حرمان المرأة من الميراث
رقم الايداع:
2008/22408
الترقيم الدولي:
I.S.B.N.977-291-944-3
رقم الطبعة:
1
تاريخ النشر:
2009
اعداد بواسطة:
تصميم الغلاف:
تنفيذ:
تقديم
هذه الدراسة التي تقدمها مؤسسة قضايا المرأة المصرية لكل المعنيين بالدفاع عن حقوق الإنسان والمتطلعين لإقرار مبادئ العدل والمساواة ، هي واحدة من أهم الدراسات الميدانية ذات الطابع المسحى، ورغم أنها اعتمدت على عينات منتقاة واقتصرت على واحدة فقط من محافظات مصر وهي محافظة أسيوط، إلا أن الدراسة تظل باستخلاصاتها الموضوعية صالحة لأن تعطى فكرة صادقة عن واقع المعضلات التي تحيط بحق النساء في الإرث.
إن أهم ما يميز هذه الدراسة هو طابعها الموضوعي وبعدها التام عن التحيز لرؤية بعينها وخلوها من خطأ الوقوع في تعميم الحالات، وتلك مزايا رئيسية يندر أن نجدها في دراسات عديدة من هذا النوع إذ حاول بعض الباحثين تطويع الوقائع لإثبات وجهة نظر مسبقة.
ولا جدال في أن اختيار محافظة أسيوط كان اختيارًا موفقًا إلى حدٍ بعيد فهى محافظة تكاد تجمع بين حدودها الصورة العامة للإقليم المصرى، فرغم وقوعها في الصعيد إلا أنها أيضًا تتمتع بتاريخ طويل من التمدن فبالإضافة إلى مدينة أسيوط، توجد بها عدة مدن رئيسية، ولا تخلو بالطبع من المناطق الريفية التي هي الأخرى شديدة التنوع في تركيبتها السكانية، ولا سيما من زاوية وجود الفلاحين المصريين إلى جانب القبائل العربية، وتعايش المسلمين مع الأقباط، مع مراوحة القرى في القرب من النيل والبعد عنه إلى الجبال. ومما يزيد من أهمية أسيوط كعينة ممثلة للواقع المصرى وجود جامعة أسيوط العتيدة بكلياتها المتنوعة وكذلك فرع لجامعة الأزهر ولعلها بحق محافظة العقد الأوسط في منظومة العمران المصرى.
ولعل أهم ما انتهت إليه هذه الدراسة أنه لا توجد فئة اجتماعية أو دينية بعينها تمارس حرمان النساء من الإرث، فالأمر قد يحدث في المدن وفي القرى بين المصريين وفي أوساط القبائل العربية ونراه أيضًا في الأسر التي حصل أفرادها على قسطٍ وافرٍ من التعليم وفي تلك التي لم تنل منه حظًا يذكر مثلما تتكرر حالات حرمان النساء من الإرث بين المسلمين والأقباط على حدٍ سواء.
وتشير الدراسة إلى أن الميل لحرمان النساء من الميراث يبدو أقل حدة في المدن وبين المتعلمين إلا أن ذلك لا يرقى لأن يكون قاعدة عامة مثلما تبرهن على أن الاختلاف الواضح بين الإسلام والمسيحية في تنظيم حق الإرث لم يكن له أثر كبير في إعطاء هذا الميل أي أبعاد دينية في تواجده بين الأسر المختلفة، فهو يبقى ممارسة واردة الوقوع حتى في أشد الأسر تمسكًا بأهداب الدين، أي دين.
ومن الملفت للنظر في هذه عنايتها بسرد الدرجات المختلفة من إهدار حق النساء في الإرث وتوضيح أكثر الممارسات شيوعًا في هذا المضمار حتى ليندر أن نجد غيرها في الواقع المصرى، إذ تمتد من الحرمان الكامل الى الجزئي ومحاولات التعويض، ووفقًا لاعتبارات عرفية أو أسرية أو بالتحايل على القوانين التي تنظم حق الإرث.
ومن الظواهر التي توقفت عندها الدراسة شيوع الميل نحو عدم توريث النساء الأراضي الزراعية بالدرجة الأولى ثم العقارات بالدرجة الثانية. والحقيقة أن العديد من الأسر المسلمة والمسيحية في القرى تميل إلى عدم توريث النساء الأراضي الزراعية بدعوى عدم تفتيت الملكيات الصغيرة والاحتفاظ بالأراضي في إطار الأسرة وعدم خروجها إلى الغرباء، لا سيما إذا ما تزوجت المرأة من غير أبناء الأسرة.
إن هذه الظاهرة وحدها تستحق أن تنال عناية الباحثين في علم الاجتماع الريفي وأيضًا المعنيين بأمر الثقافة في المجتمع المصرى إذ لها إلى جانب الميل نحو جمع المال الذي يحبه البعض حبًا جمًا ويميل لأكل التراث أكلاً لما فهناك أيضًا دواعي اقتصادية تتصل بأنماط الإنتاج الزراعي وصلتها بغلبة النزعة الأبوية في الأسر الريفية، وموقع الأرض الزراعية كمعيار للثروة والوجاهة العائلية، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في أثمان الأطيان في ظل اقتصاد ريعي تتراجع فيه الطبيعة الإنتاجية لصالح الطابع الريعي للاقتصاد المصرى.
والحقيقة أن هذه الظاهرة لها أصل تاريخي رسخ من شيوعها وجعلها عرفًا تعززه أسباب الجشع والطمع إذ كانت الأراضى الزراعية حتى منتصف القرن التاسع عشر في أغلبها أراضى خراجية يمتلكها ” بيت المال ” أو الدولة ويمنح المزارعون ملكية الانتفاع بها بل ويورث هذا الحق طالما ظل الأبناء قادرين على زراعة أراضي الآباء وفي ظل ذلك كانت ملكية المنفعة تحصر توريث المنفعة في الذكور القادرين على الزراعة، ولم يفلح تغيير نمط ملكية الأراضي الزراعية لتكون ملكًا لأصحابها رقبة ومنفعة في زحزحة هذا العرف تمامًا عن موقعه العتيد. وحسبما تشير الدراسة فإن الأسر تلجأ إلى تعويض النساء ماليًا أو بأي وسيلة أخرى وغالبًا ما يكون هذا التعويض غير عادل بالمرة فيما تتجاهل أسر أخرى أمر هذا التعويض كليًا. ويعتبر التعويض واحدة من الطرق التي تحاول بها الأسر أن تدفع عن نفسها بها تهمة مخالفة الدين؛ إذ من المعروف أن حق الإرث في الإسلام ينظم وفقًا لنصوص قرآنية قاطعة الدلالة ولا لبس فيها أو تأويل وتكاد تنعدم فيها أي مساحة لتباين الآراء أو الاجتهادات الفقهية.
ولعل قارئ هذه الدراسة سيلمح فيها أن مسألة حرمان النساء من الإرث تظل إشكالية ذات طابع ثقافي وأنها متراجعة بصفة عامة لولا الارتفاع الكبير في أسعار الأراضي والعقارات الذي أحيا أطماع الجشعين وشجعهم على انتحال الأسباب لتبرير حرمان النساء من حقوقهن في الميراث.
ومن المفيد أن ننوه هنا إلى الحلول العملية التي يمكن اللجوء إليها لمحاصرة هذه الظاهرة في ظل ميل مجتمعى إلى إظهار الأسر الكبيرة والممتدة في صورة مقبولة إجتماعيًا فليس من الشرف مطلقًا أن يذيع بين الناس أنها تخالف الدين أو تجور على حقوق الضعفاء في الأسرة، ولا جدال في أن الحرص على الوجاهة العائلية يعد مدخلاً مناسبًا للوصول إلى آليات مجتمعية للقضاء على ما تبقى من ممارسات غير عادلة أو مبررة في مجال الإرث، منفصلاً عن اللجوء إلى المحاكم الذي يظل واحدًا من أكبر ما تخشاه الأسر من بدائل لأضراره المؤكدة بسمعتها وبصلات الرحم، يبقى لرجال الدين؛ من المسلمين والأقباط على حد سواء، دور بارز في حمل المتنازعين حول الإرث على التزام جادة الصواب والخضوع لاعتبارات العدل.
