مخاطر السرطان وأقراص منع الحمل
لم يتم إثبات أمان أقراص منع الحمل إلا بعد ملاحظة النساء اللواتي استخدمن تلك الأقراص لسنوات عديدة. بين عامي ١٩٦٨ و ١٩٦٩ ، أدرجت 45.590 امرأة في بريطانيا في دراسة، واستمرت متابعتهن لحوالي مدة ٢٤ عاماً. في المحصلة لم توجد مخاطر أعلى للإصابة بالسرطان في النساء اللواتي يستخدمن أقراص منع الحمل. كما وجد أن لها تأثيراً وقائياً من سرطان القولون أو المستقيم، وسرطان الرحم والمبايض وعنق الرحم، ولأي تشخيص للسرطان. غير أن الإصابة بسرطان الثدي كانت متماثلة بين اللواتي يستخدمن أقراص منع الحمل وأولئك اللاتي لم يستخدمنها قط أما أنماط المخاطر بعد التوقف عن تناول أقراص منع الحمل فكانت مطمئنة إلى حد كبير، على الرغم من أن خطر الإصابة المتزايدة بسرطان عنق الرحم استمر لمدة ١٠ – ١٥ سنة بعد التوقف عن تناول الأقراص، كما استمرت مخاطر الإصابة بسرطان المخ أو الغدة النخامية حوالى ٢٠ سنة أو أكثر بعد التوقف، وهذه النتيجة قد تكون بسبب مشاكل الوصفات الدوائية.(1)
وقد استقصت دراسة أخرى استمرار الآثار المترتبة بعد استخدام أقراص منع الحمل على وجود مخاطر سرطان عنق الرحم، عن طريق تجميع المعلومات من ٢٤ دراسة حول العالم جمعت بيانات من 16،573 من النساء المصابات بسرطان عنق الرحم ومن 35.509 نساء بدون إصابة. والجدير بالذكر أن مخاطر اﻹصابة بسرطان عنق الرحم الانتشاري، تزداد بزيادة مدة استخدام أقراص منع الحمل، ولكن المخاطر تقل نسبتها بعد توقف الاستخدام. وبعد مدة عشر سنوات أو أكثر تصير نسبة الإصابة في النساء مثل نسبة من لم تتناولن الأقراص على الاطلاق. وتشير التقديرات إلى أن عشر سنوات من استخدام أقراص منع الحمل خلال عمر العشرين أو الثلاثين يؤدي الى زيادة المعدل التراكمي لسرطان عنق الرحم قبل سن الخمسين في ٧.٣ إلى 8.3 / 1000 امرأة في البلدان الأقل نموًا، ومن ۳.۸ إلى ٤.٥ / ۱۰۰۰ امرأة في البلدان الأكثر تقدمًا(2).
وتزيد احتمالات الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري بين النساء اللواتي يستخدمن أقراص منع الحمل عنها بين من يستخدمن الوسائل العازلة أو اللواتي لا يمارسن الاتصال الجنسي. إذن النساء اللواتي يستخدمن أقراص منع الحمل بدلاً من الوسائل العازلة هن بالتالي أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بسرطان عنق الرحم حتى مع غياب الاسباب(3). أما في بعض البلدان النامية، مع عدم كفاية الفحص لسرطان عنق الرحم، وعدم توافر خدمات الرعاية الصحية، ومع ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان عنق الرحم، فإن المحصلة فيما يتعلق بمخاطر الإصابة بالسرطان هي على الأرجح سلبية. ومع ذلك ، يجب مقارنة فوائد وسائل منع الحمل مع مخاطر الإصابة بسرطان عنق الرحم؛ والمقارنة قد تميل لصالح أقراص منع الحمل بسبب ارتفاع معدل الإصابة والوفيات المرتبطة بالحمل غير المخطط له(4).
من المعروف أن استخدام أقراص منع الحمل يقلل من احتمالات الإصابة بسرطان المبيض، ولكن المؤشر النهائي على الصحة العامة يعتمد على مدى انخفاض نسبة المخاطر التي تستمر بعد توقف استخدام أقراص منع الحمل، ولتقييم هذا الأثر، قامت مجموعة بجمع بيانات عن أكثر من ٣٣ ألف امرأة أصبن بسرطان المبيض، ۸۷ ألف امرأة غير مصابة (كمجموعة ضابطة) من ٤٥ دراسة عن سرطان المبيض في ٢١ بلدا. ووجد أنه كلما طالت فترة استخدام أقراص منع الحمل زاد الانخفاض فى مخاطر الإصابة بسرطان المبيض. ويستمر هذا الانخفاض لأكثر من ٣٠ عامًا بعد توقف استخدام الأقراص. ولكن اﻷثر يضعف مع مرور الوقت. وارتبط استخدام الأقراص خلال الستينيات والسبعينيات والثمانينيات بانخفاض مماثل للمخاطر النسبية. على الرغم من أن جرعات الاستروجين النموذجية خلال الستينات كانت أكثر من ضعف الجرعات خلال الثمانينيات. هذا وقد ينجم التأثير الوقائي عن التثبيط المتراكم لدورات التبويض، وهي فكرة يدعمها تجانس النتائج عبر فترات الاستخدام(5). وتشير النتائج إلى أن أقراص منع الحمل قد أدت إلى تجنب حوالي 200.000 حالة من سرطانات المبيض و 10.000 حالة وفاة من جراء هذا المرض على الصعيد العالمي، ومن المتوقع أنه على مدى العقود القليلة المقبلة سترتفع معدلات تجنب المرض إلى ما لا يقل عن 30.000 سنوياً.(6)
هناك درجة كبيرة من عدم الاتفاق حول أسباب سرطان الثدي بين مختلف الأطراف المعنية، كذلك لا يوجد أي حوار فعال فيما بينها. يصف هذا البحث مشروعًا حاول استطلاع وجهات نظر مختلف الأطراف، وتدخل بفعالية لخلق فرص للحوار. عقدت مقابلات مع مجموعة متنوعة من صناع القرار والعلماء والأطباء والعاملين بمجال الصحة، والناشطين في مجال سرطان الثدي والبيئة وغيرهم؛ للتعرف على الخطوط العريضة لمفاهيمهم ونظرياتهم بخصوص أسباب سرطان الثدي. بالإضافة إلى ذلك، عقدت ثلاث جلسات استماع عامة حيث أتيحت الفرصة لمختلف الأطراف المعنية للتعبير عن آرائهم، والاستماع إلى بعضهم البعض. وقد أعطي ذلك الفرصة للباحثين لتقييم ما إذا كان من الممكن سد الفجوة بين وجهات نظرهم. حددت النتائج والتحليلات العوامل التي تثبط، ولكنها قد تيسر، التواصل الفعال بين الأفكار المتباينة.(7)
ويقول تقرير مصمم خصيصاً لتجميع الأدلة في شكل يسهل فهمه، أن احتمالات الإصابة بسرطان الثدي قد تزداد بسبب العوامل البيئية، خاصة التعرض للمواد الكيميائية. وينسق التقرير – بتكليف من تحالف الصحة والبيئة (شبكة أوروبية للمنظمات غير الحكومية) ومنظمة كيم ترست{ المنظمة تعمل على حماية البشر والحيوانات البرية من المواد الكيميائية الضارة (المترجمة) }. – نتائج عدة مشاريع بحثية عالمية بين عامي ۲۰۰۲ و ۲۰۰۷ بشأن المواد الكيميائية التي تعطل نظام الغدد الصماء غير أن الدراسات القليلة الموجودة، على مادة واحدة، تترك الكثير من عدم التحدد فيما يتعلق باحتمال وجود صلة، ولكن هناك عوامل كثيرة قد تعمل معًا وتؤدي إلى تأثير مشابه لهرمون الاستروجين، وهو ما قد يزيد من احتمالات الاصابة بسرطان الثدي. (8,9)
مع ارتفاع معدلات النجاة من السرطان، أصبح التركيز الجديد هو البقاء على قيد الحياة ونوعية الحياة. لقد أصبح العقم نتيجة متوقعة بعد العلاج من معظم أنواع السرطان، وتتزايد نسبة العقم في ٥٠ – ٩٥% من الناجيات من المرض. وعلى الرغم من وجود خيارات طبية للمحافظة على الخصوبة، فإن معظمها ليست مفهومة جيدًا وليست في متناول المرضى أو مقدمي الرعاية الصحية. ومع ذلك، فإن المبادئ التوجيهية الحديثة من الجمعية الأميريكية لعلم الأورام الإكلينيكي توصي الأطباء بتوفير إمكانية المحافظة على الخصوبة قبل علاج السرطان لجميع مرضاهم. هناك معوقات عديدة لعملية الاتصال وتشمل التركيز على مسألة العلاج الفوري، والإبقاء على قيد الحياة، وعدم معرفة الأطباء بكيفية الحفاظ على الخصوبة، ونقص الموارد المتاحة في هذا المجال، ومستوى الحرج في مناقشة هذا الموضوع لا سيما إذا كانت الصحة الإنجابية خارج مجال خبرة الطبيب؛ بالإضافة إلى عومل أخرى بما في ذلك القلق من تأخير العلاج ليمكن الحفاظ على الخصومة، أولويات المريض، وأيضاً المعوقات المالية والعملية. (10)
ورغم أن النساء المصابات بسرطان الثدي في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث هن أقل من ٢٠% فإن تأثير علاج السرطان على الخصوبة هو سبب رئيسي للقلق بين الشابات الناجيات من سرطان الثدي. إن آثار العلاج الكيميائي على الخصوبة معروفة جيدًا، وحتى النساء اللواتي لا يفقدن الخصوبة يجب عليهن الانتظار مدة سنتين على الأقل قبل حدوث أي حمل. غير أن إمكانات الحفاظ على الخصوبة متاحة قبل وأثناء وبعد العلاج مع استخدام التكنولوجيا الإنجابية المساعدة. فقد أثبتت عملية تجميد الأجنة مجتمعة مع التلقيح الصناعي نجاحًا هائلاً؛ ولكن هذا الإجراء يستغرق أربعة أسابيع، وربما يتطلب الأمر تأخير علاج السرطان، كما أن المريضة يجب أن يكون لديها شريك، أو متبرع بالحيوانات المنوية، وتجميد البويضات للنساء العازبات هو خيار متاح وإن ما زال في طور التجربة. وعلى الرغم من مخاوف النساء المعنيات، تشير الأدلة الطبية إلى أن النساء المصابات بسرطان الثدي غير معرضات لزيادة مخاطر رجوع المرض مع محاولات الحمل اللاحقة. هؤلاء النساء المعرضات لمشاكل في الخصوبة ينبغي أن يحلن في وقت التشخيص إلى فريق متكامل متخصص في الصحة الإنجابية والغدد الصماء لمناقشة خيارات العلاج وعمل توقعات واقعية لنتائج الحمل.(11)
غالبًا ما يدمر العلاج الكيميائي حويصلات المبيض، مما يؤدي إلى العقم. ومع ذلك فقد توصل الباحثون الآن لطريقة لتخزين ونمو البويضات غير الناضجة خارج الجسم، مما يعطي الأمل في إمكانية الحمل بعد العلاج الكيميائي. وقد تمت زراعة أجزاء من نسيج المبيض مأخوذة من ست نساء أثناء الولادة القيصرية، وبعد ستة أيام تم جمع ٧٤ بويضة سليمة. نمت البويضات في وجود “الاكتيفين البشري أ” المخلق بالهندسة الوراثية (human recombinant activing A).وقد وصلت 30% منها إلى مرحلة متقدمة من التطور استغرق الأمر عشرة أيام فقط لنضوج البويضة، في حين يستغرق نضوجها داخل المبيض عدة أشهر.
إن جزءاً واحداً من النسيج قادر على توفير عشرات من البويضات، مقارنة بحوالى دستة من البويضات خلال عمليات التلقيح الصناعي خارج الرحم. وبالإضافة إلى ذلك، تتجنب هذه التقنية حقن الهرمونات المستخدمة في عمليات التلقيح الصناعي لتحفيز عملية التبويض. ورغم الاحتياج لمزيد من العمل لكي تكون البويضات التي تم انضاجها خارج الجسم مناسبة للتلقيح، إلا إننا الآن نملك دليلاً على أن البويضات العادية يمكن أن تنضج خارج الجسم. (12,13)
تم عمل دراسة عرضية في سبع مدن على 6.357 امرأة تزيد أعمارهن على الستين، باستخدم بيانات من دراسة عن الصحة والرفاهية والشيخوخة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وجدت الدراسة أن انتشار اختبار مسحة عنق الرحم خلال العامين الماضيين يتراوح بين 21% في “بريدجتاون” و ٤٥% في مكسيكو سيتي.وباستثناء هافانا التي يوجد بها تأمين شامل للرعاية الصحية، وجد أن النساء المشتركات في نظام التأمين الصحي العام أو غير المشتركات على الاطلاق هن أقل استخداماً لاختبار مسحة عنق الرحم مقارنة مع النساء المشتركات في شركات التأمين الصحي الخاصة. وأيضاً كانت فرصة النساء اللواتي ليس لهن أى نظام تأميني لعمل اختبار مسحة عنق الرحم أقل مقارنة مع النساء المشتركات في أي نظام تأميني. ومن ثم، يمكن أن تكون المعوقات الاقتصادية عاملاً مهماً لتفسير أوجه التفاوت في الفحص. وبالإضافة إلى ذلك، فإن برامج الفحص في معظم البلدان هي معظمها برامج انتهازية { أي تتم بالتطفل على البرامج الموجودة، وليست مستهدفة بحد ذاتها (المحررة)}. وهناك حاجة إلى برامج الفحص المنظم، جنباً إلى جنب مع التأمين الصحي وغيرها من أشكال الدعم الاجتماعي والاقتصادي لزيادة التغطية والمتابعة لفحص عنق الرحم. (14)
1 -Hannaford PC, Selvaraj S, Elliott AM, et al. Cancer risk among users of oral contraceptives: cohort data from the Royal College of General Practitioner’s oral contraception study. BMJ 2007;335:651.
2 -International Collaboration of Epidemiological Studies of Cervical Cancer. Cervical cancer and hormonal contraceptives: collaborative re-analysis of individual data for 16,573 women with cervical cancer and 35,509 women without cervical cancer from 24 epidemiological studies. Lancet 2008;370: 1609-21.
3 -Sasieni P. Cervical cancer prevention and hormonal contraception. Lancet 2008;370: 1591-92.
4 -Meirik 0, Farley TMM. Risk of cancer and the oral contraceptive pill: long term follow-up of women in the
UK shows no increased risk. ]BM 2007:335: 621-22.
5 -Franco EL, Duarte-Franco E. Ovarian cancer and oral contraceptives. Lancet 2008;371 :278-79.
6 -Collaborative Group on Epidemiological Studies of Ovarian Cancer. Ovarian cancer and oral contraceptives: collaborative reanalysis of data from 45 epidemiological studies including 23,257 women with ovarian cancer and 87,303 controls. Lancet 2008;371 :303-14.
7 -Potts L. Dixey R. Nettleton S. Bridging differential understanding of environmental risk of breast cancer: Why so ?hard Critical Public Health ;2007 17(4):337-50.
8 -Kortenkamp A. Breast cancer and exposure to hormonally active chemicals: an appraisal of thescientific evidence. Health and Environmental AllianCt’/Chem Trust/Health Chemicals Monitor. April 2008. At: -<www.chemicalshealthmonitor.org/ MG/pdf Breast _-Cancer_and_exposure_to iIDrmonoilly active_chemicals.pdf >
9 -Watson R. Exposure to chemicals may contribute to risk of breast cancer. report says. BMJ 2008;336:797.
10 -Quinn GP ,Vadaparampil ST. Bell- Ellison BA, et al. Patient-physician communication barriers regarding fertility preservation among newly diagnosed cancer patients. Social Science and ;Medicine 2008: 66:784-89.
11 -Dow KH, Kuhn D. Fertility options in young breast cancer survivors: a review of the literature. Oncology Nursing Forum 2004;31(3):E46-53.
12 -Jha A. New technique could help safeguard cancer ’patients fertility. The Guardian (UK), 21 April 2008.
13 -Telfer EE, Mclaughlin M, Ding C, et al A two-step serum-free culture system supports development of human oocytes from primordial follicles in the presence of activin. Human Reproduction ;2008 23(5):115’1-58.
14 -Reyes-Ortiz CA, Velez LF, Camacho ME, et al. Health insurance and cervical cancer screening among older women in Latin American and Caribbean cities. International Journal of Epidemiology 2008;37(4): 870-78.