أنا إمرأة أعيش بسرطان الثدي

التصنيفات: غير مصنف

أنا إمرأة أعيش بسرطان الثدي

أنا امرأة، وأنا امرأة أعيش بسرطان الثدي، أنا امرأة أعيش بسرطان الثدي في المكسيك { لقد ألهمني المقطع التالي من أوستفاج ففى مقدمة كتابها الجنس الثاني كتبت سيمون دي بوفوار الجملة الشهيرة أنا إمرأة وبهذه الجملة فهي لم تذكر فقط الحقيقة الواضحة، ولكنها أيضاً تضع نفسها في علاقة مع ما تناقشه في الكتاب .. إنني غير متأكدة من أن وضع المرء لنفسه يعتبر ضرورياً كما نود الاعتقاد أنه كذلك ولكن أحياناً يكون كذلك، حيث إن له علاقة بالصدق والآداب العلمية“1 }. وكوني امرأة يحدد الكثير مما أمر به، وكذلك اتجاهي في العلاج والاختيارات التي قمت بها. لقد سمحت لي معايشة المرض في المكسيك بتحديد وجود حاجة إلى العمل الجماعي للنساء ومن أجل النساء، لمواجهة تحديات هذا المرض في أمريكا اللاتينية.

سوف أركز في هذه الشهادة الشخصية، حتى يونيو ۲۰۰۸، على ثلاث قضايا وهي: المجال الشخصي والعائلي، العناصر الأساسية في المعالجة الطبية الخاصة بي والتي منحتني الشجاعة والقوة، وأخيرًا سبب تحويلي تلك التجربة الشخصية إلى برنامج لمكافحة وباء سرطان الثدي الذي يستشري في المكسيك وأمريكا اللاتينية بصورة وبائية. وفي كلٍ من هذه القضايا، أتأمل مليًا فى ما أعتقد أنها القضايا الأساسية لصحة النساء.

تجربتي مع سرطان الثدي ***

كنت في الواحدة والأربعين من عمري عندما أجريت بشكل روتيني أول رسم للثدى. كان ذلك يوم ٢٧ أكتوبر ٢٠٠٧ في كورنافاكا وفي يوم ٦ نوفمبر، تم تأكيد تشخيص إصابتي بسرطان الثدي.

سوف أصف حالتي الطبية من منظور امرأة قرأت كثيرًا عن المرض، وتحتفظ بالسجلات الطبية وتعمل في القطاع الصحى، كما أنها حائزة على درجة الدكتوراه في الاقتصاد، ولكنها ليست طبيبة ولم تتلق أي تدريب طبي.

أوضح تشخيص حالة سرطان الثدي عندى أنها من نوع سرطان الغدد الخبيث سريع الانتشار، وإن كان مازال بين المرحلة الأولى وأوائل المرحلة الثانية؛ وأن لدى ورمين خبيثين في الربع الأيسر الأعلى من الثدي الأيسر يمتدان ٢.٥ سم و ١.٣ سم.

I am a woman who lives with breast cancer:

Felicia Marie Knaul، Reproductive Health Matters: 2008,16(32):133-138.

كانت أورامى (من الهام استخدام صيغة الماضي، فهي الآن خارج جسدي، وتحولت إلى مجرد شرائح في المعمل) إيجابية لكل من (HER2) والذي يدل وجوده في الجسم في حالات سرطان الثدي على احتمال أعلى لعودة المرض وسوء التوقعات المستقبلية، وكذلك وجود مُستقبلات الاستروجين والبروجسترون. ولكن بالرغم من ميراثي اليهودي الإشكاينازي، ولم تكن لدي جينات (2/BECA01) والتي يدل وجودها على قابلية أكبر للإصابة بسرطان الثدي أو المبيض، أيضًا لا يوجد تاريخ لسرطان الثدي في عائلتي. وبينما من المفترض وفقًا للمرحلة الحالية التي أمر بها أن تكون العُقد الليمفاوية غير مصابة، فقد تم تحديد بعض الخلايا السرطانية المعزولة في إحدى العُقد اللمفاوية لدىَّ.

خلال الأسابيع الأربعة التالية للتشخيص. أجريت ثلاث عمليات جراحية. كانت الأولى هي الأكثر رعباً. وللأسف ورغم استئصال جزء من ثديي وخمسة عُقدا اليمفاوية. استمر أحد الحواف في إظهار وجود سرطان منتشر. ومن ثم أجريت العملية الثانية، بعد أسبوعين، لإزالة جزء آخر وجعل الحواف خالية من السرطان. وللأسف أيضًا، استمر ظهور الخلايا السرطانية في أحد الحواف مع اكتشاف ورم إضافي كبير نسبياً، برغم أنه غير خبيث، فيما بعد في الربع الأيمن الأسفل من الثدي؛ أصبح من المحبذ استئصال الثدي.

كانت عملية الاستئصال، والتي أُجريت في ٥ ديسمبر، أكثر العمليات الجراحية إيلاماً ولكن ليست أكثرها رعباً. والنتيجة كانت ندباً يبدو كوجه عابس في المكان الذي كان يوجد به ثدي. وحيث إن ثديي ليس كبيراً، فإن حشوة صغيرة توضع في صدريتي سوف تضاهي نسبياً ما كان قبل الاستئصال.

آخر التدخلات الجراحية، وأقلها صعوبة كانت عام من ۲۰۰۷؛ إدخال قسطرة فى الجانب الأيمن من صدري من أجل تسهيل تسريب العلاج الكيميائي. والنتيجة كانت ندبة أقل حجمًا، مع قطعة معدنية على شكل زر أسفلها. وهذا يبدو ويُشعرني وكأن جرس الباب يوجد بجانب حمالة صدريتي.

إنني في مرحلة إعادة بناء ثدي الأيسر فور انتهاء عملية الاستئصال باستخدام تقنيات المحافظة على أنسجة الجلد، تم إدخال مُوسع وتثبيته في النسيج العضلي. وهذا يبدو وكأن زجاجة من الماء الساخن قد غُرست في جدار صدري. لقد تم وضع جرس بابآخر بصورة استراتيجية تحت زراعي الأيسر، تماماً حيث يجب أن تمر الصدرية. وبين الحين والآخر لأن تركيزى الأساسي كان منصبًا على اجتياز العلاج الكيميائي يتم حقن الماء في جرس البابلتوسيع الحيز الذي ستوضع فيه مادة الغرس الدائمة. ما زال علىَّ الاستعداد لعملية جراحية أخرى، على الأقل، لإزالة الموسع وإدخال الغرس وتسويةالثدي الآخر. أنا مقتنعة الآن، بعد أن مررت بعدة عمليات توسيع، بأن الصغير جميل، ناهيك أنه مريح.

وبحلول يونيو ۲۰۰۸، كنت قد استكملت خمس عشرة من الست عشرة جرعة من العلاج الكيميائي المطلوب العلاجي (أربع جولات من عقار إيبروبسين وعقار سيتوكس و (FEC5- FU) واثنتي عشرة جولة من عقار تاكسول). كما أنني خضعت لمدة ثلاثة أشهر لتسريب عقار هيرسيبتن مع عقار تاكسول، بعد العلاج الكيميائي، سأواجه تسعة أشهر من العلاج بعقار هيرسيبتن وثلاث سنوات من العلاج بعقار ما لمنع انتقال السرطان للعظام، وخمس سنوات من علاج تاموكسفين للتحكم في إنتاج الهرمونات.

بدأت أفقد شعري في ٢٣ يناير، وبنهاية الشهر كنت صلعاء تماماً. وحدث الأمر نفسه مع معظم ما تبقى من شعر جسمي. لحسن الحظ، بقيت بضع شعرات في الحواجب والرموش. وقد بدأ شعري بالنمو مرة أخرى مع عقار التاكسول، وتكسو رأسى الآن خصلات قصيرة ناعمة وصحية.

لن أخوض في تفاصيل أعراض العلاج الكيميائي؛ لكن ما أريد مشاركته معكم هو أنني بشكل عام كنت قادرة بصورة مدهشة على تدبر الأمر جيدًا. لقد مرت أيام، لم أكن أنا ومن حولي لننتبه لولا كونى صلعاء إلى أنني أعُالج كيميائياً. وبمساعدة الأدوية الدائمة ولكن غير الزائدة، تدبرت مسألة الشعور بالغثيان، والذي كان قليلاً نادراً ما كنت أشعر بالتعب أو الاكتئاب، وكنت أكل بصورة جيدة نسبياً، ولم يزد وزنى سوى 1 – 2 كيلو جرام فقط، وكانت معاناتي من الألم وعدم الراحة محدودة نسبيًا.

أحياناً، كنت أعاني من مشكلات في التركيز والكتابة؛ كما لو كان مخي غير قادر على التواصل مع أصابعي. وكان التحدى الفعلى هو للتعامل مع مشكلات الجهاز الهضمى معظم الوقت طوال أربعة أشهر.

لقد أدى العلاج الكيميائي إلى معاناتي من أعراض مرحلة ما بعد انقطاع الطمث. ومن الصعب معرفة ما إذا كانت الأعراض أسوأ مما كان من المفترض بها أم لا، وما إذا كانت دائمة أو مؤقتة. ولكن الأمر المؤكد أنها أحجت حالة الأرق التي سببتها مخاوفى وقلقي، وأصبحت جزءًا صعباً من عملية العلاج، تلك العملية التي بدأت الآن فقط في استيعابها والقبول بها. إنها لطمة قوية من المنظور الانجابي يقفز فيها العمر بما يعادل عشرة أو خمسة عشر عامًا في شهرين.

ومع ذلك، كنت أذهب إلى العمل كل يوم، بما في ذلك معظم أيام تلقي العلاج الكيميائي؛ ألعب مع أطفالي وكلابي، وأخرج لتناول العشاء مع زوجي. كما أنني تدبرت زيارة أمي، وصليت فى الكنيس في تورونتو وذهبت إلى بوسطن للعمل. وفي مناسبة أخرى، أخذت الجرعة الثانية من التاكسول في سياتل وقدمت عرضاً في مؤتمر دولي بعدها بثلاثة أيام. وأقوم بالجري على آلة الجري من ٣ ١٨ كيلو في معظم الأيام. بل إنني أمُارس التمارين الرياضية بعد التسريب العلاجي على الفور. برغم أن الأمر يعتمد بصورة كبيرة على ما أشعر به.

إنني لا أقصد القول بأن هذه التجربة لم تكن مؤلمة. عندما اضطررت إلى مواجهة الاستئصال، أعتقدت أنني سوف أشوه نفسي وعندما أفقت من عملية الاستئصال، كان الألم رهيبًا حتى أنني لم أستطع التنفس. بالإضافة إلى أنني كنت مرتعبة من العلاج الكيميائي. مرتعبة لدرجة أنني كنت أفضل مواجهة نسبة مخاطرة موت أكبر عن المعالجة بالعلاج الكيميائي. وكان ارتعابي ناتجاً عن الخوف من رؤية شخص ما يبدو مثل نزيل معسكر اعتقال عندما انظر إلى المرآة.

لقد اتممت العام الثاني والأربعين من عمري. في أبريل ۲۰۰۸؛ بدون ثدي الأيسر وشعري ودورتي الشهرية؛ ولكن مع موقف إيجابي ورؤية مختلفة للحياة وقدرة جديدة مُكتشفة على رؤية الجمال في كل ما حولي، إحساس رائع بالفخر بنفسي كإمرأة.

لقد صاحبتني هذه الجملة منذ الأيام الأولى للعلاج الكيميائي: رغم أننى لم أنج من المرض بعد، لكنني قد فزت إنني أرى نفسي محظوظة، ليس لأني نجوت من المرض فأنا لم أنج بعد برغم أن لدى فرصة جيدة لذلك ولكن لأنني قد كسبت أكثر مما فقدت، وأشعر بأنني أقوى وأفضل. ومع كل تحدٍ يواجهني، أحاول أن أتجاوب بنشاط يجعلني أشعر بأنني قادرة أكثر أو مُسيطرة أكثر من ذي قبل.

إنني أرغب في أن أشارككم اللحظات التي أحسست فيها لأول مرة في تجربتي مع سرطان الثدي بالرضا عن نفسي. في مقابلة لي من أجل فيلم وثائقي، بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الاستئصال سُتلت: “ما الذي ترينه عندما تنظرين إلى نفسك في المرآة؟في البداية كنت صامتة، وفي عقلي، رأيت صورة جسدي. ثم بدأت في الابتسام، في البداية لنفسي ثم للكاميرا، وقلت:” أرى امرأة أقوى من التي رأيتها من قبل.” هذا هو التفكير الذي خطر لي برغم أنه في المرأة كان يوجد جسد غير متناظر مع ندبة كبيرة على شكل وجه عابس حيث كان يوجد يوماً ما ثدي، وقسطرتين على شكل الجرس الباب، ومُوسع، وتقريباً لا يوجد شعر من الرأس إلى صابع القدمين. لماذا؟

العائلة وعالمي الشخصي

في كل يوم منذ تشخيص المرض لدى، أدركت كم أنا محظوظة لأن لدىَّ ابنتان وكلتاهما جاءت إلى حياتي قبل السرطان وانجبناهما عندما كنتُ قادرة على ذلك انجبت مانافي سن الثلاثين، عندما أنهيت دراستي لنيل الدكتوراه وكنتُ أدخل مرة أخرى إلى عالم العمل؛ وانجبت ماهافي عام ۲۰۰٤ عندما كانت صحتي (حتى قبل الإصابة بالسرطان) تجعل ذلك الأمر يبدو مستحيلاً.

بعد الجراحة والعلاج، كانت ابتسامة ماها ذات الثلاث سنوات هي التي أزالت جميع الأعراض، وكانت فعالة أكثر بكثير من الأدوية. وفي المرات القليلة التي شعرتُ يمكـ فيها بالمرض الشديد بحيث كان لا يمكننى النهوض، كان الشخص الوحيد الذي يجعلني أشعر بالتحسن هو ابنتي هانا البالغة من العمر ١١ عاماً، ووصفتها السرية: للشاي والتدليك. وحيث إنني سمعت عن سيدات كثيرات لم يستطعن رفع ذراعهن بعد إزالة العُقد الليمفاوية، فإنني محظوظة بصورة خاصة لأنه بإمكاني أن أضم ابنتي بين ذراعيَّ.

كما أنني وجدت أيضاً عدة طرق لمشاركة ابنتي في عملية التعايش مع مرضي. فأنا لا أخُفي عليهما شيئاً وهما كذلك؛ أجيب عن أسئلتهما أياً ما كانت، وأريهما ما تريدان رؤيته، إذا ومتى رغبتا في ذلك غالباً، كان ذلك يعنى قراءة كتب ورسم صور وقد جعلت بعض المواد الرائعة، خاصة من الجمعية الأمريكية للسرطان، ذلك أكثر سهولة. (4 – 6)

في بعض الأوقات، تحدث مواقف مضحكة. ذات مرة طلبت مني هانافرشاة للشعر ثم ضحكنا معاً على أنني لم أعد أهتم بوضع واحدة في حقيبتي. ربما تكون أفضل القصص لدى عن أسوأ يوم في فقداني لشعري. حيث سقطت كمية كبيرة من الشعر في المرحاض، مكونة كرة شعر كبيرة. أتت ماهامسرعة بدون الدق على الباب. قمت بتغطية رأسي، ولكن ليس المرحاض. ونظرت إليه وسألتني: “ولكن يا أمي، هل يسقط من الأعلى أم من الأسفل؟ لم أدر أأضحك أم أبكي، ولكن بما أنني كنت قد بكيت لفترة طويلة، قررت أن أضحك. وكان ذلك أفضل مائة مرة بالنسبة لي.

منذ تشخيص المرض كنت في رهبة مما حدث بيني وبين زوجي. لقد مر على زواجنا ١٢ عاماً وفي الواقع، لقد احتفلنا، نعم احتفلنا بالذكرى الثانية عشرة لزواجنا قبل أربعة أيام من العملية الأولى. بعد 11 عاماً، كما هو الحال في الكثير من الزيجات، كان هناك تباعداً بيننا؛ لكن صراعنا مع سرطان الثدي أتاح لنا فرصة إعادة اكتشاف جوهر علاقتنا والاستمتاع باللحظات التي نقضيها معاً. ولشهور عدة كنا نبعد أنفسنا عن الحياة اليومية ونركز على بعضنا البعض. كما أنها أعادت الدفء إلى عناقنا. وكثيرًا ما سألت نفسى خلال فترة علاجي: “كم عدد النساء اللواتي يمكن، بعد مرور ۱۲ عاماً على زواجهن، أن يقلن مرة أخرى أن أزواجهن هم أصدقاؤهن الحميميون؟

كما أنني أيضاً تغيرت على المستوى الشخصي، من أجل التعايش بطريقة مبدعة مع الإزعاج الجسدي الذي يسببه علاج السرطان. أولاً، أصبحت أُقدر الجمال من حولي بطريقة لم أستطع فعلها من قبل: اللحظات التي أسمع فيها الطيور تُغرد في الصباح والطيور الطنانة التي تحوم أحياناً حول الزهور، ورائحة الأزهار، والأوقات التي تجعلني إبنتاي أضحك فيها، والأطعمة التي استمتع بها بحق، واللون البرتقالي المركز في الوردات المزدهرة في حديقتي، وشروق الشمس الذي شاهدته مع خوليو في المستشفى بعد عملية الاستئصال، وهذا قليل من كثير الآن، أسجل هذه اللحظات، بدلاً من أن أتركها تمر وأحتفظ بها معي.

لقد قمت، مثلما هو الحال مع جميع مرضى السرطان كما أعتقد، بتطوير استراتيجيات تعايش شخصية، أولاً، قمت بالبحث عما يمكن أن أقوم به بصورة أفضل، أو على الأقل بصورة مختلفة. ثانياً، أحاول تدبر وجود لمسة من الطبيعية في حياتي اليومية. كما أنني أناضل من أجل الإبقاء على صورة شخصية وجسدية جيدة، ولكنها تتوافق مع التعايش مع مرض السرطان. بمعنى آخر، إنني أحاول أن أكون سعيدة بما أنا عليه الآن، بدلاً من محاولة العودة لما كنت عليه قبل الإصابة بمرض السرطان.

لقد كانت ممارسة التمارين أمراً مهماً بصورة مدهشة. لم أكن أمارس الرياضة كثيراً من قبل، برغم أنني كنت أقوم أحياناً بممارسة رياضتي الركض والمشي. ولكن ممارسة الرياضة الآن أصبحت طريقتي في أن أُظهر لنفسي أنني لم أزدد مرضاً، ولكنني أكثر صحة. كما أنها أحد أفضل الطرق للسيطرة على الشعور بالغثيان والخوف والاكتئاب والغضب والوزن الزائد. والآن حيث أعمل من منزلى، أتمرن باستمرار حيث يمكنني الوصول إلى الأجهزة في أي وقت من النهار أو الليل (وهي فكرة رائعة مع وجود الأرق). إن ممارسة الرياضة هي طريقتي في إخراج سم العلاج الكيميائي.

بالنسبة لي، كان الاستمرار في طريقة الحياة اليومية العادية أمراً جوهرياً. أحد الأمور هي إيجاد طريقة لأكون أنيقة، خاصة في عالم العمل. قد لا يكون ذلك أمراً مهمًا بصورة كبيرة للعديد من النساء، ولكنه كان كذلك بالنسبة لي ولهذا، فقد طورت أسلوباً جديداً يجعلني أشعر بالرضا عن مظهري. لم يعد نمط ملابسي السابق يناسبني؛ فبسبب عملية الاستئصال وفقدان الشعر وعدم الراحة نتيجة العلاج الكيميائي، لم تعد بذلات العمل مريحة على الإطلاق. والباروكات التي تم عملها من شعرى الطويل وتكلفت كثيرًا لم تتناسب أبداً مع وجهي ورأسي. لذا، لقد وجدت ضالتي في أغطية الرأس والوشاحات. أيضًا أدركت أن ما لن يتغير هو عيناي. لذا عملت على أن أجعلهما مركز وجهي. وأخيراً أكتشفت التنورات الطويلة ذات الوسط المنخفض والفساتين المفتوحة. كان ما يحركني هو أن أجد طريقة كي أشعر بالراحة تجاه ما أبدو عليه أمام نفسي وأيضاً أمام العالم الخارجي. لم أضع باروكة على رأسي في أي يوم، ورغم ذلك ما أكثر المرات التي قابلت فيها أشخاصاً لم يدركوا أنني صلعاء.

لقد حاولت تجنب إثارة شعور الآخرين بأنني غير قادرة لأنني مريضة بالسرطان. ولهذا فإنني أشكر زملائي ورؤساتي والكثيرين. وبصورة أكثر، يتعين أن أشكر أصدقائي والمتعاونين معي من أجل تمكيني من العمل وأنا أعاني من مرض السرطان، حتى وأنا في المستشفى. ومع ذلك، إنني لم أخف مرضى بالسرطان على الإطلاق، ولم أتظاهر أنني قادرة على العمل كما كنت أعمل من قبل، ولكنني أيضاً لم أعط لأي شخص فرصة عدم تقبلي سواء في العمل أو المجال العام. إن لدي الإنطباع بأن الكثير من مرضى السرطان إما يتعرضون التمييز ضدهم أو أنهم يسحبون أنفسهم من الحياة اليومية. كما أن لدى أيضاً انطباعاً بأن ذلك يحدث أكثر مع النساء ربما لأنه من الأسهل إبعادهن أو إسقاطهن بعيداً عن عالم العمل.

كما كانت لدى فرصة تحويل تجربتي الشخصية إلى حافز لإيجاد برنامج – ( خذه إلى القلب) – قدم عمقاً جديداً لعملي كإقتصادية صحية ومدافعة عن الحقوق الصحية. أيضاً، منحتني فرصة التأمل فيما وراء تجربتي معنى كون جديداً لما أمر به، فلقد جعلتني جميع العمليات الجراحية وجلسات العلاج الكيميائي والأعراض والمشكلات الصحية أكثر وأفضل قدرة على أداء عملي. وبالتالي، فإن مرضي ما أدى إلى تمكيني مهنياً وحيث أن عملي هو جزء لا يتجزأ من حياتي وما أؤمن به، فإن ذلك تحول إلى تمكين بالنسبة لي.

إنني أعتبر نفسي أكثر المريضات حظاً. أولاً، لأننى تمكنت من الوصول إلى أفضل الأطباء والمستشفيات في كل من المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية. وكذلك لتمتعى بالتغطية التأمينية التي جعلت ذلك ممكناً. فالغالبية العظمى من النساء المريضات بسرطان الثدي في المكسيك ليس بإمكانهن الحصول على الخدمات الصحية عالية الجودة. وقد أصبح جعل ذلك الأمر ممكناً للمزيد من النساء في أمريكا اللاتينية هو هدف عملي البرامجي.

إنني أعيش بمرضى في المكسيك كمواطنة كندية ومقيمة أجنبية. لقد تم تشخيص المرض لدى وإجراء عملية الاستئصال في المكسيك، كما إنني أتلقى جلسات العلاج الكيميائي وإعادة بناء ثدي الأيسر في المكسيك. إنني وبفخر وبعرفان مريضة تحظى بعناية نظام الرعاية الصحية في المكسيك. ونتيجة السنوات العديدة التي قضيتها في قطاع الصحة في المكسيك أنا وزوجي، فإنا أتمتع بالوصول إلى مجموعة من الأطباء ممن هم أيضاً أصدقائي تقريباً ٢٤ ساعة يومياً.

وفي الوقت ذاته، أنا محظوظة أيضا لأنى مريضة أنتمي لاتحاد سياتل للعناية بمرضى السرطان ولدى الفرصة الحصول على أحدث العلاجات المتقدمة الحديثة في علاج سرطان الثدى، ودرجة كبيرة من تمكين – المرضى. وقد أتاح لي ذلك التعلم والمشاركة في اتخاذ قرارات العلاج الخاصة بي. لقد كانت أكبر لحظات الإحباط لديَّ في البداية عندما شعرت أنني لا أعرف ما يكفي لاتخاذ ما يجب علي فعله، إنني أتذكر أول موعد لاستكشاف الوضع مع اخصائي الأورام في سياتل؛ بعد مرور أسبوعان فقط على تشخيص المرض. لقد طلبت منه بعض المواد للقراءة وأعطاني مجلدان ضخمان، يضم أحدهما التمرينات الرياضية والعديد من الكتيبات عن العقاقير والشعر المستعار والأشياء الأساسية الأخرى التي أنا بحاجة إلى معرفتها. وبدلاً من أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الخوف ساعدتني الكتب على الأخص في كل تفهم ما سوف أمر به. لقد كانت المعلومات متوافرة بصورة أقل بكثير في المكسيك كما أنها كانت باللغة الأسبانية. وقد ألهم ذلك فيما بعد مجالات أساسية في برنامج خذه إلى القلب“..

في أغلب الأحوال، من الصعب العثور على المعلومات. وأحياناً يكون من الصعب فهم أو مواجهة ما تقرأه. ولكن من حقنا وواجبنا كنساء وكمريضات، تفهم مرضنا. كما أنني أعتقد أيضاً أنه عند اتخاذ قرارات العلاج، تُعتبر مشاركة المريض الفعال المدرك أمراً أساسياً غالباً، يتعين أن تُصر المريضة على ذلك مع الطبيب، الأمر الذي يمكن أن يكون مخيفاً ومنهكًا. إن الأمر يحتاج إلى التفسيرات التفصيلية ولكن الواضحة، وغالباً إعطاء الوقت بعدها لمعالجتها وفهمها. فالمعرفة تعني التمكين.

لقد ساعدني اتخاذي دور فعال في تقرير علاجي على الشعور بطريقة أفضل فيما يتعلق بالعلاج ذاته. وفي هذا العملية، فإن دعم مجموعة الأطباء بالكامل لى كان أمراً هامًا. برغم أنني ترددت كثيرًا بشأن عملية استئصال الثدي لأسابيع واخترت البدء بخوض عمليات جراحية إضافية، لإزالة المزيد من الأنسجة على أمل إنقاذ ثدي، فقد ثبت أن الأمر يستحق. وعندما حان الوقت لإجراء الاستئصال الكامل، كنت على يقين أنه كان الأمر الصائب وأعتقد أنني عانيُت بصورة أقل من النتائج بسبب ذلك اليقين.

لقد منحني خيار إعادة بناء ثديي الأيسر القوة لخوض عملية الاستئصال. لقد ساعدني على الاعتقاد بإمكانية عودتي كما كنت في السابق؛ وأن آثار السرطان لن تظل إلى الأبد. كما أنه ساعدني على مواجهة ابنتيَّ، حيث أنني كنت قلقة من أن أبدو مختلفة عندما تمران بمرحلة نمو الثدي.

وبمرور الوقت، تغير شعوري تجاه هذه النقاط، بصورة جزئية بسبب صعوبة (لن أقول ألم) عملية التوسيع والعمليات المتعددة. فيما بعد تعين أن تتعامل ابنتيَّ بصورة طبيعية مع الندبة ومع غياب الثدي، مثلي. ولذلك، فبينما لم أعالج كل ما أشعر به تجاه إعادة بناء الثدي، فإن الأمر أقل أهمية بالنسبة لي الآن، بعد اتخاذي قرار إجراء الاستئصال. ولكن، كان من المهم تماماً بالنسبة لي أن تكون فرصة إعادة بناء الثدى متاحة لي في الوقت الذى كان على فيه مواجهة قرار الاستئصال.

الأمور الخاصة بالصحة الإنجابية والجنسية

مؤخراً، كنت أتساءل كيف سأتعايش مع آثار عقار تاموكسوفينعلى تكوين الهرمونات. لقد استغرقُت ثمانية أشهر لمواجهة أكبر مخاوفي والتأثيرات قصيرة الأمد الناتجة عن العلاج. فلقد كانت هناك دائماً فكرة كل شيء سيعود إلى طبيعته“. الآن يتعين على مواجهة ما سوف يعود إلى طبيعته وما لن يعود. فما لن يتحسن أو يعود إلى طبيعته هو ما يرتبط بالأجزاء في جسدي التي حددت، في معظم حياتي، الخاصية الجنسية لدىَّ وجزء كبير من هويتي كأمرأة. فلن أشعر مطلقاً بأي أحاسيس في ثدي الأيسر. ولهذا فإن إعادة البناء تناسب ارتداء الملابس، برغم أنها بالنسبة للعديد من النساء أكثر من ذلك بكثير. قد أتجاوز أو لا أتجاوز الحلول المفاجئة لمرحلة ما بعد انقطاع الطمث بسبب العلاج الكيميائي، وهو أمر له الكثير من العواقب والتي مازالتُ اكتشف ماهيتها إلى الآن.

المهنية

على الجبهة المهنية، مكنني برنامج خذه إلى القلبمن إيجاد قنوات لإيصال خبرتي الشخصية والمشاركة في المجهود الضخم المطلوب لمكافحة سرطان الثدي في أمريكا اللاتينية.

فبعد حوالي أسبوع من العملية الجراحية الأولى لي، ذهبت في نزهة، كنت مستغرقة تماماً في مشاعر الغضب والألم والضياع والاضطراب، وقبل كل شيء الخوف. وبينما كنت أمشي، فكرتُ في سيناريو مختلف ماذا لو لم أستطع الحصول على العلاج وللمرة الأولى خلال فترة عملي البالغة ۲۰ عاماً من العمل في مجال صحة البلدان النامية. أتمكن من الشعور داخلياً بالخوف الذي تشعر به المريضة التي يتعين عليها أن تختار بين دفع الأموال للحصول على الرعاية الصحية ودفع ثمن الكتب المدرسية لأطفالها؛ أو عدم معرفتها بمن سيعتني بأطفالها أثناء وجودها بالمستشفى. لقد شعرت بالتمزق والألم من ظلم أن أتلقي أنا الرعاية وهي لا. وهكذا، أثناء سيري، بدأت في تصميم المشروع، ولدهشتي، بدأت أشعر بيأس أقل.

قدمت فكرة المشروع إلى الأعضاء الأساسيين في مجلس الإدارة والتنفيذيين في معهد كارسو للصحة في مكسيكو سيتي في اليوم السابق لعملية الاستئصال(7). كان من الممكن أن تعمل أنشطة قليلة على تمكيني بصورة أكبر. لقد تمت الموافقة على العرض مع عدة مئات من الآلاف من الدولارات للتمويل المبدئي وإمكانية التوسع الكبير والذي بدأ من ذلك الوقت.

ركز برنامج خذه إلى القلب على تقديم المعلومات للمريضات والعائلات والممولين، وعلى تمويل الأبحاث، وتوفير الاكتشاف المبكر وتطويره، وتقوية البنية المؤسسية. لقد بدأت الأنشطة في المكسيك في مارس ۲۰۰۸ وأخذت إمكانية المبادرة في التوسع في أجزاء أخرى من أمريكا اللاتينية. وتمت البرهنة والحاجة إلى تكسير الكثير من الحواجز أمام توفير الرعاية، والتي كانت قائمة على الحقائق والأرقام الخاطئة أو القديمة.

إن سرطان الثدي ليس مرض للعالم المتقدم فقط؛ فحوالي 45% من جميع حالات الإصابة و55% من حالات الوفاة تحدث في الدول ذات الدخل المنخفض، بالإضافة إلى أنه لا يقتصر على النساء كبار السن أو اللاتي تخطين سن انقطاع الطمث. ولأسباب معروفة بصورة كبيرة، فإن سرطان الثدي يوجد في أعمار أصغر في سكان البلدان ذات الدخل المنخفض. قد يكون ذلك تأثير مؤقتًامرتبطًا بالديموجرافيا أو الحصول على الخدمات الصحية. ومع ذلك، تم تشخيص المرض لدى عدد كبير من النساء قبل أن يصلن إلى سن انقطاع الطمث وعادة ما يكون سرطان الثدي عنيفاً للغاية مع النساء اللواتي لم يصلن إلى سن انقطاع الطمث.

يمثل سرطان الثدي تحدياً كبيراً للنساء وللنظام الصحي في المكسيك والدول النامية الأخرى. ففي عام ٢٠٠٦ ، كان سرطان الثدي ثاني أكثر سبب شائع لوفيات النساء المكسيكيات فيما بين عمر ٣٠ ٥٤ عاماً. بالإضافة إلى أن معدلات الوفيات من سرطان الثدي مستمرة في الارتفاع، على العكس من معدلات سرطان عنق الرحم، والذي بدأ في الانخفاض منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي.(9)

وفي مواجهة ذلك التحدي الكبير، توجد رسالة تشجيع وهي إنه يمكن معالجة سرطان الثدي إذا ما تم اكتشافه مبكراً. ولكن، في المكسيك، لم تصل هذه الرسالة بعد إلى المريضات أو مقدمي العناية الصحية الأساسية أو الكثير من صانعي السياسات. فالكثير من النساء يفتقدن إلى المعلومات والحصول على برنامج تشخيص قائم على الاحترام والكرامة وكنتيجة لذلك، يتم اكتشاف ٥ – ١٠% فقط من حالات الإصابة بسرطان الثدي مبكراً عندما تكون إمكانية الشفاء أعلى بكثير.(10) ويتطلب التغلب على هذه المعوقات تحركات تقوم بها النساء وكذلك النظام الصحي.

كيف ترى النساء المصابات أنفسهن عندما ينظرن في المرآة؟ إنني أرى أمًا يمكن أن تحب وتضم ابنتيها إليها كما لم تفعل من قبل. إنني أرى امرأة يضمها زوجها إليه بمزيد من الرقة والعاطفة عن ذي قبل عندما كان لديها ثديان. إنني أرى امرأة عاملة تمنح الآن لعملها عمقاً لم تفعله من قبل. إنني أرى إمرأة أقوى من التي كنت أراها في ذات المرآة قبل الإصابة بسرطان الثدي. إنني أحتفي بالقوة الجديدة التي اكتشفتها بداخلي.

في بداية هذه الشهادة كتبت أنا امرأة، أنا امرأة أعيش بسرطان الثدي. لقد رأيت أن هذه نقطة واضحة عندما بدأت الشهادة الآن، أنا على يقين أنها ليست كذلك. فإن هويتي كامرأة تتخلل تجربتي. إنني اختتم بتلك الفكرة: بمجرد أن يتم التغلب على الرعب والمرض الفوري للسرطانفي سرطان الثدي الأنثوي، تظهر مسألة الثديفي سرطان الثدي الأنثوي في المقدمة. فالذي يُعَّرف المرأة التي تعيش بمرض سرطان الثدي هو بدقة أنها امرأة.

إنني أود أن أشكر زوجي خوليو فرانك من أجل التعليقات الرائعة على مسودة سابقة، وكذلك لمرافقته إياي في رحلتي مع سرطان الثدي.

*** مزيد من المعلومات عن تصنيف المراحل والعلاجات والمصطلحات الأخرى المشار إليها في النص موجود في المرجعين ٢ و ٣.

1 -Austveg B. We are cracking open some taboos – what about the remaining ones? Reproductive Health Matters 2005; 13(25):104–05.

2 -American Cancer Society. Breast cancer facts & figures 2007–2008. Atlanta: ACS, 2007.

3 -Komen SG. Finding your way to wellness: puget sound breast cancer information and resource guide. Seattle: Susan G Komen For the Cure, 2007.

4 -Ackermann A. Our mom has cancer. Atlanta: American Cancer Society, 2001.

5 -Sutherland E. Mom and the Polka-dot boo-boo: a gentle story explaining breast cancer to a young child. Atlanta: American Cancer Society, 2007.

6 -Heiney S, Hermann J, Bruss K, et al. Cancer in the family: helping children cope with a parent’s illness. Atlanta: American Cancer Society, 2001.

7 -Carso Health Institute. At:<www.salud.carso.org> Accessed 17 June 2008

8 -Porter P. ‘‘Westernizing’’ women’s risks? Breast cancer in lower-income countries. New England Journal of Medicine 2007;358(3):4.

9 -Knaul FM, Lozano R,GÒmez-Dantès H, et al. Numeralia: México, càncer demama. Mèxico DF: Fundacian Mexicana para la Salud/Instituto CARSO de la Salud, 2008.

10 -Secretaría de Salud. Programa de acciòn cancer de mama. México DF: Secretar de Salud, 2002.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات