البعض يسميه خيالاً أدبياً:
عن سياسة الحياة العائلية
نانسي أرمسترونج (*)
ترجمة: أحمد محمود**
غریب مدى انعزال النساء عن الحقيقة. فهن يعشن عالمًا خاصًا بهن، لم يكن كمثله شيء قط، ولا يمكن أن يكون كمثله شيء أبدًا. جوزيف كونراد،“قلب الظلام“
منذ سنوات عدة والباحثون الأمريكيون يقومون بحل لغز العلاقة بين الأدب والتاريخ. ومن الواضح أنه لم يتم تحديد الصلات الصحيحة عند وضع كتب التاريخ الأدبي لأول مرة. ومع ذلك فإنه عند الاتجاه إلى مسألة كيفية ارتباط بعض أشهر الروائيين الإنجليز بالزمن الذي عاشوا فيه، أجد لزامًا على أن أبدأ من الخطوة الأولى، أي بتقاليد التصوير بالغة القوة وهي رغم كونها قديمة ومألوفة تمامًا، فليس هناك ذلك الجديد الذي حل محلها. ذلك أن قوتها لم تتلاش في هذا البلد بالرغم من ثورة النظرية وما أعقبها من دعوات إلى تاريخ أدبي جديد. والتقاليد التي أشير إليها كثيرة ومتعددة في واقع الأمر، غير أنها جميعًا تعزز افتراض أن التاريخ يتكون من أحداث اقتصادية أو سياسية، وكأن تلك مختلفة بشكل أساسي عن الأحداث الثقافية الأخرى. ويشعر البعض منا- وهم أقلية مميزة بكل تأكيد- أن متابعة هذا الافتراض تعنى عدم الاكتراث بمعظم الأنشطة التي تكون الحياة اليومية وبالتالى تقليص فئة “السياسي” لتشمل مجموعة محدودة جدًا من الممارسات الثقافية. وحينئذ فإنه بعد تصنيف معظم أنشطتنا الرمزية على أنها “سياسية” أو “اجتماعية” أو “ثقافية” (وهي جميعها سواء إلى حد كبير)، تجعلنا كتب التاريخ التقليدية نضعها في علاقة ثانوية مع الاقتصاد أو مع مؤسسات الدولة الرسمية. وقد كتب هذا المقال اعتراضًا على تلك النماذج من كتب التاريخ التي تقصر الممارسات السياسية على الأنشطة المرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالسوق، أو مؤسسات الدولة الرسمية، أو مقاومة السوق ومؤسسات الدولة. وأنا أكتب كإنسانة تشعر بأن تلك النماذج لم توفر أساسًا مناسبًا لفهم تشكيل الثقافة البيروقراطية الحديثة أو لمكاننا، كمثقفين، داخلها، وأكثر من ذلك أنني أنظر إلى نموذج يضع الحياة الشخصية في مجال منفصل ويمنح الأدب دورًا ثانويًا وسلبيًا في التاريخ السياسي باعتباره متحيزًا جنسيًا دون أن يدري. وأعتقد أن تلك النماذج لا تعلل بالضرورة تشكيل الثقافة البيروقراطية الحديثة، لأنها لا تعلل مكانة المرأة فيها. فعل بعض أفضل منظرينا لعلاقة الخيال الأدبي بالتاريخ- ريموند ويليامز في إنجلترا وإدوارد سعيد في الولايات المتحدة- الكثير لإزالة الحواجز التي تفصل بين الثقافة والدولة. وهم يوضحون أن هيمنة الطبقة الوسطى نجحت إلى حد ما لأنها أنشأت سردًا تاريخيًا منفصلاً للذات والمجتمع، والأسرة والمصنع، والأدب والتاريخ. كما يشيرون إلى أنه بالإبقاء على تلك الحواجز داخل الثقافة، مازال المثقفون الليبراليون يطهرون مجالات بعينها من الثقافة- وهي الشخصية والمحلية والأدبية. وبالتالي تبدو الممارسات التي تتم بواسطة هذه الأسماء في تحليلها تقدمية على نحو حميد لتصبح بمثابة مهرب من العالم السياسي، بل وتقدم أشكالاً للمقاومة. ومع ذلك فإني أرى أن جهودًا مثل جهود ويليامز وسعيد سوف تنجح بشكل جزئي فحسب مادامت مستمرة في تجاهل التقسيم الجنسي للعمل الذي يضمن الفرق بين الثقافة والسياسة ويحيده.الهوامش
(*) Kim A. Loudermilk, Fictional Feminism: How American Bestsellers Affect the Movement for Women’s Equality. New York & London: Routledge, 2004..
الكلمات المفتاحية: الزمن الأنثوي واللغة, السرد الذكوري, السرد النسوي, الشخصيات النسائية والرغبات, النسوية والشعر الغنائي
شارك: