يتشرف مركز دراسات المرأة الجديدة بأن يُقدم كتابه عن المرأة والقانون والتنمية، تتويجًا لمؤتمره العربي الذي عقده عام 1995، بالاشتراك مع بقايا أعضاء منتدى النساء العربيات “عايشة” – شبكة المنظمات العربية النسوية .
و“عايشة” هي شبكةٌ قاعدية للمنظمات العربية النسوية غير الحكومية من لبنان وفلسطين ومصر والسودان والجزائر وتونس والمغرب. تشترك في رؤيتها للمعوقات والتحديات، ولا تقبل بديلاً من حق المرأة الكامل غير المنقوص في المساواة والعدالة وتقرير مصير حياتها وتحقيق ذاتها، من خلال صراعٍ مزدوجٍ يهدفُ إلى إعادة صياغة المجتمع ككلٍ من دون التنازل أو تأجيل الصراع من أجل تحرير النساء وحقوقهن.
وفي إطار خطة عمل وجهود مركز دراسات المرأة الجديدة للدفاع عن حقوق المرأة والمشاركة الايجابية والفعالة في خلق حركة نسائية مصرية وعربية ذات قاعدةٍ عريضة من المهتمين والمهتمات، بقضايا المرأة العربية عامةً والمرأة المصرية على وجه الخصوص، دعا المركز إلى عقد مؤتمر المرأة والقانون والتنمية بمشاركة عضوات “عايشة“، حيث تتشابه ظروف البلدان العربية في تحدياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية، سواءً داخل مجتمعاتها أو في موقعها من الخريطة العالمية. وقد تضمن المؤتمر مداخلاتٍ انتظمت حول محورين: المرأة والقانون من ناحية، والمرأة والتنمية، من ناحية أخرى، في إطار سياسات التكيف الهيكلي وصعود التيار الأصولي والمد السياسي الإسلامي. الأول، يصوغ البنية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، والثاني، يصوغ البنية الثقافية والقيمية له، ويؤثر المحوران بشكلٍ مباشرٍ على أوضاع المرأة وممارستها لحقوقها، ويؤثران أيضًا بشكلٍ غير مباشرٍ من حيث فعلهما على الرأي العام عمومًا، وصياغته لمنظومته الثقافية والقيمية، وهو ما ينعكس بدوره على النساء.
أما موضوعات المداخلات، فقد تناولت على وجه الخصوص: 1 – المرأة والحقوق المدنية والسياسية. بما يتضمنه ذلك من قانون الأحوال الشخصية، إذ لا يجوز قراءة قوانين الأحوال الشخصية بمعزلٍ عن الحقوق المدنية، ٢ – المرأة والعمل، 3 – المرأة والإعلام، 4 – المرأة والحقوق الصحية.
وقد امتد المؤتمر على مدى أربعة أيام، من ٢٥ إلى ٢٨ مايو 1995 في معزوفةٍ نسوية، بدأت برصدٍ تاريخي لتطور الحركة النسوية في عددٍ من البلدان العربية، ومدى تأثرها وتأثيرها على صياغة التشريعات التي تؤثر على حياة المرأة، وأعقبت ذلك قراءةٌ مقارنةٌ لقوانين الأحوال الشخصية وقوانين العمل وقوانين المواطنة العامة، في بعض بلدان المنطقة العربية، ثم مناقشةٍ للمعوقات المختلفة التي تحول دون ممارسة الحقوق المدنية المنصوص عليها فعلاً، وتلك التي تعوق إعادة صياغة القوانين، بما يكفل تحقيق مبدأ المساواة. وقد تضمن الموضوع الأخير عرضًا للخبرات في مختلف البلدان المشاركة، مع إبراز آليات التغيير والمقاومة التي تنتهجها المنظمات النسوية، كلٌ في سياقها. واختم المؤتمر أعماله بسلسلةٍ من الشهادات من البلدان المختلفة، قدمت الدليل الإنساني الحي على ضرورة هذا النوع من العمل والمثابرة فيه، لحين استرداد وانتزاع الحقوق المهدرة. وأشارت المشاركات إلى احتياجهن إلى هذا النوع من التبادل والاشتباك في النقاش والعمل، كما أشرن إلى أهمية التبادل العملي للخبرات.
وصدرت عن المؤتمر توصيات نعتقد، بحقٍ، أنها تُصلح دليل عملٍ للمنظمات النسوية على امتداد السنوات المقبلة. ولشدة ما شعرنا بأن المؤتمر كان نقطةً فاصلةً في سياق عملنا، وبسبب إجابته عن الأسئلة المطروحة حول صحة التوجه والرؤية، رأينا أن نشارككم هذا الحدث، بأن نجمع ما ورد فيه من مداخلاتٍ وتوصيات، على أن تصدر الشهادات في كتيبٍ لاحق.
خطوةٌ متقدمة، وإن كانت متواضعة، لإلقاء مزيدٍ من الضوء على النظم والتشريعات القانونية التي تحكم النساء العربيات، وعلى السياسات التي تُكرس الخضوع والقهر، اقتصاديةً كانت أو اجتماعيةً أو ثقافية أو تشريعية. عسى أن يكون في القراءة المشتركة سندًا لخوض معارك التحرر النسائي من أي قهرٍ كان، أيًا ما كان مجاله، وأيًا ما كان زيه الذي يتنكر به.
