التأمين والرعاية الاجتماعية للنساء العربيات(*)

يتطرق هذا البحث إلى أهمية الأسرة فيما تقدمه لكل من الرجال والنساء– وعلى الوجه الأهـم الأطفال– من أمـان اجتماعي، وحماية من المخاطر. إن قيمة التبادل التفاعلي للحقوق والالتزامات هو ضرورة، خاصة فيما يتعلق بتوفير الأمان، والضمان.. وعليه، يقدم هذا التقرير اتجاهات ديموغرافية واجتماعية مختلفة؛ تلك الاتجاهات التي تضع أعدادًا متزايدة من النساء خارج المنطقة الآمنة التي من المفروض أن توفرها الأسرة. يقدم التقرير هذه الاتجاهات باعتبارها حقائق، وليست اختلافات من صنع الخيال؛ وعلى هذا الأساس يقترح استمتاع النساء بمواطنة اجتماعية كاملة، لا تعوقها أية عوائق مذهبية، أو تشوبها أية مخاوف عن تفسخ الأسرة؛ وتأتى هذه الاقتراحات باعتبارها الوسيلة التي يمكن للنساء– عن طريقها– تحقيق احتياجاتهن من الأمان الاجتماعي؛ وهي الاقتراحات التي تلزم الدولة– أكثر من الأسرة نفسها– بتوفير ما تستحقه النساء من رفاهية. ويقوم هذا الاقتراح على المعتقد الثابت بأن حقوق المواطنة الكاملة هي حق يحرر النساء، ويمكنهن من الحفاظ بشكل أفضل على الأسرة. ويعتبر هذا التقرير المقولة بأن تحرير المرأة يعني تفسخ الأسرة، مقولة مهينة، تقلل من احترام النساء العربيات، حيث إن وجهة النظر هذه تتجاهل أصوات النساء وتنتحل صبغة أو نموذجاً غربيا للتنمية.

 

تغيرت أوضاع النساء العربيات خلال العقد الماضي؛ وهو الأمر الذي يتطلب مناالآن معرفة اتجاهات هذا التغيير، واستشراف مضمونه، لقد احتفلت النساء الكويتيات في سبتمبر ٢٠٠٣ بإنجازاتهن في مجال التعليم الذي سجل ارتفاع عدد النساء المسجلات في التعليم العالي بنسبة 30% عن نسبة الرجال (الوسط ۲۰۰۳). كما تتنفس النساء المصريات الصعداء ارتياحا بعد طول انتظار؛ ويرجع هذا الارتياح إلى التغير المحتمل في مسألة الجنسية المصرية، على عكس القانون الحالي الذي يسمح بمنح الجنسية للأطفال من جهة الأب فقط. وقد تضمنت انتخابات مجلس الشورى في سلطنة عمان 16 مرشحة من الإناث، كما تم خفض سن التصويت من 30 سنة إلى ٢١ سنة؛ وهو الأمر الذي شمل النساء وضمن حق التصويت للشباب.

وفي يناير ٢٠٠٤، تبنى مجلس الشيوخ المغربي بالإجماع مجموعة قوانين جديدة خاصة بالأسرة لتحل محل المدونة الحالية(1). وقد جاء هذا التغيير بعد نضال دام عقوداً طويلة، خاضته الناشطات النسويات. ترفع القوانين الجديدة سن الزواج للنساء إلى 18 سنة، وتقيد تعدد الزوجات، وتنص على أن الطلاق يتم في المحاكم فقط؛ وهي كلها أمور من شأنها تقليص الامتياز الذي يتمتع به الرجال في طلاق النساء اللفظي أو الشفهي. والأكثر أهمية أن هذه القوانين تفر بحقوق وواجبات متساوية في الحياة الاجتماعية، والأسرية؛ مما يعني الاعتراف بالمساواة الكاملة للنساء داخل الأسرة، وفي إطار العلاقات الزوجية.

هناك إنجازات تعليمية كبيرة في كل من البحرين وقطر، الناتجة عن جهود النساء؛ وقد أثمرت عن تأسيس المجلس القومى للمرأة والطفل، الذي يقر بأهمية المساواة، والمواطنة، والمشاركة العامة في الحياة السياسية، وفي الاقتصاد، وفى الحقوق الاجتماعية. تتحرك معظم الحكومات العربية في اتجاه إزالة العراقيل الهيكلية لتعزيز ودفع أوضاع النساء.

يجب النظر إلى القضايا المتعلقة بالأمان الاجتماعي للنساء العربيات في ضوء هذه التغيرات، وإعادة صياغتهـا لتستطيع مواجهة القضايا التي تنشأ بصددها. تعرف منظمة العمل الدولية الأمان الاجتماعي على أنه الحماية التي يمنحها المجتمع للمواطنين في مواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. مـا التهديدات المستمرة التي تواجـه الأمان الاجتماعي، وكيف يمكن للمجتمعات العربية أن تستثمر المكاسب الحالية ؟ يتأمل هذا الفصل تعاظم وتأثير التغيرات البيئية المادية، والاقتصادية، والاجتماعية، التي تواجه الأمان الاجتماعي للنساء العربيات، وسوف تعنى الملاحظات التالية بهذه القضية.

1/1 العقبات التي تعترض التغيير:

في حين تتم مواجهة المعوقات الأساسية– مثل القوانين والممارسات التي تميز ضد المرأة– ويتم تغييرها من قبل الحكومات والمشرعين، إلا أن هناك ما يشير إلى وجود أصوات، وجماعات، وحركات شعبية رجعية، تقف ضد التغيير التقدمي. ففي مصر، حاول ممثلو الشعب الاعتراض على حق النساء في الطلاق، وعلى حقهن في حرية السفر؛ كما اقترع الليبراليون في الكويت ضد اشتراك النساء في الانتخاب الحر للهيئة التشريعية، وفي المغرب،برغم التصويت بالإجماع مع قانون الأسرة الجديد– إلا أن المعارضة تشكك في شرعيته بحجة تعارضه مع الشريعة الإسلامية(2). فهل يمكن أن يتعلق الأمر بعدم وجود هياكل سلطة رسمية أكثر تقدمية فيما يخص قضايا المرأة ؟

تبدو الحركات النسائية في العالم العربي مشتتة، وضئيلة، وبعيدة عن امتلاك برنامج عمل، أو جدول أعمال، من أجل تدعيم حقوق النساء الاجتماعية. الكثير من النساء اللاتي يعشن وضعا اجتماعيا وماديا جيدا، يخترن العزلة الاجتماعية، بفصل أنفسهن، وعدم العمل، وإعطاء الأولوية لأدوراهن الإنجابية. وعلى الجانب الآخر، هناك ملايين من النساء الفقيرات اللاتي يعانين من التهميش الاجتماعي بسبب الإفقار، ويكابـدن في أسواق العمل، ويرزحن تحت الأعباء الثقيلة لرعاية الطفل، والأعمال المنزلية، وكسب الدخل، ويعانين من التمييز على مستوى الأسرة والمجتمع. هل هناك إمكانية أمام وجود حركة لتوحيد الإرادة، والرغبات والاحتياجات لمثل هذا القطاع المتنوع من السكان؟

إن أهمية الأسرة، والنسب، والقرابة، في الحياة الاجتماعية والثقافية عند العربوأولئك الذين يعيشون في العالم العربي– مسألة تحتل مرتبة سامية وعليا. تبرز الأسرة في كل جانب من جوانب الهوية العربية، وتؤثر على عديد من الاختيارات الحياتية للعرب: كيف نعيش، وكيف نتزوج، ومتى نصوت، ومتى نعمل، وما سبب قيامنا بكل هذه الأشياء. من المؤكد أن هذا التأثير محسوس لدى الجميع، ولكنه يكون محسوسا عادة أكثر لدى النساء. فإن الصراع الذي يوجد بين الفرد وعائلته– أو عائلتها– يولد ضغوطا محددة، تتفاقم مع محاولات التحرك نحو العصرية. يثمن العرب أسرهم، ويرفعونها إلى مرتبة الأداة التي تضمن لهم البقاء والاستمرارية. فالفلسطينيون ينجحون في الشتات بسبب دعم الأسرة، وما شابهها من آليات المساندة التعاضدية؛ ويتمكن فقراء الريف من البقاء على قيد الحياة في أنحاء العالم العربي بفضل أخلاقيات وأنماط الإنتاج والاستهلاك. لقد استطاع المهاجرين من شمال أفريقيا أن يستقدموا أسرهم عبر الحدود، ومن أجل التأكيد على هويتهم وإرادتهم في البلدان المضيفة تحت مسمى التماسك والتضامن. وقد تداعت فشلا جهود الحكومات الأوروبية– المسماة بإدماج المهاجرين– على مذبح العائلة، وكذلك مفاهيم النوع الاجتماعي، وغيرها من المعتقدات والأفكار السائدة؛ وقد قامت الأسر بدور العازل للإناث، ولكنها– في الوقت نفسه– مكنت العاملين من رعاية العاطلين عن العمل، وسمحت للمهاجرين بالاستثمار في مجتمعاتهم عبر تحويل الأموال من الخارج.

لقد مرت الأسر العربية عبر اضطرابات سكانية، واجتماعية؛ فقد كان للتحولات في معدلات الخصوبة، والزواج، وانخفاض معدلات الوفيات بين الأطفال، تأثيرات اجتماعية وسياسية عميقة. أما ما قيل– أو تم فعله– فيما يتعلق بالسياسات الاجتماعية والأسرية التي تؤكد على رفاهة الرجال والنساء حينما تمر حياتهم بتغييرات ديموغرافية عميقة، فهو أقل القليل. فهل لنا أن نسلم بالاستمرارية الاجتماعية والثقافية، حتى عندما تتغير أسسها الديموغرافية عن طريق الممارسات الاجتماعية ؟

كان يستند الأمـن الاجتماعي في العالم العربي على الوفرة المادية؛ وسجلت التحليلات أهمية النفط في التحولات التي حدثت فـي حـيـاة مـلايين العـرب (Courbage, 1998)، كما أثرت عوائد اقتصاديات النفط على السكان المحليين، وعلى الملايين من العمال المهاجرين إليها، والذين استطاعوا بدورهم أن يغيروا من نوعية حياة وثقافات المجتمعات التي أتوا منها.

إلا أن الأزمنة قد تغيرت، وتمر المنطقة حاليا بمرحلة الندرة. فالسلام، والاستقرار، وتوافر الوظائف، وثروات النفط، والمياه، أصبحت مقومات نادرة بشكل متنام. فكيف تؤثر هذه الحالة على الأمان الاجتماعي ؟ إن الجواب ليس واضحا؛ فالعقود الأخيرة قد أظهرت أن الندرة لـم تؤد إلى التنمية البشرية، بل قدمت القليل من أجـل أمان النساء الاجتماعي ورفاهيتهـن (برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ۲۰۰۲). إذن، أين يمكن وضع الاهتمام بمصالح المرأة على جدول أعمال عقد من الزمن شهد الحروب، والفقر، والاضطرابات للمجتمعات العربية ؟

يقوم هذا البحث بمناقشة المعنى الجديد للأمان الاجتماعي للنساء العربيات من خلال أخذ التحديات الديموغرافية، والاقتصادية التي تواجهها المرأة بعين الاعتبار، والتصدي لمفهوم الأسرة، والأيديولوجيات المحافظة على تحديد الأدوار الاجتماعية المبنية على أساس النوع.

تختلف البلدان العربية فيما بينها من حيث ظروفها المادية والتاريخية، لكن يتجانس العالم العربي بشكل ملحوظ في قيمه وثقافاته، ويتجانس أكثر عندما يتعلق الأمر بقضايا المرأة، والأسرة والأدوار الخاصة بالنوع. ويلاحظ هذا البحث أنه– إلى جانب وجود حركة متزايدة في كل مستويات التنمية الاجتماعية– هناك حاجة إلى بلورة تصور للقيود السياسية والفكرية– في سياق الأسرة– التي تعرض أمان النساء الاجتماعي لمخاطر مهلكة، والتي تشكل في بعض الأحيان عوائق محددةغالبا ما تكون غير مرئية– أمام النساء العربيات، وأمام إمكانية حصولهن على الإنصاف والتمكين.

لقد سبق ونوقشت مسألة مواطنة المرأة العربية في عدة إصدارات وندوات (Soseph 2000، Charad 2000، منتدى تنمية البحر المتوسط ۲۰۰۲،، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي– برنامج إدارة الحكم في المنطقة العربية)؛ وتستند مناقشتنا إلى توافر مساحة معرفية خصبة، وإلى النشاط، والإبداع الذي قدمه الباحثون والمبادرات المذكورة سابقا. إن المواطنة كهوية تمنحها المرأة لأبنائها، وكخاصية متعلقة بها تبرر وتقنن مشاركة النساء في المجال العام، تشكلان جبهتين حققت منهما عديد من الحكومات والنشطاء نتائج مبهرة. ولكن تبقى المواطنة– باعتبارها حقا مقدسا، غير مرهون بالنوع، أو النسبهدف غير متحقق. فمفهوم المواطنة يتألف من مكونين أساسيين: الحقوق ذاتها، ووسائط الحصول على هذه الحقوق. فالمساواة السياسية مكفولة دستوريا لكل من الرجال والنساء، وكذلك المواطنة السياسية الكاملة عن طريق الحق المتساوي في التصويت؛ غير أننا نجد النساء مواطنات على الورق فقط؛ وتظل عديد من حقوقهن الاجتماعية، ومن المزايا غير متاحة أمام النساء إلا عبر وسيط الأسرة.

1/2 الفرق بين التنمية والأمان:

يجمع مفهوم أمان الإنسان بين عناصر الضمان، والحقوق، والتنمية، ترى أمارتبا سين أن التنمية البشرية– كأسلوب للتعامل مع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية– قد تحولت من التركيز على الأشياء الجامدة (مثل السلع) إلى إثراء الحياة البشرية. وتعد هذه المقاربة «توسعية» بمعنى أنها تتمحور حول النمو والمكاسب الإيجابية. ويعنى الأمان توفير هذه المكاسب للناس، والإبقاء عليها خلال مراحـل تباطؤ النمو. يحمى الأمان الاجتماعي المواطنين من مخاطر تذبذبات التنمية، كما يلفت الانتباه إليها (Sen 1981: 8). إن الأمان الاجتماعي هو أحد مكونات الأمان الإنساني؛ ولا يعنى مجرد توفير الخدمات، والحقوق الأساسية للناس؛ ولكنه يؤمن لهم أيضا القدرة على الحصول على هذه الخدمات والحقوق. يذهب هذا الفصل إلى أبعد من مجرد تقييم الوضع البنيوي للنساء، ليشرح كيف تتمكن النساء من المطالبة بحقهن في الحصول على الخدمات والحقوق، وحمايتها، والنهوض بها على مدار دورة حياتهن.

من المفترض أن تقوم الأسرة في العالم العربي بتوفير الأمان الاجتماعي والرفاهة للنساء؛ فتحت مسمى الأسرة، والتقاليد التي استقينا منها مفهومنا عن الأسر، أبدت بعض الدول العربية تحفظاتها حول مواد متعددة من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة؛ وجرجروا خطاهم إذعانا للمبادرات الدولية التي تهدف إلى دعم وضع النساء. هل الأسرة العربية قادرة على قبول هذه الفرضية، وتوفير الأمان والرفاهية الاجتماعية لكل أعضائها بما فيهم النساء ؟ هل يمكن أن تصبح الأسرة شكل من أشكـال نظـام الرفاهة ؟

يُعرف مفهوم الرفاهة كما قدمه إسبنج– أندرسون (۱۹۹۰، ۱۹۹۹) بأنه ناتج لدور ومدخلات كل من الدولة، والأسرة، وأسواق العمل، في توفير أسباب العيش، والاحتياجات، والخير للأفراد في المجتمع (Bugra & Keyder ۲۰۰۳: ۱۲). وبالتالي، فالرفاهة هي العلاج للتهميش الاجتماعي؛ وفي حين أن المفهوم قد ارتبط بطريقة مباشرة بالخبرات التاريخية للغرب، برهن المحللون أن بلدان جنوب أوروبا وجنوب البحر المتوسطحيث الاعتماد بشدة على العلاقات الأسرية في توفير العمـل، والعون، والإعانة– تندرج ضمن النماذج الذاتية لنظام الرفاهة؛ وبينما لا تمثل الرفاهة قضية خاصة بالنوع الاجتماعي، تظل النسـاء– في حقيقة الأمر– أغلبية مـن الممكن أن نطلق عليهم المهمشين اجتماعيا في العالم العربي؛ وتبقى حقوق النساء الاجتماعية محكومة من جانب الأسرة في الواقع العملي.

لقد تمكن عديد من البلدان العربية– تاريخيا– في توفير الرفاهة للمواطنين من خلال الاستناد إلى آليات «خاصـة»، كالمؤسسات الخيرية، والدينية، والمنح الشخصية، والكرم، وما هو أهم من كل ذلك، إلى الأسرة المحترمة، والقوية. لقد قامت التحليلات الاجتماعية لقضايا النوع بدراسة وضع النساء داخل الأسرة؛ غير أنه يبقى إدراج هذا البعد في السياسات الاجتماعية. فأوضاع النساء العربيات في عام ٢٠٠٤ مسألة تتطلب التوقف، حيث لم يتم إلى الآن بلورة تعريف كافٍ للأمان الاجتماعي والرفاهة. من يستطيع توفير الأمان الاجتماعي للنساء خلال كامل دورة حياتهن ؟ إن التغيرات الاقتصادية تضع تحديات هائلة أمام المواطنين العرب في كل الدول العربية. وحينما يخفق الناس في تحقيق دخل مناسب، فإنهم لا يستطيعون التطلع إلى الأمان الاجتماعي.

وفي حين لا تتعلق الرفاهة بالنساء فقط، يظل أن أغلبية من يمكن تسميتهم بـ «المهمشين اجتماعيا» في العالم العربي هم من النساء. وعلى النساء التفاوض للحصول على حصة من نظام الرفاهة الأسرية، من خلال التخلى عن بعض حقوقهن الذاتية. قد تختار بعض النساء هذا المسلك، وهذا حق من حقوقهن؛ غير أنه لا ينبغي أن يتحول إلى فرض نابع من عدم قدرتهن على إيجاد موارد أخرى للأمان والرفاهة.

على الدول مواجهة واقع التغيير الاجتماعي، بدلا من الاختباء وراء فرضيات اجتماعية خاطئة. فقد تغيرات أمور كثيرة في ظل التغيرات الاقتصادية الجارية. وتعد صور الذكر المسئول الوحيد عن كسب العيش لأسرته إحدى الأفكار الخاطئة الموجودة. حيث يهدد هذا النموذج الأمان الاجتماعي والرفاهة، كما يعرض النساء والأطفال للخطر. وينطبق الأمر نفسه على الدول التي لديها سياسات اجتماعية توفر التأمين الصحي والاجتماعي لمن يحظون بوظائف رسمية، ولكنها تشمل بشكل أقل من هم في وظائف غير رسمية، أو مؤقتة، أو لمن يدخلون في علاقات إنتاج خارجة عن نطاق سوق العمل (القطاع غير الرسمي)؛ فتنطلق تلك الدول من مفهوم خاطئ ينتج عنه حرمان أكثر الفئات عوزا. كذلك هو الحال بالنسبة للدول التي تعتمد على الأسرة وعلى المبادرات الخاصة، لتوفير الدعم والرفاهة، والتصدي للمخاطر والصدمات؛ فهذه الدول تتجاهل الحدود والعقبات التي تفرضها وأعمال الخير للإبقاء على حياة الناس، ليس في إمكانها توفير الأمان الاجتماعي.

