(ندوة عقدت بمركز دراسات المرأة الجديدة)
افتتحت المرأةُ الجديدة الندوة بأنه عند عقد مناقشة القوانين، يجب أن يكون هناك تحديد للاختيار الذي يضمن حقوق المرأة كامرأةٍ عاملة، كما يضمن رفع الأعباء الإضافية من عليها، والتي تنبع من أدوارها ووظائفها المختلفة، وأضافت أن العمل الموحد هو اختيارٌ لدفع المرأة خارج سوق العمل الرسمى، وأن تحميلها وحدها الوظائف الاجتماعية الأخرى، التي جميعها تندرج تحت العمل غير مدفوع الأجر. أما فيما يتعلق بدفع المرأة خارج سوق العمل عامةً، فهذا لن يحدث، لأن المرأة التي تخرج للعمل تخرج بدافع من الأزمة الاقتصادية، وهذا الوضع لن يتغير. إذن، الذي يمكن أن يتغير، هو أن المرأة تخرج عن إطار العمل الرسمي، الذي يتسم أكثر من غيره بالحماية القانونية. وهناك بنودٌ داخل مشروع القانون تتحدث عن حظر أعمال معينة على المرأة، مثل الأعمال الشاقة التي يمكن أن تؤثر على صحة المرأة، الأعمال المسائية، الأعمال غير الأخلاقية التي لها علاقةٌ بالمرأة وليس لها علاقة بالرجل. والمنع ليس سلاحًا في يد المرأة يمنع من استغلالها، بل هو يُستخدم في الأساس من قبل صاحب العمل والدولة، ويعكس كيف تتعامل الدولة وصاحب العمل مع المرأة كقطاعٍ واحد له نفس القدرات، ونفس الإمكانيات، كما له نفس القصور والعيوب.
بالإضافة إلى ذلك، فالقانون لا يُعطى الحمايةَ الكافية للمرأة حين تنزل إلى سوق العمل… بل على العكس يرفع عنها هذه الحماية تحت ادعاء أنه يساعدُ المرأة على أداء وظيفتها الإنجابية، وما يفعله في الحقيقة، هو أنه يعاقبُ المرأة على وظيفتها الإنجابية. ففي القانون الجديد تم تقليل مدة إجازات الوضع من 3 أشهر إلى شهرين، وهذا عن طفلين فقط. وفي المذكرة التفسيرية يقول بصريح العبارة أن هذا نتيجة الأزمة السكانية، وأن القانون لا يجب أن يشجع المرأة على الإنجاب، في حين أن الواقع والمجتمع يعاقبُ المرأة التي لا تُنجب. ونحن إزاء الإزدواجية دائمًا فيما يتعلق بموقف المجتمع من المرأة.
هذا تلخيصٌ للورقة المقدمة ونفتح النقاش.
اقترحت إحدى الحاضرات دعوة برلمانيات تهتممن بقضية المرأة. وأضافت مشاركةٌ أخرى أنه يجب أن يحدث نقاشٌ حول المشروع، ونضع وجهة النظر التي نرفضها، ولكن يجب أن نقدم البدائل، وأن تُدرس هذه البدائل جيدًا من جميع النواحي. وهذا يحتاج إلى قانونيين وأناسٍ مهتمين بالقضية.
كما جاء تعليقٌ على أن الدخول في موضوع العمل الرسمي، وعمل المرأة المنزلي وخلافه. سيهدد إمكانية التركيز على قانون العمل الموحد، ومناقشته بشكلٍ نقدي والوصول من خلاله إلى مكمن الخطر الحقيقي الذي يخص المرأة، واقترحت أن يكون مدخل المناقشة من خلال حقوق المواطنة، لأن قوانين العمل في مصر بشكلٍ أساسي من القوانين التي يتم استثناءها من التمييز ضد المرأة، بدءً من الدستور وحق تولى الوظيفة العامة وحق العمل مكفول، والقانون ليس فيه بشكلٍ مباشر ما يُميز ضد المرأة. إن كان على مستوى الواقع هناك حصارٌ ضمني لعمل المرأة نتيجةً للتوجهات التي تفرض نفسها على المجتمع، سواء من خلال الردة الثقافية متمثلة في التيار الديني، أو من خلال التوجهات الاقتصادية التي يعبر عنها بعض الليبراليين، والتي يتبنوا من خلالها حصارًا لعمل المرأة باعتبارها أحد أسباب الأزمة الاقتصادية, على الأخص فيما يتعلق بالبطالة واتساعها. وأن مزاحمتها في سوق العمل سببٌ رئيسيٌ في هذا . العامل الرئيسي هو أن سوق العمل يضيق، وأن العامل المنتج مطارد. لأن قانون العمل الموحد نتيجةً لاختياراتٍ اقتصادية متبلورة فيما يُسمى بإعادة التكيف الهيكلى على أساس الاقتصاد الحر، وعلى أساس آليات السوق، وفي نفس الوقت مرتبطٌ بمجموعة من القيم الاجتماعية التي كنا نعتقد أننا كسرناها، بأن المرأة خرجت لممارسة حق التعليم والعمل، فإذا بنا نعود مائة عامٍ للخلف، فزمام الموقف القوى أن مناقشاتنا والرؤى النقدية للقانون تكون من خلال تأثيره على حق العمل للمواطن. وحق المرأة كمواطن أن ترفض هذا القانون شكلاً وموضوعًا، لأنه ليس فقط يصعب عليها أداء مهمتها الاجتماعية كأم وكزوجةٍ عاملة، ولكن يضيق عليها حقها الإنساني في أن يصبح لديها فرصة عمل.
وضحت المرأة الجديدة أن المبادرة لهذه الحملة, بدأت من مركز الخدمات النقابية بحلوان، وقد عملوا تقييمًا شاملاً للقانون كله، وفي أول لقاءٍ نظمه المركز بحلوان دُعي فيه عددٌ كبيرٌ من المنظمات والمكاتب من الأحزاب لتساهم في الحملة. نحن جزءٌ من هذه الحملة في هذا الإطار. نحن نتناول الأشياء المخصصة فيها للمرأة، لأن في القانون لا يوجد رجلٌ يأخذُ إجازة وضع أو ساعة رضاعة. أما الحضانات فيمكن أن تصبح مطلبًا، وتصبح للعاملين الذين لديهم أطفال سواء رجالاً أو نساًء. ونحن نقارن هذا بما كان موجودًا، وليس فقط في القطاع الخاص، لكن بقانون ٤٨ الذي لا يذكره أحد.
تدخل أحد الحاضرين قائلاً : أنه يجبُ الانتباه للبعد الثقافي للمشكلة، إذ أن قانون العمل سيصدرُ, وسيلاقي استجابةً عند قوى يمينية كثيرة، لأنه كلما جلست المرأة في البيت، فإن فرص العمل للشباب ستصبح أكثر، وهذا عاملٌ للتأثير الاجتماعي وجميعنا يعلم هذه القضية، وبالتالي فإن الحملة الثقافية مهمة في هذه الفترة، لأن الحملة في المجتمع كله قائمة على أنه لو تقعد المرأة في البيت فإن هذا يكون شيئًا جيداً. وبعض النساء أيضًا تدافعن عن هذه الفكرة. يجب الاهتمام بالبعد الثقافي للقانون. وركَّز أحد الحاضرين على أن رجال الأعمال في مصر يضغطون بشدة للحصول على حرياتٍ غير محدودة فيما يتعلقُ بتصرفاتهم. من ضمن الأشياء قضية الإجازات وغيرها، وهذه قضية واردة، إن كان في بعض الأحيان يقول البعض نحن موافقين على الإجازات في القانون الحالي، ولكن في نفس الوقت في دهاليز اللجان الفنية لقانون العمل، كان ممثلو رجال الأعمال يضغطون في قضية البطالة، ويقولون بضرورة تحفيز المستثمرين لكي يستثمروا، ولكي نحفزهم يجب أن نُطلق أيديهم ولا نضع أمامهم العقبات. هم طارحين ما يمكن تسميته بحل مشكلة البطالة على حساب الفقراء، بمن هم أشدُّ فقرًا، وأن الذين يعملون يتنازلون عن جزء من حقوقهم للذين لا يعملون، هذا شئ، الشئ الآخر الذي يطالب به البعض هو تمطيطُ فترة التدريب لمدة ثلاث شهور، والقانون الحالي حدد فترة معينة للتدريب.
وافقت المرأة الجديدة على أنه لو تحدثنا عن حملة فإنه يجب التركيز على هذا القانون فيما يتعلق بقضية المرأة العاملة بالتحديد، ولكن يجب أن يكون في خلفيتنا أن المرأة كامرأة في مأزقٍ دائم فيما يتعلق بقضية العمل. وأن التعامل معها كمواطنة لا يجب أن يقتصر على دورٍ واحد، ولكن يمتد ليشمل كل أدوارها كمواطنة، وتشجيعها على العمل مدفوع الأجر عن طريق إلغاء الأعباء الأخرى، لأن معظم القوانين كانت تعطى المرأة بعض الخدمات فيما يتعلق بوظائفها الأخرى لكي تشجعها على العمل، ولكن ظل هذا العبء موجود، واليوم هذا العبء نفسه الذي يجعلها تصل إلى أن تقول: البقاء في المنزل أفضل، والعمل “نكبة” والعمل نفسه كقيمة يُضيف هنا شيئًا يجب وضعه في الاعتبار، وهو أن هذه الوظيفة هي وظيفة اجتماعية.
اقترحت واحدةٌ من المشاركات أن تتم الدعوة إلى حلقةٍ نقاشيةٍ تضمُّ المجموعة التي بدأت في حلوان من العاملات والنقابيات، هناك نقابيات لهن أدوارٌ متميزة، وهذه مسألةٌ تمسُّ جوهر حق المرأة. واقترحت فتح حوارٍ مشتركٍ مع مركز حلوان، ومع أن المجموعات النسائية في الأحزاب والجماعات النسائية المختلفة. فلابد أن نشعر ونحس بنبض الحركة النقابية النابعة من قلب المصنع أو من قلب الشركة.
وأضافت مشاركةٌ أخرى أنه يجب تعبئة كتيبةٍ من الإعلاميات. ولإنجاح هذا الجهد والذي بُذل قبل ذلك في حلوان، والمفروض أن يكون هناك شكل من أشكال التحريك لهذه القضية في مساحةٍ مدروسة. وأكدت على أن هناك دراسات قانونيةً وُضعت حول القانون من مجموعة من المؤسسات، وليس من مؤسسة واحدة. وطرحت فكرة إصدار كُتيب صغير يتضمن شقًا قانونيًا، وشقًا اجتماعيًا يتناول القضية. كما اقترحت أن يقوم مركز دراسات المرأة الجديدة بعمل تصنيفٍ موضوعي للمؤسسات والشخصيات والأسماء التي يمكن الاتصال بها في هذا الشأن.
كما عبر أحد الحاضرين عن أهمية أن تطرح المرأةُ برنامجًا انتخابيًا متكاملاً خلال الانتخابات البرلمانية القادمة.
وأكد متحدثٌ آخر، على أن الضغط الجماعي يُمكن أن يؤثر على تمرير القانون، وعلل هذا بأن عددًا من التجمعات قد استطاعت أن توقف القانون في الدورة البرلمانية السابقة، وكانت الحكومةُ تنكرُ وجود قانونٍ بهذا الشكل، ثم رجعت وأقرت أن هناك مادةً وأنها سوف تغير 90 مادة فيه. وأكد على ضرورة التوجه للجماهير المتضررة من هذا القانون، فهي التي ستكون السند الأساسي في هذه المعركة، فعلى هذا التجمع أن ينسق مع الجماعات المختلفة ضد هذا القانون الذي هو ليس ضد المرأة فقط. إن هذا القانون اعتداءٌ على الرجل أيضًا. المطلوب الاستمرار في هذه المعركة، والدفع في اتجاهها حتى نستطيع على الأقل أن نحسن من الشروط المعيبة التي نزلت علينا.
وكانت هناك دعوةٌ لوضع أسماء النقابيات وقياداتٍ نسائيةٍ أخرى، والدعوة لجلسة أوسع يضع فيها كل هؤلاء تصوراتهم لمؤتمر عام يصل للمرأة في المصنع والشركة، وللطالبات في الجامعة اللاتي سوف يتخرجن عما قريب، ويُواجهن بمصير البطالة والمكوث في البيت.
وقد اقترح أحد المشاركين استعمال أسلوب الضغط الدولي، حيث أن هذا العقد ينادي بإلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ويُمكن أن يكون هذا وراء تحريك فكرة الحقوق الاجتماعية – الاقتصادية. وفي إطار مسألة حقوق الإنسان التي لا يريدون أن يعترفوا بها. فإذا وُجدت صيغة بحيث يعرض الموضوع على أنه شكلٌ من أشكال انتهاكات حقوق الإنسان، وتوضع على أنها مسألة حقوق المرأة في مصر. وحين ندرس ورق الأمم المتحدة والبنك الدولي سنجد أن هناك اهتمامًا واضحًا بالمرأة، وحتى مبالغ فيه أحيانًا، فلماذا؟ من ناحيةٍ هناك من يرى أن تحريك المرأة مهمٌ، حيث يبدو لأصحاب المصالح أن للمرأة قدرة استهلاكٍ وقوة حضورٍ مناسبة، قوة استثمار، إنتاجية جديدة. لو عندنا رأسمالية ليبرالية حقيقية لازم تفهم أن نصف المجتمع حين يدخل كقوة إنتاج؛ أكيد أفضل من أنه يقعد في البيت.
وعلق أحد الحاضرين أنه بصرف النظر عما إذا كان القانون سيمرُّ أم لا، فإنه خلال السنتين المقبلتين سوف تكون هناك معارك، فإما أن تُسفر عن نقاباتٍ مستقلةٍ أو عن مجازر. وبالتالي هناك فرصةٌ كبيرةٌ لإضافة حقوق المرأة على جدول أعمال الحركة النقابية. وسوف تشهد السنوات المقبلة تبلورًا، ويُمكن أن تتبنى الحركة النقابية قضايا المرأة. وبالتالي النقطة التي أريد أن أثيرها هي أن هناك الآن فرصة مهمة جدًا للتأثير على وعى الحركة العمالية والقيادات العمالية. وأرى أنه مهمٌ جدًا فتح حوارات حول الجانب الخاص بالمرأة في قانون العمل الموحد، مع أوسع عددٍ ممكنٍ من النشطاء النقابيين.
لخصت المرأة الجديدة الاقتراحات التي طرحت في الندوة، بأن هناك احتياجٌ لحملةٍ ذات جوانب متعددة. ومنها يبدأ التوجه إلى الأعضاء في البرلمان للتأثير على القرار السياسي. كما أن هناك اقتراحٌ بأن يكون هناك حملةٌ موجهة للإعلاميين، وقوائم تُجمع لكل الناس المهتمين. وقد أضافت إحدى الحاضرات أننا حددنا خريطة الحركة، وحددنا القوى التي سوف تشارك في الحملة لوقف أو تغيير القانون، وقلنا أن المراكز البحثية، والمنظمات غير الحكومية بشكل عام وكذلك الأحزاب لابد وأن تشترك فيها، ولابد أن نُخرج نصًا متامسكًا بديلاً لهذا النص الذي عليه الاعتراض” . نحن نقول: لا نريد هذا القانون، لأنه ضد الدستور، ضد المواثيق الدولية، ضد الإتفاقيات التي وقعت عليها الحكومة. وعلينا إصدار نصٍ آخرٍ بديل. وقد اعترض أحد المشاركين على إخراج نصٍ بديل، وعلل ذلك بأن أحد اللجان في الإعداد للقانون كانت حريصةً جدًا على ألا يحدث تراجعٌ عما هو قائمٌ فعلاً، وألا تمس الامتيازات. ولم تدع هذه اللجنة لاجتماعات لجنة الصياغة،
وأضاف أن الحد الأدنى لمواجهة هذا القانون هو الحقوق الموجودة في قانون 48، وهذا الذي يطرحه العمال الرجال، لأنهم لم يصلوا حتى الآن إلى درجة انتزاع المزيد، فالمعركة الآن في المحافظة على القائم، المحافظة على حقوق المرأة العاملة من خلال المحافظة على قانون 48. أما إذا دخلنا في معركةٍ من نوع تجنيب النص كذا أو كذا فإنهم سوف يتغلبون علينا .
فلنحص عمل المرأة غير مدفوع الأجر
أمرٌ آن أوانه
نحن المنظمات غير الحكومية، تحضيرًا للمؤتمر العالمي الرابع للمرأة، نتحدث باسم ملايين النساء، ونطالب حكومتنا بأن تحصى عمل المرأة غير مدفوع الأجر، وأن تتضمنه في إجمالي الناتج القومى والإحصائيات الأخرى، وأن تضم العامل غير مدفوع الأجر في نظام حسابها القومى.. إننا نطالب الحكومات أن تُولى هذا الأمر أهميته القصوى التي يستحقها، وأن تحدد نواياها بوضوحٍ من هذا الأمر في وثيقة مؤتمر المرأة بالصين، وذلك اتساقًا مع الفقرة رقم 120 من استراتيجيات نيروبي للنهوض بالمرأة (مارس ١٩٩٤)، والوثيقة المنبثقة عن لجنة الأمم المتحدة المراقبة لوضع المرأة، وبيان الأمم المتحدة عن البيئة والتنمية (ريو ١٩٩٢) وتقرير التنمية البشرية الرابع الصادر عن الأمم المتحدة) ١٩٩٣ (وتقرير البرلمان الأوروبي حول قياس عمل المرأة غير مدفوع الأجر ١٩٩٣)
(وقع على هذا المطلب 150 المنظمات غير الحكومية، نسائية وغير نسائية حتى مارس ١٩٩٥)