavior of the American Woman. New York: McKay.

Goot, Murray, and Elizabeth Reid. 1975. Women and Voting Studies: Mindless Matrons or Sexist or Scientism? Sage Professional Papers in Contemporary Political Sociology, no. 8. London: Sage.

Gordon, Linda, ed. 1990. Women, the State, and Welfare. Madison: University of Wisconsin Press.

Grant, Rebecca. 1991. “The Sources of Gender Bias in International Relations Theory.” In Gender and International Relations, ed. Rebecca Grant and Kathleen Newland. Bloomington: Indiana University Press.

Greenstein, Fred. 1965. Children and Politics. New Haven: Yale University Press.

Halliday, Fred. 1991. “Hidden from International Relations: Women and the International Arena.” In Gender and International Relations, ed. Rebecca Grant and Kathleen Newland. Bloomington: Indiana University Press.

Hansen, Susan B., Linda M. Franz, and Margaret Netemeyer-Mays. 1976. “Women’s Political Participation and Policy Preferences.” Social Science Quarterly 56:576- 90.

Hartsock, Nancy C. M. 1985. Money, Sex, and Power: Towards a Feminist Historical Materialism. Boston: Northeastern University Press.

Haavio-Mannila, Elina et al. 1985. Unfinished Democracy: Women in Nordic Politics. Oxford: Pergamon Press.

Hess, Robert D., and Judith V. Torney. 1968. The Development of Political Attitudes in Children. Garden City, NY: Doubleday Anchor.

Higginbotham, Evelyn Brooks. 1992. “African-American Women’s History and the Metalanguage of Race.” Signs 17:251-74.

hooks, bell. 1981. Ain’t I a Woman: Black Women and Feminism. Boston: South End Press.

—–. 1984. Feminism Theory: From Margin to Center. Boston: South End Press.

Iglitzin, Lynne B. 1974. “The Making of the Apolitical Woman: Femininity and Sex- Stereotyping in Girls.” Women in Politics, ed. Jane S. Jaquette. New York: Wiley.

Jaquette, Jane S. 1974. “Introduction.” Women in Politics, ed. Jane S. Jaquette. New York: Wiley.

Jennings, M. Kent, and Norman Thomas. 1968. “Men and Women in Party Elites: Social Roles and Political Resources.” Midwest Journal of Political Science 12:469-92.

Jennings, M. Kent, and Barbara G. Farah. 1980. “Ideology, Gender and Political Action: A Cross-National Survey.” British Journal of Political Science 10:219-40.

Jennings, M. Kent, and Barbara G. Farah. 1981. “Social Roles and Political Resources: An Over-Time Study of Men and Women in Party Elites.” American Journal of Political Science 25:462-82.

Jennings, M. Kent, and Richard G. Niemi. 1981. Generations and Politics: A Panel Study of Young Adults and Their Parents. Princeton: Princeton University Press.

Jenson, Jane. 1990. “Representations of Gender: Policies to ‘Protect’ Women Workers and Infants in France and the United States before 1914.” Women, the State, and Welfare, ed. Linda Gordon. Madison: University of Wisconsin.

Jones, Kathleen B., and Anna G. Jonasdottir. 1988. “Introduction: Gender as an Analytical Category in Political Theory.” The Political Interests of Gender, ed. Kathleen B. Jones and Anna G. Jonasdottir. London: Sage.

Karnig, Albert, and Susan Welch. 1979. “Sex and Ethnicity in Municipal Representation.” Social Science Quarterly 60:465-81.

Kirkpatrick, Jeane J. 1974. Political Woman. New York: Basic Books.

—–. 1976. The New Presidential Elite: Men and Women in National Politics. New York: Russell Sage Foundation.

Klatch, Rebecca E. 1987. Women of the New Right. Philadelphia: Temple University Press.

Klein, Ethel. 1984. Gender Politics. Cambridge: Harvard University Press.

—–. 1985. “The Gender Gap: Different Issues, Different Answers.” The Brookings Review 3:33-7.

Kolinsky, Eva. 1991. “Women’s Quotas in West Germany.” Western European Politics 14:56-72.

Landes, Joan B. Women and the Public Sphere in the Age of the French Revolution. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Lane, Robert. 1959. Political Life. New York: The Free Press.

Lebsock, Suzanne. 1990. “Women and American Politics, 1880-1920.” In Women, Politics, and Change, ed. Louise A. Tilly and Patricia Gurin. New York: Russell Sage Foundation.

Lee, Marcia Manning. 1976. “Why Few Women Hold Public Office: Democracy and Sex Roles.” Political Science Quarterly 91:296-314.

Lorraine, Tamosin E. 1990. Gender, Identity, and the Production of Meaning. Boulder, CO: Westview Press.

Lovenduski, Joni. 1981. “Towards the Emasculation of Political Science: The Impact of Feminism.” In Men’s Studies Modified: The Impact of Feminism on the Academic

Disciplines, ed. Dale Spender. Oxford: Pergamon Press.

—–. 1986. Women and European Politics: Contemporary Feminism and Public Policy.

Amherst: University of Massachusetts Press.

MacKinnon, Catherine A. 1987. Feminism Unmodified: Discourses on Life and Law.

Cambridge: Harvard University Press.

MacManus, Susan A., and Charles S. Bukkock III. 1989. “Women on Southern City

Councils: A Decade of Change.” Journal of Political Science 17:32-49.

Mahowald, Mary. 1978. Philosophy of Women: Classical to Current Concepts. Indianapolis: Hacket.

Malveaux, Julianne. 1990. “Gender Difference and Beyond: An Economic Perspective on Diversity and Commonality among Women.” In Theoretical Perspectives on Sexual Difference, ed. Deborah L. Rhode. New Haven: Yale University Press.

Mandel, Ruth B. 1981. In the Running. New York: Ticknor and Fields.

Mansbridge, Jane J. 1986. Why We Lost the ERA. Chicago: University of Chicago Press.

Mathews, Donald G., and Jane Sherron De Hart. 1990. Sex, Gender, and the Politics of ERA: A State and the Nation. New York: Oxford University Press.

McDonagh, Eileen L. 1982. “To Work or Not to Work: The Differential Impact of

Achieved and Derived Status upon the Political Participation of Women, 1956- 1976.” American Journal of Political Science 26:280-97.

Millr, Jean Baker. 1976. Towards a New Psychology of Women. Boston: Beacon.

Mink, Gwendolyn. 1990. “The Lady and the Tramp: Gender, Race, and the Origins of the American Welfare State.” In Women, the State, and Welfare, ed. Linda Gordon.

Madison: University of Wisconsin.

Minnow, Martha. 1984. “Learning to Live with the Dilemma of Difference: Bilingual and Special Education.” Law and Contemporary Problems 48:157-211.

Morgenthau, Hans J. 1948. Politics Among Nations. New York: Knopf.

Mueller, Carol M., ed. 1988. The Politics of the Gender Gap: The Social Construction of Political Influence. Newbury Park, CA: Sage.

Nelson, Barbara J. 1989. “Women and Knowledge in Political Science: Texts, Histories, and Epistemologies.” Women & Politics 9:1-25.

—–. 1990. “The Gender, Race, and Class Origins of Early Welfare Policy and the Welfare Policy and the Welfare State: A Comparison of Workmen’s Compensation and Mother’s Aid.” In Women, Politics, and Change, ed. Louise A. Tilly and Patricia Gurin. New York: Russell Sage Foundation.

Norris, Pippa. 1985. “The Gender Gap in Britain and America.” Parliamentary Affairs 38:192-201.

Norton, Mary Beth. 1986. “Is Clio A Feminist? The New History.” New York Times Book Review, April 13.

O’Brien, Mary. 1981. The Politics of Reproduction. Boston: Routledge & Kegan Paul. Okin, Susan Moller. 1979. Women in Western Political Thought. Princeton: Princeton University Press.

