مقدمة
مع ازدياد معدلات جرائم العنف الجنسي في المجال العام، وما تشمله من جرائم تحرش واعتداء جنسي واغتصاب ، ومع تغطية وسائل الإعلام لهذه الجريمة . وتقديم 7 منظمات نسوية مصرية إحداهم مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون ، لمشروع القانون الموحد لتجريم العنف ضد النساء الذي يتكون من 7 ،ابواب منها “التعريف، إجراءات التقاضي، الجرائم الجنسية، جرائم إسقاط الحوامل، الجرائم الخاصة بخطف الفتيات والنساء والأطفال، واستغلالهم جرائم العنف الأسريرضد النساء والفتيات الإجراءات الحمائية والوقائية من العنف.”
حيث يطرح مشروع القانون أشكالا جديدة من العنف ضد النساء، ومحاولة وضع تصور تجريمها سواء كان بالحبس او بدفع غرامة، بالإضافة إلى زيادة الإجراءات الوقائية والحمائية العنف ضد النساء، وذلك باعتبوالذي ار ان تجريم العنف هو ليس الهدف او الطريقة الوحيدة لمناهضة العنف، ولكن أيضا الوقاية وحماية النساء المعنفات ، والجدير بالذكر ان مشروعمن القانون يجرى مناقشته حاليا باللجنة التشريعية للبرلمان المصري .
وعلى الرغم من تعديل بعض نصوص قانون العقوبات للعنف الجنسي ضد المرأة للحكومة المصرية، التى أصدرت في 5 يونيو 2014 مرسوم بقانون رقم 50 لسنة 2014 والمعروف “بقانون التحرش الجنسي” والذي قضى بتعديل المادة 306 مكرر أ من قانون العقوبات وإضافة المادة 306 مكرر ،ب، إلا أن ذلك القرار لم يتطرق إلى إشكاليات عديدة خاصة بتلك الجرائم.
ويأتي نص التعديل المعني كالآتي:
النص: المادة 306 مكررا (أ) يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية 2 وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة ألاف جنيه ولا تزيد على عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال والتتبع للمجني عليه. وفي حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة في حديهما الملاحقة الأدنى والأقصى.
يضاف إلى قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937 مادة جديدة برقم 306 مكرراً (ب) نصها الآتى : يعد تحرشا جنسيا إذا ارتكبت الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكررا (أ) من هذا القانون بقصد حصول الجاني من المجني عليه على منفعة ذات طبيعة جنسية، ويعاقب الجانى بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين. فإذا كان الجاني ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267 ) من هذا القانون أو كان له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجني عليه أو مارس عليه أي ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه أو ارتكبت الجريمة من شخصين فأكثر أو كان أحدهم على الأقل يحمل سلاحاً تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز خمس سنين والغرامة التى لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه.
وقد أدخل هذا التعديل كلمة التحرش لأول مرة في قانون العقوبات المصري بدلاً من مسمى “خدش حياء وأنهى اللبس حول المسمى المجتمعي للجريمة والمسمى القانوني كذلك. كما تم تغليظ الغرامات من خمسمائة جنيه حتى ألفي جنيه في النص القديم إلى “ثلاثة آلاف جنيه حتى خمسة آلاف جنيه “في الصورة البسيطة للجريمة واعتبرت المادة التتبع والملاحقة تكرار للجريمة وغلظت العقوبة إلى “الحبس بما لا يقل عن سنة وغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه وحتى عشرة آلاف جنيه“. أضافت المادة 306 مكرر ( (ب) تعريفاً لجريمة التحرش ولكن يؤخذ على هذا التعريف أنه ربط مفهوم التحرش بقصد الجاني بالحصول على منفعة جنسية من المجني عليه بدلا من ربطة بمدى الضرر المادي والأدبي الواقع على المجني عليه. كما أن الجريمة من المتصور حدوثها بدون دافع جنسي فيمكن ارتكابها بقصد التحقير والإذلال والحط من منزلة المجني عليها. وتعرضت المادة 306 مكرر (ب) لجريمة التحرش الجنسي في أماكن العمل واعتبرت التحرش الصادر من قبل من له سلطة وظيفية على المجني عليه ظرفا مشدداً للعقوبة وغلظت العقوبة من “الحبس سنتين حتى 5 سنين وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه وحتى 50 ألفين جنيه. “
جنحة التحرش :
القانون المصري وصف جريمة التحرش في المادة 306 مكرر ب من قانون العقوبات: هو أن تكون بنفس الشكل الخاص بجريمة التعرض للغير ولكن اشترط أن يكون الهدف هو الحصول على “منفعة جنسية” من المجني عليه ويعاقب القانون المصري على جريمة التحرش بالحبس من سنة الي 3 سنوات أو غرامة لا تقل عن 10 ألاف ف جنيه ولا تزيد عن 20 ألف جنيه.
وفي بعض الأحيان نجد خلطا ما بين جريمة التحرش وجريمتي هتك العرض ، التعرض لأنثى.
جناية هتك العرض :
وهى الجريمة المنصوص عليها في قانون العقوبات المصري في المادة 268 وتوصيفها هو أن يستطيل فعل الجاني الى المساس بجسم المجنى عليه ويقع المساس ده على عورته /ا ويخدش عاطفة الحياء عندها ، وطبقا لتعريف القانون لهذه الجريمة فإن أي فعل يستطيل بيه المتهم من جسد المجني عليها في أماكن عورتها ومناطق عفة لديها يعد هتك عرض. ولذلك نجد أن كل فعل يمس من جسم الناجية وما يخدش شكل جريمة الإغتصاب يتم توصيفه في القانون كجريمة هتك عرض وعقوبة الجريمة هنا تتراوح ما بين السجن المشدد (من 3 إلى 15 سنة ) وقد تصل الى السجن المؤبد مدى الحياة.
جنحة التعرض للغير :
وهي الجريمة المنصوص عليها في المادة 306 مكرر أ من قانون العقوبات المصري وتوصيفها هو أن يتعرض أي شخص للغير سواء في مكان عام أو خاص سواء في حالة وجود اشخاص آخرين من عدمه أو حتى أن تتم الجريمة باستخدام الوسائل السلكية واللاسلكية للتعرض للغير .وقد عاقب القانون المصري علي هذا الفعل بالحبس من 6 أشهر إلي 3 سنوات أو غرامة مالية ال تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد عن 5 آلاف جنيه )وقد نصت المادة على العقاب بالعقوبة الأشد إذا كان الجاني قد تتبع أو لاحق المجني عليه/ا.
بعض اوجه القصور في الاجراءات القانونية الخاصة بجريمة التحرش الجنسي :
1- الخصوصية :
يحمي غالبا ما تتعرض الشاكيات المبلغات عن جرائم العنف الجنسي لانتهاك خصوصيتهن خلال مرحلة التبليغ أومراحل التقاضي المختلفة والتي تتخذ العديد من الأشكال، ومنها الضغوط التي يمارسها المتهم وأهله علي الناجية بهدف التنازل عن الشكوى أو البلاغ ويحدث ذلك بعد تسريب بيانات للناجيات عبر محاضر الشرطة في الأقسام وأحيانا النيابات، مما يجعل الكثير من الناجيات يتراجعن عن فكرة التبليغ ككل أو التنازل عن محضر الشرطة بعدما يقوم في أغلب الأحيان أحد أقارب الجاني بالذهاب إلى محل إقامة الناجية المسجل في المحضر وابتزازها عاطفيا أو تهديدها بالتعرض لها لكي تتنازل عن محضر الشرطة أو عن القضية ككل في حالة إحالتها إلى النيابة، وفي أحيان أخرى تمثل معرفة الأهل أو الأقارب في حد ذاته تهديد لسلامة الناجية النفسية والجسدية، بسبب ثقافة لوم الناجيات المنتشرة في المجتمع. كما أن غياب قانون المبلغينات والشهود والذي طالما طالبت به العديد من المنظمات النسوية يجعل هذا الأمر شديد الانتشار ودائما ما تشعر المبلغات بعدم الأمان والخوف عندما يحدث ذلك ويدفعهن للتنازل عن المحضر، حيث أن الإجراءات القانونية الخاصة بإجراءات التقاضي والتبليغ في القانون المصري تفتقد لسياسات حماية خصوصية الناجية (من حيث بياناتها الخاصة اسمها وعنوانها ورقم الهاتف )، وبالرغم من أن القانون المصري أقر عن مبدأ السرية في التحقيقات ولكن النصوص الخاص بذلك تأتي في سياق عن عدم نشر هذه التفاصيل للجمهور و الإعلام أما بالنسبة للخصوم مثل المتهم فإنه من المباح لهم الحصول على كل التفاصيل المكتوبة بالمحضر وأوراق التحقيق بالنيابة، ولا يوجد حتى الأن قانون يحمي سرية بيانات الناجيات والتي يمكن للأسف أن تستخدم ضدها أحيانا من المتهم أو أهله كملاحقتها هاتفيا بعد حصولهم على رقم هاتفها من المحضر أو الذهاب لمنزلها بعد معرفة عنوانها المكتوب في المحضر، الأمر الذي يحتمل أن يعرض الناجية للخطر.
2- عبء الإثبات الجنائي:
أحيانا يشكل عبء الإثبات الجنائى في جرائم العنف الجنسي عائقا، ويؤدي في بعض الأحيان إلى حفظ الشكاوى والبلاغات فوقوف المحقق على حقيقة واقعة تنطوي على جريمة شبه جريمة يقع عبء إثباتها عليه لكونه المدعي بالحق الجنائي للمجتمع ومحرك الدعوى الجنائية ، وحتى تتوفر عناصر الاشتباه يجب أن يكون كلام المدعي (ة) منطقيا وعليه أن يقيم دليلا على صحة ادعائه (قاعدة أن البينة على من ادعى و“الدليل” في الإجراءات الجنائية متنوع وليس له شكل ثابت فأي شئ يمكن أن يكون دليلا ولكن يجب أن يكون هذا الدليل قد تم التحصل عليه من إجراءات مشروعة، فيكون من الصعب في أغلب الأحوال على الناجيات من جرائم العنف الجنسي إقامة الدليل عند التبليغ والشكوى وذلك لأسباب مختلفة وعديدة منها :
أ– أن بعض الجرائم تقع في أماكن خالية من المارة، لكونها مناطق نائية أو بسبب عامل الوقت؛ وعليه يصعب إيجاد شاهد إثبات واحد على صحة الواقعة، الأمر الذي قد يدفع المحقق لحفظ الشكوى أو البلاغ لعدم كفاية الدليل وكإثبات للحالة فقط.
ب– تقع العديد من جرائم العنف الجنسي في أماكن مزدحمة ويبقى من الصعب أيضا على الناجية إيجاد شاهد لإثبات صحة الواقعة، حيث أن الإجراءات المتبعة لتحرير محضر بالواقعة في قسم الشرطة المختص، ثم الذهاب للنيابة للإدلاء بأقوال الشاهد التي في الأغلب ما تتم في اليوم التالي لحدوث الواقعة ،وبالتالي تشكل عائقا على الشاهد وفي كثير من الأحيان على الناجية أيضا بسبب طول الوقت الذي تتخذه تلك الإجراءات، مما يدفع الناجية بالتنازل عن المحضر في قسم الشرطة وأحيانا أخرى في النيابة.
ج– حينما تحدث جرائم العنف الجنسي في أماكن العمل، يكون إثبات حدوث الواقعة في معظم الأحيان من الصعوبات التي تواجه الناجيات وذلك لعدة أسباب منها مثلا أنه على الأغلب ما تحدث تلك الجرائم في مناطق خالية من العاملين أو / و خالية من كاميرات المراقبة، كما أنه على الأغلب ما ترتكب تلك الجرائم من قبل أفراد لديهم سلطة أكبر على المجنى عليها / الناجية مثل المدير أو صاحب العمل ، وفى الغالب لن يجرؤ اى شخص من زملاء المجنى عليها / الناجية على القيام بالشهادة معها بسبب الخوف من فقدان الوظيفة باعتبارها مصدر الدخل الخاص بهم/ ن.
3- الإحتجاز:
في بعض الأحيان تتعرض الناجيات من العنف الجنسي لخطر مبيتهن في مكان الاحتجاز في قسم الشرطة، ودائما ما يحدث ذلك في حالة قيامهن بالتبليغ عن جريمة عنف جنسي تعرضن لها وفي نفس الوقت يكون الجاني أيضا لديه شكوى في حق المجني عليها (الناجية) بأنها قد قامت بسرقته أو بضربه أو سبه، ويحرر محضر ضد الناجية. وفي تلك الحالة يقوم ضابط الشرطة أو المسؤول عن كتابة المحضر بإرسال كليهما – الجاني والمجني عليها – إلى مكان الاحتجاز في قسم الشرطة لحين عرضهما على النيابة في صباح اليوم التالي للبت في صحة الواقعة ، وبالتالي تضطر المجنى عليها / الناجية للتصالح والتنازل عن المحضر الخاص بها مقابل تنازل الجانى عن المحضر الخاص به.
1- تعديل قانون العقوبات وإصدار قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء يتم به تغيير المفاهيم والتعريفات على أن يشمل تعريفات واضحة ومحددة لجرائم العنف الجنسي، وأن تكون متضمنة تعريفات لجرائم التحرش الجنسي والاعتداء الجنسي والاغتصاب ليشمل الاغتصاب الفموي والشرجي والاغتصاب باستخدام الآلات الحادة والأدوات والأصابع.
2- توفير الحماية اللازمة والملائمة للناجيات خلال مراحل التحقيق المختلفة وبعده وذلك من خلال تطبيق الآتي:
أ– إنشاء بيوت آمنة مناسبة للنساء، ويتم كذلك توزيعها جغرافيا بشكل عادل على مستوى الجمهورية ، والتعاون ، مع منظمات المجتمع المدني في تدريب العاملات بهذه البيوت على كيفية التعامل . مع الناجيات.
ب– حماية الناجيات أثناء وبعد تحرير محضر بواقعة الاعتداء التي وقعت عليهن من الحبس والاحتجاز عن طريق تحرير محضر مضاد من قبل الجاني.
ج– إصدار لوائح داخلية لتنظيم سير العمل في وحدات مكافحة العنف ضد المرأة التابعة لوزارة الداخلية، بحيث أن تنظم عملية تقديم الدعم للناجيات من العنف؛ فمن المهم تفعيل الخط الساخن الخاص بتلقي البلاغات وكذلك الانتقال إلى مكان حدوث الواقعة بشكل سريع واكثر كفاءة لتجنب أن يقع عبء ضبط وإحضار المتهم على الناجية.
د– خلق نظام إحالة متكامل يربط بين مؤسسات الدولة وبعضها البعض المعنية بالتعامل مع الناجيات فتراعي الحالة النفسية والجسدية التي تكون عليها الناجيات، مثل أن يكون باستطاع الناجية أن يتم تحويلها إلى مصلحة الطب الشرعي فور ذهابها للنيابة وقبل البدء في التحقيقات.
3- إصدار قانون لحماية الشهود والمبلغين يحمي المعلومات والبيانات الخاصة بالناجيات والشهود في جرائم العنف الجنسي ويراعي خصوصيتهن، وقد عملت بعض المنظمات الحقوقية والنسوية على تحرير مسودة لهذا القانون.
4- استحداث نيابات مختصة للتحقيق في جرائم العنف الجنسي بحيث أن تكون سريعة البت في ذلك النوع من القضايا.
5-ضرورة التوعية بوجود استراتيجية وطنية لمناهضة العنف ضد النساء عن طريق الإعلان عنها والترويج لها وذلك حتى يتم تحفيز النساء أنفسهن للدفع بتطبيقها والمطالبة بحقوقهن التي تضمنها لهن الاستراتيجية، وقد تتضمن هذه الحملة الدعائية تشجيع النساء على اللجوء للخدمات المختلفة التي توفرها الدولة طبقا للاستراتيجية مثل البيوت الآمنة ووحدات مكافحة العنف، إلخ.واللجوء إلى مكتب الشكاوى بالمجلس القومي للمرأة للإبلاغ عن أي انتهاكات.
6- ضرورة تعيين قاضيات مدربات على التعامل مع الناجيات من جرائم العنف الجنسى في الدوائر الجنائية وخاصة لنظر القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي، الأمر الذي سيساهم في تحسين الاستجابة القضائية لذلك النوع من القضايا.