البروتوكول اختيارى ولكن حقوقنا ليست اختيارية
كانت مصر أول دولة عربية صدقت على اتفاقية الأمم المتحدة لإلغاء جميع أشكال التمييز ضد النساء، دائمًا ما تقول ذلك باعتزاز ، وهو ما تعلنه حكومتنا أيضًا بكل فخر في المنتديات الدولية تعبيرًا عن مدى تقدمها ، حيث أصبح وضع النساء أحد المؤشرات المهمة على مدى تقدم الدول ، لكن ما تتغافل عنه الحكومة المصرية هو أنها للأسف كانت أيضًا أول دولة عربية تضع تحفظات تتناقض مع جوهر الإتفاقية وتجعل التصديق عليها ليس له قيمة في الواقع، لقد تحفظت مصر على المادة ٢ التي تلزم الدول بمراجعة قوانينها الوطنية لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء، وعلى المادة ٦١ التي تتعلق بتحقيق المساواة داخل الأسرة ، وعلى المادة 9 (ب) التي تتعلق بحق الأم في منح جنسيتها لأبنائها من زوج غير مصري ، وبهذا فإن تصديق مصر بتحفظاتها لم يعن في الواقع تغييرًا كبيرًا في وضع النساء المصريات، وبين الحين والآخر تقدم الدولة “منحة شكلية” للنساء تتمثل في تعديل محدود هنا أو هناك ، كتغيير مادة في قانون الأحوال الشخصية أو تخصيص بضع مقاعد للنساء في البرلمان ، ولأنها “منحة” المقصود بها ليس تحسين أوضاع النساء، بل تحسين صورة الحكومة خارجيًا ، فسرعان ما تسحبها الحكومة ونعود مجددًا إلى ما كنا عليه قبل “المنحة” الشكلية، ومن يراجع توقيتات تلك “المنح” يجد أن توقيتاتها سبقت دائمًا تقارير مصر إلى لجنة اتفاقية السيداو ، وهو ما يجعلنا نرى أن الكلام الحالي عن تعديل قانون الأحوال الشخصية أو “الكوتا” النسائية ليس مقصودًا به تعديل حقيقي ، بل تحضيرًا لمناقشة التقرير المصري إلى السيداو المقرر أن يتم في منتصف ۲۰۰۹.
للأسف فإن اتفاقية السيداو لم يكن لديها آلية لرفض التحفظات التي تتعارض مع جوهر الإتفاقية أو لمحاسبة الدول على مدى التزامها ، لكن الآن توجد تلك الآلية ، البروتوكول الاختياري للإتفاقية ، والذي يسمح للأفراد والمنظمات بتقديم الشكاوى إلى لجنة الإتفاقية, تلك ويسمح للجنة بالتحقيق في: الشكاوى، وفي عمل بعثات لتقصي الحقائق حولها.
لقد أصبح البروتوكول نافذ منذ ديسمبر ۲۰۰۰ بعد تصديق الدولة العاشرة عليه ، وصدقت عليه حتى يناير ۲۰۰۸ تسعون دولة ، ليس من بينها دولة عربية باستثناء الجماهيرية الليبية! ترفض الحكومة المصرية بشدة التصديق على البروتوكول الاختياري ، لأنه يمثل – على حد زعمها – تدخلاً في السيادة الوطنية، ويتعارض مع استقلالية القضاء المصري ! رغم أنها تتنازل عن السيادة الوطنية بكرم في تعاقداتها السرية مع إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ، لكن الحقيقة أن مصر تخشى أن تنكشف لعبة “المنح” الشكلية ، فكل ما يتضمنه البروتوكول الاختياري يتم باحترام كامل لسيادة الدولة، فالشكاوى لا تقبل إلا بعد إثبات أنها استنفدت الآليات الوطنية المتاحة ، وزيارات اللجنة لا تتم إلا بموافقة الدولة المعنية.
لكن النساء المصريات اليوم … لسن كما كن وقت تصديق مصر على الإتفاقية، لم تعد تنطلي علينا لعبة “المنح” ونريد حقوقنا بكاملها ، ونطلب من الحكومة المصرية أن تثبت ما تدعيه من تبنيها لحقوق النساء المصريات بالفعل وليس بالقول .. لا نريد استمرار المساومة على حقوق النساء …. فحقوقنا ليست اختيارية.
رجاء زيارة موقع المرأة الجديدة على شبكة الإنترنت
للتعرف على الحملة الإقليمية “حقوقنا بلا تحفظات” والحملة الدولية “حقوقنا ليست اختيارية” ، وللتعرف على البروتوكول الاختياري لاتفاقية “السيداو“