التغطية الشاملة
وتأثيرها على خدمات الصحة الانجابية في تايلاند
فيروج تانجشارونثسافاين وآخرون *
الملخص:
أدخلت تايلاند مؤخرًا نظام التغطية الشاملة للرعاية الصحية بحيث يتمتع بها كل مواطنيها (٥٤ مليون نسمة). ممول من العائد الضريبي العام. النموذج الذى تم تبنيه مبنى على التعاقد مع الأفراد مقابل تقديم خدمات الإسعاف،والرعاية الوقائية، والرعاية فى المستشفيات، وتعزيز الصحة، بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية، ويشمل ذلك الخدمات المقدمة في القطاعين العام والخاص. وتصف هذه الورقة نظام التمويل الصحى السابق على إدخال التغطية الشاملة، والمدى الذى كانت تايلاند قد وصلت إليه فى تحقيق أهداف الصحة الإنجابية قبل هذا الإصلاح. وتحلل الورقة التأثير المحتمل للتغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية. وسيعتمد تأثيرات سلبية أو إيجابية على الصحة الإنجابية على التفاعل بين ثلاثة أبعاد محورية: الوعى بالاستحقاق من جانب المستفيدين المستهدفين للخدمات،استجابة مقدمى الخدمة الصحية لنظام التعاقد على الدفع مقابل عدد الأفراد المسجلين لدى مقدمي الخدمة Capitation ، وقدرة من يدفعون مقابل الخدمة على متابعة تنفيذ التعاقد. وفى المناطق الريفية، حيث القطاع العام على مستوى الحى هو المسئول الوحيد عن تقديم الخدمة، تقتضى العلاقة التعاقدية توفر الثقة والارتباط مع المتعاقدين بشكل إيجابى. ونوصى باللجوء إلى توجه مبنى على البراهين لتنقيح وتدقيق منافع حزمة الخدمات الصحة الإنجابية التى تقدم من خلال نظام التغطية الشاملة، بالإضافة إلى تحسين القدرات المؤسسية لجهات التعاقد،والمشاركة النشطة للمجتمع المدنى وباقى الشركاء في تمكين المستفيدين.
كلمات مفتاحية:
إصلاح النظام الصحى، التأمين الصحى العام، خدمات الصحة الإنجابية،تايلاند.
في أكتوبر ٢٠٠١ وبدعم سياسي قوى تبنت تايلاند التغطية الصحية الشاملة لمجمل السكان،قبل التغطية الشاملة، كانت هناك العديد من مشاريع التأمين المتناثرة تغطى على الأقل 70% من السكان، لكنها كانت متناثرة وتفتقر للفعالية والمساواة، وكان معنى هذا أن حوالى 30% من السكان بدون أى تغطية صحية. (۱)
لقد كانت خدمات الصحة الإنجابية مدرجة في النظام الصحى الوطنى منذ ما يزيد عن ١٥ عاما. وكانت إدارة الصحة في وزارة الصحة العمومية هي منسق برنامج الصحة الإنجابية ، بينما شارك في تقديم طيف من خدمات الصحة الإنجابية كل من المراكز الصحية فى الأحياء،والمستشفيات في المراكز والمحافظات،والمستشفيات الخاصة والمستشفيات التي لا تتبع وزارة الصحة.
إن التأثير السلبى لعملية إصلاح النظام الصحى،خاصة ما يتعلق باللامركزية على السيطرة على الأمراض (مثل الدرن) قد تم توثيقه جيدًا في العديد من البلدان (2 – 3)، ويحدث عندما لا يكون لدى المسئولين الحكوميين المحليين سوى قدرة محدودة ، أو اهتمام محدود فى التعامل مع برامج الصحة العامة وفى أنظمة الصحة اللامركزية، حيث الحكومات المحلية مسئولة عن الرعاية الصحية على المستوى المحلى،تتردى برامج الصحة العامة إذا حصلت المناطق الفقيرة على مخصصات مالية ضعيفة. وعلاوة على ذلك،تنحو الحكومات المحلية لإعطاء أولوية للخدمات العلاجية في المستشفيات على برامج الصحة العامة الوقائية (٤). وهكذا، تأثرت خدمات الصحة الإنجابية الأساسية – خاصة للفقراء – في ريف الصين عندما لم تمولها الحكومات المحلية بشكل مناسب (5).
إن الإصلاحات تؤثر على طريقة تمويل وتقديم الخدمات الصحية، والتى لها تأثير كبير على إتاحة الخدمات واستخدامها، وعلى العلاقة بين مقدمي الخدمات الصحية والمرضى. ولهذا فإن فهم صانعي السياسة الصحية فى تايلاند للتأثير المحتمل لنظام التغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية أمر حاسم لتجنب أى تبعات سلبية، وللحفاظ على مستوى الخدمات الحالى. كما أن هذا الفهم ذو مغزى للمراقبين الدوليين، حيث أن الموضوع يمثل حاليًا واحدًا من القضايا المحورية التي تدور حولها النقاشات على المستوى العالمي.
تحلل هذه الورقة التأثير المحتمل لنظام التغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية في تايلاند. لقد استعرضنا فيها عددًا من الوثائق المتعلقة بخدمات الصحة الإنجابية في تايلاند قبل الإصلاح، وحللنا السياسة الجديدة وخطط تطبيقها. وحيث أن هذه الفترة تعتبر فترة انتقالية، ولا تتوفر حتى الآن بيانات عن تأثيرات التغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية. لذا فقد بنينا تحليلنا على البيانات الامبريقية من “نظام التأمين الاجتماعى ” ، وهو نظام لتمويل الرعاية الصحية يقوم أيضًا على الدفع لمقدمي الخدمة وفقًا عدد الأفراد المسجلين لديهم.
سنصف أولاً نظام التمويل الصحى قبل التغطية الشاملة ، ثم السمات الأساسية لنظام التغطية الشاملة،ثم نناقش إلى أى مدى استطاعت تايلاند تحقيق أهداف الصحة الإنجابية قبل إدخال نظام التغطية الشاملة،ونحلل بالتفصيل حزمة الخدمات التي يقدمها هذا النظام فيما يتعلق بالصحة الإنجابية. وأخيرًا التأثير المحتمل للتغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية،ونقدم عددًا من التوصيات حول السياسات التي يمكن لتايلاند عبرها حماية، والبناء على الإنجازات السابقة.
قبل التغطية الشاملة، كانت هناك أربعة أنظمة تأمين رئيسية تدفع لخدمات الرعاية الصحية في تايلاند. الأول : “مشروع الرفاه العام” وهو المسئول عن تغطية نفقات الخدمة الصحية للفقراء، والمسنين، والأطفال تحت ١٢ سنة، من خلال عائد الضرائب العامة. وكان هذا النظام يعاني من ضعف التمويل، ومن عدم رضاء المرضى والمستخدمين.
أما العاملين فى الحكومة ومن يعولونهم، فكان يغطيهم “مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين“. وكان من أكثر الأنظمة التى تقدم خدمات كثيرة، ولكنه كان باهظ التكلفة وكان يعانى من التصاعد المتسارع للتكلفة،ومن عدم الكفاءة: فقد كان يطبق نموذج دفع الرسوم مقابل استخدام الخدمة، حيث تقوم هيئة التأمين بدفع مقابل الخدمة التى يستخدمها الفرد. كان مقدمو الخدمة لديهم دافع للتلاعب لتقديم خدمات أكثر مما تحتاجه الحالة، وأحيانًا غير ضرورية على الإطلاق من أجل الحصول على مزيد من العائد.
أما الموظفين في القطاع الخاص فكان يغطيهم “مشروع الأمن الاجتماعي” ، من خلال تعاقد على عدد الأفراد. فى هذا النظام يقوم مكتب الأمن الاجتماعي بشراء الرعاية الصحية من مقدمي الخدمة المتنافسين – سواء من القطاع العام أو الخاص– مقابل رسم موحد للفرد المسجل فى المشروع. كان هذا النظام أكثر كفاءة، وأكثر قدرة على احتواء التكلفة. وعلى العكس من نظام الرسوم مقابل الخدمة، فإن عائد مقدمي الخدمة يعتمد على عدد الأفراد المسجلين في كل مستشفى وليس على حجم الخدمات المقدمة. وهذه طريقة أكثر كفاءة في استخدام الموارد واحتواء التكلفة، حيث الحافز عند مقدمي الخدمة هو زيادة أعداد الأفراد المسجلين في قوائمهم إلى أقصى حد ممكن. لكن من جانب آخر يكون لدى مقدمي الخدمة ميل لاختيار الناس الأكثر صحة، لتقليل خطر الإنفاق. وعلاوة على ذلك فإن لديهم دافع لتقليل الخدمات المقدمة للتوفير في الإنفاق.
وأخيرًا كان هناك “مشروع البطاقة الصحية الاختيارية” لأولئك الذين يقعون على خط الفقر والذين ليسوا مؤهلين للاستفادة من “نظام الرفاه العام“. وقبل التغطية الشاملة كان ينظر إلى مشروع “البطاقة الصحية الاختيارية” باعتباره إجراء مؤقت. ونظرًا للطابع “الاختياري” للمشروع، فقد عانى من الانتقائية،بمعنى أن من كانوا ينضمون إليه، هم أولئك الذين يعانون من الأمراض، بينما اتجه الأصحاء إلى تركه. وقد كانت نتيجة ذلك أن المشروع أصبح غير قادر الاستمرار ماليًا،رغم أن الحكومة كانت تدعمه بما يوازى أكثر من ٥٠% من التكلفة (6).
وفى ظل التغطية الشاملة استمر مشروعي “الأمن الاجتماعي” و “المنافع الطبية للعاملين المدنيين“. كما توجد أيضًا مشروعات تأمينية اختيارية خاصة للقادرين ماديًا ، وإن كنا لن نتعرض لها في هذه الورقة.
السكان:
يحل نظام التغطية الشاملة محل مشروعي الرفاه العام والبطاقة الصحية الاختيارية، كما سيشمل أيضًا 30% من السكان غير المؤمن عليهم. من الهام فهم الصورة الاجتماعية الاقتصادية لغير المؤمن عليهم،باعتباره الأكثر استفادة تحت نظام التغطية الشاملة. في عام ١٩٩٦ أشارت دراسة أن غير المؤمن عليهم في تايلاند أكثر فقر وأقل تعليمًا من باقي السكان. يتركز غالبيتهم (٨٦%) فى مستويات الدخل الأكثر فقرًا؛ ۲۷% دخلهم الشهري أقل من ۲۰۰۰ باهت (۸۰ دولار أمريكي)،٥٩% يتراوح دخلهم بين ۲۰۰۱ – ۸۰۰۰ باهت ۸۰ – ٣٢٠ دولار أمريكي). وكان تعليم المسئولين عن الأسر لا يتعدى المرحلة الابتدائية.
التمويل:
يمول نظام التغطية الشاملة من عائد الضرائب العامة. مع دفع المؤمن عليه مبلغ ثابت (۳۰ باهت) عند كل زيارة أو دخول للمستشفى في مكان تقديم الخدمة،من خلال نموذج تعاقدي (7 – 8) ويستخدم المشروع مقابل ثابت لكل فرد. ولا يتم عمل تعديل وفقًا للاختطار في العام الأول من التعاقد، لكن السياسة تستهدف عمل هذا التعديل في السنوات التالية. الدفع مقابل عدد المشاركين سيغطى مدى واسع من الخدمات تشمل الإسعاف، وخدمات الرعاية الوقائية،وخدمات تعزيز الصحة، ودخول المستشفيات، بالإضافة إلى الرعاية ذات التكلفة المرتفعة، والحوادث، والطوارئ، والثلاث الأخيرة سيتم دفعها وفقًا لقائمة بالرسوم المطلوبة. ولا تندرج خدمات الصحة الإنجابية تحت أى من هذه الفئات.
النموذج:
وفي ظل نظام الدفع مقابل عدد الأفراد، فإن تسجيل المستفيدين شرط أساسي. تستهدف السياسة السما للمستفيدين باللجوء إلى مقدمي الخدمة اللذين يفضلونهم. لكن هذا الأمر ممكن فقط في المناطق الحضرية، حيث يتوفر مجال واسع للاختيار من بين مقدمي الخدمة فى القطاع العام، أو الخاص (المستهدف للربح، أو الذى لا يستهدف الربح). أما في المناطق الريفية حيث يعيش ٧٠% من إجمالي السكان، فإن مقدمي الخدمة الوحيدين،هم العاملين في المستشفيات المركزية والمراكز الصحية المرتبطة بها والتابعين لوزارة الصحة. القطاع الخاص ليس متطورًا بشكل جيد، حيث لا يتوفر سوى عدد محدود من الممارسين الخاصين كأفراد. وهكذا فإن الاحتكار الجغرافي يثبط عملية التعاقد الاختياري خاصة في المناطق الريفية.
