إشكالية عصر النهضة في الصحافة النسائية اللبنانية
اعداد بواسطة:
إشكالية عصر النهضة في الصحافة النسائية اللبنانية
(1892 – 1920)
مقدمة
استفاقت المنطقة العربية بسبب تسارع الأحداث في الفترة الممتدة بين نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، على واقع جديد مثقل بإشكالات كبرى، راحت النخبة المثقفة من أهل الفكر والأدب، ممن تسنى لها الاطلاع على الثقافات والعلوم الغربية، تبحث في الإجابة عنها علها توفق بين الحداثة والتقليد أو علها توازن بين الرغبة في التفرنج، والخوف من التغريب وضياع الهوية. إنها مهمة البحث عن هوية جديدة، في ظل تعقيدات سياسية واجتماعية ودينية ووطنية واقتصادية.
ووسيلتها الفضلى كانت الصحافة؛ بحكم علاقة التفاعل التي تربط هذه الأخيرة بالنهضة وسيلتها ليست – فقط – للتعبير عن الأجواء السائدة آنذاك، إنما لشحنها – أحيانًا – وتنفيسها – أحيانًا أخرى – تبعًا للظروف والحالات.
ولأن بين الصحافة والنساء علاقة فيها الكثير من الشفافية والمباشرة والذاتية، فإن الصحافة النسائية خير معبر عن هذا التفاعل. من هنا تأتى أهمية البحث عن الدور الذي لعبته هذه الأخيرة على صعيد النهضة.
بمعنى آخر، هذه الصحافة التي أرادت لها إحدى النساء أن تكون عنواناً لمجد الأمة(1)، أو التي افترض فيها أن تكون أداة فعالة للنضال من أجل المرأة. كيف أخرجت هذه القضية بأبعادها المختلفة؟ ولكن تبدو محاولة الإجابة عن هذا السؤال عقيمة، إذا لم توضع الصحافة النسائية في إطار الأجواء العامة المحيطة بالمنطقة العربية آنذاك، وفي إطار أوضاع الصحافة بشكل عام، وأوضاع المرأة بشكل خاص.
وكونها صحافة لبنانية ولدت في مصر – أولاً – سنة ۱۸۹۲(۲)، وفي لبنان – ثانيًا – سنة ١٩٠٩(۳)، فإننا نجدنا مضطرين للبحث عن هذه الظروف في مصر، كما في لبنان، وعن العوامل التي أدت إلى ولادتها في الخارج.
إن الأجواء الإيجابية التي سادت مصر، في عهد الخديوي إسماعيل على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والفكرية كافة، مقابل أجواء سلبية سادت لبنان بعد أحداث ١٨٦٠ الطائفية، جذبت العديد من اللبنانيين إلى مصر؛ حيث وجد هؤلاء بثقافتهم المتنوعة وانفتاحهم على الغرب، خير عون لهم، ليس – فقط – للعمل في الصحافة، إنما في التجارة، وفي تقلد وظائف عليا في الدولة المصرية. لكن تلاحقت الأحداث منذ عهد توفيق، وما تبعها من تعطيل للحياة الديمقراطية، ونفي لجمال الدين الأفغاني ثم ثورة عرابي، وإصدار قانون التجنس في عهد رياض، وعدم قبول الأجانب في الوظائف المصرية، ثم احتلال الإنجليز لمصر، وما رافق هذا الاحتلال من أساليب لدعم الصحف الموالية، ومضايقة الصحف الأخرى، وبالأخص ذات الميول الفرنسية أو العثمانية أو الوطنية (٤).
هذه الأحداث عادت لتطرح – من جديد – مسألة انخراط اللبنانيين، وبالتحديد المسيحيين منهم، في مصر. وتطرح علاقة التربية التي تلقوها في الإرساليات الأجنبية بمواقفهم، وكيف وضعوا أنفسهم بين الإنجليز والفرنسيين، عن مبدأ أو عن منفعة (٥). وتطرح مسألة التنافس الذي أخذ يزداد بينهم وبين المصريين. وكيف أخرجت الصحافة هذا التنافس على طريقتها، بإخراج إما وطنى وإما ديني (٦)، خاصة أن الشعور الوطنى الذى بدأ يتعاظم في مصر، ضد الاحتلال الإنجليزي أخذ يبلور نوعين من العادات: عادات السكان الأصليين، وعادات الوافدين الآتين إلى مصر (السوريين)، { كان يقصد بالسوريين آنذاك – السوريون واللبنانيون}. لذلك راحت المسائل التي تهم المرأة، وتتعلق بتحريرها، تثير نقاشاً وجدلاً أداته الصحافة بشكل عام، والأدبية منها بشكل خاص؛ مما هيأ الجو لولادة الصحافة النسائية آنذاك. وقد تكفينا بعض الأمثلة لإعطاء فكرة عن المناخ السائد، عشية ولادة هذه الصحافة.
نشرت مجلة “الراوي” مقالات عن حق المرأة، في حرية اختيار من ستتزوج، مُوقعة باسم مستعار “ليلى” (٧) بينما نشرت “اللواء” مقالات تدعو لحفظ الحجاب؛ لأنه قاتل للعيوب بنظرها (۸). في حين افترضت “المقتطف“، “المقطم“، “الضياء” أهمية تعليم المرأة، مقترحة أن تأخذ المرأة الشرقية من الحضارة الغربية ما يفيدها فحسب (۹). فإن “الأهرام” حرصت على ألا تثير مسألة الحجاب، إلا إذا أرادت النساء الكتابة حول هذا الموضوع على صفحاتها، مكتفية بتدعيم آراء قاسم أمين حول ضرورة تعليم المرأة (١٠).
والسؤال المطروح هنا إلى أى حد ساهمت المرأة في هذا النقاش، الذي يبدو أنه كان يدور بين الرجال؟ في الواقع اقتصرت المساهمات النسائية – في البداية – على مقالات محدودة من قبل ملك ناصف ومى زيادة ولبيبة هاشم ووردة اليازجي وزينب فواز. هؤلاء النسوة، ما خلا ملكا، جميعهن سوريات، ومسيحيات باستثناء زينب فواز (مسلمة).
إن مساهمة المرأه الخجولة في هذا النقاش، ترجع إلى أوضاعها آنذاك، والتي يمكن وضعها على الشكل التالي: أمية وسلبية وسجينة البيت. لكن مع ورود النماذج الغربية، بدأت المرأة شيئًا فشيئًا تتساءل عن أوضاعها. أسهم في ذلك طبعًا ظهور المدارس (۱۱) والدور الذي قام به المصلحون بدءًا من الطهطاوى عام ۱۸۷۳، ودعوته إلى تعليم المرأة في مصر، مروراً بقاسم أمين وكتابيه “تحرير المرأة” و “المرأة الجديدة” عامى ۱۸۹۹ و ۱۹۰۱، وانتهاء بدعوات بطرس البستاني وأحمد فارس الشدياق في لبنان.
وكانت ملك ناصف أول امرأة تتكلم عالياً عام ۱۹۱۰(12)، وتحتج على التمييز بين المرأة والرجل، وتطالب بتعليم المرأة في المرحلة الثانوية، والاعتراف بحقوقها المدنية. ثم تأتي – فيما بعد – هدى شعراوى لتربط قضية المرأة بالقضية الوطنية.
ذلك يعني أن الرأى العام، أصبح يعى – إلى حد ما– وجود قضية المرأة، وأهمية تحسين أوضاعها، خاصة بعد ما تشكلت طبقة من النساء المتعلمات ذات الغالبية المسيحية، خريجات الإرساليات الدينية، المنفتحات على الثقافة الغربية، مقابل أقلية مسلمة تعلمت في مدارس عثمانية، ومما عزز هذا المناخ موقف الحاكم البريطاني اللورد كرومر، من مسألة تعليم المرأة (۱۳)؛ إذ كان يرى أن الوضع العام للمرأة في مصر يقف عقبة في سبيل أي تقدم، والعلاج – في نظره – هو العمل على تعليمها؛ لأن هذا التعليم سيعمل على تغيير العادات والأفكار، وأنها إذا اتخذت مظاهر الحياة الأوروبية، سيكون تأثيرها قوياً على الرجل بحكم عاطفتها القوية. لكن السلطات العثمانية كانت تنظر إلى هذا الانفتاح الثقافي، بعين الريبة، ولم تكن لتسمح بنشر الآراء التحررية، خاصة فيما يتعلق بالمرأة.
لذلك اقتصرت الجمعيات التي شكلتها المرأة – في البداية – على الجمعيات الخيرية، وتشكلت أول جمعية نسائية سياسية في مصر، مع عائشة التيمورية بهدف دراسة أوضاع المرأة، وكان من بين أعضائها: صفية زغلول وملك ناصف وهدى شعراوي (14) التي سوف تلعب دوراً كبيراً في ثورة سعد زغلول (١٥)، لا يعنى هذا الوعى بقضية المرأة، أنها تبلورت وتحددت معالمها بشكل واضح، بل بقيت متأرجحة بين قطبين: الأول يتمثل في التعلق بالميراث الإسلامي، والعادات الشرقية لتأكيد الهوية، والثانى في الرغبة بالتحديث وذلك نتيجة وقوع المنطقة العربية، ضحية التدخلات والاحتلالات الأجنبية. لذلك أخرجت الصحافة قضية المرأة بأبعاد مختلفة؛ تبعاً للحالة والبلد.
هناك اختلاف بين المرأة المصرية والمرأة التركية على الرغم من الانتماء لدين واحد فالتركية – كما وصفتها إحدى المجلات – تقدمت على المصرية علماً وأدبًا، حجابها أقل وأخف (١٦). وهذا الفرق ازداد وضوحاً، بدءاً من العام ۱۹۰۹(۱۷). أيضًا تختلف مسلمة مصر عن مسلمة سوريا، وقد وصفتها عنبرة سلام سنة ۱۹۱۲ (۱۸)، إذ شبهت رحلة المرأة اللبنانية المحجبة إلى القاهرة، برحلة إلى باريس ولندن. وإذا كانت المسلمات قد اختلفن حسب البلد، فإن الظروف جعلت المسيحية في بلد كصيدا، أكثريته مسلمة، تتحجب أسوة بأخواتها (۱۹). حدا هذه الاختلاف بين الفئات بالصحافة، أن تعبر – بشكل عام – عن هاجس اتساع الفرق والتباعد بينها. نستشف ذلك، من خلال مقالات لجبران تويني تحت عنوان “أختان تتباعدان“، و“الفرق بين المصرية والسورية” هو فرق بين المسلمة والمسيحية؛ الأولى أمينة لعاداتها، للغتها، لحجابها، حتى وإن كان شفافاً، فهو رمز لهويتها الشرقية أما الثانية فقد تبنت جميع مظاهر الحياة الأوروبية (٢٠). وقد عبرت الصحافة النسائية اللبنانية عن هذا الهاجس من خلال مجلة “الحسناء” حين توجهت إلى السوريات قائلة: “لتعلمن أنكن سوريات عربيات، وأن معرفتكن اللغة الأجنبية لا يصيركن أجانب، مهما حاولت واحدتكن إخفاء جنسيتها، لابد أن ينهم بها وجهها ملامحها. يشهد عليها دمها، قلبها، أخلاقها، وإن نسيت كل ذلك، ذكرتها به الغربية، بمعاملتها لها، وترفعها عنها، وتطاولها عليها. لنكف عن متابعة الغربيين في حركاتهم وسكناتهم، ولنعد الدراسة لغتنا ونحببها لأطفالنا” (۲۱).
