إعادة قراءة وفهم وصياغة التراثات الدينية:
البحث النسوي في مجال الدين*
تشهد الدراسات والأبحاث في مجال النساء والدين توسعًا مضطردًا. وينطلق ذلك النوع من الدراسات، الذي يشمل العديد من الثقافات وتراثات الأديان، من نوعين من الأسئلة، يتمركز النوع الأول منها حول النساء بوصفهن موضوعًا للبحث: تشارك النساء في تراث دینی (معین)؟ ما المتوقع منهن وماذا يتوقعن هن؟ ما الفرص المتاحة أمامهن؟ وما الفرص التي حُجبت عنهن؟ كيف ينظر الرجال إلى النساء، وكيف يصفونهن، وكيف يرون علاقتهم بهن؟ كيف تصف النساء أنفسهن؟ وما آمالهن وتوقعاتهن؟ وما إحباطاتهن ومعاناتهن؟ وكيف تعبر النساء عن ذلك كله؟ هل تستخدم صور الأنثى للتعبير عن أمور إلهية أو عن أمور تتجاوز الوجود المادي أو عن أمور ذات دلالة جوهرية خالصة؟
أما النوع الثاني من الأسئلة فيتركز حول موضوعات تتعلق بأساليب مقارباتنا. وتأتي تلك الأسئلة نتيجة اهتماماتنا بما نعرفه وبكيفية معرفتنا بما نعرفه. وهي أسئلة نابعة من حساسيتنا ونقدنا للطريقة الذكورية التي دُرست بها التراثات الدينية بصفة عامة، ولكن بصورة أخص للطريقة الذكورية التي صيغت وتشكلت بها العديد من تلك التراثات. فمثلاً، هل يمكن أن نَعُدَّ الفصل بين النساء والرجال في الممارسات التعليمية والدينية في الديانتين اليهودية والإسلامية أمرًا غير ذي صلة بالتعاليم اللاهوتية في تراثات هاتين الديانتين التي تنص على مساواة النساء بالرجال أمام الله وفي المكانة الروحية؟ وهل بالإمكان قراءة التوراة أو العهد الجديد أو القرآن بطريقة تجعل منها مصادر ورموزًا لقوة النساء وضمان مشاركتهن الكاملة في الحياة الدينية في مجتمعاتهن؟ هل كانت المرأة خلال العصور المبكرة لليهودية والمسيحية تضطلع مثل الرجل بأدوار المبادرة والقيادة؟ وما الافتراضات والمطالب التي قد تطرحها اليهوديات على موروثاتهن الدينية وعلى شروح تلك الموروثات وممارساتها (المعروفة بالهالاخاه halakha) كيف لنا أن ننتقل من النصوص المعيارية (الإلهية والمقدسة الواردة في النصوص المقدسة) المتمركزة حول الرجل إلى السياقات التاريخية التي أنتجت تلك النصوص؟ وكيف لنا استعادة وجود النساء في التاريخ في ظل الغياب والصمت والتجاهل الملتصق بهن؟ كيف لنا أن نقرأ داخل النصوص الدينية المتمركزة حول الرجل، وفيما وراءها، لكي يتسنى لنا إعادة صياغة تجارب نساء أصبحن جزءًا من ذلك التراث؟ وما العلاقة، إن وجدت، التي يمكن اكتشافها في ثقافات الديانات أمومية النسب (matrilineal) بين النسب إلى الأم (matrilineality) والنزعة الأموية (matriarchy).
ينم ذلك النوع الثاني من الأسئلة عن نقلة نوعية في سعينا الأكاديمي، سواء من حيث زاوية الرؤية أو من حيث مناهج وطرق مقاربة البحث. ولأن الباحثات النسويات قد اعتدن على شيوع الرؤى النابعة من الرجال والموجهة نحوهم، فإنهن يعنين في تناولهن للظواهر الدينية بالبحث في قدرة الجندر (النوع) على تشكيل الرؤية والمشاركة. ويمكننا فهم الأسئلة المتزايدة والدراسات الآخذة في الاتساع حول المرأة والدين في إطار ثلاثة مفاهيم تتركز جميعها حول فكرة ’الإعادة‘ فيما يتعلق بالتقاليد: إعادة القراءة، وإعادة الفهم، وإعادة الصياغة.
يقصد بإعادة القراءة إعادة فحص المواد والموروثات بعين واعية بفكرة حضور النساء وغيابهن، وبكلام النساء وصمتهن، وبالاعتراف بوجودهن أو بحجب ذلك الاعتراف. كما يتضمن ذلك الإجراء أيضًا عرضًا لتفاصيل الامتيازات والسلطات الممنوحة للرجال. يعني ذلك أيضًا أهمية فهم دور النساء وإسهاماتهن وصور إقصائهن. ويُعَدُّ كتاب برنادت بروتن حول أدوار النساء القيادية في المعابد اليهودية القديمة (Bernadette Brooten, Women Leaders in the Ancient Synagogue, 1982) مثالاً على ذلك. وتعيد الباحثة في ذلك الكتاب التدقيق في المعلومات المتاحة عن أدوار النساء المؤثرة في المعابد اليهودية القديمة، عن طريق خلخلة الافتراضات البحثية المعاصرة عن أدوارهن، وتذهب إلى أنه من المحتمل، بل ومن المرجح أن النساء كن يضطلعن بأدوار قيادية في العديد من المعابد اليهودية خلال العصرين اليوناني والبيزنطي. وترى الباحثة أيضًا أن تلك الأمثلة، وان كانت مجرد استثناءات، لا تقلل من أهمية الاكتشافات التاريخية التي وجدت أن النساء كانت لهن أدوار قيادية.
تتطلب إعادة فهم وضع النساء في التراث الديني استدعاءً واستعادةً لمصادر مفقودة ورؤي مقموعه. ويرى البعض في تلك المهمة عملية استعادة لتراث النساء. وقد أسهمت إلیزابث شوسلر فيورنتسا إسهامًا لافتًا في هذا المجال، نجده متمثلاً في كتابها الذي يتناول إعادة صياغة أصول المسيحية من منظور لاهوتي نسوي ( Elisabeth Schussler Fiorenza, In Memory of Her: A Feminist Theological Reconstruction of Christian Origins, 1983)، و كتابها الذي يتناول جهود تفسير الكتاب المقدس من قِبَل النساء (Bread Not Stone: The Challenge of Feminist Biblical Interpretation, 1984). ويعد إسهامها الرئيس في مجال الدراسات المسيحية ذا شقين: الأول، دراسة مشاركات النساء في المسيحية المبكرة، والثاني تقديم هرمنوطيقا نقدية نسوية تحررية تتضمن العديد من “المحطات“: الشك، الإعلان، الإبقاء في الذاكرة، إعادة الصياغة تاريخيًا، إكساب الصبغة الطقوسية، الاحتفال. وقد بنت الكاتبة منهجها معتمدةً مناهج التاريخ الاجتماعي وهرمنوطيقا الكتاب المقدس التاريخية– النقدية إلى جانب ممارسات الحركة النسوية في الوصول إلى التحرر من التسلط. ويهدف ذلك المنهج إلى مساعدة ورثة التراثات الثقافية اليهودية– المسيحية على القراءة بين سطور النصوص الدينية المسيحية، وفيما وراءها، حتى يصلوا إلى رؤية أكثر واقعية للنساء من تلك التي تقدمها أشكال الطقوس الدينية في التراث، سواء منها الكنسي أو الرائج. وتبرز النساء في كتابات إليزابث شوسلر فيورنتسا في صورة موضوعات وذوات فاعلة في آن واحد، إذ تقدم النساء بوصفهن مشاركات وصاحبات أدوار قيادية إلى جانب النساء المغْفلات والمهمَّشات، كما تقدم النساء اللاتي تحررت بفضل جوانب معينة من رسالة المسيحية إلى جانب النساء المكبلات بأصفاد النزعة الأبوية.
وترى الباحثة أننا يجب ألا ننظر إلى “الفوز التاريخي” للنزعة الأبوية داخل الكنيسة على أنه كان أمرًا حتمى الحدوث. فهي ترى أن الأدلة التاريخية المتوافرة لدينا لا تدعم فكرة استناد النزعة الأبوية إلى “إرادة إلهية” أو “حتمية تاريخية“. فقد نجم صراع مبكر داخل الكنيسة المسيحية بين أفكار مثل النظرة المساواتية المستمدة من أقوال المسيح وأفعاله من ناحية، والنظرة الأبوية المتمركزة حول المسيحية المؤسساتية من ناحية أخرى. فقد نمت المسيحية وتطورت على نسق السلطة الأبوية لأنها نشأت على محاكاة نسق الأسرة الروماني – الإغريقي (وهو النسق الذي مَثَّلَ الشكل الأساسي للمجتمع الذي ظهرت فيه الديانة المسيحية وتطورت). وترى الباحثة أيضًا أنه كان من الممكن إيجاد بديل آخر، كما تؤكد أن المجتمع المسيحى اليوم ما زال بإمكانه أن يختار بديلاً جديدًا.
وتولی کارول كرايست (Carol Christ) هي الأخرى اهتمامًا بعملية استعادة المصادر التي أصبحت اليوم هامشية و “هرطقية“، والتي يغلب كذلك إساءة فهمها، كما تؤكد أهمية أن تتم عملية إعادة فهم الدين في ضوء تلك المصادر. وعلى العكس مما تذهب إليه إليزابث شوسلر فيورنتسا، تری کارول کرايست أن التقاليد اليهودية والمسيحية تتم عن تراث أبوى متأصل، كما ترى أن تراث ديانات الإلهات (Goddess Studies) يتيح للنساء ما هو أكثر بكثير، إذ ينظر إلى المرأة بجدية واحترام: (“Symbols of Goddess and God in Feminist Theology,” in The Book of the Goddess Past and Present, ed. Carl Olsen, 1983, 231-251)).
تنطوى إعادة الصياغة على عمليتين: 1) إعادة صياغة الماضي استنادًا إلى معلومات جديدة وإلى المخيلة التاريخية، و٢) استخدام منظومات جديدة في التفكير والرؤية والفهم والتقييم. ومن الأمثلة رفيعة المستوى على عملية إعادة الصياغة الدينية كتاب روزماری رادفورد روثر (Rosemary Radford Ruether, Sexism and God-Talk: Towards a Feminist Theology, 1983) . وتسعى المؤلفة في هذا الكتاب إلى إعادة صياغة تراث كامل من منظور نسوي. وتطلق الباحثات في مجال دراسة الإلهات على عملية إعادة الصياغة اللاهوتية اسم “لاهوت الإلهة” (thea-logy).
وقد قمت في هذه المقالة باختيار وتقديم كتابات نشرت منذ عام ۱۹۸۰، قمت فيها بتصنيف تلك الكتابات وتناولها حسب أطر إعادة القراءة وإعادة الفهم وإعادة الصياغة،(1) كما قمت بتصنيفها في المجالات الآتية: دراسات عبر– ثقافية، ودراسات الإلهات، والدراسات اليهودية، والدراسات المسيحية، والدراسات الأفرو–أمريكية، ودراسات سكان أمريكا الأصليين، والدراسات الإسلامية، والدراسات الهندوسية، والدراسات البوذية، والدراسات النسوية في مجال الأخلاقيات الدينية. كما يرد في آخر المقالة ثبت مختصر لبعض الدوريات المهمة.
تتنوع المناهج المستخدمة في تناول السياقات عبر– الثقافية. ويمثل الكتاب الذي قامت بتحريره كل من كلارسا أتكنسن وكونستانس بیوكانان ومارجرت مايلز الذي يتناول المرأة في التصوير الديني والواقع الاجتماعي (Clarissa Atkinson, Constance Buchanan and Margaret Miles, eds. Immaculate and Powerful: The Female in Sacred Image and Social Reality, 1985) مجموعة ثرية من المقالات عبارة عن اثنتي عشرة مقالة تتناول فيها الباحثات والباحثون في مجال الدراسات الدينية الصور التي يقدم بها الدين النساء، ويربطن بين تلك العملية الرمزية والواقع الاجتماعي لحياة النساء، عن طريق دراسة العديد من الموضوعات والحقب الزمنية التي تتنوع ما بين التراثات اليهودية والمسيحية والهندوسية والبوذية (التبتية). أما في الكتاب الذي قامت بتحريره إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي، فتقوم واحدة وعشرون باحثة وباحث بالكشف عن لحظات مختارة “للتشكيل” و “التحول” و“الثورة” الدينية في اليهودية والإسلام والبوذية والمسيحية والديانة الإيروكوازية (Iroquois) والأشكال الدينية الروحية، موليات اهتمامًا خاصًا بإنتاج النساء وإسهاماتهن. ويضم الكتاب مجموعة ممتازة من المقالات : ( Yvonne Yazbeck Haddad and Ellison Banks Findly, eds., Women, Religion, and Social Change, 1985).
وتستخدم بات هولدن في كتابها عن تجارب النساء الدينية ( Pat Holden, Women’s Religious Experience, 1983) دراسات الباحثات في مجال الأنثروبولوجيا الاجتماعية اللاتي يتناولن المرأة والدين بمنظور جديد داخل السياقات الصوفية، والروم – أرثوذوكسية، والتركية الإسلامية، والهندوسية، واليهودية، والأفريقية. كما قامت ريتا جروس ونانسي فوك بجمع دراسات باحثين وباحثات الأنثروبولوجيا والدين في كتابهما الذي يتناول حياة النساء الدينية في الثقافات غير الغربية ( Nancy Falk and Rita Gross, eds., Unspoken Words: Women’s Religious lives in Non- Western Cultures, 1980). كما قامت أرفند شارما بجمع مختارات مهمة من دراسات لمؤرخات ومؤرخين دينيين معنيين بإعادة البحث في تواجد النساء ومشاركتهن في تراثات الديانات الهندوسية والبوذية والكنفوشية والطاوية واليهودية والمسيحية والإسلامية وتراث سكان أستراليا الأصليين. انظر/ی: (Arvind Sharma, Women in World Religions, 1987).
وقد قامت تيودورا فوستر كارول في كتابها عن النساء والدين والتنمية في العالم الثالث (Theodora Foster Carroll, Women, Religion and Development in the Third World, 1983) بدراسة الديانات الهندوسية والبوذية والإسلامية والمسيحية بغرض التوصل إلى فهم الطرق التي استخدمتها تلك الديانات في تشكيل وجود النساء. وقد خلصت إلى نتيجة مفادها أنه بالرغم من أن الأديان تكون في الغالب عاملاً أساسيًا في الحول دون تحقيق استقلال النساء، فذلك ليس حتمًا الاتجاه الأوحد، بل يمكن للأديان أن تكون أدوات قوية للتغيير ولتحسين أوضاع النساء وتدعيم انخراطهن في المجتمع. ولكن من نقاط الضعف في هذه الدراسة غياب أي تناول لفكرة التنمية ذاتها. وقد يصبح الكتاب أقوى لو أضيف اليه فصل يقدم تعريفًا عمليًا لماهية التنمية، ويناقش ما يعنيه ذلك المفهوم لكل من القائمين على التنمية والمتلقين لها، ونقاط القوة ومواضع الإنجازات المتعلقة بالتنمية بوصفها مسعىً عالميًا، إلى جانب إخفاقات سياسات التنمية المعاصرة وتكلفتها ومخاطرها. كما يغيب عن الكتاب الاهتمام بنقد سياسات التنمية الآتي من بلدان العالم الثالث, الذي نشهده الآن بوضوح في لاهوت التحرير في أمريكا اللاتينية، كما نشهده في النقاش الدائر بين النسويات المسلمات حول إيران.
هناك كتابان آخران يولیان اهتمامًا واضحًا للفروق في الطبقة الاجتماعية والعرق والاختيارات الجنسية، وهما معنيان بسياقات وتجارب اجتماعية واقتصادية تختلف اختلافًا واضحًا عن بعضها البعض. أحد هذين الكتابين عبارة عن دراسة تدور حول تجربة النساء البيض من الطبقة الوسطى، أما الثاني فيضم مجموعة من المقالات تسجل تجارب مختلفة لنساء ملونات. تحاول كاثرين ألن رابوتسي في كتابها الذي يسعى إلى صياغة لاهوت الأعمال المنزلية (Kathryn Allen Rabuzzi, The Sacred and the Feminine: Toward a Theology of Housework, 1982) أن تتوغل في تجارب نساء متعلمات ينتمين إلى الطبقة الوسطى، وهن النساء اللاتي صدقن “خرافة الحياة في تبات ونبات“، ثم ما لبثن أن اكتشفن مع الوقت طبيعة الوعود الوهمية التي تنطوى عليها هذه الخرافة. وترى المؤلفة أن هدفها المتمثل في صياغة مستقبل نسوي جديد لن يتحقق إلا بفهم ماضيها. وهي ترى أن ذلك الماضي يضم عناصر صوفية وشيطانية في آنٍ واحد. وتعتمد الكاتبة منهجًا فينومينولوجيًا مبنيًا على أنساق الأساطير والطقوس الدينية (على طريقة مرسيا إلياد Mircea Eliade)، وتقوم بتحليل تجربتها يربطها بمفاهيم مختلفة مثل الزمان والمكان المقدسين، والأساطير والطقوس الدينية، وآليات التقديس والربط بين الأرضي والكوني، والأعمال المنزلية بوصفها مظاهر لتأدية الطقوس. وهي تكتشف من خلال هذه العملية نوعًا من التواصل مع الأجيال السابقة التي تمارس تقاليد العمل (المنزلي) نفسها في عالم خاص بالنساء منعزل عن الخطاب العلني.
وقد قامت شيري موراجا وجلوريا انزالدوا في كتابهما ( Cherrie Moraga and Gloria (Anzaldua, This Bridge Called My Back: Writings by Radical Women of Color, 1980) بجمع كتابات لسكان أمريكا الأصليَّات وآسيويات وهسبانيات يعشن في الولايات المتحدة. وقد ضمَّنت المحررتان في الكتاب قصائد شعرية ورسائل ومقالات كتبتها نساء ملونات، بقصد تحدي العنصرية والطبقية اللذين صادفتهما خلال مطالعتهما للدراسات النسوية البيضاء وغيرها من أشكال النخبوية. وبالرغم من أن الكتاب لا يدور بشكل خاص حول الدين فإن شيري موراجا تستخدم المصطلح الديني “الإيمان” في تشكيل نغمة الكتاب وقصده، للتعبير عن الأمل الشخصي الذي صاحبها أثناء مراحل إعداد الكتاب. إن إيمان المؤلفة بأننا “لدينا القوة لكي نغير من تجاربنا ونطور حياتنا وننقذ أنفسنا” (المقدمة، ص۱۸) هو الذي يمنح كتابها القوة الدافعة ويخلق التناغم بين موضوعاته المتعددة. ويقدم الكتاب مادة للتأمل والتحليل الديني النسوي من خلال نظرته النافذة إلى تجارب المرأة.
وهناك مصدران ببليوجرافيان يحتويان على معلومات خاصة بالبحث العلمي ويقدمان إرشادات في هذا الصدد. فهناك ببليوجرافيا شارحة أصدرتها هارشیدا بانت عن النساء في الهند وهي (Harshida Bandit, Women of India, 1985)، حيث تضم فصلاً بعنوان (“Women in Different Communitis” ( يتناول الجماعات الهندوسية واليانية والبوذية والإسلامية والزرادشتية والسيخ والمسيحية. ومن المصادر الغنية مجموعة المقالات التي أصدرتها آرلين سويندلر ووالتر كون:(Arlene Swindler and Walter Conn, Mainstreaming: Feminist Research for Teaching Religious Studies, 1985)، وتتناول المقالات تدريس الأبحاث النسوية في مجال الدراسات الدينية. ويضم الكتاب توصيفات للمناهج أعدها أساتذة في مجالات فينومينولوجيا الأديان، كما يضم عرضًا لديانات العالم والأخلاقيات والدراسات المسيحية (دراسات الكتاب المقدس والدراسات اللاهوتية والدراسات التاريخية).
من الملاحظ تزايد الدراسات التي تلقي الضوء على الإلهة الأنثي كما تصورها العديد من التقاليد وتمنحها أسماءً مختلفة. فقد أعادت ديانا فولكشتاين وصامويل نوا كريمر كتابة مجموعة من الحكايات والأغاني الخاصة بجماعات سريِّة مغلقة تدور حول إنانا (Inanna) التي “تم محوها من الذاكرة الإنسانية” في كتابهما عن الإلهة إنانا (Diana Wolkstein and Samuel Noah Krame, Inanna: Queen of Heaven and Earth, 1983)، الذي يُعَدُّ تخليدًا يسهل مطالعته للإلهة التي عَدَّها السومريون “أحب وأقدس المعبودات، الإلهة إنانا“.
أما كتاب کارل أولسن (Carl Olsen, The Book of the Goddess Past and Present: An Introduction to Her Religion, 1983) الذي يتناول ديانات الإلهات في الماضي والحاضر فيضم سبع عشرة عرضًا وتحليلاً أكاديميًا واسع المدى لمناطق متنوعة، منها الإغريقية والرومانية والعبرانية والمسيحية والغنوصية والهندوسية والبوذية والإفريقية التي يقطنها سكان أمريكا الأصليين. تحدثنا خمس عشرة مقالة من تلك المقالات عن الإلهة في صورها المختلفة، في حين يبحث اثنان منها في إطار ديني عن علاقة الإلهة بالنماذج الدينية المعاصرة. وتحاول بعض المقالات ألا تكتفى بأن تقدم للقراء الإلهة في تجلياتها التاريخية والثقافية المتنوعة، بل تحثهن على التفكير في الصلة التي يمكن أن تربط الإلهة بالغرب في الوقت الحالي. يتمثل ذلك في مقالتين: الأولى بقلم ريتا جروس حول الإلهات في الهندوسية بعنوان (“Hindu Female Deities as a Resource for the contemporary Rediscovery of the Goddess”) والثانية لكارول كرايست بعنوان (“Symbols of Goddess and God in Feminist Theology”)، وتتناول هذه المقالة الرموز التي تمثل الآلهة المذكرة والمؤنثة. ويُعَدُّ الكتاب مصدرًا غنيًا بالمعلومات ومساحة لإثارة الكثير من القضايا.
وتشترك كرستن داوننج مع ريتا جروس وكارول كروس في الاهتمام بالبحث في المعنى المعاصر للرموز المتعلقة بالإلهة. ففي كتابها الذي يتناول صور الإلهات في الأساطير ((Christine Downing and Carol Cross, The Goddess: Mythological Images of the Feminine, 1981 ( تذهب الباحثتان إلى أن دراسات الإلهات (من أمثال بيرسيفون وأريادنا وهيرا وجايا وأرتيميس وأفروديت) تعمق وعينا بطبيعة الطاقة الأنثوية التي تتسم بالتركيب والعمق والثراء والرعاية. وقد أصدرت شارلين سبرتناك كتابها ( Charlene: Spretnak, the Politics of Women’s Spirituality: Essays on the Rise of Spiritual Power Within the Feminist Movement, 1982) الذي يتألف من ستمائة صفحة تتنوع موادها بين مقالات وقصائد ومناظرات ومناقشات (يدور الكثير منها حول الإلهات). وتقدم نقدًا للأديان السائدة، كما تسعى إلى التنقيب عن بدائل أكثر اتساقًا مع رؤية دينية أكثر شمولاً فيما يتعلق بالجندر. كما يدعو الكتاب إلى إعادة صياغة دين للمستقبل، يقوم على المساواة بين الرجال والنساء.
وتقدم جودث أوكشورن دراسة للمصادر الأولية (مثل الأساطير والترانيم ووصف الطقوس وتعاويذ الرُقية وما شابه ذلك) في الديانات المتعددة الآلهة في الشرق الأوسط، إلى جانب مواد من الكتاب المقدس خاصة بالديانات التوحيدية اليهودية والمسيحية، من منظور يتمركز حول المرأة. وتخلص المؤلفة في كتابها (Judith Ochshorn, The Female Experience and the Nature of the Divine, 1981) إلى أن المواد المستقاة من الشرق الأوسط تعكس تآلفًا وقبولاً لسلطة النساء المقدسات وجنسانيتهن، وهي موضوعات تخلو منها تمامًا المادة المستقاة من الكتاب المقدس. ويؤدي ذلك بالمؤلفة إلى القول بأننا في حاجة إلى إعادة تقييم الاعتقاد السائد بأن الذكورة كانت تُعَدُّ على مر العصور مرادفًا للسلطة وأنها كانت تؤدي دورًا سلطويًا على مر العصور.
ويُعَدُّ كتاب آن کارسن – وهو ببليوجرافيا شارحة تتناول الروحانية النسوية والمقدَّس (Feminist Spirituality and the Feminine Divine: An Annotated Bibliography, Ann Carson, 1986) مرشدًا ممتازًا إلى دراسات أخرى. وتتميز المقدمة والببليوجرافيا الشارحة بالوضوح وغزارة المعلومات.
نشب جدل كبير بين النسوية والتراث الديني اليهودي نتيجة تأكيد الأولى إنسانية النساء وقيمتهن وإقصاء الأخير للنساء إلى منزلة دنيا. وتدعو بلو جرينبرج في كتابها عن النساء واليهودية (Blu Greenberg, On Women and Judaism: A View from Tradition, 1981) إلى إقامة علاقة حوارية وجدلية بين النسوية والهالاخاه (أيْ الممارسات الدينية اليهودية). كما تدعو الكاتبة– وهي يهودية تقليدية ومناصرة للفكر النسوي في آن واحد – إلى “نموذج المساواة مع الاعتراف بالخصوصية (distinctive- but- equal)” بدلاً من الإصرار على المساواة المطلقة بين الرجال والنساء. وتنتقد سوزانا هیشل بلو جرينبرج لأنها لم تقدم نقدًا أكثر جرأة للهالاخاه، في الكتاب الذي قامت بتحريره والذي يضم مجموعة مقالات حول النسوية في اليهودية ( Susanah Heschel, On Being a Jewish feminist: A Reader, 1983). وتتفق سوزانا هيشل مع جوديث بلاسكوف (Judith Plaskow)، في مقالتها (“The Right Question is Theological”, pp.223-233) في أن أحد الأفكار التي تنطوى عليها النسوية اليهودية هو ضرورة تخطى حدود الهالاخاه بهدف إحداث تحول كبير في أسس الحياة اليهودية. وتتفق الكاتبتان على أن تبعية المرأة لنظام قانوني أنتجه ويشرف على استمراره الرجال يتنافى مع النسوية.
وتبرز في تلك المناقشات بجلاء الأبعاد المعرفية للبحث النسوي، ذلك أن عملية إخضاع مصادر السلطة الرئيسة لعمليات إعادة النظر والنقد ورفض المصداقية يمثل تحديًا مباشرًا لجذور الدين. ويقدم جوناثان ويبير (Jonathan Webber) تقريرًا واضحًا عن ذلك النقاش الدائر حول سلطنة الهالاخاه وذلك في مقالته ( “Between Law and Custom: Women’s Experience of Judaism”, pp. 143-162) والواردة في كتاب بات هولدن بعنوان (Women’s Religious Experience) وقد سبقت الإشارة إليه. كما تعبر إلين أومانسكي (Ellen Umansky) عن الخيارات المتضادة التي تواجه النسويات اليهوديات: هل يقررن الحفاظ على الهالاخاه كما هي ويعملن في الوقت ذاته على إحداث التغيير من داخلها؟ أم يرفضنها رفضًا تامًا؟ نجد مثالاً على ذلك مقالة عن التقييم النسوي لدور النساء في اليهودية داخل الولايات المتحدة (“Feminism and the Reevaluation of Women’s Roles within American Jewish Life”, 477-494 في كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي المعنون (Women, Religion and Social Change) وقد سبقت الإشارة إليه.
أما الدراسات التاريخية فهي متوافرة بكثرة، وأحد أمثلتها کتاب برنادت بروتن (Women Leaders in the Ancient Synagogue). وقد سبقت الإشارة إليه. ومن الدراسات الأخرى، نذكر مقالة جودث باركن حول انعزال النساء في اليهودية (Judith Barkin, “The Separation of Women in Rabbinic Judaism”, 3-18) ، الواردة في كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي، ومقالة آن براود التي تتناول تجارب اليهوديات في التعايش مع الثقافة الأمريكية (Ann Braude, “The Jewish Woman’s Encounter with American Culture,” in Women and Religion in America, vol. 1, eds. Rosemay Radford Ruether and Rosemary Skinner Keller, 1981, 150-192)، بالإضافة إلى مقالة نورما فين برات التي تعرض حياة اليهوديات الأمريكيات في الثلاثينيات من القرن الماضي (Norma Fain Pratt, “Transitions in Judaism: The Jewish American Woman through the 1930’s,” in Women in American Religion, ed. Janet Wilson James, 1980, 207-228)، وهناك أيضًا مقالة آن براود حول تجربة اليهوديات في تأسيس حياة لهن في أمريكا (“Jewish Women in the Twentieth Century: Building a Life in America”) الواردة في كتاب روزماري رادفورد روثر وروزماری سکینر کیلر بعنوان Women and Religion in America وقد سبقت الإشارة إليه، المجلد الثالث (۱۹۸۱) صفحات 131-174. وأخيرًا، مقالة دنيز لاردنر كارمودي عن النساء في اليهودية الحديثة ( Denise Lardner Carmody, “Women in Modern Judaism,” Horizons: Journal of the College Theology Society 11 (Spring 1984): 41-82).
وتشكل الاهتمامات المنهجية أساس دراسة جو آن هاكيت عن تاريخ النساء في مملكة إسرائيل القديمة بعنوان (Jo Ann Hackett, “In the Days of Jael: Reclaiming the History of Women in Ancient Israel”, 15-38) والتي وردت في كتاب أتكنسون وبيوکانان ومایلز بعنوان Immaculate and Powerful، الذي سبقت الإشارة إليه. وتصف جو آن هاكت المناهج المتغيرة في دراسة تاريخ النساء، كما تستخدم فكرة “تاريخ النساء الجديد” (الذي يختلف عن “التاريخ المعاصر“) في دراستها للإصحاحات 3-16 من سفر القضاة. أما دراسة أفيفا كانتور الببليوجرافية عن النساء اليهوديات (Aviva Cantor, The Jewish Woman: 1900-1980) ، التي حررتها وراجعتها عام ١982, ودراسة أورا هاملزدورف وساندرا أديلزبرج التي تحتوي على ببليوجرافيا عن النساء اليهوديات والقانون اليهودي (Ora Hamelsdorf and Sandra Adelsberg ( بعنوان (Jewish Women and Jewish Law Bibliography, 1980 ( فتقدمان عرضًا للاتجاهات البحثية الحديثة في هذا المجال.
وكما هو الحال في الدراسات النسوية اليهودية تتميز الدراسات النسوية المسيحية بالاهتمام بالمنهج، وتُعَدُّ إليزابث شوسلر فیورنتسا من أهم المنظِّرات في هذا المجال، وهي تخصص ثلث دراستها المهمة في الأصول المسيحية المعنونة في ذكراها (In Memory of Her)، وقد ورد ذكرها ووصفها سابقًا، لتحديد وشرح عناصر هرمنوطيقا نسوية نقدية ونموذج نسوى لإعادة الصياغة التاريخية. وتقدم دراستها بعنوان (“Bread and Stone”)، وقد سبقت الإشارة إليها، تطويرًا لهذه الأفكار في صورة مقالات. وبالرغم من أن كتابات إليزابث شوسلر فيورنتسا تشكل صعوبة في القراءة فهي تستحوذ على الاهتمام وتقدم الجديد. وتُعَدُّ ليتي رسل واحدة من المؤلفات المعدودات اللاتي يناقشن موضوعات أساسية تتعلق بالقوانين المرجعية والسلطة والمعايير ومبادئ التفسير والتحولات التي يمر بها الموروث في الكتاب الذي قامت بتحريره ( Letty Russell, ed., Feminist Interpretation of the Bible, 1985) والذي يتناول التفسير النسوي للكتاب المقدس، ويتضمن الكتاب دراسة لها، إلى جانب إحدى عشرة دراسة أخرى. وتضيف ليتي رسل في نهاية المجلد “تذييلاً” بقلم فيليس تربل (Phyllis Trible) حيث تقول إنه ليست النسوية فقط هي التي تقدم نقدًا مهمًا للكتاب المقدس، ولكن الكتاب المقدس كذلك يمكن أن يقدم للنسوية النقد الذاتي الذي تحتاجه. فكل حركة نبوئية ونقدية، بما في ذلك النسوية، تحتاج إلى الوعي “بامكان تحولها إلى وثنية عمياء“.
تقدم كاثرين کيس سكلار عرضًا لخمسة مراحل في الكتابة التاريخية عن النساء والدين في الولايات المتحدة في مقالتها التي تتناول تطور رؤية المؤرخين النساء الأمريكيات في مجالي الدين والمجتمع ( Kathryn Kish Sklar, “The Last Fifteen Years: Historians’ Changing Views of American Women in Religion and Society,” in Women in New Worlds: Historical Perspectives on the Wesleyan Tradition, vol. 1, eds. Hilah F. Thomas and Rosemary Skinner, 1981, 48-65). وتُعَدُّ هذه المقالة مفيدة للباحثات النسويات في مجال النساء والدين في العديد من الثقافات والفترات التاريخية. يمثل كتاب ماري جو ويفر عن التحدي الذي تشكله النساء الكاثوليكيات للسلطة التقليدية عرضًا جيدًا للتغيرات التي مر بها التاريخ واللاهوت الكاثوليكي، والأخلاق والروحانية في أمريكا: ( Mary Jo Weaver, New Catholic Women: A Contemporary Challenge to Traditional Religious Authority, 1985). وتركز الباحثة على الصراع بين قادة الكنيسة الذكور وعضوات الكنيسة من النساء في سردية ذات توثيق جيد مكتوبة بصورة شيقة.
ويقدم كتاب دوروثی باس وساندرا هيوز بوید ( Dorothy Bass and Sandra Hughes Boyd, Women in American Religious History: An Annotated Bibliography and Guide to Sources, 1986) مصدرًا ممتازًا يضم إحالات إلى التراث المسيحي في أمريكا، وإلى مصادر يهودية– أمريكية وأفرو– أمريكية وأمريكية متعلقة بالسكان الأصليين، كما يحيل إلى حركات دينية بديلة مثل الجماعات اليوطوبية (utopian) والجمعية (communitarian) والألفية (millenarian) في الولايات المتحدة. تضم المداخل إشارات إلى دراسات تاريخية واجتماعية واقتصادية وسياسية، بالإضافة إلى مواد لاهوتية ودينية وروحية.
لا ينظر الباحثون الذين يبدون استعدادًا لمناقشة قضايا تأويلية أساسية تتطلب نقدًا لقواعد الكتاب المقدس – إلى جانب قدر من تقويض أو إعادة بناء الميثولوجيا – إلى مصادر الكتاب المقدس بوصفها وحيًا مباشرًا من الله، مثلما ينظر المسيحيون الإنجيليون إلى الكتاب المقدس. ويفسر ذلك جزئيًا إحجام النسويات المسيحيات الإنجيليات عن المشاركة في النقاش وتركيزهن بدلاً من ذلك على المنهج المبني على الموضوع في دراسة النساء في الكتاب المقدس، أو مناداتهن بنسوية مسيحية متجذرة في الكتاب المقدس. ويتمثل ذلك المنهج المبنى على الموضوع في كتاب فرجينيا ريمي مولينكوت الذي يعرض لمظاهر تمثيل الله في صور مؤنثة في الكتاب المقدس ( Virginia Ramey Molencott, The Divine Feminine: The Biblical Imagery of God as Female, 1983)، في حين تؤكد دراسة إلين ستوركي التوافق بين الكتاب المقدس والنسوية (Elaine Storkey, What’s Right with Feminism, 1985).
تؤسس إلين ستورکی مساعيها نحو إنتاج “برنامج نسوی مسیحي” على رغبتها في “استبيان الصورة التي ينبغي أن تعامَل بها النساء في الإطار الذي وضعه الله، وتحويل مجتمعنا من مجتمع يحقر من النساء ويقلل من شأنهن إلى مجتمع تتمتع فيه النساء بالكرامة والمساواة والحرية في أن يكنَّ إنسانات بحق” (۱۷۸). وتَعُدُّ إلين ستوركي قيم التراحم والتواضع والاستعداد لتحمل المعاناة التي تمثلها نسويات القرن التاسع عشر أمثال سارا وأنجلينا جريمكا ( Sarah and Angelina Grimke ( وسوجورنر تروث (Sojourner Truth) وأنتوانیت براون (Antoinette Brown) مكونات ضرورية (ولكن صعبة التحقيق) للنسوية المسيحية.
ونرى الدراسات التاريخية آخذة في التزايد. تقرأ إليزابث مولتمان– فندل قصص النساء في العهد الجديد من خلال تاريخ الفن وتاريخ الكنيسة، وأيضًا من خلال نصوص الكتاب المقدس, باحثة عن النساء اللاتي حجبتهن عدسة الرؤية الأبوية من خلال تناول النساء اللاتي كن بصحبة يسوع. (المرجع هنا هو كتاب: Elisabeth Moltmann-Wendel, The Women Around Jesus, 1982). وقد قامت باتريشيا ولسون–کاستنر (Patricia Wilson- Kastner) وزميلات لها بجمع وتقديم كتابات أربعة نساء من مرحلة المسيحية المبكرة (بربتوا (Perpetua) وبروبا (Proba) وإجيريا Egeria)) وإيودوكيا Euodokia))) في كتاب (A Lost Tradition: Women Writers of the Early Church, 1981). وقد قامت جين لابورت في كتابها بدراسة علاقة النساء خلال فترة المسيحية المبكرة بموضوعات مثل الاستشهاد والحياة الزوجية والحياة التأملية، وبوصفهن شماسات، كما تظهر في كتابات آباء الكنيسة (القرن الثاني إلى السادس): (Jean Laporte, The Role of Women in Early Christianity, 1982). أما روزماری رادر فتناقش الصداقات بين الرجال والنساء في المجتمعات المسيحية المبكرة، في كتابها (Rosemary Rader, Breakin Boundaries, 1983) .
ويعد العمل المكون من ثلاثة مجلدات الذي أصدرته روزماری رادفورد روثر وروزماري سكينر كيلر الذي يتناول النساء والدين في أمريكا ( Rosemary Radford Ruether and Rosemary Skinner Keller, Women and Religion In America, 1981, 1983, 1986) إسهامًا بحثيًا كبيرًا، إذ يقدم تحليلات تاريخية ووثائق أصلية من القرن التاسع عشر (المجلد الأول)، ومن فترة الاستعمار والثورة (المجلد الثاني)، ومن الفترة ما بين 1900-1968 (المجلد الثالث). (ومن المميزات المهمة لهذه المجلدات أنها تضم مقالات عن النساء من سكان أمريكا الأصليات والهسبانيات والسود. أما مجموعة جانيت ولسون جيمز عن النساء والدين في أمريكا ( Janet Wilson James, Women in American Religion)، وقد سبقت الإشارة إليها، فتتناول الكاثوليكيات والبروتستانتيات، إلى جانب مقالة عن اليهوديات.
وتقوم ثلاث دراسات بالتنقيب عن حضور النساء في فترات مختلفة من تاريخ المسيحية وتقييم ذلك الحضور، ألا وهي بحث سوزان سيتا الذي يتناول فكر إيمي سيمبل (Susan Setta, “Patriarchy and Feminism in Conflict: The Life and Thought of Aimee Semple McPherson,” Anima 9. 2 (Spring 1983): 128-137 ، ودراسة ماري بوتر حول المساواة في الجندر في لاهوت كالفين ( Mary Potter, “Gender Equality and Gender Hierarchy in Calvin’s Theology,” Signs 11. 4 (Summer 1986): 725-739)، إلى جانب دراسة كارولاين ووكر بينام حول الناسكات في القرن الثالث عشر ( Caroline Bynum Walker, “Women Mystics and Eucharistic Devotion in the Thirteenth Century,” Women’s Studies 11. 1 and 2 (1984): 179- 214).
وهناك دراستان تمثلان البحث اللاهوتي المعاصر الذي يقم صياغات جديدة، هما: دراسة آن كار (Anne Carr, “is a Christian Feminism Possible?” Theological Studies 43. 2 (June 1982): 279-297)، ودراسة جيفري سي إيتن التي تتناول فكر سيمون فايل حول الروحانية النسوية(Jeffrey C. Eaton, “Simone Weil and Feminist Spirituality,” Journal of the American Academy of Religion 54. 4 (Winter 1986): 691-704 (. وتقدم آن کار طرحًا مقنعًا بإمكان تطوير لاهوت مسيحي نسوي، وأهميته الكاشفة. أما دراسة جيفری سی إیتن فلا تطرح أهمية المنظور النسوي بل تأخذه أمرًا مسلمًا به، مستخدمة إياه في شرح أفكار سيمون فایل (Simon Weil). ويرى المؤلف أهمية سيمون فايل في ضوء إمكان إسهامها في الجهود النسوية لإعادة صياغة الأمور الروحية في المسيحية.
لقد جاء ظهور الوعي النسوي عند النساء السود متأثرًا بعدة مصادر، كما تذكر كيتي جينيفا كانون في دراستها التي تعرض تطور الوعي النسوي لدى النساء السود (Katie Geneva Cannon, “The Emergence of Black Feminist Consciousness” in Feminist Interpretation of the Bible, 30-40 ( الذي قامت بتحريره لیتی رسل (سبقت الإشارة إليه). وبالنظر إلى العبيد في القرن السابع عشر، كانت تلك المصادر لدى النساء من العبيد خلال القرن السابع عشر متضمنةً مفاهيم من أدیان غرب أفريقيا ممتزجة بصورة توفيقية مع المسيحية الكولونيالية التقليدية. وقد خدم تفسير الكتاب المقدس مجتمع السود بطريقتين: فقد ساعد على تحمل نظام الرق والتعامل معه عن طريق الثقة في إله موجود وحنون، كما أنه على غَذَّى الرغبة في الحرية والتمرد بأن مكَّن العبيد من رفض أية تعاليم توفق بين الرق وبشارة الإنجيل.
تستخدم النسويات السود الباحثات في مجال الدين مجموعة من المصادر. ففي مقالتها (“Black Women’s Literature and the Task of Feminist theology” in Immaculate and powerful, 88-110 ) الذي سبقت الإشارة إليه، ترى دولورس إس وليامز (Dolores S. Williams) أن الأدب المبني على الخيال يمكن أن يمثل مصدرًا مهمًا للاهوت النسوي. وتسعى دولورس وليامز إلى تحديد مجموعة من العمليات التي تُنتج التحولات لدى النساء، سواء من الناحية الشخصية أو الاجتماعية أو الدينية، باعتمادها كتابات مارجرت ووكر (Margaret Walker) وزورا نیل هرستون (Zora Neale Hurston) وألس ووكر (Alice Walker). وتختتم دولورس وليامز دراستها بتأكيد أن التحرر الحق يجب أن يتضمن التحرر من سيادة الطبقة والعرق والأبوية. وتقدم دولورس وليامز تحليلاً لأعمال نفس الكاتبات الثلاث في دراستها (Dolores S. Williams, “Women’s Oppression and Lifeline Politics in Black Women’s Religious Narratives,” Journal of Feminist Studies in Religion 1 (Fall, 1985): 59-71) . وتفسر الباحثة القهر الذي تتعرض له النساء السود بوصفه اعتداءً على وظائفهن الإنجابية، وعلى تقديرهن لذواتهن، وعلى حقهن في إقامة علاقات تؤدي بهن إلى التحقق. وترى أن الذين يوقعون القهر عليهن هم الرجال البيض والرجال السود والنساء البيض في آن واحد.
وتوضح باربارا هلكرت أندولسن الارتباط التاريخي بين العنصرية والنسوية وبين الحركة الداعية إلى حق النساء في الاقتراع وحركة تحرر السود، في كتابها (Barbara Hilkert Andolsen, Daughters of Jefferson, Daughters of Bootblacks, 1986). وتحث الباحثة هنا النسويات من البيض، بوصفها هي نفسها نسوية بيضاء تنتمي إلى الطبقة الوسطى، أن يحاولن فهم دورهن في إنتاج القهر العنصرى، وأن يحجمن عن عَدَّ تجاربهن ذات طبيعة عامة وأبدية.
وهناك دراسات تعيد البحث في الماضي محاولة استعادة تاريخ النساء السود, منها الدراسات الآتية: دراسة لليان أشكروفت وب، التي تتناول النساء السود في مرحلة ما قبل الثورة في أمريكا ( Lillian Ashcroft Webb, “Black Women and Religion in the Colonial Period,” In Women and Religion in America, 233-259) الذي قامت بتحريره روزمای رادفورد روثر وروزماري سكينر كيلر، المجلد الثاني. ودراسة إفلين بروكس حول اللاهوت النسوي في كنيسة السود المعمدانية (Evelyn Brooks, “The Feminist Theology of the Black Baptist Church, 1880-1900,” in Class, Race, and Sex: The Dynamics of Control, ed. Amy Swerdlow and Hannah Lessinger, 1983, 31-59)، ودراسة جوالين إی دودسن وشيرل تاونسيند جيلكز التي تتناول التحولات الاجتماعية في حياة المسيحيات السود (Jualyne E. Dodson and Cheryl Townsend Gilkes, “Something Within: Social Change and Collective Endurance in the Second World of Black Christian Women”, 80-130)، التي وردت في المجلد الثالث من دراسة روزماری رادفورد روثر وروزماری سکنر.
أما دراسة كيتي كانون التي تتناول الأخلاقيات في كتابات زورا نیل هرستون ( Katie Cannon, “Resources for a Constructive Ethic in the Life and Work of zora Neale Hurston,” Journal of Feminist Studies in Religion1. 1 (fall, 1984): 37-51))، فتوضح العلاقة المتأصلة بين عملية الاستعادة وعملية إعادة الصياغة.
وتُعَدَّ دراسة مارلين رتشاردسون (Marilyn Richardson, Black Women and Religion: A Bibliography, 1980) ببليوجرافيا شارحة وافية تضم إحالات إلى كتب ومقالات تفسيرية وسير حياة وسير ذاتية وأعمال قصصية وشعر وموسيقى وفن ومواد سمعية– بصرية ومراجع تتناول جميعها النساء السود والدين.
تمثل المواد المذكورة هذا عمليات الاستعادة وإعادة القراءة، إذ لم أجد في دراسات الديانات الإفريقية التقليدية ما يمثل إعادة الصياغة.
وتعد دراسة مارثا بنفوردز (Martha Binfords, “Julia: An East African Diviner” in Unspoken Worlds, 3-21) قصة مشوقة ومثيرة تتناول جوليا العرافة التي تنتمي إلى شرق أفريقيا. وطبقًا لما ذكرته روزالن آی جای هاكت في مقالتها التي تتناول النساء والدين في نيجيريا (Rosalind I. J. Hackett, “Sacred Paradoxes: Women and Religious Plurality in Nigeria” in Women, Religion and Social Change, 247-271) للمحررتين إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي، وقد سبقت الإشارة إليه، لم يطرح النيجيريون فكرة أدوار الجنس أو علاقات السلطة للمناقشة بقوة، إذ إنهم لا يزالون منغمسين في مجموعة من المفارقات المتولدة عن التفاعل بين توقعات الديانات الإفريقية التقليدية، والمسيحية والكنائس الإفريقية المستقلة. يمكن أيضًا الرجوع إلى مقالة إلزابث تونكن حول إقصاء النساء في غرب أفريقية (Elizabeth Tonkin, “Women Excluded? Masking and Masquerading in West Africa”, 163-174)، ومقالة سوزان رينولدز وايتس التي تتناول إقليم بنيول (Susan Reynolds Whites, “Men, Women and Misfortune in Bunyole”, 175-192)، والمقالتان منشورتان في كتاب (Women Religious Experience ) تحرير بات هولدن، وقد سبقت الإشارة إليه. وتشير مقالة مارجارت ستروبل المرجعية ( Margaret Strobel, “African Women,” Signs: Journal of Women in Culture and Sociery 8. 1 (1982): 109-131) إلى دراسات عن الدين والطقوس والأيديولوجيا (وبخاصة الصفحات ۱۲۷–۱۳۰).
ولهنری جون درول ومارجريت تومسون درول دراسة رائعة عن الفن عند نساء قبائل اليوروبا (Yoruba) النيجيرية تحتوي على صور ملونة مذهلة، في كتابهما ( Henry John Drewel and Margaret Thomson Drewel, Glede: Art and Female Power Among the Yoruba, 1983 ). ويمثل احتفاء قبائل اليوروبا المنهجي بالقوى الأنثوية تكريمًا للنساء الأكبر سنًا نظرًا لما يقدمنه للجماعة، كما يمثل في الوقت ذاته استرضاءً وتهدئة للقوى التي تتمتع بها النساء حتى يمكن أن تنعكس تلك القوي في أشكال خلاقة غير هدامة، وهو طقس يثير الشغف ويخلط بين الجدَّ والفكاهة، يرتدي فيه المشاركون من الذكور ملابس النساء في صورة كاريكاتورية تبرز اكتناز الأرداف والأثداء التي ترمز إلى القوة الأنثوية. وتلقى دراسة جوزيف ميرفي (Joseph Murphy) المزيد من الضوء على حياة اليوروبا الدينية، حيث تقدم دراسة الإلهة “الراقصة أوشون“، في کتاب کارل أولسن بعنوان (Book of the Goddess) وقد سبقت الإشارة إليه، صفحات ۱۹۰ –۲۰۱.
تری باولا ألن جن في كتابها (Paula Allen Gunn, The Sacred Hoop: Recovering the Feminine in American Indian Traditions, 1986) أن أنماط الحياة التقليدية لسكان أمريكا الأصليين كانت حتى عام ۱۸۰۰ تمركز غالبًا حول النساء. وتطرح الباحثة فكرة أن أيًا من الصور الأبوية الموجودة بين الهنود اليوم إنما هي نتاج التوسع الاستعماري الغربي لا نتاج فكر الهنود الذكور. والباحثة هي ابنة لأم من قبائل اللاجونا Laguna)) الهندية وأب لبناني، وقد نشأت متأثرة بطرق الحياة الهندية و“الغربية“، ولذلك فهي تسعى إلى التعبير عن آلام شعب واقع تحت الاستعمار، يعاني معاناة متصلة جرَّاء إساءة الآخرين فهمه. وتَعُدُّ الباحثة دراساتها ودراسات الباحثات الأخريات من ساكنات أمريكا الأصليات سعيًا نحو استعادة آلهتهن وإلاهاتهن، واستعادة موروثاتهن وقوتهن بوصفهن نساءً. ويُعَدُّ الكتاب الواقع في صورة مقالات ذاتية مذيلة بملاحظات وببليوجرافيات مطولة كتابًا محرضًا، يحث القارئ على التفكير، ويثير قضية أساسية هي قضية الحوار بين الثقافات: كيف لنا أن نفهم الآخر بشكل عادل ومنصف؟ ويمكن لهذا الكتاب أن يمثل مرجعًا مهمًا في المناقشات النسوية بين الثقافية.
أما دراسة آكي هولتكرانتس (Ake Hulkranz ) المتضمنة في كتاب (Book of the Goddess)، الذي سبقت الإشارة إليه، فتلقي الضوء على لاهوت الإلهة وروحانية إلهات أمريكا الشمالية عند العديد من الجماعات (الهوبي (Hopi) والإيروكواز (Iroquois) والهويتشول ( Huichol) و الشاوني (Shawnee) والسو Cioux)) والإسكيمو Eskimo))).
ويقدم كتاب (The Hidden Half: Studies of Plains Indian Women, 1983) الذي قامت بتحريره باترشيا ألبرس (Patricia Albers) وبياترس مدسن (Beatrice Medicine) عرضًا ونقدًا للدراسات السابقة حول دور نساء السهول الهنديات ومكانتهن، كما يعيد تقييم ذلك في ضوء التطورات الإمبيريقية (التجريبية) والنظرية في الأنثروبولوجيا ودراسات النساء. وبالرغم من أن تلك المقالات لا تركز على الدين بشكل خاص، فإن دراسات الحالة الأنثروبولوجية المتضمنة في الكتاب تلقى الضوء على سياق مرحلة ما قبل قيام حركة الحفاظ على التراث، وهي المرحلة التي كان الدين فيها يُعاش ويُعَبُّرُ عنه بعروض الرقص والغناء. وتورد المؤلفة قوائم ببليوجرافية في نهاية كل مقالة.
وتضم كتابات آنماري شيموني الأنثروبولوجية التي تتناول النساء الإروكوازيات مقالة حول النساء الإركوازيات من منظور تاریخی (Annemarie Shimony, “Iroquois and (Women in Historical Perspective” in Women, Religion and Social Change, 397-418 ( لإيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلى (سبقت الإشارة إليه)، ومقالة تتناول النساء الإركوازيات ذوات النفوذ (“Women of Influence and Prestige Among the Native American Iroquois” in Unspoken Worlds, 243-259) لريتا جروس ونانسي فوك. وتحدد آنماري شيموني في المقالة الأخيرة الفروق بين سلطات النساء في المجتمعات الأموية وفي المجتمعات أمومية النسب وما تستتبعه سلطات النساء في كل من الحالتين، إذ تجد أن ادعاءات الأموية بين شعب الإروكواز ادعاءات مضللة. فبالرغم من وجود أمومية النسب، فإن ذلك في حد ذاته لا يخلع على النساء قدرًا أكبر من الاحترام أو الحرية أو السلطة. وتخلص الباحثة في دراستها إلى أن فكرة التكامل – لا المساواة هي مفتاح فهم العلاقات بين الرجال والنساء لدى الإركوازيين. وفي مثل ذلك السياق، تصبح ثنائيات الأعلى/ الأدنى، والمتسيد/ التابع غير ذات أهمية.
وتضم مجلدات روزماری رادفورد روثر وروزماری سکینر کیلر بعنوان (Women and Religion in America ( بحثين تاريخيين، أحدهما يتعلق بالأمريكيات الهنديات والدين لجاكلين بيترسون ومارى دروك ( Jacqueline Peterson and Mary Druke, “American Indian Women and Religion”, 1-41) في المجلد رقم ٢، والآخر لكاي باركر حول الأمريكيات الهنديات في سهول المناطق الجنوبية (Kay Parker, “American Indian Women and Religion on the Southern Plains”, 48-79) في المجلد الثالث.
أما فيما يتعلق بنوع السيرة والسيرة الذاتية، فقد جمعت جرتشن إم باتای وکاثلین مولن قصصًا لهنديات من ساكنات أمريكا الأصليات يحكين حيواتهن، في كتابهما ( Gretchen M. Bataille and Kathleen Mullen, American Indian Women Telling their Lives, 1984 (. ويعزز من قيمة السرديات أيضًا احتواء الكتاب على ببليوجرافيا مكونة من خمسين صفحة. يمكن أيضًا الرجوع إلى كتاب ألفارو إسترادا (Alvaro Estrade, Maria Sabina: Her Life and Chants, trans. Henry Munn, 1980). وهناك كذلك كتاب بفرلي هنجری ولف (Beverly Hungry Wolf, The Ways of my Grandmothers, 1980). والجدات هنا هن العديد من النساء المسنات من ’شعب الدم‘ (Blood people) الذي يمثل جزءًا من قبائل القدم السوداء (Blackfoot). وتواجه دراسة توماس بكلى التحدي الذي تخلقه فكرة إعادة الصياغة التاريخية، حيث يتناول المحيض عند نساء قبيلة يوروك ( Thomas Buckley, “Menstruation and the Power of Yurok Women: Methods in Cultural Reconstruction,” American Ethnologist 9 (February 1982): 47-60). في حين يقدم كتاب جيمز أكستل (James Axtell, The Indian Peoples of Eastern America: A Documentary History of the Sexes, 1981 ) تصنيفًا للأمور المتعلقة بالجنسين وبكافة الأعمار وفق طقوس دورة الحياة. ويُعنى كتاب راينا جرين ( Rayna Green, Native American Women: A Contextual Bibliography, 1983) بدراسة الولايات المتحدة وكندا، وتأتي الغلبة في المقالات الواردة فيه للدراسات الأنثروبولوجية والتاريخية. ويضم الفهرس ۳۲ مدخلاً عن الدين.
تعد الدراسات المكتوبة عن النساء في الإسلام من أهم الدراسات التي توضح عزم النساء الأخذ بزمام حياتهن. توضح إيفون يزبك حداد في مقالتها التي تتناول النساء في الإسلام والثورة في الفكر العربي في القرن العشرين، وهي بعنوان (“Islam, Women and Revolution in Twentieth-Century Arab Thought”) الواردة في كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلی، صفحات ٢٧٥–٣٠٦، مدی اختلاف الحركة النسوية العربية التي نشأت في القرن الماضي عن نظيرتها في الغرب. أولاً، لم تتأسس الحركة النسوية العربية على تحرير النساء بوصفهن افرادًا، ولكنها كانت جزءًا من مساعي رامية إلى تحرير المجتمع، ذلك أن الحركة النسوية العربية تطورت في مجتمع ذي هوية جمعية قوية. وثانيًا، كان الرجال هم أبرز المنادين بتحرير المرأة من التقاليد المقيدة لها، حيث تعين المقالة تلك المصادر وتناقشها. وثالثًا، لم تناد النسوية العربية إطلاقًا بفكرة التحرر الجنسي بوصفه أحد جوانب تحرر المرأة، بل إنها في الواقع تنكرت لذلك منذ البداية. وقد خلقت النسوية العربية حماسًا ومناقشات وجدلاً داخل أوساط المنادين بالقومية أو بالاشتراكية أو بالإسلام، إذ أصبحت النساء رمزًا لتحول المجتمع بأكمله في سعيه إلى تحقيق التكافؤ مع الغرب.
ويضم كتاب فريدا حسين عن النساء المسلماتFreda Hussain, Muslem Women, ) 1984) مقالات في مجالات التاريخ وعلم الاجتماع والعلوم السياسية والتعليم والأنثروبولوجيا الاجتماعية حول مظاهر التأثير الحي الملموس للإسلام في السودان وماليزيا وتونس وباکستان وتركيا ومصر وإيران. يجمع بين تلك المقالات الاهتمام المشترك بالنزاع بين النموذج المثالي الذي يقدمه الإسلام وتجليات الواقع المعيش في حياة المسلمات. وتأمل المؤلفة أن تتمكن المجتمعات الإسلامية من إحلال الرباط الديني الإسلامي الذي يتمتع الجميع بالمساواة داخله محل الرباط الإقطاعي القائم على التحكم والسيطرة. وتنتقد فريدة حسين النسوية الغربية والتحديث والماركسية بشدة في كتابها، مؤكدةً أن النص القرآني يمكن أن يستخدم لتحرير النساء من تسيد الرجال. وتدعو المؤلفة المسلمات إلى إعادة دراسة القرآن وتراث الحديث بأنفسهن، اذ “إننا في العالم الإسلامي لا نزال في حاجة إلى أن تتصدى النساء لتفسير الإسلام“.
وتناقش باحثات عديدات دور النساء اللاتي شاركن في الثورة الإيرانية عام 1979. وقد قامت جيتي نشأت بتحرير مجلد يضم أبحاثًا تناقش التناقض الواضح بين المشاركة الفعالة للنساء في الثورة ورفضهن المتزامن لنظام الشاه (١٩٢٥–۱۹۷۸) الذي يوصف ظاهريًا بالعمل على تحريرهن من قيود ماضٍ تسبب في قهرهن. (أنظري كتابها عن النساء والثورة في إيران (Guity Nashat, Women and Revolution in Iran, 1983). كما يمكن أيضًا الرجوع إلى كتاب فرح أرازی عن الصراع مع الأصولية الإسلامية في إيران (Farah Arazi, Women of Iran: The Conflict with Fundamentalist Islam, 1983). ويضم كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي، الذي سبقت الإشارة إليه، مقالة تحليلية لوليام آر دارو تتناول دور النساء في الثورة الإيرانية ( William R. Darrow, “Women’s Place and the Place of Women in the Iranian Revolution”, 307 -319).
كما تورد إريكا فريدل وصفًا حيًا للصراعات التي تعيشها المسلمات من خلال تناول حياة النساء القبليات في قرية إيرانية، وذلك في مقالة (Erika Friedl, “Islam and Tribal Women in a Village in Iran” in Unspoken Worlds, 159-173) وقد سبقت الإشارة إليه.
وفي كتابها الذي يتناول علاقة المسلمات بالتحول من الماضي إلى المستقبل في الشرق الأوسط، تشير نائلة ميناي – من خلال سرد نثری سلس– إلى أن قصص تحرر النساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تبدأ بكفاحهن من أجل استقلال بلادهن، كما تبرز دور أول منظمة نسوية في العالم العربي – ألا وهي الاتحاد النسائي – الذي تأسس في مصر عام ١٩٢٣ ( Naila Minai, Women in Islam: Tradition and Transition in the Middle East, 1981). وتتفق نائلة ميناي مع إيفون يزبك حداد في نقدها لربط الغرب بين النسوية والتحرر الجنسي. وتؤكد أن حركة التحرر الجنسي في الغرب شكلت في كثير من الأحيان قهرًا للنساء يماثل القهر الذي تنتجه القيود الجنسية في الشرق.
ويتضمن كتاب جين آي سميث عن النساء في المجتمعات الإسلامية المعاصرة (Jane I. Smith, Women in Contemporary Muslim Societies, 1980) ببليوجرافيا مكونة من ست صفحات لمصادر بالإنجليزية عن النساء والإسلام، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المقالات تتناول أشكال تجاوب المجتمعات الإسلامية مع التغيرات التي يمر بها العالم المعاصر.
وتجتهد الناقدات والمعلمات التقدميات المسلمات، تمامًا مثل نظيراتهن اليهوديات والمسيحيات، في مساندة التطور وتبريره من خلال تأكيد علاقته بأصوله المستمدة من النصوص المقدسة والتاريخ والقانون. ولذلك، نجد مقالة جين آي سمث تعرض للتغيرات الاجتماعية في عصور الإسلام المبكرة (Religion and Social Change in Early Islam”, 19-35 “Women,) وهي منشورة في كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي. وتتناول السوابق التاريخية للمساعي المطالبة بالتغيير في العصر الحالي. وتخلص الباحثة إلى أن الدأب على إقصاء النساء عن الحياة العامة لم يكن ما أراده النبي في الأصل. كما تخلص إلى أهمية النظر في قضية لاهوتية أساسية: ما العلاقة بين التوحيد المبني على نموذج مذكر وفهم إمكانات النساء الكامنة؟
يصعب بشكل خاص التعميم بشأن الفكر والممارسات الهندوسية، إذ إن الهندوسية عبارة عن مجموعة كبيرة من المذاهب التي تربطها ببعضها البعض علاقات فضفاضة لا تنتظم في نسق من المبادئ يمكن التعرف عليه بصورة عامة، كما أنها لا تضم تسلسلاً كهنوتيًا تراتبيًا ((hierarchy . وهكذا، تستتبع دراسة الهندوسية البحث في المواريث والممارسات الإقليمية. ويمكن مناقشة الموضوعات التي تشترك فيها المجموعات المتنوعة على أساس مبادئ مشتركة، لا بوصفها قوانين مرجعية واضحة المعالم. ويمكن تحديد ثلاثة مجالات للبحث أنتجت الدراسات التي ظهرت مؤخرًا حول النساء والمذاهب الهندوسية، ألا وهي: تأويل الرموز الدينية للإلهات، وصور النساء الهندوسيات والمواقف السائدة تجاههن، وأفعال النساء وطقوسهن.
ويضم كتاب كارل أولسن ((The Book of the Goddess – الذي سقبت الإشارة إليه – دراستين عن إلهتين هندوسيتين، حيث تناقش مقالة سي ماكنزي (C. MacKenzie, “Kali, the Mad Mother”, 110-123 (التناقضات الكامنة في شخصية كالي (Kali) الإلهة الهندوسية. كما تقدم دراسة كارل أولس منظورًا تاريخيًا لقصة لاكشمي ورادا(Lakshmi and Radha) في الديانة الهندوسية (“Sri Lakshmi and Radha: The Obsequious Wife and the Lustful Lover”, 124-144 .(ويتحدث تشارلز إس جای وایت من موقع الإعجاب وهو يحكي عن لقاءاته مع قائدة روحانية شبه– إلهة، في مقالته (Charles S. J. While, “Mother Guru: Jnanananda of Madras, India” in Unspoken Worlds, 22-37)، الذي سبقت الإشارة إليه. وتقدم مقالة ليزلي جوليا المفيدة (Leslie Julia,“Essence and Existence: Women and Religion in Ancient Indian Texts”) عرضًا تاريخيًا واسعًا للنصوص الهندية القديمة التي تتناول النساء والدين. وترِد المقالة في كتاب بات هولدن (Women’s Religious Experience ) الذي سبقت الإشارة إليه.
وتشير ساندرا روبنسون إلى أن الهندوسية غير البراهمانية قد اعترفت اعترافًا كاملاً بالنساء وأتاحت لهن المشاركة الفعالة، بينما على النقيض من ذلك فإن الهندوسية البراهمانية، التي تتميز بوجود طبقة منغلقة من الكهان، دأبت على استبعاد النساء من أنشطة بعينها، وذلك في مقالتها:(Sandra Robinson, “Hindu Paradigms of Women: Images and Values”, 181-215) الواردة في كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون يانكس فندلي. وتركز لو راته Lou Ratte)) على التغيرات التي طرأت على نماذج العلاقات بين الرجال والنساء في الإطار الديني، خلال المرحلة المبكرة من الحركة القومية في الهند. (يمكن الرجوع إلى مقالتها بعنوان (“Goddesses, Mothers and Heroines: Hindu Women and the Feminine in the Early Nationalist Movement”) الواردة في كتاب حداد وفندلی، صفحات ۳5۱–۳76). وتسعى مقالة فريديريك أبفل مارجلن (Frederique Apffel Marglin) إلى تقديم فهم أكثر واقعية لمفهوم الجنسانية (sexuality) في الهندوسية من ذلك الذي قدمته الكثيرات من الباحثات الغربيات. يمكن الرجوع إلى الدراسة الواردة في كتاب كلارسا أتكنسون وآخرون (Immaculate and Powerful)، وهي بعنوان (“Female Sexuality in the Hindu World”)، صفحات ۳۹-60.
وتلقى ثلاثة من الباحثات الضوء على الطقوس الخاصة بالنساء في كتاب (Unspoken Worlds) لريتا جروس ونانسي فوك. فهناك دراسة لسوزان إس وادلى عن الطقوس النسائية الأسرية في إحدى القرى في شمال الهند (Susan S. Wadley, “Hindu Women’s Family and Household Rites in a North Indian Village”, 94-109)، ودراسة جيمز فريمن عن الطقوس النسائية في شرق الهند خلال العصور الوسطى(James M. Freeman, “The Ladies of Lord Krishna: Rituals of Middle-Age Women in Eastern India”, 110-126)، ودراسة دوران جاكبسن التي تتناول طقوس الولادة في مناطق وسط الهند (“Golden Doranne Jacobson, Handprints and Red-Painted Feet: Hindu Childbirth Rituals in Central India”, 73-93). وترد دراسة لكاثرن تومسن تدور حول النساء والخصوبة في إحدى القرى الهندية (Catherine Thomson, “Women, Fertility and Worship of Gods in a Hindu Village”, 113-131) في كتاب بات هولدن (Women’s Religious Experience).
أما مقالة ريتا جروس: (“Hindu Female Deities as a Resource for the Contemporary Rediscovery of the Coddess”) الواردة في کتاب کارل أولسن (Book of the Goddess )، فتبرز الفكر الذي يسعى إلى تقديم صياغات جديدة في دراسة “لاهوت الإلهة” في الهندوسية، عن طريق دراسة الإلهات الهندوسيات بوصفهن مصدرًا لفكرة الإلهة المعاصرة.
نجد في كتاب ديانا بول الذي يتناول صور النساء في البوذية (Diana Paul, Women in (Buddhism: Images of the Feminine in the Mahayana tradition, 2nd ed., (1985نصوصًا مختارة عن النساء، كما يقدم الكتاب تحليلاً تاريخيًا ونصيًا نقديًا، بالإضافة إلى الترجمات. وبالرغم من أن ديانا بول لا تستخدم هرمنوطيقا نسوية، فهي تدعو الباحثات الأخريات إلى ذلك، وهي تدرك الحاجة الملحة إلى دراسات نسوية تتناول موادًا من ثقافات أسيوية.
وتعكس المقالات الآتية الموضوعات التي تشغل الباحثات المهتمات بموضوع النساء في البوذية في الوقت الراهن: مقالة ريجينالد آي راي حول دور النساء في البوذية في الهند والتبت في العصور الوسطى (Reginald A. Ray, “Accomplished Women in Tantric Buddhism of Medieval India and Tibet”, 227-242)، ومقالة نانسي آور فوك التي تُعنى بالبوذية القديمة في الهند (Nancy Auer Falk, “The Case of the Vanishing Nuns: The Fruits of Ambivalence in Ancient Indian Buddhism”,207-244)، ومقالة ديانا بول التي تتناول الإمبراطورة الصينية القديمة وو: (Diana Paul, “Empress Wu and the Historians: A Tyrant and Saint of Classical China”, 191-206). وترد كل المقالات في كتاب (Unspoken Worlds) لريتا جروس ونانسي فوك.
يمكن أيضًا الرجوع إلى بحث نانسی شوستر الذي تعرض فيه صور النساء في البوذية المبكرة في الصين (Nancy Schuster, “Striking: Women and Images of Women in Early Chinese Buddhism”, 87-112)، ومقالة جانس دي ويليس التي تدرس دور النساء في تطور البوذية (Janice D. Willis, “Nuns and Benefactresses: The Role of Women in the Development of Buddhism”, 59-85) ويردان في كتاب إيفون يزبك حداد وإليسون بانكس فندلي ( Women, Religion and Social Change). ويحتوی کتاب کارل أولسن (Book of the Goddess ) على مقالة لديانا بول عن البوذية في الصين (Diana Paul, “Kuan-Yin: Savior and Savioress in Chinese Pure Land Buddhism”, 161-175). وتناقش آن سي كلاين قضية تتجلى في ثقافات كثيرة، وهي: لماذا لا تتحول الدعاوى إلى المساواة المنبنية في صميم الأديان إلى مساواة على المستوى الاجتماعي، وذلك في مقالة ترد في كتاب (Immaculate and Powerful) لأتكنسون وأخريات، تتناول الرموز النسائية في إقليم التبت (Anne C. Klein, “Primordial Purity and Everyday Life: Exalted Female Symbols and the Women of Tibet”, 111-138) .
شهدت الثمانينيات من القرن الماضي طفرة كبيرة في الدراسات التي تُعنى بالأخلاقيات الدينية النسوية. ومن الكتب المفيدة التي تقدم دراسات مختارة تمثل آراءً وموضوعات ومناهج مختلفة في الأخلاقيات النسوية الكتابُ الذي قامت بتحريره كل من باربارا هلكرت أندولسن وكرستن إى جودورف وماري دی بیلاور: (Barbara Hilkert Andolsen, Christine E. Gudorf and Mary D. Pellauer, eds., Women’s Consciousness, Women’s Conscience: A Reader in Feminist Ethics, 1985). وتعترف المحررات أن كتابهن غير مكتمل، إذ إنه لا يمثل كل الثقافات والاتجاهات الأخلاقية. ويضم الكتاب مقالتين مهمتين كتبتهما ماري بيلاور وأدا ماريا إساسي– دیاز، تناقش مقالة ماری بیلاور (Mary Pellauer, “Moral Callousness and Moral Sensitivity: Violence Against Women”) المواقف المتحجرة التي تعوق الحساسية الأخلاقية تجاه ممارسة العنف ضد النساء. ولأن الباحثة قد تعودت على ألا تبالي بتجارب العنف والانتهاك على المستوى الشخصي فقد دفعها ذلك إلى التساؤل عن قدر اللامبالاة التي نعيشها إذا كنا من الجماعات التي تمارس القهر، وليس من أعضاء الجماعات المقهورة. وتطرح أدا ماريا إساسی – دیاز منظورًا مماثلاً في مقالتها ( Ada Maria Isasi-Diaz, “Towards an Understanding of Feminismo Hispano in the U.S.A”): “كيف يمكن أن تصبحي خفية أكثر مما أنت عليه؟ … فالاختفاء الخفي معناه أن الآخرين لا يعرفون حتى أنهم لا يعرفونك.” وهي ترى أن ذلك هو وضع النساء الهسبانيات في الولايات المتحدة الأمريكية. وتطلب المؤلفة من النسويات البيض أن يكافحن التمييز العنصري والعرقي، وتحث أخواتها الهسبانيات على رعاية وتشجيع نسويتهن وهويتهن الهسبانية.
كما تركز العديد من الكتب على موضوعات في الأخلاقيات. يبحث کتاب مارجرت فارلی (Margaret Farley, Personal Commitment: Making, Keeping, Breaking, 1986) أشكالاً متنوعة من الوعود (مثل الصداقة والزواج والعهود الدينية والعناية بالمرضى وما شابه ذلك داخل جماعة ما) التي غالبًا ما يطلق عليها “التزامات“. وكأنها تدخل نفقًا عميقًا متكهفًا ممسكة بيدها شعلة من الضوء، تتلفت مارجرت فارلي هنا وهناك، متفحصة هذا الشق تارة، وذاك الصدع تارة أخرى، وتتحرك بالضوء تجاه الضوء. ويقدم كتاب ليزا كاهيل (Lisa Cahill, Between the Sexes: Towards a Christian Ethic of Sexuality, 1985) مناقشة ممتازة حول الجنسانية، بينما تقدم طرحًا أخلاقيًا مقنعًا. في حين تسعى بفرلى هاريسون إلى لفت الانتباه إلى الجدل القائم حول الإجهاض في كتابها (Beverly Harrison, our Right to Choose: Toward a New Ethic of Abortion, 1983)، حيث تطالب بعقد اجتماعي يمكّن النساء من الإجهاض الاختياري. وتطرح الباحثة موقفها، وهو موقف إشكالي في الوقت الراهن يعاد فيه تقييم قضية “رو ضد ويد” (Roe v. Wade)، وهو في ذات الوقت موقف یعی حساسيات القضية، وينطوي على تأصيل أخلاقي في فهمها للنساء واللاهوت والأخلاقيات الاجتماعية. تقدم سیدنی کالاهان في مقالتها (Sidney Callahan, “Abortion and the Sexual Agenda,” Commonweal (April 25, 1986): 232-238 )، قراءة نقدية لآراء بفرلي هاريسون، كما تقدم في ذات الوقت طرحًا نسويًا معارضًا لإباحة الإجهاض. وتعد هذه المقالة إسهامًا مهمًا يتناول بجدية الدعاوى الأخلاقية التي تسوقها النسويات المؤيدات لحق الإجهاض، فتفندها بطريقة تلقي الضوء على الافتراضات المتباينة لهذين الرأيين المتعارضين. كما يعد كتاب باربارا أندولسن (“Daughters of Jefferson, Daughters of Bootblack” : Racism and American Feminism)، وقد سبقت الإشارة إليه، دراسة مهمة لموضوع الأخلاقيات النسوية.
وقد قامت كارول إس روب بجمع وتحرير وتقديم مقالات بيفرلي هاريسون في كتابها (Carol S. Robb, Making the Connections: Essays in Feminist social Ethics, 1985). وتضع بيفرلي هاريسون في هذه المقالات أسس تحليلها الأخلاقي، كما تتناول العلاقات القائمة بين العنصرية والعداء تجاه النساء وكبار السن والمثليين، إلى جانب موضوعات أخرى مثل سياسات استخدام الطاقة ورسامة النساء.
وتقدم مارجرت فارلي للمعلمين في المعاهد والكليات بعض الأفكار حول تدريس الأخلاقيات النسوية في المقررات الدراسية ضمن مقررات الأخلاقيات المسيحية في مقالاتها (“Feminist Ethics in the Christian Ethics Curriculum”, 65-76)، وذلك في الكتاب الذي حررته سویندلر وكون (Mainstreaming)، وقد سبقت الإشارة إليه. تقدم مارجارت فارلي هنا طرقًا لتدريس التحليل النسوي في علاقته بالأخلاقيات الجنسية والأخلاقيات الطبية، وتؤكد الحاجة إلى نماذج مماثلة في الروحانية والاقتصاد (العمل، الإنتاج، الفقر)، وفي الطاقة والبيئة.
ويضم الجزء الرابع من كتاب دانيال ماجواير (Daniel Maguire, The Moral Revolution: A Christian Humanist Vision,1986)، ثلاثة مقالات جديدة تتناول “الأخلاقيات النسوية الجديدة“. ويوضح دانيال ماجواير في مقالة (“The Feminist Turn in Ethics”, 122-129)، التحدي المعرفي الذي تمثله الدراسات النسوية في مجال علم الأخلاق.
يمكننا ملاحظة انتشار الدراسات النسوية في مجال الدين بالنظر إلى الصفحات المعنية في الفهرس الديني (Religious Index). وتعنى دورية (Journal of Feminist Studies in Religion ) بنشر الأبحاث التي تتناول النسوية والدين مصدرًا رئيسًا. ومن الدوريات المعنية بالدراسات الدينية التي تنشر مقالات عن الدراسات النسائية والنسوية بشكل منتظم ما يلي: (Religious Studies Review; Anima; Journal of the American Oriental Society; Journal of Religion in Africa; Theological Studies; Horizons: Journal of the College Theology and Society; and Lilith). وبالنسبة إلى الدوريات الخاصة بالدراسات النسوية نجد أن دورية (Signs: Journal of Women in Culture and Society) كثيرًا ما تنشر مقالات عن الدين أو حول الدين، كما نجد ذلك أيضًا في كل من: (Feminist Studies; Women’s Studies). ومن المصادر الكبرى أيضًا الببليوجرافيا التي تحمل عنوان (Women and Religion: A Bibliography)، التي تم جمعها من الفهارس الدينية لاتحاد المكتبات اللاهوتية الأمريكي (ATLA) (الطبعة الثانية المنقحة، أبريل ۱۹۸۲)، و يمكن الحصول عليها بالبحث الإلكتروني في قواعد البيانات الدينية لاتحاد المكتبات اللاهوتية الأمريكية.
تساعدنا الدراسات النسوية التي تتناول ديانات العالم في توسيع زاوية رؤيتنا، كما تطرح أسئلة لم يرد طرحها تقليديًا. وتربط تلك الدراسات البحث في الجندر بالبحث في موضوعات مثل الطبقة الاجتماعية والعرق، بهدف خلق منظور أرحب لتناول حياة النساء. ونجد في هذه الدراسات أن الباحثات والباحثين تُعدن قراءة وفهم وصياغة التراثات العديدة التي ولدنا فيها نحن البشر، والتي ننساق إليها، والتي تسعى من أجل أن نحيا سويًا فيها حياة تتأسس على الدراية والتعاطف والعدالة.
جيون أوكونور (June O’Connor): أستاذة الدراسات الدينية في كلية الإنسانيات والفنون والعلوم الاجتماعية بجامعة كاليفورنيا. وهي متخصصة في علم الأخلاق الدينية المقارنة، وتهتم على وجه الخصوص بقضايا الدين وحقوق الإنسان، المنظور النسوي، وديانات العالم الثالث، بالإضافة إلى مناهج البحث والتحليل الأخلاقي، والفكر الديني الغربي.
*June O’Connor, “Rereading, reconceiving and reconstructing traditions: feminist research in religion,” Women’s Studies 17 (1989), 101-123.
(1) لمراجعة أعمال حول النساء والدين والكهنوت والأخلاق نشرت قبل هذا التاريخ، الرجوع المصدر الآتية:
Anne E. Patrick. “Women and Religion: A Survey of Significant Literature, 1965-1974,” Theological Studies 36/4 (December 1975) 737-765;
Anne Barstow Driver, “Review Essay: Religion,” Signs: Journal of Women in Culture and Society 2 (Winter 1976) 434-442;
Carol Christ, “The New Feminist Theology: A Review of the Literature,” Religious Studies Review 3/4 October 1977 203-210;
Gayle Graham Yates. “Spirituality and the American Feminist Experience,” Signs: Journal of Women in Culture and Society 9/1 (August 1983) 59-72;
Barbara H. Andolsen, “Gender and Sex Roles in Recent Religious Ethics Literature,” Religious Studies Review 11/3 (July 1985) 217-223.