والآن نترك القارئ ليبحر بنفسه بين سطور هذه الدراسة التي نتمنى أن تسد فراغًا في المكتبة العربية وأن تكون عونًا للنشطاء في مجال الدفاع عن حقوق المرأة.
1- مكان الدراسة: محافظة أسيوط
۲– موضوع الدراسة: ظاهرة عدم توريث النساء في محافظة أسيوط
3- المنهجية:
لم تستهدف الدراسة منطقة جغرافية بعينها ولم تقتصر على قرى بعينها أو مناطق محددة بل تمت الدراسة من خلال مجموعات حوارية لفئات وأشخاص تمثل في مجملها كافة المناطق الحضرية والقروية، والفئات الاجتماعية بجميع أطيافها سواء التي تتمتع بقدر معقول من التعليم والثقافة أو تلك المحرومة منها، وكذلك الفئات الغنية وتلك الفقيرة والمهمشة، وتضم الشباب وكبار السن. فضلاً عن كونها تضم فئات في مواقع مهنية ونيابية كالمحاماة والقضاء وأعضاء المجالس الشعبية والمحلية والعمد يجعلها أقدر على رصد الأحوال وتحديد مسبباتها وبيان الحلول.
لقد تم عقد جلسات حوارية مع خمس مجموعات بيانها على النحو التالي:
المجموعة الأولى: 50 طالب وطالبة بجامعة أسيوط من أبناء محافظة أسيوط وموزعين على قرى ومراكز المحافظة.
المجموعة الثانية: عشرة من السادة المحامين بأسيوط المتخصصين بصفة أساسية في القضاء المدني والأحوال الشخصية.
المجموعة الثالثة: عشرة من رجال الدين الإسلامي والمسيحي.
المجموعة الرابعة: عشرة من أعضاء المجالس المحلية بمحافظة أسيوط.
المجموعة الخامسة: خمسة من العُمد بقرى المحافظة.
ولم تتم لقاءات مجمعة سوى للمجموعة الأولى في حين اتبعنا في رصد الواقع مع عناصر المجموعات الأخرى من خلال لقاءات فردية تتراكم فيها التساؤلات بطريقة متتالية وكنتيجة لسابقها من اللقاءات. ولقد حرصنا على أن يسبق الحوار استيفاء استبيان أعددناه بقصد ضبط الحوار وتقييمه في ضوء نتيجة الاستبيان
ولضمان مصداقية الحوار من خلال إعطاء الأشخاص الذين يتم محاورتهم الإحساس بأهمية ما نقوم به وتوثيقه بطريقة علمية تمكن من تحليل كافة المعلومات والانطباعات اللازمة.
صعوبات ومعوقات الدراسة:
(۱) تشكل الإحصاءات أهمية قصوى في التعرف على حجم الواقعة ومدى تطورها سلبًا أو إيجابًا. بيد أن الجهات المتصور توافر بيانات إحصائية لديها ظلت متحفظة في منح هذه الإحصاءات والاكتفاء بمجرد الحديث عن الاتجاهات التي تعكسها الإحصاءات المفترض وجودها في حيازتها. ويمكن تفسير هذا التوجه في عدم الإدراك بأهمية تداول البيانات واستخدامها في الأغراض العلمية وكذلك لنقص هذه الإحصائيات أو ربما عدم وجودها أو عدم صياغتها بالطريقة التي تضمن الاستفادة منها.
لذلك جاءت هذه الدراسة نتاج لحوارات ولم تعتمد على إحصائيات مدققة ومحددة، وحاولنا قدر المستطاع التعرف على الاتجاهات العامة داخل هذه المؤسسات.
بيد أن عدم الاعتماد على الإحصائيات لا يبدو لنا بمثابة عيب جوهرى أو خطير نظرًا لأن الظاهرة محل الدراسة ما زالت اجتماعية بطبيعتها ووثيقة الصلة بموروثات وثقافة سائدة كما أن تطبيقها مازال بعيدًا عن إمكانية الرصد والتوثيق بمعناها الفني. وأن التوثيق الإحصائي يتم عادة لجرائم دون الإشارة إلى كونها مرتبطة بالميراث أو الحرمان منه.
(۲) إن قدرة المجموعات الحوارية على إتاحة معلومات مدققة وكافية لرصد الواقع بدقة، لا تبدو حاسمة. ويظل القول الفصل. معتمدًا على قدرة الباحث الرئيسي على القيام بعملية الفرز اللازمة للمعلومات المطروحة.
إن طبيعة موضوع الدراسة يعكس مرحلة تطور هامة يظهر فيها الوجود المؤكد لها في بعض الأحوال، وتلاشيها في أحوال أخرى وهي أشبه بحالة المرض المزمن الذي يتصارع فيه عناصر الشفاء والحياة من ناحية وعناصر الموت والوفاة من ناحية أخرى، بصفة تتسم إلى حد ما بطول المدة الزمنية والتي يتعافى أثنائها المريض أحيانًا فيبدو في عنفوان صحته، وقد يداهمه المرض مرة أخرى فيقترب أكثر من الموت.
إن حرمان المرأة من الميراث وكما لمسناه يبدو صارخًا وواضحًا في أحوال، ومتلاشيًا إلى حد كبير في أحوال أخرى دون تبرير كافي سوي مواقف شخصية يصعب البحث عن دوافعها لاتسامها بالذاتية ولتأثرها عناصر متعددة ليست بالضرورة تتمتع بنفس القدر من التأثير.
٤– الفترة الزمنية:
شهری يونيو ويوليو ٢٠٠٨م.
5- غرض الدراسة:
رصد ظاهرة عدم توريث النساء في أسيوط ومعرفة حجم الممارسات وأسبابها والتحول المرتبط بها والحلول المناسبة للتصويب.
6- خطة العرض:
سيتم عرض الدراسة حول “حرمان المرأة من الميراث في أسيوط طبقًا للخطة الآتية:
فصل تمهيدي: أسيوط (التاريخ والجغرافيا والثقافات السائدة).
الفصل الأول: عرض وتحليل للمجموعات الحوارية.
الفصل الثاني:عرض نتيجة الاستبيان:
خاتمة وتوصيات:
أسيوط
التاريخ – الجغرافيات – الثقافات السائدة
تقع محافظة أسيوط في منتصف المسافة تقريبًا بين القاهرة وأسوان ويطلق عليها عاصمة للصعيد. وتعد أسيوط من المدن القديمة وكانت تعرف في العصر الفرعوني بـ“سيوت” وتعني الحارس. ويشكل هذا العمق التاريخي لأسيوط تأثيرًا واضحًا على العادات والتقاليد الموجودة في بعض مناطقها بل وعلى بعض المصطلحات اللغوية التي ترجع لأصول اللغة الهيروغليفية.
كما كانت أسيوط محطًا لهجرة واستقرار العديد من القبائل العربية إبان الفتح الإسلامي وفي الفترات التالية له طوال فترة الدولة الإسلامية ولقد شكل وجود هذه الموجات من الهجرة العربية تأثيرًا واضحًا على بعض العادات والتقاليد السائدة في أسيوط وفي صعيد مصر بصفة عامة.
وتتميز أسيوط بموقعها بين مرتفعين جبليين يجرى بينهما نهر النيل بواديه الذي يتسع أحيانًا ويضيق أحيانًا أخرى ولقد أثر هذا الموقع على الطباع السائدة في بعض المناطق الريفية بأسيوط والتي اتسمت بالقسوة والفظاظة في بعض الأحوال رغم انتشار صفات الكرم والرجولة والشهامة.
