جرائم ضد المرأة بذريعة الشرف
اعداد بواسطة:
عقد في لندن في الفترة من 15 – ۱۷ فبراير ۲۰۰۲ مؤتمر جرائم الشرف الذي شاركت فيه المرأة الجديدة ومركز قضايا المرأة المصرية من مصر والعديد من المنظمات الأهلية من بلدان مختلفة مثل تركيا، إيطاليا ، لبنان، الأردن، الهند، باكستان، البرازيل، وإنجلترا.
ناقش الحضور على مدى ثلاثة أيام نوعية الجرائم التي ترتكب ضد المرأة بذريعة حماية الشرف. ورغم اختلاف مفهوم الشرف من مكان إلى آخر وفقاً للعادات والتقاليد إلا أن هذه الجريمة ترتكب في كل أنحاء العالم وإن اختلف الجاني أو اختلف المسمى.
مجرد شك
ففي البلدان العربية وتركيا، يتعدد الجناة: فهم أفراد الأسرة من أب وأخ أو أم أو أفراد العائلة الممتدة وخاصة أبناء العمومة. والقتل عادة ما يكون بسبب سوء السلوك أو سوء السمعة أو مجرد الشك في سوء السلوك. أما في باكستان والهند. فالقبيلة أو العشيرة كلها حامية الشرف، والقتل عادة ما يكون بسبب العصيان أو الخروج على عرف القبيلة برفض الزواج ممن اختارته للفتاة وفق العرف، أو بسبب إصرارها على الزواج بمن يرفضون.
وفي الغرب، في إيطاليا مثلاً، وأيضًا في بلد كالبرازيل، ينحصر الجناة في الزوج أو الصديق. وتعرف هذه الجرائم بجرائم الانفعال أو الغيرة، إذ يقوم الزوج بقتل زوجته سواء بدافع الغيرة أو الشك، كما يضاف في البرازيل سبب آخر وهو الانفصال. فكثيرًا ما يقتل الزوج زوجته أو الصديق صديقته إذا أصرت على الانفصال عنه لأن هذا يجرح كبرياءه ويصوره بمظهر الرجل المهجور مما يحط من قدره اجتماعيًا.
لقد أثارت التسمية جدلاً كبيرًا، فجرائم الشرف مسمى غير دقيق من عدة زوايا. فأولاً، كلمة “الشرف” تضفى بريقاً على جريمة نكراء وتكرس فكرة خاطئة في الأذهان حيث لا شرف في القتل مهما كان السبب. بالإضافة إلى أن كلمة “الشرف” ليست لها ذات الدلالة في كل اللغات. ففي اللغة العربية واللغة التركية، هناك كلمة أقرب للدقة وهي “العرض” ولا يوجد ما يقابلها في اللغات الأخرى.
مع إيقاف التنفيذ:
ومن المفترض أن ينظم القانون العلاقات الاجتماعية ويصوب ما فيها من خلل سواء نبع من التقاليد البالية أو الأوضاع المتردية. إلا أنه كثيراً ما يعجز عن المواجهة، بل ويصبح أداة لتكريس الأعراف والموروثات. فقد قدم مركز قضايا المرأة المصرية تحليلاً لبعض الجرائم التي تذرع فيها القاتل أو الجناة بحماية الشرف، وكشفت الدراسة أنه في القانون المصري لا توجد جريمة تدعى جريمة الشرف بل تندرج جرائم القتل كلها تحت طائلة قانون الجنايات ولكن تبقى للقاضي السلطة التقديرية التي بموجبها يستطيع تخفيف العقوبة وفق ما يراه من دوافع وملابسات للجريمة. وفي حالة تعلل القاتل بحماية الشرف، يميل القضاة غالبًا إلى تخفيف العقوبة إلى أدنى حد والتي قد تصل إلى سنة مع إيقاف التنفيذ!
وفي لبنان، يختلف الوضع قليلاً حيث يساوي القانون بين الرجل والمرأة. فإذا قتل أحدهما الآخر بدافع الخيانة يستطيع أن يستفيد من العذر المحلل الذي به تخفف العقوبة، ويعمل النشطاء القانونيون على إلغاء بند التخفيف حماية لحق الإنسان في الحياة.
جرائم العرض:
أما القانون الأردني، فلديه بند صريح خاص بجرائم القتل المتعلقة بالعرض وهي المادة 34 والتي تنص على إعفاء القاتل من العقاب إذا فاجأ زوجته أو إحدى قريباته في وضع الزني فقتلها هي ومن معها أو أصابهما. أما إذا فاجأهما في وضع مشين أو مشبوه وقتلهما أو أصابهما، يتم تخفيف العقاب عنه.
ولا يكتفى القانون بهذه المادة، فإذا ما عجز القاتل من إثبات عنصر المفأجاة، يمكنه الاستفادة من المادة رقم 98 والتي تنص على أنه إذا ارتكبت جريمة في حالة غضب أو ثورة نابعة من فعل خاطئ أو خطير من جانب الضحية، يتم تخفيف العقوبة على الجاني، وهنا نجد أن عبارات القانون فضفاضة، يسهل معها إدراج أي فعل من الضحية كفعل خاطئ أو خطير.
قانون القبيلة:
أما في الهند وباكستان. فنادرًا ما يلجأ أهل العشيرة أو القبيلة إلى القانون. فلهم قانون داخلي يلجأون إليه، ويحتكمون به، ولا تتدخل فيه سلطة الدولة، مما يجعل الأمور أكثر تعقيدًا. فكثيرًا ما تسجل جرائم القتل كحالات انتحار، وكثيرًا ما يلجأون لصبية العائلة لتنفيذ جرائم القتل حتى يضمنوا تخفيف العقوبة لحداثة سنهم هذا إذا ما ثبتت عليهم الجريمة أصلاً !!
واتفق الحضور على أن هذه الجرائم – شأنها شأن كل قضايا العنف ضد النساء – مازالت تحتاج إلى الكثير من الأبحاث والندوات للإعلام وكشف النقاب عنها. كما تحتاج إلى كثير من جهد النشطاء لوقف كل أشكال العنف ضد النساء للوصول إلى عالم أكثر تحضرًا ينعم بالسلام ويخلو من العنف.
وجدير بالذكر أن مركز دراسات المرأة الجديدة كان قد دعا لعقد هذا المؤتمر في مصر إلا أنه لم يحصل على الموافقة على عقده.
في الهند وباكستان: العشيرة أو القبيلة مصدر التشريع ولسيت الدولة
في الأردن: الغضب مبرر لتخفيف العقوبة
في مصر: للقاضي السلطة التقديرية