وفى ظل التغطية الشاملة، سيتم التعاقد سنويًا مع شبكة مقدمي الخدمات، على أى حال وبسبب التسرع في تطبيق التغطية الشاملة، يظل هناك نقص في تفاصيل التعاقد؛ مثلاً افتقاد مؤشرات لمتابعة الأداء،عدم وجود اشتراطات أساسية فيما يتعلق بنظم المعلومات غياب القدرات والآليات لمن يشترون الخدمات لمتابعة وتقييم وفرض الشروط المتفق عليها في التعاقد أو التعامل مع شكاوى المستفيدين / المستخدمين.
حزمة المنافع:
أحد أهداف هذا الإصلاح هو عمل معايرة لحزمة المنافع الأساسية عبر مشروعات التأمين الصحى العمومية السابقة، وإغلاق الفجوات تدريجيًا بين المشروعات الثلاث، وبالتالي التقليل من عدم المساواة. إن حزمة المنافع فى نظام التغطية الشاملة مبنية على نسق مشروع الأمن الاجتماعي، مع تعديلات طفيفة.
يوضح جدول رقم ۱ استحقاقات المستفيدين في مختلف المشروعات لخدمات الصحة الإنجابية قبل وبعد الإصلاح. وتوضح حزمة الخدمات تحيزًا لصالح المشاركين فى “مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين” سواء قبل أو بعد الإصلاح بالمقارنة مع المشروعين الآخرين، خاصة فيما يتعلق بإتاحة الخدمات في حالات العقم، وما بعد انقطاع الدورة الشهرية،على أي حال فإن أكثر المجموعات استفادة هي المجموعة التي لم تكن مؤمنًا عليها ، حيث أن تغطيتهم تشمل التكلفة الكاملة للخدمات. وهناك تغيير إيجابي ضئيل في حزمة الخدمات للمجموعة التى كانت تحت ظل مشروع الكارت الصحى الاختياري، ومشروع الرفاه العام.
جدول رقم 1
ملخص حزمة خدمات الصحة الإنجابية قبل وبعد نظام التغطية الشاملة
مكونات خدمات الصحة الإنجابية |
قبل التغطية الشاملة |
بعد التغطية الشاملة |
|||||
م ط ع م |
ت ج |
ر ع |
ب ص |
م ط ع م |
ت ج |
ت ش |
|
التثقيف الجنسي والصحة الإنجابية للمراهقين |
غير محدد بشكل واضح |
|
|||||
تنظيم الأسرة |
|
|
|
|
|
|
|
الرعاية الأساسية للولادة |
|
|
|
|
|
|
|
الإجهاض ومضاعفات الإجهاذ |
|
|
|
|
|
|
|
خدمات ما بعد انقطاع الطمث |
|
|
|
|
|
|
|
الأمراض المنقولة جنسيًا بما فيها الإيدز |
|
|
جزئي |
جزئي |
|
|
|
سرطانات الجهاز التناسلي |
|
جزئي |
جزئي |
جزئي |
|
جزئي |
|
العقم |
|
|
|
|
جزئي |
|
|
م ط ع م مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين
ت ج مشروع التأمين الإجتماعي
رع مشروع الرفاه العام
ب ص مشروع البطاقة الصحية الإختيارية
ت ش مشروع التغطية الشاملة
منذ بداية الإصلاح في أكتوبر ۲۰۰۱، يوجد حاليًا ثلاث مشروعات للتأمين الصحى العام،يغطى مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين” 7 ملايين شخص،ويغطى مشروع الأمن الاجتماعى ١٠ ملايين،بينما يغطى نظام التغطية الشاملة باقي السكان أى حوالى ۲۸ مليون نسمة. ويصور الشكل رقم ١ العلاقة بين أطراف اللعبة الثلاثة: السكان والمرضى،ومقدمى الخدمة الصحية،والقائمين على شراء الخدمة الصحية. كما يوضح شكل 1 تدفق التمويل والخدمات عبر الآليات المختلفة للدفع لمقدمى الخدمة. وحيث أن مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين ومشروع الأمن الاجتماعى يقومان أيضًا على نموذج التعاقد وفقًا لعدد الأفراد، فإننا على اقتناع بأن كفاءة النظام الصحى الإجمالية سوف ترتفع بشكل جوهري.
تبنت تايلاند سياسة سكانية منذ السبعينات، ونتيجة الاستراتيجية ناجحة لتخفيض معدل النمو السكاني عبر ما يزيد عن عقدين من الزمان،وصلت تايلاند إلى مستوى أقل من تعويض الخصوبة. وتضع السياسة السكانية الحالية أولوية للبعد النوعي من النمو السكاني،دافعة التركيز بعيدًا عن خفض النمو السكاني،إلى تلبية الاحتياجات الإنجابية الصحية الأساسية ورفاه الأفراد. وقد نصت أول سياسة للصحة الإنجابية في تايلاند عام ١٩٩٧ ، على ضرورة أن يتمتع كل المواطنين،من كل الأعمار بصحة إنجابية جيدة خلال حياتهم،وكانت السياسة تستهدف ذلك من خلال رفع مستوى إتاحة خدمات الصحة الإنجابية، وأن تتحقق في هذه الخدمات الجواب المتعلقة بالإنصاف والحقوق والاختيار.
إن المكونات الأساسية في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية في تايلاند تتضمن التثقيف الصحي،وخدمات الصحة الإنجابية للمراهقين (الواقي الذكرى،ووسائل منع الحمل، والتثقيف الجنسي، وتعزيز الجنس الآمن) وخدمات تنظيم الأسرة ورعاية الولادة الأساسية، بالإضافة إلى عدد محدود من حالات الإجهاض المسموح بها قانونًا، وعلاج مضاعفات الإجهاض غير الآمن، وخدمات فترة ما بعد انقطاع الدورة الشهرية،وعلاج أمراض الجهاز التناسلي (بما في ذلك التعامل مع متلازمات الأمراض المنقولة جنسيًا ) وفيروس نقص المناعة / الإيدز، وسرطانات الجهاز التناسلي.
إن التثقيف الصحى، وترويج الصحة للمراهقين تم إدماجهما في التثقيف الصحى العام في الوحدات الصحية والمدارس والمصانع والمؤسسات الأخرى عبر الإعلام العام ومشروعات المنظمات غير الحكومية. وقد تم تحقيق مستويات رائعة في التثقيف حول فيروس نقص المناعة المكتسبة / الإيدز، والحملات حول من الممارسات الجنسية الأكثر أمنًا، وكذلك ترويج استخدام الواقي الذكرى. وقد تم الحفاظ على معدلات مرتفعة جدًا لاستخدام الواقي الذكرى حتى بعد الأزمة الاقتصادية فى منتصف ۱۹۹۷. واستمر معدل استخدام الواقي الذكرى بين العاملات في بيوت الدعارة في الارتفاع ووصل الآن إلى 97.5% بالرغم من الاستقطاعات التى وصلت إلى %۷% من الميزانية المخصصة لتوزيع الواقي الذكرى مجانًا (9).
كما أن تنظيم الأسرة ناجح أيضًا في تايلاند. في عام ۲۰۰۰ كان معدل الخصوبة الكلية 1.9؛ وقد زاد معدل انتشار استخدام موانع الحمل بين النساء المتزوجات فى الفترة الإنجابية من 53.4% في عام ۱۹۷۸ إلى 79.2% في عام 2000(10). وقد ساهم استخدام أقراص منع الحمل، وموانع الحمل المحقونة وتعقيم الإناث فى نجاح تنظيم الأسرة في تايلاند.
وقد تم دمج رعاية التوليد الأساسية بشكل كامل في نظام الرعاية الصحية وعلى مستوى المراكز الصحية والمستشفيات المركزية في المناطق المختلفة تمثل الممرضات والقابلات الجزء الأكبر من مقدمي خدمات ما قبل الولادة ( ٦٤% من إجمالي الخدمات عام 2000)،ويمثلن بذلك العمود الفقري لخدمات صحة الأمومة،وفى كل خدمات الصحة العامة، بما في ذلك الخدمات العلاجية. وفى عام ٢٠٠١ حققت تايلاند مؤشرات هامة في معدل وفيات الرضع 21.5 لكل ألف من المواليد الأحياء، ومعدل وفيات الأمهات ٢٨ / مائة ألف من المواليد الأحياء، كما وصل معدا انخفاض وزن المواليد إلى 8.1% ، وكان المعدل للزيارات في فترة ما قبل الولادة هو أربع زيارات لــ ٩٢.٢% من
شكل (1)
نموذج لنظام التأمين الصحي في تايلاند 2002 (25)
كل النساء الحوامل. ۹۷.۹% من كل الولادات التي تمت على يد العاملين الصحيين المدربين.(11)
وتقدم خدمات الإجهاض فى المستشفيات العامة في الحالات التي يحددها القانون فقط، أي في حالات الاغتصاب،وحيثما يمثل الحمل خطرًا على حياة المرأة،على أي حال فإن غالبية حالات الإجهاض الناجمة عن الحمل غير المرغوب فيه غير آمنة،ويجريها أشخاص من غير العاملين الصحيين (12)
ولم تكن خدمات العقم التي يوفرها مقدمو الخدمة الصحية فى القطاع العام كافية، أو ممولة بشكل كاف. فقد كان التصور السائد في صفوف صانعي السياسات خاصة أثناء حملات تنظيم الأسرة.
أما الخدمات الصحية لفترة ما بعد انقطاع الدورة الشهرية (الطمث)، فقد أصبحت بشكل متزايد مكونا مقرا ويتم تمويلها بشكل مناسب. ورغم توفر خدمات المشورة على كافة المستويات، إلا أن التغطية تقتصر على المراكز الطبية الحضرية حيث تتوفر الرعاية الخاصة كالعلاج بالهرمونات التعويضية مثلاً.
وتشرف إدارة الأمراض المعدية على البرنامج الوطنى المسئول عن حالات الأمراض المنقولة جنسيًا بما في ذلك فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز. وقبل التغطية الشاملة، كانت خدمات المشورة، والوقاية،والعلاج مدمجة بشكل جيد على مستوى المناطق،والمحافظات فى كل أنحاء البلاد. وقد استمر معدل الإصابة 0.494 فى عام ١٩٩٦ إلى 0.379 في عام ١٩٩٧، ثم 0.305 فى عام ۱۹۹۸ لكل ألف مواطن. وهذا نتيجة للحملة المستمرة من أجل استخدام الواقي الذكرى بنسبة ١٠٠% في بيوت البغاء لمنع فيروس بين العاملات في تلك البيوت.
ولقد تبنت تايلاند برنامج وطني لمنع انتقال فيروس نقص المناعة المكتسب من الأم إلى الطفل،منذ عام 2000. ويقدم البرنامج المشورة ، واختبارات الفيروس مجانًا لكل النساء الحوامل. والالتحاق بالبرنامج أمر اختياري: وتقدم خدمات مجانية تشمل مضادات الفيروسات القهقرية للأمهات والمواليد، وكذلك بدائل للرضاعة الطبيعية. وقد كشف تقييم البرنامج عن أن تكلفة. منع حدوث الإصابة بين الأطفال كان حوالي 4.48٣ دولار أمريكي لكل حالة. أما فيما يتعلق بتكلفة تجنب الإعاقة التى يمكن أن تنجم عن الإصابة بالفيروس / الإيدز) وفقًا لمقياس دالي ،فقد قدرته بحوالي ١٤٤ دولار أمريكي(14).
ورغم أن سرطان عنق الرحم،وسرطان الثدى أكثر الأورام انتشارًا بين النساء في تايلاند، إلا أن تغطية الفحص المبكر لسرطان الثدى لا تتجاوز 20%،وتقل النسبة عن ٤٠% في حالة سرطان عنق الرحم، رغم أن الخطوط العامة للسياسة الوطنية تنص على ضرورة أن يتم الفحص المبكر باستخدام مسحة عنق الرحم (Pap smear screening) مرة كل سنة لكل النساء فوق سن ٣٥ لمدة ثلاث سنوات متعاقبة، وإذا كانت النتائج طبيعية، يكرر مرة كل ثلاث سنوات بعد ذلك.
كان هناك تقييم محدود لتأثير التغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية (١٥). وقد أوضح ذلك التقييم أن حوالي 30% من المستفيدين بنظام التغطية الشاملة. كان عليهم الدفع مقابل خدمات تنظيم الأسرة،أساسًا لأنهم لم يتمكنوا من تقديم أنفسهم إلى للهيئات المتعاقدة على تقديم الرعاية الصحية الأساسية باعتبارهم مسجلين لديها.
