جريمة تزويج القاصرات في مصر بين النظام القانوني وواقع العرف والتقاليد

تاريخ النشر:

2021

اعداد بواسطة:

مقدمة

تزويج القاصرات جريمة متجذرة في أعراف المجتمع المصري وبخاصة في المجتمعات الريفية وصعيد مصر، وهي تعد من أكثر جرائم العنف المركب انتشارًا والتي تنتهك أكثر من حق من حقوق الفتيات وتقتل طفولتهن بمشكلات صحية ونفسية قاسية.

وطبقاً لعدد من الهيئات الدولية فهناك ۱۲ مليون فتاة في جميع أنحاء العالم يتزوجن قبل بلوغهن سن ١٨ عام سنوياً، وتحتل مصر واليمن معدلات مرتفعة في المنطقة العربية والشرق الأوسط في تزويج القاصرات .

وتشير المؤشرات إلى ارتفاع نسب تزويج القاصرات منذ بداية أزمة كوفيد ۱۹ (كورونا)، حيث تدفع الظروف الاقتصادية والعوز بشكل أساسي الأسر للتخلص من بناتهن1.

ونظراً لتفشي هذه الظاهرة في المجتمع المصري، وتأثيرها الذي يمتد للنواحي الاجتماعية والاقتصادية والصحية والنفسية في المجتمع، تحاول هذه الورقة عرض أبرز مسببات مشكلة الزواج المبكرتزويج القاصراتفي مصر، واقتراح عدد من التوصيات للتصدي لها والسيطرة عليها، كما تتطرق الورقة للمحاولات التشريعية المختلفة منذ ۲۰۱۷ لتجريم الظاهرة.

وتتناول الورقة عدد من المحاور التي تحاول تعريف ظاهرة تزويج القاصراتوأسبابها، وموقف المشرع منها، في مقابل الوقائع التي تفرضها هذه الظاهرة على الأرض، ونتائجها المنعكسة على المجتمع والدولة, وتقييم الإستراتيجية القومية لمناهضة الزواج المبكر ۲۰۱5 إلى ۲۰۲۰, كما تحاول في النهاية عرض عدد من التوصيات التي تساعد في مكافحة هذه الظاهرة داخل المجتمع المصري.

تعریف تزويج الأطفال (طفل / ة)

عرفت هيئة اليونسيف الدولية2 زواج الأطفال على أنه أي زواج رسمي أو أي ارتباط غير رسمي بين طفل تحت سن ١٨ عاماً وشخص بالغ أو طفل آخر.

وعرفت اتفاقية حقوق الطفل 3 الصادرة في نوفمبر ۱۹۸۹ الطفل على أنه كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه، أما الزواج فيشترط فيه توافر الرضائية والإرادة الحرة والأهلية للطرفان وهو مالا يتوافر في حالة زواج القاصر“.

ومن الشائع في اللغة العربية استخدام مصطلح (الزواج المبكر) للتعبير عن مشكلة تزويج القاصرات کمرادف لها، ولكن اختيار هذا اللفظ تسبب في شيوع مفهوم خاطئ أن المقصود بزواج المبكر هو زواج شاب أو فتاة ما بين ۱۸ و ۲۰ عام، في حين أن المقصود هم الأطفال أقل من ١٨ عام، لذا يفضل استخدام مصطلح تزويج4 القاصر / ات.

أسباب إنتشار ظاهرة تزويج القاصرات :

  • دينية : تعتبر من أهم عوامل انتشار هذه العادة خاصة في مجتمعات التي يغلب عليها الطابع القبلي أو الريفي، حيث يسود مصطلحات مثل السترةو العفةوالتي تحث في معناها الشائع لدى هذه المجتمعات على الإسراع في الزواج خاصة للفتيات، يُعضد ذلك عدد من الفتاوى الصادرة من رجال دين أن الفتاة بعد أن تأتيها الدورة الشهرية أو أن تكوينها الجسدي أكبر مقارنة بأقرانها في نفس السن تتحول بين عشية ليلة إلى إمرأة تتحمل العلاقة الجنسية!

  • أعراف وتقاليد:

وتعتبر امتداد للنقطة السابقة، حيث يسود في المجتمع المصري مصطلحات تشكل هاجس مثل الحفاظ على الشرفو عذرية الفتياتحتى تحولت هذه العبارات لمقدسات مجتمعية غير قابلة للكسر أو النقاش، وتنتشر العديد من الخرافات عن السلوك الجنسي للفتيات إذا تخطين سن العشرينات دون زواج، ويدفع ذلك الأسر لمحاولة التخلص من فتياتها مبكراً بتزويجهن للسيطرة على حياتهن الجنسية, ومنع الفضائح من ملاحقة الأسرة.

كما ينظر الكثيرون لوجود فتيات في الأسرة على أنه عبء يجب التخلص منه، ويرجع ذلك لفكرة تفضيل الذكور عن الإناث، فيُستثمر في تربية الذكور ويفضلوا في الطعام والتعليم والتربية والاهتمام عن الإناث.

  • إقتصادية : يقف الفقر وفقدان الغطاء التأميني والمالي على قدم المساواة مع الأسباب الدينية والأعراف والتقاليد كأسباب مباشرة لظاهرة تزويج القاصرات, فأغلب السكان في المناطق الريف والصعيد يعملون في أعمال يدوية ومصانع ويحصلون على أجرهم بشكل يومي، يبدأ العمل في هذه المهن من سن صغير للغاية ومع تقدمهم في العمر وتدهور صحتهم نتيجة للعمل الشاق المتواصل وقلة الرعاية الصحية وعدم وجود تعويضات أو معاشات لهم يدفع ذلك الآباء في هذه المناطق الي تزويج بناتهن مبكراً خوفاً من تركه للعمل أو فقدانه صحته وبالتالي يفقد دخله المادي الذي يمكنه من تلبية متطلبات الزواج، كما تنتشر في مصر ظاهرة تزويج الطفلات من أثرياءلفترات زمنية قصيرة للغاية مقابل حصول أسرة الفتاة على مقابل مادي كبير, مما تسبب في وجود شبكات و بيزنسقائم على هذه الفكرة، وقد تتزوج الفتاة أكثر من رجل بهذه الشروط خلال فترات زمنية قصيرة.

الإطار التشريعي لجريمة تزويج القاصرات في مصر

الإطار الدستوري:

يشتبك الدستور المصري الصادر في عام ٢٠١٤ بشكل غير مباشر مع قضية تزويج القاصرات، حيث نص في المادة ٨٠ على ( يعد طفلاً كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، ولكل طفل الحق في اسم وأوراق ثبوتية، وتلتزم الدولة برعاية الطفل وحمايته من جميع أشكال العنف والإساءة وسوء المعاملة والاستغلال الجنسي1

وبالتالي وضع الدستور إطار عام جرم فيه بشكل غير مباشر تزويج القاصراتباعتباره شكل من أشكال الاستغلال الجنسي والعنف .

الإطار القانوني لتجريم تزويج القاصرات “:

أخد المشرع المصري يتدرج في تحديد سن محدد الزواج في مصر سواء للإناث أو الذكور فترة تقارب ٩٠ عام، ويمكن تلخيص المسيرة القانونية لتحديد سن الزواج بشكل عام في مصر في عدة نقاط :

قانون الأحوال الشخصية رقم 25 لسنة ۱۹۲۰، لم يرد فيه تحديد من الزواج.

قانون الأحوال الشخصية رقم ٢٥ لسنة ،۱۹۲۹، لم يرد فيه تحديد سن الزواج.

قانون لائحة ترتيب المحاكم الشرعية رقم ۷۸ لسنة ۱۹۳۱ ، لم يرد فيه تحديد من الزواج ولكن نص على أنه لا ترفع دعوى أمام المحكمة5 حال أن كان سن الزوجة أقل من ١٦ عام وسن زوج أقل من ١٨ عام.

قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في الأحوال الشخصية رقم 1 لسنة ٢٠٠٠، لم بيرد فيه تحديد سن الزواج.

تعديلات القانون السابق رقم ٩٢ لسنة ٢٠٠٠, بود تحديد لسن الزواج أيضاً.

تعديلات قانون الطفل رقم ١٢٦ لسنة ۲۰۰٨, نص صراحة على عدم جواز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ ثمانية عشر عاماً من الجنسين.

نص قانون العقوبات المصري في المادة ۲۷۷ على معاقبة من يزور أوراق رسمية لإتمام زواج لم يبلغ أحد أطرافه السن القانوني بالحبس الذي لا يتجاوز عامان وغرامة لا تزيد عن ٣٠٠ جنية مصري6.

التزامات مصر الدولية لمكافحة جريمة ترويج القاصرات“:

تلتزم الحكومة المصرية بعدد من الاتفاقيات الدولية لمناهضة تزويج القاصرات, منها على سبيل المثال:

اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة1 الصادرة في سبتمبر ١٩٨١

اتفاقية حقوق الطفل1 الصادرة في توفمبر ۱۹۸۹.

واقع تزويج القاصراتفي مصر :

على الرغم من تواتر التعديلات خلال العقدين الأخيرين لتشديد العقوبات للسيطرة على تزويج القاصراتفي مصر، إلا أنها لم تستطع السيطرة على هذه الظاهرة, ولجأت الأسر لما يعرف باسم (زواج السُنة) وهو زواج عرفي غير مسجل يتم على يد المأذون أو شيخ / القرية المنطقة، حيث يتوافر فيه شروط الإشهار والعلانية.

وفي كثير من الحالات يحصل المأذون على شيكات أو كمبيالات من ولي أمر الفتاة والزوج، لتهديدهم بها حال الإبلاغ عنه، كما يحصل ولي الأمر على شيكات أو كمبيالات من الزوج يستردها الأخير فور تسجيل العقد بشكل رسمي.

وهناك طريق آخر وهو التحايل على القانون بإصدار شهادات ميلاد للفتيات تحت إدعاء (التسنين) وإعطائها عمر يتجاوز الثامنة عشر.

أما عن الأرقام والإحصائيات، فقد كشف تقرير التنمية البشرية لعام ٢٠٢١, أن هناك 111 ألفًا من الإناث في مصر تزوجن قبل السن القانونية, وأن 11% من الإناث في العمر ١٥ إلى ١٩ سنة متزوجات، بالإضافة إلى أن هناك نحو ٥٤٧٢ فتاة أقل من ١٨ سنة عقد قرانهن7.

وطبقًا لدراسة أعدها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء فهناك ۱۱۷ ألف طفل في الفئة العمرية من ١٠ إلى ١٧ عامًا متزوجون أو سبق لهم الزواج، في حين أعلن المجلس القومي للمرأة في أغسطس ۲۰۱۹ أن نسبة تزويج القاصرات في الفئة العمرية من ١٥ إلى ۱۹ عام بلغت 14.4%8.

كما كشف تقرير آخر صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء صادر في ۲۰۱۸ أن هناك حوالي 139.760 ألف إمرأة وثقت عقد زواجها العرفي من إجمالي 887.3 ألف توثيق زواج خلال هذا العام9.

وتتضارب التقارير التي تحدد المحافظات ذات النسبة الأعلى في تزويج القاصرات فتارة تضع الصعيد أعلى القائمة 10، وتارة أخرى تحدد محافظات مثل البحيرة والفيوم والدقهلية والجيزة والشرقية11 ، مما يدل اعلى على عدم وجود إحصائية دقيقة حول معدلات تزويج القاصرات في مصر.

أما عن الجهات المشرعة في مصر، فهناك عدد من المقترحات التشريعية المقدمة سواء من نواب أو الحكومة لتجريم تزويج القاصرات قدمت بالفصول التشريعية منذ ۲۰۱۷ ولكنها لم تمرر, كما نجد من وقت لآخر مقترحات تشريعية صادمة الهدف منها تعديل القانون بتخفيض سن الزواج عن ثمانية عشر عام, أبرزها التعديلات التي أعدها الأزهر الشريف على قانون الأحوال الشخصية12 في ۲۰۱۹، وخلال عام ۲۰۱۷ تقدم أحد نواب مجلس الشعب بمقترح تخفيض سن الزواج إلى ١٦ عام، وعارضت منظمات المجتمع المدني هذه المقترحات صراحةً وأجهضتها.

وعلى الجانب الأخر أصدرت المحكمة الإدارية العليا المصرية في يناير ۲۰۲۰ قرارها بفصل أحد أئمة المساجد بمحافظة الغربية لثبات قيامه بتزويج قاصرات عرفيًا، ولم تتوافر معلومات عن أحكام أخرى صدرت في هذا الشأن.

مجلس النواب المصري ومحاولات تمرير قانون لتجريم تزويج القُصر خلال الفترة من (۲۰۱۷ ۲۰۲۱):

في ۲۱ مارس ۲۰۲۱ خلال احتفالية عيد الأم أبدى الرئيس عبد الفتاح السيسي في كلمته استيائه الشديد من تفشي ظاهرة تزويج القصر في مصر ووجه مجلس النواب إلى سرعة اتخاذ الإجراءات لإصدار قانون منع زواج القاصرات, مما أعاد أهمية وجود تشريع منفصل لهذه الجريمة مؤقتًا للواجهة، ومن غير الواضح الأسباب التي تقف أمام مجلس النواب المصري لإقرار هذا القانون على الرغم من تكرار دخوله للمناقشات أكثر من مره في أدوار انعقاد وفصول تشريعية مختلفة التشكيل والتكوين النيابي, وخلال هذه السطور نحاول تتبع مسار مشروعات القوانين التي قدمت للمجلس خلال الفترة من ( ۲۰۱۷ – 2021) :

  • 2017: تقدمت النائبة عبلة الهواري بمشروع قانون يجرم زواج القاصرات، وأبرز بنوده هي سحب الولاية من الأب حال إكراهه لإبنته على زواج قبل بلوغها ۱۸ عامًا، وفرض عقوبات على موثق الزيجة، ولم يمرر المجلس القانون13.

  • ۲۰۱۸: تقدم النائب محمد العقاد بمشروع قانون آخر يُغلظ العقوبات على المتورطين في زواج قاصر لتصبح الحبس من ٥ إلى ١٠ سنوات, أو الغرامة التي تتراوح بين ۱۰ آلاف و ١٠٠ ألف جنيهًا مصريًا، أو العقوبتين معًا، ولم يمرر المجلس القانون ١٤ .

  • ۲۰۱۸: كما تقدمت وزارة العدل بمشروع قانون يعاقب بالسجن لأكثر من ٧ سنوات بالإضافة لإقرار غرامة للمتورطين في زواج قاصر، وأحيل إلى رئاسة الوزراء التي أحالته لمجلس النواب، ولم يمرر المجلس القانون15.

  • ۲۰۱۹ : تقدم مجلس القومي للمرأة بقانون بعنوان (مكافحة زواج القاصرات) إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب ولم يمرر المجلس القانون16.

  • ۲۰۱۹ : أجل المجلس في ديسمبر ۲۰۱۹ مناقشة قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع تعديل القانون رقم ١٤٣ لسنة ۱۹۹٤ أحوال مدنية المعروف بقانون (منع زواج الأطفال)17.

  • *۲۰۲۰ : أجل المجلس في يناير ۲۰۲۱ مناقشة رئيس مجلس الوزراء بمشروع تعديل القانون رقم ١٤٣ لسنة ١٩٩٤ أحوال مدنية المعروف بقانون (منع زواج الأطفال), لاستطلاع رأي الأزهر18 .

  • ۲۰۲۱ تقدم النائب أحمد بلال البرلسي بمشروع قانون أتي مكونًا من (۱۱) بالإضافة لمذكرة تفسيرية تتضمن الدعائم التشريعية والدستورية التي تبرر لضرورات العمل على إصدار مشروع القانون وتبين للأثر المجتمعي الايجابي لإصداره (۲ أكتوبر ۲۰۲۱)

  • ۲۰۲۱ : تقدمت النائبة إيناس عبد الحليم بمشروع قانون بعدم جواز توثيق عقد زواج لمن لم يبلغ ۱۸ عامًا، وتغليظ العقوبة إذا صاحب الجريمة تزوير في محررات رسمية، ولم يناقش المشروع إلى (۱۱ أكتوبر ۲۰۲۱).

  • تقييم الاستراتيجية القومية لمناهضة الزواج المبكر في مصر ۲۰۱5 إلى ۲۰۲۰ 19

أعلنت في يونيو ۲۰۱٤، والهدف الرئيسي منها هو خفض معدلات الزواج المبكر خلال ٥ سنوات، في الفترة من ۲۰۱5 إلى ۲۰۲۰ ، وتضمنت ٦ محاور هي كسب التأييد, دعم جهود الجهات البحثية, التوعية, تعديل القانون وتفعيل قوانين الحماية, الدعم, التوجه التموي.

وبعد مرور ٦ سنوات على إطلاق هذه الاستراتيجية نستطيع الجزم بأنها لم تحقيق الهدف المرجو منها بخفض معدلات تزويج القاصرات، ويرجع ذلك لغياب آليات متابعة وتقييم واضحة، وندرة التقارير الصادرة من المجلس القومي للسكان والتي توضح الجهود المبذولة لتنفيذ هذه الاستراتيجية من قبل الجهات المعنية، مما يصعب عملية تقييم هذه المحاور والوقوف على جدواها, ولكن بالنظر لمعدلات زواج القاصرات المعلنة في مصر نجد أن هذه الاستراتيجية لم تقدم جديد على أرض الواقع في محاور كسب التأييد ودعم جهود الجهات البحثية وتعديل القوانين, أما فيما يخص محور الحماية فنجد أنه المحور الوحيد الذى يمكن أن نعول عليه لما يقدمه خط نجدة الطفل والخط الساخن بالمجلس القومي للمرأةمن استجابة للحالات المبلغ عنها والاشتباك معها بالمنع وأخذ التعهدات على ولى الأمر إذ بلغ إجمالي عدد البلاغات عن زواج الأطفال خلال عام 2018 / 2019 نحو ٦٩٦ بلاغًا، إلا أنه لا يتوافر أي بيانات حول متابعة الحالات المبلغ عنها لعدم تعرضها للإجبار أو العنف بالتزويج المبكر مرة أخرى.

  • الأضرار الناتجة عن تزويج القاصرات:

  • مشكلات قانونية:

عدم توثيق عقد الزواج لدى الجهات المختصة يؤدي إلى العديد من المشاكل وأهمها:

١ رفض الزوج توثيق عقد الزواج عند بلوغ زوجته القاصر السن القانونية.

2- في حالات الطلاق قبل توثيق عقد الزواج يسقط كل حقوق الزوجة التي يكفلها لها القانون.

3- امتناع الجهات الحكومية عن إصدار شهادات ميلاد للأطفال الناتجة عن هذه الزيجة قبل توثيق عقد الزواج، وبالتالي يحرم الطفل من شهادة ميلاد والحصول على تطعيمات الصحية المقررة، وبالتالي يؤثر ذلك سلبيًا على صحته.

  • مشكلات صحية:

1- تواجه الفتيات في هذا السن الصغير صعوبة في الحصول على معلومات تتعلق بالصحة الإنجابية ووسائل منع الحمل، فطبقًا لمنظمة الصحة العالمية 20 تزداد فرص الإجهاض في حالة زواج القاصرات بشكل كبير لعدم اكتمال الجهاز التناسلي أو لضعف بنيتهم الجسدية، وبعد ذلك سبب رئيسي في وفاة الفتيات في الفئة العمرية من ١٥ ١٩ عامًا.

٢ كما تزداد فرص الولادة المبكرة, أو ولادة أجنة غير مكتملة 21 أو بإعاقات مختلفة ، بجانب حدوث مضاعفات صحية خطيرة للأم يصعب تداركها مثل هشاشة العظام وفقر الدم والضعف العام، بالإضافة لعدم إدراك الفتيات في سن صغيرة لماهية العلاقات الجنسية، والتي قد تؤدي في هذه السن الصغير إلى حدوث نزيف وتهتكات في الأعضاء التناسلية.

3- عدم نضوج الفتاة جنسيًا يؤدي لعزوفها عن العلاقة الزوجية وبالتالي تتعرض نسبة كبيرة منهم لعنف جسدي سواء ضرب أو اغتصاب زوجي.

  • مشكلات نفسية:

عادة تكون المشكلات النفسية أشد وطأة من المشكلات الصحية فمسئولية الزواج التي تتحملها فتاة في سن صغيرة تشكل صدمة لها، حيث تنتقل من مرحلة الطفولة أو المراهقة المبكرة إلى مرحلة الزوجة والأم في لمح البصر، ويؤدي ذلك لظهور عدد من الأمراض النفسية مثل الاكتتاب, الوسواس القهري، فصام الشخصية, اضطرابات ثنائية قطبية, الانتحار22.

  • مشكلات اجتماعية:

ينتج عن زواج القاصرات العديد من المشكلات الاجتماعية المعقدة، مثل:

1- تسرب الفتيات من التعليم، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن حوالي ٤٠% من المتسربين / ات من التعليم يكون بسبب زواجهم، وبالطبع النسبة الأكبر منهم فتيات.

2- الزيادة السكانية حيث تستقبل مصر ما بين ۲۰۰ و ٥۰۰ ألف طفل سنويًا نتيجة زواج القاصرات طبقًا لتصريحات وزارة الصحة المصرية، ونسبة منهم خارج النظام الصحي والتعليمي في مصر23، وذلك يشكل ضغط على موارد الدولة ويزيد من أعباء الفقر، وتسرب هؤلاء الأطفال من تعليم لينضموا لعمالة الأطفال“.

3- سوء الوضع الاقتصادي للمتزوجات القصر، حيث ترضخ نسبة كبيرة من الفتيات المتسربات من التعليم أو الأميات للعنف الممارس من الزوج أو الأسرة حيث لا يوجد مصدر دخل وعائل لها يساعدها على البعد عن شخص المعنف لها. ومن الملاحظ أن تعليم الفتيات وتمكينهن الاقتصادي يقلل من معدلات إنجاب الأطفال، مما يساهم في رفع مستوى الرعاية التي يحصلون عليها، بجانب رفع دخل الأسرة المعيشي .

٤ ارتفاع معدلات العنف الأسري.

مقترحات للتعامل مع ظاهرة تزويج القاصرات“:

أثبتت التجربة أن مكافحة الظواهر الاجتماعية المتجذرة في المجتمعات التي يغلب عليها الأمية، تحتاج لتضافر جهود أطراف متعددة داخل الدولة، وأن تسير الجهود من مختلف الجهات بشكل متوازي لي تتحقق النتائج المرجوة من السيطرة على ظاهرة كتزويج القاصرات، والتعامل مع نتائجها السلبية على مدار السنوات السابقة.

  • إصلاحات تشريعية:

١يجب تعديل المادة ۲۲۷ من قانون العقوبات المصري بتشديد العقوبة المقررة على من يقوم بتسهيل الحصول على أوراق مزورة لإتمام عقد زواج قاصر، فالعقوبة الحالية هزيلة للغاية, فالحبس عامان وغرامة ثلاثمائة جنيهًا لا تتناسب مع فداحة المساهمة في جريمة تهدد استقرار المجتمع.

٢ إضافة عقوبات قانونية تضم أولياء الأمور والأوصياء على القاصر، حال قيامهم بتزويجهم قبل السن القانوني.

3- إضافة عقوبات قانونية تضم الشهود على عقود الزواج العرفية لتزويج القُصر.

4- تعديل قانون الأحوال المدنية رقم ١٤ لسنة ١٩٩٤ والذي نص على معاقبة من يوثق زواجًا لقاصر أقل من ١٨ عامًا بعقاب إداري فقط.

5- إصدار قانون يفعل المادة (۱۹) من الدستور المصري، حيث تُقر بالزامية التعليم المجاني إلى المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وإقرار عقوبة لأولياء الأمور حال منع بناتهن أو أبنائهن من استكمال التعليم.

* إصلاحات إدارية:

1- يجب على وزارة العدل التشديد في تعيين المآذيين وتقديم دورات تدريبية مستمرة لهم عن مخاطر إتمام تزويج القاصر / ات، حيث أن عدد ليس بقليل منهم متورط في تفشي هذه الظاهرة متحججًا بموافقة أولياء الأمور.

٢.-تشكيل لجنة بمديريات الصحة بمراكز المحافظات منوط بها إصدار شهادات ميلاد للفتيات الآتي لم يستخرج لهن شهادات ميلاد نهائيًا، وذلك بعد إجراء كشف طبي وظاهري على الفتيات.

٣ربط الأسر المستفيدة من مشروع تكافل وكرامة بشروط لمنع زواج بناتهن قبل إتمام ۱۸ عامًا أسوة بالربط الحاصل بين المشروع وإتمام التعليم وعدم التسرب منه.

  • دعم وتوعية:

١إفساح المجال لمؤسسات المجتمع المدني بعمل حملات توعية وندوات، خاصة في القرى والنجوع.

٢إهتمام المؤسسات الدينية بالخطب والعظات التي تدحض الخرافات الدينية والمجتمعية المنتشرة عن تزويج القاصرات, وعقاب كل من يدعو منهم لذلك.

3- زيادة حملات التوعية في مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والإلكترونية عن الخط الساخن ١٦٠٠٠ التابع لمجلس الأمومة والطفولة والخط الساخن للمجلس القومي للمرأة ١٥١١٥ للإبلاغ عن حالات تزويج القاصرات.

٤دعم المجالس المعنية بالأمر كالمجلس القومي للمرأة ومجلس الأمومة والطفولة للحالات التي تعرضت للزواج قبل السن

1-المصدر:

https://www.bbc.com/arabic/world -54373387

2-المصدر: https://uni.cf/3bFGuEL

3- نص اتفاقية حقوق الطفل الدولية: https://uni. cf/3f9c2VD

4- استخدام كلمة (تزويج القاصرات) بديلة عن (زواج القاصرات ) حيث تنعدم إرادة الفتاة في هذه الحالة وتتحول لمفعول به مسلوب الإرادة وليس فاعل، وبالتالي فإن بناء الجملة للمجهول هو الأنسب لغوياً.

5- طبقاً للمادة 90 من مرسوم ترتيب المحاكم الشرعية في مصر (لا تسمع دعوى الزوجية إذا كانت سن الزوجة تقل عن ١٦ سنة وسن الزوج يقل عن ١٨ سنة إلا بأمر منا (، هذا يعتبر تقنين لنظر الدعاوى فقط ولكن لا يترتب على هذا القانون بطلان عقد الزواج بأي شكل من الأشكال.

6- نص المادة ٢٢٧ من قانون العقوبات المصري ( يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز سنتين أو بغرامة لا تزيد على ثلاثمائة جنيه كل من أبدى أمام السلطة المختصة بقصد إثبات بلوغ أحد الزوجين السن المحددة قانونًا لضبط عقد الزواج أقوالاً يعلم أنها غير صحيحة أو حرر أو قدم لها أوراقًا كذلك متى ضبط عقد الزواج على أساس هذه الأقوال أو الأوراق. ويعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على خمسمائة جنيه كل شخص خوله القانون سلطة ضبط عقد الزواج وهو يعلم أن أحد طرفيه لم يبلغ السن المحددة في القانون

7- تقرير التنمية البشرية مصر ۲۰۲۱ الباب الرابع

https://www.eg.undp.org/content/egypt/ar/home/library/human development/eg ypt-human-development-report-2021.html?cq ck=1630334436224

8- المصدر https://bit.ly/3wiZv7m

9- المصدر https://bit.ly/3vbi022

10- المصدر https://bit.ly/3u6fqEv

11- المصدر https://bit.ly/2QDOs9Z

12- المصدر : https://gate.ahram.org.eg/News/2324410.aspx

۱۳ المصدر : https://bit.ly/2YHxmMm

14- المصدر: https://www.albawabhnews.com/3361955

15- المصدر : https://bit.ly/30aoxLD

16- المصدر: موقع المجلس القومي للمرأة https://bit.ly/3la9fkj

17- المصدر: https://bit.ly/3mBgYYO

18- المصدر : https://www.elwatannews.com/news/details/4526228

19- للاطلاع على نص الاستراتيجية لمناهضة الزواج المبكر: https://bit.ly/3v5FtOi

20- للإطلاع على التقرير https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/24682/B130 12- ar.pdf?sequence=1&isAllowed=y

21- طبقًا لوزارة الصحة المصرية في بيان لها عام ۲۰۱۷ فيتوفى ٣% من الأطفال التي تنجبهم أمهات قصُر, بعد شهر واحد من ولادتهم.

22- طبقًا لمرصد العلف القائم على النوع الاجتماعي خلال عام ۲۰۲۰ انتحرت في مصر ٥٤ فتاة وسيدة، وقد ذكرت بعض المصادر أن انتحارهن لأسباب نفسية نتيجة للعنف الأسري، للاطلاع على التقرير من خلال الرابط : shorturl.at/gEN48

۲۳ – المصدر: https://bit.ly/3v9kqtR

شارك:

اصدارات متعلقة

الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي