الجزء العاشر من السنة الأولى

الجزء العاشر من السنة الأولى

مصر في 15 شباط (فبراير) سنة ١٨٩٤

موافق 9 شعبان سنة 1311

إعلان

من إدارة جريدة الفتاة

(العذر وإن قل دواء لكل ذنب وإن جل) لم تحتجب الفتاة عن قرائها الكرام في هذه المدة الأخيرة إلا بداعي إكليل صاحبتها فتلتمس من ذوى الحلم والفضل والآداب حسن المغفرة وقبول المعذرة

أما الآن فصاعدا فستصدر مرتين في الشهر بدون خلل في طبعها ومواعيدها وإدارتها مقتطفة أهم الأخبار وأشهر الحوادث وأحسن المواضيع وألطف الروايات والفكاهات التي تجعلها كزهرة زاهرة يفوح عرف مـبـداهـا ويطيب للأنفاس طيب شذاها، وهي مستعدة لنشر ما يرد لها من الرسائل والمقالات (من نثر وشعر) سواء كان من أقلام الرجال أو من أقلام السيدات في كافة المواضيع التي من شأنها تعزيز الفضيلة والنهضة الأدبية النسائية، وخصوصا ما كان في المناظرات العلمية والأدبية مع الواجبات البيئية والحقوق الزوجية والأشغال اليدوية

وهذا الجزء مع الذي سيليه من الجزئين الحادي عشر والثاني عشر من السنة الأولى سنوزعة على غير المشتركين بلا ثمن، ولا نطلب منهم إرجاعه لنا بل سنضع من ضمنه سندات التعهد في الاشتراك بجريدتنا هذه ابتداءا من سنتها الثانية التي ستبتدئ من أول شهر نيسان (ابريل) القادم حتى إذا أراد أحدهم الإشتراك بها من أول السنة الثانية المذكورة يرسل لنا التعهد المذكور ضمن غلاف (مظروف) معنونا باسم إدارة جريدة الفتاة بمصر أو باسم مدير إدارتها نسيم نوفل، ثم نقدم الشكر والامتنان لحضرات السيدات اللواتي اشتركن وسيشتركن معنا (سرا وجهرا) في تحرير جريدتنا واللواتي زين صفحات الفتاة برسائلهن ولحضرات زملائنا الأفاضل أصحاب الجرائد العربية ووكلائنا الكرام، وخصوصا أصحاب الوجاهة والفضل الذين اقبلوا على جريدتنا بما فطروا عليه من الغيرة والفضل ومكارم الأخلاق

ولا تؤاخذ بعض السيدات اللواتي اعتذرن (عند رفضهن الفتاة) بعدم معرفتهنّ لغتين العربية الشريفة واشتراكهن في الجرائد الإفرنجية مع أن جملة من سيدات ألمانيا وإنجلترا والولايات المتحدة أرسلن بطلب الفتاة للاشتراك بها حالة كونها لم تعرض عليهن ولديهن ألوف من الجرائد الإفرنجية……

وكفى الفتاة فخرا أنها باكورة جرائد النساء في الشرق وأنها ما أنشئت إلا لتدافع عن الحق المسلوب وتستلفت الأنظار الى الواجب المطلوب، وإن لـهـا بحـمـد الله وفضله أعوانا وأنصارا من رجال الفضل والآداب وسيدات العلم والكمال الذين يتفاخر بهم المتفاخرون ويتنافس بمثلهم المتنافسون لا كما روت جريدة لسان الحال الغراء عن لسان مكاتبها المصرى بأن الفتاة قد توقفت لقلة المشتركين، ولا كما روى الناقل وأيدته الشواهد عن تلك الأنسة أو العقيلة التي استهـواها الغرض وأعماها الجهل وأزلها التعصب وأماتها الحسد….

وفي البدء والختام نسأل المولى العظيم أن يؤيد عرش الخلافة العظمى ويحفظ بعين عنايته الصمدانية سيدنا ومولانا السلطان الغازي (عبد الحميد خان) وحضرة سمو خديوينا المعظم (عباس حلمي الثاني) وصاحبة الدولة والعصمة والعفاف والدةالجناب العالي وكريمتيها البرنسسات المصونات وأعضاء الأسرة المحمدية العلوية الكريمة ووزرائنا الفخام وأمرائنا الكرام وحضرات ذوى العلم والفضل والوجاهة والنبل من السادات والسيدات

آمين آمين لا أرضي بواحدة …حتى أضيف عليها ألف أمينا

الفتاة

برزت الفتاة من خدرها لا يأخذها الحياء من قرائها لأنها بين ذويها الكرام لا تتلو عليهم إلا حديث الفضل، ولا تأخذ عنهم إلا الكمال والنبل شادة بهم أزرها في البدء والختام

وإنها ترى سعيها في جانب الخدمة العامة (للجنس والوطن) واجبا وأوجب منه عليها البحث في شأن الفتاة التي تسمت باسمها وتشرفت بالنسبة إليها ولا تريد بذلك إلا نقل أفكار أهل العلم وذوي العقول الذين خاضوا عباب الأبحاث فأفادوا واستفادوا

وقصدها الوحيد كشف الستار عن كثير من الأفكار والآراء التي إذا حالت في الخاطر لا يبوح بها القلم الشرقي مخافة أن تثور ثائرة النساء على الكاتب وإنما هو حديث فتاة عن فتيات من جنسها تنقله تبصرة وذكرى

فأول الأمـور خطورا في البـال عـمل النساء ولا أريد به العمل المطلوب من المتزوجات لأنهن قد تكثر عليهن المهام بكثرة العائلة أو تلهيهن الشواغل عن القيام بواجباتهن، وإنما شأني في البحث عن الفتاة التي لا تزال بكرا عذراء فهي التي بحث علماء الاقتصاد السياسي في شأنها فقالوا أن مثيلاتها في الوجود كثار، ولذلك كان من الواجب على ذوى الأقلام أن تبحث في واجباتها بحث الخبير الذي لا يأخذه في الحق لومة لائم

وهذا البحث على ما قرره العلماء يقسم إلى قسمين: زمن الصبا وزمن الشيخوخة، فالأول يكون به الجمال زاهيا والشبيبة في أيانها والعافية ملء البدن والثاني وهو زمن اليأس أيام تزول به زهرة الحسن وتفنى منه دولة الجمال وينقطع فيه أمل الزواج وتجي من بعده السنون بحيث تكثر بها الآلام والأتعاب فإذا نظر الباحث إلى مساوئ القسمين ومتاعب الحياة فيهما وما يجر الحال من الوبال المتعلق في ذيلهما يرى أن كل ذلك ناتج عن قلة العمل

ولست أريد في هذا البحث أولئك الفتيات اللواتي حكم الدهر عليهن بالرروح تحت ثقل المرض أو بعض العاهات ولا بالأوانس اللواتي شغلهن الغنى والمجد والشرف ورغد العيش عن كل شاغل من العمل بل إني أريد أولئك الفتيات اللواتي لم يخلق لهن من الغني نصيب موروث وإنما هن بالمركز الذي اقتدر أن يكون به والدهن

وكأني بلفيف البنات اللواتي ينظرن إلى إخوانهن الذكور بأعين من التعظم والتكريم بما يرين بهم من الأهمية حيث ترن في أذائهم منذ نعومة أظفارهم ما عليهم من الواجبات من الأعمال التي يشتغل بها أهل الاجتماع الإنساني، فيصبحون بما رنت به أذائهم منذ خروجهم من المدارس أو منذ تشـتـد سـواعـدهـم أن يكونوا من الأعضاء العاملة في الكون، فيسعى زيد ليكون تاجرا وخالد ليكون خادما وبكر ليكون جنديا وعمرو ليكون عالما أو مزارعا، وكل منهم يتجه بكليته إلى مهنته فينال من عمله فيها غاية وجوده على الأرض وبعد ذلك تجده عاملاً مجدا كادحا صارفا بياض نهاره في معارك الأيام حتى إذا اسود الدجى برقت أسرته سرورا من قضاء واجبه فيأوى إلى بيته وهو مرتاح بتعبه.

وإذا لم يكن به همة العاملين أو كان ينقصه غير مزيه من مزاياهم أو عبثت به الظروف ورمت بنتاج عمله من حالق حبطت مساعيه، ولم يجد له بعد ذلك عملا تراه قد عاد يتمرغ في حماة الكسل متأففا من الحياة متضجرا من نكد الزمان وهو مقطب الوجة خائر القوى ضعيف العزم والرأي ناسيا كل ذلك الدهر منتقما بشفشقة اللسان من الذين أسعدهم الزمان ولا عذر له في هفوة اللسان أو كبوة القلم إلا لكونه ضاربا في بيداء البطالة.

فإذا كان هذا نصيب بعض الرجال المتقاعدين عن مهام الأعمال أو الذين تأتيهم العطلة عن العمل فترة من الزمان فكيف يا ترى يكون حظ النساء من مثل هاتيك الأفكار والأخلاق ومعظمهن يصرفن السنين الطوال من غير عمل فهل يلمن إذا أوسعنا مجال القيل والقال، ولم يكن لأكثرهن حديثا خارجا عن دائرة البيت والمطبخ والتأنق والبهرجة والأزياء أو ما كان عند بعضهن من الغيرة العمياء….

لا جرم أن بعضا من اللواتي سدل الجهل على عقولهن حجابا ورفع الغرور بأنفسهن إلى مقام الفضل في عالم العالمين قد يتجرأن على التزرع بنشأة الإنسان بقولهن إن الرجل مخلوق ليعمل والمرأة لتكسل.

على أنهن لا ينطقن بلفظة الكسل ترفـعـا من أن يلتطخن بهـا بـأقـوالـهـن وإنما يجعلن بدلا عنها ألفاظا تؤدى الى معناها كان يقال إن المرأة قاعدة البيت نوم الضحى تتثاقل في مشيها وتتهادي وتعجب وتدل بحسنها،وإنه يكفيها ترتيب ملابسها وتنسيق ضفائرها وتحسين مظاهرها لأن شغلها قائما بصيد القلوب وهي لا تقوى على العمل لنحو جسمها ورقة خصرها ونعومة يديها إلى غير ذلك مما توحيه مخيلة الشعراء إلى أقلامهم فيرويها الأغرار عنهم كحقائق راهنة يتصل دويها بمسامع الغادات فيزيدهن قصفا وغنجا وتيها ودلالاً إلا إذا كن ارفع من يعرن هاتيك الترهات أذانا صاغية وقلويا واعية عالمات أن نسبة القصور إلى الجنس محط من شأنه مخالف لأمر خالقه تعالى إلا أن مثل هذا القول لا يراد به أن النساء مساويات للرجال في قدرتهن على كل الأعمال وفي وجوب مساواتهن بهم لأن تلك مسألة أخرى تعلقت عليها الشروح الطويلة في الشرق والغرب وفاض بها كتابنا الأفاضل مرارا على أوجه عديدة،

وتحرير القول فيها إن النساء لا يصلحن للنهوض بأعمال الرجال إلا متى مرت عليهن الأجيال وهن يتوارثن العمل مبتدئات من صغار المصالح حتى ينتهين إلى كبارها جريا على سنة الإرتقاء لأن اعـتـيـاد الرجال على أعمالهم وكرور الأزمنة المتطاولة والموروثة عن أبائهم جعلت معارفهم راسخة بخلاف النساء، وخصوصا نساء الشرق فانهن لم يبرزن حتى الآن إلى عالم الأعمال إلا على قلة تكاد لا تذكر

وحسب النساء فخرا أن يجدن عملاً ويداومن عليه فإن برعن فيه فهن الكاسبات لأنفسهن فيه مقاما سبقهن إليه الرجال، وأما الرجل إذا زاحم امرأة على إحراز فضل ما كسبته يداها أو ما اعتادت على عمله كان ولا شك ملاما، ولكن لا أجده فاعلاً إلا بما ندر أي ممن لا شغل يشغلهم عن مساعدة نسائهم في إدارة البيت وتربية الأولاد، ولكن عار على الرجل أن يفتخر بعمل المرأة في داخل البيت والمطبخ لأن ذلك دليلاً على حبه إلى الكسل ورضائه بأن يكون معدودا من ضمن دائرة الخدور مما أصبحت المرأة أن لا ترضی به نفسها فكيف لرب بيتها التي تفتخر بفخاره وتتمجد بأعماله وتسر وتفرح وتتباهى بجنائه لأن الرجل إن كان من الميسرين ولا حاجة له بالأشغال فيمكنه أن يجد لنفسه ولامراته أيضـا عـمـلاً خارجا عن دائرة المطبخ الموكول أمره إلى الطاهية أو الطاهي تحت مراقبة وملاحظة سيدة البيت التي هي زوجته.

أما فرض العمل الواجب على جنسين الرجال والنساء» فهو ظاهر من النص الإلهي أن الرجل يعمل في الأرض والمرأة تلد البنين وينطوي تحت هذا العمل النسائي البيت ومتعلقاته وما يتبعه من مشاق الأعمال.

إلا أن كثيرين من الآباء لا يفكرون طويلاً في إعداد عمل للبنات ولا شك هم الملامون بذلك، فإن البنت العذراء عند خروجها من المدرسة لا نراها في بيت أبيها إلا كأنها زهرة عاطرة يعبق أريج حسنها وتظل وأبيها باسما لها، وهي كإحدى العجماوات أكلة شاربة لابسة راقدة أو جالسة على فراش محشو من ناعم الريش أو هفاف القطن لا تدرى من عمل الدنيا شيئا بل إنها تجد وقتا طويلاً بلا شاغل وجيبها مثقل بما در عليها والدها وهي حائرة في أمرها حيث لا تجد لها إلي الإنفاق سبيلا إلا إذا أرادت أن تزيد في ملابسها وحلاها وزينتها إعدادا لليالي الحظ وأيام السرور والأفراح أو أنها تقطع من يومـهـا سـاعات طوالاً وراء طاولة البيزيك أو اللاسكيناه، وهي منشـرحـة بصرفها الأصفر والأبيض ولا قيمة عندها للدينار إلا حينما تأتيها يتيمة لتعيلها أو أرملة لتعينها أو من يقصدها في سبيل عمل الإحسان مع الإنسان

على أن في الشرق العظيم لا يزال بقـيـة كـمـال لم تطرق إليه بعض عـوائد الأوربيات ولا ذهبت برونقه ولا رمت بحظوظه من حالق كما هو الحال عند بعض بنات الإفرنج أو المتفرنجات اللواتي يغرهن أحيانا تعليق الشبان وخداع المعاشرة الردية فيقعن في حبائل أشراكهم الشريرة على ظنهن بأن لطيف الأزياء نظيف الثياب متملق الحديث رقيق الحاشية خفيف الجسم سريع الإشارة كثير الحركة هو صادق الطوية عزيز النفس شريف المبدأ كريم الخلق صحيح الجسم خاليا من العاهات والأمراض، ولا تدرك ما قفل من صناديق صدره وفؤاده إلا متى وقعت في أشراكه فيتضح لها مع الأيام غير ما قال وخلاف ما كان متظاهرا به فتعود منه باكية العين كسيرة القلب ولا تزال حليفة الأكدار والأرق حتى يرزقها الله بعلا كفوا لها وإلا أدركت اليأس وفاتها أيام الصباء فتذكر قول القائل:

وإذا لم تجد من الناس كفوا…ذات خدر أرادت الموت بعلا

ويتضح مما تقدم بأن الفتيات لو كن نوات عمل لاقتصرن عن الملاهي والمسرات على الطيب الحلال مما لا يضر بـاسـمـهن وشرفهن ويزيدهن وقارا واحتشاما بأعين

الرجال الذين قد تعلموا من مدرسة الزمان أن الخفة ابنة الطياشه وفي الرزانة العفاف والصيانة، ومن البديهي أن البنت إذا نزلت إلى السوق لكي تفتش لها على عريس يوافقها أضاعت العمر قبل أن تجاه بل إذا كانت في خدرها محافظة على مقامها واحترامها عارفة بحقوقها وواجباتها تجد العريس يسأل عنها، ولو كانت في حصن أعز من جبهة الأسد ومقام أرفع من قبة الفلك.

وعبنا من تظن بأنها في تبسمها وغنج أحداقها ولطف حديثها وارتفاع صوتها مع استعمالها الحرية المطلقة الخارجة عن دائرة الاعتدال بضحكها وقهقهتها وطياشتها وسرسرتها ونقلها الحديث المضر بين خواصها ونويها وإصلائها نار الحقد والبغض في قلوب من هم حولها ويحيطون بها وإعجابها بنفسها وبأبيها وامتنانها لمن يتغالي في حسنها وجمالها الواسطة لاستجلاب نصيبها لأن الشاب الذي يرغب الزواج لا طمعا في المجد ولا حبا في المال لا يلتفت إلا للمبادئ الأدبية لعلمه بأن زوجته ستكون قاعدة بيته وأم أولاده وشريكة حياته، ومن كانت هذه أمانيه تجد معه المرأة لذة الحياة ونعيم الدنيا وسعادة الوجود مفضلة بما تجده من الراحة معه عن قصور الملوك وتيجان الاكاسرة

وعليه إذا كانت البنت من بنات المجـد والغنـى فـالعـمـل لـهـا لا يعد إلا من نوع الرياضة للجسم وبه يشغل عقلها عن التماس ما لا يحمد عقباه إذ من المعلوم أن الرأس الفاضي مسكن الشيطان، ولابد له أن يمر على خاطر الكسولة الجالسة في بيت أبيهـا بلا عمل، أفكار كثيرة تؤدى بها إلى سوء المصير أو تسود الدنيا في عينيها فيسوء خلقها وأخلاقها لأن البشر جلاء المحيا والكمد من طبعه يذهب برونق الحسن. ولا يتخيل للقاري أن هذا الكسل خاص في بلاد دون أخرى فإن معظم بنات الإفرنج مع ما لهن من الوسائط يقتلن الوقت بأشغال اليد والأبرة وأمثالها بين تكون أفكار البعض منهن سابحة في بحار العالم تائهة بين تياره تمر الخيالات، فلا تمسك منها إلا ما كان لذيذ الذكري خبيث المؤدي حتى إذا ملت من عملها القليل رمت به إلى الأرض وهي متأفقة منه وتسرع إلى البيانو (المعزف) لتضرب عليه ألحانا غرامية تزكي فيها ما خمد من نار الهوى ثم تسر بمن يوافيها من الأصحاب والصواحب، فتقيم هدهم على المحادثة زمنا من الوقت وأن عرض عليها الخروج من البيت فعلت برضاء والديها لإماتة الوقت الثمين عند غيرها، ولا نقول هذا في الكل بل بما تراه من بعض اللواتي نراهن وهن يتقهقهن ضحكا من عوائدنا وتقاليدنا ويرغين أن نحذو حذوهن بظواهر التمدن مع أن التمدن هو غير ما ذكر وهن أيضا لا ينكرنه عندما يحق الحقيق وتقابلهن بيئات جلدتهن الفاضلات اللواتي بارين أعاظم الرجال بالفضل ومحاسن الأعمال لا بالقصف والغنج والتيه والدلال ولا بالزينة وفخفخة الأزياء ولا بالقيل والقال والتفت بالغيرة العمياء، ولا يطلب السيادة على الرجال ولا بالتطرف في الحرية الخارجة عن خطة الاعتدال ولا بالتمدن ومن لا يعرفن من أدابه الا الخفة والطياشة والادعاء بأنهن إفرنجيات أو متفرنجات ونحن شرقيات فتضع الواحدة منهن وهي في زهرة الصبا النضارة على أعينها الجميلتان وتأخذ بيدها الأخرى المروحة لتروح بها في قلب الشتاء وزمهرير البرد أو تسأل عن بعض ألفاظ عربية مدعية عدم فهمها أو تضحك يما تراه من عوائد أمها وعمتها أو تجاهر في التبكيت والتنديد على عوائد وتقاليد جنسها ووطنها أو تجتهد في تغييرها أسماء عائلتها باستبدالها اسم حنا بجان ويوسف بجوزف، وميخائيل بميشل ومريم بماري ووردة بروز وحنه باناته إلى غير ذلك من أسماء الرجال والنساء، فضلاً عما يتعلق في البيت والزينة والأزياء ثم يبرزن في المراقص والتياترات وهن مكشوفات الزنود والصدور والظهور ويسخرن بكل رجل يتقدم بالسلام على إحداهن ولا ينحنى إلى الأرض بقامته ولا يجعل ثلثى كلامه بلفظة يا مدام أو يا مداموازيل

ولو علمن أن التمدن من الآداب وحقيقة الآداب هو تهذيب الأخلاق وتنقية العيوب وأن المرأة ما خلقت إلا لتكون متقنعة بالحياء وكلما زادت بالحشمة والرزانة استحقت من مجالسيها الوقار والاحترام والإكرام ما رضت لنفسها التهور في الحرية المخلة بصيانة الشرف الهادمة لحصون الآداب والكمال الملوثة أذيال الطهر والعفاف

مع أن معظم البنات الشرقيـات شـأنهن غير شأن الغربيات وإذا بحثنا عن الحقيقة نجد فتيات طبقات الدنيا الواطية معينات لوالديهن يساعدتهن في الأعمال البيتية وتعدمنهن الأمهات اللواتي يرغب في الرجال زواجهن انتفاعا بمساعدتهن، وهذا شأن يكاد يحسب في الشرق عاماً بين سكان القرى والأرياف ممن يشاطرون نساهم على أعمالهم فلا يجدون منهن إلا الكفأة.

وإذا علوت بالبحث إلى الطبقة الوسطى من الناس تجد فتياتهم أقل انهماكا في العمل خارج بيوتهن سيما أهل المدن والأمصار لزيادة الحجاب عليهن لكن احتجابهن في البيوت لا يحول دون عملهن لأن الأم إذا اعتنت بأولادها وإدارة بيتها ولم تكن ذات سعة لاستخدام من يعينها استعانت على سائر مصالحها ببناتها، فيربين على العمل البيتى فتكسب الوالدين من صناعة بناتهم أو من اهتمامهن بأخواتهن ريثما تقضي الوالدة الواجبات الأخرى

وأما أهل الطبقة العليا فهم على قسمين قسم أخذوا عوائد الإفرنج وقلدوهم في تمدنهم وقسم باقون على المليح من عوائد السلف وبين هذين القسمين قوم ينتحلون لأنفسهم مشارب وعوائد يظنونها أقرب إلى السداد.

فمنهن من تنهض بمشاركة والدتها بشؤون البيت وتدبيره ليحسن تدبيرها بيتها عند تزوجها وانفرادها، وهذا يكاد يكون عموميا لأن بنات الشرق لا يجدن لإدارة البيت مدرسة تعلمهن الواجب إلا مدرسة الأم، ولهذا تدعم البنت الزكية يدها بيد أمها وتعمل وإياها كل عمل لائق بصاحبة البيت كملاحظة النضـافة والترتيب والتدبير والطبخ

والاعتناء بالأولاد وسياسة الخدم وواجبات الضيوف وحقوق الزيارات إلى غير ذلك من تدبير المنزل الذي لايحتاج إلى عناية كبرى سوى التمرين على العمل وبعضهن عندما ينتهين من مهام عمل البيت يعكفن إلى الخياطة والتفصيل والتطريز والتخريم والرسم والجركاش إلى غير ذلك من الأشغال البيتية واليدوية اللازمة لها وللبيت والوالدين والأخوة

ومنهن من تسترسل إلي كثرة خدمها وغنى والديها فلا تجد لها عملا إلا البحث في الملابس والأزياء وانتقاء الألوان الموافقة لجسمها وأمثال ذلك

والوقت ثمين لمن يعرف قدره ولهذا استوفي في بخس قيمته بنات الشرق والغرب اللواتي لم يستنرن بمصباح المعرفه ولو عرفن قيمته ما قبلن أن يصرفته ضياعا والخطأ في ذلك لا يلحقهن كثيرا لأنهن لم يتعلمن الاعتياد على العمل، فإذا تبين لكن أيتها القارئات الكريمات ذلك ورغبتن السؤال عن العمل الازم على النساء والابتداء به من بیوت آبائهن فأقول أن في الجواب على هذا مضمارا رحبا لتباري الأقلام غير أن أهم الأعمال أن ترى الفتاة لنفسها (أي الفتاة التي لا يحجبها حجاب العقائد والعوائد) وجودا في المجتمع الإنساني يجعلها بآدابها وعلومها وحشمتها وكمالها عضوا نافعا في الهيئة الاجتماعية وأعلى مقاما من زهرة طيبة الرائحة جميلة المنظر يتنعم الرأى بها حينا ثم لا ينبذها وهي ذابلة وقد فقدت نضارتها

وهذا النفع المطلوب منها لا يحصر في عمل دون آخر لأن كل عمل تقدر عليه فهي مطالبة كسائر البشر أن تعلمه بملء قوتها لتجني منه خيرا ولا يظن أحدا أن اشتغال البنت (محجبة أو غير محجبة) في تدبير البيت أو تثقيف العقل أو غير ذلك في أعمال الحياة فيما تطالب به من الحقوق والواجبات العائلية والأدبية أن يحط من قدرها أو ينقص من سعادتها ورغـدهـا بل بالعكس إن العامل المجد يرى في عمله لذة وفي البطالة قصورا وتعبا ولا عبرة بمن كان كسولاً

 

فائدة أدبية

تخرج الأوائس أحيانًا من المدارس وفي نفسهن جنوح إلى المطالعة وحرص على ما أحرزتهُ من العلم فيها غير إنهُ يعترض في سبيلهنَّ معترض وهو جهلهن الوسائل التي تمكنهنّ من إدراك السؤال فلا يدرين أي كتاب يعكفن على مطالعته، فيأُخذن في مطالعة الرومان وهي تلك الروايات اّلتي تتألف أحيانًا لأغراض في نفس المؤلف وليس لمجرد الفائدة الأدبيَّة سقطن من حيث يقصدن النهوض ولا يخفى ما في سقوطهن من البلاء الذي يتصل بآخرين.

ولما كان قد اتفق لنا الاجتماع بإحداهنَّ أخيرًا وكانت من الراغبات في إحياء ما استفادته من المدرسة وطلب المزيد من الآداب بالمطالعة طلبت إلينا أن نرشدها المؤلفات الفرنسيات اللاتي يخلق بها تصفح كتبهن دون مانع من أدبها فلبينا شاكرين، وقدمنا لها ما اعتمدت عليه إحدى عقائل فرنسا الفاضلات ببيان اسمائهن وكتبهن حتى يمكنها مطالعتها دون أن تطرق حـيـاءَ إذا فاجأها زائر وهي في خلوة بها ثم أثرنا نشرها لفائدة اخواتها.

مختارات رسائل عقلية دى ساقينية والبرنس دى كليف لعقيلة دي لافيات

رسائل عقلية دي مانتنون (طبعة كريار) النماء بقوة التهذيب لعقيلة نكسر دي سوسيار

کورين, لعقيلة دي ستال

التلميذ والتهذيب في المنزل، لعقيلة كيزو

دیوان عقيلة ديبورد فالمور

لابتيت قادت والمركيز دي فيلر لصاحب الروايات جورج ساند

قبعة الساعاتي والفرح يخيف، لعقيلة أميل دى جيراردن الإحسان في فرنسا، لعقيلة دي ويت كريمة كيزو المورخ

لمواردان، للكونتة دى ساكور

دیوان عقيلة لويزا سيفار

أوجيني دي كارن وموريس دي كان لعقيلة تراكور

رسائل اوجینی دی کارن

حول العالم، لعقيلة ديبوي

موندان، للانسة زنايد فلوريو

قصة شقيقة لعقيلة كرافن

روزا وديوان شعر، لعقيلة دي براسانسه

نساء فرنسا اتيركان –

صور النساء، ارفد بارين

دوزيا والمولن فرابية وكليوباترا،لهزير كرافیل

ارتیست وشارج دام لجان مرلیت

نوفان دی کولت، لجان شولتز

عائلة في ابان الحرب، لعقيلة بواسوناز

المركيزة ساتن فر، البارونة مارتينو

فارسی «خیالی» کابر بالافرانی

إلى سوز عقيلة جان ديولافوا

دائرة معارف مؤلفات النساء، لعقيلة ديليمون

قصة ولد باريسي وريم روز، لعقيلة مازيرور

ففي تلك المصنفات التي انتقيناها مـا تستفيد منه الأوانس تهذيب أخلاقهن وأقلامهن وضبط عواطفهن واتجاه أنظارهن وجهة الواجب المفروض عليهن في جميع أطوار الحياة

(لسان الحال)

اشهر الملكات

(تابع ما قبله)

سنة الجلوس بعد المسيح

١٥٤٢ ماريا ستوارت ملكة اسكوتسيا

١٥٤٢ ايزابيلا ملكة المجر

۱۵۵۳ حنه ملكة إنكلترا

١٥٥٣ ماريا ملكة إنكلترا

١٥٥٨ اليصابات ملكة إنكلترا

١٦٢. کاترینا دومدیشیس ملكة فرنسا وهي زوجة هنرى الرابع

1651 كريستينا ملكة اسوج

1686 صوفيا ملكة روسيا ماريا

ملكة انكلترا زوجة وليم الثالث

۱۷۰۲ حنه ملكة انكلترا

۱۷۱۹ أولريكة البوتورة ملكة اسوج اخت كارلوس الثاني عشر

۱۷۲۵ كاترينا الاولى امبراطورة روسيا

۱۷۳۰ حله امبراطورة روسيا

١٧٤١ اليصابات امبراطورة روسيا

١٧٤٥ ماريا لويزا امبراطورة النمسا

١٧٦٢ كاترينا الثانية امبراطورة روسيا

1786 ماري الاولى ملكة البرتغال

1814ماريا لويزا دوقة بارما

1832 ماريا الثانية ملكة البورتغال

۱۸۳۲ ماريا كريستيان ملكة اسبانيا

۱۸۳۳ ايزابيلا ملكة اسبانيا

۱۸۳۷ فكتوريا ملكة انكلترا وامبراطورة الهند

185 رانافالونا الاولى ملكة مداكسكر

186 رازوهرينا الاولى ملكة مداكسكر

1868 رانافالونا الثانية ملكة مداكسكر

ريتجين خريستيانا والدة ووصية الملك الفونسو الثالث عشر ملك أسبانيا فلهلمينا ملكة هولاندا وقد بلغت السنة الرابعة عشر من عمرها

(إصلاح غلط في الجزء التاسع)

مندان ملكة مصر (وهو غلط طبع) وصحتها ملكة فارس سنة ١٥٣٨ م

وسقط أيضا من الجدول اسم الملكة كيلوباطرة ملكة مصر سنة ٥٢ ق م

المرأة والحب

قرأنا في إحدى جرائد إيطاليا الأخلاقية المصورة فصلاً تحت هذا العنوان حوى كل لطف ورقة فاخترنا نقله فكاهة لقرائنا قال الكرى كرى أعدت إحدى السيدات المشهورات بالثروة وحسن الذوق ليلة ساهرة دعت إليها كثيرات من صديقاتها واعدة إياهن بأن يلاقين عندها حظا وسرورا ما سمعن من قبل بمثله

وسر دهشتها أنها دعت فتى من النبلاء يدعى الفيكونت تبرونه وشابا ثانيا هو المركيز دي جولا، وقد عرف الأول برقة الحساساته وسرعة تأثره وشدة عارضه ورقيق بيانه وحسن مسائرته وعظيم لطف محادثته واشتهر الثاني بدربته وانتصاره في كثير من معارك الهوى وما كان بعد الدعوى وقد تراهن الاثنان على أن يتسابقا في موضوع جميل جليل لا يسلم القائل فيه من عثرة يسردان في سياقه كل ما يعلمان عن المرأة والحب وما قيل في ذلك من حكم وأمثال

ولما اكتم، نظام ذلك المجلس الزاهر بتلك النجوم الزواهر وقد أشرقت شموس الحسان وطلعت نجوم الأنوار تسطع في أفق هذا المكان تقدمت ربة البيت إلى الفيكونت الرقيق، وقالت مستفهمة ما رأيك عزيزي في المرأة قال هي آية الخلق فالتفتت إلى المركيز وقالت: ماذا تقول يا صديقي؟ قالالمرأة مطهر الجيوب ونعيم الأجساد وجحيم

النفوس فسا – جوابه كل الحاضرات وما رضيت عنه منهن واحدة ثم دار الخطاب من صاحبة البيت إلى الفيكونت فقال:

خلق الله المرأة لتأمر والرجل ليطيع قال المركيز – بل خلقت المرأة لتكون أذل من الأذلاء تخضع الرجل ولا تعصى ل له أمرا فاغضب جوابه صاحبة البيت وقالت باسمةلأنت يا مركيز شيطان. – لا بأس ولا بدع في أن أكون بينكن يا ملائك الحسن شيطانا رجيما فابتسمت السيدات الغاضبات لحسن رفته وبديع ظرافته واستبشرن خيرا ثم قالت الكونتة له أفـمـا ترغب ذا لك زرجـة – قال نعم وانما اختارها جدية تكره المزاح ولا تميل الأفراح قلن بئس الاختيار اختيارك ولكن رغما عن كل جدها لا نخالك تريح جسمها من ضرب اليم

فقطع الفيكونت كلامهن وقال إن ضرب المرأة لعار على الرجل عظيم قال المركيز: أسأت صاحبي فالنساء مثل اللحوم القاسية كلما ضربتها لانت فصرخ النساء من قساوته فلم يبال بهن فقلن له غرو في أن تعيش، وتموت تعيسا لا يرحمك أحد ولا يغينك في لهفتك منهن مجبر

قال أخطأ سيداتي فلابد لي من هناء أناله بسببهن قلن: وكيف وأنت على ما انت

قال: لكل رجل في دنياه يوما انس وسرور تكون المرأة فيهما سببا.

فانشرحت بذلك صدورهن وقلن هات خبر اليوم الأول فأسرع بلطفه وقاليوم يتزوج الرجل امرأة.

فاستحسن منه هذه الظرافة وأمن على ما قال، وقلنا هات خبر اليوم الثاني فـاحـتـار وتأني ولم يشـاء مبادرتهن بالجواب فـالحـحـن عليـه وكثر الرجاء من الثغور الحسان فقال

ويوم تدفنفاقشعرت أبدانهن من خشونة جوابه وقمن يطلبنه ليمزقنه إربا فأسرع في الفرار

(الاتحاد المصرى)

أثر ومآثر وفضائل

(خاندان آل عثمان)

هو نشان جديد يسمى خاندان آل عثمان قد وضعه سيدنا ومولانا السلطان الغازي عبد الحمید خان الاعظم منذ 31 اغسطس سنة 13,9 الموافق يوم الجلوس السلطاني السعيد.

وهذا النشـان العلى الشان مزينة أطرافة بالمينا الحمراء والمينا البيضاء وفي وسطه قطعة ذهبية منقوش عليها الطغراء الغراء ومنقوشة من جهة بعبارة «المستند بتوفيقات الربانية، ومن الجهة الثانية «ملك الدولة العثمانية، ويعمل تحت هذه اللوحة شكل عرق من الدفلي من المينا البيضاء وشريط هذا النشان المزين بالمينا البيضاء مـوضـوع تحت تاريخ تأسيس الدولة العلية أي سنة 699 هـجـرية وتحت عرق الدفلي تاريخ إحداث هذا النشان الذي هو سنة 1311 هجرية، ويعلق بقلادة ذهبية في العنق وتكون حلقاته من المينا البيضاء وعلى كل منها مرسوم بالمينا البيضاء إكليل وهلال ونجمة

وبعد أن تقلد مولانا السلطان الأعظم قطعة من هذا النشـان العـالي أحـسن بقطعة منه إلى كل من حضرة آل الملك العظام، وهم أصحاب الدولة والنجابة رشـاد أفندي وكمال الدين أفندي ويوسف عز الدين أفندي وسليـمـان أفندي ووحـيـد الدين أفندي وصلاح الدين أفندي ومجيد أفندى وشوكت أفندي ومحمد سليم أفندى وتوفيق أفندي وضياء الدين أفندي وعبد القادر أفندي وأحمد أفندي ونجم الدين أفندي وبرهان الدين أفندي

وإلى كل من حضرات صاحبات العصمة والدولة والعفاف عادلة سلطان العلية الشان وقادين أفندي مقام مهد السلطنة السنية العلية وجميلة سلطان وسنيحه سلطان ومديحه سلطان وصالحه سلطان وناظمه سلطان وزكيه سلطان واسما سلطان وخديجه سلطان وفهيمه سلطان وامينه سلطان ونعيمه سلطان ومنيره سلطان ونائله سلطان وشاديه سلطان وعائشه سلطان ورفيقه سلطان العاليات الشان وفريده خانم سلطان وسنیه خانم سلطان وعائشه صدیقه خانم سلطان. وأهدت الجلالة السلطانية المعظمة قطعة من النشان الرفيع المنزلة والعلى الشأن إلى كل من حضرات جلالة إمبراطور ألمانيا المعظم وقرينته الإمبراطورة المعظمة.

الطبيبات والقابلات

من عناية والتفات جلالة مولانا السلطان الأعظم إلى كل ما يعود إلى نفع رعاياه وراحتهم قد صدر أمره السامي بالاجازة للسيدات اللاتي قد أكملن الدرس في مدارس الطب العالية في أوربا أن يمارسن العلاج في الممالك المحروسة بعد نوال الشهادة من المدرسة الطبية السلطانية بعد الامتحان القانوني، وأن يعطين الحقوق والامتيازات التي يعطاها الأطباء لأنه إذا وجد عدد من الطبيبات الماهرات قادرات على تطبيب النساء والبنات تستطيع كثيرات منهن أن ينتفعن بالوسائط الطبية التي يحرمنها الآن لعدم

استحسانهن استدعاء الأطباء الرجال في وقت ضيقهن واحتياجهن الشديد

وقد نالت هذه الدبلوما الرسمية من المكتب الطب الشاهاني في الاستانة العلية حضرة الأنسة المصونه السيدة ماري بيرسون ادى كريمة جناب القس وليم ادى نزيل سوريا وهي أول طبيبة من الأوانس اللائي أحرزن الشهادة الطبية في الممالك العثمانية، وقد أعطى لها أيضا ذات الحقوق والامتيازات الممنوحة لرصفائها الاطباء من الرجال وقد أتت الى مدينة بيروت واتخذتها مركزا لها. وجاء في جريدة فرات الغراء من حلب)

لا يخفى أن مدينة حلب تشتمل على ما ينوف عن مائة وعشرين ألف نسمة ومع هذا فليس يوجد بها قابلة ذات شهادة وأما القوابل البلديات، فطالما أهلكن نساء بجهلهن ولما كان هذا الحال عند صاحب ملاذ الولاية الجليلة غير جائز، فـقـد أمـر بإحضار قابلة لبلدية حلب ذات شهادة فأحضرت من دار السعادة قابلة اسمها شريفه خانم حائزة شهادة المكتب الطبي السلطاني وتقرر أن تقوم بخدمة النساء الفقراء مجانا،انتهى

فلا زال سيدنا ومولانا السلطان الأعظم مصدر الخير والإحسان والنفع للعباد والبلاد

خصصت عقيلة الموسيو بيره مبلغ مليون فرنك لانشاء مأوى يسع مئة شخص من الأولاد الذين ينقهون من علتهم وسيقام هذا المأوى في مدينة ليون من ضمن الأرض التي كانت وهبتها الإمبراطورة أوجيني إلى مستشفيات ليون ووقفت عقيلة الموسيو بويسون (رئيس الكلية الطبية في مونيليه) مبلغ مليون وخمسمائة ألف فرائك احياء لآثار العلم ووهبت السيدة جوزيا فيسك خمسة آلاف ريال أميركي لمدرسة برناره المشهورة

وهذه المدرسة بها ١٠٣ بنت ومصروفها السنوي ٢٥ ألف ريال ورأسمالها ٢٥٠ ألف ریال

وعينت حضرة ملكة سكسونيا ثلاث أطباء لمعالجة مرضى الفقراء على نفقتها

وأحيت جمعية زهرة الإحسان لطائفة الروم الأرثوذكس في بيروت ليلة راقصة بعناية حضرة حرم صاحب الدولة تعوم باشا المصون إسعافا لمدرسة اليتامي المنشاة من قبل هذه الجمعية

وعقدت نساء لندن جمعية حافلة قررت فيها واجب الأخذ بناصر عيال الفعلة الذين عض الجوع عليهم بنابه ولم يبرحن من تلك الجلسة حتى تعطل فريق منهن من حليهن اخذا بناصر أولئك المنكوبين.

إنعامات وهدايا

أنعمت الحضرة السلطانية المعظمة بنشان الشفقة من الطبقة الأولى على حضرة قرينة الموسيو ترال معتمد الولايات المتحدة وعلى كريمته أيضا بنشان الشفقة من الطبقة الثانية مع ميداليا الفنون وأحسن بنشان الشفقة من الطبقة الثانية إلى حضرة فاطمه زاهرا خانم حرم دولتلو عزيز باشا وإلى ولاية الموصل المصون وعلى حضرة كريمته المصونة عائشه خانم بنشان الشفقة من الطبقة الثالثة. وأحسن بنشان الشفقة من الطبقة الثانية على حضرة الكونتس دي زغيب (ارملة المرحوم الكونت يوسف زغيب)

وأحسن بنشان الشفقة من الطبقة الثانية على السيده فاني كريمة حضرة الجنرال كارو محافظ برينسون من أعمال فرنسا لدى زفافها السعيد إلى جناب الوجيه الفاضل عزتلو يوسف بك مطران نجل صاحب السعادة حبيب باشا مطران في ۲۹ الماضي في مدينة باريس الزاهرة.

وأهدى جلالة قيصر روسيا المعظم وسام الصليب الأحمر إلى حضرة السيدة المصونة اميلي سرسق عقيلة جناب الوجيه الشهير جرجي أفندي سرسق لقاء ما هي عليه من اللياقة والأهلية وعمل البر والإحسان وأهدى غبطة السيد الجليل جراسيموس البطريرك الاورشليمي لطائفة الروم الأرثوذكس صليب القبر المقدس مشفوعا بالشهادة الخاصة به لحضرة الأنسه المصونة كريمة سعادة قنصل جنرال دولة روسيا الفخيمة في بيروت إيذانا بحسن تقواها وورعها.

وأهدت جلالة الملكة فيكتوريا ملكة انكلترا وإمبراطورة الهند إلى الجـلالة الشاهانية رسمها بنور الشمس.

رسائل الجهات

رسالة ثالثة عن شيكاغو

لحضرة الكاتبة الفاضلة السيدة هنا كوراني

عزيزتي الفاضلة

تناولت كتابك الكريم وأنا بين أشغال شاغلة واجتماعات حافلة ومؤتمرات منعقدة وليالي انس جـامـعـة بين العلم والأدب والزهد والطرب والشـمـوس والأقمـار والأبهـة والافـتـخـار إلى غير ذلك من درس ثمين وترويض بهی ممالا نهاية له في دائرة هذا المعرض العام الجامع بين قبائل الأرض على اختلاف علومهم وآدابهم وصنائعهم

ومنتزهاتهم ولهوهم ومحاسنهم وقبائحهم وأخلاقهم وعوائدهم، وفي الحقيقة إني أنظر إلى هذا المعرض كمدرسة عامة مجانية لدرس طبائع وأخلاق وعوائد ومشارب البشر على ضروب صنوفهم وفنونهم، وكنت أود لكثيرين من بلادنا الشرقية القدوم إلى هذه الديار للتمتع بجمال فائق وإتقان بديع يصادفه المرء في هذه الروضة الغناء أين سار وكيفما حل كما وأنه يفعل في قوى الإنسان العقلية كسحر عجيب إذ يرقى العواطف لهجر الدنايا واكتساب الفضيلة ورفع الإدراك إلى درجة سامية وينزه الأميال عن كل فكر يشين بل يخلق في صدر الإنسان محبة للعلم وإكراما لذويه، ويوجد في طي قلبه غيرة على التقدم ومحركا للارتقاء من أمور شتى مما يحتاجها شرقنا ويندبها عالمنا ويحث عليها محب الإنسانية بيننا.

واكدی با عزيزتي بأنني كلما تأملت في جمال هذا المعرض وعظم مساحته وما حواه من البدائع والغرائب كلما تاقت نفسي إلى الدرس والاستفادة والتنزه بين علومه الزاهرة وفنونه الباهرة ورياضه الزاهية حتى أصبحت به كأنني مأخوذة بمدهشاته مسحورة بعجائبه لا أقوى على عمل كان خارجا عن دائرته ولا أرى سرورا إلا بروضته ولهذا أرجوك صفحا كريما أيتها الكريمة لقاء تأخيرى عن مكاتبة الفتاة العابقة بمسك آدايك لأن وقتي قصير جداً والشواغل كبرى.

ولقد تكلمت مليا عن الفتاة مع أكثـر صـديقـاتي واللواتي هن من أعاظم هذه البلاد علما ومقاما ولطفا وكمالاً، فاضر من جميعهن في صدري نار الأمل بالنجاح التام وإنما العثرة الوحيدة بأن الفتاة عربية ولو فكرت ما لنساء هذه البلاد من المحبة إلى الجرائد وتعضيد أصحابها بعكس الأكثرين من نساء بلادنا وخصوصا بعض المثريات منهن اللواتي لا يزلن ولا شغل لهن إلا التسابق على حب التماثل في ضروب التأنق والأزياء لما شق عليك صدور مجلتك الغراء بحبر شرقية وحلل غربية أعنى باللغتين العربية والإنكليزية بحيث يكون لها في هذه الديار الرواج والنجاح لأنني بعـد طول

الاختبار قد تأكدت أن الغربيات الفاضلات نوات الثروة وربات العرف وسيدات الذكاء لا يفترن غرة زمن عن إسعاف بنات جنسهن والأخذ بناصـرهـن لإبلاغهن معارج الارتقاء وسلم النجاح

ولا يخالك إنى أقول ذلك إجحافا بحقوق نساء بلادنا الشرقية فاني على يقين من وجود سيدات فاضلات في مصر وسوريا والبلاد العربية لا يغفلن عن مد يد النجدة للأخذ بناصر الفتاة باكورة الشرق بعد أن بدت للعيان رافعة راية الحق وطالبة بواجب الوطنية وفروض الإنسانية معلنة فضائل الشرقية وما لها من الأيادي البيضاء في عالم الآداب والمعارف كما وإني لا أستلفت انظارك على صدورها عربية إنكليزية بمعنى أن الشرق العظيم عاجز عن الإقبال على جريدة فريدة في مصدرها وعنوانها ومقاصدها لكنني أقصد بذلك زيادة الفائدة للقراء والقارنات عندما تصبح الفتاة قادرة أن تترجم للغرب كمال وآداب الشرق وإلى الشرق علوم ومعارف الغرب.

ولا خفاك أيتها الكريمة أن نساء الغرب ورجاله دأبهما إسعاف الأدب وإعداد آله بما يصل إليه حد الإمكان، وقد تعجبت غاية العجب عند مشاهدتي في هذه البلاد عددا لا يحصى من الجرائد النسائية وجميعها تعود على صاحبتها بالشهرة والمقام الرفيع والدرهم البراق حيث لا يمر بي يوم مع كوني غربية الديار إلا ويأتيني عدد وأحيانا أعداد من هذه الجرائد النسائية التي أقل جريدة منها لا يقل عدد مشتركيها عن العشرة آلاف وبعضها تتوزع على ما يزيد عن مائتي ألف مشترك، وفضلاً عن ذلك فإن لمحرراتها ومديراتها المقام الأول في الهيئة الاجتماعية فيما الله ما أعظم الفرق بين رجالنا ورجالهم ونسائنا ونسائهم فإنهم لا يفترون غرة من الدهر عن إحراز الأدب وعضد الخير العام، وهذا هو السبب الأكبر لنجاحهم وتقهقرنا

فلا تترقى بلادنا الشرقية قبل أن تنكب رجالنا ونساءنا (صغارنا وكبارنا ) على اكتساب العلم وتعضيد أربابه كاصحاب التأليف والجرائد والمكاتب والمطابع ولا من يلومني إذا أخذت أن أندب الفضل وآله وماله في بلاد لا يجتهد أفرادها في تعميم المعارف وترويج بضاعة الآداب ولا هم يخجلون بإغضاء الطرف عن معاضدة وموازرة ومساعدة ذوى العلم والفضل ولا من عدم الإقبال على الكتب العلمية والجرائد الإخبارية والمجلات الأدبية كفتاتنا الزهراء، وهي تصدر في البلاد المصرية تحت الراية العثمانية باسمة عن درر الفوائد ونفائس الفرائد في كل موضوع يعود فائدته على بنات جنسها فعساهم أن يستيقظوا وإلى فروض الوطنية والجنسية يعيرون التفاتهم الأكبر لتسعد بهم البلاد ويعلم الكل أن المرأة هي أم العائلة وبدون تعليمها وتهذيبها وتثقيف، عقلها ومعرفتها حقوقها وواجباتها لا نجـاح ولا تقدم ولا إصلاح لأن البنون لأمهم أتباع والبنت من أمها تعرف طبائعها

وإني أشكرك شكرا جزيلا على تلطفك بإدراج رسالتي الأولى والثانيـة في صفحات فتاتك الغراء ولو علمت بأنهما يصادفان منك هذا الحظ الأكبر لجعلتهما أهلاً لذلك وصرفت على كتابتهما الوقت اللازم ولكن هذا أراه هنا مستحيلاً إذ الوقت يمر كمر السحاب ولا يشعر المرء به كما وأنه لا يعلم ماذا يعمل لإتمام ما يتراكم عليه من الواجب والضروري والكل يثنون من سرعة كرور الأيام، وفي هذا دليل على اجتهادهم ونشاطهم وإقدامهم على عظائم الأمور التي تحتاج لإتمامها وقتا طويلا، وعلى ما تقدم اكتب إليك الآن على عجل وأومل أن الفتاة ستكون الوسيلة الكبرى لرفع مقام المرأة الشرقية في عين اختها الغربية كما وأنها تكشف للشرقية عوامل ارتقاء الغربية وطريق تقدمها فتصبح بذلك فخر الشرق ودليل الغرب ولك على ما دمت في هذه الديار أن أخدم فتاتك بما استطعت إليه سبيلاً، وهذا اراه فرضا لازما يفرضه على حب الأدب مع حب الوطن والغيرة على المرأة الشرقية وارتقائها سلم الفلاح، والله أسأل أن يأخذ بيدك إلى كل ما يؤول لخير جريدتك وبنى جنسك والسلام ختام

فـي الـعـوائـد والاخلاق

الإكليل

الإكليل أو التاج، هو عصابة مزينة بالزهر أو بالفضة أو بالذهب أو بالجوهر تلف على الرأس ولها أطراف طويلة لزينة الرأس وعلامة للعبادة أو الفرح أو المجد، وهو قديم العهد أخذه الرومان عن اليونان والشرق.

وكان الإكليل يستعمل في العصور القديمة زينة للمعبودات أو للملوك أو للعرس وأول من استعمله باخوس، وقيل لما تزوجت اندروما أهدت لها الزهرة إكليلا لعرسها وكان كل من نبتون وهرقليس وفكتوريا وغيرهم يمثلون بإكليل على رؤوسهم واستعماله عند الطوائف النصرانية في عقد الزواج من زهور طبيعية أو اصطناعية مأخوذا عن الهنود والفرس الذين كانوا يرتبون أزهاره رمزا لأفكار لايجسر أصحابها على التصريح بها بالنظر إلى ما كان جاريا من حكم الاستبداد وسطوة الاستعباد، ولذلك أوجدوا لكل أمر علامة خصوصية في الإكليل مرتبة ترتيبا رمزيا من أنواع الزهور وأوراقها أجلوترتيب الزهور لا تزال إلى عصرنا الحالي وخصوصا في الأستانة العلية وأوربا ينتظم منها باقات خصوصية تقوم مقام الرسائل بالكتابة عند من يعرف حل رموزها وسنأتي على هذه الإشارات مع إشارات المناديل وطوابع البوسطة على غلاف التحارير بعدد آخر إن شاء الله

عودوقد اتفق أكثر الأمم في الأجيال الماضية على جعلهم إكليل العروس

العذراء من الورد الأبيض، وعند البعض كان إكليل العروس الأرملة من زهر وأوراق الهليون وأما إكليل العريس فقد كان من الورد والأزهار، وكان البعض يضعون به ورقا من كرفس الماء أو كرفس الجبل اعـتـقـادا بأنها تكون له كـحـرز يقـيـه مـن عوارض الأمراض

وأما اليونان فكانوا يضعون في إكليل العريس ورقا من الخشخاش والسمسم وآخرون يعلقون به خرزا زرقاء اعتقادا بأن الخرزة الزرقاء تقيه من إصابة العين كما كانوا أيضا يضعون على سرير المولود (إن كان صبيا) إكليلا من الزيتون البرى، وإن كان المولود بنتا فيجعلون الإكليل على سريرها كثلاً من الصوف

وفي الولائم الخصوصية كانت عادة عند بعض الأمم إكليلا من الورد يضعونه على رؤوس الأشخاص الذين ينتخبونهم من نخبة الأهل والأصدقاء للقيام بالخدمة كما يضعون الآن على صدورهم زهرة مصنوعة من شرائط حريرية.

وفي الألعاب الرومانية العمومية كانت القضاة وأعيان البلاد يتوجون بأكاليل من الورد يتميزون بها عن العامة كما إنهم كانوا يتوجون معبوداتهم بتيجان مختلفة الأشكال والأنواع.

وأما التاج الملكي فهو قديم الاستعمال ولكنه كان في العصور الخالية بسيطا وأول من زينه بالحجارة الكريمة واللآلي العظيمة هو الملك قسطنطين الأكبر، وأول تاج ليسه ملوك أوربا بعد قياصرة الرومانيين التاج القيصري الذي وضعه البابا لاون على رأس الامبراطور شارلمان (كارلوس) سنة ٨٢٧ ثم تاج المانيا وتاج فرنسا سنة 843 ثم تاج اللـوجـردي سنة ٨٥٢ ثم تاج البـيـرغـوندي سنة 888 ثم تاج المجـرى وتاج الاسبانيولي فالبالونى سنة…1 ثم التاج الدانيماركي وتاج الأسوجي سنة 1015 ثم تاج النورويجي سنة 1033 ثم تاج السيسلي سنة ،113 ثم تاج البـوهـيـمـي وتاج البرتغالي مع تاج أورشليم وقبرص سنة ١١٣٩ ثم تاج البروسياني سنة 1701 ثم تاج البيامونتي سنة ١٧٢٠ ثم تاج الروسى سنة ١٧٢١ ثم تاج السيسلي الجديد سنة 1739 ثم التاج النمساوي والتاج البافاري سنة ١٨٠٤ ثم تاج ورتمبرج سنة 1805 ثم التاج السكسوني سنة ١٨٠٦ ثم التاج الهانوفيـري سنة 1814 ثم التاج الهولاندي سنة 1815 ثم التـاج البلجيكي سنة ١٨٣١ ثم التـاج اليوناني سنة 1838 ثم التـاج الايطالياني سنة 1861 ثم التاج الألماني سنة 1871 وهذا التاج من قبل أن يزينه الملك قسطنطين الأكبر بالحجارة الكريمة كان بسيطا،كما تقدم وفي كل عصر ومصر كانوا يتوجون ملوكهم على طرق مختلفة واحتفالات متعددة، وهذه التيجان أو الأكاليل كانت تصنع من ورق الغار ثم من غصنين زيتون ملتفين أحدهما على الآخر ما خلا العرب حيث كانت ملوكهم وسلاطينهم عمائمهم تيجانهم. وجميع الأكاليل المركبة من الزهور الطبيعية كانت في أيام الشتاء تؤلف من زهور صناعية مضمخة بالطيب.

وكان اليونان يتوجون من قام بخدمة مهمة الوطن، وكان البطل المشهور يسير إلى الحرب مكلاً بأكاليل من زهر والبطل المنتصر عندهم وعند الرومان أيضا كانوا يأتون به إلى البلد باحتفال شائق وإكرام فائق وعلى رأسه أكليلا من الزهر ومربوط به شريطين متدليتان على كتفيه أحدهما بيضاء والثانية حمراء وكانت الرومان أشد الأمم رغبة في استعمال الأكاليل وكان عند المصريين (زمن الرومانيين) سوقا خصوصيا لصناعة الأكاليل.

وأما الأكاليل المصنوعة من الزهور التي يضعونها على نعش الميت المألوف استعمالها بهذا العصر، فقد أخذناها عن الأورباويين وهم أخذوها عن الرومانيين.

وأما التاج الأكيركي فهـو مـخـتـلفـا ومـزخـرفـا عي طرق شتى في الكنيستى الشرقية (الأرثوذكسية) والرومانية، وهو من فضة أو ذهب منقوش ومرصع بالجواهر الثمينة على حسب درجة لابسه أو من ديباج أو فضة أو حرير أبيض مطرز بالذهب وأما في الكنيسة الإنكليزية فقد أبطل استعماله من عهد الملكة اليصابات،

ومما نراه من العوائد المألوفة في الأكاليل عادة عند اليونان، وهي قديمة العهد ولا زالت حتى الآن وهي أنهم في صباح اليوم الأول من شهر أيار (مايو) حـســابا شرقيا يخرجون إلى الرياض والبساتين من الجنسي (اللطيف والنشيط) من قبل أن ترسل الغزالة أشعة أنوارها على بساط الوجود، ويأخذون بتأليف أكاليل من الورد والأزهار والرياحين ويعـودون وهي على رؤسهم ويعلقـونـهـا فـوق أبواب منازلهم أو حوانيتهم ولا يمسونها حتى تزيل و تتلاشى من نفسها كما وعند بعض الشرقيين إكليل العروس يعلقونه فوق سريرها ولا يمسونه بيد

والتاج الملكي لم ينحصر في الملوك النصاري دون زوجاتهم حتى ولا في الأزمنة الخالية من ملوك النصارى التابعة للديانة اليونانية الأصلية، فإن القصير بازيليد قد توج زوجته زينوبيا والقيصر يوستيانوس توج زوجته لوبسينا والقيصر هركليوس توج زوجته مرتينا والإمبراطور ليون الفليسوف توج زوجته ماريا فضلاً عن الملوك النصرانية حتى إن الإمبراطور بطرس الأكبر عندما أراد أن يتوج زوجته كاترينا في 18 آيار سنة ١٧٢٤ في مدينة موسكو سار أمامها راجلاً يوم هذا الاحتفال تعظيما لها وكان بصفة يوزباشي على فرقة جديدة دعاها فرقة شوالية الإمبراطورة، ولما دخل الموكب إلى الكنيسة وضع الإمبراطور بطرس التاج الملوكي على رأسها وأمر عند خروجها من الكنيسة أن يحملوا أمامها صولجان الملك والكرة الملوكانية، وما من أمة من أهم العالم من الغابرات والحاضرات في البداوة والحضارة إلا وترى للعروس إكليلاً على رأسها وإن اختلفت أنواعه وتعددت أشكاله وأوصـافـه فهـو لرأس العروس كالحلق (الأقراط) لأذنيها.

والنساء الشرقيات سواء كن عرائس أو والدات فلابد للواحدة منهن أن تضع على رأسها ما يماثل الإكليل إن كان من زهر أو تطريز أو من ذهب أو فضة والعزيزية هي نوع من الإكليل لأنها عصبة مجركشة وذات أطراف والعصبة هي الإكليل، وإن اختلفت أحيانا بالشكل أو الاسم ولنسـاء الإفرنج قبعة كالعزيزية تماما وأكثرها مجركشة ومطرزة بالقصب الفضي أو النحاسي بل ولهن في ليالي الأفراح العمومية أو الخصوصية قبعات مصنوعة من حبلين من الورد الاصطناعي تضعها الأنسة والعقيلة على رأسها وتكتفي بها عن القبعة (البرنيطة)

ويجد عند عقيلة المستر وليم فندربلت الغني الأمريكي الشهير تاج بنظير تاج الملكة فكتوريا مصنوعا من 1393 جوهرة منيرة ومن ١٢٧٣ جوهرة وردية ومن 147 جوهرة مطاولة

باب تدبير المنزل

في اللحوم والأسماك والخضار والأثمار وأنواع الأطعمة والحلويات والمربات والمرطبات والمشمومات، وما كان منها نافعا للمعدة وموافقا للأمزجة أو مضرا بها إلى غير ذلك من أنواع المأكول والمشروب والمشموم وهي مقتطف من كتاب تدبير المنزل وغيره من كتب الصحة والطهات، وما عرفناه بالتجربة ومن كل سيدة قيل في زوقها وحسن تدبيرها وإدارتها.

إذا قالت حذام فصدقوها …فإن القول ما قالت حذام

الباذنجان: سريع الهضم، قليل التغذية، وفيه خاصة تساعد السوداء. وقال من لا يحب الباذنجان، قيل لإعرابي: ماذا تقول في الباذنجان؟ قال لونه لون بطونالعقارب، وأذنابه كأذناب المحاجم فلو شققته مريم وعملته بوران، وطبخته سارة، وغرفته بلقيس، وقدمته فاطمة، لا رغبة لي فيه وفي بعض بلاد الشرقية إذا سألت المرأة زوجها في أيام الباذنجان، ماذا تطبخ، جاز عليها الطلاق أو الفراق ،

ويحوي الباميا إذا كانت طرية، تكون سهلة الهضم، وأما إذا كانت كبيرة، يكثر فيها المادة الغروية، فيعسر هضمها، خصوصاً لبلوغ بذرها. القلقاس نوع من البطاطس، إلا أنه أقل منه تغذية، وأعسر هضماً، كثيراً من الألياف الخشبية التي لا يمكن هضمها. الكوسا: مغذي ونافع لتليين المعدة، أما ما كان محشواً منه باللحم والأرز أو الصنوبر أو بخلاف ذلك، فيعسر هضمه، وقد يسبب إسهالاً وتخمة بسبب ما فيه من الأدهان وخصوصاً إذا ما كان مع الخضارات الخرشوف: (أرضي شوكي)، إذا كان طرياً أكله لذيذاً وهو سهل الهضم، أما الشايخ منه فعسر الهضم ومسبب للأرق. الطماطم: (المعروفة بالبندورة، وعند البعض بالباذنجان الأحمر)، قشرها عسر الهضم، أما هي فسهلة الهضم وكثيرة التغذية ومليئة للمعدة. الكرنب (الملفوف) والقرنبيط يحتويان على مواد نشوية وسكرية وعلى ملح البارود، وإذا كانا يحتويان على خيوط وألياف كثيرة، يسببان سوء الهضم والإسهال، ويضران بالناقهين وضعاف المعدات. وقد قيل أن أكلها بدون طبخ ينبه السكاري من سكرهم ويناسب السوداويين ذوي المعدات الضعيفة والمسهولين. العدس: إذا كان مقشراً، فهو سهل الهضم، لذيذ الطعم، مغذ، وماؤه المغلي يفيد البصل: يحتوي مادة كبريتية ومادة زيتية ومادة سكرية ومادة زلالية وفسفوراً، ويسبب العطش إلا أنه مقو للمعدة، كثير التغذية وإذا طبخ مع غيره من الخضروات، يمنع انتشار الغازات المضرة في البطن، وقد قيل أنه يمنع مضار المياة إذا تغيرت على شخص منتقل في بلد جديدة، ثم وله غير ذلك منافع أخرى عديدة كما روى عنه الأطباء (وسنعود إليها بعدد آخر)، وقيل والعهدة على الراوي لا على الفتاة، أن رائحة البصل تسكن الأرق وتعود على المستنشق بالراحة والسكينة، فمن أرادت من الغادات نوات الظرف واللطف وربات التيه والدلال، أن تستغرق في النوم أكثر من سبع أو ثمان ساعات، عليها أن تأخذ بصلة يابسة، والأحسن خضراً، وترضها بيدها رضاً وتضعها ضمن منديل رفيع، وتربطها حول عنقها ليلا، فتنبعث رائحتها إلى أنفها، فتنام بإذن الله أمنة من القلق

(البقية تاتي)

في الاختراعات والاكتشافات والاستنباطات

وأعاظم الرجال والنساء وأشهر الحوادث والإثارات

افتتحنا هذا الباب حبا بالفائدة وإجابة لطلب بعض السيدات

سنة قبل المسيح

٢٣٤٨ الطوفان

٢٣٤١ عصر العنب

2334 اصطناع الطوب

۲۳٤ إيجاد سكة الفلاحة والمنجل

٢٢٠٤ غرس الزيتون

٢٢٠٤ ايجاد الدقيق

2204 عبادة الكواكب بين الماجوس

٢١٥٤ اصتناع الخمر

٢١٥٤ اصتناع الغزل

٢١٥٤ اصتناع الحياكة

۲۱۳۰ المعلم بيلوس الفلكي مؤلف علم الفلك للكدانيين

٢١٠٤ الخياطة والتطريز

٢١٠٤ إيجاد اللون الأحمر

2,59 أول عبادة الأوثان عند الصائبين

٢٠٢٤ إيجاد المعادن

سنة قبل المسيح

۲۰۱۹ أول صناعة النحاس

2004 معرفة حل المعادن وتذويبها

١٩٥٤ معرفة صنع المعادن وتلوينها

۱۹۲۱ دعوة سيدنا إبراهيم الخليل إليأارض كنعان

19,4 إيجاد السيوف والحراب

١٨٨٤إيجاد القوس والنشاب

١٨٥٤إيجاد المقلاع والترس

١٨٢٤ ابتداء ركوب الخيل

1804 اصطناع المرايا المعدنية

١٧٧٤ ابتداء قطع الحجارة من المعادن

۱۷۷۲ أول معرفة القراءة والكتابة

۱۷۰۱ نقل مسلة فرعون من مقلعها إلى الاسكندرية

۱۷۰۲ أول ابتداء المتجر الاجتماعي

١٦٥٤ أول سير المراكب على النجم

16,4 معرفة ترتيب السنة الشمسية 365 يوما عند المصريين

١٥٦٤ أول ابتداء القصد (اخراج الدم من العروق)

١٥١٨أول ادخال صناعة الصيني في أوربا

١٥٠٤ أول استعمال المقيى

(البقية تأتى)

حوادث محلية

شرفت حضرة صاحبة العصمة والدولة والعفاف والدة الجناب العالي الاوبرة الخديوية في مساء يوم 9 الجاري ومنحت الممثلة الشهيرة ساره مورير ريشة ثمينة مرصعة بالألماس.

أنعمت جلالة ملكة الإنكليز على سعادة كتشنر باشا سردار الجيش المصرى وعلى جناب المستشار القضائي بلقب «سیر

كانت ليلة 7 الجاري من أبهج الليالي في منزل جناب الجنرال ووكر قائد جيش الاحتلال أمهـا نحـو سـتـمـائة نفس من الأمراء والوزراء والكبراء وعقـائل الأوربيات وکرائمهن

أعياد المرافع

سار الموكب (في مصر) من شارع عابدين والأوبرا الخديوية إلى أوتيل شبرد ووجه البركة وفي طليعته الفرسان بأثواب من القطيفة الحمراء ثم مركبة من الورد والأزهار تم مركبة الدخان، وفيها كواعب من الغيد والحسان وقد أرخين شعورهن على اكتافهن ویرزن بوجوه مستعارة فتنة الناظرين ثم ركب من المساخر على حمير بيضاء ثم جماعة من الفرسان بالملابس الأصفراء ثم جمال مسرحة، وعليها ركب يضربون الطبول وينفخون الزمور وخلفهم الهوادج تجرها النياق تم مركبة الديناميت، وهي تطلق القنابل ثم خدمة الفان راكبين الحمر ورافعين بأيديهم رايات الدول ثم مركبة تمثل الربيع وفي أعلاها حمامة بيضاء ثم مركبة لجنة المرافع وأعضاؤها نيام ثم الجرائد وفيها أدوات الكتابة ومقص كبير ثم مركبة لشركة السكر، وقد غرس حولها قصب السكر ثم مركبة معمل الكونياك وبها برسيل وزجاجتين وجماعة يضربون على الآلات ويشربون المدام ثم مركبة تصدح بها الموسيقى على نعم من ضروب الرقص ثم مركبة تمثل الأسماك والحيتان، وهي حية في البحر كأنها لا تزال في الماء ثم مركبة رصت حـولهـا المدافع وتقلد رجالها البنادق إلى غير ذلك من المركبات العديدة والناس بها بالوجوه المزوقة واللحي العارية، وبعد أن دار الموكب ثلاثا حسب ترتيبه تفرق الناس وهم يتحدثون ببهجة العيد.

جاءنا من أخبار بيروت أنه عندما زفت حضرة الآنسة أدما كريمة المرحوم فضل الله العـازار إلى الكاتب الأديب فـؤاد أفندي العـازار «في بيروت» أرسلت حـضـرة العروس مودعة كل من رفيقاتها في المدرسة الأمريكية للبنات رقعة عليها هذه الأبيات:

ود قلـبـى لـو أن أتـم حـياتي …مع أخـت بقيت معها طويلا

غير أن الإكليل في الأرض يقضي…أن يكون البقـا هـنا مستحيلا

فاذكــريني عـلى رجـاء لقـاء …واذكري أن في السماء إكليلا

(ادما العازار)

وجاننا من أخـبـار دمنهور بأنه في أواخر العام الماضي رفت حضرة الأديبة الأنسة زهيه كريمة المرحوم جبرائيل نحاس وشقيقة حضرات الوجيهين الفاضلين الخواجات حبـيب واسكندر نحاس والطيبة الذكر والاثر المرحومة مريم نوفل (والدة صاحبة مجلتنا) إلى حضرة الأديب البارع جبران أفندي بدوی مأمور بوسطة اتياي البارود وقد احتفل بصلاة الإكليل حضرة العلامة الفاضل الارشمندریتی جراسيموس مسره

واحتفل بمصر في 8 الجاري بزفاف حضرة الأديبة الآنسة ماري كريمة جناب الوجيه الخواجه خليل زهار إلى حضرة الوجيه الأديب رفعتلو جبرائيل أفندي حداد وحضر من الاسكندرية لحضور حفلة الإكليل حضرة شقيقة الدكتور الفاضل أسعد أفندى حداد وشقيقته المصونة السيدة انجلينا وجناب قريتها الوجيه الخواجه قيصر خلاط أحد كبار تجار الاسكندرية وحضرة ابنة شقيقته الكاتبة الفاضلة الآنسة أنيسةصبيعه

شكر وامتنان

إن حضرات السيدات المصونات كاترين أرملة المرحوم اسحق نوفل وكريمتيها كاتبه وعبلى توفل يشكرن حضرات الذين تلطفوا بتعزيتهن كتابة أو شفاها يفقد قرينها ووالدهما المرحوم اسحق نوفل المتوفى في مدينة طرابلس شام، ويسألن الله أن يقيهم من طوارق الحدثان.

المتحف

جريدة علمية أدبية تصويرية اسبوعية (وموقتا تصدر كل عشرة أيام مرة) لصاحبها ومنشئها حضرة الأديب البارع قسطنطين أفندي نوفل، وهو من الشبان الذين امتازوا بحسن الكتابة وأساليب الانشاء وقوة المعرفة وقيمة اشتراكها ٢٥ غرشا عن كل ستة أشهر، وهذه القيمة زهيدة بالنسبة إلى حجمها ورسومها وما بها من الفوائد العلمية والأدبية فنؤمل من أهل العلم والأدب الإقبال عليها لأن الجرائد لا تقوم إلا بمعاضدة رجال العلم والفضل

لطائف وفكاهات

في التفاؤل والتشاؤم

كان الرومانيون يمتنعون عن كافة الأعمال في خامس يوم من الهلة وفي السابع والعاشر من كل شهر يزرعون الدوالي ويضعون النير على صغار البقر لأجل التطبيع. وفي العاشر منه يباشرون في السفر ثم يأتون بجمجمة حمار ويعلقونها على حدود الحقول لاعتقادهم بأنها تحسن التربة وتمنع المحل

ثم إنهم يوم استخراج الخمر يبتهجون ويفرحون ويصبون من الخمر الجديد على الأرض إكراما للمشتري والزهرة، وأما العرب، فكانت تترك في الكأس فضلة وتصبها على الأرض إشارة إلى المثل القائل، وللأرض من كأس الكرام نصيب

في وصف المحاسن (البيضاء)

بيضـاء مصقولة الخـدين ناعمة …كانها لؤلؤ في الحسن مكنون

فتها ألـف يزهـو ومبسمـها…ميم وحـاجبها من فوقه نون

كـــان الحاظـها نبل وحاجبها …قوس على أنه بالموت مقرون

بالخد والقـد أن تبدو فوجنتها …ورد وأس وريحـان ونسرين

والغصن يعهد في البستان مغرسة…وغصـن قـدك كم فيه بساتين

السمراء

وفي السمر معـنى لو علمت بيانه…لا نظرت عيناك بيضا ولا حمرا

لباقـة الفـاظ وعنـج لـــــــواحظ …يعلمن ماروت الكهانة والسحرا

(البقية تأتي)

وداع لطيف

أراد أعرابي سفرا فقال لامرأته مودعا:

عدى السنين لغـيبتي وتصبرى …وزري الشهور فإنهن قصـار

فأجابته:

واذكـر صـبابتنا إليـك وشـوقنا….. وارحـم بـناتك إنهـن صـغار

فخرج وهو يقول:

كـل العـذاب لقـيـته مـن السفر …یا رب فارددني إلى روح الحضر

البساطة

هام فتى بمحبة فتاة وأصبح لا يفارق منزلها فقالت أخته بمجلس كنت أود أن اعلم ما هي لذة أخي في مسامرته للبنات، ولا يتخذ له سميرا من الفتيان فأنا عندي مسامرة فتى واحد أفضل من مسامرة ألف فتاة

رواية

(نائن أو الحرب النسائي)

لحضرة الكاتبة الفاضلة الآنسة استير ازهري في بيروت

تابع ما قبله

قال هذا وصعد إليه فرأى على المائدة صحفتين فظن أن أحدهما عينت له ولكن عندما رأه الفيكونت انتصب أمامه منذهلا بحيث أوضح بذلك إلى البارون بأن الصفحة الثانية لم تكن له وأيد ذلك قوله هل يتكرم سيدي البارون بأن يخبرني الأمر الذي جعلني مديونا له بهذه الزيارة. – إنه أمر طبيعي جدا فإني أجوع من زواله وظننتك مثلى ويما أن كلا منا منفرد قصدت أن أتناول وإياك العشاء فنظر إليه الشاب بحيرة لم تخف عن البارون الذي قال له ضاحكا – اقسم بشرفي أنك منزعـر منى، أفارس مالطي أنت، أو مرشح الكهنوت، بل ربما عائلتك الكريمة علمتك من المهد الخوف من عائلة دي كانول، هلم أيها الشاب ولا تخشى ضيرا من صرف ساعة معى على العشاء

ولكنني يا مولاي انتظر أحد رفقائي

أحقا ما تقول

نعم

وعليه فكان الأحرى بك أن تدعنى أواصل طريقي وأقـل مـا قـدر على كي لا أرى منك هذه الخشونة التي تفوق أضعاف ما أحسنت إلى به. فصبغ الحياء وجنتي الشاب بلون القرمز ثم اقترب من كانول وقال مولاى إنى متكدر جدا من جراء الخشونة التي تجبرني الظروف على معاملتك بها، فلولا أمور عائلية تستدعيني للبحث بها مع رفيقي لحـسـبت بقائك عندي من أعظم ما يوجب سروری وابتهاجي ومع ذلك

بل أرجوك أن تتم حديثك لأني آليت على نفسي الا اتكدر لأي أمر سمعته من فيك

ومع ذلك فما تعارفنا إلا اتفاقي – ولكن أخالك تجهل أن أرسخ صداقة إنما هي ما أوجدتها الصدفة عرضا. – لسوء طالعي على أن أواصل سفري بعد ساعتين وطريقي على الأرجح تغاير طريقك، فبأسف كلى أرفض الصداقة التي تكرمت بتقديمها لي

إن إحسانك لي مع ما أنت عليه من حداثة السن جعلني أن أثق بكرم أخلاقك وأعرض عليك صداقتي لأن ذلك لم أكن لانتظره من رجل غريب وبما أن عملك الحالي ينافي تماما ما أجريته من برهة قصيرة، فعلى غير إرادة منى اذهب واتعشى (ومع أنه قال انه ذاهب لم يبد حركة) وأخذ الفيكونت حالاً القنديل وقام وأمسك بيده وقال له ثق يا مولاي إني أحسب نفسي سعيدا جدا لتمكني من تقديم خدمة لكم فقبض كانول على تلك اليد اللطيف الناعمة التي سحبت حالا بحيث لم تدع فرصة لاجابة العمل بمثله ولا لم يعد لكانول ما يقول ذهب، وتبعه الخادم حاملاً القنديل إلى أن أدخله إلى غرفته ورجع إلى سيده الذي عندما رأه قال حسن وماذا يفعل الآن.

لقد عول كما ظهر لى على مناولة الطعام وحده.

عسى أن لا يعود يزعجني ثانية– أظن هكذا – أعد الخيل لكي تكون مستعدين للذهاب حـال وصـول ريثـوولكن أو ليس ذلك صـوت ريتو – نعم وذلك صـوت كانول 33 أيضا.

وهل يتشاجران هما – كلا بل يتعارفان

وبعدئذ سمعا كانول ينادي. على بغطائي مائدة لأن رينو مزمع أن يتناول العشاء

معي، العفو مولاي لا يمكن ذلك

وهل أنت ترغب مناولة العشاء وحدك كما يفعل ذاك الفيكونت

وأي فيكونت تعنىذاك الذي في الطابق العلوي الفيكونت دى كامبوهل تعرفه كيف لا وهو قد أنقذني من القتل– وكيف كان ذلكأن أكلت معي أخبرك ما ترغبلا يمكنني لأنه ينتظرني للعشاءأجل فهو في انتظار شخص ما – نعم ويما أني متأخر اسمح لي بالذهاب إليهكلا لا أسمح لك بذلك فإما أن تأكل معى أو أكل معكما إلى ياموسيوبسيكارس مر لي بغطائين

أما ريثو ففر هاريا وصعد السلم بأسرع من طرفة عين وحالما بلغ أعلاها تناولته يد لطيفة وأدخلته الغرفة بعد أن أغلقت الباب خلفه.

فقال كانول، وهو يحرق الأرم غيطا، ليكن هذا المكان ملعونا من الله والبشير لا البعض يرغبون في قتلى وإذاقتى كأس المتون كاني مرتكب وزرا لا يغتفر والبعض يهربون مني كأني مصاب بالطاعون، وما بقى على إلا أن أطرق كأس الخمرة وأرتشف كؤوسها علني أسلي بها بعض ما حل بي من العناء في هذه الليلة واصبح ثملاً كأحد اللوردات أو أضرب كستورن على أم رأسه.. ولكني ما بالي أراهما قد غلقا الباب كأنهما يتأمران فيا ما أحمقني لأنهما لا يفعلان غير ذلك، ومن الذي يوضح لي تلك الغوامض وضد من يا ترى، ولمن لا علم، ومع ذلك فلا ناقة لي بمؤمـرتـهـمـا ولا جمل فليفعـلا مـا شاؤوا ثم التفت إلى خادمه وأمره أن يأتيه بالعشاء، ولندعه الآن يتناول عشاءة لنرى ماذا يجري في بيت نائن

كانت نائن على غاية من اللطف والظرف رشيقة القد هيفا القامة طلقة المحيا ذات طرفين كحيلين سوداوين ببعثان نورا جذابا يخرق سهامها القلوب قبل الصدور من حيث لا تدرى، وهي تبلغ الخامسة والعشرين من العمر بمكان عظيم من القطانة رحبة الصدر واسعة الفكر لا تعبأ لعظائم الأمور

حتى إن أصعب المسائل بعد أن ذرتها بميزان عقلها باحثة عنها لا تراها إلا دون الطيف لا يقوى أحد على الوصول إلى مكنونات ضميرها أو معرفة الحد التي تطمح إليه أبصارها لا تكل ولا تقل عن المشارة على عمل كل ما تراه يمكنهـا من الوصول إلى غايتها التي ترجع في غالب الأحيان إلى الطمع وحب الذات متخذة جمالها کنتاب يستر ما يكنه قلبها،وهي ابنة محام من مدينة تدعى اجين اختارها الدوق دون سواها لتفردها بالصفات السابق ذكرها ولأنها عنوان الحسن والجمال

(البقية تاتي)

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات