الجزء الأول من السنة الأولى
فی ۲۰ نوفمبر سنة ١٨٩٢
موافق 1 جماد أول سنة ١٣١٠
يا ربة العلــــم بـل يـا ربـة الكرم ……غضي لحاظك عما خطه قلمـي
تصفحيه بحسن الود منعمـة ……هذي فتاتك بين العرب كالعلـم
ايضاح والتماس واستسماح
سیداتی
إن مبدع العالم ومدبر الكائنات قد أوجد العناصر وأودعها من خصائص الفعل والانفعال والتجاذب والتدافع والتواصل والتفـادق، وميز كلاً منها بخواص مختلفة وأوضاع شتى، على وجه غريب ونمط عجيب ثم ألف منها عالمًا كبيرًا مركبًا من شموس وأقمار وكواكب ونجوم لا تعد ولا تحصى، وخلق الأرض ذات نباتات متشابهة وغير متشابهة وحيوانات متشاكلة وغير متشاكلة على أتم نظام وأحكم ترتيب، وصيرها مهد الإنسان وكرسى مجده وقاعدة سلطانه، وأخصـه بصفات فاضلة وميَّزه بقوة كاملة عاقلة، وجعله ذكرًا وأنثى للنمو والارتقاء.
وقد ميَّز الرجل عن المرأة بشدة البأس والنشاط والإقدام، والمرأة عن الرجل برقة الطبع وحنو القلب وعذوبة المنطق. وألف بينهما بالجذبة الطبيعية والمحبة الغريزية؛ ليستعين كل منهما بالآخر لاكتساب المال وإدارة البيت وتربية الأولاد ومهام الأعمال وفتح لهما أبواب البحث عن أسرار الطبيعة وسرائر الكون، وجعل سعادة الأول مرتبطة بسعادة الثاني.
ولما نهضت المرأة من وراء الحجاب متحلية بقلائد الفضل والآداب رآها الرجل، فإذا هي ملاك بثوب إنسان، فيتجلى إقنوم جمالها الباهر بسني اللطائف وأشعة العرفان فقال تبارك من ألبسها حبرًا سماوية وجعلها مصباحًا ساطعًا في الهيئة الاجتماعية.
ومن التاريخ نعلم كم من خدر برز منه أسدُ فاتك، وكم من بنانٍ مخضب استلم زمام الممالك! وذات وشمٍ اخجله وشمها في الصفاح وغوال يغاليها مسك مدادها الفوَّاح.
وكم من ابنة علمها الغنى وأدبها الفقر، فأصبحت ربة الخدر وولية الأمر وكم من امرأة نبغت في العقل والكمال ولم يتعلق بفضلها فضل الرجال، وكم وكم من باسلة کجان دارك وفيلسوفة كهيباتيا وشاعرة كالخنساء بل كم ألوف من النساء اللواتي قد جعلن العقل أميرهن والاجتهاد ظهيرهـن والتقوى قائدهن والعفاف رائدهن والتأمل جليسهن إلى غير ذلك ممن أبرزن جـواهر عقولهن المكنونة ظاهرة للأحداق وابنَّ من قوى نطقهن ما ينطق بتسبيح الواهب الخلاق.
وحسبنا شاهداً، صحايفهن التي تنوب عن الصفايح وخطبهن التي تزف إلى الأسماع أبهى عرائس القرايح حتى إذا نظمن شنفن الآذان درًا، وإن نثرن نفثنَ في عقد الألباب سحرًا.
فلا غروَ، إذا ظهرت الفتاة بحلة العصر، وهي تتفيئ بظل ظليل اللواء الحميدي لواء سيدنا السلطان عبد الحمید خان الغازي أيد الله ملكه مدى الدوران.
وبظهورها في السنة الأولى من تولي سمـو خديونا المعظم «عباس حلمي الثاني» الأريكة الخديوية، وهو فتى في زهرة الشباب وقد فاق الراشدين حلمًّا والشيوخ حكمةً وعقلاً برهان على مستقبل نجاحها إن شاء الله.
وتتيه عجبًا وافتخارًا لوجودها في أرض مصر، وهي الأرض التي كانت بها المرأة المصرية (زمن الفراعنة) بمدة ٢٠٠٠سنة تجر أذيال اللطف والآداب وتتيه، بأنواع المفاخر والكمال بما لم تصل إليه حتى الآن امرأة من نساء الغرب.
والفتاة هي جريدة علمية تاريخية أدبية فكاهية مختصة في جنسها، مبتكرة تحت سماء الشرق بموضوعها لا غرض لها في الأمور السياسية، ولا منزعَ فيها إلى غاية لها البحث في مواضيع لا فائدة منها للنساء، ولا مطمع لها في المناظرات إلاَّ ما كان في أدب الهيفاء ومحاسن الحسناء.
وهي لم تنشأ إلا لتكون مرآة تجلو محاسن الحسناء وتظهر جمال الغيداء، وتزين صفحاتها بما يصل إليها من درر أقلام الفـاضـلات ونفايس أفكار الأديبات في المواضيع العلمية والفصول التاريخية والمناظرات الأدبية والشذرات الفكاهية، فإن مبدأها الوحيد الدفاع عن الحق المسلوب والاستلفات إلى الواجب المطلوب.
وسنتذكر على التتابع بعددٍ بعد آخر حالة المرأة ومركزها الطبيعي في الأزمنة الغابرة والقرون المتوسطة، وما وصلت إليه في هذا العصر عصر التمدن والآداب سواءُ كان في العلم والآداب أو في الطباع والأخلاق أو بالملابس والأزياء أو بالتربية وحسن الإدارة أو بكل ما هو لازم لها من الخياطة والتطريز والتـخـريم والنقش والرسم والتصوير وكافة أشغال الأبرة مع ترتيب المنزل وتربية الأولاد، ممثلة لقرائها الكرام ما كان من فضائل ربات الخدور ومآثر ذوات القناع من كل مأثرة تذكر وفضيلة تشكر راجية من سادات الفضل والعلم إغماض الجفن عن هفواتها، فما هي إلا نقطة من بحر آدابهم الذاخر، وزهرة من رياض فضلهم العاطر، ملتمسة من الخواتين الفـاضـلات والسيدات الأديبات أن يعتبرن “الفتاة” جريدتهن الوحيدة في الشرق، فهي تعرب عن أفكارهن، وتبث مكنونات صدورهن، وتدافع عن حقوقهن، وتبحث عن آدابهن وعلومهن وتفتخر بنشر معارفهن وصنايعهن ومحاسن أعمالهن، وأن لا يتوهمن بأن مكاتبة الجرائد يحط في مقام العفاف أو يمس الطهر والآداب. كلا فإن أعظم نساء الإفرنج علمًا وأدبًا وأرفعهن حسبًا ونسبًا من محررات بعض الجرايد.
وقد ورد في جرايدهن وذكرته اللطائف وغيرها بأن مسس كارفور تكاتب جريدة الدالي نيوز في مدينة باريس، وهي تعد من أشهر مكاتبي الجرائد ومسس لسلي محررة جريدة ولسلي المصورة بمدينة نيويورك هي التي أوجدت هذه الجريدة من أغنى جرائد الأرض ولقيت بعد ذلك بسلطانة الجرائد، ومسس كتلي تحرر جريدة بلفورد وتربح منها في كل عام مبلغًا عظيمًا، وفي بلاد الإنكليز جرائد عديدة تحررها النساء کلادی دفرن ولادی رای ولادی کـویـنـمـار وغيرهن، ومن أعظم هاته الجرائد جريدة امبراطورة الهند وجريدة البال مال الشهيرة التي تستخدم من النساء أكثر من كل جريدة إنكليزية وأكثر الجرائد الشهيرة كالدالي نيوز وأخبار لندن المصورة والدالي تلغراف يحررن النساء جانبًا عظيمًا منها.
وللنساء في فرنسا جرائد عديدة يومية وأسبوعية وشهرية كجريدة التربية الجيدة، وجوائز الأزياء، ومدرسة النساء، والتأنق الباريزي، والمرأة بجانب الكانون، والمثال، وحياة العامة، والتخيل، وفرنسا العايقة، وجريدة البنات، وباعة الأزياء، الذي الحاضر، والزي الصناعي، والزي اللطيف، والزي للجميع، وواجبات البنات والنساء وإبليس الورد، وحقوق النساء، ومدرسة النساء، وربط الرأس، فضلاً عن الجرائد التي تطبع في بوهيميا وفينا وبروسل وبرلين ورومية وعن انكلترة ونيويورك حدث ولا حرج وكلها تصدر منمقة بأقلامهنَّ وبإدارتهن.
ومكاتبة جريدة كرى الفرنساوية هي “مدام سفارينا” وكل عدد فيه مقالة لها وتطبع خمسة آلاف نسخة فوق العادة، وهي تكاتب جريدتي الغلوا وجلبلاس.
وفضلاً عمن ذكر، فكثيراً ما يرى من بنات البيوتات الملكية يكاتين الجرائد کالبرنسس كريستيان لويزا، والبرنسس بياتريس ودوكة رتلد ودوكة ملبرو وكونتة فرتلند وكـونتـة بـرتـسـمـوث وغيرهنَّ من بنات الشرف والمجـد، حتى إن بعضهن يكتبن في مواضيع زراعية لا يظن أنهن يكتبن فيها.
وقد قرأنا أيضًا في جريدة لسان الحال وغيرها، نقلاً عن جرائد فرنسا بأن في البلاد الفرنساوية ٢١٣٣ من النساء يشتغلنَّ بالكتابة والتأليف منهنَّ ١٢١١ يؤلفن الروايات المعروفة بالرومان، و٢۱۷ يؤلفن الكتب العلمية للتدريس، و٢٨٠ ينظمنَ القصائد والأشعار، و٤٢٥ يشتغلنَ بإنشاء مقالات وفصول متنوعة البحث والموضوع وبین ۲۱۳۳ يوجد ۱۲۱۹ منهن أعضاء في جمعيات الآداب اللغوية، و٣٢ من مؤلفات الروايات التمثيلية، أما اللواتي يكتبنَّ في الجرائد فعددهن ٢٣٧ سيدة وجميعهنَّ كاتبات بارعات.
ولم نقصد بهذا الإلماع أن تجعل الفتاة من مصاف هذه الجرائد الطايرة الصيت علماً وأدباً ومركزاً وأهلية بل كان الاستطراد لذكرنا البعض منهنَّ على وجه نحيط به القراء، علمًا بأن الفتاة بمعاضدة ربات الفضل ومؤازرة ذوى الآداب ستشب بإذن الله على سنن الارتقاء وكل آتٍ قريب.
كيف لا ولها في حضرة صاحبة العصمة والدولة، مولاتي والدة الجناب العالي من واسع الحلم وعظيم الفضل ما يجبرنا أن نرفع لمقامها الشريف فتاة العصر في مصر مفتخرة بنشر مآثرها وتخليد فضائلها، بما لا يبقى ذكرًا لسميراميس ولا خبرًا لبلقيس، أدامها الله مع كريمتيها ذوات العصمة والعفاف شمسًا في سماء المجد يحيطهن أقمار بدور العائلة العلوية. حفظهن الله ما هبت في فلك السعادة نسيمات الأسحار، وما غردت في رياض الفضل بلابل الأطيار.
“هند“
هي فيكتوريا الكسندرينا ملكة المملكة المتحدة في بريطانيا العظمى وأرلندا، ومن مهاجريها وملحقاتها في أوروبا وآسيا وأفريقيا والأوقيانوس، ومحامية الدين والإيمان وإمبراطورة الهند.
ولدت في ٢٤ أيار سنة ١٨١٩، وهي ابنة البرنس إدوارد دوق دی کانست الابن الرابع للملك جورج الثالث من امرأته البرنسس ماريا لويزا فيكتوريا «المولودة في 17 آب سنة 1791 والمتوفية في 16 سنة 1861 ابنة فرانسو دوق دي ساكس»، وخلفت عمها الملك وليم الرابع في 30 حزيران سنة ١٨٣٧، وتتوجت في 8 حزيران سنة ١٨٣٨ وتزوجت في 7 شباط سنة ١٨٤٠ بفرانسوا ألبرت أوغسطوس دوق دی ساکس وبرنس دی ساکس – كبورج – وكوتا – (المولود في ٢٦ آب سنة 1819″ ودخل في سلك أبناء وطنها (بريطانيا) بموجب حجة أو سند في ٣٤ك 1 سنة ١٨٤٠ وبرنس رفيق (كونسور) من ٢٥ حزيران سنة ١٨٥٧، وترملت في 14 ك 1سنة 1861 ولها منه تسع أولادهم.
1. البرنسس فيكتوريا أدلايد برنسس رويال ودوقة ساقس ولدت في 24 ت 2 سنة ١٨٤٠.
٢. البرنس رويال ألبرت إدوارد برنس دى غال ودوق دى ساكس ودوق كورنوال….إلخ
مولود في ٩ ت 2 سنة ١٨١٤.
3. البرنسس السيس ماتيلدا دوق ساكس ولدت في ٢٥ نيسان سنة ١٨٤٧.
4. البرنس الفردارنست دوق أبدنبورج ودوق ساكس ولد في 6 آب سنة ١٨٤٤.
5. البرنسيس هيلانه أوغسطا دوقة ساكس ولدت في ٢٥ آيار سنة ١٨٤٦.
6. البرنسس كارولينا دوقة ساكس ولدت في ۱۸ آذار سنة ١٨٤٨.
7. البرنس أرشير غليوم دوق ساكس ودوق كولوكت ولد في 1آيار سنة 1850.
8. البرنس ليو بولدو چورچ دوق ساكس ولد في 7 نيسان سنة ١٨٥٢
9. البرنسس بیاتریس ماری دوقة ساكس ولدت في ١٤ نيسان سنة ١٨٥٧.
«البقية تأتي»
البارونة بُردت كُونس
على قدر أهل العزم تأتي العزِائمُ …… وتأتي على قدر الكرام المكـارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها …… وتصغر في عين العظيم العظائمٌ
هي السيدة “انجلا چيورچينا” ابنة سر فرنسيس بُردت ولدت في ١٤ نيسان سنة ۱۸۱۳، وقد اشتهرت بالغني العظيم والكرم العميم، وجعلت دأبها مساعدة المحتاجين بسخاء لم يباريها به ملك أو أمير في أوربا، ولم تبرح تنفق كنوزها في تشييد المعابد وإنشاء المدارس وبناء دور للفقراء وغير ذلك من الأعمال الخيرية، ولإحاطة فريق الآداب علمًا نظهر ما بدا من المكارم والإحسان وعمل الخير من سيدة صالحة نبيلة رقت أوج المعالي بالقدر الخطير، وملأ صيت مكارمها كل صقع تحت الرقيع وعظم شأنها الرفيع والوضيع. أما غناها الوافر فقد ورثتهُ من الدوقة سنت ألبان سنة ١٨٣٧، فخلفت لها الدوقة المشار إليها عشرة آلاف ليرة مجعولاً سنويًا مع مدخول آجار دار واسعة رحبة في طريق ستارتن وأخرى بطريق بيكاديللي وأخرى بهای کت بلندن مع عقارات أخرى تقتصر على ذكرها، وكانت في عهد شبابها تخطر في حلل ثمينة وتلبس أفخر الملابس. وقد روى الشاعر مور الإنكليزي في كتاب الأيام أنه اجتمع مرةً بالبارونة انجلا كوتس في مأدبة رقص اتخذتها لها جلالة ملكة الإنكليز قال: «وكانت أنجلا في عز شبابها وعليها من الملبوس الفاخر ما يحير عقل كل شاعر، فصممتُ على أن أعودها في الغد لأتملى بمشاهدتها، فقصدتها صبيحة النهار المقبل، وإذا هي جالسة وبين يديها البدلة ترتق ما عرض لها من الفتق اليسير ليلة الرقص، فالتفتت إلىَّ وقالت: هل لك في أن تتفحص هذا الثوب على ضوء النهار، فقلت أجل فصعدت بي إلى غرفة في أعلى الدار, وأرتني ديباج الثوب وما عليه من النقش والتطريز وغير ذلك. فملأ عيني حسنةُ وفصالهٌ فاستخيرتها عن قيمة البدلة بتمامها، فأجابت بحشمتها المعهودة أظن بأن قيمتها مئة ألف ليرة إنكليزية“.
أما الآن، فقد صرفت البارونة كوتس كل عنايتها واهتمامها إلى مساعدة الفقراء والبائسين وعمل الخير والإحسان مع كل إنسان من دون التفات إلى جنيسته أو عقيدته فكأنها قد شعرت منذ البدء بأن العناية قد رزقتها كنوز الخيرات بسعة لتوسع على المتضايقين وتسد عوذ المعتوزين، وتنفق خيرات الله في سبيل الله، ولما كانت مكارمها واسعة اقتصرنا على ذكر ما جلًّ منها، ففي سنة ١٨٤١ ابتاعت البارونة قطعة أرض بعطفة روجستر بلندن، وأشادت فيها معبدًا جميلاً ثم أمرت ببناء مدارس ودور للفقراء بجوار المعبد، وعينت لنفقة المعبد والمدارس قسمًا من مالها، وكان في تلك المدارس نحو ٥٠٠ من أولاد وبنات الفقراء يتعلمون القراءة والكتابة وباقي الفنون الرياضية في ظل مكارم هذه السيدة الفاضلة. وكان الدوق أف ويلنكتين (وهو البطل الذي قهر نابليون الأول في موقعة وطَرلو) خلاً صفياً للبارونة، فوهب المعبد الذي أشادته هدية نفيسة، وفي سنة ١٨٤٧ تكرمت البارونة كوتس بمبلغ من الدراهم لإنشاء أسقفية بمدينة الرجا الصالح بأفريقية الجنوبية وفي أثناء السنة المذكورة تبرعت بمبلغ آخر من النقود الوافرة لإنشاء أسقفية جديدة في أوستراليا الجنوبية، وفي سنة 1858 أنشأت معبداً آخر في كلمبية نفقت عليه من مالها مبلغ ٢٥٠٠٠ ليرة إنكليزية، وفي سنة ١٨٥٤ حضرت فحص دروس بنات الفقراء في حصة جلسي بلندن، وتكرمت على كل ابنة نبغت وأحسنت برد الأجوبة بمبلغ 50 ليره لنباهتها وحسن تصرفها. وفي سنة 1858 أنشأت منزلاً رحبًا جميل البناء أشبه بسراى ملوكية في حصة بثنال كرين بلندن لمأوى بنات الفقراء، وفيه قاعات فسيحة وحمامات وجنائن وغير ذلك من المنتزهات تسكنه 150 ابنة يشتغلن بالخياطة، ونفقة معاشهن وكسوتهن كانت من مكارم هذه البارونة السخية. وفي سنة 1869 أنشأت سوقاً شهيرة للفقرا في حصة بثنال كرين نفقت على بنائها مبلغ ٢٥٠٠٠ ليرة إنكليزية، وفرضت لها سنًة يستسًن بها أهل الباعة، ويلزمون نفوسهم ببيع مقتضيات المعاش والكسوه للفقرا بأسعار متهاودة، وفي سنة 1864 أنشأت معبدًا في كاريل، ووضعت حجر أساسه الأول بيدها، وأنفقت على بنائيه مبلغ 6000 ليرة. ثم أنشأت منزلاً رحبًا في حصة شيردبُش بلندن لإصلاح شأن النسا اللاتي يتبن إلى الله عن سيئاتهن، وفي سنة ١٨٧٦ تبرعت بمبلغ وافر من الدراهم لإسعاف المصابين في البلغار وفي سنة ١٨٧٧ تكرمت بمبلغ ألف ليرة لإمداد أهل القرى المصابين بغـائلة الحرب العثمانية، ولم تقتصر شفقتها الوالدية على البشر بل قد صرفت همتها إلى مساعدة الحيوانات أيضًا، فقد أنفقت مبلغًا وافرًا من الدراهم لمساعدة أعضاء الجمعية المشكلة بلندن لمنع الأذى عن البـهـايم والقيام بأود مـعـاشـهـا. جزاها الله خيرًا عن مساعيها الحميدة، وأكثر من أمثالها، فإنها نموذج صالحُ حرى بأن يقتدى به أصحاب الثروة واليسار.
خسرت ربَّات الأقلام امـرأة تعد في المقام الأول بينهنَّ، بل بين أرباب الأقلام ورجال الأعمال وهي السيدة «ماريا مورغان» الفارسة الأميركية لمشهورة.
ولدت في جنوبي أيرلندا سنة ١٨٢٨ من أبوين من ذوى المقامات الرفيعة، وربيت على ظهور الصافنات الجياد منذ نعومة أظفارها، فلم تناهز العاشرة حتى صارت تسابق الفرسان وتكسب الرهان. ثم توفى أبوها، فانتقلت أملاكه كلها إلى بكره بحسب شريعة البلاد، فاضطرت أن تسعى لنفسها في طلب رزقها. وكان لها أخت أصغر منها تعلمت فنَّ التصوير، وأرادت أن تتقنه في مدينة رومية أم المصورين ومرضعتهم، فذهبتا إليها سويةً وتعرفت هنالك بهريت هوسمر النحَّات الأميركي، وكان نزيلاً في رومية وعنده كثير من جياد الخيل، فجعلت تركبها وتروَّضها حتى ذاع صيتها في بلاد إيطاليا. ولما مضى عليها سنتان في رومية قصدت مدينة فلورنسا، وكانت كرسي ملوك إيطاليا فدعاها الملك فكتور عمانوئيل إليه ورحَّب بها وأجلسها بجانبه، وجعل يحدثها بأمر الخيل فرآها من أعرف الناس بها فأقامها مديرة على الاسطبلات الملكية، وبقيت في هذا المنصب العالي سنين كثيرة. وكانت تذهب إلى إنكلترا وأرلندا من وقت إلى آخر لتبتاع له الجياد، وأهداها نجمًا من الماس وساعة من الذهب عليها اسمه بحجارة ماس لما رأه فيها من الهمة والاجتهاد.
وسنة 1869 قصدت الولايات المتحدة الأميركية ومعها مكاتيب التوصية من سفير الولايات المتحدة في إيطاليا إلى رجل من أخصائه، فوجدت أن الرجل قد مات فجأة قبل وصولها، فأسقط في يدها ولم تعلم ماذا تعمل، وعرض عليها مدير جريدة التيمس التي تطبع في مدينة نيويورك أن تنشئ له ما يكتب في جريدته عن الخيول وأخبارها، فترددت في قبول ذلك ولما لم تجد عملاً آخر يقوم بمعيشتها قبلته، وجعلت تتردد على أسواق الخيل وميادينها وتكتب فيها الفصول الضافية، وتصدًّت لها بقية الجرائد في أول الأمر وسلقتها بألسنة حداد، ولكنها عادت فأثنت عليها بما هي أهلهُ لما رأت من بلاغة إنشائها وسمو مداركها ولين عريكتها وواسع خبرتها، وأقامت في هذا المنصب أكثر من عشرين سنة، وكانت تكاتب كثيرًا من الجرائد العلمية والأدبية واشتهرت ببلاغة الإنشاء وقوة الحجة، وكانت ثقة قومها في معرفة الخيول، وزارت أوربا مرارًا عديدة واختها المصورة برفقتها. ومنذ عهد غير بعيد أخذت تبنى دارًا كبيرة وكانت تدفع نفقات البناء من المال الذي أحرزته بقلمها وأختها تعتنى بنقش الدار وتزويقها، ولكن عاجلتها المنية قبل أن تسكنها وهي في الرابعة والستين من عمرها، وقد كتبت بقلمها على جبين الدهر «ليس دون الرجال النساء“
(المقتطف)
أدلينا باتی
هي أدلينا عقيلة باتي ولدت من أبوين إيطاليانيين من الطائفة الإسرائيلية في مدينة مدريد الأسبانيولية في سنة ١٨٤٣، وقبل أن تجاوز سن الثامنة عشرة من العمر اشتهرت بين مصاف المغنيات حتى نالت المرتبة الأولى بينهنَّ، وقد بلغ إيرادها بمدة ٢٥سنة مليونين ونصف ليرة إنكليزية، وبلغ قيمة المجوهرات والهدايا من الملكات والأمراء بقيمة 40 ألف ليرة إنكليزية، وكانت أجرتها في كل ليلة 400ليرة إنكليزية وعندما طلبت إلى بطرسبرج طلبت في كل ليلة ٨٠٠ليرة إنكليرية، وكان لها ذلك، وبعده كان دخلها في كل ليلة من مراسح باريس عشرة آلاف ليرة. ولما رأت وصيفاتها بالغنا قد وضعن على مثل هذه القيمة رفعت أسعار غنائها عن كل ليلة 15 ليرة إنكليزية، وكان لها ذلك، وقد شخصت في نيويورك ثلاث ليالٍ وفي كل ليلة كان دخلها 75 ألف ريال أميريكاني، وعندما أرادت السفر من أميركا أقبل لوداعها ثلاثة آلاف من النسا, وقد كتب على مروحتها المصنوعة من جلد نحيف محلى بالذهب ما يأتي:
امبراطور روسيا «لا أطرب من غناك»
وكتب امبراطور ألمانيا «إلى بلبل الأفراح في جميع الأوقات“
وكتبت الملكة كريستين ملكة أسبانيا «بالأسبانية ملكة تفتخر بأن تحسبها بين عدد رعاياها»
وكتبت الملكة فكتوريا «وإذا صح ما ذكر من أن الصوت الحسن هو منحة ثمينة للمرأة فإنك يا عزيزتي أدلينا من أغنى النساء»
ورسمت ملكة بلجيكا بيدها على المروحة صورة البليل.
وكتب عليها تيرس رئيس جمهورية فرنسا «يا ملكة الغناء إنى أصافحكِ»
وقد وصت مدام بانی وصايتها قبل موتها بما يأتي:
أولاً: أن يقام على ضـريحهـا قفص دائم يكون ضمنه من الطيور المغردة عدد عظيم وأكثرها من البلابل، وعينت في وصايتها مبلغ ٢٠ ألف فرنك سنوى تعطى لحارس الضريح المكلف بإنشاء القفص والمحافظة على طيوره. وبالأعداد الآتية إن شاء الله سنذكر جميلة المدنية وعقيلة العقيقية وخليدة وربيحة وغيرهن ممن كن أعلم خلق بالغناء مع راحيل وساره وغيرهما من مشاهير الشخصيات.
التطريز والتخريم
للسيدة الأنسة (س.ن)
التطريز هو شغل تتخذ فيه خيوط من ذهب أو فضة أو حرير أو نحو ذلك تنسج بالإبرة على جوخ أو موصلينا أو نحو ذلك على أشكال مختلفة.
هو فن يستظرفه النساء جدًا وقد زعم الشعراء الأقدمون أن «أرخنة» أخذته عن «منيرفه»، وأن هذه كانت تلبس ثوبًا موشى بطراز يمثل عظيم أعمالها وأعمال لمشترى والأبطال.
والتطريز هو ضربُ من التـصـوير أو فنُ تابع له، ولا يمكن فصله عنه إذ لا يستغنى إحدهما عن الآخر لما فيه من الطراز الحريري والصوفي الملَّون، وقد أتقن فن الصباغة في هذه الأيام إتقائًا عظيماً، فصارت الخيطان الملَّونة من الصوف والحرير تقوم عند الطرازة البارعة مقام لوح الألوان في التصوير عند المصور، وعلى ذلك يصنع الآن طراز بخيطان ملونة، يمثل به بإحكام ثمار وأزهار ومناظر طبيعية إلخ. ومن علم أن بسط غـومـيـل الفـاخـرة تصنع بالتطريز لا يعجب كيف تصل القريحة التي يؤذن ظاهرها بالخمول إلى درجة سامية تمكن صاحبها من إتقان الرسم والتمثيل والتطريز بالخيطان الملونة هو أفخر أنواع التطريز ويقطع النظر عن دقايق هذا الفن فيوجد بين الأقمشة المطرَّزة قطع جميلة بديعة، وإن كانت رسومها من الرسوم المعروفة عند عموم أهل هذه الصناعة.
والطراز الأبيض من الموصولينا والكتان (التيل) الرقيق يزيد قيمتها كثيرًا ويجعلها من الملابس الفاخرة.
وأنواع التطريز كثيرة أكثرها يستعمل على الأقمشة التي تطرز باليد أما الأقمشة السميكة كالجوخ والمخمل والمنسوجات الحريرية المتينة وما أشبه تطرز على نول ذي قـوايـم أربعة، فيسند على الركبتين ولا يطرز باليد من الأقمشة إلاَّ ما كان شفافًا بحيث يظهر الرسم الذي تحتهُ، وهذا الرسم يكون على ورقة ملتصقة بالقماش ويشدَّ القماش من جميع أطرافه إلى النول.
وطراز الذهب والفضة يصنع أيضًا بالأنوال، وهو أفخر ما يتحصل من صناعة التطريز وكان طرازو الأقمشة في أوربا قبل سنة ١٧٠٩ جمعيات لا تقبل فيها الطرازات أما الآن فالرسم وحده مختص بالرجال وباقي العمل تقوم به النساء، ومن النساء أيضًا من أتقن صناعة الرسم والعمل.
وفن التطريز قديم جدًا ومن قديم نفائسه قطعة تعرف ببساط بايو وهو بساط طرَّزته الملكة ماتلدا ونساؤها فمثلن به فتح إنكلترا على يد غيليوم دوق نورمنديا.
«البقية تأتي»
جـون کـرتن
ولدت الابنة جون كرتن في أمستردام من هولندا من نحو ٢٠٠سنة، وكانت من عجائب خلق الله في النباهة والمهارة، وامتازت عن ساير البنات بأنها لم تمل قط إلى الملاهي، وأولعت بتصوير كل ما تراه من الجمادات والأحياء، وكانت تمثل كل نوع من الأثمار بالشمع وترسم على المنسوجات الحريرية بالإبرة أجمل أنواع النبات، فيأتي مرسومها على غاية من الإتقان، وأحكمت الموسيقى والغزل والتطريز والترصيع ثم عدلت عن الأشغال بذلك إلى ما هو أعجب منه وهو رسم الصور حفرًا بمقص صغير، فحفرت به صور السهول والشطوط والأزهار والبهايم والناس، وكانت الصور في أحسن إحكام حتى حيرت عقول مصوري أوربا فأكرمها يومئذٍ القيصر بطرس الأكبر وغيره من عظماء عصره وسألها أحد الأعيان أن تعطيه ثلاث صور صغيرة بألف فلورین فلم ترد.
وأعطتها امبراطورة جرمانيا أربعة آلاف فلورين بصورة حفر تمثل الامبراطور ليو بولد حاملاً سلاحه ومكللاً بالنسور وحوله أكاليل الزهر.
وصوَّرت كذلك الامبراطور فجاءت صورته في غاية الكمال، وذهب إليها كثيرون من العظماء بغية مشاهدتها، وكان عندها كتاب كتب فيه من زارها أسمائهم وعاشت 65 سنة، ولما ماتت شيد لها زوجها «ادرن بلوك» بناء تذكار رسم علـيـه صـور أولئك الأمراء والأميرات.
«النشرة»
في المرأة وواجباتها وحـقـوقـهـا
“الفتاة“
بها قيس لبني هام بل كل عاشق…… كمجنون ليلى أو كثير عزةِ
الفتاة وما أدراك ما هي. هي امرأة في مقتبل العمر وزهرة الصبا، وعنفوان القوة وريعان الحياة يدل ظاهر محياها اللطيف على تمام العافية ونشاط الشباب.
وهي شريكة الرجل في دنياه تشاطره نعيم الحياة وبؤسها وتقاسمه سراها وضراها، وهما سواءُ في القوة الفاعلة وعاطفة التأثر.
لقد مرت السنون وكرت الدهور والفتاة قائمة على شأنها في المجتمع الإنساني لا تجسر أن تتقدم خطوة للحصول على مقامها ورفع شأنها، لأن الرجل أكرهها على كرامته وأبي بعد أن استولى على زمام أمرها أن ترافق خطواته، خوفًا من أن تساوية في العظمة وتنتفع معه من ثمرة الإقدام.
ومن أمعن النظر في منشأ هذه الغلبة يرى على عاتق كل منهما ذنبًا يستوجب الملامة ويستحق العتب، حيث كان من نتائجه سلب الفتاة حقها من هيئة الاجتماع مع أنهما في مبدأ الخلق واحد في الأمر والنهي والجد والسعى، والدنيا لم تخلق لواحد منها دون الآخر بل وجدت ليعملا فيها بالسواء وقد سعى الرجل وما كان سعيه إلا اضطرارًا وقعدت المرأة في مكانها، وما كان قعودها إلا اختيارًا حتى نتج من ذلك السعي وهذا القسور نشاط الرجل وتمرينه على العمل وخمول المرأة وسكونها، وقد كرَّت الأيام على الحـال حـتى ازداد كل منهما في شـأنـه ثبـوتاً، وبديت مـن أخـلاقـهـمـا وأطوارهما تقليدات حسبها الآخذون بالظواهر إنها غريزية طبيعية، فقالوا بقوة الرجل عدلاً وحكموا بضعف المرأة ظلمًا.
ولا ينكر على الرجل احتقار شأن المرأة بعد خضوعها إلى قوته وخشوعها إلى إرادته، لما في نفسه من اجتماع القوة وانتهاء الأثرة اللتين يدفعانه لاكتساب ما يلزم له ولامرأته القاعدة في بيته على بساط الراحة والهناء، وقد ظهر هذا الاستبداد بالرجل عندما كان يمتطى الجياد الصافنات متسربلاً بأنواع السلاح خايضا غمرات المنون ليقطع العقبات ويكشف الظلمات ويخترق المسالك ويقتحم المهالك، حتى إذا عاد من غزوته وقد ملء من الحرب ووبالها ورأى أم أولاده وشريكة حياته وقاعدة بيته مرتاحة إلى خدمته ساكنة عما لحق به من التعب والعناء لا يتمالك أن يحسبها أحط منه مقاماً وأدنى شأنًا، وأما الآن فقد تبدلت الأحوال وتمزقت براقع تلك الأوهام وأصبح الإنسان سائرًا خطوط الحضارة والعمران ساعيًا في رفع شأن بني جنسه مجاهدًا في العمل الشريف لكسب الحلال.
ثم أدركت المرأة أن مساواتها بالرجل لا تكون إلا بالفضل ومحاسن الأعمال، وإلا فهى منحطة عنه إلى الأبد مضطرة لاسترضائه لقاء تقديمه لها المأكل والمشرب والملبس والمبيت مجبورة أن تذعن لما يرسمه لها من القواعد، وما يختاره لها من المظاهر ولا ملام عليه إذا عاملها كالأمة التي لا تملك أزمة نفسها ولا قياد هواها خلافًا لمن نهضت معه إلى العمل ووقفت وإياه على ساق وقـدم، فإنه يحق لها حينئذ أن تطالبه بحقوق المساواة لاستوائهما في التماس الكسب وراحة البال.
إلا أن الكسب الذي تقدر المرأة عليـه ويجب أن تنشط قواها إليه ليس في شيء من أعمال الرجل، لأن المشاركة في العمل الواحد لا يتأتى القول بها من غير بحث طويل، وإنما نريد بعمل المرأة ما تخصص لها، ولا يقتدر عليه سواها الاَّ وهو ما كان من خصائص البيت، فكما أن التاجر يبكر إلى حانوته والكاتب إلى إدارته والموظف إلى دائرته والفاعل إلى عمله والجندي إلى ثكنته، هكذا يجب على المرأة أن تنهض باكرًا إلى إصلاح شأن بيتها.
فإن كانت بكرًا عذراء ولا يطلب منها في بيت أبيها إلا الإعتناء بنفسها، فمن الضرورة أن تساعد أمها لتكون معدة لترتيب بيت آخر في مستقبل أيامها، ومثابرة على الأعمال التي تمارسها في بيت أبيها أو على العلوم التي تقتبسها في مدارس تكنز لها ما ينفعها متى صارت ربَّة بيت.
وإذا كانت ذات بعلٍ فالبيت الذي تسكنه لا يعرف له مديرًا ومدبرًا سواها،إذ عليها ملاحظة ما من النظافة والترتيب وإعداد المأكل والمشارب والملابس وصيرورته بهيئة يبتهج لها زوجها، حتى إذا عاد إليه من محل أشغاله اليومية ومجاهدته في أمور الحياة ازداد ارتياحًا وسرورًا.
أما تربية الأولاد فمن أهم الواجبات وأكثرها لزومًا للنساء وعبثًا أن يعهد بهم إلى الخدم والخادمات، فإن الثقات منهما قليلون لأن أكثر الخدم من السذاجة والجهل على جانب عظيم وقلما يرى خادمة أو خادمًا يحتمل مضض تربية الأولاد الصغار كالأم الأفيما ندر.
ومن البديهي أن الصغار تكتسب من التربية الأولى شيئًا كثيرًا إن خيرًا وإن شرًا بحيث يغرس ذلك في عقولهم الشديدة التأثير، وقلما يزول منها بعد أن يتأصل فيها على حد قول المثل “العلم في الصغر كالنقش في الحجر» فالأم المهملة هي التي تترك لأولادها الحبل على الغارب، وتسرح الصبيان يتعلموا من الأزقة والشوارع كلما ساء وقعًا وضـراً، وتجعل البنات بين يدى الخدم الجاهلين، فيشبن على طباع السوء والشر بما يكتسين من مربياتهن الجاهلات من الادعاء بالحرية وغيرها مما لا يوافق.
وكم من والدة ندمت على إهـمـالـهـا شـأن بناتهـا ولات حين مندم خـلافًـا للأم الفاضلة التي تعرف ما لها وعليها فلا تأمن على بناتها إلا زوجها أو أكبر أولادها الراشدين حتى تبات آمنة من الزمان وغدر الإنسان ودينونة الناس من العسف والبهتان ثم تنهض بأولادها الذكور نهضة الأسد الجسور باذلة كل جهدها ومنتهى عنايتها لإيجاد الأثر في مخيلتهم، حتى إذا شبوا برزوا للعالم رجالاً قادرين أو نساء فاضلات ينتفع العالم بمآثرهم ومحاسن أعمالهم ولله در هذه المرأة النشيطة الفاضلة التي تصرف أوقاتها وتضحى أتعابها في سبيل تعليم صغارها مبادئ المعرفة والتهذيب، ورأس الحكمة مخافة الله لأنها تقدم للوطن أثمن الخدم وأفخر الأعمال وتنال عند الله أجرًا والعكس بالعكس وقد قالت الحكماء أن أحسن جزاء للأم وخير مكافأة لفضيلتها وعفتها أن تقدم أيام شبابها مثالاً لابنتها، وعليه نرى بعض نساء الشرق في الحالة الراهنة قد انتبهن من ذلك الخمول، ونهضن إلى التماس المعرفة، وسعين وراء اتمام الواجب، وأصبحن يشاركن زميلاتهن الغربيات بمطالبة الرجال بالمساواة حيث عرفن أن العلم أساس كل عمل والآداب مصدر كل فضيلة.
وهذه مجلة الفتاة قد برزت تبين للعالم الغربي فضل المرأة الشرقية، وتظهر لدى الرجال أن في صدور بنات جنسنا حمية كحميتهم وفضلاً وأدبًا كفضلهم وآدابهم، وفضلاً عن ذلك فغايتها الثانية إحياء الهمم لإجادة العمل، ولسوف تبذل الوسع في الكشف عن واجبات الفتاة، مبينة أن المساواة مع الرجل لا تتأتى إلا بمشاركته في كل ما هو عمل مفيد حتى يرى الرجل من تلقاء ذاته وجوب المساواة وإعطاء المرأة حقها من التجلة والاحترام، كيف لا وقد كانت لهُ بالأمس أمَّا علمته الآداب والتهذيب، وهي اليوم عروسًا ستشاركه بآرائه وأفكاره، وغدًا تعلم بنيه وكل آت قريب.
في الأخلاق والـعـوايـد
الجنس النسائي – الحسن والجمال – اختلاف المذاهب به
الألوان الموافقة لكل جسم
“الجنس“
قسم العلماء جنس النساء إلى ثلاثة أقسام كبرى، فقالوا أن الأول: هو المعروف ببياض الجسم، وحسن استدارة الوجه، ولين الشعر وعلى الجبهة، ودقة الأنف والثغر وطول القامة، كنساء سكان أوربا ونسلهن في أميركا، وسكان غربي آسيا أي نساء العرب والفرس واليهود والسريان والتتر وأكثره في شمالي أوربا وأواسط آسيا، وأما نساء الجراكسة والكرج فهن أجمل نساء العالم (ما عدا نساء بعض جهات إيطاليا).
والثاني: باصفرار الجسم وقليل الشعر وخشونته ووقـوفـه، واسـتـواء الوجـه وانخفاض الجبهة وضيقها، وفطس الأنف وارتفاع عظم الخد وضخامة الشفتين (وهو أقصر قامة من جنس الأول) كنساء أهل الصين والهند واليابان وشمالي آسيا وشمالي بلاد المسكوب الأوربية وشمالي أميركا. غير أن نساء سكان شمالي أميركا المعروفين بالأسكميد لهن تعلق مع النوع الثالث. والثالث يقسم إلى ثلاثة فروع:
فالفرع الأول: هو الموسوم باللون الزيتوني وسواد الشعر وغزارته مع جعودة قليلة، وضيق الرأس وكبر الأنف كنساء جزائر المحيط وجزيرة مادا كاسكار.
والثاني: هو موصوف باللون النحاسي وسواد الشعر واسترساله وانخفاض الجبهة وارتفاع عظم الخد، كنساء سكان أميركا الأصليين الذين وجدوا في القارتين قبل اتصالهم بأهل أوربا.
والثالث: هو ذو اللون الأسود وجـعودة الشعر وانخفاض الجبهة وفطس الأنف وضخامة الشفتين وبروز الفك الأعلى عن مساواة الوجه واتساع الفم، كنساء أكثر سكان أواسط أفريقيا وجنوبها.
وهذه الأقسام لاختلاطها وامتزاجها في بعض البلاد نتج منها فروع عديدة.
– الحسن والجمال –
إن المليحة من كانت محاسنها …… من صنعة الله لا من صنعة البشر
يقولون: إن الحسن ما كان ملائمًا للطبع، فهو حسن كالحلو وما كان منافراً له فهو قبيح كالمرء، وما كان ليس بشيء منهما فلا يُعد حسنًا ولا قبحًا.
وأما الحسن يلاحظ فيه ملاحة اللون، والجمال يلاحظ فيه ملاحة شكل الأعضاء, وأن يكون بالمرأة طبيعيًا لا صناعيًا.
فالطبيعي ما يُلاحظ به حسن الصورة الخارجية من اللون والملمس، وهو ما يعرف بالحسن والجمال الاكتسابي، ومنه ما يُلاحظ بحسن ترتيب الأعضاء ووضع التقاطيع على ما ينبغي أن تكون من الهيئة والرونق، وهذا هو الجمال. أما إذا اجتمع الأمران فهما الملاحة التامة.
وإن الجمال أصل في نساء الكرج ثم الشركس ثم الأتراك ثم الأرمن ثم العرب ثم الفرس ثم المغول الشمـاليـون ثم اليونان ثم نساء ساير أمم أوربا، هذا باعتبار التقاطيع وتناسب الأعضاء ولطفها.
أما اللون ففيه تفاوت من الأبيض اليقق إلى الأسود الحالك، وللناس بذلك مذاهب ففريق يميل إلى الأبيض والآخر إلى الأسمر، والبعض إلى الشعر الأشقر والعيون الزرقاء، وأخرون إلى الشعر الأسود والعيون السوداء، إلى غير ذلك ممن يفضل طويلة القامة عن القامة المتوسطة أو القصيرة أو يميل إلى السمينة والعكس بالعكس، والعرب يقولون كمال الحسن في الشعر والصباحة في الوجه والجمال في الأنف والملاحة في الفم والحلاوة في العينين والظرف في اللسان والرشاقة في القد واللياقة في الشمائل, وإن الحسن هو الكائن على وجه يميل إليه الفكر وتقبله النفس، والجميلة من أخذت بالبصر على البعد، والمليحة من أخذت بالقلب على القرب، وقد سئلت أعرابية عن الحسن والجمال فقالت: هي من كانت بيضاء العين والأسنان والأظافر، سوداء الشعر والحاجب والهدب والحدقة، حمراء الخد والشفة واللسان، طويلة القامة والشعر والعنق والحاجبين، صغيرة الفم والمنخرين.
– الجمال الطبيعي –
النساء في بلاد العجم (ذوات الجمال) مربوعات القامة طويلات الشعور السود، واسعات الأعين مـقـوسات الحواجب، طويلات الأهداب ذات لون ظريف أبيض مشرب بحمرة طبيعية، صغيرات الأنف محصورات الذقن، بيض الأسنان طويلات العنق، صغيرات اليدين نحيفات الخصر.
أما نساء العرب (ذات الجمال) مشهورات باعتدال القد وتكسر العيون السود, وإحمرار الخدود وبياض الوجه، وطول العنق والشعر الأسود الحالك.
ونساء العرب المستعربات، اللواتي في السهول الكائنة على سواحل البحور وفي ثغورها، فلونهن الصفرة الضاربة للسمرة بخلاف نساء الجبال، فإن لونهنَّ البياض كنساء الأروام وإيطاليا، وهنَّ ذات تقاطيع لطيفة وتناسب في الأعضاء واعتدال في القامة، وهذه الصفات توجد ولو في نسا الفلاحين.
ونساء الإنكليز موصوفات بالشعر الأشقر والعيون الزرق وبياض الجسم وإحمرار الخد ونحافة الخصر.
– الجمال الاصطناعي –
نكتفى عن أوصافه بما قاله المتنبي بحيث لنا به کلام نؤجله إلى وقت آخر:
ما أوجه الحضر المستحسنات به …… كأوجه البدويــات الأعــــاريب
حسن الحضارة مجلوبُ بتطرئٍة …… وفي البداوة حسن غير مجـلوب
افدی ظباء فلاة ما عرفن بهـا ……مضغ الكلام ولا صبغ الحواجيب
– اختلاف الناس بالحسن والجمال –
من المعلوم أن للناس مذاهباً، بتفضيلهم الطويلة عن القصيرة أو القصيرة عن المتوسطة والسمينة عن النحيفة أو النحيفة عن المعتدلة والبيضا عن السمرا أو السمرا عن السودا وبالعكس، وهي كالأزواق في ألوان الطعام ولكل منهم برهان قاطع وحجة دامغة على صحيح نظره وحسن مبداه، فلا تلوم الزنوج إذا استحسنوا فطس الأنف وتدلى الشفة، ولا استحسان الجركس بنجل العيون وقرن الحاجبين، ولا استحسان أهل الصين في صفرة الوجنتين وانحراف العينين، وصغر القدمين وطول الأظافر وكبر الآذان واستواء الوجه، ولا ما تغالت به قدماء العرب في البياض أو الاسمرار وسواد العيون وكبرها وسواد الشعر واعتدال القوام وانتظام الأسنان ولطف المبسم، فإن ما يحسبه هؤلاء جميلاً يحسبه غيرهم قبيحًا، وما يحسبه أولئك قبيحًا يحسبه الآخرون جميلاً.
فنساء العرب والإفرنج يتفاخرون في بياض الأسنان ونضافتها، ونسا جزيرة جافا بإصفرار الأسنان، ونسا بلاد سيئان بالهند بتسويد الأسنان، ونسا قبايل أواسط أفريقيا العليا يبردن الأسنان حتى تصير ذات حد قاطع وبعضهن يثقبن الشفة السفلي ويضعن بها بلورَّة، وهكذا نسا زيلاندا الجديدة فأسنانهن بلون الأبنوس ويبردونها إلى نصفها، وأما نسا اليابان فيغطين أسنانهن بورق مذهب.
ونساء بعض هنود أميركا يجمعن شعورهن في كتلة واحدة فوق رؤوسهن ويضغطن رؤوس بناتهن، وهنَّ أطفال حتى تصير مخروطية الشكل.
ونسا الإفرنج يجمعن شعورهن إلى قرص الرأس، وبعضهن يقرضن شعورهن كالرجال، ونسا العرب يفتخرن باسترسال الشعر أو يجعلنه ضـفـاير، ويتفاخرون بالسالف والغرة وفرق شعر الرأس.
ونسا بلاد كروان يضفرن شعورهن ضفيرتين، ويعلقن فيها فصوص معدنية، ولا تزال هذه العادة مألوفة في بعض جهات مصر وسوريا ونسا شبه جزيرة العرب. يضعن في ضفايرهن قطع ذهبية وبعضهن يعلقنها في غرة الشعر فوق الجبين.
كما أن نسا الأفرنج يستجملن الشعر الأسود أو الذهبي, وأكثر نسا آسيا يستجملن الشعر الأسود هكذا نسا بعض قبائل الهنود يستجملن الشعر الأبيض.
ونسا بلاد يابونيا يعتنين بتحمير شفافهم بحمرة شديدة، ويتركن الوجه على لونه الطبيعي، وأكثر نسا الشرق والغرب يستجملن بياض الوجه وحمرة الخد، ونسا جزيرة جافا يسـتـجـملن إصفرار الوجـه نظير الصينيين واليابونيات بعد الزواج، ويشنعن وجوههن حتى لا يكون غيرة عليهن من رجالهنَّ.
ونساء الجركسة يعتنين كنساء الإنكليز في هزل أجسامهن، والأم من نساء الروس والأتراك تفتخر بمجلس العقد إذا كانت بنتها سمينة، ونساء سودان وموزنبيق عندهن من القبح أن تكون المرأة كاعبة، بعكس نساء العرب والإنكليز وفي بلاد الفان والكاما والبيكالي والعشيرة وغيرها من أواسط أفريقيا العليا، تفتخر الأم بمجلس العقد إذا كانت بنتها لها أقدام مشققة وذات أظافر كحوافر الثيران.
ونساء أكثر الشرق يستجملن نفور الجبهة واتساعها، ونساء الإفرنج يستجملن أن يغطين الجبهة بخصلة من شعر الرأس ونساء أهالي أراكان يستحسن الجباه الواطية، ولذلك يربطن على جباه أطفالهن قطعة من الرصاص، وبعكسهن نساء فيجي.
ونساء البدو يستجملن دق الشفة لتكون زرقاء، والبعض من نساء أهالي أفريقيا يستجملن هذا الوشم على الجبهة وعلى الذقن أيضاً، ونساء جزيرة هينان في الصين يستجملنه على وجوههن، فيرسمنه خطوطًا من العيون إلى منتهى الوجه، وأكثر نساء الشرق يجعلنه وراء الكف من الأصابع إلى الزند والمعصم، وبعضهن يجعلنه كشامات على الخد والجبهة والذقن.
وكما أن نساء الصين يستجملن صغر الأقدام، هكذا نساء اليونان في جزيرة ميلو يحببن الأرجل السمينة وربما لبست الواحدة منها في رجلها عشرة أزواج من الجرابات الواحدة فوق الآخر.
والخلاصة، فكل ما تراه مستحسنًا عند قوم نجده مستقبحًا عند قوم آخرين، وقد جعلنا هذه المقدمة توطئة إلى نتيجة أدبية يهمنا البحث فيها بفصول متتابعة بالأعداد الآتية إن شاء الله.
– لون الأثواب الموافقة لون الأجسام –
جاء في كتاب العلَّامة “شفرل الكيماوي” الشهير مقالة في ائتلاف الألوان واختلافها، فلخصتها اللطائف ونحن نلخصها عنها تفكهة للسيدات فقال: إن كل لون وضع إزاء لونٍ آخر يرى متغيراً عما كان عليه يغير اللون الذي بجانبه.
أولاً: إن الثوب الأحمر الوردي لا يليق للمرأة التي لونها وردي، لئلا تفقد شيئًا من نضارتها وجمالها، وأما اللون الأحمر القاني فيكسب المرأة الوردية اللون بياضًا لاجتماع الضدين معا.
ثانيا: الثوب الأخضر يلبق للنسا البيض الشقر، ولكنه لا يلبق للنسا اللواتي وجوههن حمرا أو برتقالية الضاربة إلى السمرة أن يلبسنها إذ يظهر اللون الأحمر حالتئذ كلون الأجر، وإما إذا أردن هؤلاء أن يلبسن الثياب الخضرا، فيلكن لونها حانئًا.
ثالثا: الثوب البرتقالي وهذه الألوان البرتقالية قلما تستحب، لأنها تجعل لون المرأة الشقرا زرقا والبرتقالية بيضا والصفرا خضرا.
رابعًا: الثوب الأسود، فهو يبيض الوجه وتأثيره على الألوان الوردية أخف منه على غيرها، ولذلك تظهر أكثر احمرارًا بالنسبج إلى السمرة التي يبيضها اللون الأسود بل أنها تظهر في الثوب الأسمر أصغر مما هي.
خامسا: الثوب الأبيض، يوافق المرأة البيضا الوجه شقرا الشعر؛ لأنه يزيد بجمالها، ولكنه لا يوافق البيضا الخالية من الجمال ولا من كانت سمرا اللون.
سادسا: الثوب الأصفر. إذا لبسته الشقرا ظهر لونها بنفسجيا، وإذا لبسته الصفرا أكسبها بياضا، وإذا لبسته من كانت برتقالية صار بالثوب الأصفر ورديًا لأن الثوب الأصفر يزيل الصفرة من اللون البرتقالي فيبقى اللون الأحمر.
سابعا: الثوب البنفسجي، يفعل هذا اللون البنفسجي ما لا يفعله اللون الأصفر، فإنه يكسب الشعر لونًا أصفر يميل إلى الخضرة، ويزيد الوجوه الصفرا أو البرتقالية اصفرارًا، فيستحيل ما فيها من الزرقة إلى الاخضرار.
ثامنا: الثوب الأزرق، يكسب المرأة البيضا لونا برتقاليا، فهو يليق لبيض الألوان أن يلبسنه، وأما النسا السمر، فاللون البرتقالي فيهن كثير، ولذلك فلا يلبق لهن اللون الأزرق.
وخلاصة القول، كما أن الآداب مصدر كل فضيلة، هكذا العلم أساس كل عمل. وبناءً على ما أثبتهُ العلم، بأن لكل لون جسم لونًا يليق به من ألوان الأثواب، فيزيده بهاء ويكسـبـه جـمـالاً والعكس بالعكس، نرى أن معظم النساء في الشرق والغرب هن على شطط مبين لعدم انتباه الأكثرين منهن لأمر كهذا، حيث كثيرًا ما لبست الاختين من ثوب واحد ولون واحد وزی واحد، والتي خاطتهما هي واحدة، وهما لا يشعران ما هي الأسباب والمسببات التي جعلت الواحدة منهما أن يزيدها الثوب جمالاً والثانية بشاعةً، ويجزمان جزمًا قطعيًا بأن السبب لذلك هي الخياطة.
ومن المعلوم أن العين إذا انخدعت أخدمت معها العقل، وأصبح بهما الإنسان مخدوعًا وخادعًا، فيرى به السبب الطفيف جسيمًا، والأمر الجوهري هو أن اللون الذي يوافق لون جسم لا يوافق للون جسم آخر.
ولا تلام الأم التي تعتنى أن تلبس بناتها من لون واحـد وزي واحـد، وهي على معرفة من اخـتـلاف الألوان بأجسام بناتها، وعلى غير علم من تأثير الألوان على الأجسام بل اللوم لاحق معظم النسا اللواتي إذا وجدن ثوبًا لطيفًا على جسم لابقًا له يتسابقن ليلبسن نظيره «ونحن من أولهن تسابقًا »
وكم من الأقمشة الى باتت عند صاحبها تعد من السلعات، فأتاها يوم أصبحت به من أعظم الأقمشة وبيع منها ألوف الأثواب ببرهة أسبوع أو شهر واحد ثم رأينا هذا اللون على جسم البيضا والشقرا والحمرا والصفرا والسمرا حتى السودا، ومن تأخرت منهن عدَّت عند أختها وسلفتها وجارتها ونسيبتها وابنة وطنها، كمن جنت ذنبًا لا يغفر أو أنت بأمر منكر بحيث تبات وتصبح، وهي تفتكر ماذا تعتذر أو بأي وجه تغتفر بعد أن صمَّت الآذان أو كادت عن قبول العذر وباتت هذه الغصة في القلب إلى يوم النشر والحشر.
وهذا الواجب هو واحد من ألف ونحن نراه ولا تلتفت إليه، وستعود إن شاء الله إلى مثل هذا الموضوع بأكثر جلاء، ونبين للسيدات أن الألوان تحكم على أثاث البيت وموجوداته كحكمها على ثوب الأزياء، وإن النظر أيضًا لا يرتاح مع كافة الألوان وما ينفعه بعض الألوان تضر به بعض الألوان كما قررته العلما.
«في الخطبة والصداق والأعراس والزغردة والجلوات والمراقص»
وللناس عـــــــادات وقد ألفـوا بـها ……لها سنن يرعونها وفروض
فمن لم يعاشرهم عى العرف بينهم ……فذاك ثقيل عندهم وبغيض
“الخطبة“
الخطبة هي عربون يعقده العروسان قبل الزفاف بمدة محددة أو غير محددة وذلك لمعرفة صفات بعضهما بعضًا أو تدبير ما يلزم لكل منهما، حتى إذا لم يوافقا بعضهما نقدا العقد، وعادا إلى حالتهما الأولى.
فعند الصينيين إذا أراد الرجل أن يخطب ابنًة أرسل من طرفه رسولاً ليخـابر والديها بذلك، فإن قـبـلا مـصاهرته بحثا عن ساعة ولادته وولادة الإبنة وفي أي يوم وساعة من الشهر والسنة ليعلموا من ذلك طالعهما، فإن وجدا كل شيء موافقًا أجاباه بالإيجاب، فيرسل الخطيب إلى خطيبته قطعة من الجواهر الثمينة عربونًا للخطبة ثم يجتمعون آل العروسين بعدئذٍ، ويعينون يوم الزفاف، وأما الفقراء منهم فيقدمون العربون على قدر مقدرتهم، وعند بعضهم يهدى العريس هدايا لأهل عروسه بعد عقد الخطبة ولا يمكنوه من رؤية عروسه إلَّا بعد عقد الكتاب.
وفي اليابان ترمي البنت عند عقد خطبتها في النار ما كان عندها من اللعب في حال صغرها، أما الرومانيون فمن عوائدهم أن الرجل يخطب البنت مدة طويلة قبل إجراء رسوم العقد، وفي اليوم المعين لهذا العقد يحتفلون به بحضرة الكهنة والمنجمين، ويحررون شروط الخطبة بمحضر من الشهود، وعلى الخاطب والخطيبة أن يثبتان تلك الشروط بقشة يكسرانها أمام الحاضرين، وبعد ذلك يهدى العريس عروسه خاتمًا فتلبسه في الإصبع الوسطى من يدها اليسرى اعتقادًا بوجود اتصالية بين تلك الأصبع والقلب ثم يختتمون احتفالهم بضيافة عظيمة يعدها أبو العروس مخصوصًا لهذه الغاية.
وكان لنساء الغاليون (قدماء فرنسا) الحرية في اختيارهن عرسانًا لهن، ويعطين لهم المهر، وكان الأب إذا أراد أن يخطب لابنته استقدم إليه جمهورًا من الشبان, فتخرج ابنته من خدرها وبيدها كأس ملآنة خمرًا، وممن ناولته هذه الكأس كان عريساً لها.
وكان لبعض الأورباويين في العصور الماضية عادة، وهي أن الرجل إذا رغب بخطبة ابنة فيزورها ويترك عصاته في بيت أبيها ثم يعود إليه بعد ثلاثة أيام، حتى إذا وجد العصاة على الباب علم بعدم رغبة البنت، وإن لم يجدها رجع وبعث بمن يطلبها.
ونساء الروسية قبل عهد الإمبراطور بطرس الأكبر كن متحجبات على الرجال ولم يسمع لدولة الموسكو أن خاطبًا شاهد خطيبته إلا في الكنيسة يوم الإكليل.
وكان من جملة هدايا العريس التي يرسلها للعروس حزمة من العصى إعلانًا لمعاقبتها منه إذا مست الحاجة لتأديبها، وأما الإمبراطور بطرس الأكبر فقد أبطل هذه العادة كما أبطل كثيرًا من العوائد التي سنأتي على ذكرها في مواضيع أخرى.
وعند أهل تبت، فالخطبة لا تستدعى مقدمات كبيرة ولا تمهيدات عظيمة بل متى رضى أهل البنت بالخاطب واعتمدوه صهرًا لهم ذهبوا بالعروس حالاً إلى بيت العريس فيجتمع فيه أهل العروسين، ويحتلفون بالعروس ثلاثة أيام متوالية بين رقص وغناء وفرح وبعد ذلك يقررون يوم العرس، وحينئذٍ يعود أهل العروس بالعروس إلى بيت أبيها ناقلين إليه شروط العقد التي قرروها باللسان لا بالقلم.
وكانت العادة في الجبل الأسود قديمًا أن يسأل الرجل قبل كل شيء عن بسالة الابنة وعن الأسلحة الخاصة بها، فإنه كل ما ازدادت الابنة شهرة في البسالة كل ما كثر طلابها.
وفي أكثر أقسام أوربا كان يصرح للإبنة بأن تطلب الرجل مظهرة له حاليتها المالية والأدبية، وهكذا كان يسوغ الرجل أن يسأل البنت إذا كانت تريده أو يسأل والديها إذا كانا يريدانه صهرًا لهما، ولا يسوغ للأب أن يجيب الطالب بالإيجاب قبل أن يسأل ابنته ويستشيرها به، وعندما يقع التراضي يسجلون ذلك في محكمة تلك البلدة وقد اصطلح أكثرهم على وضع الخاتم عربونًا للخطبة.
وقد يمكن عند البعض في بلاد الإنكليز أن تعتمد الخطبة صحيحة إذا كانت على يد شاهدين بصيغة مخصوصة ينطق بها من يعقد لهما العقد رضي الوالدان أو لم يرضيا،ويجب بعد ذلك على الوالدين تقريره ولا تقدر شريعتهم على أن تحكم بفساد هذا العقد.
وفي بعض أقاليم بريطانيا يحضر أحدهم بالنيابة عن الطالب إلى بيت العروس ويطلب منها المصادقة على عقد الخطبة بخطبة مخصوصة الصيغة.
وعند الأكثرين في أوربا يرسل الرجل رسولين من أصدقائه إلى البنت فيدعيانها للخطبة، وبعد أن يعقدا معها عقد الاتفاق يدعو العريس أهله وأخوانه إلى ليلة أنسٍ وصفاءٍ.
وعند أكثرهم يذهب العريس بعد وضع الخاتم أو تسجيل العقد لزيارة أهل العروس مرفوقًا بواحدٍ من أهل العروس الخاص للتعارف، وإنه صار من أعضاء عيلتهم وهذه العادة قد اصطلحت عليها أكثر السوريين أيضًا.
ويوجد في أكثر جهات أوربا جرائد خصوصية حيث تأتي إليها من تريد الزواج وتعلن فيها صفاتها وجمالها وإرادتها، وتعين محلاً مشهورًا ويومًا معلومًا لمن يريد أن يراها بشرط أن يكون الطالب جامعًا للأوصاف والحالة التي تريده بها.
وكان أهالي مرق بول لا يرغبون الزواج بالبنات الغنيات نوات الثروة واليسار اللواتي يرغبهن الطلاب في بلاد أخرى.
وعند الجراكسة يصوغ للخاطب أن يرى خطيبته قبل عقد الخطبة بنوع لا يدرى به والدها، وبنات قدماء قبرص اللواتي متى وقع عقد عربون الخطبة على أحداهن ينذرن قبل عقد الخطبة لهيكل الزهرة (صنمة الجمال) ما أزخرته من أشغال أيديهن.
وكانت ملوك روسيا من سنة ١٤٨٠ إلى عهد الإمبراطور بطرس الأكبر لا يأخذون من بنات فقراء المملكة، فكان إذا أراد الملك الزواج أتوا إلى قصره بأجمل بنات البلاد حسنًا وجمالاً، فتستقبلهن كبيرة نساء القصر، وتجعل كل منهن في مكان ثم تجمعهن على مائدة واحدة، فيأتي الملك ويشـاهـدهنَّ على المائدة وينتخب منهنَّ من أرادها، ويخلع عليها خلعة العرس ثم يوزع خلعًا أخرى على باقي البنات، ويصرفهن من حيث أتين ثم يعين يوم العرس للزفاف.
وعلى مثل ذلك كان زواج الملك مـخـائيل رومانوف (جـد بطرس الأكبر) على لادكسا بنت رجل من البكيزارات، حيث كان فقير الحال يقال له استرسنو، فبينما كان يشتغل بزراعة حقله إذ حضر إليه جماعة من حجاب الملك بالهدايا والملابس الثمينة وأخبروه بأن ابنته أصبحت ملكة الروس، فترك حقله حالاً، ونهض إلى حيث أعدت له مقامات المجد والشرف.
وهكذا ابنه الملك الكسيس قد تزوج أيضًا نظير أبيه انتخب حيث أحسن البنات وأظرفهن، وكان نصيبه على ابنة نديمه مروسو.
ثم ابنه الملك فـدور تزوج كـابيـه وجـده وهكذا أخاه الملك إيفان أو ايوان ابن ألكسيس وأيضًا الإمبراطور بطرس الأكبر، ومن بعده أبطلت هذه العادة أما بنات ملوك الروسية فكن لا يتزوجن إلَّا بما ندر، وكان أغلبهن يقضين حياتهن عذاري في داخل الأديرة المختصة بالنساء ليس إلَّا.
«البقية تأتى»
منثورات
علم من أنباء الأستانة العلية بأن بوشر فيها بإنشاء فرع مهم في مدرسة الطبية الشاهانية تتلقى النساء فيها فن الطب؛ ليكثر عدد القوابل حتى يكفى احتياجات البلاد.
ومما ورد في جرائد أوربا بأن في فرنسا يوجد ٢٥٢ فتاة يتلقين درس الطب بعضهن من بلاد العثمانية وروسيا واليونان ورومانيا.
وإنه بلغ عدد الفتيات اللائي يعانين في دراسة العلوم والفنون من كليـات سويسرا ٢٢٤ فتاة منهنَّ 157 لدراسة الطب و٦٢ لدراسة الفلسفة وه للفقه.
وإنه قدرت دخول الدكتورات في فيلادافيا،فكان دخل بعضهن عشرة آلاف ريال وبعضهن الآخر عشرين ألف ريال سنويًا.
وإن في نيويورك ابنة تسمى مسس اسبراج تربح ألف جنيه في السنة بخط الإشارة (استينوغرافي)، وهو اصطلاح يستعمل لاختصار الألفاظ.
وإن مس بال في مدينة بوليكة تربح ألف وستماية ليرة إنكليزية وأخرى تسمى يالنتين تربح ألف ليرة إنكليزية من الإصطلاح المذكور.
وأن لبعض النساء ولعُ في جمع الآثار الغربية، حتى أن لإحدى نساء إنكلترا ألف وماية إبريق شاي كل منها يخالف الآخر في شكله وصنعه.
ولامرأة أخـرى مـجـمـوعـة كشـاتبين من التي كانت تستعملها بعض النساء الشهيرات قديمًا.
وإن امرأة ثالثة تصور كل زي كان للقبعات في السنوات العشر الأخيرة.
وأنه قد توفيت في المكسيك منذ أيام امرأة اسبانية تدعى “مارغريتا ريفيرا” لها من العمر ١٣٢ سنة، وقد عاشت بعد وفاة زوجها ٧٤سنة، ورأت من نسلها ستة أعقاب.
وإنها ابتاعت دار التحف البريطانية قطعة من الخرج (الدانتلا) المصنوعة جنوبي أرلندا، ودفعت ثمن المتر منها 80ليرة إنكليزية لدقة صنعتها، وستعرضها في معرض شيكاغو العام. إنه تطوع نحو 3500 امرأة لجمع النقود على طاولات المنتزهات في لندرا إعانة لبناء المستشفيات المجانية في تلك العاصمة.
وإن امرأة من نساء سان فرانسيسكو وقفت مبلغ ٢٠ ألف ليرة إنكليزية لتعليم بنات الفقراء.
وإنه يوجد بالولايات المتحدة الأمريكية ٦٢٣٥ مكتبًا للبريد تديرها النساء.
وإنه يوجد ١٦٠٠٠ ابنة وامرأة في خدمة البريد في أنحاء إنكلترا.
وإن في إيطاليا نحو خمسة ملايين من النساء يشتغلن في الصناعة والزراعة وغيرهما،وإن عقيلة كلهون ستسافر إلى إمبلنكير بأفريقيا لكي تبشر مع صهرها بين تلك القبائل.
وإن بعض الفتيات الميسورات في فرنسا أوصت بمبلغ 30 ألف ليرة إنكليزية تنفقه على زينة بيت لم يدخله كلبًا منذ عامين.
وأن في لندرا ناديا لكارهات الزواج وإذا تجـاسـرت إحداهن على الاقـتـران جوزيت بطردها من النادي وبدفع غرامة وقدرها ٢٥ليرة إنكليزية.
وإن عقيلة المستر غلاد ستون لم تزل قوية قادرة نظير زوجها مع أنها بلغت الثمانين من عمرها، وقد قضت صباح يوم عيدها بكتابة الرسائل الودية لجميع صاحباتها في داخلية انكلترة وخارجيتها بدون أن تستعين على القرءاة والكتابة بالنظارات لأن عينیها براقتين کعینی حسناء، وأنه عندما تقيم مع زوجها «المستر غلادستون» في هاورزن تذهب معه يوميًا إلى الكنيسة التي تبعد عن هاورزن ثلاثة أرباع الميل ماشية على القدم، وفي الأيام الباردة المثلجة تعود من الكنيسة على عربة صغيرة خفيفة يقودها حصان صغير تسوقه بيديها، وتجد بذلك نزهة وسرورًا فايقاً.
وإن لدى إحدى النساء الإنكليزيات (كما روته الصحف الإنكليزية) كلبًا عودته على ممارسة الواجبات الاجتماعية كأحسن الخدم، فهي إن خرجت من بيتها ذهب الكلب وراءها ليرفع في فمه طرف ذيل ثوبها الطويل إلى ما فوق رأسه فإذا وقفت وقف ساكنًا بدون أن يزعجها تاركًا الذيل يجر على الأرض كالعادة، ومتى وجدها تحركت مسيرًا عاد إلى وظيفته كما يرام.
وروت جرائد فينا أن فتاة إنكليزية قطعت ٢٥١ ميلاً جريًا على ظهر الجواد في مدة 67ساعة ونصف، وذلك بين الجبال ولا تزال على الجواد في غاية الصحة والعافية وقد قالت إنها تمكنت مع كل هذه السرعة من التمتع بمشاهدة الطبيعة وجمالها.
وقالت مجلة المرأة الإنكليزية أن “عقيلة لانكتري” الممثلة الإنكليزية الشهيرة تزدان في ليالي التمثيل بجواهر لا تقل قيمتها عن 60 أو 70 ألف ليرة إنكليزية، وأما مدام باتی فمجوهراتها لا تزيد عن 40 ألف ليرة إنكليزية.
وإن صراف الحكومة الأميركية في الخزينة الدولية هي امرأة، وإنها تعد كل يوم 75 ألف قطعة من العملة ولها أنامل رقيقة حساسة إلى حد أنها تدرك من الملمس الدرهم المزيف.
وإنه في مدينة شيكاغو خمسون امرأة يتعاطين صناعة المحاماة و300 امرأة يتعاطين صناعة الطب.
وإن نساء سومطرا يلبسن أثمن الثياب، وهي منسوجة من الذهب والفضة وينسج الثوب من الصوف والقطن، وذلك بواسطة ترقيق الصفايح الذهبية والفضية إلى حد يستخرجون منه الخيوط التي تنسج بها هذه الأثواب.
وروت الثمرات نقلاً عن إحدى الجرائد أن من أنباء بريفنون بانكلترة أن المحامية “عقيلة ارنستين رور” المشهورة في الآفاق بمحاماتها عن حقوق النساء قد توفاها الله في المدينة المذكورة بالغة من العمر 80 عامًا، وهذه العقيلة المتوفاة صرفت أربعين سنة من حياتها في المحاماة عن دعاوى النساء، سواًء كان في الولايات المتحدة الأميريكية أو في الولايات والقرى البريطانية.
وقالت الأهرام، نقلاً عن الجرائد أن مزارعًا في أميركا أبصر في الخلا امرأة عارية تأكل العشب والكلاء، وكان قد سمع عنها من أناس رأوها قبله أنها أشبه بالوحوش منها بالناس، فدنا منها ولمسها فغضبت غضبًا شديدًا، وحاول أن يقبض عليها فرمته وأفلتت منه، ولكن بدون أن يسمع لها صوتًا، وفرت إلى داخل الغابات، وقد رجح المزارع أنها عايشة في المغاير تأكل من نبات الأرض وكلأها، وأنها مع وحشيتها جميلة حسناء.
“القسم النسائي في معرض شيكاغو“
ومما ورد عن معرض شيكاغو وعن القسم النسائي منه، الذي هو تحت رئاسة السيدة الفاضلة “برثا هونوري بالمركنا” نود أن نفرغ له مقامًا فسيحًا في صدر هذا العدد إلَّا أن ضيق المقـام أخـرنا عن ذلك، سيما وأن الكاتبات البارعات الأديبات السيدات هنا “كوراني واستير ازهرى ومريم خالد” وغيرهن قد كتبن بشأنه مقالات عديدة في لسان الحال والأهرام ولبنان، ومن الكتب الواردة من مدام بالمرالي حضرات السيدات الموما إليهنَّ وإلى السيدة الفاضلة العقيلة سلمي عرمان والسيدة البارعة الأنسة أنيسة صيبعة وما كتبته أيضًا جريدة لسان الحال الغراء في جملة أعداد متتابعة ما يدعينا الآن أن نكتفي بهذا الإلماع، ونؤمل من حضرات السيدات الموما إليهن أن لا يبخلن على الفتاة بما يرغبن نشره في هذا الموضوع أو غيره.
والذي قرأناه في الجرائد عن هذا المعرض العظيم بأن نساء البلجيك قد هيأن معرضًا نسائيًا ليعرضنه في شيكاغو تحت حماية جلالة ملكتهنَّ وبرئاستها، وأن نساء شليسا سيرسلن نافذة كاملة منقوشة في نهاية الحسن لقسم النساء، وأن فتاة فرنساوية من البارعات سوف تخطب خطبًا معدة لمواضيع معينة في هذا المعرض وسيكون موضوعها عاصمة فرنسا ومعيشة باريس.
“معرض النساء في باريس“
وأما معرض النساء في باريس، كما ورد في الجرائد الفرنساوية، ونقلتهُ جريدة الأهرام الغراء وغيرها، فهو أن الباريزيين سيقيمون بهذه السنة معرضًا للنساء، وقد وضعوا له فهرسًا، وجعلوا عنوانه من النساء وإليهن أو كل شيء عملته المرأة، وسيكون فيه أجمل الجواهر وساعات عظيمة من عمل النساء.
ثم يكون فيه الشريط والحرير والتخريم والتطريز والثياب والأثاث المختص بالنساء وأنواع الخياطة والزهور والأحذية مع مجموعات تدل على ثبات المرأة ولوازمها وأعمالها من القديم حتى الآن.
وقد أقيم فيه لمجموعة الثياب عشرة قاعات واسعة تعرض فيها التماثيل والصور والرسوم من كل أزياء المرأة في جميع الأعصر ومن جميع البلاد.
ثم التماثيل الشخصية تعرض فيه أجمل ملابس النساء في هذه العصور وما قبله، وستقام على رؤوس تلك التماثيل أزياء الشعر، فيرى الناظر كيف كانت النساء ينظمن شعورهن من عهد الملكات جوليا وليفيا وإيزابيلا وكاترين دى ماديسيس وغيرهن في الأعصر الماضية.
ثم تقام قاعة تفرش فيها أعمال الفتيات في فرنسا وغيرها كالتصوير والحفر والتطريز والتخريم ونحوها.
وهذا المعرض سيكون قاصرًا على كل ما عملته المرأة من الأعمال بين صناعية وعقلية وغيرها، وكل ما لبسته من الأثواب واستعملته من الأدوات واخترعته من الملابس وصف الشعور وأنواع الحلى وما شاكلها، ممثلة كل ذلك بتماثيل من الشمع الصافي أو بتصوير من أعمال المرأة مما لا نشك في أن يصادف أعظم نجاح وإقبال.
ومما ورد أيضًا عن هذا المعرض بأنه لا يسمح للرجل بالاشتراك به، وقد جمع مكتبة كبيرة محتوية على جميع مؤلفات النساء، وأن معرض الرسوم فيه كله من أشغال النساء، وأن حضرة ملكة رومانيا المعظمة قد رضيت أن تتولى رئاسة هذا المعرض اللطيف.
“إنعامات سلطانية“
أنعم الجناب السلطاني المهاب بوسام الشفقة من الدرجة الأولى على حضرة صاحبة العفة أصغر كريمات دولتو ابهتلو سعيد باشا الصدر السابق.
وعلى حضرة السيدة المصونة قرينة سفيرة دولة فرنسا الفخيمة.
وعلى حضرة صاحبة العفة أكبر حرم دولتلو زهدي باشا ناظر الديون العمومية ويمثله من الدرجة الثانية على صاحبات العفة بقية حرم دولة المشار إليه.
وعلى حضرة صاحبة العفة كريمة دولتلو أفندم خليل رفعت باشا ناظر الداخلية.
وعلى عفتلو خانم أفندى أكبر كريمات حضرة دولتلو رضا باشا ناظر العدلية.
وعلى صاحبة العفة حرم جناب السرى الهمام الوجيه الفاضل سعاد تلو الحاج سعد الله بك حلابه.
ويقطعة من مداليا الصنائع على تقية خانم معلمة التاريخ العمومي واللسان الفارسي في مكتب دار المعلمات باللغة الفارسية.
فنهئهن جمعا بهذه الإنعامات التي حلت محلها
«أخبار أوربا“
سيحتفل في 15 يناير بزواج البرنسس مرغريتا شقيقة إمبراطور ألمانيا وحفيدة ملكة إنكلترا على البرنس فردريك دي هيس بمدينة برلين في يوم تذكار السنة الخامسة والثلاثين من زواج والدتها الامبراطورة فريدريكة.
وإنه عقدت خطبة البرنسس كليمتن كريمة جلالة ملك البلجيك على الأرشيدوق فرانسوا فردينند الأبن الأكبر للأرشيدوق تشارلس شقيق إمبراطور النمسا.
وإن البرنس دي هوى الألماني تزوج في يوم الثلاثا من الشهر الماضي بإحـدى المغنيات المشهورات برخامة الصوت، وقد حضر البرنس ولهم دي هيس عقد زواجه أمام المحكمة المدنية.
وإن حـضـرة الملكة والدة ملك أسبانيا المعظمـة قـبلت أن تكون عرابة لابنة إمبراطور ألمانيا، وقد أنابت عنها في حفلة العماد سفير أسبانيا في برلين.
وقد نشرت جريدة برى اسوسياسون التي تطبع في لوندره بأنه تقرر زفاف البرنس ماری دارینمبورج علی ولی عهد رومانيا في 11 شباط (فبراير) القادم.
وإن حضرة ناتالي ملكة السرب ستذهب إلى أسبانيا للتفرج على آثار ومعاهد بلاد الأندلس المشهورة.
وإن الغراندوقة الكسندرا بترونا أرملة المرحوم الغراندوق نيقولا الروسي قـد استقلت السفينة الروسية الحربية المسماة أركلك قاصدة جزيرة فورنو، وأن سفرها سيكون رأسًا من بحر الأسود إلى قلعة سلطانية.
ثم ورد بعد ذلك بأن حضرة الغراندوقة قد وصلت إلى قواف، فأرسلت الدولة العلية لاستقبالها دولتو منير باشا ناظر التشريفات العمومية وسعاد تلو شاكر باشا فريق المعية السنية وسعاد تلوشاكر باشا محافظ البوغاز تأهيلاً وترحيباً.
ومن أخبار صوفيا أنه سيعقد للبرنس فردينند على البرنسس التي دورلا آن كريمة الكونت دو بارين.
لبنان
«حرم دولتلو نعوم باشا متصرف جبل لبنان»
تبتسم الفتاة سرورًا برفعها فريضة التهاني بالعدد الأول منها لصاحبة العفاف ودرة تاج اللطف وواسطة عقد الكمال حرم دولتلو نعوم باشا متصرف جبل لبنان.
وهي ابنة الطيب الذكر المغفور لهُ المرحوم فرنقو باشا متصرف جبل لبنان أسبق وقد أنت لبنان، وهي فتاة حسناء وبارحته قبل أن تبلغ سن الكواعب ثم عادت إليه بعد مدة 19 سنة و9 أشهر حرمًا مصونًا لابن عمتها وحليلها الرجل العظيم والوزير الخطير صاحب الدولة نعوم باشا.
فافرحنَّ يا فتيات لبنان بأميرة بارحتكنَّ، وهي هلالاً وعادت إليكن وهي كالبدر كمالاً، فلا غرو إذا مدت إليكن يمينها البيضاء ونهضت بكن إلى مقام الفضل ومراتب الكمال بعد أن عرفت –كما قال بعض أمراء لبنان– أن تقدم الرجال نتيجة تقدم النساء وترقي النساء نتيجة تقدم الرجال، وكما أن البناء لا يقوم على ركن واحد هكذا المجتمع الإنساني لا يقوم على ركن دون الآخرون، وأن التربية هي الوحيدة لتشييد أركان هذا البناء، ولو أن المقام يسمح لنا لأثبتنا في هذا العدد الخطاب الذي ارتجلته ولفظته الكاتبة البارعة الأديبة الأنسة السيدة مريم خالد، ولكننا نكتفى بما لفظه صاحب الدولة نعوم باشا بقوله لها: بأني أؤكد بأنك أول ابنة في بلادنا وقفت هذا الموقف التي تتهيب منه الرجال، فأشكر لك وأثنى عليك وأهني البلد التي أنت فيها، والطائفة التي أنت منها والعائلة التي نبغتِ فيها، وأؤمل أن تكون وسيلة لنجاح بلادكِ ثم أمر لها بعد ذلك بسوار بديع الإتقان والصنعة مرفوقًا بكتاب من جناب السرى الهمام عزتلو اسكندر بك توبني مأمور المخابرات الأجنبية والترجمان الأول لدولته، تأييدًا لما تقدم وتنشيطاً لحضرة الفاضلة الموما إليها.
الإسكندرية
“زفاف سعيد“
لقد كان منزل جناب الوجيه الفاضل عزتلو محمد بك أسعد في مساء يوم الخميس الواقع في 3 نوفمبر الحالي برجًا سماويًا يضئ بأشعة المسرات وأنوار الأفراح احـتـفـالاً بزفاف نجله الأديب غالب أفندي على ذات الطهر والعفاف الدرة المكنونة والجوهرة المصونة السيدة راشدة شقيقة جناب الحسيب الوجيه عزتلو سعيد بك غرياني.
وكان دار الحرم المصون المنشور عليه لواء الوقار والاحترام، كسماء تدور بأفقها كواكب وبدور وأقمار الأسرتين الكريمتين ومن حولهن الخواتين والسيدات اللواتي كنَّ مثل النجوم التي يسرى بها الساري، وجميعهنَّ يطفنَ حول أفق العروس التي كانت:
شمسُ ولا كالشمس عند زوالها …… بدر ولا كالبدر في نقصانه
وقد كنا نود أن نطيل الشرح بما كان من مظاهر الأفراح وعظيم المسرات في هذا النادي الكريم، ولكن بما أننا في العدد الآتي من «الفتاة» سنبـتـدي في فصـول متتابعة عن عوائد الأعراس والجلوات والزغردة والمراقص، فاكتفينا الآن بما قلَّ فدلَّ عن فرح:
محاسنه أضحت كمثل صفاته…… وأوصافه في المدح لا تنتهى عدا
ومما وصل إلينا عن هذا الفرح بأن العروس بوصولها بموكبها العظيم إلى دار العريس كانت لابسة حلة بيضاء مجركشة بالذهب ومطرزة بالآلي، وعند عتبة الباب نحرت تحت أقدامها الخرفان (ووزعت على الفقراء)، وإن كلا من جناب والد العريس المحترم وحضرة والدة العريس المصونة عند مقابلة العروس بدر من فوق رأسها بدرتين من المال “للخدم والعبيد“، وإن البعض من الخواتين المصونات فرشت تحت أقدام العروس الكشامير الثمينة “وصار توزيعها فيما بعد على الخدم والحواشي»، وإن كافة السيدات والخواتين المصونات بعد انتهاء الجلوة كن يرشقن العالمة «رئيسة المغنيات» بالنقود الذهبية، وبعضهن بقطع حلى ذهبية ثمينة، وقد انصرفن وهن يطلبن للعروسين الرغد والهناء والتوفيق.
أعياد الزواج
يعيد المتزوجون من الإفرنج أربعة أعياد إذا طال عمر الزوجين، فالأول يسمونه عيد الجلد والثاني عيد الفضي والثالث عيد الذهبي والرابع عيد الألماس، فالأول يكون بعد الرفاف ١٠سنوات والثاني بعد ٢٥ والثالث بعد 50 والرابع بعد 75سنة، وعلى الأصدقاء أن يهادوهما بالهدايا المناسبة لاسم العيد، فبالأول تكون الهدية مصنوعة من الجلد، وبالثاني من الفضة وبالثالث من الذهب وبالرابع من الماس، وبناًء على ذلك كان يوم 30 أكتوبر الماضي العيد الفضي لجلالة ملك وملكة اليونان، فاحتفل في كنيسة الروم الأرثوذكسية الكبرى بالأسكندرية بقداس حافل، وبعد انتهاء القداس رفع الموسيو أفيروف اليوناني الشهير صاحب المآثر العديدة رسالة برقية إلى جلالة الملكة يهنئها بعيدها الفضي، متبرعا بمبلغ ۲۰۰۰۰۰ دراخمة لتنفقها جلالتها على إنشاء منازل خيرية تحت رعايتها، فأجابته برسالة برقية وهذه صورتها:
أشكرك من صميم الفـؤاد على هبتك الكريمة الوطنية التي سرتني سـرورًا لا يوصف.
«أولغا »
“مصر“
في يوم ٢٨ أكتوبر عادت من أوربا حضرة البارونة قرينة جناب البارون مالورتی مدير المطبوعات في مصر، فلاقاها إلى الإسماعيلية جناب قرينها بل وعاد بها إلى مصر بالسلامة.
وفي يوم الأربعا الواقع في أول الحالي انتقلت إلى رحمة الله تعالى المرحومة المبرورة البرنسس برلنتي هانم حرم المغفور له إلهامي باشا، فشيعت جنازتها بمحفل حافل مشي به الأمراء والوزراء والأعيان وكبار القوم والعلماء ومشايخ الطرق وأولاد المدارس، وسار المشهد بهذه الأميرة الجليلة من سرايتها الجديدة بالإسماعيلية إلى جامع القلعة، فصلى عليها فيه ونقلت جثتها إلى مدفن المغاوري.
فنسأل الله أن يغمـدهـا برضـوانه ويسكنها فسيح جناته، ويطيل بقاء أفندينا الخديوي المعظم وحضرة صاحبة الدولة والعصمة مولاتي والدة الجناب العالي المعظمة وآلها الكرام مدى الدوام.
فكاهات ولطايف
“فتاة إنكليزية وحـمـدة أندلسية“
قرأنا في بعض الجرائد بأن في فرنسا قد كثر طلب شعر النساء، وراجت سوقه حتى بلغ ثمن شعر الرأس ۲۰۰۰ فرنك، وأن فتاة إنكليزية أرسلت إلى إحدى جرائد لندن بشعرة من شعر رأسها طولها 33 قيراطًا، وهي تسأل إذا كان يوجد في العالم شعر أطول من شعرها، فورد بعد ذلك إلى الجريدة شعر يختلف طوله من 35 إلى 50 و63 قيراطا.
فذكرتنا هذه الحادثة والشي بالشي يذكر أبياتًا لحمدة بنت زياد الوادي «خنساء المغرب وشاعرة الأندلس» يوم خرجت فيه للوادي مع فتاة حسناء من نسيباتها إلى نهر كثير الجداول للاستحمام، فلما نزلتا في لجج المياه نظرت إلى شعر نسيبتها فرأته ملتفًا على جسمها حتى قدميها كأنه ظلام وقد أسبل على الضياء فقالت:
أباح الدمع أسراري بوادي …… له للحسن آثار بـــــــــوادي
فمن نهر يطوف بكـل وادٍ …… ومن روض يرف بكل وادي
ومن بين الظباء مهاة أنـس ……سبت لبي وقد ملكت فؤادي
لها لحظ ترقـدهُ لامر…… وذاك الأمر يمنـعنى رقادی
إذا سدلت زوايبهـا عليها…… رأيت البدر في أفق السواد
كأن الصبح مات له شقيق ……فمن حزن تسربـل بالحداد
“غرائب الصدف“
ابنة فرنساوية في مرسيليا أعلنت في الجرائد أن عمرها ٢١ سنة، وتملك مبلغ ١٢٥ ألف فرنك، وأنها جميلة الوجه صحيحة الجسم تود الاقتران برجل لا يزيد عمره عن 35سنة، بشرط أن يكون فرنساويًا من عائلة كريمة وذا مهنة يربح منها لا أقل من ۳۰۰ فرنك شهريًا، فعلى من كان حائزًا هذه الصفات وراغبًا هذه الشروط أن يكتب لها تحت اسم أ. د.ل نومرو ٤١٢.
وبعد قليل ورد لها الجواب من إمضاء ج. أ. ن. باريس نمره ١٢١٥ يقول لها أنا كما تريدين لكن أحب أن أراكِ.
فأجابته يمكنك أن تحضر في يوم الأحد الساعة 11 صباحًا والدقيقة ٢٥ في محطة ليون، فترى على المحطة فتاة لابسة فسطانًا من الصوف أسود وعلى رأسها برنيطة سوداء يعلوها ريشة بيضاء، وفي يدها مروحة حمراء وكتاب صغير مذهب بجلد أسود ماشية على الرصيف وتقرأ في الكتاب إلا وهي أ.د.ل.
هذا ولما أزف الوقت المعين سافر الرجل إلى ليون متغطرسًا ومتبهرجًا كمن يود أن تراه عروس (تظن أن الفضل ومحاسن الأعمال في لطف الأزياء وظواهر الجمال) وبوصوله إلى المحطة رأى الفتاة كما أشارت إليه فصاح بأعلى صوته شقيقتي أدل وصاحت هي شقيقي جان أأنت ج أ.ن. قال نعم شقيقتي أنا هو ذلك المسكين وأنت أ.د.ل. قالت نعم أنا هي تلك الفتاة المنكودة الحظ، فضحك كل منهما من هذه المصادفة الغريبة وعادا إلى باريس سواءً ولسان حال جان يقول:
ولكنَّ فضل فكم منكنَّ لى أدب…… وربما صحت الأجسام بالعللِ
(العذر وإن قل دواء لكل ذنب وإن جل)
منذ حصولنا على امتياز جريدة الفتاة، وردت لنا رسائل السيدات تتري من كافة جهات سوريا ولبنان وحلب واطنه حتى بغداد دار السلام، ولما كثر عدد الرسائل وقضت علينا حكم الظروف بالتأخير عن إيفاهما علينا من الحق الواجب ظهرت الآن الفتاة تبسط لهن العذر وهنَّ أكرم من عذر.
وإعلانًا بما في صدور السيدات الفاضلات من الغيرة والحمية ورغبتهنَّ في تعضيد مشروعنا ونجاحه، وما نحن من الشكر والامتنان لسامي لطفهن وعظيم فضلهنَّ ندرج في هذا العدد من هذه الرسائل الواردة باسم شقيقتنا ساره بما يسمح به المقام.
“هند“
لحضرة السيدة الفاضلة هنا كوراني
من يرى المآثر الغراء والمكرمات الفضلى ويحبس لسانه وقلبه عن شكرها وتأدية واجب حمدها، فقد تناهي في الظلم وكان من الضالين، ومن أظلم وأضلَّ ممن يضن بتزيين الطروس بـجـوهـر عرفانك ونفيس فضلك ويهديها عروس تجلَّت بحلل كـمـالك وتعطرت بأرج الثناء على غزارة علمك ووفرة أدبك.
ولما كنت ممن يبصرون النور فيستضيئون، دعاني داعي الحق والجنسية لأرفع لحضرتك أذكى التهـاني، أولاً: على ما أصبته من الحظ الكبير من خزائن الأدب والسجايا الحميدة، وأحرزِته من رفيع المنزلة في نادي العلوم والمعارف، وثانيًا: بامتيازك بفتاتك الزهراء التي تلقيت البشرى بقرب صدورها إلى عالم الحقيقة والوجود بصدرٍ منبسط وقلب متهلل، ذلك لأملى بأنها ستبدو للعيان في مظاهر الجمال والجلال ترفل بحلل البراعة والبلاغة مزدانة بأنوار الحقائق والكمالات الرائقة رافعة لواء العلم والآداب ناشرة روح الإصلاح والحرية سائرة في طرق الهداية وسبل الاستقامة متقلدة بحسام الفضل ورافعة في وجه العدو ترس قوة المعرفة مفصحة بما لحضرتكِ من الباع الطولي في نسج برد البلاغة على نول الفصاحة، معلنة ما تفردت به من علو الهمة وإصابة الرأى وشدة الحزم والغيرة على الإنسانية وارتقائها.
فاقبلي منى أعزك الباري أنفس ما لديَّ من أزهار الثناء المتعطرات بشذا فضلك وثقي بأني أتمنى لمشروعك الجليل النجاح الكامل، وإن تعذر الكمال وعسى إن فتاتك تصادف في أفئدة بنات جنسك منزلاً رحيبًا وسيعًا لتستقر قدميها ويطيب خاطرها ويعلو شأنها، فتهدي إلى الشرق من ذخائرك اليتيمة فرائد الفوايد وتكون الوسيلة الكبرى في ارتقاء شأن المرأة العلمي والأدبي، ويا حبذا لو اتحد الجميع في خدمة الخير العام وتعزيز مكانة المعارف لرقينا أوج المعالي وسكنا قصور السعادة والرفاه.
هذا وأسأل المنان أن يحفظك قرة عين الفضـل وجـوهرة في تاج العصر إنه بإجابة السؤال جدير وعلى مكافأتك أقدر قدير، (بيروت في 10 أيار سنة ١٨٩٢).