الحياة الآمنه حق لا أمتياز

التصنيفات: غير مصنف

الحياة الآمنه حق لا أمتياز

برنامج الاستماع والإرشاد للنساء

شهادات حية من واقع القضايا التي تبناها برنامج المرأة

يتناول هذا الجزء من التقرير بعض قضايا النساء المترددات على وحدة الاستماع والإرشاد بمركز النديم، والتي تراوحت ما بين الاستشارة القانونية، إلي رفع الدعاوى القضائية.

ونبرز من خلال تلك الحالات نوعية الإشكاليات والصعوبات التي تواجه النساء ومدى عجز مواد القانون فى توفير الحماية القانونية لهن، وتتجلى هذه الإشكاليات والصعوبات على مستوى (الواقع / القانون / عملية التقاضي).

وقد عشنا مع النساء المعنفات تلك الإشكاليات، وأحسسنا معهم بالعجز أمام القانون الحالي، ووصلنا لنتيجة واضحة ومحددة وهي: ضرورة وجود تشريع قادر علي حماية النساء من العنف الواقع عليهن يجرم العنف الأسري بنصوص واضحة لا تدعو للالتباس ويحدد عقوبات رادعة للجناة ويمثل شقه الرادع جانب وقائي للنساء من جريمة العنف الأسري.

مقدمة

عندما يحدث عنف فى الشارع أو فى الساحة العامة بين شخصين أو مجموعة من الأشخاص فإنه يوجد دائمًا من يتدخل للفصل بين المتخاصمين، فإذا لم ينجح الموجودين في مكان الحادثة فى رفع الأذى عن الضحية فإن الشرطة تتدخل وتحسم الأمر، والحقيقة أن جميع دول العالم تسعى لأن تكون لديها أجهزة أمنية على كفاءة عالية لتأمين السلامة العامة. وحماية الضعيف من بطش القوى، ولكن ماذا يحدث عندما يكون البيت هو مسرح العمل العنيف؟

فوراء جدران البيوت يوجد أيضًا الأقوياء، والضعفاء وتوجد أسباب كثيرة للخلاف بين الزوج وزوجته، وبين الزوجين وأولادها هنا لا يتم الاستنجاد بالسلطات الأمنية إلا عندما تبلغ درجة العنف حدا يهدد الحياة.

فمعظم حوادث العنف العائلية تبقى طي الكتمان حفاظًا على أسرار العائلة التي يجب ألا يعرفها أحد على اعتبار أنها من خصوصيات الأسرة، فالعنف الأسرى لا يزال يعتبر مسألة اجتماعية مقلقة في المجتمعات الشرقية والغربية على السواء وقد شاهدت هذا بنفسي من خلال عملى كمحامية كما رأيت أنه بالرغم من تعدد أشكال العنف ألا أنه لا توجد أية حماية قانونية تحمى النساء من هذا العنف، ولذلك رأينا أنه من واجبنا كمؤسسات تعمل في مجال مناهضة كافة أشكال العنف ضد المرأة أن نقوم برصد بعض شهادات نساء مصريات لنرى سويا أية حماية قانونية يتمتعن بها في ظل قوانينا الحالية.

وسنحاول في هذا الكتيب أن نتعرف معًا على ظاهرة العنف الأسرى الموجهة ضد المرأة من قبل عائلتها وأفراد أسرتها بعد أن رأينا أن هناك تكتم شديد بشكل واضح من المجتمع على هذا النوع من العنف (العائلي أو الأسرى) والذي يصل إلي حد الإنكار في بعض الأحيان، وذلك لأن التكتم علي ممارسات العنف التي تحدث في إطار الأسرة أو العائلة ما هو إلا انعكاس للثقافة السائدة والتي قد جعلتنا نواجه صعوبات عديدة في الوقوف للتصدى لهذه الظاهرة بالرغم من استحالة التوصل إلى بيانات مؤكدة تمكننا من قراءة الظاهرة بشكلها الحقيقى عن طريق الدعاوى القضائية، أو محاضر أقسام الشرطة.

ولعل أكثر أنواع العنف بالنسبة للمرأة التي عزمت على تخطى كل الضغوط واللجوء إلى الطرق الشرعية القانونية هو اصطدامها بواقع التمييز الذي تنطوي عليه القوانين إما لصعوبة إجراءاته. وإما لغياب قانون يجرم العنف الأسرى وخاصة (قانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات وقانون الإجراءات) ويزداد هذا الإحساس لديها تعقيدًا عندما تجد نفسها عاجزة عن استخدام القانون لإثبات حقها.

هذا الواقع قد كسرت الصمت عنه إلى حد ما الكتابات النسائية وتقارير الجمعيات وملفات مراكز الاستماع والتوجيه والتوعية القانونية بحقوق النساء وشهادات النساء في تلك المراكز.

هذا الواقع قد جعلنا نشعر بضرورة وجود تغيير شامل ومحاولة الاقتراب من واقع التمييز الذي يطال النساء فى جميع مراحل حياتهن والذى يجعل المرأة في كل وقت وفى كل لحظة عرضة للضياع والتشرد فى غياب آليات وقائية وقانونية واضحة تحمى المرأة عندما تتعرض للعنف سواء داخل الأسرة أو خارجها.

وتجدر الإشارة إلى أن القوانين المشار إليها سابقًا تكرس دونية المرأة بل وتتضمن عنفًا واضحًا ضدها. وقد تم اختيار بعض الحالات الواردة للمركز حسب معايير محددة منها أن تكون المرأة قد تعرضت لعنف مادى أو جنسي أو قد تعرضت لعنف زوجي مرتبط بالتمييز القانوني لصالح الرجل. مع إبراز وتوضيح خلل البنود القانونية والعراقيل التي تعوق السير الطبيعي للدعاوى القانونية كما توضحها بشكل واقعي شهادات النساء الآتي حضرن للمركز لتبنى شكواهن ورفع دعاوى قضائية لهن. وحتى صدور هذا الكتيب لازالت بعض قضايا أولئك النساء أمام المحاكم لم يبت فيها بعد.

من بين 115 حالة قانونية زارت المركز تراوحت بين الاستشارات القانونية والدعاوى القضائية، تم رفع 48 دعوى قضائية أمام المحاكم اخترنا منها عشر شهادات من ملفات النساء القضائية حسب المعايير التالية:

  • نساء تعرضن لعنف مادي.

  • نساء تعرضن لعنف جنسي.

  • نساء ضحايا القوانين التمييزية.

  • نساء تعرضن لعنف المجتمع والإجراءات القانونية.

وقد تراوحت أعمار النساء بين 20 و55 سنة (متزوجات. مطلقات. أرامل) ومن حيث الوضع الوظيفي فهناك (عاملات. ربات بيوت طالبات)

ولكل سيدة ملف للمتابعة القانونية يضم معلومات خاصة ، وشهادة كل مشتكية ، وكذلك كل الوثائق المتعلقة بموضوع قضيتها، وقد رأينا من خلال هذه الحالات كيف كانت مواد القانون وإجراءاته تقف عقبة أمامنا سواء أثناء سير الدعوى أو حتى بعد الحصول على حكم لصالح المدعية لم يعترضنا من صعوبات جسيمة أمام تطبيق هذا الحكم. فغالبًا ما يكون عقبة أساسية بل وأحيانا أكبر من (كسب) القضية نفسها، حتى أنه ظهر مؤخرًا لفظ محامى تنفيذ يتردده المحامين بعد الحصول على الحكم وفشلهم في تنفيذه.

