٢٧ أبريل ٢٠٢٠
إننا في عصر الجمعة العظيمة في مدينة كمبالا. يبدو المزاج كئيباً قاتمًا، ولكن السبب أكثر من صلب المسيح فقط. إذ خلت الشوارع التي كان من المفترض أن تزدحم بالناس لتكشف عن عظمة وجمال الهدوء. لقد صفا الهواء من التلوث الناتج عن الغبار وانبعاثات السيارات وقد خلت الشوارع في مفارقة كبيرة إلا من بعض المارة الذين يرتدون الكمامات. أعلنت الحكومة الأوغندية–كما فعلت العديد من الحكومات الأخرى–حالة الإغلاق التام لأجل غير مسمى في خطوات احترازية للحد من انتشار فيروس كورونا المعروف بمرض كوفيد-19 وهي السلالة الجديدة من فيروس الكورونا التي هزت العالم.
هناك هدوء في الخارج ولكن تكشف العديد من المصادر والتقارير الإخبارية من كافة أنحاء العالم عن سيناريو مختلف من داخل المنازل والتي نُصح عامة الناس بالتزامها للحفاظ على سلامتهم. يعني المنزل كل شيء إلا الأمان للعديد من النساء اللاتي يعشن مع شركاء معتدين وعنيفين. صرح المتحدث باسم الشرطة الأوغندية بالإضافة إلى معتمدي المقاطعات بازدياد حالات العنف المنزلي. أقرت مجموعة كوييتا وهي مجموعة من حكائي حقوق الإنسان بأنها قد سجلت ثلاثمئة وثمانية وعشرين حالة عنف مبني على النوع في الثلاثة أسابيع الأخيرة. قد يتفاجأ البعض من ظهور هذه الأزمة في ظل الأزمة الصحية– ولكنها ليست مفاجأة. يعتبر التوتر والضغوطات الاقتصادية اللذان حدثا نتيجة لهذه الجائحة من العوامل التي تعارف عليها المختصون مسبقًا في فهم السلوك العنيف والعدواني. تقول إيفون زابو –وهي مختصة بعلم النفس السريري لدى خدمات السلامة النفسية -:”بالإضافة إلى ذلك فإن طبيعة العزل المصاحبة للإغلاق تمثل البيئة المثالية للعنف المنزلي. إن العزل هو جانب مفصلي في السيطرة الإجبارية التي يفرضها المعتدي، و الإغلاق يسهل على المعتدي تضييق الوصول إلى الشريك المعتدى عليه، كما يقلل من المناسبات العامة حيث يمكن ملاحظة السلوك العدواني وإيقافه“. تضيف إيفون بأنه من الضروري تطوير خطط الحماية لتلائم الظروف الحالية، وقالت “قد يشمل ذلك التركيز على خلق مساحات آمنة في المنزل وخلق شيفرات للكلام أو التوجه إلى تقديم المساعدة عبر المراسلة عوضًا عن استخدام المأوى والخطوط الساخنة للمكالمات“. في خطابه للشعب الأوغندي في التلفزيون القومي في الحادي والثلاثين من مارس تجاهل الرئيس موسفني كما هي العادة قضية العنف المنزلي. قال موسفني: “نستجيب للصحة وحالات الولادة. لن نعمل على مشاكل كأن يضرب رجل سكران زوجته…. اقضوا على هذه الأمور في المنزل“. بينما دعا إلى التشديد على قوانين الإغلاق التام في إرشادات الاستجابة لكوفيد-19. لا داعي للذكر بأنه لم يقرر تعليمات لمواجهة العنف المنزلي خلال الإغلاق. تنتظر منظمات المجتمع المدني –والتي تعمل في الأساس مع الضحايا والفئات المعرضة للعنف –بأن تتلقى الامتيازات الممنوحة لمقدمي الخدمات الأساسية وذلك كي يتمكنوا من المواصلة في تقديم الخدمات للناجيات. تعمل فيدا أوغندا على هذه القضية. فيدا أوغندا هي رابطة للنساء المحاميات، وهي إحدى المنظمات التي تمتلك مراكز في مختلف أنحاء البلاد. تقول اليزابيث كيميجيشا –وهي إحدى المحاميات–بأن التحدي الذي يواجههن الآن هو الوصول إلى المعنفات في الوقت المناسب. تقول اليزابيث:” عادة نكون مستعدين للذهاب إلى النساء في مواقعهن حالما يتصلن بنا ونقوم بدراسة الخطوات التالية بينما نحن موجودين معهن. الآن أصبح هذا الأمر مستحيلًا في الوقت الحالي على الأقل، حيث مُنعت حركة النقل والمواصلات وأُغلقت المكاتب وبات العمل من المنزل“. لقد خلقت فيدا خلال سنوات عملها شبكة من الموظفين القادرين على تطبيق القانون والذين يمكن الاعتماد عليهم في الاستجابة لحالات العنف المنزلي المسجلة. وهو استثمار جاهِز في هذه الأوقات. تقول اليزابيث: “لازال بإمكاننا استدعاء أفراد الشرطة المسؤولين عن الاستجابة الأولية وإرسالهم إلى عناوين المعنفات. تضيف بأنهم يعملون ويشددون على تعميم أرقام الهواتف التي يمكن الوصول بها إليهم في كل المراكز. قامت فيدا بخطوة أخرى وهي كتابة عريضة للحكومة كي يضيفوا العنف ضد النساء في أعلى أولويات الاستجابة لمرض كوفيد-19. لم تستجب الحكومة بعد. تتحمل النساء الأوغنديات أعباء العديد من المصاعب خلال جائحة كوفيد-19، مما يشمل بالإضافة إلى العنف المنزلي العديد من القضايا السياسية الاقتصادية كالفقر ووفيات الأمهات و التعامل القاسي من قبل الجهات الأمنية. إن ازدياد حالات العنف المنزلي المسجلة هي قطعة صغيرة من –دمية ماتريوشكا الخشبية الروسية–التي هي دائمًا تكون داخل دمية أكبر. أيضا تعزى هذه المشكلة إلى تخلي القادة عن مسؤولياتهم وعدم كفاية الموارد للاستجابة، وعدم تعبئة المجتمع بشكل كافي لاستهداف المشكلة والقضاء عليها.
شارك: