الجزء الثامن من السنة الأولى

الجزء الثامن من السنة الأولى

في 1 تموز يوليوه سنة ١٨٩٣

موافق ۱۷ ذي الحجة سنة ١٣١٠

«جلالة فكتوريا ملكة الإنكليز وإمبراطورة الهند»

قيامًا بما وعدنا به حضـرات القراء في الجزئين الأول والسابع من جريدتنا «الفتاة» قد صدرنا هذا الجزء بصورة هذه الملكة المعظمة، وهي متوشحة بثوبها العادي الذي لم نفضله على غيره من أثوابها الرسمية الملوكية إلَّا لكونه بسيطًا، وآخر رسم لم يطلع عليـه عـامـة الناس، كالرسم المنتشر بين الرفيع والوضيع ولزيادة الإيضاح والاحترام نثبت في هذا المقام ملخص ترجمة حياتها مقتطفًا عن كتاب معرض الحسناء في تراجم مشاهير النساء وعن جريدة اللطائف الغراء كما يأتي.

ولدت فكتوريا الكسندرينا ملكة بريطانيا العظمى وحـامـيـة الدين والإيمان وإمبراطورة الهند في ٢٤ أيار (مايو) سنة 1819 من أبوين كريمين وهـمـا البنرس إدوارد دوق دى كنت الابن الرابع للملك جورج الثالث ملك الإنكليز والبرنسس فكتوريا ماری لویزا ابنة فرانسوا دوق دی ساکس.

وقد توفي أبوها في أوائل سنة ١٨٢٠ حيث كان عمرها ثمانية أشهر، فقامت أمها على تربيتها واهتمت بأمرها اهتمامًا عظيمًا، لأنها كانت وحيدة لها ولعلمها أيضًا بأن مهام السلطنة ستنقاد إليها يومًا ما.

وريثما بلغت فكتوريا سن الخامسة من العمر تعين لها بأمر البارلمانت الإنكليزي مبلغ وقدره ستة آلاف ليرة إنكليزية راتبًا سنويًا، لينفق على تعليمها وتهذيبها وقبل أن تتجاوز سن الثانية عشرة من العمر أصبحت تتكلم جيدًا في اللغات الفرنساوية والجرمانية واللاتينية والايتالية، وأتقنت الموسيقى والتصوير والعلوم الرياضية ثم رأى أساتذتها أن من الضروري ترويض جسمها، فعلموها ركوب الخيل وقطع البحار إلى غير ذلك من الأعمال التي تقوى البنية وتفيد الصحة وتزيد الشجاعة وتنزع الخوف.

وفي سنة 1837 بلغت الثامنة عشرة من عمرها وهو سن الرشد عند الإنكليز فجرى لها احتفال عظيم في أقطار المملكة الإنكليزية عمومًا، وذلك بعد أن ساحت معظم البلاد وشارفت أحوالها الزراعية والصناعية، ولما توفى عمها الملك وليم الرابع في ۲۰ حزيران (يونيو) من هذه السنة توجه رؤساء المملكة إلى قـصـر سنت جـمس فوجدوها نائمة، فأيقظوها وأخبروها بوفاة عمها وأنها أصبحت ملكة الإنكليز، فأظهرت من الحزم والنباهة ما أدهش جميعهم، وفي صباح ذلك اليوم نودي باسـمـهـا ملكة لبريطانيا العظمى.

وفی ۲۰ تشرين الثاني (نوفمبر) افتتحت البرلمان لأول مرة فعين لها ٣٨٥ألف ليرة إنكليزية راتبا سنويا.

وكان وزيرها الأول اللورد ملبرن شهيرًا في فنون السياسة ومع عظم شهرته وثقتها بحسن مسعاه وصفاء نيته وخلوص ضميره كانت لم تمضى ورقة ما لم تفهم منه مؤداها وموادها.

وفی ۲۸ حزیران «يونيوسنة ١٨٣٨ توجت بالتاج الملوكي في دير وستمنستر بعد توزيع أوراق الدعوة على أمراء المملكة وأشرافها، ويقال أن كثيرًا ممن لم يكن بيده ورقة دخول قد اشتراها بمبلغ خمسين ليرة إنكليزية، ومنهم من اشتراها بميئة ليرة وكان التاج الذي توجت به مرصعًا بـ ١٣٩٣ جوهرة منيرة و١٢٧٣ جوهرة وردية و١٤٧ جوهرة مستطيلة أما نفقة يوم التتويج فقد بلغت ٦٩٤٢١ ليرة إنكليزية.

وبعد أن استوت على عرش المملكة كاشفت مجلس البرلمنت، بأنها تريد أن تتبع سنة الله في خلقه وأنها عازمة أن تتزوج في البرنس فرنسوا ألبرت ابن الدوق كوبرج فاستصوب المجلس رأيها وعين له ثلاثين ألف ليرة إنكليزية راتبًا سنويًا، وبعد محاورة طويلة في المجلس صدر أمرها الملوكي أن يكون مقامه بعد مقامها بالنسبة إلى المملكة وفي ٢٤ يناير سنة 1840 تجنس بالجنسية الإنكليزية بموجب جـواز رسمي، وفي ۱۰شباط «فبراير» سنة ١٨٤٠ تم اقترانها بالبرنس ألبرت المشار إليه باحتفال عظيم وفی ۲۱ تنوفمبر سنة ١٨٤٠ ولدت البرنسس الكسندرا فكتوريا ادلايد أرملة المرحوم فريدريك إمبراطور ألمانيا ووالدة الإمبراطور غليوم الحالي.

وفي السنة الثانية ولدت ولى عهدها البرنس ألبرت إدوارد أوف وبلس دى غال وأنفق على عماده بأمر البرلنت مبلغ مائتي ألف ليرة إنكليزية.

وفي سنة ١٨٤٢ زارت اسكتلندا فاحتفل الشعب الاسكتلندي بها وبزوجها احتفالاً لم يسبق له مثيل.

وفي سنة ١٨٥٢ فقدت دوق ولنتون الذي كان بطلاً عظيمًا وقائدًا محنكًا، وهو الذي قهر الإمبراطور نابيون الأول في واقعة وطرلو، فحزنت عليه الملكة حزنًا عظيمًا وكتبت قائلة بأنها فقدت فخر إنكلترا ومجدها وأعظم من قام فيها شأن كل ملك عظيم يقدر رجاله قدرهم.

وفی ۲۲شباط فبراير سنة ١٨٥٤ جاهرت بالحرب الروسية «حرب القرموفي شهر آذار «مارس» استعرضت جيوشها الذاهبة إلى القرم وزارت العمارة البحرية قبل سفرها إلى البلطيك. وفي شهر نيسان أبريلسنة ١٨٥٥ زارها الإمبراطور نابليون الثاني مع زوجته الإمبراطورة وأجيني، فردت لهما الزيارة بعد أربعة أشهر من زيارتهما لها.

وفي 16 آذار مارسسنة 1861 توفت أمها عن 75سنة وفي ١٤ كانون الأول «ديسمبرمن هذه السنة توفي زوجها عن ٤٢ عامًا، فحزنت عليهما حزنًا شديدًا حتى أنها لم تذهب إلى الكنيسة يوم الاحتفال بزواج ولي عهدها البرنس دى غال الذي تزوج بالبرنسس الكسندرا كارولينا ابنة ملك الدانيمرك في 10 مارس سنة 1863.

وفي سنة 1867 زارها ساكن الجنان السلطان عبدالعزيز خان ثم ملكة بروسيا ثم إمبراطورة فرنسا وفي سنة 1868 توقت ابنتها البرنسس أكس ثالثة أولادها، وفي سنة ١٨٨٤ توفى ابنها البرنس ليويك ولم يثبت غيرها من ملوك الإنكليز إلَّا ثلاثة وهم الملك هنري الثالث الذي ملك مدة 56 سنة والملك إدوارد الثالث مدة 50 سنة والملك جورج الثالث مدة60 سنة.

وقد ارتقت المملكة في أيامها ارتقاء لامثيل له وخصوصًا بعد استلائها على الجانب الأعظم من البلاد الهندية الواسعة الأرجاء والثروة، وقد بلغ عدد الهنود الخاضعين للحكومة الإنكليزية أكثر من ٢٠٠مليون حالة كون أهالي بريطانيا لا يزيدون عن 35مليونًا فتأمل، وقد اكتشف في مدتها أيضًا على مناجم الذهب في أوستراليا وكولمبيا ومدت أسلاك التلغراف بين انكلترا وأميركا وبين كل ولاياتها، واتسع نطاق الزراعة والصناعة والتجارة والمعارف والمدارس والسكك الحديدية والأساطيل الحربية والسفن التجارية حتى بلغ الشعب الإنكليزي ذروة المجد وشاو الكمال ومعظم الغني وتمتع بما يبتغيه الناس من الحرية الشخصية حتى لم يعد داعٍ لقراءة كتاب الفيلسوف جون ستورت المعنون بالحرية.

وفي سنة ١٨٧٦ نودي بالملكة فكتوريا إمبراطورة الهند وقد ولد لها أربعة بنين وخمس بنات (تقدم ذكرهما في الجزء الأول من الفتاة).

وأما راتبها السنوي فهو كما تقدم 385 ألف ليرة، ولها دخل أخـر من دوقية لنكستر يبلغ ٤٥ ألف ليرة، فيكون مجموع دخلها السنوي ٤٣١ ألف ليرة إنكليزية تنفق معظمه على عمل الخير وفعل الإحسان.

وهذه الملكة العظيمة مشهورة بالتقوى والاهتمام بتربية أولادها والالتفات إلى الفقراء والمساكين والمحتاجين من رعاياها، وهي تشتغل بيدها في أوقات الفراغ أحرمة وأكيسة وترسلهما إلى الفقراء علاوة على ما كانت تنفقه عليهم من الأموال الطائلة ومع ذلك، وبالرغم من تعلق شعبها بها وحبهم لها لم تخلو من المعتدين على حياتها كما قيل.

لم يخلو المرء من ضد ولو …حاول العزلة في رأس الجبل

فبعد زواجها بأربعة أشهر أطلق عليها اكسفرد الرصاص مرتين ولم يصبها وقد حكم عليه بالموت، وفي سنة ١٨٤٢ حاول آخر قتلها وأطلق عليها رصاصة فلم تصبها وحكم عليه بالموت أيضًا، ولكنها عاملته بالشفقة وأبدلت الموت بالنفي المؤيد ثم حاول بعد بضعة أسابيع رجل آخر أن يطلق عليها الرصاص وحكم عليه بالسجن وفي سنة ١٨٤٩ رماها رجل أرلندي بالرصاص فأخطأها فحكم عليه بالنفي، وفي سنة ١٨٥٠ هجم عليها أحد العساكر الإنكليزية وضربها بالعصا على وجهها فحكم عليه بالنفي، وفي سنة ١٨٧٢ هجم عليها شاب إنكليزي وقصد أن يتهددها بالقتل فحكم عليه بالسجن وفي سنة ٨٨٢ أطلق عليها شاب رصاصة فأخطأها، فأودع البيمارستان حيث وجد مجنونًا وفي تلك السنة أرسل بعضهم رسالة إلى السر هنري يتهدد بها الملكة بالقتل.

ولهذه الملكة العظيمة مؤلفات شهيرة الأول في تاريخ حياة زوجها في زمن صباهُ والثاني بتاريخ حياتها معه ثم أردفتهما بكتاب ثالث في أواخر سنة83.

هذا وبالنظر إلى ضيق المقام فقد أرجأنا ذكر الذين اشتهروا من رجال ونساء الإنكليز في مدة هذه الملكة المعظمة إلى عدد آخر وكل آتِ قريب.

مصر وبغداد وقرطبه وأوربا

«تابع ما قبله

باريس –

هي المدينة العظمي التي نغمات الآداب لم تصدح إلَّا من سيوف أبطالها، وأنوار الحقائق لم تنبثق إلَّا من ظلمات حبوسها ومنادي التهذيب لم يناد إلَّا بالسنة نيرانها والمبادئ الراهنة لم تنطلق إلَّا من قيودها وأغلالها ولله در من قال فيها:

هنا تصدح النعمي هنا يرقص الهنا…هنا تبسم الدنيا هنا الحظ حاضرُ

هنا النفس تخلو في هواجس سرها …فتوحي بما تصبو إليها الخواطـرُ

هنا تشرح الأنظار للقلب ما ترى…فيبسم عما قد حكنه النواظرُ

وهي عروس المدن وعاصمة مملكة فرنسا واقعة على ضفتي نهر السين من طرفها الشرقي، فيجري إلى الشمال الغربي ويخرج من أسوارها عند طرفها الجنوبي الغربي وعليـه ٢٦ جـسـرًا «كوبريًامرتفعة عن البحر 190 قدمًا ومساحتها داخل حصونها ٢٨٠٥٠ ميلاً مربعًا ومع ضواحيها وولاية السين المخصوصة بها ١٨٤ ميلاً مربعًا وعدد سكانها يزيد عن المليونين من النفوس.

وتنقسم إلى 80 دائرة «حي أو قسم» ويحيطها دائرة حـصـون كاملة يتخللها ۵۷ بابًا عدا مداخل سكك الحديدية ومعظم ارتفاع سورها ٣٤٠ قدمًا يحيط به فندق واحد محيطه ۲۲ ميلاً وعرضه 49 قدمًا، ويتبع هذه التحصينات الداخلية 16 قلعة خارجية.

وفيها 3619سوقًا ومجلسًا وساحة إلى غير ذلك من الأماكن العمومية مع ۳۰۰۰ مسلكًا ونحو ٢٠٠ ألف بناية بين قدير وسراية ووكالة ودائرةٍ وبيتٍ.

ومن أشهر أسواقها البولفار ومن أجمل منترهاتها الشانزيليزيه وطوله میل وربع ميل وهو ذو جنات تقسم إلى أشكال شتى ثم حديقة التويلرى والبلوار وهنالك القهاوى العظيمة، وكلما يطرب الأذن ويقر العين ويشرح الصدر ويروح النفس فضلاً عما بها من السرايات والقصور والمراسح والتماثيل والآثارات والمنتزهات إلى غير ذلك، مما تجذب ببروقه الأبصار وتندهش ببديع جماله الأفكار.

أما لطف نسائها ورقة طباع رجالها فحدث عنهما ولا حرج، ولا تعجب إذا سمعت لسان حالهم ينادي لا مجد ولا فخر إلَّا بالإقدام ولا نمو إلا بالحركة ولا اعتبار إلا بالتسارع ولا غني وثروة إلَّا بالأشغال والأعمال ولا قوة وسطوة إلا بالانضمام والاتحاد ولا شرف واقتدار إلا في محبة الجنس والوطن، فإن التعصب لا يورث إلَّا التأخر والقهقرى والانقسام لا يعود إلا بالضعف والانحطاط والحسد لا يجنى إلا الفقر والاحتقار.

وبالجملة فهم أهل رقة ومؤانسة وصحبة ومجالسة تهزهم نغمة الطرب، وعلى محور أفق كمالهم يدور فلك التمدن والآداب كيف لا وقد أوجدوا للحرية منارًا ليضئ نورًا ويوقد نارًا ورفعوا في مسارح الحق قصورًا للحكمة تخفق فوق أعـاليـهـا ألوية المساواة والإخاء بل هم الذين أوصلوا المرأة إلى مـقـام تحسدها عليه الزهراء حتى أصبحت كل فتاة غيدا تكتفى من الحمد والثناء إذا قيل بها باريزية حسناء لأن الباريزيات، فضلاً على أن الظرف من طبائعهن والخفة في أجسامهن والشهد يتدفق من مباسمهن، فهن من أحسن النساء جسمًا وقـدًا وأجملهن طرفًا وخدًا، وألينهن رشاقة وعطفًا وأكثر من رقة ولطفًا وإلى فتاتهن الحسناء يشير القايل:

إن يدعى قمرُ بوجهك نسبًة …يخشي بأن يسود وجه المدعى

والشمس لو علمت بأنكِ دونها …هبطت عليكِ من المحل الأرفعي

كيف لا وفي لحظها ما يغني عن لفظها وفي ابتسامها ما يكفي عن كلامها ولا تشيبها إلَّا الحرية المطلقة التي تكون أحيانًا فوق الاعتدال وبها يتمثل المنتقال بقول القائل:

عروس ليس تحلق من خداع …وقط لا تعدم الحسناء زاما

وأما عموم أهالي باريس فمن طبعهم التطلع والتولع بسائر الأشياء الجديدة وحب التغيير والتبديل، لا سيما في أمر الملبس الذي لا قرار له عندهم بل لم يقف لهم على عادة في التزيي لسرعة تنوعهم به وخصوصًا النساء اللواتي قيل بهن بأنهنَّ كالصغار تدليعًا والكبار تعظيمًا يعكس نساء الشرق اللواتي لا يرتفعن عن أمتعة البيوت عددًا، وعند البعض كالخدم والعبيد اعتبارًا والبعض يعتبرهن ويحترمهنَّ أحيانًا بحيث يجعلهنَّ كباقات الزهور التي إذا ذبلت طرحت خارجًا.

وأما لون نساء باريس فهو البياض المشرب بالحمرة، وقد يندر وجود اللون الأسمر في أهلها المتأصلات بها ومن عوائد أهلها أن لا يزوجون الزنجية للأبيض أو بالعكس محافظة على عدم الاختلاط في اللون، وهم يعتبرون السواد صفة من صفات القبح خلافًا لاعتبار الشاعر الشرقي القائل:

فيه معنى من البدور ولكـن …نفضت صبقها عليه الليالي

لم يشنك السواد بل زدت حسنًا…إنما يلبس السـواد الموالي

حتى إنهم لا يستخدمون جارية سوداء في المطبخ لظنهم بأن السود من طبعهم عدم النظافة.

وهم يشابهون العرب العرباء بالحرية والافتخار والعفاف وعدم دناءة النفس وإذا عاهدوا عاهدوا عليه وونوا بعهودهم ورجالهم في العسكرية يوافقون أيضًا طباع العرب في صدر الجاهلية إن كان في شدة الشجاعة الدالة على القوة الطبيعية أو في شدة العشق الذي يظهر ضعف العقل. ولهم في الغزل والحماس أشعار قريبة جدًا من نظم بعض شعراء العرب كقول بعضهم وهو يخاطب محبوبته بقوله:

ولقد ذكرتكِ والرغى بحر طغی ……. والنقع ليلٌ والأسنة أنجمُ

فحسبته عرسًا ونحن بروضه …وأنا وأنتِ بظله نتنعمُ

كما قال عنترة العبسي لابنة عمه عبلي:

ولقد ذكرتكِ والرماح نواهلٌ …منى وبيض الهند تقطر من دمي

فوددت تقبيل السيوف لأنها …لمعت كبارق ثغرك المتبسـم

أو كقول أحد ظرفاء مصر:

ولقد ذكرتك والجواد معاندی …على الحديد وقد أتى الوابورُ

أما الملابس عند النساء، فهي تتلون كتلون الحرباء أو كأبي براقش بل هي كقراطيس المالية في البورصة لا تثبت على قرار واحد، ومعظمهن لا يعتني بكثير من الحلى والجواهر بل يكتنفى بأقراط الأذن وأسوار الزند وخاتم الأصبع والخطوبة منهن تضع في بنصرها خاتمًا ذهبيًا دلالة على أنها ذات خطيب.

وقد قرأت نقلاً عن بعض جرائدهن بأن إحدى مثريات باريس قد اخترعت في خلال سنة ١٨٧٤ ثوبًا جديدًا من الأطلس الأزرق السنجابي، وهو اللون المعـروف بالأزرق الصباحي مزدانًا بقلم رفيع من الحرير الأخضر وقلم آخر مخملي (قطيفة) مدبجًا بشبكة من أسلاك الفضة والذهب، وعلى هذه الشبكة عصافير صغيرة من الذهب محكمة الوضع والتركيب، فتغرد كالبلابل عند إبداء أقل حركة من جسم السيدة المشار إليها وتسكن عند سكونها، ولا تندهشي أيتها القارئة إذا تصورت جمال هذا الثوب وقدرت ما استغرقت نفقته من قناطير الدنانير بل قولي مع القائل لا عيشة إلَّا مع الغني ولا حياة إلَّا مع المال على حد قول الشاعر:

إن الدراهم في المواطن كلها …تكسو الرجال مهابة وجمـالا

فهي اللسان لمن أراد فصاحة …وهي السلاح لمن أراد قتـالا

وكنت أود أن استطرد إلى ما كان من الأخلاق والعوائد المألوفة في خطب الباريزين وأعراسهم وولايمهم ومراقصهم ومآتمهم وأحزانهم إلى غير ذلك من أنواع التفائل والتشائم في حياتهم ومجتمعاتهم، لكن تركت ذلك إلى باب العوائد والأخلاق لكي أقابله بما بينهم وبين الأمة الإنكليزية من العوائد القديمة والحديثة وكل أتٍ قريب.

وقبل أن أنتقل من هذه العاصمة إلى ما سواها من عواصم أوربا وأميركا استسمح القراء بذكر بعض مواقع باريس وساحاتها وقصورها وآثارها ومنتزهاتها ومراسحهـا وقـهـاويها ومكاتبها وجرائدها ومدارسها وأكاديمياتها إلى غير ذلك من علومها ومعارفها وآدابها وتمدنها مما لا نظير لها فأقول.

«البقية تأتي

 

العصر الحميدي

«بقلم حضرة الأديبة الأنسة إميليا فارس طراد بمدرسة الشويفات

بسم المهيمن بدء القول يـــزدان …وحمدةُ خير ما يتلوهُ إنسـان

كم خصَّنا بكرامات علت وسمت …فضاق عن وصفها يا قوم شكرانُ

في كل آنٍ لنا من فضلهِ كرمًا …سوابغ كم لها في ذاتها شـانُ

هذه خليفـتهُ الظل الظليــل ومِن …نظيره لم يقم من قبل سلطـانُ

عبدالحميد الذي في عمــــــــره طلعت …كواكب السعد تجلى وازدهي البانُ

فقم تر الأرزَ للعلياء مد يدًا…كأنها من جميل الصنع شكرانُ

من قام نعَّومُ فيه حاكمًا فزها …بأمنهِ وتصافي الذيب والضانُ

ذاك الوزير الخطير الندب من شهدت…بفضلهُ في الملا عجم وعربانُ

ما زالَ من حلٌ فينا أخذَا أبدًا…بناصر العلم فهو اليوم يزدانُ

هاك المدارس في أيامهِ طلـعت….. كواكبًا نورها علٌم وعرفانُ

إنَّ من يمعن النظر وينعم الفكر بما وصل إليـه عـصــرنا الحالي أي العـصـر الحميدي من أسباب التقدم والنجاح لابدَّ له أن يقف توقف التحيرُّ والانذهال لسرعة هذا الانقلاب العجيب والنموّ الغريب، يرفع أكف الضراعة للعزَّة الإلهية ليحفظ ويدم من بظلهِ نحن جميعًا مستظلون ببحبوحة الأمن والسلام رائعون من بعنايته ودرايته، تقدمت البلاد وابتهجت أفئدة العباد من انقادت إليه أعظم الأعمال صاغـرة ذليلة وخـرَّت المصاعب من هيبتهِ مذعورة كليلة، ألا وهو مولانا الأعظم وسلطاننا الأكرم السلطان عبدالحمید خان بدرُ السلالة العثمانية الشريفة وشمس علا الدولة العلية المنيفة الذي منذ تبوئه أريكة العرش الحميدي الأسنى، جاعلاً نواياه المقدسة لما يؤول لرفاهية وتقدم ونجاح رعيته ماديًا وأدبيًا ساهرًا عليها كأمٍّ حنونة تحنُّ إلى ولدها إشفاقًا ومرحمًة, فشيد أركان العدل، وأطفأ نار الظلم وبسط الحرية والأمن، وسهل سبل الراحة ونشر ألوية المعارف وسهل طرق العمران وفتح أبواب التقدم والنجاح. فبذل الدرهم من جيبه الخاص لتوطيد بيوت العلم والأدب وإعانة الفقراء والمساكين ثم ترى مكارمه فاضت فعمت بلاد الغرب أيضًا، لذا نشاهد الصحف الأوربية عى اختلاف نزعاتها تنهج بذكر مآثرهِ الحميدية وأعماله المجيدة لأن بدرايته (أيدهُ الله) قد ألقيت مقاليد الأحكام إلى من توفرت بهم أسباب العدالة، فانبثق نور العدل وانفجر ينبوع الإحسان والفضل، وبزغت شمس المعارف بعد أفولها وتنشطت قوى النفي بعد خمولها، فشبت الشعوب العثمانية من رقدتها واستفاقت من غفلتها وجدَّت في طلب التمدن والعلوم، فأخضعت القوات الطبيعية وذللت المصاعب القوية فسخرت البرق والبخار، فأدنت ما كان بعيدًا وضمت قاصيًا وشريداً ورحم الله شاعرنا الطرادي حيث قال:

غنَّت سليمي في الحجاز فأطربت …مع بعدها أهل العراق نشيدًا

ولو فإن رقصت بمصر فقد نرى…في أصبهان لقدها تأويدًا

أجل ما أبهج هذا العصر وقد بسمت لهُ القلوب طربًا وتاهت بفخره وذكره عجبًا فيه سطعت شمس العلم متلألئة في أفق المعارف، وصاحت بلابل النجاح من كل تليدٍ وطارف حتى أصبح يتحلى بحلل الفخار فائقًا ما سواه من الإعصار ناشدًا بلسان حاله:

فحيَّ على الفلاح فقد تجلـي …عمود الصبح وارتحل القتامُ

لنرجع ما طوت عذر الليـالي…ونبني ما تدوالهُ الهذامُ

لنرجع أعصر الآداب تزهو …بدولةِ من هو الملك الهمامُ

مليكٌ بين أيديهِ الليالی …جوارٍ والزمـان لـهُ غـلامُ

فشيد للتمدن كل ركنٍ …لهُ بيمـني عنـايته قـيـامُ

على عبد الحميد صلاة ربِ …يقارنها رضـاهُ والسلام

فكم من المدارس التي هي أساس التمدن ودعامة العمران سواء كانت للذكور أم للأناث بين كلية وابتدائية قد رفعت أعلامها في هذا العصر الحميدي الأنور، فاهتدينا بسناها واستنورنا بضياها ولولاها لخبطنا خبط عشواء في الليلة الظلماء، وكم من الأبنية النافعة الرفيعة العماد تشيدت كالمساجد والكنائس والمطابع والمعامل وغير ذلك مما يجلى لنا برهان تقدم العصر في حالاته الثلاث الزراعة والصناعة والتجارة وووالتي يضيق دون تبيانها المقام، والخلاصة إننا كل يوم نسمع ونرى في عصرنا شيئًا جديدا للتقدم والعمران كطرق العربات والسكك الحديدية التي طالما كنا نسمع عن الاهتمام بها في بلادنا وإنشاء المرافي وإثارة المدن بألغاز هذا ما نراه بعيوننا، وكم تسمع عن الاختراعات العظيمة والاكتشافات الخطيرة، فلا غرو أن وسمناه بعصر الاختراعات والاكتشافات الخطيرة هذا وبما أني قاصرة عن تعداد أسباب التقدم في هذا العصر لأننى مهما عرفت أو سمعت عنها لا يكون إلَّا كنسبة قطرة من محيط، فأرى السكوت أجدر بي على أن العواطف الذاتية لا تدعني دون التكلم قليلاً مع الاعتراف بقصوری عن حالة الشابات والنساء، وما وصلنَ إليه في عصرنا الحميدي الأنور فهلَّم معى وقاكنَّ الله أيتها الأخوات السيدات العثمانيات للتأمل بحالة جنسنا في العصور الخالية والأيام الماضية فنرى فرقًا عظيمًا بين جهل العصر الغابر وعلم العصر الحاضر بل بين عبودية القدماء تلك الملكة الجهنمية وبين حرية بنات عصرنا، وأنها لعمرِ الحق حرية أدبية يحق لسائر الأمم أن تحسدنا عليها، فإن المرأة كانت في العصور السالفة في حالة الذل والهوان والشقاء والظلام يوم كان الظالمون جاهلين حقوقها زاعمين بأنها هي مجرَّد آلة لا صوت لها ولا رأى، وإنها لم تخلق إلَّا لتكون أمة للرجل يديرها كيف شاء إما بالضرب أو بالشتم مستهجنًا ذكر اسمها، وما ذلك إلَّا من الجهل الذين أعمى أبصارهم وأظلم أفكارهم ومن عواطف الضلال التي هاجت برؤوسهم حتى إنهم عدُّوا تهذيب الأنثى وترويض عقلها بالآداب من المعائب والشوائب.

فيا لجهل الظالمين ويا ظلم الجاهلين وهكذا بقيت ثمرة العلم محجوبة عن بصائر المرأة وظلام الجهل منتشرٌ عليها أسيرة محبوسة منحطة القدر خامدة الفكر تحتمل الذل من قومها،وهم المذنبون تصرف جل أوقاتها سدى تقص على أخواتها أو أولادها الخرافات المخيفة الحشنة والعديمة الفائدة، فتربى فيهم روح الجهل والغبارة منذ نعومة أظفارهم وتأمل فيما بعد كيف يشبونفكيف لا تتحرك الشفقة في قلوبنا على حالة تعيسة كهذه بل وكيف لا يتألم الفؤاد أسي عليها وعلى من أنكر حـقـوقها، وزعم أن اعتبارها وتهذيبها برياض العلوم واشتراكها في الهيئة الاجتماعية ليس من متعلقاتها كأنها ليست شريكة الإنسانية لا يضيعها الذل ولا يقهرها الظلم، فظلت على هذه الحالة المظلمة، وهي ظمأى لماء المعارف والعلوم وليس من أحد يغيثها معتصمة بالله متدرعة بالصبر قائلة مع من قال:

الدهر لا يبقى على حـالةٍ…لابد ما يقبل أو يديـر

فإن تلقاك بمكروهِ …فاصبر فإن الدهر لا يصبر

إلى أن منَّ الله عليها بتسخ النحوس وأنارها من المعارف بشموس، قلبت داعی التقدم والنجاح هائفة هيا على الفلاح في ظل عصرنا الحميدي الذي لسان حاله يناديها بقولهُ، قومي واستنيري من نورى أما تسمعين ما فعلت دولتنا العلية المشيدة الأركان العظيمة الأمر والشأن بإبطال تلك العبودية ونشر الحرية، فاطرحي عنك تلك العبودية الجهنمية وتمتعى بالحرية الأدبية، واطلبي حقوقكِ المسلوبة وأمالكِ المنسوبة وسكنى بلبالكِ وطمني بالكِ، فإنك ستكونين في أمانٍ على الدوام لأن ببزوغ نور التمدن في الغرب ونهضة العلوم والمعارف أخذ الرجال طريق الحق، واعطوا النساء حقوقهنَّ وإكرامهنَّ اللائق بهنَّ وبأحوالهنَّ وخولوهنَّ الاجتماع معهم في الهيئات الاجتماعية لتقديم آرائهن بملء الحرية، فحالاً برزت المرأة من موضعها وكسرت قيد أسرها وأخذت تتناول من نور العلم ما يوسع عقلها ويهذب أخلاقها ويسهل طرق واجباتها وييسر أعمالها ويقيها من الوقوع في ورطة الجهل ويعطي راحًة لجسمها وحريًة لضميرها واستقامًة لفعلها وإصابًة لأفكارها، وأخذ أهل الأدب يساعدونها بعد أن عرفوا أنها هي أسُّ النجاح بما يزيدها علمًا ويكسبها فهمًا، فعرَّفت وعرفت ولن تزل تعرف بأنها هي وليس غيرها حياة الهيئة الاجتماعية ورونقها وبهجتها ولولاها لأصبحت كفلكٍ بلا شمس، إذ أنها أساس التمدن وزعيم الآداب وبالاختصار هي الواسطة الوحيدة لبلوغ المرء إلى قمم الفلاح والنجاح، فبانحطاطها ينحط العمران وبارتفاعها ترتفع الأكوان ولنا شاهد بكل الأمكنة والأزمان إذ لا يخفى ما يتوقف عليها من أمور بني الإنسان التي لا يدركها من ذلك قلم ولا لسان. فيا لسعد طالعنا ووفر حظنا نحن العثمانيات كوننا في هذا العصر الحميدي الأسعد عصر السلام ألا يؤخرنا عن التقدم إلّا خمولنا وكسلنا حيث لا ابنة أو امرأة تقصد تقدمها أو تقدم غيرها إلَّا ونرى مئات من الأيدي من فوقها تلك اليد البيضاء الحميدية كانت خير مساعدة ونصيرة. فيلزمنا والحالة هذه أن لا نسمح بصرف أوقاتنا بما لا طائل تحته من الأحاديث والاهتمامات الخارجية الزائلة الجائحة بنا لهاوية الجهل فالدثار «لا سمح الله بذلك»، ونحن في هكذا عصرٍ فلنتخلق بالأخلاق الحميدة ونزدان بالعلوم والمعارف ونعكف على الشغل والعمل، وتسعى وراء كل فضيلة من شأنها ترقى الوطن فتصبح بلادنا في أمد قصير جنة تجرى من تحتها الأنهار، ولنعلم دائمًا أن عينًا ناظرة إلى كل أعمالنا وسنطالب إن لم نقم بواجباتنا حق القيام، وبذلك يجدر بنا أن نكون في أعلى المراتب ونصل بأمـان حـتى سواحل الأبدية والسلام.

التنديد بالغير وأضراره

خطاب القثهُ حضرة الكاتبة الفاضلة الأنسة استير ازهری»

في جمعية باكورة سوريا في بيروت»

سيداتي الفاضلات

لا ريب أن مقام الخطيب في كل عصر ومصر النظر لما خل من الأحوال بعين الناقد البصير وتحريض القوم على إصلاحها ما استطاعوا إلى الإصلاح سبيلاً ممهدًا لهم سبله ليس بأقواله بل بأعماله، وإن فعل ذلك قام بما أهله المولى من القيام، فعرف الخطأ ولم يسدل عليه الغطاء.

هذا وأني لا أنطال للسياق في حلبة ميدان الخطابة كوني لست من فرسانها ولكن هي الحاجة تجعل الخامل نبيها والجاهل عالمًا والضعيف قويًا، كيف لا وقد رائت التنديد بالغير قد بلغ درجة في منتهى ما يصل إليه الشر والشر كما لاخفاكن سريع السريان بحيث لم يعد بالوسع السكوت عنه.

ومعلومكن سيداتي أن اللئيم لا يتشدق بما تختلقه قريحته من الأكاذيب وإشاعة الأخبار التي لا أصل لها إلَّا بما فطرت عليه أخلاقه السمجة الذميمة، فيرى الفضل بمرآة ما فيه من النقص، فيتطاول على من هم أرفع منه مقامًا وأسمى مركزًا وشأنًا وما ذلك إلَّا غيرة وحسدًا بما أمتهنهم وأتهمهم بما هم منه براء ويا قاتل الله الحسد الذميم الذي يخمل صاحبه أن يبتزل بالنفاق والإفك أفاضل القوم وكرامها والأغرب من ذلك أن مجالسوه الذين عرفوا نفاقه وتأكدوا غدره ودنائة أخلاقه يعيرونه عينًا راضية وأذنًا صاغية كأنهم يشاركونه بما يبنيه من حبات رمل التعريض والتقريع والاختلاق قلعًا منيعة وأبراجًا حصينة لا يقوى على هدمهما سوى الحق اللهم إذا وجد من يأخذ بناصره أن الحق كان غلابًا.

فلكم أزال الكذب من نعمة وآثار من نقمة وهدم من قصور واسـتـبـدل حسن حسناء بالضعف والهزل والفتور، فمهلاً مهلاً أيها القادح لقد ملأت الديار ظلمًا وبلاًء وأفعمتها مصائبًا وشقاًء من حيث لا تعلم:

كالسيل بالليل لا يدرى به أحدٌ …من أين جاءَ ولا من أين يأتيهِ

وما الفائدة التي تعود عليك أيها القادح بطعنك بالغير وثلمهم أتظن بأنك ترتفع في أعين مجالسيك وتحوز رضاهم وتظهر لديهم أنك أوسع من الذين تندد بهم قدرًا في سوق الكلام، وأغزر مادة في أبواب الخطاب أم تظن أنك تسدل على معانيك الستر بإظهار ما نسبته لغيرك وأطليت المحال على مجالسيك حتى صبغتهم بصبغة الخداع فظنوك صادقًا وما أنت إلَّا حسودٌ كاذب لنيم زميم، فتأمل رويدك مليًا بالمضار التي تجلبها على المعتاب بهم زورًا وبهتانًا إلى أن يظهر الحق، وينجلي الصبح لذي عينين فتعود عاقبة كلامك وبالاً عليك فيبتعد مجالسوك عن معاشرتك ومرافقتك خشية أن يصيبهم مـا أصـاب أولئك المنكودي الحظ الذين رمـاهـم الدهر تحت براثن تقريعك واغتيابك أفما كان أحراك بصيانة لسانك، قبل أن تندم ولات ساعة مندم.

عفوا سيداتي عما ترون بي عن الحدة ولكن هما العرض والمال وعليهما تتوقف حياة الإنسان، إذ هما مدار وجوده ومحور كيانه فإذا ذهبا ولا سيما العرض سار خاسره إلى عالم الخفاء والعدم وانمحى ذكره من سجل الأحياء، وكيف الحال بمن خسرهما زورًا وافتراًء.

ألا فلنتأمل بحالة تلك المحصنة التي جعلت العفاف دستورًا لها والعصمة قاعدة ذهبية تسير بموجبها بكل ما فرض عليها من الواجبات الدينية والأدبية نحو الله والبشر ثم قام ذلك الباغي الطاغي، وأذاع عنها أخبارًا تأنف من سماعها الآذان وتشمئز من ذكرها النفوس الأبية معززًا إياها بالبراهين الدامغة لدى كل من يجهل حالة وصفات وآداب وحشمة وعفاف وكمال تلك السيدة الطاهرة الذيل والقلب ولغاية كمنت في صدره جرَّ عليها زيل الحطة والضعة حتى أصبحت ولا تدرى كيف تبرر نفسها لدى العموم أو تعلم إلى النجاة سبيلاً، وربما سيقيدها ضيق الحال وحب الشرف إلى الانتحار للتخلص من العار الموهوم.

وما كفى هذا المغتاب إلَّا أن عاد على المغتاب بها بصفقة المغبون ناسبًا كل ذلك إلى من هم أسمى منه قدرًا وأعلى منه شأنًا بآدابهم وحسن مباديهم، ليبرر نفسه مما أشاعه وأذاعه هو ومن هم عن شاكلته مما زاد بالطين بلة وفي الطنبور نغمة وأهاج القلوب الملتهبة بنار الغيظ والكدر أن تنادي من سرح كلامه وانخدع بنفاقه

لا تسمع للحسود نميمًة …فكلامه ضربٌ من الهزيان

سل غيرهُ عني لتعلم أفكه …واسخط عليه فبالمحال رمانی

وكذلك الحال في أمر ذلك التاجر الذي إنما اكتسب ثقة الجـمـهـور بـأمـانتـه وإخلاصه، فكان رائعًا في بحبوحة النعيم والرخاء متمتعًا بتمام الراحة والرفاء ثم قام أحد المنددين مما كمن في قلبه من الغيرة والحسد، وأعلن لمداينيه قلة ذات يده الذي عند سماعهم ذلك ذهب كل منهم وسحب ما له وترك ذلك المغتاب به على أسوء الحالات وأرداها يندب سوم بخته وسواد طالعه، وهذا نتيجة التنديد بالعرض والمال ممن لا يخافون الله ولا يحسبون ليوم المرض حسابًا، ولكن سوف يعلم المنافقون أي منقلب ينقلبون.

وعلى ما تقدم أختم كلامي بما قاله الحكيم بذر جمهر، وهو إياك وقرناء السوء فإنك إن عملت قالوا ترانيت وإن رافعت قالوا وشيت وإن حـامـيت قالوا أثمت وإن ضحكت قالوا جهلت، وإن نطقت قالوا تكلفت وإن سكت قالوا غلبت وأن تواضعت قالوا افتقرت، وإن أنفقت قالوا أسرفت وإن قاطعت قالوا خجلت وإن اقتصرت قالوا بخلت ثم اطلب إلى الله العظيم أن يقينا شر المنددين ويعيننا على مـقـاومـتـهم لكي لا ندع لكلامهم من تأثير على العقول إنه السميع المجيب.

بيروت «استیر ازهری»

تشوه خلق حليف الرذائل وخلقه»

من الأمور المشاهدة أن الذين يستمرون على ارتكاب الرذائل يتشوه خلقهم وخلقهم فكثيرون من مدمنى المسكرات صفر الوجوه غائرو العينين ضيقو الصدور حدب الظهور.

وكثيرون من أهل الفجور وقحون مفتخرون برذائلهم ووصف تشوهم بالتفصيل تضيق به الصحف.

قال كاتب النشرة يومًا في بعض خطبه الأدبية أن المرء إذا ارتكبه الذنب المرة الأولى حزن إلى الغاية، فإذا ارتكبه ثانيًة حزن كثيرًا وإذا ارتكبه ثالثة حزن قليلاً وهكذا إلى أن لا يشعر بسوى الحياء من الناس ثم يرتكبه بلا حياء، وإذ طال عليه ذلك أخذ يفتخر به ويتطاول حتى يشعر أنه نطح الثريا بروقيةِ ويضغط الأرض برجليه تجبرًا حتى يتوهم أنها بلغت مركزها ونفذتها، فكانت لها محورًا وينتفخ افتخارًا حتى يظن عرضه جاوز نهاية الخافقين، وهو مع ذلك لا ينتبه لأن دماغه ضمر وجمجمته صفرت والأرض ارتجت غيظًا من وجوده.

« النشرة الاسبوعية

نساء القبط

القبط هم مسيحي مصر الوطنيون، سموا بأقباط نسبًة إلى قبطيم بن مصرايم بن حام بن نوح، ومنهم كانت كهنة المصريين التي شهدت حكماء اليونان بفلسفتهم العظيـمـة وحكمت علماء الأثر والمؤرخـون بدلائل الآثارات والمومـيـات أو الكتابات الهيروغليفية التي وجدت على الهياكل والأعمدة والمسلات، بأنهم من سلالة الفراعنة والشعوب المصرية القديمة، وكلما ارتقى الإنسان في النيل وجدهم أشبه بالسلف بلونهم وتقطيع وجوههم وتجعيد شعرهم وخفته وخصوصًا في وجوه الرجال حتى أنه لا يزل أحسن صنف في مصر من المأكول والمشموم يسمى بأسماء الأشهر القبطية فيقال: رطب نوت ورمان بابه وموز هاتور وسمك كيهك وماء طوبة وخروف أمشير ولبن برمهات وورد برموده ونبق بشنش وتين بونه وعسل أبيب وعنب مسرى.

وأما النساء فهن ذوات ظرف ولطف ورقة وذكاء ومعظمهن سمر اللون معتدلات الجسم والقوام وأكثرهن يتبعن عوائد نساء الإسلام «المصريينفي العوائد الوطنية وفي الملابس والأزياء، وفي الزيارات والمعيشة البيتية والهيئة النسائية الاجتماعية سواء كان في الولايم والأفراح أو في المأتم والأحزان حتى إنهنَ يتحجبن عن أعين أكثر ذوي القربى، ولا يخرجن من بيوتهن إلَّا بالبراقع والمآذر تسترًا عن أعين الناظرين، وهذه المآذر فهى عند ذوات الخـذور وربات الستـور من الحرير والأسود وبها قال من كان ديدنه التنديد بآداب الجنس النسائي:

قل للمليحة في الآزار الأسودِ …ماذا فعلتِ بناسك متعبدِ

الهيتيهِ عن صومه وصلاتـه…لما وقفتِ لهُ بباب المسجدِ

وهذه المآذر إن كانت حبرًا من حرير أو ملاية من الصوف أو القطن تعرف به المصرية إن كانت مسلمة أو قبطية لأن الأولى تضم يديها على صدرها، والثانية تفتح يديها كما ترى في صورة المرأة الراكبة على حـمـار وأمـا مـثـال المرأة المسلمة من المصريين فهي.

وأكثرهن أي نساء الإسلام والقبط يكثرن من الزينة بالحلي والجواهر من أقراط وأساور «دمالج» وقلائد وخواتم، ويملئن صدورهن بجبال من الذهب ويضفرن شعر الرأس بضفائر حريرية يملئن بها الظهر معلقًا بها بعض النقود الذهبية وجميعهن إلَّا ما ندر ما برحن على العوائد الشرقية القديمة يخضبن اليدين والقدمين بالحناء ويفتخرن بتكحيل العين وتزجج الحاجبين، ولما كانت المرأة منهن لا يظهر من وجهها وهي تحت البرقع أو اليشما إلَّا عيناها وحاجباها قال الشاعر:

نبارز أبطال الوغى فنبيدهـــــــم …ويقتلنا في السلم لحظ الكواعبِ

وليست سهام الحرب تفني نفوسنا …ولكن سهام فوقت بالحواجـبِ

وبعضهن يزين الكف والمعصم والزند بالوشم ومنهن (وهن ما ندر) من تضع نقطة من هذا الوشم على خدها كخالِ قيل به:

أيها النار نار وجنتها …كوني على خالها سلامًا وبردًا

ويجد في بعض أنحاء الريف نساء من المصريين يتقلدن نساء بدو العرب بوضعهن خطوطًا من الوشم على الذقن وتحت الشفة السفلى وأكثرهن ما خلا نساء القبط يضعن في أرجلهن خلاخل من الفضة.

أجل وأمـا مـلابسهن فهي واحدة وإنما المثريات منهن وخصوصًا في المدن والبنادر يلبسن أحسن الأزياء ورفايع الأقـمـشـة من الحرير والقطايف «المخملوالمقصبات والمزركشات بالفضة والذهب واللؤلؤ ومنهن وهن داخل خدورهن المرفوع على أبوابه ألوية الوقار والاحـتـرام يلبسن أحسن الأزياء، كأعظم نساء الأوربيات وخصوصًا في محافل الأفراح فيتنافسن بأفخر الحلي والمجوهرات من أكاليل وعقود ونياشين وأساور وخواتم حتى تصبح السيدة منهن في ملابسها وأزيائها ومجوهراتها، كأنها بلقيس جالسة على عرش الدر وطالما نساء الغرب أخذت من هذه الملابس والحلى ليهادين بها بنات جلدتهم استهزاًء بالشرق العظيم، والآن أصبحن يفتخرن بها كافتخار الشرقيات بالوقت الحاضر «بأزياهن المتلونة تلون الحرباء» حـتى ومن قـصـد لندن عاصمة الإنكليز في هذا الوقت يجد معظم نسائها يفتخرن بما كن ينفرن منه ويهزئن به باتخاذهن ملابس ذات أنسجة مختلفة الألوان، فيتنافسن ويتفاخرن بها ويتهن دلالاً وإعجابًا بهذه الأثواب الموشاة بالألوان البراقة حتى فاقت نساء الغرب بها نساء الشرق بل أن الخطيبات في المعرض الكولمبي في شيكاغو قد اجتمعن في القسم النسائي من هذا المعرض العام، وقررن طبيًا أن أحسن الملابس لجنس النساء في الكواسم الشرقية «كما ترى في هذا العدد تحت عنوان شيكاغو

«عودٌ» وأما بنات ونساء القبط في هذا العصر اللواتي انتظمن بالمدارس وتعلمن بها اللغات والعلوم والآداب فهن كالأوربيات في عوائدهـن وأخـلاقـهـن ومـشـاربهن وأزيائهن ومعرفة واجباتهن البيتية والعائلية ولا ينطبق عليهن قول من قال:

لا يحسب الغرَ البراقع للنسا …منعًا لهن عن التمادي في الهـوى

إن السفينة إنما تجـرى إذا…وضع الشراع لها على حكم الهوى

وهذان البيتان أيضًا من جملة تنديد المنددين «سامحهم الله» الذين لا يميزون عند التشبب والتغزل بين ذوات الطهر والعفاف وبين اللواتي انحرفن عن دائرة الاعتدال مع أن أصحاب الفضل والعقول السامية يقولون وهم بقولهم صادقون.

وإذا لم تجد من الناس كفوًا …ذات خدرٍ أرادت الموت بعلاً

كيف لا وقد زادها العلم والآداب طهرًا وعفافًا ولطفًا وكمالاً حتى قل ما تجد في هذا العصر وخصوصًا بالإسكندرية ومصر من عوائدهن القديمة التي منها أن الرجال يجلس على المائدة وزوجته التي هي أم أولاده أو قاعدة بيتـه واقـفـة وبيدها المروحة وبالأخرى كأس الماء «وهو يأكل هنئًا ويشرب مريًا» ولا تناديه إلَّا يا سيدي ولا تسمع منه إلَّا الإهانة والاحـتـقـار بدل الاحترام والاعتبار، وهذا فضل المدارس التي علمت الرجل والمرأة ما عليهما من الواجبات العائلية وما لهما من الحقوق الأدبية ولا ينكره إلَّا من انطبقت أعينه على كراهية الضياء ولو سمح لنا المقام لاستطردن إلى معظم عوائدهن في الأفراح والأحزان وغيرهما، إلا أننا سنذكرها في الأعداد القادمة «من الفتاة» تحت عنوان (نساء قدماء مصر).

وأما عامة رجال القبط فهم لا يزالون على عوائدهم القديمة وهي ذات عوائد المسلمين في مصر إن كان بالأعياد الوطنية أو في ملابسهم وكل ما علوت في النيل يعسر عليك تمييز المسلم من المسيحي حيث الكل يتعممون في العمة البيضاء ويلبسون القميص الأبيض أو الأزرق ويلتفون بعباة من الصوف الأسود، وهم يفضلونها مع راحة الفكر وناعم البال على الدمقس كقول من قالت:

وليس عمأة وتقر عينـي….. الذ إلىَّ من لبس الشفوف

ويلفون أعناقهم بشال من الصوف الأبيض وإنما ذوو الثروة منهم يزيدون على ذلك قفطانًا من الحرير الأبيض وأما ذوو الوجاهة وأهل المدن والبنادر وخـصـوصًا متوظفو الحكومة ودوائر الأمراء والوزراء، فقد استعاضوا بالبنطلون عن القفطان وبالطربوش عن العمة وإنما لا يجد بينهم متبرنط، وقد اشتهر منهم العدد العديد كشهرة أفاضل الإسلام المصريين» بكرمهم ومحاسن أخلاقهم وعظيم ادابهم وكمالهم حتى وفي محبتهم للغريب كما قيل:

أجارتنا إنَّا غريبان ها هـنا …وكل غريب للغريب نسيب

ولهم شهرة قديمة بمعرفة الحساب وجباية الأموال ورى الأرض والتفنن بأنواع الزراعة، ولكن أكثر العـامـة منهم لا يزالون على الفطرة من حيث العوائد والأخلاق وخصوصًا بما كان من معاملتهم إلى نسائهم بالعسف والامتهان وعدم إعطائهن حقوقهن الزوجية في إدارة البيت وتربية الأولاد والمرأة من زوجها، فإن أصلحها كانت ملاك كريم وإن أفسدها كانت شيطان رجيم، وكنت أود أن أطيل الكلام في الطبقة الواطية منهن إن كان بمعيشتهن البيتية وعدممم نظام البيت ونظافته وحالة البنين والبنات أو ما كان من معاملة الرجل للمرأة ومعاملة المرأة للأولاد، لكنني وجدت من باب الاحترام غض الطرف عندما رأيت الخاصة منهم قد أدركوا الخلل الواقع من العامة، فنهضوا نهضة الأسد الجسور شأن المحب الغيور على جنسه وأبناء جلدته أريد بهم الذين استناروا بنبراس الحكمة إن كان من أصحاب الوجاهة والفضل أو من ذوى الألباب والآداب الذين بجدهم واجتهادهم قد أدركوا مقام الفضل في مراتب الوجود، وعرفوا أن البنين لأمهم اتباعُ وأن بدون تهذيب البنات وتعليمهن لا نظام للهيئة العائلية ولذلك قد رأوا بأعين لا تستطيع إنكار النور وجوب العلم الإجباري للصبيان والبنات، وبهذا السعى المشكور والعمل المبرور قد ظهر منهم نجـبـاء وأدباء ونـبـلاء وفضلاء حتى قبل بهم.

ومن تلقى منهم لاقيت سيدهم …مثل النجوم التي يسرى بها الساري

كيف لا وأمامهم في الفضل والوجاهة السرى الهمام عطوفتلو بطرس باشا غالي وهو الآن ناظر نظارة المالية الجليلة، ولذلك توطد الفكر بأن عن قريب ستنتشر المعارف والعلوم بين الخاصة والعامة من الجنسين وتنسدل على العوائد القديمة عناكب النسيان، فيعلم الرجل واجباته الأدبية نحو امرأته، والمرأة ما عليها من الواجب نحو زوجها وبيتها وأولادها فيرشف كلٍ منهما من ينابيع الهنا والسعادة موارد الخيرات والبـركـات، ولنا في العدد القادم كلام عن المدارس وتقديم الأهم عن المهم في تعليم البنات من مبادئ العلوم والخياطة وشغل الأبرة سنستوفي به إن شاء الله ما نحن بصدده الآن، وإن غدًا لناظره قريب راجية من أهل الفضل وذوى الآداب أن يعيروني جانب الحلم بما أبديته عن الموائد والأخلاق المأخوذ معظمها عن كتب مطبوعة وعوائد مسطورة لعلمائهم وأدبائهم الكرام الذين علموا بمباديهم الصحيحة بأننا في عصر عرفت به المدنية، وإن من أهم قواعدها نسخ التقليد القديم والعوائد المستهجنة التي من شرطها أن لا تمس بالعقائد والأديان كيف لا والشرايع المقدسة قد أجمعت بتهذيب المرأة التي هي ربة البيت ومربية الأولاد، فضلاً على أن العوائد المصرية المتصل معظمها عن السلف من آلاف سنين تدعينا أن لا نتمسك في بعض العوائد المزرية بشرف العائلة البشرية، ونترك معظم العوائد الأدبية التي سنتها كهنة الأقباط أو حكماء مصر من عهد فرعون يوسف أو ما قبله، وهو إجبار تعليم البنات وتهذيبهن كالصبيان حتى جعلوا لوح عقد الزواج مكتوبًا عليه بأن لا حق للرجل أن يعترض زوجته في إدارة البيت وتربية الأولاد إلَّا إذا وجدها غير كفوٍ للإدارة، وإذ حكمنا بأن القبط هم من نسل قبطيم وأن منهم حكما المصريين الذين سنوا في شرائعهم لوح عقد الزواج كان الأجدر بهم التمسك في هذه العوائد الأدبية، ولا يصوبوا علينا سهم اللوم والانتقاد بما تقدم ذكره لأن الفتاة ما ظهرت إلا لتطالب بالحق المسلوب وتستلفت إلى الواجب المطلوب حبًا في النهضة الأدبية النسائية وتعزيز الفضيلة حيث لا غاية لها إلا حب الجنس والوطن لا بتفضيل القيمة عن الحبرة ولا بسافرة الوجه عن المبرقعة بل تقصد بذلك تهذيب العائلة وأم العائلة هي المرأة.

أهم أخبار الشهر

«الأستانة العلية

أحسن مولانا السلطان المعظم بنيشان الشفقة من الرتبة الأولى إلى صاحبة العفة خانم أفندي حرم دولتلو راتب باشا وإلى الحجاز.

إنكلترا

وافق يوم الثلثا الواقع في ٢٠ الجاري عيد جلوس الملكة فكتوريا «ملكة الإنكليز وإمبراطورة الهندفرفعت رايات الدول وأطلقت المدافع وتبادلت الزيارات الرسمية المألوفة بمثل هذا العيد العظيم إجلالاً وإحترامًا.

وقد أنعمت جلالتها يوم عيد مولدها بترقية ٢٨شخصًا 9 إلى رتبة الأعيان و19 إلى رتبة فرسان.

عيد الأضحى المبارك

نتقدم بواجب التهاني لحضرات سيدات وسادات الأمة الإسلامية في هذا العيد المجيد ونسأل الله أن يؤيد سرير عرش الخلافة العظمى ويحفظ بعين عنايته الصمدانية جلالة مولانا السلطان الأعظم عبد الحميد خان وسمو خديونا المعظم البرنس عباس حلمي الثاني وبعيده على كافة العباد بموارد الخيرات والبركات ومناهل السعد والمسرات.

تشريفات قصر الرمل العامر

كان قصر الرمل العامر غاصًا بسيدات الوطنيات والأوربيات لتقديم فريضة التهاني بعيد الأضحى المبارك، وقد لقين من حضرة صاحبة الدولة والعصمة مولاتي والدة الجناب العالي ما دعاهن إلى التوسل بدوام سموها درة في تاج المجد والإجلال وواسطة عقد الفضل والكمال.

منثورات

بينما كان عروسان صاعدين إلى قمة جبال الألب ليقضيا بأحد منازلها شهر العسل زلت بأحدهما القدم وهما متشابكان بأكتاف بعضهما فهويا سوية إلى الوادي على عمق ۹۰۰ قدم وقضى عليهما رحمهما الله.

«والدة ابن السماء

بمناسبة عيد مولد حضرة والدة ابن السماء إمبراطورة الصين» الستيني قد أمرت بتوزيع مبلغ خمسين ألف جنيه على الفقراء والمساكين ثوابًا وإحسانًا.

الإمبراطورة أوجيني»

زايلت الإمبراطورة أوجيني «قرينة الإمبراطور نابليون الثالث» باريس عائدة إلى فارنبورغ.

الإمبراطورة فردريك

انتهت رحلة الإمبراطورة فردريك أرملة المرحوم فردريك إمبراطور ألمانيا السابق في أتينا عند التبرول (وهي مقاطعة في النمسا).

قاتل النساء

هو وليم السفاك أحد تلامذة الشقى جاك السفاك المعروف بقاتل النساء ظهر الآن في لندن، وهو مستمر على مهنة أستاذه الشقى (جاك) بإحدى الطرايق الجهنمية وهو دبوس أو أبرة يغرزها أو يطعن بهما ثدى المرأة، وهي مقبلة عليه بأسرع من البرق ويتركها تتقلب على حضيض الموت، وقد بحثت رجال الشرطة في برمنهام ولندن على هذا المغتال وإلى الآن لم يظفروا به والأمل أن يقع في أيديهم عما قليل، وينال جزاء ما جنت يداه ليعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون.

معرض الجمال

إن أحد الإنكليز انتقى من ربات الحسن والظرف وذوات الجمال واللطف خمسين فتاة من كل غادة.

أغناها حسن الجيد عن لبس الحلى …وكفاها طيب الخلق أن تطيبا

ومن حسناء إذا نظرت بمرآتها تقول:

فثوبی مثل وجهی مثل حظى …بياضٌ في بياضٍ في بياضٍ

وقد اتخذ لهن دائرة خصوصية في معرض شيكاغو العام.

الملكة ناتالي

دعت جلالة القيصرة المعظمة حضرة الملكة ناتالي لتقيم في بطرسبرج بضعة أيام وأمرت لها بقطارِ خصوصي وأعدت لها القصر الشتوى.

اللادی دربی

كان نصيب اللادي دربي في تركة قرينها المرحوم اللورد دربی مليون وربع مليون فرنك وقسمًا عظيمًا من الرياش والذخاير والمجوهرات العظيمة وأن تسكن قصره (هولوود بارك) وخصص لنفقته ٢٥ ألف فرنك سنويًا وحضرة اللادي تملك خلاف ذلك من العقارات والأملاك شيئًا عظيمًا.

مدام کانتن

هي فتاة فرنساوية باريزية جميلة الوجه منتهية بالظرف واللطف والحسن قصدت السياحة في أراضي أفريقيا الشاسعة، وقد رأينا في الجرائد الأخيرة بأنها وصلت بالسلامة إلى نهر نيجر بعد مبارحتها سواحل سنغال.

«أغنى وارثة في العالم

هي ابنة أمريكية اسمها مس ترى لا يتجاوز سنها الأربع سنين قد ورثت عن أبيها 900مليون فرنك فضلاً عما سترثه بعد وفات أمها من الأموال الطائلة فسبحان من يعطى بغير حساب.

النساء في شيكاغو

لقد جرى فيها سباق على العجلات التي تدار بالرجل (فيلوسيبيد) وكان عدد المتسابقات عليها ٨١٤ امرأة لمسافة ستة أيام.

البرنس أولالى

دخلت الألفانت أولالى « من أعاظم برنسسات أسبانيا » بحاشيتها إلى واشنطون فأحسن استقبالها المستر كلافلاند رئيس جمهورية الولايات المتحدة ورجال حكومته في القصر الأبيض، وذهبت لزياراتها عقيلة المستر المومأ إليه ودعتها إلى مأدبةٍ شائقة قبل سفرها إلى شيكاغو

أربعون امرأة صينية

حدث في مدينة كلى من أعمال الصين حريق هائل في خصاص من القصب والحصير كان به ۳۰۰۰ نسمة يشهدون تمثيل رواية فمات منهم ألف نسمة اختناقًا ودهسا تحت الأقدام وبينما كانت النار تستعر هجم عصابة من الصينيين واختطفوا أربعين امرأة من أجمل النساء الحاضرات وفروا بهن غانمين.

علوم النساء

بلغ عدد النساء الداخلات في مدارس فرنسا ٤٢٣بنية آنسة وعقيلة من أربع أقطار الأرض يتعلمن العلوم العالية في الطب والحقوق والفلسفة والآداب والصيدلية ویزاحمن بها أفاضل الرجال.

الأميرة أليس دى هيس

يقولون إن هذه الأميرة ستكون عروسًا لسمو ولي عهد روسيا بعد أن تعتنق الإيمان الأرثوذكسي وتدعى الكسندرا فودورفنا.

عروس أمير بلغاريا

تقدم لنا القول بما تقدم لها من الهدايا وقد رأينا أخيرًا في جرائد أوربا بأن عمدة من نساء بلغاريا قدمن لها تاجًا ثمينًا مع مبلغ ١٣٠٠٠٠ فرنك لتنفقه على عمل الخير وعند دخولها مع الأميرالي العاصمة «صوفية» كان الاحتفال بهما عظيمًا وقدم لهما شيخ البلدة الخبز والملح على جاري العادة.

عروس دوق برك

من جملة الهدايا التي ستقدم يوم عرسها ماعونًا للحلوى والفاكهة صنعت في خلال سنة ١٨١٢ للملك وليم الرابع وثمنها ١٦٠٠ ليرة إنكليزية ومن ضمنها ١٣٠ صحفة من الخزف ومن عزم اللادي ولفرتون إحدى محصنات الإنكليز أن تخلى للعروسين قصر كولب وارن لكونه في جيرة قصر ريشمون مقام أسرة دى تلك، وهو من أعظم قصور الملوك نظامًا وإتقانًا.

سرير مطرب

كلف أحـد أغناء الهنود صانعًا أوربيًا أن يصنع له سريرًا إذا نام عليـه وحـرك السرير من تحته سمع أصوات آلات الطرب ویری فوق رأسه مروحتين تروحا له فينام بين الطرب والهناء. (لا وجود إلَّا من موجود).

حلة سلطان جـوهـور

إن الحلة الملكية التي يلبسها حضرة سلطان جوهور الذي قدم إلينا منذ مدة قريبة تبلغ قيمتها مليونين من الليرات الإنكليزية «وقبل سفر عظمته إلى الأستانة العلية قد قبل منا عدادًا من «الفتاة» على سبيل الاشتراك بعد أن أتحفنا بعنوان اسمه الكريم واسم عاصمة بلاده حفظه الله.

شيكاغو

احتفل في ۲۱ مايو الماضي جمهور من النساء أعضاء كنايس متباينة وخطب أكثرهن بمواضيع مختلفة وأجمعن بالختام على التضرعات والطلبات للعزة الإلهية في تدبیر حفظ يوم الأحد حفظاً مقدسًا بالاعتذال عن كل عمل.

إن وكيلات القسم النسائي في هذا المعرض العام عقدن جلسة حافلة جمعت ألفين امرأة من أوائس وعقايل المشرق والمغرب «خلا شيكاغو» اللواتي اشتهرت بالفضل والعلوم والآداب، وأحرزن قصب السبق في مضمار خدمة الإنسانية، فانتصبت بينهن الخطيبات يشنفن الآذان بما يرتأينه في أمر إصلاح ملابس الجنس اللطيف.

وكان خطاب العقيلتين ميوال وميلر مختصًا في لبس المشد الذي هو أشد ضررًا للنساء لكونه يضعف حركة الدم والبنية الجسدية وينحل الخصور ثم وجهتا الأنظار إلى لبسهن القديم المشابه لملابس النساء الشرقيات، وأظهرتا أفضليته بالنظر لمناسبته لجسم المرأة فإنه يريحها في الجلوس والسير وسائر الحالات، وكان لكلامها وقع عظيم في قلوب الجميع وتلاهما عدة خطيبات من نساء روسيا وإنكلترا واليونان وفرنسا والولايات المتحدة، وكأنهن قد أجدن غاية الإجادة بمباحثهن في حقوق وواجبات النساء والتمدن العالمي والذي يسرنا إثباته هو ما كان لسوريا من الحظ الوافر في هذا الاجتماع الزاهر لا سيما عندما وقفت في منبر الخطابة حضرة الأديبة الفاضلة هنا كوراني، وتكلمت بأفصح لسان وأجلى بيان عن عوائد نساء بلادنا وأزيائهن، وأظهرت آرائها في الملبوس الشرقي حتى استمالت إليها الأنظار وجعلت لكلامها تأثيرًا في العقول عظيمًا كما كان سرور الحضور ظاهرًا عميمًا.

وريثما انفضت هذه الجلسة ظهر في اليوم الثاني بشوارع بوستن ۱۲ امرأة مترديات بملابس الرجال الشرقيين، وكان لهن بين الأهالي وأرباب الجرائد غابة الأهمية حيث كانت أكثرهن من أحسن العائلات كالعقيلة هور قرينة مدير جريدة «أرينا ماغازيتوالآنسة لورالي المصورة المشهورة وغيرهما،وقالت إحدى الجرائد أن هؤلاء النساء أحببن سراويل السوريين، ولذا أظهرن بها في الأسواق وادعين بأنهن سوريات وقد اجتمع حول العقيلة هور جم غفير من أهالي بوستن في شارع واشنطون، ولم يكن أحد يستطيع المرور من هناك وقد صار لنساء الولايات المتحدة عدة سنين يتذاكرن ليصطلحن على ألبسة توافق أجسامهن بحيث تكون صحية يستعضن بها عن ملابسهن الحاضرة التي أثبتت الأطباء ضررها في صحة عقيلات وأوانس الشعوب المتمدنة، ولذا قد فضلن العاقلات منهن ملابس نساء الشرق لكونها خالية من المشدات المضرة بصحتهن ونسلهن.

«الفتاة» إننا نتمنى من صميم الفؤاد أن يكون لهذا القول فعليًا لأن شقيقتى أول من تكلمت بشأن المشد وضرره في جرائد بيروت والإسكندرية ومصر، ولكن حب الأزياء يعني ويصم ولسوء الحظ لم تجد من يناظرها في هذا الباب، ولذلك تشكر سيدات أوربا اللواتي جعلته من المواضيع الأولية المهمة لصحة المرأة فيا حبذا لو صحت الأحلام.

(عودٌ) ولقد أحيت العقيلة باركر المتفننة بالغنا ليلة أنس في قاعة استقبال شركة التلغراف والتليفون الأمريكية في مدينة شيكاغو وهي في مدينة بوسطن التي تبعد عن شيكاغو مـسـافـة ألف ميل بواسطة آلة الفونوغراف المتصلة بين المدينتين، فأطربت السامعين كأنها بينهم وأدهشت الجميع بهذا الاختراع البديع (ملخصا عن كوكب أميركا ).

خـطب وأعراس

الأستانة العلية في ٢٧ مايو عقدت خطبة كريمة سعاد تلو سعيد بك وكيل أشغال حضرة والدة الذات الشاهانية المعظمة إلى سعادة القبطان محمد بك ياور الحضرة السلطانية ونجل عطوفتلو الحاج علي بك السرقرناء.

حلب الشهباء في 4 حزيران عقد لحضرة الآنسة أولغا كريمة المسيو صـافـا بيديس قنصل اليونان إلى جناب الأديب الوجيه الخواجا اسكندر هلال.

مصر. عقد في منتصف الجاري خطبة الآنسة زهية كريمة حضرة الوجيه حبيب دیمتری بولاد إلى حضرة الدكتور أنطون أفندي بركات مفتش صحة المركز.

حمص في ٢١ آيار رفت حضيرة الآنسة المصونة أولغا كريمة جناب الوجيه حبيب أفندى نسيم على جناب الوجيه أنطون أفندي فركوح وزفت حضرة الآنسة المصونة كرجيه كريمة جناب الوجيه نوقل أفندى حموى على جناب الوجيه أنطون أفندي حموي.

بیروت زفت حضرة الآنسة المصونة كريمة الحسيب النسيب سعادتلو محى الدين باشا نجل المرحوم الشهير الأمير عبدالقادر الجزائرلي على جناب الوجـيـه عبدالرحيم أفندي نجل الوجيه الفاضل عبدالقادر أفندى بيهم.

وكانت جميع هذه الخطب والأعراس محفوفة بالاحتفالات الشايقة على أتم نظام وإتقان فنسأل لجميعهم طيب الهناء ودوام الأفراح والمسرات.

مدارس البنات

أمرت نظارة المعارف الجليلة بالأستانة العلية أن يستعاض عن الأساتذة في مدارس البنات بمعلمات وخدمة من جنسهن.

طرسوس

خطبة الآنسة الفاضلة جميلة إسكندر نمور بمدرسة ماري بولس في ۱۱ الجاري بلزوم تعليم البنات كالصبيان لكونهن العضو المهم في الهيئة الاجتماعية، وقد أتت بشواهد وقعت على الأذهان موقع الاستحسان.

احتفلت هذه المدرسة الداخلية في 9 حزيران وتليت بعض التلميذات خطب شهد لهن الجميع بالفصاحة والبلاغة وهن الأوانس أسما طراد ونجلا شهاب وهنا شقير وأولغا كرياكو واسما سيور وماري شميل وانصرف الجمهور، وهو يثني على المدرسة ومعلماتها وتلامذتها الثناء الجميل، ويشكر مؤسستها السيدة الفاضلة لويزا بروكتر الشكر الجزيل.

مدرسة البنات في يافا

احتفلت هذه المدرسة الإنكليزية المعروفة بمدرسة طابيتا في يافا مساء الثلثا في ۲۳ ايار احتفالها السنوى وبعد جملة خطب تلتها التلميذات في العربية والإنكليزية والفرنساوية وعرض أشغالهن من خياطة وتطريز وشغل أبرة نهضت إحدى البنات وتلت قصيدة غراء كان ختامها كاست بلالها بالشكر والثناء.

وفي هذه المدرسة 45 بنتًا داخلية و30خارجية ومؤسستها حضرة الفاضلة السيدة حنه ووكرارتط.

الآنسة مريم زكا

أحيى المرسلون الأمير كان في صيدا ليلة زاهية مساء7 حزيران لوداع القس فورد الفاضل، فنهضت الآنية مريم زكا وتلت خطابًا بليغًا أظهرت فيه ما لحضرة القس المولى إليه من الفضايل وكان استهلالها بذلك قولها:

عرفتُ فضلك مما فيك من شر …يا غصن فضل بدا من أطيب الشجرِ

واختتمته قائلة:

ما مدحناك بل صدقنـاك إذ…قلنا الحق واكتفينا الخطاءَ

وبماذا الفتاة تمنَّ على البـدر ….. إذ قالـت إنه قـد أضاءَ

وداع

بالنظر إلى فصل الصيف قد برحنا عدد عديد من صديقاتنا الفاضلات بهذا الشهر نذكر منهن حضرات العقايل مدام الخواجا قيصر خلاط ومدام الخواجا أسعد منصور ومدام الخواجا لطف الله نحاس ومدام الخواجا تيدوري خلاط ومدام الخواجا عبدالله موصلى ثم أوانس وعـقـائل سيدات آل كرم الكرام وحـضـرة المصونة مدام الخواجا جرجی قرداحي وحضرة الفاضلة مدام الخواجا يوسف دوماني وغيرهن من السيدات المصونات شخوصًا إلى بيروت وطرابلس ولبنان، فنسأل لهن السلامة في الذهاب والإياب وطيب الرغد والمسرات.

الباخرة الخديوية

وممن بارحنا أيضًا على الباخرة المذكورة حضرات السيدات المصونات قرينة الوجيه عزتلو جرجس أفندي نقاش ونجلها ميشيل أفندي وكريمتها قرينة جناب الوجيه وديع أفندى نحاس إلى طرابلس شام وحـضـرة قرينة الوجيـه عـزتلو إدوار بك إلياس وحضرات والدتها وشقيقتها وقرينة أخيها الوجيه يوسف أفندي خلاط إلى عبيه «لبنان» لتبديل الهواء، فنسأل لهنَّ سلامة الذهاب والإياب.

كتب إلينا من مصر بتاريخ ٢٥ الجاري مساء بأنه زفت حضرة السيدة روزا كريمة جناب الخواجا نقولا مهنا حداد إلى جناب الوجيه الخواجا مهنا خوری حداد وكانت حفلة الزفاف جامعة كل أسباب المسرات وكان الشيخ يوسف يشنف الأسماع برخيم صوته الرنان، وقد قام بصلاة الإكليل سيادة مطران الروم الأرثوذكس وقد انصرف المدعوون عند الصباح يرددون لطف وأنس سيدات المنزل وخصوصًا حضرة شقيقة العريس ويطلبون للعروسين الهناء والمسيرات.

جاءَنا من مكاتبتنا الفاضلة روزا ابلتون في ليون رسالة غراء تختص بالفاضلة الآنسة شوفيلن كما وعدت في رسالتها الماضية، فأرجأنا نشرها للعدد القادم لأنها تأخرت في الورود.

«الدررُ النضيده للخطبة السعيده

«من نظم حضرة الآنسة الأديبة وسيله فريج بطنطا »

بُشرى لهندٍ بنت ذاك الحسيب ….. من حظ دُنياها بأوفى نصيبُ

قد خصَّها الرحمن من جـودهِ …بكل فضلِ لم يجزهُ أديب

أهدت أهدت لنا تلك الفتاةَ التي …قد أخجلت في الفضل أهل المشيب

تبدي لنا السحر الحـلال الذي …تلاعبت فيه بلب اللبيب

أديبةُ بين الغواني لها …في العلم والاداب صدُر رحيبُ

تاهت على غيدٍ بحسن النهـي …وزانها المولى بحسن عجيب

فيا رعى الله لها وجنةَ…منها تلظى في فؤادك لهيبُ

وقامة هيفاء تبدو لنا …كأنها في الروض غصن رطـيبُ

ومن عجيب غصن بانِ يـرى …عليه بدرُ إنما لا يغيبُ

تكاثرت خطابها في الـوري …من كل ذي مجدٍ حســــــيبٍ نسيبُ

فمنهم اختارت سمير العلـى …شهم أخو فضلٍ أديبُ أريبُ

أنعم بها من خطبة قد غـدا …فيها لها عيشٌ المعالی بطيب

ومن يشير السعد لما شـــدا…نصر من الله وفتحُ قريب

ورُقُ اليومَ منى لها …صاحت بتاريخين كالعندليب

يا من سمت شأنًا بفضلِ زكا …بشرى كمال بالخطــــــب الحبيب

سنة 1893 سنة 1310

سلسلة الفكاهات

أهدانا جناب الكاتب الأديب نخله أفندي قلفاط الجزء الأول من مجلته سلسلة الفكاهات التي أصدرها مجدداً في القاهرة، فطالعناها فألفيناها جريدة أدبية تاريخية فكاهية تستوجب الاعتبار، فتسأل لها ولحضرة منشئها كل النجاح والتوفيق.

رواية

الحرب النسائي

لحضرة الكاتبة الفاضلة الأنسة استير أزهري في بيروت

«تابع ما قبله

وتدع هؤلاء الرجال يذهبون إلى حيث بالخيبة والفشل وتذكر أيضًا أنك بتعريضك نفسك يمس شرف امرأة.

إن ذلك لهو الرأي السديد فالأولى اتباعه ولو لم تمس المسألة شرفًا بل أكثر من أن تمس أمورا مالية فهلم بنا تدخل الفندق يا كستورن.

فندم كستورن على ما فرط منه وقال متكدرًا: هيا يا مولاي.

بلی یا کستورن ولو حرمت فرنسنت السرور من مشاهدتك هذه الليلة فاذهب وأمر لي بفراش للمبيت وعشاء، ولما لم ير كستورن بدا من الطاعة دخل الفندق وهو حاسر الطرف وعند ذلك ترجل الفارس عن حصانه وصعد إلى غرفة الشاب الذي عندما رآهُ رجع إلى الوراء منذعرًا أما الفارس فلم يلاحظ ذلك بل تقـدم نـحـوه مـتـبـخـتـرًا وقبض يده وقال (إنما أنا مديون لك بحياتي).

مولاى إنك تغالي بالخدمة التي يجب على كل إنسان عملها قال الشاب ذلك ورجع أكثر فأكثر إلى الوراء.

حقا إنك لعنوان الفضيلة فلا عجب إذا تواضعت إلى هذا الحد أما أنا فأعلم علم اليقين أن الدوق يسهل عليه الاحترام على قطائع عظيمة كهذه، ولكن أخبرني هل تكرمت بإرسال أحد إلى المنزل.

وأي منزل تعنى – حيث كنت ذاهبًا فإنهم ينتظرونني.

كلا فإني لم أفطن بذلك حتى ولو فطنت لم يسهل لي ذلك لأنني لا أعرف أحدا في هذا المحل الذي لم يمض على به أكثر من ساعتين.

أواه أجاب المسافر يا لنانن من مسكينة أرجو بألا يلحقها ضرر.

وهل تتكلم عن نانن – عن نانن دي لارتيك – أجاب الشاب منذهلاً.

يا لك من ساحر تقدر على اكتشاف رجالاً في مكمنهن وتعلم الرجل الذي يقصدون البطش به وأنا أقول لك اللقب وأنت تأتيني بالكنية. فإما أن تخبرني عن القوة التي

بها تكشف المخبئات وتحل الرموز أو أشهر أمرك لدى الحكومة فتحرق في بارلمان بوردو.

أما الواقع فلا يستدعي ساحرا للكشف بعد أن ذكرت الدوق كخصم لك ثم تكلمت عن نانن التي ذاع صيتها في الآفاق كجميلة وغنية وماهرة بأمور التي سلبت الدوق لبه هيامًا بها كما وأنه محقوق لدى أهل كوبان بقدر حبه لها ثم أردف الشاب كلامه مونبًا وأنت أيضًا ذاهب لترى هذه المرأة.

إني أعترف بذلك أما نانن فلقد أسأت الناس فهمها بمقدار ما وشت بها فهي فتانة وزد على ذلك فهي أمينة ووفية ومخلصة لمحبيها طالما هي تحبهم، وكان لي أن أتعشى عندها هذه الليلة لو لم يطاردني الدوق، فهل ترغب أن أعرفك بها غدًا لأن الدوق فكرًا أن يسافر إلى أجين آجلاً أو عاجلاً.

أشكر فضلك مولاي أما أنا فلا أعلم ما دل دى لارتيك إلا بالاسم فقط ولست أرغب

بالزيارة.

لقد أخطأت فإن نانن أهل لأن نتعرف بها لأسباب عديدة فقطب الشاب حاجبيه ولم

يبد جوابا.

العفو مولاي. قال الفارس متعجبا إن من هو في سنك

لا ريب أن تقدمه كهذه لمن هو في سني لا ترد، ولكني مزمع على مواصلة سفري هذه

الليلة.

ولكنك لا تذهب دون أن تعلمني لمن أنا مدين في حياتي.

فتردد الشاب أولاً ثم قال أنا الفيكونت دي كامب.

كثيرا ما سمعت عن فاتنة بديعة تدعى الفيكونتس دي كامب يقال أن لها أملاك

واسعة بجوار بوردي وهي تنتمي للبرنس.

هي نسيبتي قال الشاب بسرعة.

إنى أهنئك بذلك لأنهم يقولون أنها فريدة عصرها، وأرجو بأنك متى سنحت لك فرصة ما أن تشرفني بالتعرف بهاه فأنا البارون دى كانول قائد في الجيش الملكي والآن أمرح بفرصة منحنيها الدوق ديبرتون إجابة لطلب مادل دي لارتيك.

البارون دي كانول؟؟ قال الشابييب منزهلاً لأن اسمه كان رائعًا جدًا في ذلك الوقت

وهل سبقت لك معرفتي.

كلا بل بالصيت فقط.

أخشى لئلا يكون رديئًا ولكن كل يتبع ما فطر عليه من الأخلاق وأنا أحب الحياة

البهجة.

لك الحرية التامة لتعيش كما شئت فقط اسمح لي كي أعرض عليك هذه الملاحظة.

وما هي – أخشى أن الدوق سينتقم لخزلانه من مادل.

يا للداهية الدهماء وهل تظن كذلك.

أجل فربما أنها ليست متقدة الذهن لتتخلص من ورطة أنت مسببها لأنها ليست سوى

امرأة فصار من الواجب عليك أن تسهر على سلامتها وتحميها.

الحق معك أيها الشاب ولم يذهلني عن واجباتي كرجل إلَّا عذوبة خطابك وطلاوته ولكن من أين لي أن ألمح لنانن بإشارة مما يجرى هنا فهي زكية جدًا فلا يعسر عليها استنباط حيلة تتخلص بها تقدم أيها الشاب هل لك المام بضرورب القتال.

كلا ولكنني مزمع أن أتعلمها حيث أنا ذاهب أجاب مضحكًا.

حسن فهاك المثالة الأولى وهى إذا نفذت القوة يستعاض عنها بالخدعة، فلهذا الفندق بابان أحدهما يؤدى إلى المدينة والآخر إلى الشارع العمومي، فسأمر بأولهما أقضى مدة من الزمن متجولاً في تلك النواحي ثم أعود إلى بيت نانن ذي الباب السرى أيضًا.

أجل كي يقبض عليك في البيت (على بارد المستريح)

يقبض على؟؟

نعم فإن الدوق بملء الانتظار فيدخل البيت قصد الراحة ويجدك هناك.

و لكن حالما يدخل أخرج.

«البقية تأتي»

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات