نادي السينما هو أحد أنشطة منتدى شابات المرأة الجديدة، التي يعرض فيها فيلم من أفلام السينما ويتبع ذلك. مناقشة للقضية التي طرحها الفيلم مع الحضور وكان فيلم “البداية” أول هذه الأفلام. الفيلم من إخراج صلاح أبو سيف وبطولة جميل راتب وأحمد زكي ويسرا. يقدم لنا الفيلم من خلال قصة كوميدية فكرة عن نشأة السلطة وظهور طرفي العلاقة السياسية الأساسيين، أي الحاكم والمحكومين وتطور العلاقة بينهما، وهي قضية لا تتطرق لها السينما المصرية إلا بصيغة الفعل الماضي، وطبعًا لأسباب معلومة.
حتى يحكي الفيلم حال طائرة مفقودة في الصحراء وحال ركابها الذين ظلوا يبحثون عن مكان آمن وجدوا ضالتهم في واحة صغيرة بها ماء ونخيل. وفجأة أعلن أحد الركاب، “نبيه بك” – الذي يمثل السلطة الدكتاتورية – سيطرته على الواحة لامتلاكه سلاحًا ناريًا، وبذلك أصبح باقي الركاب مجرد رعايًا بمملكته. تضمن الركاب ممثلين عن الجانب الإعلامي في شخص المذيعة، وعن الجانب العلمي في شخص الدكتورة العالمة، كما تضمنوا أيضًا الفلاح المصري البسيط الذي يمثل ثقافة أهل الريف، وأيضًا السيدة البسيطة التي لا حول لها ولا قوة وتمثل السواد الأعظم من الناس، ومضيفة الطائرة الحسناء والصحفي “أحمد” الشاب المثقف إضافة بالطبع إلى الشاب الرياضي “صالح” الذي يمثل قوة عضلية ذات مرجعية ذهنية معطلة والذي يقتاده نبيه بك بسهولة ليصبح قوته وسلاحه الثاني في السيطرة على رعاياه. وهكذا أصبح بيه بك هو مالك الواحة وأجبر باقي الركاب على بناء بيت له والعمل من أجل راحته التامة بمساعدة صالح، الذي أصبح يمثل السلطة التنفيذية والشرطة بزيه الرسمي المتمثل في خوذة من مخلفات الحرب وعصا غليظة. ويزداد نبيه بك في جبروته حتى تأتي لحظة محاولة اعتدائه على المضيفة الحسناء، وحينئذ يتحول صالح إلى الوعي الحقيقي القائم على معرفة والذي سيبدأ استيعابه على يد “أحمد” الذي كان ينادي بالديموقراطية وحق العمل وحرية الفكر.
وبعد عرض الفيلم عقدت حلقة نقاشية مصغرة أدارها الأستاذ “يسري مصطفى” استشاري بمؤسسة المرأة والذاكرة، وتمت مناقشة فكرة الفيلم والسلطة وعلاقتها بالمحكومين من خلال تحليل علاقته بمختلف شخصيات الفيلم. فنرى أنه كان دائم الاحترام لشخصية العالمة التي كانت دائمة التفكير في كيفية استثمار المكان بل وبإمكانية اكتشاف البترول، وهو ما يماثل في الحقيقة المكانة التي تعطيها السلطة للعلم والاستثمارات لدر الأموال والحفاظ على هيمنتها لا لتشجيع تطور المعرفة في حد ذاتها. كذلك كان نبيه بك يغازل شخصية الصحفية، وقد أوضح الفيلم مساعدتها له باقتراح الأفكار التي تمكنه من التلاعب ببقية الشخصيات، مثل إرضائهم بأمور بسيطة لكي يتمكن من الحصول على مكاسب أكثر ، ونجد ذلك في الواقع مجسدًا في كيفية عمل الصحف المملوكة للدولة على ترسيخ السلطة. ومن طرائف الفيلم أن نبيه بك تمكن من إقناع الفلاح البسيط واستقطاب الرياضي صالح للعمل معه ضد أحمد الذي يمثل الفكر الديموقراطي عن طريق إقناعهما بأن الديموقراطية تعني الإلحاد بالله وهذا مثال على استغلال الدين من قبل السلطة للتشكيك في مصداقية بعض التيارات الفكرية التي قد تمثل تهديدًا للدولة. ونجد الفكرة نفسها في إقناعه لامرأة بسيطة من الركاب بأن ترقد على مجموعة من البيض على أمل أن تفقس كتاكيت. تناول النقاش بعد ذلك بالتحليل مسألة انهيار السلطة، فهل تسليم نبيه بك للثورة وخضوعه لها نتيجة لفقده جزءًا كبيرًا من قوته المتمثلة في الشاب صالح؟ هل لا تقوم ثورة ضد مستبد إلا حين يتعلق الأمر بالاعتداء على امرأة وكأن المواطن يرضى بكل الظلم وضياع الحقوق، ولكن حين يصل الأمر إلى التعدي على امرأة فلابد من انطلاق الثورة برفض كل شيء؟