إن المستوى المتدني لمشاركة النساء في قوة العمل بطريقة تصور تصويرا قد تصل إلى حد «الخرافة» (لأن هذه المشاركة في الواقع غير منتظمة ولا يمكن قياسهـا) لا يعني أن النساء لا يعملن؛ فيقر كثير من المراقبين بأن النساء يعملن طيلة الوقت؛ فهن يعملن في الأسواق غير الرسمية، ويعملن لدى أسرهن، يعملن بلا توقف، وأحيانا كثيرة بلا مقابل؛ وغالبا ما يعملن دون أي تأمين اجتماعي سوى الإرادة الخبرة لمن يستخدمونهن أو يستخدمون عملهن. إن أشكال الأنظمة الإنتاجية المرنة التي تخلق إمكانيات كسب الدخل أمام النساء على المدى القصير، لا تدر أية مكاسب اجتماعية على المدى البعيد (Bugra 1997: 4-7). تعتمد النساء اللاتي يفقدن قدراتهن على الكسب على أفراد الأسرة من الذكور (أو غيرهـن من النساء) في توفير سبل الحياة لهن، وفي أوقات المرض أو كبر السن. وبالنظر إلى المستوى المنخفض لمشاركة الإناث في العمل في العالم العربي نطرح التساؤل حول كيفية تصنيف من يعملن في القطاع غير الرسمي. كم من الملايين يعتمدن على الرجـال (أو على نساء أخريات) قد يكن قادرات– أو غير قادرات– على العمل المربح، أو قادرات على الحصول على مكاسب الضمان الاجتماعي، وكم من ملايين غيرهن مرتبطات بعلاقات في سوق العمل السلبي، غير مضمون العائد، والذي قد يمدهن بدخل آني أو مؤقت ولكنه لا يستطيع أن يغطي المخاطر التي عادة ما تحدث ؟ هناك 32% فقط من نساء المنطقة مشاركات نشطات في قوة العمل حسب تقرير للبنك الدولي الذي صدر حديثاً وتناول قضايا النوع والتنمية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. إن المعدل المذكور هو أقل معدل على مستوى العالم مقارنة بنسبة 80% مناطق شرق آسيا والمحيط الهادي، و 70% في أوروبا وآسيا الوسطى، و 65% في منطقة ما تحت الصحراء الأفريقية. ويشير هذا المعدل إلى أن مظلة الضمان الاجتماعي إما غير موجودة أصلا بالنسبة للأغلبية العظمى من النساء، أو أنها تعتمد على عمل آخرين.

إن محدودية امتداد مظلة الضمان الاجتماعي لا يمثل فقط همًا اقتصاديًا، بل هو أيضًا مشكلة اجتماعية. هناك قصور في تعرّف ما إذا كانت الأسر قادرة على تغطية العجز في الضمان الاجتماعي، وكيف يكون ذلك. علاوة على ذلك، هناك حاجة لمناقشة أمينة ومباشرة لاحتياجات وأمـان النساء اللاتى لا يعملن، وغير المتزوجات، والعازبات، والمتقدمات في السن. ويتطلب منا الأمر أن نتساءل إذا ما كانت الأسرة قادرة على توفير الضمان أو الأمان الاجتماعي، وإذا كانت قادرة على ذلك لمن تفعل وبأي تكلفة.

ملمح آخر للمداخلة التالية يتمثل في أنها تنظر إلى الأمان الاجتماعي للنساء على مدار دورة الحياة؛ ربما تقوم الأسرة برعاية المرأة في سنواتها الإنجابية الأولى، إذا افترض المرء خصوبتها وأنها متزوجة. وقد تتخلى النساء عن حقوقهن، ويخترن ضمان الحصول على ما تقدمه لهن الأسرة. في كل الأحوال، نجد أن النساء اللاتى يتقدمن في العمر– وليس لديهن معاش– يقعن في دائرة الفقر. لا نبنى افتراضنا هنا على أن الأمان أو الضمان الاجتماعي أمر يتعلق بالمال فقط؛ إن الرعاية الاجتماعية تعنى توفير الخدمات، وتبادل الثروة أو السلع عبر آليات غير آليات السوق، مثل: الزواج، والميراث، والأعمال الخيرية، إلى آخره؛ بما يتضمن كلا من الموارد المادية والموارد المعنوية؛ ولا يعتمد الأمان فقط على القدرة في الأزدهار والبقاء، ولكنه يعتمد أيضا على الاستمتاع بالحياة الكريمة، وبالحرية.

يواجه هذا الانطلاق من الوضعية الراهنة والرعاية الاجتماعية تحديات من قبل الخطابات العالمية التي تبثها مجموعات مختلفة من المؤسسات الدولية، وعلى وجه الخصوص المؤسسات المالية الدولية؛ فمن جانب، يتم الترويج والتأكيد– أحادي الجانب– على ضرورة تحرير الاقتصاد، والحد من المدفوعات العامـة باعتبارها السيناريوهات المثالية؛ في حين أن هذه الأيديولوجية الخاصة بالتكييف الهيكلى يصاحبها الارتقاء بالسياسات الاجتماعية التي تهدف إلى المساواة بين الجنسين، والنهوض بأوضاع النساء، وتعزيز قدراتهـن. وقد تبنى البنك الدولي مؤخرا فكرة الحماية الاجتماعية كرد على تنامي معدلات الإفقار في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط على وجه العموم (البنك الدولي ٢٠٠٢) إن اهتمام البنك الدولي بالحماية الاجتماعية نابع من منطلق اقتصادی، ويأتي كاستجابة للتغيرات السكانية التي تعمق معدلات التبعية في البلاد العربية. إن الزيادة المطردة في صفوف من ينضمون إلى جيش البطالة، وعدم قدرة اقتصاديات البلاد العربية على توفير فرص العمل، تجعل من الحماية الاجتماعية قضية ماسة وملحة. ولا تتضحفي الوقت الحالي– كيفية تأثير هذه الأحداث على النوع أو على قضية الإنصاف بين النوعين، وعلى الأمان الاجتماعي في المنطقة العربية؛ ومن المزعج أن تلاحظ كيفية تفهم المؤسسات التمويلية لدور المجال الاجتماعي: إذ يتم قبول ما تقوم به الأسرة والأهل المقربون– وهو أمر يتميز به العالم العربي– من دور أساسي في تخفيف آثار الأزمات، والصدمات، وآثـار الفقر، والبطالة، والتمزق الاجتماعي، والصراعات؛ وينظر إليها باعتبارهـا العامل المخفف لهذه الأزمات من خلال الشبكات الأسرية (البنك الدولي 2002: 50-51).

هذا «التأثير الملطف» قد يساعد الدول على الاستمرار في اتباع برامج وسياسات قد تكون لها أثار سلبية على حياة الأفراد؛ هذا في حين أصيبت علاقات القرابة والأسرة بالتهرؤ خلال هذه العملية. فأفراد الأسرة– والأسرة نفسها ككل– واقعون تحت ضغوط تهدد قدرتهم على أداء وظيفتهم كآلية اجتماعية ذات قيمة وتأثير في الحماية والأمان.

من وجهة نظر ومن منظور اقتصادي، لا يقدم السيناريو المقدم في هذا الفصل تصورا مقبولا أو قابلا للتحقق. فغالبية حركة رأس المال المادي تمارس ضغوطا من أجل خلق مناخ استثماري يعوق قدرة الدولة على فرض الضرائب؛ كما يؤدى ذلك إلى بروز العراقيل أمام الإنفاق على العمالة. هذا بالعلاوة على أن معدلات البطالة التي تم ذكرها تنعكس في تقلص مجموع المساهمين في وعاء المعاشات، أو غيرها من برامج الضمان الاجتماعي.

غير أنه من الملح تبنى مثل هذه البرامج الخاصة بالضمان الاجتماعي من منظور إنساني نوعي واجتماعي؛ لقد طالبت أمارتيا سين– وغيرها– بالضمان الاجتماعى كإطار ضروري، إذا أريد للعولمة أن تحقق الرخاء؛ أي– بتعبير آخرلا يجب أن تقترن أنظمة الضمان الاجتماعي بعد الآن بالدول الغنية فقط؛ فهذه الأنظمة لا تمثل شكلا من الرفاهية، ولا هي حكر على الدول المتقدمة؛ إن الضمان الاجتماعي ضرورة للعالم الأقل تطورا، وبوجه خاص للنساء في هذه المجتمعات.

۲/۲ الخروج من فخ القياس:

يسعى هذا العمل إلى الوصول إلى مقاربة إنسانية، ومبنية على النوع، لقضية الضمان الاجتماعي في العالم العربي. يتمثل أول ملمح لهذا المفهـوم في النظرة النقدية إلى المعدلات الإحصائية باعتبارها لغة التنمية والتمكين. وسوف تتابع خمس نقاط منهجية على التوالي:

1) معيارية المؤشرات الاجتماعية كأداة لمتابعة التقدم والنمو أداة غير ذات قيمة؛ فهي منهجية تتبنى المنظور التنموى، ولا تتناسب مع معالجة موضوع الضمان؛ إذ يمكننا قياس عدد النساء في المدارس، وازدياده، لكن لا ينبغي أن يمحو ذلك الحاجة الماسة إلى تعرّف وتفهـم ما يمرون به من خبرات، أو يقلل من الاهتمام بالأعداد الأخرى التي لا توجد في المدارس، مهما كانت هذه الأعداد ضئيلة.

عندما ننظر إلى معدلات التعليم بين النساء، أو قدرتهن على الحصول على الخدمات العامة– مثل الصحة– فإننا نقيس الخصائص الاجتماعية في عزلة عن العلاقات الاجتماعية المرتبطة بالنوع، والتي تؤثر على هذه المعدلات. تطالب النساء– في كل أرجاء العالم العربي– بالحق في الحصول على الخدمات الصحية، والتعليم، إلى جانب دخول مجالات عمل جديدة، والحصول على الوظائف. ولكن.. إلى أين تقود هذه المطالب النساء، وهل تمنحهـن الحماية الاجتماعية ؟ وما علاقة القراءات العددية المتعلقة بالموضوع ما لم تخلق إمكانات قابلة للتحول لقدرات وكفاءات يمكن أن تتطور ؟ (Sen 1981). والأهم هو أن هذه القياسات تصـور الضمان الاجتماعي کمسئولية سلوكية وفردية، وليس كمسئولية اجتماعية للأجهزة المعنية.

۲) هناك مشكلة أخـرى خاصـة بـالاكتفاء بقياسات الترددات فيما يتعلق بالمؤشرات نفسها؛ ففى محاولة السعى وراء لغة عالمية يمكن أن تضمن إجراء مقارنة بين الإنجازات والأهداف، نجد أن الخطاب المتعلق بالنوع الاجتماعي قد أفقد القدرة على وضع هذه المؤشرات في إطارها الصحيح، أو لإضفاء العمق والمعنى لها. صحيح أن نسبة الوفيات بين الأمهات تعد مقياسا جوهريا، لكن ماذا عن أمراض الأمومة التي من شأنها تهديد نوعية حياة ملايين من البشر ؟

وفيات الأمهات في مصر:

لقد وضعت وزارة الصحة المصرية قضية وفيات الأمهات على قمة أولوياتها، نظرا للارتفاع المفزع لهذه المعدلات في منتصف التسعينيات، والتي كانت تبلغ ۱۷۰ + لكل 100,000 من الولادات؛ وقد انخفضت المعدلات الحالية إلى أقل من 84 لكل 100,000 حالة؛ وهو ما يعد إنجازا مهما. لقد استثمرت الجهات الصحية كثيراً من الوقت والجهد لتعرّف الأسباب المباشرة، وغير المباشرة لوفيات الأمهات، وذلك من خلال القيام بتدخلات، وتنظيم دورات تدريبية، مع الحفاظ على زخم بحثى لقياس مخرجات تلك التدخلات.

فتم تطوير ونشر قواعد وإرشادات خاصة بالعمليات الطارئة في حالة الولادة؛ كما تم إطلاق برنامج لتدريب القابلات، وإحلال الدايات التقليديات. والأهم من ذلك، هو أنـه من التعامل بلا حساسية مع نتائج الدراسات حول وفيات الأمهات، والتي ألقت اللوم على تدني نوعية الرعاية الصحية.

كما أشارت دراسة أخرى، أجريت على حالات من الولادة الطبيعية أن موفرى الخدمات الطبية يمارسون أشكالاً غير معيارية من الرعاية، قد تؤدي بدورها إلى وفيات الأمهات. إن توجيه الاهتمام لمسألة الوفيات من شأنه إنقاذ حياة العديدين؛ غير أن التركيز على نوعية الرعاية، وعلى الأمراض التي تتعرض لها الأمهات تنتج عنه آثار مهمة لحياة ملايين من النساء وأطفالهن الرضع.

من المؤكد أن التركيز على الصحة الإنجابية للنساء قد خفف من الاهتمام بأشكال مرضية أخرى؛ وتوجد هناك فجوة نوعية في منطقة الخليج فيما يخص الأمراض التي لا تتعلق بالإنجاب؛ فتعاني النساء هناك أكثر من الرجال من الأمراض، وفقا للعينة. وفي مصر، تموت 46% من النساء مـن أمراض الأوعية الدموية للقلب مقارنة بـ 44% بالنسبة للرجال (Aoyama 2001: 13). إن المؤشرات أدوات الملاحظة، ولكن يبدو أنها اكتسبت حياة خاصة بها. ومن المهم أن نحتفظ بموقف نقدي هذه الظاهرة، بينما نتطلع باستمرار لما هو شائع في إطار ما يحدث في الحياة الفعلية.

3) هناك إشكالية خاصة بالعلاقة بين الكم والكيف، حتى بافتراض صحة القياسات؛ ويركز التقرير العالمي للتنمية لسنة ٢٠٠٤– الصادر عن البنك الدولى– على فشل الخدمات العامة وحتى الخاصة في الوصول إلى الفقراء. ويذكر هذا التقرير أن أهداف التخلص من المرض والأمية ستظل غير متحققة ما لم يحدث تحسن ملحوظ في الرعاية الاجتماعية، وفي الخدمات المفروض أن توفرها (البنك الدولي ٢٠٠٣). من المؤكد أنه قد آن الأوان للانتقال من مجرد توفير الخدمات، وقياسها كميّا إلى تعرّف كيف تشكل هذه الخدمات الأمان الاجتماعي.

4) قد يكون قياس السلوك خادعا إذا افتقد السياق الاجتماعي والسياسي الذي يعطى السلوك الإنساني معناه؛ فنحن نحتاج لقراءة متعمقة للقياس، يصحبها وصف للتأثير الآنى لكل تلك الإنجازات على النساء؛ غير أن معظم القياسات تركز– للأسف– على الفرد، ولا يعكس أي منها أوضاع الأسرة والأقرباء. وبالتالي، كيف يمكن بلورة الفرضيات حول بقاء الأسرة على قيد الحياة، وحصولها على الأمان ؟ إن كل المؤشرات تفتقر لتعزيز السياق الذي يحيط بها.

على سبيل المثال، لابد من دراسة للتأثير التراكمي للمكاسب على نوعية وجودة حياة النساء، وعلى الآليات الاجتماعية التي تحكمها. هل النساء أكثر تشتتا– أو وحدة– فيما يخص وجودهـن في المجتمع، ووجود حركة نسوية، وجماعات ضغط خاصة بقضايا النساء ؟ لابد من إدراج عمليات التغيير وسياقاتها كجزء من قياس التغيير نفسه. إن قضايا إدارة الحكم، والحرية، والمشاركة العامة، والوفاق الاجتماعي، جدير بالتأمل والدراسة. فإذا كانت النساء قادرات على الحصول على حقوقهن فقط عن طريق مرسوم ملكي أو قرار رئاسي، كيف يمكنهـن إذن المطالبة بحقوقهن، وحماية تلك الحقوق، باعتبارهن مواطنين عاديين أو فقراء ؟

تتضمن محتويات هذه المقاربة ما يلي:

۱ حساب دقيق لكيفية انتقاض القوانين والممارسات القائمة من المواطنة الاجتماعية للنساء تحت زعم الحفاظ على الأسرة.

۲ تحديد الشرائح المهمشة النساء اللاتى لا تحظى بالتغطية الاجتماعية التقليدية.

3- تعرف الخيارات الحالية لتوفير الضمان الاجتماعي للنساء.

4- تحديد الخطوات المستقبلية الواجبة.

5– تحديد التحديات القائمة أمام نجاح مقاربة للضمان الاجتماعي مبنية على أساس النوع في العالم العربي.

تتميز النساء في البلاد العربية بأعلى معدلات للخصوبة إلى جانب أقل معدلات مشاركة في قوة العمل؛ وإذا ما وضعنا هذه الحقائق جنبا إلى جنب، يعنى ذلك أن النساء يعطون الأولوية للدور الإنجابي على حساب الدور الإنتاجي. غير إن هذه المعدلات تخفى التباينات الصارخة. الموجودة بين الأقطار المختلفة؛ ففي بعض البلاد العربية تنخفض معدلات الخصوبة عن المتوسط (تونس ولبنان)؛ بينما هناك بلدان أخرى تنتشر فيها معدلات خصوبة تصل إلى ضعف المعدل العالمي (المملكة العربية السعودية واليمن). وعلى نفس المنوال، لا يتساوى انخفاض المشاركة النسائية في قوة العمل بين كل الدول العربية؛ حيث يعكس بعضها دخول النساء في مجالات للعمل أقل تقليدية مثلما هو الحال في لبنان وسلطنة عمان. وعلى الرغم من الانخفاض الثابت في معدلات الخصوبة، وازدياد انتشار وسائل منع الحمل، يتزاوج هذا الأمر معدلات منخفضة في المشاركة في قوة العمل، مما يعكس بطريقة واضحة قيم المجتمع الأبوى.

1/3 التهميش داخل الأسرة:

تنتقص القوانين، والممارسات، والمعتقدات، والتحيزات الموجودة، من المواطنة الاجتماعية للنساء، تحت دعوى الحفاظ على وحدة الأسرة. ومن الصعب تعضيد صحة هذه المقولة بأية أسانيد أكاديمية، لكن من المستحيل– أيضا– إنكارها. هل يمكن أن ننكر أن عديد من النساء يفكرون بأن الاستقلالية والمساواة من شأنها تهديد أساس النوع، ويقبلون الخضوع لدرجة من درجات التحكم، ويرضون بالاستكانة، بل وحتى بالقليل من العنف. لكن نظرة إلى الثقافة، والإيديولوجيـة، والممارسات الاجتماعية والقانونية، قد تساعد في هذا المجال.

