إصلاحات قطاع الصحة

رقم العدد:

6

كتابة:

إصلاحات قطاع الصحة

وخدمات الصحة الجنسية والانجابية

مارج بيرير*

منذ منتصف أعوام الثمانينيات، وقبل انعقاد المؤتمر الدولي للسكان والتنميةبالقاهرة عام ١٩٩٤ بفترة طويلة، شهدت مجالات التمويل والإدارة والبنية المتعلقة بتوفير الرعاية الصحية تغيرات أساسية وصفها بالتفصيل تقرير البنك الدولي لعام ۱۹۹۳ (1) وقد تضمنت هذه التغيرات إصلاحات في الميادين التالية :

  • آليات تمويل الصحة وتحديد الأولويات المحاسبية.

  • بنية النظم الصحية الوطنية.

  • دور الدولة في مجال توفير الخدمات الصحية.

وقد تأثرت هذه الإصلاحات أيضًا بالتغيرات في مجال تخصيص الموارد لقطاع الصحة على الصعيدين الوطني والدولي، وتحديد المسئوليات المتعلقة بالصحة، وتحول الصحة إلى سلعة بشكل متزايد في جميع البلدان تقريبًا.(2 ) وقد تواكب مع ذلك حدوث تغيرات سياسية بعضها تقدمي والبعض الآخر رجعي واتساع مجال البحوث الطبية الحيوية والاجتماعية، وتنامي جهود تحسين خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في مواجهة عمليات تقليص الموارد.

ورغم أن تلك الإصلاحات استهدفت النظم الصحية بشكل شامل،وكان من المفترض أن تؤثر على قدرات البلدان على تطبيق برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، فلا توجد حتى الآن سوى دلائل محدودة على ذلك، بالإضافة إلى ضعف التفاعل بين المؤسسات والأفراد المعنيين، وضعف القدرة على توليد البراهين حول أثر الإصلاحات على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، وليس فقط للتأكيد على تحقيق أهداف المؤتمر الدولي للسكان والتنمية“.

وفي فبراير ٢٠٠٢ ، نظمت مجلة قضايا الصحة الإنجابيةاجتماع يضم مختلف الفروع العلمية بهدف دراسة الآثار الناجمة عن إصلاحات قطاع الصحة على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، مع التركيز على البلدان ذات الدخل المنخفض. عُقد الاجتماع في مركز بيلاجيو للدراسة والمؤتمرات في إيطاليا، وحضره ٢٥ شخصاً من جميع أنحاء العالم. وقد ضم الاجتماع مشاركين لديهم خبرة في مجال إصلاحات قطاع الصحة ومشاركين لديهم خبرة في قضايا الصحة الجنسية والإنجابية، أكدوا جميعهم على أهمية تنمية الحوار حول تلك القضايا.

يتضمن هذا العدد من المجلة بعض الأوراق البحثية التي قدمت إلى ذلك الاجتماع بعد مراجعتها بصورة جوهرية على ضوء الرؤى التى برزت خلال المناقشات أثناء الاجتماع، بالإضافة إلى المقالات الأخرى التي قُدمت ورُوجعت وفق الأسلوب المعتاد. وتعرض هذه الافتتاحية موجزاً لبعض الرؤى التي أثارتها الأوراق المقدمة للاجتماع. كما ستنشر مجموعة أخرى من الأوراق البحثية التي ناقشها الاجتماع وتركز على كيفية دمج خدمات الصحة الجنسية والإنجابية بوصفها أولوية بالنسبة لقطاع الصحة،فى عدد مايو ۲۰۰۳.

الجنس والإنجاب: بعدان مشتركان:

لقد عرف برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (۱۹۹٤) الرعاية في مجال الصحة الإنجابية باعتبارها: “…. مجموعة من الأساليب والتقنيات والخدمات التي تسهم في الصحة الإنجابية والرفاه من خلال الوقاية من مشكلات الصحة الإنجابية وحلها،وتشمل أيضًا الصحة الجنسية التي تهدف إلى تعزيز الحياة والعلاقات الشخصية، ولا تقتصر على المشورة والرعاية بخصوص الإنجاب والأمراض المنقولة جنسياً (3).

وبعد مسيرة ثماني سنوات على هذا الدرب،يبدو واضحاً أن برنامج عمل بكين لا يبرز الموقع المركزي الذي يحتله الجنس الآمن والإنجاب الصحي بالنسبة للصحة العالمية بمصطلحات قوية على نحو كاف،أو على الأقل ليس باللغة التى يستخدمها القائمين على إصلاح قطاع الصحة اليوم.

إن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (١٩٩٤) وكذا المؤتمر الدولي للسكان والتنمية + ٥ (۱۹۹۹) – حيث جرى المزيد من تحديد الخطوات الرئيسية الواجب اتخاذها، والمستهدفات التى ينبغى تحقيقها لإنجاز برنامج عمل المؤتمر لم يضعا في حسبانهما التغيرات التي شملت سياسات النظم الصحية في كافة أنحاء العالم، إذ انشغل المؤتمران بضرورات أخرى. وفي الواقع، استغرق الأمر فترة طويلة ليتنبه ميدان الصحة الجنسية والإنجابية لما يجرى حولنا. إننا نبعد بسنوات قليلة عن المفاهيم التي طرحها هالفدان ماهلر التي تعتبر الصحة أكبر من مجرد غياب المرض“. وفي الواقع، كانت الصحة الجنسية والإنجابية كأهداف عالمية معرضة للتهديد حتى قبل التوصل إلى اتفاق بشأنها.

لماذا؟ ببساطة لأن الأزمات الاقتصادية في الثمانينيات أدت إلى انهيار وظائف نظم الصحة في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض. فقد باءت برامج التكيف الهيكلي، وشبكات الأمان التي تلتها من أجل تخفيف الآثار في تلك الفترة، بالفشل في معظم الأحوال(4). وعندئذ، طرح الاقتصاديون العاملون في مجال الصحة في الدول المتقدمة وأساساً من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة سياسات إصلاح قطاع الصحة في محاولة للدفع بعملية إصلاح النظم الصحية المحتضرة، ونجحوا في تغيير وجه وسياسات القيادة الصحية العالمية.

وتمشيًا مع هذه التغيرات ظهرت أيضًا تصورات مفاهيمية حول طرق جديدة لتحديد الأولويات في مجال الصحة على المستوى الدولى. ورغم وصف هذه الأوليات باعتبارها أهدافًا إلا أنها فى الواقع تتضمن أيضًا أحكامًا قيمية.(5) وعندما جرى التطبيق باستخدام البيانات العالمية الحالية في مجالي الوبائيات والتكاليف (أى في مجال انتشار الأمراض وتكلفة الخدمات الصحية). فشلت احتياجات الصحة الجنسية والإنجابية في المنافسة مع الأمراض القاتلة الأساسية، وعلى رأسها فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز والملاريا والسل. وكلمة المنافسةلها هنا طابع عملي في ظل التدافع الحالي للبحث عن تمويل للصحة، والتي تعتبر المجال الأحدث في النمو الاقتصادي العالمي. ولم تعد أهداف الصحة العامة واسعة المدى، والتي تضم قطاعات متعددة، هي الأكثر ملائمة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المنخفض، رغم أن تلك الأهداف تحديدًا ،هي ما جعل شعار الصحة للجميعأمراً واقعاً بالنسبة للغالبية العظمى من البلدان المتقدمة في السنوات المائة الأخيرة.

يُعد الجنس شكلاً عامًا من أشكال السلوك البشري،كما يعد الحمل والولادة خبرة شبه عامة للنساء في كافة أنحاء العالم، وكليهما ضروري لوجود مستقبل للجنس البشري، كما أن كل فرد في العالم يتأثر تأثراً كبيراً وعميقاً بهما. وفى العالم المتقدم فإن أى اقتراح بعدم توفير الخدمات الملائمة بشأن بعض المجالات سيتم النظر إليه باعتباره جنونًا مطبق. من هذه المجالات على سبيل المثال: وسائل منع الحمل،والإجهاض،والتعقيم، والحمل،والولادة،ورعاية ما بعد الولادة،ورعاية حالات الولادة الطارئة، ومنع وعلاج العقم والأمراض المنقولة جنسيًا بما فيها نقص فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز، والكشف عن أورام الجهاز التناسلي وعلاجها،وغير ذلك من الأمراض المتعلقة بالجهاز التناسلي، فضلاً عن الخدمات التي تتناول العنف والعنف الجنسي واضطرابات الدورة الشهرية أو انقطاع الطمث، والتعليم الجنسي،والترويج للجنس الآمن، أو الاستشارات والعلاج المتعلقين بالاختلال الوظيفي الجنسي. فالنساء في البلدان الغنية يدن بصحتهن الجيدة إلى توفر تلك الخدمات بدرجة كبيرة، ويعتبرنها ليس فقط أموراً بديهية وإنما حقوقاً لهن.

لماذا إذن يتم اعتبار أغلب جوانب الصحة الجنسية الإنجابية في البلدان ذات الدخل المنخفض ذات أولوية منخفضة مقارنة بالأسباب الأخرى لاعتلال الصحة والوفاة المبكرة؟ والإجابة كما يقال لنا هي أن قاعدة الدليلضعيفة (باستثناء فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز). وبناء عليه فإن المطالبة بأن تحظى الصحة الجنسية والإنجابية بأهمية كبيرة لأنها حق للنساء هو أمر مرفوض باعتباره مطلبًا خاصًا “. (6) والحقيقة أننا إذا استبعدنا مرض الإيدز الذي يُطلب من كل البلدان تقريباً تقديم تقارير عنه سنجد أن البيانات والأرقام المتعلقة بالوفيات والاعتلال الصحي في مجال الصحة الجنسية والإنجابية في البلدان ذات الدخل المنخفض، محدودة بدرجة كبيرة على أي حال،دعونا نناقش الأمر مرة أخرى.

بداية، فإن ما ثبت من وجود نتائج جيدة في البلدان ذات الدخل المرتفع مقارنة بالنتائج الضعيفة في البلدان ذات الدخل المنخفض، يُمثل بحد ذاته أحد الأدلة على أن مشكلات الصحة الجنسية والإنجابية هي مشکلات تداخلة ومترابطة، وتنجم عنها آثار ضارة وخطيرة تراكمية ما لم تتم الوقاية منها أو علاجها على أى حال، فإن غالبية من يحتاجون لخدمات الصحة الجنسية الإنجابية ليسوا مرضى. إن غالبية النساء اللاتي يسعين إلى خدمات تنظيم الأسرة والحمل الطبيعي والولادات الإجهاض وأسباب العقم العديدة هن في غالبية الحالات نساء يتمتعن بصحة جيدة، واحتياجاتهن لا تمثل مشكلات بعد،ولا يمكن التعامل معهن بنفس طريقة حساب أعداد الناس الذين يعانون من أمراض مميتة أو ظروف إعاقة غير مميتة.

وحتى لو تغاضينا عن ذلك، سنجد أن حالات الحمل والولادة غير الطبيعية (تمثل ١٥% من الإجمالي) وحالات الإجهاض غير الآمن والأمراض المنقولة جنسياً يمكن أن تؤدى إلى مضاعفات خطيرة وعادة ما تهدد حياة النساء، وفي الوقت نفسه، توجد اضطرابات عديدة مزمنة تؤثر سلبًا على أعداد ضخمة من النساء مثل ألم الدورة الشهرية، والنزف الطمثي،وهشاشة العظام،وسقوط الرحم، وغيرها من الاضطرابات التي تولى قدرًا أقل من الاهتمام مثل التهاب بطانة الرحم، والناسور المهبلي المثاني. كما أن هناك اضطرابات أخرى دائمًا ما تكون قاتلة خاصة أورام الثدي والجهاز التناسلي،ويتطلب إنقاذ حياة النساء في مثل تلك الحالات اكتشاف المرض وعلاجه مبكراً. هل يتأتى على النساء القبول بوضع تلك الأمور فى أسفل ترتيب الأولويات بسبب الأسلوب الجديد المستخدم فى إجراء بعض الحسابات الرياضية والمالية؟

لقد اخترع الاقتصاديون الصحيون مقياسًا لحساب سنوات العمر المعدلة بشأن الإعاقة والمعروف باسم مقياس دالي“(Disability Adjusted Life Years) وذلك لقياس سنوات العمر الصحية التي يفقدها الإنسان نتيجة المرض والإعاقة سواء المميتين أو غير المميتين. ولكن ماذا عن عدد سنوات العمر الصحية التي لا يفقدها الإنسان عندما يحصل على الرعاية الصحية الوقائية والتعليم الجنسي؟ وماذا عن تجنب مدى واسع من حالات اعتلال الصحة على مدار فترات حياة المرأة من خلال استخدام موانع الحمل الحديثة والتعقيم بمفردهما ، مع غطاء يصل إلى 70% من النساء في سن الإنجاب في عدد متزايد من البلدان،أو عن النساء اللاتي لم يُصبن بأضرار نتيجة توفر خدمات الإجهاض الآمن،أو اللاتي لم يُصبن بالعقم لحصولهن على علاج للأمراض المنقولة جنسياً أو تمكنهن من الوقاية نتيجة للاستخدام المنتظم للواقي الذكري. كيف يتم حساب هذه الأعداد ؟ وهل يمكن بالفعل مقارنتها بأعداد المصابين بالملاريا أو السل والتوصل إلى نتيجة مفادها أنها أقل أهمية ؟

في المراحل الأولى لاستخدام مقياس داليعومل فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز بوصفه ينتمي إلى فئة خاصة تأكيداً لخطورته، رغم أنه من حيث الأساس مشكلة تتعلق بالصحة الجنسية والإنجابية. لقد ساعدت هذه المقارنة الرأسية على زيادة الأولوية المعطاة لفيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز في السنتين الأخيرتين، وهي مسألة جيدة جداً، ولكن،هل عولج بوصفه أولوية في الفترة ۱۹۸۰ ۱۹۹۰ ، قبل أن يخرج الوباء عن نطاق السيطرة؟ الإجابة بالطبع هي كلا، إذ لم يتحدد في تلك الفترة سوى عدد قليل من الوفيات، بالإضافة إلى تجاهل التحذيرات بدرجة واسعة. إن بعض الأمراض، مثل الأمراض الوبائية، لا تصبح عادة من الأولويات إلا عندما تتنامى بالفعل وتخرج عن نطاق السيطرة. ولا تظهر المشكلات عندما تتواجد الرعاية الوقائية الجيدة لمشكلات الصحة الجنسية والإنجابية. وعلاوة على ذلك، لا يمكن قياس إلا ما نعرف أنه موجود بالفعل. فهناك بعض المشكلات الخفية، مثل مدى العنف الأسرى والجنسي والإساءة الجنسية للأطفال، وهي المشكلات التي لم تتضح وتُعالج كقضايا للصحة العامة إلا في العقود الأخيرة أيضًا. (7). لقد وُصف مرض الإيدز بأنه وباء بالنسبة لمن يمارسون الجنس(۸) وعلاوة على ذلك، فإن الإيدز ليس مرضاًوإنما هو متلازمة من عدة أمراض. يمثل سرطان عنق الرحم ، والقوباء الجلدية المزمنة مجرد اثنين من تجليات الصحة الجنسية لدى النساء. (9) إن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية تؤثر تأثيراً عميقاً على الحمل، وتبطل ما تم عمله خلال عقدين لتقليص وفيات الأمهات والأطفال وزيادة فترة العمر المتوقع عند الميلاد،في البلدان النامية التى تعرضت لأشد الإصابات بهذا الوباء. ولتقليص خطر الانتقال الجنسي والرأسي لفيروس نقص المناعة البشرية، ينبغي اتخاذ الإجراءات التالية : توفير التثقيف الجنسي، وبما في ذلك ممارسة الجنس بشكل مأمون،واستخدام الواقي الذكري،واستخدام موانع الحمل والإجهاض الآمن،أن تشمل رعاية قبل وأثناء وبعد الولادة الانتباه إلى فيروس نقص المناعة البشرية،والوقاية من الانتقال الرأسي لفيروس نقص المناعة البشرية بما في ذلك التغذية الآمنة للرضع (10 ،11) وبالتالي، بينما يوجد منطق خاص لفصل فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز عن الصحة الجنسية والإنجابية لأغراض القياس، في علاقة ذلك بتوفير خدمات الوقاية والعلاج، فإن هذا الفصل يمثل افتقاداً عميقًا لفهم المرض الوبائي من منظور النوع الاجتماعي، فضلاً عن إدراك احتياجات الصحة الجنسية والإنجابية والمشكلات المتعلقة بالإيدز على نحو أكثر اتساعاً.

وإذا تحدثنا من زاوية تحديد الأولويات، كيف يمكن تصنيف وضع امرأة حامل تحاليلها إيجابية بخصوص فيروس نقص المناعة البشرية ومصابة بفقر الدم والملاريا ؟ ما هو المرض،الذي يوضع في الحسبان لأغراض الإحصاء؟ إن هذا النوع من الأحكام القيمية هو الذي يؤثر في حسابات مقياس دالي، والتي قد تستخدم بدورها لتحديد أى من هذه المشكلات الصحية ستعتبر أولوية في أي نظام صحى ما (12) رغم أن الحقيقة البسيطة هي أن امرأة تمر بتلك الظروف الصحية الأربعة سوف تموت في سن شابة ما لم يتم التصدى لها جميعاً. ومن أجل أن تبدأ قياسات عبء المرض في وضع خصوصيات الصحة الجنسية والإنجابية في الاعتبار بصورة أفضل ، يتطلب الأمر تناول ما يلي:

  • ما تسهم به الخدمات الوقائية في الصحة من زاوية تفادي المرض

  • الأثر التراكمي لاعتلال الصحة في حالة تواجد أكثر من حالة مرضية في نفس الوقت

  • السياق الذي تحدث فيه الحالات المرضية وكيف يتم التعامل معها. (١٢)

وعلى ضوء ذلك، نطرح فيما يلي أمثلة لأنماط البيانات الموجودة. هناك أدلة على معدلات انتشار موانع الحمل عبر عدد من العقود في أغلب البلدان،من خلال المسوح الديموغرافية والصحية على سبيل المثال.(13) وهناك بيانات عالمية ترتكز على أفضل التقديرات، مثل وفيات الأمهات (١٤) والإجهاض غير الآمن.(15) وقد قام كل من فورتني وسميث بوضع الخطوط العريضة لمختلف مصادر البيانات حول اعتلال صحة الأمهات ، لكنهما خلصا إلى أنه على الرغم من وجود أسباب مهمة للحصول على تقديرات أفضل بشأن مدى الانتشار والتأثير، توجد بالفعل بيانات كافية من القياسات الحالية بشأن تخصيص الموارد من أجل البدء، ومن أجل تعديل السياسات والخدمات وتوسيعها وتحسينها (١٦) كما توجد بيانات كمية وكيفية مندمجة من دراسات ضخمة، مثل دراسة الجيزة حول اعتلال الصحة الإنجابية في مصر (17). ودراسة يونان في الصين ,(18) ومن دراسات صغيرة مثل الدراسة حول الاحتياجات غير الملباة بشأن الصحة الإنجابية في الهند. (١٩) وعلاوة على ذلك، توجد بيانات تاريخية بدأ جمعها على مدار المائة سنة الماضية،عندما كانت البلدان التي أصبحت غنية الآن لديها نفس المؤشرات المحدودة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية الموجودة اليوم فى البلدان ذات الدخول المنخفضة (20) وأخيراً، هناك قدر كبير من البيانات الكيفية من كافة أنحاء العالم، على سبيل المثال البيانات التي تصف سياق اختبار الظروف والتعامل معها. وتجدر الإشارة إلى أن مجلة قضايا الصحة الإنجابية تضم أمثلة عديدة حول هذه المسألة، رغم أنها مجرد مجلة حديثة نسبياً.

ومع ذلك، من الصحيح أن هناك فجوة في البيانات،على الأقل لسبب أن البيانات المتوفرة حالياً حول أي بلد واحد أو منطقة واحدة ترجع إلى سنوات مختلفة،ولا يمكن في غالبية الأحوال مقارنتها بتلك البيانات المتعلقة ببلدان / مناطق أخرى ، ولم يجر تجميعها معاً لتقديم صورة كلية عميقة ومتماسكة، وبالطبع أقرت مشاورات الخبراء بمنظمة الصحة العالمية حول قياسات داليوالصحة الإنجابية عام ۱۹۹۸ بوجود احتياج فعلى لجمع المزيد من الأدلة عن النمط المقبول بالنسبة للاقتصاديين في ميدان الصحة. ومع ذلك، فقد نص أيضًا التقرير الصادر عن الاجتماع على أن الصحة الإنجابية تتقاطع مع الخطوط التقليدية لتصنيف الأمراض. كما أوصى التقرير بضرورة تحديد قائمة بالأحوال والأسباب،والسلوكيات وعوامل التعرض للخطر التي تعكس على نحو ملائم عبء اعتلال الصحة الإنجابية“. كما أوصى التقرير أيضًا بضرورة أن تضع الدراسة الثانية حول عبء المرض على المستوى العالمي في عام ٢00٠ ، نطاقاً من المشكلات أوسع مما تم عام 1990،كما أوصى أيضًا بضرورة تحسين البيانات الوبائية (الأبيديميولوجية) والتي تشكل الأساس“. ويمكن على سبيل المثال، تحقيق ذلك عن طريق تحسين استخدام مصادر البيانات المتوفرة حالياً، ، وتحسين الروابط بين المجموعات البحثية، واستخدام وسائل أفضل لجمع البيانات، وإيجاد طرق أفضل لقياس الوفيات وحالات الإعاقة، وتوفير تقديرات أفضل أينما تكون البيانات ضعيفة أو مفتقدة (٢١). ومع ذلك، لم يكن هناك أي استثمار كبير للوقت أو الموارد للقيام بذلك. وبناء على ذلك، يصبح السؤال الذي ينبغي توجيهه هو ما إذا كانت المشكلة العملية الأكبر هنا هي افتقاد منظور مشترك حول معنى البيانات، أو فقدان عميق للاهتمام باحتياجات ومشكلات الصحة الجنسية والإنجابية. ومع الأسف، اعتقد أن الإجابة هي: كلاهما.

تُعد مردودية التكلفة ( الفاعلية مقابل التكلفة) شكلاً آخر للقياس، يمكن بذاته أن يقود إلى التقليل من أولوية بعض الخدمات شديدة الأهمية. وهكذا، تم اعتبار منع نقل فيروس نقص المناعة البشرية من الأم إلى الطفل باستخدام العقاقير المسماة مضادات الفيروسات القهقرية (Antiretroviral) أمرا ذا مردودية عالية في حد ذاته وهو بالقطع كذلك على المدى القصير،إذا ما نظرنا إليه في معزل عن آثاره. لقد نجح الأمر بشكل رائع في البلدان المتقدمة، حيث كان معدل نقل فيروس نقص المناعة البشرية من الأم إلى الطفل منعدماً تقريباً، وخاصة الآن نظراً لتناول النساء الحوامل مضادات الفيروسات القهقرية باستمرار، وتوقفهن عن الرضاعة الطيبيعة. لكن الآن هناك ما يزيد عن ١٥ مليون من الأيتام نتيجة الإيدز في كافة أنحاء العالم. وأكثر من ۱۳ مليون في أفريقيا وحدها، ومن المتوقع أن يرتفع العدد الإجمالي إلى ما يزيد عن ٢٥ مليون مع حلول عام ۲۰۱۰ (22). إن إنقاذ الأطفال دون الإبقاء على أمهاتهم أحياء وهي سياسة برامج منع نقل فيروس نقص المناعة البشرية من الأم إلى الطفل في البلدان النامية لا يجلب سوى فائدة قصيرة الأجل بالنسبة للأطفال المتأثرين. ففي بوركينا فاسو، على سبيل المثال، وعلى الرغم من إصابة ٢٠ ألف طفل جديد بفيروس نقص المناعة البشرية كل عام،هناك عديد من مئات الآلاف من أيتام الإيدز يعيشون بعد وفاة أولياء أمورهم. (23) كيف يمكن لهؤلاء الأطفال الاستمرار مع غياب أي شخص لا يضمن فحسب بقائهم أحياء، وإنما أيضًا بصحة جيدة مع تمتعهم بالرعاية والتعليم؟

إن النساء الشابات اللاتي يتوفين في فترة مبكرة من العمر في أفريقيا غير مصابات جميعهن بالإيدز،فما تزال كثيرات يعانين ويتوفين من حالات اعتلال الصحة من أمراض أخرى أيسر في منعها، بما في ذلك مضاعفات عمليات الإجهاض غير الآمن وغير القانونية،كما أن أعداد هؤلاء النساء أيضًا ليست في تناقص.(24)يمكن شراء الصحة العامة….. ويمكن لأي مجتمع أن يحدد معدلات الوفيات لديهلا يوجد واجب على المجتمع أسمى من الالتزام بالتصدي للأمراض التي يمكن القضاء عليها(٢٥).

لقد جرت إصلاحات قطاع الصحة في سياق اتجاهات وتأثيرات سياسية واقتصادية وتاريخية معينة خلال السنوات العشر الأخيرة، وسوف نذكر منها ثلاثة فقط. أول وأهم هذه الاتجاهات هو توقف الدعم المقدم من الدولة بوصفها مسئولة عن توفير وإدارة خدمات الصحة العامة لسكانها ككل، أما الثاني فهو التحالف على الصعيد العالمى بين المؤسسات والحركات الدينية المحافظة، مثل الفاتيكان والإسلامويين والساسة اليمنيين لمعارضة الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية. ورغم الاختلاف الشديد بين مصادر هذين الجانبين من السياسات الصحية فإنهما يؤثران بشكل كبير على السياسات الصحية العالمية.

أما الاتجاه الثالث فيتمثل في نمو سياسات الكولونيالية الجديدة في مجال معونة التنمية،بما في ذلك من جانب حتى أكثر الحكومات ليبرالية اليوم. وعلى الرغم من مرور نصف قرن منذ أن حصلت أغلب البلدان النامية على استقلالها السياسي، فقد ظلت جميع تلك البلدان، ماعدا عدد محدود منها، تابعة اقتصادياً من خلال السياسات الدولية (ليس أقله في مجال الزراعة)،والتي تدعم من بين ممارسات أخرى غير عادلة،معايير مزدوجة في التجارة،مع القبول بالتعريفات الجمركية والدعم بالنسبة للبلدان الغنية ولكن ليس للبلدان الفقيرة. (٢٦) كما تمارس أيضًا حكومات البلدان الغنية نفوذاً وسيطرةً على البلدان الأفقر، بما في ذلك استخدام معونات التنمية المقدمة لقطاع الصحة.

إن المناهج المتبعة على نطاق القطاع بوجه خاص تستهدف إعادة المسئولية إلى الحكومات الوطنية. ومع ذلك، وبأساليب حاسمة، أخذت المؤسسات والهيئات المانحة الدولية في الاضطلاع بدور أكبر في تحديد سياسات وأولويات قطاع الصحة في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، ولم تصل في كل الحالات إلى اتفاق مع الحكومات الوطنية حول أفضل الطرق للقيام بذلك. (27) إن المشاركين في الاجتماع الذي نظمته مجلة قضايا الصحة الإنجابية قد عبروا عن قلقهم بشأن تلك القوائم الطويلة من الطلبات التي أعدتها مؤسسة الإقراض والهيئات المانحة الدولية، علاوة على افتقاد السيطرة على القرارات المتعلقة بالسياسات والبرامج الصحية على الصعيد الوطني، بما فيها ما يلي :

  • دور الهيئات المانحة ومؤسسات الإقراض في إحداث أو مفاقمة التفتت والنزاع في مجال تطوير السياسة والبرامج الصحية في مختلف البلدان نتيجة لاختلاف جداول الأعمال السياسية والتمويلية. وقد تحدث أحد الزملاء عن وجود ۱3۰ مشروعاً صحياً في بلده تجري إدارتهم خارج بنية الإدارة الصحية الوطنية،على سبيل المثال. وأشار زميل آخر إلى أن أفقر البلدان هي التي مرت بخبرة التمزق الشديد ونظمها الصحية فى نفس الوقت هي الأقل استدامة، بالإضافة إلى أنها الأضعف من زاوية قدرتها على السيطرة على تحسين تلك النظم.

  • حقيقة أن المعونة المقدمة من الهيئات المانحة غير مضمونة على المدى البعيد، ومع ذلك فإنها تعزز التبعية أثناء وجودها، وتسبب الفوضى والانتكاسات عند توقفها، وعادة ما تسفر عن إغلاق المشروعات والبرامج الممتازة (وليس فقط غير الفعالة).

  • حقيقة أن القروض الكبيرة أو الصغيرة، حتى عندما تكون الفائدة صفر%، ما تزال تعني مزيداً من الديون الخارجية فى الوقت الذي من المفترض تقليص الديون.

  • وجود شروط على القروض والمعونة وتدفقات معكوسة للموارد إلى البلدان المانحة (عليك تطبيق سياساتنا وشراء عقاقيرنا وإمداداتنا وتعيين مستشارينا)، وهو ما يعني أن كثيراً من الهبات ينتهي بها الأمر بالعودة إلى جيوب المانحين. وقد جرت الإشارة في الاجتماع الذي عقدته مجلة شئون الصحة الإنجابيةإلى أن قدراً كبيراً يصل إلى ٤0% من المعونة المقدمة من المانحين تعود إلى المؤسسات في الشمال على شكل مصروفات إدارية أو تكلفة مؤسسية فقط. وقد أشار مؤخراً زميل من أفريقيا إلى حالة كان يمكن خلالها أن يعود ٧٠ من سلسلة معونة بعينها إلى البلد المانح مرة أخرى عبر هذه الطرق إن لم تكن الحكومة قد رفضت قبولها.

  • وجود ثقافة تقوم على أساس التعاقدات المبرمة مع الهيئات المانحة،وتؤدي إلى تشوه دور وأهداف الأكاديميين والباحثين،وكذلك المنظمات غير الحكومية التي أصبحت على نحو فعال،بمثابة مجموعة من الموظفين لدى الهيئات المانحة، وإن كانوا ليسوا موظفين رسميين يمتلكون حقوق العمالة الحكومية. ونجد بطبيعة الحال، أن عدداً متزايداً من الأفراد والمنظمات غير الحكومية التي لا تطرح برامج مميزة لها قد شرعت أساساً في بيع مهاراتها ليصبحوا مستشارين في مجال معونة التنمية للهيئات المانحة لبلدانهم، بما يؤدى إلى تقلص كبير في التمويلات التي كان يمكن أن يتم استخدامها بدلاً من ذلك في مختلف المشروعات ومن أجل الارتقاء بالمهارات في البلدان النامية.

إن دعم التنمية من خلال سياسات تستهدف تقليص التفاوت بين البلدان بدلاً من الإبقاء عليه، بما في ذلك ما يتعلق بتدفق الموارد والسلع،من المفترض إنه لا يسفر عن تلك الآثار الجانبية المناوئة. وبينما كان يمكن أن يؤدى وجود المنظمات غير الحكومية بشكل نقدى أن يساعد على تحسين تلك السياسات وجعلها أكثر فعالية، نجدها أيضًا تعتمد على للهيئات المانحة ومؤسسات الإقراض فى تمويلها ، وهناك الكثيرون الذين يشعرون بأنهم أقل قدرة على نقد السياسات الحالية صراحة. والآن، مع دخول أحزاب الجناح اليميني إلى الحكومة في عدد متزايد من البلدان النامية تتأثر هذه السياسات على نحو معاكس بطرق أخرى أيضًا.

وفي الوقت نفسه، وعلى الرغم من أن التنمية تمت في البلدان الغنية عبر فترة تتراوح من قرن إلى قرن ونصف، فإن بعض الهيئات المانحة ومؤسسات الإقراض تفقد صبرها عندما لا تشهد بعد عدد قليل من السنوات أي أثر قابل للقياسفي البلدان الفقيرة. وقد طرح مؤخراً أحد الزملاء السؤال التالي: لماذا يضعون لنا أهدافاً لا توجد لدينا الفرصة أو الوقت لتحقيقها ؟ ربما ينبغي علينا أن نطالب تجميد الأولويات والأهداف الجديدة إلى أن تنجح في إنجاز الأولويات والأهداف التي تم بالفعل الاتفاق عليها بصورة ديمقراطية.

إن برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنميةيمتد إلى عشرين سنة، ومن المفترض إنجازه بحلول عام ٢٠١٥ (٢٨). وقد استغرقت كثير من الحكومات فترة طويلة خلال عشر سنوات كي تشرع في تناول تلك القضايا، والكثيرون أيضًا يعملون بجد من أجل تنمية سياسات وبرامج جيدة. إن عديداً من أهداف التنمية الألفيةيعتمد في الواقع على تحقيق الصحة الجنسية والإنجابية، تلك الأهداف التي تعني جميعها ضرورة أن تظل أهداف المؤتمر الدولي للسكان والتنميةمُدرجة على جدول الأعمال بغض النظر عن المعارضة المحافظة.(۲۹) ومع ذلك، وبسبب استئساد إدارة بوش وهيمنة سياسات الليبرالية الجديدة في مجالي الصحة والتنمية، فضلاً عن الصندوق العالميوغيره من المطالب المتصارعة، بدأت بعض الهيئات المانحة في الحديث عن الانتقال إلى أماكن أخرى. ويبدو أن الصحة الجنسية والإنجابية واحدة من المجالات التي يهددون بإلغاء أولويتها، ليس أقله من أجل توجيه المال نحو فيروس نقص المناعة البشرية / مرض الإيدز، تحديداً في الوقت الذى استعدت فيه حكومات وطنية عديدة للشروع في تحقيق بعض أهداف المؤتمر الدولي للسكان والتنمية على الأقل.

وإذا عدنا مرة أخرى إلى إصلاحات قطاع الصحة،فإنني أخطو خطوة واحدة للخلف الأطرح السؤال التالي: هل أسفرت إصلاحات قطاع الصحة، فضلاً عن التمويل الخارجي للصحة، عن توجهات نحو تحسين النتائج في ميدان الصحة ( ناهيك عن شعار الصحة للجميع” ) في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، وبصفة خاصة بالنسبة للقطاعات الفقيرة ؟

لكن الإجابة على هذا السؤال غير مؤكدة في الأحوال، وفقاً لآراء المشاركين في الاجتماع الذي نظمته مجلة قضايا الصحة الإنجابية. لقد حققت البلدان ذات الدخل المتوسط نجاحاً أفضل كثيراً من النجاح الذي حققته البلدان ذات الدخل المنخفض. وحققت مناطق الحضر نجاحاً أفضل مما تحقق في المناطق الريفية. كما حققت الطبقات الوسطى نجاحاً أفضل من الطبقات الفقيرة التي لم تشعر بأثر إيجابي أو سلبي. وخاصة في البلدان الفقيرة وبين الشرائح الاجتماعية الفقيرة بجميع البلدان بما فيها البلدان الغنية. (30) أما وضع النساء فكان الأسوأ، وخاصة فيما يتعلق بتحملهن تكلفة الخدمات الصحية (31) ، وعندما يقدم التأمين الصحي خدماته للعاملين في القطاع الرسمى، أو تحسب التكلفة وفقاً للفئات المعرضة للمخاطر (والتي يعتبر الحمل إحداها)، وعندما يعني تقليص الخدمات الحاجة إلى مزيد من الرعاية المنزلية لأفراد الأسرة. وبإيجاز،يبدو أنه قد تمت التضحية بالصحة العامة والمساواة والعدالة الاجتماعية لصالح قيم أخرى تثير تساؤلات عديدة، مع ترك الفقراء والأكثر عرضة للتأثر في وضع ليس أحسن حالاً عن ذي قبل. أما فيما يتعلق بمشكلات الصحة الجنسية والإنجابية للنساء الفقيرات،كانت إجابة الاجتماع مرة أخرى هي: “لا يوجد تحسن مرئي،في أحسن الأحوال،في البلدان الفقيرة،والتحسن مُبهم ما عدا في حالات قليلة نتيجة افتقاد بيانات الخط القاعدي القابلة للمقارنة قبل عام ۱۹۹۰ وحالياً.

وقد حددت المجموعة الأسباب الأساسية على النحو التالي: ضعف القدرة القيادية على مختلف مستويات الحكم، وافتقاد القدرة الوطنية على مراقبة وتوليد الأدلة حول إنجازات الصحة الجنسية والإنجابية،وسلبية بعض الإصلاحات مثل برامج استعاضة التكلفة التي تمليها الهيئات المانحة،وسرقة المهنيين المهرة من الخدمات الصحية الوطنية للعمل في المشروعات الخاضعة لسيطرة المانحين.

لقد كان مطروحاً على القطاع الخاص في الصحة،سواء الهادف للربح أو غير الهادف للربح،الاضطلاع بدور متزايد مهم في مجال توفير خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بدءاً من التسويق الاجتماعي للواقي الذكري إلى عمليات الإجهاض الآمن ومع ذلك، فهم عادة نفس العاملين والإكلينيكيين بقطاع الصحة العام الذين يعملون أيضًا في القطاع الخاص، ليس أقله من أجل الحصول على رزق مناسب للعيش. ومع الاعتقاد السائد أن القطاع الخاص يوفر رعاية أفضل،أخذ الناس يتحولون بعيداً عن ومع خدمات القطاع العام التي انخفضت بالفعل أو ظلت غير ملائمة وأقل من المستوى.(۳2) ومع ذلك، فإن القطاع الخاص شديد التنوع وغير منظم بدرجة كبيرة في أغلب البلدان النامية، ولا يقدم الخدمات للأغنياء فقط وإنما للفقراء أيضًا على شكل ممارسين تقليديين وأطباء غير متخصصين وبسعر رخيص، لكن دون فعالية، كما يقدم أحياناً علاجات وإجراءات غير قانونية. وبناء على ذلك، لا يمكن الافتراض بأن القطاع الخاص يوفر نوعية أفضل من الرعاية. ونجده،في واقع الأمر، مسئولاً في العادة عن علاجات خطيرة وغير ضرورية، كما أوضحت الورقة البحثية التي قدمها رانسون وجون حول عملية استئصال الرحم (33). وعلاوة على ذلك، فإن الأموال التي يدفعها الفقراء من جيوبهم للحصول على الرعاية الصحية تُعد سبباً رئيسياً للإفقار عند حدوث أزمة صحية (34).

ومن خلال النظر إلى إصلاحات قطاع الصحة في سياق أكبر يمكن فحسب إدراك منبع هذه الإصلاحات وأسباب تلك الآثار المترتبة عليها، فضلاً عن إدراك إلى أين تقود هذه الإصلاحات. أما عما يمكن القيام به بشأن تلك الإصلاحات في المستقبل، فيظل قراراً سياسياً في الأساس. لقد أصبحت البلدان تعي بشدة أنها تحتاج إلى اتخاذ قرارات مبنية على معلومات بشأن الأسلوب الذي ينبغي اتباعه في المستقبل فيما يتعلق بتمويل نظم الصحة وإدارتها وتنظيمها والإشراف عليها. وكما يوضح ريشنباخ بصورة مقنعة في هذا العدد (۳5)،فإن أسس تحديد الأولويات تتجاوز مجرد حسابات اقتصادية. إن مسئولية قطاع الصحة عن تحسين النتائج الصحية، أولاً وقبل كل شئ بين الفقراء، ما تزال مسئولية حكومية، بما في ذلك ما يتعلق بالتمويل، بغض النظر عمن يقدم الخدمات. وفي واقع الأمر، وبأي مقياس كان، تظل الحكومة الوطنية الكيان الوحيد الذي يضطلع بمسئولية صحة مواطنيها، حتى إذا عجزت حكومات بعينها أو لم تلتزم بممارسة تلك المسئولية في فترات زمنية بعينها.

أما فيما يتعلق بمستقبل إصلاحات قطاع الصحة،اتفق المشاركون في الاجتماع الذي نظمته مجلة قضايا الصحة الإنجابيةعلى عدم وجود مقياس واحد يناسب الجميع، مجادلين بضرورة أن تتولى البلدان مسئولية تلك العملية وقيادتها. كما اتفقنا جميعنا على أن الإصلاحات كانت مطلوبة، لكن السؤال بقى مطروحاً أي نوع من الإصلاح؟ إن النظم الصحية متعثرة في جميع البلدان تقريباً بما في ذلك البلدان الغنية إذ ارتفعت التكاليف وازداد الطلب على الرعاية الجيدة زيادة كبيرة. ومع ذلك، فإن الأغنياء في جميع البلدان يسبقون الباقين،وبرغم أن صحتهم لها الأهمية نفسها، فإنهم يقدرون بصورة أفضل على استهلاكأغلب الرعاية.

ومازالت التكاليف هي التي تقود الإصلاحات حتى الآن، لكن توفير التكلفة في برامج الصحة الجنسية والإنجابية يُعد ممكناً. وقد أوضح النشطاء في مجال الإيدز إمكانية التفاوض بشأن تكلفة العقاقير،وأن إنتاجها محلياً يمكن أن يقلص تكاليف الرعاية بدرجة هائلة (3٥) إن قدراً كبيراً من الرعاية الممنوحة على المستوى الثالث يمكن، بل وينبغي،توفيره على المستوى الأولي، حيث إن ذلك من شأنه منع المشكلات قبل حدوثها وتجنب المضاعفات الخطيرة والتي تهدد للحياة،والتي يحتاج النجاح في علاجها إلى متخصصين. ونجد أسعار الأخصائيين في مجال التوليد / أطباء أمراض النساء مرتفعة،على حين يمكن توفير رعاية الصحة الإنجابية على المستوى الأولي في جميع الحالات تقريباً من خلال مقدمي الخدمات من المستوى المتوسط والحاصلين على تدريب جيد وخاصة القابلات المُدربات.

إن إصلاحات قطاع الصحة،وغير ذلك من السياسات الصحية التي يجري فرضها على كل من البلدان الغنية والفقيرة على السواء منذ منتصف الثمانينيات، قد اتضح أنها مشكوك فيها بنفسها أنها عُرضة للخطأ. ويمكن القول، مع تأخر الإدراك، إنها تشكل تجربة ضخمة لم تكن ترتكز في كل الأحوال على المعرفة بكيفية تحقيق النجاح. ويجري حالياً طرح أفكار أخرى في محاولة للتغلب على المشكلات القديمة التي لم يمكن حلها، علاوة على المشكلات الجديدة التي نشأت. وما يزال السؤال المتعلق بكيفية تحقيق النجاح يثير نقاشاً مطولاً : لكن الحلول الاقتصادية وحدها ليست هي الإجابة بالتأكيد. هناك العديد من التأثيرات المتفاعلة ولا يمكن عزل إحداها عن الأخرى. ومن الخطأ، بطبيعة الحال،إلقاء اللوم على إصلاحات قطاع الصحة وحدها فيما يتعلق بافتقاد النتائج المُحسنة. ومن الناحية الأخرى، إن لم تكن هناك تحسينات، وخاصة بالنسبة لمن يحتاجونها بشدة، يتطلب الأمر إذن إعادة التفكير بإلحاح في إصلاحات قطاع الصحة. وعلينا هذه المرة أن نعيد تقييم المبادئ أولاً، واكتشاف ما الذي نجح وما الذى لم ينجح، والمطالبة بأن تزداد أعداد المعنيين الذين يجلسون حول طاولة النقاش منذ البداية. إن الاعتقاد في سهولة تغيير السياسات وفي إمكانية،بل وضرورة،وجود أثر قابل للقياس بشأن التمويل قصير المدى خلال فترة زمنية قصير هو اعتقاد غير واقعي ويسبب الضرر ويضعف المعنويات وينبغي رفضه. ويصدق ذلك في ميدان الصحة الجنسية والإنجابية بمثل ما يصدق في ميادين أخرى.

إن اتباع نهج يتوجه إلى مختلف القطاعات، ويشارك في صياغته نطاق واسع من الأطراف المعنيين، ووجود مصادر تمويل طويلة الأمد ومستقرة خاصة عوائد الضرائب والغطاء الشامل من خلال التأمين (36،37)من الأرجح أن يؤدي إلى تحسين الصحة والنظام الصحي في البلد المعني على المدى البعيد. ومع ذلك، لا يمكن تحقيق الاستقرار في وضع يضم مواطنين محرومين من حق التصويت، وفى ظل تبعية الاقتصادات والحكومات. إن التنميةتعني ضرورة تطوير رؤى البلدان وقدراتها التمويلية أولاً، مع الاستقلال الذاتي، وبعيد المدى.

ومن المفترض أن تجري إصلاحات قطاع الصحة على المستوى المحلي ومستوى الأحياء، لكن تلك المستويات قد تفتقر إلى قاعدة المهارات أو البنية الأساسية أو القدرة على تنمية موارد مالية كافية للاضطلاع بالمسئولية المنفردة بشأن إدارة وتحسين الخدمات الصحية لديها (۳۸). وقد أشار بعض المشاركين في الاجتماع الذي عقدته مجلة قضايا الصحة الإنجابيةإلى أنهم وأعضاء حكوماتهم كانوا معنيين مع بدرجة كبيرة بالآثار الضارة المترتبة على اللامركزية في ظل غياب موارد كافية، وخاصة في المناطق الريفية والفقيرة من بلدانهم. وقد توجد على المستوى المحلي اهتمامات خاصة تختلف عن الاهتمامات التي تُعتبر مهمة على الصعيد الوطني أو في مناطق أخرى، وقد تتعامل الصحة بوصفها أولوية متأخرة مع عدم توفر التمويل الكافي. ويمثل التأثير الوطني ضرورة تحقيق موازنة تلك الأمور وتقوية المؤسسات السياسية المحلية بهدف تحقيق إدارة أفضل للميزانيات والخدمات.

لقد ركز اجتماع مجلة قضايا الصحة الإنجابيةأيضًا على حالة العاملين بميدان الصحة في إطار إصلاحات قطاع الصحة. فهناك تحول كبير جداً بالنسبة للعاملين في ميدان الصحة، وخاصة في البلدان الفقيرة التي يتعثر تقدمها بدرجة كبيرة. فالعاملون الصحيون المهرة يهاجرون من البلدان الفقيرة إلى البلدان الأكثر تقدماً وإلى القطاع الخاص أيضًا، مستنزفين القطاع العام من الدماء التي تهبه الحياة. إن المبادرات الرامية إلى زيادة استمرارية العمالة طويلة المدى في القطاع العام، بدءاً من الأجور المعقولة، أصبحت مطلوبة الآن بإلحاح. ومن أجل الحصول على نتائج صحية جيدة،يجدر الانتباه أيضًا إلى صحة العاملين في الميدان الصحي، وأغلبهم نساء. ويوجد في أفريقيا عدد ضخم من الوفيات بين العاملين الصحيين والمدرسين بسبب الإيدز أيضًا، وينبغي وضعهم على قائمة الأولويات في مجال تعاطي مضادات الفيروسات القهقرية،للحفاظ على حياتهم، ولكى يمكنهم العمل بشكل جيد. كما ينبغي أيضًا أن يوضع في الحسبان تأثير الجوانب الأخرى من الإصلاحات على العاملين في ميدان الصحة.

لقد دعا اجتماع مجلة قضايا الصحة الإنجابيةإلى زيادة الاستخدام الأفضل لنظم معلومات الإدارة في الميدان الصحي من أجل المضي على طريق تحديد الأولويات، ومراقبة مدى تنفيذها من عدمه. كما دعا الاجتماع إلى ضرورة تخصيص الأموال للقضايا ذات الأولوية، وأكد أيضًا على أهمية تنظيم القطاعين الخاص والعام، فضلاً عن الإشراف على الإنفاق كوسيلة لمعرفة ما إذا كان يجري تحسين الوصول إلى الرعاية واستخدام الخدمات. إن وضع مساواة الوصول إلى الرعاية، وخاصة بالنسبة للفقراء والأكثر عرضة للتأثر وجودة الرعاية،وليس مجرد الكفاءة، في المقام الأول، هو الطريق الوحيد لتحسين صحة القطاعات الفقيرة، بهدف الحفاظ على جميع الشرائح الاجتماعية في صحة جيدة. هذه هي العدالة الاجتماعية. وأخيراً، فإن المنهج الذي يقر بوجود ارتباط بين جميع مشكلات الصحة ويجب حلها، بما في ذلك المشكلات الخاصة المتعلقة بنصف سكان الكرة الأرضية أي النساء هو وحده المنهج الذي سوف يحقق نجاحاً على المدى البعيد. ويمكن القول إن احتياجات الصحة الإنجابية والجنسية هي التي تضع بالدقة هذه التحديات أمام إصلاحات قطاع الصحة.

الحوار هو طريق ذو اتجاهين، وقد أثبت اجتماع مجلة قضايا الصحة الإنجابيةأن أنصار الصحة الجنسية والإنجابية، فضلاً عن القائمين على إصلاحات قطاع الصحة، لديهم الكثير الذي يمكنهم تبادله فيما بينهم. لقد ركز أنصار الصحة الجنسية والإنجابية على ضرورة الإقرار باتساع احتياجات ومشكلات النساء والرجال، والعمل من أجل توسيع نطاق الخدمات، وتحسين نوعية الرعاية، وتحسين العلاقات بين مقدمي الخدمات الصحية والمرضى، والقضاء على الحواجز السياسية وغيرها من الحواجز. ويطرح القائمون حالياً على إصلاح قطاع الصحة ضرورة الإبقاء على خدمات الصحة الإنجابية عند سلة ( حد أدنى) أساسية ارتكازاً على التصدعات في عملية تحديد الأولويات، والتي وضعت الصحة الجنسية والإنجابية في مرتبة أدنى من كثير من القضايا الصحية الأخرى الضاغطة، بما في ذلك كثير من القضايا الصحية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالصحة الجنسية والإنجابية، وليس أقلها فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز.

هناك اتهام يوجه عن حق لأنصار الصحة الجنسية والإنجابية بأنهم يرفضون الاعتراف بالمشكلات الصحية الخطيرة الأخرى، حتى بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشرية ومرض الإيدز. وبطبيعة الحال، أصبح بعض الزملاء يهتمون بفيروس نقص المناعة البشرية لأن هذا هو الميدان الذي توجه إليه النقود الآن. ويشعر أنصار الصحة الجنسية والإنجابية بالغضب عندما يقال لهم ما يزال علينا أن نثبت قضيتنا، لكننا متهمون في المقابل بأننا فشلنا في الاعتراف بالجهود المبذولة لإعادة النظم الصحية إلى مكانها. وبالطبع، وحتى مؤخراً، كان صحيحاً أن أنصار الصحة الجنسية والإنجابية فشلوا في تناول قضايا إدارة وتنظيم وتمويل النظم الصحية على نحو مناسب. ومن الناحية الأخرى فشل بعض مصلحي قطاع الصحة في إدراك أهمية مبادئ بعينها من أجل تحقيق الصحة الجيدة وليس فقط التمويل والكفاءة والإدارة والتنظيم،وهي المبادئ التي تتعلق بالصحة العامة والعدالة الاجتماعية ومساواة النوع الاجتماعي وتقليص الفقر والمناهج التي تتناول مختلف القطاعات وحقوق الإنسان.

ومع اقتراب البلدان من العقد الثاني لتنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، ومع سعيها بوعي أكبر نحو تحقيق أهداف هذا البرنامج في إطار عملية إصلاح قطاع الصحة، هناك حاجة إلى قدرة تقنية للإشراف على سياسات وبرامج الصحة الجنسية والإنجابية، وأثر الإصلاحات على الصحة الجنسية والإنجابية. وكجزء من النقاش السياسي للإعداد لهذا العهقد من العمل من المفيد أن نبدأ بالتساؤلات التالية:

  • نعم للإصلاحات، لكن ما نوعها ولفائدة من؟

  • إن لم تكن مسئولية الدولة، فمسئولية من ولماذا؟

  • نعم للمساءلة، وإنما لمن؟

  • هل الهدف هو الاستقلال الذاتي والسيطرة الوطنية؟

  • لماذا الندرة؟

إنني أدين بالشكر إلى ماريان هاسليجراف، وسانداري رافيندران وتوم ميريك، وفيروج تانجشار ونساثين،لاقتراحاتهم المهمة والتى أفدت منها في هذه الافتتاحية

* مارج بيرير رئيسة تحرير مجلة “قضايا الصحة الإنجابية”، لندن، المملكة المتحدة. كتب هذا المقال كافتتاحية للعدد ۲۰ (نوفمبر ۲۰۰۲) المخصص لقضية اصلاحات النظم الصحية والصحة الإنجابية.

مراجع:

1-World Bank . Investing in Health . World Development Report , 1993. Washington DC : World Bank , 1993 .

2-Ravindran TKS . Understanding health sector reforms and sexual and reproductive health services : a preliminary framework . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 16-18 .

3-United Nations . Programme of Action adopted at International Conference on Population and Development , Cairo , 5-13 September 1994 ,

4-Standing H. An overview of changing agendas in health sector reforms . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 19-28 .

5-Reichenbach L. The politics of priority setting for reproductive health : breast and cervical cancer in Ghana . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 47-58 .

6-Merrick T. Short – changing reproductive health . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 135-37.

7-Garcia – Moreno C , Dilemmas and opportunities for an appropriate health service response to violence against women . Lancet 2002 ; 359 ( 9316 ) : 1509-14 .

8-Dowsett G. Gender and sexuality : difference and diversity . Oral presentation Thör252 , AIDS 2002 Conference , Barcelona , 11 July .

9-Jones JL et al . Surveillance for AIDS – Defining Opportunistic Illnesses , 1992-1997 . MMWR Surveillance Surveys . April 16 , 1999/48 ( SS – 2 ) ; 1-22 . On :

http://www.cdc.gov/epo/mmwr/preview/mmwrhtml/00056917.htm#00003767.htm Accessed : 29 August 2002 .

10-de Paoli MM , Manongi R , Klepp K – I . Counsellors ‘ perspectives on antenatal HIV testing and infant feeding dilemmas facing women with HIV in northern Tanzania . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 144-56 .

11-WHO / UNAIDS / UNICEF . HIV and Infant Feeding . Guidelines for Decision – Makers , Geneva : UNAIDS , 1998 .

12-Allotey PA , Reidpath DD . Objectivity in priority setting tools in reproductive health : context and the DALY . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 38-46 .

13-Demographic and Health Surveys . On : http://www.measuredhs.com/data . Accessed : 29 August 2002 .

14-WHO / UNICEF / UNFPA . Maternal Mortality in 1995. Geneva : WHO , 2001 .

15-Ahman E , Shah I. Unsafe abortion : worldwide estimates for 2000. Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 19 ) : 13-17 .

16-Fortney JA , Smith JB . Measuring maternal morbidity . Safe Motherhood Initiatives : Critical Issues . 2nd printing . London : Reproductive Health Matters , 2000 .

17-Khattab H , Younis N , Zurayk H. Women , Reproduction and Health in Rural Egypt : the Giza Study . Cairo : American University in Cairo Press , 1999 .

18-Wong GL , Li VC , Burris MA et al . Seeking women’s voices : the context for women’s health interventions in two rural counties in Yunnan , China . Social Science and Medicine 1995 ; 41 ( 8 ) : 1147 157 .

19-Ravindran TKS , Mishra US . Unmet need for reproductive health in India . Reproductive Health Matters 2001 ; 9 ( 18 ) : 105-13 .

20-Oakley A. The Captured Womb : A History of the Medical Care of Pregnant Women . New York : Basil Blackwell , 1984 .

21-World Health Organization . DALYS and Reproductive Health : Report of an Informal Consultation.WHO / RHT / 98.28 . Geneva : WHO , 1998 .

22-Children on the Brink , USAID / UNICEF / UNAIDS , 2002 .

23-Zoungrana JB . Experience based advocacy for an intensified and community based national orphans and vulnerable children policy in Burkina Faso . Oral presentation TuOrG1214 . AIDS 2002 Conference.

24- AbouZahr C , Wardlaw T. Maternal mortality at the end of a decade : signs of progress ? Bulletin of Barcelona , 9 July .

World Health Organization 2001 ; 79 ( 6 ) : 561-68 .

25-Biggs H , New York State Commissioner of Health , 1913. Quoted in : De Cock KM , Mbori – Ngacha D , Marum , E. Shadow on the continent : public health and HIV / AIDS in Africa in the 21st Lancet 2002 ; 360 ( 6 July ) : 67-72 .

26-Cornia GA . Globalization and health : results and options . Bulletin of World Health Organization century . 2001 ; 79 ( 9 ) : 834-41 .

27-Hill PS . Between intent and achievement in sector – wide approaches : staking a claim for reproductive health . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 29-37 .

28-Tangcharoensathien V. ICPD goals and targets worth revisiting in the context of health sector reforms . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 59-69 .

29-Girard F. UN Special Session on Children : Bush Administration continues its attacks on sexual and reproductive health . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 141-43 ,

30-Kalediene R , Nadisauskiene R. Women’s health , changes and challenges in health polícy development in Lithuania . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 117-26 .

31-Nanda P. Gender dimension of user fees : implications for women’s utilization of health care . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 127-34 .

32-Pelto PJ , Ramachandar L. The role of village health nurses in mediating abortions in rural Tamil Nadu , India . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 19 ) : 64-75 .

33-Ranson MK , John KJ . Quality of hysterectomy care in rural Gujarat : the role of community – based health insurance . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 70-81 .

34-Peters DH . The role of oversight in the health sector : the example of sexual and reproductive health services in India . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 82-94 .

35-Berer M. HIV / AIDS , sexual and reproductive health at AIDS 2002 Barcelona . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 157-74 .

36-Kaufman J. Fang J. Privatisation of health services and the reproductive health of rural Chinese women . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 108-16 .

37-Bogg L , Wang K , Diwan V. Chinese maternal health in adjustment : claim for life . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 95-107 .

38-Tangcharoensathien V , Tantivess S , Teerawattananon Y et al . Universal coverage and its impact on reproductive health services in Thailand . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 59-69 .

شارك:

اصدارات متعلقة

شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10
شهادة 9
شهادة 8
شهادة 7
شهادة 6
شهادة 5
شهادة 4