الأماكن المهجورة سببًا لزيادة جرائم العنف ضد النساء
تاريخ النشر:
أكتوبر 2023
الأماكن المهجورة سببًا لزيادة جرائم العنف ضد النساء
“وأنا كنت بين الشوارع وحدي!”.. وكأن الشاعر أمل دنقل يصف النساء في الشوارع المهجورة، التي تضطرها الظروف إلى السير فيها وسط أعمدة إنارة مطفاءة أو غير موجودة من الأساس، وطرقات غير ممهدة، وأماكن خالية من المارة والمواصلات، فتخيل في مثل هذه الأماكن كيف يكون فيها حال المرأة التي يمكن أن يخرج عليها ذئبًا بشري ينتهكها دون مسمع أو مرئ من الناس.
ففي موضوعنا هذا نسلط الضوء على أن النساء يمكن أن تكون ضحية بسبب شوارع مظلمة، أو أماكن مهجورة، ففي كل منطقة نجد فيها ما يسمى بـ”المكان المهجور” أو “طريق مقطوع” التي لا تقربه المارة، بسبب أنه شارع مُظلم، أو به منزل مهجور أو مكسر، ومثل هذه الأماكن تكون ملاذًا آمنًا للمتحرشين والقتلى لإخفاء ضحيتهم دون رقيب مجتمعي وأمني.
في الآونة الأخيرة قد زاد معدل انتشار الجريمة في مصر، وخاصةً جرائم القتل من الشريك، وكنا قد أفردنا تقرير إحصائي مفصل عن هذا النوع من الجرائم تحديدًا، خلال شهر أغسطس الماضي، حيث اتضح بناءًا على الأخبار المنشورة عبر مواقع إلكترونية لصحف مصرية تنوعت بين صحف خاصة و قومية، أن هناك 13 حالة تقريبًا لسيدة لقيت مصرعها على يد الشريك، سواء كان زوج أو خطيب، حالي أو سابق، ومن هذه الحالات وغيرها من وقائع القتل على مدار العام، كان الجاني يتخذ من الأماكن المهجورة سبيلًا لإخفاء جريمته، ولكن يشاء القدر أن تُكشف بعضًا من هذه الجرائم بالصدفة، والبعض الآخر يظل مدفونًا في تحت تراب الأماكن المهجورة، ولم يكشف الله عن سترها بعد.
ومن ضمن الجرائم التي استغل فيها الجاني “الطرق البعيدة المقطوعة” لإخفاء جريمته، كانت جريمة هزت الرأي العام، تم الإبلاغ عنها في 8 أكتوبر الماضي، فقد تلقت قوات الأمن بلاغًا بالعثور على جثة مجهولة لسيدة في العقد الخامس من عمرها بأحد شوارع منطقة حدائق أكتوبر، وتبين من خلال المناظرة أنها مذبوحة من الرقبة، بالإضافة إلى أكثر من 10 طعنات متفرقة بالجسد، أدت إلى إخراج أمعاءها وأحشاءها من جسدها، وتم تحديد هوية الضحية، وأن وراء ارتكاب الجريمة زوجها العرفي.
وتم اكتشاف الجثة على يد سائق “أوبر”، أثناء عودته من توصيل أحد الركاب بأكتوبر، وعند أسفل كوبري امتداد زويل المؤدي للأوسطي، لاحظ وجود جثة مجهولة لسيدة بكامل ملابسها ترتدي عباءة سوداء مذبوحة من الرقبة مع خروج للأحشاء وطعنات في مناطق متفرقة من الجسم، ليقوم بتبليغ قسم حدائق أكتوبر.
وبعدها تمكن رجال مباحث الجيزة من إلقاء القبض على المتهم، وكشف غموض الواقعة، وأمر اللواء “م.أ” مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، بإحالة المتهم إلى النيابة التي تولت التحقيقات. ولاستكمال باقي تفاصيل الخبر من هنا.
“المنازل المهجورة” وكرًا لجرائم الاغتصاب
مئات المنازل المهجورة التي يعتبرها الجميع مكانًا مشبوهًا فلم يجرأ أحد أن يزوره أبدًا، تلك المنازل تعتكون بمثابة وكرًا عظيمًا لوقوع عشرات جرائم الاغتصاب لسيدات وفتيات بأعمار مختلفة، بعيدة عن أعين الجميع، فلم يسمع صرخات الضحايا أحدًا، وتتم الجريمة وتنتهي ولم يدرى بها أحدًا.
ومن هنا نناشد بإغلاق تلك المنازل، وإعادة استخدامها، لتكون أهلة بالسكان، حتى لا نترك للمجرمين سببًا سهلًا لإتمام جرائمه.
الشوارع غير الممهدة سببًا لزيادة جرائم العنف ضد المرأة
بالنظر إلى الشوارع غير الممهدة، المليئة بالحفر والتكسير، كيف تكون سببًا لزيادة جرائم العنف ضد المرأة، فماذا لو شاهدنا المنظر بشكل أوسع ورأينا حالة ولادة مستعجلة في أحد عربات الإسعاف وهي تجري بها في أحد الشوارع غير الممهدة، فكانت سببًا في تأخير الولادة، ومن ثم وفاة الجنين أو السيدة.
وماذا لو كانت أحد هذه الشوارع سببًا في تعثر أحد السيدات، وكانت تمثل معاناة لها عند تنفيذ حكم الرؤية لأبنائها من طليقها، بل وكان يستغل هذا في اختيار أماكن غير آدمية لإذلالة السيدة وإجبارها على تنفيذ حكم الرؤية في هذا المكان _حالة حقيقية لسيدة رفضت ذكر اسمها، وجهت نداء استغاثة لـ”صوت” منذ عدة أشهر، وتم الاستجابة لها ودعمها معنويًا وتقديم المساعدة لها، وتم إفراد موضوع خاص بها بعنوان تنفيذ حكم الرؤية: استغلال من الآباء وقوانين معصوبة العينين.
وأخيرًا، أن هدف هذا الموضوع هو تسليط الضوء على أمثلة من العديد من الجرائم التي يمكن تجنبها بتدارك أسبابها، من رصف وإصلاح وإنارة الشوارع غير الآدمية، ووضع حد لكثرة انتشار المباني المهجورة والتصرف فيها، والطرقات المُظلمة البعيدة التي يغفلها الجميع إلا المجرمين.