المنهجيات والمنظومات والمصادر
لدراسة النساء والثقافات الإسلامية المداخلات تبعا للموضوع
آسيا الوسطى
فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي
تناقش هذه المداخلة مجموعة متنوعة من مصادر ومناهج البحث فيما يتعلق بقضايا الجندر والثقافة في آسيا الوسطى ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وتمثل هذه المصادر أشكالاً مختلفة من المطبوعات، مثل الكتب والمقالات وتقارير التنمية البشرية (Saidova 1996, WLDI 1999)، ومثل المسوح الاجتماعية – الثقافية (Grant 1995, Griffin 1996)، ورسائل الدكتوراه (Kuechnast 1997)، وكتب الأدلة الإرشادية التي تتناول الأقليات العرقية وحقوق الإنسان (Akiner 1997b)، والقوانين المدنية (القوانين والقرارات الصادرة عن جمهورية أوزبكستان، Laws and Decrees of the Republic of Uzbekistan 1992 )، والمقالات الصحفية (Grebennikov 1998). كما توجد إضافة إلى المواد المطبوعة بعض مواقع شبكة المعلومات، الإنترنت (CESWW) وبعض المخطوطات المنشورة على الإنترنت (Berdigalieva and Shaimardanova 2000, Sultanova 1999)، ومواد بصرية (Mladshaya) التي تتناول قضايا الجندر والثقافة في آسيا الوسطى عقب تفكك الاتحاد السوفييتي.
المصادر الأولية
كثيرًا ما تستخدم البيانات الإحصائية والمسوح ونصوص القوانين كبيانات أولية من أجل إجراء مزيد من البحث عن قضايا الجندر والثقافة في المنطقة. إن بعض تقارير التنمية البشرية، التي يجربها خبراء محليون ودوليون من الرجال والنساء، تبني تحليلها على أساس مجموعة كبيرة من البيانات الإحصائية المتنوعة، كنسب المواليد والوفيات (Suidova 1996, 101)، أو صورة التنمية في بلد ما (Saidova 1996, 16)، بينما تستخدم مصادر أخرى (Akiner 1997b) المسوح الاجتماعية الثقافية كأساس للتعميم، وعادة ما تشمل هذه المسوح مجموعة من الأسئلة عن آراء السكان في قضايا الجندر، مثل حقوق المرأة (Grant 1995) ووضع النساء داخل أسرهن (Tokhtakhodjaeva 1996).وتكون هذه المسوح مصحوبة إما بتحليل إحصائي موجز للبيانات (Grant 1995) أو بنقاش موسع لها (Tokhtakhodjaeva 1996) .
ما زالت دول آسيا الوسطى عاجزة عن التعامل مع وجود نظامين قانونيين متوازيين: قوانين الدول التي قامت بعد تفكك الاتحاد السوفييتي من جهة والشريعة والقانون العرفي من جهة أخرى (Hidoa 1994).وقد تم سن قانون الأسرة الأوزبكستاني في عام ۱۹۹۸، وهو ينص على أن حالات الزواج الديني غير قانونية، والزواج الذي يسجل في مراكز السجل المدني هو النوع الوحيد المعترف به من الزواج (المادة ۱۳)، لكن المادة ٨ من نفس القانون تنص على جواز تطبيق التقاليد والأعراف المحلية على الأحوال العائلية، طالما لا تتعارض مع روح التشريعات التي وضعتها الدولة في أوزبكستان. وهذه المصادر القانونية تخدم الباحثين والباحثات كمدخل طبيعي لمناقشة قضايا الجندر والثقافة.
المصادر الثانوية
يمكن تصنيف المصادر الثانوية المتعلقة بقضايا الجندر والثقافة في بلدان آسيا الوسطى عقب تفكك الاتحاد السوفييتي وفقًا للتخصصات التالية: التاريخ (Akiner 1997a, Kamp 2001)، وعلم الأعراق البشرية (الإثنولوجي) وعلم وصف الأعراق (الإثنوغرافيا) (Alimova and Azimova 2000)، والعلوم السياسية وحقوق الإنسان (ICRW 1999)، والدراسات الدينية (Fathi 1997, Sultanova 1999).وتوجد أيضًا مجموعة ضخمة من المصادر متعددة التخصصات تركز على شؤون السياسة والاقتصاد (Akiner 2001, Kandiyoti 1996, 1998)، وصحة الأسرة (Welsby and Esengalieva 1994)، والتخطيط (Storey 1997)، وعلاقات القوى بين أدوار النساء والرجال بالأيديولوجية السياسية (Tabyshalieva 1998, Tokhtakhodjaeva). وهذه المصادر إما أنها تركز مباشرة على قضايا النساء والرجال من منطلق الجندر والقضايا الثقافية (Chatterjee, Majumdar, and Sengupta 1997, Bastug and Hortacsu 2000)، أو تتناول هذه القضايا كنوع من المتغيرات التي تناقشها (Akiner 2001, Tabyshalieve 2000) .
المصادر التاريخية
إن المصادر التاريخية، مثل كتاب ماسيل (Massell 1974) عن التحول السريع الذي طرأ على أدوار الناس خلال الفترة السوفييتية، تخدم كخلفية ضرورية لرؤية قضايا الجندر والثقافة الحالية في آسيا الوسطى. وتضع هذه المصادر قضايا الجندر والثقافة في متصل تاريخي يبدأ من الفترة التي سبقت قيام الاتحاد السوفييتي، مرورًا بالفترة السوفيتية، ووصولاً إلى فترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. يمكن تقسيم هذه المصادر إلى أربع مجموعات، فالمصادر التاريخية الصرفة تقدم تقارير تاريخية شاملة عن التحولات الاجتماعية – الثقافية والسياسية – الاقتصادية الجارية في آسيا الوسطى حتى العقد الأخير من القرن العشرين (Allworth 1994)، وتفحص المصادر التاريخية الأصول التي نشأت عنها الأدوار الاجتماعية للنساء والرجال وتشرح القضايا الجارية التي تخص الجنسين في إطار تطورات تاريخية معينة (Tabyshaliva 1998).أما التقارير التاريخية الخاصة بسياقات معينة، والتي تمثلها تواريخ الحياة والتواريخ الشفهية، فتجسد التاريخ والأحوال السياسية والاقتصادية والدين، وتغدو وسيلة لتصحيح التقارير التاريخية الشاملة (Kamp 2001).أما المشروعات متعددة التخصصات في الدراسات البيئية ذات المنظور التاريخي القوي فتفحص التحولات الاقتصادية والسياسية والدينية، وكيفية تأثيرها المستمر في قضايا الجندر والثقافة في مجتمعات آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي (Akiner 1997a) .
ويمكن أن تجمع التقارير التاريخية ما بين الوصف والإيعاز. فنجد كتابات تشاترجي (Chatterjee 1997) مثلاً تنادي بنماذج للنساء كأفراد “لهن صوت حاسم في التنظيم الاقتصادي والسياسي لمجتمعاتهن“، مع التأكيد على أن هذه النماذج من نساء آسيا الوسطى تناسب مقتضيات الزمن المعاصر (Chatterjee، Majumdar, and Sengupta 1997, 105- 6)
الكتابات الإثنوغرافية
معظم الكتابات الإثنوغرافية عن آسيا الوسطى في الفترة التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفييتي يجمع بينها نقد السياسات السوفييتية والتأكيد على أهمية السياق الاجتماعي الثقافي في حياة النساء. وتتحدث هذه المصادر عن أدوار النساء في مجتمعاتهن المحلية، باعتبارهن القائمات على حماية التقاليد التي يعدن إنتاجها عن طريق الممارسات الطقسية (Alimova and Azimova 2000)، كما تتحدى النساء هذه التقاليد أيضًا إذ يفسحن المجال لنشر هذه الأفكار بمعرفة “نساء إسلاميات حديثات وثوريات” (Fathi 1997, 41) .
وتوجد مجالات جديدة للبحث الإثنوغرافي في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، مثل إعادة إنتاج التقاليد والهوية القومية من خلال المتغيرات والثوابت في الأفعال والأقوال، وعمليات التحول الجماعية، والفاعلية الإنسانية. إن أول مجال بحثي هو ذلك الممثل في التحليل النقدي الخاص بكل من باشتوغ وهورتاتشسو عن النسق الاجتماعي – الثقافي التركماني، والذي يعتبر حرمان النساء من بعض الحقوق جزءًا لا يتجزأ منه، وذلك بإعادة إنتاج الإعلاء من قيمة النساء من حيث دورهن كزوجات وأمهات (Bastug and Hortacsu 2000, 121).كما أن موقع سلطانوفا على شبكة الإنترنت يتضمن أحاديث مصورة تليفزيونيًا عن إعادة إنتاج التقاليد (كذا) من خلال ممارسة الطقوس في سياق القيود الدينية الجديدة المفروضة في أوزبكستان. وتشير المؤلفة إلى أن تحليل ممارسة النساء للطقوس يساهم في فهمنا للعلاقة بين الهوية القومية وأنشطة النساء في المنطقة (Sultanova 1999).
وتستكشف كانديوتي مجال البحث الثاني، وهو التحولات الجماعية، من خلال تحليلها النقدي للشبكات الاجتماعية في أوزبكستان. فتحلل المؤلفة “الفجوات” (gaps أي شبكات القرابة والدعم الاقتصادي والاجتماعي المعروفة، باعتبارها استراتيجيات تستخدمها الأسر في تغيير البيئة الاقتصادية على مستوى المنطقة (Kandiyoti 1998, 526,573).
وتتناول الكتابات الإثنوغرافية، ككتابات كوليت هاريس، قضايا البناء الأيديولوجي لهوية النساء والرجال من منطلق الجندر، والفاعلية الإنسانية في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وتقول المؤلفة أن الإصرار على أن المثل الخاصة بالنساء والرجال كنوعين اجتماعيين هي مثل مفروضة اجتماعيًا، أو أن الرجال فرضوها على النساء هو إصرار تجانبه الدقة (Colette Harris 2000) .كما تشير كوليت هاريس إلى أن النساء غالبًا ما يزعمن صحة هذه المثل ويطبقنها “كجزء من الاستراتيجيات التي كسبتها النساء، لحماية أنفسهن وللحفاظ على تقدير رفيع الذات” فمسايرة النساء للهوية “المثالية” للمرأة، التي تفرض عليها الخضوع، تغدو استراتيجية لجعل الرجال يحافظون على هويتهم الذكورية “المثالية“، وتمكين النساء من الحفاظ على التقدير لذواتهن (Harris 2000, 209- 210).كما أنها ترى أن التأثيرات الجديدة على هويات النساء في طاجيكستان تأتي من مجتمعات آسيا الوسطى الأخرى على المستوى الإقليمي ومن التحولات الاقتصادية – الاجتماعية، وليس من الغرب ولا من الإسلام المسيس.
وفي المناخ الذي ساد آسيا الوسطى بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، تزايدت أهمية التركيز على الأفراد، وعلى خبرات حياتهم اليومية، وعلى وصفهم هم أنفسهم لأوضاعهم تجاه بعضهم البعض وتجاه الدولة. ورغم أن بحث كامب (Kamp 2000) عن التاريخ الشفهي ليس بحثًا إثنوغرافيًا بالمعنى الضيق للكلمة، إلا أنه يركز على خبرات وأنشطة الأفراد في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وقد حالف النجاح الكاتب في دفاعه عن حجته القائلة بأن هوية الفرد هوية جمعية وتاريخية ومرتبطة بالوضع العام: فهي تعكس وتحول البنى الاجتماعية للدول السوفييتية وما بعد السوفييتية. ومن ثم، تعمل السياقات الاجتماعية – الثقافية والسياسية على تمكين الفرد من الاختيار، كما تقيد هذا الاختيار في نفس الوقت.
المصادر القانونية
تعمل النظم القانونية في آسيا الوسطى كسياق هام لقضايا النوع الاجتماعي في عمليات بناء الدول فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. لقد أنشئ النظام القضائي السوفييتي كنظام مواز للنظم التقليدية وللشريعة، ورغم تناقص قوة هذه النظم ما زال الناس يحترمونها ويمارسونها على المستوى الشعبي. فمثلاً، يعتبر الطلاق وفقًا للشريعة الإسلامية طلاقًا غير قانوني، إلا أن محاكم الدولة تقره، حتى ولو “أوقعه الشخص قبل الرجوع إلى المحكمة” (Makhmudov 1990, 290).والقانون العرفي بدوره يستخدم على نطاق واسع في تعاملات الأفراد مع بعضهم البعض في إطار “المحلة” (أي الجوار)، وفي اتخاذ القرار بشأن الإرث والعلاقات العائلية (Dzhabbarov 1996).لكن أغلبية نساء المنطقة ما زلن يجهلن الحقوق التي تسبغها عليهن الشريعة والقانون العرفي (وما فيهما من قيود تحد من حركتهن). لذا، لا تقدر النساء على استخدام حقوقهن لتحسين أوضاعهن الاجتماعية (Akiner 1997a).ومن ثم، صارت المفاهيم القضائية الإسلامية، مثل قوامة الرجال على النساء، السبب الرئيسي في التمييز بين الجنسين (Tokhtakhodjaeva 1995, 219 – 43, 252)
إن هذه المصادر وغيرها من المصادر الثانوية تطرح تساؤلات نقدية عن العلاقة الإشكالية بين المصادر القانونية الأولية والممارسات الموجودة في المجتمعات المحلية لآسيا الوسطى (ICRW 1999)، لكنها تفشل في ابتكار نموذج منهجي لتغيير النظام القانوني.
يشكل غياب الأيديولوجية السوفييتية والبحث عن الهويات القومية الإطار الذي يضم المواد التي تتناول بها تخصصات متعددة آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي (Tabyshalieva 2000). ووفقًا لرأي أكينير (Akiner 1997a)، تسهم ثلاثة عوامل في إنتاج علاقات القوى بين الجنسين في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي. وهذه العوامل هي: استعادة القيم والممارسات الإسلامية، وإعادة إحياء المؤسسات الإسلامية التي وجدت قبل قيام الاتحاد السوفييتي، وإعادة حيثية السلطة الأبوية “من خلال اعتبار الرئيس “أبا رمزيا “للأمة“” (Akiner 1997a, 284). ومن جهة أخرى، يوجد اتجاه حداثي جديد نحو استخدام النموذج السوفييتي (Doi 1998) أو الغربي للقومية كمورد لبناء الهويات القومية في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وبالتالي للتعامل مع قضايا الجندر والثقافة في مواد الأبحاث. فعلى سبيل المثال، عندما يفكر جيوفاريللي ودانكان (Govarelli and Duncan 1999) في قضايا الجندر وملكية الأراضي في هذه المنطقة، فإنهما يلمحان إلى أن النموذج القانوني الغربي سيساعد في موضوع التمييز بين النساء والرجال في ملكية الأراضي في آسيا الوسطى.
كما توجد أيضًا مصادر تمثل اتجاهًا ثالثًا في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وهي مصادر تنقد الاتجاهين الآخرين، وتكشف عن التجارب المتنوعة لنساء المنطقة، وتقترح طرقًا سياقية لتناول قضايا الجندر والثقافة في المنطقة (Baumgertner 1998). وتشير توختاخوديائيفا (Tokhtakhodjaeva 1998)، وهي ممثلة للاتجاه النسوي في آسيا الوسطى بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، إلى نقص الآراء النقدية في الرأي العام ووسائل الإعلام والأبحاث الأكاديمية وفي خطابات القيادات السياسية فيما يتعلق بالمشكلات الاجتماعية لنساء المنطقة وحقوقهن. وتقترح المؤلفة التطلع إلى نموذج مختلف للمرأة، بحيث يكون نموذجًا لا يمكن اختزاله إلى النزعات التقليدية ولا الحداثية.
كما تقدم آنارا تابيشالييفا أيضًا تقييمًا نقديًا لأثر السياسات السوفييتية والتقاليد الإسلامية والعرقية، مثل تعدد الزوجات (كذا)، على الأوضاع الحالية للنساء في المنطقة. ولا تكتفي المؤلفة بنقد نموذج المرأة السوفييتية والمرأة الغربية، لكنها تتقد أيضًا قبول نساء آسيا الوسطى في معظم الأحيان للأدوار “المستوردة” من الشرق الأوسط وباكستان للجنسين (Anara Tabyshalieva 2000, 55). وعلى سبيل رد الفعل تجاه ما شهدته آسيا الوسطى من “قلب تحرير المرأة رأسًا على عقب“، تقترح تابيشالييفا القيام بجهود متعددة الأبعاد، تشمل إصلاحات محلية (كذا) وتشريعية واقتصادية وسياسية، وزيادة حساسية العوامل الخارجية المؤثرة والفاعلة في إحداث التغيير في السياق الذي تتم في إطاره علاقات القوى بين الجنسين في آسيا الوسطى (Anara Tabyshalieva 2000, 51)
المصادر البصرية
تشمل المصادر البصرية لقضايا الجندر والثقافة في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي الأفلام الروائية وغير الروائية والبرامج الثقافية. وبعض هذه المواد تم إنتاجها لإشباع طلب المشاهدين المستمر لصور من الشرق الغريب. ومن هذا المنطلق فإن هذه المواد لا تمثل قضايا الجندر في المنطقة بالقدر الذي تستحقه. فإحدى أجزاء السلسلة السياحية “الكوكب الوحيد” تحمل جزءًا وثائقيًا عن آسيا الوسطى: قيرغيزستان وأوزبكستان (The Lonely Planet Series: Central Asia: Kyrgyzstan and Uzbekistan 1997)، وهي عن منطقة غريبة وحافلة بالمغامرات، معروفة بطرزها المعمارية العتيقة، والأدوار الاجتماعية التقليدية لنسائها ورجالها، ومعاييرها وقيمها التقليدية. وهناك فيلم تسجيلي أيضًا عن فنان الشعب من أوزبكستان (People’s Artist of Uzbekistan 1984)، وهو يخلب لب المشاهدين برقصات ساحرة من آسيا الوسطى، صورتها كاميرات التليفزيون الأوزبكستاني التابع للدولة. إن هذه المصادر البصرية تعكس حوافز مختلفة، بعضها اقتصادي وبعضها سياسي، لكنها تركز في نفس الوقت على الممارسات الثقافية للنساء، وهكذا تخفي التعقيدات المحيطة بالحياة اليومية للنساء.
لكن توجد مواد بصرية تتناول الجندر والثقافة في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي بشكل مباشر أو غير مباشر. فسلسلة الأفلام التسجيلية عن شاهد على شبكة الإنترنت (Witness Online) التي أنتجتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) عبارة عن مشروع إعلامي يبث عبر شبكة الإنترنت. وجزء من هذا المشروع عبارة عن مسلسل من تسع حلقات بعنوان رحلة عبر آسيا الوسطى: مسالك متعرجة على طول طريق الحرير (A Journey through Central Asia: Detours along the Silk Road 1997)، ونجد أن إحدى حلقات هذا المسلسل وعنوانها خيوط متشابكة (Tangled Threads) تصف السياق الاجتماعي – الاقتصادي لمنطقة أوش (قيرغيزستان) المحفوفة بكثير من الإشكاليات العويصة، وتصف حياة النساء في هذا السياق.
وبالمثل، يوجد مسلسل تليفزيوني كازاخستاني عنوانه مفترق طرق (Crossroads 1994، يتناول الزواج المختلط بين الأعراق المختلفة، ويمس بشكل غير مباشر قضايا النساء في كازاخستان في بدايات القرن الحادي والعشرين. كما أن الأفلام الروائية تضع بعض الممارسات الإسلامية والتوقعات الثقافية من النساء في آسيا الوسطى فيما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي موضع التساؤل، سواء بطريقة درامية مثل فيلم ملادشايا (Miadshaya 1994)، أو بطريقة ذكية وشاعرية مثل فيلم فويز (Voiz 2001).
والفيلم التسجيلي ياللانغا (Yallanga 1988) يقدم مواجهة صريحة لقضايا عاجلة مثل عمالة النساء والأدوار الاجتماعية التقليدية المفروضة على الجنسين. ويقع هذا الفيلم كمادة بصرية على الهامش ما بين المعالجة السوفييتية وما بعد السوفييتية لهذه المواد، فيقدم لقاءات شخصية يفحص من خلالها بعض أسباب تضحية النساء بأنفسهن. وهناك فيلم تسجيلي آخر بعنوان دورة الفصول: أربع زيارات لقرية أوزبكية (Cycle of Seasons: Four Visits to an Uzbek Village 1997) يتناول هو الآخر بشكل مباشر حياة النساء في أسرة أوزبكية، ويدور الفيلم عن أربع زيارات فصلية لإحدى الأسر، ويحكي قصة ما تغير وما استمر في حياة نسائها.
توجد ثلاثة اتجاهات عامة في مناهج البحث تشكل خلفية الأبحاث التي أجريت عن قضايا الجندر والثقافة في آسيا الوسطى في فترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وهي: الإفصاح عن الاستمرارية والتحول التاريخيين في قضايا الجندر والنساء، والبحث عن نماذج جديدة من نساء آسيا الوسطى ونماذج جديدة تصلح لأن تحذو النساء حذوها في ضوء بناء الدولة القومية وإقامة الهوية القومية لفترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، والبحث عن القوى الداخلية والخارجية – مثل الاستقرار الاقتصادي المؤثرة في قضايا الجندر في المنطقة.
وبين هذه الاتجاهات العامة يستخدم المؤلفون والمؤلفات مناهج مختلفة لجمع مادة أبحاثهم وتحليلها. تشمل هذه المناهج جمع الإحصائيات الإدارية، والقيام بعمل مسوح ولقاءات مع الناس، والبحث في الأرشيف، والمشاركة في مختلف الأحداث وملاحظتها، لكنها لا تقتصر على هذه المناهج. أما مشكلة مناهج مثل التحليلات الإحصائية والبحوث المسحية فتتمثل في زعمها بوجود عينة بحثية ثابتة نسبيًا ومرحبة بإجراء مسح عن أحوالها. لكن في الواقع، لا تأخذ هذه البيانات في اعتبارها الهجرة الإقليمية والخارجية (Grant 1995).
علاوة على ذلك، يصعب جدًا إجراء بحوث مسحية عن السكان فيما يتعلق بالقضايا الإسلامية في ضوء تزايد تحكم الحكومة في المعتقدات والممارسات الدينية. أما البحوث المسحية المتعلقة بقضايا الجندر فتفرض أيضًا مشكلة من حيث استعداد النساء والرجال للتحدث عن العلاقات العائلية، خاصة ما يتعلق منها بموضوعات محرمة مثل التراتبية داخل الأسرة، والعنف ضد النساء. وأخيرًا، تتأثر المصادر الأولية والثانوية التي تجري تحليلاتها على أساس هذه المناهج بتحيزات نادرًا ما يعترف بها، مثل أهداف وفلسفات الهيئات التنموية الدولية (Akiner 1997b, 23)، والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي (Griffin) 1998, 22, 27, وحكومات بلدان آسيا الوسطى (Griffin 1998, 26).
ومعظم الأبحاث التي أجريت عن قضايا الجندر والثقافة في فترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي تستخدم فئات عريضة كوحدات تحليلية أولية: مثل نساء آسيا الوسطى، أو النساء الأوزبكيات، أو المجموعات العمرية، أو النساء الريفيات Akiner 1997a, Allworth 1994). ويفترض هذا النهج هيمنة خبرة النساء، والطبيعة الثابتة للجماعات الإقليمية والفرعية، ولا تتناول هذه الأبحاث الفوارق الطبقية والعرقية والعمرية بين النساء اللاتي يعانين من الصراعات الإقليمية وبين مختلف الجماعات. وبعض التقارير الإثنوغرافية تستخدم مثلاً الجماعات كوحدة تحليلية، بالتركيز على وظيفة النساء في الجماعة أكثر من التركيز على النساء أنفسهن (Fathi 1997). وهكذا، غالبًا ما تغيب الخبرات الفردية من الكثير من هذه التقارير. ومع ذلك، توجد بعض المصادر التي بدأت في التعامل مع قضايا الجندر على مستوى الفاعل الفردي (Kamp 2001)، ومصادر أخرى ترى الفاعل الاجتماعي كائنًا داخل شبكة أوسع من العلاقات (Kandiyoti 1998).
وجميع التقارير التي كتبت عن فترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي متأثرة بالاهتمامات الثقافية المختلفة لمؤلفيها والنماذج المنهجية/ التحليلية التي يستخدمونها، والتي شكلت أساس حججهم، كالوظيفية البنيوية لدى عليموفا وعظيموفا على سبيل المثال (Alimova and Azimova 2000). والتغيرات السريعة التي طرأت على مجتمعات آسيا الوسطى تجعل الادعاء بالترابط والاستقرار الاجتماعي فيها محلاً للكثير من الشك، مما يحيط مثل هذه المنظومات بكثير من الشكوك.
كما أن المواد التي كتبت عن آسيا الوسطى في فترة ما قبل قيام الاتحاد السوفييتي وفي الفترة السوفييتية إما أنها نظرت إلى ماضي آسيا الوسطى نظرة رومانسية، أو عاملت هذا الماضي كشيء متخلف. ومن أمثلة الاتجاه الأول التقارير التي كتبها الرحالة (Terzani 1997) ومواقع الإنترنت الخاصة بالرحلات والترفيه، وتمثل بعض التقديرات المادية التاريخية لبعض الكتاب السوفييت الاتجاه الأخير (Pal`vanova 1982, Pesin 1971). وما زالت الأعمال المبكرة تفعل فعلها في تشكيل المصادر المعاصرة، بمعنى أن مواد والمنظومات المنهجية الخاصة بفترة ما بعد تفكك الاتحاد السوفييتي غالبًا ما تكون رد فعل نقدي لما سبقها من كتابات عن الجندر والثقافة في آسيا الوسطى.
وتوجد عدة مناهج بحث تستحق المزيد من المتابعة في البحوث عن قضايا الجندر والثقافة في هذه المنطقة. والبحوث الإثنوغرافية التي تستغرق زمنًا طويلاً هي من نماذج مناهج البحث التي تشمل المشاركة في ممارسات الحياة اليومية للنساء في المنطقة وملاحظة هذه الممارسات. وتشمل هذه المناهج جمع قصص تاريخ حياة النساء وتحليل شبكات علاقاتهن، مما يساعد على وضع حياة النساء في سياق التاريخ السياسي والاقتصادي للمنطقة، والتعرف على البيئة اللصيقة مباشرة بهن كأفراد فاعلات والتي لها أثر مباشر على خبرات الحياة اليومية المعاشة. والبيانات التي يتم جمعها بهذه الوسائل تقدم خلفية لإنشاء منظومة منهجية تتناول قضايا الجندر والثقافة في آسيا الوسطى بشكل بناء.
S. Akiner, Between tradition and modernity. The dilemma facing contemporary Central Asian women, in Mary Buckley
(ed.), Post-Soviet women. From the Baltic to Central Asia, Cambridge 1997a, 261–304.
——, Central Asia. Conflict or stability and development? London 1997b.
——, Tajikistan. Disintegration or reconciliation? Washington D.C. 2001.
E. A. Allworth (ed.), Central Asia, 130 years of Russian dominance. A historical overview, Durham, N.C. 1994.
D. Alimova and N. Azimova, Women’s position in Uzbekistan before and after independence, in F. Acar and A. Güneç-
Ayata (eds.), Gender and identity construction. Women of Central Asia, the Caucasus and Turkey, Leiden 2000, 293– 306.
S. Baçtug and N. Hortaçsu, The price of value. Kinship, marriage and metanarratives of gender in Turkmenistan, in F. Acar
and A. Güneç-Ayata, Gender and identity construction. Women of Central Asia, the Caucasus and Turkey, Leiden 2000, 117–43.
R. Berdigalieva and Z. Shaimardanova, The development of Kazakhstan. The source of cultural development, at
<www.ifla.org/IV/ifla66/papers/059–151e.htm>, 2000.
V. Baumgertner, Uzbekistan’s businesswomen in characters [in Uzbek], in Public Opinion 1 (1998), 106–12.
CESWW (Central Eurasian Studies World Wide), at <www.fas.harvard.edu/~casww>.
S. Chatterjee, M. Majumdar, and A. Sengupta. Unveiling stereotypes. Transitional politics and gender in Central Asia, in
Ranabir Samaddar (ed.), Women in Asia. Work, culture and politics in South and Central Asia. Delhi 1997, 101–22.
M. M. Doi, 1998. Concerts and constitutions. Repertoires of Uzbek nationhood, in Anthropology of Eastern Europe Review,
16:2 (1998), at <www.depaul.edu/~rrotenbe/aeer/aeer16_2.html>.
S. Dzhabbarov, Shari‘a, family, and customary law in Uzbekistan. History and reality [in Russian], Tashkent 1996.
O. H. Fathi, The unknown women clerics of Central Asian Islam, in Central Asian Survey 16 (1997), 27–43.
R. Giovarelli and J. Duncan, Women and land in Eastern Europe and Central Asia, at
<www.wisc.edu/ltc/live/baseur9908a.pdf> 1999.
S. A. Grant, Women in Central Asia. Genders, nationalities differ on some issues, Washington D.C. 1995.
Y. Grebennikov, 1998. Who are we and how do we live? in Central Asian Post, Bishkek, Kirgistan, 4 May 1998.
K. Griffin et al. (eds.), Social policy and economic transformation in Uzbekistan. United Nations Development Programme, International Labor Office 1995.
C. Harris, The changing identity of women in Tajikistan in the post-Soviet period, in F. Acar and A. Güneç-Ayata (eds.),
Gender and identity construction. Women of Central Asia, the Caucasus and Turkey, Leiden 2000, 205–29.
Hidoa, Commentary on Islamic law [in Russian], i, Tashkent 1994.
ICRW (International Center for Research on Women). Promoting and defending human rights. Building capacity among
women in Central Asia, Washington D.C. 1999.
M. Kamp, Three lives of Saodat. Communist, Uzbek, survivor, in Oral History Review 28:12 (2001), 21–58.
D. Kandiyoti, Women and social policy, in K. Griffin et al. (eds.), Social policy and economic transformation in
Uzbekistan, United Nations Development Program, International Labor Organization 1996, 129–47.
——, Rural livelihoods and social networks in Uzbekistan. Perspective from Andijan, in Central Asia survey, 17:4 (1998), 561–78
K. R. Kuehnast, Let the stone lie where it has fallen. Dilemmas of gender and generation in post-Soviet Kyrgyzstan, Ph.D.
diss., University of Minnesota 1997.
Laws and Decrees of the Republic of Uzbekistan, Tashkent 1992.
M. A. Makhmudov, Legal methods for marriage stability [in Russian], Dushanbe 1990.
G. J. Massell, The surrogate proletariat. Moslem women and revolutionary strategies in Soviet Central Asia, 1919–1929.
Princeton, N.J. 1974.
Bibi Pal’vanova, Emancipation of a Muslim woman [in Russian], Moscow 1982.
Ia. E. Pesin, Development of women’s rights in Uzbekistan [in Russian], Tashkent 1971.
G. Saidova (ed.), Human development report. Uzbekistan 1996, Tashkent 1996.
J. D. Storey, A. Ilkhamov, and B. Saksvig, Perceptions of family planning and reproductive health issues. Focus group
discussions in Kazakhstan, Turkmenistan, Kyrgyzstan, and Uzbekistan, IEC Field Report, 10 (August 1997).
R. Sultanova, Uzbekistan. Female rites as a musical phenomenon, in Proceedings of the XV European seminar in
ethnomusicology, SOAS, London 12–15 November 1999, at
<www.santacecilia.it/italiano/archivi/etnomusicologico/esem99/musicspace/papers/sultanova/sultanova.htm>.
A. Tabyshalieva, A reflection in time [in Russian], Bishkek, Kyrgyzstan 1998.
——, Revival of traditions in post-Soviet Central Asia, in M. Lazreg (ed.), Making the transition work for women in
Europe and Central Asia, Washington D.C. 2000.
T. Terzani, A fortune-teller told me. Earthbound travels in the Far East, trans. J. Krakover Hall, London 1997.
M. Tokhtakhodjaeva, Between the slogans of communism and the laws of Islam, Lahore 1995.
——, Daughters of Amazons. Voices from Central Asia. Lahore 1996.
——, The Oriental woman. What doors are open for her? in Central Asian post, Bishkek, Kirgistan 4 May 1998, 17:4.
S. Welsby and G. Esengalieva, Overall executive summary of the documentation on women and children’s health in five
Central Asian republics, unpublished paper compiled for USAID 1994.
WLDI (Women, Law and Development International), Promoting and defending human rights. Building capacity among
women in Central Asia. Report-inbrief from Step by Step. Training women to use the international human rights system
to promote and defend women’s human rights in Central Asia. Final end-of-project report from PROWID to the Center
for Development and Population Activities, Washington, D.C. 1999.
Filmography
A journey through Central Asia. Detours along the Silk Road, web documentary directed by Gary Matoso and Randall Koral 1997.
Central Asia: Kyrgyzstan and Uzbekistan, documentary produced by Lonely Planet Publications 1997.
Crossroads, soap opera, Kazakhstan national television 1994.
Cycle of seasons. Four visits to an Uzbek village, documentary directed by Oliver L. Wei and Boris Lebedev 1997.
Mladshaya (The junior, 65 mins.), directed by Rano Kubaeva 1994.
People’s artist of Uzbekistan, documentary directed by Hamid Kakhramanov, 1984.
Voiz (The Orator, 83 mins.), directed by Jusuf Razykov 2001.
Yallanga (The flame), documentary directed and producedby Shukhrat Makhmudov 1988