إذا عرفت الحل اتصل على

تأليف:

إذا عرفت الحل اتصل على ۰۹۹۹۹۹۹۹۹۹

كلمة تنتهي بها كل مسابقات هذه الأيام واالتي تمطرنا بها قنوات التليفزيون وتتخلل كل المسلسلات والأفلام والبرامج التي يشاهدها شبابنا وأبناؤنا، هي في مظهرها شيء كوميدي يسلي ويجعل الذهن يفكر في الحل ، لكن إذا فكرت في المسابقة في حد ذاتها تجدها لا تهدف إلى إثراء الثقافة في المجتمع ولا إلى تحفيز المشاهد لقراءة كتاب معين أو البحث عبر صفحات الإنترنت لإيجاد الحل بل هي من التفاهة التي تجعل الأطفال يقومون بحلها دون تفكير أيضًا تكرس لدى المجتمع مفاهيم مغلوطة يتربى عليها الأطفال دون وعي الآباء.

فتأتيسرحان ونفيسةتلك الفوازير التي تحكي مطاردات سرحان لزوجته نفيسة بالمسدسات والسيارات على طريقة جيمس بوند.

وتبدأ كل حلقة بسرد سرحان لطريقة جديدة ومبتكرة للتخلص من نفيسة لأسباب من قبيل (أن نفيسة تزعجه أثناء قراءة الجريدة لانشغالها بالغسيل وصوت الغسالة يزعجه) وفى كل مرة يكون لديه أمل في التخلص منها بقتلها ويتخيل بعد تنفيذ مؤامرته صورة نفيسة على الجدار موسومة بالشريط الأسود ولكنها ومع الأسف تنجو من محاولة القتل نتيجة لخطأ في الخطة غير مقصود منه بالطبع وتفشل الخطة لسبب من ثلاثة يوردها في نهاية كل حلقة ليختار المشاهد منها السبب في إفشال عملية القتل ليكسب الجائزة أى أنه يشرك المشاهد بالتفكير والتحليل في عملية التخلص من الشريك ويحفزه على ذلك بالجائزة التي يحلم بها.

أما عن الطرق التي يفكر فيها سرحان كوسيلة للتخلص من نفيسة فكثيرة ومتنوعة منها قطع سلوك المصعد وكهربة ماء البانيو والاستعانة بوالده لقتلها وغيرها من الطرق ويلتف المشاهدون حول التلفاز في انتظار الحلقة الجديدة أقصد المؤامرة الجديدة متناسين أن الأفكار والطرق المستخدمة في التخلص من الزوجة تصلح أيضًا للتخلص من الزوج، شيء مثل هذا لا يجب أن يعرض على الناس بهذه البساطة من باب التهريج، لا يجب أن نصدر للناس ثقافة بهذا القدر من التخلف، ألا يكفينا ما نراه يوميًا من كوارث داخل المجتمع وانتشار العنف بين أفراد الأسر لكي يساهم الإعلام في انتشاره بأن تظهر علينا مسابقة لتقول لنا أن فلانًا قام بقطع زوجته بالمنشار لكنها لم تمت وعليك معرفة سبب عدم موتها لتكسب الجائزة.

ونجد أيضًاخالتي بايرةإحدى المسابقات التليفزيونية اليومية أبطالها هم الخاطبة والعروس (البايرة) التي تبحث عن عريس وفي كل حلقة عروسة جديدة أو كارثة جديدة بمواصفات عجيبة لا يعدمها مؤلفها (أحمد حمدى) والأم التي تصطحب ابنتها للخاطبة وتقوم الخاطبة التي تحيطها الكثير من لوحات مكتوب عليها بعض الأمثال الشعبية من قبيل (الأصيلة تنام مع جوزها على الحصيرة) (اللي يقول لمراته يا عورة تشمت فيها العامية والحولة) وغيرها من الأمثال وتستخدم الحاسوب المحمول (اللاب توب) في عملية البحث عن العريس الذي تقوم بسرد مواصفاته والأعمال التي يقوم بها وعلى المشاهد أن يختار من ثلاث وظائف ما هي وظيفة العريس المنتظر وتنتهي كل حلقة بعبارة (اتصل على مسابقة بايرة) لتحصل على الجائزة.

ليست القضية في تفاهة المسابقة فبعيدًا عن سذاجة وسطحية المسابقة فاللافت للنظر هو استخدام النساء مرة أخرى ولن تكون الأخيرة كوسيلة للضحك والفكاهة وجذب المشاهدين وتحقيق الكسب المادي واستخدام لفظ (بايرة) كاسم للمسابقة هو أكبر دليل على ثقافة من يستخدمونه لتحقيق مكاسب مادية على حسابه، سواء كانوا على دراية بما تقوم بحفره وترسيخه مثل هذه المواد الإعلامية من مفاهيم أم لا، فتقدم هذه المسابقة المرأة في أنماط محددة، فهي إما أن تكون العروسة البايرة القبيحة أو أم العروسة التي تصطحب ابنتها إلى الخاطبة أو الخاطبة ذاتها وبما أن كل عروسة من عرائس الخاطبة تكون كارثة، فعلى المشاهد أن يتوقع النمط الذي لا تقدمه المسابقة بشكل مباشر وهو العروسة التي تتمتع بالجمال بمقاييس المجتمع فهي لا تحتاج أن تذهب إلى الخاطبة لتجد عريسًا، وبذلك تختزل المرأة أو الفتاة في شكلها ويتحدد مصيرها على أساسه، وأيضًا يقع على عاتق الأم مهمة البحث عن عريس لابنتها، فالنساء هن فقط اللاتي يذهبن إلى الخاطبة في تجاهل إلى أن كل عريس يتم عرضه على العروسة فهو يتزوج أيضًا بواسطة الخاطبة ؛ ويساهم البرنامج أيضًا في تثبيت دور الدجل والشعوذة في عملية البحث عن العريس المنتظر من خلال منافسة الخاطبة للدجال في إحدى الحلقات في إيجاد العريس أولاً.

هل هذه هي وظيفة الإعلام الحقيقية أم ماذا ؟

هذه هي طبيعة العلاقة بين الإعلام والمجتمع فالإعلام يكون أحيانًا مرآة عاكسة لقيم ومفاهيم المجتمع وفي نفس الوقت يكرس لتلك القيم ويعيد إنتاجها، وهل لا يوجد ما يمكن فعله لمنع مثل تلك البرامج وهل يعني ذلك الوقوف مكتوفي الأيدي، علينا التفكير بالبديل على اعتبار أنه ليست كل قاعدة المشاهدين مجرد مستقبلين فقط بل على اعتبار أن منهم من يمتلك حاسة النقد التي تمكنه من الانتقاء الجيد لما يشاهد أو على الأقل الرفض والقبول.

بايرة فيالمعجم

يطلق لقب العانس في العادة على الفتاة التي تتجاوز سنًا معينة دون أن تتزوج، مع أنه يشمل أيضًا الرجل الذي لم يتزوج وإن كان اللقب الغالب على الرجال هو العازب. وفي اللهجات الشعبية في كثير من البلدان العربية يطلق على التي لا تتزوج بعد أن تبلغ سنًا معينة لقببايرهكما في بلاد الشام والمغرب العربي، وهو ذات التعبير الذي يطلق على الأرضفيقالبارت الأرضأي فسدت ولم تعد تعطى ثمرًا، لذا فاستخدام لفظبايرةعلى الفتاة التي تبلغ سنًا معينة ولم تتزوج كأنه يشير إلى أنها لم تعد مجدية للزواج الذي يفترض أن تكون ثمرته إنجاب أطفال.

وكما هي الأرضالبايرةليست لها قيمة فالفتاة العانس ليس لها قيمة أو وزن، فيلحقها الاهمال والعار، وتشعر بالدونية والوحدة، وترى نفسها عبئًا على أسرتها وعلى المجتمع بأسره، وتعاني من تبعات الفقر أكثر من غيرها من الفتيات خصوصًا إذا كانت غير متعلمة، وتزداد الضغوط على العانس كلما كانت تنتمي للفئات الأكثر فقرًا ومحافظة.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات