أغطية الرؤوس، والعذارى

تاريخ النشر:

2012

اعداد بواسطة:

أغطية الرؤوس، والعذارى، وألسنة الرجال والملائكة:

رؤوس النساء في المسيحية المبكرة*

إن الاهتمام الكبير الذي يوليه الرجال لزينة النساء، وهم المنوطون بأعمال عظيمة على هذه الأرض، ليبدو أمرًا تافهًا ومهينًا لهم.

إلیزابث کادی ستانتون، إنجيل النساء، (۱۸۹۹)

إن الدهشة التي تعبر عنها إليزابث کادی ستانتون (Elizabeth Cady Stanton) حيال انشغال الكُتَّاب الرجال أيام المسيحية المبكرة بملابس النساء، وبصفة خاصة أغطية رؤوسهن، ليلفت انتباهنا إلى الباعث الحقيقي الذي جعل موضوع رؤوس النساء يتصدر كتابات المسيحية المبكرة: ذلك الباعث هو عقول الرجال. فلقد رأى المسيحيون الأوائل، وربما الرجال في العصور القديمة بصفة عامة، أن رؤوس النساء هي حقًا أعضاء جنسية. كما أنفق اثنان على الأقل من هؤلاء الرجال، و هما بولس (Paul) وترتليان ((Tertullian الكثير من التفكير وحبر الكتابة في مساعيهما لتأكيد الصبغة الجنسية لرؤوس النساء. ويتضح لنا أنهما قاما بالربط بين رؤوس النساء وأعضائهن التناسلية بشكل واعٍ، بل ونجد ذلك واضحًا ومفصلاً بصورة مدهشة في كتابات ترتليان. ولكن في الوقت نفسه لا يتضح لنا إطلاقًا أن النساء في المسيحية المبكرة كن ينظرن إلى رؤوسهن بوصفها أعضاء جنسية. وفي حين يمكننا تبين ملامح ملابس النساء الدينية وطرق تصفيف شعرهن في كتابات هذين الرجلين، لا نملك التعرف المباشر على المعاني التي كانت النساء تخلعها على تلك الأمور. وبينما نرى في العصور القديمة إشارات قد تدلنا على أن تلك المعاني قد تختلف اختلافًا كبيرًا عن التفاسير التي وضعها الرجال لأجساد النساء وملابسهن، تبقى النساء في المسيحية القديمة إلى حد كبير ظاهرات للأجيال التالية من خلال غطاء الرأس المثير للشهوة الذي يمثل موضوعًا لنظرة الرجال المحدقة (male gaze). وهناك نصان من المسيحية المبكرة يستخدمان سلطة اللاهوت والتفسير بغرض مطالبة النساء بتغطية رؤوسهن. يحاول بولس في 1كو 11: ٢١٦ أن يضفي صبغة التفسير المنطقي على الأمر الذي أصدره بضرورة تغطية رؤوس النساء اللاتي يقمن بالصلاة والتنبؤ في الكنيسة، ويغلب إرجاع تاريخ ذلك النص إلى الفترة من ٥٢ إلى 60 بعد الميلاد. أما ترتليان، الخطيب الكنسي شمال الأفريقي، فقد كتب حوالي عام ۲۱۱ نصًا دينيًا بعنوان (De virginibus velandis) وجوب تغطية رؤوس العذاري، وذلك في الوقت الذي كان آخذًا فيه في التعمق في حركة النبوءة الجديدة (New Prophecy) بما يميزها من الصرامة والوجد، وهي الحركة التي يمكن عَدُّها نموذجًا للحركات الكاريزماتية في فترة المسيحية المبكرة، والتي تعرف أيضًا باسم المونتانية (Montanism).(1) ويشترك النصان في العديد من النقاط، فكلاهما يرى نفسه نابعًا مما يفترض أنه مقتضيات الطبيعة. وكلاهما يستقرئ الأحكام التي ينص عليها من قصة الخلق في سفر التكوين. وكذلك فكلاهما يمارس قطع رؤوس النساء داخل مجتمعاتهن لصالح مكانة الرجال الأعلى. ولا يثير كل ذلك دهشتنا حيث أن (1کو ١١: ٢١٦) كانت تشكل موضوعًا للجدل في قرطاجة أيام ترتليان الذي سعى إلى استخدام تلك الفقرة، إلى جانب ما كتبه بعض مفسری بولس الأوائل، لتسويغ ما كان يطالب به.

ولكن موقفي الكاتبين ينمان كذلك عن أوجه تشابه مهمة. أولاً، يحاول كل من بولس وترتليان تغيير ممارسات قائمة بالفعل، وفي كلتا الحالتين تقف التقاليد الموروثة في صف من لا يغطين رؤوسهن. وثانيًا، يكتب كل منهما في مجتمع يمر بطور تأسيس ذاته، ولهذا يتعين عليهما تناول قضية التجديد داخل ثقافة ترى الماضي القديم معيارًا للحكم بما هو حقيقي. ثالثًا، إن التنبؤ (prophecy) في كلا المجتمعين يمثل شكلاً محوريًا للخطاب، بينما تشترك النساء في ممارسة المواهب النبوية (prophetic gifts). ورابعًا، في السياقين تقف الملائكة شاهدة على الجماعة الكنسية، كما تلعب دورًا ليس فقط فيما يتعلق بالرؤى الإعلانات (revelations)، ولكن في سلوك أفراد المجتمع كذلك.

1 کو ۱۱: ۲-16: ينبغي أن يكون للمرأة سلطان على رأسها

وفي خضم محاولات بولس لتهدئة حماس كنيسة كورنثوس تجاه الحكمة التي كان يعظ بها والقوة الكارزماتية التي كان الناس يخبرونها وهم يستمعون إلى مواعظه، فقد جنج إلى بذل جهد كبير في تقديم شرح للتراث الصحيح المتعلق برؤوس النساء:

۱۱:۲ إنني أمدحكم لانكم تذكرونني في كل شيء، وتحفظون التعاليم كما سلمتها لكم[ تجدر الإشارة هنا إلى أن الترجمة التي توردها الكاتبة في النص الأصلي للمقالة لهذه الأعداد ولكل الاقتباسات الأخرى من الكتاب المقدس لا ترد في أية ترجمة إنجليزية معتمدة للكتاب المقدس ولكنها تعكس تفسير الكاتبة الخاص للنص، وعليه فلم ألجأ في ترجمتي الى أية ترجمة عربية معتمدة للكتاب المقدس. وقد قمت بتناول هذا الأمر بتفصيل أكبر في مقدمة المترجمة. (المترجمة)].

3 ولكنني أريدكم أن تعلموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأن الرجل رأس المرأة، وأن الله رأس المسيح.

4 كل رجل يصلي أو يتنبأ وعلى رأسه غطاء فانه يشین رأسه.

5 ولكن كل امرأة تصلي أو تتنبأ ورأسها غير مغطی تشین رأسها، لأنها تصبح مثلها مثل المحلوقة.

6 فإذا كانت المرأة لا تتغطى فليُقص شعرها. ولكن لو كان مشينًا للمرأة أن تقص شعرها أو أن تحلق، فلتتغطَّ.

7 إذ لا ينبغي للرجل أن يغطي رأسه لأنه صورة الله ومجده.

8 لأن الرجل ليس من المرأة، ولكن المرأة من الرجل.

9 ولم يخلق الرجل من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل.

10 لهذا ينبغي على المرأة أن يكون لها (exousia) (سلطان) على رأسها بسبب الملائكة.

11 ولكن المرأة ليست من دون الرجل ولا الرجل من دون المرأة في الرب.

12 فكما أن المرأة من الرجل، كذلك الرجل بالمرأة، ولكن الأشياء كلها من الله.

13 أحكموا بأنفسكم: هل يليق بالمرأة أن تصلى لله ورأسها مكشوف؟

14 ألا تعلمكم الطبيعة نفسها أنه لو كان للرجل شعر منسدل لكان عيبًا عليه؟

15 أما إذا كان للمرأة شعر منسدل فهو مجد لها، لأن شعرها قد أعطى لها عوضًا عن الملابس.

16 ولكن لو أراد أحد أن يجادل، فتلك ليست عادتنا ولا عادة كنائس الله.

تحاول الترجمة السابقة الاحتفاظ بالالتباس وتعدد المعاني في 1كو 11: ٢١٦ وهي فقرة مقتضبة وذات جمل شديدة الالتفاف مما يجعل كل سطر، بل كل كلمة فيها، مصدر جدل في الكتابات الأكاديمية. ويبدو هدف بولس واضحًا على الأقل لمن قام/ ت بالترجمة هنا. يريد بولس أن تغطي النساء من أهل كورنثوس رؤوسهن عندما يصلين أو يتنبأن وسط الجماعة الكنسية.(۲) ويتبين لنا ذلك الهدف في الأمر الذي يصدره: “فلتتغطَّ [أو]… تقص شعرهاأحكموا بأنفسكم: هل يليق بالمرأة أن تصلى لله ورأسها مكشوف؟” (5-6 -13).(3) ويتضح من 1 كو 14 أن الصلاة والتنبؤ يتضمنان مخاطبة الجماعة الكنسية. ويفترض بولس، على الأقل في 1كو ۱۱: ۳ -16 أن ذلك النوع من القيادة متاح للنساء، ولا بيذل أية محاولة لكبحه.(4)

وتأتي الحجج التي يسوقها بولس من أجل تدعيم فرضه لغطاء الرأس أقل وضوحًا. فلو أخذنا في الحسبان أن النساء كن غالبًا ما يرتدين أغطية للرأس في العالم الفسيح الناطق باليونانية، فسوف تدهشنا الصعوبة البالغة التي يدلل بها بولس على حجته(5). فهو يبدأ بتقديم مجموعة من الحجج من اللاهوت والنصوص المقدسة (3-۱۰)، وهي حجج وإن كانت تستعصي على التوضيح في حد ذاتها، فإن منحاها العام واضح وضوحًا كافيًا. فهي تبدأ بدعوى أن الرجل هو رأس المرأة، كما أن الله هو رأس المسيح، والمسيح رأس الرجل(3). إذن، ليست المرأة رأسًا لأحد. وفي الواقع فهي عمليًا مقطوعة الرأس. وتنطوى الأوامر الموجهة إليها بأن تغطى أو تقص شعرها على تورية تجعل رأس المرأة ورَجُلها/ زوجها شيئًا واحدًا، فالمرأة التي تصلى بدون أن تغطى رأسها تشين رأسها/ زوجها (6). وقد ذهبت بعض الباحثات والباحثين إلى أن كلمة رأسهذا يجب أن تؤخذ بمعنى المصدروليس الحاكم“.(7) ويستشهد بولس في 1 کو 11: ۷۹ ب سفر التكوين ۱۲ (۱:۲۷، ۲:۱۸، ۲: ۲۱۲۳) في قوله بأن خلق المرأة اشتقاقي، أيْ أنها خلقت من الرجل ومن أجله، وعليه تصبح علاقتها بالله بوصفها مصدرًا لها تالية لعلاقة الرجل بالله. إنها (فقط) مجد الرجل، الذي هو صورة الله ومجده (۱۱:۷). وفي سياق كهذا فإن كلمة رأسبمعنى مصدرلا تلغي كلمة رأسبمعنى حاكم، بل إنها تسوغ ذلك المعنى.(8)

وهكذا، ينبغي أن تكون خلاصة 11: 7-9على النحو الآتي: على المرأة أن تتزوج، وأن تكون خاضعة لزوجها. ولكن بولس لا يَخلص إلى ذلك، سواء هنا أو في أي من الرسائل المتفق على صحة وحيها. أما ما يخلص إليه بولس (۱۱: ۱۰) فیأتی معقدًا للغاية: ينبغي أن يكون للمرأة exousia على رأسها، وذلك من أجل الملائكة. ولا تشير الكلمة اليونانية exousia إلى السلطة بشكلها المجرد فقط، ولكنها قد تشير أيضًا إلى وجود روحاني أو طبقة من الكيانات الروحانية. ومن المحتمل أن تكون تلك محاولة أخرى من بولس لخلق التورية: ينبغي أن يكون للمرأة exousia، أيْ سلطة أو زوج، على رأسها. وهكذا يمكن فهم النص على أنه يقول بوجوب زواج المرأة.(9) ولكن المفسرين المعاصرين والقدامي على حد سواء رأوا أن كلمة “exousia” تشير إلى الغطاء أو الخمار، وفسروها بمعنى غطاء الرأس بوصفه علامة على السلطة.(10) ويحيط الجدل بمعنى الكلمة الدقيق، حيث يمكن النظر إليها بوصفها تشير إلى سلطة الزوج على المرأة، أو إلى سلطة المرأة ذاتها على رأسها.(11) ولكن الفرق بين المعنيين أقل مما يفترض أحيانًا. فسواء كان غطاء الرأس يمثل اعترافًا بخضوعها أو يعرض نقصًا وعيبًا فيها، فإن رأس المرأة المكشوف يبقى ناقصًا ومعيبًا في حد ذاته.

وتشكل العبارة الأخيرة بسبب الملائكةإشكالية أخرى. فالقارئ المعاصر لا يجد ما يبرر ظهور الملائكة في ذلك الموضع. وقد حاولت نظريات متعددة تحديد من هم الملائكة، وتقديم الأسباب التي تبرر حاجتهم إلى أن تغطى النساء رؤوسهن. وقد تبنى المعلقون منذ زمن ترتليان فكرة أن بولس قد أمر بتغطية رأس المرأة تحسبًا من إغواء الملائكة جنسيًا، كما حدث لأبناء الله في تك 6: 1-4، الذين يبرز وجودهم في سفر أخنوخ 1.(12) ولأن العدد 10 يحسم تلك القضايا بالاستعانة بالفقرة (تك ١٢)، فقد يكون الملائكة المشار إليهم هم الملائكة أنفسهم الذين كانوا حاضرين وقت خلق البشر الأوائل والذين أشرفوا على إقامتهم في الجنة. (مثل ملائكة كتاب نبوءات موسى)، أو هؤلاء الذين اعترضوا على خلق البشر (مثل الملائكة في التفسير اليهودي ل سفر التكوين (Genesis Rabbah).(13) ويذهب رأى آخر إلى أن الملائكة هم حراس الترتيب الكنسي داخل كنسية كورنثوس مثلما هم في المجتمع الذي نراه في نصوص مخطوطات قمران .Qumran texts(14) وتلعب الملائكة دورًا مهمًا في حياة بولس وأهل كورنثوس الكوزمولوجية. ويبدو أن أهل كورنثوس كانوا يعتقدون أنهم يتكلمون بلغات الملائكة عند ممارستهم موهبة التكلم بالألسنة (13: 1)، بينما يمكن أن يعكس تفضيلهم للتبتل اعتقادًا بأنهم يعيشون كالملائكة“.(15) وتشهد الملائكة والناس المحاكمات العلنية التي يُعرض فيها بولس أمام الجميع (٤: ۹۱۳)، بينما يتوقع أهل كورنثوس أنهم سوف يحاكمون الملائكة بأنفسهم (6: ۲۳). وهكذا، يظهر الملائكة في كورنثوس بوصفهم صورًا غامضة متعددة المعاني، إما لترسيخ النظام وسط التجمع داخل الكنيسة أو للاستفادة من الاضطراب الجنسي بداخله.

ولا يتوقف استخدام بولس لنصوص سفر التكوين عند إلغاء قدرة النساء على الاضطلاع بمهام الرئيسات فقط، ولكنه يسلبهن دورهن بوصفهن مصدر الحياة، إذ ينكر بوضوح أن الرجل مشتق من المرأة (11: 8). وبينما لا يصدر بولس أمرًا واضحًا بالخضوع للزوج، فإن هذا النص سوف يشكل مع 1كو ۱۲: ۱۲۳۱ أساسًا لاستخدام سفر التكوين بشكل جديد في الرسالة إلى أهل أفسس 5: ٢٥٣١. فهناك نرى أن الزوج رأس المرأة التي هي لحمه (تك ٢: ٢٣٢٤)، بينما تصبح المرأة مقطوعة الرأس تمامًا: فهي ليست رأسًا كما أنها ليس لها رأس.

حتى هذه النقطة، لا يبدو بولس راضيًا تمامًا عن فكرته، إذ نراه في 1كو ۱۱: ۱۱۱۲ يتراجع عن استقاء الحجج فيما يتعلق بخلق المرأة من سفر التكوين، حيث يعدل طرحه الخاص بالطبيعة الاشتقاقية لخلق المرأة ويقبل منحها دورًا في التناسل وربما أيضًا في الرب“. (16) ولكن هذا لا يجعله بأي شكل يلغي الأمر الذي أصدره. وتقدم الأعداد ١٣-16 ما يمكن اعتباره ثلاث حجج جديدة متمثلة في الحشمة والطبيعة والتقاليد. ويحاول بولس في الأعداد 3-10 أن يشين النساء حاسرات الرؤوس، إذ نراه يتمسك بغطاء الرأس بحجة مكانة المرأة المتدنية والثانوية. فبعد أن يستدعي ذلك الخزي يصبح بإمكانه تغيير النهج الذي اتبعه، فتراه في الأعداد 13-15 يحتكم إلى احترام النساء لذواتهن دون أية محاولة لتخفيف أمره للنساء بتغطية رؤوسهن وسط الجماعة الكنسية.

ويجد القراء المعاصرون أن الحجج التي يسوقها بولس من الطبيعة غير مقنعة، بل وقد تكون مضحكة. فمثلاً نجد أنفسنا نجيب نفيًا على تساؤل بولس ألا تعلمكم الطبيعة نفسها أنه لو كان للرجل شعر منسدل لكان عيبًا [atimia] عليه؟أما افتراضه الآتي: “أما إذا كان للمرأة شعر منسدل فهو مجد (doxa) لها، لأن شعرها قد أعطى لها عوضًا عن الملابسفسيوحي غالبًا بالرد الآتي: “ولهذا فهي لا تحتاج إلى غطاء للرأس“. ولكن غالبية معاصري بولس لم يكونوا ليميزوا بين الطبيعةواللياقة والاحتشام المستحضرين في 11: 13، ولهذا يمكن أن نتصور أن أوساط كورنثوس ذات الثقافة الرومانية كانت تؤيد فرضية أن الشعر الطويل يمثل عيبًا للرجل ومجدًا للمرأة.(17)

ولكن لماذا يعتقد بولس أن الطبيعة بوضعها شعرًا طويلاً على رأس النساء تشير بوجوب ارتدائهن غطاء الرأس؟ قد نرى ذلك معقولاً لو أن بولس يرى تطابقًا بين رؤوس النساء التي ينمو عليها الشعر بغزارة، وأعضاء الرجال والنساء التناسلية التي ينمو عليها الشعر كذلك بوفرة، والتي يتعين (على الأقل من وجهة نظر بولس) تغطيتها في الأماكن العامة. (18) أما رؤوس الرجال فتختلف، إذ بإمكانهم تقصير الشعر أو حلقه تمامًا دون جلب أي نوع من الخزى (1كو 11: 4-6).

ويجد انشغال بولس برؤوس النساء في (1كو 11: 13-16) صدىً في النقاش حول الأمور الروحية في (1کو ١٢١٤) الذي لا يلفت انتباه الكثيرين. يحاول بولس في (1کو ۱۲ ١٤) إعادة تقييم تفضيل أهل كورنثوس التكلم بالألسنة بوصفه دلالة على امتلائهم بالروح القدس. وتشكل صورة الجسد في ( 1کو ۱۲: ۱۲۳۱) دعوة إلى التعددية والتآلف في ممارسة المهام الجمعية، مما يؤكد أهمية اختلاف أجزاء الجسد (الوظائف المبنية على المواهب الروحية) حتى تكوِّن معًا جسدًا واحدًا، وتعنى هذه المقارنة أنه لا يتعين على الجميع التحدث بالألسنة. ونرى بولس في كل مقاطع 1كو ۱۲: ۱۲– 31 يطور تصوره لصورة الجسد لكي يبرهن على فكرته القائلة بأن أية موهبة أو خدمة تشكل انعكاسًا للروح في المجتمع، في حين يبقى التنبؤ (مثله مثل الرسولية (apostleship)) أعلى مكانة من التكلم بالألسنة. (19) وفي سياق شرحه المستفيض لهذا التناظر يورد بولس فكرة مميزة فيما يتعلق بأعضاء الجسم الداخلية:

أما الأعضاء التي نعتبرها بلا كرامة [ta atimotera] فإننا نسبغ عليها الغطاء بتكريم أعظم[timen]. أما أعضاؤنا المخزية [ta askhemona hemon] فلها جمال أفضل، وأما أعضاؤنا الجميلة [ta euskhemona] فليس لها احتياج [إليه]. ولكن الله قد أنشأ الجسد، معطيًا ما هو ناقص تكريمًا أعظم [timen]. (۱۲: ٢٣٢٤)

وربما تشير الاستفاضة في التصوير في ١٢: ٢٣ ٢٤ إلى أن هبة التكلم بالألسنة، في كونها معادلة للملابس المبهرجة، لا تعد دلالة على منح تكريم أعظم لمن يمارسونها، ولكنها على النقيض من ذلك تمثل غطاءً يخفي عيوبهم“.

وحين يولی بولس اهتمامه لموضوع معين لا ينسى الموضوعات الأخرى. إذ عندما يلاحظ في ۱۲: ۲۲ أن أعضاء الجسد التي تبدو الأضعف في الأعضاء الأكثر أهمية، فإنه في الأغلب يفكر في دفاعه عن خدمته الرسولية وبخاصة ذلك الذي يرد في 4: 8-13، كما يبدو أنه يفكر كذلك في نصائحه لضعاف النفوس التي تعبر عن اهتمامه بهم (۸: ۷۱۳). وقد تلعب الفقرة ١٢: ٢٣٢٤ دورًا في ترسيخ الأوامر الواردة في 11: 4-6 والحجج الواردة في 11: 14-15 ، وليس فقط في التقليل من مكانة الألسنة. فرؤوس النساء مثل الأعضاء (الجنسية) الشائنة التي تتطلب التغطية، أو هي تلك الأعضاء ذاتها. وهكذا، فكما تغطى الطبيعة تلك الأعضاء بالشعر مما يعد مجدًا لها، يتعين كذلك علينا نحنأن نغطيها بصورة أكثر تشريفًا لها، ذلك أن تلك الأعضاء بحاجة للاحتشام.(20) وهكذا، يصبح الشعر البهي المتألق، كما هو الحال مع الجوانب المبهرة للألسنة، مؤشرًا يدل على الخزى. (۲۱)

ويمثل ذلك الخليط من التلميحات الجنسية (11: 4-6، 13-15 ) والتوسل بالخلق والطبيعة (11: ۳۱۰، ١٤١٥) مدفعية بلاغية من العيار الثقيل. فما هو إذن الوضع الذي أثار قلق بولس إلى هذا الحد؟ يبدو أن أمر بولس النساء بتغطية رؤوسهن أثناء الصلاة والتنبؤ جاء محاولة من جانبه لتغيير الممارسات الراسخة في مجتمع کورنثوس، وربما حتى الممارسات ذاتها التي علَّمها هو بنفسه. يبدأ بولس طرحه بالمصادقة على ولاء أهل كورنثوس لتعاليمه (۱۱: ۲)، مختتمًا بتأكيد أنه لا هو ولا الكنائس الأخرى يمارسون تلك العادة” (11: 16)، أي قيام النساء بالصلاة والتنبؤ دون تغطية رؤوسهن. يوضح استخدام كلمتي الصلاةوالتنبؤفی 1 کو 14 أن الكلمتين تشيران إلى نمط من أنماط قيادة التجمع الكنسي في سياق تمارَس فيه المواهب الروحية، وإلى مشاركة نساء كورنثوس في قيادة الجماعة الكنسية بشكل يبدو تجربة ومشاركة عفوية في مواهب الكلمة والحكمة (راجع/ي 1: 5-7). ولكي تتمكن النساء من تأدية تلك المهمة فإنهن يرفعن أغطية الرأس التي كانت جزءًا من الملابس العادية التي ترتديها النساء البالغات الراشدات المحترمات في الأماكن العامة. (22)

وبينما لا نملك الوصول إلى الأساس المنطقي لتلك العادةالمعمول بها في كورنثوس، تعطينا رسائل بولس فرصًا لتخمين التراثالذي بنيت عليه تلك العادة. وقد أشير منذ وقت طويل إلى أن غل ٣: ٢٦٢٨ تراعي تقليدًا مرتبطًا بطقوس المعمودية في المسيحية المبكرة.(23) وقد يكون ذلك التراث مصدر الخلاف حول أدوار الجندر (النوع)، إذ نجده يقر بأن جميعكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح. ليس بينكم من هو يهودي ولا يوناني. ولا عبد ولا حر. ليس ’ذكر وأنثى‘“. ويقدم سياق 1كو بعض الأدلة على احتمال وجود خلاف حول تلك التعاليم في کورنثوس، كما يورد بولس في 1 کو ۱۲: ۱۳ طقوس معمودية مشابهة، ولكنه لا يضمِّنها الزوج الإشكالي: “ذكر وأنثى“. ونجده في 1 كو ۷: ٢٠٢٤ يؤكد أن الرق والحرية، الختان والغرلة لا تعد شيئًا في المسيح، وذلك حتى يثنى أهل كورنثوس عن السعي إلى الزواج أو الطلاق. ومن المحتمل أن بولس كان يحاول تجنب التبعات الإشكالية لقول مثل ليس ’ذكر وأنثى‘بتأويله للجملة في صورة ليس [أفضلية] للمتزوجين وغير المتزوجين” .

وقد دأبت محاولات استبيان وضع النساء في كورنثوس ابتداء من غل ۳: ۲۸ إلی التركيز على محاولة الوصول إلى أسس لاهوتية وتأويلية– وحتى فلسفيةلممارسات نساء كورنثوس. ويبقى من الضروري أن تربط ذلك الوضع بطقوس المعمودية. ولم تصل إلينا أية أدلة مباشرة على شكل مراسم التعميد خلال تلك الفترة المبكرة، ولكن يمكننا استخدام طقوس المعمودية في فترات لاحقة لكي نتخيل وظيفة طقسية الفقرة غل 3: ۲۷۲۸ في ضوء الشعائر التالية لها. ففي السنوات التي تلت ذلك كان المرشحون للتعميد يعمَّدون وهم عرايا، وبعد التعميد كانوا يرتدون الملابس مرة أخرى وسط طقوس احتفالية، ثم يعاد إدخالهم في جماعة المصلين(٢٤). ويمكن فهم غل 3: ۲۷۲۸ في ضوء ذلك على أنها تمثل تحية لمن تم تعميدهم حديثًا. فقد ارتدوا جميعهم بعد خروجهم من ماء المعمودية رداءً سابغًا واحدًا (chiton/enduma)، بدون الأردية الخارجية أو أغطية الرأس أو الزينة التي غالبًا ما تدل على الجنس أو المكانة الاجتماعية(٢٥). ويعلق المترأس على الطقوس على ملابسهم الجديدة والموحدة بينما يجري تقديمهم للمجتمعين في الكنيسة: “جميعكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم (enedusasthe) المسيح. ليس بينكم من هو یهودی ولا یونانی. ولا عبد ولا حر. ليس ’ذكر وأنثى‘” (26) ولا يمكن للرداء السابغ أن يمحو جميع علامات التميز والمكانة، إذ قد لا يخفى الأطواق على رقبة العبيد أو الوسم على أجسادهم .(٢٧) ولكن الرداء الموحد الذي يرتدونه أثناء تعميدهم يعد إشارة مضادة لتلك العلامات الدالة على العبودية. وفي حالة النساء، فربما لم يشتمل رداء ما بعد التعميد على غطاء الرأس، وبذلك تصبح رؤوسهن المكشوفة دلالة على مكانتهن الجديدة. فكما يرد في رواية يهودية قديمة بعنوان أسنات (Aseneth)، يقال للبطلة أسنات التي تسمَّى القبيلة على اسمها إنها لا تحتاج إلى ارتداء غطاء الرأس يوم زواجها/ دخولها اليهودية، إذ تكون رأسها في ذاك اليوم مثل رأس الشاب. (۲۸)

وقد تكون النساء في مجتمع كورنثوس (وربما في مجتمعات أخرى على الرغم مما يرد في 11: 16) قد رفضن ارتداء غطاء الرأس على أساس تجريتهن في لبس المسيحعند التعميد. وهكذا، فقد أردن استكمال طقوس المعمودية داخل الكنيسة، مؤكدات أن المعنى الجنسي والمبني على الجندر الملتصق برؤوسهن قد أصبح باطلاً في المسيح، وذلك بفضل المعمودية داخل الجماعة الكنسية(29) وبذلك فعندما تتكلم النساء داخل الكنيسة يؤكدن طقوسيًا على مساواتهن مع الرجال كدلالة على سلطة أصواتهن النبوية.

يمكنني هذا القول بأن بولس يضفي صبغة جنسية، أو بمعنى آخر يعيد إضفاء صبغة جنسية، على رؤوس النبيات في الكنيسة للسبب نفسه الذي كان يدفع الأحبار اليهود في رأي هوارد آیلبرجشفارتس (Howard Eilberg-Schwartz) إلى إضفاء صبغة جنسية على رؤوس النساء، وهو إسكات أصواتهن.(30) ولكن بولس في الحقيقة لا يسكت أصوات النساء، وإنما يأخذ دورهن التنبؤي بوصفه أمرًا مسلمًا به (۳۱) فالنبيات، كما هو الحال مع النساء اللاتي لهن أدوار في الكنيسة بوصفهن خادمات ورسولات وعاملات، موجودات بالفعل في الواقع الذي يعيشه بولس. ولهذا، كان عليه أن يأخذهن في الحسبان لا فقط أن يتقبل وجودهن، وأن يعتمد على مساندتهن ومناصرتهن كما يفعل في مناشدته للرومان.(32) ولهذا، نجده يطالب بتغطية رؤوس النساء على وجه التحديد عندما يصلين ويتنبأن. وتأمر 1كو 14: 34- 35 بالفعل النساء بالسكوت وسط جماعة الكنيسة. ولكن يبقى أصل تلك الفقرة غير واضح. وفي حين نرى ضعف الدلائل النصية المستخدمة في تأويلها لا يمكن التغاضي عن التعارض بينها وبين ۱ کو 11: 4-6.(33) وهكذا، يكون من المحتمل أن الفقرات 1 كو 14: 34-35 تعبر عن آراء أحد الاتباع المتحمسين ل بولسصاحب الرسائل الرعوية.(34)

وعليه، لا يقوم بولس بإسكات النبيات في مجتمع كورنثوس، ولكنه بالأحرى يحاول التحكم في الظروف التي يقمن بالتنبؤ فيها. ويری تحلیل روس كريمر (Ross Kraemer) للوضع في كورنثوس، الذي أجري في ضوء نظريات ماری دوجلاس (Mary Douglas) الأنثروبولوجية، أن رغبة بولس في التحكم في رؤوس النساء المتنبئات ترتبط ارتباطًا مباشرًا بحرصه على إيجاد تحديد اجتماعي أوضح للجوانب الأخرى لتجربة أهل كورنثوس البحرانية (ecstatic experiences) وفي مواجهة فكر شعب كورنثوس وممارساته المعادية للطقوسنجد بولس يكافح من أجل إعادة فرض القيود الاجتماعية وبخاصة فيما يتعلق بتمييز النساء عن الرجال.(35) فكما تخلص دراسة روس كريمر، حصلت النساء في كورنثوس بفضل مشاركتهن في المواهب البحرانية وغيرها من المواهب في الكنيسة على مكانة سلطوية ووضعًا مميزًا، الأمر الذي كان بولس يراه مسيئًا و اشكاليًا.”(36)

ويكاد يكون من المؤكد أن بولس، وربما أعضاء آخرون من أهل كورنثوس، قد حددوا مجال تلك الإساءة في نطاق الأخلاقيات الجنسية. فقد كان مجتمع كورنثوس مجتمعًا ناشئًا، وحتى لو كان بولس لا يستطيع التمييز بين اليهودية والمسيحية المبكرة فمن المؤكد أن مدنًا مثل کورنثوس كانت حديثة العهد بالمسيحية، وكانت تحتفي بتلك الحداثة وسط سباق ثقافي ينظر بعين الشك إلى التجديد في مجال الدين، رابطًا بينه وبين الانحلال الأخلاقي وبخاصة في مجال الجنس، ولا يجيزه إلا في في حالة تذرعه بممارسات قديمة لها قوتها. وقد كانت حدود المسموح به في الأعراف الجنسية على الأخص رحبة إلى حد كبير داخل المجتمعات في المسيحية المبكرة بصفة عامة ولدى أهل كورنثوس بصفة خاصة. ونرى بولس في 1 كو 7 يسعى إلى حماية المجتمع من أشكال الانحلال الأخلاقيالتي قد تنجم عن تفضيل التبتل، والذي يتخذه بولس نفسه (۷: ۱۲)، ويحث عليه النساء كذلك (7: 39-40). ولهذا، نجده يصادق على اتفاقات الزواج السابقة، على الأقل الزيجات القائمة بالفعل. فقد كان رفض الممارسات الجنسية بالنسبة إلى بولس وأهل كورنثوس يعني الوصول إلى الحرية. أما الزواج فيُبقى كلا الطرفي داخل وثاق الجنس (7: 4). يحظر على المرأة والرجل الطلاق أو الزواج مرة أخرى، كما لا يحق للزوجة ولا للزوج رفض الجنس. والمرأة لا تمتلك سلطانًا (exousiazei) على جسدها، أما زوجها فيمتلك تلك السلطان. وبالمثل، يقع جسد الزوج تحت سلطان الزوجة الجنسي، في حين لا تنسحب تلك التبادلية المتعلقة بالجسد على الرأس، حيث يجب أن يكون للمرأة سلطانعلى رأسها في حين لا يرى ذلك ضروريًا بالنسبة إلى الرجل. وإذا كان من الصعب رؤية التوافق بين ما يأمر به بولس فيما يتعلق بالزواج والجنس ونصائحه بشأن التبتل وكبح جماح النفس (enkrateia) فإن التحذير الواضح من الانحلال الأخلاقيفي 6: ١٢٢٠ يسبق كلا الأمرين ويُعدُّ مقدمة لهما. ويتضح لنا من (1 كو 5) أن بولس يرى أن الأمور في كورنثوس قد تخطت حدود ما هو مقبول اخلاقيًا.

كما يظهر لنا في رو ۱: ۱۸۳۲ قلق بولس الشديد من أخلاقيات النساء الجنسية لأنها تشكل تهديدًا للأعراف الجمعية، حيث يأتي انحراف المرأة الجنسي، الذي تُعدُّ شهوات المرأة المثلية أوضح أمثلته، على رأس قائمة الشرور التي تدل على تخلى الله عمن يرفضون الاعتراف بطبيعة الله الأبدية والخفية. ولأن بولس ومعاصريه يرون أن شهوات الرجال المثلية تستتبع تخنيث أحد الطرفين على الأقل، فإن شهوات المرأة المثلية تقدم نفسها في صورة استقلالية منحرفة. فأي امرأة تجنح إلى تأكيد ذاتها، وبخاصة المرأة التي تجنح إلى تأكيد رغباتها الجنسية هي امرأة غير طبيعية ومنحرفة.(37) ونرى فی ۱ کو 11: 3 -10 أن الطبيعة الاشتقاقية للمرأة، تلك الدرجة الثانوية من الخلق المترسخة في الأذهان بفعل النصوص الواردة في سفر التكوين، وافتقارها الطبيعيإلى الاستقلالية، هو ما يتعين ابرازه بغطاء الرأس. يرى بولس أن اختيار المرأة كشف رأسها يعد تأكيدًا على استقلاليتها متضمنًا أصداًء جنسية.

وهكذا، يرى بولس أن غطاء الرأس، كما هو الحال مع مساندة فكرة الزواج، أمر ضروري للحفاظ على الممارسات التي يقرها، أو يقبلها، في مجالات أخرى، وعلى رأسها السماح للنساء بالصلاة والتنبؤ في الكنيسة، وأيضًا السماح لهن بالبقاء بدون زواج . بل إننا نجد في إصرار بولس على أن يحظر على المرأة التي تنفصل عن زوجها الزواج مرة أخرى اعترافًا (وإن كان لا يعد استحسانًا) بإمكان الفصل المرأة عن زوجها(38). وينبغي ألا نفهم تأكيد بولس وجوب غطاء الرأس على أنه مجرد رضوخ لأعراف خارجية مقصود به مجرد إرضاء الآخرين. على العكس، اذ تدل الإشارة إلى الملائكة على أنه كان يرى ذلك التهديد للأعراف الجمعية أمرًا حقيقيًا متأصلاً.

 

إذن، ما الذي يكسب رأس المرأة صبغة جنسية؟ أود هنا افتراض أن الإجابة متضمنة في 1 كو ۱۱: ٢١٦. أن السلطة الجنسية، أو تسيد نظرة الرجل المحدقة، هي التي تضفي الصبغة الجنسية على رأس المرأة. ويمكن التفسير ظاهرة إضفاء الصبغة الجنسية على رأس المرأة على الأخص (ولو أن الأمر لا يتعلق برأسها فقط) في إطار مبدأ أنثروبولوجي جديد يمكن تسميته مبدأ الكاحل“. فقد كانت كواحل النساء في بداية القرن العشرين موضوعًا شهوانيًا، ذلك أن النظر إليها لم يكن ممكنًا في كل الأحيان، ولأن رؤيتها كانت ممكنة جزئيًا وبصورة متلصصة. وبصفة عامة فإن أي موضع من جسد المرأة يمكن أن يقع موقعًا شبه مختف أمام نظرة الرجل المحدقة، بحيث يرى أحيانًا ولكن ليس دائمًا، جزئيًا وليس كليًا، يكتسب ضعفًا وشهوانية خاصة. وهكذا، وبنوع من أنواع المجاز الشهواني، يصبح رأس المرأة رمزًا لأعضائها التناسلية. وفي طقس رفع غطاء الرأس ( “anakalupteria”) ضمن طقوس الزواج الإغريقي، يرفع الزوج غطاء الرأس الذي يغطي رأس العروس دلالة على حقه كذلك في فك طرق خصرها” .(39)

وتوضح مجموعة متنوعة من النصوص من القرون الأولى للحقبة الجمعية العلاقة بين نظرة الرجل المحدقة وإضفاء الصبغة الجنسية على رأس المرأة، نجد من أكثرها تشويقًا النص الذي كتبه الروائي والفيلسوف الذي يطلق عليه أحيانًا الساحر أبوليوس ( Apuleius) كاتب الواقعية السحرية في القرن الثاني في شمال إفريقيا. ففي رواية التحول (الحمار الذهبي) Metamorphoses [ The Golden Ass]))، تقدم شخصية لوكيوس (Lucius) (وهو في طور ما قبل الحمار) وصفًا مذهلاً للانجذاب الشقى نحو شعر المرأة (۲. ۸). وهو يبدأ ذلك الوصف بتأكيد أن همه الأول هو أن يرى شعر المرأة ورأسها في العلن أولاً ثم يستمتع بهما في البيت فيما بعد. وهو يرى أن الرأس والشعر أمور رئيسة وبارزة ومن أهم أجزاء الجسم (praecipua)، فهي الإجزاء التي تقابلها العين في البداية. ويقدم أبوليوس، مثلمًا يفعل بولس، مقارنة بين الملابس والشعر، ولكن أبوليوس يرى أن وظيفتهما تنحصر في جعل الجسد أكثر جاذبية، مغطًى بتألق سخی زاهي الألوان. وبالطبع، يري أبوليوس (أو على الأقل لوكيوس) أن التخلي عن الملابس يعزز من وظيفتها، في حين لا ينطبق الشيء نفسه على الشعر. فهو يجد أن فكرة وجود امرأة صلعاء فكرة مرعبة، تمامًا مثلما يری بولس (۲. ۸۹).

ومن الواضح أن تحقيق هدف لوكيوس المزدوج المتمثل في رؤية شعور النساء في العلن والاستمتاع بها سرًا إنما هو أمر يتطلب بعض الجهد. ولكن ذلك المجهود لا يذهب دون مكافأة. إذ يأتي مديح شعور النساء مقدمة لمقابلة يحدد فيها لوكيوس موعدًا غراميًا مع الخادمة الشابة فرتيز (Fotis)ويصف لوكيوس الانغماس العميق في الملذات بعد وصوله إلى تلك المتعة التي تأخرت وتسببت في عذابه (۲. ١٦١٧). وتحوَّل فوتيز نفسها إلى طيف فينوس (Venus) فتتجرد من ملابسها، ثم تترك شعرها السخي ينسدل بعد توسل لوكيوس لها أن تفعل ذلك، وهي تخفي بباطن يدها الوردي أنوثتها الملساء الخالية من الشعر] وربما منزوعة الشعر بفن ومهارة وليس بدافع الاحتشام” (۲. ۱۷).(40) وهكذا، يتمكن لوكيوس من رؤية شعرها في مقابلة أولية بينهما، ثم يستمتع به لاحقًا، وذلك بوصفه مقدمة لرؤية أنوثتها الناعمةوالاستمتاع بها.

وبالطبع، لا يحق لنا افتراض أن نشوات لوكيوس قبل الجماعية تعكس الأعراف الرومانية المألوفة. على النقيض، فإن آداب اللياقة وحسن السلوك سوف يسببان خيبة أمل للقارئ الذي يتوقع حكاية إغريقية أو بالأحرى حكاية شهوانية. كما أننا عملنا أن تمثل القطعة التي اخترناها أحد الأجزاء المهذبةفي الرواية. وعندما يقترب لوكيوس من إكليل الورود الذي سيجلب له الخلاص من طور الحمار الذي يعيشه، بعد أن جعل نفسه تحت رحمة إلهة القمر، نجده يصف السائرين في موكب إيزيس الذين تقام الطقوس احتفالاً بدخولهم العقيدة، ناصبًا اهتمامه على رؤوس الرجال الحليقة اللامعة وشعور النساء المدهونة بالبلسم العطري والمعصوبة بغطاء خفيف (۱۱. ۱۰).

وتمثل صورة هؤلاء الداخلين الجدد تطابقًا أكبر مع وجهة النظر الرومانية المتعلقة بالاعتدال الأخلاقي التي عبر عنها فاليريوس ماكسيموس (Valerius Maximus) في بدايات القرن الأول:

وكذلك كانت هناك القسوة الزوجية الشديدة لجايوس سولبيكيوس جالوس ( GaiusSulpicius Gallus)، فقد طلق زوجته لأنه رآها خارج المنزل كاشفة رأسها: تلك عقوبة قاسية، ولكنها منطقية بشكل ما، فهو يقول أن القانون يجعلك من حق عينيّ وحدي، ولهما تظهرين جمالك. وعليك أن تقدمي الزينة لهاتين العينين، وأن تكوني جميلة لهما: أن تأتمنى على نفسك بعلمهما ومعرفتهما الراسخة. ولكنك لو دعوت رجلاً آخر إلى النظر إليك باغراء لا داعي له، فسوف تتهمين باقتراف الأخطاء.”

وهكذا، يجب تغطية رأس المرأة حتى تحتفظ بنفسها من أجل نظرة زوجها وحده، أما التي لا تفعل ذلك فعليها إثم الإغراءأو تشجيعرجل آخر على النظر إليها. وقد أدى وضع فاليريوس لذلك المقطع في بداية الفصل إلى جعله أمرًا جديرًا بالتذكر، أي أنه حالة استثنائية ولا تمثل الأعراف العادية مثلما لا تمثلها رواية الحمار الذهبي،. ولكن الفقرة لا تقدم جايوس سولبيكيوس جالوس نموذجًا سيئًا، حيث يسوق فاليريوس تلك الحكاية مع مثالين آخرين على القسوة ضد النساء، مختتمًا بقوله: “وهكذا ومنذ زمن بعيد فعندما يحال بين النساء وسوء الأفعال، تبقى عقولهن بعيدة عن اقتراف الأخطاء.”

وتكشف النصوص اليهودية من الفترة نفسها عن الاعتقاد بأن كشف المرأة رأسها أمام نظرة الرجال يعد جرمًا جنسيًا، ويعد انتزاع رجل لخمار امرأة أمام الناس أذًى وإهانة في وقت واحد. وتقدم لنا إحدى القصص من شرح حاخام ناثان أ 3 ((Avot de Rabbi Natan A 3 مثال جيدًا عن رجل حاد عن وصايا الحبر أكيبا (Akiba)” بأن نزع غطاء رأس إحدى النساء في السوق (43). وعندما حكم عليه أكيبا بغرامة قدرها 400زوزيم (وهو مبلغ كبير من المال)، حاول الرجل التهرب من الغرامة بأن أغرى المرأة بكشف رأسها بنفسها علنًا حتى تفوز ببعض الزيت زهيد الثمن. ولكن أكيبا حكم عليه قائلا: “إنه ما من لوم على من يؤذي نفسه، بالرغم من أن ذلك ليس من حقه، ولكن لو آذاه آخرون فيقع عليهم اللوم. فلا يقع اللوم على تلك التي أساءت إلى نفسها، ولكن عليك أنت يا من أسأت إليها أن تدفع لها 400 زوزیم“(44)

وهكذا، نجد الأمر متعلقًا باحترام المرأة لنفسها. فغطاء الرأس رمز لكرامتها، وخلعه يعنى إهانتها والاعتداء عليها كما يجعل منها امرأة مشاعًا” .(45) ولكن بالنسبة إلى معلمي الناموس كما بالنسبة إلى قراء فاليريوس الرومان يعد غطاء الرأس أيضًا علامة على الخضوع، وبخاصة الخضوع الجنسي، وهو ما يتضح في شرح حاخام ناثان أ ۱.

تأتي هذه الفترة تعليقًا على تك 3: 16:

“[وإلى رجلك يكون اشتياقك] وهو يسود عليكذلك أن الرجل يجاهر بطلب الإشباع في حين تطلبه المرأة في قلبها، ورأسها مغطى كأنها في حداد، وكأنها موثوقة في سجن ومحظور عليها كل الرجال. (46)

تشير كلمة الإشباعهذا إلى الإشباع الجنسي. ينبغي تغطية رغبة المرأة الجنسية برداء وغطاء للرأس. ويمثل غطاء الرأس حارسًا على ترتيبات السياسات الجنسية التي تقضي بأن تكون المبادرة الجنسية للرجل وليس للمرأة.(47)

يعبر كل من لوكيوس وسولبيكيوس جالوس والرجل الذي حاد عن وصايا الحبر أكيبا” (أو بمعنى آخر أبوليوس وفاليريوس ماكسيموس ومعد كتاب شرح حاخام ناثان أ) عن الجانب الآخر لتلك التعليقات الواردة في شرح حاخام ناثان أ. إذا كان على المرأة أن تغطى رأسها ومن ثمَّ ترائي وتخفى رغباتها، إذن فالمرأة التي تكشف رأسها تعلن عن أنها متاحة جنسيًا، وهي بفعلتها تلك تغتصب المبادرة الذكورية. إن المرأة التي تكشف رأسها أمام الجميع في الكنيسة تشجع نظرة الرجل المحدقة وتتحداها في آن واحد، فهي التي تجلب ذلك على نفسهاوليس من حقها أن تخلع معنى آخر على فعلتهامثلما فعلت المرأة في الحكاية عن أكيبا، وربما كما فعلت زوجة سولبيكيوس جالوس (أو من يمثلهما من النساء). يبدو وكأن النساء اللاتي كن يكشفن رؤوسهن أثناء قيامهن بالتنبؤ في كورنثوس کن يرفضن المعنى الجنسي لرؤوسهن ولأصواتهن، مؤكدات مكانتهن بوصفهن متلقيات رؤى سماوية ومتنبئات وذواتًا فاعلة للرؤية، لا بوصفهن مواضع لنظرة الرجل. ولكن بولس يرى أنهن يعرضن أنفسهن أمام الرجال والملائكة، ويسئن إلى النظام الكوني الوارد في سفر التكوين(48) وسواء كان الملائكة يشعرون بالإهانة أو بالتوق وهم ينظرون إلى شعر المرأة، فإن نظرتهم تبقى نظرة ذكورية.

هل نجح بولس في زمنه؟ ليس لدينا ما يشير إلى الطريقة التي استقبلت بها نساء كورنثوس القيود التي فرضها بولس في 1 کو 11: 13-16. ومن المرجح أن بولس كان له مؤيدون في کورنثوس بل وإنه كان يكتب داعمًا بعض أعضاء كنيسة كورنثوس (49) وتجدر ملاحظة أن بولس لا يخاطب النساء مباشرة، بل يستخدم صيغة الأمر مع ضمير الغائب (الاعداد 5-6) حتى يشرع في مخاطبة الكنيسة قاطبة (vv ١٣١٦). ولم ير بولس حاجة إلى الرجوع إلى تلك القضية، مما قد يشير إما إلى ارتياحه إلى رد فعل أهل كورنثوس أو إلى توخيه الحذر في ردة فعله تجاه رفضهم تلك القيود.(50) أما مفسرو بولس اللاحقون، الذين يتحدثون بصوته، فيوصون بالخضوع للزوج (كول 3: ۱۸۱۹ و أف 5: ۲۲۲۳)، وينهون النساء عن ارتداء الملابس المترفة، وجدل شعورهن، والقيام بالتعليم، والسلطة على الرجال والتبتل المبكر (1تی ٢: 8-15 و5: ٣١٦)، كما يوجبون السكوت في الكنيسة (1 كو 14: ٣٤٣٥)، فهم لا يرون غطاء الرأس قضيةإما لأن بولس قد تمكن بالفعل من جعله القاعدة العامة أو بسبب أن حرصهم على وضع نهاية للحريات التي كان غطاء الرأس فيما قبل يرمز إليها قد جعل عن غطاء الرأس نفسه مسألة غير ذات أهمية.

وخلال القرون التالية، بقيت هناك بعض السياقات التي استطاعت النساء فيها أن يقاومن القيود المتعلقة بتصنيفات ذكرو أنثيويرفضنها، وأن يتخلصن من غطاء الرأس. وكانت تلك الأمور تتضمن اختيار العذرية والمكانة الملتبسة التي تتمتع بها العذاري.(51) ونرى في سفر أعمال بولس وثيكلا (Acts of Paul and Thecla) من القرن الثاني أن ثيكلا تعتزم حلق شعرها حتى تتبع بولس (٢٥). ويبدو هنا وكأن مفسر بولس قد أخذ 1 كو 11: 6 بمأخذ الجد الشديد، إن نجد ثيكلا تختار قص شعرها بعد أن تخيَّر بين ارتداء غطاء الرأس وحلق شعرها. وفيما بعد، وبعد خلاصها من الاستشهاد الذي خلعت على نفسها فيه التعميد بعد أن رفض بولس منحها إياه، نراها تحول الرداء السابغ إلى عباءة رجل (40)، ونجدها تقلد بولس في خدمته التبشيرية بينما يمنحها هو مباركته. ومن الواضح أن المقصود من اختيارها لزي الرجال وقص شعرها هو تسهيل رحلاتها والمهام التي ستضطلع بها. ويتنامى الافتراض بأن القصص التي تدور حول ثيكلا هي أساطير مستقاة من جماعات من النساء الناسكات.(52) وتقدم لنا القرون الأربعة الأولى من المسيحية أنباءً وإدانات للناسكات اللاتي كن يتخفين في صورة رجال تكفي لتوضح لنا أن بعض النساء المتميزات على الأقل كن يخترن ذلك الاختيار.(53) وقد تفسر لنا قصة ثيكلا بشكل ما المعنى الذي خلعته هؤلاء النساء على ذلك الاختيار (54)

وتشير كتابات ترتليان إلى اختيار آخر أقل حدة ذهبت إليه أعداد أكبر من النساء المسيحيات. ففي أوائل القرن الثالث كانت التقاليد في قرطاجة لا تزال تمنح العذارى الحق في ألا يرتدین غطاء الرأس. ويُعَّد ترتليان وخصومه على حد سواء تلك العادة مظهرًا من مظاهر التقاليد المحلية، بالرغم من أنها لم تكن مقصورة على شمال أفريقية. يقول ترتليان أن اليونانيين وبعض المجتمعات الهمجية غير المعروفة تخفىعذاراها، وهو ما لا تفعله كل المجتمعات الأخرى (وجوب تغطية رؤوس العذاري ٢. ١). وقد كان لتلك العادة دلالات طقوسية، حيث ترفع العذراء غطاء الرأس الذي غالبًا ما ترتديه خارج المنزل (عن الصلاة De oratione، 9.22 ووجوب۱۳. ۱)(55) لكي تدخل الكنيسة وهي واضحة ومميزة (notabilis et insignis) کی تعرض على الجميع شرف القدسية في حرية رأسها. (56) ومن المؤكد أن تلك العادة كانت تحظى بتأييد السلطات الكنسية، التي كانت تَّعدُها تمثيلاً لمجد الكنيسة ودافعًا للفتيات لاختيار العذرية (وربما أيضًا نوعًا من التعويض لعائلاتهن). (57) وكما أننا لا تعرف أي شيء عن عادات النبيات في كورنثوس سوي من خلال دفوع بولس ضدهن، لا نعرف عن العذاري القرطاجيات اللاتي لا تضعن غطاء الرأس إلا من محاولات ترتليان القضاء عليهن.

تعد رسالة وجوب تغطية رؤوس العذارى أطول وأكثر المعالجات المباشرة التي قدمها ترتليان لموضوع ضرورة تغطية رؤوس النساء. وغالبًا ما تأتي ترجمة العنوان هكذا: “عن تغطية رؤوسن العذارى، إلا أن الطبيعة الجدلية العنيفة التي تميز تلك الرسالة تشير إلى أنه من الأفضل استخدام الاسم المشتق من الفعل (gerund) على غرار شعار کاتو ((Cato الشهير ((Carthage delenda est وقد كان لتلك الرسالة دور في إزكاء التوتر بين حركة النبوءة الجديدة (أو على الأقل ترتليان) والكاثوليك في قرطاجة. لقد كان المونتانيون يدَّعون الخبرات النبوئية وينتهجون قواعد أخلاقية صارمة، مما كان له أهمية محورية في عملية الهداية وجمع الأنصار، كما في المناظرة والجدل. ويبدو أن ترتليان كان معجبًا بكلا الأمرين.

ولا نستطيع تفسير اهتمام ترتليان بتلك القضية، أو بجوانب سلوك النساء الأخرى، بإلقاء اللوم في ذلك على ارتباطه بالنبوءة الجديدة. ففي كتابه عن الصلاة، أي أثناء مرحلته الكاثوليكية” (٥٨) المبكرة، نجد ترتليان يؤكد أن تغطية العذارى رؤوسهن في الصلاة تعنى اللياقة والاحتشام، كما نجده يقول بأنه تناول الموضوع باللغة اليونانية (وجوب 1. 1). ويبدو أن ترتليان قد أفصح عن اعتراضاته لأحد الأساقفة، وهو غالبًا أسقف قرطاجة، الذي جاء رده معبرًا عن عدم رغبته في تغيير ما وضعه سلفه (عن الصلاة ٢٢. ۱٠ ورجوب 1-3). وتوضح الفصول التي يفردها ترتليان لتلك القضية في عن الصلاة بجلاء الخطوط العريضة للطرح الذي سوف يقدمه لاحقًا في وجوب. فهو يستهل عن الصلاة بإبداء أسفه لتنوع الممارسات السائدة في الكنائس فيما يتعلق بذلك الشأن (۲۰. 1 و 1.21 ) ويقدم حجة لغوية تفيد بأنه من الواضح أن أمر بولس النساء بتغطية رؤوسهن كان ينسحب كذلك على العذارى (۲۲. 1-4). كما يرى أنه من القبيح أن تقصالعذارى شعورهن، تمامًا مثلما هو قبيح للنساء. بل نجده لاحقاً يقدم طرحًا يفيد بأن الألفاظ المستخدمة في تك 6: 2 تشير إلى أن النساء المعنيات لم يكن بالقطع زوجات، بل عذارى أو أرامل (۲۲.۷). ويؤكد ترتليان أن السن هي العامل الذي يحدد متى تصبح العذراء امرأة، ومن ثمَّ يتعين عليها ارتداء غطاء الرأس. فهي في الحقيقة لم تعد عذراء، إذ إنها تتزوج الزمن (۲۲ . 8). ويرى تريليان أن العذراء التي ترتدي غطاء الرأس لا ترتكب فعل الكذب، ولكنها تظهر نفسها عروسًا للمسيح (۲۲. ۹). كما يقدم فكرة التفكير الحصيف والثبات على المبدأ للرد على من تخامرهم الهواجس بشأن تغيير التعاليم والموروثات (۲۲. ۱۰). ونراه لبرهة يتنازل قائلاً إنه ربما لا ينبغي إجبار العذاري على ارتداء غطاء الرأس، ولكنه يفعل ذلك فقط من أجل تأكيد أنه لا ينبغي لأحد إجبارهن على عدم ارتدائه. وأخيرًا نراه ينطق ويصدق علىحتمية تغطية العذارى المخطوبات لرؤوس هؤلاء العذارى، اللاتي ارتعدت أجسادهن ذات مرة جرَّاء قبلة أو لمسة من رجل” (۲۲. ۱۰).

وقد كان ترتليان مستغرقًا بعمق في قضايا النبوءة الجديدة في الوقت الذي كتب فيه وجوب، كما تدل الكثير من تفاصيل النص. وبالرغم من أنه لم يكن بعد قد وصل إلى مرحلة انتقاد الكاثوليك ووصفهم بأنهم غير ناضجين (أي لا روحانيين)، فإنه يشير إلى (“multinubists”) (3، 4، أن المسيحيين والمسيحيات الذين يتزوجون مرة أخرى بعد موت الزوج أو الزوجة). وهو يرد على الاتهام القاتل بأن تغطية العذارى لرؤوسهن تمثل بدعة في قواعد النظام، ليس بالقول بأن تغطية الرأس عادة قديمة، ولكن بالإصرار على أن من يسمعون البارقليطس وهو يعظ الآن (أي المؤمنين الذين يتجاوبون مع النبوءة الجديدة) يجب عليهم تغطية عذاراهم (1. 5-7). ثم يستحضر ترتليان إعلانًا إلهيًا أسرَّ به لواحدة من نسائنالكي يحدد مقدار تغطية الرأس.

وعلى الرغم من أن هذا النص يضم كل الطروح التي يقدمها ترتليان في عن الصلاة فهو يتناولها هنا بشكل مختلف. نجد هذا النغمة المعتدلة والمحسوبة التي كتب بها عن الصلاة وقد حلت محلها نبرة تتصف بالقسوة والخبث الذين ينمان عن القلق، إلى جانب التهكم اللاذع والمفرط. وقد تكون عدة عوامل شاركت في إحداث ذلك التحول في طروح ترتليان، ومن

أوضحها أن تخصيص رسالة بأكملها للموضوع يسمح بإفراد مساحة كبيرة للطرح البلاغي. ومن تلك العوامل بالتأكيد حاجته إلى الدفاع عن النبوءة الجديدة ويأسه المتنامي من إقناع السلطات الكاثوليكية بصوابها. فالجمهور المقصود في المقام الأول في وجوب ليس العذارى اللاتي لا ترتدين غطاء الرأس، ولكن من يساندهن من الرجال، إذ نجده لا يلتفت إلى العذارى إلا في نهاية الرسالة (16. 3)، ولكنه في الواقع يوجه ملاحظاته لكل النساء على حد سواء (16. ۳۱۷. 5) ويفهم من النص أنه حوار بين صانعي القرارات من الرجال (على الأقل من وجهة نظره).(59) ونرى في النص اهتمامًا أوضح بالطروح التي تدافع عن العذاري اللاتي لا تغطين رؤوسهن، وهي الطروح التي قد أصبحت ولا ريب أكثر تفصيلاً بسبب هجوم ترتليان البلاغي المتواصل. ويتضح ذلك بصفة خاصة في الجزء الذي يَعَّدُه ترتليان على الأرجح هدف رسالته الأساسي، ألا وهو القضاء على التمييز بين المرأة والعذراء، الذي يعتنقه الكاثوليكيون على أساس 1 کو 7،(60) وهو التمييز الذي يعفي العذارى من الأحكام المعروضة في 1 كو ١١: ٣١٦، والذي كانت تحتفى به ممارسات الكنيسة في شمال إفريقية.(61) وتلقي النقلات الواضحة في طرح ترتليان الضوء على أفكاره، ولكن ما يساعدنا أكثر على الفهم هو الفكرتان الجديدتان المتكررتان المصبوغ بهما ذلك الطرح: خطورة النظرة المحدقة وخطورة التشريف والمجد.

لا يفتأ وجوب يعود إلى هذين الخطرين المتلازمين. يری ترتليان أن رؤية العذراء أو تميزها بأي نوع من أنواع التشريف يعد أبطالاً لعذريتها. وهو يرى في كل ما يحتفي به الأخرون بوصفه علامة من علامات الحرية المقدسة مؤشرًا دالاً على الانحراف (الشهوة 2. 4 والتمرد ۳. ۲). “أن كل إعلان عن ما هو طيب في العذراء لهو بمثابة الشبق والاغتصاب” (3. 4)(62)

فنظرة الرجال أو أعينهم هي التي تنتهك العذرية، كما تُعَرَّضُ عيونُ العذارى وملامحهن الأخرى (وكذلك عيون بقية النساء وملامحهن) الرجال للخطر. وينبغي أن تجتهد العذراء، كما ينبغي على بقية النساء، ألا تُرى على الإطلاق، ومن الأفضل إن استطاعت ان تغض بصرها، فلتحذو إذن حذو النساء العربيات (۱۷. ۲). ويأمر ترتليان العذارى والنساء بارتداء ما يغطي رؤوسهن وأعناقهن وينسدل على ظهوروهن بحيث لا يمكَّن أحدًا من النظر إلى وجوههن أو يمكنهن من النظر إلى أحد (۱۷. ۲). ونجد ترتليان في الوقت ذاته يفند الدوافع التي تجعل العذارى يتخلين عن غطاء الرأس وحجج من يدافعون عنهن من الرجال:

تتمنى تلك العيون أن تكون العذراء مكشوفة كما تتمنى العذراء نفسها أن تكون مكشوفة. تلك العيون المتشابهة هي التي ترغب في بعضها البعض، وتنبع رغبتها في أن تَّرى أو أن تُرى من الشهوة ذاتها. فمن سمات الرجل التقى أن يحمر وجهه خجلاً عند رؤيته عذراء، كما أن ذلك من سمات العذراء عندما يراها رجل. (۲. 4)

فالنساء اللاتي يرغبن في الظهور دون غطاء الرأس هن عذارى الرجال ولسن عذاری الله.(63) وحتى العذارى اللاتي يفعلن ذلك بدون دوافع سيئة في البداية يتعرض للخطر فيما بعد جرَّاء ذلك الفعل:

حين تخترقهن كثير من الأعين المتقلبة، وحين تثيرهن أصابع من يشيرون إليهن، وحين يُعشقن أكثر من اللازم، وحين يتهيجن في خضم العناق والقبلات (64)

ولا يمكن عَدُّ ربط ترتليان بين النظر والجنسانية (sexuality) أو بين العين والأعضاء الجنسية أو بين النظرة المحدقة والفسوق حكرًا عليه وحده، فنحن نرى المعادلة نفسها في علم النفس وعلم التشريح القديمين، كما نراها في شعر الحب وفي الكتابات الأخلاقية والتنسكية في المسيحية.(65) كما نشهد الربط بين الطبيعة الاختراقية لكل من القضيب والعين في الثقافة الدارجة (66) وقد دأب الإغريق والرومان في تصويرهم القضيب على إضافة عين على رأسه. ويبدو أن تلك المفردة المتكررة، إلى جانب صور أخرى للقضيب، كانت منتشرة الاستخدام بوصفها أداة للوقاية من عين الحاسد. ونرى تصويرًا أخاذًا لذلك في تمثال من الطين الناضج يعود تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد يمثل قضيبين مجسمين يشطرا عينًا إلى نصفين .(٦٧)

وإذا كان ترتليان يطابق بين العضو الذكري والنظرة الذكرية المحدقة، فإنه كذلك يربط ربطًا واضحًا بين أعضاء المرأة التناسلية ورأسها: ليُفرض غطاء الرأس خارجيًا على تلك التي لديها غطاء داخلي، فعلى من كانت أعضاءها السفلي مغطاة أن تغطي كذلك أعضاءها العليا” (۱۲، ۱).(68) ومن الأرجح أنه عندما يأمر ترتليان العذراء بأن تتغطى إذا كانت أعضاؤها السفلي غير مكشوفةفهو يشير إلى شعر العانة الذي ينمو عندما يتغطى كل خزيها بالملابسعند البلوغ (11.4).(69) أما الغطاء الداخلي الذي يستدعي التغطية فهو غالبًا غشاء البكارة والذي لم تكن معظم العلوم التشريحية الإغريقية تعرفه، وإنما كان كما يبدو جزءًا من البناء التشريحي في العالم اللاتيني.(70) ويرد في الإعلان المدهش الذي يحدد مقدار طول غطاء الرأس أن ملاكًا يظهر في الحلم المتنبئة من قرطاجة ضاربًا عنقها الأنيقوداعيًا إياها بتهكم لكي تعرى جسدها حتى منطقة العانة (التي كانت فيما بيدو تعنى أدنى أجزاء الظهر). ويبدو هنا أن تلك الملاك كان حارسًا من حراس السلوك الكنسي، شعر بالاستياء، ولم يكن رجلاً أتى متلهفًا لطلب يدها.

ولا يمكن عَدُّ تركيز ترتليان على النظرة المحدقة أمرًا جديدًا، ولكنه متضمن في فهمه الخاص للتعاليم المسيحية التي يرى أنها تكونت على مر الزمن (71) ويرى ترتليان رفقة (Rebecca) امرأة مسيحية حقة لأنها قامت بتغطية وجهها عند اقتراب إسحق (Isaac)، معلنة بذلك عن إدراكها لرؤية المسيح الجديدة للانضباط التي تفيد بأن الزواج والاغتصاب يتحققان بالنظرة المحدقة وبالعقل على حد سواء، لا بالجسد وحده (11. 3). وينبع ذلك المديح الغريب من تأويل ترتليان الفقرة مت 5: ۲۸، التي تمثل أحد نصوصه المفضلة.(72) ويستخدم ترتليان الفقرة بصفة عامة ليوضح أن المسيح يجعل القاعدة تمتد إلى خطايا الإرادة، ولكن الإرادة تفهم في بعض الأحيان على أنها تتجلى في النظرة المحدقة: فهو لا يصف الرجل الذي ينتهك رباط زواج رجل آخر وحده بالزاني، ولكن الزاني أيضًا هو ذلك الذي لوث [امرأة] بالرغبة الجنسية الملحة المنبعثة من نظرته المحدقة. (73) ويفسر ترتليان القيود التي يوصي بها فيما يتعلق بملابس النساء بأنها تشكل حماية للرجال، والذين يقعون بسهولة فرائس خطيئة الرغبة الجنسية الملحة أمام جمال النساء. ولكن تلك القيود تمثل حماية للنساء كذلك، لأنهن لن يستطعن الإفلات من العقوبة إن هن تسبين في هلاك الآخرين.(74)

وإذا كانت العذارى كاشفات الرأس تشكل خطرًا على أنفسهن فيا للخطر الأعظم الذي تشكلنه على الرجال والملائكة! وهنا نجد ترتليان واثقًا تمامًا من أن النساء اللاتي اشتهتهن الملائكة قد كن بالتأكيد عذارى، إذ من ذا الذي يتجرأ ويعتقد أن هؤلاء الملائكة يشتهون أجساداً موصومة أو بقايا للشبق الإنساني” (۷. ۲).(75) ولهذا، ينبغي تغطية ذلك الوجه الخطير ليس فقط من الملائكة ولكن من عيون البشر كذلك (7. ۳)، فرؤية الرجال النساء تعد من الخطورة بمكان حتى أن الأم ينبغي أن تغطى رأسها من ابنها، والأخت من أخيها، والابنة من أبيها: “فإنك تشكلين خطرًا على كل الأعمار. فلتتحصني بدرع من الحشمة، ولتحيطي نفسك بمتاريس من العفة، ولتغطي جنسانيتك بستار لا يسمح لعينك بالنفاذ منه كما لا يسمح بنفاذ عيون الآخرين من خلاله“.( 16: 3-4)

وإذا كانت نظرة النساء المحدقة تشكل خطرًا على الرجال فذلك فقط لأن تلك النظرة قد تشغل عيونهم وتشعل رغباتهم. فنظرة المرأة لا تصبغ الرجل بصبغة جنسية ولا تقدر على ذلك. ويرجع ذلك جزئيًا إلى جلال الرجل الفطري ووقاره. فهو لا يحتاج إلى غطاء حيث إنه بطبيعته ليس لديه شعر غزير، ولأنه ليس أمرًا مخزيًا أن يقص شعره أو يطلقه، ولأن الملائكة لم تقترف المعصية بسبيه، ولأنه يمثل صورة الله ومجده، ولأن المسيح هو رأسه” (۸. 1). ولكن يبدو أن ترتلیان، مثله في ذلك مثل الآخرين من معاصريه، كان يؤمن بأن النساء لا يخبرن الإثارة الجنسية جراء النظر إلى الرجال (۱۷. ۳).(76) ان نظرة المرأة المحدقة تعرضها هي نفسها لأخطار جنسية. ولكن تلك الأخطار لا تنبع من النظر إلى الرجال ولكن من مبالغتها في اعتقادها بأهميتها، ومن الاستقلالية الجنسية والروحانية المتضمنة في ذلك.

ونرى أن فكرة تكريم الكنيسة للعذارى تغضب ترتليان غضبًا جمًا، بنفس قدر اقناعه بخطورة رؤوسهن المكشوفة. فتكريم العذارى، وأية نساء أخريات، يعد تجاوزًا في حق مكانة النساء الدونية الطبيعية” (الإكليل (De corona militis) 14. 1 ) ويؤكد ترتليان عدم وجود استثناءات أخرى في نظام الكنيسة فيما يخص العذارى. فهن ممنوعات مثل النساء الأخريات من التحدث في الكنيسة أو القيام بالتعليم أو التعميد أو تقديم أو الحصول على أية مواهب ذكوريةأو القيام بأي من مهام القساوسة (وجوب 9. 1). فليس كافيًا أن العذراء لا تستحق التكريم مثل الرجل، بل لا يحق لها أن تُعطى الامتيازات التي تحصل عليها الأرامل (كما فعل من قبل أحد الأساقفة المجهولين)، أو أن تحصل على الاحترام المكفول للزوجات الخبيرات الحكيمات (هؤلاء اللاتي يقترنَّ بزوج واحد بالطبع؛ ٢٣). ولكنه من الأسوأ، بل ومن غير الآدمي، أن تقوم العذارى من النساء، واللاتي ينبغي بوصفهن نساء أن يكن مطيعات من كل النواحي، بالإعلان عن أية علامة من علامات التشريف لعذريتهن، في الوقت الذي لا يحظى فيه الرجال العذارى بعلامات تكريم مماثلة (۱۰. ۱۲)، وينبغي في الواقع أن يكون التقدير للرجال العذارى أكبر، إذ إن النساء تُثرن فيهم رغبات أقوى وإثارة أكبر، وبالتبعية يكون عليهم بذل جهد أكبر في إحصان أنفسهم (۱۰. ۳).(77) أما العفيفون الذين كانوا متزوجين وخبروا الجنس (مثل ترتليان نفسه) فهم الذين يستحقون أعظم تشريف، ولكنهم لا يحصلون على أيِّ منه (۱۰. ۳-4).

وتشير جويليا سيسا (Giulia Sissa) في دراستها للعذرية عند الإغريق إلى أن أي ذكر للعذرية كان فيما يبدو كافيًا لإثارة غمزات تهكمية . (۷۸) ونجد في رسالة وجوب تغطية رؤوس العذارى لترتليان أن التلميحات التهكمية قد تحولت إلى سخرية بلاغية متصلة. فهو يصف العذارى اللاتي لا يرغبن في تغطية رؤوسهن بأنهن عذارى الرجالو عذارى يمكنهن طلب أشياء من الرجالورؤوس معروضة في السوق للبيع.” (79) والسبب وراء حنق ترتليان الواضح هو دفعه بأن رؤوس العذارى المكشوفة حيلة اجتذابية، أو دعوة إلى حياة العذرية أو ما يسميه هو الاستجداء“. ويرى ترتليان أن العذارى اللاتي تستجبن لهذه الطريقة يستجبن في الواقع لنوع من أنواع الإكراه، وأن الاحتفاء العلني الذين يلاقينه قد يؤدي بهن إلى خيانة عذريتهن. وحالما يفعلن ذلك، يواصلن كشف رؤوسهن لكي يخفين خطيئاتهن، بل وإنهن سوف يلجأن في النهاية، كما يلمح ترتليان، إلى الإجهاض. كما يشير ترتليان إشارة خفية إلى أن الله كثيرًا ما ساعد أطفال هؤلاء العذارى في أن يولدوا، بينما شنت أمهاتهم الحرب عليهم (١٤. ۲۳)

ويذهب ترتليان إلى أن تزلف الكنيسة العذارى أمر خطير إلى الحد الذي يجب فيه تجنب حتى عيون النساء. وهنا، يجب استحضار غطاء الرأس بوصفه أداة دفاعية ليس فقط في مواجهة الغواية والفضيحة والحسد ولكن أيضًا في مواجهة ما يسميه المسيحيون الانجذاب (fascinum) … سوء عاقبة الإفراط في المديح والتمجيد، الذي قد ينتج عن حسد الشيطان، ولكنه قد يكون كذلك عقاب أنزله الرب على المتكبرين (15: ۱۲). اما كلمة “fascinum” ، التي تترجم أحيانًا إلى الافتان، فهي تعنى السحر أو العمل، أي ما تفعله العين الحاسدة أو الفم اللاعن. كما تطلق الكلمة أيضًا على الترياق الذي يشيع استخدامه بوصفه رقية لإبطال مفعول السحر، وهو القضيب.(80) وقد ينجم عن ذلك الانجذاب ضعف ووهن مماثل للآلام التي يتسبب فيها الحب (81) فبينما كان الأطفال والجنرالات المنتصرون يحتاجون إلى الحماية بصفة خاصة، كانت الفتيات الصغيرات في سن الزواج ضعيفات بصفة خاصة أمام السحر الشهواني. (۸۲) وهكذا، فقد تمكن ترتليان من التلويح بإنذار مفاده أن رأس العذراء المتحررة والمكشوفة، التي تعد علامة على التشريف والقدسية، تُعرضها في الواقع للرق الجنسي والمهانة.

ويذهب ترتليان إلى أبعد من انتقاص العذارى المكشوفات الرأس، إذ نجده يشكك في العذرية ذاتها، بل إنه يأمر باختفائها. فالعذرية لا تصبح عذرية عندما يعرفها الناس، والعذراء لا تكون عذراء إلا عندما لا تُعرف (14. 5). “إن من تخفى العذراء، تنكر المرأةهذا ما يوصى به في إحدى نصائحه (15. 3)- ربما لأنها بذلك تختفى كلية. ونري ترتليان في موضع آخر لا ينظر للعذرية بالتقدير نفسه الذي ينظر به إلى العفاف، إذ إن العذراء لم تخبر أو تقاوم الرغبة الجنسية (10. ١٤)، في حين أننا نجده في مواضع أخرى يلمح إلى سرور العذراء بتجارب جنسية (11. 4 و ۱۲. ۱)، ونرى في عن الصلاة أن محاولاته الملتفة والمعقدة لإدراج عذراءضمن ما تشير إليه كلمة امرأةفي 1 كو ۱۱: ٢١٦ قد أدت به إلى الذهاب إلى أن الفتاة التي تصل إلى البلوغ هي لا عذراء (۲۲.۸)،(۸۳) في حين نراه في وجوب يسوق مبررات أكثر إسهابًا وتعقيدًا لتأكيد تلك الفكرة (۱۱. 1-2 . 12). ونحن لا نرى ترتليان يدفع بتلك الفكرة الغربية في أعماله الأخرى (84) إذن، ما الذي يقلقه إلى الدرجة التي تجعله يستخدم تلك اللغة البلاغية الحادة؟

ان ما يسعى ترتليان إلى تقويضه هنا هو معنى العذرية الكنسي، أي التكريم الذي تحصل عليه من الكنيسة. فهو عندما يتساءل: “هل العذارى يزين الكنيسة ويزكينها أمام الله أم أن الكنيسة هي التي تزين العذارى وتزكيهن؟فمن الواضح أن ذلك تساؤل مجازي (14. 1). ولكن الأقل وضوحًا هو الاجابة عن السؤال التي يمكن أن تكون: الخيار الثاني هو الأصحأو مجرد لا“. والأقل وضوحًا من ذلك هو ما إذا كان بإمكان ترتليان توقع أي من الإجابتين من جمهوره ومن شبه المؤكد أن مسيحيي قرطاجة في القرن الثالث كانوا يؤمنون بأن العذارى بالفعل يزين الكنيسة، كما أن الكنيسة تزين العذارى. ولهذا، من المحتمل أن ترتليان كان يقصد قياس الخُلْف (reductio ad absurdum) عندما ذهب إلى القول بأن الرجل رأس العذراء كما هو رأس للمرأة، إلا اذا كانت العذراء جنسًا ثالثًا شادًا لها رأسها المتفرد” (7. 6). ولكن ما يستخف به ترتليان هو الإيمان الراسخ والشائع بأن العذرية بالفعل تحقق تخطي الجنس، بل والجندر (النوع). فالعذراء، إذا لم تكن جنسًا ثالثًا، قد تخلت عن أشياء المرأة، لكي تصبح ذكرًا، أو في الغالب رجولية، أو حتى لكي تحيا حياة الملائكة (85) وقد كان الكاثوليكيون في قرطاجة يؤمنون بالقطع بأن للعذراء رأسا خاصًا بها، وربما كان استخدام القرطاجيين لمقولة التشريف والقدسية في حرية رأسها” (9. 1) بمثابة إعلان عن أن العذراء ليست خاضعة للزوج، بل للمسيح فقط.(86)

لا يرفض ترتليان نفسه تلك الأراء رفضًا قاطعًا، ففي رسالة عن لباس النساء ( De cultu feminarum) نجده يستخدم وعدًا ذا طبيعة ملائكية لكي ينهي النساء عن استخدام ابتكارات الملائكة الساقطين الذين سوف يحاسبنهم، (أىْ مستحضرات التجميل والمجوهرات) (۸۷) بل نجده على استعداد بأن يضع العذراء في منزلة اللا امرأة ولكن شريطة أن تخفى العذراءوتخضع للدور النسائي بكل جوانبه (وجوب 15. 3). ويعترف ترتليان أن للنساء دورًا في الوظائف الكنسية، وذلك بالعفاف. (۸۸) وبالرغم من إصرار ترتليان على أن القواعد تنص على حرمان النساء من الكلام في الكنيسة، أو القيام بالتعليم أو التعميد أو إعطاء تقديماتهن، فإنه أيضًا على علم بوجود حجج حصلت عن طريقها النساء على الحق في القيام بالتعميد، كما أنه قد يكون على علم بوجود نساء يرون أحقيتين في مواهب ذكورية ووظائف كهنوتيةأخرى،(89) وفي حين لم تسمح النبوءة الجديدة في قرطاجة للنساء بالكلام أو التعليم، كان أتباعها يستمعون إلى كلام الرب من خلال النساء. (۹۰)

ويعترف ترتليان بدور النبيات في النبوءة الجديدة. ونجده يذكر النبيات المؤسسات ومن بينهن بريسكا (prisca) التي يذكرها بدرجة أقل من ذكره مونتانوس (Montanus)، في حين يغفل تمامًا ذكر ماكسيميلا (Maximilla ( تمامًا. (91) ونجده مع ذلك ينقل اقتباسات مروية عن بعض النساء من بين أنبياء قرطاجة ولكن دون ذكر أسمائهن. هؤلاء النساء يتلقين إعلانات أثناء التجمع داخل الكنيسة (عن الروح De anima) ) 9. 4 ) كما يلتقين بالملائكة في أحلامهن (وجوب ۱۷. 3). وفي الواقع، فإن الوصف المطول الذي يحمل قدرًا كبيرًا من التبجيل والذي يرد في الروح ويصف به الواقعة التي تلقت فيها إحدى النبيات إعلانات إلهية يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى تقدير ترتليان للنبيات القرطاجيات. وبينما يصعب التأكد مما إذا كان ترتليان هو محرر آلام بریتو (Passion of Perpetua) أم لا، فلا يمكن تصور أنه كان لا يعلم شيئًا عن رؤاها و مصيرها. (92)

ومن الواضح أن ترتليان كتب رسالة وجوب تغطية رؤوس العذارى في مرحلة حاسمة من مراحل تطوره الشخصي، إذ عادة ما يشار إليها بأنها إحدى أخر الرسائل التي ألفها قبل انفصاله عن الكاثوليك القرطاجيين. وكما ذكرت فيما سبق، لم يبدأ اهتمام ترتليان بعادة وضع غطاء الرأس مع تحوله إلى المونتانية، كما لم يبدأ معها قلقه الشديد تجاه النساء بوصفهن مصدراً للإغواء الجنسي، ولا إصراره على دونية النساء. وقد كان ترتليان بالتأكيد على علم بأن غير المسيحيين كانوا ينجذبون إلى المسيحية لأنها تخاطب النساء والأطفال والعبيد بصفة أساسية وتمنحهم اليد العليا. (93) وقد كان ترتليان يرى أن الواجبات العادية المطلوبة من المرأة المسيحية قد تشكل إساءة لوقار زوجها الوثني وهيبته، بل ولأخلاقياته (إلى زوجته (Ad uxorem) 2. 4 ). وقد شكل بروز دور النبيات في النبوءة الجديدة جزءًا من الحجج التي استخدمها الكاثوليك ضد تلك الحركة.(94) لم يكن الكاثوليك لينكروا أحقية النساء في أن يكن نبيات،(95) ولكن الأنبياء غالبًا ما يكونون محط اشتباه واختبار، وسوف تسوء الأمور أكثر لو كانوا من النساء.

وبينما لا تثير قضية تغطية رؤوس النبيات قلق ترتليان، فقد يكون مصدر قلقه هو وجود النبيات في المجتمع. وقد يكون ارتباطه المتنامي بالنبوءة الجديدة قد زاد من حدة قلقه تجاه التشريف الذي يُمنح للنساء. فنجد كذلك في رسالة الإكليل، التي يعتقد أنها كتبت في العام نفسه الذي كتبت فيه وجوب تغطية رؤوس العذارى، تأكيدًا على أن أية علامة من علامات تشريف المرأة تعد أمرًا غير لائق (14. 1). وقد يعكس حنق ترتليان على التكريم الذي كانت تحظى به العذارى قلقه الشديد تجاه التقارب الخطير بين النساء والملائكة والسلطة الروحانية في ذلك الواقع المقدس الذي كان يحمل له عميق الولاء. فأفضل وسيلة للدفاع هي هجوم جيد. بری ترتلیاں أن النبوءة الجديدة لا تعطى النساء دورًا تشريفيًا غير لائق. على العكس فهذا هو ما يفعله الكاثوليك بسماحهم للعذارى بكشف رؤوسهن. وهنا يكشف البارقليطس عن اتجاه أكثر تشددًا وأوسع شمولاً وهو ذلك الذي تضعه النبوءة الجديدة موضع التطبيق. لن تعفى العذارى من غطاء الرأس، بل عليهن إدراك أن الهروب من مظاهر العجز المترتبة على كونهن نساء إنما يتحقق بخضوعهن التام لذلك العجز (15. 3). وإذا كان لبعض النساء أن يُسمعن، فإن على كل النساء، بما في ذلك العذارى بل والعذارى بصفة خاصة ، ألا يراهم أحد.

يثير كل ما تقدم التساؤل حول ما إذا كانت الممارسات المحدثة التي ينادي بها ترتليان قد كانت بالفعل جزءًا من ممارسات النبوءة الجديدة (كما هو المفترض غالبًا)، أم أنه كان يتعين إقناع أتباع تلك الحركة برأى ترتليان فيما يتعلق بما يجب أن تفعله عذارانا” (۱۰۱) (96) ويبدو أن ترتليان يفترض وجود عذارى في قرطاجة يَتُقنَ إلى الاختفاء تحت غطاء الرأس، وذلك حين يصفهن وهن يُسحين للعرض في العلن، وأغطية رؤوسهن منتزعة من على رؤوسهن بيد مدنَّسة (مثل يد أسقف قرطاجة؛ 3. ٤٥)، وهنا، يمكن أن نتخيل مسرحية صغيرة، مباراة في الإنسانية والعفة بين المونتانيين والكاثوليك، يحضر المونتانيون فيها عذاراهم إلى الكنيسة متباهيات بارتداء غطاء الرأس، بينما تشكو العذارى الكاثوليكيات كاشفات الرؤوس من شعورهن بالخزى المروع. وهنا، يأمر الأسقف أن تكشف كل العذاري رؤوسهن داخل الكنيسة. ولكن من الواضح أن ما ينشده ترتليان بالفعل ليس فقط السماح بتغطية الرأس بل فرضه فرضًا. يا ترى كم من العذارى المونتانيات يستحين من أن يُعرفن على الملأ، ويرتعدن من أن يظهرن مكشوفات، كأنهن يُستدعين ليُنتهكن” (3. 4)؟ هل يدافع ترتليان عن العذارى اللاتي يردن ارتداء غطاء الرأس، أم أن العذارى يجب أن يغطين رؤوسهن حتى يثبت صحة آرائه؟ هل نسمع حقًا أصوات العذارى الكاشفات رؤوسهن في شكوى الكاثوليكيات من الفضيحة؟ أم أن الفضيحةهي في الحقيقة قضية تشغل الآخرين أسقف قرطاجة، أو زعماء النبوءة الجديدة من الذكور غیر ترتليانالذين يخشون أن يشكل غطاء الرأس عقبة في طريق كسب العذارى وابقائهن على ما هن عليه؟ أم أن العذارى الشاكيات ما هن سوى مخلوقات من صنع خيال ترتليان؟

أما الإعلان الإلهي الذي يسوقه ترتليان دليلاً على الطول المفروض لغطاء الرأس فيمكن أن يقدم لنا لمحة مخيفة عن تجربة إحدى نساء قرطاجة. فالحلم الذي يضرب فيه ملاكٌ امرأةٌ متنبئة بالسوط ويدعوها إلى أن تتعرى يستحضر مشهدًا في لوحة موجودة في قصر الغموض في بومبي (Pompeii)، وهي تصور شكلاً ذا أجنحة رافعًا عصى في وجه امرأة ظهرها عار إلى ما بعد الخصر .(97) ويرى والتر بركيرت (Walter Burkert) في تفسيره للصورة أن ذلك المشهد قد يكون قصة رمزية مستقاة من التراث الذي يجري فيه التعبير عن نوبات الغضب الشديد بالجلد. فالشابة هنا على وشك الشعور بمس من الجنون الشهواني المقدس.(98) وقد يعكس حلم المرأة القرطاجية التي تلقت إعلانًا سماويًا الطريقة التي تغلغل بها الجدل حول مظهر النساء الخارجي ورؤوسهن في تجربتها. فالصوت الملائكي الذي يقوم بدور الوسيط في جنونها المقدس يتحدث بنبرات ترتليان الساخرة، متهمًا إياها بتشجيع النظرة المحدقة التي تضفى عليها الصبغة الجنسية وتدينها.(99) وبوصفها متلقية إعلانات سماوية، ترى نفسها في صورة استعراضية، كما ترى وسيطها الملائكي في صورة متلصص يشعر بالاستياء.(۱۰۰)

ولكن ذلك أيضًا يعد ضربًا من التخمين، فنساء قرطاجة يبقين محجوبات عن بحثنا هذا. كما أننا لا نعلم إلى أي مدى نجح تريليان في مسعاة، فهو لم يعد أبدًا إلى ذلك الموضوع. بل إننا نرى أنه أصبح لاحقًا يعير سلوك النساء بكافة أشكاله اهتمامًا أقل. وقد يكون ترتليان قد حقق النجاح في المعسكرين، الكاثوليكي والمونتاني، أو أنه قد فشل، ولكنه اكتفى بفرض مذهب النبوءة الجديدة المتشدد في نواح أخرى، أو أن قلقه قد تناقص بعد وقوع الانفصال النهائي (على الرغم من أن ما يرد في رسالته عن الحشمة De pudicitia)) لا يوحي بأنه فقد اهتمامه بالمذهب الكاثوليكي). وقد يكون ترتليان قد شعر بأنه قال كل شيء بشكل تام حتى أنه لم يعد بحاجة إلى تكرار ما يقول. ولكنه ربما استمر في قراءة كتاباته عن المرأة للجمهور كل عام.

أما بالنسبة إلى الكاثوليك القرطاجيين، فليس لدينا أية فكرة عن مدى تقبلهم الرسالة ترتليان. فقد كتب الأسقف القرطاجي سيبريان (Cyprian) بعد قرابة أربعين عامًا رسالة حول ملابس العذارى، ولكن لم يبد منها أن غطاء الرأس كان يشكل قضية مهمة. يخاطب سيبريان العذارى الثريات، وتنم رسالته عن موهبة ليست بالقليلة في التهكم والتلميح المتحامل بشدة على النساء. ولكنه على عكس تريليان يظهر واثقًا من أن العذارى يزين الكنيسة: “تلك هي الزهرة التي نبتت من بذرة الكنسية، جمال النعمة الروحية وزينتهاصورة الله التي تستجيب لقدسية الرب“.(101) ومع مجيء القرن الرابع، يبدو غطاء الرأس وقد أصبح دلالة على العذارى، وأصبحت تغطية رأس العذارى تشير إلى التزامهن بالعذرية طوال حياتهن. ولكن غطاء الرأس أصبح في ذلك السياق علامة من علامات التميز والشرف، يعلن عن ارتدائه في مراسم جمعية مبهرة تشبه مراسم الزواج والتعميد في آن واحد. (۱۰۲)

إن إفراط ترتليان البلاغي وصرامته الأخلاقية المبالغ فيها ومرارته الانشقاقية الشديدة تجعل منه نموذجًا واضحًا على عدة مستويات. ولكننا لا يجب أن ننسى أن كلا من ترتليان وبولس كانا الفائزين على المدى الطويل. فقد فازا ليس فقط في فرض أغطية الرأس على النساء والعذارى حرفيًا لقرون عديدة، ولكنهما فازا أيضًا في المعركة الأكبر التي كانا يريان نفسيهما يخوضانها بخصوص رؤوس النساء المكشوفة، المعركة التي تهدف إلى حماية ما هو إلهي وما هو موحَى به، أيْ حماية كلمات الروح القدس المسجلة وعيون الملائكة، من وجود النساء المصبوغ بالحنسانية. لقد فازا ليس فقط في اختلافهما مع سيبريان ومَن سبقوه في قرطاجة، أو مع رعاة العذرية السابقين واللاحقين من رجال الدين، أو مع الرجال أصحاب المواهب الروحية في كورنثوس، ولكنهما فازا بكونهما متفقين مع كل هؤلاء. فإن الحجج المستقاة من سفر التكوين والطبيعة، التي تراها الآن شديدة الغرابة وغير مقنعة بالمرة، قد كانت تستحضر الأسس الأسطورية لعالمهم المشترك من أجل الإبقاء على بنائه قائمًا. ولقد فازا كذلك لأن النساء اللاتي كانت القضية كلها مثارة حول رؤوسهن بقين محتجبات عن أعين البحث الذي نقوم به، مختفيات تحت عباءة الخطاب الذكوري الذي يفصح عن وجودهن ويخفيه في آن واحد. لن تعرف المعني الذي كانت تلك النساء يخلعنه على أفعالهن، ولا الآمال والتوقعات التي كانت تصاحب تلك الأفعال. تبقى هؤلاء النساء مرئبات فقط من خلال الإشكاليين من الذكور الذين لا يرونهن بدورهم، ذلك أنهم مسجونون هم الأخرون داخل افتتان نظرتهم المحدقة التي تخلع الإثارة الشهوانية على الأشياء.

ماري روز دانجلو (Mary Rose D’Angelo): أستاذة الدراسات الدينية ومهتمة تحديدًا بالأصول التاريخية للمسيحية واليهودية والعقائد اليونانية والرومانية القديمة، مع التركيز على قضايا النساء والجندر في الديانات القديمة. ومن أهم دراساتها ما تناولت فيها مشاركة النساء في بدايات المسيحية، وتمثيل النساء في الكتاب المقدس وسيايات الجندر في المسيحية واليهودية القديمة.

*Mary Rose D’Angelo, “Veils, Virgins, and the Tongues of Men and Angels: Women’s Heads in Early Christianity,” in Off with Her Head! The Denial of Women’s Identity in Myth, Religion, and Culture, eds. Howard Eilberg-Schwartz and Wendy Doniger (CA: University of California Press,1995), 389-419.

هذه المقالة مستمدة من البحث الذي قامت بتمويله المنحة الصيفية المقدمة من المؤسسة القومية للدراسات الإنسانية (National Endowment for the Humanities)(1980)، ومنحة المعهد الأمريكي للمجتمعات العلمية (American Council of Learned Societies ) (1986-1987).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نشأت الحركة في فريجينيا. وتشير كلمة المونتانيةإلى النبي الرجل ضمن الأنبياء/ النبيات الثلاث (مونتانوس وماكسيميليا وبريسكا) الذي يعزى إليه فضل تأسيس الحركة. وقد تميزت الحركة في مراحلها المبكرة بتوقعات رؤيوية قوية، وباهتمامها بضبط السلوك التسكي والجنسي، وبخاصة في مراحلها التالية. ثم درج الحال فيما بعد على عَدَّها حركة هرطقية. يرجع رينيه براون (Rene Braun) تاريخ كتابة وجوب اختمار العذارى للعام 211 بعد الميلاد. وتعتمد كل التواريخ التي وضعت لكتابة الرسالة على دلائل داخلية. ويبدو أن الرسالة كانت من أواخر ما كتب ترتليان قبل انفصاله عن الكاثوليك، ويغلب الاعتقاد أنها كتبت في وقت قريب من ذلك الذي كتبت فيه الإكليل وفي الحث على العفة (De exhortatione castitatis). ولم تحظ الرسالة باهتمام كبير من الباحثين. لمطالعة المناقشات حول هذه القضايا، انظر/ ي: ( Christophe Stuecklen, 1974, 92-93).

(2) يشكك الكثيرون حتى في تلك النقطة، لا يرى بعض الباحثين والباحثات أن القضية تتعلق بطريقة معينة لتصفيف الشعر وليس بغطاء الرأس: (Elisabeth Schuessler Fiorenza, 1983, 226-230). وللاطلاع على الرأي المخالف (الذي أتفق معه)، انظر/ي:(Dennis Roland MacDonald, 1988, 276-282)، وكذلك:(Bernadette J. Brooten, 1988). وتؤكد آي بادجت ( (A. Padgett, 1984 أن أهل كورنثوس كانوا يصرون على أن ترتدي النساء أغطية الرأس، وأن بولس كان يرى أن النساء لسن بحاجة إليها. ويرى البعض الآخر أن المسألة تتعلق كذلك بسلوك رجال كورنثوس، معتدين في ذلك ب ١١: ١٤١٥. يمكن على وجه خاص الرجوع إلى: (Jerome Murphy-O’Connor, 1980) وأيضًا: (Bernadette J. Brooten, 1985). ويرى وليام أو ووكر (William O. Walker) أنه ينبغي ألا تسند ۱۱: 3-16 إلی بولس بتاتًا، بل تفهم على أنها نتاج ثلاث حالات مختلفة من التحريف.

(3) وهكذا نرى أن الطرح القائل بأن الأمر يتعلق بأساليب تعامل الرجال مع شعورهم في كورنثوس طرح بعيد الاحتمال، إذ إن الفقرة لا تحتوى على أية أوامر موجهة إلى الرجال. انظر/ي كذلك: (Antoinette Clark Wire ) وبخاصة الصفحات ۱۱۷۱۸.

(4) لمطالعة مناقشة الفقرة 1كو 14: ۳٤ ۳5 انظري الملاحظة التالية.

(5)Molly Meyrowitz Livine, 1995) ).

(6) انظر/ي كذلك: Antoinette Clark Wire, 1990, 117-118)).

(7) لمناقشة حول تلك النقطة، انظر/ي: ( (S. Bedale, 1954، وأيضًا: (Antoinette Clark Wire, 1990, 279 (، ملاحظة رقم ٢. يتناول جوزيف آي فتسمایر (Joseph A. Fitzmyer, 1989, 504-506).

(8) انظر/ي أيضًا: (Joseph A. Fitzmyer, 1989, 506-511) .

(9) انظر/ي أيضًا (Antoinette Clark Wire, 1990, 117).

(10) انطر/ي: (Joseph A. Fitzmyer, 1974).

(11) انظر/ي بصفة خاصة: ((Dorna D. Hooker, 1964 .

(12) ترتليان، وجوب ۷. ۲-4؛ أنظري أيضًا عن الصلاة ۲۲. 5-6، لباس النساء 1. ۲. 1-3. 3، 2. 10. 3، الإكليل 14. ۲. ولمطالعة رواية أقدم عن أسطورة أبناء الله/ المشاهدين/ الملائكة انظري 1 سفر أخنوخ وعهد راؤوبين(Testament of Reuben) 5. 1-6. يعرف ترتليان الأسطورة من 1 Enoch ولباس النساء ۳. ۱۳. وللاطلاع على دراسة عن المشاهدين والنساء في المسيحية القديمة انظر/ي:

(Bernard Prusak, 1974); (Max Kuechler, 1986); (Adela Yarbo Collins, 1988).

(13) نبوءات موسى 7. 2، 17. 1-5، 22. 1-3، 27. 1-2، 29. 1-6، 32. 2، 33. 5، 35. 2، إلخ، والتفسير اليهودي لسفر التكوين 8. 4-6، 8. تقدم أنتوانيت كلارك واير طرحًا يستند إلى التفسير اليهودي لسفر التكوين 8. 10 مفاده أنه ينبغي حماية الملائكة، كما ينبغي حماية الرجال في ذلك المجتمع الكنسي، من التلهي عن مجد الله.

(14) انظر/ي: (Joseph A. Fitzymer, 1974) .

(15) مرقص 12: 25// متى 22: 30، لوقا 20: 36؛ ديفيد إل بالتش، ۱۹۷۲.

(16) انظر/ی: آر ماری ١٩٨٨ عن صعوبات استخدام سفر التكوين هنا.

(۱۷) يری جون ونكلر(John Winkler, 1990, 17) أن المجتمعات الناطقة باليونانية في العصور القديمة تؤكد ما يذهب إليه علماء الأنثروبولوجيا من أن كلمة طبيعيتعني في سياقات عديدة على وجه التحديد ’مألوف ولائق‘.

(18) سمعت لأول مرة عن التناظر بين رؤوس النساء وأعضائهن الجنسية من روان آي جرير (Rowan A. Greer) عام ۱۹۷۳. تذهب جويليا سيسا (Giulia Sissa, 1990, 112) إلى أن جالينوس يعتبر اللحى والأهداب والقلفة وشعر العانة والأرداف مصادر طبيعية للاحتشام والكرامة. الفقرة المعنية هنا (جالينوس في منافع الأعضاء (De usu partium) 11: 14) تذهب إلى أن القلفة وشعر العانة والأرداف تمثل غطاءً وزينة. وعليه، فإن جالينوس لا يخلص إلى وجوب تغطيتها أكثر. وهو يفسر حاجة النساء إلى شعر طويل على رؤوسهن بالطريقة نفسها، ولكنه يعتقد بأنهن يشتركن في ذلك مع الرجال.

(19) يبدو أن أهل كورنثوس كانوا يستخدمون الألسنة بوصفها علامة تمكنهم من التمييز بين الروحاني واللاروحانی. انظر/ي: (John C. Hurd, 1965, 193).

(20) أوردت روان آی جرير أيضًا فكرة أن 1 کو ۱۱: 2-16 و12: ٢٣ – ٢٤ كانتا مرتبطتين في ذهن بولس.

(21)انظر/ي إيمي رشلن(Amy Richlin, 1995) ، للتعرف على فكرة أن الزينة والمساحيق تخفي ما هو مخزٍ ومنفر.

(22) لمطالعة مناقشة مطولة عن تلك العادة وأصولها، انظر/ي (Molly Meyrowitz Livine, 1995 ) وأيضًا: Antoinette Clark Wire, 1990, 122-123)). ولعرض لموضوع غطاء الرأس بوصفه معيار النساء في العصور القديمة، انظر/ی:(Dennis Roland McDonald, 1988, 276-282) والمصادر التي يوردها؛ وكذلك(Ross S. Kraemer, 1992, 146). وتخلص سنثيا تومبسون إلى أن النساء كانت لهن حرية الاختيار في ذلك الصدد وأن 1 کو ۱۱: 10 يقر بذلك الحق (سلطان [exousia]، (Cynthia Thompson, 1988, 113)).

(23) للمزيد حول هذه النقطة، مراجعة: (Antoinette Clark Wire, 1990, 122-126).

(24) تلك صورة تعميمية ومبنية على مجموعة واسعة التنوع من الطقوس والسرديات والمواعظ الدينية بين القرنين الثالث والخامس. ومن الواضح أن التعميد منذ المراحل المبكرة كان يجرى للأشخاص وهم عرايا. وينص كتاب التقليد الرسولي المنسوب إلى هيبوليتوس ((Hippolytus على أن تنزع الملابس عن المرشحين للتعميد، وأن توضع عليهم الملابس مرة أخرى بعد العماد ثم ينضمون إلى الكنيسة (۲۱. ۳۲۰) (مع ملاحظة أن هذه الوثيقة جرت صياغتها لاحقًا؛ انظري جريجوری دكس (Gregory Dix, lii-1xxxi). وتذكر العديد من قصص التعميد الأسطورية خلع الملابس وارتدائها من جديد؟ انظري على سبيل المثال سفر أعمال توما (The Acts of Thomas )۱۲۱، ۱۳۳. وفی سفر أعمال بولس وثيكلا (Acts of Paul and Thecla) ۳۸ تضع البطلة عليها لباسها بعد خلاصها/ عمادها، خالعة بذلك على ذلك الفعل معنى. وتروي إجيريا(Egeria) أن التعميد كان يجري في القدس للأشخاص وهم عرايا، ثم توضع عليهم الملابس، مثل حديثي الولادةيساقون إلى كنيسة القيامة مع الأسقف، ثم يساقون من هناك إلى كنيسة الصليب حيث يتجمع المصلون (Itinerary ۳۸. 1-2). ويتحدث ثيودور أسقف موبسوستیا(Theodor of Mopuestia) عن وضع الملابس مرة ثانية رداء براق تمامًا،” “رداء أبيض يبرق” (في المعمودية 4؛ ترجمة آى منجانا(A. Mingana, 1993, 68) ). انظر/ى أيضًا وصفًا لذلك الطقس في ريمو تونو(Raymond Tonneau) وروبير دفريس ((Robert Devreesse 1949: xxxi. ويشرح ثيودور كذلك عادة وضع دثار من الكتان فوق الرأس قبل النزول في الماء مباشرة، وذلك لإعلان تحرر المرشح للتعميد، وذلك على غرار عادة العبيد المعتوقين ارتداء غطاء رأس كتاني في البيت وفي السوق؛ ثيودور أسقف موبسوستيا، في المعمودية 3 (ترجمة منجانا، ۱۹۳۳: 47). ويوضح جريجوريوس النازينزي أن الرداء المستخدم في العماد قد أصبح في أواخر القرن الرابع من الأهمية بمكان حتى أنه أصبح مدعاة للتفاخر (Homily40، في العماد ٢٥). انظري كذلك ماجرت مایلز (Margaret Miles) ۱۹۸۹ التي تقدم طرحًا مفاده أن تجربة العرى (أو شبه العرى) على الملأ كانت تجربة أساسية في طقوس التعميد في القرن الرابع، وأن الرجال والنساء كانوا مختلفين في خبر تلك التجربة؛ ١٩٨٩: ٢٤٥٢.

(25) كانت قطعة الملابس الرئيسة للنساء والرجال كما للأحرار والعبيد هي الرداء الذي يلبس داخل البيت (enduma/indutus)، أو الرداء السابغ. كانت النساء يرتدين رداءً من تلك النوعية يصل إلى الأرض، بينما كان رداء الرجال غالبًا أقصر من ذلك. ولكن الرجال في مهن معينة (مثلا القساوسة وبعض الموسيقيين) وفي سياقات معينة، وبخاصة السياقات الطقوسية، كانوا يرتدون أردية طويلة سابغة. وكان التمييز في الملبس بين النساء والرجال وبين الدرجات الاجتماعية (بما فيها طبقة العبيد) مبنيًا على كل من الأقمشة المستخدمة في الملابس التي يرتدونها خارج البيت والزينة المستخدمة؛ انظرى لاريسا بونفونت(Larissa Bonfante) وإيفا جونزم (Eva Jaunzems) ۱۹۸۸: ۱۳۹۰، ۱۳۹۸، 1403-4، فريدرك آدام رايت (Frederick Adam Wright) وللیان بی لولر(Lillian B. Lawler) ۱۹۷۰، وسارا بومیروی (Sarah Pomeroy) 1975: 181-82، وأندريه بولونجيه(Andre Boulange) ۱۹۱۹: 766-69. ودبليو أميلونج (W. Amelong) ۱۸۹۹ ۲۳۰۹، ٤ب، ۲۳۳۲۳۳. وبالطبع، كان ذلك الرداء السابغ هو علامة المواطنة في الإمبراطورية، على المستوى الرسمي على الأقل. وعلى المستوى النظري، فقد كان كل الهمجيرتدون ثيابهم الأصلية (انظري على سبيل المثال جرمانيا لتاسيتوس ١٧)، ولكن يبدو أن اليهود في العالم المتحدث باليونانية كانوا غالبًا يرتدون ثيابًا مماثلة لثياب اليونانيين. وتبعًا لقانون الحظر على ثروات النساء في الامبراطورية الرومانية(Oppian Law) حتى المجلس الأعلى للنساء الأعلىالذي أنشأه إلجابالوس، فقد دأبت المحاولات على قصر أقمشة وزينة بعينها على الدرجات الاجتماعية العليا، وبصفة خاصة لمنع النساء من إظهار الغنى في ملابسهن؛ سارا بومیروی 1975: ۱۷۹۸۲ .

(26) انظری كذلك وين آی ميیکس(Wayne A. Meeks) ۱۹۷4: ۱۸۳-84 والملاحظة رقم ۸۲؛ ۱۹۸۳: ۱5۱ و237 والملاحظتين رقمي 179 و68.

(27) حول موضوع أطواق العبيد، انظری کیث هوبکنز(Keith Hopkins) ۱۹۷۸: ۱۲۱؛ وأيضًا الرسم التوضيحي في مقالة بول فاين(Paul Veyne) ۱۹۸۷: 59. ويوضح الطرح شديد البلاغة الذي قدمه سينيكا ((Seneca بأن المجلس الأعلى قد رفض أشكال التمييز في ملابس العبيد حتى لا يدرك العبيد أن جماعة قليلة من الأحرار يستعبدونهم فالقانون لم يكن ينص على أي تمييز في الملبس (سينيكا [De clementia] 1. 24). ونحن نعلم أنه كانت هناك بعض أشكال التمييز؛ على سبيل المثال قلنسوة الحريةللأحرار، والرداء السابغ للمواطنين. انظري أيضًا ثيودور أسقف موبسوستيا في العماد 3 (ترجمة منجانا، ۱۹۳۳: 4۷)، حول ارتداء العبيد المعتوقين لغطاء رأس من الكتان. وكان الوسم بالنار يستخدم عقوبة على جرائم مثل الهروب والسرقة. وقد امتدت عقوبة الوسم بالنار إلى المواطنين الأحرار خلال فترة الإمبراطورية، مما كان يعنى وسمهم بخزي العبودية. انظري أوتو بتس(Otto Betz) 1971، وبخاصة A2، 658-59.

(28) سنات 15. 1 (انظرى مارك فيلوننكو[Marc Philonenko] 1968: 180-81)؛ وأيضًا سفر أعمال توما 13-14، 121.

(29) قدم عدد من الباحثين والباحثات مبررات لاهوتية أكثر تعقيدًا لعادة عدم ارتداء النساء لأغطية الرأس. يشرح دينس رولاند ماكدونالد الفكرة اللاهوتية وراء تلك العادة على أنها افتراض بازدواجية الجنس على أساس العماد، ويفترض أن لاهوتًا فلسفيًا مثل لاهوت فيلو(Philo) هو أصل أو سياق تلك العادة؛ ١٩٨٧: ٦٦۱۰۲، ۱۹۸۸، بیراندت جای بروتن ۱۹۸۸؛ انظری أیضًا آن إل جرفز(Ann L. Jervis) ۱۹۹۳: 235-38، دانيیل بویارین (Daniel Boyarin) ۱۹۹۳: 8-12. وتستنتج أنتوانيت كلارك واير أن النساء في كورنثوس قد بنوا تلك العادة على إيمانهن بأنهن مشاركات كاملات في صورة الله (۱۹۹۰: ۱۲۷)، ولكنها تشير في موضع آخر إلى أن النساء ربما لم يرين ما يفعلنه مخالفًا للياقة بسبب الوضع الذي كانت الكنسية والبيت فيه متداخلين، فقد كن لا يغطين رؤوسهن في البيت، حيث لم يكن مطلوبًا من النساء تغطية رؤوسهن (۱۹۹۰: ۱۸۳).

(30) Howard Eilberg Schwartz, 1995.

(31) انظر/ي كذلك روس إس کریمر ۱۹۹۲: 149.

(۳۲) آر ماری دانجلو ۱۹۹۰ب: ۷۲۸۲، بیراندت جای بروتن ۱۹۷۷.

(34) يری روس إس كريمر ۱۹۹۲: 149 أن التحريف هنا يأتي مضادًا لمبادئ المونتانية؛ ولكن لا يبدو أن خصوم النبوءة الجديدة قد استخدموا ذلك ضد الحركة.

(35) روس إس کریمر ۱۹۹۲: 146-50؛ أنظر/ى كذلك أنتوانيت كلارك واير ۱990: ۱۸۸۹۳، جيرومي نيري ((Jerome Neyrey 1986: 151-56. يقدم كل من دانييل بويارين 1993 وآن إل جرفز 1993 طرحين من منظورین مختلفين مفادهما أن بولس يسعى هنا إلى التأكيد مجددًا على التمييز بين الجنسين.

(36) روس إس كريمر ۱۹۹۲: 146.

(37) بیراندت جای بروتن 1985: 67-69؛ أنظرى كذلك جون ونكلر الذي يؤكد أنه بالنسبة إلى أرتيميدورس وفي العصور القديمة بصفة عامة كان الجنس غير طبيعيإذا لم يتضمن رجالاً واختراقًا وانعكاسًا لائقًا لعلاقات التسيد (1990: 39-40).

(3٨) عن التنسك والمشكلات التي تواجهها النساء المسيحيات جرَّاء الطلاق والزواج مرة أخرى، انظری آر ماری دانجلو 1990أ: 94-95).

(39) انظر/ی جویلیا سیسا ١۹۹۰: ٩٤٩٩؛ وراجعي أيضًا مولى مايروفتس ليفاين لمناقشة طقس رفع غطاء الرأس.

(4۰) تبرز صفات ملساءوخالية من الشعرصغر سنها، وربما توحي بأنها لم تبلغ بعد، ولكنها على الأرجح تمثل ثناءً على فنون التجميل الرومانية التي تتضمن نزع شعر الجسم، بما في ذلك منطقة العانة، عند النساء؛ انظري مارشال ((Marshal 3. 74، والكتابة الجنائزية المحفورة الواردة في كتابات أليا بوتستاس (Allia Potestas) (CIL 6. 37965؛ وردت الترجمة في كتاب ميري آر لفكوفتز(Mary R. Lefkowitz) ومورين بی فانت(Maureen B. Fant ۱۹۸۲: ۱۳۷، # 143)، أيضًا أوفيد (Ovid)، ِArs amotoria 3. 194 (ورد في مقالة إيمى رشلن، ١٩٩٥). وتبدو وصفة بليني(Pliny) صنع مواد نزع الشعر موجهة إلى النساء والولدان في المقام الأول؛ Natural History ۲۸. ٢٤٩، 255، ٣٠. ١٣٢٣٤، ٣٢. 136. وفي أحسن الحالات، كان ينظر إلى الرجال الذين ينزعون شعر أجسادهم على أنهم منشغلون بتفاصيل دقيقة (سوتونيوس Caesar 45) ولكنهم كانوا في الأغلب يُعَدُّون مخنثين؛ انظر/ی مارشال ۲. ٦٢، 3. 74، 10. 65، دیو کريسوستوم Discourse (Dio Chrysostom ) 33. 48 وما بعدها، والمواد التي قامت مود جلیسون ۱۹۹۰: ۳۹۷– 406(Maud Gleason) بجمعها. ويصف ترتليان عملية نزع شعر الجسم بوصفها زينة تافهة على الرجال تجنبها (لباس النساء ۲. ۸. ۲)؛ ومن الغريب أنني لم أجد في كتاباته حظرًا كهذا على النساء.

(43)Avot de R. Natan A 3. انظري أيضًا Baba Qamma 90ب. يبدو أن الكلمات التي حذفها هي تلك التي ترد في Baba Qamma 8. 6: “قال الحبر أكيبا: حتى أفقر الفقراء في إسرائيل ينظر إليهم بوصفهم أحرارًا فقدوا ممتلكاتهم، ذلك أنهم أبناء إبراهيم وإسحق ويعقوب” (ترجمة هربرت دانبي [Herbert Danby] 1933: 343).

(44) ترجمة يودا إس جولدن (Judah S. Goldin) ۱۹55: ۲۷.

(45) الكلمة المستخدمة هي كلمة (bezuyah)؛ يترجمها جولن إلى البغي“.

(46) Avot de R. Natan A 1، ترجمة يودا إس جولدن، 10، قارني Avot de R. Natan A 9ب وGenesis Rabbah 17. 8؛ نجد في كلا العملين أن الإشارة إلى تك 3. 16 غير واضحة. قارني الجزء الثاني من التلمود البابلي Bab. Talmud Erubin 100ب.

(47) يتضمن الجزء الثاني من التلمود البابلي ۱۰۰ب نقاشًا حول ما إذا كان أمرًا جديرًا بالاحترام أن تدعو الزوجة زوجها إلى الجنس؛ أما الخلاصة فهي أنه أمر جدير بالاحترام أن تجعل الزوجة الجنس أمرًا جذابًا لزوجها، ولكن ألا تجعل من ذلك طلبًا واضحًا.

(48) انظر/ي إليزابث كاستللي ((Elizabeth Castelli 1944 وآن إي ماتار (Ann E. Matter) ١٩٩٤ لحديث عن مكانة المتلقيات لإلهامات سماوية سواء بوصفهن فاعلات أو موضوعات للإلهام.

(4۹) انظر/ی نلز ألسترب دال(Nills Alstrup Dhal) ۱۹۷۷؛ أيضًا أنتوانيت كلارك واير ۱۹۹۰: ۱۸۹۹۳.

(50) يبدو أن أهل غلاطية لم يشاركوا في تلك الجماعة كما لم يرد ذكر لهم في رو 15: ٢٦. قد تكون رسالة بولس القاسية لهم قد أفقدته مسنادتهم له.

(51) إليزابث كاستيللي ١٩٨٦.

(52) دینس رولاند ماكدونالد ۱۹۸۳: ٣٤٥٣.

(53) انظر/ي “The Life of St. Pelagia the Harlot” في كتاب روس إس کریمر ۱۹۸۸: ٣١٦٣٥، # 125؛ وأيضًا إليزابث كاستيللي 1986: 75-76.

(54) تخلص کارولاین ووكر باينم (Carloline Walker Bynum) إلى أن ارتداء النساء ملابس الرجال في العصور الوسطى كان نابعًا من دوافع عملية وليست رمزية، ۱۹۸۷: ۲۹۱.

(55) بينما يصر ترتليان على أن تغطى العذارى وكافة النساء المحترمات رؤوسهن خارج البيت، تثير نصوص أخرى بعض التساؤلات حول ذلك؛ يوضح ترتليان بنفسه أن اليهوديات يغطين رؤوسهن بشكل ثابت يجعل من الممكن التعرف عليهن عن طريق تلك العادة (الإكليل 4).

(56) يری بیتر براون (Peter Brown) أن العذارى ربما كن يجلسن معًا في مكان بارز، ۱۹۸۸: 80-81؛ ويبدو أنه يبني تلك الفكرة على أساس رسالة وجوب 9. 2-3 (انظري صفحة 80، ملاحظة رقم 85)، حيث يشكو ترتليان من عذراء خصص لها مقعد وسط الأرامل.

(57) انظر/ی بیتر براون ۱۹۸۸: ۱۹۰٩٤، ٢٦٠٦٢ حول موضوع العذارى والسياسات الأسرية.

(5۸) تضم كتابات ترتليان خلال مرحلته الكاثوليكية إلى زوجته ۱ و۲، ولباس النساء ۱ و۲.

(59) يرى بعض الباحثين أن خلاف ترتليان هو في الأساس مع أسقف روما، كرستوف شتوکلن ١٩٧٤: 106- 8.

(6۰) يبدو أن القائلين بهذا الرأي يستندون إلى كو 7: 34 (انظري وجوب 4. ٢٥).

(61) يذهب كرستوف شتوكلن 1974: 141 إلى أن ترتليان يستخدم كلمة عذراء“(virgo) بأربعة معانٍ مختلفة، دون أي تمييز واضح بين غير المتزوجة(Ledige) والطفلة(kind) والفتاة (Maedchen) واللفظة المستخدمة في سياقات تقنية، عذراء (Unberuerte). تلك ملاحظة صحيحة، والأمر مقصود تمامًا من جانب ترتلیان؛ فهو يرغب في تأكيد فكرة أن التمييز المؤثر الوحيد إنما هو بين المرأة المكتملة النضج والطفلة التي لم تبلغ. يناقش كريستوف شتوكلن كذلك مقدار ترسخ العذرية داخل المؤسسة القرطاجية في أوائل القرن الثالث (150-158). ويظهر من وجوب 9. 2-3 أن الأرامل كن ينتمين إلى الإكليروس بينما لم يكن ذلك حال العذاری. انظری روجر جرايسون (Roger Gryson) 1976: 20-22.

(62) كانت كلمة اغتصابهي التهمة القانونية في القوانين اليوليوسية في الحالات التي تتضمن الجنس المحرم مع فتاة غير متزوجة من طبقة المواطنين. ويستخدم ترتليان كلمة “passio” استخدامًا صحيحًا لتشمل كلاً من الشبق (الناشط) لدى الرجال من الناظرين واستقبال العذاري المستسلم له.

(63) الكلمة في الواقع عذاري البشر” (hominum)؛ ولكن من المحتمل أن ترتليان يريد أن يكسب العبارة أية معانٍ جنسية.

(64) Dum percutitur oculis incertis et multis, dum digitis demonstrantium titillatur, dum nimium amatur, dum inter amplexus et oscula assidua concalescit (14. 5).

(65) يقدم بليك لايرل (Blake Leyerle) تلخيصًا ممتازًا ليس فقط لأفكار القديس جون كريسوستوم حول تلك النقطة، ولكن أيضًا لعرض واسع من الفكر الأخلاقي الإغريقي منذ فترة ما قبل سقراط. انظري أيضًا مقولة بروبرتيوس التي تنم عن استحسان تام (إن العين تقود في الحب، وإن لم تكن تدري) (Elegiarum 2. 15. 12).

(66) کاثرن جونز(Catherine Johns) ۱۹۸۲: ٦٠٧٥.

(67) المرجع نفسه. 68، شكل 51. تبرز كاثرن جونز التشابه بين التمثيل التخطيطي للعين والفرج، وتقول بأن الفرج كانت له أيضًا وظيفة لإبعاد الحسد، ولكنها تشير في الوقت ذاته إلى أن الفرج قد يمثل العين الحاسدة ذاتها.

(68) Impone velamen extrinsecus habenti tegument intrinsecus. Tegantur etiam superior cuisu inferior nuda non sunt (12. 1).

(69) لا يشير ترتليان هنا إلى عادة نزع شعر الجسم عند النساء، انظري ملاحظة رقم 40 أعلى.

(۷۰) يبدو أن سورانوس كان الوحيد الذي سمع بوجوده، ولكنه ينكره. انظر/ی جویلیا سیسا ۱۹۰: ۱۰۸۱۷ و165-77 (يورد ما قاله سورانوس صفحات ١١۳١٤). ولكن لاحظى أن تعامل ترتليان مع موضوع عذرية مريم في (De carne Christi)٢٣ يتطلب الإيمان بغشاء البكارة، بل قد يعكس فهم البكارة الذي قدمته جويليا سيسا. لاحظي أن أنواع العذرية الثلاث التي يضعها ترتليان تفترض أيضًا أن العذرية حالة متجددة: في الحث على العفة 1.

(7۱) انظر/ی فرانسین کاردمان(Francine Cardman) ۱۹۸5.

(72) يساوي ترتليان بين الزنا والاغتصاب، جاعلاً لهما المعنى نفسه؛ Depud. 64.

(۷۳) De poen. 3. انظر/ى كذلك De idolatria2، 23، De resurrection carnis 15، الروح 15، 40، 48، De pudicitia 6.

(74) لباس النساء ۲. ۲. 4-6.

(75) انظر/ی صفحة ٣٩٢ من هذه المقالة، وملاحظة رقم ١٢.

(76) وهو يعتقد أن الرجال أكثر استعدادًا للإثارة“. انظر/ی ۱۰. ۳. انظري كذلك تحليل مارجرت مايلز لترتيب العماد. ترى الباحثة أن النساء كن يعمدن أخيرًا لأنهن أبعد ما يكون عن البراءة. ولكن أبسط التعليلات أنه لم يكن من المتوقع أن تحدث لهن إثارة عند رؤية الرجال المعمدين (۱۹۸۹: 48). قارني التلمود البابلي 16أ والجزء الثاني من التلمود البابلي ۱۸أ، حيث تؤمر المرأة بالمشي خلف الرجل إذا كانا في سفر سويًا، ليس اعترافًا بعلو مكانته، ولكن حتى لا يرى ساقيها عندما ترفع تنانيرها ومن ثم تحدث له إثارة.

(77) Avidior et calidior in feminas. يبدو أن تلك الفكرة مرتبطة بفكرة في علم الأحياء القديم ترى أن الذكر أكثر استعدادًا للإثارة وأكثر جفافًا، بينما الأنثى أقل استعدادًا للإثارة وأكثر نداوة؛ انظر/ى بيتر براون ۱۹۸۸: ۱۸۲۱. يبدو أن ترتليان كان يفضل الأعمال على النعمة.

(۷۸) جویلیا سیسا ۱۹۹۰: ۹۱.

(79) قارنی بلوتارخ، Apothegmata Laconica ۲۳۲ج: “وعندما يتساءل أحد لماذا يأخذون (أهل إسبرطة) فتياتهم إلى الأماكن العامة ورؤوسهن مكشوفة، أما نساؤهن المتزوجات فتكون رؤوسهن مغطاة، فقد رد (کاريللوس) “لأن على الفتيات أن يبحثن عن أزواج، أما المتزوجات فعليهن المحافظة على من لهن أزواج!” (ترجمة فرانك كول بابت [Frank Cole Babbit] 1968: 393). ذلك تبرير فكه، ولكن تلك العادة لم تكن قاصرة على أهل إسبرطة القديمة.

(80) من الأرجح أن ترتليان أخذ أفكاره حول كلمة الانجذاب من بليني الأكبر (Pliny the Elder)؛ انظر/ي:Historia naturalis 28. 7. 35، 39، أيضًا إى كونهرت (E. Kunhert) 1909.

(81) فرجيل Eclogue 3. 103.

(۸2) انظر/ي دراسة جون ونكلر عن الرقى الشهوانية، وبخاصة المأخوذة من البرديات السحرية الإغريقية، 1990: 71-72، 85-98.

(۸۳) Nulla virgo est ex quo potest nubere (لا تعد عذراء حالما يصبح بمقدورها الزواج) (۲۲. ۸).

(84) انظر/ي على سبيل المثال De ex. Cast. 1، حيث يصنف ترتليان العذرية التي تُخلق مع الميلاد بوصفها أول أنواع العذرية.

(85) للمقارنة بين: تك ١٨. ۱۱؛ De posteritate Caini لفيلو(Philo) ١٣٤؛ Quaestiones in Genesin 4. 15، 66؛ De mutatione nominum 130-47ن وبخاصة 137؛ إنجيل توما ١١٤؛ ولمطالعة تحليل للنصوص المسيحية، انظر/ي إليزابث كاستيللي 1896: ۷۳۷07 ومارجرت مایلز ۱۹۸۹: 5۳۷۷

(٨٦) انظرى وصف ترتليان للعذاري المختمرات tanto magis liberae quanto Christi solius ancillae : “أكثر حرية لأنهن خادمات المسيح وحده” (302)؛ ومن المحتمل أنه يستخدم هذا المديح للمز العذاري غير المختمرات اللاتي يراهن يخدمن الرجال ويسعدنهم.

(87) لباس النساء 1. ٢؛ والإشارات هنا إلى أبناء اللهفي تك 6: 1-4 1 أخنوخ، كما إلى 1 كو 6: ٢٣.

(88) De exhortation castitatis 13. 7؛ وعن الأرامل بوصفهن طبقة منفصلة، انظري كذلك روجر جرايسون 1976: 20-22.

(۸۹) وجوب اختمار العذاري 9. 1؛ De baptismo 17. 4؛ انظری كذلك روس إس كريمر ۱۹۸۸: ۲۱٤5، #93-109، میری آن روسی(Mary Ann Rossi) ۱۹۹۱.

(9٠) من المؤكد أن ترتليان يلتزم بأوامر التحريم الواردة في 1 كو 14. 34-35 و1 تی ۲: 8-15، ولكنه يصر على حق النساء في التنبوء (وجوب 9. 1، وفي نقد ماركيون (Adv Marc 5. 8. ۱۱). يبدو أن أتباع المونتانية في شمال إفريقيا كانوا يلتفون حول النهي عن كلام النساء في الكنيسة بأن كانوا يستمعون إلى النبيات ويختبرونهن بعد انقضاء المراسم في الكنيسة؛ الروح 9. 4.

(9۱) برسكا فيDe ex. Cast. ۱۰،De res. Car., ۱۱؛ مونتانوس في De fuga 9 (bis) ، Adv. Prax. 8، De pud. 21.

(92) انظر/ي إليزابث کاستللی، ١٩٩٤ لقراءة تحليل يتناول جدلية التجربة النبوئية والموضَعَة التلصصية للشهيدة في هذا النص.

(93) انظر/ی أوریجن (Contra Celsum (Origen 3. 44؛ وانظري أيضًا روس إس كريمر ۱۹۹۲: ۱۲۸۳۱.

(94) يوسبيوس، Hist. Eccl. 5. ١٤ و ۱۸؛ انظری كذلك الإشارات الازدرائية إلى مونتانوس والنساءفي كل المواد في 5. 14-19. يشكك أوريجن في نبوءات النساء، ولكن يأتي ذلك في سياق نبوءات دلفى. يرى روبن لين فوكس(Robin Lane Fox) ۱۹۸۷: 407 أن أوريجن كان يمثل الافتراضات التي لم يكن بمقدور مونتانوس أن يدحضها.” تبدو تلك المقولة مبالغ فيها وبخاصة أن روبن لين فوكس نفسه يحاول القول بأن النبية التي تظهر في الروح لم تكن من أتباع النبوءة الجديدة، ولكنها كانت تمثل مظهرًا مألوفًا في حياة المسيحية المبكرة (410-11).

(95) ربما بسبب السوابق الموجودة في النصوص المقدسة؛ يوسبيوس، Hist. Eccl. 5. ۱۷.

(96) يبدو أن معظم المفسرين قد فهموا أن ضمير الملكية في عذارانايشير إلى كنيسة شمال إفريقيا، بينما جعلوا الإشارة في الضميرين الآخرين nobis وnostrae ۱۷. 3 إلى المونتانيين.

(9۷) کاثرن جونز 1982 ، الصورة الملونة رقم ٢٤.

(۹۸) والتر بركرت (Walter Burkert) 1987: 104.

(99) انظر/ی ترتليان، الروح 9 لمطالعة كيف يمكن للنزاعات الجمعية أن تؤثر في التجربة النبوئية.

(١٠٠) لصورة مضادة لتلك الصورة، انظري التحليل الذي تقدمه إليزابث كاستللي (١٩٩٤) لنظرة بربتوا لنفسها في صورة شاب.

(101) سبریان (Cyprian)، ۳: De habitu virginum 3: flos est ille ecclesiastici germinis, decus et ornamentum gratiae spiritalis … Dei imago respondens ad sanctimoniam Domini. في الكتاب من تحرير جي هارتل (G. Hartel) 1873: 189.

(102) انظر/ی بیتر براون ۱۹۸۸ الذي يورد قرارات مجالس سارجوسا وقرطاجة التي تحدد السن الذي يسمح فيه للعذراء بارتداء غطاء الرأس (٢٦١ ملاحظة رقم 8)، ويعيد إنتاج وصف للمراسم مأخوذ من أمبروز ((Ambrose (355).

اصدارات متعلقة

الاتجار بالاطفال
مرصد الاختطاف 2017-2018
مرصد وقائع الانتحار في مصر
استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم