الجنسانية في المجتمع العربي المعاصر *
مقدمة: معنى الجنسانية
شهدت الخطابات العامة والعلمية العربية حول الجنسانية تحولات كبيرة عبر القرون، من تناول علمي وقانوني وثقافي واسع في القرون الأولى (Al Munajjid 1958) إلى الصمت في العصر الحديث. يقول بن سلامه (Ben Salama 1985, 155) إن الشيء الذي لا وجود له كمفهوم، لا وجود له على الإطلاق، ويضطر إلى التعبير عن نفسه في أشكال لغوية وسلوكية مرضية مثل السخرية أو الاستفزاز أو الكبت أو الخيال. لقد فقد الخطاب العربي الحديث، في واقع الحال، المصطلحات الملائمة للتعامل مع الموضوع. ويشير بن سلامه إلى أن مفهوم القرآن عن الجنس – أي كلمة فرج – يشير فقط إلى “المهبل” في الاستخدام الحديث. وأصبحت النساء هي الفرج في كليته، لأن الفرج عبارة عن فتحة، ويدل على الهشاشة، أي أنها نقص، ومن ثم أصبح هذا المعنى السلبي مرتبطًا تلقائيًا بالمرأة نتيجة إخضاع العقل العربي لمنطق أبوي يستند إلى اعتبار الأنثى كائنًا ناقصًا، ومن ثم أيضًا التقليل والتحقير من شأن المرأة. كذلك فإن اختصار المرأة في الفرج، بل وفي عضوها الجنسي فحسب يعبر عن هذا التحقير السلبي الذي أصاب مفهوم الجنس في التاريخ العربي والإسلامي، أي انتقاله من كونه مفهوم علمي ومن منزلة ذات قيمة إلى أمر لا معنى ولا قيمة له. في محاولة لإحياء المفهوم القرآني للفرج ليصبح مرادفًا للمفهوم الغربي للجنس، يتجاهل بن سلامه تراجع مفهوم الجنس في الفكر الغربي نفسه وظهور مفهوم الجنسانية. بطبيعة الحال يجب على الباحثين العرب في هذا المجال أن يؤسسوا لمفهوم عربي يفيد معنى الجنسانية، يشمل البعد البيولوجي ويتجاوزه في نفس الوقت من خلال خلط الأبعاد الشخصية والاجتماعية في البنية الفكرية للأمر. في هذا الشأن نقترح مفهوم الجنسانية كترجمة لكلمة “sexuality” مستندين إلى الاستخدام العربي الشائع لمصطلح الجنس كترجمة لكلمة sex. الجنسانية ظاهرة غنية ومعقدة، خاصة في العالم العربي المعاصر، أحد الأمثلة على هذا التعقيد هو جسد المرأة المسلمة، الذي أصبح أداة لمقاومة عولمة الملبس والقيم الجنسية الفردية المتحررة التي يرمز لها. بل ويعهد بالجسد الأنثوي إلى الثقافة والهوية العربية أكثر من أي وقت مضى، حتى أن حركة أسلمة المجتمع العربي بدأت بأسلمة جسد المرأة من خلال الدعوة إلى الحجاب. بالإضافة إلى التعقيد الضمني للمفهوم، يؤثر التدخل المستمر من قبل الأطراف المعنية – بما في ذلك أصحاب الأيديولوجية والأطباء والنشطاء وخاصة النسويات – يؤثر بلا شك على دراسة الباحث الأكاديمي للجنسانية من خلال تعقيد مهمة الباحث عن طريق الحول دون أن يتحول المجال بسهولة إلى موضوع لدراسة هادئة وموضوعية. في ضوء الطبيعة المركبة والمتقلبة للظاهرة ونظرًا لاستحالة تناول كل الموضوعات ذات الصلة بالجنسانية في مقال كهذا، يضطر المرء إلى اقتصار النقاش في بعض الموضوعات التي تجسد خصائص الجنسانية العربية. وقد اخترنا في هذا الشأن ثلاث محاور رئيسية: البناء العربي للهويات الجنسية، والتطورات الأخيرة للأطر الاجتماعية في سبيل جنسانية عربية جديدة، وبعض المشكلات الجنسية الاجتماعية الجوهرية.تتفق كل المنظومات الثقافية التقليدية العربية في اعتبار التنظيم الجنسي تنظيمًا ثنائيًا وهرميًا في نفس الوقت. يتمحور هذا التنظيم حول قطبين: قطب متفوق وناشط ومهيمن يتكون من الرجال، وآخر أدنى منزلة وسلبي ويشمل الزوجات والأطفال والعبيد والمثليين والعاهرات. أحد الخصائص الأساسية لهذه القطبية غير المتوازنة بين الفاعل الجنسي الفرد والمفعول به أو السلبي الجنسي المتعدد هو تشكيل كل ما هو سلبي جنسيًا في صورة المرأة. فالمرأة هي النموذج الأصلي للسلبي جنسيًا، وهي الهوية الجنسية الثانية في أسطورة آدم وحواء، وهي الهوية الجنسية الثانوية في الاقتصاد السياسي العربي الإسلامي، والأدنى في إدارة والوصول إلى السلطة السياسية. وينطبق الموقع الثانوية للمرأة ودونيتها على كافة عناصر السلبية الجنسية الأخرى، حيث تشترك جميعها في استقبال القضيب والخضوع لهيمنته – سلطة القضيب.
واقع الأمر أن المحور الأساسي في المنظومة الثقافية للجنسانية في المجتمعات العربية التقليدية تتمثل في تكوين هويتين جنسيتين – الرجل واللارجل – تنبعان من هوية جنسية بيولوجية دون أن تقتصرا عليها بشكل مطلق. بل أن اللغة العربية ذاتها تشير في هذا الاتجاه من خلال استخدام تعبيرين منفصلين: الذكورة maleness والتي تشير إلى المعطى البيولوجي والرجولة manliness التي تشير إلى بنية الرجل باعتباره المهيمن اجتماعيًا. أما بالنسبة للمرأة فإن مصطلح الأنوثة femininity فيشير في نفس الوقت إلى الأنثى وإلى المرأة، أي إلى البيولوجي وإلى النوع الاجتماعي الأدنى. كذلك فإن اللغة العربية تجسد هيمنة الذكورة على الأنوثة لغويًا، كما يشير طاهر لبيب (Tahar Labib 1973). إلا أن ذكورة الصبي أو ذكورة المثلي ليست كافية ليصبحا رجالاً، فالرجل ليس مجرد ذكر، بل أنه يَخترق ولا يُخترق.
لتحقيق هذا التمييز بين الرجل واللارجل وبين الذكورة والرجولة كان من الضروري أن تتحقق التنشئة الاجتماعية من خلال طقس تتشكل من خلاله الهوية الذكورية في المجتمعات العربية، وذلك من خلال الختان. وحيث أن الهوية الذكورية مرغوبة ومبجلة يصبح ختان الصبي فرصة للاحتفال والفخر، على عكس ختان الإناث الذي يتم في صمت وسرية. ختان الصبي مصدر للفخر، تحديدًا لأنه يخلص الصبي من غشاء الأنوثة – القلفة – من المنظور الأبوي، ومن ثم يقطع بين الصبي والأنوثة. من ثم يصبح الختان هو انتقال رمزي وعملي للصبي من عالم النساء إلى عالم الرجال، يحمل معه انجازًا للصبي ورمزًا للسيطرة وبداية تفوقه على كل نساء الأسرة (Labidi 1989)
تستند ثنائية الإيجابي/ السلبي أو الفاعل/ المفعول به إذا على تعريف ذكوري للفعل الجنسي باعتباره إيلاج، بمعني أن الرجل يولج في كل عناصر القطب الآخر. تكمن هذه الثنائية ضمن نظام يتميز [“أهمية عامة لهيمنة الذكور وأهمية الإيلاج في تصور الجنسي والتمييز التام بين الأدوار الإيجابية والسلبية في المثلية الذكورية”] (Rowson 1991, 73). والرجل المتحول جنسيًا ranssexual تأتي مكانته في أسفل السلم الاجتماعي، لأنه يلعب دور المرأة السلبية في العلاقة الجنسية، وبالتالي فقد تقبل المجتمع العربي في القرون الوسطى هؤلاء الرجال فقط باعتبارهم موسيقيين أو راقصين أو مغنيين.
استمرارًا لهذا المنطق، يصبح الرجل المولج هو الإيجابي الجنسي الوحيد، وهو العنصر الوحيد الذي يجوز اعتباره فاعلاً جنسيًا بسبب فعل الإيلاج، ذلك أن الإيلاج هو الفعل والفعل هو الإيلاج, وكلاهما يعنيان ويضمنان استمرار هيمنة الرجل وسلطته. حول هذا الرجل الايجابي وأسفله تحوم عناصر جنسية سلبية وتابعة، “الزوجات والمحظيات والصبية والعاهرات (ذكورًا وإناثًا) والعبيد (ذكورًا وإناثًا)” (Dune 1998, 10) وتتساوى كل العناصر السلبية في أوجه النقص، ولا يهم إذا كان السلبي ذكرًا أو أنثى. إن تعدد الشركاء الجنسيين للرجل يعني تجزئة رغبة الرجل الفاعل، بحيث لا يصبح الرجل عنصرًا جنسيًا سلبيًا مع أي طرف. ففي هذا التعدد يكمن نوع من استقلال الرجل عن السلبي جنسيًا، وخاصة النساء.
يمثل المجتمع الموريتاني الاستثناء الوحيد الذي لا يتبنى الفصل المكاني بين الجنسين أو احتجاب النساء أو الغيرة الأبوية. بل إن ألين توزان (Tauzin 2002, 7) تذهب إلى حد القول إن مغازلة الرجال لامرأة موريتانية متزوجة يمثل مصدرًا لفخر زوجها. إلا أن الغزل لا يصل أبدًا إلى المعاشرة الجنسية الكاملة بل يظل فعلاً محدودًا يحيط المرأة بالقدسية والألوهية.
هذه الثنائية بين السلبي والإيجابي، بين الفاعل والمفعول به، محورية في التنظيم العربي للجنسانية. إنها ثنائية تساوي الرجولة في الأساس بالفحولة التي تشمل القدرة على الرغبة الجنسية وطول فترة الجماع وتكراره والقدرة على الإمتاع الجنسي للنساء بهدف ضمان إخلاصهن وولائهن. كما أنها تعني أيضًا تعدد العلاقات الجنسية إضافة إلى الخصوبة.
كذلك تعني الرجولة التحكم في الجنسانية النسوية من خلال طقس فض غشاء البكارة الذي هو أهم طقوس التنشئة لكلا الجنسين. في أغلب المجتمعات العربية يشهد هذا الطقس على عذرية العروس وفحولة العريس. إلا أن فض البكارة بالأصابع في المناطق الريفية في مصر يعني استخدام الطقس للتأكيد على عذرية العروس وحدها، ذلك أن استخدام أصبع العريس أو الداية لا يترك مجالاً للعريس كي يثبت فحولته وقت العرس. لكن أهم ما في الأمر هو التأكيد على شرف الأسرة، والتدخل في هذا الأمر يعني التدخل في شرف الأسرة، خاصة شرف رجالها الذين فشلوا في حمايته, حيث أن إيلاج الفتاة قبل الزواج يعني من المنظور الأبوي إيلاجًا في كل أقارب الفتاة من الذكور. بتعبير آخر، هذا الإيلاج يرمز إلى تحول كل رجال الأسرة إلى نساء، أي إلى ذكور بلا فحولة (Moussaoui 2002, 12) أو إلى أقطاب سلبية. ذلك أن الذكورة تعتبر مرادفًا للقدرة على الفعل، والقدرة على الفعل ليست القدرة على الإيلاج فحسب وإنما أيضًا القدرة على منعه.
في إطار نظرية المعرفة العربية بشأن الجنسانية، والتي تختصر النشاط الجنسي في الإيلاج, يصبح هذا الفعل شرطًا أساسيًا في تشكيل وتمكين الأنا الرجولي العربي وفي ضمان صحته النفسية (Chelli 1986, 93). هذا النمط من إدماج الجنسانية في شخصية الرجل العربي تجعل منها المحدد الأساسي للشخصية الرجولية، بل وتحولها إلى مصدر رئيس لمعنى الحياة بالنسبة للرجل العربي.
لكن الأمر يختلف في حالة النساء. مقارنة بالرجال، لا يحتل النشاط الجنسي هذه المكانة الهامة في إدراك النساء لأنوثتهن، بل أن إنجاب الأطفال له الأهمية الأكبر في تحديد الهوية الأنثوية والشعور بهذه الهوية، ومن ثم فقد ميز النظام الأبوي العربي بين المرأة المحترمة – الزوجة والأم – وبين النساء المتحررات (المغنيات والعاهرات والعاشقات) المرتبطات بالمتعة الجنسية. ويمكننا أن نجد تصويرًا لذلك في الأمثال الشعبية، على سبيل المثال “تتحرك تتطلق” باستخدام لهجة فاس. والمقصود بهذا المثل هو أذا تحركت الزوجة خلال الجماع، فسوف تطلق، لأن حركتها تشير إلى وجود الرغبة والمتعة، الأمر الذي لا يليق بزوجة محترمة. فجنسانية الزوجة المحترمة تقتصر على إشباع رغبة زوجها وإنجاب عدد كبير من الذكور. 1 وذلك نتيجة فرض نوع من الهوية يميز بين المرأة والزوجة، أي يركز على صورة الزوجة في وصف المرأة المثالية، ما يعني حذف الرغبة الجنسية الأنثوية، وتحويل المرأة إلى كائن خُلق من الرجل ومن أجل الرجل لإرضاء جنسانيته.
إلا أن اللاوعي الذكوري العربي يحمل صورة مختلفة عن الجنسانية الأنثوية، صورة تجعل جنسانيتها هي الأقوى (Ait Sabbah 1982) والتي تحمل تحديًا مستمرًا لفحولة الرجل. لذلك السبب وضع علم الجنس (erotology) فئات خاصة للمنشطات الجنسية يشمل الأعشاب والعقاقير التي يتناولها الرجل كي يطيل فترة الجماع ومن ثم يُشبع المرأة. يشير ذلك إلى أن النظرة إلى الجنسانية الأنثوية تعتبرها سببًا محتملاً للخلاف (Tucker 1993, 66). ولضمان ألا تصبح مصدرًا للخلاف في الممارسة تحتاج الجنسانية الأنثوية إلى الرقابة المستمرة، حيث الافتراض الذكوري أنها غير قابلة للإشباع – غول رهيب لا يتوقف أبدًا عن التهام العضو الذكري.
هذا التصور الرجولي للجنسانية النسوية يبرر الحاجة إلى التزويج المبكر للمرأة وحجبها كي لا تتسبب في المشاكل، وبشكل أكثر عمومية إخضاعها لسلطة حازمة تمنعها من حرية الحركة، وتزرع فيها احتقار المتعة الجنسية. كذلك يمنح هذا التصور الرجال حق التحكم في أنماط وأعراف وتكرار الفعل الجنسي. كذلك تبقى المرأة متهمة بتحويل الرجل عن عبادة الله، الأمر الذي أشار إليه الشعر اليمني والروايات المعروفة في موريتانيا عن “كيد النساء” (Tauzin 1991, 60- 70: cf. Ibn ‘Arabi n.d. : 201)
يختلف الوضع بطبيعة الحال فيما وصفهن عبد الوهاب بوحديبة (Abdelwahab Bouhdiba1975, 131- 133) بأعداء الزوجة – المغنية، العاهرة، العاشقة. ذلك أن عدوة الزوجة هي موضوع الشهوة ومكانها الفعلي، ذلك أنها “لا تحرض فقط على الانحراف والفسوق، لكنها أيضًا تخصي الرجل وتسلبه حريته من خلال إخضاعه للرغبة ولسيطرتها” (Bencheikh 1988, 104). وعلى الرغم من التجريم القانوني لها إلا أن الدعارة خضعت للتنظيم والضرائب في المجتمعات العربية في القرون الوسطى (Raymond 1973, 508- 509)
هذا الفصل الأيديولوجي بين المرأة المحترمة، أي الزوجة، وبين المتعة الجنسية ليس الوسيلة الوحيدة لحماية الرجل من القلق الذي تثيره الجنسانية الأنثوية. بل هناك آليات دفاعية أخرى من منظور التحليل النفسي مثل الحب الأفلاطوني الذي يتضمن الحفاظ على المرأة في موقع الإله، أي خارج إطار الزواج وخارج إطار الجنس تمامًا. وحيث تعفي الرغبة الأفلاطونية الرجل من الشعور بالإخصاء والنقص والإبادة.
إلى جانب ذلك، يظل ختان الإناث هو الممارسة الأكثر تعبيرًا عن خوف الرجل العربي من القوة الجنسية (المتخيلة) للأنثى، وعن رغبته في الهيمنة عليها والتحكم فيها، وذلك رغم أن ظاهرة ختان الإناث غير منتشرة في كل البلدان العربية، ومن الصعب تحديد جذورها التاريخية (Meinhardus 1967). يؤكد المسح الصحي الديمغرافي لعام 1995 (DHS 1995) أن 97% من النساء المصريات غير المتزوجات مختتنات وأن ٨٢% من النساء المصريات يدعمن استمرار هذا الإجراء. عادة ما يجرى ختان الإناث بواسطة الداية التقليدية على فتيات تتراوح أعمارهن بين ٦ -١٢ عامًا (Kamran 1996, 97). ويعتبر المجتمع المصري الختان ممارسة تقليدية صحيحة، منصوص عليها دينيًا وعلامة على النظافة والطهارة.
توضح هند خطاب (Hind Khattab 1996, 20) أن لختان الإناث عدة وظائف بما فيها التأكيد على التميز الأنثوي للفتاة وتأسيس الهوية الأنثوية وتقليل الرغبة الجسدية (قص أجنحة الفتاة) وحماية العذرية ومنع ممارسة العادة السرية وتجميل المهبل وإغراء الرجل وتحضيرًا للزواج ولمزيد من إمتاع الزوج ومنع الزوجة من الخيانة الزوجية أثناء غياب زوجها. وتشترك المرأة المصرية نفسها في تشكيل
هذه الصورة الايجابية لختان الإناث والحفاظ عليها وإعادة إنتاجها، فنجدها تسعى بنفسها إلى ختانها وأقاربها من النساء ولا تتصور عدم حدوث ذلك. أغلب النساء اللاتي قابلتهن خطاب أكدن على أن ختان الإناث لا يؤثر سلبًا على المتعة الجنسية.
لكن الحركة النسوية المصرية، بقيادة نوال السعداوي، انتقدت ختان الإناث بشدة. في كتابها “المرأة وصراع العقل” وصفت السعداوي (۱۹۷۷) ختان الإناث بأنه ممارسة تشوه وتدمر الصحة النفسية للفتاة وتؤثر سلبًا على قدرتها على الوصول إلى ذروة النشوة في المستقبل، وقد أثارت هذه القضية جدالاً مستمرًا فيما يتعلق بالإشباع الجنسي للمرأة العربية (انظر/ ي على سبيل المثال: Khair Badawi 1986).
يشكل تحليل اللاوعي الذكوري العربي والعقل الجنسي العربي واحتياج الرجل العربي للهيمنة بعض خصائص الذكورة التقليدية، إلا أن هذا المنتج ليس سوى مقاربة مبدئية، لأن الجنسانية العربية، مثلها مثل كل الظواهر الاجتماعية، تتبلور في سياق تاريخي واجتماعي محدد، ومن ثم فهي عرضة دائمًا للمراجعة والطعن عليها؛ أي أنها ظاهرة تاريخية. على سبيل المثال، أوضحت دراسة حديثة أن برامج الصحة الجنسية والانجابية تلعب دورًا هامًا في مساعدة الرجل العربي على قبول هوية ذكورية جديدة (Dialmy 2000c). ولا يتجاوز ذلك كونه مثالاً واحدًا على عدد كبير من الدراسات التي تبرز التحولات المستمرة في الجنسانية العربية المعاصرة.
على حين يستمر المجتمع العربي، بدرجة كبيرة، في الاستناد على تفسير ذكوري (قهري /هرمي) للشريعة الإسلامية (Dialmy 2000a, 2002b) إلا أننا رصدنا تغييرًا ذا دلالة على مستوى السلوكيات الجنسية في اتجاه مزيد من الانفتاح، وفي بعض الأحيان في تعارض مع القيم الدينية. وقد كان وراء هذه التغيرات في السلوكيات الجنسية في العالم العربي عدة عوامل دفعت في اتجاهها، مثل ارتفاع مستويات التعليم وطول فترات الدراسة للفتيات (ومن ثم الانخفاض في معدلات الزواج المبكر), وانخراط النساء في القوى العاملة مدفوعة الأجر، وزيادة معدلات استخدام وسائل منع الحمل خارج حدود برامج تنظيم الأسرة (أي خارج إطار الزواج)، وانتشار أيديولوجية الاستهلاكية الجنسية (من خلال الإعلام) وأزمة السكن والبطالة (ومن ثم انخفاض معدلات الزواج). أدت هذه العوامل مجتمعة إلى ظهور أشكال “جديدة” من الزواج (زيجات عرفية، زيجات المسيار)، وارتفاع معدلات الدعارة وظهور جنس نسوي غير تجاري سابق على الزواج (Dialmy 2003b, 77).
بلاحظ في كافة أنحاء العالم العربي ارتفاع متوسط سن الزواج الأول. في حالة النساء المغربيات, على سبيل المثال، ارتفع هذا المتوسط من 17,3 عامًا في عام 1960 إلى ٢٦,٤ عامًا في عام ١٩٩٧. وتشمل هذه الظاهرة ارتفاعًا في نسبة النساء العازبات كما يتضح في الجدول التالي:
الجدول 1: نسبة النساء العازبات في المرحلة العمرية من ٢٠ – ٢٤ (من كل ألف امرأة)
السنة | تونس | الجزائر | المغرب |
1966 | 270 | 112 | 161 |
1975 | 360 | 310 | 320 |
1984 | 590 | 534 | 391 |
وبضغط من المتغيرات الديمغرافية ظهرت أشكال جديدة من الزواج، سوف نتناول بالنقاش اثنين منها، هما زواج المسيار والزواج العرفي.
زواج المسيار
يمارس السعوديون في مملكتهم ما يطلق عليه اسم زواج المسيار (Kamal 1997, 65- 73). والسبب الرئيسي وراء ظهور هذا النوع من الزواج هو ارتفاع تكلفة الزواج. ويقول كمال أن الوظيفة الأساسية لزواج الزيارة هو إنهاء حالة الحرمان التي يضطر الشباب السعودي إليها، ذلك أن طول فترة الدراسة وزيادة الاستثمار في التحضير للمستقبل المهني يؤجلان الزواج ويقويان من إغراء العلاقات بدون زواج. ولتجنب هذا الجانب السلبي أصبح زواج المسيار بديلاً مشروعًا. في زواج الزيارة يزور الزوج زوجته. وكثيرًا ما يصبح هذا النوع من الزواج شكلاً مخففًا من أشكال تعدد الزوجات، حيث مكن للرجل أن يزور زوجة جديدة دون معرفة الزوجة التي تعيش معه (المصدر السابق، ص68 -70).
الزواج العرفي
الزواج العرفي يعني اتفاقًا على الزواج دون توثيق وفي بعض الأحيان دون إشهار أو حتى الاشتراك في السكن. ويمكن القول إن الزواج العرفي هو المرادف نوعًا ما للزواج المؤقت في المذهب الشيعي، إلا أن الاتفاق عادة ما يكون دائمًا.
من الممكن أن نلاحظ ثلاث حالات يمارس فيها الزواج العرفي. الحالة الأولى هي أن يشعر الشباب العربي بالحاجة الجنسية وفي نفس الوقت يواجه استحالة الزواج لأسباب اقتصادية ودينية. ذلك أن الزيجات العرفية عادة ما تتم بين الشباب في سرية تجنبًا لغضب الأهل.
الحالة الثانية هي اللجوء إلى الزواج العرفي – وهو شرعي بحسب قانون الشريعة وإن كان ليس كذلك بحسب قانون الدولة – للتعبير عن عدم الاعتراف السياسي بشرعية الدولة. والجماعة الإسلامية المعروفة باسم التكفير والهجرة مشهورة بهذا النوع من الممارسات. وقد يتزوج قيادات من تلك الجماعات بأكثر من امرأة. أما زوجة المجاهد العادي فتتحول إلى أداة تنظيمية حيث أنها واحدة من بنات التنظيم، وفي كثير من الأحوال ابنة مسئول المجند حديثًا، فتضمن ولاء المجند للقيادة وتفرض عليه الالتزام بشروط التجنيد” (Kamal 1997, 54)
الحالة الثالثة هي استخدام الزواج العرفي من أجل إضفاء شرعية دينية على العلاقات الجنسية مع سائحي الجنس من شبه الجزيرة العربية الغنية بالنفط. وتشير السياحة الجنسية، التي برزت في بداية الثمانينات نتيجة ارتفاع موارد النفط العربي، تشير إلى حصاد الثمرة الجنسية في العالم العربي، سواء بطرق شرعية أو غير شرعية. مثلما هو الحال مع الدعارة تستغل السياحة الجنسية فقر القرويين وساكني العشوائيات، لكنها على العكس من الدعارة تتمتع بالشرعية الدينية. وبقدر ما يتم الاتفاق الشفهي على فترة محددة للزواج، سواء كان خمسة أيام أو أسبوع (مقابل مهر العروس) يصبح الزواج العرفي أقرب ما يكون إلى الزواج المؤقت.
ترتبط ممارسات الدعارة الحالية بارتفاع معدلات الفقر في الدول العربية الفقيرة في النفط. مع ذلك، من الصعب أن نقتصر الأسباب في العنصر الاقتصادي وحده لأن الدافع إلى الاستهلاك أصبح بدوره قوة تدفع الكثيرين من العرب إلى تسليع الجسد والجنس معًا. وحيث أن الدعارة لم تعد مقتصرة على الفئات المحرومة اقتصاديًا فقد امتدت أيضًا إلى أفراد من الطبقة الوسطى الذين يسعون إلى مستوى من الحياة أعلى من إمكانياتهم المادية الفعلية.
قد تكون الدعارة مهنة دائمة أو مؤقتة، وتشمل كلاً من الشابات والشباب والأطفال من الجنسين والنساء المتزوجات والمطلقات، وطلاب وطالبات المدارس والجامعات والعمال والعاملات من ذوي الياقات الزرقاء والبيضاء، حتى أن البعض أصبح يتحدث عن اقتصاد الدعارة. كذلك أصبح العمل في مجال الجنس وسيلة لبعض المثليين لإشباع رغباتهم الجنسية تحت دعوى كسب العيش. ومن خلال العمل في مجال الجنس يتمكن المثلي بشكل أفضل من مواجهة الملاحقة الاجتماعية التي يتعرض لها في المجتمع العربي. (Amnesty International 1997, 7). وتدرك السلطات ذاتها الدور الاقتصادي للدعارة وكذلك حتمية الأزمة الاجتماعية التي سوف تترتب على منعها. ولهذا السبب نجد تقبلاً عمليًا، حتى وإن لم يكن شرعيًا، لممارسات الدعارة. وفي أغلب الأوقات يتخفى هذا التقبل وراء ادعاء بعدم العلم، رغم أن السلطة تقوم بين الحين والآخر بحملات ضد هذه الممارسات للضغط على بعض الأفراد الناشطين في مجال الجنس أو لتذكير الجميع بأن السلطة قادرة على التدخل أو لتستعرض كونها تدافع عن القيم الإسلامية ومناهضة الفسق.
بغض النظر عن وجود أشكال “جديدة” من الزواج، ارتفعت أيضًا معدلات الممارسات الجنسية بدون زواج، وفي أحيان كثيرة يحدث ذلك في سن مبكرة. (Dialmy 2000a, 80, 114- 124). وقد أظهرت أول دراسة إقليمية بعنوان “المرأة والجنس في المغرب” (Dialmy 1985: 134- 135) أنه بحلول نهاية السبعينات التزم 9% فقط من الشباب المغربي بالتحريم الإسلامي للنشاط الجنسي قبل الزواج، على حين مارس 68% منهم الجنس كهدف في حد ذاته، مقارنة بـ 45% من الشابات. وخلال الثمانينات أكدت 65% من الشابات أنهن مارسن الجنس مرة واحدة على الأقل قبل الزواج (Noamane Guessous 1987, 44).
بالطبع لا تعني ممارسة الجنس بالضرورة الإيلاج الجنسي الكامل، حيث تؤدي الرغبة في الحفاظ على غشاء البكارة سليمًا إلى ممارسات جنسية بديلة، شرجية أو فمية أو لا تشمل الإيلاج (Dialmy 2000a, 85- 90). وفي حال فض غشاء البكارة تلجأ النساء إلى استعادته صناعيًا بواسطة إجراء جراحي بسيط، تتراوح تكلفته في مدينتي الرباط والدار البيضاء ما بين 60 و ٥٠٠ دولار أمريكي (Dialmy 2000b, 43)
في دراسة تونسية (Nasraoui 1986) ذكر 80% من شباب العمال غير المتزوجين أنه انخرط في نشاط جنسي مقارنة بـ ٢% من العاملات. وتظهر هذه النتائج بوضوح مدى ازدواجية المعايير السائدة للأخلاق الأبوية. كذلك وجدت الدراسة أن ٧٢% في المائة من العلاقات الجنسية للعمال كانت مع عاملات جنس.
في جامعة تونس سجلت أنجل فوستر (Angel Foster 2001) ظهور أنماط من النشاط الجنسي بين طالبات الجامعة، وفي دراسة لطلاب الثانوي في بيروت وجد أن 30% من الشباب كانت لهم علاقة جنسية واحدة على الأقل مقارنة بنسبة ٢% من الطالبات. وفي الجامعة الأمريكية ببيروت, كان ٢٤% من الطلاب لديهم تجربة في العلاقات الجنسية (Major 2001).
وفي كل الدول العربية باستثناء تونس، حيث الدعارة منظمة، يوجد تحريم ديني للدعارة و/ أو تجريم قانوني للعلاقات الجنسية قبل الزواج وخارجه. وقد بدأت بعض النسويات(feministes) العربيات في انتقاد التشدد التشريعي في تجريم بعض الممارسات الجنسية التي لم يعد المجتمع يعتبرها رذيلة. ولكن هذا الموقف الايجابي تجاه بعض مظاهر الجنسانية دون زواج لازال أبعد ما يكون عن القبول من طرف القوى السياسية والاجتماعية في تلك المجتمعات العربية التي تسمح بقسط من الانفتاح الجنسي النسبي، ويظل نقد النسويات للقانون الجنائي فيما يتعلق بالجنس فرديًا ولا يتجاوز كونه انتقادًا أوليًا. ويعيش بعض نشطاء حقوق الإنسان بدورهم تناقضًا بين موقف شخصي متحرر تجاه الجنس وبين موقف جماعي محافظ (Dialmy 2000b, 81, 84).
في مواجهة انتشار ممارسة الجنس دون زواج والمناداة بالتحرر الجنسي يبرز الزواج العرفي وزواج المسيار كظواهر تعكس رد الفعل الدفاعي والمحافظ. ويتعارض رد الفعل هذا مع الموقف الحداثي والعلماني من الجنس. ويظل همه الأكبر هو الاستمرار في تنظيم الجنسانية والتحكم فيها طبقًا للقوانين الإسلامية الأساسية والمستقرة.
يناقش هذا القسم ثلاث موضوعات جوهرية ودالة، سواء اجتماعيًا أو جنسيًا في نفس الوقت. وهي موضوعات جرائم الشرف وتناول الفياجرا وانتشار فيروس نقص المناعة البشري المكتسب/ الايدز في المجتمعات العربية.
جرائم الشرف
بالتوازي مع التطبيع النسبي مع الجنس السابق على الزواج في بعض الدوائر الاجتماعية العربية نجد أن جرائم الشرف لازالت تميز أغلب المجتمعات العربية. بل أنه في بعض الأحيان تتواجد الظاهرتان جنبًا إلى جنب بغض النظر عن طبيعتهما المتناقضتين. تنتشر جرائم الشرف في الأردن وفلسطين ولبنان ومصر والعراق والمغرب، وفي هذا السياق أصبح من المنطقي أن تشجع المادة 340 من القانون الجنائي الأردني على ارتكاب هذه الجريمة من خلال تبرئة الشخص (ودائمًا ما يكون من الذكور) الذي يرتكب جريمة الشرف أو تخفف من عقوبته. هنا تصبح المرأة وحدها المسئولة عن الأخلاق وعن أي خرق للتقاليد الجنسية. ونجد مثل هذا القانون بشكل أو بآخر في جميع القوانين الجنائية العربية بلا استثناء (Abu Odeh 2002, 366). كما يتضح هذا التسامح تجاه جرائم الشرف في حالة الأمهات الشابات غير المتزوجات اللاتي يقتلن أطفالهن الطبيعيين بهدف إنقاذ شرف الأسرة. يتأكد هنا أن المرأة هي من يحمل عبء شرف الأسرة، ذلك أن جسدها هو ما تلوث بغض النظر عن الظروف، وبغض النظر عما إذا كانت مجبرة أو راضية عن الفعل الجنسي.
تختلف هذه القوانين فقط فيما يتعلق بالشخص المستفيد من العذر المخفف. فعلى حين يستفيد في التشريع الأردني والليبي كل من الأب والأخ والزوج، يخص التشريع المصري والجزائري الزوج وحده. وتستنتج لما أبو عوده من ذلك الفرق أن اقتصار قائمة المستفيدين على شخص الزوج وحده يعني ضمنيًا الانتقال من مفهوم الشرف إلى مفهوم الشغف, وهو انتقال في اتجاه تحديث الجريمة، بمعنى تفريدها، أي تحريرها من المنطق الجمعي. فالزوج يستفيد من العذر المخفف عند اكتشاف زوجته في حالة الخيانة الزوجية نتيجة الغيرة والغضب.
تبدو هذه الجرائم أكثر انتشارًا بين الطبقات الأدنى (Droeber 2003: 45) ويمثل هذا الارتباط الاجتماعي أساسًا لفرضية اقتصادية تقول بأن لجرائم الشرف وظيفة اقتصادية حيث تمثل المرأة الشابة عبئًا اقتصاديًا على الأسرة ومن ثم يتم التخلص منها تحت دعوى الحفاظ على الشرف.
في بعض الحالات تحتجز السلطات هذه المرأة الشابة “المدانة” لحمايتها من غضب الأقارب (Husseini 2001- 2002, 40- 41). ويستمر هذا الاحتجاز “الحمائي” عادة لعقود لأن الرغبة في محو العار لا تهدأ إلا بعد قتل المرأة الشابة حين يطلق سراحها من السجن. في بعض الحالات تدفع الأسرة مبلغًا من المال للدولة لتطلق سراح المرأة بحيث تتمكن الأسرة من قتلها. ويتناقض ذلك مع فرضية العبء الاقتصادي حيث أن المرأة في هذه الحالة لا تشكل عبئًا اقتصاديًا على أسرتها، بل تتعلق المسألة بالشرف، أي بجوهر الذكورة.
عادة ما يتجاهل نظام العدالة في فلسطين هذا النوع من الجرائم فيتم تسجيلها كحالات انتحار أو وفاة طبيعية (Shabhloub- Kevorkian 2001). بحسب تقدير أحد المصادر القضائية بلغت نسبة جرائم الشرف حوالي 70% من كل الجرائم المرتكبة في غزة والضفة الغربية (Ruggi 1998, 12- 13) وتشير المسوح إلى حالة من التسامح القضائي تجاه مقترفي هذه الجرائم. من بين 53 قتل في الفترة من مارس ١٩٩٨ إلى أبريل ۲۰۰۰ أصدرت المحكمة ٢٧ حكمًا بالسجن لأقل من خمس سنوات (ثلاث سنوات في المتوسط).
في العراق اهتز الإيمان بالعلمانية حين صدر قانون في أبريل 1990 يسمح لأي رجل بقتل أي امرأة في أسرته إذا ثبت ممارستها للجنس، وترى سونيا دايان هيرزبورن (Sonia Dayan- Herzburn1991, 52) أن هذا القانون ما هو إلا تكييف للميل الإسلامي. في لبنان ثبت أن الإصلاح القانوني وحده ليس كافيًا لوضع حد لهذه الظاهرة. في عام 1999 حذفت المادة ٥٦٢ من القانون الجنائي التي كانت تحول دون تجريم القتل على خلفية الشرف. ورغم هذا الحذف لازالت المعاملة الجنائية لتلك الجرائم تتميز بقدر من اللين والتفهم. (Serhan 2001, 25)
من المؤسف أن تصبح هذه القضية مسيسة تمامًا. والمنظمات النسوية التي تحاول مساعدة ضحايا لاغتصاب أو النساء الحوامل تتلقى التهديدات والاتهامات المستمرة بأنها تثور على التقليد وتفسد المجتمع (مثلما حدث مع جمعية التضامن النسوي في المغرب)، في العادة لا تستجيب السلطة للمطالب السياسية النسوية، حتى وإن كانت الهيئات الاجتماعية الحكومية تتولى تجهيز المنازل الآمنة (للنساء المعنفات) وحتى وإن كانت الشرطة تعترف بهذه المنظمات النسوية ومشروعية وقانونية خدماتها. لقد انتقل الصراع حاليًا إلى المجال القانوني في محاولة لتحقق المساواة بين الجنسين ولرفع وعي المجتمع من خلال فتح جدال حول جرائم الشرف في وسائل الإعلام.
تشير بعض الأبحاث إلى أن مليونين ونصف مصري يعانون من العجز الجنسي (Abdullah 1998, 3)، إلا أن جريدة العربي تذهب إلى أبعد من ذلك وتصر على أن ما بين ٢٥ -٣٠% من الرجال المتزوجين في مصر، أي حوالي ١٢ مليون رجل، يعانون من العجز الجنسي (Al Qassas 1998, 13)
في المغرب، وبحسب شركة فايزر المنتجة لعقار الفياجرا، يشكو مليون رجل من اضطرابات الانتصاب، كما وجدت دراسة وبائية غير منشورة أجراها مكتب الإحصاء في الدار البيضاء أن 53.6 % من الرجال يعانون من اضطرابات الانتصاب، وتوصي هذه الدراسة بأن تعتبر اضطرابات الانتصاب قضية صحة عامة في ضوء تأثيرها السلبي على تماسك الأسرة (Qadri et al., 1999, 27) .
ارتفع معدل استخدام الفياجرا في مصر إلى درجة أن أصبحت النساء الآن يعتبرنها خطرًا على استقرار الحياة الزوجية. وفي حين يتمثل الهم الرئيس للرجل هو إظهار فحولته وحمايتها بأي ثمن, إلا أن الهدف الأساسي للمرأة هو الحفاظ على مكانتها الاجتماعية كزوجة، وهي المكانة التي تشعر المرأة أن الفياجرا تهددها. بل أن الكثير من النساء اعترفن بالخوف من الفياجرا لأنها تقوي من ثقة الرجل بنفسه من خلال تعزيز فحولته، الأمر الذي يعرض المرأة إلى الخطر المضاعف للطلاق أو الزوجة الثانية. لذلك تميل النساء إلى تفضيل العجز الجنسي عن فحولة الفياجرا، فالعجز الجنسي يسمح لها أن تصبح المسيطرة على الزواج وحماية حياتها الزوجية.
في المغرب يلجأ أصحاب هذه الشكوى إلى أطباء القطاع الخاص حصريًا، ليس لأن المغرب لا يملك مستشفى متخصص في أمراض الرجال فحسب (مثلما هو في مصر في مستشفى آدم الدولي)، ولكن أيضًا لأن القطاع الخاص يوفر درجة من الخصوصية المطلوبة للغاية في حالات اضطرابات الانتصاب، حيث أن الاستشارات النفسية لتشخيص وعلاج اضطرابات الانتصاب لازالت تمثل تهديدًا اجتماعيًا لمن يعاني منها (Harakat 2001) حيث يواجه المشتكي اتهامًا ضمنيًا بعدم الرجولة, أي بالإهانة والعار. وحتى في الحالات التي يسعى فيها المريض إلى الاستشارات الطبية، فإنه لا يتحدث تلقائيًا وطبيعيًا عن مشكلة الانتصاب وإنما ينتظر أن يكتشف الطبيب ذلك بنفسه (راجع/ ي مع: (Dialmy 2000b, 50.2
تشير الدراسات القليلة ذات الصلة إلى أن استخدام الفياجرا لا يقتصر على المرضى، وإنما يتعاطاها أيضًا الرجال الأصحاء الذين لا يشكون نهائيًا من اضطرابات الانتصاب، وتشير هذه الظاهرة إلى تخوف الرجل العربي دائمًا من عدم القدرة على الانتصاب ورغبته في ضمان استمرار فحولته، ذلك العنصر الأساسي في التعريف العربي للرجولة. توفر الفياجرا شعورًا بالأمان وتخدم الانشغال العربي التقليدي بالمنشطات الجنسية وهو ذلك الانشغال الذي يترجم نفسه في السيطرة والهيمنة الجنسية خوفًا من جبروت المرأة. ويعود هذا الأمر إلى الصورة الدعائية للفياجرا. ناقشت جريدة الأسبوع (Abdullah 1998) ما وصفته “بمجذوبي الفياجرا” – الرجال الذين سيطرت عليهم صور الدعاية المشوهة والمبالغ فيها للعقار، والتي تدعي أن الفياجرا تزيد الطاقة الجنسية وتطيل من فترة الجماعة وتمكن من تكراره وتحول الشيخ إلى شاب، وتتطابق هذه الصورة مع الاحتياجات الذهنية الخاصة في التكوين الوجداني للرجل العربي فتخلق منه مجذوبًا للفياجرا.
يحتاج الرجل العربي المهزوم اقتصاديًا وغير القادر على تبرير تحكمه الأبوي وتميزه في الحقوق بما ينفقه على زوجته، يحتاج إلى شيء ما يسمح له بالتعويض عن انعدام قدرته الاقتصادية. ومن ثم يصبح النشاط الجنسي المكثف وسيلة للتعويض إضافة إلى كونه طريقة لإحكام السيطرة.
فيروس نقص المناعة البشري/الايدز
مقارنة بدول جنوب الصحراء الأفريقية وأوروبا وأمريكا الشمالية يشهد العالم العربي انتشارًا محدودًا لفيروس نقص المناعة البشري/ الايدز (SidAlerte 1995, 2). وبغض النظر عن انخفاض معدل الإصابة والسرية الشديدة المحيطة بالمصابين به، الأمران اللذان يجعلان من فيروس نقص المناعة البشري/ الايدز ظاهرة غير مرئية وغائبة عن الحياة اليومية العربية، اقتنع بعض المهنيين إلى وضع برامج تثقيفية وقائية لضمان سلوك جنسي واعي. في لبنان وضعت برامج التثقيف الجنسي لتهدئة المخاوف عن طريق تقديم المعلومات حول الايدز ولنشر رسالة تثقيفية تشجع على كل من الامتناع عن ممارسة الجنس إضافة إلى المسئولية عند اتخاذ القرار بشأن الجنس السابق على الزواج. وقد ووجهت هذه البرامج بمقاومة من قبل السلطات الدينية ومن ثم ألغيت منذ ذلك الحين (Beydoun 2001, 15)
لكن أعرج (Aaraj 2001: 30) يوضح كيف أن حملات التوعية الوقائية خارج إطار المؤسسات التعليمية لم تحقق نتائج مطمئنة: ٢% فقط من الشباب في المرحلة العمرية ١٥ -٢٤ عامًا عدلوا سلوكهم الجنسي تفاديًا لمخاطر الإيدز، و٢٣% فقط قرروا استخدام الواقي الذكري. في فلسطين (الضفة الغربية) كان رأي 66% من الشباب أن الامتناع هو أفضل وقاية ولم يذكر الواقي الذكري إلا 1% منهم فقط (Shaheen 2001, 31).
هذا الارتباط في الذهن بين الواقي الذكري وممارسة الجنس بدون زواج، وهو أمر موصوم تمامًا في اللاوعي الإسلامي/ العربي، هو ارتباط يورث الواقي الذكري كافة الصور السلبية المرتبطة بتلك الجنسانية. كذلك نجد استخدام الواقي الذكري يلقى معارضة ثلاثية بحسب الديالمي (Dialmy 2002a ,2003a)، حيث أصبح محل رفض شعبي وإدانة دينية واستخدام انتهازي طبي. يرفض الرجل الناشط جنسيًا الواقي الذكري لأنه يعيق الإثارة والانتصاب، أي يهدد أساس الفحولة (Dialmy and Manhart 1997)، ومن بين صفاته السلبية ارتفاع ثمنه والإحراج المصاحب لشرائه، إضافة إلى كونه يزرع الشك بين طرفي العلاقة الجنسية.
فيما يتعلق بالمشرعين لا يوجد مجال للإبداع القانوني الذي يسمح بالاستخدام الوقائي للواقي الذكري في العلاقات غير الزوجية، ذلك أن مثل هذه العلاقات ممنوعة أصلاً (فصل الإسلام والوقاية Dialmy 2000a)، هنا يجب أن نشير إلى أن المشرعين الإسلاميين يضعون قواعد جديدة في هذا الأمر حين يتواجدون في بلاد لا يمثل الإسلام فيها دين الدولة، خاصة في البلاد الأوروبية. على سبيل المثال نجحت جمعية الإيدز والحركة في إقناع أئمة المساجد السويسرية بتقديم الواقي الذكري مجانًا للزوار والمتعبدين (Van Daifhuizen 1995, 33)، كما يقوم إمام مسجد باريس دليل بوبكر (Dalil Boubaker 1993) بنصح الشباب المسلم باستخدام الواقي الذكري في حالة عدم القدرة على الامتناع عن الجنس قبل الزواج.
ويعود كل ما سبق إلى غياب سياسة عامة متكاملة بشأن الجنسانية تعترف، ولو ضمنيًا، بالحق في الجنس كأحد الحقوق الأساسية من حقوق الإنسان (Dialmy 2003a). وقد تؤسس مثل هذه السياسة لمنظومة أخلاقية مدنية تقطع كل الروابط ما بين الجنس والزواج وبين الجنس والغيرية الجنسية.
من الواضح أن حدود المقال واتساع موضوع الجنسانية وكذلك الاتساع الشديد للمساحة الجغرافية كلها اجتمعت لتحد من عمق هذا التحليل ولتحول دون الدخول في تفاصيل أكثر دقة. كذلك فإن التحليل يعطله ندرة البيانات والمسوح الإقليمية وعدم كفاية توزيعها داخل البلدان العربية.
حتى وقت ظهور فيروس نقص المناعة البشري/ الإيدز في العالم العربي كانت برامج تنظيم الأسرة هي السبيل الأساسي وغير المباشر للاقتراب من موضوع الجنسانية العربية، أي الحجاب الفكري الذي يخفي وراءه الموضوع الفكري الحقيقي والذي نقصد به موضوع الجنسانية تحديدًا. بعد انتشار فيروس نقص المناعة البشري/ الإيدز اضطرت بعض الحكومات العربية إلى إجراء دراسات اجتماعية وأنثروبولوجية حول الجنسانية بهدف التعرف على العوامل الثقافية والاجتماعية المحيطة بالممارسات الجنسية. وكان الهدف هو استخدام هذه العوامل في وضع برامج إعلامية وتثقيفية ملائمة تشجع الناس على تجنب الممارسات التي قد تعرضهم لمخاطر الفيروس.
وجدت هذه الدراسات أن الجنسانية العربية ما زالت تستند إلى الهيمنة والهرمية بين الرجال والنساء، وبين الكبار والشباب وبين ما هو طبيعي وما هو غير نمطي، وبين الزبائن والعاملين في مجال الجنس. وأصبح من الواضح أن الطبيعة المسيطرة والمهيمنة للعلاقات الجنسية في أغلب الأحوال تجعل من السلوك الجنسي سلوكًا جبريًا، أي سلوك ينبثق من الضرورة أو الخوف أو الإجبار أو الانتهازية.
وبغض النظر عن الحاجة لدراسات عن الجنسانية ما زال الباحث الميداني يعاني من عدم الاعتراف به أو عدم تقدير مهمته وذلك بصرف النظر عن الجهد الشديد والمشكلات التي يتعرض لها في جمع وتفسير المعلومات. كذلك يشعر الباحث بالعزلة وكثيرًا ما يتعرض للرفض والتهديد والملاحقة، ذلك أنه حين يكشف عن الواقع الجنسي فإنه بذلك يؤرق كافة قطاعات النشطاء الاجتماعيين سواء كانوا تكنوقراط أو سياسيين أو نسويات. كذلك تظل الجنسانية في ذاتها ولذاتها شبه ممنوعة في مناهج التعليم، فهي من المحرمات الفكرية بالنسبة لمختلف الشعوب العربية وهي من المحرمات السياسية للأنظمة العربية بل وللحركات النسوية العربية ذاتها.
ما زالت الأنظمة الحاكمة تنزعج من دراسات الجنسانية إلى حد كبير، ذلك أن مثل هذه الدراسات تتضمن توثيقًا للسلوكيات والممارسات الجنسية غير الشرعية من وجهة نظر الشريعة الإسلامية، الأمر الذي يدفع الحركات الأصولية إلى إدانة الأنظمة السياسية بسبب عدم حرصها على احترام الأخلاق الجنسية الإسلامية وعدم تطبيق تعاليم الشريعة في هذا الشأن. ويهدف تجنب الأنظمة العربية الحاكمة لدراسة الجنسانية إلى حرمان المنافسين السياسيين، خاصة الأصوليين, من الدليل العلمي الذي يكشف حقيقة عدم انسجام الجنسانية العربية مع ما يجب أن تكون عليه من وجهة نظر الشريعة الإسلامية. بمعنى آخر يمكن لواقع الجنسانية العربية أن يؤدي إلى اتهام الأنظمة الحاكمة بأنها فشلت في توفير فرص عمل للشباب ومن ثم أصبح الزواج أمرًا مستحيلاً (Dialmy 1998, 17)، وأنها تجاهلت العمل في مجال الجنس أو حتى قامت بتنظيمه – وهي باختصار اتهامات تفيد بأن تلك الأنظمة متورطة في الإفساد الأخلاقي. وحيث أن الأنظمة السياسية العربية ذاتها تربط مشروعيتها بالطابع الإسلامي لنظمها الجنسية، وبالإسلام عمومًا، فإنها تفضل عدم إنتاج دراسات اجتماعية عن الجنسانية قد تعرضها دون شك لكثير من انتقادات الأصوليين.
أصبحت الحركة النسوية العربية هي القناة الأساسية لمسار قيم المساواة في الجندر في العالم العربي. ولكن حين يتعلق الأمر بالممارسات الجنسية السابقة على الزواج أو بالمثلية نجد ميلاً كاملاً تقريبًا نحو الصمت. فما زالت الحقوق الجنسية تمثل أحد المحرمات في الحركات النسوية العربية التي تخفي ترددها السياسي والفكري في هذا المجال وراء منطق الأولويات – أولوية التعليم والتشغيل والصحة للمرأة، الأمر الذي يسمح لهذه الحركات بأن تعلق أو تؤجل المطالب الجنسية الخالصة التي تخص المرأة كامرأة والمرأة كإنسان. ولا توجد حركة نسوية عربية واحدة تطالب بوضوح وبدون لبس بحق المرأة الشابة في المتعة الجنسية. كما أن جنسانية المرأة العربية المتزوجة ذاتها تظل إلى حد كبير محل صمت وخجل داخل الحركة، وما زالت النسوية العربية تقدم المرأة في صورة كائن اجتماعي بدون حياة جنسية وبدون احتياجات جنسية.
إن الهدف الاستراتيجي للحركة النسوية، أي المشاركة في السلطة السياسية، يفسر بقدر كبير تجنب الحراك للجنسانية كمطلب وموضوع للبحث. ذلك أن السعي إلى السلطة السياسية يفرض على الحركة قبول القواعد الأبوية للعبة الجنسانية، وهي القواعد التي تحول الجنسانية إلى أدوات للتحكم في الجسد الأنثوي.
النتيجة التي تترتب على عدم الوضوح هذا هي ضرورة تأسيس ديمقراطية جنسية عربية تنقل الجنسانية من كونها موضوعًا دينيًا إلى أن تصبح موضوعًا مدنيًا على المستوى الفردي. هذا هو بالضبط الاتجاه الذي يجب أن تتخذه الحركة النسوية العربية، اتجاه يوضح للساسة العرب والمشرعين الإسلاميين أن علمنة الجنسانية لا تعني بالضرورة رفض القيم الدينية، بل ستتحول كل القيم، لكل فرد، إلى اختيار محتمل ضمن العديد من الاحتمالات. في نفس الوقت سوف يسمح هذا التوجه للباحثات والباحثين العرب بإعادة إدماج الجنسانية في الخطاب العربي وتحريره من مختلف أشكال البيروقراطية الأبوية.
* نُشرت نسخة سابقة كاملة من هذا المقال باللغة العربية في مجلة المستقبل العربي (٢٠٠٤، العدد ۲۹۹، ص ۱۳۸ – 167)، الصادرة عن مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت. وهي نسخة تمت ترجمتها مختصرة إلى الإنجليزية من طرف ألون ج. أولمان والمنشورة في مجلة Social Analysis والنسخة الواردة هنا هي ترجمة للنسخة المختصرة إلى اللغة العربية، وقام المؤلف بمراجعتها:
Abdessamad Dialmy, “Sexuality in Contemporary Arab Society,” Trans. Allon Uhlmann, Social Analysis: The International Journal of Social and Cultural Practice, Vol. 49, No. 2 (Summer 2005), pp. 16 – 33.
1 يبدو أن الكثير من النساء خلال فترة الحكم العثماني اتخذن إجراءات قانونية لكسب هذا الحق يبدو أن الكثير من النساء خلال فترة الحكم العثماني اتخذن إجراءات قانونية لكسب هذا الحق، وذلك طبقًا للمصدر التالي:
(Lutfi 1991, 101, 109- 118)
2 تجدر الإشارة هنا إلى بدايات تراجع عن الربط الآلي بين الرجولة والفحولة، الذي يتضح في دراسة الديالي (Dialmy 2000c) فيما يتعلق بالهوية الرجولية والصحة الإنجابية. وقد يشير هذا إلى أن الرجل العربي أصبح يدرك مخاطر هذا الربط الأعمى بين الرجولة والفحولة على توازنه العقلي وعلى علاقته بالنساء.
آلين توزان: “عذاب الرغبة”، مواقف، بيروت، عدد 64.
أكرم القصاص: “شلالات الفياغرا”، العربي، ٢٥ مايو ١٩٩٨.
سونیا دایان هرزبورن: “النساء: رهان سياسي”، في مواقف، دار الساقي، لندن، ص ٥٢.
صلاح الدين المنجد: الحياة الجنسية عند العرب، بيروت، مطابع دار الكتاب.
عبد الصمد الديالمي: المرأة والجنس في المغرب، الدار البيضاء، دار النشر المغربية، 1985.
عبد الصمد الديالمي: نحو ديموقراطية جنسية إسلامية، فاس، دار أنفو – برينت للنشر، ۲۰۰۰.
عبد الصمد الديمالي: “في الاتصال بين الشريعة الإسلامية والشريعة الدولية في عدم التمييز بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات”، الدار البيضاء، مجلة مقدمات 2000.
عبد الله كمال، الدعارة الحلال، بيروت: المكتبة الثقافية ١٩٩٧.
محمد عبد الله: “مجانين الفياغرا”، الأسبوع، ٢٥ مايو ١٩٩٨.
محي الدين بن عربي: فصوص الحكم. بيروت: دار الفكر.
نوال السعداوي: المرأة والصراع النفسي. القاهرة: المؤسسة العربية للدراسات والنشر. ١٩٧٧.
Aaraj, Elie. 2001. “Lebanese Youth, Knowledge and AIDS-Related Risky Behavior.” Sexuality in the Middle East (Conference Report ), ed. Angel M. Foster, Oxford: American University of Beiryt and University of Oxford.
Abu Odeh, Lama. 2002. “ Crimes of Honor and the Construction of Gender in Arab Societies. “ Women and Sexuality in Muslim Societies, ed. Pinar Iikkaracan. Istanbul: WWHR/New Ways, 363-380.
Ait Sabbah, Fatma. 1982. La femme dans l’inconscient musulman. Paris: Le Sycomore.
Amnesty International. 1997. Breaking the Silence: Human Rights Biolation Based on Sexual Orientation. London: Amnesty International.
Ben Salama. Fethi. 1985. “L’enigme du concept de sex dans la langue arabe,” Peuples Mediterran’eens. no. 3:155-162.
Benchiekh, Jamal Eddine. 1988. Les mille et une nuits on la parole presonniere. Paris: Gallimard.
Beydoun, Azzah Shararah. 2001. “School Curriculum for Sexual Education in Lebanon. “ Sexuality in the Middle East (conference Report), ed. Angel M. Foster. Oxford: American University of Beirut and University of Oxford.
Boubakeur, Dalil. 1993. “L’islam, la sexualite’ et la prevention du Sida”. Le Journal du Demanch, 9 May.
Bouhdiba, Abdlwahab. 1957. la sexualite’ en Islam. Paris: PUF.
Chelli, Mounira. 1986. “Est-it vari Que la Femme se liberera en lib’erant sa sexualite’?”
Psychologie differentielle des esxes, ed. CERES. Tunis: Universite’ de Tunis, 77-104.
DHS (Demographic and Health Survey). 1995.
Egypt Demographic and Health Survey. Cairo: National Population Council.
Dialmy, Abdessamad. 1998. “Moroccan Youth, Sex and Islam.” Middle East Report, no. 206:16-17
_____. 2000a. Jeunesse, Sida et Islam au Maroc. Casablanca: Eddif.
_____.2000b “Sexualite et politique ar Maroc: Rapport final. “ Rabbat. FNUAP (unpublished manuscript).
_____. 2000c Identite’ masculine et santi’ reproductive au Maroc: Ropport final. Beirut, LCPS/MERC/Ministry of Health
_____. 2002a. “Sexuality and Sexual Health in Morocco. “ Paper presented at Symposium: “Technical Consultation on Sexual Health. “World Health Organization.
____. 2003a. “l’usage du preservatif au Maroc”. L’appraoche culturelle de la prevention et du traitement du VIH/SIDA (Colloque Regional UNESCO/ONUSIDA Fes 2001), Etudes et Rapports, Serie Speciale, No. 13, Division des Politiques Culurelles, UNESCO 2003, 50-59. www.unesdoc.org/images/0013/001303/130320f.pdf (accessed 19 May 2003)
____. 2003b. “Premarital Female Sexuality in Morocco” AlRaida, no. 99:75-83.
Diamly, Abdessamad, and Lisa Manhart. 1997. les maladies sexuellement transmissibles au Maroc, Temara: Ministere de la Sante/Universite’ de Washington/USAID.
Drouber, Julia. 2003. “Harrassment. Honour, Gossip and the Reputation of Young Women in Jordam” Al-Raida, 20, no. 99:44-48.
Dune, Bruce. 1998. “Power and Sexuality in the Middle East. “ Middle East Report, no. 206:8-11.
Foster, Angel M. 2001. “Sexual Knowledge among Tunisian University Students.: Sexuality in the Middle East (Conference Report), ed. Angel M. Foster. Oxford: American University of Beirut and University of Oxford.
Harakat, Abou Bakr. 2001. “Troubles erectiles et consulation sexologique. “ Esperance medicale, no. 70:117-119.
Husseini, Rana. 2001-2002.”Imprisonment to Protect women against Crimes of Honor: A Dual Violation of Civil Rights. “ Al-Raida 19,no, 95-96:40-41.
Kamran, Ali Asdar. 1996. “Notes on Rethinking Masculinities: An Egyptian Case.” Learning about Sexuality: A Practical Beginning, ed. Sondra Zeidendtein and Kirsten Moore. New York: Population Council/International Women’s Health Coalition, 89-110.
Khair Badwi, Marie-Therese. 1986. Le desir ampute: Le Vecu Sexual des femmes libanaises. Paris: L’Harmattan.
Khattab, Hind. 1996. Women’s Perceptions of Sexuality in Rural Giza. Giza: The Population Council.
Labib, Tahar. 1973. “Langue arabe et secualite” L’homme et la societe, no. 28:11-22.
Labidi, Leila. 1989. Cabra Hacham: Sexualite et tradition. Tunis: Dar Annwas,
Lutfi, Huda. 1991. “Manners and Customs of 14th Century Cairene Women : Female Anarchy versus Male Shari’ Order in Muslim Prescriptive Treatises.” Women in Middle eastern History, ed. Nikki R. Keddie and Beth Baron. New Haven, CT: Yale University Press, 99-121.
Major, Stella. 2001. “Clinician’s Experiences Counseling Young Adults Seeking Information and Assistance in their Sexual Development.” Sexuality in the Middle East (Conference Report), ed/ Angel F. Foster. Oxford: American University of Beirut and University of Oxford.
Meinhardus, Otto. 167. “Myhological, Historical and Sociological Aspects of the Practice of Female Circumcision among the Egyptians. “ Acta Ethographica Academiae Scientarum Hungariae, no. 16:387-397.
Moussaoui, A. 2002. “La legitimation des trandgressions: Violences au Feminine, Le viol entre sacrifice et sacrilege”. Paper presented at Sumposium: “Islam et Islamistes. “Centre Jacques Berque de Rabat.
Naamane Guessous, Soumeyya. 1987. Au dela de tonte pudeur. Casablanca: Eddif.
Nasraoui, Mustapha. 1986. “La vie sexuelle des jeunes ouvriers tunisiens celibataires. “ Psuchologie differentielle des sexes, ed. CERES, Tunis: Universite de Tunis, 105
132.
Qadri, Abdellab, Mohammed Berrada, Abbas Tahiri and Chakib Nejjare. 1999. “La prevalence de la dysfonction erectile au Maroc. “ Casablanca: Departement des Statistiques (unpublished manuscript).
Raymond, Andre. 1973. Artisans et commercants au Caire an XVIIIe siecle. Caire:IFAQ.
Rowson. Everett K. 1991 “The Categorization of Gender and Sexual lrregularity in Medieval Arabic Vice Lists. “ Body Guards” The Cultural Politics of Ambiguity, ed. Julia Epstein and Kristica Straub. New York and London: Routledge, 64-81.
Ruggi, Suzanne. 1998. “Commodifying Honor in Female Sexuality: Honor Killings in Palestine. “ Middle East Report, no. 206: 12-15.
Serhan, Randa. 2001. “Honor Crimes in Lebanon: the Signigicance of change in legal Stipulations. “ Sexuality in the Middle East (Conference Report), ed. Angel M. Foster. Oxford: American University of Beirut and University of Oxford.
Shaheen, Mohammad. 2001. “Knowledge and Attitudes of Palestinian Youth toward Health- Related Issues with a Focus on AIDS/STD.s. “ Sexuality in the Middle East (Conference Report), ed. Angel M. Foster. Oxford: American University of Beirut and University of Oxford.
Shalhoub-Levorkian, Nadera. 2001. “Femicide: Women-Killing in Palestinian Society. “Sexuality in the Middle East (Conference Report), ed. Angel M. Foster. Oxford: American University of Beirut and University of Oxford.
SidAlert. 1995. “Sida: Le Soudan est le pays le plus touche de la region arabo-musulmane.”SidAlerte, no. 49:2.
Tauzine, Aline. 2002. “Du Haitus entre loi religieuse et tradition: L’exemple de la Mauritanie. “ Sexualite et Religion. Paris: Association Francaise de Sciences Sociales des Religions (Unpublished manuscript).
Tucker, Judith. 1993 Gender and Islamic History. Washington, Dc: American Historical Association.
Van Dufhuizen, Rinske. 1995. “Les besoins et les possibilites de la collaboration international: :”experience du projet AIDS and Mobility. “ Amsterdam: AIDS and Mobility (unpublished manuscript).