إن تطبيق آليات مختلفة للدفع لمقدمي الخدمة كانت رسالة قوية لهم. وكان لها أكبر الأثر على سلوك مقدمي الخدمة فى علاقته بالتعامل مع الموارد. يوضح جدول ۲ (16) مواطن القوة والضعف في الآليات المختلفة للدفع لمقدمي الخدمة لتحقيق أربعة أهداف: الوقاية من المشكلات الصحية،وتقديم خدمة جيدة،والاستجابة للتوقعات المشروعة،وكبح التكلفة. وبينما تولد طريقة الرسوم مقابل الخدمة دافعًا لتقديم الخدمات والاستجابة لمطالب المرضى، فإنها لا تكبح التكلفة بشكل مناسب، ولا تهتم بالتأكيد على الوقاية من المشكلات الصحية. وتؤكد تجربة مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين الذي يقوم على نظام الرسوم مقابل الخدمة،على ارتفاع التكلفة ووصف الأدوية، وعمل التحليلات والفحوص دون احتياج. (17)
جدول رقم ۲
تأثير آليات الدفع لمقدمى الخدمة الصحية على سلوكياتهم (١٦)
طريقة الدفع |
الوقاية من المشكلات الصحية |
توفير الخدمات |
الاستجابة للتوقعات المشروعة |
خفض التكلفة |
لكل بند منفرد في الميزانية |
+/- |
– |
+/- |
+++ |
الميزانية الشاملة |
++ |
— |
+/- |
+++ |
وفقًا لعدد الأفراد المشاركين |
+++ |
— |
++ |
+++ |
وفقا للمجموعات التشخيصية |
+/- |
++ |
++ |
++ |
الرسوم مقابل الخدمة |
+/- |
+++ |
+++ |
— |
+++ تأثير شديد الإيجابية
++ بعض التأثير الإيجابي
+/- لا تأثير أو تأثير محدود
— بعض التأثير السلبي
— تأثير شديد السلبية
ولا يمكن القول بأن هناك طريقة واحدة وحيدة للدفع يمكن من خلالها تحقيق الأهداف الأربعة؛ فكل طريقة لها مميزاتها وعيوبها. فطريقة الدفع مقابل عدد الأفراد المسجلين – بما تتضمنه من تنافس بين مقدمي الخدمة على اجتذاب أكبر عدد من الأفراد – تكبح التكلفة بشكل جيد علاوة على أنها توفر حافزًا للعمل على الوقاية من المشكلات الصحية. كما أن مقدمي الخدمة يصبحون أكثر استجابة لمطالب المستهلكين، حيث أن تدفق الأموال يعتمد على رضائهم. لكنها على أية حال يمكن أن تولد حافزًا في اتجاه معاكس ألا وهو الحد من الخدمات الضرورية، بما يؤدى إلى تردى نوعية الخدمات،وتقليل رضاء المرضى، وهو ما تأكد في حالات بعض الهيئات المتعاقدة في ظل مشروع التأمين الاجتماعي(18). كذلك فإن تخصيص ميزانيات محددة لكل بند، وميزانيات محددة للمشروع ككل لها أيضًا نقاط ضعفها وقوتها مماثلة لتلك الموجودة في طريقة الدفع مقابل عدد الأفراد المسجلين، لكنها أقل استجابة لتوقعات المرضى ،ولا تهتم بمسألة الوقاية من المشكلات الصحية. إن تطبيق آليات نظام الرسوم مقابل الخدمة على الرعاية الوقائية وعلى خدمات تعزيز الصحة،ستولد مزيدًا من الخدمات،وتزيد من استعمال الخدمات، وتحقيق أهداف الصحة الإنجابية.
لقد طورنا إطارًا مفاهيمها لتحليل التأثير المحتمل لتطبيق نظام التغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية ( جدول رقم ۳). تنقسم خدمات الصحة الإنجابية إلى:
– رعاية وقائية
– تعزيز الصحة: ويشمل تنظيم الأسرة،والتثقيف الجنسى، ورعاية الصحة الإنجابية للمراهقين.
– خدمات علاجية: وتشمل خدمات الولادة الطارئة،علاج التهابات الجهاز التناسلي،والسرطانات. ويمكن النظر إلى تأثيرات التغطية الشاملة باعتبارها تفاعلاً بين الأطراف الثلاثة المنخرطة في العملية:
– المرضى ومستخدمي الخدمة ويمثلون الجانب المتعلق بالطلب.
– مقدمي الرعاية الصحية ويمثلون الجانب المتعلق بالإمداد.
جدول رقم 3
إطار مفاهیمى لتحليل تأثير التغطية الشاملة على استخدام، وتوفير خدمات الصحة الإنجابية
الخدمات الوقائية وتعزيز الصحة |
الخدمات العلاجية |
|
جانب الطلب |
* لا يوجد تأثير على الاستخدام بين المستهلكين غير الواعين بها. * تأثير إيجابي على المستهلكين ذوى الوعى المرتفع. |
* تأثير إيجابي مع ارتفاع وعى المستهلكين،والإحساس بالاحتياج. * تأثير ايجابي عند حل المعوقات المالية،خاصة بين من لم يكونوا مؤمنًا عليهم من قبل. |
جانب الإمداد |
* تأثير إيجابي على الوقاية من المشكلات الصحية فى حالة وجود تعاقدات لفترات طويلة من أجل تقليل الإنفاق العلاجي. * لا تأثير في حالة عدم وجود تعاقدات لفترات طويلة. |
* تأثير إيجابي على توفير الخدمة والاستجابة للتوقعات المشروعة إذا كان عدد الأفراد كاف،ووجود نمط مغرى لدفع رسوم مقابل الراعية ذات التكلفة المرتفعة. * تأثير سلبي على كفاية الخدمات،واستجابة ضعيفة للتوقعات المشروعة، خاصة مع مقدمي الخدمة غير الملتزمين. |
المشترى |
* تأثير إيجابي على الاستخدام والاستجابة والوقاية من المشكلات الصحية في حالة توفر قدرة جيدة على المتابعة والرقابة على تطبيق التعاقدات، والعكس صحيح. |
* تأثير إيجابي على الاستخدام والاستجابة في حالة توفر قدرة جيدة على التعامل مع الشكاوى وفرض جزاءات والعكس صحيح. |
– المكتب الوطنى للتأمين الصحى ويمثل الوسيط بين الطرفين، ودوره هو شراء الرعاية الصحية،ومتابعة النظام.
ويلعب وعى المستهلكين باستحقاقاتهم دورًا هامًا في استخدام الخدمات، خاصة تلك المتعلقة بالوقاية أو تعزيز الصحة. فهناك ميل من جانب المستفيدين لتجاهل الاحتياجات الوقائية مثل الفحص المبكر للسرطان، وفحص الثدي، وخدمات تنظيم الأسرة،بالمقارنة مع الخدمات ذات الطبيعة العلاجية مثل علاج التهابات الجهاز التناسلي، أو الرعاية لحالات الولادة الطارئة.
وهناك دافع لمقدمى الخدمة الصحية تحت نظام الدفع مقابل عدد الأفراد، خاصة عندما يكون التعاقد لفترات طويلة للاستثمار في الخدمات الوقائية للحفاظ على صحة المرضى وتقليل التكلفة على المدى البعيد وبرغم ما يوحى به هذا النظام، فإنه وحده لا يؤمن تقديم خدمات مناسبة : فهو يحتاج إلى متابعة قوية، وأن تقوم الهيئة التى تشترى الخدمات بإلزام الهيئات المتعاقدة على تطبيق التزاماتها. وعادة ما يكون هناك استجابة معقولة من جانب مقدمي الخدمة التنافس، لكن الاحتكار على المستوى الجغرافي لا يسمح بالتنافس، أو تحقيق الاستجابة بشكل جيد.
إن المكتب الوطنى للتأمين الصحى، وهو المشترى الوحيد للرعاية تحت نظام التغطية الشاملة،سيلعب دورًا تنظيميًا جديدًا ويتطلب قدرات تقنية لتصميم العقود. وتحديد حزم الخدمات ومراقبة تنفيذ التعاقدات. ولابد من وجود خطوط مرشدة بخصوص اتخاذ إجراءات فورية لتصحيح أى أداء سيئ من جانب الهيئات المتعاقدة على تقديم الخدمة وتجنب تردى نوعية الخدمات لتخفيض التكلفة، وعدم الاستجابة لتوقعات المرضى / المستخدمين. كما أن وجود آليات لضمان وصول صوت المرضى عبر التغذية المرتجعة.
وحيث أنه لا يتوفر دليل ملموس على تأثير التغطية الشاملة على خدمات الصحة الإنجابية،سنحيل إلى الخبرات من نظام الدفع مقابل عدد الأفراد في مشروع التأمين الاجتماعي. لقد أوضح هذا المشروع أن العاملين في المشروع كانت معرفتهم ضعيفة به : ١١% لم يمكنهم تسمية المستشفى المتعاقدة معهم، وأفاد غالبيتهم بأن صاحب العمل هو الذى اختار المستشفى المتعاقدة. وكان هناك التزام أقل فى استخدام المستشفى المتعاقدة في حالات المرض، وهو ما يعكس أن احتياجاتهم لم يتم الاستجابة لها : ٣٢% من حالات الدخول إلى المستشفى تمت فى مستشفيات أخرى غير تلك المتعاقد معها، وكان عليهم أن يدفعوا لها من ميزانياتهم الشخصية (19). لقد أوضح تقييم أولى لنظام التغطية الشاملة التزامًا منخفضًا مشابهًا في استخدام الرعاية الإسعافية (٥٩%) والدخول إلى المستشفيات (٦٩%) من جانب المستفيدين من التغطية الشاملة (٢٠).
إن مجموعات السكان التى لم يكن مؤمنًا عليها من قبل، وكذلك المستفيدين من مشروعي الرفاه العام والبطاقة الصحية الاختيارية لهم سمات مماثلة للمستفيدين من مشروع التأمين الاجتماعى من حيث الوضع الاقتصادى الاجتماعى؛ فهم أكثر فقرًا وأقل تعليمًا. ولدينا قلق من احتمال تأثير تلك المشكلات على استعمال الخدمات فى ظل نظام التغطية الشاملة،بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية كما يوضح المثال التالي:
قبل التغطية الشاملة، كانت الإدارة الصحية هي المسئولة عن شراء كل وسائل منع الحمل بالجملة. وكانت المنافذ الصحية تقدم لها حوافز لزيادة الطلب على الوسائل الدائمة ( تعقيم الرجال والنساء) والوسائل طويلة المدى ( المستزرعات الهرمونية كالنور بلانت). وفى الواقع لم تستطع الإدارة الصحية الاستمرار في الشراء بالجملة.
لم يكن هناك حدًا أقصى لعدد مرات الولادة التي يغطيها مشروعي الرفاه العام والبطاقة الصحية الاختيارية، أما تحت نظام التغطية الشاملة، فالحد الأقصى هو مرتين فقط. ورغم أن معدل الخصوبة الكلى فى عام ۲۰0۰ كان 1.9، فإن النساء اللاتي لديهن أكثر من طفلين قد يضرن من زاوية عدم إتاحة خدمات التوليد الأساسية. وقد يدفع ذلك إلى انخفاض أكثر لمعدل الخصوبة عبر الوقت، ولكن في هذا الوقت قد ينتهي الأمر بأن النساء الأفقر عليهن أن يدفعن من جيوبهن تكلفة الولادات التي تزيد عن طفلين.
ولم يكن رسم الثدي بالصبغة مدرجًا في حزمة المنافع لكل من مشروعي الرفاه العام والبطاقة الصحية الاختيارية. وقد أشارت دراسة تمت قبل التغطية الشاملة إلى أن نسبة النساء الفقيرات لم تتعد ١% ممن استخدمن المراكز العامة لرسم الثدي،واللاتي كانت غالبيتهن من المستفيدات من مشروع المنافع الطبية للعاملين المدنيين ويدفعن من جيوبهن تكلفة الخدمة (21). ولأن نظام التغطية الشاملة يغطى تكلفة الثدى، فمن المتوقع أن يكون هناك معدلات أكبر للفحص المبكر للثدي بشرط أن تعلم النساء بأن ذلك من حقهن.
بالنسبة لخدمات الرعاية الإنجابية العلاجية، يمكننا التنبؤ بقوائم انتظار طويلة لحالات الجراحة غير الطارئة مثل أورام الثدى الحميدة، وأورام الرحم خاصة في حال عدم تطبيق نظام صارم للمتابعة. ويمكن التعامل مع صورة ومعدلات الإحالة من المستويات الأدنى إلى المستويات الأعلى من المنافذ الصحية كمؤشرات هامة للمتابعة. وليس من المتوقع أن يحدث تأثير على خدمات العقم وفترة ما بعد انقطاع الدورة الشهرية، حيث لم تكن أي منهما مغطاة جيدًا بحزمة المنافع لا قبل ولا بعد نظام التغطية الشاملة.
لكن هناك ملاحظة أكثر إيجابية، ألا وهى أن الوصول لعلاج سرطانات الجهاز التناسلي سوف تحسن بشكل شديد تحت نظام التغطية الشاملة بالمقارنة مع مشروعي الرفاه العام والبطاقة الصحية الاختيارية،حيث لم يكن المشروعان يغطيان ذلك سوى بشكل جزئي،وكان تحمل المستفيدات لجزء كبير من التكلفة عاملاً مثبطًا للسعى للعلاج. ستكون هناك مشكلة ألا وهى أن العلاج تحت التغطية الشاملة مقصور على استخدام أنواع محددة من العلاج الكيماوي، حيث أن التكلفة الموحدة التي يمكن للهيئات المتعاقدة استعاضتها عن أى حالة مرضية تقتضي رعاية عالية التكلفة ، لا تتجاوز هي ٣٠،٠٠٠ باهت (۷۱5 دولار أمريكي بمعدلات ۲۰۰۲) سنويا(22). وقد اشتكى مقدمو الخدمة من هذه المعدلات غير الواقعية، وطالبوا بمرجعتها على وجه السرعة. وفي الحقيقة فإن هناك تباينات واسعة في طرق العلاج الكيماوي وتكلفتها وهو ما قد يساعد على خفض حجم هذه المشكلة.
مع وضع الإنجازات التي حققتها تايلاند عبر العقدين الماضيين في تقديم خدمات الصحة الإنجابية، فقد تساءلنا عن ما إذا كان الإصلاح الراهن سيتمكن من الحفاظ على واستمرار الخدمات الراهنة. ونعتقد من – تحليلنا – أن هناك معوقات وكذلك فرص أمام خدمات الصحة الإنجابية. إن أحد العناصر الأساسية للإصلاح كان إدخال نظام التعاقد على عدد الأفراد. نظريًا،واعتمادًا على الخبرة السابقة من نظام التأمين الاجتماعي فإن مزايا نظام التعاقد على عدد الأفراد هي احتواء التكلفة، والوقاية من المشكلات الصحية عندما تكون التعاقدات لفترات طويلة. سيكون مقدمو الخدمة الصحية أكثر استجابة للتوقعات المشروعة للمرضى / المستفيدين، حيث سيمكنهم الاختيار سنويًا من مقدمي الخدمة يفضلون التسجيل لديهم في ظل التنافس،على الأقل في المناطق الحضرية. وعندما تكون هناك إشارة إلى أن نظام التعاقد بعدد الأفراد بأن قد يؤدى إلى عدم تقديم خدمات كافية من أجل احتواء التكلفة، فإن ذلك يقتضى وجود قدرة تنظيمية عالية لمن يدفع ثمن الخدمة (المشترى). وتتحدد العواقب بالنسبة للخدمات الصحية والإنجابية بالطريقة التي سيتعامل بها البرنامج للتقليل من المعوقات،ومعاظمة المنافع.
وفي نفس الوقت، فإن دور الدولة يتغير،في الماضي لعبت وزارة الصحة العمومية دورًا مزدوجًا،كمقدم للخدمة الصحية ( حيث كانت غالبية المنافذ الصحية تحت سلطتها) وكمشترى للخدمة الصحية أيضًا (من خلال المخصصات التي تقدمها لشبكتها الواسعة من مقدمي الخدمة) ويقتضى الإصلاح أدورًا جديدة فوزارة الصحة العمومية ستستمر فقط في دور مقدم الخدمة، بينما سينفصل الكيان الجديد – المكتب الوطني للتأمين الصحى– عن الوزارة،ويلعب دور والممول. هذه الأدوار الجديدة تقتضى نموًا شديدًا في القدرات المؤسسية على تصميم وإنفاذ التعاقدات.
وللأسف فإن هذه القدرات المؤسسية ليست كافية بعد،بل إن الوظائف التنظيمية،والإشراف تعد من أضعف وظائف الدولة. إن وزارة الصحة العمومية،وبالتالى المكتب الوطنى للتأمين الصحى ليس لديهما وهناك خبرة في تصميم التعاقدات،وإدارتها(23).وهناك احتياج لتعريف واضح فى مجال حزم المنافع من حيث غاياتها وأهدافها العملي، كيف يمكن متابعة المؤشرات. وما هي المكافآت والعقوبات التى سيتم اللجوء إليها. وتتضمن الأنشطة المخطط لها، تقييم المؤسسات الطبية لضمان جودة الخدمات وتطوير خطوط مرشدة للممارسة الإكلينيكية، ونظام للمراقبة، وإجراءات لتلقي الشكاوى والتظلمات.
هل هناك سوق تنافسي ؟ فى المناطق الحضرية يتنافس العديد من مقدمي الخدمة في القطاع الخاص والعام، موفرين اختيارات متنوعة للمستفيدين من نظام التغطية الشاملة. أما فى المناطق الريفية فإن مقدم الخدمة الوحيد هى المراكز الصحية في المناطق، وليس هناك اختيار بديل أمام المستفيدين،أو مشترى الخدمة والعلاقة التعاقدية بين المكتب الوطني للتأمين الصحى والمراكز الصحية الريفية ينبغى أن تبنى على الثقة والارتباط الإيجابي، حيث لا سبيل للفكاك من هذه العلاقة. ومن حسن الحظ أن طبيعة المراكز الصحية الريفية لا تهدف للربح، ولها خلفية من الصحة العامة وتقوم على فلسفة العمل الخيري، وليس دوافع معاكسة لتقديم خدمات غير مناسبة،وهو ما يمهد الطريق لتحقيق أهداف الصحة العامة والصحة الإنجابية.
وطالما استمر ذلك الاحتكار الجغرافي فسيكون التعاقد مدى الحياة، وسيكون لدى المراكز الصحية الريفية دوافع للاستثمار فى الوقاية من المشكلات الصحية، لتقلل من الإنفاق على الجانب العلاجي فى المستقبل. وحيث أن ٧٥% من السكان يعيشون في المناطق الريفية، نتوقع أن تستثمر المراكز الصحية الريفية أكثر على الوقاية الأولية من الأمراض،وتنشط في تعزيز الصحة، وتطوير نظام مقدمي الخدمة الصحية الأساسية في المجتمع، وأن يؤدى ذلك في نهاية الأمر إلى دفعة قوية لأداء النظام الصحي.
لقد حل النظام المالى الجديد حيث “تتبع النقود المرضى” ، محل الآليات القديمة حيث التزايد المستمر لتكلفة الإمداد. وتؤدى الآليات الجديدة إلى تمكين المستفيدين / المرضى، وقدرتهم على الاختيار،وتمكن مقدمي الخدمة من الاستجابة لمطالب المستفيدين / المرضى المشروعة. إن تغيير علاقات القوى بين المستخدمين ومقدمي الخدمة يمثل فرصة هامة لتطوير نظام صحي حساس لمطالب المستفيدين / المرضى، يقوم على المشاركة، ومستدام. ويمكن للمجتمع المدنى، وجماعات المستهلكين والمنظمات غير الحكومية ، والإعلام لعب دور محفز وتمكيني هام.
وتوضح دراسة عن عبء المرض في تايلاند (٢٤) وجود عبء مرتفع لفيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز %۱% للرجال و11% للنساء من إجمالي العبء المقدر وفقًا لمقياس دالي ۱۹۹۹. وهذا يدفعنا إلى بذل مزيد من الجهد في مجال التثقيف الجنسي والصحة الإنجابية للمراهقين، والتعامل مع حالات الأمراض المنقولة جنسيًا بما فيها فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز. إننا نحتاج إلى مزيد من البراهين بخصوص كيفية تصميم برامج تدخلات فعالة خاصة في مجال الوقاية الأساسية من فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز. نحتاج إلى البرهنة على ما هي التدخلات التي تتميز بالفعالية مقابل التكلفة التي ينبغى إدراجها في حزمة المنافع التى تغطى خدمات فترة ما بعد انقطاع الدورة الشهرية والعقم، والتي ليست مدرجة حاليًا في نظام التغطية الشاملة. وهناك احتياج لمعدل أعلى من الاكتشاف المبكر لكل من سرطاني الثدي وعنق الرحم عبر إتاحة خدمات الفحص المبكر بشكل كاف خاصة للسكان الأكثر تعرضًا لخطرهما.
وقبل كل شئ،هناك احتياج للبحوث في مجال البرهنة على التدخلات التى تتميز بالفعالية مقابل التكلفة لكل خدمات الصحة الإنجابية لتضمينها في حزمة المنافع. كم ينبغى أن يشدد البرنامج أكثر على التثقيف الصحى، والصحة الإنجابية للمراهقين،والتهابات الجهاز التناسلي، بما فيها فيروس نقص المناعة المكتسب / الإيدز. كما أن البحوث العملياتية لدراسة تأثير الرسوم مقابل الخدمة، ودفع مبالغ إضافية لخدمات الصحة الإنجابية، ستجعلنا أكثر تبصرًا فيما يتعلق بمستقبل آليات الدفع الأفضل من أجل تحقيق هدف الصحة الإنجابية للجميع في تايلاند.
نوجه شكرنا العميق إلى برنامج الباحثين فى السياسات والنظم الصحية فى مهد بحوث النظم الصحية، وصندوق البحث في تايلاند.
*Viroj Tangcharoensathien, Spipen Tantivrss, Yot Teerawattananon, Nanta Auamkul, Pongpisut Jongudoumsuk
برنامج سياسة الصحة الدولية, وزارة الصحة العمومية تايلاند
1-Tnagcharoensathien V , Pitayarangsarit S , Srithamrongswat S. In : Thammathataree J , editor . Health Insurance Systems in Thailand . Bangkok : Desire Publisher , 2001. p . 32-46 .
2-Miller B. Health sector reform : scourge or salvation for TB control in developing countries ? ( Editorial ) International Journal of Tuberculosis and Lung Diseas . 2000 ; 4 : 593-94
3-Barise E.Tuberculosis in times of health sector reform [ editorial ] International Jouurnal of Tuberculosis and Lung Disease 2000 ; 4 : 595-96 .
4-Ramio Ls , Castillo FA , Tan – Torres T et al . Community participation in local health boards in a decentralized setting : case from the philippines . Health Policy and planning 2001 ; 16 : 61-69 .
5-Kaufman J , Fang J. Health privatization and reproductive health of rural Chinese Women . Reproductive Health Matters 2002 ; 10 ( 20 ) : 108-116 .
6-Wibulpolprasert S.Health system in Thailand . In : Thammathataree J , editor , Health Insurance System in Thailand . Bangkok : Desire Publisher , 2001.P.3-31 .
7-Organization for Economic Cooperation and Development . The Reform in Seven OECD Countries .
Paris : OECD , 1994 .
8-Tangcharoensathien V , Teerawattananon Y , Prakongsai P. Budget for universal health care coverage : how was the 1,202 Baht capitation rate derived ? Journal of Health Sciences 2001 ; 10 ( 3 ) : 381-90 .
9-World Bank . Thailand ‘ Response to AIDS : Building on Success , Conferting the Future . Bangkok : Alphagraphics , 2000 .
10-Department of Health . The Evaluation of Health Promotion Program in the 8 th National Five – Year Health Development Plan . Nonthaburi : ministry of Public of Health Thailand , 2001 .
11-Worakamin S. Reproductive Health in Thailand : An Overview . Nonthaburi : Department of Health , Ministry of Public Health Thailand , 2002 .
12-Worakmin S , Boonthai N. Induced Abortion : Nation- Wide Survey in Thailand . Nonthaburi : Department of Health , Ministry of Public Health Thailand , 1999 .
13-Tangcharoenathien V , Harnvoravongchai P , Pitayarangsarit S et al . Health impact of rapid economic changes in Thailand.Social Science and Medecine 2000 ; 51 : 789-807 .
14-Teerawattananon Y , Tangcharoensathien V , Kanshana S et al . Cost Effectiveness Analysis on Prevention of Mother – to- Child HIV Transmission in Northeastern and Upper – Northen part of Thailand .Nonthaburi : Department of Health , Ministry of Public Health Thailand , 2002 .
15-Department of Health . Preliminary report to hospitals survey of impact of Universal Coverage on family planning program . Nonthaburi : Ministry of Public Health Thailand , 2002 .
16-World Health Organization . World Health Report 2000 , Health Systems : Improving Performance . Geneva : WHO , 2000 .
17-Tangcharoensathien V , Lertiendumrong J , Saranasataporn S. The reform of Civil Servant Medical Benefit Scheme , Phase ( 1997-1998 ) .Nonthaburi : Health Systems Research Institute , 1998 .
18-Mills A , Bennett S , Siriwanarangsun P et al . The response of providers to capitation payment : a case -study from Thailand . Health Policy 2000 ; 51 ( 3 ) : 163-80 .
19-Tangcharoensathien V , Kamonratanakul P , Supachutikul A et al . Health seeking behavior of the insured workers in Samut Prakan in 1992. Health Insurance Monograph Series No.6 . Nonthaburi : Ministry of Public Health Thailand , 1993 .
20-Pannarunothai S , Patmasiriwat D , Kongsawatt S et al . Sustainable Universal Health Coverage : Household Met Need . Research project funded by JICA and Health Systems Research Institute , 2002 .
21-Jindawattana W , Harnvoravongchai P , Tangcharoensathien V. High cost medical devices in Thailand : diffusion , utilization and access . Journal of Health Sciences 2001 ; 10 ( 2 ) : 242-52 .
22-Ministry of Public Health . The Guideline for Universal Health care Coverage in Transilation Phase . Nonthaburi : Ministry of Public Health Thailand 2001 .
23-Mills A. Current policy issues in health care reform from an International perspective : the battle between bureaucrats and marketers . Paper presented at Health care Reforms : At the Frontier of Research and Policy Decisions , Nakhon Ratchasima , 22-24 January 1996 .
24-Thai Working Group on Burden of Diseases and Injuries in Thailand , Priority Setting for Policy . Nonthaburi : Ministry of Public Health Thailand , 2002 .
25-Tangcharoensathien V. Universal Health Care Coverage ( 30 Bath Scheme ) : The Recent Movement in Thailand . Nonthaburi : International Health Policy Program Thailand , 2002 .