اعتذار غير مقبول من تامر حسني !
هاتموتي وتنسيني،
فكراني هاموت وتجيني،
أصلاً مبقاش فيكي حاجة من الحاجات اللي بتغريني.
اعتذري للي هايجي بعدي،
خليه يسامحني أصل أنا، أخدت كل حاجة في عهدي
وشوفي عهدي كان كام سنة.
أنا مش قلقان عليكي، عارفك راجعة وبوعدك،
مين غيري بيملا عنيكي،
مين زيي ها يقدر يسعدك.
لو فاكرة ها ضعف وارجعلك
أسمعلك واحتاجلك،
بقي يا حبيبتي غلطانة واتجننتي في عقلك.
لو فاكرة إنك ياحبيبتي ها تقدري تنسيني،
لا بصي لكل حاجة فيكي أكيد هاتفتكريني.
لو فاكرة إني واحد هاتكلميه وتقفلي وتكلمي غيره،
ده أنا أول واحد في حياتك حبك وادالك خيره.
هذه هي كلمات أغنية تامر حسني الجديدة التي استوقفتني كثيرًا معانيها الفجة التي يبدو أنها تعبر عن ثقافة شريحة كبيرة من الشباب في مجتمعنا. لم أستطع تجاهل هذه الأغنية لأن مغنيها من المحبوبين لدى معظم الشباب، أي بمعنى آخر ” كلامه حكم“.
يتملكني الغضب عند سماع هذه الأغنية الخالية من الحب والتسامح والمليئة بالإذلال والاستفزاز. فكلمات الأغنية تحمل ثقافة عدائية بين الرجل والمرأة، وهو الأمر الذي اعتدنا عليه عند انفصال أي حبيبين. فالسبب الوحيد لا بد أن يكون لأن أحدهما أو كليهما غدار وخائن وناكر للجميل، فثقافتنا تخلو من إمكانية انفصال شخصين بسبب عدم التفاهم فحسب. وهو ما يضع أي شخص منفصل في وضع سيئ يشعر فيه بعدم الثقة بالنفس لأن الشخص الآخر قد تركعه لأنه سيئ لا محالة.
يقول المغني، أو بالأحرى كاتب الأغنية، “أخدت كل حاجة في عهدي“. ما الذي أخذه بالضبط؟ وما معنى: ” عهدي” ؟ وهل من المفترض أن تعيش البنت في عهد أحد مثلما كانت تعيش الجواري. ويقول “اعتذري للي هييجي بعدي” وكأن من سيأتي بعده لن يجد شيئًا إلا فتات من سبقه. ولماذا أخذ ما لا يحق له وقبله في حينه ليعايرها في ما بعد أنه أخذه؟
“أنا أول واحد حبك واداكي خيره“. كيف يقول أنه أعطاها خيره وهو الذي قال ” أخدت كل حاجة“. وخيره إزاي يعني؟ هل كان ينفق عليها؟ أو لم يكونا في علاقة، أي أخذ وعطاء؟ ولماذا يعتبر أنه لديه ما يعطيه لغيرها في المستقبل بعد ما أعطاها “خيره” ؟ ولماذا لا تعتذر الفتاة لمن سيرتبط هو بها في المستقبل حيث إنه قد أعطاها “كل حاجة“؟ ولكن ذلك بالطبع لأنه رجل يمكن أن يعطي ويأخذ دون أن يعاير أو تسوء سمعته، بل يمكن حتى أن يكون ذلك مثار مفخرة، بينما تعاير الفتاة للإتيان بنفس السلوك رغم أن الدين قد ساوى في التحريم بين الرجل والمرأة.
من الغريب أن يأتي تامر حسني بهذا المستوى من الفجاجة ثم يتبعها بأغنية دينية لداعية مشهور في برنامجه! إن اعتراضي لا يتعلق بعدم جواز الجمع بين نوعين من الأغاني، ولكن محتارة فعلاً إزاء هذه الإزدواجية الواضحة. فأغنية تدعو للاقتداء بمثل عليا وأخرى قائمة على المعايرة والإهانة والتشهير بالسمعة، على الرغم من أن “ربنا قد أمر بالستر“. وأعود وأقول لم الغرابة؟ فما ذلك إلا انعكاس للازدواجية التي تميز مجتمعنا الذي تسوده ثقافة التسطيح والاهتمام بالأمور الفرعية عوضًا عن التركيز على الأمور الجوهرية. فتحن نتحدث عن الدين كثيرًا، وما أكثر البرامج والقنوات الدينية الآن، ولكننا بعيدون كل البعد عن جوهره الحقيقي، وهو الإنسانية والاحترام المتبادل لبعضنا البعض.