في نهاية عام 1997 قام قسم المرأة في الأمم المتحدة بدعوة عدد من الباحثين في مناطق العالم المختلفة لعمل دراسة حول استراتيجيات مواجهة العنف الأسرى الموجودة في بلادهم، سواء على المستوى الحكومي أو غير الحكومي. وللأسف كالعادة لم تكن المنطقة العربية جزءًا من تلك الدراسة، بل إننا لم نعرف عنها إلا بطريق الخطأ. على أية حال، نجحت محاولات مرکز القاهرة في إدراج المنطقة العربية في البحث مع بداية عام 1998، وتعاونا معًا في إنجاز الدراسة في وقت قياسي خلال شهر واحد! ولذا فإننا نعتبرها مجرد دراسة استطلاعية.. وبدأنا بالفعل في تطبيق الدراسة على مصر كدراسة حالة، ونأمل أن تخرج الدراسة الجديدة إلى النور مع بداية ٢٠٠٢، كما نعتزم تطبيق الدراسة العربية التي من المتوقع أن تصدر عن الأمم المتحدة مع باقي الدراسات عن المناطق الأخرى في نهاية العام الحالي.
ينقسم البحث إلى أربعة أقسام:
-
خلفيةٌ اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية لأوضاع المرأة في المنطقة العربية.
-
الأوضاع الحالية للمرأة في المنطقة العربية.
-
الاستراتيجيات الحالية لمواجهة العنف الأسرى.
-
توصيات مستقبلية.
القسم الأول من الدراسة هو جزءٌ نظري، وهو يتناول العوامل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية التي تؤثر في أوضاع المرأة العربية. وقد تم التركيز في هذا الجزء على عدة عوامل منها:
-
أثر سياسة التكييف الهيكلي على أوضاع المرأة العربية من حيث تراجع الدول عن توفير خدمات أساسية كالصحة والتعليم، وانكماش فرص العمل والتعليم مما أدى إلى زيادة التبعية الاقتصادية للمرأة.
-
أثر هجرة العمالة العربية إلى مناطق الخليج العربي، وتأثر هذه العمالة بالمفاهيم” الخليجية ” فيما يتعلق بالنظرة إلى المرأة، وجلب هذه النظرة معها عند عودتها إلى أوطانها .
-
أثر تنامي التيارات الإسلامية وخطاباتهم الموجهة للمرأة.
-
نمط الأسرة العربية كأسرة ممتدة، مما يسمح بتدخلات متعددة في حياة المرأة.
-
النظرة السلبية المتضمنة في التراث الشعبي، أمثال، أساطير، ألخ.
-
الثقافة الذكورية التي يتم بثها من خلال مناهج التعليم.
-
تشيئ المرأة من خلال الإعلام، تناول القسم الثاني الأوضاع الحالية للنساء العربيات، وقد بدأ باستعراض سريع لأشكال العنف المختلفة التي تتعرض لها النساء، ثم ركز هذا الجزء على موقف القوانين العربية من عدد من القضايا مثل:
– حقوق المواطنة للمرأة.
– قوانين الأحوال الشخصية: الطلاق، تعدد الزوجات، السن القانوني للزواج.. إلخ.
– قانون العقوبات مع التركيز على التمييز فيما يتعلق بجرائم الشرف والزنا والاغتصاب.
كما استعرض هذا الجزء موقف الأقطار العربية من اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة.
أما الجزء الثالث فقد كان بمثابة بانوراما تحليلية للإستراتيجيات الموجودة بالفعل في عدد من الدول العربية لمناهضة العنف الأسرى، سواء على مستوى الجهود الحكومية، أو جهود المنظمات غير الحكومية. تم هذا القسم بالاعتماد على استمارة استبيان تم إرسالها إلى عدد من المنظمات غير الحكومية العربية المعروفة بانخراطها في مجال العمل على مناهضة العنف الأسرى. وبسبب ضيق الوقت فقد اقتصر هذا القسم على تقديم بعض النماذج البارزة.
وتوضح نتائج الاستبيان ضآلة الجهود الحكومية المتوفرة في مجال مناهضة العنف الأسرى، خاصةً فيما يتعلق بجمع البيانات عن ظاهرة العنف ضد النساء بشكل منهجي، وبمدى توفر خدمات حكومية للنساء اللاتي يتعرضن للعنف الأسرى.
من جانب آخر يوضح هذا القسم أن تأخر اهتمام المنظمات غير الحكومية العربية بوضع العنف ضد المرأة على جدول أولوياتها يعود إلى عدة عوامل، منها الضعف النسبي للحركة النسائية العربية، وتركيزها لفترة طويلة على القضايا السياسية والاقتصادية، والقيود المفروضة على حركة المجتمع المدني عمومًا والمنظمات غير الحكومية خاصةً في الأقطار العربية المختلفة، وأيضًا خوف الحركة النسائية العربية من الاتهام بالانسياق وراء أجندة الغرب.
وتعرض هذا القسم للجهود التي تمت على المستوى القطري في كل من فلسطين، الأردن، لبنان، الجزائر، تونس، المغرب، ومصر. كما تناول أيضًا الجهود التي تمت على المستوى الإقليمي العربي، مثل شبكة عايشة، والمحكمة العربية لمناهضة العنف ضد المرأة، والمشروع الإقليمي حول المرأة والقانون والتنمية، … إلخ..
القسم الرابع: توصياتٌ واستراتيجيات مستقبلية
يتضمنُ هذا الجزء عددًا من التوصيات، خاصةً بالتدخل في اتجاهات متعددة:
۱ – کسر حائط الصمت المفروض على الظاهرة بكافة الوسائل، وخاصةً إجراء الدراسات والبحوث الموجهة نحو التغيير من نشر نتائجها على أوسع نطاق ممكن. وتعبئة المجتمع حول هذه القضية من خلال التوجه إلى القاعدة العريضة من النساء.
۲ – تعبئة الحكومة من خلال تشکیل جماعات ضغط لتعبئة الموارد الحكومية، وتطوير السياسات والقرارات، ورصد مدى قيام الدول بتأدية التزاماتها الدولية.
۳ – تفعيل جهود المنظمات غير الحكومية من خلال تطوير خبرات ومهارات العاملين في مجال تقديم الخدمات، والتنسيق والتأثير على صناع القرار.
4 – الاستفادة من المؤتمرات والآليات الدولية، من خلال تقديم التقارير للجهات المعنية مثل لجنة اتفاقية المرأة والمقررة الخاصة بالعنف، وتوسيع التحالف مع المنظمات والشبكات المهتمة بموضوع العنف الأسرى.
ملف إعلامي عن العنف ضد المرأة
في إطار نشاط تحالف المنظمات غير الحكومية لتطبيق مقررات مؤتمر بكين، تولى مركز دراسات المرأة الجديدة تنسيق مجموعة العمل المسؤولة عن إعداد الملف الإعلامي حول العنف الأسرى. يهدف الملف إلى كسر حاجز الصمت المفروض حول قضية العنف الأسرى، وإثارة الانتباه لحجم هذه الظاهرة في مجتمعنا، ومواجهة المفاهيم المغلوطة الشائعة التي تساهم في تكريس وتأبيد العنف الأسرى بل والتواطؤ عليه أحيانًا. من ناحية يقدم الملف إحصاءات عن انتشار ظاهرة العنف الأسرى في العديد من البلدان والثقافات، وكذلك معلومات حول تناول القانون المصرى للأشكال المختلفة من العنف الأسرى، وحول المواثيق الدولية التي عالجتها، ومن ناحية أخرى يتصدى الملف بالتنفيد للادعاءات والمفاهيم المغلوطة السائدة حول هذه القضية. جديرٌ بالذكر أن مركز دراسات المرأة الجديدة تم انتخابه في العام الماضي من الجمعيات الأعضاء في التحالف العنف في ليكون ممثلها عن محور لجنة التخطيط والمتابعة للمشروع. وتواكب هذا مع اختيار المركز لموضوع العنف الأسرى كموضوع ناظم لأنشطة المركز، بداية من هذا العام ولمدة ثلاثة أعوام.