—–. 1989. Justice, Gender, and the Family. New York: Basic Books.

Orum, Anthony, Roberta Cohen, Sherri Grasmuck, and Amy W. Orum. 1974. “Sex,

Socialization and Politics.” American Sociological Review 39:197-209.

Owen, Diana, and Jack Dennis. 1988. “Gender Differences in the Politicization of American Children.” Women & Politics 8:23-43.

Pateman, Carol. 1980a. “‘The Disorder of Women’: Women, Love, and the Sense of Justice. Ethics 91:20-34.

—–. 1980b. “Women and Consent.” Political Theory 8:149-68.

—–. 1988. The Sexual Contract. Stanford: Stanford University Press.

٥٠Persons, Georgia A. 1991. “Blacks in State Elective Office: The Continuing Quest for Effective Representations.” In Women, Black, and Hispanic State Elected Leaders, ed. Susan J. Carroll. New Brunswick, NJ: Eagleton Institute of Politics.

Phillips, Anne. 1991. Engendering Democracy. University Park, PA: Pennsylvania State University.

Piven, Frances Fox. 1990. “Ideology and the State: Women, Power, and the Welfare State.” In Women, the State, and Welfare, ed. Linda Gordon. Madison: University of Wisconsin Press.

Poole, Keith T., and L. Harmon Zeigler. 1985. Women, Public Opinion, and Politics. New York: Longman.

Randall, Vicky. 1987. Women and Politics: An International Perspective. 2nd ed. Chicago: University of Chicago.

—–. 1991. “Feminism and Political Analysis.” Political Studies 39:513-32.

Rapoport, Ronald B. 1982. “Sex Differences in Attitude Expression: A Generational

Explanation.” Public Opinion Quarterly 46:86-96.

——. 1985. “Like Mother, Like Daughter: Intergenerational Transmission of DK Response Rates.” Public Opinion Quarterly 49:198-208.

Riley, Denise. 1988. Am I That Name? Feminism and the Category of ‘Women’ in History. Minneapolis: University of Minnesota Press.

Ruddick, Sara. 1989. Maternal Thinking: Towards a Politics of Peace. Boston: Beacon

Press.

Rule, Wilma, and Joseph F. Zimmerman, eds. 1992. United States Electoral Systems: Their Impact on Women and Minorities. New York: Praeger.

Rule, Wilma, 1992, “Multimember Legislative Districts: Minority and Anglo Women’s and Men’s Recruitment Opportunity.” In United States Electoral Systems: Their Impact on Women and Minorities, ed. Wilma Rule and Joseph F. Zimmerman. New York: Praeger.

—–. 1981. “Why Women Don’t Run: The Critical Contextual Factors in Women’s Legislative Recruitment.” Western Political Quarterly 34:60-77.

—–. 1990. “Why More Women Are State Legislators.” Western Political Quarterly 43:437-48.

Saint-Germain, Michelle A. 1989. “Does Their Difference Make a Difference? The Impact of Women on Public Policy in the Arizona Legislature.” Social Science Quarterly 70:956-68.

Sapiro, Virginia. 1979. “Women’s Studies and Political Conflict.” In The Prism of Sex: Essays in the Sociology of Knowledge, ed. Julia A. Sherman and Evelyn Tort Beck. Madison: University of Wisconsin Press.

Sapiro, Virginia, and Barbara G. Farah. 1980. “New Pride and Old Prejudice: Political Ambitions and Role Orientations Among Female Partisan Elites.” Women & Politics 1:13-36.

Sapiro, Virginia. 1981. “Research Frontier Essay: When Are Interests Interesting? The Problem of Political Representation of Women.” American Political Science Review 75:701-16.

—–. 1982. “Private Costs of Public Commitments or Public Costs of Private Commitments? Family Roles Versus Political Ambition.” American Journal of Political Science 26:265-79.

—–. 1983. The Political Integration of Women: Roles, Socialization, and Politics. Urbana: University of Illinois.

—–. 1987. “What Research on the Political Socialization of Women Can Tell Us About the Political Socialization of People.” The Impact of Feminist Research in the

Academy, ed. Christie Farnham. Bloomington: Indiana University Press.

—–. 1989. “Gender Politics, Gendered Politics: The State of the Field.” Presented at the annual meeting of the Midwest Political Science Association, Chicago.

Sarvasy, Wendy. 1992. “Beyond the Difference Versus Equality Policy Debate: Postsuffrage Feminism, Citizenship, and the Quest for a Feminist Welfare State.” Signs 17:329-62.

Saxonhouse, Arlene W. 1985. Women in the History of Political Thought: Ancient Greece to Machiavelli. New York: Praeger.

Scott, Joan Wallach. 1988. Gender and the Politics of History. New York: Columbia University Press.

Shanley, Mary L., and Victoria Schuck. 1974. “In Search of Political Women.” Social Science Quarterly 55:632-44.

Shanley, Mary L. 1989. Feminism, Marriage, and the Law in Victorian England, 1850- 1895. Princeton: Princeton University Press.

—–. 1982. “Marriage Contract and Social Contract in Seventeenth-Century English Political Thought.” The Family in Political Thought, ed. Jean Bethke Elshtain. Amherst: University of Massachusetts Press.

Shapiro, Robert Y., and Harpreet Mahajan. 1986. “Gender Differences in Policy Preferences: A Summary of Trends from the 1960s to the 1980s.” Public Opinion Quarterly 50:42-61.

Spelman, Elizabeth V. 1988. Inessential Woman: Problems of Exclusion in Feminist Thought. Boston: Beacon Press.

Stoper, Emily. 1977. “Wife and Politician: Role Strain Among Women in Public Office.” In A Portrait of Marginality, ed. Marianne Githens and Jewel L. Prestage. New York: McKay.

Stouffer Samuel A. 1955. Communism, Conformity and Civil Lebirties. Garden City, NY: Doubleday.

Studlar, Donley T., Ian McAllister, and Alvaro Ascui. 1988. “Electing Women to the British Commons: Breakout from The Beleaguered Beachhead?” Legislative Studies Quarterly 13:515-28.

Thomas, Sue. 1991. “The Impact of Women on State Legislative Policies.” Journal of Politics 53:958-76.

Thomas, Sue, and Susan Welch. 1991. “The Impact of Gender on Activities and Priorities of State Legislators.” Western Political Quarterly 44:445-56.

Tickner, J. Ann. 1991. “Hans Morgenthau’s Principles of Political Realism: A Feminist Reformulation.” Gender and International Relations, ed. Rebecca Grant and Kathleen Newland. Bloomington: Indiana University Press.

Van der Ros, Janneke. 1987. “Class, Gender and Participatory Behavior: Presentation of a New Model.” Political Psychology 8:95-123.

Welch, Susan. 1977. “Women as Political Animals: A Test of Some Explanations for Male- Female Political Participation Differences.” American Journal of Political Science 21:711-30.

Welch, Susan, and Albert K. Karnig. 1979. “Correlates of Female Office Holding in City Politics.” Journal of Politics 41:478-91.

Welch, Susan, and Donley T. Studlar. 1990. “Multi-Member Districts and the Representation of Women: Evidence from Britain and the United States.” Journal of Politics 52:391-412.

Welch, Susan, and Rebekah Herrick. 1992. “The Impact of At-Large Elections on the Representation of Minority Women.” United States Electoral Systems: The Impact on Women and Minorities, ed. Wilma Rule and Joseph F. Zimmerman. New York: Praeger.

Welch, Susan, and John Hibbing. 1992. “Financial Conditions, Gender, and Voting in American Elections.” Journal of Politics 54:197-213.

Zerilli, Linda M. G. 1991. “Machiavelli’s Sisters: Women and the ‘Conversation’ of Political Theory.” Political Theory 19:252-76.

—–. 1993. Signifying Culture and Chaos: Women in Rousseau, Burke, and Mill. Ithaca, NY: Cornell University Press.

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي