استخدام وسائل جديدة لمنع الحمل: منظور أخلاقي
تهدف هذه الورقة البحثية إلى تقديم بعض الانعكاسات الفكرية حول خبرتنا الأخيرة فى المكسيك في مجال إدخال استخدام أساليب جديدة لمنع الحمل إلى البرنامج الحكومي لتنظيم الأسرة. ويمكن اعتبار إحدى وسائل منع الحمل جديدة من زاويتين: أولاً، إذا كان استخدامها قد بدأ مؤخرًا في بلد ما بشكل عام؛ وثانيًا، إذا كان الفرد يستخدمها للمرة الأولى، سواء كانت أو لم تكن متاحة على نحو عام. وفي إطار هذا التحليل، هناك أهمية خاصة لرصد الاختلافات في نوعية التفاعل بين القائمين على تقديم خدمات تنظيم الأسرة، سواء من الأطباء أو الممرضات وبين مستخدمي وسائل منع الحمل الجديدة في حالتين:- عندما يقدم القائمون على الخدمات تقييماً لأى وسيلة جديدة يجرى تطبيقها فى التجارب الإكلينيكية.
- وعندما يقدم القائمون على الخدمات أنفسهم الوسائل التى تعتبر جديدة بالنسبة للمتعاملين يومًا بيوم أثناء تقديم الخدمة العادية.
- ويمكن مقارنة هذين الموقفين بما يجرى في مجال البحث العلمي، حيث يتم التحكم في المتغيرات التي تؤثر على موضوع الدراسة، بينما تنقص أساليب الحكم أثناء تقديم الخدمات الصحية يوميًا. ورأيي هنا يتلخص في حق الناس في نوعية جيدة من الرعاية في كلا المجالين على قدم المساواة، ولكنهم – مع كل – لا يحصلون عليها.
وسائل جديدة
من بين الوسائل الجديدة لمنع الحمل المتاحة للمرأة في المكسيك، بشكل عام، نجد: المستزرعات الهرمونية تحت الجلد، وحقن سيكلوفيم (cyclofem) مرة في الشهر التي تحتوى على مركب من الاستروجين والبروجستوجين. وقد أجريت دراسات عديدة على مدى قبول هذه الوسائل، وبالنسبة للوسائل الجديدة للنساء، هناك دراسات حول الأساليب الهرمونية لمنع الحمل، وتعقيم النساء، وموانع الحمل الرحمية. وتشتمل هذه الدراسات على معلومات تتعلق بنوعية الرعاية ذات الصلة بهذا التحليل.
وفي دراسة لمدى قبول المستزرعات الهرمونية، كانت النية تتجه للكشف عما إذا كان تقديم الخدمات يؤثر على مدى قبول استخدام الوسيلة. وقد تم عرض شريط فيديو تعليمي شاهدته كافة النساء اللاتي حضرن خدمات تنظيم الأسرة في كل مركز من المراكز المشاركة في الدراسة. وقد حصلت النساء من خلال مشاهدة شريط الفيديو على مجموعة من المعلومات المتعلقة بكل وسيلة من وسائل منع الحمل المتاحة، ومنها المستزرعات الهرمونية. وبطبيعة الحال، اختارت بعض النسوة وسيلة المستزرعات الهرمونية بينما اختارت نسوة أخريات الوسائل الأخرى. وقد جرت مقابلات مع هاتين المجموعتين النسائيتين – مستخدمات المستزرعات الهرمونية، ومستخدمات الوسائل الأخرى باعتبارهن يمثلن مجموعة ضابطة (control group). وقد دارت المقابلات حول الخدمات التي حصلن عليها منذ بداية اتصالهن بالمشروع.
وكان أحد الأهداف يكمن في تحديد السمات التي ميزت النساء اللاتي اخترن المستزرعات الهرمونية. ومن الزاوية الاجتماعية – الديموغرافية، لوحظ ارتفاع مستوى التعليم وزيادة الخبرة بوسائل منع الحمل بين النساء المستخدمات لطريقة المستزرعات الهرمونية، مقارنة بالنساء اللاتي اخترن الوسائل الأخرى. هذا فى حين تشابهت كافة السمات الأخرى إلى حد كبير. وعلى أية حال، فإن كل مؤشر من مؤشرات نوعية الرعاية فى الخدمات المقدمة التي اختبرتها الدراسة كانت تشير إلى أن الخدمات المقدمة للنساء مستخدمات وسيلة المستزرعات الهرمونية أفضل من الخدمات المقدمة للنساء مستخدمات الوسائل الأخرى (1، 2).
وعندما بدأت الدراسة، كان استخدام حقن السيكلوفيم في المرحلة التمهيدية. وهو الأمر الذي يعنى عدم إمكانية وجود مجموعة ضابطة لأنه من المفترض في المرحلة التمهيدية إعطاء الوسيلة التى تعطى فى “الظروف العادية” الملائمة في العيادات المشاركة. وهكذا، فقد أخذت النساء اللاتى يرتدن المراكز الصحية حقن السيكلوفيم كجزء من العمل اليومي لهذه المراكز. ومع ذلك، فقد تم الاحتفاظ بسجل منفصل للنساء اللاتي اخترن تعاطى السيكلوفيم. وجرت فيما بعد متابعة لهؤلاء النسوة (۳).
وخلال المسح القومي لتحديد مدى خطورة الوسائل الهرمونية لمنع الحمل،(۱۹۸۸)، جرى تحليل لنوعية الخدمات الممنوحة للنساء عندما قررن للمرة الأولى وبدأن في استخدام وسيلة معينة. وقد تمت مقابلات مع المواطنات اللاتي اشتملت عليهن عينتان قوميتان – عينة النساء اللاتي يستخدمن الوسائل الهرمونية لمنع الحمل، وعينة الأطباء والممرضات الذين يقدمون هذه الوسائل في العيادات والمستشفيات العامة الخاضعة لإدارة وزارة الصحة (SSA). وقد اشتملت هذه الدراسة على الوسائل الهرمونية التالية لمنع الحمل: الحبوب، والحقن. كما اشتملت أيضًا على مقابلات مع النساء اللاتى يستخدمن العيادات التابعة لوزارة الصحة. وهكذا، فقد أمكن تحليل ملاحظات النساء حول خدمات تنظيم الأسرة التي يحصلن عليها، إضافة إلى ملاحظات الأطباء والممرضات القائمين على تقديم هذه الخدمات.(٤)
أما فيما يتعلق بتعقيم الإناث، فقد اشتمل المسح القومي للخصوبة والصحة (۱۹۸۷) على قسم خاص موجه للنساء اللاتي قمن بعمل تعقيم بهدف تنظيم النسل. الأسئلة الموجهة للنساء كانت تدور حول الخدمات اللاتي حصلن عليها قبل العملية، وحول مشاركتهن في عملية اتخاذ قرار بإجراء التعقيم (5). وأخيرًا بالنسبة لموانع الحمل الرحمية، ففى المسح الخاص بمحددات استخدام موانع الحمل في المكسيك (۱۹۸۸)، كانت الأسئلة الموجهة للنساء تتعلق بأسباب اختيارهن لمختلف الوسائل ومن بينها موانع الحمل الرحمية. وعلاوة على ذلك، فقد تم توجيه سؤال للنساء المستخدمات لموانع الحمل الرحمية حول ما إذا كن قد حصلن على معلومات حول هذه الوسيلة قبل استخدامها؟ (6) ويرجع السبب في توجيه هذه الأسئلة إلى أن المؤسسات العامة قد أبلغت عن بعض حالات استخدمت فيها النساء موانع الحمل الرحمية بدون الحصول على موافقتهن المسبقة، كما حدث نفس الشيء أيضًا فيما يتعلق ببعض حالات تعقيم النساء. ومن هنا فقد كنا معنيين بالكشف عما تقوله النساء حول تورطهن من عدمه في قرار استخدام هاتين الوسيلتين.
ويركز التحليل التالي على البيانات التي اشتملت عليها تلك الدراسات سالفة الذكر. وكمعيار لقياس ومقارنة نوعية الخدمات المقدمة للنساء المستخدمات لمختلف وسائل منع الحمل، استخدمنا المعايير القائمة بشأن تقديم خدمات منع الحمل، كما حددتها الكتيبات المعدة للعاملين في هذا المجال والقائمين على توفير هذه الخدمات.
إن مقارنة البيانات الواردة بالمسوح الديموغرافية في المكسيك، من عام ١٩٧٦ حتى أحدث مسح – وهو المسح القومي للخصوبة والصحة – صدر عام ۱۹۸۷، توضح تناقص استخدام الحبوب بدرجة كبيرة من 35.9% إلى 18.2% من مستخدمات وسائل منع الحمل. وفي نفس الفترة تضاعف استخدام وسيلة تعقيم الإناث لأربع مرات، من 8.9% إلى 36.2% من مستخدمات وسائل لمنع الحمل. أما استخدام موانع الحمل الرحمية، فقد ظل مستقرًا خلال نفس الفترة (حوالى ٢٠%)، كما كان الحال بالنسبة لاستخدام الحقن (حوالي 5%). وبالنسبة لتنظيم الحمل وفقًا للدورة الشهرية أو عن طريق استخدام وسيلة القذف الخارجي فقد استخدم زوج من بين كل أربعة أزواج هاتين الوسيلتين في عام ١٩٧٦، في حين انخفضت هذه النسبة، مع حلول عام ۱۹۸۷، إلى زوج من بين كل ٦ أزواج (6).
لقد أشار المسح القومي للخصوبة والصحة لعام ۱۹۸۷ إلى. استخدام ما يقرب من ٦٠% من النساء المتزوجات في سن الإنجاب لأحد الأشكال المحلية لمنع الحمل. كما كشف المسح أيضًا عن أنه برغم ميل الاعتماد الكلى على الوسائل الهرمونية إلى الانخفاض، فقد استمرت هذه الوسائل تلعب دوراً هاماً عندما بدأت النساء للمرة الأولى في عملية تنظيم الخصوبة؛ وقد صرح ما يزيد عن نصف النساء إنهن قد استخدمن إحدى الوسائل الهرمونية كأول وسيلة يستخدمنها لمنع الحمل (۷)
كما كشفت هذه المسوح أيضًا عما تعانيه خدمات تنظيم الأسرة من ناحيتين جديدتين من نواحي القصور عند التعامل مع النساء منفردات ومنحهن وسيلة لمنع الحمل كي يستخدمنها للمرة الأولى. أولاً: لا تقوم هذه الخدمات بفحص ما إذا كانت بعض الوسائل مثل الحقن أو الحبوب، قد تضر ببعض النساء، وهو ما يعنى تمريض صحة هؤلاء النسوة للخطر. ثانيًا: عندما يتعلق الأمر بوسيلة دائمة، مثل التعقيم، لا يتأكد القائمون على خدمات تنظيم الأسرة أن النساء يتخذن قرار استخدام هذه الوسيلة وهن في أفضل حالة ذهنية وأفضل ظروف (4، 5، 8، 9)
وتؤكد مختلف كتيبات وسائل منع الحمل ضرورة تقديم معلومات للنساء حول السمات المميزة للتعقيم الجراحي (أى عدم قابليته للإلغاء)، وتوضح إتاحة الخيارات الأخرى في مجال منع الحمل. وهناك توصية أيضًا بمنح النساء “الوقت الكافي” لاتخاذ هذا القرار. وعلاوة على ذلك، يوصى أيضًا بالحصول على موافقة كتابية من المرأة. ويرجع السبب في ذلك جزئيًا إلى حماية الطبيب، ولكن أساساً لضمان فهم المرأة الكامل لهذا الأجراء. وتشير هذه الكتيبات إلى نقطة أخرى وهي ضرورة تجنب اتخاذ قرار إجراء التعقيم في اللحظة الأخيرة، قبل ولادة الطفل أو الإجهاض أو في لحظات الضغط النسبي الذي تتعرض له المرأة والتي لا تعد أفضل الفترات لاتخاذ مثل هذا القرار. ويقال، في مثل هذه الفترات، إن من الأفضل تأجيل اتخاذ القرار لضمان شفاء المرأة بدنيًا ونفسيًا، وإذا كانت حديثة الولادة، فيأتي القرار بعد التأكد من أن طفلها في صحة جيدة (٨).
ومن خلال المقابلات التي أجريناها أثناء المصح القومي لمدى الخطورة بالوسائل الهرمونية لمنع الحمل مع بعض القائمين على توفير الخدمة، أمكن الكشف عن وجود نقص كبير في المعرفة بعوامل الخطر والآثار الجانبية الممكنة المقترنة باستخدام موانع الحمل الهرمونية. وفى نفس الوقت لاحظنا أن النساء اللاتي أجرينا معهن مقابلات كن يعانين من نقص شديد في الرعاية الصحية ذاتها. وكانت بعض النسوة تعرف أنهن يعانين من مشاكل صحية بعينها، جددها لهن أو أكدها القائمون على خدمات تنظيم الأسرة، ومع ذلك لم تتبع هؤلاء النسوة، ولسبب غير واضح، العلاج المقترح. ويبدو أن النساء “المعرضات لاستخدام موانع الحمل الهرمونية” خارج إطار التجارب الإكلينيكية، أو غيرها من أشكال المشروعات البحثية هن الأكثر عرضة للخطر، ويرجع ذلك إما لأن القائمين على توفير الخدمات لا يقدمون لهن المعلومات الضرورية أو لأن هؤلاء النساء أنفسهن لا يعتنين بصحتهن (9).
ومن بين النساء اللاتي قمن بعمل تعقيم وأجرينا معهن مقابلات صرحت ۱۰% منهن أنهن لم يشاركن على الإطلاق في اتخاذ قرار إجراء العملية، بينما صرحت ٤٠% أنهن لم يوقعن على استمارة الموافقة على إجراء العملية، هذا في حين أفادت 25% منهن عدم حصولهن على أية معلومات حول وسائل منع الحمل البديلة ولا عن عدم قابلية عودة الخصوبة بعد عملية التعقيم (۸) وفي إحدى الدراسات الإقليمية، وجدنا أنه من بين النساء اللاتي استخدمن التعقيم كأول وسيلة على الإطلاق لتنظيم النسل، وصلت نسبة النساء اللاتي لم يشتركن فى اتخاذ قرار إجراء عملية التعقيم إلى 3.5%(١٠).
وفي المسح الخاص بمحددات منع الحمل بالمكسيك لعام ۱۹۸۸، أفادت النساء اللاتي استخدمن موانع الحمل الرحمية أن القرار الأول بشأن استخدام هذه الوسيلة من وسائل منع الحمل لم يكن قرارهن، وإنما القائمين على تقديم الخدمة (10). ولا تشكل هذه المسألة نقطة القصور الوحيدة في مدى وجود الرعاية التي كشفت عنها هذه المسوح.
وفي المقابل، وجدنا أن أفضل خدمة مقدمة كانت في مشروعات نوريلانت (Nor plant خلال التجارب الإكلينيكية. وبالنسبة للنساء اللاتي اخترن وسيلة أخرى لمنع الحمل غير المستزرعات الهرمونية، فإن نوعية الرعاية المقدمة من جانب القائمين على تقديم الخدمة فى العيادة ذاتها، كانت منخفضة إلى حد كبير، وهو ما أضر النساء بالمجموعة الضابطة الخاصة بدراسة المستزرعات. إن غالبية النساء اللاتي تبنين استخدام المستزرعات الهرمونية كن مُبلغات بقوة تأثير هذه الوسيلة وآثارها الجانبية، بينما لم يصدق ذلك سوى على ٢٥% فقط بالنسبة للمجموعة الضابطة (٢).
وفى حالة السيكلوفيم، لم تكن نوعية المعلومات المقدمة خلال المرحلة التمهيدية جيدة، إذا ما قارناها بالمعلومات المعطاة في حالة المستزرعات. كما أن بدائل منع الحمل المقدمة للنساء كانت قليلة ولم يكن ممكنًا متابعة النساء المستخدمات لهذه الوسائل، ومع ذلك فقد كانت أفضل ما يقدم خلال الرعاية التقليدية المعتادة. وتُعد هذه كلها مؤشرات حول نوعية الرعاية المقدمة في خدمات تنظيم الأسرة والتي حددها بروس باعتبارها أساسية من وجهة نظر المستخدمات أنفسهن (۱۱)
ومن المعلومات المتوفرة حول تقديم الحبوب والحقن وموانع الحمل الرحمية والتعقيم، يمكننا أن نخلص إلى أن مقدمي الخدمة لم ينجحوا في منح المرأة اختيارًا “كاملاً” لوسائل منع الحمل، طالما أن كافة هذه الوسائل متاحة بشكل معتاد في برامج تنظيم الأسرة. ومع كل، تحصل النسوة على رعاية أفضل، عندما تكون هذه الوسائل جديدة بالنسبة للسكان بشكل عام وتكون جزءًا من مشروع بحثي يهدف إلى تقييم مدى قبولهن لها مقارنة بالوسائل الأخرى الموجودة بالفعل. وعلى الرغم من أن البعض من هذه التفضيلات يمكن أن ينشأ من افتقاد مانحي الخدمة لتدريب كاف، فلا يعد هذا الأمر هو جوهر المشكلة. إن صلب الموضوع يكمن بالأحرى في أهمية النظر إلى المنتفعات من الخدمة في مجال تحليل الخدمات وعملياتها. وتوضح بيانات المسح القومي للخصوبة والصحة أن هذه التفضيلات فى نوعية الرعاية المقدمة تقترن بالمستوى التعليمي للمنتفعات وحجم المجتمعات المحلية التي يعشن فيها (۸)
ويمكن تفسير ذلك باختلاف نوعية الخدمات المقدمة من القائمين على الخدمة، طبقًا لتوقعات ومطالب المنتفعات اللاتي يتعاملون معهن. وبكلمات أخرى، فإن المنتفعات بالخدمة اللاتى يعرفن حقوقهن ولهن مطالب ويقدمن انتقاداتهن سوف يحصلن على مستوى من الخدمة أفضل كثيراً من المنتفعات المطيعات الخاضعات (۱۲). ولكن إثبات ذلك بمثل هذه الكيفية يُعد أمراً عسيرًا من خلال بيانات المسح القومي للخصوبة والصحة. إن ما يمكن تبيانه من هذه البيانات هو وجود اختلاف في نوعية الخدمات المقدمة للمنتفعات من وسائل منع الحمل.
-
أفضل نوعية من الرعاية هى المعطاة للمنتفعات بنوع جديد من وسائل منع الحمل فى مرحلة البحث، وهو وجدناه في حالة المستزرعات؛
-
نوعية متوسطة من الرعاية هى المعطاة للمنتفعات في المرحلة التمهيدية، ولكن بعض الإجراءات المعينة ما تزال ضرورية مثل حفظ سجلات منفصلة وإجراء متابعة دائمة، وهو ما وجدناه فى الدراسة الخاصة بالسيكلوفيم؛
-
وأسوأ نوعية من الرعاية لاحظناها في الوسائل التي لم تعد جزءًا من مشروع بحثي، ولكنها دخلت إلى برنامج تقديم الخدمة المعتادة.
وهنا يُثار تساؤل، ما هى الآثار الأخلاقية لهذه التمايزات التي تؤثر بشكل مباشر على حقوق الناس في نوعية جديدة من الخدمات، وذلك لاتخاذ قرارات حرة مبنية على أساس المعرفة حول تنظيم الخصوبة؟
إن أحد الاختلافات الأساسية القائمة بين المشاركين في مشروع بحثي وغير المشاركين يكمن فى موافقة المشاركين المسبقة المبنية على المعرفة. وتؤكد البروتوكولات البحثية ضرورة توفر مستوى معين من المعلومات، فضلاً عن الحرية الكاملة الخالية من أى نوع من الضغوط، قبل المشاركة وذلك للتوصل إلى موافقة مبنية على المعرفة. وإذا ما تحدثنا بشكل مثالي، ينبغي تطبيق مبدأ مماثل عند توفير خدمات تنظيم الأسرة العادية، ولكن هذا لا يحدث مع الأسف.
وعلى سبيل المثال، نجد أن استمارة الموافقة الخاصة بتعقيم الإناث، والتى يجرى استخدامها في العيادات بالمكسيك، لا تقدم أية معلومات أساسية حول الفوائد والآثار الجانبية المصاحبة لاختيار (۱۳) وسيلة ما من وسائل منع الحمل. بل ونجد أن الاستمارة تماثل تمامًا تلك التي يجرى استخدامها فى كافة أنواع العمليات الجراحية الأخرى، وتنص على ضرورة أن يتحمل الفرد كافة النتائج الممكنة دونما ذكر أو تحديد لهذه النتائج؛ وهو الأمر الذي يسير على نفس خط الأوراق المطلوبة عند إجراء أي عملية جراحية، و“القائم على تقديم الخدمة مخول له التصرف بأي طريقة يجد أنها ضرورية“.
ويشير كل شئ إلى أن هذه الكلمات تهدف إلى حماية المؤسسة والطبيب الجراح، ولكنها لا تحمل ضمان أن الفرد أو الجمهور العام يفهم نتائج هذه الوسيلة أو آثارها الناجمة وهو الأمر الذي يتيح للقائمين على تقديم الخدمة ممارسة قدر كبير من السلطة، فضلاً عن تفسير مهامهم بأي شكل يختارونه. أما عن كيف يقومون بذلك، فهو أمر يعتمد على ملاحظتهم وإدراكهم لاحتياجات القطاع السكاني الذى يقدمون له خدماتهم، كما يعتمد أيضًا على رؤيتهم لوظيفتهم ذاتها كمانحين للخدمات – وهذه الملاحظات قلما تثير أي تساؤل لدى مقدمي الخدمة أنفسهم، أو المؤسسات التي يعملون خلالها، أو حتى السكان أنفسهم (۱۲).
وهكذا، يجدر تقصى الأمر فيما يتعلق ببعض الوسائل، مثل موانع الحمل الرحمية وتعقيم الإناث والمستزرعات، والتي تعتمد اعتمادًا كبيرًا على جودة الرعاية المقدمة من القائمين على هذه الخدمات، فعندما يتفاوت حجم التفاعل الكائن بين مقدمي الخدمات والمنتفعين بها، تتعاظم مخاطر الممارسات التي تتناقض مع جودة الرعاية. وينبغي هنا إثارة القضايا الأخلاقية، ليس لفتح نقاش حول القيم الأخلاقية وإنما بالأحرى لإعادة تعريف الحد الأدنى من المتطلبات اللازمة لإقامة علاقة بين مقدمي الخدمات في مجال وسائل منع الحمل من جانب، والمنتفعات بها من جانب آخر، بحيث تمضى هذه العلاقة فى سلاسة دونما عواقب سيئة للطرفين.
بحثاً عن رؤية أخلاقية
تحتاج البحوث في المستقبل للبدء بالتساؤل التالي:
ما مدى أخلاقية العلاقات التى نشأت بين القائمين على الخدمة من غير المتخصصين فى عملية البحث ولكن المدربين على النهوض بوسائل منع الحمل وترويجها، وبين السكان غير المدربين على رعاية صحتهم ذاتها، ولكنهم قد تربوا على ضرورة إنجاب الأطفال؟ ولدراسة هذا التساؤل من كافة جوانبه، ينبغي أولاً الإجابة على الأسئلة التالية: ما العمل إذا ما كان واضحًا أن حقوق الناس كمنتفعين بهذه الخدمات نادراً ما تجرى مناقشتها خلال التدريب المنتظم للقائمين على تقديم خدمات تنظيم الأسرة في المكسيك؟ ما العمل عندما يبدو واضحاً أن هذه الحقوق لاتؤخذ بعين الاعتبار سوى فى التجارب الإكلينيكية فحسب؟ ما العمل عندما يمتلك أحد الأطراف، خلال عملية التفاعل بين مقدم الخدمة والمنتفع بها، كمية كبيرة من المعلومات تعطيه وضعًا متميزًا بحيث يقدر على اتخاذ قرارات للطرف الثاني حول موضوع هام مثل إنجاب الأطفال؟
كيف يمكننا إعادة تحديد حقوق القائمين على تقديم الخدمات ومسئولياتهم بحيث يمكن خلق توازن فيما يتعلق بحقوق ومسئوليات المنتفعين بالخدمة؟ كيف يمكن لهذا التفكير الجديد أن يؤثر على بحوثنا التي نجريها على الوسائل الجديدة لمنع الحمل؟
وإذا كنا نحصل على موافقة مبنية على المعرفة في حالة بروتوكولات التجارب الإكلينيكية، كيف يمكننا إذن أن نضمن الحصول عليها أيضًا في حالة الخدمات الإكلينيكية اليومية؟ هل يتم الحصول على هذه الموافقة، المبينة على المعرفة على قدم المساواة من كافة السكان الذين يحصلون على الخدمات؟ أم أن هناك رعاية خاصة يجدر تقديمها للمجموعات المهمشة؟
كيف يمكن إدارة هذه العلاقات بصورة أخلاقية؟ كيف يمكننا ضمان اتخاذ القرار بالموافقة على أساس حر ومبنى على المعرفة؟ هل نتعامل بالفعل مع مخاطر وتهديدات مؤسسية لحقوق الناس، أم أن الأمر ببساطة يمثل عجزًا مؤسسيًا؟ لماذا لا نبدأ فى تصور تقديم الخدمات كعملية تعلم متواصلة – أى كشكل مستمر من أشكال التجارب الإكلينيكية؟ لماذا لا نحاول تحديد رؤانا الأخلاقية بالمشاركة الصريحة للمنتفعين لخدمات تنظيم الأسرة، وخاصة النساء؟
وفي دراسة نشرت عام ۱۹۹۲ طرحت أنا وزملائي الحاجة الملحة لتوثيق ما يجرى بين مانحي الخدمة والمنتفعين بها، وذلك لفهم أسباب وضوح الصراع وعدم المساواة، ومن ثم نجعل هذه المعرفة عامة وتعمل على تضمين كل من يهتم فعلاً بالنقاش حول كيفية حل الصراعات (۱۲). ومنذ ذلك الحين، طرح آخرون الحاجة إلى آليات تجعل الناس يعون حقوقهم، وتسهم في ذات الوقت في الإشراف على خدمات الصحة ومراقبتها (14) ولا تتعلق المسألة بمجرد تعديل الممارسة الإكلينيكية هنا أو هناك، وإنما ترتبط بالأحرى بإيجاد وسائل لضمان تحقيق العدالة والإنصاف بين مانحي الخدمات والمنتفعين بها، فضلاً عن ضمان اتخاذ كافة القرارات المتعلقة بالإنجاب في مناخ ديمقراطي.
وهذا لا يعنى سوى وجود منظور أخلاقي جديد حول مشاركة الخدمات الصحية فى مجال تنظيم الخصوبة، وهو الأمر الذي يهم القائمين على الخدمات الصحية وكذا المنتفعين بها. إن التصرفات الفردية في مجال تنظيم الأسرة لها مضاعفات كثيرة بالنسبة لمستقبل السكان، من ثم تشكل جزءاً جوهرياً من التعريف التاريخي والوجودي للإنسان. وإنه لمن الجوهري أن تدرك هاتان المجموعتان من الناس أنهم يشتركون فى صلات وعناصر جوهرية معينة كبشر تتجاوز أدوارهم كذات أو كموضوع للتدخل لتنظيم الأسرة.
إن تطوير وسائل جديدة لمنع الحمل يعد أمراً “ضرورياً“. إذا كان يتأتى أن يجد الناس أمامهم مجموعة جديدة من الخيارات. ولكن عملية النهوض بالوسائل الجديدة يجب أن تشتمل على معلومات حول مميزات وعيوب كافة الوسائل المتاحة وذلك حتى يصبح تزايد الخيارات حقيقة في إطار الممارسة. ويساعد هذا الأمر على ضمان اختيار الإنسان للوسيلة التي تلائم وضعه وقيمه، دون أن يجد نفسه مضطرًا للاعتماد على طرف ثالث يقوم بالاختيار بدلاً منه. إن خلق الظروف التى تساعد على اتخاذ قرارات مبنية على المعرفة بشأن تنظيم الأسرة يجب ألا يقتصر على التجارب الإكلينيكية، ولا يعتمد على مدى وعى القائمين الفرديين على تقديم الخدمة بحقوق مختلف جماعات السكان، ولا على الطبقة الاجتماعية التى تنتمي إليها المنتفعات بموانع الحمل. وتخدم هذه التمايزات على المدى البعيد عملية الحد من الخيارات وتأكيد رسوخ التفاوتات القائمة. ويشترك الناس فى الظرف الإنساني، بغض النظر عن مكانهم في المجتمع ومن ثم ينبغي أن يمتلكوا الحد الأدنى من ضمانات حقوق الإنسان (١٦). إن جيل المعلومات، في أي مجال من مجالات المحاولة الإنسانية، يجب أن يسهم في الخير المادي والذهني والاجتماعي للسكان – لا أن يضيف عناصر جديدة من عناصر التمييز إلى حياة الناس.
ملحوظة
تعد هذه الورقة البحثية جزءًا من مداخلة مقدمة إلى مؤتمر أمريكا اللاتينية حول تطوير وسائل جديدة لمنع الحمل، احتفالاً بالذكرى العشرين لبرنامج منظمة الصحة العالمية الخاص، المتعلق بالبحث والتنمية والتدريب البحثى في مجال الإنجاب البشرى، وقد عقد في مدينة المكسيك، في الرابع والعشرين من يوليو عام ۱۹۹۲ قام بالترجمة إلى الإنجليزية: إلين كالموس ومارج بيرر.
1- re aceptabilidad de los implantes anticon- Encuesta sob
cepitvos Norplant'(informe Final)’ Direccion General de
Planificacion Familiar, SSA, Mexico, 1992.
2- Romero, L, Palma, Y y Jacome, T, 1993. Aceptacion y-Y
uso de los implantes anticonceptivos Norplant’ En J G Fig-
,Perea. (Compilador)’ El entorno de la regulacion de la ueroa
fecundidad en Mexico.Secretaria de Salud, Mexico. 163-85.
3-تقييم الاستخدام الكفء، استمرار معدلات واسباب عدم مواصلة تشكيل حقن السيكلوفيوم في وزارة الصحة، برنامج تنظيم الاسرة لدى السكان: تجربة تمهيدية (تقرير ختامي مؤقت) راجع
Instiuto Nacional de la Nutricion Salvador Zubiran Y Di-
Familiar, Mexico, 1992, reccion General de Planificacion
(Mimeo)
4- Encuesta Nacional Sobre Factores de Riesgo en la An- -£
ticoncepcion Hormonal. (Informe de
Resultados). Direccion. General de Planificacion Famil-
iar, SSA, Mexico, 1988.
5- Encuesta Nacional sobre Fecundidad y Salud.(Informe –
al). SSA y Institue for Resource Development, 1989. Fin
6- Encuesta sobre Determinantes de la Practica Anticon- -1
ceptiva en Mexico.(Documento Metodologico). Direccion
General de Planificacion Familiar, ŚSA,Mexico 1988.
7- Dinam- Palma Y, Figueroa P,JG y cervantes, A 199 -y
ica dal uso de metodos anticonceptivos en Mexico. Revista
Mexicana de Sociologia. Ano LII (Num 1): 5181.
8- Figueroa P, JG, 1993. Anticoncepcion quirurgica, adu- -A
cacion y eleccion anticoncepitva. En JG
regula- Figueroa Perea (Compilador). El entorno de la
cion de la fecundidad en Mexico.Secreetaria de Salud Mex-
ico. 149-62.
9- Figueroa P, J Gy palma, Y, 1993, Anticoncepcion -4
hormonaly salud: el caso de la poblacion atendida por la
Secretaria de Salud. En J G Figueroa- Perea (Compilador).
la regulacion de la fecundidad en Mei- EI entorno de
co.Secretaria de Salud, Mexico. 115-47.
10- See Figueroa P, J G, Palma Yy Aparicco, R, 1991, -1.
Toward an undenstanding of Contraceptive use dynamics in
Mexico. world Healh Organizatian, Geneva. (In Press).
11- Fundamental elements of the Quality 4: Bruce, J 19-11
of care:a simple Framework. Studies in Family Planning. 21
(2):61-91.
12 -Figueroa P.J G, hita, G y Aguilar, B M 1992 Algunas -1Y
referencias sobre reproduccion, derechos humanosy planifi-
o en el Seminario Mujer cacion familiar. Trabajo Presentad
y Derechos Humanos. Programa Interdisciplinario de estu-
dios de la Mujer y Comision Nacional de Derechos Huma-
nos El Colegio de Mexico , Mexico.
13- Figueroa P, J G, Rivera, G Lopez MB et al 1992. -1r
epcion quirurgica en Educacion reprodductiva y anticone
Mexico (Informe rinal) Trabajo presentado en el Taller so-
bre Derechos Reproducivos en America Latina, coordindo
por la Fundacion Carlos Chagas. Sao Paulo, Brasil (Mimeo)
14- see Declaracion de Mexico para una maternidad sin -)£
coyoc, Morelos, Mexico, Febrero 1993) and riesgos (Co
consideraciones y recomendaciones. Reunion nacional de
organismos no gubernamentates sobre poblaclon y desarrol-
lo(Mexico. Abril 1993).
15- Cervantes, A 1993. Mexico: politcas de de pobla- -1o
mocratizacion, En IV Confe- cion, drrechos humanos y de
rencia Latinoamericana de Poblacion, la transicion demo-
rafica en America Latina y el Caribe. Vol. 1. INEGI
LLSUNAM, Mexico DF 759-89.
16- Miro, C 1982, Los derechos humanos y las politicas -11
T de Investiga- dë poblacion, En Segunda Reunion Naciona
cion Demografica. Consejo Nacional de Ciencia y Techno-
logia, Mexico 779-83.