الحديث حول الحب والجنس في المعسكرات الصحية للمراهقين في الهند
بقلم:
الحديث حول الحب والجنس في المعسكرات
الصحية للمراهقين في الهند
إن التربية الجنسية للمراهقين ليست لها مصادر متاحة – على نحو خاص – في الهند سواء كان ذلك في المنزل أو بين أفراد الأسرة أو المدرسة. ومع كل، تتزوج الفتيات عندما يبلغن السادسة عشرة من العمر، أما الفتيان فيتزوجون مع بلوغهم سن الثامنة عشرة، ومع الزواج يبدأ المراهقون فى نشاطهم الجنسي. ولقد بدأت منظمة “شتنا“(CHETNA) – وهي منظمة غير حكومية فى مدينة أحمد أباد، بولاية جوجارت – فى تنظيم ورش عمل في عام 1990 لتقديم التربية الجنسية كجزء من المعسكرات الضخمة التي تقام للمراهقات والمراهقين. إننا نستخدم أسلوبًا للتفاعل مع المراهقين من خلال ألعاب تمثيل الأدوار وغيرها من الألعاب، فضلاً عن قراءة بعض المواد المعدة، وإجراء مناقشات في مجموعات صغيرة. ومن خلال هذه الأساليب نتحدث عن التغيرات الجسمانية والانفعالية التي تصاحب سن المراهقة، كما نتحدث عن الحب، والجنس، والنشاط الجنسى، وقضايا النوع gen (der). لقد شاهدنا الكثير من التغيرات الإيجابية لدى الشباب، ولكننا وجدنا أيضًا أن مشاركة أولياء الأمور تعد مسألة جوهرية لدعم استمرار المكاسب المتحققة وتوفير المساندة اللازمة.
وفى بلد مثل الهند، حيث تندر مناقشة الأمور الجنسية حتى بين الأزواج، تعتبر التربية الجنسية موضوعاً محظوراً. وينظر للجنس والزواج باعتبارهما مترادفين، كما يوجد فصل جنسي صارم بين المراهقين والمراهقات، وخاصة في المناطق الريفية. فعادة ما لا يُسمح للفتيات الريفيات باستكمال دراستهن بالمدرسة بعد البلوغ. ونادراً ما تتاح الفرص للفتيات والفتيان للتعارف أو التفاعل الاجتماعى، حتى من خلال المواقف التي تضم مجموعات. إن التربية الجنسية للمراهقين غير متاحة على نحو خاص من أي مصدر، سواء كان ذلك المنزل أو أفراد الأسرة أو المدرسة. ومع كل تتزوج غالبية الفتيات عندما يبلغن السادسة عشرة من العمر، أما الفتيان فيتزوجون مع بلوغهم سن الثامنة عشرة. ومع الزواج يبدأ المراهقون في نشاطهم الجنسي.
إن “شتنا” (CHETNA). – هي منظمة غير حكومية ترتكز في مدينة أحمد أباد بولاية جوجارت، بالهند، وتنخرط منذ عام ۱۹۸5 فى تنظيم برامج للتربية الصحية كجزء من الاستراتيجية الدولية “من الطفل إلى الطفل“. حيث يجرى تدريب الأطفال والمراهقين على الدعوة والترويج للوعي الصحى. وفى إطار ورش العمل المذكورة، عادة ما كان فريق مشروعنا يلتقي بمراهقين يتحدثون مع أصدقائهم عن “العلاقات“. ولقد أدركنا ما يمثله هذا الأسلوب من وسيلة للتطرق إلى قضايا الجنس والنشاط الجنسى مع النساء العاملات بالمشروع. وقد كررت الفتيات ذلك أكثر من الفتيان الذين كانوا يحاولون إبداء عدم اهتمامهم، أو انشغالهم بأنشطة ورشة العمل. ولكننا لاحظنا، مع مرور الوقت أن الفتيان كانوا مهتمين بالتفاعل مع الفتيات الحاضرات في المعسكر، وأيضًا من العاملات في المشروع من منظمة “شتنا“.
وفى المرات القليلة التى تحدث فيها الفتيان عن الجنس، وجدنا أن معلوماتهم مستقاة من الأدب الإباحي ويبدو أنه متاح حتى في القرى النائية. أما “الفتيان الأقوياء” الذين يمتلكون خبرة جنسية، فكانوا المصدر الرئيسي الآخر للمعلومات، إذ أمدوا الفتيان الأصغر بكل شئ تشعر به “الفتاة ” فيما يتعلق بالجنس. ولكن المعلومات، في الحقيقة، كانت فى كثير منها مشوهة أو مبالًغا فيها.
ومن الناحية الأخرى تحصل الفتيات على المعلومات من صديقاتهن وشقيقاتهن المتزوجات، فضلاً عن زوجات أشقائهن اللاتى يماثلنهن فى العمر. ومرة أخرى كانت هذه المعلومات تحمل كل الحقيقة أو نصفها، وكانت أفكار الفتيات ومعتقداتهن ترتكز على الخيال وما يسمعنه من قصص من قريناتهن اللاتى يملكن أيضًا معلومات غير كاملة أو لا يعتمد عليها.
“في الليلة الأولى، إذا جذب زوجك ساقك اليمني، فإنك سوف تنزفين“.
وبالتدريج، اتضح لنا أن هؤلاء الأطفال الذين يمرون بمراحل النمو، يحتاجون بشدة إلى معلومات دقيقة حول الجنس والنشاط الجنسى، فضلاً عن احتياجهم لفرصة نقاش حول مختلف جوانب القلق الذى يعانون منه، وتبيان الشكوك العديدة لديهم. وقد بدأت منظمة “شتنا” في إدارة ورش عمل حول التربية الجنسية فى عام ۱۹۹۰، كجزء من معسكر صحي، حيث يتشارك المراهقون في معسكرات سكنية، لمدة ثلاثة أو أربعة أيام، وبأعداد ضخمة.
المعسكرات المعنية بالصحة
تقوم منظمة “شتنا” بتنظيم معسكرات معنية بالصحة بناء على طلب المنظمات غير الحكومية والمدارس بكافة أنحاء ولاية جوجارت. وتمثلت الاستراتيجية التي تبنيناها في إدخال موضوع الجنس والنشاط الجنسي، كأحد الموضوعات العديدة المرتبطة بالصحة، وذلك عبر بيئة تتيح التعلم التفاعلي وفى مناخ مفتوح ودونما محاسبة. كما بدأنا مؤخراً أيضًا فى تنظيم معسكرات اليوم الواحد التي تهدف إلى نشر التربية الجنسية، بل وقمنا أيضًا، بناء على طلب مختلف المنظمات والمدارس، بتنظيم جلسات لورشة عمل واحدة.
إن المعسكرات الصحية للمراهقين عادة ما تضم ما بين ۱۲۰ إلى ۲۰۰ شاب وفتاة فى وقت واحد، سواء في مدرسة أو غيرها من الأماكن التى تتسع لعدد كاف من الغرف والتسهيلات لاستضافة المشاركين وعقد مختلف الندوات العامة الصحية التي تدور كل منها حول قضية بعينها. وعادة ما يتم تثبيت مظلة لتغطية أرض الساحة المفتوحة بجوار مبنى الاجتماعات العامة والأنشطة، وذلك حتى نتمكن من تجميع كافة المشاركين فى وقت واحد.
وتتراوح أعمار المشاركين بين ١١ إلى ١٨ سنة. و في المناطق الحضرية، نجد أن المشاركين من طلاب المدارس أو من مناطق تخدمها المنظمات غير الحكومية. أما بالنسبة للمناطق الريفية، فالأقلية من المراهقين ما يزالون يرتادون المدرسة. وأغلبيتهم إما متسربون من المدرسة أو يحضرون فصولاً للتعليم غير الرسمى أو فصول التدريب المهني.
وفتيات المناطق الريفية اللاتى يحضرن هذه المعسكرات عادة ما تقل أعمارهن عن ١٦ سنة، وبعضهن متزوجات ولكن لم يبدأن بعد فى المعاشرة الزوجية.
وبهدف تحقيق الفعالية، نحتاج لمجموعة ذات خلفية متجانسة، بقدر الإمكان من زاوية السن أو التعليم أو مكان السكن. أما المجموعات الأكثر تغايراً، فيمكن تقسيمها إلى مجموعات أصغر، وذلك بهدف تقديم المعلومات المناسبة. ويجرى تقسيم المشاركين إلى مجموعتين عمريتين: مجموعة من ١١ إلى ١٥ سنة، ومجموعة من ١٦ إلى ١٨ سنة.
وقد تم تنظيم بعض المعسكرات المختلفة، التي تضم الفتيات والفتيان، فى حين كانت هناك معسكرات أخرى تقتصر على الفتيات أو الفتيان فحسب. ولاحظنا أن كل مجموعة منهما – سواء المختلطة أو المقتصرة على جنس واحد – لها مميزاتها. فالمجموعة غير المختلطة تتيح انفتاحاً أكبر من جانب المشاركين، بينما المجموعة الثانية تمد الفتيات والفتيان بفرصة متفردة لمزيد من التفاعل والتعلم والفهم حول نواحي التشابه والاختلاف بينهما.
وبما أنه يصعب فى السياق الهندي أن تحصل الفتيات المراهقات على إذن بالسفر أو البقاء خارج المنزل دون أولياء أمورهن، فقد كانت المنظمات غير الحكومية والمدارس التي تطالب بتنظيم المعسكرات، ترسل إحدى المشرفات البالغات مع الفتيات للمعسكرات المعنية بالصحة لرعايتهن، على أن تبقى معهن طوال فترة المعسكر. ويتم إعداد اجتماع لتوجيه هؤلاء المشرفات قبل المعسكر، لجعل مشاركتهن فعالة، ولتلبية احتياجاتهن من المعلومات، فضلاً عن حفزهن لمساندة المراهقات ودعمهن بعد المعسكر.
إن برنامج الأيام الثلاثة للمعسكرات المعنية بصحة المراهقين يبدأ بألعاب وتمارين لإذابة الجليد وبناء حالة من التآلف. بعد ذلك يتم تقسيم المشاركين إلى مجموعات. وترتاد كل مجموعة أربعًا من القاعات الثماني في اليوم الأول، وترتاد الأربع الباقية في اليوم الثاني.
تشتمل القاعات على مواد تعليمية مثل الرسوم التوضيحية، والعرائس المتحركة، والكتب المصورة والمعارض. ومساحة كل قاعة تكفى لاستضافة ما يتراوح بين ١٥ إلى ۲۰ مشاركًا، ومعهم أحد المسئولين القائمين على تسهيل انخراطهم في عملية التعلم النشطة. وتستغرق زيارة المجموعة للقاعة ما بين نصف الساعة إلى ثلاثة أرباع الساعة، حيث تعمل المجموعة بأسلوب هيكلي وإن كان يتسم بالمرونة. ويجرى تشجيع المشاركين على تطوير الأغاني وممارسة مختلف الألعاب التى تنطوي على رسائل صحية، وقراءة المواد المتاحة، وتوجيه أسئلة للمشرف، فضلاً عن المناقشة بين بعضهم البعض. وتضم الموضوعات الصحية بالقاعة ما يلى: الجسد، والصحة الشخصية، والصحة البيئية، والإسهال، والملاريا.
وفي صباح اليوم الثانى، يجرى تنظيم تجمع ولتنظيف القرية. أما الأنشطة الثقافية والألعاب التي تتم في الخلاء خارج القاعات، فيجرى تنظيمها فى مساء كل يوم من الأيام الثلاثة.
وتبدأ جلسات التربية الجنسية فى فترة بعد الظهيرة، في اليوم الثاني، إذا ما كان المعسكر يتكون من ثلاثة أيام، أو مع اقتراب نهاية اليوم. إذا ما كان معسكراً ليوم واحد. وعادة ما يبدأ النقاش بتبادل أفكار المشاركين حول “النمو” أو التغيرات البدنية والانفعالية التي تحدث في فترة المراهقة وتضم المناقشات الأخرى دراسات حالة أو ألعاب تمثيل الأدوار. وهناك أيضًا تبادل الخبرات الشخصية حول طبيعة المراهقة الخاصة بكل فرد، بمساعدة المشرف، وخاصة بين الفتيات. وعادة ما تعزي الفتيات أحد أسباب الزواج للمتعة المرتبطة بالعلاقات الجنسية، كما يستخدمن كلمة “حب” کمرادف للجنس، وأثناء مناقشة إحدى دراسات الحالة الخاصة بامرأة لديها أكثر من علاقة، نظراً لعدم وجود وقت كاف لدى زوجها، قالت إحدى الفتيات:
“كم تستغرق ممارسة الحب من وقت، إنها بالكاد نصف الساعة، وأى رجل يستطيع تدبير مثل هذه الفترة الزمنية بغض النظر عن انشغاله. ينبغى أن يُعبر عن “حبه” حتى وإن كان مشغولاً، حتى لا تشعر زوجته بالإهمال“.
شعرت فتاة أخرى بأن المرأة كانت ترتكب إثماً؛ فقد كان يجب أن تحصل أولاً على الطلاق من زوجها لم تتزوج من حبيبها، فالنوم مع رجل يماثل الزواج.
وفي إحدى المرات، اشترك معنا صبي، وقال أنه سمع من أصدقائه الأكبر سناً أن متعة ممارسة الجنس مع الفتيات تشبه، وإن كانت أفضل كثيراً، المتعة التي يحصلون عليها من ممارسة العادة السرية. ولقد ظل منشغلاً لفترة طويلة بالرغبة في ممارسة الاتصال الجنسى، لتصحيح معلوماته، وهو ما يمكن أن يحدث حتى خارج الزواج. ولا نعرف ما إذا كان قد نجح فى تنفيذ رغبته أم لا.
وتتم إثارة هذه الخبرات والقضايا عن طريق المشاركين عندما يكون المشرف من نفس جنس المراهقين. وبشكل واضح، عندما يكون المشرف رجلاً في مجموعة من المراهقين الشبان يصبح الأمر أفضل، ولكن غالبية فريق “شتنا” من النساء، وهى من الأمور التي تحد عملنا.
وبالنسبة للمجموعة العمرية الأصغر سناً (من ١١ إلى ١٥ سنة)، فقد وجدنا من الأفضل البدء بالتغيرات البدنية والانفعالية بدلاً من ألعاب تمثيل الأدوار والمواقف من الحياة الواقعية.
وبعد مناقشات أولية، يتم تقديم معلومات تفصيلية حول قضايا الصحة الإنجابية بين أعضاء المجموعات الصغيرة. وتجرى مناقشة الموضوعات تبعاً للمجموعة، مثل موضوعات الدورة الشهرية والإجهاض والأمراض المنقولة جنسياً.
وقد وجدنا أن المعلومات العلمية حول موضوعات الدورة الشهرية تتسم بأهمية كبيرة. وهناك ممارسات ثقافية في بعض أجزاء من الهند، مثل عزل البنات والسيدات اللاتي يعانين من الدورة الشهرية، وتقديم الطعام لهن على إنفراد وعدم السماح لهن بلمس الطعام أو أداء الطقوس الدينية. وتؤثر هذه الممارسات بدرجة كبيرة على مشاعر الفتيات بشأن قيمتهن الذاتية ويجعلهن يفكرن في الدورة الشهرية باعتبارها لعنة. إن إدراك الدورة الشهرية باعتبارها عملية طبيعية فسيولوجية لا يساعد الفتيات فحسب على التعامل معها بصورة أفضل، وإنما يسهم أيضًا في بناء علاقات صحية بين الجنسين.
ويطرح الأولاد تساؤلاً، أثناء هذه الجلسات، يتعلق بما إذا كانت شكاوى البنات من أوجاع الظهر والمعدة أثناء الدورة الشهرية شكاوى حقيقية أم أنها وسيلة لجذب الانتباه. كما أن الاعتقاد في دونية المرأة نتيجة “لعدم طهارتها” أثناء الدورة الشهرية، يتفجر أيضًا بفعالية خلال مناقشات هذه المجموعات الصغيرة.
إن توفير معلومات حول الصحة الإنجابية بمصطلحات طبية، معزولة عن التغيرات السيكولوجية والانفعالية التي تحدث أثناء المراهقة قد لا يتسم بالكمال. وعند إدخال المعلومات المرتبطة بالتغيرات الانفعالية والسيكولوجية التي يشعر بها الشباب أثناء فترة المراهقة، فإنهم يربطون بينها وبين أنفسهم وحياتهم. وهو الأمر الذى يساعدهم على قبول أنفسهم وقبول التغيرات التى تحدث فى أجسادهم وعقولهم، وعلى تنمية صورة ذاتية أكثر إيجابية.
ولذا، فإننا نطرح للنقاش الأساطير الشائعة حول الجنس والنشاط الجنسي في كل معسكر من معسكرات صحة المراهقين. وعادة ما تجرى مناقشة معتقدات المشاركين وآرائهم بالتفصيل ولا نهملها بسبب عدم صحتها.
وتحدث كافة مناقشات المجموعات الصغيرة في ذات الوقت، ويعرف كل فرد أن المجموعات الأخرى تناقش موضوعات مشابهة. وهناك مجموعة منفصلة تتكون من الكبار البالغين الذين يصاحبون المشاركين من المراهقين. ويناقش أحد أعضاء الفريق معهم نفس الموضوعات ولكن بعمق أكبر.
وبالنسبة للمشرفين، فتواصلهم مع المراهقين من أهل الحضر يكون أسهل لأن خلفياتهم متشابهة. ويستغرق الأمر فترة أطول في الريف نتيجة تأثير عامل اللغة ونقص التآلف مع المصطلحات الريفية.
ولا يتم تشجيع المراهقين في الريف، وخاصة من الفتيات. على مناقشة قضايا الجنس حتى مع النساء في عائلاتهن. وبالتالي، ورغم أنه لا يوجد اختلاف كبير بين خبرات الفتيات الريفيات والحضريات، فإن سلوكهن في التعبير يتسم باختلاف كبير. وعلى سبيل المثال، عندما تريد فتاة البيئة الريفية النقاش حول مشكلة صداقتها مع أحد الأولاد. فإنها قد تسأل أو تكتب مجرد ملحوظة تسأل فيها عما يجب أن تفعله وكيف تتصرف، وما إذا كان سلوكها غير أخلاقية وهلمجرا. إن نفس التساؤل عندما يصدر من فتاة من الحضر تذهب إلى المدرسة، يكون مطروحاً بشكل مباشر وبسيط حول شعورها بالإثارة عندما يلمسها صديقها ومدى عمق حبها له، وتتساءل؛ كيف يمكن أن تستمتع “بكونها في حالة حب“. دون أن تنغمس في ذات الوقت في التعبير البدني عن الحالة.
إن النقاشات المتعلقة بالمعتقدات والأساطير المرتبطة بالجنس والنشاط الجنسي تشتمل حتماً على قوالب نمطية حول قضية النوع – “قذارة الدورة الشهرية، وعدم طهارة المرأة“. وعند إثارة هذه. الموضوعات تتحد المجموعة لمناقشة قضية النوع. بعد ذلك، تقوم كل مجموعة بتمثيل مسرحية هزلية قصيرة حول أحد الموضوعات. إحدى المسرحيات رسمت صورة الإبن الوحيد فى الأسرة ومدى تدليل والديه له، بينما تنمو شقيقاته الفتيات ويقمن بإعالة الوالدين في شيخوختهما رغم ما عانته الفتيات من تمييز. ومما يثير الاهتمام أن المسرحية صورت الفتيات المتزوجات باعتبارهن راعيات لاحتياجات الوالدين المالية، وهو ما يعكس تغيراً مجتمعياً كبيراً. وفى مسرحية هزلية أخرى، كانت هناك صورة لما يحدث إذا ما قام الأولاد بمضايقة البنات. عندئذ يقمن بضربهم لأنهن قويات مثلهن مثل الأولاد.
هذا الجزء من المعسكر كان يبعث على التسلية بالنسبة لكل المشاركين، كما أنه يساعد أيضًا في تقييم كيفية فهم المشاركين للقضايا المتعلقة بالتمييز القائم على نوع الجنس. أما مع المراهقين من الأولاد، فالمناقشات حول اختلافات النوع أسهل في إدارتها مع الجمهور الحضري الذي يعد على دراية ووعى بهذه القضايا، فى حين تمثلت الصعوبة الأساسية في موضوع التغيرات السلوكية. إنهم يدركون أن الرجال والنساء، على حد سواء، لديهم القدرة، إذا ما توفرت لهم فرص متساوية. ولكن لم يكن واضحاً بالنسبة لهم كيف يسهموا هم أنفسهم فى تغيير تلك القوالب النمطية الخاصة بقضايا النوع، وكيف يمكنهم تغيير أنفسهم، أما بالنسبة للمراهقين الريفيين من الأولاد، فكان ينبغي علينا أن نبدأ بالأساسيات الخاصة بالتمييز القائم على نوع الجنس وتبيان مظاهره.
ومن الناحية الأخرى، نستقى من خبرتنا أن الفتيات الريفيات قادرات بسهولة على استيعاب قضية التمييز القائم على الجنس أكثر من الفتيات الحضريات. والسبب في ذلك قد يرجع لوجود تمييزاً أقل أو خفي ضد الفتيات في الأسر الحضرية. وفى أحد المعسكرات الصحية، حيث شارك أولاد وبنات من المناطق الحضرية والريفية، أثيرت مناقشة هامة حول ماذا تفعل الفتاة أو الفتى عند العودة إلى المنزل بعد المدرسة وما مدى الاختلافات القائمة بين دور كل منهما. قالت المشاركات الريفيات أنه من المتوقع أن تساعد الفتاة في الطهي، بينما يلعب الأولاد. ولكن ذلك لم يعتبر تمييزًا بالنسبة للمشاركين من الحضر.
التساؤلات التي يطرحها المراهقون:
إن المشاركين فى معسكرات صحة المراهقين يطرحون أسئلة، إما عن طريق كتابتها على قطعة من الورق دون الإشارة إلى أسمائهم، أو شفاهة، وخاصة في المجموعات الصغيرة، حيث يشعرون بالراحة والأمان. وها هي أمثلة لبعض من هذه التساؤلات:
هل من الصحيح أن البنات الناميات جسدياً (صدورهن كبيرة) لا يتسمن بالأخلاق ؟
هل من الصحيح أن الفتيان الذين ليس لديهم شوارب ليس لديهم قدرة على الإنجاب؟
لماذا تأخذ الفتيات الجنس ماخذاً جدياً؟
عندما نتحدث للبنات، من قبيل المرح ليس إلا، فهن يأخذن الأمر مأخذاً جدياً، وعندما ننكر ارتباطنا الجدي يتوجهن إلينا باللوم. فهل هذا عدل؟
لقد قلت لها بالفعل أنني لن أتزوجها، ولكنها تمارس ضغوطاً لأنني نمت معها، فهل هذا عدل؟
هل يمكن للزوج تحديد ما إذا كانت زوجته قد مارست الجنس قبل الزواج باستخدام أسلوب آخر بخلاف فض غشاء البكارة ؟
ماذا يمكن أن يحدث إذا كان هناك من يستمتع بالجنس مع شخصين؟
لماذا توجد علاقات بين الرجل والرجل والمرأة والمرأة؟
أنا محبة للاستطلاع في القضايا الجنسية. وأريد أن أعرف كيف تحمل المرأة. لقد قبلني صديقي ذات مرة، فهل سأحمل ؟
إن تأثير المعسكرات الصحية لم يقتصر فحسب على تربية المراهقين، وإنما امتد أيضًا لإحداث تغيرات سلوكية في بعض الحالات. في إحدى التقييمات التي أجريناها لأحد المعسكرات، قال واحد من الأولاد : “لم أعد خائفاً من الاستحلام بعد، فلقد أدركت أنه ليس جريمة“. وقال فتى آخر بعد المعسكر أنه أصبح يمارس أعمالاً منزلية مثل غسيل الملابس وعمل الشاي، وأصبح قادراً على مراعاة القوالب النمطية فيما يتعلق بالأدوار الخاصة بقضية النوع في المنزل.
وعلى الرغم من وجود نقص فى التغذية الاسترجاعية المنظمة من جانب شركائنا بالمنظمات غير الحكومية، فقد تعلمنا أن مجموعات المشاركين فى المعسكرات الصحية قد تطورت إلى مجموعات مستمرة واجتماعات منظمة في القرى، مع تقديم معلومات تتعلق بقضايا الجنس والنوع إلى الآخرين. وامتد الأمر حتى وصل إلى تقديم الفتيات المعلومات لأمهاتهن وشقيقاتهن الكبار وزوجات أشقائهن.
كما تعلمنا أيضًا أن وجود مشرف مألوف للمجموعة، ولكن لم يعمل معها لفترة طويلة يعد أمراً هاماً ومساعداً في مجال إثارة موضوعات حول الجنس والنشاط الجنسى مع مجموعة من الشباب للمرة الأولى. وعلاوة على ذلك، فإن استخدام المشرف لمنهج صبور وصريح لتناول الموضوع يمثل أيضًا ضرورة. فبخلاف ذلك، تستغرق المجموعة وقتاً طويلاً لتحقيق الانفتاح، وعندما تبدأ فى الشعور بالراحة يكون الوقت قد انتهى.
إن مناقشات المجموعات الصغيرة حول النشاط الجنسي تتطلب درجة أعلى من المهارة من جانب المشرف حتى لا تفقد الاتجاه أو يسيطر عليها عدد قليل من المشاركين. فلقد وجدنا، فى بعض الحالات، أن المراهقين يجعلون الجلسة تمتد دونما تركيز على الاتجاه. وإذا ما بدأ المشرف في اتخاذ أحكام أخلاقية، ستبوء العملية بالفشل الأكيد. ولتجنب ذلك، وجدنا من المفيد استخدام فريق من المشرفين وليس مشرفاً واحداً على الأقل في الجلسة الخاصة بقضايا الجنس والنشاط الجنسي.
ويبذل المشرفون جهوداً واعية في ممارسة ما يطرحون على المراهقين القيام به. وعلى سبيل المثال، يقوم كل فرد سواء كان رجلاً أو إمرأةً بجلب المياه وقرع الطبول وتنظيف القرية، ويمارس المشرفون نفس كمية العمل. وفى بعض الأحيان، نختار عن عمد أحد الأدوار غير الشائعة في مجال قضايا النوع؛ فإحدى المشرفات، على سبيل المثال، تستخدم الكاميرا، فى حين يقوم أحد المشرفين من الرجال بكنس الأرضية.
تمكنا أيضًا من التوصل، مع مرور الوقت، إلى تقدير الحاجة إلى تعليم الأبوين واشتراكهما. فبعد أول معسكر للفتيات المراهقات، كان للآباء مواجهة مع فريق “شتنا” كادت أن تودي بكافة الجهود ولكن أسبابًا أخرى تكمن وراء ذلك. “في إحدى المرات تأخرت الدورة الشهرية لمدة أربعة أيام. وهنا وبختني أمى، بل وضربتني. وبدأت تسألني أين ذهبت ومع من. ولم أستطع أن أفهم أسباب غضبها. أما الآن فأنا أعرف ماذا كانت تعنى. كان يجب أن تعرف أن عدم انتظام الدورة الشهرية هو أمر عادي إلى حد كبير. وإلى جانب ذلك، كان يجب أن تثق فى!”. (هذه كلمات فتاة ريفية تبلغ من العمر ١٦ سنة).
تتسم التربية الجنسية للآباء بأهمية أيضًا، ليس فقط للحيلولة دون معارضتهم حضور أبناءهم وبناتهم المراهقين للمعسكرات الصحية، وإنما أيضًا لضمان وجود شخص يرجع إليه المراهقون للحصول على المعلومات والمساندة، بحيث يستمر ويتطور ما يتعلمه الشباب خلال معسكرات صحة المراهقين.