لقد انتظمت المجتمعات العربية على مبادىء النظام الأبوى، الذي يضع حقوقاً والتزامات على الرجال وعلى النساء داخل الأسرة. ويتشكل النظام الأبوى من الأخلاقيات العربية، ومن مجموع الأعراف الدينية؛ ويؤدى هذا الفكر إلى التميز بين أفراد الأسرة حسب أعمارهم وجنسهم؛ فعلى الصغير احترام وطاعة من هو أكبر منه، وعلى النساء الانصياع لرغبات واحتياجات الرجال؛ وفي المقابل، يقوم الذكور البالغون بحماية وإعالة النساء والصغار. إن الحماية الاجتماعية تتوفر لمن يحتاجونها؛ فإذا كان الرجال يتميزون بالقوة والسلطة، فهـم مطالبون في الوقت نفسه بتحمل مسئولية مادية ومعنوية ( Moghodam 1993: 102). ويشار إلى هذه المقايضة في بعض الأحيان بـ «الميثاق بين الجنسين»؛ وتوضع هذه المقايضة أو الصفقة محل التساؤل في حالة الفقر، عند، والبطالة عند الذكور، والعزوف عن الزواج، وعدم القدرة على الإنجاب، وانهيار وفشل الزيجات، أو غيرها من الأزمات الاجتماعية والأسرية. وحيث إن الضمان الاجتماعي يتعلق بالخطر وليس باحتمال حدوثه فقط، هناك حاجة إذن إلى تقييم وتقدير الضغوط التي تواجه آليات الأسرة الأبوية العربية، وقابلية هذا الميثاق على الاستمرار.

هناك مبادىء تشريعية في الإسلام تكفل للرجال حق الولاية(3) على النساء والقصر، وتلزمهم بتوفير الرعاية. أما المنطقى، فأن يكون المقصود بالرعاية هو الحماية الاجتماع وليس اضطهاد النساء. كما يكفل الإسلام للرجال القوامة(4) على النساء، ولكن في إطار الأسرة فقط، وكدور يقومون به بسبب معرفتهم، وقدرتهم على رعاية الأسرة مادياً.

لكن هذه الأفضلية– بتعبير آخر– ليست مطلقة، أو شرطاً يتمتع به كل الرجال (بيومي بدون تاريخ: 11). إن الخوف بأن قوامة الذكور من جهة، واستقلالية النساء الاقتصادية أو القانونية من جهة أخرى، أمران متضاربان هو تفسير غاية في الرجعية لمفهوم القوامة (Stowasser 1987). فهل حقا تعنى القوامة أن على النساء إطاعة الرجـال في كل أوامرهم ؟ أو تعنى أنه من الخطأ أن يساعد الرجال في الأعمال المنزلية أو رعاية الطفل؟ إن غالبية المسلمين يدركون دينهم بطريقة إيجابية، ولا يعتبرونه أيديولوجية للقهر؛ ومع ذلك، تستمر وتتواصل التفسيرات الرجعية والأصولية.

وحتى في الحالات التي يقف فيها القانون في صف المرأة، فإن الأجهزة التنفيذية والأمنية غالبا ما لا تتبنى الموقف نفسه؛ وينطبق هذا الأمر على أديان أخرى، وليس على الإسلام فقط. فإذا كان الأفراد يتجاهلون التزاماتهم نحو من يعولون، إلى أى حد يمكن أن تكون الدولة فعّالة في المطالبة بالحقوق الاجتماعية للنساء، والأطفال، وكبار السن ؟ فمن المفترض أن يتوافر دعم ورعاية الأسرة في أوقات الأزمات بطريقة تلقائية، كما يعد هذا الأمر إلزاما في جميع الأديان. ومع ذلك، يظل هذا الدعمغالبا– مشروطا بنوعية العلاقات والآليات الأسرية؛ وعلى الدولة القيام بدور الحكم والضامن لحقوق النساء كمواطنين.

ولطالما دعت بعض النسويات المتعمقات في دراسة فلسفة الشريعة الإسلامية– مثل: باربرا ستوسـر، وليلى أحمد، وفاطمة المرنيسي– إلى إعادة تفسير قوانين الأسرة في ضوء مفاهيم المساواة وحقوق النساء المرتبطة ارتباطا وثيقا بروح العقيدة الإسلامية والقرآن الكريم. هناك اعتراف قائم بالتناقضات والتعارضات المتأصلة في معظم التشريعات القانونية والشرعية التي تجتزىء من مواطنة النساء، وتقف صامتة حيال قضايا المساواة داخل الأسرة. إن هذا الفصل غير معنى بالتشريع أو الفقه، ولكنه يتناول الحقائق والاحتياجات الاجتماعية والديموغرافية؛ ومن المؤكد أن مبدأ القوامة– الذي قد يكون معقدا ومجالا للجدل– يحتاج إلى نظرة جديدة عليه؛ فقد رفض الكثيرون قبول هذا المبدأ بطريقة مطلقة؛ ولكن– إذا كان هذا المبدأ مقبولا لدى البعض– لا يمكن أن يكون هناك قبول بدون مبررات. فهل لكل الرجال الحق في القوامة بغض النظر عن كيفية وفائهم بالالتزامات التي تمنح هذه الرخصة ؟ إن القرآن الكريم واضح وجلي في تفنيد القوامة وإقرانها بالإنفاق والمنح ووضع شرط الإنفاق والرعاية كشرط لكل الرجال ليتميزوا على كل النساء ليس من قبيل الصدقة، ولكنه نتيجة للبيئة السياسية والتشريعية الأبوية. لذا لا تعد مراجعة القوانين والمبادىء الشرعيـة الخاصة بالأسرة ضرورة سياسية حساسة وشائكة، ولكن أيضا احتياجا اجتماعيا ملحا. ولذلك، تقع على الدول العربية– التي أبدت تحفظات على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء على أساس التشريعات الإسلامية للأسرة– مسئولية توضيح كيفية تعاملها مع التغيرات السكانية، والاجتماعية، والاقتصادية، وتبعات ذلك على رفاهـة الأسرة. كما أنها بحاجة إلى مراجعة تفسيراتها للمبادىء الدينية في ضوء تلك التحولات. لقد عنـت الدول العربية حتى الآن بإشراك الدوائر الدينية في التشكيلات القانونية التي تخص قوانين الأحوال الشخصية التي تنظم الزواج، والطلاق والإرث، وحضانة الأطفال؛ وهم يضمنون بذلك إخضاع النساء للسيطرة الأبوية من جانب الأقارب الذكور ورجال الدين في مجتمعاتهن المحلية (Joseph 1996: 4-10).

ولحسن الحظ أن الأزمنة تتغير، وقد نجحت عديد من البلدان العربية في إعادة تنظيم أوضاع قوانين الأحوال الشخصية بها، وإعادة النظر في المفاهيم والمبادىء التي بنيت عليها منظومة القوانين الخاصة بالأسـرة؛ ويمثل المغرب أحدث مثال على ذلك؛ فالمقاربة المبنية على المشاركة والتشاور التي نتجت عنها المدونة الجديدة، تعد رفضا لنموذج الرجال كمصدر للدخل والسلطة داخل الأسرة. كما قطعت مصر شوطا في سبيل الاعتراف بأهمية امتداد المواطنة الاجتماعية للنساء، وإعطائهن حق منح الجنسية لأبنائهن، وحق الانتقال والسفر، وكذلك الحق في الخلع. ويعد تفعيل محكمة الأسرة في أكتوبر ٢٠٠٤ خطوة أخرى إيجابية من شأنها تسهيل حياة المرأة حيال الأزمات.

إذا كان الرجال المسلمون يخشون فقدان امتيازاتهم، فلا عليهم– كما تقول نائلة كبير– إذ إنهـم سيفقدون أعباءهم التقليدية في الوقت نفسه (كبير ١٩٩٨). وفي كل الأحوال، فإن تناول هذه القضايا وتطوير حلول خلاقة ومنصفة لها لم تعد مجرد مسألة اختيار، ولكنها أصبحت ضرورة اجتماعية. والأهم من ذلك أنه في حالة استمرار الجدل حول السلطة النسبية لصالح الرجال في مواجهة النساء داخل الأسرة، فإن هذا لا يفسر بأي طريقة لماذا يجب أن تنحاز الدولة إلى جانب الرجال.

من المؤكد أن الدولة لا تحتاج لتبنى الشخصية الأبوية؛ فلا يمكن لها أن تفضل نصف مواطنيها على النصف الآخر. ومن المؤكد أن الدولة قادرة على الوفاء بالتزاماتها من خلال مد النساء بمصادر الضمان البديلة، والاعتراف العام الكامل بهن، وضمان مواطنة اجتماعية آمنة لهن.

1/1/3 الميراث:

تحكم مسألة الميراث في عديد من البلدان العربية بالقانون الإسلامي السني، والذي يقسم الميراث بطريقة مختلفة بين الرجال والنساء؛ ومن ناحية أخرى، هناك بعض الحالات التي تحرم فيها الأعراف والتقاليد المرأة من الميراث كلية في المناطق الريفية. إن الميراث– طبقا للنظام القانوني المصرى– مسألة تتعلق بالوضع الشخصي الذي تحكمه القوانين الملائمة في التشريع الديني؛ فالقانون المصرى رقم 77 لعام 1943– والخاص بالإرث– ينص على أن المرأة يمكن أن ترث وتنقل الملكية كما الرجل تماماً؛ وتتوقف الأنصبة المحددة قانونيا على درجة القرابة. فإذا كان للمرأة والرجل حق متساو– طبقا لدرجة القرابة– يكون للذكر الحق في ضعف نصيب الأنثى كما نص عليه القرآن الكريم (الأمم المتحدة ٢٠٠٠ ب: ۲۱ ). يتم أحيانا تبرير هذا التحيز على أساس الأدوار المفترضة للجنسين. فالنساء لسـن مسئولات عن الأسرة ماليا، في حين الرجال هم المسئولون. لذلك، من العدل والإنصاف تمييز الرجال في قوانين الميراث طالما أقرباءهم من النساء يتحملون التزامات مالية أقل. وكثيرا ما يبرهن الواقع العملي على عدم صحة هذه الافتراضات؛ فالنساء يتحملن مسئوليات مالية ثقيلة. فربما تتلقى النساء دعما اسميا من الأخ أو من الزوج، ولكن– في الممارسة الفعلية– قد تضطر إلى الاعتماد على نفسها في تأمين الاحتياجات المادية لأطفالها، ووالديها، ولذاتها.

2/1/3 تقييد حرية الحركة والتنقل:

ما زالت هناك قوانين في عدة بلاد عربية تمنع حرية النساء في الانتقال إلا إذا اصطحبها قريب ذكر (كما في المملكة العربية السعودية)، أو تتطلب موافقة ولي الأمر الذكر. مثل هذه القيود تفترض أن استقرار الأسرة وصالحها يتوقفان على تقييد حركة النساء، وعلى تواجدهن الجسدي داخل الأسرة. وهكذا تحمل هذه التشريعات مفهوما ضيقا للأسرة، حيث يتم تعريف الأسرة على أنها كيان يمكن حمايته من خلال المعاشرة المشروعة، وأن كفالة حرية التنقل لأي من الزوجين من شأنه تعريض هذا الكيان للخطر. يتم الاستناد إلى هذا التعريف لتقييد حرية حركة النساء، بينما لا ينطبق الأمر نفسه بالنسبة للرجال الذين يمكن إخضاعهم للمنطق نفسه. أما من الناحية النظرية، فإن المرأة «الضعيفة» هي التي تحتاج إلى الحماية من الهجر.

3/1/3 النساء والعنف: حادث يتردد أسريا:

تشير الدراسات المتعلقة بالعنف إلى أنه أينما تقاربت معدلات تعرض النساء والرجال للعنف، تظل هناك اختلافات مهمة بين النوعين؛ فغالبا ما تتعرض النساء للعنف داخل الأسرة، بينما يتعرض له الرجال– في معظم الأحيانفي بيئة غير أسرية.

لقد عرّفت كلا من اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء وخطة عمل بكين «العنف» بأنه «أي فعل عنيف قائم على أساس النوع الاجتماعي، ينجم عنه أذى، أو معاناة جسدية، أو جنسية، أو نفسية للمرأة، بما في ذلك التهديد باقتراف مثل هذا الفعل أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء وقع ذلك في الحياة العامة أو الخاصة» (الأمم المتحدة 1995: 15 ). طبقا لهذا التعريف أضحى المجال الخاص جزءا من القانون الدولي؛ وفي حين يتناول القانون الدولي هذه القضية بحذر شديد، إلا أنه مازال صحيحا أن النساء أصبحن خاضعات لحماية القانون الدولي باعتبارهن موضوعات فردية.

تعلن خطة عمـل بكين إن العنف ضد النساء هو انتهاك لحقوقهن الإنسانية، وحرياتهن الأساسية؛ كما يشكل عقبة أمام تحقيق أهداف المساواة، والتنمية، والسلام. وتلاحظ خطة العمل أنه بينما تكون وضعية النساء الاجتماعية والاقتصادية المنخفضة سببا ونتيجة للعنف الموجه ضدهن، فإن العنف ظاهـرة تتخلل كل المسارات الثقافية والطبقية، والاقتصادية ( الأمم المتحدة 1995: 15 ).

تعتبر ما يسمى بـ «جرائم الشرف» واحدة من أهم المظاهر المحيرة ضمن أشكال العنف الأسرى المبنى على أساس النوع؛ فكثير من الجرائم ارتكبت تحت زعم الحفاظ على الشرف في البلدان العربية، كما ترتبط عديد من عمليات الإنتحار بمسألة الشرف. ترجع جذور القتل من أجل الشرف إلى الأعراف الثقافية التي يدعو الذكور– بمقتضاها– الحق في الدفاع عن شرفهم من خلال الولاية على شرف أقرباءهم من الإناث. هذا النوع من الأعراف ما زال موجودا لأنه يجد دعما في قوانين العقوبات الخاصة بهذه الأقطار. يتساهل القانون– بوجه عام– مع مرتكبي هذه الجرائم، حيث يتم تبريرها بالحالة العقلية والنفسية لمرتكبها، والتي توصف بـ «حالة من الغضب، وفقدان السيطرة على العقل» (صندوق الأمم المتحدة لإنماء المرأة ٢٠٠٢: ٥٠). يتميز العنف الأسرى بصعوبة قاسية؛ فالرجـال يمتنعون عن الحديث عنه، وكذلك هـو الحال بالنسبة للنساء اللاتـي يـحجمن عن الإبلاغ عنه أو يحاولن الهروب منه (صندوق الأمم المتحدة لإنماء المرأة ٢٠٠٢: ٣٠ ).

تشكل جرائم الشرف في الأردن 9.3% من إجمالي الجرائم المرتكبة في المملكة، كما جاء في التقرير الإحصائي الأردني عن الجريمة. وفي عام 1999، تعاملت إدارة حماية الأسرة الأردنية مع 507 حالة من العنف الأسرى، تمثلت 37.9% منها– أي ١٩٢ حالةفي جرائم شرف. وقد احتلت هذه الجرائم أعلى المراتب بين القضايا من الأنواع الأخرى. بالإضافة إلى أن الحالات التي تم الإبلاغ عنها هاتفيا عبر الخط الساخن قد أظهرت أن العنف الأسرى يشكل 68% من الرقم الإجمالي للبلاغات أو الشكاوى (صندوق الأمم المتحدة لإنماء المرأة ۲٠٠٢: ۲۹۳۰).

في حالة لبنان، تم إدخال تعديلات على النظام القانوني الخاص بجرائم الشرف منذ عام 1991؛ فالحكومة بدأت في تغليظ العقوبات فيما يتعلق بجرائم العنف بصفة عامة، والسعى إلى معاقبة الرجال الذين يرتكبون جرائم الشرف (صندوق الأمم المتحدة لإنماء المرأة ٢٠٠٢: ٤١– ٤٢).

وفي حالة العراق، ازداد العنف الأسرى بالتوازي مع تفاقم المخاطر الاجتماعية والاقتصادية تحت حكم صدام حسين؛ وقد سجلت المنظمة غير الحكومية «روان» أن العنف الأسرى– وخاصة جرائم الشرف– مثلت واحدة من أهم المشكلات التي واجهتها النساء الكرديات في شمالي العراق. وتفيد الإحصائيات الموجودة في إحدى الدراسات التي أجراها مركز «روان» الثقافي والإعلامي حول النساء أن ما يقرب من 3,979 امرأة قد قتلن في شمال البلاد خلال الثمانينيات نتيجة للعنف الأسرى. إضافة إلى أن بعض النساء قد لقين الموت على أيدى أقارب من الذكور بعدما قام ضيوف أو معارف للأسرة باغتصابهن. وكان السبب في قتلهن هو فقدانهن «للشرف»، حتى وإن كن أنفسهن ضحايا جريمة ارتكبت في حقهن.

ضرب الزوجات في البلاد العربية:

تعود بوجه عام المشكلة المتعلقة بضرب الزوجات وبالعنف الأسرى– رغم الجهود لتجـريم مثل هذه الأفعال– إلى أن بعض القوى الفكرية والاجتماعية تصر على اعتبارها من الأمور الطبيعية. لقد أظهرت دراسة أجريت في الجزائر أن التنشئة الاجتماعية للأطفال تمنح ضمنيا الذكور حق ضرب البنات تحت مسمى التأديب، أو فرض السلوك الصالح. وقد لاحظت سعاد جوزيف الأمر نفسه أثناء قيامها بأبحاثها حول الأسرة اللبنانية. كذلك ميزت تجريمها. إن هذا التمييز مهم لأنه– إلى حين بروز توافق ثقافي يرفض العنف المبنى على النوع– ستفشل أي مبادرات رسمية وجماعية لتجريمه. فطالما استمر اعتبار العنف القائم على النوع أمرا طبيعيا، لن تتمكن الضحايا من الاعتراف بالجرائم التي تعرضن لها أو فضحها. Hamou 2003)، Josef 2000، Al Kamiri، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ٢٠٠: 65– 66، الأمم المتحدة ۲۰۰۰ ب: ۲۰).

هناك جهود جارية في عديد من البلدان العربية، مثل: المغرب، والأردن، ومصر، والبحرين. وترمى هذه الجهود– ليس فقط إلى استصدار تشريعات ضد العنف الأسرى– بل إلى خلق مناخ لرفض هذه الممارسات. لقد قامت الحكومات والمنظمات غير الحكومية في مصر والمغرب بإنشاء مساكن لإيواء النساء المتضررات؛ وهناك محاولات على المستوى القانوني لاعتبار أعمال العنف التي تقع في إطار الزواج كجرائم. علاوة على أن المجموعات النسائية تتوجه إلى الجماهير عبر مجهودات إعلامية عن العنف، وتسعى إلى إتخاذ الإجراءات القانونية ضد مرتكبيه. أما فيما يتعلق بالتعليم، فإن المغرب بصدد إدراج مكون حقوق الإنسان ضمن مناهجها.

4/1/3 ختان الإناث:

يعد ختان الإناث صورة من العنف القائم على النوع؛ وهي ظاهرة تمارس فقط في مصر والسودان، ولا تمتد إلى بقية الأقطار العربية. إن الوعى بالآثار الضارة لهذه الممارسة على الصحة وعلى الحياة الجنسية موثقة بطريقة جيدة؛ وهناك جهود مهمة جارية لاستئصال هذه الممارسة. إننا نورد هنا هذه الممارسة لأنها فعل آخر يحدث داخل الأسر وتحت دعوى تكوين أسر جديدة (عبر ضمان فرص البنات في الزواج). هناك بعض التخوف من أن تركز الحملات الجارية على النتائج الصحية المترتبة على هذه الممارسة لحث الأسر على الامتناع عن تختين بناتهم، ولكنها لا تنطلق من موقف متكامل يسند إلى أن الختان هو اعتداء على حق من الحقوق الإنسانية للبنات والنساء.

من المؤكد أن المخاطر الصحية الناجمة عن ختان الإناث، وأثار هذه العملية على الصحة الجنسية للنساء كبيرة؛ لكن هذه الممارسة تمثل أيضا تمييزا ضد النساء بطريقة تؤثر على مكانتهن داخل الأسرة. فعلى عكس ختان الذكور، لم يوصى الدين بختان الإناث.

إن القبول الرسمي والشعبي لأفعال التمييز، واعتبار العنف من الشئون الأسرية الخاصة، هو انتهاك واضح لمواطنة المرأة وإبطال للعقد الاجتماعي الذي تتولى الدول بمقتضاه حماية وخدمة مواطنيها. إن المشكلة التي تواجه النساء عند محاولتهن الحصول على الدعم خارج حدود الأسرة تكمن عادة في أنهن يتركن دون دعـم قانوني في أوقات الاحتياج الاجتماعي، والأزمات. مازالت النساء والفتيات في العالم العربي يجدن صعوبة في استخراج الأوراق الرسمية، والتسجيل في المدارس، والسفر، واقتراض المال، أو حتى في الإجراءات الطبية في بعض الحالات. ليس هناك أي أساس منطقى للحفاظ على هذا التمييز بين الرجال والنساء في الأسـر؛ إن اختيار دعم النساء في أن يكون لهن حق الرأى والاختيار داخل الأسرة، هو أفضل الخيارات بالنسبة للجميع؛ حيث تصبح النساء شريكات للرجال في تكوين الأسرة، بدلا من أن يتحولن إلى ضحايا لهذا الكيان الحيوى.

2/3 نساء خارج سياق التجانس بين النوعين (Congennial Gender Pact):

تؤخر النساء سن الزواج بمعدل يتراوح ما بين 3– 7 سنوات؛ فتبقى 10% من النساء في سبعة بلاد عربية (هي: الأردن، والكويت، والمغرب، وسوريا، وقطر، وليبيا) دون زواج حتى سن يتراوح ما بين 30– 34 سنة؛ ولا يمثل التعليم أو التعزيز مكانة المرأة سببا في بروز هذا الاتجاه.

خصائص مختارة للنساء غير المتزوجات في الفئة العمرية 15– 49 سنة

% النساء العاملات مقابل أجر

% النساء العاملات

% النساء الحاصلات على تعليم ابتدائي أو دون هذا المستوى (بدون تعليم)

المسح

البلد

6,6

7,5

62,4 (19,9)

مسح صحة الأم والطفل 1993

الجزائر

12,25

13,3

29,4 (16,4)

المسح الديموغرافي الصحي 1995

مصر

9,97

13,0

62,3 (40,7)

مسح صحة الأم والطفل 1993

السودان

2,99

4,6

84,6 (71,2)

مسح صحة الأم والطفل 1991/92

اليمن

المصدر: Rashad & Khadr 2002

وقد أطلقت إحدى الدراسات على هؤلاء النساء «أخوات سندريللا المنسيات» (شلقامي ۱۹۹۷)؛ ففي الريف المصرى تتسم الفتيات بصفات محددة؛ فغالبا ما تضطر الأخوات الكبار– التي وسريعا ما يتبعهن أخوة أخرينبرعاية من هم أصغر منهن؛ وهن يمثلن من لا يرسلون إلى المدارس ليبقوا بالمنزل لمعاونة الأم، ويمكن أن نراهن يحملون الصغار الرضع بينما لم يتخطين بالكاد سنة الطفولة(5).

في المجتمعات العربية، يتمحور الاعتراف المجتمعي وآليات الدعم حول أدوار النساء باعتبارهن زوجات، وأمهات. في هذا السياق، يتم تجاهل المصالح النفسية والاقتصادية للمرأة غير المتزوجة تماما. هناك حاجة إلى التعمق في دراسة معالم رفاهة النساء غير المتزوجات، كما تتمثل في مستوى تبعيتهن وشبكات الدعم الموجودة. إن المعلومات المتوافرة محدودة، وهي تشير إلى مستوى عال من التبعية، فيما يتعلق بالخصائص التعليمية، والقدرة على اكتساب الرزق.

إن أهمية الاهتمام برفاهة النساء غير المتزوجات تتعاظم أكثر فأكثـر، حيث تشير طبيعة التغيرات التي تحدث في البلدان العربية إلى أن عدد أكبر من النساء يقضون فترات أطول من أعمارهن في حالة عدم زواج؛ بل تعيش بعضهن في حالة من العزوبة الدائمة. لا تعود هذه النسبة الكبيرة إلى مجرد الزواج المتأخر؛ ففي عديد من الأقطار العربية تظل نسبة من النساء تتراوح ما بين 21-7% بدون زواج حتى الشريحة العمرية 30– 39 سنة. وسوف تصبح المجتمعات العربية– التي تقارب المعدلات العالمية من الزواج– استثناء بعد ما كانت معيارا.

إن البلاد التي تشير إلى تغيرات كبيرة في سن الزواج هي: الجزائر، وليبيا، والمغرب، والسودان، وتونس، والبحرين، والأردن، وسوريا. وهي البلاد نفسها التي تتضمن نسبة كبيرة جدا (بين 8.5% و 20.6% ) من النساء اللاتي يعشن دون زواج حتى الشريحة العمرية 30– 39 سنة. ومن الملفت للانتباه أن هذا التأخر في سن الزواج يتعلق بكل من النساء المتعلمات وغير المتعلمات؛ ذلك أن الصعوبات الاقتصادية، والتغيرات المجتمعية قد أسفرت عن ارتفاع في سن الزواج وعن عدم توافر احتمالات الزواج أمام كل النساء.

إن التحدي المستقبـلى أمام النساء غير المتزوجات، وغير المتعلمات، والعاطلات، يتمثل في مواصلة الحياة، وفي توفير وسائل إعـالة لأنفسهن ولأسرهن. والواقع أن الإتجاهات المتعلقة بالتعليم تشير إلى تحسن كبير بهذا الصدد: Rashad & Khadr 2002 43-46)).

أهمية إنجاب الأطفال الذكور:

النساء اللاتي لم ينجبن ذكورا في صعيد مصر لا يحظين أيضا بأي ملكية، أو مأوى، أو أسرة، أو مورد للدخل. فغياب الأطفال الذكور يعني عدم القدرة في الحصول على الأمان الاجتماعي عند التقدم في السـن. رجاء– وهو اسم مستعار– لديهـا بنات فقط؛ وهي تعيش وحيدة في منزل صغير من الطين. لقد تزوجت بناتها؛ وتعيش إحداهما في القرية، بينما تحيى الأخرى في منطقة قريبة؛ وقد تزوجت الاثنتان من أولاد العموم. ربما يكون أخوات رجاء الثلاثة من أغنى رجال القرية؛ ويعود ذلك أساسا إلى عملهم في المملكة العربية السعودية لمدة ٢٠ عام، وقيامهم بعمل مربح يتمثل في توفير تأشيرات الدخول للآخرين. ونظرا لهذه الوضعية العالية، أوقفوا رجاء عن العمل، في حين كانت تعمل دائما، حتى أثناء حياة زوجها؛ فكانت تبيع البيض في السوق، وتقوم ببعض الخدمات لغيرها من النساء؛ فأمرها إخوانها بالتكتم على هذه الأنشطة.

لقد أشير لى على رجاء باعتبارها واحدة من أفقر نساء القرية، وممن يعيشون حياة البؤس؛ وقد قالت في لقاء معها: «ماذا تستطيع البنات أن تفعله لي ؟ فحينما أذهب للزيارة، يخشون أن يتسبب ذلك في إزعاج حمواتهن؛ أما فيما يتعلق بأخواتي الرجال، فإنهم يعطون الخير لزوجاتهم، وقليل من اللحم والغضب لأخـواتهم البنات. لو كان لدى ابن، لكان طرقه على بابي أشبه بوقوف الملاك على أبواب الجنة ! ». يتمثل مصدر رزقها الوحيد في الجنيهات القليلة التي يمنحها إياهـا معاش السادات (مـا يوازي دولارين في الشهر في منتصف التسعينيات) الشلقامي ۱۹۹۷).

3/3 الصحة الإنجابية والصحة العامة: تحديات تواجه الأمان الاجتماعي:

إن القدرة على الحمل الطبيعي، والولادة الآمنة، والاستمتاع بالسنوات المبكرة من حياة الطفل، هي نعمة حرمت منها ملايين من النساء المتزوجات في العالم العربي؛ فتعتبر أغلبية المجتمعات في المنطقة مجتمعات عالية الخصوبة، لدرجة أن أصبحت السيطرة على الكثافة السكانية تحتل موقع الأولوية. لكن من المؤسف أن هذا الواقع الخاص بالسكان في البلاد العربية يخفى الصعوبات التي تواجههـا النساء في تحقيق خصوبتهن، وفي تأمين صحتهن، وصحة أطفالهن.

تحذير: مازالت النساء تواجه التحديات التي يطرحهـا الإنجاب، وانتشار الأمراض، والخصوبة، وكذلك الضغوط التي تمارسها العـقـلـيـة الأبوية لإنجاب أبناء ذكور؛ ومع افتراض ندرة اتحاد هذه العوامل الثلاثة، من المؤكد أن لها تأثيرات هائلة على الأمان الاجتماعي للنساء ولأسرهن.

1/3/3 انتشار الأمراض:

إن زواج الأقارب ممارسة تشجعها الأيدلوجيـة الأبوية؛ وهناك العديد من العوامل الثقافية والاقتصادية التي تجعل زواج الأقارب مفضلا على غيره؛ فالنساء قد يشعرن بأمان أكبر إذا تزوجن من قريب؛ كما يضمن بقاء الملكية مصانة؛ وقد يؤدى هذا الزواج إلى توفير بعض المصاريف. لكن المخاطر الصحية لزواج القربى مخاطر حقيقية، وقد تحققت بالفعل في دول الخليج العربي حيث الأمراض الوراثية في تزايد. ففي المملكة العربية السعودية، والبحرين تحمل نسبة من السكان ترتفع إلى 10% و 13% (على التوالى) أمراض الدم الوراثية (Aoyama 2001: 80) إن بعض الأمراض مثل الأنيميا المنجلية وأنيميا الفول الناتجة عن جلوكوز 6– فوسفات، دهيـادر وجيناز (C6 PD) هي أمراض متوطئة في البحرين، والكويت، وسلطنة عمان؛ وتوجد بنسب عالية في الأردن ومصر (Aoyama 2001: 8).

تؤثر الأمراض الوراثية على اختيارات الزواج وعلى البقاء على قيد الحياة؛ والنساء هن– عادة– ضحايا هذه الأوضاع. لقد أصبحت الاستشارة الجينية قبل الزواج أمرا حيويا ووقائيا؛ ومع ذلك.. فإن الخوف من أن ينتج عن الاختبارات الجينية تقليل فرص الزواج– خاصة بالنسبة للنساء اللاتي تقل قدرتهن على الزواج من غريب– هو في الواقع تخوف حقیقی. لقد ارتبط انتقال الاختلالات الجينية– على الأقل على مستوى الإدراك العام– بارتفاع معدلات العزوبية والعنوسة (شلقامي: ملاحظة شخصية من خلال مقابلات مع نساء بحرانيات وكويتيات). إن أسلوب معالجة، وإدراك، والتعامل مع الاختلالات الجينية من شأنه التأثير على الأمان الاجتماعي للنساء. هذا، بالإضافة إلى أن آثار هذه الاختلالات الجينية والأمراض الوراثية، وتكاليف علاجها، تمثل عبئا زائدا على الأفراد، والأسر، وعلى الإنفاق العام.

2/3/3 انتشار الأمراض الإنجابية:

شهد العقد الماضي تحولا كبيرا في الفكر المتعلق بالسكان والتنمية؛ وكان فريق من الباحثين العرب– المعروف بمجموعة العمل حول الصحة الإنجابية (RHWG)– في مقدمة من دعوا إلى هذا الخطاب الجديد؛ وقد أوضحوا إنه برغم ارتفاع الخصوبة، فإن إهمال الصحة الإنجابية للنساء قد يكون له تأثير أعمق على نوعية حياتهن، وعلى استقرار الزواج، واحتياجات الأسرة وبقائها. وقامت مجموعة العمل حول الصحة الإنجابية بتأسيس مشروع يهدف إلى تقييم مدى انتشار الأمراض المتعلقة بالصحة الإنجابية من خلال دراسة تستند إلى مجتمع محلى؛ وهي الدراسة المعروفة الآن باسم دراسة الجيزة. وقد أبرزت هذه الدراسة وجود عبء ثقيل من الأمراض تحمله النساء في صمت Khattab, et al 1999)).

إن الأمراض التناسلية مثل الأمراض المنقولة جنسيا، وعدوى الجهاز التناسلي، وسقوط الرحم، والعقم، أكثر تهديدا للأمان الاجتماعي مما توقعه الباحثون بالفعل. صحيح أن وجود الأطفال عامل مهم في تمتين الأسر، وبقائها؛ غير أن غيابهم، ووجود أمراض الصحة العامة، أو اعتلال الصحة الجنسية والإنجابية للأمهات والأباء، عوامل من شأنها تدمير الأسرة وقطع أوصالهـا؛ فكثير من هؤلاء النساء غير قادرات على الحصول على مزايا تلك المفاوضة الأبوية التي يضرب بها المثل.

3/3/3 الأمراض المنقولة جنسيا وعدوى الجهاز التناسلي:

هناك ما يقارب ١٢ مليون شخص في الشرق الأوسط– بما في ذلك إيران وتركيا– يعانون من أمراض منقولة جنسيا؛ وتعد هذه المعدلات منخفضة نسبيا، الأمر الذي يعكس المبادئ الدينية والثقافية للمنطقة وانتشار علاقات الزواج الأحادي. ومع ذلك، يمكن أن تؤدى هذه القيم إلى عدم الإعلان عن علاقات خارجية، أو إنكار حدوثها. قد يعني هذا الانتقال الصامت للأمراض– بما في ذلك الإيدزمن شريك إلى الآخر، إلى تحمل عبء ثقيل من الجهل والمعاناة أيضا. لقد وجدت إحدى الدراسات المحدودة أن ما يصل إلى 7% من الرجال موضع الدراسة قد أقاموا علاقات جنسبة خارج الزواج (Roudi-Fahim 2003: 6). إن طبيعة عدم المساواة في العلاقات الزوجية بين الجنسين قد تولد مخاطر صحية عامة؛ فاكتشاف ومعالجة الأمراض المنقولة جنسيا يتأثر بدرجة الاستقلالية والمسئولية التي تتمتع بها النساء في إطار الزواج، وفي عيون أجهزة الرعاية الطبية وتوفير الخدمات. إن عدوى الجهار التناسلي أكثر انتشارا في الدول العربية، وتحدث نتيجة للنقص في الحصول على مياه نقية وانخفاض شروط النظافة الصحية عند الولادة والإجهاض. يصعب الوصول في الدول العربية إلى قياسات دقيقة، خاصة وأن النساء قد لا يبلغن عما يعتبرونه قليل الشأن وغير ملحوظ. لقد وجد أن معدلات عدوى الجهاز التناسلي في مصر (بما فيما التهاب المهبل، وأمراض التهاب الحوض، والتهابات عنق الرحم) موجودة لدى أكثر من 50% من العينة المدروسة (Aoyama 2001: 30)؛ كما تفيد دراسة استطلاعية أخرى أن ما يصل إلى نصف نساء العينة اللاتي أجرى لهن استئصال في عنق الرحم يعانين من تقرحات في الجهاز التناسلي، وهي المشكلة التي اعتبرنها النساء أنفسهن أمراً «طبيعياً» (Roudi-Fahimi 2003: 6 في طلعت ۲۰۰۱ ).

تسبب أمراض الجهاز التناسلي آلاما ومضايقات، وقد تؤدى إلى العقم؛ ويمكن أن تؤدي أيضا إلى إضعاف صحة المرأة. لكن المؤكد أنها تؤثر أيضا على حياتها الجنسية. ويجب اعتبار هذه الحالات أمراضاً منتشرة، لكن من الضرورى أيضا أن ننظر إليها باعتبارها أحداثاً اجتماعية تؤثر على الحياة الزوجية.

تلزم القيم الأسرية الأطفال برعاية والديهم كبار السن؛ والنساء ممن ليس لديهن أبناء يواجهن مخاطر حقيقية تتعلق بتركهن بلا رعاية وفي عزلة عند التقدم في السن. فهنإلى درجة ما– غير قادرات على الحصول على المنافع التقليدية للأبوية، وعليهن الاعتماد على كرم أفراد الأسرة الآخرين. لقد أظهرت الدراسات أن الرجال على عكس الصورة النمطية عن الزواج في البلاد العربية– عادة ما يقفون ثابتين إلى جانب زوجاتهم في مواجهـة إجحاف وظلم الأسرة الممتدة (Inhorn 1996). غير أن بيانات مـراكـز التخصيب وأطفال الأنابيب في عدة عواصم عربية (مثل: بيروت، والقاهرة، والرياض) تفيد بزيادة الطلب على معالجة العقم، مشيرة بذلك إلى أن العقم ما زال يمثل مشكلة داخل العلاقات الزوجية. وعلى الرغم من وجود هذا التناقض، يظل هناك نقص شديد في قياس ودراسة قضية العقم وعواقبه الاجتماعية.

بينما تظل الأرقام الكلية للطلاق منخفضة، تشهد بعض البلدان العربية تزايدا مفاجئا في معدلات الطلاق بين مواطنيها. وهناك ما يفيد بصحة هذا الأمر في مقال صدر مؤخرا في مجلة أخبار إمارات الخليج؛ حيث تقرر المقالة أن 3390 حالة من حالات الزواج الـ 11285 التي تمت في عام ٢٠٠٢ قد انتهت بالطلاق (وهو ما يمثل حوالى 30% من كل الحالات). وعلى الرغم من الاعتقاد العام بأن الزيجات من غير مواطني البلد هي التي تنتهى بمآس، فإن حوالي نصف حالات الطلاق (1590 حالة) التي حدثت كانت بين مواطني نفس البلد. ويذكر المقال عدد من الأسباب لهذا «الوباء الطلاقي»، يدخل في إطار المشاكل المالية، والقيود الاجتماعية التي تمنع المجالسة قبل الزواج، وزواج الصالونات الذي يستلزم قدراً من الإكراه لكلا الطرفين (Kawach ۲۰۰۳).

النساء المطلقات، في البلدان العربيـة، عرضة بشدة للسقوط، إلا إذا تمتعن بمساندة الأسر التي نشأن بها؛ وبالرغم من وجود القوانين التي تتعلق بالنفقة المالية للنساء المطلقات وأولادهـن، إلا أن الخبرة العملية تثبت صعوبة وضعها موضع التطبيق، مما يخلق أكواما مكدسة من القضايا المتعلقة بالطلاق. لقد أظهرت الدراسات أن الأسر التي تعيلها نساء مطلقات تقع بين أفقر الأسر، كما بينت الإحصائيات التدهور في مستوى معيشة هذه الأسرة بعد الانفصال عن الزوج. وهو الأمر الذي يمكن ملاحظته بوضوح في حالات الطلاق التي يمتنع فيها الزوج– أو يخفق– عن تسديد التزاماته الخاصة بدفع نفقة الطفل. ومن المهم أن نذكر هنا أنه برغم التشريعات التي تجعل هؤلاء الرجال مسئولون عن إعالة أطفالهم ماديا، فإن المحاكم تفتقر إلى الموارد المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه القضايا الخاصـة بنفقة الأطفال. وقد ضربت إحدى الدراسات– حول المغرب وإيران– المثل بإسهاب عن مأساة الطلاق (Mir-Hesseini 1990) كما ساهمت المنظمات غير الحكومية في مصر في رفع الوعى حول الصعوبات الكبيرة التي تواجهها النساء في عملية الطلاق، وحتى الحصول على حقوقهن المنصوص عليها قانونيا.

وقد ناضل النشطاء في المغرب طويلا حول عدم تطبيق القوانين المتصلة بالموضوع؛ هذا بالإضافة إلى أن أغلبية النساء المطلقات يفتقدن الموارد المادية الضرورية لدفع مصاريف القضايا. وقد تبنت الحكومية المغربية خطوات نحو هدف حصول النساء المطلقات على حقوقهن القانونية كاملة، وذلك من خلال المدونة المالية لعام 1998/99 التي تستثني النساء المطلقات بمقتضاهـا من الضرائب والرسوم على القضايا المتعلقة بالأحوال الشخصية التي يرفعونها أمام المحاكـم (الأمم المتحدة، اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ۲۰۰۰: 58).

إن سلسلة إجراءات عملية الطلاق وعدم الأمان الاجتماعي عبارة عن حلقة متعددة المستويات والأوجه؛ فالنساء بحاجة إلى امتلاك الحق في الحصول على الطلاق، وكذلك الحق في الحماية منه ومن تبعاته. إنهن يحتجن لصلاحيات قانونية تمكنهن من التغلب على منازعات الطلاق، وتأثيراتها عليهـن، وعلى أطفالهن، ومستقبلهن. وأخيراً، تستحق النساء الحصول على الحماية من الوصمة الاجتماعية التي يدمغـون بها، ومن التهميش الاجتماعي، خاصة إذا ما كان النظام القانوني والديني والثقافي يعطى حق الطلاق للرجال كحق مقصور عليهم فقط.

لقد أتى الخلع كبدعـة لحل هذه المشاكل؛ وإجـراء يضمن الطلاق للنساء، لكنه يتطلب منهن التخلى عن حقوقهن المالية. وبالتالي، فإن المرأة التي تحصل على الطلاق عن طريق الخلع تجد نفسها في وضع اقتصادي ضعيف. ولذا فإن قرار الخلع قرارا يصعب اتخاذه. هل من الأفضل أن يكون لدينا قوانين طلاق تضمن للنساء وأطفالهن حقوقهن ولكنها صعبة التطبيق، أم أن الأفضل هو وجود قانون يعطى للنساء حريتهن ويحرمهن من حقوقهن ؟

1/4 الخلع(6): هل هو قاسي أم كريم ؟

يضمن القانون الإسلامي للزوج الحـق الأحادي في إنهاء الزواج حسب رغبته، دون إبداء سبب ودون الحاجة للذهاب إلى المحاكم. ويتم فك الارتباط على أساس حق الرجل المتفرد في إنهاء الزواج، وهو ما يسمى بالعربية «الطلاق»: إن السهولة التي يحدث بها هذا الإجراء تعرض النساء إلى الشعور بعدم الأمان المعنوي والاقتصادي.

لذلك تلجأ النساء– في الحالات القصـوى– إلى الحصول على الطلاق عـن طريق «الخلع»، كشكل من أشكال الطلاق البائن، أو النهائي، ولكنه إجراء يتم باتفاق ثنائي بين الزوجين. يتم الخلع على أساس العرض والقبول؛ لذا، قد تعرض الزوجة أن تدفع مبلغا معينا (عادة ما يكون مبلغ المهر الذي دفع لها) إلى الزوج في مقابل إطلاق سراحها من رابطة الزواج، أو ربما يقبل الزوج طلاق زوجته مقابل مبلغ معين كنوع مـن التعويض. ومع ذلك، ليس من الضروري أن يكون التعويض ماديا إلا في المذهب الشافعي؛ وتقوم الزوجة بدفع التعويض في الخلع في كل الحالات، سواء كان من يعرض الطلاق هو الزوجة، أو الزوج، أو كليهما (El Alami & Hinchcliffe 1996: 22-24, 27-28؛ الأمم المتحدة 1998: 37 ). وتتحمل المرأة الحاصلة على الخلع مسئوليات أسرية ومالية أكبر من طليقها، مقارنة بمن تحصل على الطلاق من خلال إجراءات الطلاق المعتادة (سواء كان هذا الطلاق برجعة أو بدون رجعة). ويعود هذا الفرق إلى أن الفئة الأخيرة من النساء ما زلن يحظين ببعض الحقوق المتمثلة في مؤخر الصداق، والنفقة، إذا ما كانت مثبتة في عقد الزواج. في البلاد العربية ذات القوانين المقننة (تشمل البلاد التي ليس لديها قوانين مقننة المملكة العربية السعودية، والإمارات، وقطر، والبحرين، وسلطنة عمان) تتحمل المرأة التي تطلب الطلاق بالخلع نفقات الرضاعة والحضانة لأطفالها. وتنص المادة 117 من قانون الأحوال الشخصية في الكويت على أنه «إذا تضمن الخلع شرط احتفاظ المرأة بالأطفال، أو إرضاعهم، أو رعايتهم لفترة محددة، وإذا فشلت في القيام بالتزامها، يكون للأب الحق في الادعاء عليها لاسترداد هذا الحق أو استرداد نفقات الرضاعة أو الحضانة » (El Alami & Hinchcliffe 1996: 135)؛ ويأتي نفس المعنى في المادة 109 من قانون الأحوال الشخصية الأردني، وفي المادة 48 (الفقرة أ، ب) من القانون الليبي، وفي المادة ١٠٢ (١) من القانون السوري، وفي المادتين ۷۲ و 73 من القانون اليمني. (El Alami & Hinchcliffe 1996: 102, 194, 232, 263). وبالإضافة، فإن أحكام الخلع في بعض الأقطار العربية تنص على أنه لو وجدت المرأة المطلقة خلعا لنفسها في وضع مادي حرجسواء أثناء الخلع أو بعدهفمن حق الوالد الحصول على حضانة الأطفال. ومع ذلك، يبقى ذلك الأمر بمثابة دين على تدين به الأم للأب. ينطبق هذا الوضع على الأردن (مادة 110)، والكويت (مادة 117 ب)، وسوريا (مادة 2-102) (El Alami & Hinchcliffe 1996: 102, 135, 232).

لا يحق للزوج عند الخلع المطالبة بأكثر من المبلغ الذي دفعه لزوجته كصداق (مهر)؛ وعلى الرغم من ذلك، يمكن تحديد أي مبلغ محدد كتعويض، بحكم القانون. مما يجعل هذا الأسلوب للطلاق عرضة لسوء استغلال الأزواج؛ فربما يطلبون مبالغ كبيرة جدا مقابل تطليق زوجاتهم. ومع ذلك، تقبل عديد من الزوجات هذه التضحيات، لمجرد الحصول على حريتهن (El Alami & Hinchcliffe 1996: 28).

مما سبق، يبدو واضحا أن الأمر لا يقتصر على حاجة المرأة إلى دفع مبالغ كبيرة للحصول على الخلع، بل أنهن أيضا مطالبات بتحمل مسئوليات مادية متعلقة برعاية الأطفال، في حين يتم إعفاء الأب تماما من تلك الالتزامات. وفي حالة عدم قدرة المرأة على تحمل تلك المسئولية، يقوم الأب بتحملها، ولكن بشرط أن تظل المرأة مدينة له بالمبلغ الذي تحمله.

2/4 نفقة ما بعد الطلاق:

تتضمن كل القوانين والدساتير العربية مواد تتعلق بنفقة الأطفال؛ كما تزعم كل التشريعات حماية النساء المطلقات، ومنحهن حقوقهن الشرعية المنصوص عليها في الشريعة الإسلامية، وفي شرائع دينية أخرى. غير أن هناك تفسيرات لهذه المواد تنحاز للرجال على حساب النساء. فعلى سبيل المثال، كان يتم تطبيق مفهوم «بيت الطاعة» بواسطة الشرطة، وفقا لتفسير ضيق الأفق للمبدأ الإسلامي القائل بإجبار المرأة على الإقامة في المحل الذي يحدده لها الزوج؛ وهو مثال واضح للإنحياز الذكـوري. كما تشير المادة 69 من قانون الأحوال الشخصية الأردني على أن الزوجة العاصية ليس لها حق في النفقة؛ والمرأة العاصية تلك التي تهجر منزل الزوجية دون مبرر قانوني، أو التي ترفض دخول زوجها عليها قبل أن يطلب منها الانتقال إلى منزل آخر. وتتضمن المبررات القانونية لهجر منزل الزوجية خضوع المرأة للأذى، سواء كان عبارة عن ضرب أو أشكال أخرى من المعاملة السيئة (El Alami & Hinchcliffe 1966: 95).

إن الأمن الاجتماعي لا يتحقق فقط بالقضاء على هذه التهديدات المباشرة، بل أيضا في ضمان تفسير أوجه أخرى من قانون الأحوال الشخصية بطريقة تؤدى إلى تشجيع الإنصاف والمساواة بين الجنسين. وتجدر هنا الإشارة إلى أن كل البلدان العربية تشهد أشكالاً متسترة وغير رسمية من الانحياز إلى جانب الرجال، خاصة حينما يتعلق الأمر بالتفسيرات الدينية والقانونية. ففي بعض الأقطار العربية– مثل مصرلا يتم النظر في دعاوى النفقة بعد مرور عام على الطلاق؛ كذلك الأمر في الأردن حيث لا تنظر دعاوی زيادة أو خفض النفقة إلا بعد مرور ستة شهور من تاريخ الحكم بالنفقة، بشرط ألا تكون قد طرأت ظروف استثنائية مثل التضخم في الأسعار ((El Alami & Hinchcliffe 1996: 95. وقد تتأخر كثير من النساء العربيات في رفع دعاوى النفقة لعدة أسباب، من ضمنها: غياب الوعي لدى النساء المتعلقة بنفقة الطلاق، والفقر الذي يؤدى إلى مواجهة الصعوبات أمام تسديد الرسوم المطلوبة في تسجيل الدعاوى لإثبات الحـق فـي النفقة (El Alami & Hinchcliffe 1996: 60). قد تمثل فترة السماح بعام فكرة عادلة في حد ذاتها ولكنهـا ليست كذلك في غياب آلية قانونية تلزم النظام الإداري والقضائي بضمان وعى النساء بهذه الحقوق.

هناك مثال آخـر نستمده من واقع قانون الأحوال الشخصية السوري، حيث تعانى النساء المطلقات من عدم أمان مالي بسبب تحديد فترة زمنية محددة للنفقة. فتنص المادة 177 من قانون الأحوال المدنية السوري على أن الرجال ملزمـون بدفع نفقة بحد أقصى ثلاثة سنوات إذا كانت المرأة غير قادرة على إثبات كونها معدمة أو في عوز من جراء الطلاق. ولا يتضمن هذا القانون أي تعريف لحد الفقر والعوز، تاركا الأمر لتقدير القاضي الذي يقرر إذا ما كانت حالة المرأة تتطلب نفقة أم لا؛ بالإضافة إلى أنه لا حق للمرأة في النفقة إطلاقا إذا كانت موظفة. إن جعل المرأة المطلقة (التي قد تكون طلقت ضد رغبتها) غير جديرة بالنفقة، إن من أي شكل آخر من التعويض المادي، عبارة عن قهر لها، حتى وإن كانت امرأة عاملة.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن فترة دفع النفقة تختلف من بلد عربي لآخر. وتستحق المرأة المطلقة الحصول على مؤخر الصداق المتفق عليه في عقد الزواج، والذي يدفع لها فقط في حالة الطلاق. وللمرأة المطلقة أيضا الحق في التعويض المعروف باسم «نفقة المتعة». يتم تحديد مبلغ النفقة وفقا لظروف الزوج من حيث حجم ثروته أو مدى فقره، وعلى أساس الظروف التي تم فيها الطلاق، وطول مدة الزواج (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة 15: 2001). في أحيان كثيرة، يسمح للزوج المطلق بدفع التعويض على دفعات كما في حالة مصر، والكويت. غير أن المبالغ الثلاثة– أي: نفقة الطلاق (وهي مؤقتة)، ومؤخر الصداق، ونفقة المتعة– قد لا تضمن للمرأة المطلقة حياة آمنة، خاصة إذا لم تتزوج من جديد (El Alami & Hinchcliffe 1996).

يتم حاليا مراجعة كثير من هذه القواعد لضمان المساواة بين الجنسين، والإنصاف للنساء؛ فقد أعادت كل من المغرب، والأردن، والبحرين، والعراق، مراجعة قوانين الأحوال الشخصية بها لتستبعد الانحيازات المتخلفة المبنية على النوع هذا، وسوف تقيم مصر في أكتوبر ٢٠٠٤ محاكم متخصصة لقضايا الأسرة لإنقاذ الملايين من الرجال، والنساء، والأطفال، من المعاناة والقلق الناتجين عن القضايا المطولة في المحاكم الرازحة تحت أكداس القضايا التي تنظر فيهـا. ومن أجل تحقيق ذلك، لابد من وجود أنشطة تهدف إلى الحصول على توافق اجتماعي حول أهمية هذه التغييرات. كما أن توافر النوايا الحسنة لدى المحاكم، والجهات التنفيذية (بما فيهما الضمان الاجتماعي والجهاز الأمنى)، والمجتمع، عوامل متضافرة لتحقيق العدالة، وضمان وجود تشريعات غير منحازة على أساس النوع، وينطبق ذلك على كل نواحي الأحوال الشخصية، وليس على مسألة النساء المطلقات فقط. ولكن حيث يحمل الطلاق معنى الوصمة الاجتماعية التي تمنع المرأة من استئناف الحياة دون الوقوع في العزلة والتهميش، يصبح من الملح العمل على بلورة التوافق المذكور.

يكمن عدم الأمان الاجتماعي في الوصمة الاجتماعية التي تلتصق بصورة المرأة المطلقة؛ وفي حين تلزم الأديان– والإسلام على وجه الخصوص– أفراد الأسرة من الذكور برعاية وإعالة النساء في الأسـرة، إلا أن هذا الأمر قد غدا فكرة مثالية، غالبا ما لا تتحقق. لقد تولت الدولة القيام ببعض هذه المسئوليات المفروضة على الذكور بإمداد النساء بالنفقات والمعاشات؛ ولكن القيمة الفعلية لهذه النفقات، والقدرة في الحصول عليها، قد تكون محبطة نظرا للأضرار الاجتماعية.

من أكثر مظاهر عدم الأمان إزعاجا بالنسبة للنساء في بعض البلدان العربية هو النتائج المترتبة على الانفصال، والهجر، والهجرة. يطلق على هذه الظاهرة مسمى النساء المعيلات لأسر؛ وتضم النساء اللاتي ربما قد ترملن، أو طلقن، أو تم هجرهن؛ لذا لا يظهر دائما في الإحصاءات الرسمية تحت بند الانفصال الرسمي. تفيد البيانات الحديثة أن واحدة من كل 9 أسر في كل من الجزائر، ومصر، والسودان، وتونس، واليمن، تعولها امرأة(Osman 2003: 7). تعود إعالة المرأة للأسرة إلى أسباب وسياقات اجتماعية، واقتصادية، وسياسية، متنوعة. فتتركز غالبية النساء المعيلات للأسر في الجزائر ومصر في المناطق الحضرية، بينما ينتشرن أكثر من المناطق الريفية في كل من السودان واليمن (Osman 2003: 7). وهناك تنوع كبير في التركيبة العمرية، والحالة التعليمية بين النساء المعيلات. كما يغيب تماما عن نطاق وثائقنا الزوجات والأمهات اللاتي يعلن أسرهن، ويكتسبن قوتها. ويرعون أزواجهن العاطلين عن العمل أو غير القادرين عليه. تواجه هذه الملايين من النساء العراقيل البيروقراطية، والقانونية، والثقافية، والتي تتسبب في الأذى والمعاناة لهن ولأطفالهن.

قامت الأقسام السابقة بتوثيق الحاجة إلى الأمان الاجتماعي، ولم لا نستطيع أن نتوقع من الأسر توفير تلك الاحتياجات. والسؤال المطروح هنـا هو ما الآليات الموجودة لمدّ مظلة التأمين الاجتماعي ؟ وبصفة عامة، هناك شكلان آخران من الوسائط، هما: برامج التأمينات الاجتماعية، والأسواق. وتستند هذه الوسائط– لدرجة كبيرة– إلى النظام السياسي والاقتصادي الذي يحكم كل بلد. صحيح أن العالم العربي يتضمن بالفعل بعضاً من أكثر نظم الأمان الاجتماعي كرما (مثل الدول النفطية التي تنفق ببذخ على نظم المزايا الاجتماعية التي توفرها لمواطنيها)، وبعضها من أكثرهم إنصافا وعدلا (مثل الدول التي كانت تتبنى الاشتراكية في السابق، وأبقت على المبادىء الاشتراكية للعدل والمساواة، وإعادة توزيع الدخل دون التحيز النوعي)، والبعض الآخر الأقل تقدما (كما في الدول التي أصابتها الحروب، وعمليات الحصار، والتخلف، والتي تستطيعبالتالي– تحمل نفقات نظام الرفاهة).

ينطبق الشيء نفسه على الأسواق التي تختلف كثيرا من مكان إلى آخر داخل العالم العربي؛ مع التنوع في وفرة العمـل، وشروط التوظف، والمرونة، والفاعلية، والانتظام والإنتاجية. وعلى الرغم من هذه الاختلافات، هناك بعض الهموم المشتركة التي تتعلق بالأمان الاجتماعي في المنطقة. فيتم تهميش النساءأو على الأقل إبعادهن عن هذه المنافع– بسبب سوء إدراك الأدوار الاجتماعية المبنية على النوع، ومقتضيات حماية ورعاية الأسرة.

سبق أن أشرنا إلى تعريف منظمة العمل الدولية للأمان الاجتماعي باعتباره حماية يوفرها المجتمع لمواطنيه من الناحية الاقتصادية والسياسية. ويتم توصيل هذه الحماية عبر قنوات وإجراءات عامة تقوم بتوفير المنافع، لتغطية احتياجـات ذوي الدخول المنخفضة، أو الاحتياجات الناشئة عن المرض، أو العجز، أو عدم القدرة، أو الأمومة، أو البطالة، أو كبر السن، أو الموت. كما تلتزم الدول بتأمين الصحـة، والتعليم، من خلال الأموال العامة، إلى جانب المساعدات المباشرة للأسر التي لديها أطفال، أو التي في حاجة خاصة إلى مزيد من التأمين الاجتماعي. ومن ناحية أخرى، بدأ الحديث حول مدّ مظلة الحماية الاجتماعية إلى المجموعات التي تواجه أخطاراً، في الخطاب الخاص بالأمان الاجتماعي؛ مما أضفى اعترافا واضحا بالحق في الأمان الاجتماعي، وباعتباره ضرورة ملحة؛ فانتقت بذلك الصور المتخلفة التي كانت تشير إلى الأمان الاجتماعي والرفاهة باعتبارهما نوع من الترف يتضمن الاعتماد على الصناديق العامة (منظمة العمل الدولية ۲۰۰۰).

توجد برامج للتأمينات الاجتماعية في كل الدول العربية تستهدف المجموعات ذات الاحتياجات الخاصة من خلال نظم مثل تعويضات البطالة، ومنح العجز، والمعاشات للمسنين والمحتاجين، ومساعدات للتخفيف من حدة الفقر، وصناديق المعونة المالية للاحتياجات الأساسية (مثل الزواج في بعض دول الخليج في المملكة العربية السعودية)، وتوظيف الشباب من خلال الصندوق الاجتماعي للتنمية، كما يحدث في مصر؛ كما تحصل بعض الأقطار على معونات غذائية عالمية.

وفي حين تتسم بعض هذه البرامـج بالكرم والجودة العالية، يتميز البعض الآخر بالمحدودية وعدم الكفاية؛ إلا أنها جميعا لا تثرى رأس المال البشري، أو الاجتماعي، أو المادي. ولم تساعد هذه البرامج الدول العربية في التغلب على المحـن والتقلبات التي حدثت في الماضي القريب؛ إضافة إلى أن هناك قصورا في تقييم وإدراك التمييز النوعي الذي تتضمنه هذه البرامج، لأن التمييز ضد النساء في مسائل الأمان الاجتماعي لم يلق أساسا العناية والدراسة المنظمة (Bibars 2001: 6).

في تقييم حديث متعمق للسياسات الاجتماعية في العالم العربي، ينتقد عبد الباسط عبد المعطى عدة اتجاهات في السياسة الاجتماعية للعالم العربي؛ فهو يشير إلى أن البرامج خدمية، وليست عبارة عن سياسات؛ كما أنها غير مرتبطة بأهداف أو مخرجات محددة. ويضيف أنها موجهة نحو المتلقى السلبي وليس نحو الشريك الفاعل (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا ۲۰۰۳: ٥٠١٤٠). يستثنى هذا التقرير لبنان، والبحرين، حيث السياسات الاجتماعية شاملة، ويوجد مستوى معقول من المراجعة والمشاركة من قبل شرائح متعددة في المجتمع.

تشير إيمان بيبرس– التي تناولت مسألة الرفاهـة في مصر والبلاد العربية– إلى التحيزات على أساس النوع الاجتماعي الموجودة في بعض هذه البلدان؛ تلك التحيزات ذات الطبيعة البنيوية التي تتسم بها برامج وخطط الأمان الاجتماعي (Bibars 2001). وقد وثقت في دراسة مقارنة– بين كل من مصر– والجزائر، والأردن، والكويت، ولبنان– التمييز ضد النساء في كل من الخطط والبرامج الخدمية وغير الخدمية (Bibars 2001)؛ وتذكر أن «النساء الفقيرات الأميات اللاتي لا يستندن إلى حماية ذكر، أكثر من يعاني من التمييز، وانتقاص الصلاحيات؛ وأن معاناة هؤلاء النساء سوف تثمر عن مجموعة جديدة من الأبناء والبنات الأميين» (Bibars 2001). وعلى الرغم من ذلك، تظل السياسة الاجتماعية غير معنية ولا حساسة تجاه البعد النوعي؛ وينعكس ذلك عند التدقيق في نظام المعاشات والتأمينات الاجتماعية؛ فهذه البرامج تقليدية بصفة عامة، مع وجود بعض الامتيازات الكريمة كما هو الحال في الكويت، والمملكة العربية السعودية (Turner 2001: 14). أما العراق، فقد أسست في عام 1964 صندوقا اقتصاديا تبنى خطة قومية للتأمين الاجتماعي؛ وأقامت سلطنة عمان برنامجها في 1991؛ وهي السنة نفسها التي أعادت فيها اليمن تفعيل برنامجها بعد توحيد شطرى البلاد. هناك بعض البرامـج– مثل البرنامج الأردني– التي تمتد لتغطي المواطنين الأردنيين، إلى جانب غيرهم من غير الأردنيين. كما ينخفض سن تقاعد النساء عن الرجال في بعض الأقطار، مثل: البحرين، والعراق، والكويت. فالنساء في الكويت يمكن أن يتقاعدن في سن الأربعين إذا ما اشتركن في التأمينات الاجتماعية لمدة عشرين سنة؛ وهذه ميزة لا يتمتع بها الرجال. كما تتطلب بعض البلادمثل لبنان، والبحرين– أن يمتد الاشتراك في التأمينات الاجتماعية عشرين عاما فقط. وهناك البعض الآخر الذي حدد سـن التقاعد بعمر السنين، بغض النظر عن مدة الاشتراك في التأمين. قد يتمكن العاملون– الذين يفشلون في الإيفاء بشروط الاستفادة من التقاعد في المملكة العربية السعودية– من استعادة المبالغ التي سددوها. بالإضافة إلى أن معظم البلاد تدفع هذه المعاشات بناء على متوسط الدخل في السنتين السابقتين على التقاعد. وتقوم بعد البلدان– مثل لبنان، واليمن– بتسديد المعاش دفعة واحدة إجمالية.

إن التمييز والاختلافات النوعية تظل قائمة في معظم أنظمة الضمان الاجتماعي؛ ففى الأردن– على سبيل المثال– لا تسمح القواعد القانونية الحالية– التي تحكم التأمين الصحي للعاملين في الخدمة العامة– للنساء بمد مظلة التأمين الصحي الخاص ليشمل الزوجة أو من تعولهم. ومع ذلك، من حق الأرامل والمطلقات أن يشمل تأمينهن الصحى أولادهن ( منظمة العمل الدولية ٢٠٠٢: 13– 14).

لقد بذلت الجهود في السنوات القليلة الماضية من أجل إصلاح الانحرافات ضد النوع في نظم التأمين الاجتماعي؛ وتوجد هناك في مصر برامج للتأمين الاجتماعي ممولة عن طريق الخزينة العامة فقط؛ من ضمن هذه البرامج: قانون التأمين الاجتماعي رقم 30 لسنة 1997؛ يهدف هذا القانون إلى توفير الضمان الاجتماعي للأسر، وخاصة تلك التي لا تغطيها برامج الخدمات الاجتماعية؛ كما يقوم بتوفير المساعدات في حالات الطواريء. لقد جعل هذا القانون خدمات التأمين الاجتماعي متاحة أمام شرائح معينة من المواطنين– منها الأرامل، والمطلقات، وأطفال المطلقات المتوفيات، أو اللاتي تزوجن مرة أخرى، أو اللاتي يقضين عقوبة في السجن، وللنساء فوق سن الخمسين اللاتي لم يتزوجن على الإطلاق– ولا يحصلن على أية معاشات تحت شروط التشريع السابق للتأمينات الاجتماعية؛ كما يتم دفع مساعدات شهرية للأسر التي تفتقر لعائل؛ وعلى النساء «إثبات» عذريتهن للحصول على هذه المساعدة (Bibars 2001: 85).

أما المشرع التونسي، فقد وسع بعد الاستقلال من مجال تغطية الضمان الاجتماعي ليشمل المطلقات؛ وقد منحت للصندوق القومي للضمان الاجتماعي مسئولية إدارة صندوق لكفالة دفع نفقة الزوجات وإعالة الأطفال (الأمم المتحدة 1996: ٢٥)؛ كذلك، تستطيع المرأة التونسية نقل حقوقها في الضمان الاجتماعي إلى أفراد أسرتها– وأطفالها بصفة خاصة– في حالة الوفاة. وتتمتع النساء المنتفعات من الضمان الاجتماعيإضافة إلى ذلكبالحق في التقاعد المبكر إذا كان عليها القيام برعاية الأطفال (الأمم المتحدة ١٩٩٣: ٢٥).

وفي الجزائر، تتلقى الأرملة معاش زوجها– إذا كان له تأمين اجتماعی– طالما بقيت على قيد الحياة، دون اعتبار لسنها. إما إذا كان للمتوفى ابنة غير متزوجة، ولا تمتلك مصدرا للدخل، فهي تتلقى أيضا معاشا ما دامت على قيد الحياة، ودون اعتبار أيضا لسنها. هذه الإجراءات تأخذ في الاعتبار خصائص المجتمع الجزائري، وتؤمن دخلا للنساء اللاتي لا يرتبطن بأي نشاط بأجر. وفي مجال مزايا الأسرة، تمنح مساعدات محددة للأسر التي لها عائل وحيد (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة ۱۹۹۸: 32).

وفقا للشروط المنصوص عليها في القانون الصادر عام 1971، وفي قرارات سنة 1989، يمنح الزوج/ة المتبقى على قيد الحياة في المغرب الحق في الحصول على معاش الشريك المتوفى. ولا تضمن المرأة الحصول على معاش الأرامل إلا إذا مر عامان كاملان على زواجها من الرجل الموظف، أو على تاريخ توقفه عن النشاط الاقتصادي، أو على تاريخ إصابته بالعجز، على أن يكون العجز ناتجا عن مزاولة المهنة. قد لا تطبق الفترة الزمنية نفسها في حالة إنجاب أطفال نتيجة لهذه العلاقة الزوجية. وبالإضافة، يقصد بالمساعدات الممنوحة للأسرة، وبالرعاية الصحية، استكمال الدخل الذي يحصل عليه الفرد الذي يتحمل المسئولية المالية للأطفال، وإذا كانت الزوجة هي المستفيد الوحيد من الضمان الاجتماعي من الضمان الاجتماعي، فإن المساعدات الاجتماعية تكفل لها؛ بينما في حالة حصول الزوجان معا على التأمينات، تدفع المساعدات للزوج فقط، باعتباره عائل الأسرة (اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 1999: 38). غير أن هناك بعض المعالم المقلقة التي تبدو في الأفق؛ فقد يعاني العالم العربي من الفقر أقل من غيره من المناطق النامية، لكن أخطار الوقوع في الفقر تبدو كبيرة– خاصة فيما يتعلق بالنساءكنتيجة للتغيرات الاقتصادية، والصراعات المتفرقة، والضغوط الديموغرافية، والتركيبية السكانية (البنك الدولي ۲۰۰۱: ۸ ). إن المزايا الي تمنحها برامج الضمان الاجتماعي القائمة لا تتماشى مع اشتراكات المساهمين، مما يؤدى إلى تناقضات في الحسابات التأمينية؛ فقد يدفع العاملين وأرباب العمل ما يصل إلى 40% من مكاسبهم– كما هو الحال في مصرالأمر الذي يخلق تشوهات في سوق العمل.

لقد تطورت برامج المساعدة الاجتماعية في الدول العربيةمثل برامج الأعمال العامةوالصناديق الاجتماعية– النقدية والعينية– لتساعد المتضررين من الأزمات الاجتماعية، والاقتصادية. وبرغم النتائج الجيدة التي حققتها هذه البرامج فيما يخص التكلفة، إلا أنه مازال هناك مجال واسع للرفع من كفاءتها. لقد فشلت الصناديق الاجتماعية في الوصول إلى أفقر الفقراء، وغالبا ما يكونون من النساء. ففي كثير من الأحيان، يقوم من هم من غير الفقراء بالإستيلاء على الدعم الحكومي للغذاء؛ مما يؤدى إلى تسرب هذا الدعم إلى مجموعات ذات دخل متوسط أو مرتفع (البنك الدولي ۲۰۰۱: ۱۰ ).

يصل معدل البطالة الرسمي في المنطقة إلى 15% (وهو في الوقت ذاته أعلى معدل للبطالة في العالم)، مع وصول نسبة التوظيف في القطاع الحكومي إلى ما يزيد عن 20% من إجمالي التوظيف (أيضا واحدة من أعلى النسب في العالم). تسببت التغيرات الاقتصادية الحادثة في التسعينيات في ما يزيد عن 80% من أسباب زيادة الفقر على مستوى المنطقة (البنك الدولي ۲۰۰۱: 43 ).

وصلت التحويلات النقدية من الهجرة والعمل إلى ما يرتفع إلى 30% من الدخول، لكن حدث تناقص حاد في هذه الفرص منذ ذلك الوقت. إضافة إلى أن العاملين خارج بلدانهم لا ينتفعون– هـم أو أسرهم– من مظلة الحماية الاجتماعية؛ باستثناء من يعملون في الأردن (البنك الدولي ٢٠٠١: ٥٤ ).

هناك تطور في الأوضاع الصحية، وارتفاع في الإنفاق عليها؛ غير أن نسبة الوفيات، والإصابة بالأمراض المعدية ما زالت مرتفعة؛ كما استمر الارتفاع في الإنفاق الشخصي على العلاج وتكاليفه. يمثل معدل الإنفاق العام على الصحة نسبة 56% من إجمالي الإنفاق العام، مع وجود تباينات كبيرة داخل المنطقة: فهو يمثل 80% في المملكة العربية السعودية، بينما يصل إلى 30% في المغرب. هناك تغطية صحية للجميع في منطقة الخليج، مع تنامي الضغوط من أجل خصخصة الخدمات الصحية المقدمة للأجانب. فلدى معظم دول الخليج برامج لتغطية العاملين في القطاع الحكومي، وأطفال المدارس، والعسكريين، والعاملين في القطاع الرسمى، عبر أنظمة الحماية الاجتماعية.

كما تعتبر المعاشات في المنطقة سخية، لكنها لا تواكب التضخم، حيث لا يوجد لدى أي دولة آلية رسمية لتصنيف المؤشرات. أما أكثر المعاشات سخاء، فهي تلك التي تمنح للعسكريين، والتي لا تتضمن النساء ( البنك الدولي ۲۰۰۱: ۷۰۲ ).

ليس في وسع هذا التقرير تقديم وصف لكل البرامج الموجودة في البلدان العربية. غير أنه يستطيع نقل الرسالة التي تبثها لنا بعض المبادرات البحثية التي قامت بدراسة هذه الجوانب. يتم التمييز ضد النساء في البرامج المتعلقة بالتأمين الاجتماعي بطرق متسترة أحيانا، وصريحة أحيانا أخرى. وتفترض البرامج ضمنيا توافر المواطنة الاجتماعية، وبالتالي مدّ مظلة المزايا. هناك قلة من البرامج التي تقوم بالتمييز لصالح النساء، وتعترف بالعقبات الثقافية والاجتماعية التي من شأنها أن تشكل عائقا أمام حصول النساء على المزايا والفوائد التي يستحقونها. إن الأمان الاجتماعي الحساس تجاه قضايا النوع معناه وجود برامج تأخذ في اعتبارها الواقع الذي تعيشه النساء، ولا تستند إلى فرضيات متعلقة بالأدوار الاجتماعية للجنسين، وبالتجانس الأسرى، والرفاهة التي يوفرها الاستقرار السياسي، والرخاء الاقتصادي.

فمن جهة، تقوم القوانين بحماية النساء، والاعتراف بضعف النساء الوحيدات (مطلقات أو أرامل)؛ كما تمنح الأجر المتساوى للعمل المماثل بغض النظر عن النوع، بل وتعتبر رعاية الطفل إسهاما يسمح بالتقاعد المبكر (اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسیا ۲۰۰۳؛ 17: Bibars 2001). لكن مازالت البرامج الحالية تضع عبء إثبات الاحتياج على عائق النساء، وتضع فرضيات فيما يتعلق بالروابط الأسرية، وحاجة النساء إلى الدعم. فعلى سبيل المثال، تفرض برامج الاشتراك في المعاش نسب عالية من المساهمات المالية، لا تشجع أصحاب الأعمال على التأمين على العاملين لديهم؛ وغالبا ما تكون النساء أول من يتم الاستغناء عنهم، أو يكن أكثر من يرغب في التخلي عن التأمين نظرا لاحتياجهن، من جهة، وضعف مهاراتهن، من جهة أخرى. بالإضافة إلى أن هذه البرامج عادة ما تغطى شرائح العاملين بأجر، والتي تشكل النساء فيها نسبة ضئيلة. فمعدل النساء إلى الرجال المستفيدين من برامج التأمينات في مصر هو من 1 إلى ۱۲,5 (Bibars 2001: 20-21). وفي غياب البرامج التي تؤمن الفقراء، والعاملين الموسميين، والمستخدمين في القطاع غير الرسمى، لا يمكن أن تتسم هذه البرامج بأي نوع من العدالة.

نجد البعد النوعي والفرضيات المتعلقة به أكثر سطوعا في البرامج غير الاكتتابية. فقد قام معهـد الإدارة العامة في الأردن بإعداد تقرير حول المشكلات التي تعترض وصول خدمات مؤسسـة الدعم الوطني إلى المستفيدين المستهدفين. وقد توصل هذه التقرير إلى أن 41% من هؤلاء قابلوا مشاكل إجرائية، كما أقر جميع الـ 13% الذين حصلوا على معونات عينية بأنهم واجهوا مشاكل إجرائية (Bibars 2001: 23). إن المشاكل التي تواجهها النساء في التعامل مع الأجهزة الرسمية للدول ليست عرضية أو عبارة عن نکات يتبادلها الناس؛ بل هي حقائق لابد أن تواجهها الدولة، وتسعى لتطوير سياسات أكثر تعاطفا مع النساء، حيث أنهن يشكلن أحد الفئات الأكثر احتياجا.

1/7 الطرق إلى تحقيق ضمان اجتماعي مفتوح أمام النساء خارج إطار الأسرة:

إن وضع النساء فيما يتعلق بالضمان الاجتماعي أسوأ مما هو بالنسبة للرجل، خاصة في الدول العربية التي تتميز بكثافة سكانية عالية وثروات أقل. لقد اعترفت خطة عمل بكين بأن النساء يواجهـن تحديات اقتصادية إضافية، تشمل غياب الفرص الاقتصادية والتعليمية، وندرة سبل الحصول على الموارد الاقتصادية، ونقص في فرص المشاركة في صنع القرار.

تتناول خطة عمل بكين أنظمة الرفاهة الاجتماعية التي غالبا ما أخفقت في أخذ الظروف الخاصة للنساء– اللاتي يعشن في حالة الفقر– بعين الاعتبار. وتزداد فرص مواجهة النساء للفقر عن الرجال، خاصة فيما يتعلق بالنساء المتقدمات في السن. ففي الواقع، ترتبط أنظمة الضمان الاجتماعي بمبدأ التوظيف المستمر بأجر؛ وهذا الأمر يعرض قطاعات كبيرة من النساء إلى الفقر، بسبب عدم استطاعتهن الحصول على وظيفة مستمرة بأجر، لعدة أسباب. بالإضافة إلى أن النساء المتقدمات في العمر يواجهن عراقيل أكبر في الدخول مجددا في سوق العمل (الأمم المتحدة 1995: ۱۲ ).

كما تذكر خطة عمل بكين الدول بمسئولياتها عبر توجيهها نحو تخصيص مزيد من الإنفاق العام لتحسين وضع النساء الاقتصادي، وإعطائهن فرص متكافئة للحصول على الموارد، وخلق أنظمة ضمان اجتماعي تضع الرجال والنساء في أوضاع متساوية على امتداد المراحل العمرية المختلفة، وتطوير وتنمية السياسات والبرامـج لضمان سبل النساء في الحصول على الغذاء والسكن والرعاية الصحية والتعليم والتدريب والخدمات القانونية. كما تطالب خطة عمل بكين بأن تقدم كل المستويات الحكومية الجهود من أجل إنجاز هذه الأهداف. وتنادي الحكومات بتوفير سبل حصول النساء الفقيرات على الخدمات القانونية المجانية– أو منخفضة التكلفة– وحمايتهن عن طريق القيام بإصلاحات تشريعية وإدارية لإعطائهن فرصا كاملة ومتكافئة للحصول على الموارد الاقتصادية. وقد تضمنت خطة العمل مطلبا خاصا للحكومات بالتصديق على الاتفاقية رقم 169 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بحماية حقوق السكان الأصليين، وتشجيع الروابط بين النساء ومؤسسات الائتمان والادخار الرسمية (الأمم المتحدة 1995: ۱۲).

لقد أكدت خطة عمل بكين لعام 1995 على أهمية تبني رؤية شاملة تؤدى إلى تعزيز قدرات النساء وتتناول ثلاثة أبعاد أساسية:

  • العقائد السائدة التي تدعم مظاهر عدم المساواة بين الجنسين على المستويات الاجتماعية، والاقتصادية والسياسية والثقافية.

  • توفير فرص متساوية للحصول على الموارد والمنافع الإنتاجية (مثل: الأراضي الزراعية والقروض المناسبة، والمسكن الأمن، والمساحات المناسبة للقيام بالأعـمال، والخدمات الملاءمة من حيث الجودة والتكلفة، والتي تتضمن التعليم، والتدريب على اكتساب المهارات، والصحة العامة، والصحة الإنجابية، ورعاية الأطفال).

  • توفير الإمكانيات وتطوير قدرات النساء العربيات في الحصول على وظائف مدفوعة الأجر؛ وعلى نفس القدر من الأهمية ضمان سيطرة هؤلاء النساء على الدخل الذي يحصلن عليه. هناك معوقات اقتصادية، واجتماعية، وسياسية، قائمة على أساس النوع تواجه حقوق المرأة فيما يخص هذه الأمور (منظمة العمل الدولية ۲٠٠١: ۱۳۱).

حينما تحصل النساء على التعليم والرعاية الصحية مجانا، فإنما يكون بذلك لتعزيز قدراتهن. ويتمثل جزء من هذا التمكين في القدرة على أن يصحبن منتجات اقتصاديا، ومتحررات من التبعية أو العوز. ومع ذلك، تبقى هناك حواجز بين هذا الهدف وبين واقع حياة النساء.

تتمثـل إحدى هذه القيود في الشروط الاقتصادية القائمة المستندة إلى التمييز بين الجنسين، مثلما يحدث عند عودة العمالة المهاجرة من أوروبا، أو دول الخليج، وما تؤدى إليه من تفاقم البطالة في الدول المصدرة لقوة العمل. ونظرا لانتشار هذا الفكر حول الأدوار الاجتماعية للنوعين، هناك ميل عام للتركيز على بطالة الذكور فيما يتعلق بإعادة التوظيف، وتوفير فرص التدريب. وينظر إلى بطالة الإناث باعتبارها أمرا يحتل أهمية ثانوية؛ مما يؤثر سلبيا على تمكين النساء العربيات اقتصاديا (منظمة العمل الدولية ۲۰۰۱: 133-134).

2/7 الأمان الاجتماعي والسوق: والتفاوت في الأجور بين الجنسين:

هناك عقبة أخرى تتمثل في التفاوت في الأجور بين الجنسين في القطاع الخاص. فقد تم رصد فجوات كبيرة في الأجور بين النوعين؛ أما فيما يتعلق بالقطاع العام– حيث الأجور في غاية الانخفاض– تتراجع النساء العربيات عن السعى إلى الحصول على وظائف فيه، ويفضلن المكوث في المنزل للقيام بأدوارهن التقليدية. فالنساء اللاتي يعملن في القطاع الخاص أكثر حظا من نظيراتهن في القطاع العام بالحصول على رواتب وأجور أعلى. لكن الاختلاف العام في الأجور بين النساء والرجال مازال يمثل مشكلة رغم التشريعات الرامية إلى منع هذا الأمر.

وتحصـل النساء في القطاع الخاص على مزايا أقل من حيث طول إجازة الوضع والرضاعة، والحق في إجازة ولادة مدفوعة الأجر، وفي الاحتفاظ بوظيفتها حتى انتهاء هذه الأجازات. لذا، تقل فرص العاملات في القطاع الخاص الاحتفاظ بالوظيفة عن مثيلاتهن في القطاع العام. ففي دراسة حديثة أجرتها كل من نادية حجاب وكاميليا الصلح وشيرين عبـادي بعنوان «الاستيعاب الاجتماعي للمرأة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا » (البنك الدولي، واشنطن دی سی ۲۰۰۳ )، سجلت الباحثات القيود التي تواجهها النساء حسب نمط العمل في معظم البلدان العربية؛ كما تناولت الدراسة حرية تنقل النساء، وأوضحت أيضا أن تكلفة المزايا الممنوحة للأمهات لا تشجع أصحاب الأعمال على توظيف النساء.

تتضمن كل قوانين العمل العربية– فيما عدا التشريعات الليبية– بنودا تتعلق بحقوق النساء في العمل، خاصة فيما يخص الحق في أجـازات الوضع والرضاعة. غير أن العاملات في القطاع الخاص مازلن يحصلن على هذه المزايا من أصحاب العمل، نظرا لغياب صناديق وطنية تضمن الحصول على الأجر أثناء فترة الولادة. وحيث يقع هذا العبء المالي في أغلب الأحيان على عاتق أصحاب الأعمال، يمتنع عديد من هؤلاء عن توظيف نساء متزوجات، أو حوامل، أو نساء من المحتمل أن ينجبن خـلال فترة الخدمة وتمثل العراق استثناء لهذه السياسة غير المدونة؛ فهو البلد الوحيد الذي يمول نفقات أجازات الوضع ورعاية الطفل من صندوق خاص بالضمان الاجتماعي، مستقل تماما عن أصحاب العمل.

لقد حددت الاتفاقية العربية الخاصة بالتشريعات المنظمة لعمل المرأة أجازة الأمومة بعشرة أسابيع؛ منها ستة أسابيع يجب أن تكون بعد الوضع. ويتناقض هذا النصعلى كل حال– مع قوانين بعض البلاد العربية، مثل تونس، وعمان وسوريا، ودولة الإمارات العربية، والبحرين، فقوانين بعض هذه البلدان يضمن للنساء إجازة الولادة، ولكن بشرط أن تكون المرأة قد أمضت ما لا يقل عن ستة شهور– أو سنة– في الوظيفة. فإذا لم يكتمل هذا الشرط تمنح المرأة أجازة غير مدفوعة الأجر أو تتقاضي نصف الأجر (Abu Harthiyyeh & Qawwas 1997: 9-10).

ويتفق هذا الاتجاه لدى القطاع الخاص في المنطقة العربية مع الاتجاهات العالمية التي تفضل توظيف شابات، غير متزوجات؛ حيث يتوقع أصحاب الأعمال خروجهن من سوق العمل بسبب الزواج ورعاية الطفل، وبالتالي تقل المزايا التي يحصلن عليها. وعادة ما تكون هؤلاء الإناث مستعدات لقبول أجور منخفضة، ولا يشترطن الحصول على مزايا مثل أجازة الوضع. كما قد تكون هذه الفئة من قوة العمل النسائية أكثر مرونة فيما يتعلق بأوقات العمل، والعمل الإضافي. فبالنسبة لأصحاب العمل، تمثل هؤلاء النساء العربيات نمطًا من العمالة الرخيصة، والمرنة، تسعى إليها الشركات التي تتطلع إلى تأمين وضعها في السوق التنافسي.

3/7 النوع الاجتماعي والتمييز القطاعي في الأجور:

هناك شرط ثالث يواجه النساء في سوق العمل؛ ويتمثل في الفروق بين الأجور داخل القطاعات. ففي مصر على سبيل المثال– تظل الفجوة النوعية في القطاع الصناعي واسعة، ولم تتحسن فيما بين 1970 و 1977. ونجد الأراضي الفلسطينية المحتلة لعام 1996 أن معدل أجور الإناث تصل إلى ما يقرب 60% من أجور الذكور. وقد بينت دراسة أجريت في لبنان في التسعينيات أن أجور العاملات في المؤسسات الصناعية والتجارية كانت تمثل حوالي 80% من أجور الذكور. وتنخفض هذه الفجوة في الأردن حيث زادت أجـور الأناث من 76% (عام 1989) من أجور الذكور، إلى حوالي 86% في عام 1996.

4/7 الفروق النوعية في المشاركة في القطاعات الاقتصادية:

هناك أيضـا فـروق نوعية تقف حائلا أمام مشاركة النساء في قطاعات الاقتصاد المختلفة. وعلى الرغم من تزايد مشاركة النساء في سوق العمل، إلا أنها ظلت مقتصرة على الوظائف والمهام التي تعزز أدوار النساء التقليدية والإنجابية. فمثلت مشاركة النساء في القطاع الخدمي أعلى نسبة في كل من مصر، والأردن، ولبنان، وفلسطين، واليمن، ودولة الإمارات. كما يتركز عمل المرأة في قطاع الخدمات– بصفة عامة– في مجال التعليم أو الصحة. إن التفسير الوحيد لتركز النساء في هذه القطاعات هو أن هذه النوعية من العمل تتفق مع أدوار النساء المتعارف عليها اجتماعيا. كما يتضاءل تمثيل المرأة فيما ينظر إليه كوظائف خاصة بالذكور مثل الهندسة، والتكنولوجيا، والأعمال المرتبطة بالبيئة. ويمكن تفسير هذه الأمور بانتشار قناعـة عامة لدى سكان هذه البلدان بل هذه الوظائف تناسب الرجال بطريقة أفضل؛ مما ينجم عنه إحجام النساء عن دخول هذه المجالات (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ٢٠٠٢: ٣٥– ٣٦).

5/7دخل المرأة المكتسب كجزء من الدخل الإجمالي المكتسب:

يعد دخل المرأة المكتسب كجزء من الدخل الإجمالي المكتسب أحد المؤشرات التي تقيس مدى تمكين المرأة اقتصاديا في بلد معين. ونظرا للإتجاهات المذكورة أعـلاه، ليس مـن الغريب أن ينخفض دخل المرأة المكتسب بالنسبة لإجمالي الدخل المكتسب في كل الأقطار العربية بدون استثناء (صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة ۲٠٠٢: ۳۷۳۸).

أصبحت المنافسة بين المواطنة والأسرة في الشرق الأوسط العربي محط اهتمام الباحثين والمحللين في المنطقـة. ويستند هذا التقرير إلى الوعي الذي برز حديثا حول المواطنة باعتبارها المفتاح للأمان الاجتماعي؛ وهو ما يجعلنا نتساءل حول إمكانية استمرار المواطنة، ونموها، إذا تعرضت للإعاقة والإفساد. كما نلفت النظر إلى الحقائق الديموغرافية التي تتحدى الفرضيات المتعلقة بقدرة «الأسرة» على أداء دور الراعي الاجتماعي بدلا من الدولة والمجتمع.

من أسهل الأمور تقديم الوصفات؛ فمن الواضح أن النساء بحاجة إلى الحصول على مزيد من الإمكانيات لتأمين احتياجاتهن الاجتماعية، ومواجهة الأحداث الطارئة في حياتهن. وتقوم الدول العربية– إلى حد ما– بتوفير هذا البعد في دساتيرها وهياكلها الإدارية؛ إلا أن تطورات العقود الأخيرة أصبحت تتحدى هذه التشريعات، وتتطلب نظرة جديدة لتوفير ضمان اجتماعي حقيقي للنساء. تتواجد قضايا المساواة بين النوعين في كل جوانب الحماية الاجتماعية. فالمساواة لا تتعلق بضمان عـوائـد متساوية للنساء والرجال، بل بأخذ الأدوار الاجتماعية للنوع بعين الاعتبار. تتضمن الاحتياجات الاجتماعية للنساء الحصول على الخدمات الأساسية، وإشباع الاحتياجات، وامتلاك وسائل للعيش في مرحلة تقدم العمر، والحصول على تعويض عن العجز، وتأمين الأمان لأطفالهن، والحصول على الحقوق القانونية والموارد الطبيعية والقروض والأصول؛ وما هو الأهم الاستمتاع بالاحترام والكرامة.

إن الفرضية القائلة بأن الذكر هو الذي يكسب الدخـل، وأن الأسرة هي التي توزع وتضمن الأمان والرفاهية، أصبحت غير صالحة لسببين. ففي بعض الحالات، لا تستطيع الأسر القيام بهذا الدور لأنها غير قادرة على ذلك؛ ومن جهة أخرى، هناك أسر لا تقوم بهذا الدور لأنها لا ترغب القيام به. وبالتالي، يكمن الحل بين أيدى الدولة، باعتبارها المشرع، ومركز السلطة. ويتطلب ذلك مشاركة النشطاء– بما فيهم الرجال، والنساء، ومقدمي الخدمات– الذين من شأنهم سد الفجوة الموجودة بين احتياجات النساء، وإشباع تلك الاحتياجات.

ما زالت النساء تتحمل مسئولية أغلبية المجهود الرعائي غير مدفوع الأجر، الذي لا يحظى بأي تغطية اجتماعية، والذي يمنعهنفي الوقت ذاته– من الاستمتاع بمزايا العمل المأجور. وحتى النساء اللاتي لا يتحملـن حاليا أي مسئوليات رعائية، قد يعانين من التمييز بناء على افتراض تحملهن لتلك المسئوليات في المستقبل.

لا يمكن خصخصة مسألة الضمان الاجتماعي، وتمتلك الدول العربية عدة أدوات تمكنها من التأكد من عدم حدوث ذلك في المستقبل.

  • تستطيع الحكومات دعم الأفراد لتأمين ضمانـهم الاجتماعي بأنفسهم، عبر خلق إطار إداري وقانوني، وفكرى / ثقافي، يدعم تحقيق المواطنة الكاملة للنساء، أو يمكنهن من تحمل مسئولية أنفسهـن. تبذل النساء الفقيرات أقصى ما في وسعهن لمواجهة عواصف الفقر، والتغيرات المتلاحقة، إنهن في حاجة إلى بعض المكاسب الأساسية التي تعزز قدرتهن وتمدهن بشيء من الأمان.

  • تدعيم المساواة في الضمان الاجتماعي من خلال سن التشريعات، فالسلطات الأمنية لا تستطيع تأمين قيام الأخوة الذكور الذين ورثوا الأرض برعاية ودعم أخواتهم من الإناث؛ في حين يمكن فرض ضرائب أعلى على الميراث وتحويلها إلى برامج الدعم الاجتماعي.

تحتاج البرامج الحالية للضمان الاجتماعي والمساواة النوعية إلى تجديد وابتكار مستمرين، وإلى المتابعة، وتطوير إطار مفاهيمي قائم على العمل مع الناس باعتبارهم شركاء وليسو مجرد متلقين. وهناك عدد من الخطوات الواجبة، تتضمن ما يلي:

1 ) مراجعة كل البرامج الحالية التي تتضمن أشكال من التمييز تتمثل في نوعين:

1- يكثر التمييز على مستوى البرامج الرسمية؛ فتبعية النساء للأزواج تجعل حمايتهن الاجتماعية نابعة من الرجل بدلا من أن تكون حقا شخصياً للمرأة. تمنح أنظمة التأمين الاجتماعي– المتعلقة بالوظائف بأجر– دعما ومزايا اجتماعية للنساء بعد وفاة الزوج؛ ولكن، هل تتناسب الحقوق التابعة مع الهياكل المتغيرة للأسرة؟ هناك حاجة لحقوق متساوية للأرامل من النساء والرجل (منظمة العمل الدولية. ٢٥: ۲۰۰۱).

٢ التمييز غير المباشر الذي يتمثل في طول فترات الاختبار، ونقص التغطية في القطاعات التي يزداد فيها نشاط النساء، والتي تشهد تمثيل نسائي أكبر.

٢ ) الاعتراف بأهمية حصول النساء على دخل:

تشير كل الدراسات إلى أن النساء الفقيرات يدخلن سوق العمل لتوفير احتياجات أفراد آخرين في الأسرة. وعادة ما تذكر مصاريف المدارس، والكتب، والوجبات الغذائية، والملابس، كأكثر الاحتياجات إلحاحا. إن الاعتراف بهذه الاحتياجات قد تحتوى وتوفيرها للنساء مباشرة من شأنه تخفيف هذا الحمل الثقيل من على عاتقهن. قد تحتوي الإجراءات بتقديم القروض الائتمانية، وتوفير الإسكان للأسر التي تعولها النساء، ومنح المعاشات للزوجات ربات البيوت، وللأمهات، والأرامل، والنساء غير المتزوجات، مع ربط هذه المساعدات بمعدلات التضخم.

3 ) الاعتراف بقيمة الأدوار الأسرية للنساء، وتأمين حـاضرهن ومستقبلهن، عبر عدد من الآليات مثل القروض لمشروعات العمل المنزلى، ورعاية الطفل؛ والتي يمكن أن تساهم لاحقا في تسديد اشتراكات التأمين الاجتماعي.

4 ) تسهيل المواطنة الاجتماعية الكاملة للنساء عبر توفير حقوق متساوية للرجال والنساء، وضمان قدرة النساء في الحصول على الوظائف ومزاياها، من خلال:

  • اتخاذ تدابير تشجع النساء على العمل.

  • ضمان ألا تمكن القوانين أصحاب الأعمال من تفضيل عدم توظيف النساء

  • منح أجازات– لكل من الرجال والنساء– لرعاية الطفل، والبقاء في المنزل معه إذا كان مريضا.

  • تشجيع البرامج التي يقوم بها القطاع الخاص، للعمل على مدها إلى القطاع غير الرسمي وفي أنظمة الإنتاج المرنة.

  • النهوض بقيمة عمل المرأة.

  • الاعتراف بمواطنة النساء في حد ذاتهن، وليس كتابع للأسرة.

5 ) استخدام أجهزة الحكومة والحكم في إنهاء التمييز:

من شأن السياسة أن تصبح أداة للتحرير؛ فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك أحكام دينية بالنسبة للمسلمين خاصة بميراث النساء، لا أن يمنع ذلك الدولة من استخدام أدواتها التشريعية في إنهاء التمييز. قد يكون ذلك على هيئة تخفيض ضرائب النساء على الإرث، أو حصولهـن على إعفاءات ضريبية، أو على الأقل تشجيعهن على المطالبة بحقوقهن الشرعية

6 ) تطوير سياسات ذات توجه مستقبلي، مبنية على الواقع العملي:

تحتاج السياسات الاجتماعية الاستناد إلى كل مـن الحقائق الحالية والتوقعات المستقبلية. فالخصائص السكانية لمنطقتنا تُملى بتغيرات في السياسة وفي المناخ العام، من شأنها استشراف التحديات السكانية في المستقبل. كما قد تدخل احتياجات كبار السن والمجموعات الضخمة من الشباب، والنساء، والرجـال، في مناطق مجهولة فيما يتعلق بعلاقات الزواج، وفرص العمل، وبناء الأسرة؛ وهي كلها أمور تستحق الالتفات.

بهذه الطريقة، تستطيع الحكومات استعمال الوسائط الاجتماعية للحيلولة دون الإفقار (وخلق مستويات أعلى من المعيشة)، ولمواجهة قابلية الوقوع في الفقر (الحماية ضد انهيار مستويات المعيشة)، فمن شأن تبنى برامج معمول بها عالميا– مثل حماية حقوق الطفل والتأمين الصحى، وحقوق المسنين– تعزيز المساواة بين الجنسين بطريقة كبيرة. فالأمان الاجتماعي الجيد يمكن أن يلعب دورا جوهريا في تحقيق الإنصاف النوعي.

Abaza, M. (1985). ‘La Paysanne Egyptienne et le “Feminisme Traditionnel”. ‘ Peuples Mediterraneens. 41-42: 135-51.

Abdel-Azeem, F., S. Farid and A. Khalifa, eds. (1993). Egypt Maternal and Child Health Survey 1991. Central Agency for Public Mobilization and Statistics and PAPCHILD/League of Arab States, Cairo.

Abu Harthiyeh, Muhammed and advocate Farid Qawwas (1996). A Comparative Study of Women’s Rights in Arab Labor Legislation. Ramallah0 Palestine: Center of Democracy and Workers’ Rights in Palestine.

Algeria Maternal and Child Health Survey 1992 (1994). National Office of Statistics (Algiers) and PAPCHILD/League of Arab States, Cairo.

Al-Jaber, Khalifa A., and Samir M. Farid (2000). Qatar Family Health Survey 1998: Principal Report. Doha, Qatar: Ministry of Health.

Alkhamiri, Hessa (2003). Bahrain Human Rights Society: Violence against Women. Paper presented in the Conference on Violence Against Women: Dimensions and Consequences, Cairo, Egypt, 12-13 May 2003, organized by Alliance for Arab States.

Al-Riyami, Asya, et al. (No. Date). Oman National Health Survey 2000: Principal Report, vol. 2. Ministry of Health (Oman).

Ammar, H. (1954). Growing Up in an Egyptian Village. London: Routledge & Kegan Paul.

Aoyama, Atsuko (2001). Reproductive Health in the Middle East and North Africa: Well-being for All. Human Development Network: Health, Nutrition, and Population Series. The International Bank for Reconstruction and Development. The World Bank: Washington D. C.

Ayrout, H. H. (1963). The Egyptian peasant. Beacon Press.

Azlamat m., and A. Avdel Moneim. 2000. Morocco Maternal and Child Survy. 1996-97. National Office of Statistics and PAPCHILD/League of Arab States, Cairo.

Azellmat,M., M. Ayad, and E. Housni (1996). Maroc: Enquete de panel sur la Population et la Sante 1995. Calverton, Maryland; Ministere de la Sante publique (Rabat) and Macro International, Inc.

بيومي، عبد المعطي (بدون تاريخ ) ولاية المرأة. المجلس القومي للمرأة، القاهرة.

Bibars Iman (2001). Victims and Heroins: Women, Welfare and the Egyptian State. London: Zed Books.

Bibars, Iman (2002). “Do Social Safety Nets Catch Women? Women’s Social security Entitlements in the Arab World”, UNDP/POGAR,

Blackman, W. (1927). The Fellaheen of Upper Egypt. London; Gearge G. Harrap.

Bigra, Ayse (1997). The Claws of the “Tigers.” www. tusiad.org/yayin/private/autumn97/html/bugra.ht,lexcerptesfromPrivateView5/Autumn1997.Turkey:Turkish Industrialists’ and Businessmen’s Association.

Burga, Ayse and Keyder, Caglar (2003). New poverty and the Changing Welfare Regime of Turkey. Published by United Nations Development Programme (UNDP). Cankaya: Ankara.

Central Statistical Organization. 1998. Yemen Demographic and Meternal and Child Health Survey 1997. Colverton, Maryland: Central Statistical Organization and Macro International, Inc.

Centre of Arab Women for Training and Research (CAWTARL) (2001). Arab Women’s Development Report, Globalization and Gender: Economic participation of Arab Women. CAWTARL TUNISIA.

Charrad, Meunira (2000). “Becoming a Citizen: Lineage Versus Individual in Tunisia and morocco” in Gender and Citizenchip in the Middle East, Joseph, (ed). Syracuse University Press.

Charrad, Mounira (2001). States and Women’s Rights: The Making of Post-Clolnial Tunisia, Algeria and Morocco. Berkley : University of California.

Courbage, Youssef (May 1998). “Some Economic & polotocal Issues inn fertility Transition in the MENA Region”. Forum, Vol. 5, No.1.

Department of Statistics (DOS) (jordan) and Macro International Inc. (1998). Jordan population and Family Health Survey 1997. Calverton, Maryland: DOS and Maryland: DOS and Macro International, Inc.

Department ODF Statistics (DOS) (jordan) and ORC Macro (2003). Jordan population and Family Health Survey 2002. Calverton, Maryland. USA. Economic and Countries. United Cations: New York.

El Alamia, Dawoud, and Doreen Hinchcliffe (1996). Islamic Marriage and Divorce Laws of the Arab World. London: Kluwer Law International.

El-Wassat (A weekly Magazine, news item), 15 September (2003). London.

El-Zanaty, F., and Ann A., Way (2001). Egypt Demographic and HealthSurvey 2000. Calverton, Maryland: Ministry of Health and Population Council (Cairo) and Macro International Inc.

Esping -Anderson, Gosta: (1996). Welfare States in Transition: National Adaptations in Global Economies. Published in Association with United Nations Research Institute for Social Development. :London; Thousand Oads, Calif.: Sage.

Farah, Nadia R. (2d002). Egypt: Gender Indicators. Prepared for UNIFEM and National Council for Women (Unpublished Paper ).

Fargues, Phillippe (2003). “Women in Arab Countries: Challenging the patriarchal System?”’ population &Societies, vol. 387.

Fikri, Mahmoud, and Samir M. Farid (2000). United Arab Emirates Family Health Surver 1995: Principal Report. Abu Dhabi: Ministry of Health.

Hamou, Louisa (2003). “Violence Against Women: The Case of Algeria”. Paper presented in the Conference in Violence Against Women: Dimensions and Consequences, Cairo, Egypt, 12-13 May 2003, organized by Alliance for Arab States.

Holzmann, R. and Jorgensen, S. (2000). “Social Risk Management: A New Conceptual Framework for Social protection, and Beyond Social protection Discussion” Paper No. 6. Washington D, C,: World Bank.

Inhorn, Marcia C. (1996). Infertility and Patriarchy: The Cultural Politics of Gender and Family Life in Egypt. Philadelpha: University of pennsylvania press.

Integrated Regional Information Networks (IIRIN) (14Oct 203). “Iraq: Focus in Increasing Domestic Violence. Available of the Relief Web, website address:

http:www.rliefweb.int/w/rwb.nsf/0/b90f781fdbrrr85256dbf00ba1b1?OpenDecument/

International Institute for Labour Studies, Geneva (1996). Unpublished Paper. Available in website address: https://www.ilo.org.

International Labour Organization (ILO) (2000). “Ninety per cent of world excluded form old age pension schemes, many schemes badly managed, problems foreseen in coping with aging populations and diversifying risk”. Press release of ILO, Regional Office for Asia and the pacific. Available on Website address:

https://www.ilo.org/public/english/region/asro/bangkok/newsroom/pr0007.htm

International Labour Organization (ILO) (2001). Report VI: ‘Social Security: Issues, Challenges and Prospects’ (sicth item on agenda). Geneva: International Labor Office.

Joseph, Suad (20000. Gender and Citizenship in the Middle Eastern Societies. Middle Wast Report, 198 (Jan-Mar.).

Kawach, N. Gulf News (article published in 15/12/2003).

Khattab, et al (1999). Women, Reproduction, and Health in Rural Egypt, The Gi<a Study. Reproductive Health Working Group (RHWG). The American University in Cairo Press.

Khoja, Tewfk A., and Samir M. Farid (2000). Saudi Arabia Family Health Survey 1996: Principal Report. Riyadh: Ministry of Health.

Lebanon Maternal and Child Health Survey 1996. (1996). Ministry of Health (Beirut) and PAPCHILD/League of Arab States, Cairo.

Libya Maternal and Child Health Survey 1995. (1997). General Committee for Health and Social Security (Tripoli) and PAPCHILD/League of Arab States, Cairo.

Macro International Inc. (1989). Tunisia Demographic and Health Survey 1988. Macro International Inc., Calverton, Maryland.

Meynouth, M. Y. et al. (1992). Mauritania Maternal and Child Health Survey 1991/92. Ministry of planning, National Statistics and PAPCHILD/Leage of Arab States Cairo.

Mir-Hosseini, Ziba (1993). Marriage on Trial: Islamic Family Law in Iran and Morocco. New York: St. Martin’s Press.

Moghadam, Valentine (1993). Modernizing Women : Gender and Social Change in the Middle East. Boulder: Lynnne Rienner Publishers, Inc.

Moreno, Luis (2002). Mediteranean Welfare and ‘Superwomen”. Working Paper, Unidad de politicas Comparadas (CSIC, Madrid, Spain).

Naseeb, Tawfeeq, and Samir M. Fari (2002). Report VI: ‘Social Security: Issues, Challenges and Prospects’ (sixth item in agenda). Geneva: International Labor Office.

Joesph, Suad (2000). Gender and Citizenship in the Middle Eastern Societties. Middle East Report, 198 (Jan.- Mar.).

Kawach, N. Gulf News (article published in 15/12/2003).

Khattab, et al (1999). Women, Reproduction, and Health in Rural Egypt, The Giza Study, Reproductivef Health Working Group (RHWG). The American University in Cairo Press.

Khoja, Tawflk A., and Samir M. Farid (2000). Saudi Arabia Family Health Survey 1996: Principal Report. Riyadh: Ministry of Health.

Lebanon Maternal and Child Health Survey 1995. (1996). Ministry of Health (Beirut) and PAPCHIKD/ League of Arab States, Cairo.

Libya Maternal and Child Health Survey 1995. (1997). General Committee for Health and Social Security (Tripoli) and PAPCHIKD/League of Arab States, Cairo.

Macro International Inc. (1989). Tunisia Demographic and Health Suvey 1988. Macro International Inc., Calverton, Maryland.

Meynouh, M. Y. et al. (1992). Mauritania Maternal and Child Health Survey 1991/92. Ministry of Planning. National Statistics and PAPCHILD /League of Arab States Cairo.

Mir-Hosseini, Ziba (1993). Marriage on Trial: Islamic Family Law in Iran and Morocco. New York: St. Martin’s Press.

Moghadam. Valentine (1993). Modernizing Women: Gender and Social Change in the Middle East. Boulder: Lynnne Rienner publishers, Inc.

Morino, Luis (2002). Mediteranean Welfare and \Superwomen”. Working Paper, Unidad de plioticas Comparadas (CSIC,Madrid, Spain).

Naseeb, Tawfeeq, and Samir M. Fari (2000). Bahrain Famijly Health Survey 1995, Principal Report. Manama: Ministry of Health.

Osman, Magued (2003). Marriage in the Arab World. Unpublished.

Population Council (1999). Transitions to Adulthood: A National Survey of Egyptian Adolescents. Population Council-Regional Office for West Asia and North Africa, Social Research Center- The American University in Cairo, High Institute for Public Health- university of Alexandria, Department of Public Health and Community Medicine-Assiut University.

Population Reference Bureau (2001). Population Trends and Challenges in the Middle East and North Africa. Washington D. C. : USA.

Population Reference Bureau (2002). World population Data Sheet.

Rashad, Hoda, and Zinab Khadr (2002). “The Demographt of the Arab Region: New Challenges and Opportunities”/ In Human Capital: Population Economics in the Middle East, edited by Ismail Sirageldin. Cairo: The American University in Cairo Press in association with the Economic Research Forum for the Arab Countries, Iran and Turkey.

Rashad, Hoda (2003). “Demographic Trends and Social Challenges in Arab Countries,”. Unpublished presentation at seminar Organizes by Population ReferenceBureau. Washington, DC: USA.

Svates-Wheeler, R.: Kabeer, N. (20003). Gender Equality and the Extension of Social Protection. ESS No. 16 (Geneva, ILO, Social Security Policy and Development Branch, 2003, v 26) ISBN 92-2-113746-5.

Sen, Amartya (1981). Poverty and famines: and essay on entitlement and deprivation. Oxford University press: Oxford.

Sholkamy, Hania (1997). Childern’s Health and Well-Being: AnEthnogrphy of and Upper EgyptianWillage. Ph. D. dissertation, London School of Economics.

Sholkamy, Hania (2003). “Rationales for Kin Marriages in Rural Upper Egypt” in The New Arab Family. Cairo papers in Social Science 24 (1/2): 62- 79. Edited by Nicholas S. Hopkins. Cairo: The American University in Cairo Press.

Stowasser, Barbara F. (Summer 1987). “Women’s Issues in Modern Islamic Thought”. In Arab Studies Quarterly, vol. 9, No.3.

Stowasser, Barbara F. (1993)). “Women’s Issues in Modern Islamic Thought. in Arab Women: Old Boundaries,New Frontiers, Edited by Judith Tucker. Bloomington: Indiana University Press.

Sudan Maternal and Child Health Survey 1993. (1995). Federal Ministry of Health (Khartoum) and PAPCHIKD/League of Arab States, Cairo.

Suleiman, M., A. A. Al-Riyami and S. Farid. (eds.) (2000). Oman Family Health Survey 1995. Ministry of Health, Muscat.

Syria Maternal and Child Health Survey 1993.(1995). Central Bureau of Statistics (Damascus) and PAPCHIKD/League of Arab States, Cairo.

Tunisia Maternal and Child Health Survey 1994/95 (1996). Ministry of Health Tunisia and PAPCHIKD/League of Arab States, Cairo.

Turner, John (2001). Social Security Reform Around the World. Washington, D. C.: Public policy Institute (AARP).

UNIFEM (United Nations Development Fund for Women) (2001). Report on the Gender Indicators Required for Monitoring and Following Post-Beijing Activities in the Syrian Arab Republic. Conducted by the Syrian Arab Republic General Union of Women, External Relations Office in Collaboration with the United Nations Development Fund for Women (UNIFEM). Arab States Regional Office. Post-Beijing Follow – up Operation. Project phase II.

UNIFEM (United Nations Development Fund for Women) (2002). paving the Road Towards the Empowerment (Egypt, Jordan, Lebanon, Palestine, Syria, The United Arab Emirates and Yemen, Amman, Jordan: Arab States Regional Office.

UNIFEM (United Nations Development Fund for Women) (2002). UNIFEM Arab States Regional Office, Amman, Jordan.

UNIFEM (United Natind Development Fund for Women) (No date).

UNIFEM Arab States Regional Office, Lebanon.

United Nations (International Convention on the Elimination of All Forms of Racial Discrimaination (1993). Twelfth Periodic Reports of States parties Due in 1992: Tunisia. 21/04.93. CERD/c/226/Add. 10, State Party report, Geneva, Switzerland.

United Nations (1995). Report in the United Nations Fourth World Conference In Women. Action for Equality, Development and peace, Beijing, China U. N.: New York.

United Nations (Economic and Social Council) (1996). Implementation of the International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights. Second Periodic reports submitted by States parties under articles 16 & 17 of the Covenant: Tunisia. Geneva, Switzerland.

United Nation (1998). Committee on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women. Consideration of reports by states parties under Article 18 of Convention on the Eliminnation of All Forms of Discrimination Against Women (CEDAW). Initial reports of States parties: Algeria. UN: Algeria.

United Nations (Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women (CEDAW) (1999) . Second periodic reports submitted to the Connittee in the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women. Morocco. The Kingdom of Morocco, Ministry of Uhmn Rights.

United Nations (Office of the High Commissioner for Human Rights (2000).

Periodic Report of Egypt on the International Covenant on Economic, Social and Cultural Rights (Rrly of the Egyptian Government to the list of issues raised by the Committee on Economic, Social and Cultural Rights). Geneva, Switzerland.

United Nations (2002). Report on the United Nations Second World Assembly on Aging. 8-12 April in Madrid, Spain. Prepared by the Information Technology Section Department o public Information.

United Nations, Economic and Social Commission for Western Asia (ESCWA) (2003). Draft Unified Arab Report for Following -up Arab Countries’ Achievements in Implementing Beijing Platform for Action. Published by The League of Arab States (The General Trustee, Cultural and Social Section, Administration of Family, Woman, and Childhood).

U. S. Deport net of State (2002). County Reports or Humar Rights Practices -2001. Releaped by the Bureau of Democracy, Human Rights, and Labor. Available on webs to address: https://www.state.gov/g/drl/rls/httpt/2001/rea/8266.htan.

World Bank (released in Spetenber 2003). The World Bank Report 2004. Making Services work for Poor People. Washington: The World Bank.

World Bank Report (2004). Making Services work for the Poor. Available website address: www.worldbank.org.

Yossef, Alresef, Rashed H. Al-Rashoud, and Samir M. Farid (2000).

Kuwait Family Hcalth //Survey 1996: Principal Report. Kuwait: Ministry of Health.

هانية الشلقامي: أستاذة باحثة بمركز الدراسات الإجتماعية بالجامعة الأمريكية.

(*) نشرت نسخة أطول من هذا البحث في كتاب UNIFEM Progress of Arab Women (2004).

(1) المدونة تعبير يستعمل في شمال أفريقيا (تونس، الجرائر، والمغرب)، ليشير إلى قانون الأحوال الشخصية.

(2) الشريعة هي القانون الإسلامي المعمول به.

(3) يشير تعبير الولاية إلى حق الرجال في اتخاذ القرارات المالية؛ وهو حق يقترن– بطريقة واضحة– باعتبار الرجل كاسب العيش الأوحد، بينما لم يعد هذا الدور مقتصرا على الرجال داخل الأسرة.

(4) تشير الشريعة إلى القوامة باعتبار أن مسئولية الرجال عن أسرهم نابعة من الدخل الذي ينفقونه؛ وقد خضع هذا المفهوم لسوء تفسير من قبل الجمهور الواسع الذي يعتبر القوامة نوعاً من تفوق الرجال على النساء، على الرغم من وجود تفسيرات أكثر عقلانية من قبل رجال الدين.

(5) يذهب عمل البنات الكبار مباشرة لصالح الأسرة، سواء كان عملا بأجر أو مقابل مكافأة عينية يعد الإنتاج المنزلى هو نمط الإنتاج السائد، مع أغلبية من أفراد الأسرة مندرجة في الأعمال الزراعية؛ فالنساء والأطفال يعملون؛ وتميل النساء إلى العناية بشئون المنزل، ورعاية الأطفال، والماشية، والمشاركة في بعض الأنشطة الزراعية المتعلقة بهذا المجال. أما الأطفال، فيقومون برعاية الأخوة الصغار، والماشية، ويشاركون في الحصاد، ويقومون بمهام أخرى، سواء في نطاق الحقل أو المنزل (Abaza 1995؛ Ammar 1954؛ Ayrout 1963؛ Blackman 1927؛ Hopkins 1988؛ Sholkamy 1990). إن ثمار عمـل كل من النساء والأطفال يعد ملكية للأسرة؛ وحيث إن الذكور الأكبر سنا هم غالبا «مديري» الأسرة، فإن ثمار هذا العمل غالبا ما يؤول إليهم (Hopkins ۱۹۸۸). غير أنه يجب التأكيد على أنه لا ينظر إلى هذا الأمر– محليا– باعتباره استغلالا، حيث لا يجوب في أذهان النساء أية بدائل أخرى؛ ففيما يتعلق بهن، يعملن جميعا لصالح الأسرة التي ينتمين إليها بطريقة جماعية، مع وجود درجات متفاوتة من السلطة فيما ينتهى.

(6) الخلع عبارة عن طلاق تطالب به المرأة، وعليها أن تدفع مقابل له، أي يمكن أن يقوم فيه الرجل باسترداد المهر.

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات