إيران من بدايات القرن العشرين إلى الزمن الحاضر

التصنيفات: غير مصنف

المنهجيات والمنظومات والمصادر

لدراسة النساء والثقافات الإسلامية المداخلات تبعا للموضوع

إيران

من بدايات القرن العشرين إلى الزمن الحاضر

مقدمة

إن الكثير مما ينطبق على دراسة النساء والجندر في التاريخ الإيراني منذ ١٩٢٥م ينطبق على دراسة أي موضوع أو واقعة في التاريخ الإيراني الحديث. وتتوفر للباحثين والباحثات في الوقت الحاضر خمس فئات عامة من مصادر المعلومات: المصادر الأرشيفية والكمية، والصحافة الدورية، والمذكرات والتاريخ الشفاهي، وشبكة الإنترنت، والمصادر الفنية (الأدب والسينما).

وفي العقود الأخيرة أصبحت دراسات المرأة والجندر في إيران من الدراسات البينية في الأفرع المعرفية المتداخلة، وتعكس مناهج البحث المعاصرة في النقد الأدبي وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا. كما يستمر العمل أيضًا تبعا للمنهج الوصفي كلما تم اكتشاف مصادر جديدة أو العثور على نصوص مفقودة. وقد استفادت دراسات المرأة والجندر في إيران من ظاهرة بروز دور النساء المهني والفني في أواخر القرن العشرين كما بنت هذه الدراسات على التواجد الثقافي المتزايد للنساء.

المصادر الأرشيفية والكمية. تتوفر المصادر الأرشيفية الإيرانية من خلال الوثائق المنشورة التي أصدرها باحثون وباحثات تحت إشراف الحكومة، سواء كانت إمبراطورية بهلوية أو جمهورية إسلامية. وقد نشرت ثلاث مجموعات من الوثائق المتعلقة بمشروع نهضة النساءمن عام ١٩٣٦ إلى ١٩٤١م (تم نشر اثنتين عام ۱۹۹۲م ومجموعة واحدة عام ۱۹۹۹م). ورغم انحياز المقدمات الافتتاحية ضد المشروع، إلا أن هذه المجموعات تقدم رؤية نافذة للتحديات البيروقراطية والأولويات الأيديولوجية للمشروع. وكانت مراسلات وزارة الخارجية البريطانية وسجلات وزارة الخارجية الأمريكية مفيدة بسبب تقاريرها الدبلوماسية حول العديد من المواضيع والأحداث والبيانات الاقتصادية وقصاصات الجرائد ومواد ثقافية أخرى. ومنذ عام ١٩٥٦م بدأت الحكومة الإيرانية في جمع ونشر بيانات التعداد السكاني كل عشرة سنوات. أما المعلومات الإحصائية السابقة على عام ١٩٥٦م فيمكن الحصول عليها من أرشيف الولايات المتحدة الدبلوماسي (ولكن معظمه قائم على تقديرات). أما الاستثناء الوحيد الأكثر أهمية فيتمثل في المعلومات التي جمعتها وزارة الثقافة فيما يتعلق بالمعلمين والمعلمات والطالبات والطلاب الإيرانيين، وهي مقسمة حسب المرحلة الدراسية والنوع، ذكرًا كان أم أنثى. ويوجد مصدر آخر محتمل للمعلومات الإحصائية لما قبل عام ١٩٥٦م هو الكتب السنوية الرسمية الإيرانية. وأخيرًا وليس آخرا، توجد محاضر البرلمان الإيراني خلال الفترات القاجارية المتأخرة والبهلوية والإسلامية، وهي لا تقدر بثمن بسبب تسجيل الجدل الواسع والنقاشات التي جرت حول مسألة المرأة“.

الصحافة الدورية. إن أغنى مصدر للدراسات الإيرانية الحديثة هو الصحافة الدورية. فهي مصدر رائع لكل من الأيديولوجيا الرسمية والرأي الشعبي. ويمكن للمرء أن يتتبع بسهولة التيارات الفكرية والثقافية خاصة فيما يتعلق بمسألة المرأة والمفاهيم المتغيرة الخاصة بالجندر. إن القراءة المتأنية لصفحات الإعلانات المبوبة والإعلانات التجارية يمكن أن تقدم رؤية عما كان يباع للنساء الإيرانيات والرجال أيضًا من طرز الحياة والمنتجات، إضافة إلى البضائع والخدمات التي يبحثون عنها، رجالاً ونساء. وأخيرًا فإن الصحافة هي المؤسسة الوحيدة الحديثة التي تساهم فيها المرأة الإيرانية بشكل ثابت باعتبارها مالكة أو رئيسة تحرير أو مراسلة أو قارئة أو كاتبة منذ أواخر القرن التاسع عشر وإلى الآن. وهكذا فإن الصحف هي مصدر أساسي للأحداث والأصوات التي أهملتها المصادر الأرشيفية والمؤرخون اللاحقون.

وينبغي على المرء ألا يقصر البحث على دوريات النساءمثل عالمي نسوان (عالم النساء ۱۹۱۹ ١٩٣٥م) وهي إحدى أطول المجلات النسائية عمرًا قبل الحرب العالمية الثانية، ومجلة عالمي زنان (عالم النساء ١٩٤٤م)، ومجلة صديقة دولتابادي زباني زنان (صوت النساء في أربعينات القرن العشرين). وعلى سبيل المثال فإن أقدم صحيفة تصدر يوميًا منذ عام ١٩٢٦م وهي صحيفة اطلاعات (معلومات) تشكل مصدرًا لا يقدر بثمن، وأخيرًا يجب على المرء مطالعة الصحف غير الإيرانية، فصحيفة نيويورك تايمز على سبيل المثال تضم فهرسًا شاملاً بكل أعدادها منذ عام ۱۹۱۳م (ويمكن تصفحها عبر الإنترنت).

المذكرات المنشورة والتاريخ الشفاهي. إلى جانب المذكرات المطبوعة (مثل مذكرات بدر الملوك بمداد) هناك مجموعتان غنيتان من التاريخ الشفاهي متوفرتان للباحثين والباحثات، وهما مشروع هارفارد للتاريخ الشفاهي الإيراني (Harvard Iranian Oral History Project) ومجموعة التاريخ الشفاهي لمؤسسة الدراسات الإيرانية، إضافة إلى توفر نصوص تسجيلات سمعية في عدد من المعاهد الأكاديمية البحثية. وقد بدأ مدير مشروع التاريخ الشفاهي الإيراني، حبيب لادجفاردي، في تحرير ونشر نصوص التاريخ الشفاهي كمذكرات (أنظر / أنظري الموقع الإلكتروني: www.ibex-pub.com/ibexiohp.html ). كما أن مجموعة مؤسسة الدراسات الإيرانية متوفرة للاستماع والقراءة في مقر مركز البحث بمدينة بيثيزدا في ولاية ميريلاند. أما في الجمهورية الإسلامية فإن نوع الكتابة القائمة على نشر المقابلات في كتب أدى إلى توفر مادة من السير الذاتية الممتعة الأفراد مثل المؤلفة سيمين دينشفار، والناشطة الشيوعية مريم فيروز (الأخت غير الشقيقة لكاتبة ستارة فرمانفرمايان التي نشرت سيرتها الذاتية بعنوان ابنة فارس في الولايات المتحدة عام ۱۹۹۱م – (Sattareh Farmanfarmaian, Daughter of Persia 1991) .

وتتمثل أهمية هذه المذكرات في عدة أسباب. أولاً، تظل أكثر النواحي غموضًا فيما يتعلق بالنشاط النسوي في إيران هي نظام العمل الداخلي والتاريخ المؤسسي للمنظمات النسوية من كل الأنواع (الرسمية الحزبية والمستقلة)، فليس لدينا معلومات كافية عن عصبة النساء الوطنيات” (۱۹۱۹ – 1935م) وجمعية النساءالتابعة للنظام البهلوي (من ١٩٣٥ – الأربعينات من القرن العشرين) ومختلف المنظمات النسائية في الأربعينات وبدايات الخمسينات (مثل حزب النساءالذي أسسته صفية فيروز). ورغم أن الكثير من الأبحاث المهمة تولدت من خلال مقابلات تمت مع باحثات مثل زيبة مير حسيني (عالمة اجتماع) وشهلا حائري (عالمة أنثروبولوجيا)، فإن أشد التحديات التي تواجه المرأة الإيرانية اليوم نتجت عن إغفال التاريخ الأدوار النساء. ثانيًا، إن التاريخ الشفاهي يمكن أن يسجل أصواتًا في القرن العشرين والواحد والعشرين، الأمر الذي يغيب بالنسبة للفترات السابقة. وفي حين أن عدد الناشطات الأوليات قد يكون قليلاً ولكن العديد من الجيل الأول والثاني من النساء المهنيات والعاملات في الصناعات وفي القطاعات الأكثر تقليدية في المجتمع الإيراني ما زلن على قيد الحياة وينبغي تسجيل رؤيتهن للقرن العشرين.

الإنترنت. إلى جانب العدد المتزايد من قواعد معلومات الأبحاث المتوفرة على الإنترنت، توجد الآن ثقافة إنترنت إيرانية متصاعدة يساهم فيها الإيرانيون الرسميون وغير الرسميين. إن موقع مراقب إيران المستقلهو نافذة للأخبار الرسمية وغير الرسمية عن إيران (www.ambadane.teheran.suite.dk/news.htm).وعلى سبيل المثال لا الحصر هنالك مثالان أكاديميان هما كتالوج مؤسسة الدراسات الإيرانيةلمجموعة التاريخ الشفاهي (www.fis-iran.org)، وكتالوج الدوريات الفارسية على الميكروفيلم (www.lib.uchicago.edu/e/su/mideast/CatIntro.html).وتقدم الحكومة الإيرانية عددًا من الإحصائيات التي تتعلق بتعليم وتوظيف النساء في إيران اليوم من خلال سفارتها الكندية (www.salamiran.org/Women).إضافة إلى ذلك فإن مواقع مثل الإيراني” (www.iranian.com) تشكل نافذة مهمة على عولمة الثقافة الإيرانية على شبكة الإنترنت، وهو اتجاه لا يمكن أن يتغافل عنه الباحثون والباحثات المعاصرون.

المصادر الأدبية والسينمائية. سوف يجد الدارسون والدارسات للفترة الدستورية والعائلة البهلوية وحتى الثورة البيضاء لعام ١٩٦٣م كنزًا عظيمًا عند فحص كتابات علي أكبر ديخودا (عمود شاراند وباراندفي صوري إسرافيل ۱۹۰۷ ۱۹۰۹م) وكتابات إيراج ميرزا (عارفنامه حوالي ۱۹۲۰م)، ومحمد علي جمالزاده (فارسي شيكار آست ۱۹۲۰م). وفي حين أن أعمال صادق هدايت (المتوفى عام 1951م) وكثير من معاصريه قد تمت دراستها، فإن أعمال الكتاب (الأقل شهرة) مثل مشفيق كاظيمي ومحمد مسعود ومحمد حجازي قد تعرضت في الغالب للإغفال، ومع ذلك فهي مصادر مهمة بسبب الحياة السياسية والصحفية العامة التي انخرطوا فيها لاحقًا. أما دارسو ودارسات الإنتاج الأدبي النسائي في القرن العشرين فيجب أن يبدأوا بشعر برفين إعتصامي (المتوفاة عام ١٩٤١م) وفروغ فروخزاد (المتوفاة عام ۱۹٦٨م) وكتابات سيمين دانشفار النثرية. وتزداد أهمية فروخزاد بسبب طبيعة أعمالها وتطور حياتها العملية (حيث أصبحت أيضًا صانعة أفلام تسجيلية)، وبسبب انتمائها إلى جيل من الشعراء (أحمد شاملو ونادر نادربور وآخرين) ممن تبنوا وطوروا أسلوبًا جديدًا من الشعر الحر، كانت أول من قدمته هي الشاعرة نيما يوشيج في العشرينات.

ومنذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في ۱۹79/ ۱۹80م تشبعت الأصوات الأدبية النسائية مثلها مثل كل الأصوات الثقافية إلى شعبتين أدب الشتاتوأدب الداخل. ونجد أن فناني وفنانات الشتات، مثلهم في ذلك مثل الباحثين والباحثات من الشتات، ركزوا في أصالهم على خسائر الثورة في ۱۹۷8/ ۱۹۷9م ومعاداة النسوية في الجمهورية الإسلامية. ومن الأعمال الرائدة في هذا المجال هو كتاب مهشيد أمير شاهي دار حضر (في الدار) الصادر عام ١٩٨٦م. كما انضمت بعض النساء مثل شهرنوش بارسيبور إلى مجتمع المنفى الإيراني لاحقًا عندما أصبحت إبداعاتهم الفنية النسائية تهدد حياتهن (بارسيبور ۱۹۹۲، ۱۹۹۸، ۱۹۹6م).

ويمكن أن تكون المصادر السينمائية مفيدة جدًا في اكتشاف مفاهيم الجندر في الثقافة الشعبية، حيث تتناول موضوعات يقدمها الأدب الحديث وتصور البرامج الاجتماعية السياسية المتنافسة في المجتمع الإيراني. إن أول فيلم تجاري إيراني على الإطلاق هو فيلم دختري لور الذي ظهر عام ۱۹۳۳م وتم إنتاجه في الهند، وكان يتناول قصة خيالية لبطولة ذكورية تدور حول مسؤول حكومي سابق اسمه جعفر وراقصة أسيرة هي غلنار في مقهى على طريق ريفي. وسوف يلاحظ الباحثون والباحثات في السينما الإيرانية ما بعد الخمسينات من القرن العشرين، إلى جانب الكثير من الأفلام الإيرانية (فيلم فارسي) من الدرجة الثانية التي تم إنتاجها في إيران (والمتأثرة بسينما هوليوود)، ظهور الكثير من الأفلام المقتبسة من أعمال أدبية لمؤلفين رجال، مثل رواية صادق هدایت (داش آكل ۱۹۷۱م)، ورواية صادق تشوبك (تنغسير ۱۹۷۳م)، ورواية هوشنغ غلشيري (شازدا احتجاب ١٩٧٤م)، أو المسلسلات التلفزيونية القصيرة المقتبسة من رواية إيراج بزيشكزاد (دائي جان نابليون)، إلى جانب ظهور أفلام فنيةراقية مثل الفيلم التجريدي المبالغ فيه، مغول – ها (برفيز كيميافي ١٩٧٢م).

وللمفارقة فإن السياسات الثقافية المتشددة في الجمهورية الإسلامية قد تسببت في ازدهار السينما الإيرانية. ومنذ عرض فيلم باشو: الغريب الصغير من إخراج بهرام بيضائي في عام ۱۹۸۹م (Bahram Beyza`i, Bashu: The Little Stranger) أصبحت الأفلام الفنية الإيرانية بضاعة ساخنة في سوق الفيلم العالمي. وكان لحظر معظم واردات هوليوود إلى إيران والقيود المفروضة على كيفية ظهور النساء في الأفلام تأثير مثير للاهتمام، فالشخصيات النسائية في الأفلام الفنية الإيرانية منذ الثمانينات (على الأقل منذ فيلم باشو) تميل إلى أن تكون أقوى وأكثر تحديدًا ووضوحًا. بل وإن الحرب الإيرانية العراقية (۱۹۸۰ ۱۹۸۸م) وتداعياتها تقدم سياقًا جذابًا لدراسة أيديولوجية الجندر، سواء في أفلام الدعاية الحربية، مثل فيلم فيزا وفيلم آثار على الرمال (Visa and Footprints In the Sand)، وفي أفلام بعض من يحملون رؤية نقدية أكبر مثل محسن مخملباف في فيلم زواج المباركين عام ۱۹۸۹ (Muhsin Makhmalbaf, Marriage of the Blessed).وحتى بين صانعي الأفلام الجادين هناك لمحات متباينة من المجتمع الأيراني تتراوح بين ثلاثية كوكر المتفائلة إخراج عباس كياروستامي (Koker trilogy, Kiarostami)، إلى وجهات النظر القاتمة لجعفر بناهي في فيلم الدائرة عام ۲۰۰۰م (Ja`far Panahi, The Circle).ويمكن لهذه التناقضات أن تقدم مادة تحليلية ثرية لدارسي ودارسات الجندر والثقافة في المجتمع الإيراني. وهناك أيضًا تواجد للممثلات والمخرجات، مثل تهمينه ميلاني في فيلم امرأتان عام ۲۰۰۰م (Tahmina Milani, Two Women)، وهو تواجد بمعدل يفوق السابق، كما أن دراسة حياتهن العملية وفنهن قد تقدم مزيدًا من الرؤية والفهم لآليات دخول النساء إلى المهن التي يسودها الرجال.

 

بعود تاريخ أقدم البحوث عن النساء والجندر في المجتمع الإيراني إلى الثورة البيضاء في الستينات. ويتميز كتاب بدر الملوك بمداد عن تاريخ المرأة الإيرانية منذ الثورة الدستورية ١٩٠٥ ١٩٠٦م وكتاب بري شيخ الإسلامي حول الناشطات والصحفيات بأسلوبهما الوصفي، ومما يقلل من شأنهما هو أنهما كتبا من أجل إظهار اهتمام الدولة البهلوية بمسألة المرأة في أحسن صورة ممكنة. ويدين عمل بري شيخ الإسلامي في جانب منه إلى الأنواع التقليدية ممثلة في مجموعات السير والتراجم التي كانت سائدة في القرن التاسع عشر، مع تأثر الكاتبة أيضًا بالسير الذاتية الحديثة والمصادر الصحفية. أما الباحثات الدارسات في أوروبا أو أمريكا، مثل جانيت أفاري وإليز سانساريان وبرفين بيدار وأفسانه نجمبادي وشهلا حائري وإريكا فريدل، فقد نشرن أعمالهن في إطار الأجواء الغنية بالدراسات البينية في الأفرع المعرفية داخل النظام الأكاديمي الأوروبي – الأمريكي منذ الستينات من القرن العشرين وما بعدها، وصعود الجمهورية الإسلامية.

وتقدم إليز سانساريان وجانيت أفاري وأفسانه نجمادي وبرفين بيدار منظومة تأويلية لبحوثهن ذات الطابع التاريخي إلى حد كبير. ففي كتابها الصادر عام ١٩٨١م عن حركة حقوق النساء في إيران (Sanasarian, The Women’s Rights Movement in Iran 1981) تستخدم سانساریان نموذج جو فریمان (Jo Freeman 1975) في فهم نشاط النساء الأمريكيات السياسي في الستينات. وبناء على حجج دينيز كانديوتي القائلة بإمكانية تعريف النظام الأبوي بشكل أفضل تبعًا لمقاومة النساء له بدلاً من التعليمات الرسمية المستقاة من النصوص الأيديولوجية (بما فيها القرآن والحديث)، بدأ بعض الباحثين والباحثات في التركيز على مظاهر الاستمرارية الاجتماعية والمؤسساتية التي واكبت فترات سياسية معينة. فاستنادًا إلى بيانات التعداد السكاني من أواخر الفترة البهلوية وما بعدها واعتمادًا على التاريخ الشفاهي استطاعت بويا توضيح دور القوى الاقتصادية والمقاومة النسائية في تحريك العراقيل التي وضعتها الجمهورية الإسلامية بتوجهاتها الأيديولوجية أمام المشاركة الاقتصادية والسياسية للنساء في المجتمع الإيراني. وقد أكدت برفين بيدار بوجود إجماع أبوييحتضنه اليسار السياسي والإسلاميون والحداثيون العلمانيون منذ الثورة الدستورية إلى الجمهورية الإسلامية. كما ترى موغيسي في كتابها عن الحركة الجماهيرية والنسوية في إيران (Moghissi, Populism and Feminism In Iran 1994) أن النزعة الأبوية تمتلك منطقا مستقلا عن أي إطار أيديولوجي. أما أعمال إريكا فريدل وشهلا حائري فقد اعتمدت على البحث الميداني الذي يغطي أواخر حكم بهلوي وفترات الحكم الجمهوري، وقد وجدت كلتاهما في الثقافة الإيرانية الكثير من العناصر العاملة في إطار السياق الاجتماعي، والتي لم يطرأ عليها التحول الفوري المباشر تبعًا لنبرة الخطاب السياسي أو الأيديولوجي النابع من العاصمة طهران. إن التحول الذي طرأ على الاهتمام البحثي المتخصص من مجال السياسة والأيديولوجيا الرسمية إلى تنمية الثقافة والمؤسسات هو تحول أنتج صورة أكثر تعقيدًا لتاريخ الجندر في المجتمع الإيراني. وقد أوضحت أفسانه نجمبادي الدور الحيوي للجندر في تشكيل نظام التعليم الحديث في إيران والنظام القضائي والبرلمان خلال الثورة الدستورية. أما دراسة كامرون أمين عن نهضة النساء في ١٩٣٦م فقد أخذت في الاعتبار أيضًا أيديولوجيا الجندر كنقطة تقاطع بين أيديولوجيات ومؤسسات مختلفة (الصحافة والدولة). وخلال مسيرة هذه التحولات في التركيز الأكاديمي والاتجاهات النظرية، توفرت معلومات جديدة أثرت السرديات التي تتناول النساء والجندر في التاريخ الإيراني، إما عن طريق إعادة فحص المصادر الموجودة (الصحفية منها والأرشيفية) أو الاستفادة من المصادر المهملة أو غير المتوفرة سابقًا (بيانات التعداد السكاني والصحافة والتاريخ الشفاهي).

لقد أجبرت ثورة ۱۹۷8/ ۱۹۷9م كل الباحثين والباحثات على إعادة النظر في دور الدولة والإسلام في استمرارية التمييز على أساس الجنس في مجتمعات الشرق الأوسط. وأول سؤال مطروح هو لماذا انضمت الكثير من النساء الإيرانيات إلى الرجال في رفض الحداثة البهلوية والقبول بدعوة النسوية الإسلامية؟ وقد كانت البحوث الغربية والإيرانية المغتربة في بدايات الثمانينات تتسم فعلاً بالطبيعة الجدلية وهي تفضح التمييز ضد النساء في النصوص الإسلامية التقليدية والظلم المعاصر الذي يمارسه نظام الجمهورية الإسلامية. وعندما ينظر الباحثون والباحثات إلى الثورة الدستورية في 1905/ 1906م، ومشروع نهضة النساء في ١٩٣٦ – ١٩٤١م، وحركة المطالبة بحق النساء في الترشيح والانتخاب في الأربعينات والخمسينات، والثورة البيضاء في ١٩٦٣م، وقانون العائلة في ١٩٦٧م، وهي كلها مراحل تقدم في الحركة النسوية، فإن تلك النظرة والمراجعة تطرح أسئلة جديدة. فلماذا لم تستفد النساء من الثورة الدستورية إلا قليلاً؟ ولماذا تم إجبار النساء على التحرر من الحجاب؟ وكيف تغير معنى الحجاب مع مرور الزمن؟ وما هو المقابل لتحالف النسوية مع الأنظمة الأوتوقراطية؟ إن هذه الأسئلة ذات أولوية في بداية القرن الواحد والعشرين، حيث أصبحت مسألة المرأة مرة أخرى جبهة صراع سياسي ولكن هذه المرة بين الإصلاحيينوالمتشددينمن دعاة الجمهورية الإسلامية.

 

General

C. M. Amin, The making of the modern Iranian woman Gender, state policy and popular culture. 1863 – 1946, Gainesville Fla. 2002.

A Najmabadi, The story of the daughters of Quchan Gender and national memory In Iranian history, Syracuse N. Y. 1998.

P. Paidar, Women and the political process in nventieth-century Iran, Cambridge 1995.

M. Poya, Women work and Islamism. Ideology and resistance in Iran, London 1999.

N. Rahimich, Missing voices. Discovering voices in Iranian cultural history, Syracuse 2001.

E. Sanasarian, The women’s rights movement in Iran Mutiny appeasement, and repression from 1900 to Khomeini New York 1982.

Pari Shaykh al- Islami, Zanan-i ruznama – nigar va andishmand- i iran, Tehran 1351/ 1972 /3.

Women in Literature and Film

P. Chelkowski, Popular entertainment, media and social change in twentieth- century Iran, in P. Avery, G. Hambly, and C. Melville (eds.), The Cambridge history of Iran. Volume 7. From Nadir Shah to the Islamic Republic, Cambridge 1991, 765 – 814.

F. Lewis and F. Yazdanfar (comp, trans., and intro.), In a voice of their own. A collection of stories by Iranian women written since the revolution of 1979, Costa Mesa 1996.

F. Milani, Veils and words. Emerging voices of Iranian women writers, Syracuse, NY. 1992.

H. Moayyad (ed.), Stories from Iran A Chicago anthology 1921-1991, Washington, D. C. 1991.

H. Naficy, Iran, in Gorham Kindem (ed.), The international movie industry, Carbondale, III. 2000.

-, Veiled voice and vision In Iranian cinema. The evolution of Rakhshan Banietemad’s films, in Ladies and gentlemen, Boys and girls Gender In film at the end of the twentieth century, Albany, NY. 2001, 36- 53.

Shahrnüsh Pärsipür, Zanan bidin-I mardän, Los Angeles 1992.

-, Khatirat-I zindan (Prison memoirs), Spanga 1996.

-, Women without men. A novella, trans. Kamran Talattoff and Jocelyn Sharlet, Syracuse, N. Y. 1998.

Sources on the Press

Husayn Abu Toraäbiyän, Matbu ‘ät-I Irani, Tehran 1366/ 1987.

Kävah Bayat and Mas’ud Kühistäni Nizhäd (eds.), Asnäd-I matba at (1286- 1320 HS), Tehran 1372/ 1993.

Muhammad Sadr- Hashimi, Tarikh- i jarayid va majallat -i Iran, Isfahan 1327- 32/1948- 53, repr. 1363- 4/1983- 4.

Ghulam R. Salami and Muhsin Rüstayl (eds.), Asnad -i matbü’at- i Iran 1320- 1332, i, Tehran 1374/ 1995.

Iranian Feminist Writings

Badr al- Moluk Bamdad, From darkness into light Women’s emancipation in Iran, trans. F. R. C. Bagley, Hicksville, N. Y. 1977.

Tal’at Bassari, Zandokht: Pishähang- i nahdat- e azadi- i bänuvän- i Iran, Tehran 1345/ 1966/ 7.

Sadiqa Dawlatābādi, Sadiga Dawlatābādi. Nama-ha va nivishta-ha va yad-hà, comp. and introduced by Mahdukht San’ati and Afsaneh Najmabadi, New York 1998.

Studies Using Oral History

Interviews

H. Esfandiari, Reconstructed lives. Women and Iran’s Islamic revolution Baltimore, Md. 1997.

S. Haeri, Lane of desire. Temporary marriage in Shi’I Iran. Syracuse, N.Y. 1989,

Z. Mir- Hosseini, Gender and Islam. The religious debate In contemporary Iran, Princeton, N. J. 1999.

Published Document Sets

Khushünat va farhang. Asnad- i mahramana- i kashf- i hijab (1313- 1322), Tehran 1371/ 1992/3.

Vagi’a- i kashf- i hijab. Asnäd-i muntashir nashuda, ed. Ja’far Mortaza, Soghra Isma`ilzada and Ma’suma Farshchi, Theran 1371/ 1992/ 3.

Taghir- i libas va kashf – i hijab bah rivayat -i asnad, Tehran 1378/ 1999/ 2000.

شارك:

اصدارات متعلقة

النسوية الإلغائية في فلسطين
نصائح من اجل بيئة عمل آمنة للنساء
نصائح للنساء لضمان السلامة خلال الحمل والولادة والوقاية من كوفيد19
الإجهاض القسري في نيجيريا وسؤال العدالة الانجابية
اغتصاب وقتل طفلة رضيعة سودانية في مصر
نحو وعي نسوي : أربع سنوات من التنظيم والتعليم السياسي النسوي
شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10