ولعل أبلغ تعبير عن هذا التباعد، الذي راح يتعاظم، ما أعلنته – أيضًا – هذه المجلة من أن: “السوريات المتعلمات موضع حسد وبغضاء ولو كان التعليم عموماً ومجاناً لما حصل ذلك” (22). إنه تباعد تتداخل فيه العوامل الاقتصادية، بالوطنية، بالدينية.
في هذا الجو انطلقت الصحافة النسائية اللبنانية لتوسع وتعمق مجالات التحرر أحيانًا، وتحد منها أحياناً أخرى، من خلال الإشارة إلى مخاطر التغريب، وترك اللغة الوطنية، علها تشكل بذلك رابطة ائتلاف أدبى بين المصريات والسوريات (۲۳).
وهكذا ولدت مجلة “الفتاة” عام ۱۸۹۲ على يد هند نوفل كأول مجلة نسائية شهرية لبنانية. تحمست لها الصحف الأخرى وبالأخص الموالية للإنجليز مثل “المقطم” و“النيل“، تكلمت منذ افتتاحيتها الأولى عن الحياة الإنجليزية وعن الملكة فكتوريا (٢٤). تبعتها مجلات أخرى إلى أن بلغ عددها في تلك الفترة حوالى ٣٣ مجلة (٢٥) منها: ٣ مجلات أصدرها رجال، أما الثلاثون مجلة التي أصدرتها النساء فقد توزعت كما يلى ۲۲ مجلة أصدرتها نساء لبنانيات، ۷ مصريات، وفرنسية واحدة.
يبقى أن نشير إلى أن غزارة هذا النوع من المجلات، التي معظمها لم يُعمر طويلاً، نظراً إلى ارتباط حياتها بحياة من أصدرها، كان عائداً – أولاً – إلى الفكرة السائدة – آنذاك – والقائلة إن المرأة هي أساس كل تغيير. وثانيًا، إلى أن قانون ۱۸۸۲ للصحافة الذي كان سائداً في مصر، لم يكن يشترط على من يريد إصدار جريدة أو مجلة، أن يكون ذكراً كما جاء في قانون ۱۸۲۲ الفرنسي (٢٦).
إن الظهور المبكر للمدارس في لبنان على يد الإرساليات الأجنبية (۲۷)، أفرز فئة من النساء المتعلمات، ولم يفرز صحافة نسائية مبكرة، قياساً على مصر. لأن الظروف التي عاشتها صحافة لبنان، بدءاً من أحداث ۱۸٦٠، وأجواء القمع التي سادت واستمرت حتى ۱۹۰۸، لم تكن لتسمح بظهور أية صحيفة نسائية، حتى أنها لم تكن لتسمح لأية امرأة بالكتابة. ويقال إن الاستثناء الوحيد كان بالسماح لمريانا المراش سنة ۱۸۹۳، بإهداء قصيدة مديح للسلطان بمناسبة توليه العرش (۲۸). وكانت بعض النساء تنشر مقالات لها على أنها. ترجمات أو بأسماء مستعارة. لذلك وجب انتظار ۱۹۰۹ ليشهد لبنان ظهور أول صحيفة نسائية، باسم “الحسناء“، على يد الصحفي، نصير المرأة جرجي باز، بالتعاون مع نخبة من الكاتبات (٢٩).
وصدور “الحسناء“، لا يعنى أن الصحافة استفادت – كليًا – من أجواء إعلان الدستور الإيجابية، لأن موضوع المرأة بقى يستخدم كوسيلة، حتى في عهد الدستور والحرية لتلفيق التهم للصحفيين الذين لا تروق كتابتهم للسلطان.
ففي أجواء الانقسام التي عاشتها البلاد عام ۱۹۱۲، بين حزب الاتحاد والحزب الائتلافي، يروى صاحب مجلة “المقتبس” محمد كرد على ما يلي (۳۰) : “بالغ الأتراك في اضطهادي وأنا صابر لا يزيدنى فيما ألقى من أذاهم إلا ثباتا على المطالبة بحقوق الأمة. لقد أغلقوا الجريدة مرات في عهد الدستور والحرية بضروب من التهم المضحكة لفقوها. وآخر إغلاق كان لنشرى مقالة عنوانها “حجاب النسوان” نُقلت عن صحف الأستانة، فصدر الأمر بإقفال الجريدة شهراً بدعوى أن المقالة خدشت الأذهان…”.
لكن بالرغم من هذه الحادثة، ومن أحداث أخرى مماثلة، فإن سنة ۱۹۰۸ شكلت تحولاً استفادت منه المرأة وبالتحديد التركية، لدرجة أن المرأة السورية لامتها على التطرف في التحرر (۳۱).
تتابعت المجلات النسائية بعد ذلك في الصدور، بعيداً عن المصالح الاقتصادية والمادية، كصحف صادرة عن قلة من النساء المتشابهات من الناحية الاجتماعية. صحف أرادت أن تكون وسيلة لتحسين وضع المرأة، تحت شعار الحق في التعليم أولاً.
لكن الصفة النسائية لهذه الصحافة ودفاعها، حتى وإن كان الخجل من قضية المرأة قد جعلاها موضع نقاش آنذاك، وعرضة للانتقادات والاتهامات. منهم من رأى أنه لا فرق بين مادتها ومادة الصحافة الصادرة عن الرجال منذ أربعين عاماً. ومنهم من لمح (32) إلى أنها – شكلاً – صادرة عن النساء، إنما – فعلاً – هي من أعمال الرجال (۳۳).
محتوى الصحف النسائية اللبنانية
هذه الصحف الصادرة معظمها عن نخبة قليلة من النساء السوريات المتعلمات، ذوات الأوضاع المادية المرتاحة، المطلعات على الثقافات والعلوم الأجنبية، خريجات الإرساليات الأجنبية، والمسيحيات القاطنات مصر اللواتى تصدين لحل إشكالية النهضة في ظل تقاطع جنسی (رجل – امرأة)، اجتماعي (ريف – مدينة)، طبقى (غنية – متوسطة – فقيرة)، ديني (مسيحية – مسلمة)، قومى (شرقية – غربية)، وطنى (مصرية – سورية – تركية)…
ما أبرز المواضيع التي تناولتها؟ وكيف عالجتها؟ والى أى اطار مرجعی استندت؟.
أبرز المواضيع
كانت نقطة انطلاق هذه المجلات (٣٤) هي تسليط الضوء على واجبات المرأة كأم وزوجة وربة منزل، لبيان أهمية دورها في المجتمع: “المرأة لا تقود الجيوش ولكنها والدة القواد، لاتسوس الممالك لكنها مربية السياسيين” (٣٥).
أعلنت مجلة “العائلة” في افتتاحيتها الأولى أنها “ميدان تتسابق فيه الأفكار وصولاً إلى الحقائق الراهنة في المسائل العائلية من حيث تربية الأطفال وتعليمهم، وإسعاد البيت وتدبيره. عدا عن شعارها في أعلى الصفحة: “إصلاح الهيئة الاجتماعية متوقف على إصلاح النساء” (٣٦).
كان أيضًا شعار” مجلة السيدات والبنات“، “ملاك الأم يحرس ويرشد الجنس البشرى“.
وأعلنت مجلة “فتاة الشرق” منذ البداية أن الزواج تضحية تقدم فيه المرأة نفسها قربانًا، والتي لا تؤمن بذلك أفضل لها أن تبقى عذراء؛ كي لا يتضرر الزوج والأولاد” (۳۷).
أ – الحق في التعليم
تنتقل هذه المجلات من أهمية دور المرأة في المجتمع إلى ضرورة وأهمية تعليمها؛ إذ تقول “فتاة الشرق” : “المبادئ الجيدة لا تترسخ في الإنسان إلا إذا رضعها مع الحليب. والأهل هم أفضل مربين للأولاد، من هنا ضرورة تعليم المرأة وبالأخص الأم“ (۳۸). والمقارنة مع المرأة الغربية حاضرة دائمًا: “لنقابل بين أمتنا والأمم المتطورة. في مجتمعنا المرأة سجينة البيت جاهلة، أولادها وسخين مهملين بينما في المجتمعات الأخرى؛ حيث المرأة حرة مثقفة أولادها نظيفين أصحاء” (39).
وتقول “الحسناء في مكان آخر: “المرأة التي تتمتع بالحرية والتعليم والتربية المعطاة للرجل، يمكنها أن تقوم بأشياء مذهلة تضعها بمساواة معه في المساهمة بتطوير الإنسانية” (٤٠).
إنما مطالبة هذه المجلات بتعليم الفتاة نظراً إلى أهمية دورها لا يعنى أنها كانت راضية عن التعليم المعطى آنذاك. فقد أبدت وعياً متقدماً لمسألة نوعية التعليم، وطالبت أن يكون مثمراً، يؤدى إلى عمل منتج وليس عقيماً كما هو حاصل، وهذا ما نراه من خلال بعض الأمثلة: تقول “السيدات والبنات” : “أثقال هائلة تلقى على عاتق المرأة التي أخرجت من بيت أبيها، إلى بيت رجل غريب اختير لها.. ماذا علموها؟ في المدارس علوم عقيمة (حشو ذاكرة، لا تدرس فن تربية الأولاد، وعلم أخلاق الرجال. تدرس اللغات، ولا تدرس الرياضة الجسدية، وعلم حفظ الصحة) في البيت ماذا تتعلم؟ الرقص، اللبس، الرطانة باللغات الأجنبية، فتتخيل وسط هذه المسرات، أن هذه هي الحياة كلها… والدواء بنظر – المجلة – هو بإنشاء مدارس لتعليم الفتاة المطبخ، تربية الأولاد درس أخلاق الرجال، إدارة شئون المنزل، تنبيه عاطفة الإحسان، تدبير الصحة، ترويض الجسم، مبادئ الكيمياء المنزلية، الاقتصاد في النفقة، تحبيب العمل والشغل اليدوى وشيء من الموسيقى” (٤١).
بينما تقول “الحسناء“: “إن الوسائل في بلادنا ضعيفة لتقدم المرأة العلمى، ولمنحها المقدرة على معاطاة الأعمال الصعبة، والسبب يعود إلى ثلاثة أمور : التربية العائلية، المدارس، العادات والبلاد. أولاً: الفتاة تفقه من معاملة والديها، أنها مخلوقة حقيرة بالنسبة لأخوتها لا تعرف قدراتها. ثانيًا: المدارس لا تعلم من هي المرأة، ومن هى الحسناء، إنما تعلم اللغات الأجنبية والزركشة. ثالثًا: العادات والبلاد لا تساعد المرأة على الظهور، كم من السوريات في عالم الكتابة والشهرة أخذ الحسد من رفيقاتهن كل مأخذ، فبغضهن دون سبب فلو كان التعليم إجبارياً وعموميًا لما حصل هذا الحسد فالتأخر” (٤٢).
وأخيراً انتقدت “فتاة الشرق” بوضوح التعليم الذى لا يؤدى إلى العمل، وأرسلت بهذا الشأن رسالة إلى مجلس النواب العثماني، تقول فيها: “المدارس في الشرق غير جديرة بتربية الفتيات، هي لا تعلمهن إلا لعب البيانو والرقص. لذا يجب إرسال بعثة من الفتيات إلى المدارس النسائية الغربية“. وبرأيها النموذج الأمثل هو الولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الفرق بيننا وبينهم، إن المتعلمات لدينا لا شغل لهن بعد المدرسة، حتى في البيت هناك خادمات. لذا يعمل عقل الفتاة بأعمال مضرة كالنميمة والثرثرة والمقامرة. “وهنا قد تسأل الشرقية ماذا أعمل؟ أقول (أى المجلة) فتشى تجدى مطابعنا لا تخلو من فتيات أغلبهن إسرائيليات يعملن بأمانة وشرف“ (٤٣).
ب – الحق في العمل
ثم تنتقل هذه المجلات من المطالبة بحق المرأة في العلم المثمر، مع التلميح بأهمية أن يكون مجاناً وشاملاً للجميع إلى حق آخر هو الحق في العمل.
ركزت المجلات النسائية – في البداية – على البطالة ومساوئها على المرأة بمختلف فئاتها، ثم سرعان ما استدركت الأمر وتنبهت إلى الظروف، فراحت تقسم العمل إلى أنواع، لتنتهى – أخيرًا – باستنتاج مشابه، وهو أن عمل المرأة ضمن دائرتها المنزلية ضروري، وهو أفضل من العمل خارج المنزل، الذي يعرضها للاختلاط ومزاحمة الرجال، إلا إذا اضطرتها الفاقة لذلك، عندها لا مفر من احترام عملها. وقد تكون الأمثلة التالية خير دليل على مواقف هذه المجلات النسائية من عمل المرأة: مثلاً جاء في “فتاة الشرق” تحت عنوان “نساؤنا والبطالة“، “إن أعمال البيت لا تغنى الفقيرة عن سهام الفاقة. أما عدم عمل الغنية فإنه يؤدى بها إلى الانشغال بالزينة، والاسترسال بالأوهام والهواجس وهى لا تفهم تعب زوجها إذا لم تتعب هي. أما المتوسطة فهى تهتم بالبيت لساعات، ثم تعود لضجرها، أو لتغار من الغنية فتقتدي بها، وتحمل زوجها فوق طاقته” (٤٤).
لكنها تقول في مكان آخر: “المرأة الشرقية لا تطمع بما تطلبه الغربية لنفسها، فهي لا ترجو أشغال السياسة والقضاء والعسكر والطب، بنيتها وتكوينها لا يكفلان لها ذلك، وإن كفلا تكون تجاوزت الحد، والزيادة أخت للنقصان. جل ما تطلبه التعليم، لتتمكن من تربية أولاد صالحين” (٤٥).
ويبدو الارتباك في معالجة هذه المسألة أكثر وضوحاً على صفحات مجلة “السيدات والبنات” تحت عنوان “البنات والعمل“، تقول: “العمل نوعان للنفع والحاجة، الأول: واجب على الفتاة وإن كانت غنية لسببين. أولاً: قد تهب عليها زوابع الحياة. ثانيًا: العمل يحسن الصحة، ويلهي العقل عن الأفكار الرديئة.
الإفرنج إذا كانوا بحاجة دفعوا بناتهم للعمل، لماذا لا نقتدى بهم؟. لكننا لسنا نريد بذلك أن نرسل بناتنا للعمل خارج المنزل، في أماكن مزدحمة بالرجال. إنما أن نعلم كل ابنة أن العمل في المنزل فخر وشرف، وإن اشتغلت يجب ألا تخجل بشغلها (٤٦). وتكرر المجلة معنى العمل بالنسبة إليها في مكان آخر؛ إذ توضح: “لا يعنى النزول لمصاف الرجال مزاحمتهم كما يتوهم البعض.. إنما أن نعمل ضمن دائراتنا دون أن نتعداها مهما كانت منزلتنا وطبقتنا السيدة التي لا تعمل، فريسة للضجر والأمراض العصبية.. والمرأة بدون عمل كالبومة في النهار تخبط نفسها حتى تدميها” (٤٧).
وبعدما قدرت المجلة أن التنافس في الغرب بين الرجال والنساء، في ميدان العمل والمصالح المادية، أصبح مصدراً جديداً للتناقض، راحت تفضل، إزاء هذا النوع من الصراع، هدوء المعيشة في بلادنا (٤٨). وتعبر عن حيرتها في هذا المجال، من خلال ردها على إحدى القارئات التي تسألها رأيها في مسألة ممارسة المرأة لأعمال الرجال. إذ إنها تجيب إن الحكم في هذا المجال صعب في مجلة نسائية، صادرة في بلد شرقى؛ لذلك نترك للقراء والقارئات خيار الحكم، مع الاستعداد لنشر كافة وجهات النظر (٤٩).
وأخيرًا تترك مجلة “الحسناء” مجالاً لكاهن أرثوذكسى أن يكتب على صفحاتها ما يلى:
“في العالم المتمدن النساء يثرن ضجة كبيرة، إذ يطالبن بحق المشاركة في الحكم ولكن أعتقد أن حصول المرأة على هذا الحق مضر بالنظام الاجتماعي بشكل عام، وبالمرأة بشكل خاص؛ لأن ذلك لا يتوافق مع طبيعتها، ويبعدها عن سبب وجودها” (٥۰).
ج – الحجاب
بعدما رفضت هذه المجلات النسائية العلم العقيم، وروجت للعلم المثمر، الذي يفضي إلى العمل المنتج. فإن هذا الأخير توقف لديها، عند حدود الدائرة المنزلية، ونادراً ما تعداها إلى الخارج؛ لأن عائق الاختلاط وعائق الحجاب كانا كبيرين، بشكل لم تقو على الخوض بهما بسرعة وبسهولة، كون هذه الأمور داخلة في النسيج الفكرى للأمة. إزاء هذه الصعوبة، نرى كيف عالجت المجلات النسائية مسألة الحجاب:
نبدأ “بالحسناء” التي عالجت على لسان صاحبها، مسألة تمسك المسيحيات بالحجاب، شأن أخواتهن المسلمات في صيدا. إذ إنه بعدما وجد استياء آنس فيه ميلاً للتحرر، لاسيما بين المتعلمات، توجه إليهن قائلاً: كفي خسائر من جراء تقاطع الجنسين… وإذا كانت الجاهلة يصعب عليها الظهور فجأة للعيان، والمخالطة قد تؤول إلى الضرر… أما وقد فتحت المدارس نعنى أن الحجاب يجب أن يتقلص. لاحظوا الفرق بين البلاد المحجوبة فيها المرأة، والبلاد المتحررة امرأتها من رق الحجاب، ابحثوا عن أسباب الجمود. كرموا المسفرة… دعوا كلاً وشأنه، دعوا الغير يعملون بما به يرتضون وسيروا بموجب ما يقتضيه الحق (٥١).
بينما عبرت صاحبة “الخدر” وهي أول درزية محجبة عملت في الصحافة، عن إيمانها ببقاء الأنسب متساءلة: إلى أين يلجأ الخامل، ويأوى الجاهل، وعصرنا عصر العلم والمعرفة؟. ثم تتنقل لتقول إن سبب تأخر المسلمة هو الحجاب، الذي فرضه أهلها عليها؛ بحجة أنه جزء من التعاليم الدينية. ودون أن تتجرأ على أخذ موقف واضح من مسألة خلعه، اكتفت بمدح عدد من الدروز المتنورين الذين يبحثون عن إخراج الدرزية من جهلها، وإن بقيت محجبة، والذين يصادفون من جراء ذلك الكثير من العقبات.
ثم تعود لتقول في مكان آخر وبشكل مأساوى: “قدرنا أن نلبس الحجاب ولأن الدين يأمرنا به، فنحن نطيع، لكن العيون المتفتحة لا تطيق الظلمة، تبحث دائمًا عن الضوء. لذا يجب أن نفتح نوافذ لحجابنا؛ لنتلقى النور الحقيقي، نور العلم والمعرفة. غير أن المجلة تشير في مكان آخر إلى أن مواقفها هذه كلفتها احتقار الناس لها (٥٢). تغاضت “السيدات والبنات” عن الموضوع. أما “فتاة الشرق“، فقد كرست له سلسلة مقالات معتبرة – منذ البداية – أن سماكة الحجاب وظلمته لا يبددها إلا نور التعليم، وحاولت قدر الإمكان استكتاب الكثير من الكتاب في هذا الموضوع.
ففي مقالة للكاتب نجيب أفندى ماضى يقول فيها: “المرأة في الإسلام حائزة على جميع الحقوق، ما خلا الاستتار وراء الحجاب، والانقطاع عن مجالسة الرجال.. إنما مهما قيل في وجوب الحجاب، إنه من دواعى التأخر، العلماء مختلفون في أمره، لا وجود لنص صريح يوجبه. الروايات عن الصحابة والأئمة مختلفة. الأمر عائد لرأى كل فرد من الأمة وهواه. من مال لتركه، والتساهل به، يجد في النص والعادة ما يبيحه، ومن مال إلى التشدد، لم يعدم ما يؤيد رأيه. مهما يكن من أمر ليس من ولايتنا الدخول فيه، فنتركه لأربابه. إنما نوجه كلامنا، إلى ما أُلف من معاملة المرأة الشرقية المسلمة، مما قضت العادة والاستمرار، حتى صار من الأمور الراسخة في هيأة المجتمع الشرقي” (٥٣).
وجاء على لسان شبلي شميل، مبدياً إعجابه بباحثة البادية، قائلاً: إن علمها لم يبق في رأسها عقيمًا، كما هو الحال في رؤوس أكثر رجالنا. إن فضلها على المرأة، لا يقل عن قاسم أمين، وإن لم تطلب لها التحرير مثله؛ لأنها لم تتطلب إلغاء الحجاب كلية. هذا في رأى البعض وجيه، من قبل أولئك الذين يطلبون الإصلاح بالتؤدة. هذا الرأى لا يتنافي مع رأى المطالبين بالسفور المطلق. لأن ما هذا إلا حذر لفظى، فرفع الحجاب المعنوى عن العقل، لا بد أن يؤدى إلى رفع الحجاب الحسى عن الجسد، وكأنها سلكت مسلك دارون في العلوم الطبيعية. ويقين الكاتب أن الإسلام لم تُحرك فيه حتى اليوم مسألة اجتماعية، أهم من الحجاب والفضل يعود لمصر (٥٤).
وتعود “فتاة الشرق” لتناقش – في مكان آخر – المسالة الدينية والأخلاقية للحجاب عند المسلمات والغربيات قائلة: “الغربيات يضعن الحجاب الذي عرفنه منذ مدة طويلة؛ ليحفظن وجوهن من الغبار والذباب، بينما المسلمات يضعنه سميكاً، يغطى الجزء الأسفل من الوجه، أي أعضاء التنفس التي يجب أن تكون حرة. من الناحية الأخلاقية، الحجاب لا يخفي الجمال، كما هو مأمول منه، بالعكس إنه يثير الرغبة في رؤية ما هو مخفي: بالإجمال، اللباس المسلم ليس جديراً “بالأشراف“، الذين يعيشون في عصر التقدم العلمي” (55).
وتعلن المجلة – في بداية السنة الخامسة – موقفها من الحجاب – بوضوح – على الشكل التالي: “تعددت الآراء فيما يتعلق بالحجاب، هناك من يؤيده، وهناك من يدينه، وهناك من يدعو – ببساطة – لتربية وتعليم المرأة. وينظرها الفئة الأخيرة، هى المحقة؛ لأنه مجرد ما تتعلم المرأة، وتتثقف جيدًا، تعرف قيمة الحرية الأخلاقية، وتتمسك بها. وهكذا يرمى الحجاب في الشرق كما حصل في البلدان الأخرى. حيث ظلمته يبددها نور العلوم والمعرفة (٥٦).
وبالختام يمكننا أن نستنتج من هذا الموقف، بأن المجلات اكتفت بالاهتمام بالظروف الموضوعية لخلع الحجاب، وأهمها التعليم وجب العمل، وتركت للزمن ولناموس التطور، عملية خلعه. وبالتدريج، من خلال عملية التقليد التي توقعت حصولها: التركية تقلد الغربية، المصرية قد تقلد التركية، واللبنانية المسلمة قد تقلد المصرية… إلخ.
د – الزواج والحب والمعاشرة
حاولت هذه المجلات – مرارًا – تصحيح مفاهيم الزواج لدى المرأة، ودعت الأهل والمدرسة للقيام بدورهما، على هذا الصعيد، من خلال تأهيلها لتقوم بدور إيجابي، بعيداً عن الأحلام والخيالات والتصورات الخاطئة؛ كي لا تصطدم بأرض الواقع فيما بعد. وكذلك عبرت عن استيائها من استعجال البعض، في الأخذ بمفاهيم الغرب، حول الحب وحرية المرأة والمعاشرة.
مثلاً، توجهت “الحسناء” إلى الفتيات قائلة: اعلمن أن الزواج لا يجب أن يكون المحجة التي يجب أن تشد إليها الرحال، فتقضى الفتاة أوقاتها بحثًا عما يزيد وجهها إشراقاً، فتجعل من إعلانات البرنتان والبون مارشيه والسامارتن كتباً تدرس فيها أسماء الأزياء والألوان…. إياكن أن تعلقن كل أمالكن على الزواج؛ لأن الحياة ليست حياة لذة وسرور فقط، بل هي واجب وعمل… (٥٧).
أما مجلة “السيدات والبنات“، فقد راحت تعدد واجبات الزوجة العاقلة، بشكل مثالي مبالغ فيه (٥٨)، لدرجة أن إحدى القارئات ردت عليها ممتعضة: “ترين أن المرأة يجب أن تكون رفيقة الزوج وظله وخادمته، المرأة لا شيء وعليها احتمال كل شيء، الرجل هو كل شيء ولا يجب أن يحتمل شيئاً. هذه الواجبات تعنى تضحية نصف البشر الضعيف، لنصفه القوى. هذه المبادئ التي تقدمت بها، جديرة بالمرأة في الغرب؛ حيث خرجت بالكامل عن سلطة الرجل. أما عندنا، فالمرأة لا تملك نفسها، فعن أي شيء يطلب منها أن تتنازل بعد هذا… لا نحتاج نحن الشرقيات لهذه المبادئ، التي تجعل المرأة مدوسة تحت أقدام الرجال. فيكفينا ما لدينا من عادات وتربية وأحوال وقوانين، فلا تزيدن الطين بلة. أقترح عليك أن تأتينا بواجبات الزوج العاقل…” (59).
كما ترد المجلة على الفتاة التي تقول: “إنها تتزوج طمعاً بالحرية، لتذكرها بصلاة الإكليل التي تأمر بالطاعة للزوج” (٦٠). موضحة في مكان آخر غرض المرأة من الزواج، على الشكل التالي: “تتزوج المرأة في عاداتنا القديمة الشرقية؛ لتعمر بيتاً، وتقوم بواجب مقدس. الزاوج ليس لعبة ولا مسرة. إنه عمل رسمى، وعلم بأصول وقواعد فيها معرفة أخلاق الرجال، فن تربية الأطفال، فن تدبير المنزل، فن الاقتصاد، فن إرضاء الناس لحسن المعيشة معهم” (61).
وتعود المجلة لترد في زاوية “النساء المظلومات“، على قارئة تؤيد حرية المرأة والاختلاط، بقولها: “إذا كنت تقصدين بحرية المرأة، أن تعمل ما يحلو لها، دون مراعاة أحد أجلك عن ذلك. لأنك تعلمين أن العائلة التي تبنى عليها الهيئة الاجتماعية، لا تقوم إلا بتنازل المرأة عن شيء من حريتها، والرجل عن شيء من حريته. مسألة الحرية اطمريها خصوصًا في بلادنا؛ حيث ما زال الرجال فيها أرقاء، تحت نير سلطات مختلفة. لتكن الحرية بالنسبة لك حرية الحشمة والوقار وحفظ الآداب. خطاك الثاني: الاعتقاد بقوة الحب الجمال، ونفع المعاشرة في اصطياد الزوج… أقول لك: هل نسيت أعداد النساء اللواتى وقعن ضحايا المعاشرة؟. الحب لا يوجد إلا في القصص والروايات؛ لأن الزواج صار في هذا العصر القبيح، زواج منفعة من أجل الدوطة، أو من أجل مركز ما…” (62).
وتصل المجلة إلى أوج حرصها على العادات والمفاهيم السائدة حينما تقول تحت عنوان “من الصغائر تتولد الكبائر“: “في النساء ثلاثة أمور تعرف بها مقاصدها، وتقرأ فيها عواطفها: حركاتها، عيناها، تغير لونها حين سماعها ما يلقى على مسامعها، الفتاة المهذبة العاقلة تبذل جهدها لتكون مالكة قيادة هذه الأمور؛ كي لا تكون أضحوكة للشبان، فلا تترك حركة تبدو منها، يمكن لناظرها أن يؤولها تأويلاً سيئًا“. وهنا يطفح الكيل لتعترض إحداهن قائلة: “هل تريدين إضعاف المرأة إلى هذا الحد، وترضين لها أن تجمد، أن تخجل من تحريك يدها أو شعرها؟. أين هذه التربية من تربية البنات للجهاد وتحصيل الرزق..؟! وهنا – طبعًا – تفضل المجلة البنات اللواتي يجاهدن في بيوتهن” (٦٣).
هـ – العوائد الذميمة
حاولت المجلات – من خلال هذه الزاوية – تصوير حالة الفوضى المؤلمة التي تعاني منها البلاد، من جراء ورود العادات الغربية، والأخذ منها دون ترو. وهنا تقع المسؤولية – بنظرها – على المتعلمات. كما أنها عالجت مواضيع متقدمة، كعلاقة الأزياء بالتبذير والموضة، بقلب سلم الأولويات عند المرأة، وخطورة هذه الآفات عليها.
مثلاً، تحدثت “الحسناء” عن موضوع الاقتباس بلا ترو والتقليد الأعمى بقولها: “أصبحت أخبار الغربيين معروفة، لكثرة المطالعة في الجرائد والمجلات، والمركز بلادنا في طريق السابلة من كل الأجناس، كل ذلك يعرضنا للتقليد. وهنا مسؤولية المتعلمة كبيرة؛ لأننا نعتبرها مثالاً للآخرين” (٦٤).
ثم تتوجه – في مكان آخر – إلى هؤلاء المتعلمات قائلة: “تعلمن – أيتها العزيزات – أنكن سوريات عربيات، وأن معرفتكن اللغة الأجنبية لا تصيركن أجانب مهما حاولتن… لتكف عن تقليدهم، في حركاتهم وسكناتهم، ونعود لدراسة لغتنا ونحببها لأولادنا، ولنعد لتسمية أولادنا بأسماء تذكرنا بتاريخ أسلافنا” (٦٥).
كذلك تصور جوليا طعمة في مجلة “الفتاة” حالة الفوضى المؤلمة في الحياة المعنوية: “لم نعد نعرف ماذا نريد من العلم، وما الأنسب وماذا تلبس وبماذا نلهو… علينا بالاعتدال” (٦٦).
أيضا أفردت “السيدات والبنات“، زاوية ثابتة لهذا الموضوع، منبهة إلى مسألة التفرنج والكلام باللغة الأجنبية في الزيارات والخجل من اللغة الأم، متناولة مسائل علمانية أخرى لها علاقة بالأمور الحياتية منها: الإسراف في المأدب، معاملة الخدم السيئة، وترك الأولاد للخدام والمراضع، الدوطة وأضرارها على المرأة وعلى الزوج وعلى العائلات الفقيرة، لعب القمار، الإسراف على الكلاب، الرقص الإفرنجي. وهنا تقف المجلة مطولاً، أمام هذا الموضوع، لتقول: “أما إذا كان المقصود به الرياضة الجسدية، فهذا أمر سهل يحصل في البيت، أما إذا كان المقصود به الغندرة مع غير الأهل فهذا ما نلومه” وتدعم رأيها ضد الرقص، بقولها: “إن عقلاء الإفرنج يمقتونه، ومصيبتنا أننا لا نتشبه بهؤلاء، إنما بمن هم في أسفل السلم” (٦٧).
كذلك تتناول طريقة اللباس، وبالأخص “الديكولتيه“، الذي تعتبره مضراً أدبيًا وماديًا (٦٨). وتتوقف – مطولاً – عند التبذير والزينة والصحة وعلاقة هذه الأمور بالموضة لتبدى في تحليلها وعياً متقدماً سابقاً لعصره، نشعر به – حاليًا – في ظل حمى الموضة والاستهلاك. إذ تقول في هذا المجال: “الزي مفتاح التبذير الأول. فالمرأة تقتصد أحيانًا بالغذاء من أجل الملبس؛ بحجة أن الأول يظهر، بينما الثاني لا يظهر. الغريب أننا نقلد الغربيات بأزيائهن، ولا نقلدهن في الاقتصاد وجودة الصحة، والاهتمام بالأهم قبل المهم، ويتوزيع الدخل على النفقات اللازمة كل حسب أهميته” (٦٩). وتشرح خطورة الموضة كما يلى: “تعلم النساء بالعوائد الذميمة، لكنها تقول إنها موضة دارجة لا بأس بها“. وهنا تنبه المجلة من هذه العادة، التي تحلل المحرم، وتحرم المحلل، والتي هى الشفيعة الوحيدة في أعمالنا. مثلاً سيدة، لا تحب لبس الديكولتيه، أنا أقول: إنها مضطرة للبسه كي لا تكون موضوع نظر وكلام من الجميع. وهنا يصبح التغيير في الثياب، بتتبع كل شيء، الجلوس، الحركات. وأخيراً، تكون وصيتها، باتباع الموضة باعتدال، وإلا فهي مضرة على النفوس والجيوب” (۷۰).
أيضا دعت “فتاة الشرق” المرأة إلى البساطة، وأن تكون طبيعية. فالثياب الجميلة، هي البسيطة، والذوق يعاف الإفراط في الزينة، حتى وإن كانت الثياب الغالية توحى بالاحترام. فإن ذلك يجب ألا يسبب للمرأة الفقيرة المرارة، ويحثها على تقليد الغنية (۷۱).
و – النهضة بشكل عام
لم تكتف هذه المجلات بمواضيع المرأة فقط، إنما تعدتها إلى مواضيع أشمل وأوسع، وبرهنت عن وعى متقدم في فهم الواقع وعن بذور حس تنموى أمضى اقتصاديونا ردحاً من الزمن لإبراز أهميته؛ إذ عالجت استيرمويال على صفحات “الحسناء” مسألة النهضة وسبب تأخرنا كالتالي: “التأخر موجود في كل واحد منا وليس من الأقدار“، وبعدما قدمت أمثلة من ألمانيا وفرنسا واليابان، كيف نهضت من أزماتها، وتكلمت عن الفلاحين الذين قدموا من ألمانيا إلى حيفا ويافا، وكيف صيروا البقاع القاحلة جنات، تساءلت: هل بمظاهر العمران المتمثلة بالقصور والأزياء واللغات الأجنبية والمصارف والجرائد، تعظم الشعوب وتسود الممالك؟. لماذا احتقار الأعمال اليدوية، والتهافت على دراسة الطب والصيدلية، وترك الصناعة، والتباعد عن الزراعة؟. وما نفع القصور التي شيدت من بيع حقول كانت محاصيلها تطعم عائلات؟. وما نفع الأزياء التي يلبسها تجار وصيارفة يعلنون إفلاسهم، وخزائنهم مملوءة؛ كي لا يدفعوا الضرائب، أو يضرمون النار في محلاتهم، لقبض مبالغ التأمين؟. ما نفع الجرائد المهتمة بالتوافه، إذا لم تكن لسان حال الشعب، ودورها تقويم إعوجاج الحكام؟. ولماذا تشغل الصحافة القراء مدة شهرين، بأيهما أفضل: القبعة أم الطربوش؟. في الوقت الذي تحشد فيه إيطاليا جيوشها على حدود ليبيا؟! وماذا عن الواردات التي تفوق الصادرات.. وعن المهاجرين الذين يبادرون فور عودتهم، إلى بناء القصور بدل المشاريع المنتجة“.. إلخ (۷۲).
أيضاً، تنبهت هذه المجلات إلى مسألة توجيه العناية للفلاحات، وهن الشطر الأكبر من الأمة، وهذا ما فعلته “فتاة الشرق“، مع وعى مبكر بالالتفات إلى المرأة الروسية، وما حققته من مكاسب إبان الثورة (۷۳).
وأفردت للعادات القروية مع “السيدات والبنات“، زاوية خاصة. كذلك أفردت زاوية لنساء الشرق وصفاتهن. وتم التركيز على الاختلافات الطبقية بين النساء.
وبدا ظاهرياً أن هذه المجلات كانت ترنو نحو الطبقة الوسطى، إذ أرادت لها أن تكون نموذجًا لباقي النساء؛ شرط ألا تقع ضحية تقليد الفنية.. لأنها مصدر الارتقاء كما يرى الباحث في تاريخ العمران (٧٤).
كما أثارت مسألة السوريين في مصر، وراحت تبحث في أسباب النفور بينهم وبين المصريين (٧٥). وعالجت مسألة الانقياد الأعمى، لرجال الدين المسيحيين، وبحثت في أن استبداد هؤلاء، سببه جهل الشعب بحدود سلطاتهم (76).
طريقة معالجة هذه المواضيع والإطار المرجعي
يبدو أن هذه المجلات وعت مسألة، أنه يستحيل تغيير الناس، دون الانطلاق من أرضيتهم. لذا تميز موقفها – منذ البداية – بالاعتدال. فهى لم تضع مبادئ المجتمع موضع تساؤل. وهذا ما جعلها تنتقد المرأة الغربية أحياناً، وتحاول أن تصون الشرقية من بعض مظاهر الحياة النسائية في الغرب. وتجنبت – عمداً – أخذ مواقف معلنة وصريحة من بعض المسائل خوفاً من الاصطدام بالعادات والتقاليد السائدة. لذلك كانت تكرر – دائمًا – أنه ليس بنيتها أبداً دعوة الناس إلى تغيير عاداتهم، إنما هدفها – فقط – الإشارة إلى التصرفات التي يمجها الذوق العام. وهى تترك للوقت مهمة توحيد عادات الناس، إن كان لذلك ممكن. وبدا من خلال المحتوى، أن هذه المجلات كانت تؤمن بالتطور الطبيعي، والعودة إلى دارون، كانت حاضرة دائماً؛ إذ شكلت نظريته الإطار الفلسفي لعمل هذه المجلات.
إضافة إلى أن أوضاع أصحاب المجلات الاجتماعية، شكلت إطارًا من نوع آخر، فدفعاً لأية تهمة رأينا كيف كان موقف هذه المجلات متصلباً، على صعيد واجبات المرأة المتمثلة في الغربية؛ من حيث إدارة البيت، وتربية الأولاد، والبساطة في الشكل، والاقتصاد في النفقات.. ومتساهلاً على صعيد الحقوق. لأن هذه الأخيرة – بنظر المجلات – يتم الحصول عليها بشكل تدريجيي. أولاً بالتعليم، ثم بالعمل، ثم خلع الحجاب، الذى لم تدع إليه علنا، إنما افترضت حصول ذلك مع الوقت بالعلم والعمل.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه المواقف، تطابقت مع آراء الحاكم البريطاني، الذي يبدو أنه كان مُلهما لبعضهم (77)، ولو بشكل غير مباشر، فهو كان يرى أن التعليم يؤدى إلى تغيير العادات والأفكار. وأن المرأة إذا أخذت بمظاهر الحياة الأوروبية، سيكون تأثيرها قوياً على الرجل. وبحكم طبيعتها فإن إمكان تخليها عن العادات، أسهل من الرجل. غير أنه كان يوصى بالتدرج، وبعدم التسرع في هذا التغيير. مضيفاً أنه إذا لم يتوصل المصلح الأوروبي إلى تعليم الفتاة الشرقية، وتحسين وضعها، ومستوى حياتها، يعنى أنه لم يتوصل إلى نشر الثقافة الأوروبية بين الرجال (۷۸). ولا ننسى التأثر غير المباشر للمجلات، بالأفكار الاشتراكية؛ مما جعلها تنتبه إلى مسألة الاختلاف، بين الفئات التي تنتمى إليها المرأة (۷۹).
في الختام، لم نجد في بحثنا عن تاريخ الصحافة النسائية اللبنانية تأريخاً للكبار، إنما وجدنا تأريخاً للعادات والتقاليد، وجدنا تعبيراً عن الحياة اليومية، والعلاقات الاجتماعية، والاقتصاد المنزلى (۸۰). وجدنا أن هذه الصحافة كانت خير معبر عن علاقة التفاعل التي تجمع الصحافة بالنهضة، لأنها شفافة ومباشرة وذاتية.
ونحن نقرأ هذه الصحافة كنا نشعر بحيرة هذه الفئة من النساء التي أطلقتها: هن راغبات في تقليد الغرب وفي الوقت ذاته خائفات من ترك العادات، وضياع الهوية. كنا نحس بخوفهن من أن يحصل من جراء التفرنج الكامل شرخ بين فئات المجتمع، ونبذ لفئة دون أخرى. لذا كنا نراهن يتنقلن بحذر بين الاختلافات العائدة إلى الجنس والدين والبلد…
كنا نقرأ في هذه المجلات بذور حس تنموى سابق لعصره، يعبر عن تصور مثالى أو عن وعى فعلى العملية التنمية، وعن وعى لخطورة الفوارق الطبقية الحادة بين الناس، وعن وعى لمسألة أن تحرر المرأة هو جزء من تحرر المجتمع، وبالتالي من تحرر الرجل. وعن وعى لمسألة أن المرأة الغنية هي ليست كل النساء، ولا المتعلمة ولا امرأة المدينة. كانت كل مجلة صورة عن صاحبتها، عمن يقف وراءها، وعما تحمله من هواجس وعواطف وانفعالات، وعما تلقته من تربية وتعليم. فكانت تكفينا أعداد قليلة؛ لنعرف أشياء كثيرة، عن أصحاب هذه المجلات، عن ميولهم، عن جمهورهم، عمن يقف وراءهم.
مثلاً قالت صاحبة “السيدات والبنات” بصراحة: “أنها تسحب 15۰۰ عدد، توزع حوالي ألف، والباقى في المخزن كاحتياط (۸۱). كانت تتوجه إلى المرأة السورية، إن كان في مصر أم سوريا أم بلاد المهجر، داعية إياها لعدم التسرع في التفرنج، والتصرف بطريقة مدروسة، محاولة أن تقرب بينها وبين المصرية.
كان يساعدها في إعداد المجلة، أخوها الكاتب فرح أنطون صاحب مجلة “الجامعة“، مصادرها كانت المجلات والكتب الانجليزية. وقد اتبعت طريقة الرسائل والرد عليها. وسواء كانت هذه الرسائل من إعدادها، أو مرسلة فعليًا، فإنها حاولت من خلالها أن تكون لسان حال الجدل الدائر آنذاك حول الكثير من الأمور… لذا تجنبت البت في المسائل التي تثير النقاش، وتؤدى الى الانقسام.
كذلك سارعت لبيبة هاشم صاحبة “فتاة الشرق” كونها مفتشة معارف في تقديم مجلتها إلى مدح السلطان والحكومة، قائلة: “إن الحكومات ضرورية لحفظ وصيانة الحقوق. ثم تنتقل لشكر سعادتو يوسف باشا، المدير العام للبريد في مصر؛ لأنه ساعدها في نشر مجلتها، ليس فقط في مصر، إنما في الممالك الأخرى” (82).
وأخيراً، تمتدح ممثل بريطانيا اللورد كرومر، الذي اعتبرته أنه خدم مصر، وكان مثالاً للصدق والحيوية (۸۳). وتقول إنها تولت إصدار وتوزيع وطباعة مجلتها لوحدها (٨٤). استكتبت الكثير من الكتاب، خاصة في معالجة مسائل مهمة كالحجاب. كانت مجلتها مطلوبة من معظم المدراس العائدة إلى مجالس البلديات.
توجهت “الخدر” إلى المثقفات المسلمات المحجبات، وبالأخص الدرزيات بدعم من المغتربين الدروز المتنورين. وأخيراً توجهت “الحسناء” مع جرجي باز، ونخبة من الكاتبات السوريات إلى خريجات الجامعات اليسوعية والأمريكية، وأعضاء الجمعيات النسائية، كون صاحبها من أنصار المرأة، وعضوا في ٦٠ جمعية (٨٥).
والآن نرى بعد قرن من الزمن الحافل بالأحداث والمتغيرات على الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتقنية كافة.. إلخ، أن إشكالية عصر النهضة بقيت كما هي، وأن المواضيع التي طرحتها الصحافة آنذاك، صالحة لأن تطرح في صحافة اليوم، بغض النظر عن طريقة طرحها وتقديمها وإخراجها.
(المرأة تبحث عن هوية تميزها عن الغربية والشرقية التقليدية في آن معا).
إنها إشكالية المرأة الحائرة بنفسها. من تكون؟ وكيف تكون؟. إنما المتغيرات الهائلة التي طرأت على العمل الصحفي بجوانبه كافة إن كان على صعيد المرسل: (انتقلت هذه الصحافة من فئة قليلة من النساء المتهمات بأنهن فعلاً لسن من يحرر هذه المجلات، إلى فئة من الرجال المتهمين بوجود شركات كبرى وراء صحفهم)، على صعيد المرسل إليه: (اتسع الجمهور – بشكل كبير – وتشعب نظراً إلى تحسن المستوى التعليمي والمعيشي، وأصبح أكثر تطلباً)، على صعيد الشكل: (أصبحت هذه الصحف أكثر جاذبية، ذات إخراج متطور؛ بسبب التقنيات الجديدة ودخول الإعلانات)، الوسيلة: (تعددت الوسائل من مكتوبة، إلى مسموعة، إلى مرئية). أما المحتوى: (فقد تغيرت المواضيع، وتبدلت الزوايا، وراح ضغط الإعلانات يكبر بشكل هائل، إلى درجة أصبح المحتوى في خدمتها. ولم يعد يتم التوجه إلى المرأة كروح أو كفكر، ولا حتى كجسد يلتذ بأنه يلبس ما يليق به، إنما كوسيلة عرض وترويج المنتوجات)!. تدفعنا لعمل نوع من المقارنة ولو السريعة لكيفية التصدى لإشكالية عصر النهضة، بين صحافة الأمس النسائية، وصحافة اليوم، علنا نرى الفرق الشاسع، مثلاً:
كان هاجس الصحافة النسائية – كما رأينا – الحفاظ على التوازن في المجتمع، على الرغم من التجاذبات السياسية التي كانت تحركها. ودفعاً للانقسام كانت تجهد لرفع مستوى المرأة التقليدية من ناحية، وللتخفيف من إسراع المرأة المتفرنجة من ناحية أخرى. ذلك يعنى أنها كانت محكومة بمنطق وحدة المجتمع. أما صحافة اليوم، فإنها محكومة بمنطق السوق، الذي تخطى كافة التجاذبات السياسية، ليمعن في تقسيم المجتمعات من الداخل إلى فئات غريبة عن بعضها، خائفة من بعضها، متوترة ينقصها الحماس لقضية ما، مطلق قضية. ما دامت كافة القضايا قد استهلكت من قبل الإعلام والإعلان (٨٦). هذا المنطق الذي أمعن في إبعاد امرأة المدينة، عن امرأة الريف، والغنية عن الفقيرة، والمتعلمة عن الأمية، (حتى لو كان هناك وحدانية الشكل والزي). لذلك أصبحنا نرى – بوضوح – قوانين المجتمعات غير أعرافها، والإحصاءات غير الواقع، وامرأة الإعلام غير المرأة الفعلية.
وإذا كانت المراهنة – في السابق – على المرأة كبيرة في عملية التغيير، إن كان من قبل الصحافة أو رجال النهضة أو حتى الحاكم البريطاني. فإن المراهنة عليها اليوم أكبر من قبل المصانع والشركات ودور الأزياء، ليس كامرأة صاحبة قضية، إنما كمستهلكة. فبعد أن كانت صحافة الأمس تدعوها إلى البساطة لعدم التبرج للاقتصاد. فإن صحافة اليوم تدعوها إلى حمى الاستهلاك. إذ قادت أسطورة الحداثة المرأة إلى الاعتقاد بأن أمانها مرتبط بمقدرتها على الشراء والتغيير، وعلى إتلاف القديم، وتمجيد كل ما هو جديد. وأصبحت قيمتها لا بما تنتج، ولا بما تملك، إنما بما تستهلك. وغدت السلعة التي تستهلكها هي مصدر الحب والنجاح، والتطور والاحترام الاجتماعي (۸۷).
وإذا كانت الدعوة من قبل صحافة الأمس؛ للتروى في انتقاء ما هو مناسب من العادات الغربية واضحة. فإن صحافة اليوم، تصور لها الحياة الغربية كلاً متكاملاً، لا مفر من أخذه بكامله، فهو تجسيد للذهاب نحو المستقبل، نحو العصر، ولا مجال للتباطؤ أو للتأني للحاق به، في عصر السرعة والتكنولوجيا.
وإذا كان هاجس الاختلاف بين فئات النساء، قد أقلق صحافة الأمس، فإن صحافة اليوم، تخطت هذه الاختلافات، من خلال الالتفاف عليها، ليس – فقط – على صعيد البلد الواحد، إنما على الصعيد العالمي؛ وذلك من خلال الترويج لأزياء ومنتوجات ترضى كل فئة: الرافضات المتنورات، المحجبات، السافرات. لم يعد المهم خلع الحجاب أو التمسك به، المهم أن تستهلك المرأة ما دامت هناك أزياء للجميع؛ إذ إنها سمحت لكل فرد بالظهور كما يريد. وهذا ما جعل أنماط الموضة المتنوعة تتحكم بكافة المعانى المنسوبة للملبس، وبالتالي لكافة المشتريات، بل لكافة أساليب العيش (۸۸). باختصار، إنها تنظر إلى الاختلافات، على أنها أقنية تصب جميعها في بحر واحد، اسمه الاستهلاك.
إذا كانت المرأة في صحافة الأمس النسائية هى الذات، وهي الموضوع فإنها في صحافة اليوم، لم تعد ذاتاً ولا موضوعاً. إنما أصبحت الذات مقولبة، والموضوع مستهلكاً؛ لأن المنظومة الإعلامية تحولت إلى منظومة تقنية مستقلة، كل جزء منها هو الكل، والكل متمثل في كل جزء، وجميع الأجزاء مرتبطة بالمنظومة الإعلانية، التي راحت تدرج المتلقى للرسالة في داخلها، ليس – فقط – مع رغباته التائهة، في مساحات الأشياء المعروضة، إنما – أيضًا – مع رغباته المحتملة (۸۹).
ومقابل محاولة صحافة الأمس التقليل من ضغط الموضة، ومن دعوتها إلى الاعتدال، ولوضع سلم أولويات. نجد صحافة اليوم، تروج للموضة، بشكل تضيع معه الأولويات وأحيانًا تنقلب. فالهدف يكمن في الحصول على مستهلك مميز، يمكن تصنيفه في خانة ما أسماه Enzensberger بالأمية الثانوية (90). وقدمت أنماط الموضة لغير القادرين على الاستهلاك، بشكل يوحى أن المجتمع مجرد من الفوارق، تسود فيه ديمقراطية الرغبة (٩١)، وذلك بإقناع الناس، أن جزءاً من الحداثة يعنى كل الحداثة. خاصة أن محتوى هذه الصحف، يوحى أن اقتناء السلع المعلن عنها، يوازي التطور.. وتجدر الإشارة – هنا – إلى أن هذا المفهوم للتطور. لا يمكن له إلا أن يزيد الانقسامات في الداخل، والارتباط بالخارج. لأن إيهام الشعوب، وبالأخص المتخلفة. بالتوجة نحو التطور، نحو المستقبل بهذا الشكل، يستدعى عدم التفاتها إلى الماضي، أو حتى احتقارها لماضيها، لثقافتها المحلية، لأنه يصور لها أن لا شيء يوجد قبل هذا التطور، الذي هو كل لا يتجزأ، وينتج عن ذلك مجتمع عام مجرد، يطبق دون تمييز، معايير وإمكانات الفئة المسيطرة، أى المعايير الغربية (۹۲). مما يؤدى – لا محال – إلى عملية قطع مع العادات والتقاليد المحلية.
بمعنى آخر، تنبهت صحافة الأمس لعامل الخصوصية الوطنية، وتحاشت التعميم، ولم تعامل المرأة على أنها واحدة. بينما صحافة اليوم النسائية، هي صحافة عالمية، بنظامها ومحتواها وشكلها، فقط، تختلف اللغة. والدليل على ذلك أن مجلة “Elle” الفرنسية لديها، ١٤ نسخة عالمية، بلغات مختلفة، إنها صحافة اللا مكان التي تدعو إلى عيش الزمن بصورة سريعة، لا وقت فيه، للعودة إلى الوراء.
أيضًا، حذرت صحافة الأمس المرأة الغنية من التقاعس عن العمل، ولامتها على الإفراط في الزينة والاستهلاك؛ وحذرت المرأة المتوسطة من تقليد الغنية، وتوقعت منها دور الريادة للفئات الأخرى؛ لأنها اعتبرتها نواة وحدة المجتمع. بينما صحافة اليوم، نموذجها عالمى أوحد: المرأة المستهلكة القادرة على التلون، بالتلاوين المحلية كافة، لكل البلدان، ولكل الفئات، ولكل الأزمنة.
باختصار، أثرت هذه المتغيرات الهائلة – بشكل كبير – على محتوى الصحافة النسائية، إلى درجة أنها استهلكت الإشكالية نفسها. فبعد قرن من الزمن، من البحث عن هوية المرأة، جات صحافة اليوم بكل ما تحمله من تقنيات ومفاهيم جديدة لتستهلك هذه الهوية قبل أن تجدها. ولتبقى المرأة حائرة، مع المجتمع الحائر بدوره، من وكيف يكون، ولتبقى هناك (بالرغم من محاولات إيجاد شكل موحد لها)، عدة أشكال فعلية للمرأة: الغربية بالكامل، التي قطعت مع الماضى – بشكل كبير – بعدما بهرتها الحداثة، والتقليدية بالكامل، التي عادت إلى بيئتها، وإلى قديمها، لتحتمى بهما. والمرأة التي تحاول أن توفق بين الاثنين: تتلقى من الغرب، إنما بشكل انتقائي، مستعينة بعدتها الثقافية التي استمدتها من بيئتها. والمرأة الغارقة بهمومها المعيشية (۹۳). وتأتى وسائل الإعلان، بنظامها الغربي المتكامل لتقدم المرأة الغربية كنموذج تجذب به امرأة الوسط؛ لتعزل المرأة التقليدية، وتضغط على المرأة المهمومة؛ لتزيد من عذابها وإرهاقها. وبهذا؛ تتباعد الفئات، ويكبر الشرخ داخل المجتمعات، في إطار من العولمة، تضعف في داخله سلطات الدول.
ملخص
صدرت الصحافة النسائية اللبنانية عام ۱۸۹۲، بمبادرة فردية، عن نساء لبنانيات، خريجات الإرساليات الأجنبية، مهاجرات إلى مصر، أوضاعهن المادية مرتاحة.
كانت صحافة رأى، ذات طابع أدبي وحرفي. لم تعش طويلاً، نظراً إلى ارتباط حياتها بحياة مصدريها؛ ولأن تعدادها كان كبيراً، قياساً إلى جمهور من القارئات محصور جداً؛ نظراً إلى انتشار الأمية آنذاك.
نشأت في إطار النهضة، في قلب الصراع الدائر – آنذاك – بين الحداثة والتقليد، صورت أوضاع فئة قليلة من النساء، حائرة في نفسها، من وكيف تكون؟. تبنت موقفاً توفيقيًا. كانت صدى لآراء جديدة. لكن بحذر، فهى لم تذهب أبعد مما أتى به قاسم أمين. ألحت على ضرورة ترقية المرأة ثقافيًا. إنما توقف عمل المرأة لديها، عند حدود الدائرة المنزلية. أثارت مسألة الحجاب تاركة خلعه للزمن. دعت المرأة إلى الاهتمام المثالي بالزوج والأولاد والأسرة، وحذرتها من الوقوع فريسة للموضة والأزياء الغربية، ومن الإسراف والتبذير. وكان وراء دعوتها هذه أمران: أولهما الخوف أن ينجرف جمهورها بنمط الحياة الغربية بالكامل؛ مما يؤدى إلى انفصاله عن الشرائح الاجتماعية الأخرى.
ثانيهما: لم يكن قد ظهر – بعد – ضغط الإعلان، بالشكل الذي يستطيع فيه أن يؤثر على المحتوى، ويوجهه لخدمة أهدافه. كما هو حاصل الآن مع الصحافة النسائية الحالية. فهي قد دخلت – بالكامل – منظومة الإعلام الغربي الحامل نموذجاً عالميًا، للمرأة المستهكلة المتلونة بالتلاوين المحلية كافة، لكل البلدان والفئات والأزمنة، ولاهم إن كان هذا النموذج المكلف، يؤدى إلى تعميق الشرخ، داخل المجتمعات التي تكاد تتحول، إلى مجتمعات مستهلكة لقضاياها.
(1) جدول بأسماء المجلات النسائية العربية التي صدرت ۱۸۹۲ – ۱۹۲۰
اسم المجلة |
عنوانها |
تاریخ صدورها |
مكان صدورها |
مدة صدورها |
منشئها |
جنسيته |
الفتاة |
أدبية علمية |
1892 – 1894 |
الإسكندرية |
شهرية |
هند نوفل |
لبنانية |
الفردوس |
؟ |
1896 |
القاهرة |
؟ |
لويزا حبالين |
لبنانية |
مرأة الحسناء |
أدبية – علمية – عائلية |
1896 |
القاهرة |
نصف شهرية |
سليم سرکیس مریم مزهر |
لبناني |
أنيس الجليس |
نسائية – علمية – أدبية – فكاهية |
1898 – 1906 |
الإسكندرية |
شهرية |
ألكسندرا افرينو |
لبنائية |
العائلة |
أخلاقية – نسائية علمية – أدبية |
1898- 1904 |
القاهرة |
نصف شهرية |
استير مويال |
لبنانية |
المرأة |
علمية أخلاقية |
1901 |
القاهرة |
نصف شهرية |
أنيسة عطا الله |
لبنانية |
شجرة الدر |
علمية فكاهية |
1901 |
الإسكندرية |
شهرية |
سعدية سعد الدين |
مصرية |
المرأة في الإسلام |
أدبية – تقنية |
1901 |
الإسكندرية |
نصف شهرية |
إبراهيم رمزي |
مصري |
السعادة |
أدبية – علمية – عائلية |
1902 |
القاهرة |
نصف شهرية |
روجينا عواد |
لبنانية |
الزهرة |
؟ |
1902 |
الإسكندرية |
شهرية |
مريم سعد |
لبنانية |
الموضة |
أدبية تاريخية |
1903 |
الإسكندرية |
شهرية |
مريم فرح |
لبنانية |
السيدات والبنات |
إصلاحية |
1903 |
الإسكندرية |
شهرية |
روزا أنطون |
لبنانية |
فتاة الشرق |
علمية – أدبية – تاريخية – روائية |
1906 – 1929 |
القاهرة |
شهرية |
لبيبة هاشم |
لبنانية |
الأحياء |
؟ |
1906 |
الجزائر |
نصف شهرية |
جان دربو |
فرنسية |
الريحانة |
أدبية علمية |
1907 |
القاهرة |
شهرية |
جميلة حافظ |
مصرية |
الجنس اللطيف |
أدبية عائلية |
1908 |
القاهرة |
شهرية |
ملكة سعد |
لبنانية |
الأعمال اليدوية |
؟ |
1908 |
لبنان |
نصف شهرية |
فاسيلا |
لبنانية |
مجلة ترقية المرأة |
؟ |
1908 |
القاهرة |
؟ |
فاطمة راشد |
مصرية |
البرنسيس الأميرة |
؟ |
1909 |
المنصورة |
؟ |
فطنت هانم |
مصرية |
الحسناء |
أدبية – أخلاقية – اجتماعية |
1909 – 1912 |
بيروت |
شهرية |
جرجی باز |
لبناني |
الأعمال الجديدة |
؟ |
1909 |
لبنان |
؟ |
انجلينا أبو شقرا |
لبنانية |
العروس |
نسائية – علمية – فكاهية – صحية |
1910 |
دمشق |
شهرية |
ماری عجمی |
لبنانية |
المرأة السورية |
؟ |
1911 |
لبنان |
؟ |
عفيفة كرم |
لبنانية |
العالم الجديد |
؟ |
1912 – 1914 |
نيويورك |
؟ |
عفيفة كرم |
لبنانية |
الجميلة |
؟ |
1912 |
القاهرة |
؟ |
فاطمة توفيق |
مصرية |
فتاة النيل |
؟ |
1913 |
القاهرة |
؟ |
سارة ميهيه |
مصرية |
فتاة لبنان |
علمية – أدبية – تاريخية |
١٩١٤ لمدة ٨ أشهر |
بيروت |
شهرية |
سلمی أبی راشد |
لبنانية |
الكرمة |
؟ |
1914 |
البرازيل |
؟ |
ساری أطلس |
لبنانية |
منيرفا |
أدبية علمية |
1917 |
بيروت |
شهرية |
ماري يني |
لبنانية |
الفتاة |
؟ |
1918 |
بيروت |
شهرية |
محمد الباقر |
لبناني |
فتاة الوطن |
نسائية أدبية – هجائية – اجتماعية |
1919 |
زحلة |
شهرية |
مريم الزمار |
لبنانية |
الفجر |
؟ |
1919 |
بيروت |
شهرية |
نجلاء أبي اللمع |
لبنانية |
الخدر |
نسائية – علمية – أدبية |
1919 |
الشويفات |
شهرية |
عفيفة صعب |
لبنانية |
جدول بأصحاب المجلات
اسم صاحب المجلة |
اسم المجلة |
الجنسية |
الجنس |
الدين |
مكان وتاريخ الولادة |
العائلة |
هند نوفل |
الفتاة |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
بيروت، هاجرت إلى مصر ۱۸۹۲ |
الوالد كان كاتبًا الأم كاتبة |
لويزا حبالين |
الفردوس |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
جبل لبنان هاجرت إلى مصر ١٨٩٦ |
أبوها صحفي أخوها صحفي |
مريم مزهر اسم مستعار للسليم سركيس |
مرآة الحسناء |
لبنانية |
رجل |
مسيحي |
جبل لبنان 1873 |
؟ |
الكسندرا افرينو |
أنيس الجليس ولوتيس |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
بيروت 1872 هاجرت إلى مصر |
والدها معروف بفتاه |
استیر أزهیری |
العائلة |
لبنانية |
امرأة |
يهودية |
بيروت هاجرت إلى مصر |
والدها طبيب |
لبيبة هاشم |
فتاة الشرق |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
كفرشيما (لبنان) هاجرت إلى مصر |
والدها موظف |
روز أنطون |
السيدات والبنات |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
بیروت هاجرت إلى مصر |
أخوها فرح انطون روائي وصحفي |
جرجي باز |
الحسناء |
لبنانية |
رجل |
مسيحي |
کفر شیما (لبنان) |
؟ |
مريم الزمار |
فتاة الوطن |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
لبنان – زحلة |
أخوها صحفي صاحب مجلة |
عفيفة كرم |
العالم الجديد النسائي |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
لبنان هاجرت إلى أمريكا |
؟ |
سلمى أبي راشد |
فتاة لبنان |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
لبنان |
أخوها صحفي |
محمد الباقر |
الفتاة |
لبنانية |
رجل |
مسلم |
بيروت |
ابن العلامة ميرزا الباقر |
عفيفة صعب |
الخدر |
لبنانية |
امرأة |
مسلمة |
لبنان |
؟ |
نجلاء أبي اللمع |
الفجر |
لبنانية |
امرأة |
مسيحية |
لبنان سافرت إلى كندا |
؟ |
تابع جدول رقم ٢
الزوج |
الدراسة |
المهنة |
مكان الصدور |
عمر المجلة |
سبب التوقف |
حبيب ريانه رجل أعمال |
راهبات المحبة العربي عند الشيخ إسكندراني |
تكتب شعرًا |
الإسكندرية مصر |
1.5 سنة |
الزواج |
؟ |
؟ |
؟ |
مصر |
؟ |
؟ |
؟ |
مدرسة أمريكية |
صحفي صاحب مجلات أخرى |
مصر |
سنة |
؟ |
ملیتاری |
عند الإرساليات |
نشرت شعراً |
مصر |
عشر سنوات |
علاقات سيئة مع الخديوي |
أفرينو إيطالي |
الفرنسية ثم الأمريكية |
ترجمت وشاركت في مؤتمر نسائی |
|||
صحفي صاحب مجلة |
؟ |
نشرت روایات ومقالات |
مصر |
5 سنوات |
رحلتها فلسطين مع زوجها |
عبده هاشم متعهد كبير |
عند راهبات المحبة – الجامعة الأمريكية – اليازجي |
نشرت روايات محاضرات تربوية |
مصر |
33 سنة |
توفيت |
نقولا حداد كاتب |
مدرسة أمريكية |
معلمة |
مصر |
٦ سنوات |
سفر أخيها |
؟ |
لم يتعلم في المدرسة إلا سنتين |
كاتب ترجمة – روايات عضو في جمعيات |
بيروت |
3 سنوات |
؟ |
؟ |
؟ |
؟ |
زحلة |
شهر واحد |
؟ |
مهاجر من أمريكا |
عند الراهبات |
تكتب رواية في جريدة الهدى |
نيويورك |
سنتان |
الإفلاس بعد الحرب الأولى |
؟ |
في المدارس الإيطالية تتقن 3 لغات |
كتبت في تاريخ الأحداث في لبنان |
لبنان |
8 أشهر |
نشوب الحرب الأولى |
؟ |
عند خاله الشيخ الخياط |
صحفی صاحب البلاغ |
بيروت |
سنة واحدة |
؟ |
؟ |
مدرسة إنكليزية |
؟ |
بيروت |
عشر سنوات |
؟ |
؟ |
؟ |
؟ |
بيروت |
1919 – 1921 كندا 1921 – 1923 5 سنوات |
رحلتها إلى كندا |
* – نهوند القادري عيسى: أستاذة بكلية الإعلام، الجامعة اللبنانية.
1 – مجلة الحسناء، تشرين الأول ۱۹۰۹.
2 – صدرت عام ۱۸۹۲، أول مجلة نسائية لبنانية الفتاة، في مصر (الإسكندرية) على يد هند نوفل، استمرت حتى العام ١٨٩٤، وكانت مجلة شهرية. انظر بهذا الصدد.
Issa، Nahawand. Contribution à létuole de presse féminine libanaise. Thése، Paris II. Mars 1989، pp 66- 68.
3 – صدرت عام ۱۹۰۹، أول مجلة نسائية لبنانية الحسناء في لبنان على يد جرجی باز، واستمرت حتى عام ۱۹۱۲، وكانت مجلة شهرية. انظر بهذا الصدد Issa، N. op.cit..
4 – عزیز سامى الصحافة المصرية وموقفها من الاحتلال، القاهرة، دار الكتاب العربي، ص ٥٣ و 69.
5 – مجلة السيدات والبنات، الجزء الثاني، السنة الثانية ١٩٠٥.
٦ – مجلة السيدات والبنات، الجزء الثاني السنة الثانية ١٩٠٥.
7 – عزيز سامي، مرجع سبق ذكره، ص ٢٩٦٠، عن الرواى، ١ – آيار ۱۸۸۸.
8 – إبراهيم عبده “الأهرام، تاريخ وفن“، القاهرة، ص ٤٩٠، عن اللواء، ٤ ك٢ ١٩٠٠.
9 – المصدر السابق.
10 – المصدر السابق.
۱۱ – ازداد عدد الفتيات المتعلمات، من ٣٠٥٠ فتاة سنة ۱۹۰۰، إلى ۱۰٤٦٢ فتاة سنة ١٩٠٤ انظر بهذا الصدد السيدات والبنات آذار ١٩٠٥.
۱۲ – طه أحمد طه، المرأة نضالها وعملها، القاهرة، دار الجماهير ١٩٦٤، ص ٦٤.
۱۳ – عزيز سامي، مرجع سبق ذكره، ص ۲۹۷.
١٤ – طه أحمد طه، مرجع سبق ذكره، ص ٦٤.
١٥ – غادة الخرساني، المرأة والإسلام. مطبعة الأهرام، الجزء الثاني، ص 182.
١٦ – مجلة السيدات والبنات، العدد الرابع، ١٩٠٤.
۱۷ – مجلة فتاة الشرق، السنة الرابعة، العدد (۲) ۱۹۰۹.
۱۸ – عنبرة سلام الخالدى جولة في الذكريات بين لبنان وفلسطين، دار النهار، ١٩٧٨، ص ٦٤.
١٩ – الحسناء، المجلد رقم (۱) الجزء العاشر، آذار ۱۹۱۰.
۲۰ – مجلة مينرفا، العدد العاشر، السنة الأولى، ١٩٢٤. العدد (۳)، حزيران ۱۹۲۳.
۲۱ – الحسناء: حزیران ۱۹۱۲.
٢٢ – الحسناء، أب ۱۹۰۹.
23 – جاء في مقدمة مجلة العائلة. في العدد الأول، أيار ۱۸۹۹، باشرنا بإصدار هذه المجلة لتكون رابطة ائتلاف أدبي بين القطرين المصري والسوري.
٢٤ – النيل، ٢١ تشرين الثاني ۱۸۹۲، والمقطم، ١ تشرين الثاني ۱۸۹۲.
٢٥ – انظر بهذا الصدد، Issa، N.op. cit. pp. 66 – 72.
٢٦ – اشترط القانون الفرنسي عام ۱۸۲۲ على من يريد إصدار جريدة أن يكون ذكراً إنما مطالبة النساء المستمرة، أدت إلى إلغاء هذا الشرط سنه ١٨٤٨، انظر بهذا الصدد
Sullerot، Evelyne. Histoire de la Presse Feminine en France: des origines a 1848، Armand Colin، 1966، p 126.
27 – أول مدرسة افتتحتها الإرساليات الأجنبية في لبنان، لتعليم الفتيات، كان في عام ١٨2٦، وكان عدد التلميذات فيها لا يتجاوز الست. انظر عمر الدسوقي الأدب الحديث دار الفكر، ۱۹۷۳، الجزء الأول.
۲۸ – طرزي، تاريخ الصحافة العربية، ج٢، ص ٣٤٣.
٢٩ – الكاتبات هن كما وردت أسماؤهن في مقدمة المجلة: ورده اليازجي، استير موريال، أنسطاس بركات، سلوی سلامه، أسما سبور، مريم زكا، ومارى عجمي.
30 – شمس الدين الرفاعي، تاريخ الصحافة السورية، دار المعارف، مصر ج (١)، ص ٢٥٤٠، عن ذكریات محمد كرد علي، مجلد ۱، ص ۱۰۲.
٣١ – مجلة فتاة الشرق، ١٥ تشرين الثاني ۱۹۰۹، الجزء الثاني، السنة الرابعة، ص ٥٦ – ٥٧.
٣٢ – السيدات والبنات: الجزء الخامس، السنة الأولى، آب ۱۹۰۳.
33 – وجهت التهم إلى الكتاب والصحفيين: ابراهيم اليازجي، فيليكس فارس، فرح أنطوان، جورج طعمة، وجرجي باز، على أنهم المحررون الفعليون للمجلات التالية، فتاة الشرق للبيبة هاشم، العروس لماري عجمي، السيدات والبنات لروز أنطون، المرأة الجديدة لجوليا طعمة، انظر بهذا الصدد: أنور الجندى أدب المرأة العربية، مطبعة الرسالة، ص ٥ وص ١٤.
٣٤ – سوف نتناول في دراسة المحتوى المجلات التالية: السيدات والبنات، فتاة الشرق والخدر، والحسناء.
٣٥ – الخدر، العدد الأول، تموز ۱۹۱۹.
٣٦ – العائلة، العدد الأول، السنة الأولى، أيار ۱۸۹۹.
37 – فتاة الشرق، العدد الأول، السنة الأولى.
38 – فتاة الشرق، العدد الأول، السنة الخامسة.
39 – فتاة الشرق، العدد الأول، السنة الخامسة.
40 – الحسناء، العدد الرابع، السنة الأولى ۱۹۰۹.
٤١ – السيدات والبنات، العدد الأول، السنة الأولى.
٤٢ – الحسناء، آب ۱۹۰۹.
٤٣ – فتاة الشرق، الجزء الرابع، السنة السابعة، يناير ۱۹۱۱.
44 – فتاة الشرق، الجزء الأول، السنه الرابعة، تشرين الأول ۱۹۰۹.
٤٥ – فتاة الشرق، الجزء الأول، السنة السادسة، 1 تشرين الأول ۱۹۱۱.
٤٦ – السيدات والبنات، الجزء السابع، السنه الأولى، ۱۹۰۳.
47 – السيدات والبنات، الجزء الثاني، السنة الثانية.
٤٨ – السيدات والبنات، العدد الأول، السنة الأولى ۱۹۰۳.
49 – السيدات والبنات، ١٩٠٦، ص ٢٣٦.
50 – الحسناء، العدد الخامس، ۱۹۰۹.
٥١ – الحسناء، الجزء العاشر، المجلد الأول. آذار ۱۹۱۰.
٥٢ – الخدر، العدد الأول، السنة الأولى، ۱۹۱۹.
٥٣ – فتاة الشرق، الجزء الأول، السنة الرابعة، ١٩0٩.
٥٤ – فتاة الشرق، الجزء الأول، السنة الخامسة، ١٩١٠.
55 – فتاة الشرق، الجزء الرابع، السنة السابعة، ١٩١٢.
٥٦ – فتاة الشرق الجزء الأول، السنة الخامسة.
٥٧ – الحسناء، حزیران ۱۹۱۲.
58 – السيدات والبنات، الجزء العاشر، السنة الأولى.
٥٩ – السيدات والبنات، الجزء الحادي عشر، السنة الأولى.
60 – السيدات والبنات، الجزء الأول، السنة الثانية.
٦١ – السيدات والبنات، الجزء الثالث، السنة الثانية.
٦٢ – السيدات والبنات، الجزء السابع، السنة الأولى.
٦٣ – السيدات والبنات، الجزء السادس، السنة الأولى.
٦٤ – الحسناء، الجزء الثالث، السنة الأولى، ۱۹۰۹.
٦٥ – الفتاة، العدد الأول، السنة الأولى، ۱۹۱۸، ص ۱۸.
٦٦ – الحسناء، حزیران، ۱۹۱۲.
٦٧ – السيدات والبنات، الجزء الثاني، السنة الثانية.
68 – السيدات والبنات، الجزء الثاني، السنة الثانية.
69 – السيدات والبنات، الجزء السابع، السنة الأولى.
70 – السيدات والبنات، الجزء السابع، السنة الأولى.
۷۱ – فتاة الشرق، العدد الأول، السنة الأولى، ص ١٧.
۷۲ – الحسناء، حزيران، ۱۹۱۲.
73 – فتاة الشرق، حزيران، ۱۹۱۸.
٧٤ – السيدات والبنات، الجزء التاسع، السنة الأولى.
75 – السيدات والبنات، الجزء الثاني، السنة الثانية.
٧٦ – فتاة الشرق، الجزء الأول، السنة الرابعة.
۷۷ – انظر فتاة الشرق، الجزء الثاني، السنة الأولى، والسيدات والبنات، الجزء الرابع، السنة الثانية.
۷۸ – عزیز سامی، مرجع سبق ذكره، ص ٢٩٦.
٧٩ – السيدات والبنات، الجزء التاسع، السنة الأولى.
80 – Sellerot، op. cit.p.6.
81 – السيدات والبنات، العدد ١٢، السنة الأولى.
82 – فتاة الشرق، السنة الأولى، الجزء السادس.
83 – فتاة الشرق، السنة الأولى، الجزء الثاني.
٨٤ – فتاة الشرق، السنة الأولى، العدد الأول.
٨٥ – مجلة دنيا المرأة، العدد الثاني، شباط ١٩٦٠.
86 – Philippe Breton et Serge Proulx، L’explosion de la communication. Paris، ed. la Decouverte. Montreal، 1988. pp 117 -118.
87 – Breton، op. cit، p. 106.
88 – Pontoizeau. La communication culturelle. Ed. Armand Colin. Paris، 1992.p.34
89 – Lucien Sfez. La communication Que sais – je. PUF. Paris، 1992. p.102.
90 – Jacques Decornay. Aux ordres du nord. Le monde diplomatique. Mai، 1991 pp. 12،13.
91 – 92 Martin Michele. Communication et medias de masse. Quebec: Presse de L’universite du Quebec، 1991. pp. 39 et 180.
93 – انظر بهذا الصدد: نهوند القادرى عيسى، “المرأة بين الاعلام المرئي والمكتوب: الحالة اللبنانية“، المستقبل العربي، آذار ١٩٩٥.