كما تمارس الظروف المناخية التأثير ذاته فمناخها قاری متطرف تشتد الحرارة صيفًا وتصل درجات البرودة في فصل الشتاء إلى ما دون الصفر أحيانًا.
وما زالت أسيوط في معظمها مناطق ريفية حيث تشكل هذه المناطق نسبة تزيد على 70% من إجمالي مساحتها المأهولة بالسكان ويقودنا هذا إلى تفريد أن العادات السائدة في المناطق الريفية والتي تعكس طبيعة وشكل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية تمارس تأثيرًا واضحًا على المناطق الحضرية.
وتتميز محافظة أسيوط عن سائر محافظات الوادي بأسبقيتها في مجال التعليم الجامعى فتم إنشاء جامعة أسيوط سنة 1949 كما تم إنشاء فرع لجامعة الأزهر بالإضافة إلى عدد من المعاهد العليا. ومما لا شك فيه أن وجود المؤسسات التعليمية ساهم في منح المرأة فرص لم تكن موجودة وتشير الإحصاءات داخل هذه المؤسسات إلى الارتفاع المتزايد لأعداد الفتيات اللاتى يلتحقن بالتعليم بيد أن قدرة المؤسسات التعليمية على تغيير بعض أنماط العادات الاجتماعية السلبية ما زالت غير مؤكدة كما هو الحال في عادة الثأر وفي عادة عدم توريث النساء. وإذا كانت أسباب عادة الثأر تكمن في موروثات اجتماعية محضة، فإن عادة عدم توريث النساء تم تكريسها ليس فقط لاعتبارات اجتماعية وإنما لاعتبارات ذات طابع اقتصادي فضلاً عن خلط واضح دون مبرر، بين الحفاظ على وحدة وتماسك الأسرة من ناحية، والحفاظ على ممتلكاتها العقارية تحت أيدي أبنائها الذكور من ناحية أخرى.
كما تضم محافظة أسيوط عدة مناطق صناعية بعضها قديم جدًا يرجع تاريخ نشأته إلى الخمسينيات من القرن الماضي، بيد أن هذه المناطق الصناعية لم تخلق مجتمعات تدين بقيم وأخلاقيات وموروثات غير تلك التي يحملها أبناء المجتمع الزراعي، فمعظم العاملين في هذه المناطق الصناعية من الوافدين من خارج المحافظة، فضلاً عن أن هذه المناطق لم تخلق ابتداًء كثافة سكانية حولها. وعلى ذلك فإن التحول في طبيعة النشاط الاقتصادي في بعض مناطق المحافظة لم يؤد إلى خلق مجتمعات تحمل قيم جديدة خلاف تلك السائدة في المجتمعات الزراعية.
وأخيرًا تتميز محافظة أسيوط بالتمايز الواضح بين العاصمة (مدينة أسيوط) وما عداها من مدن المحافظة، فهذه المدينة تتميز بالحداثة وبالمراكز التجارية والطبية وأصبحت جاذبة للاستثمار وتشهد موجات من الهجرة الداخلية. بيد أن هذه الهجرة الداخلية تظل غير متواطنة بمعنى أن الوافدين على مدينة أسيوط من قرى ومدن محافظة أسيوط، ما زالوا مرتبطين اجتماعيًا وفكريًا واقتصاديًا بجذورهم في تلك المناطق.
ويمارس ذلك تأثيرًا واضحًا على تكريس الثقافات المحلية السائدة وعدم تطوريها إيجابيًا. ويعكس ذلك حالة من الانفصام بين الواقع المادي المتمثل في أنماط وسلوكيات الحياة في مجتمع المدينة، وأنماط فكر مرتبطة بثقافات القرية.
وفي الواقع، لا يمكن فهم بعض العادات والتقاليد السائدة في محافظة أسيوط إلا من خلال الأخذ في الاعتبار كافة هذه المقومات المادية والبشرية والفكرية والثقافية والتي تكون في مجملها العقل الجمعي لأبناء محافظة أسيوط.
عرض وتحليل مناقشات المجموعة الحوارية
المجموعة الحوارية الأولى:
اشتملت هذه المجموعة على عدد خمسين طالب وطالبة من جامعة أسيوط ومن أبناء المحافظة – وتم عقد الجلسة الحوارية في شهر يونية وخلصت الآراء والنقاشات التي دارت إلى ما يلي.
أولا : مفاهيم عامة:
– إن حرمان المرأة من الميراث لا يشكل إجماعًا وإن كان في مجمله يعد ظاهرة ترقى في الغالب لمرتبة العرف السائد. وإن قيام بعض الأسر بتوريث المرأة يظل هو الاستثناء على الأصل العام وأن الحرمان يعد أكثر شيوعًا في مراكز جنوب أسيوط وتقل حدته في مراكز الشمال.
– إن حرمان المرأة من الميراث حال ممارسته لا يعكس رغبة في تجاوز النصوص الدينية حيث تتميز هذه المجتمعات بالحرص على مراعاة القواعد الدينية واحترامها لذا. يصاحب دائمًا حرمان المرأة من الميراث تبريرات وسلوكيات للإيحاء بعدم مخالفة الدين.
ويعكس ذلك حالة من الازدواجية في مسلك العائلات بمحافظة أسيوط، فعلى الرغم من حرصها الشديد على الظهور بمظهر المجتمعات المحافظة والملتصقة بالمعايير والقيم الدينية وتأكيد الممارسة العلنية لأداء العبادات إلا أنها لا تتوقف كثيرًا عند النصوص الدينية التي تنظم مسائل الميراث.
– إن حرمان المرأة من التوريث لا يقتصر على الأسرة المسلمة بل يطبق وإن كان بصورة متفاوتة في داخل الأسر المسيحية.
– إن عدم توريث النساء يظهر كعرف صارم يصعب تجاوزه كلما تعلق الميراث بالأراضى الزراعية. وعلى الرغم من أن مفهوم الأسرة الممتدة يعد مسئولاً عن هذه الظاهرة إلا أنه لا يكفى لتبرير عدم توريث المرأة حال زواجها من أحد أبناء العمومة حيث تنتفى الحكمة من عدم التوريث. فالأراضي الزراعية تظل في حالة زواج الأقارب ومع التوريث داخل الملكية الإجمالي للأسرة.
وفي مثل هذه الأحوال فإن التعلل بالمحافظة على الثروة العقارية يبدو غير كافيًا ويظل من وجهة نظرنا عنصر الطمع والرغبة في الاستيلاء على مال الغير وحقوقه هي السبب الرئيسى لذلك خصوصًا غياب التجريم الجنائي للواقعة والاعتقاد بخضوع المرأة واستكانتها وعدم إقدامها على رد فعل معاكس بقصد المطالبة بحقوقها وتجدر الإشارة إلى أن عدم رغبة المرأة في القيام بأي رد فعل معاكس يكون مدفوعًا تحت دعوى الحفاظ على العلاقات الأسرية وبصفة أساسية مع الأخوة الذكور حيث تسود ثقافة مفادها أن المرجعية النهائية للمرأة هو الأخ وليس الزوج بل وليس الأبناء في بعض الأحوال.
ومن العادات التي تعكس ذلك ظاهرة وجود مقر للبنات داخل منزل العائلة (الأب بعد وفاته) والذي قد يستولى عليه الابن الأكبر الذي يتحمل بعبء استضافة وإيواء الأخوات البنات في حالات الترمل والطلاق والخلافات الأسرية. وربما ممارسة هذه العادات قد تكون من الأسباب القوية التي تدفع المرأة إلى عدم المطالبة بالميراث حتى تظل محتفظة بالحق في الملجأ الأسرى أو المادي العائلي عند الضرورة.
– ربما لا تكون المرأة المستهدف الأساسي من عدم التوريث، وإنما ضمان استمرارية الملكية الزراعية داخل العائلة، فأحيانًا ترث المرأة إذا لم يترتب على ذلك المساس بالملكية، ويجرى العرف في بعض العائلات عند توزيع تركة الأب المتوفى على عدم حرمان الأم من ميراثها وكذلك الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد، في حين يتم حرمان الأخوات المتزوجات ومرد ذلك يرجع إلى استقرار الأم عادة داخل منزل العائلة وتمتعها بالنظر لكبر سنها بهالة من الاحترام والتقدير يجعل لها القدرة على التأثير في صناعة القرار داخل الأسرة، فضلاً عن الاعتقاد بأن ما ترثه الأم في هذه الحالة سوف يئول بعد وفاتها إلى الأبناء الأمر الذي يدفعهم إلى القبول مؤقتًا بحيازتها بهذا الجزء من التركة أي میراثها الشرعي أما الفتيات اللاتي لم يتزوجن بعد فيتم تحديد أنصبتهن على أن يتولى إدارتها الأخوة الذكور بقصد استخدام عائدها في الإنفاق عليهن وتجهيزهن للزواج. وفي كثير من الأحوال يكتفي بما تم إنفاقه على زواجهن من أموال لحرمانهن من الحصول على أنصبتهن ويظل الأخوة الذكور حائزين لها.
– الحرمان من الميراث يتنافى ومفهوم الرجولة والشهامة لدى الذكور لذا نجد في حالات كثيرة من الحرمان محاولات ترضية الهدف منها الحفاظ على الحد الأدنى من هذه القيم التي يحرص الذكور على التحلى بها.
فقد يتلازم الحرمان من الميراث في الأراضي الزراعية، مع دفع مبالغ مالية تعويضًا عن هذا الحرمان وترضية للأخوات ومحاولة الوصول إلى الإحساس بالعدل وعدم الظلم. وتتفاوت قيمة الترضية ، ففي غالب الأحوال تكاد تكون رمزية وفي بعض الأحوال تكون كافية لتوفير حالة من الرضا لدى الأخوات.
– إن الحرمان من الميراث يتم في معظم الأحوال من خلال إنشاء حالة واقعية De Facto وضعًا قانونيًا De Jure، وذلك بأن يتم توزيع التركة بين الأخوة الذكور بطريقة عرفية وبمفهوم التراضي ، تجنبًا لأية منازعات قضائية أو رسمية أملاً في تملك الأراضي الزراعية بالتقادم ووضع اليد. بيد أنه في بعض الأحوال يتم إجراء عمليات بيوع صورية من الأخوات إلى الأخوة لإضفاء الشكل القانوني على الاستيلاء وتجريد الأخوات من ميراثهن.
– إن الحرمان من الميراث لا يؤدى في معظم الأحوال إلى توتر العلاقات الأسرية باعتباره عرفًا سائدًا أو مقبولاً، وإنما قد يخلق ضيق مكتوم يصعب التعبير عنه وتعمل المرأة على عدم الإفصاح عن هذا الضيق للأبناء حفاظًا على علاقتهم بأخوالهم من ناحية وخوفًا من الخلافات العائلية التي إذا ما بدأت ربما لا تملك هي أو غيرها القدرة على تحديد مداها أو مسارها خصوصًا إذا كانت المرأة متزوجة من أحد أبناء عائلة أخرى.
– إن المطالبة بالحق في الميراث قد تحدث في بعض الأحوال عن طريق المرأة أو زوجها أو أبنائها، وتختلف صور هذه المطالبة وأسبابها حال حدوثها. فالمرأة قد تطلب ميراثها مدفوعة بالحاجة الاقتصادية أو بتحريض من الزوج وفي أحوال كثيرة من الأبناء. وفي الحالة الأولى يمكن للمرأة الحصول على ترضية ما، في حيث تختلف النتائج في الحالتين الآخريتين حسب توازنات القوى بين العائلات.
– الحرمان من الميراث يواجه صعوبة عملية عند تطبيقه في الحسابات البنكية والتي تتطلب عادة توقيع أو توكيل من الورثة؛ الأمر الذي يدفع إلى اعتماد مبدأ الترضية، كما أن الحسابات البنكية غير مرئية وغير معلومة ومنح المرأة نصيبها لا يمس كبرياء الرجال وكرامة الملكية العقارية.
– إن الحرمان من الميراث تقل فرصة حدوثه في حالة عدم وجود أخوة من الذكور. فعادة ترث البنت الوحيدة أو البنات حال كونهن أصحاب التركة وعدم وجود أخوة من الذكور.
بل أحيانا يتنازل الأقارب الذكور عن نصيبهم في الميراث وفي بعض الدعاوى أمام القضاء المدني بأسيوط لم يطالب الورثة من الذكور بالميراث في هذه الحالة إلا بعد سنوات طويلة ولأسباب ذات صلة بمشاحنات عائلية وتصفية حسابات.
وتزداد فرصة المرأة الوحيدة في الحصول على ميراثها في بعض العائلات إذا كانت متزوجة وتتضاعف الفرصة إذا كانت متزوجة من أحد الأقارب وتبدو فرصة الفتاة الوحيدة غير المتزوجة أقل نسبيًا في حيازة واستغلال ميراثها حيث يعهد إلى أحد أبناء العمومة برعاية حقها من الميراث وتسليمها نتاج استغلاله وإن كان عادة يتعرض للسطو الجزئي من خلال الحسابات المغلوطة.
– يرتبط الحرمان من الميراث ببعض السلوكيات والعادات الخاصة بالزواج. ففي بعض الأحوال يتم زواج الأقارب كرهًا أو تحرم الفتاة على الإطلاق من الزواج خوفًا من تداعيات الزواج على الحرمان من الميراث.
– إن عادة الحرمان من الميراث حال اتباعها تظل مصاحبة لأفراد العائلة حتى ولو انتقلوا للإقامة خارج محافظة أسيوط وبصفة أساسية ما يتعلق بالحرمان من الميراث في الأراضي الزراعية. وفي بعض الأحوال وبفعل تأثير البيئة الجديدة قد يتم السماح للمرأة بالميراث في الأموال خارج الموطن الأصلي.
– إن انتشار التعليم بفعل وجود جامعات إقليمية وبصفة أساسية جامعة أسيوط، ساهم في إحداث حراك فكرى حول الظاهرة بيد أنه لم يؤدى إلى اختفاء الظاهرة أو حتى الحد من انتشارها. فما زالت العائلات التي تحرم المرأة من الميراث تطبق المبدأ بغض النظر عن مستوى تعليم بعض أفرادها. فالظاهرة تعكس موقف جمعی ولیست نتاج توجه فردى. بيد أن ذلك لا يعني نفى مطلق التأثير للتعليم على الظاهرة، فاستقراء واقع بعض العائلات التي اتجه معظم أفرادها للتعليم يقودنا إلى تناقص هذه الممارسة. ويمارس التعليم تأثيرًا واضحًا كلما كان من بيدهم سلطة اتخاذ القرار داخل العائلة من المتعلمين ومن أصحاب الثروة، ففي مثل هذه الأحوال نلحظ تطور في الظاهرة سواء بوجود فكرة الترضية العادلة وهي المقابل النقدى والفعلى لنصيب المرأة في الميراث العقاري، أو قد يصل الأمر إلى توزيع الأنصبة طبقًا للقانون دونما اعتبار للنوع.
المجموعة الحوارية الثانية:
ضمنت هذه المجموعة عشرة من السادة المحامين العاملين بصفة أساسية بمحافظة أسيوط وتمثلت نقاط الحوار فيما يلي:
1- التقييم الشخصي للظاهرة باعتبارهم من سكان وأبناء محافظة أسيوط.
۲– التقييم المهني للظاهرة من خلال رصد المنازعات القضائية ذات الصلة بحرمان المرأة من الميراث.
3- دور القانون في تكريس الظاهرة أو الحد منها.
وبالنسبة للبند (1) فقد أكد المحاورون على ما ورد في نقاشات المجموعة الأولى رغم التفاوت العمرى بين الشريحتين مما يعكس تأكيدًا على قدم الظاهرة واستمرارها دونما تحور كبير. ومع ذلك أمكننا استنباط العناصر الآتية:
– إن العائلات التي تمارس مهن تجارية وحرفية أقل وطأة في ممارسة حرمان المرأة من الميراث من العائلات التي تعتمد على الزراعة وتتمثل ملكيتها بصفة أساسية في الأراضي الزراعية وعليه فإن حوارات هذه الفئة ترصد تباين في السلوك بين الحضر والقرية مفاده أن عدم توريث المرأة ما زال قائمًا في المناطق الريفية حيث الاعتماد على الزراعة وتزايد قيمة العقارات الزراعية، في حين تتلاشى في داخل المجتمعات التجارية والمهنية حيث تتركز الثروة في الغالب في أموال نقدية بحسابات بنكية أو إسهامات بشركات أعمال أو حتى عقارات مباني داخل المدن الحضرية، ويصعب في مثل هذه الأحوال توزيع التركة دونما احترام لقواعد القانون ويصعب عملية التحايل الممثلة في العقود والإجراءات الصورية، نظرًا لأن المرأة تستشعر بقوة موقفها القانوني وصعوبة تجاوزها. فضلاً عن أن توزيع التركة يتطلب والحال كذلك محام يمكنه تحديد الموقف المالي لعناصر التركة إجماليًا وإجراء عملية التوزيع وتحديد الأنصبة.
– إن الطفرة في زيادة أسعار الأراضى الزراعية تشكل عاملاً ضاغطًا وإيجابيًا لصالح المرأة ويدفعها إلى المطالبة بحصتها في الميراث، بل إنه بعد الزيادة الكبيرة في الأسعار فإن الأبناء بدأوا في المطالبة بميراث والدتهم من الجد وأدى ذلك إلى وجود حلول كثيرة منها الانصياع لرغبة الأبناء ولكن يظل أهمها وأكثرها شيوعًا الحل المتمثل في الترضية النقدية. ويكمن التطور هنا في أن الترضية بدأت تظهر لدى عائلات كانت محجمة تمامًا عن منح المرأة أية مقابل لحرمانها من الميراث فضلاً عن أن التوصل لمثل هذه الحلول يتم وتم بعد سنوات طويلة من ضياع ميراث المرأة.
– إن الدين يباشر دورًا متزايدًا وإيجابيًا لتحريم عدم التوريث بيد أنه للأسف فإنه في حالات كثيرة لعدم توريث النساء يبدوا الذكور من أوساط متعلمة ومتدينة.
– إن التعليم أضاف بعدًا آخر في الأمر فعادةً يخلق التعليم فرص عدة للعمل والكسب توازي أو تزيد عما يوفره الميراث. وفي مثل هذه الأحوال تنفرج قاعدة تحريم توريث الإناث وتصبح أقل صرامة نظرًا لضعف الأهمية النسبية للأموال التي تشكل التركة مقارنة بمكاسب أفراد الأسرة من التعليم.
– استمرار ظاهرة خروج بعض عناصر التركة من التوريث واختصاص أحد الأبناء بها بالنظر لمسئولياته العائلية الجمعية. ففي بعض الأحوال يختص الابن الأكبر أو أحد الأبناء المقيمين بالقرية ببيت العائلة دون غيره على أن يلقى على عاتقه مهمة استقبال الضيوف وأداء كافة الالتزامات المرتبطة بها، وفي أحيانًا أخرى قد يقتطع أجزاء مفرزة من التركة وتمنح لأحد الأبناء الذكور لذات العلة.
– إن ظاهرة عدم التوريث تمتد في بعض العائلات ليس فقط للمرأة ولكن أيضًا لبعض الذكور من أبناء الأسرة ولا يصل الأمر في هذه الحالة إلى الحرمان الكلى وإنما عدم المساواة في أنصبة الأخوة الذكور دون مقتضى شرعي أو قانون وفي تبرير هذا المسلك المجحف لبعض الأبناء من الذكور يرى البعض أن من حصل على نصيب أكبر من التعليم يحصل على نصيب أقل ممن لم يحصل على فرص مماثلة في التعليم ويبدو أن نظام الميراث في هذه الحالة وقد اشتمل على آلية لإعادة التوازن المالي فيما بين الأخوة بغض النظر عن قواعد الميراث الشرعية.
– إن حرمان المرأة من الميراث يكاد يكون غير مقبول في حالة كون أفراد الأسرة فقط من البنات ولا يوجد أخوة ذكور.
وبالنسبة للبند (٢) والخاص برصد المنازعات القضائية ذات الصلة بحرمان المرأة من الميراث فيمكن إيراد الملاحظات الآتية :
أ) إن حرمان المرأة من الميراث يتم من خلال إبقاء التركة على الشيوع ويتم تحديد وفرز أنصبة الذكور بطريقة ودية ودون عقود قسمة. ويهدف هذا المسلك إلى منع المرأة من التصرف في أعيان مفرزة ولقد انتهت محكمة النقض إلى أنه طالما لم يتم التقسيم بين الورثة الشركاء على الشيوع، فإن تصرف أي منهم يعد معلق ومشروط بنتيجة القسمة أو إجازة باقي الشركاء على الشيوع للتصرف واعتباره في حكم التصرف في قدر شائع بالنسبة لباقي الشركاء، وعليه فإنه لا يجوز الحكم للمشترى من المرأة بصحة ونفاذ البيع عن قدر مفرز إذا كان المبيع شائعًا. كما أنه لا يجوز للمشترى في هذه الحالة طلب ثبوت ملكيته للمبيع أو تسجيله إلا إذا تمت القسمة ووقع نصيب المبيع في نصيب البائع له.
ب) إن الدعاوى القضائية المتعلقة بالميراث، تتعلق في غالب الأحوال باستيلاء أحد الورثة على بعض مكونات التركة أو المطالبة بريع عناصر التركة الموجود في حيازة أحد الورثة أو المنازعة في تصرفات تمت بمعرفة أحد الورثة.
وفي دعاوى أخرى يظهر بوضوح حالة مطالبة بعض النساء من الورثة بحصتهم في التركة وعادة تتزايد حالات المطالبة فيما بين الجيل الثاني من الورثة (أبناء الورثة) وبصفة أساسية في حالات عدم وجود تنازل من المرأة في شكل عقود بيع عرفية أو رسمية مع الأخذ في الاعتبار أن دعوى المطالبة بالميراث لا تسقط إلا بعد 33 عام.
– في كثير من الحالات يتم التصالح أثناء سير الدعاوى المتعلقة بالمطالبة بالميراث، ويرجع ذلك إلى بطء الإجراءات وطول أمد التقاضي بالإضافة إلى الرغبة في عدم تصعيد المنازعات حول الميراث والحفاظ على الروابط الأسرية ومن الملاحظ أن التصالح عادة يتم وفقًا لمعايير غير قانونية ويؤسس في الغالب على مفاهيم الترضية والتي تمنح المعتدى جائزة.
الأسباب التي تؤدى إلى إطالة أمد منازعات الميراث:
– عدم حصر التركة بطريقة صحيحة وواقعية والذي يجد سببه في الرغبة في إخراج بعض عناصر التركة من الحصر تمهيدًا للاستيلاء عليها، أو لكون أحد مكونات التركة لا يوجد دليل ملكية من عقود مسجلة وفي غالب الأحوال، ما زالت الملكية الزراعية قائمة على أساس وضع اليد والتقادم وعدم مطابقة ما يرد في الكشوف الرسمية مع واقع وضع اليد.
– إنه لا يوجد في الغالب عقد توزيع التركة والقسمة بين أصحاب الأرض وما يرتبط بذلك من فرز وتجنيب بل تظل الملكية من الناحية القانونية على المشاع في حين يتم التوزيع عرفًا.
– إن توزيع التركة يتراخي في بعض الأحوال، لعدة سنوات قد تطول كثيرًا حتى يصل أصغر الورثة إلى سن الرشد ولتجنب تعيين وصى وتحديد التصرفات وضبطها إعمالاً لرقابة النيابة والقضاء. وأن اتساع الفجوة الزمنية بين تاريخ استحقاق الميراث وتوزيع التركة يفتح الباب أمام التحايل بقصد الاستيلاء على عناصر التركة وإخفائها من خلال تكريس وضع مادي أو خلق وضع قانوني بطريقة ما.
– إن كل العناصر السابقة تجعل منازعات الميراث منصبة على وقائع مادية محضة يتم إثباتها بشهادة الشهود وتقارير الخبراء؛ الأمر الذي يؤدي إلى إطالة أمد النزاع.
– بعض عناصر التركة لا تقبل القسمة “سيارة – منقولات – ويصعب تسييلها وتحويلها إلى نقود “خصوصًا حال اعتراض بعض الورثة على البيع.
– وجود بعض عناصر التركة على الشيوع مع آخرين وصعوبة الفرز والتجنيب وخصوصًا في القرى.
خلاصة حوارات المجموعة الثالثة :
ضمت هذه المجموعة خمسة من رجال الدين العاملين بمديرية الأوقاف بأسيوط وتلخصت الحوارات فيما يلي:
– إن حرمان المرأة من الميراث يخالف صريح نص القرآن الكريم ويتعارض وصلة الرحم التي يحض عليها الدين الإسلامي، وأن الإسلام جاء بقانون أساسه العدل والإنصاف وأبطل ما كان سائدًا في الجاهلية من قصر الإرث على الرجال القادرين على حمل السلاح والحرب أما النساء والضعفاء من الرجال فلا إرث لهم. وأن القرآن وضع المبدأ الحاكم للميراث في محكم آياته
( للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبًا مفروضًا ) {النساء/7}.
ثم تولت الآيات تفصيل هذا المبدأ وفي الواقع فإن تطبيق نظام الميراث في الإسلام يضمن توثيق الصلات والروابط وتقوية روابط المحبة بين أفراد الأسرة الواحدة ويمنع الفتنة ويقضى على أية فرصة لحدوث نزاعات أو مشاحنات بينهم.
ولم تقتصر أسباب الميراث على قرابة الدم بل امتدت إلى قرابة النسب وأصبحت الزوجية من أسباب الإرث تأكيدًا على عمق الصلة بين الزوجين.
-
إن نظام الميراث في الإسلام لم يحرم المرأة وتشير القواعد الواردة إلى ما يلي:
– تفاوت الأنصبة في بعض الأحوال يرجع إلى تفاوت في الأعباء ولا يرجع إلى معاملة تمييزية ضد المرأة.
– إن المرأة في بعض الأحوال تحصل على نصيب أكبر من نصيب الرجل بل وقد تحجب الرجال.
– إن عدم توريث المرأة والمتبع لدى بعض العائلات في أسيوط مرجعه غلبة العرف السائد والتقاليد القبلية التي تمجد من قيمة الأرض وأهميتها لدى الأسرة وضرورة الحفاظ عليها وعدم منحها للأغراب.
– إن من يمارس عدم التوريث قد يكون جاهلاً بقواعد الميراث أحيانًا، ولكنه في الغالب يعلم أن عمله ذلك ينطوي على معصية كبيرة ومع ذلك يقدم عليه ليس لقلة الوازع الديني ولكن خوفًا من أن تنقلب عليه العائلة. وكلما سألت أحد الرجال عن أسباب مخالفة شرع الله في أمر ميراث المرأة تكون الإجابة أنه لا يرغب في الخروج على نظام العائلة وأنه سوف يقوم بمنحها الترضية المناسبة لها ولأبنائها من بعدها بما يوازى بل ويزيد عن نصيبها من التركة. فدائمًا وكما أسلفنا أن الرجل يحاول جاهدًا أن يقتنع بأن لديه بدائل يمكن استخدامها ليضمن أن يغفر له الله سبحانه وتعالى عن ذنبه ومنها الترضية المناسبة من وجهة نظره.
– إن قواعد الميراث معلومة للكافة وأن مديرية الأوقاف والعاملين بها تعمل دائمًا على نشر مفهوم الدين الصحيح لدى العامة من خلال الوعظ وخطب الجمعة وفي كافة المناسبات الدينية بل وفي المناسبات الاجتماعية.
– إن رجال الدين الموجودون ضمن ما يسمى بلجنة فض المنازعات أو لجنة المصالحات وهي لجان عرفية لحسم المنازعات بين العائلات، لا يقبلوا البتة أن تتم أية تسوية بالخلاف لشرع الله سبحانه وتعالى بل يجب أن تتم من خلال التأكيد على تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية.
وخلصت نقاشات المجموعة الحوارية الرابعة والمتمثلة في بعض أعضاء المجالس الشعبية المحلية من محافظة أسيوط (٢٠) إلى ما يلى:
– إن عدم توريث النساء ما زال موجودًا في كثير من العائلات بمراكز المحافظة بل وفى بعض المراكز في جنوب أسيوط (الغنايم) تشهد اتساع لهذه الظاهرة عن ذي قبل وربما يرجع ذلك إلى ارتفاع أسعار الأراضي الزراعية مع الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها الأسرة بصفة عامة. كما ترجع زيادة هذه الظاهرة من وجهة نظر البعض إلى ظاهرة الفكر الجمعي للعائلة الممتدة.
– إن هنالك صلة وثيقة بين عادة الثأر المنتشرة في بعض قرى محافظة الصعيد وحرمان المرأة من الميراث. فعادة ترتب المنازعات العائلية المرتبطة بجرائم الثأر، أعباء مالية ضخمة يتحملها دائمًا الرجال دونما الإناث، ويعد ذلك مبررًا كافيًا لدى البعض في الاستيلاء على ميراث المرأة حتى يتم استخدامه للإنفاق على هذه المنازعات وإدارتها. ويبدو واضحًا أن هنالك علاقة طردية بين ازدياد ظاهرة الثأر وحرمان المرأة من الميراث. ويلاحظ أن العائلات التي قدر لها عدم التورط في هذا النوع من المشاكلات الثأرية، هي الأقل ممارسةً لعادة حرمان المرأة من الميراث.
– عدم وجود عواقب وخيمة حال حرمان المرأة من الميراث يعد من الأسباب التي تساعد على تفاقم هذه الظاهرة وأن عدم التجريم الجنائي يعد أحد أسباب استمرار الظاهرة وعدم تلاشيها، خصوصًا وأن إجراءات الخصومة المدنية تتسم دائمًا بطول الأمد.
– أن ازدياد حالات الطلاق على غير عادة أبناء محافظة أسيوط دفع الكثير من النساء إلى التمسك بالحق في الميراث لما يشكله من ضمانه اقتصادية لها خصوصًا بالنسبة للسيدات غير العاملات. وفي هذه الحالة يبدو موقف المرأة المطلقة مدعمًا بتعاطف من باقي أفراد الأسرة.
– إن الاتجاه التوفيقي في المنازعات العائلية ومن بينها ما يتعلق بالميراث بقصد الحفاظ على الروابط الأسرية وصلة الرحم يعد عائقًا كبيرًا لحصول المرأة على إرثها، فعادةً ما تجنح هذه الحلول التوفيقية إلى الجور على حقوق النساء خصوصًا وأن الأطراف الفاعلة في الحلول التوفيقية تقتصر على الرجال ولا تمكن المرأة من إبداء وجهة نظرها خلال هذه الإجراءات.
– إن عدم دراية الكثير من النساء بالقواعد المنظمة للميراث يدفعهن في كثير من الأحول بالقبول بما هو أدنى من خلال نظام الترضية. كما أن الثقافة السائدة تجعل من الترضية المجحفة، هبة محمودة واجبة الشكر لمن قدمها. إن جهل المرأة بقواعد الميراث لا يقتصر فقط على المرأة التي لم تحصل على نصيب وافر من التعليم بل يشمل أيضًا النساء المتعلمات فباستثناء الحاصلات على تعليم قانوني أو شرعي، تجهل خريجات المدارس والجامعات هذه القواعد بسبب عدم ورودها في المناهج التعليمية بالإضافة إلى قلة البرامج والدورات التدريبية والتوعية في هذا المجال.
وإن تمكين المرأة لن يتحقق إلا من خلال برامج توعية قانونية كاملة فضلاً عن تغيير أنماط الثقافة السائدة وتدخل تشريعي رادع.
إن عادة عدم توريث النساء يصعب تحديد المجال الجغرافي لشيوعها داخل المحافظة وأنه لا يمكن التأكيد على أن قرية ما أو مركز ما من مراكز المحافظة هو الأكثر اتباعًا لهذه العادة. وإن كان من الواضح أن هذه العادة تقل بصورة كبيرة جدًا داخل مدينة أسيوط وبالتالي يبدو أن هنالك علاقة عكسية بين المعيشة في المدن الحضرية وعدم توريث النساء. وإذا كان ذلك صحيحًا بالنسبة لمدينة أسيوط، فإن المدن الأخرى بالمحافظة يصعب اعتبارها مدنًا حضرية، فالحياة فيها ما زالت خليط بين الريف والحضر، وما زال الكثير من سكان هذه المدن يمتهن الزراعة كحرفة أساسية.
إن خروج المرأة للعمل والتحاقها بالتعليم الجامعي يشكل عنصر إيجابي وضاغط في مواجهة هذه العادة ،بيد أنه ذلك لا يمكن اعتباره العنصر الفعال الوحيد بل يجب أن يصاحب إرادة التغيير، قبول من الرجال بحقوق المرأة والانصياع لحكم الدين والقانون.
إن أعضاء المجالس الشعبية المحلية المساهمين في لجان فض المنازعات لديهم قناعة بأن المنازعات المترتبة على عدم توريث المرأة محدودة ويسهل عادة حلها نظرًا للضغوط الأسرية، وحرص الأطراف على عدم تفاقم تلك المنازعات، والقبول بالحلول التوفيقية والتي تنطوى عادة على إهدار لحقوق المرأة في الميراث.
وفي حوارات المجموعة الأخيرة والمتمثلة في عدد من العمد بقرى محافظة أسيوط انتهت إلى الملاحظات والنتائج الآتية:
– تطور مفهوم دور العمدة في القرية، وغلبة الأداء الحكومي على الأداء الشعبي للوظيفة، وحرص العمدة على إعمال القانون، وليس فقط الوصول إلى صيغ توفيقية للنزاع، وأن ذلك قد يشكل تطويرًا.
– إن لدى العمد قناعة بضرورة إيجاد حلول لمشكلة عدم التوريث، وأهمية اضطلاع رجال الدين بدور هام في مجال التوعية الدينية نظرًا لقلة المعلومات المتاحة لدى العامة من الأفراد وعدم معرفة المرأة لكامل حقها في الميراث.
– تفاوت آراء العمد وتقييمهم لمدى انتشار الظاهرة يؤكد أن الحرمان من الميراث ما زال موقفًا غير موحد ويختلف من قرية إلى أخرى، ومن عائلة إلى أخرى داخل القرية الواحدة، وأن التفاوت ما زالت أسبابه غير واضحة ويحتاج الأمر دراسة كل عائلة على حدة، فربما يرتبط الأمر بتاريخ العائلة وجذورها، وإن كان ذلك غير واضح لدينا، خصوصًا وأن ما يسمى بالعائلات التي تدعى أن لها جذورًا عربية ليس لها موقف موحد من الظاهرة، وأن العائلات المسيحية أيضًا لديها مواقف متفاوتة من ميراث المرأة.
وفي الواقع فإن عدم توريث النساء يشكل ظاهرة اجتماعية غير قاصرة على طائفة بعينها وما زالت أسبابها غير واضحة، ويظل العامل الاقتصادي، والرغبة في امتلاك الثروة العقارية والتي تمارس دورًا اقتصاديًا واجتماعيًا على حد سواء وتعد مؤشرًا واضحًا على عراقة العائلات ورسوخها.
إن حوارات المجموعة الأخيرة أكدت على المعاني السابق بيانها، وحتى لا نقع في خطيئة التكرار نكتفي بالتأكيد على ما سبق استخلاصه وبيانه.
تحليل الاستبيان
Questionnaires’s analysis
تم إعداد استبيان يحتوى على ٣١ تساؤل، يتم الإجابة عنها بـ “نعم” أو “لا” في ثلاث منها، ويتطلب الإجابة عن الباقي بـ “في كثير من الأحوال“، “أحيانًا“، “نادرًا“.
وتم توزيع الاستبيان المحدود على شريحة تتمثل في عدد خمسين فرد فقط ثم اختيارهم بطريقة موجهة بقصد أن تشمل الشريحة ذكور وإناث، من الريف والحضر.
إلا أنه من الملاحظ أن هذه الشريحة قد ضمت فقط أفراد متعلمين أو عاملين، ولم نتمكن من الوصول إلى سيدات قرويات غير متعلمات وغير عاملات.
وتستهدف الأسئلة الثلاث الأولى رصد الواقعة إجمالاً بمعنى تحديد نسبة الحرمان المطلق والحرمان الجزئي، وكذلك نسبة الحالات الإيجابية المتمثلة في تجاوز الظاهرة واختفائها في بعض الأحوال.
إن نتيجة الإجابة على الأسئلة الثلاثة الأولى جاءت على النحو التالي:
م |
التساؤلات |
نعم |
لا |
1- |
تحصل المرأة على ميراثها بالكامل وطبقًا للقانون |
38 |
12 |
2- |
تحصل المرأة على جزء من الميراث فقط |
21 |
29 |
3- |
لا تحصل المرأة على ميراثها مطلقًا |
2 |
48 |
واستهدفت التساؤلات الـ ٢٨ الأخرى التعرف على المواقف العملية من خلال رصد ما يلي:
– إرادة المرأة ودورها الإيجابي أو السلبي في تكريس الظاهرة.
– الحماية القضائية لميراث المرأة.
– مدى تأثير الأطراف الأخرى ذات الصلة بالظاهرة وبصفة أساسية أبناء المرأة وزوجها.
– العلاقة بین أنماط واتجاهات الزواج وعدم توريث النساء.
– أثر التعليم على ظاهرة عدم توريث النساء.
– العلاقة بين الإقامة والظاهرة، وبصفة أساسية معرفة ما إذا كان المحيط الجغرافي يمارس تأثيرًا على تكريس الظاهرة أم لا.
– نطاق المنع من الميراث، وما إذا كان يقتصر الأمر على الأراضي الزراعية أم يمتد إلى غيرها من عناصر التركة.
– طبيعة وحجم “نظام الترضية” حال تطبيقه.
– دور الدين في القضاء على الظاهرة ومواجهتها.
وفيما يلي النتيجة الإحصائية للإجابة على هذه التساؤلات الـ ٢٩:
م |
التساؤلات |
في كثير من الأحوال |
أحيانًا |
نادرًا |
4 |
تتنازل المرأة عن الميراث طواعية |
6 |
24 |
20 |
5 |
تطالب المرأة بميراثها عند حرمانها باللجوء إلى القضاء |
24 |
18 |
8 |
6 |
لا تلجأ المرأة إلى القضاء خوفًا من بطش الأسرة |
11 |
27 |
12 |
7 |
لا تلجأ المرأة إلى القضاء حفاظًا على الثروة العقارية لأسرتها |
8 |
24 |
18 |
8 |
تلجأ المرأة للمطالبة القضائية بميراثها بتأثير من الزوج |
25 |
18 |
7 |
9 |
تلجأ المرأة إلى القضاء للمطالبة بميراثها بناء على رغبة أبنائها |
21 |
22 |
7 |
10 |
يتم الزواج بين الأقارب للحفاظ على الثروة العقارية وعدم التوريث |
21 |
24 |
5 |
11 |
من أسباب عدم تزويج الفتيات الريفيات عدم التوريث |
6 |
17 |
27 |
12 |
عدم التوريث قاصر على العائلات الغنية |
8 |
20 |
22 |
13 |
قلة التعليم من ظاهرة عدم توريث النساء |
18 |
12 |
20 |
14 |
الأسرة الصعيدية المقيمة خارج الصعيد تورث المرأة |
31 |
16 |
3 |
15 |
تحرم المرأة من ميراث الأراضي الزراعية فقط |
19 |
17 |
24 |
16 |
تحصل المرأة على مقابل نقدي للتنازل عن الميراث |
24 |
20 |
6 |
17 |
المقابل النقدى للتنازل عن الميراث مجديًا |
10 |
32 |
8 |
18 |
تنازل المرأة عن الميراث يتم بطريقة رسمية |
18 |
15 |
17 |
19 |
تنازل المرأة عن الميراث يتم بطريقة عرفية |
18 |
20 |
12 |
20 |
حرمان المرأة من الميراث حالة واقعية |
19 |
11 |
20 |
21 |
لا تشعر الأسرة بمخالفة الدين والقانون عند حرمان المرأة من الميراث |
22 |
19 |
19 |
22 |
تحرم المرأة من الميراث بغض النظر عن مستوى التعليم لأفراد الأسرة |
18 |
20 |
12 |
23 |
المرأة المتعلمة تحصل على ميراثها |
34 |
13 |
3 |
24 |
المرأة العاملة تحصل على ميراثها |
30 |
19 |
1 |
25 |
المرأة المتزوجة فرصتها أكبر من الفتاة في الحصول على ميراثها |
25 |
13 |
12 |
26 |
ظاهرة عدم التوريث تتزايد في القرى وتقل في المدن |
36 |
9 |
5 |
27 |
تجريم عدم التوريث سوف يساهم في القضاء على ظاهرة عدم التوريث |
36 |
8 |
6 |
28 |
التعليم سوف يساهم في القضاء على الظاهرة |
44 |
5 |
1 |
29 |
تزداد حالات النزاع القضائي بسبب عدم التوريث |
29 |
20 |
1 |
30 |
يمارس العنف ضد المرأة لإجبارها على التنازل عن ميراثها |
12 |
26 |
12 |
31 |
هل أنت راضي عن ظاهرة عدم التوريث |
7 |
1 |
42 |
32 |
الأسباب الحقيقية لعدم التوريث |
1) الطمع ۲) قلة الوازع الديني 3) جهل المرأة وعدم معرفتها بقواعد الميراث 4) الرغبة في الحفاظ على الثروة العقارية وبصفة أساسية الأراضي الزراعية لكونها تمثل عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للعائلات. 5) الاستمرار بالتمسك بمفهوم الأسرة الممتدة. 6) ضعف مركز المرأة إجمالاً. 7) عدم التجريم. |
يتبين من نتائج الحوارات والاستبيان المرفق أن عدم توريث المرأة بمحافظة أسيوط لا يشكل ظاهرة غالبة، ولا يوجد سلوك إجماعي وجمعي بشأنها. فعدم التوريث ما زال موجودًا لدى بعض العائلات وانحسر في عائلات أخرى.
كما أنه لا يمكن اعتبار مناطق بعينها تكرس الظاهرة. ففي داخل القرية الواحدة يمكننا أن نلاحظ وجود الظاهرة وانحسارها، بيد أن ما يمكن الإقرار به هو عدم اختفاء الظاهرة واستمرار تطبيقها.
إن عدم توريث النساء حالة حدوثه تتباين تطبيقاته، فأحيانًا يتم الحرمان بصورة قاطعة وكاملة ولا تحصل المرأة على أي جزء من نصيبها، وفي أحيان أخرى يجرى الحرمان فقط على الثروة العقارية وبدون مقابل وفي بعض الأحوال قد يتم تعويض المرأة نقديًا عن هذا الحرمان الجزئي.
وحال ممارسة التعويض أو الترضية تتفاوت في الترضية من حالة لأخرى وتتوقف القيمة على اعتبارات عدة متشابكة ومعقدة منها الظروف الاقتصادية للمرأة وحدى احتياجها، وقدرتها وزوجها على التفاوض، وما إذا كانت متزوجة من داخل العائلة أم من خارجها، وما إذا كانت متزوجة من عدمه، بل ومن الممكن أن يتفاوت حسب ترتيب المرأة بين أشقائها، فعادةً ما تحصل الكبرى على ترضية مناسبة تفوق ما تحصل عليه الأخريات، كما أن المرأة إذا كانت أكبر سنًا من الأخوة الذكور تكون لديها فرصة أكبر في الحصول على ترضية مناسبة.
كما أن اختلاف طبيعة عناصر التركة في المدينة عن القرية، وغلبة الطابع النقدي وقلة الأصول العقارية وبصفة أساسية الأراضي الزراعية تخفف من حدة الظاهرة، وتجعل عدم التوريث أمرًا يصعب تحقيقه، وفي حالة حدوثه فإنه يتم من خلال ترضية مناسبة.
إن ازدياد نسبة المتعلمين يسهم بالضرورة في الحد من الظاهرة بيد أنه لا يمكن الادعاء بأن للتعليم أثر حاسم. فما زالت العادات المتبعة تشكل عرفًا يصعب الخروج عنه حتى مع توافر الإرادة لدى المتعلمين.
إن جهل المرأة بقواعد الميراث وعدم معرفتها بحقوقها يشكل أحد العوامل التي تكرس للظاهرة وتضمن استمراريتها ، وإن معرفة المرأة لحقوقها القانونية والمطالبة بها يشكل بالنسبة لنا الأساس الذي لا يمكن الاستغناء عنه لمواجهة هذه الظاهرة.
إن مطالبة المرأة بالميراث، وإن لم تتم الإستجابة لها دومًا إلا أنها تشكل صراعًا ومواجهة فعلية للظاهرة وتعمل على تآكلها.
إن نشر مفهوم الدين الصحيح وتحديد موقف الشريعة الإسلامية من الميراث، وتوضيح أهمية مراعاة هذه القواعد القطعية يشكل أيضًا أساسًا لا غنى عنه. والمستهدف في هذه الحالة ليس فقط الرجال بل وأيضًا النساء.
ومن الملاحظ أن بعض النسوة قد يشاركن في تكريس الحرمان كما هو حال الأم التي تتواطأ لقصر الميراث على أبنائها الذكور، أو تقصر حق البنات في الإرث على قيمة ما تحصل عليه الأم فقط من التركة. إن الأم الواعية بتعاليم الدين الصحيحة لقادرة على زرع قيم جديدة تناهض ظاهرة عدم التوريث .
إن التجريم العقابي لحرمان المرأة من الميراث من الممكن أن يحد من الظاهرة وقد يعمل على إلغائها تمامًا.