إيران في العصر الصفوي من القرن السادس عشر إلى منتصف القرن الثامن عشر
ترجمة:
بقلم:
المنهجيات والمنظومات والمصادر
لدراسة النساء والثقافات الإسلامية المداخلات تبعا للموضوع
إيران في العصر الصفوي
من القرن السادس عشر إلى منتصف القرن الثامن عشر
الأدب الصفوي هو مصطلح خاص بالحضارة فارسية الطابع وقد أنتجه خليط من المجموعات الإثنية واللغوية والدينية التي سكنت المناطق الشرقية من بلاد الأناضول والهضبة الإيرانية وامتدت إلى آسيا الوسطى وما يعرف في العصر الحديث باسم أفغانستان. إن الخصوصية الفارسية، والتي تأثرت بعناصر هندوإيرانية وأخرى سامية وإغريقية ومنغولية توركية، ساهمت في تشكيل مجموعة مختلفة من الهويات إسلامية الطابع (Islamicate) التي عبرت عن نفسها في بزوغ إمبراطوريات حديثة وإسلامية الطابع مثل الإمبراطورية العثمانية (۱۳۰۱ – ۱۹۲٤م) وإمبراطورية المغول (١٥٢٦ – ۱۸٥٨م)، وإمبراطورية الأوزبك (١٥٠٠ – ١٧٨٥م) وإمبراطورية الصفويين (۱5۰۱ – ۱۷۲۲م)، وإن عكست كل منها خليطا مختلفا من العناصر التي تأثرت بها. وقد كانت الحواجز السياسية التي خلقتها تلك الإمبراطوريات مليئة بالفجوات مما سمح باستمرار عبور الأفكار والأشغال اليدوية والبضائع، ومعها العنصر والتأثير البشري المتمثل في الشعراء والخطاطين والحجاج والتجار والمبعوثين والدراويش والباحثين، وحتى الجواسيس. لذلك فإن الإنتاج الأدبي الصفوي المتناول في هذا المقال يعكس بالضرورة رموزا ثقافية مشتركة تتحدى التصنيف الإمبريالي المستمر في التأريخ المعاصر، لكنها في ذات الوقت تتعامل بتعنت مع مشروعات التحديث الوطنية والعرقية. في ضوء ما سبق يصبح على الباحث والباحثة في الأدب الصفوي أخذ تلك المترادفات الثقافية في عين الاعتبار والاهتمام بالبحث المقارن لإلقاء الضوء على الخصوصيات.
تمثل إيران الصفوية لحظة تحول في تاريخ شرق ووسط الأمة الإسلامية حيث أثارت ميولا جديدة أبرزت مجموعة خاصة من الرموز فارسية الطابع المتضمنة في الدوائر الصوفية والعلوية والمزدوية، فبدأت بذلك في إدراج صور للإمبراطورية الصفوية في إطار منظومة إيرانية وشيعية (إمامية). لقد بدأ الصفويون ثورتهم كحركة صوفية تبشيرية تعد بخلق المدينة الفاضلة على الأرض. لكنهم حين بدأوا في تثبيت مقاليد حكمهم قاموا بإسكات تلك الرؤية البديلة واختاروا لغة أكثر انسجامًا ومنطقية للحكم. ومن هنا تجب قراءة الأدب الصفوي زمانيا في سياق هذه العملية التاريخية، كما يجب التمييز ما بين الحقبات الثورية والتكوينية (١٤٤٧ – ١٥٩١م) وحقبة الإمبراطورية (1951 – ۱۷۲۲م). وفي النهاية استطاع المشروع الصفوي بفضل حيويته أن يتجاوز المرحلتين وأن يستمر رغم قرن كامل من الانقطاع عن الحكم (عصر أسرتي “أفشار” و“زند“) إلى حين إعادة تشكيل الدولة المركزية في القرن التاسع عشر والمعروفة باسم دولة “قاجار إيران” (۱۷۹۸ – ١٩٢٦م). هذا ولن يتناول هذا المقال عصري انتقال الحكم ما بين أسرتي أفشار وزند.
تركز اهتمام البحث الحديث في التاريخ الصفوي على مجالي السياسة والاقتصاد حيث كان دور النساء هامشيا. ذلك أن التأريخ لنساء إيران الصفوية يجب أن يبدأ بإدماج وتحليل الفئات التحليلية الخاصة بالنوع الاجتماعي (الجندر) وبالهوية والحياة الجنسية، كما يجب دراسة النساء كجماعة في محيطهن التاريخي والاجتماعي. وفي الوقت الحاضر ما زالت الأساليب مبهمة فيما يتعلق بطرق تشكيل وإعادة تشكيل النوع الاجتماعي والحياة الجنسية من قبل عقليات متغيرة قامت بإبراز وتنظيم آفاق الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية. إن مجال التأريخ الصفوي عن النساء، وهو مجال بحثي ما زال بكرا، يجمع على إرجاع فاعلية الدور النسائي إلى الثقافة البدوية المغولية التوركية والتي تعاملت مع الجنسين بشكل متساو إلى حد كبير، وهو افتراض كثيرا ما يعرض بشكل غير نقدي ولا تاريخي. كما أنه يفترض أن الحقبة الإسلامية المغولية لم تكن ممثلة لممارسات إسلامية الطابع، بل إن فاعلية الدور النسائي عادة ما يتم تقديمها باعتبارها من مظاهر العادات الوثنية والقبلية. لذلك نجد أن المساواة السياسة والاجتماعية القائمة في ثقافة وسط آسيا هي الجانب البارز في الدراسات التي تناولت نساء العائلة المالكة الصفوية (Szuppe 1998)، ومشاركة النساء في سوق العقارات المدينية في أردبيل (zarrinebaf –Shahr 1998)، وفي مجال الدعارة في الحقبة الصفوية كتعبير عن أعراف جنسية أقل تشددًا (Matthee 2000)
صحيح أن الإمبراطوريات الحديثة الأولى مثل إمبراطورية الصفويين والعلمانيين بدأت بتطبيق المفاهيم المغولية التوركية للسيادة، حيث الجميع يشاركون في السلطة التي يتم توزيعها على هيئة حصص بين جميع أفراد الأسرة الحاكمة، بما فيها فروعها الرجالية والنسائية. نظريا كانت الأرض ملكًا للأسرة الحاكمة عمومًا. وكانت النساء الصفويات، مثلهن مثل أقرانهن من الرجال، منخرطات في السياسة للحفاظ على المملكة وحماية خط النسب. كذلك كان يعتقد أن الدم الصفوي، الذكوري والأنثوي، يحمل صفة القدسية، وفي القرن السابع عشر كان يتم كف بصر الأميرات وإخوانهن الذكور خوفًا من المطالبة بالعرش، وهي ظاهرة خاصة بالصفويين، الأمر الذي أطلق عليه اسم “السياسة الصفوية” من قبل المراقب الفرنسي لإيران الصفوية في مراحلها المتأخرة، وهو الرجل أهل الثقة جان شاردن (Jean Chardin 1811).من منطلق نظري إذن كان يجوز لجميع النساء الصفويات أن يحكمن، سواء كن منحدرات من نسب أمومي أو نسب أبوي. وقد يكون هذا التعريف الخاص جدًا للأسرة والحكم الشرعي هو ما ترتبت عليه بعد ذلك المفاهيم الإيرانية العتيقة بشأن الهيبة القدسية التي تم إضفاؤها على الأسرة الحاكمة. وحيث أن التصور المثالي لكل من المغول الأتراك والإيرانيين بالنسبة للسيادة قام على استثمار السلطة في مجمل الأسرة الحاكمة لا في الأفراد، فإنه يصعب الحديث عن تراث أو أصول آسيوية أو إيرانية لمثل تلك الممارسات. وأنا أميل إلى فهم الأمر باعتباره أحد جوانب التأثر الثقافي، حيث ساهم وجود مفاهيم مشتركة عن السلطة في تعزيز عامل الاستمرارية (Babayan 1998) .
مع ذلك ليس الجوهري هنا هو تتبع الأصول بل البحث في انعكاس ذلك على صياغة الأدوار الاجتماعية لكل من النساء والرجال ضمن السياقات إسلامية الطابع، وارتباط مفاهيم الذكورة والأنوثة تبعا لموقع تلك العناصر فارسية الطابع في البلاط الملكي. وحيث أن أغلب الأدبيات المتوفرة صادرة عن أجواء البلاط، فإننا نجد أنفسنا أمام صورة أوضح وأدق عن نساء العائلة المالكة الصفوية. ويجب أن تبدأ البحوث الحديثة الآن في دراسة أواخر العصور الوسطى وبدايات العصور الحديثة للأمة الإسلامية بحثًا عن الصياغات المتعددة للدور الفاعل للنساء ضمن سياسات حكم الأسر المالكة. ولكي نفهم التغير الحادث يجب أن نبحث في النتائج التي ترتبت على الابتعاد عن التقاليد التي سمحت للنساء بالقيام بدور فاعل في الأسرة وكيفية تأثير ذلك على علاقات النوع الاجتماعي داخل وخارج البلاط، حيث أصبح الصفويون أكثر تمدناً وأصبحت إمبراطوريتهم أكثر مركزية. ومن خلال عملية ذلك التحول إلى المركزية وتبرير وجودهم في السلطة لجأ الصفويون مثل العثمانيين والمغول إلى الاعتماد على أساس قانوني لسيادتهم إلى جانب قدرتهم على تطبيق قانون الشريعة الإسلامية. وقد تمت إعادة تعريف السلطة في تلك الفترة بحيث تبرز عناصر الإسلام الحضري المتمدن، خاصة روح المذهب الشيعي الإمامي. وبمجرد إدماج النساء والرجال، والأنوثة والذكورة، في تحليلنا للتاريخ الصفوي سوف يكون بإمكاننا أن نبدأ في التعرف على الهياكل المختلفة للتراتبية والسلطة. وكما سوف نرى فإن الهوية والحياة الجنسية ووضع حدود الانحراف الجنسي أصبحت سمة حاسمة ضمن تلك اللغة الأبوية الجديدة المطلقة.
إن التناقضات ما بين الإيقاعين المديني والبدائي للحياة وبين المفاهيم الدائرية والخطية للزمن، وأشكال الوجود المنطقية والغيبية، كل ذلك يمثل عناصر جوهرية عند البحث في التأريخ الصفوي والذي سوف يستفيد من دمج سياسات النساء والنوع الاجتماعي في تحليلها وتفسيرها للتغير. أن هذه العملية تستدعي قراءة وإعادة قراءة لكل الحوليات والتي تمثل الكيان الرئيسي للأدبيات الخاصة بسياسات البلاط. وما أقصده هنا بالقراءة لا يقتصر على كشف المساحات التي تظهر فيها النساء كفاعلات في تلك المصادر – وهو ما تمت محاولة تناوله فعليا من قبل (Hijazi 2002، Szuppe 1998) – وإنما يتضمن أيضًا إلقاء الضوء على كيفية تصوير أوجه التفاعل بين الرجال والنساء وتكويناتهم المتبادلة. فكيف تمثلت الفروق الجنسية في الخطاب السياسي؟ وكيف يعبر النوع الاجتماعي عن نفسه كفئة خطابية في أدبيات البلاط؟
توضح لنا حوليات التاريخ الصفوي في القرن السادس عشر كيف أن المشاركة السياسية بهدف الحفاظ على الحكم كانت تعتبر حقًا مقصورًا على السلالة الملكية بنسائها ورجالها. لكن بحلول القرن السابع عشر برز اتجاه للتقليل من قيمة السلطة النسائية وقد انعكس ذلك في كتب الحوليات. إن بري خان خانم (المتوفاة عام ١٥٧٨م)، وهي أميرة من القرن السادس عشر، كانت تحكم فعليًا في فترتي خلو العرش واللتين انتهيتا بصعود أخويها (إسماعيل الثاني ومحمد خدابنده) إلى العرش، أصبحت ضحية لما تم من إعادة صياغة للغة السلطة الصفوية (Babayan 1998, Golsorkhi 1995).حيث يحكي المؤرخ إسكندر بك منشي (المتوفى عام ١٦٣٣م) عن استياء أخيها وندها إسماعيل الثاني من جنرالات التركمان (القزلباش) الذين اجتمعوا في منزلها، حيث نهرهم قائلاً: “ألم يفهم الأصدقاء أن تدخل النساء في أمور المملكة لا يليق بهيبة الشرف الملكي وأنه لمن المخجل أن يختلط الرجال بالمحجبات والمحصنات من العائلة الملكية الصفوية؟” (Munshi 1971, i, 201).وفي محاولة لإضفاء الشرعية على الهيمنة الذكورية على العرش الصفوي بتحدث مؤرخ حكم شاه عباس الأول (حكم في الفترة ١٥٨٧ – ١٦٢٩م) من خلال إسماعيل الثاني ليقول بأن النساء لسن صالحات للحكم فحسب بل أن ممارستهن للسلطة السياسية تلطخ الشرف الذكوري. وهو يعكس موقفه هذا باستخدام المفارقات التاريخية ويستحضر من خلاله مجموعة من التقاليد في الأمة الإسلامية ليواجه بها مطالبة بري خان خانم بالحكم. إن هذا الموقف ليس غريبا على التاريخ الإسلامي، حيث تقدم الوزير السلجوقي “نظام الملك” (في عام ۱۰۸٦م) بنفس الحجة حين شعر بالتهديد من قبل امرأة أخرى قوية في البلاط، حيث استخدم أحاديث نبوية ليدعم موقفه مشيرًا إلى التراث المنقول شفاهة عن الرسول (ص) ورفاقه، والتي تم توثيقها في لحظة كان الإسلام فيها قد انتقل فعليًا من السياق القبلي العربي إلى سياق إيراني سامي مستقر، حيث تم حجب نساء الأسرة المالكة في الحرملك وأصبحن قانونيا معتمدات وتابعات لأزواجهن وآبائهن أو أي وصي قانوني من الذكور.
في ذلك الوقت كانت هناك نظرية سياسية جديدة على وشك أن تستبدل الصيغة الصفوية للأنظمة السياسية المغولية التوركية والإيرانية الإسلامية. تبعا للمؤرخ إسكندر بك فإن ما ميز بين اسماعيل الثاني وسلالته من الذكور وبين العائلة الصفوية الممتدة تمثل في إعادتهم إحياء المذهب الشيعي. وبحلول القرن السابع عشر تم استبدال العشيرة المالكة والعائلة المقدسة بالخط الأبوي الثابت حيث التناوب على العرش يستند الى حق الابن البكر في الإرث كله. هذا يؤدي بنا الى التساؤل عما إذا كان ترسيخ السلطة في داخل النظام الأبوي يمثل رمزًا للحكم المركزي الذي أنتج خطابا متزمتا حول النوع الاجتماعي والحياة الجنسية، اقتبس من النصوص المقدسة ما يدعمه في ترسيخ التفوق الذكوري. فكيف أثر هذا الخطاب البلاغي على هيكل الأسرة الصفوية والعلاقات الاجتماعية وقنوات الاتصال المتاحة للنساء في البلاط الملكي؟ وهل يعكس هذا الأسلوب البلاغي صدى لتأويل منطقي للمذهب الشيعي كان يسعى إلى تنظيم وترتيب العلاقات بين الرجال والنساء بشكل مختلف؟ أرغب في استخدام تلك الأسئلة المترابطة كنقطة الطلاق إلى التأريخ المعاصر للنساء الصفويات، ومن خلال ذلك سوف أسعى إلى تقديم مقترحات بمسارات بحثية مستقبلية، مع تركيز الانتباه على المصادر المتعلقة بالموضوع والتي يمكن الاستعانة بها بشكل إيجابي في الدراسات المهتمة بمسألة النوع الاجتماعي وعلاقات القوى بين الجنسين.
يتميز القرن السادس عشر بـ “مشاركة الزوجات والأمهات والأخوات والبنات والعمات في الأسرة الصفوية في سياسات البلاط الملكي وفي الأعمال الدبلوماسية وفي رعاية الفنون والعلوم“. ونجد دراسة تفصيلية عن مشاركة النساء الصفويات في جميع أوجه الحياة في البلاط (Szuppe 1998)، أما الآن فيجب علينا أن ننظر إلى هؤلاء النساء في إطار ديناميات وتفاعلات البلاط لكي نفهم بشكل أفضل دورهن الفعال بالاشتراك مع الرجال في صياغة مبادىء وسلوكيات الإمبراطورية الصفوية. وفي محاولة لفهم هذا الأمر الضروري، نجد دراسة ريزفي (Rizvi 2000) التي تتناول الطرق التي قام بها الرجال والنساء مجتمعين بتشكيل صورة الإمبراطورية الصفوية من خلال رعايتهم لضريح فاطمة المعصومة في مدينة قم. لكنها تركز مع ذلك على المنح المقدمة من قبل النساء الصفويات، وما طرأ عليها من تبديل جراء الالتزام الشيعي، بحيث أصبحت تضم النساء. تفتح ريزفي مجالاً هامًا للأبحاث المستقبلية حيث يبدو واضحًا أن نساء الأسرة المالكة توحدن وتماهين جماعيًا مع النموذج الأنثوي المقدس لفاطمة المعصومة. كذلك فإن المنحة المقدمة من شاهزاده سلطانم (المتوفاة عام ١٥٦1/ ١٥62م) توضح قدر الاهتمام بالنساء الأخريات حيث قامت بتحديد مبلغ من المال لكي يستخد كمهور للفتيات اليتيمات. إن هذه المنح تمثل محورًا هامًا يجب دراسته على سبيل استكشاف ودراسة القيم الاجتماعية والثقافية واهتمامات نساء النخبة والأسرة المالكة (Modarressi 1971).
هناك حاجة لقراءة صور النساء في الأسرة المالكة في مواجهة مشاركتهن الفردية الفعلية في البلاط وانخراطهن في كتابة الرسائل (Nava` I 1989)، وتمثيلهن في كتب الحوليات بأقلام الرجال، ونقل المعرفة واختياراتهن الشخصية فيما يتعلق بالتاريخ والرعاية والفلسفة والكتابات الدينية والشعر والهندسة أو زياراتهن للأضرحة المقدسة. ولا يمكن الاستغناء هنا عن الكتابات التاريخية العثمانية والمغولية والأوزبكية التي تمتعت بمواقع المراقب من الخارج للنساء الصفويات كعنصر فاعل في السياسة الإمبراطورية. إن عملية البحث التجميعي هي وحدها القادرة على جعلنا نبدأ في تكوين صورة أكثر تفصيلاً ودقة عن نساء بارزات مثل شاه بيغي بيغوم (المتوفاة عام ١٥٤٠م)، وشهزاده سلطانم (المتوفاة عام (١٥٦1 / ١٥٦2م) وبري خان خانم (المتوفاة عام ١٥٧٨م) وخير النساء بيغوم (المتوفاة عام ١٥٧٩م) وزبيده بيغوم (المتوفاة عام ١٦٤1/١6٤2م).
تحالفات المصاهرة وبناء الدولة
يعتبر تراث المصاهرة بين النساء الصفويات وبين جنرالات القزلباش (التركمان) والنبلاء الفارسيين وحكام المقاطعات مجالاً آخر يجب قراءته ودراسته في إطار عملية بناء الدولة. وقد تم إدماج بعض القزلباش في الأسرة الصفوية من خلال تلك الزيجات، كما كان يتم استخدام النساء المولودات في أسر صفوية لخلق روابط الدم مع هؤلاء القزلباش الذين تشاركوا معهم زمنيًا في تولي السلطة. فما هي أوجه الشبه أو الفرق بين دور النساء والرجال الصفويين باعتبارهم أدوات سياسية مستخدمة في تحالفات الزواج التي كانت تتم في القرن السادس عشر؟ وماذا يقول لنا ذلك عن أدوارهم والنظرة للفروق الجنسية في إطار الأسرة؟ إن الإجابة على تلك الأسئلة سوف تسمح لنا أن نفهم بشكل أفضل كيف أن سياسات الإنجاب والتكاثر الصفوية إنما كانت تعكس إستر البحبات إمبراطورية أوسع. لقد قامت ليزلي بيرس (Leslie Peirce 1993) يعمل بحث مشابه في دراستها للحريم العثماني.
بالاستناد إلى مؤسسة تحالفات المصاهرة السائدة خلال القرن السادس عشر، يمكن أن نرسم خريطة للتغيرات السياسية والاجتماعية في البلاط ونقاط الضعف في الأسرة الامبراطورية الصفوية ومحاولاتها ملء الفراغات بحيث تدعم سيادة وتفوق الأسرة. ثم حدث تحول في سياسة الأسرة المالكة حيث كان أداء الصفويين في البداية من خلال علاقات متبادلة وأفقية، سواء كانت أمومية أو أبوية وذلك حتى بدايات القرن السابع عشر عند وفاة الشاه عباس الأول (١٦٢٩م) فتم إما كف بصر أو قتل جميع أحفاده المولودين من بناته، بالإضافة إلى الأميرات الصفويات، بما في ذلك أخوات وبنات عم وعمات انشاء الجديد شاه صافي (حكم في الفترة ١٦٢٩ – ١٦٤١م) (Babaie et al. forthcoming). وقد أدت تلك المذبحة إلى تمهيد الأرض ودفعت بالأمهات من الجواري إلى مجال السياسة. فقد تمت إعادة ترتيب البيت الصفوي بشكل جذري، حيث سيطرت الأمهات المحظيات والأغوات والعبيد المجندون على البلاط ووضعوا الأساس لسلالة صفوية ذكورية وحيدة. وهنا نجد مرة أخرى سمة مميزة لعملية بناء الدولة: فعلى حين حاولت الأسر المالكة تدعيم السلطة الأبوية أصبحت العبودية واتخاذ المحظيات هي الطرق المفضلة للحكم والتكاثر، فالعبودية هي سمة ثابتة في المجتمع الصفوي تدعو إلى البحث في علاقات النوع والحياة الجنسية. ونحن لا نعلم سوى القليل جدًا عن العبودية المنزلية وعن وضع المحظيات والجواري سواء في البلاط أو في سائر بيوت النخبة.
إن تنظيم العبودية في داخل الأسرة الصفوية بعد إعادة تشكيلها تزامن مع التركيز الجديد على المذهب الشيعي المنطقي والقانوني (Babaie et al. forthcoming).ولكي نتمكن من فهم تلك الأنظمة والآليات المنظمة يجب أن نلتفت إلى كم من النصوص الدينية المعاصرة لتلك الفترة والصادرة باللغة الدارجة الموجهة إلى جمهور أوسع من المتجنسين الصفويين. كما يجب العودة إلى المراجع القانونية من العصر الصفوي لتحديد ما إذا كان القانون الشيعي قد شهد عودة إلى المناقشات الخاصة بالعبودية (Afandi 1996). كذلك يمكن التأكد من المواقف من العبودية واقتناء المحظيات بالعودة إلى روايات التاريخ المحلية وكتيبات النصائح الدينية المرشدة إلى الأخلاق والسلوكيات الحسنة (Majlisi 1992) وبالعودة إلى الشعر الصفوي. فعلى سبيل المثال كيف تم توظيف العبد في الشعر ليمثل السيد وحبيبه، سواء كان يمثل نموذجًا مثاليًا للذكر أو كان أنثى ؟ كذلك يجب دراسة طبيعة صكوك العتق لكي نتعرف على مساحات الحرية والعبودية والاستعباد وحدودها في علاقتها بملكية الجسد والممتلكات (Majmu’a 3846 and 2361).
بالتوازي مع تلك التغيرات الشديدة في هياكل الأسرة وأنماط الزواج ونظم التكاثر والعبودية في داخل الأسرة الصفوية بعد أن اكتسبت طابعًا حضريًا في إصفهان (١٥٩١ – ۱۷۲۲م)، بل وجزئيًا بسبب تلك التغيرات، حدث أيضًا تحول في تمثيل السلطة الملكية الذكورية، حيث تم عزل الشاه في قلب القصر أي بعيدًا عن ميدان المعركة، وهو الموقف الذي رسخوا به ذكوريتهم وسيطرتهم. وقد بدأت إرهاصات ذلك منذ القرن السادس عشر حين بدأ الشاه الصفوي الثاني تهماسب (حكم في الفترة ١٥٢٤ – ١٥٧٦م) في إعادة صياغة السلطة الصفوية باستخدام لغة تستند إلى الشرعية الدينية والقانونية (الشريعة). حيث تتضمن مذكراته (تذكرة) رفضا للقيم الذكورية المرتبطة بالفروسية والصوفية والتي كانت تعبر عن نفسها في خوض المعارك وصيد الحيوانات المفترسة والاحتفالات. فالشاه تهماسب يفضل صيد السمك رغم أنه لا يتوقف عن إخبار قارئيه عن مهارته في صيد الخنازير البرية، ثم إنه يفضل صفات مثل الكرم والحكمة والتقوى لتكون هي قيم الرجولة، وهي قيم تمثل صيغة أكثر تمدنا للذكورة التي يبدو أنها أصبحت أكثر ارتباطًا بالصوفية التي تعتزل الحياة الدنيا. إن سرد سيرة حياته تستند إلى نسيج ثقافي من الهيمنة والخنوع، حيث الدين والأسرة والسياسية عناصر يكمل ويدعم بعضها البعض. إنه يشكل تراتبية أبوية للسلطة ترى الله في قمتها ثم يليه النبي محمد (ص) يليه الإمام علي ثم الملك نفسه. وقد شهدت فترة حكمه ارتفاع أصوات تعبر عن القلق إزاء السلوكيات الجنسية المنحرفة وتلك ذات الصلة بالعلاقة بين النساء والرجال، وقد عبر ذلك القلق عن نفسه بواسطة لغة الإلزام والوجوب من خلال قرارات ومطبوعات سيادية. وفي عام ١٥٥٠م أصدر الشاه تهماسب فرمانا لموظفي الإمبراطورية حدد فيه أصول الأخلاق وقواعد السلوكيات الصفوية التي تحكم الأماكن العامة التي تضم الرجال بالنساء (Danishpazhu 1972). وقد تضمن ذلك تأكيدا على الأدوار الاجتماعية الملائمة والمناسبة لكل من النساء والرجال، والتعبير العلني عن الهويات الجنسية والميول الدينية، جنبًا إلى جنب مع بنود تشير إلى ضرورة الحفاظ على ثبات الأسعار في جميع أرجاء المملكة، وأمان الطرق وأهمية تعليم ورفاهة الأيتام. كذلك يتم تحذير النخبة من الميل إلى الانعزال حيث أن ذلك من شيم الدراويش الهائمين في الصحراء، وبدلا من ذلك يتم تشجيع الرجال على أن يصبحوا منتجين سواء جنسيًا أو اجتماعيًا كما يتم نصحهم بعدم اعتياد الإجازات والاسترخاء والبحث عن الراحة، حيث أن ذلك الأداء، تبعا لما ورد في الفرمان يخص الموتى والنساء.
وضع النساء
رغم أن قلة من الدراسات هي التي تناولت وضع النساء في ظل قانون الشريعة في القرون الوسطى (Madelung 1979, Ferdows,1983) إلا أنه لا توجد دراسة مماثلة تتناول النساء في المرحلة الصفوية. كيف تعامل الصفويون مع أمور مثل الزواج والطلاق والإرث وزواج المتعة والرضاعة، والتي تمت مناقشتها وصدرت بشأنها أحكام من قبل علماء الدين الشيعة في العصور الوسطى؟ إن نوعا من الفقه الصفوي المترجم من العربية إلى الفارسية على سبيل المثال، يتضمن مناقشات قانونية تبناها عدد من علماء الشيعة البارزين، تناولت طيفا من الممارسات الجوهرية بدءا من الحج وحتى الزواج. ونحن بحاجة إلى أن نبحث في هذه المادة للتعرف على ما إذا كانت عملية الترجمة قد صاحبتها تعديلات لغوية أو مفاهيمية في أمور مثل تعريف الزواج (النكاح) أو زواج المتعة أو الطلاق (“Fiqh- i Shahi” in Majmu’a 3029 and “Nihaya” in Majmu’a 3624). كيف تتدخل المؤسسة الدينية، المدعومة بالبلاط، في مؤسسة الأسرة؟ ماذا كان تأثير المذهب الشيعي الصفوي على التفاعل بين الجنسين وعلى مؤسسة الزواج، وبشكل أوسع على تنظيم وتعريف الحياة الجنسية؟ ما هي أنماط التوازن وعدم التوازن في العلاقات بين الجنسين التي تكونت من خلال تلك العملية؟ ولكي نتعرف على العلاقة بين القانون الشيعي والممارسة الصفوية يمكننا مطالعة تلك الترجمات بالتوازي مع عقود الزواج (عقود النكاح) ونصوص “الخطب” المحفوظة في “مجموعات” مخطوطات القرن السابع عشر (Majmu’a 3029 and 3624). ورغم أن بعض تلك العقود موحدة الصياغة إلا أن بعضا آخر منها لها طابع شخصي حيث تم تحديد اسم الشريكين والشهود والتاريخ وقيمة المهر.
النصوص الدينية والتعليمية
يمكن كتابة التاريخ الاجتماعي من خلال تحليل كتب التفسير الدينية وتحديد الآيات القرآنية والأحاديث التي تم استخدامها في تناول النموذج الأنثوي ومناقشة العلاقات بين الجنسين في الفترة الصفوية، وذلك باعتماد مناهج البحث المشابهة لتلك التي استخدمها روي متحدة في دراسة الخلاف المتعلق بالحركة “الشعوبية” في فترة العصور الوسطى (Roy Mottahedeh 1976).
لقد كان القرن السابع عشر هو قرن التحول إلى الشيعية، وهناك كم هام من الأدبيات باللغة الفارسية لتحقيق هذا الغرض التعليمي. ومن أكثر المشاركين في إثراء تلك الأدبيات محمد باقر مجلسي (الابن)، وهو رجل الدين البارز و“شيخ الإسلام” في إصفهان (المتوفى عام ١٦٩٩م) المعين من قبل البلاط. ونجد في كتاب حلية المتقين (Majlisi 1992)، وهو كتاب إرشادي يضم أعراف السلوك والأخلاق الشيعية كتب في نهايات القرن السابع عشر، أن محمد باقر مجلسي يحدد السلوكيات والأصول الخاصة بالزواج والملبس والصلاة والسفر وتناول الطعام. وهو يتناول جميع جوانب الحياة اليومية للمؤمن الفاضل في أربعة عشر فصلاً، فبالنسبة له كانت أفضل الزوجات هي التي تنجب أبناء كثيرين وتتصف بالعفة وتكون محبوبة من أقاربها ومتواضعة أمام زوجها لا تتزين لسواه ولا تطيع غيره. وفي علاقتها الجنسية مع زوجها يجب عليها أن تعطيه كل ما يطلب. أما أسوأ النساء فهن اللاتي يسيطرن على أزواجهن ولا ينجبن الأطفال ولا يسامحن ويرفضن العلاقة الجنسية، وطبقا لما يراء “فإن الله لم يجعل الغيرة من شيم النساء بل حفظها للرجال” (Hilyat 1992).كذلك يجب أن يكون هناك تمييز واضح بين الجنسين بداية من الملابس التي تحدد أجسادهم وانتهاء باللفتات والممارسات التي تفصل بينهما في المكان والسلوك والجنس، وإن أي خرق لذلك النظام يعتبر تمردًا على الله. من الصعب تقييم ما إذا كانت تلك المواقف قد فرضت بنجاح على شعب إيران من الصفويين، لكنها كانت نزعة نجحت إيران القرن العشرين، في ظروف تاريخية مختلفة تمامًا، بفضلها في إشعال ثورة إسلامية اكتسبت السلطة السياسية التي استطاعت بها ترجمة تلك العقلية إلى قانون.
كذلك تحتوي كتب الفقه على فصول خاصة بعقوبات الحدود الإسلامية التي تطبق في حالات الزنا واللواط والمساحقة. وهنا يتم الربط ما بين مجموعة من التصنيفات القانونية للسلوك وبين الوضع الاجتماعي الذي يميز ما بين الذكر / الأنثي، والإيجابي/ السلبي، والبالغ/ الطفل، والعاقل/ المجنون، والحر/ العبد، والمسلم / الوثني، والمتزوج/ الأعزب. وهي تصنيفات تعكس رؤى وممارسات اجتماعية وثقافية تميز ما بين الرجال والنساء فيما يخص الشرف والأخلاق. فكيف يؤثر كل من النوع الاجتماعي والوضع الاجتماعي والحياة الجنسية والدين على تحديد كل من تلك المتغيرات بعضها البعض؟ وما هي العلاقة المفاهيمية ما بين تلك الفئات الخاصة بالهوية؟ وهل يمكن التعرف على صيرورة صفوية خاصة شكلت وحافظت على تلك العلاقات التراتبية؟ كذلك هناك “إعلانات التوبة” وهي نوع من الكتابات ظهر في أدبيات القرن السابع عشر، ويحمل العديد منها الأسماء الخاصة بالتائبين، حيث يجب قراءة تلك الإعلانات على خلفية من الصباعات القانونية لها (Majmu’a 2551, 3029, 3846). فهل هي اعترافات بلاغية والتي عادة ما تحمل تحريما إسلاميا لأمور كالزنا واللواط وشرب الخمر إضافة إلى أشكال التحريم الأخرى التي تزيد من الشعور بالإهانة والعار؟
إن الأدبيات التي تتناول كيد النساء (Majmu’a 1606, 5014) والنصوص الإيروتيكية الشيقية (Risala- yi Ruhi Onarjani) المؤلفة بأقلام رجال الأدب تحمل تصورات ذكورية أخرى تسمح لنا باستنتاج بعض الأفكار السائدة الخاصة بالنوع الاجتماعي والحياة الجنسية. كيف كان هؤلاء الرجال يصورون النماذج الذكورية والأنثوية في الشعر والنثر حيث يهيمن الرجال كمؤلفين وراعين وشخصيات روائية رئيسية؟ وهل هناك تباين مشابه بين المحظورات القانونية المحددة من قبل المصادر الدينية وبين القبول الاجتماعي والأدبي لأشكال “غير شرعية” من السلوك الجنسي كما قام برصدها في الأدب العربي من العصور الوسطى كل من رايت وروسون (Wright and Rowson 1997)؟
وفي فصله عن مزايا الزواج ورفض الرهبانية يعرف محمد باقر مجلسي الجنس الطبيعي على أنه العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة، محتذيًا مثال النبي (ص) المؤكد نقلاً عن رواية للإمام جعفر بأن سلوك محمد (ص) كان محبا للنساء، حيث كانت النساء يأتين محمدا بمشاكلهن الزوجية، يشتكين له أن أزواجهن يرفضن جماعهن، وكان النبي (ص) يدين هؤلاء الرجال الذين لا يمارسون الجنس مع زوجاتهم قائلا “إنهم ليسوا من أتباعي“. وبذلك يتم تصوير محمد (ص) على أنه المحدد لمعايير الذكورة بناء على الممارسة الجنسية، فعلى الرجل ممارسة الجنس مع النساء لكي يكون مسلمًا. أما العلاقة بين الزواج واللواط فتحتاج إلى مزيد من البحث.
ومن داخل نفس النوع من النصوص يكتب أقا جمال خوانصاري (المتوفى عام ۱۷۱۰م) نقدًا اجتماعيًا للتراث النسائي الدارج (في كتابه عقائد النساء)، مؤكدًا المشاكل العامة لزوجات الرجال الذين لا يميلون إليهن جنسيًا. وفي هذا النص الساخر يصف رجل الدين أقا جمال ما يطلق عليه اسم ممارسات “خرافية” لخمس نساء من إصفهان. ومن النذور المقدمة إلى علي (رضي مرتضى علي) تتضمن زيارة لمئذنة (كون يرنجي) يتم نصح النساء الراغبات في الزواج بزيارتها في إصفهان. وقد سبق لي أن قرأت عن ذلك باعتباره طقسًا من طقوس الخصوبة (Babayan 1998). أما أفسانه نجمبادي فإنها تقدم قراءة أخرى تبدو أكثر منطقية في سياق سياسات الزواج واللواط والرهبانية، حيث يبدو أن هؤلاء النساء اللاتي يمارسن تلك الطقوس في إصفهان يعبرن في الواقع عن رغبة في زوج يمارس معهن الجنس، فما كان يعطل حملهن لم يكن أمرًا مرتبطًا بالعقم، وإنما لتفضيل أزواجهن معاشرة الرجال. ومن خلال ترديدهن لتعاويذ معينة عند المئذنة تعبر النساء عن رغبتهن في “رجل ملتزم” يربط العقدة حول وسطه، بمعنى رجل بكر (أمرد) لم يعاشره رجل أكبر منه سنا في شبابه. وكما تقول أفسانه نجمبادي فإن ربط العقدة حول الوسط كان على الأرجح أمرًا يراد به حماية الفتيان الصغار من اكتساب ميل جنسي تجاه الرجال.
ماذا عن الميول المثلية الجنسية لدى النساء في سباق الثقافة الصوفية الصفوية؟ يتحدث أقا جمال خوانصاري عن ممارسة في شكل عهد تقطعه امرأتان فيما بينهما. وحسب النساء الإصفهانيات الخمسة الخبيرات في الثقافة الدارجة، والتي يمثلها هو، فإنه يجب أن يكون لكل امرأة مثل تلك الأخت: “ماذا يبقى للمرأة من أمل إذا ماتت دون أن يكون لديها واحدة ؟” وإذا حدث ذلك فإنها حسبما يقال لن تذهب الى الجنة. إن تأنيث الشعائر الصوفية ربط ما بين المريدين في علاقة رفقة تقوم على الولاء والإخلاص لعلي، الذي هو محور المذهب الشيعي، والذي يبرز بين الصوفية بمثابة القديس المثالي أو الإنسان الكامل.
لقد تناولت في هذا المقال مصادر كتبت بأقلام رجال وهو الأمر الذي يجب أن ننتبه إليه طوال الوقت حيث تلونت البحوث والدراسات التي تناولت النساء في المجتمعات الإسلامية بتصورات ومشاهدات وبعيون رجال مسلمين، تمثل كتاباتهم الجزء الأكبر من النصوص التي لدينا. في البداية افترضت أن أقا جمال خوانصاري يكشف مخاوف ذكورية (Babayan 1998) حين يصف تلك العلاقات بلغة مليئة بالحميمية والانبهار، وهو ما وصف في الأدب الإنجليزي في القرن العشرين بأنها “صداقات رومانسية“. ورغم أن مصطلح “الأخت المتبناه” كان يستخدم ليصف تلك الصداقات، إلا أنه أصبح فيما بعد يستخدم كناية عن السحاقية في الأدب الفارسي الحديث. وقد قاومت قراءة هذا المفهوم من منظور الشبق الجنسي المثلي لأنني ما كنت لأستطيع الدفاع عن هذه الخلاصة اعتمادًا على تصوير حديث واحد قام به رجل دين كان على الأرجح يعبر عن خيالاته ومخاوفه الذكورية الخاصة.
لقد حالفني الحظ بالإطلاع على مذكرات رحلة حج (“حج نامه“) بقلم امرأة تعبر فيها بشكل واضح عن عشقها لرفيقتها. إن هذا الصوت لامرأة حاجة من أواخر القرن السابع عشر يسمح لنا بأن ننظر إلى تلك الصداقة النسائية على اعتبار أنها شبق مثلي، أو على الأقل في تلك الحالة. فقد ولدت الكاتبة في دائرة أدبية مرفهة من رجال القلم في أسرة أوردوبادي، وتبعا لمقدمة الكاتب التي تسبق ذلك النص الشعري المنظوم كانت تلك المرأة أرملة مرزا خليل، رئيس الديوان الذي صاغ قرارات ملكية لآخر الشاهات الصفويين سليمان والسلطان حسن (١٦٦٦ – ١٧٢٢م). ولا شك أن وضع أسرتها الاجتماعي والسياسي هو الذي سمح للأرملة الإصفهانية بأن تقوم برحلة الحج والتي كانت رحلة باهظة الثمن ومشوبة بالأخطار في زمنها. كذلك فإن الفضل في حصولها على التعليم وفي إدراج حكاية الحج الخاصة بها ضمن مخطوطات التاريخ الموثق يعود ولا شك إلى موقعها المتميز لكونها من النخبة. إننا تعلم أن النساء اللاتي ولدن لأسر من علماء المسلمين حصلن على التعليم حيث كان من الشائع إفراد فصل للنساء في سير وتراجم العلماء، وتشير غالبية تلك المصادر إلى أن هؤلاء النساء كن يدرسن على أيدي آبائهم (Afandi 1980). إن الكاتب القائم على نسخ مخطوطات أسرة أوردوبادي يقوم بتقديم ورحلة الحج كما دون حكاية رحلة الحج تلك ضمن مجموعة من الرسائل والقرارات والأشعار والمقالات التي على الأرجح أنه جمعها أثناء عمله في مكتبة أسرتها. وهناك العديد من هذا النوع من المجموعات، وهي بمثابة الأرشيف للحقبة الصفوية، حيث توفر مخزونا غير مستخدم بعد لمن في الكتابة عن التاريخ الاجتماعي والثقافي لإيران في الفترة الصفوية.
في محاولة منها لملء الفراغ الذي تركه زوجها بعد وفاته تنطلق الأرملة من إصفهان، عاصمة الإمبراطورية الصفوية (١٥٩١ – ١٧٢٢م)، في رحلة حج إلى مكة. وقد اختارت أن تحكي عن رحلتها الدينية مستخدمة الشعر وبلغة روحانية. وفي الحقيقة فإن لغة الشعر المستخدمة في وصف رحلة الحج تلك كانت أسلوبًا مختارًا للتعبير عن الصوفية، وهي نفس اللغة التي اختار شاعرها المفضل من القرون الوسطى، المدعو نظامي، أن يستخدمها في الكتابة. وإذ تقص حكايتها فإن الأرملة تكشف عن خبرة فقدان أخرى حفظتها بين جوانحها طوال السنوات التي عاشتها في إصفهان وهي امرأة متزوجة – وهي الافتراق القسري عن صديق آخر لها يتضح أنه امرأة. كما يتضح من روايتها أن افتراقهما كان قسريا نتيجة لتردد الإشاعات بشأن المرأتين في إصفهان. وهي تصف رفيقتها بنفس مصطلحات المعزة والمودة، وتستخدم نفس الكلمات عند الحديث عن تلك الصداقة كالتي تستخدمها حين تتحدث عن زوجها أو الله. إن هذا النص من أدب الرحلات الذي تركته تلك الأرملة يكشف عن حيز أنثوي تواجد في المجتمع الصفوي ممثلاً في طقس التآخي بين النساء، بما فيه من إيحاءات دينية، حيث تم استخدام اللغة الصوفية للتعبير عن الحب الأنثوي. إن الحرية المتاحة من خلال السفر، وخاصة في تجربة الحج، تسمح لنا بأن نعيد النظر في مواقع النساء في المجتمعات الإسلامية قديمًا. كيف وجدت رحالتنا مكانًا لها في داخل الخطاب الذكوري عن الحب مستخدمة مفردات الصوفية المستخدمة ذاتها في وصف الحب الإلهي؟ لماذا هذا الاستخدام المستمر لتلك المفردات الصوفية التي نصف الغياب والشوق، سواء في وصف الحالة الدينية أو في استحضار الصداقة الأنثوية التي عاشتها في الماضي؟ إن لغة الغيبيات تصبح هي اللغة المعبرة عن التفرد والتجربة الأنثوية، وقد يؤدي بنا ذلك إلى دهاليز مثيرة للاهتمام في داخل العناصر الكثيرة المعقدة التي شكلت هوية هذه الأرملة الإصفهانية.
يبدو أن الدين قد أتاح للنساء الصفويات إمكانية توصيل أصواتهن. ورغم أننا في الوقت الحالي لا نملك سوى مثال واحد لامرأة من الحقبة الصفوية دونت مذكرات رحلتها إلى الحج، إلا أن هذا الأسلوب سوف يصبح طابعا مقبولا للكتابة النسائية في الحقبة القاجارية (Ja`farina 2000). وقد تحدثنا فيما سبق عن أن ثقافة الصدقة وفعل الخير في القرن السادس عشر سمحت لنساء الأسرة المالكة في الإعلان عن أنفسهن للعامة من خلال هباتهن المقدمة إلى الأضرحة المقدسة. وقد نشرت نزهة أحمدي (Nuzhat Ahmadi 2000) مؤخرًا وثيقتي أوقاف لنساء عشن في أواخر القرن السابع عشر، إحداهما مدونة بخط جوهر شاه وهي واحدة من النبيلات من سكان إصفهان، حيث أوقفت ممتلكاتها الواقعة حول مدينتي إصفهان وقم لصالح ضريحي الإمامين علي والحسين، وتدخل جوهر شاه نفسها في متن الوثيقة قائلة أن نصف ذلك الوقف يجب أن يوهب لحجاج تلك الأضرحة، سواء كانوا من النساء أو الرجال، ممن لم يحصلوا على دعم من البلاط. كذلك تحجز جوهر شاه جزءًا من الوقف لصالح أسرتها، موضحة أنه لو خلت الأجيال التالية في أسرتها والمستفيدة من وقفها من الذكور فليستمر الوقف لصالح الأجيال التالية في أسرتها من الإناث. لقد كانت النساء بكل تأكيد يساهمن شخصيًا في صياغة إعلانات الوقف الخاصة بهن حيث كان وسطاء من الرجال يترجمون ما يقلنه شفاهة إلى كلام مكتوب. كذلك نعرف أن النساء كن يساهمن في توثيق الماضي ككاتبات وناسخات (Karimreza’I forthcoming). لكن حين قامت النساء بالنطق بكلماتهن وتدوينها بأنفسهن تمتعن بالظهور العلني بفضل الروحانية والصدقة والتقوى. حتى في ذلك الوقت كانت النساء من أمثال الشاعرة نهاني التي كتبت رباعية وعرضتها علانية في بازار إصفهان، لتعلن عن أنها سوف تتزوج من الشخص الذي يكتب شعرا يضاهي شعرها، تلجأ إلى اختيار الاسم المستعار “خفية” (Shir Khan Lodi، Mir`at al-khiyal; see Suppe 1998).وتظهر الكثيرات من أمثال تلك الشاعرة في سير وتراجم الشعراء المغول وفي كتب التاريخ المؤرخين مثل كتاب منتخب التواريخ للبداؤوني حيث يشار إلى الأغلبية منهن بكنية “الستر” أو “الإخفاء“. فالبداؤوني يكتب عن شاعرة “مخفية” من أواخر القرن السادس عشر ليقول بأن ما من رجل تمكن من الرد من شعرها تقول فيه: أي رجولة تلك التي لا تستطيع أن التعامل مع امراة؟ (Bada`uni, 494 – 495).
يفتقد التأريخ الصفوي إلى وثائق أو مصادر “أرشيفية” مثل سجلات المحاكم التي تسمح بالدخول إلى تفاصيل الحياة اليومية مما يجعل مهمة المؤرخة أكثر تعقيدًا من حيث الاضطرار إلى الاكتفاء بتعبيرات محايدة أو تعليمية. ومع ذلك يمكن للمؤرخة الاحتفاظ بالمصداقية حين تقرأ أو تعرض تلك النصوص باعتبارها تعبيرات رمزية تكشف عقلية النخبة الصفوية المثقفة. ويمكن تحليل تلك النصوص بمنهج وروح الأنثروبولوجيا الثقافية والرمزية أو النقد الأدبي أو المدرسة التاريخانية، ويصبح من الممكن تفسيرها بأنها من آثار الطقوس والممارسات.
في إطار تعيين موقع كل من الأحداث التاريخية والمراسيم الملكية وقواعد السيادة والمراسلات داخل الحيز الإمبراطوري، تم عرض ومناقشة طيف متباين من المصادر والمواقع الصفوية من منطلق التعريف. إن التفاعل ما بين الدين والسياسة يستدعي قراءة موازية للأدب الصادر عن المؤسسات الدينية الشيعية والذي يتداول أمور السلطة والقانون والأخلاق والتقوى. أما النصوص البصرية المرئية فتظل مجالاً غير مطروق بما فيه الكفاية في دراسة النوع الاجتماعي والحياة الجنسية، وذلك رغم كونه مصدرًا شديد الثراء. ونجد مقالاً عن تصوير الأنثى العارية في فن الرسم الفارسي (Nimet Allam Hamdy 1979)، حيث يتتبع التغير الذي طرأ على هذا التصوير مع الوقت، وتحوله من تصوير مثالي إلى تصوير أكثر واقعية والذي قدمه على سبيل المثال الرسام الصفوي الشهير رضا عباسي. وتستشعر المقالة علامات التأثير الأوروبي على ذلك التصوير للجسد الأنثوي الذي تميز بكونه أقل تجريدًا عما كان عليه في السابق، وهو أمر مثير للاهتمام ويستحق المتابعة فيما يخص بدايات التلاقي الثقافي مع الغرب. وعلى الرغم من أن غالبية تلك الرسومات التي تصور الأنثى العارية تمثل مشاهد من الأدب الفارسي مثل كتاب خوسرو وشيرين للكاتب نظامي، إلا أنها تقدم مثالا على نوع فني في رسومات الصفحة الواحدة والذي انتشر في القرن السابع عشر (Farhad 1987). وقد قدمت سوسن باباي (Sussan Babaie 2001) قراءة للوحتين من لوحات رضا عباسي من منظور الشبق المثلي، فالتقطت تلك الدراسة الدمج الذي حدث ما بين الكلمة والصورة في الرسم الصفوي وفتحت بذلك مجالاً جديدًا للبحث مستقبلاً في أمور التمثيل التصويري واللغوي للجسد والحب والرغبة الجنسية. وبمجرد أن نفتح آفاقًا إبستمولوجية معرفية وتجريبية وبمجرد أن نسمح لأنفسنا باستيعاب وتأمل التمثيل البصري، سوف تندهش بما كان غائبًا عن إدراكنا وتداعيات ذلك في الماضي. وسوف نتساءل: كيف أمكننا ألا نلحظ الرسوم الجدارية في قاعة استقبال قصر (تشيهيل سوتون) ذي الأربعين عامودا في إصفهان، والتي تصور غانية تبتسم وهي تقدم لشريكتها كأسا من النبيذ في حين تلاعب منطقة حساسة من جسدها باليد الأخرى، وذلك كله وسط احتفال ملكي أقيم على شرف حاكم الأوزبك والي محمد خان؟ (موجودة في الجزء الخاص بالصور التوضيحية).
إن مهمة كشف النقاب عن أصوات وتجارب النساء من الماضي الصفوي هي مهمة صعبة حقا. فهي تتضمن تطبيقًا خلاقًا لمناهج التحليل والنقد على قطاع من النصوص الأدبية والبصرية، حيث نرى النساء يصورن أنفسهن وحيث يتعرضن للتدوين أو الحجب بواسطة الرجال. ولكي نتمكن من تصور حياة النساء في المجتمع الصفوي يجب أن نقرأ المصادر كالأوقاف الدينية، وعقود الزواج، وإعلانات العنق، ومذكرات الحج، والمقالات التي تناولت أمور الحب والصداقة، والملاحم، والتقاويم، والكتابات الطبية، وأدب الرحلات، وكتب الأحلام، والأدب الديني، الأدب الجنسي، وكتب الحوليات التاريخية، والشعر، والرسائل، والمراسيم، وأدب الأقليات (من اليهود الفرس والأرمن)، واللوحات. ويجب أن تتم هذه الدراسة في إطار السياق الأدبي لتلك الفترة لكي نتمكن من التقاط أصداء التفاصيل الدقيقة المتعددة التي ساهمت في تشكيل النوع الاجتماعي والحياة الجنسية في بدايات تاريخ إيران الحديث.
Primary Sources
Chronicles
‘Abdī Bek Shirāzī Navīdī, Takmilat al-akhbār, Tehran 1990.
Afūshta’ī Natānzi, Naqāvat al-āŝār fī zikr al-akhyār, Tehran 1971.
M. H. Āsif, Rustam al-tavārīkh, ed. M. H. Mushīrī, Tehran 1974.
al-Badā’ūnī, Muntakhab al-tavārīkh, trans. T. Wolseley Haig, Delhi 1899.Abū Ŧalib Mīr Findiriskī, Tuhfat al-‘ālam, Tehran University Microfilm 4955.
A. Ghaffārī, Tarīkh-i jahān ārā, ed. H. Naraqi, Tehran 1963.Fazlī Khuzānī, Afzal al-tavārīkh, vol. 2, British Library Or. 4678.
G. Khwāndamīr, Tārīkh-i habīb al-siyar, ed. J. Humā’ī, Tehran 1954.
Iskandar Bek Munshī, Tārīkh-i ‘ālam ārā-yi ‘Abbāsi, 2 vols., Tehran 1971.
M. I. Nāŝirī, Dastūr-i shahriyārān, ed. M. Nāŝiri, Tehran 1994.
Q. A. Qumī, Khulāsat al-tavārīkh, 2 vols., ed. I. Ishraqi, Tehran 1980 and 1984.
H. Rūmlū, Aħsan al-tavārīkh, ed. A. H. Navā’ī, Tehran 1978.
W. Q. Shāmlū, Qisas al-khāqānī, 2 vols., ed. H. S. Nāŝiri, Tehran 1992.
Epistolary Literature and Manuals of Rule
M. T. Dānishpazhū (ed.), Ain-i Shāh Tahmāsb, in Barisiha-yi tārīkhī 7 (1972), 121–42.
Feridun Bey, Mecmū’a-yi munşeāt-i Feridun Bey, Istanbul 1848–50.
A. H. Navā’ī (ed.), Asnād va-mukātibāt-i tārīkhī, Tehran 1984.
——, Shāh Tahmāsb Safavī: Majmū‘a-yi asnād vamukātibāt-i tārīkhī, Tehran 1989.
——, Shāh ‘Abbās Safavī: Majmu‘a-yi asnād vamukātibāt-i tārīkhī, Tehran 1987.
Religious Literature
M. al-‘Āmilī, Amal al-āmil, ed. A. al-Ħusayni, 2 vols. Baghdad 1965–6.
Ibn Bazzāz, Ŝafvat al-ŝafā, ed. G. R. Tabātabā’ī Majd, Ardabil 1994.
Fāzil-i Hindī, Manāsik al-ħajj, Majlis Library 2761/8.
R. Ja‘fariān, Ŝafaviyya dār ‘arŝah-yi dīn, farhang, va siyāsāt, 3 vols., Qum 2000.
Afandī Isfahānī, Riyāz al-‘ulamā’ wa-hiyāz al-fuzalā’, ed. A. al-Ħusayni, 6 vols., Qum 1980.
——, Azadi-yi Khwājasarāyān, ed. N. Māyil Haravī, Majmū‘ahā-yi Fārsī, vol. 4, Mashad 1996, 259–323.
B. Isphahani (trans.), Islamic medical wisdom. The Ŧibb al-a’imma, London 1991.
H. Kāshifī, Rawzat al-shuhadā’, Tehran 1952.
J. Khwānsārī, ‘Aqā’id al-nisā’, ed. M. Katīrā’ī, Tehran 1970.
M. B. Majlisī, Zād al-ma‘ād, Tehran 1889.
——, Bihār al-anwār, 110 vols., Tehran 1948–68.
——, Jalā’ al-‘aynayn, Tehran 1983.
——, Ħilyat al-muttaqīn, Qum 1992.
——, Shahr-i ziyārat-i jāmi‘a-i kabīra, Isfahan 1994.
M. T. Majlisī, Ikhtiyārāt al-ayām, British Library, MS Egerton 1002.
Rayāhīn al-sharī‘a fī tarjuma-yi dānishmandān-i bānuvān-i shī‘a, Tehran, 1970.
Endowments and Patronage
Z. A. ‘Ābidī, Ŝarīħ al-milk, Iran Bastan Museum MS. 3598.
N. Aħmadi, Daw Waqfnāma az daw zan: Zubaydah Begum va Gowhaw Shāh, in Mirāth-i Islāmi-yi Īrān 6 (2000), 341–58.
L. Hunarfar, Ganjina-yi āsār-i tārīkhī – yi Isfahān, Isfahan 1965.
S. H. Modarressi, Turbat-i pākān, 2 vols., Qum 1957.
A. H. Sipanta, Tārīkhchah-yi awqāf-i Isfahān, Isfahan 1928.
Biography, Memoir, Travel, Pilgrimage
J. Chardin, Voyages du Chevalier Chardin, en Perse, et autres lieux de l’Orient, ed. L.
Langlès, Paris 1811.
Gulbadan Begam, History of Humāyūn (Humāyūnnāma) by Gulbadan Begam (Princess Rose-Body), trans. A. S. Beveridge, London 1902.
Shahzādah Khānum Mu‘tamid al-Dawla Farhād Mīrzā, Safarnāma-yi Makka, Majlis Library MS 1225.
Shāh Tahmāsb Safavī, Tazkira, ed. D. C. Phillot, Calcutta 1912.
Shīr Khān Lodi, Mir’āt al-khiyāl, Bibliothèque nationale de France, MS Suppl. Persan 323.
Urdūbādī, Widow of Mīrzā Khalīl, Safarnāma-yi maz‘ūm-i hajj, ed. R. Ja‘farīyān, Qum 1995.
Regional Histories
M. M. Bafiqi, Jamī‘-yi Mufīdī, ed. Īraj Afshār, Tehran 1961.
M. Bardsīrī, Tazkira-yi Safaviyya-yi Kirmān, ed. M. E. Bāstānī-Pārīzī, Tehran 1989.
A. F. Fūmanī, Tārīkh-i Gīlān, ed. M. Sutūdah, Tehran 1970.
M. T. Mar‘ashī, Tārīkh-i khāndān-i Mar‘ashī-yi Māzandarān, ed. M. Sutūdah, Tehran 1985.
N. A. Shūshtarī, Ihyā’ al-mulūk, ed. M. Sutūdah, Tehran 1965.
Poetry and Erotica
Bahā’ al-Dīn al-‘Āmilī, Kashkūl, Tehran 1987–8.
——, Divān-i kāmil-i Shaykh Bahā’ī, ed. S. Nafīsī, Tehran 1996.
Muħtasham Kashānī, Divān-i Mawlānā Muħtasham, ed. M. A. Gorgānī, Tehran 1965.
Khatā’ī, Divān. Il canzoniere di Shah Isma‘il, ed. T. Gandjei, Naples 1959.
Khākī Khurāsānī, Divān-i Khākī, ed. A. Ivanov, Bombay 1933.
Rūhī Onarjānī, Risāla-yi Rūhī Onarjānī, ed. S. Nafīsī, in Farhang-i Īrānzamīn, vol. 2, Tehran 1956, 329–72.
Sā’ib-i Tabrīzī, Divān-i Sā’ib, Tehran 1966.
Vahshī-yi Bāfiqī, Divān-i Vahshi-yi Bāfiqī, ed. P. Bābā’ī, Tehran 1996.
Collections (Majmū‘a and Jung)
Jung-i ‘Alīi Naqīi Khātūnābādī, Tehran University Microfilm 3849.
Jung (compiled by Aħmad Ghulām, the librarian of Shāh Sulŧān Ħusayn), Majlis Library 3454.
Jung-i Hāsil al-hayāt, Tehran University Microfilm 3525.
Jung-i Ganj, Majlis Library 2506.
Majmū‘a, Tehran University 4602.
Majmū‘a, seven holdings in Malek Library: 1606, 2361, 2551, 3029, 3624, 3846, 5014.
Secondary Sources
S. Babaie, The sound of the image/The image of the sound. Narrativity in Persian art of the seventeenth century, in O.
Grabar and C. Robinson (eds.), Islamic art and literature, Princeton, N.J. 2001, 143–61.
S. Babaie, K. Babayan, I. Baghdiantz-McCabe, and M. Farhad, Slaves of the shah. New elites of Safavid Iran, I. B. Tauris
(forthcoming).
K. Babayan, Mystics, monarchs and messiahs. Cultural landscapes of early modern Iran, Harvard Middle Eastern
Monographs (forthcoming).
——, The ‘Aqā’id al-nisā’. A glimpse at Safavid women in local Isfahani culture, in G. Hambly (ed.), Women in the
medieval Islamic world, London 1998, 349–81.
C. Elgood, Safavid medical practice, London 1970.
M. Farhad, Safavid single page painting, 1629–1666, Ph.D. diss., Harvard University 1987.
A. Ferdows, Women in Shi‘i fiqh. Images through hadith, in G. Nashat (ed.), Women and revolution in Iran, Boulder 1983.
R. Ferrier, Women in Safavid Iran. The evidence of European travelers, in G. Hambly (ed.), Women in the medieval Islamic world, New York 1998, 383–405.
S. Golsorkhi, Pari Khan Khanum. A masterful Safavid princess, in Iranian Studies 28 (1995), 143–56.
N. A. Hamdy, The development of nude female drawing in Persian Islamic painting, in Akten des VII. Internationalen
Kongresses fur Iranische kunst und archaologie. München 7–10 September 1976, Berlin 1979, 430–8.
B. Ħijāzī, Zā’ifa. Bārīsī-yi jāygāh-i zan-i Īrānī dār ‘asr-i Safavī, Tehran 2002.
P. Karīmrezā’ī, Fihrist-i kātibān-i nuskhaha-yi khatti-yi kitābkhāna-yi markazī va-markaz-i asnād-i danishga-i Tehrān,
Tehran University (forthcoming).
W. Madelung, Shi‘i attitudes toward women as reflected in fiqh, in A. L. Sayyid Marsot (ed.), Society and the sexes in
medieval Islam, Malibu 1979, 69-79.
R. Matthee, Prostitutes, courtesans, and dancing girls. Women entertainers in Safavid Iran, in R. Matthee and B. Baron
(eds.), Iran and beyond, Costa Mesa 2000.
R. Mottahedeh, The shu‘ūbīyah controversy and the social history of early Islamic Iran, in International Journal of Middle East Studies 7 (1976), 161–82.
A. Najmabadi, Women with moustaches and men without beards. Gender and sexual anxieties of Iranian modernity, University of California, Berkeley (forthcoming).
L. P. Peirce, The imperial harem. Women and sovereignty in the Ottoman Empire, New York 1993.
K. Rizvi, Gendered patronage. Women and benevolence during the early Safavid empire, in D. F. Ruggles (ed.), Women,
patronage, and self-representation in Islamic societies, New York 2000, 123-53.
B. Stowasser, Women in the Qur’an. Traditions and interpretation, New York 1994.
M. Szuppe, La participation des femmes de la famille royale à l’exercise du pouvoir en Iran safavide au XVIe siècle, parts I
and II in Studia Iranica 23:2 (1994) and 24:1 (1995), 61–122.
——, The “jewels of wonder.” Learned ladies and princess politicians in the provinces of early Safavid Iran, in G. Hambly
(ed.), Women in the medieval Islamic world, New York 1998, 325–45.
J. W. Wright, Jr. and E. K. Rowson (eds.), Homoeroticism in classical Arabic literature, New York 1997.
F. Zarinebaf-Shahr, Economic activities of Safavid women in the shrine-city of Ardabil, in Iranian Studies 31 (1988), 247– 61.