أين نحن الآن من العلاج الهرموني التعويضي؟

التصنيفات: غير مصنف

أين نحن الآن من العلاج الهرموني التعويضي؟

ملخص:

يمكن أن تكون أعراض انقطاع الطمث قاسية، وتظل الرغبة قوية في التعويض عن النقصالهرموني بهرمونات خارجية منذ الخمسينيات من القرن الماضي؛ تزايد استخدام العلاج الهرموني التعويضي حتى تراكمت الأدلة على مخاطر الآثار السلبية غير المرغوب فيها. ماذا تعلمنا على مدار هذه العقود؟ أولاً، النظرية البيولوجية الحالية لا تتنبأ بشكل جيد بآثار الهرمونات على السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. ثانياً: يتطلب وصف الدواء على نطاق واسع إجراء تجارب إكلينيكية كبيرة تستخدم عينات عشوائية مع المتابعة لفترات طويلة. ولا يمكن الاعتداد بالدراسات القائمة على مراقبة الأثر المفترض للعقاقير ولاسيما بالنسبة لأمراض الشريان التاجي. ثالثاً: تولد الأسواق الكبيرة مصالح ذاتية هائلة للأشخاص، والإدارات والشركات. إن الرعاية الحقيقية للنساء تتطلب استقلالية علمية، لأن عدم التحدد يسمح بمنتهى السهولة بترويج قناعات الخبراءحتى وإن لم تتوخ الدقة والأمانة. ويبدو الآن بعد معرفة المخاطر، أن الموازنة أصبحت أوضح، فالعلاج الهرموني التعويضي ينجح في علاج الأعراض ولكن ليس فى تأمين الصحة في المستقبل، وهو ما يخالف ما تم الوعد به والترويج له على أوسع نطاق. قد يستغرق الأمر عقوداً لاستكشاف الآثار الجانبية المهمة للأدوية والتي لم يتم التنبؤ بها. هل تؤمن التدابير التنظيمية المعمول بها حالياً الاحتياطات الكافية لتجنب المزيد من الأحداث التراجيدية بشكل واع؟ سيقوم المنظمون والمشرعون بتأمل التداعيات، كما فعلوا بعد استخدام عقار ثاليدوميد { تم ترويح عقار الثاليدوميد في فترة لتثبيت الحمل، وللأسف أدى إلى العديد من التشوهات الخلقية بين الأطفال الذين استخدمت أمهاتهم ذلك العقار (عدم وجود الأطراف الأمامية أو الخلفية) المراجعة}.، ونأمل ألا نسيء استخدام التسويق مرة أخرى.

Issues in Current Research: Where Are We Now with Hormone Replacement Therapy?

Klim McPherson, Reproductive Health Matters: 2004;12(24):200-203

يمكن أن تكون أعراض انقطاع الطمث قاسية، وتظل الرغبة في التعويض عن النقصالهرمونى بهرمونات خارجية قوية منذ الخمسينيات من القرن الماضي، تزايد استخدام العلاج الهرمونى التعويضي حتى تراكمت الأدلة على مخاطر الأثار السلبية غير المرغوب فيها. (١) منذ ٢٥ سنة مضت، ظهر الخطر المتزايد بالإصابة بسرطان بطانة الرحم، مما نتج عنه إضافة البروجسترون. لقد بحثت الدراسات القائمة على الشرائح العمرية الإستروجين بمفرده، وأشارت إلى فوائده المهمة، ولكن منذ الثمانينيات ساد الستخدام التحضيرات المركبة (التي تجمع بين الإستروجين والبروجسترون). وبالتالي أصبح تفسير الدلائل أكثر تعقيدا، نظرًا لتباين تأثيرات الإستروجين أو البروجسترون على المرض. وفي نهاية الأمر، أظهرت التقارير من إحدى التجارب العشوائية دليلاً على أن العلاج بالأدوية المركبة يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان الثدي، وأمراض القلب التاجي، والسكتة، والجلطات الوريدية(2). لقد تم وقف هذه التجربة في وقت مبكر، بعد متابعة حوالي ۱۷.۰۰۰ امرأة لمدة استمرت في المتوسط خمس سنوات توقفت خلالها حوالي ٤٠% من النساء عن استخدام العقاقير التجريبية. سوف تساعد نتائج الدراسة التي تجريها مبادرة صحة المرأة على الاستروجين فقط والمتوقع صدورها عام ٢٠٠٥ على إعادة تقييم دور العلاج المركب.

يعد العلاج المركب إشكالياً؛ نظراً لأنه يمكن أن يضاعف من خطر الإصابة بسرطان الثدي إذا استخدم لفترة طويلة(3)، ويؤدى إلى الإصابة بمرض القلب في السنة الأولى من الاستخدام. لا يمكن مساواة هذه المخاطر بالأعراض المنهكة لانقطاع الطمث. ولكن لابد أن تتمكن النساء من الحكم على المخاطر بأنفسهن. ويبدو أنه الآن، بعد معرفة المخاطر، أصبح التوازن أوضح، فالعلاج الهرموني التعويضي ينجح في علاج الأعراض لكنه لا يعمل على توفير إمكانية للتمتع بالصحة في المستقبل، وهو ما يخالف ما تم الوعد به والترويج له على أوسع نطاق.(4)

ماذا تعلمنا على مدار هذه العقود؟ أولاً: أن النظرية البيولوجية الحالية لا تتنبأ بشكل جيد بتأثير الهرمونات على السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية. ثانياً: يتطلب وصف الدواء على نطاق واسع إجراء تجارب إكلينيكية عشوائية كبيرة مع المتابعة لفترات طويلة. ولا يمكن الوثوق(5) بالدراسات القائمة على مراقبة التأثير المفترض للعقاقير، ولاسيما بالنسبة لأمراض الشريان التاجي. ثالثاً: تولد الأسواق الكبيرة مصالح ذاتية هائلة لأشخاص وإدارات وشركات. إن الرعاية الحقيقية للنساء تتطلب استقلالية علمية، ذلك أن عدم التحدد يسمح بمنتهى السهولة بترويج قناعات الخبراءحتى وإن لم تتوخ الدقة والأمانة.(6) وعلينا أن نكون حذرين من الجوقات المستفيدة التي تروج لقناعات محددة.

إن فهمنا لنشأة مرض الشريان التاجي، ومعرفتنا المؤكدة بأن العلاج الهرموني التعويضي المركب له تأثير مفيد على تركيز الدهون، لكنه يزيد من مخاطر الاصابة بمرض الشريان التاجي يطرح علينا تحديًا .. ما إذا كان الإستروجين بمفرده يحمي القلب.(7) على الأغلب تعمل الهرمونات، وخاصة البروجسترون، في فترة ما بعد انقطاع الطمث على تسريع انتشار الأورام الموجودة بالفعل في الثدي. وعندما ندرك بشكل جيد مسار التطور البيولوجي، سیعنی دور العقاقير في الوقاية من الأمراض فرصاً هائلة (وأسواقاً عملاقة). يظهر العلاج الهرموني التعويضي أن النوايا الحسنة يمكن أن تكون مضللة بشكل خطير، وبالتالي فإن ما نحتاجه هو العلم الكافي، وليس مجرد العلم المعقول. ويذكرنا بروفيسور جون بيلار من جامعة شيكاجو بأننا لا تعرف أبداً قدر ما نظن أننا نعرف“.(8)

في الوقت الحالى، يتعين على النساء اللاتي يعانين من أعراض انقطاع الطمث أن يتخذن قراراً. لقد نشرت المجلة الطبية البريطانية (١٤ شباط / فبراير ٢٠٠٤)، تحليلاً بخصوص صافي الفائدة الإكلينيكية، يوازن بين الفوائد من حيث التأثير على الأعراض الحالية مقارنة بالفوائد والمخاطر المستقبلية.(9) هذه إحدى طرق الجمع بين فوائد الأحداث المستقبلية ومخاطرها مع التخفيف من المشاكل الحالية. تقوم هذه الطريقة على الجمع بين أحدث التقديرات حول المخاطر، وأوزان نوعية الحياة المرتبطة بالأعراض التي تمر بها النساء في الخمسين من العمر. هذا النوع من التحليل أساسي ولكنه لا محالة تحليل تجميعي واستاتيكياً إلى حد ما، ولكن من المحتمل أن تكون الآثار المفترضة بالنسبة لسرطان الثدي ولمرض القلب التاجي محافظة للغاية (لأن الكثير من النساء توقفن عن العلاج أثناء التجربة). إن الخطر النسبي بالإصابة بسرطان الثدي بحوالي اثنين في حالة العلاج المركب سيخفض بدرجة كبيرة من فرصة صافي الفائدة المبلغ بها مقارنة بنسبة ۱.۲۷ المفترضة. وبالمثل، فزيادة خطر الإصابة بمرض القلب التاجي بنسبة الضعف تقريباً خلال السنة الأولى ستجعل الأمور أسوأ، بالمقارنة مع النسبة الكلية المفترضة للخطر المقدرة بـ 1.08 هذه القيم الأعلى للخطر ستجعل احتمالية صافي الضرر أعلى بكثير بالنسبة لأية امرأة.

لا يوصف العلاج الهرموني التعويضي للنساء اللاتي لا تعانين أعراضاً. ولا تظهر هذه التحليلات أن صافي الفائدة من هذا العلاج الهرموني التعويضي إيجابياً إلا في حالة الأعراض الشديدة (وما يترتب عليها من تدهور في نوعية الحياة لدرجة أن تضحى المرأة بثلاثة أشهر في السنة للتخلص منها). ويتطلب تناول الهرمونات التعويضية للأعراض المتوسطة تبريراً خاصاً إذا ما رغبت المرأة العادية في الاستفادة على المدى الطويل. ودائماً ما ستكون أعراض انقطاع الطمث وخطر الإصابة بسرطان الثدي هي والتي المسيطرة على قرارت النساء، في حين تتطلب الوقاية من هشاشة العظام استخدام العلاج الهرموني التعويضي على المدى الطويل ولا يمكن تبريره بالمخاطر المؤقتة الأكبر المتأتية عن هذا الاستخدام.

ستتزايد الدعوة الموجهة إلينا لإبراز مخاطر الأمراض التي يقدم العلاج الهرموني التعويضي علاجاً فعالاً لها، وللتهوين من المخاطر المتزايدة. وكما هو الحال بالفعل، نحن مدعوات للاعتقاد بأن دراسة مبادرة صحة المرأة.(10) ودراسة المليون امرأة أقل أهمية من الأفكار الحالية أو أنها معيبة بتحيزات. سيتم الاستشهاد بالمجموعات الفرعية التي لم يلاحظ عليها أي آثار سلبية آخر النتائج بشأن مرض القلب التاجي من دراسة مبادرة صحة المرأة توفر فرصاً (غير آمنة) للاستشهاد بمجموعات فرعية لم تلاحظ عليها الآثار آثار سيئة.(11) هذا تأثير متوقع للجوقات المستفيدة لا ينبغي تجاهله، ولكن هذه المزاعم غالباً لا تكون مقنعة أو كافية. السمعة (والمال) هنا على المحك. متى كان الدليل العلمي على الاستنتاجات والافتراضات البديلة أكثر مصداقية مما نملكه بالفعل. ومن المؤسف حقاً أن الرسالة البسيطة المذكورة أعلاه والتي كانت بديهية في الصحة العامة في وقت سابق. كان عليها الانتظار حتى تحقق المصداقية.

على الأقل تمت الإشارة الآن إلى اثنين من التطورات الإضافية. إحداهما تقديم العلاج الهرموني الذي يمكن تخفيض جرعته بشكل تدريجي؛ إمكانية أن تختبر النساء توازن عملية الأيض مع التقليل المستمر لجرعات العلاج، وهو ما يفترض أنه يقلل من خطر الإصابة بسرطان الثدى والمرض المخي الوعائي. وبالتالي، يمكن التقليل من اللصفات والأقراص، ولكن المطلوب هو منتج لتحقيق أقل الجرعات الممكنة لوقف الأعراض بأقل آثار جانبية.

علاوة على ذلك، ينبغي الحرص فيما يتعلق بفعالية ومأمونية العلاجات الطبيعية التي لا تتطلب ترخيصًا والتي أصبحت متاحة بشكل متزايد. إن حققت نتيجة مع البعض، ممتاز، ولكن لابد من توفر أدلة من خلال التجارب لطمأنة النساء أن هذه العلاجات لا تمثل أي مخاطر أكبر من العلاج الهرموني التعويضي. إن البيانات الخاصة بالمأمونية أساسية بالنسبة للمنتجات ذات المكونات التي ليست بالضرورة معروفة معرفة كاملة والتي قد تحتوي على سبيل المثال على الإستروجين النباتي بجرعات كبيرة. ما هي الآثار طويلة المدى لهذه التحضيرات التي تؤخذ على افتراض أنها آمنة بما أنها طبيعية؟ هل ستجرى أبحاث كافية لضمان تفادينا لنصف قرن آخر من من التجارب غير الخاضعة لأي ضوابط على النساء في فترة ما بعد انقطاع الطمث. النساء الآن لديهن توقعات كبيرة من علاجات انقطاع الطمث نظرًا للوعود الزائفة التي روجتها جوقة العلاج الهرموني التعويضي.

قد يستغرق الأمر عقوداً لاكتشاف الآثار الجانبية المهمة وغير المتوقعة للأدوية على نحو يعتد به. هل الأحكام التنظيمية المعمول بها حالياً تمكننا من تجنب المزيد من الوقائع المأساوية بشكل كاف؟ حسب تقديرات تاكرالمحافظة، من المتوقع وجود ١٤٠٠ حالة إضافية من سرطان الثدي، و ۱۲۰۰ حالة من أمراض القلب، و ١٤٠٠ حالة من السكتة الدماغية في مقابل ٨٦٠ حالة أقل من الكسور في الحوض و ۱۰۰۰ حالة أقل من سرطان القولون والمستقيم في السنة في الولايات المتحدة فقط (12).

سيقوم المشرعون والمنظمون بالتفكير في المضاعفات، كما فعلوا بعد الثاليدوميد (مهدئ مسكن يضر بالحوامل)، ونأمل ألا يساء استغلال التسويق مرة أخرى. ولقد تم تصنيف أعراض انقطاع الطمث الشديدة على أن لها أسوأ الآثار على نوعية الحياة، مقارنة بأي مرض آخر فالحبوب التي تؤخذ لعلاج الأعراض وللوقاية تمثل مشكلة معقدة في الصحة العامة. قد لا يكون العلاج الهرموني التعويضي سوى مجرد مثال على ما قد يأتي – ولا تزال الفرص هائلة.

 

نشرت هذه الدورية في الأصل يوم ١٤ شباط / فبراير ٢٠٠٤في المجلة الطبية البريطانية بالعنوان التالي: ماكفيرسون كيه: أين نحن الآن من العلاج الهرموني التعويضي (BMJ 2004;328:357-58). وأعيدت طباعتها في مجلة الصحة الإنجابية باللغة الانجليزية في العدد ١٢ ( نوفمبر ٢٠٠٤) بموافقة كريمة من مجموعة نشر المجلة الطبية البريطانية، قامت مجلة قضايا الصحة الإنجابية بإضافة ملخص باستخدام نص من المقالة.

1 -Barrett-Connor E. Cardiovascular endocrinology 3: an epidemiologist looks at hormones and heart disease in women. J Clin End Met 2003;88:4031–42.

2 -Writing Group for Women’s Health Initiative Investigators. Risks and benefits of estrogen and progestin in healthy postmenopausal women: principal results from the women’s health initiative randomised controlled trial. JAMA 2002;288:321–33.

3 -Million Women Study Collaborators. Breast cancer and hormone-replacement therapy in the million women study. Lancet 2003;362:419–27.

4 -Studd J. Complications of hormone replacement therapy in postmenopausal women. J R Soc Med 1992;85:376–78.

5 -Michels KB, Manson JE. Postmenopausal hormone therapy, a reversal of fortune. Circulation 2003;107:1830–33.

6 -Sackett D. The arrogance of preventive medicine. JCMA 2002;167:363–64.

7 -Herrington DM, Howard TD. From presumed benefit to potential harm – hormone therapy and heart disease. N Engl J Med 2003;346: 519–21.

8 -Bailar J. Hormone replacement therapy and cardiovascular diseases. N Engl J Med 2003;339;6:521–22.

9 -Minelli C, Abrams KK, Sutton AJ, Cooper NJ. Benefits and harms associated with hormone replacement therapy: clinical decision analysis. BM 2004:328:371-75

10 -Shapiro S. Risks of estrogen plus progestins therapy; a sensitivity analysis of findings in the Women’s Health Initiative randomized controlled trial. Climacteric 2003;6:302–10

11 -Manson JE, Hsia J, Johnson KC,Rossouw JE, Assaf AR, Lasser NL, et al. Estrogen plus progestins and the risks of coronary heart disease. N Engl J Med 2003;349:523–34.

12 -Tucker G. Comments from reviewer. Climacteric2003,6:310-14

شارك:

اصدارات متعلقة

اغتصاب وقتل طفلة رضيعة سودانية في مصر
نحو وعي نسوي : أربع سنوات من التنظيم والتعليم السياسي النسوي
شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10
شهادة 9
شهادة 8
شهادة 7
شهادة 6