استغلال أجساد النساء… بين الهيمنة الذكورية وسلطة العمل

التصنيفات: غير مصنف

التحرير:

(2)

استغلال أجساد النساءبين الهيمنة الذكورية وسلطة العمل

صدر مؤخرًا عن مؤسسة المرأة الجديدة تقرير بعنواناستغلال أجساد النساء.. بين الهيمنة الذكورية وسلطة العمل

ومن أهم النتائج التي خلص لها التقرير أن تعرض العاملات للتحرش الجنسي في العمل ليس مرتبط بالحالة العمرية أو الاجتماعية أو التعليمية أو بالزى الذي يرتدونه، فهناك محجبات تعرضن للتحرش، وأن هذا النوع من التحرش الجنسي ليس مرتبط بالأساس برغبة جنسية بقدر ارتباطه بعلاقات السيطرة وعلاقات العمل غير العادلة داخل المصانع، وأن القضاء على التحرش الجنسي في أماكن العمل لا يقتصر على مجرد إصدار قانون ولكن بالإضافة إلى ذلك يحتاج لتدخلات تساهم في تغيير نظرة المجتمع الدونية للنساء وتؤدي إلى التعامل معهن باعتبار هن مواطنات لهن حقوق وواجبات مثل باقي البشر.

ينتمي هذا التقرير للدراسات الكيفية الوصفية، واعتمد على دراسات الحالة لعينة عشوائية من 40 عاملة بالمناطق الاستثمارية بمحافظات الإسكندرية، والإسماعيلية، والسويس، وبورسعيد، تراوحت أعمارهن من 19 إلى 49 عامًا، كما تنوعت حالاتهن التعليمية ما بينأميةإلىحاصلات على شهادات جامعية، وحالاتهن الاجتماعية (غير متزوجات بينهن مطلقات وأرامل – متزوجات).

تشغل المبحوثات محل هذا التقرير وظائف متنوعة (عاملات على خطوط إنتاج – خدمات معاونة – أعمال إدارية وسكرتارية – مشرفات) وتنتمي عينة البحث إلى مناطق سكنية مختلفة ما بين حضر وريف، كما تعبر العينة عن شرائح من قطاعات صناعية مختلفة تتركز فيها العمالة النسائية وهي: صناعة الملابس، الغزل والنسيج صناعة البلاستك، المنظفات، المستلزمات الطبية، المواد الغذائية.

يهدف هذا التقرير إلى الكشف عن تلك الانتهاكات المتعلقة بالتحرش الجنسي في أماكن العمل وكسر حاجز الصمت حولها، خاصة وأن هذا النوع من العنف الجنسي يتسم بخصوصية لارتباطه بشكل مباشر بظروف وبيئة العمل، وهو تجسيد لأبشع صور استغلال النساء واستخدام السلطة، بمعنى عدم الاكتفاء باستخدام السلطة الذكورية فحسب – كما يحدث على صعيد المجتمع ككل بل أيضًا السلطة القائمة على علاقات العمل غير المتوازنة، كما سعى التقرير إلى معرفة تأثير وقوع هذه الانتهاكات على العاملات ومعرفة أشكال المقاومة وعمليات وأشكال التدخل التي يحتاجون إليها للتصدى لهذه الانتهاكات.

حرصت مؤسسة المرأة الجديدة على أن يكون فريق العمل الميداني من المحافظات نفسها التى توجد بها العاملات وتقوم بإجراء المقابلات راصدات لكى يستطعن كسب ثقة العاملات ورغم ذلك كان هناك صعوبات واجهت فريق العمل الميداني، منها صعوبة الوصول للعاملات خاصة داخل المصانع وصعوبة إقناع هؤلاء العاملات بالحديث عن تجربتهن لخوفهن من فقد العمل والإساءة لسمعتهن.

تنوعت أشكال التحرش الجنسي التي تحدثت عنها العاملات ما بين النظرة بالعين مرورًا بملامسات الجسد وصولاً إلى تمزيق الملابس وتقبيل العاملة بالإكراه؛ كما تحدثت عاملة عن وقوع حادث اغتصاب لإحدى العاملات وتم ذكر هذه الواقعة باعتبارها من أشكال التحرش الجنسي.

تبين من اللغة المستخدمة للعاملات اللائي شملهن التقرير أن النساء عبرن بخجل بالغ عن أشكال التحرش التى يتعرضن لها، وهناك بعض الألفاظ التي لم يتلفظن بها بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال استخدمن تعبيرأخرج حاجاتهوالمقصود به إظهار المتحرش للعضو التناسلي، أيضًا عندما تحدثن عن نظرات العين تم وصفها بأنها نظراتغير مضبوطة قلة أدب – فاضحةوتبين من إطار دراسات الحالة وما تضمنته من وقائع أن العاملات يقصدن من هذه الأوصاف أنها نظرات موحية جنسيًا.

اختلفت الأسباب التى تؤدي وفقًا للعاملات المستجوبات – إلى وقوع عمليات التحرش، وكشف التقرير عن أن ظروف وبيئة العمل تساعد على حدوث كثير من جرائم التحرش، حيث تتكون المنطقة الصناعية من عدة مصانع متجاورة يحيط بها سور ولها بوابة عامة تعرف بـبوابة الاستثمار، كما هو الحال في محافظتي الاسماعيلية وبورسعيد ؛ وفي بعض المناطق الأخرى تتجاور المصانع وتقع على مساحات واسعة كما هو الحال في مدينة برج العرب. وبصفة عامة، تبعد هذه المصانع عن المناطق السكنية، وتوجد مسافة يتم السير فيها على الأقدام حتى تخرج العاملات من المصنع وفي الأغلب تكون هذه المنطقة غير مضاءة ليلاً، تضطر العاملات للسهر في وردية الليل من أجل إنجاز الإنتاج المطلوب منهن، وغالبًا ما يكون عدد العاملات في وردية الليل أقل بكثير من العمال حيث يتوقف العمل في جميع عنابر المصنع عدا العنبر الذي يتواجد به عمال؛ في معظم الأحيان يكون المشرف من الذكور هذا المناخ يساهم في تشجيع العمال على التعدى على العاملات؛ فحسب رواية إحدى العاملاتكنا خمس بنات ومعانا تسعة عمال، لقيت زميلي شد زميلة من هدومها وأنا شغالة على الماكينة، وحاول يحضنها ويبوسها؛ يمكن حس إن عددنا قليل والدنيا ليل“.

عدم توفير وسيلة مواصلات في أغلب المصانع للعاملات اللائي يتأخرن ليلاً، فتضطر العاملات استخدام المواصلات العامة للعودة للمنزل، مما يعرضهن للتحرش بأشكال عدة منها نظرة الشك والإدانه لهن؛ وهي النظرة التي اعتبرت العاملات أنها تشجع على التحرش بهن، وهو ما يتجلى في توجيه ألفاظ ذات تعبيرات وإيحاءات جنسية وصولاً إلى ملامسة أجسادهن وعرض مطالب جنسية صريحة.

كما يتم تحميل الأتوبيسات التى تخصصها المصانع لنقل العمال والعاملات بأكثر من طاقتها وتكون مختلطة (عاملات وعمال)، مما يساعد على وقوع حالات التحرش.

يستغل المشرف أو العامل ضيق المسافات بين الآلات، وكذلك ضيق المسافة بين الآلة والعاملة، ويستخدم أي ذريعة أو حجة – مثل متابعة الإنتاج أو أخذ قطعة نسيج – ليقوم المشرف أو العامل بالدخول وسط الآلات والاحتكاك بالعاملات وملامسة أجزاء حساسة من أجسادهن.

عنابر الإنتاج مختلطة (عاملين وعاملات)، فضلاً عن أن المشرفين في الأغلب رجال؛ وبالتالي يكون للرجال السلطة على العاملات، هذا مع الأخذ بعين الاعتبار أيضًا الصلاحيات المطلقة التي يتمتع بها المشرفون وصاحب المصنع؛ وهكذا تساعد ظروف العمل على استغلال حاجة النساء للعمل، فشروط العمل غير عادلة وليست لصالح العاملة. فعلى سبيل المثال، من السهل نقل العاملات من مكان لآخر أو الخصم من راتبهن دون سبب. كما ورد على لسان أحدى العاملاترئيسي ده لما لاقاني رفضت أروح معاه وبقيت أحترس منه بدأ يضيق عليَّا وبعدين خصم لي نص علاوة، وحرمان نص علاوة ده یعني خراب بيوت لأن الحوافز بتروح والمرتب بيقل“. ويصل الأمر أحيانًا إلى حرمان العاملة من فرصة عملها، فأغلب هؤلاء العاملات بدون عقود عمل، وفي بعض المصانع تتلاصق دورات المياه الخاصة بالعاملين والعاملات؛ وقد ذكرت إحدى العاملات أن المشكلة ليست في التجاور فحسب، بل إن أسقف هذه الدورات غير مغطاة، والحوائط منخفضة بما يسمح للعاملين بمشاهدة العاملات اثناء تواجدهن في دورات المياه.

إلى ذلك هناك اتجاهًا بين العاملات يرى بأن التحرش يقع لأسباب ثقافية وأخلاقية، وهناك عاملة ربطت بين تعرضها للتحرش والحالة الاجتماعية، بالإضافة إلى وجود اعتقاد لدى إحدى المبحوثات بأنها تعرضت للتحرش لكونها تعمل سكرتيرة وهي من المهن التى يتم النظر إليها نظرة دونية، كذلك تحدثت سبع عاملات وهو عدد ليس قليل عن سوء الأوضاع الاقتصادية وارتفاع تكاليف الزواج مما يؤدي إلى ارتفاع أعداد غير المتزوجين من الجنسين؛ وقد يكون ذلك من وجهة نظرهن من الأسباب التي تؤدي إلى ممارسة الرجال للتحرش الجنسي.

ذكرت أغلب العاملات أنهن يتعرضن للتحرش من قبل الزملاء في نفس العنبر، ورئيس الوردية، والمشرفين؛ وقد أشار بعضهن إلى تعرضهن وزميلاتهن للتحرش من قبل مشرفين أجانب.

كما تعرضت بعض العاملات للتحرش من قبل المشرف العام ومراقب الجودة والمهندس في صالة الإنتاج ؛ وذكرت إحدى العاملات واقعة تحرش تعرضت لها عاملة أخرى من قبل صاحب العمل وهناك حالة تحرش قام بها عضو لجنة نقابية في أحد المصانع.

أما بالنسبة للعاملات في الإسكندرية، فيتعرضن لأشكال مختلفة من التحرش الجنسي من قبل الجيران، ورجال من مراحل عمرية مختلفة في الشارع ؛ ويتم التعرض لهن لكونهن عاملات مقيمات في محافظة أخرى بعيدًا عن أهاليهن، وهذا الوضع يفسره البعض بأن هؤلاء العاملات لديهن الاستعداد لتقبل مثل هذه الممارسات.

تعددت أماكن وقوع جرائم التحرش على النحو التالي: عنابر الإنتاج المصعد – المخزن – دورات المياه – الأتوبيس – الميكروباص.

تباينت ردود فعل العاملات عند تعرضهن للتحرش؛ حسب اختلاف أشكال التحرش وحسب الشخص الذي قام بفعل التحرش فذكرت عاملة بأنها عندما شعرت أن زميلها جاء ليقف بجوارها على الماكينة محاولاً لمس جسدها، نظرت له نظرة تحمل – على حد تعبيرها – معنىخلى عندك دم؛ والبعض الآخر تحدث عن القيام بسب وضرب الشخص المتحرش.

ومن اللافت للانتباه أن ردود أفعال العاملات تجاه المشرفين أكثر سلبية، فأغلب العاملات اللاتي تعرضن للتحرش من المشرفين التزمن الصمت؛ هناك إحدى العاملات التي طلب منها أحد المشرفين على إدارة المصنع الذهاب لمكتبه وتحدث معها بطريقة غير مريحة على حد تعبير العاملة – ثم بدأ بلمس جسدها، وهي تقولأنا كنت في غاية الاحترام حتى لا أفقد أعصابي وبعد ذلك أردت أن أثور عليه إلا أنى خفت من أن أفضح نفسي ويعرف من لم يعرف، وخرجت من المكتب“. بررت العاملات هذا الصمت بأنه حماية لهن من الفضيحة، خاصة وأنه ليست لديهن ثقة في أن هناك إمكانية أن يدعمهن أحد.

وقد يعود الاختلاف في ردود الفعل تجاه الزميل من العمال والمشرف أو رئيس العمل في أن السلطة التي يتمتع بها كلاً من المشرف وصاحب العمل أكبر وأهم من سلطة الزميل (العامل)، ويستطيع كلاهما التسبب في إيذائها بطرق متعددة وصولاً إلى الفصل.

ذكرت أغلب العاملات في الإسكندرية واللاتي يتعرضن للتحرش في الشارع بأن أول رد فعل يكون الصراخ الشديد، ومحاولة الاستغاثة بالمارة في الشارع، والعودة سريعًا باتجاه المنزل. كنتيجة لأن هذا النوع من التحرش وقع خارج سلطة علاقات العمل، جاءت ردود فعل العاملات في الاسكندرية سريعة، وليس بها تردد في الكشف عن الشخص المتحرش بهن، ومحاولة الاستقواء بالمارة لمعاقبته.

استخدمت العاملات بعض عبارات اللوم مثلمعندكش أخوات؟“” هاتصل بمراتك؛ تكشف هذه اللغة عن غياب للثقافة الحقوقية لدى العاملات، وأنهن يعدن إنتاج الثقافة التقليدية التي ترى أن الرجال هم المسئولين عن حماية الزوجة والأخت والأم والابنة.

تبين من خلال دراسات الحالة أن هناك استغلال للظرف الاقتصادي لهؤلاء العاملات اللائي دفعن للعمل تحت ضغط الاحتياج المادي؛ كما تشجع بيئة العمل وكذلك الواقع الثقافي على التحرش بالعاملات؛ وهناك استغلال واضح لتلك الثقافة التى لا تلقي باللوم على الرجال وإنما تحمل النساء مسئولية تعرضهن للتحرش؛ فالشخص المتحرش من العمال يسيىء السمعة العاملة وسط الزملاء والزميلات، والبعض الآخر يحرض زملائه على مضايقة العاملة، ووصل الأمر في بعض الحالات إلى تهديد العاملات بالضرب بالمطوة في حالة تقديمها للشكوى.

أما في حالة أن يكون المتحرش من المشرفين أو المهندسين، فتتعرض العاملة لمضايقات من قبيل ما ذكرته إحدى العاملات التي تعرضت للتحرش من قبل رئيسها في العمل عن أنهيتم اضطهادي ولا يسمح لي بالذهاب إلى أي مكان مثل زميلاتي، وكما ورد على لسان عاملة أخرىهما عارفين إننا محتاجين نعيش وخايفين على لقمة العيش وبيستغلوا ده، رئيسى لما لقاني رفضت أروح معاه، وبدأتاحرصمنه بدأ يضيق علي، وخصم لى نصف علاوة يعنى ده خراب بيوت لأن الحوافز والأرباح بتقل، أعمل إيه حسبنا الله ونعم الوكيل، ويصل الأمر إلى فصل العاملة فمن السهل إنهاء تعاقد العاملة، وفي حالة عدم وجود تعاقد يكون الأمر أكثر سهولة.

جميع العاملات اللاتي شملهن التقرير تأثرن نفسيًا وشعرن بإحباط ومهانة وتجنبت بعض العاملات التعامل مع الزميلات والزملاء وصاحبهن الشعور بالخجل لفترة زمنية؛ كما وصل الأمر ببعضهن إلى ترك العمل وسيطر على أغلبهن الشعور بالخوف بشكل دائم وعدم الأمان، مما دفع عاملة إلى ارتداء النقاب.

كما أفادت المطلقات والأرامل تجنب الحديث مع الزملاء، والشعور بالذنب، وحملن أنفسهن مسئولية وقوع التحرش بسبب حالتهن الاجتماعية.

كشفت الإجابات عن أن العاملات يحكين لبعضهن البعض عن تعرضهن للتحرش، ويتبادلن الحديث أثناء فترة الراحة أو الذهاب والعودة من العمل؛ وفى الإسكندرية، يمكن للعاملات أن يعرفن ما يحدث في مصنعهن أو المصانع الأخرى، ويرجع ذلك إلى إقامة عدد من العاملات من مصانع مختلفة مع بعضهن في شقة واحدة وهذا يتيح فرصة أكبر للحكي.

ولوحظ من الحالات التى تضمنها التقرير أن هناك عمال ومشرفين معروف عنهم أنهم دائمي التحرش بالعاملات.

اختلفت مواقف الزملاء والزميلات في العمل عند علمهم بواقعة التحرش؛ فثمة مواقف إيجابية تمثلت في الوقوف بجانب العاملة التي تعرضت للتحرش وإقناعها بعدم ترك العمل ومساعدتها على تقديم شكوى لرئيس الوردية في حالة أن المتحرش من العمال؛ كما اتخذت بعض الزميلات مواقف قوية دعمًا لزميلاتهن.

وهناك عاملة دافعت عن زميلة لها وقامت بالتصدى للعمال الذين تحرشوا بها واعتادوا مضايقتها، ونتيجة لهذا الموقف تعرضت للتهديد بالطعن بمطواة من هؤلاء العمال وهم في سن الشباب.

أما المواقف السلبية، فمنها الالتزام بالصمت خوفًا من تعسف المشرف بهن؛ ومن المؤسف أن هناك زملاء أو زميلات يقومون بمضايقة العاملة التي تحرش بها المشرف مجاملة له.

وهناك زملاء وزميلات يعربون عن غضبهم عند سماع واقعة التحرش، ولكن دون القيام بأي رد فعل يترجم هذا الغضب؛ وقد ذكرت عاملة ممن شملهن التقرير أن هناك من يتعامل مع حالات التحرش بأنه أمر عادي ويحدث كل يوم.

أظهر التقرير انخفاض وعي النساء بحقوقهن وأشكال الحماية؛ كما أبرز مدى تأثر النساء بالثقافة السائدة في المجتمع والتي تغذي الاتجاه نحو الحلول الفردية ؛ وقد عبرت عن هذا إحدى العاملات قائلةأنا مش عارفة أعمل أيهوأشارت إلى تجنب الشخص المتحرش بها. وهناك عدد من العاملات اللائي تعرضن للتحرش قررن ترك العمل بعد أن تزوجن وفسرن هذا الموقف بأنه نوع من الحماية حتى لا يتعرضن لمثل هذا الانتهاك مجددًا.

فضلاً عن هذه الثقافة، هناك أيضًا تأثير واضح لشروط وعلاقات العمل على إضعاف مواقف العاملات وعدم تمكينهن من الدفاع عن أنفسهن؛ فأغلبهن بلا عقود أو بعقود مؤقتة وبلا حماية نقابية، وجميعهن خرج للعمل بدافع تلبية مطالب الأسرة، فكان هناك اتجاه واضح بأن تقديم العاملات بشكوى لن يفيد وقد يعرضهن لفقد فرصة عملهن خاصة في حالة أن يكون المتحرش من المشرفين أو مراقبي الجودة أو صاحب العمل.

كما رأت عدد من العاملات أن من أشكال الحماية التواجد أثناء العمل وسط زميلاتها، وتتجنب الجلوس بمفردها، وأيضا الخروج من المصنع في مجموعات، وعدم الحديث مع الزملاء في العمل إلا للضرورة.

بخلاف ما سبق كان هناك أيضًا عاملات اتخذن مبادرات فردية إيجابية؛ فقامت عاملة بإبلاغ رئيس الوردية عن عامل تلصص عليها أثناء وجودها في دورة المياه، وتعامل رئيس الوردية بجدية وأعد مذكرة، وتم تحويل العامل للشئون القانونية وخصم أربعة أيام من راتبه؛ ونظرًا لعدم وجود قانون يجرم التحرش الجنسي، وينص على عقوبات محددة، تتحول العقوبة إلى أمر تقديري، وفي بعض الأحيان يأخذ المتحرش جزاء لا يتناسب مع حجم الانتهاك الذي فعله.

تضطر بعض العاملات للقيام بأشكال من التحايل؛ فأفادت عاملة أنها تقوم بشراء علب مياه غازيةكانزللمشرف وتدفع له فلوس في مناسبات مختلفةمرض ابنهلكى يتوقف عن مطالبته لها بالخروج معه.

تحدثت بعض العاملات عن ضرورة تعلم رياضة دفاعيةالكاراتية، وذكرت عاملة أنه يجب أن يعلم زملائها في المكان أن صوتها عالي وأنها لا تسكت على حقها؛ والبعض الآخر تحدث عن ضرورة ارتداء ملابس الرجال والتحدث مثل الرجال؛ وهناك عاملة ذكرت أنها ارتدت النقاب وتعتبر ذلك شكل من أشكال الحماية. أما بالنسبة لعاملات الإسكندرية فقد ذكرن جميعهن أن العودة من العمل للسكن في مجموعات يوفر قدر من الحماية.

ثمة تنوع واضح بين العاملات اللاتي شملهن التقرير بشأن الأشخاص الذين يمكن اللجوء إليهم في حالة التعرض للتحرش؛ ويمكن القول بأنه لا يوجد اتجاه محدد نحو شخص بعينه، لكن لوحظ أن اللجوء للشخص يتحدد وفقًا للشخص المتحرش في بعض الأحيان؛ فمنهن من ذكرن اللجوء للمشرف في حالة التعرض للتحرش من أحد الزملاء (العمال)، وهناك أخريات تحدثن عن التوجه إلى المدير العام أو رئيس الوردية أو صاحب المصنع في حالة أن يكون المتحرش من المشرفين، وهناك عدد قليل تحدث عن إمكانية الذهاب إلى نقطة الاستثمار أو قسم الشرطة (لكن هذا بعد الشكوى لإدارة المصنع)؛ كما وجدت عاملة ترى ضرورة اللجوء إلى قسم الشرطة مباشرة، وقد ورد على لسانها:” المفروض الواحدة تطلع على القسم على طول عشان الرجالة هيقفوا مع بعض وهيطلعوني غلطانة“.

في المقابل، هناك عاملات ذكرت أنهن لا يجدن أي شخص يثقن فيه أو يمكن اللجوء إليه. أما العاملات في الإسكندرية، فقد أشرن إلى أنهن يستعن بأحد المارة في الشارع أو أصحاب المحلات، وذلك أثناء تعرضهن لواقعة التحرش؛ لكن في ذات الوقت يشعرن بملاحقة نظرات الشك لهن، وأن هناك تواطؤ مجتمعى ضدهن، وطوال الوقت يتم التعامل معهن باعتبارهن نساء مشكوك في سلوكهن ومحل شك، وهذا يؤثر كما ذكروا على اتجاههن نحو اتخاذ أى شكل من أشكال المقاومة وأقصى ما يمكن القيام به هو العودة إلى منازلهن.

الحكومة:

  • توفير الحماية القانونية والنقابية للعاملات من خلال إبرام عقود عمل دائمة تتضمن شروط عادلة وعدم عرقلة جهود العمال والعاملات الرامية إلى تشكيل لجان نقابية.

  • تنظيم عمليات تفتيش دورية على المصانع للتأكد من سلامة بيئة العمل، خاصة فيما يتعلق بالعاملات.

  • إصدار قانون يجرم التحرش الجنسي مع تضمينه مواد محددة تتعلق بتجريم التحرش الجنسي في أماكن العمل يراعي في إجراءاته التنفيذية خصوصية هذه القضية.

  • تنظيم دورات تدريبية على آليات تحرير الشكاوى المتعلقة بوقائع التحرش وسبل التعامل مع العاملة التي تتعرض للتحرش.

إدارات المصانع:

  • توفير وسائل مواصلات ملائمة وكافية لجميع الورديات.

  • الاستعانة بمشرفات على خطوط الإنتاج التى يوجد بها العاملات بكثافة.

  • توفير مساكن تابعة للمصانع التى يعمل بها نساء من محافظات أخرى.

  • توفير دورات مياة آمنة والفصل بين دورات المياه للعمال والعاملات.

مؤسسات المجتمع المدني

  • تقديم الخدمات والدعم الفوري (النفسي والقانوني) للنساء.

  • العمل التعبوي لتغيير المواقف والسلوكيات المتعلقة بقضايا العنف الجنسي ضد النساء.

  • الضغط من أجل تطوير أداء المؤسسات المختلفة وعلى رأسها جهاز الشرطة للتعامل مع تلك القضايا بالحساسية الواجبة.

  • المساهمة في تطوير الأبعاد القانونية لموضوع العنف الجنسي ضد النساء.

شارك:

اصدارات متعلقة

شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10
شهادة 9
شهادة 8
شهادة 7
شهادة 6
شهادة 5
شهادة 4