وعندما نستعرض الإشكاليات القانونية من خلال شهادات النساء الواقع عليهن العنف الأسرى فإننا نلقي الضوء علي السؤال الملح الذي يشغلنا، وهو كيف تتوفر الحماية القانونية للنساء فى ظل غياب مواد قانونية تجرم العنف الأسرى مثله مثل أى جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات وما هي آليات التدخل من الجهات الرسمية لحمايتهن من العنف الأسرى.

ونشير إلي أن الأسماء الموجودة في هذا الكتيب ليست هي الأسماء الحقيقية للنساء، حيث اخترنا أسماء أخري حفاظًا علي سرية المعلومات.

1 – سماح

ولدت سماح في أسرة متوسطة الحال، وترتيبها الخامسة بعد أربع بنات.

كان والدها يأمل أن يكون المولود هذه المرة ولدًا، إلا أن قدوم سماح جعله يهجر أسرته، وهدد زوجته بأن يتزوج بأخرى لكى تلد له الولد وفعلاً نفذ تهديده. صبت أم سماح كل إحباطها وتوترها على سماح التى لا حول لها ولا قوة، ولم ترتكب ذنبًا، فقط لكونها بنتا جاءت فى وقت خطأ حسب تقدير أبوها وأمها.

نشأت سماح في ظل هذه الظروف الصعبة تهان من جميع من حولها، وتحمل مسئولية زواج أبيها من امرأة أخري. ولأنها تريد الخلاص من هذه الحياة قبلت بأول من طرق بابها للزواج. معتقدة أنها ستنجو من العنف وإساءة المعاملة، إلا أنها مع الأسف انتقلت من سيء إلى أسوأ.

كان زوج سماح رجلاً متزوجًا وله أولاد ورغم أنه وعد باستئجار بيت لها – وقد فعل ذلك في البداية إلا أنه عاد بعد شهور قليلة وطلب منها الانتقال إلى بيته الأول لوقوعه في ضائقة مالية وعدم تمكنه من فتح بيتين.

في بيت الزوجة الأولى عملت سماح خادمة لضرتها وأولادها الخمسة، ولم تكن رغم ذلك تتلقى سوى أبشع الشتائم وأسوأ معاملة. ولم يشفع لسماح حملها بل ازدادت النار توهجا في صدر ضرتها التي كانت تسبها يوميًا بأفظع الشتائم ولم تكتفى بذلك إلا أنها وبمساعدة ابنها البكر أمسكوا بها وقيدوها وأشبعوها ضربًا ولم يتوقف الضرب حتى أصبحت سماح غير قادرة علي الحركة.

جاء الابن بالإسعاف خوفًا من وقوعه فى المسائلة وادعت ضرتها ان سماح كانت خارج البيت وجاءتهم وهى على تلك الحالة، وفي المستشفي أسقطت سماح جنينها وخضعت لعلاج جسدى مكثف إلا أن حالتها النفسية لم تستقر نتيجة الضغوط التي عانت منها، وفقدانها لجنينها، وعدم مبالاة زوجها بما حدث بل بقيامه هو أيضًا بتوبيخا وضربها لخروجها من البيت دون أذنه. واستمر الحال على هذا المنوال.. تعامل سماح معاملة الخادمة في بيت ضرته، وتتعرض يوميًا للضرب من زوجها تارة، ومن ابن زوجها أو أمه تارة أخرى.

قررت سماح الطلاق من زوجها، وجاءت تطلب المساعدة القانونية علي الرغم توجد من أنها لا تعرف عندما يتم تطليقها أين تعيش وهى بلا بيت، بلا عمل ولا توجد إمكانية لعودة إلى بيت أبيها وبالرغم من ذلك قررت الطلاق لتتخلص من كل هذا العذاب.

وعندما رفعت قضية الطلاق للضرر لأنها تهان وتضرب يوميًا من زوجها ومن ابن زوجها وضرتها قيل لها لابد من أن تحررى لهم محاضر في قسم الشرطة لتثبتي واقعة الضرب والضرر التي تتعرضي له بشكل مستمر وتقرير طبي يثبت حدوث إجهاض للحمل نتيجة الضرب.

جاءت إلينا بما يثبت دخولها المستشفى وسقوط جنينها ولكن لم تستطيع أن تثبت أن هذا السقوط وكدمات الضرب المتفرقة فى جميع جسدها هو نتيجة لتعرضها للضرب المبرح من أبن زوجها، وبالرغم من ذلك جاءت على نفسها

وعادت إلى بيت الزوجية لكي تثبت واقعة ضربها كما قيل لها بمحضر رسمي في قسم الشرطة. ولكن وبرغم كل ماعانته سماح من تعب نفسى شديد لرجوعها إلى بيت ضرتها إلا أنها وافقت حتى تستطيع إثبات ضربها وتحصل على الطلاق، وعندما استطاعت تحرير محضر الضرب من زوجها كانت هناك ألف شهادة من الجيران ومن أولاد ضرتها أنها تفعل ذلك من أجل الغيرة وأنه بلاغ كاذب وعندما استطعنا إثبات ضربها من زوجها المتكرر وخصوصًا لأنه قد اعتاد ضربها بشكل شبه يومي، وحررت له عدة محاضر بالضرب ومرفقًا بها تقارير الطب الشرعى الذي كان يأتي دائمًا أقل من واحد وعشرين يومًاإلا أننا استطعنا أن نرفع لها قضية طلاق للضرر.

وبعد سنتين عاشتهم سماح فى ساحات المحاكم جاء حكم القاضي برفض الدعوى وذلك لأن ليس هناك ضرر واقع عليها حيث أن واقعة الضرب لا تبرر الطلاق لأن بين أمثالها يضربون مثلها فهي غير متعلمة ومن طبقة اجتماعية فقيرة ووالدتها وأخوتها وأصدقائها جميعا يضربون اذا أن ثقافة مجتمعها لا تدين الضرب ولا تعتبره سببًا لهدم الأسرة!

اليوم سماح ترقد في أحد المستشفيات للعلاج النفسى تبكى باستمرار تهذي باسم جنينها الذي فقدته وحياتها التي تتمنى أن تنتهى لعدم وجود أمل في حياة بلا عنف.

ماذا فعل لها القانون؟ وماذا فعل لها الأهل؟ وماذا فعل معها المجتمع؟ وماذا هي فاعلة تجاه كل هذه العقبات؟ أية حماية قانونية حمت سماح من هذا العنف؟

منى

دخلت (منى) المركز في ساعة مبكرة من صباح يوم عملي.. شاهدت امرأة نحيلة مرهقة تبدو في الأربعينات من عمرها.. جلست أمامي متوترة لا تعرف من أين تبدأ شكواها.. فهي كثيرة ومتداخلة وبدأت الحديث بأنها تريد الطلاق من زوجها لأنها لم تعد قادرة على الحياة معه، أو حتى رؤيته. سألتها هل لديك أطفال ردت على بمرارة شديدة نعم ثلاث أطفال الكبيرة عندها 10 سنوات، والثاني 9 والصغرى 7 سنوات، ولكن لم أعد احتمال ما يفعله بي، أمضيت معه سنوات عمري، بدأ حياته الزوجية بكلام الحب والحنان ثم وبعد وقت قصير من زواجنا وقبل أن ألد ابنتي الأولى وأنا حامل تغير وأصبح رجل آخر غير الذي أعرفه لا يجد وسيلة للاقناع والمناقشة سوى يده وكل ما يطوله من جسمي.

سألتها: متجوزة من أد أيه يا منى؟ ردت على وقالت: بقالي 11 سنة كنت ساعتها عندي 16 سنة، سكت لحظة لصدمتي.. أن هذه المرأة التي تبدو من الوهلة الأولى أنها في أواخر الأربعينات عمرها 27 سنة! كيف محي الزمن ملامح وجهها، وكيف وصلت إلى هذه التعاسة وهى ما تزال فى عمر الزهور؟ ماذا أقول لها لكي أخفف عنها آلامها قبل أن أبدأ معها دورى كمحامية تتكلم فى إجراءات الدعوى القضائية وكيفية إثباتها لكي تحصل على حريتها.

هل تريدين الطلاق لأنه يضربك يا منى؟.. ردت على بعد صمت قليل وقالت ياريت هو بس اللي بيضربني.. أنا عايشة مع أسرته في بيت واحد، وأخيه يتعاطى المخدرات وأحيانًا كثيرة يتحرش بي وأنا لا أستطيع أن أبوح بذلك لأحد حتى زوجي. وإذا هددته بأنني سوف أفضح أمره يضربني بحجة تأديبي لأنني قد تطاولت عليه وشتمته ولا يرى زوجى فى ذلك مشكله فهو ضعيف الشخصية تجاه أسرته، وكلام أمه له ومحاولة اقناعه في كل مرة بأن أنا لساني طويل ويستفزه.. ثم يأتي حمايا من عمله ليطلب منى إعداد الغذاء أو كوب شاى فإذا تأخرت عن الطلب لعمل أكل لطفلى يكون الرد منه سريعًا بسبى وشتمى بأقذر الألفاظ.. ومرات كثيرة ضربي بالقلم أو بالبنية على وجهی ماذا أفعل؟.. تحملت كثيرًا فكل من يأتى غاضبًا من عمله يصب غضبه على جسدي.. فالأب يتحكم والأخ يتحرش بي جنسيًا.. والزوج يضرب فأين المفر؟ تعبت لم أعد أحتمل هذه الحياة.. ماذا أفعل وأين أذهب أنا وأطفالى وأنا بلا عمل وبلا شقة تأويني.. حتى الطلاق لا أستطيع أن أحصل عليه لأننى لا أملك نقودًا أدفعها للمحامي؟

قلت لها: لتقلقي سيقوم المركز برفع دعوى التطليق. ولكن ما نفكر فيه الآن هو أين ستعيشين أنت وأطفالك؟ وكيف تصرفين عليهم وخصوصا أن الأب يعمل مكانيكى فى إحدى ورش السيارات فسوف تجد صعوبة فى تحديد دخله اليومى وإلى أن نحصل على حكم النفقة والطلاق كيف تعيشين وأين؟.. أسئلة كثيرة تدور دائمًا في عقلى قبل أن أطرح كلمة الطلاق كحل فأنا لست محامية تريد أن تحصل على حكم لصالحها ولكن أريد قبل الحصول على الحكم أن أوجد لتلك المرأة حياة آمنة التي. وأن لا تتعرض لما هو أشد منه وعندما تكلمت معها فيما يدور داخلى من تساؤلات ردت على وبلا تردد (عاوزة أطلق وأمشى أنا وعيالى أنشله نموت من الجوع محنا كده كده ميتين) أد إيه الكلمات قاسية وخصوصًا عندما تكوني أنتى كمحامية تعرفين جيدًا ماذا سيحدث فى ساحات المحاكم وكم عدد السنوات التى سوف تمر بهذه المرأة التي لا حول لها ولا قوة أمام قانون يطالبها بعبء إثبات الضرر ثم يعطى السلطة التقديرية للقاضي تقدير مدى الضرر الواقع على هذه المرأة وهل هو من الأمور التي يبيح معها الحياة بين أمثالها أم لا؟ وبالطبع فنحن أمام إشكالية الإثبات ثم أشكالية تقدير القاضى لجسامة الضرر بين أمثالها ثم يحكم أو لا يحكم بالطلاق وإذا حكم أين شقة الزوجية التي سوف تقيم فيها وكيف ننفذ حكم النفقة سريعًا لكي تستطيع مواصلة الحياة ؟

فقلت: لماذا لا أقصر المدة ونبدأ بدعوى الخلع، وخصوصًا أنها ليس لها مؤخر صداق ولا هي عايزة نفقة لنفسها، ولكن عندما قلت لها هل دفع لكى مهرا قالت نعم دفع لي ألف جنيهًا فقلت لها وأنا متردده فعليك فقط برده لأن هذا ما يجيزه قانون الخلع. فصرخت وكنت أشعر بها وبصرختها ولكن لا أملك سوى أن أقول لها كل الحقائق والإجراءات القانونية حتى تكون على استعداد نفسى لتقبل صعابها وحتى يكون اختيارها على أساس قدرتها المعيشية هى وأطفالها، لأنها هي وحدها التي ستحتمل نتائج اختيارها.

ويبقى السؤال الذي دائمًا أطرحه على نفسي وعلى من يعمل معى في هذا الحقل من يحمى تلك السيدة ومن سينفق عليها إلى أن تجد عملاً تعيش منه وأين تقيم؟ وهي لا تستطيع الرجوع إلى بيت أبها لسبها وتهديدها منه أنها إذا طلقت لم تلقى مكان يأويها هي وأطفالها إلا الشارع ماذا تفعل تلك المرأة فى غياب ضمانات قانونية تحميها من هذا العنف النفسي والجسدى والمادي الذي لا توجد مادة تجرمه في قانون الأحوال الشخصية، أو قانون العقوبات كجريمة منفصلة بذاتها مثل أى جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات بل والأشد من ذلك أن المادة (60) من قانون العقوبات تبيح الضرب لو كان من أجل التأديب طبقًا لأحكام الشريعة الإسلامية ؟!

رباب

اغتصاب أم إكراه ؟؟ قالتها بخجل وواصلت الحديث: أشعر أنه يعاملني كأى فتاة شارع.. أنا لم أتكلم عن ضربه وتوبيخه لى أمام الناس بل سأحكى ما يؤلمني أكثر من ذلك بكثير.. العلاقة الخاصة التي يمكن أن تربط أي زوجين، والتي من المفترض أن تكون خاصة لا يجب أن أتكلم فيها مع أحد ولكنني لا أستطيع أن أحتمل ما يفعله بي.

فهو يغتصبني في كل مرة ويهين أنوثتى وكرامتى ويذبحنى عندما يطلب منى أمام أولادي أن أسبقه إلى الغرفة لرغبة فى نفسه. ويطلبها بشيء من الدناءة، فلا مانع أن يكون ضاربني قبلها أو شاتمني متعللاً بأن سلوكي خطأ في تربية العيال، أو لأنني امرأة زنانة وكثيرة الكلام والطلبات.. أو أنني غبية لا أعرف كيف أعامل زوجي (شوفي صاحبتك نظيفة إزاى في نفسها) مش جاموسة زيك.. ثم ما يلبث بعد هذا الكلام مباشرة أن يدعونى لأسبقه إلى غرفة النوم لعلكي تثبتى أنك امرأة كباقى الستات.. بل أنه يمضى إلى أكثر من ذلك ليقول لي: وإذا لم تلبى رغبتي فلن يكون لك مصروف. وإذا تجرأت يومًا لأقول أنني مرهقة، فإن نصيبي من الضرب والشتائم لا حدود له، إلى أن يتدخل الجيران ويخلصونني من بين يديه.. ثم إذا عرفت أمي أو أبى سبب ضربي، أو طردي من البيت. وإهانتي الدائمة أمام أطفالي فيكون الرد بأنني أنا المخطأة وهذا حقه الشرعي.. كيف تمنعينه عنه.. ده أنتي كده بتغضبي ربنا وكيف أساسًا تتجرأى وتتكلمي في هذا الموضوع.

تصمت دقائق وتعود لتقول: أليس هذا أشد حالات القهر النفسي الذي يمكن أن تتعرض له أية امرأة؟ أنني أشعر بجرح كبير فى نفسى لا يمكن أن تمحوه الأيامأشعر أنني أعيش واقع أليم أن تركته فلا مكان أذهب إليه وما مصير أطفالى هل يحق لى حضانتهم وبعد سن الحضانة كيف أعيش من غيرهم وخصوصا أنه سوف ينتقم منى بعدم رؤيتهم.

وهنا نجد أنفسنا أمام العديد من الصعوبات والعراقيل القانونية. نطرحها لنجد معًا كيفية إيجاد صيغ قانونية تعترف بهذا العنف على أنه عنف نفسى وجنسي يرتقى إلى مرتبة الجريمة مثل أى جريمة ينص عليها القانون؟

كيف نثبت هنا العنف المرتكب فى حق الزوجة؟ وكيف نضمن لها حضانة أطفالها وخصوصًا أن اثنين منهم تعدوا سن الحضانة.

وإذا أخذتهم كيف تصرف عليهم وهى راتبها لا يتعدى 400 جنيهًا بالرغم من أنها تحمل شهادة جامعية.. ومع كل هذه الصعوبات لجأنا إلى الطلاق (بالخلع) نظرًا لعدم رؤية القاضي والقانون على أن ما تشتكى منه المدعية ويؤلمها هو سبب كافي للطلاق للضرر حيث أن القانون لا يجرم هذا السلوك على أنه عنف نفسي، أو جنسي يتطلب معه الطلاق بل الأشد من ذلك هو أنه لا يوجد فى مادة من قانون العقوبات تشير بأي شكل من الأشكال إلى لفظ (الاغتصاب الزوجي بل تعتبره لفظ غربى وثقافة غربية قد تفسد مجتمعنا الشرقي الذي يتسم بالقيم الدينية بل الأشد أيضًا من ذلك أن قانون العقوبات ينص علي أنه من اغتصب امرأة غير زوجته فيعاقب بـ…”…

ولذلك لجأنا للخلع، وتم فعلاً تطليقها ولكن حرمت من جميع حقوقها المادية من نفقة ومؤخر صداق كما أنها بعد سنة سوف يتم طردها من منزل الزوجية بانتهاء حضانتها لآخر أطفالها وحرمانها فورًا من حضانتها للطفلين الآخرين اللذان قد تجاوزا بالفعل سن الحضانة وتراهم بصعوبة بالغة.. ساعتان في الأسبوع في أحد مراكز الشباب.. ومنعهما عن الاتصال بها تليفونيًا.. ومعاقبتهما إذا تم ذلك وعرفه الأب.

أية حماية قانونية توفرت لتلك الأم وأى قانون اعترف بأن هناك عنفًا وقع على تلك المرأة يستوجب معه تعويضها بحياة هادئة بين أطفالها وأى قانون يجرم هذا العنف؟ أو أي ثقافة، وعادات وتقاليد ترفض أن تجرمه أو تعترف بأنه نوع من أنواع العنف الذي يقع على المرأة ولا تستطيع فى أغلب الأحيان الإفصاح عنه لأنها هي ذاتها جزء من هذا المجتمع الذي يعتبره حق للزوج على زوجته بل والقانون أيضًا يقننه في مادة واضحة وصريحة فأى مرجعية لها تستند عليها تلك المرأة لكي تشعر أن هناك حق وهناك من يقف ورائها ولا يجرم ذلك الحق ؟؟

عبير

عبير ربة منزل تحكى قصتها بمرارة شديدة بعد أن سألتني من الذي يأخذ لي حقى من هذه الحياة ؟ من الذي يعيد لى كرامتي التي افتقدها من أول يوم في الحياة الزوجية؟ تعرضت للضرب مرات عديدة من زوجي وإهانات وشتيمة أمام أطفالي وأسرتي وأخوتي حتى فى الشارع أمام المارة عندما ننزل لشراء ملابس للعيال كان يسبني بأفظع الشتائم أمام البائعة عندما أتأخر فى الشراء ويتهمني دائمًا بالكسل وعدم الشعور بالمسئولية لأننى أنفق الفلوس بغباء ولا أشعر به وبتعبه للحصول على تلك الفلوس وكنت دائمًا أستحمل وأقول عشان العيال وأنا كمان كنت بحبه ويقول يمكن يكون زهقان عشان قلة الفلوس وساعات كثيرة كنت أسامحه حتى عندما يضربني أمام أخوتي أو يشتمني ويرجع يصالحني وفشلت كل محاولاتي معه أنا وأسرتي وأصدقائنا لمنعه من ضربي وإهانتي فأقل خطأ تكون نتيجته الضرب والتوبيخ دون مراعاة لمشاعري، وقد طلبت الطلاق منه كثيرًا حتى أهدده فيبعد عن ضربي وإهانتي وفي كل مرة يقسم لى أمام أهلي بأنه لن يكرر ضربي وأنا لا أصدقه، ولكن أضطر للرجوع إليه بعد محاولات تدخل أهلي وإقناعي بأنني يجب أن أتحمل من أجل أطفالي ويمكن يتغير، واستمرت الحياة بهذا الشكل لمدة عشر سنوات وأنا أتحمل منه كل أنواع العذاب وقلة المصاريف حتى أنني كنت أعمل وأصرف أنا على البيت كل راتبي لعله يتركني في حالي أربى أطفالي، وبعدا كل ذلك الصبر اكتشفت ذات يوم بأنه يخونني مع امرأة أخرى وعلى علاقة بها منذ فترة.. وكانت هذه هي بداية النهاية بالنسبة لي.. لقد تحملت كثيرًا منه ولكن لم يصل الأمر إلى أن يخونني وأسكت. فقلت له وواجهته.. في البداية أنكر ثم بعد ذلك قال لى أيوة أنا بخونك وأنا الآن سوف أتصل بها لكي تسمع صوتك وأنا بضربك وتصدق أنك لا تمثلي شيئًا بالنسبة لي، وروحي ارفعي قضية طلاق وأنا أطلقك. صممت في هذا اليوم أن أطلق نفسي منه فلم يعد بداخلي شيئًا سوى شعوري الفظيع بالكراهية له ولتلك الحياة المريرة كل ما يهمني هو وجود أطفالي معي لأنه لا يستطيع أن يتحمل مسئولية تربيتهم ولا يعرف عنهم شيئًا.

قالت لي هذه الكلمات بعد معاناة شديدة فى الكلام وتردد كبير فيما وصلت إليه من قرار وفى عينيها أسئلة كثيرة حاولت أن أجعلها تبوح بها حتى تهدأ وتستطيع أخذ القرار المناسب.

وسألت: هل قراري بالطلاق صح ؟ هل يمكن أن أحصل على الطلاق وأعيش مع أطفالي حياة آمنة؟ هل لا ألام من الأهل والأصدقاء والجيران؟ هل عندما أطلق سوف يحترمني من حولي.. أم أنهم سوف ينظرون لى نظرة أخرى، وأتحول إلى حالة اجتماعية يرفضها المجتمع أو يضعني تحت الأنظار.

فالمجتمع ينظر للمرأة المطلقة على أنها فيها حاجة غلط وكل صغير وكبير في أسرتي من حقه أن يتحكم في وفى حياتي بالرغم من أنني أعمل وأصرف على أطفالي وبيتي.

أسئلة كثيرة تدور بداخلها ولكن إصرار شديد أيضًا على الطلاق مهما كانت النتائج التي ستتعرض لها.. وقالت: كفى ظلمًا وإهانة لم أعد أحتمل هذه الحياة.

قد تم فعلاً اتخاذ التدخل النفسي أولاً لدعم عبير نفسيًا لما كانت عليه حالتها من تعب واكتئاب شديد حتى استقرت حالتها إلي حد ما ثم بدأ التدخل القانوني.. أولاً برفع دعوى خلع من زوجها وهى التي اختارت هذا النوع من الطلاق نظرًا لما علمته من أن دعوى التطليق للضرر سوف تتطلب منها بعض الأفعال التي لا تستطيع أن تفعلها وهى إثبات وقوع الضرر عليها من خلال محاضر رسمية في قسم الشرطة والذي سوف يعرضها لمزيد من الإهانات أمام الجيران لجعلهم شهودًا على واقعة الضرب بالإضافة لما سوف تتعرض له من بهدله داخل قسم الشرطة وهو ما قالته بأنها لا تستطيع تحمله أما أنا فقد وافقتها على هذه الدعوى لأنني أعلم تمامًا من ناحية أخرى أن دعوى التطليق للضرر سوف تأخذ وقتًا طويلاً فى ساحات المحاكم قد يصل إلى 3 أو 4 سنوات وبعدها أما أن يقتنع القاضي بمقدار الضرر الذي تعرضت له عبير فيحكم لها بالطلاق أو لا يقتنع لأن بين أمثالها يتعرضون للضرب وهذا لا يبرر الطلاق لها أما الخيانة الزوجية فعليها أن تثبتها بدلائل رسمية وإلا لا يعتد بها حتى على أنها ضرر نفسي يستوجب معه التطليق وذلك لما خوله قانون الأحوال الشخصية في مواده أن للقاضي السلطة التقديرية فى تقدير مدى مقدار الضرر وأهميته الذي يستوجب معه الطلاق بين أمثالها.

وتم تطليق عبير بجلسة رقم (178) لسنة 2004 عبر دعوى الخلع وردت له مهرها الذي أخذته وتنازلت عن نفقة عدتها، ونفقة المتعة، ومؤخر الصداق ولكن بدأت في رحلة جديدة من العذاب هو رفع دعوى نفقة لأولادها وأثبات حقها في منقولات منزل الزوجية وخصوصًا لأنها لم يكن معها مستندات تفيد بأنها هي التي اشترت هذه المنقولات وبالتالي عدم أحقيتها فى الاحتفاظ بها كما ورد بقانون الخلع.

ومازالت عبير تتردد على المركز للعلاج النفسي من ناحية، ومن ناحية أخرى استمرار الدعم القانوني لها لما تجده من صعوبة كل شهر لتنفيذ حكم النفقة وتهرب الزوج ومراوغته لها. مع إهانتها وسيما بأفظع الشتائم كل أسبوع يرى فيه أطفاله أمام الناس في إحدى مراكز الشباب كما حكمت له المحكمة، حتى اضطر بنا الأمر أن يذهب معها شخص من المركز أثناء الرؤية ليحد من تعرضها كل أسبوع إلى المزيد من الضغط النفسي الذي يمارسه عليها.

وقد قابلنا زوجها عدة مرات للتفاهم معه قبل الطلاق أود أن أذكر رأيه في مسألة ضربه لزوجته حيث برر موقفه بقوله : “أن هناك نوع من السيدات لا يأتي إلا بالضرب والإهانة. يتلذذن بإهانتهن وضربهن، وإن لم أفعل ذلك معها ستكون النتيجة أن أدفع الثمن غاليًا، إما بوجع دماغي بطلب مصاريف للبيت أو بشراء بعض الحاجات التافه للعيال أو مشاكل عائلتها وسوف أصبح بلا كيان أمامها وتتدخل في كل شي في حياتي.. فإذا فقد الرجل رجولته أمام زوجته فلا يتعجب من إهانته أو ضربه إذا كانت أقوى منه

مروة وياسمين

عندما يعتدي الأب على بنته والأخ على أخته من سيحمين ؟؟

أختان الكبيرة عمرها 15 سنة، والثانية عمرها 13 سنة، تعرضتا لاعتداء الأب، وسلسة متتالية من العذاب والضياع. فهل تستطيعا أن تنجوا يومًا ما؟ ومن ينقذهما ويمد لهما يد العون بعد ما وجدتا الغدر من أقرب المقربين لهما؟

بدأت أحداث هذه القصة الأليمة عندما دخلت علينا ذات يوم أم وبنتاها. طفلتان في عمر الزهور ولكن افتقدتا أي شعور بالطفولة أو الأمان صامتتان يرسم الحزن خطوطه علي وجهيهما والحيرة تبدو في العيون الزائغة الخجلة. وبدأت الأم تتحدث عن سبب مجيئهن إلينا.. فهي لم تلجأ إلينا إلا بعد أن ضاقت بها الدنيا.

تفاصيل مفزعة وأحداث كنت أظنها قبل عملي كمحامية أنها أقرب إلى الخيال ترويها لى الطفلتان بألم شديد وفى نفس الوقت بكلام طفولي فهما مازالتا أطفالاً.. ولكن ما تعرضتا له قد جعلهما يشعران أنهما أكبر من أمهما التي جاءت بهم إلى تلك الحياة.

الأم تعمل لكي تصرف على أطفالها. وتترك البنتان وأخيهم الذي لا يتعدى عمره السبع سنوات داخل المنزل مع والدهم الذى لم ولن يكون هناك أحدًا أكثر خوفًا عليهم أكثر منه كما تقول الأم.. وهنا توقفت الأم عن الكلام وقالت لابنتها الكبرى أحكي يا مروة بابا عمل فيكي أيه..

قالت مروة بصوت هادى أقرب إلى السكوت أنا مش عاوزة حاجة غير أنه يبعد عنى وعن أختيكان في الأول بيجى ينام معايا فى السرير عندما تكون أمي في الشغل. وأنا نائمة ويحاول رفع ملابسي ويحسس عليا في أماكن حساسة بجسدي وكنت فاكره أن ده مجرد هزار من أب لبنته.. لكن الهزارده ابتدأ يتغير. في يوم بعد ما رجعت من المدرسة كانت أختي الصغيرة عند خالتي، هي وأخي وأعدت أكل مع بابا وبعدين دخلت عشان أنام في سريري بعد شويه لقيت بابا داخل عليا حجرتي كان وجهه أسود وعيناه غريبة.. افتكرت في الأول أنه بهزر معايا ولكن عندما غرز أظافره في جسدي وقطع ملابسي عرفت ساعتها أنه فى حاجه غلط بتحصل لكن ما كنتش عارفة هو عاوز أيه إلا بعد ما خلع ملابسي بالقوة وما قدرتش ساعتها الإفلات منه إلا بعد ما اغتصبني ومشى.. لفيت نفسي بالملاية.. كنت خايفة من شكل الدم.. وخفت أقول لماما. وبعدين لقيته بيعمل كده كل ما ماما تروح الشغل وكان بيخوفني أنى لو قلت لماما الى بيحصل ده حتموت عشان هي عندها القلب، وبعدين لقيت أختي في مرة تعبانه وبتعيط سألتها مالك قالت لي أن بابا عمل معاها زي ما عمل معايا. وبعدين كان بعد كده بيعمل ده معانا إحنا الاتنين في وقت واحد.

وبعد سنتين اكتشفت الأم عن طريق الصدفة ما يفعله زوجها مع بناته لم تمتلك نفسها وانهارت.. ولم يكن أمامها إلا الهروب من المنزل وذهبت الأم ببنتيها إلى الطبيب الذي صدمها بأن البنتين غير عذارى وأنهما يمارس معهما الجنس منذ وقت طويل وكتب تقرير طبي بذلك.

ولأول مرة تأتى لنا مثل هذه الحالة من حالات زنا المحارم وتطلب الدعم القانوني إلى جانب الدعم النفسي فالمعتاد عليه فى جرائم زنا المحارم بشكل خاص هو عدم الإفصاح به إلا عندما يسبب مشكلة نفسية للضحية ولكن هذه المرة جاءت إلينا الأم تطلب المساعدة القانونية قبل النفسية وأنها عملت تقرير طبي بذلك وتريد أن تسجن أبوهم على ما فعله ببناته جزاء لفضيحته لهما وتم فعلاً رفع دعوى زنا محارم على الأب وتحولت القضية للنيابة التي قامت باستجواب البنتين، والأم كشاهدة حتى أخوهم الصغير تم استجوابه، وتم عرضهم مرة أخرى على الطب الشرعي الذي جاء في تقريره بعدم عذرية البنتان ولكن لم يستطيعوا معرفة الجاني لمرور وقت طويل على الجريمة. وتم استدعاء الأب ولكن لم يحضر لهروبه من البلد إلى مكان غير معلوم.

ومنذ هذه اللحظة تحولت حياة الأسرة جميعها إلى جحيم ولم تستطيع الأم أن تظل مقيمة فى نفس المكان لفضيحتهم على حد قولها.

وحفظت القضية لعدم الحصول على الأب بالإضافة إلى عدم الاستطاعة إثبات جريمة الزنا على الأب لمرور وقت طويل على الواقعة بالرغم من أن قانون العقوبات قد شدد عقوبة زنا المحارم إلا أن إثبات هذا النوع من الزنا فيه صعوبة شديدة من جانب الأهل الأسباب اجتماعية بالدرجة الأولى.

وهى الفضيحة للأهل والبنات الآتي لا تستطعن بعد ذلك أن تعشن حياة طبيعية.

هبة

هبهامرأة شابة تبلغ من العمر 28 عامًا، تعمل كوافير. لديها بنت عمرها خمس سنوات.. كانت متزوجة لمدة 8 سنوات ثم طلقت طلقة بائنة من زوجها الذي يعمل جرسونا في إحدى المطاعم.

هذا كل ما أباحت به هبة عندما جلست معي في أول الأمر ثم وبعد أن اطمأنت تدريجيًا بدأت تحكى لي عن بعض مشاكلها بدأت الحديث بأنها مطلقة منذ سنة ونصف ومتزوجة الآن من ابن عمها بعد طلاقها بسنةوتريد رفع دعوى رؤية لبنتها الوحيدة التي حرمت من رؤيتها منذ طلاقها وتكاد تجن على رؤيتها ولكن طليقها ووالده مصريين على حرمانها من رؤية طفلتها.

وبالرغم من أنهم يسكنون فى شارع واحد، إلا أنها لا تستطيع حتى أن تكلمها في الشارع، وعندما تبادر بأي محاولة لرؤيتها فى الشارع يتعرض لها الأب والجد بالضرب والفضيحة والتهديد.

رفضت هبة أن تنجب طفلاً من زواجها الثاني حتى تستطيع أن تأخذ ابنتها وتطمئن عليها وتربيها في أحضانها وهى لا تريد سوى ممارسة حقها كأم..

في أول الأمر قلت لها هذا شيئ بسيط نحن نرفع دعوى ضم لجدتها من الأم كما ينص القانون. فعندما تتزوج الأم بآخر حتى ولو كان الأب متزوجًا بأخرى، فلا يحق للأم أن تأخذ حضانة أطفالها.. طالما تزوجت وأتت بأجنبي في البيت وفعلاً كان الأب قد تزوج ورزقه الله بطفلة من زوجته الثانية.

تم رفع دعوى رؤية للأم حتى تستطيع أن ترى طفلتها. بالإضافة إلى رفع دعوى ضم الطفلة لجدتها من الأم وقد حصلت هبة على حكم الرؤية ولكن دعوى الضم مازالت أمام المحكمة وذلك لأتهام الزوج زوجته بجريمة زنا أثناء زواجه منها ثم تنازله عنها بعد ذلك ولكن مقابل الاحتفاظ بطفلته وعدم رؤية أمها لها وتنازل الأم عن جميع مستحقاتها المادية فى حالة الطلاق وجميع محاضر الضرب التي حررتها الزوجة لزوجها أثناء الزواج وفعلاً لخوف هبة من الفضيحة قررت التنازل عن كل شيء.

ملحوظة: هذه ظاهرة شائعة بين الأزواج فى معظم الأماكن الشعبية باتهام الزوج لزوجته بالزنا وتحرير محضر لها بذلك، وذلك لإجبار الزوجة بالتنازل عن جميع مستحقاتها المادية خوفًا من الفضيحة، وهذا ما حدث مع هبة وبالرغم من أن القانون حتى لم يعط الحق للأم أن تتنازل عن رؤية طفلتها حتى ولو قالت هذا يعد باطلاًإلا إن هبة حرمت من رؤية طفلتها سنة ونصف وهى الآن عندما ترى طفلتها تتعرض لأبشع أنواع الأذى النفسي. بالسب والقذف وبالتهديد في سمعتها أمام الجيران، وأمام طفلتها. أما دعوى الضم فهي مازالت منظورة أمام المحكمة..

ماجدة

ماجدةسيدة في الثلاثين من عمرها جميلة وأنيقة.. لكنها ليست كغيرها من النساء فهي بائسة ومحطمة، وتظهر على وجهها ملامح حزن شديد يملأ قلبها وعينيها. دموعها تنهمر والكآبة تظهر فى صوتها كل ذلك نتيجة قصة حب بطلها زوجها ومشاهدها تتضمن كل أنواع العنف المتعارف عليه.

تعرفت ماجدة على زوجها عندما كانت فى العشرين ووافقت على الزواج منه على الرغم من معارضة أهلها وقررت أن تتزوجه، لم تدم سعادة ماجدة أكثر من شهر بعد زواجها.. عندما فوجئت بزوجها ينهال عليها بالشتائم ويوبخها، وذلك لأن ابن عمها قد جاء لزيارتها لتهنئتها دون أن يكون موجودًا فغضب الزوج وكاد أن يحطم البيت على رأسها، ومن هنا بدأ مسلسل العنف فى حياتها الزوجية وبدأت تعانى أقسى أنواع العنف المعنوي كمرحلة أولى قبل الانتقال إلى العنف الجسدي، تنازلت ماجدة عن إحساسها وكيانها ومشاعرها، وسجنت داخل المنزل ظنا من زوجها أنها ستخونه إذا خطت خطوة واحدة خارج البيت. وبسبب خياله الواسع كان يضربها إذا فكرت حتى في الوقوف في البلكونة معتبرًا إنها تنظر على الجيران وسوف تخونه مع أحدهم، حاولت ماجدة أكثر من مرة أن تتحدث معه وتثبت له أنه الرجل الوحيد فى حياتها لكنه كان في كل مرة ينهال عليها بالضرب دون رحمه أو شفقة وتبين لها بعد ذلك بأنه يعانى من مرض نفسي بعد أن أكتشف أن إحدى قريباته تخون زوجها. حاولت ماجدة أن تقف بجانبه وتجعله يطمئن إليها وتقنعه بأنها تحبه ولم تنظر إلى رجل غيره في يوم من الأيام لكن كل محاولاتها باءت بالفشل.

نتج عن هذا الزواج ثلاثة أطفال عاشوا تلك الحياة بشكل يومي، حتى أن ترسخت في أذهانهم أن هذه هي الحياة وهذا ما يجب أن يكون من معاملة الزوج لزوجته، ومع استمرار هذه الإهانات والضرب والسب وتكسير كل ما تطاله يده فوق رأسها وتهديدها بالطرد من المنزل، وأحيانًا أخرى تهديدها بالقتل كانت ماجدة تترك البيت خوفًا من تنفيذ تهديده لها بالقتل وأحيانًا أخرى كان هو الذى يطردها فى منتصف الليل ويمنعها أخذ أطفالها معها.. ولكن لحبها لأولادها ولأمومتها كانت ترجع البيت معه بعد أن بعدها بعدم تكرار هذه الأفعال مرة أخرى، ولكن يمر يومين أو ثلاثة ويرجع إلى طبيعته من وعنفه من جديد.

فكرت ماجدة في الانتحار أكثر من مرة لكنها كانت تتراجع خوفًا على حياة أطفالها من بعدها وخوفًا من الله.

قررت ماجدة الطلاق من زوجها.. وجاءت إلى المركز تطلب المساعدة القانونية للقيام بدعوى طلاق، بعد أن أصبحت الحياة معه جحيم لها ولأطفالها، فكانت صدمتها الكبرى في معرفتها بإجراءات التطليق للضرر، وأنها لا تستطيع التطليق من زوجها طالما لم تحرر له محاضر بالاعتداء عليها ولا يوجد شهود على ضربها. وإيذاءها نفسيًا وجسديًا لأنها طوال الوقت تحاول أن تخبي ما يحدث لها خوفًا من الفضيحة، كما أنها لم تأتى بأى تقرير طبي يفيد ضربها، وقفت ماجدة عاجزة أمام هذه الإجراءات القانونية التي لم تكن تعلم عنها شيئًا وإن علمت لن تستطع أن تفعلها.. وكيف تفعلها وتهين نفسها مرتين مرة أمام أطفالها، ومرة أمام الجيران والأهل وكيف تعيش بعد ذلك. وأثناء تفكيرها في طريقة تحصل بها على الطلاق فوجئت بأن زوجها قد حصل علي حكمًا بالطاعة، فلم يكن أمام ماجدة سوي رفع دعوى خلع لها من زوجها.. وقد أخذت هذا القرار بالرغم من معرفتها بخسارتها المادية الناتجة عن هذا الاختيار لكنها رأت أن هذا أفضل من خسارة نفسها وأطفالها بالرغم من عدم معرفتها كيف تعيش بعد هذا الحكم وكيف تصرف على أطفالها وأين تقيم إلى أن يحكم لها ببيت الزوجية كحاضنة وخصوصًا أن أهلها رفضوا إقامتها معهم لرفضهم هذا الزواج وتزوجها دون موافقتهم عليه. فلتتحمل هي نتيجة قراراها.

رفعت دعوى خلع ودعوى نفقة وحررت محضر تبديد منقولات لأن زوجها قد باع جميع أثاث المنزل عندما تركته بعد طردها منه ببضعة أيام. وما تزال حتى كتابة هذه السطور قضاياها ينظر فيها أمام المحاكم.

هذه هي باختصار قصة ماجدة التي تعتبر نموذجًا عن معاناة بعض الزوجات اللواتي يتعرضن لعنف الزوج من جهة وجمود القانون وقصوره من جهة أخرى.

وما زالت غير قادرة على تنفيذ حكم النفقة لعدم الاستدلال عليه في مكان عمله. أو إقامته حيث أنه يعمل مندوب مبيعات متنقل ولم تستطيع الرجوع إلى بيتها خوفًا من اعتدائه عليها وعلى أطفالها بالضرب.. وهى الآن فى طريقها للحصول على الطلاق لكنها لا تعرف ماذا بعد حصولها على الطلاق ؟ كيف تنفق على أطفالها والزوج لا يعرف له مكان أقامه ؟ كيف تحصل على بيت تعيش فيه دون تهديد، كل هذا أضطرها أن تقيم بشكل مؤقت في بيت خالها الذي أعطى لها مهلة صغيرة للإقامة معه حتى تدبر أمرها. وقد نتساءل هنا ماذا تفعل ماجدة وأمثالها من الزوجات والأمهات للحصول على مكان آمن تعيش فيه هى وأطفالها ودخل مادي يضمن لها حياة بسيطة تستطيع أن تربى من خلالها أطفالها ماذا تفعل عندما يكون المجتمع والقانون في مواجهة تلك الزوجات بقوانينه الصارمة وإجراءاته المعقدة فلم يوجد نصًا قانونيًا واحدًا راعي هذه الظروف للزوجة وأطفالها ينص على أية إجراءات مؤقتة أو تعويضية أو بديلة تكفل الحماية اللازمة للزوجة أو للمطلقة والأبناء فى حالة طول مدة الإجراءات وتعقيدها وعبء إثبات الضرر الذى يقع علي عاتق الزوجة ويقف عائقًا أمام محاولة حصولها على حقها في الحياة كأي إنسان طبيعي له الحق فى الحياة الكريمة دون تهديد، دون تعذيب، دون إهانة.

سيدة

سيدة.. زوجة لديها أربعة أطفال متزوجة منذ 15 سنة، وعمرها الآن 35 سنة جاءت إلى المركز طالبة المساعدة القانونية لكي تحصل على نفقة لأطفالها تساعدها على مواصلة الحياة. تقول أن زوجها يعمل في إحدى ورش النجارة وهي لا تعمل منذ أن تزوجت وتفرغت للبيت وتربية أطفالها. وكان زوجها دائم الاعتداء عليها بالضرب مرة والسب بأفظع الألفاظ مرات، وليس لها وحدها بل لأطفالها أيضًا.. إذا تجرؤا وطلبوا منه نقودًا لشراء أى شىء يكون نصيبهم الضرب المبرح وأحيانًا ترك البيت لعدة أيام بدون أن نعرف مكانه ثم يرجع مرة أخرى إلى البيت دون أن نعرف أين كان. واستمرت الحياة بيننا على هذا الحال 15 سنة تحملت فيها كل أنواع العذاب، شتيمة وضرب وطرد من البيت وعدم إنفاق على البيت إلى أن اضطرت للعمل خادمة في المنازل حتى تستطيع أن تصرف على أطفالها، وخاصة أنهم جميعًا فى المدرسة ومحتاجين إلى مصاريف كثيرة، تقول سيدة: ” قلت استحمل وأعيش عشان أربى عيالي وخلاص، لكن مسبنيش في حالي كان كل يوم يرجع البيت يضربني بأى حاجة في أيده لحد ما مرة كسر لي أيدي لما مارضتش أديله فلوس عشان يشرب بيها مخدرات. رحت وعملت له محضر في القسم لكن لما رجعت البيت ضربني تانى وقالي أنه حيموت العيال واحد واحد لغيت ما أروح أتنازل عن المحضر وأضطريت أروح أتنازل عن المحضر لكن الآن هو بيسيب البيت أيام كثيرة من غير ما نعرف عنه شيء ولما يرجع يكون راجع عشان ياخد منى فلوس وإلا يضربني أنا والعيال وساعات يطردنى من البيت أيام كثيرة لحد ما أى حد من أهله يتدخل ويرجعني عشان العيال تقدر تروح مدارسهم، وكمان أهلي بيطردوني أنا وعيالي من البيت وبيقولوا ليا أرميله عياله وتعالى وأحنا نخليكي معانا.. لكن عياله هو يصرف عليهم. وساب البيت لمدة 6 شهور وبعدين فوجئت بأنه داخل عليا بواحدة ست بيقول أنها مراته وحتعيش معانا فى البيت، مش عارفة أعمل أية؟ أنا كل اللي عوزاه أنى أطلق منه ويسب البيت هو ومراته، مش عاوزه منه حاجة غير انه يبعد عنى وعن عيالي ويسبلي فلوس شغلي عشان أعرف أصرف على العيال. وبالرغم من كده طردني من البيت أنا والعيال. ورفض أنه يصرف علينا أو نرجع البيت وهددني بالقتل إذا رجعت البيت أو شاف وشي.

أنا خائفة أرجع البيت لكن مش عارفة أعيش فين.. أهلي مش عايزيني إلا لوحدى بدون عيالي.. وهو يهددني بالقتل لو شاف وشى.. أعمل إيه عاوزة بس غرفة تلمني أنا وعيالي عشان يقدروا يرحوا المدرسة، بقالهم شهر مش عارفة أوديهم المدرسة لبعد بيت أبي عن مكان مدرستهم.

ماذا أفعل وكيف أعيش من يضمن لي حقي فى الحياة إذا ما رجعت البيت أنا وأطفالي، أريد فقط الحماية من زوجي إذا ما رجعت البيت ولكن كيف؟

أريد مساعدتكم لى حتى أستطيع الرجوع إلى البيت أنا وأطفالي لا أريد سوى ذلك من الحياة هل هذا كثيرًا؟ هل ما أطلبه أمر مستحيل بعد حياة دامت 15 عامًا رأيت فيها كل أنواع العذاب فما زالت علامات الضرب والتعذيب آثارها على جسدي، أنا لا أريد من الحياة سوى أن أربى عيالي فى مكان آمن ؟ من يضمن لي ذلك؟ وماذا أفعل ؟ بالرغم من أن مواد قانون الأحوال الشخصية تجيز لهذه السيدة بالرجوع إلى بيت الزوجية حيث أنها مازالت حاضنه، وتجيز رفع دعوى نفقة لها ولأطفالها كما أنها تجيز طلاقها عن طريق دعوى الخلع، إلا أنها لا يهمها الطلاق في الوقت الحاضر فكل ما تفكر فيه هو مكان آمن لها ولأطفالها.

ولذلك تدخلت أولاً كمحامية برفع دعوى نفقة على الزوج للأطفال والزوجة ثم دعوى تمكين من شقة الزوجية كحاضنه وأما دعوى التطليق فتركناها مؤقتًا لحين استقرار حالة الزوجة نفسيًا وقدرتها على اتخاذ القرار المناسب، ولكن كالعادة يكون دائمًا التنفيذ أصعب من الحكم ذاته فبالرغم من حكم المحكمة بنفقة زوجية وتفقة أطفال إلا أننا لم نستطع تنفيذ الحكم حتى كتابة هذه السطور وذلك لتهرب الزوج بكل الطرق الممكنة من الدفع، بالإضافة إلى أن حكم تمكين الزوجة من شقة الزوجية جاء لصالحها كحاضنة إلا أنها خائفة أن تعود إلى البيت لتهديده لها بالقتل بالإضافة إلى أنه بيت عائلة أى أن عائلته يسكنون فى نفس البيت تحت شقتها مما يصعب معه رجوعها إلى البيت وخوفها على نفسها وعلى أطفالها.

صحيح أنه من الناحية القانونية استطاعت أن تحصل على حكم بتمكينها من بيت الزوجية كحاضنة إلا أنه يبقى السؤال هل هناك حماية لهذه السيدة حين ترجع بيتها؟ وكيف ترجع لبيت يهددها فيه رجل بالقتل ؟ أما الصعوبة الثانية هو كيفية تنفيذ حكم النفقة وهو دائم التهرب ولا يعمل فى مكان محدد نستطيع أن نلجأ له فيه؟

إن المشاكل التي تعانى منها المرأة فى هذا النوع من القضايا هي وضعيتها داخل بيت تطرد منه فى أى وقت وإذا رجعت تكون حياتها فى خطر فمن يحمى هذه السيدة هي وأطفالها من شراسة هذا الزوج في غياب مواد قانونية تجرم العنف الأسرى كجريمة مثل أى جريمة في قانون العقوبات يحاكم عليها من يرتكبها ؟

هدى

هدى سيدة متزوجة منذ 23 عامًا زوجها يعمل فى إحدى الشركات الكبرى ولديها بنتان تخطتا سن الحضانة. الكبرى يبلغ عمرها 19 سنة والصغرى 17 سنة. جاءت تبكى من غدر الزمن وغدر الزوج.. تقول:

ماذا أفعل بعد هذه العشرة الطويلة التي أخذت كل شبابي في تربية بناتي وتلبية طلبات زوجي حتى مرت السنوات وكبروا وأصبح زوجي مديرًا لشركة كبيرة، ولكنه ضاقت به حياته معي وتغيرت معاملته لي وأصبح يسبني بأفظع الشتائم على أتفه الأسباب ولم يكتفى بهذا بل مد يده على أكثر من مرة أمام بناتي مما جعلني أشعر بالإهانة أمامهم لأنهما أدركا أن أبيهما هو الذي يحكم ويتحكم في كل شيء، وبدأ يقلل مصاريفه على البيت وعلى البنات حتى امتنع تمامًا عن الصرف على البيت، وأخذت أحواله تتغير يومًا بعد يوم وأخذ يغادر البيت وقتًا طويلاً ثم بدأ في بيانه خارج البيت يوم واثنين دون أن أعرف عنه شيئًا وعندما يرجع يسبني ويضربني إذا تطاولت وسألته أين كنت هذه الأيام أو إذا طلبت منه مصروف البيت يتهمني بأنني امرأة زنزانة وطويلة اللسان، ويقول لي كبرتي وبان قبحك ومع ذلك استحملت حياتي لأنني لا أعرف أين أذهب إذا تركت البيت، فأنا لا أعمل منذ تزوجت بأى مهنة لأنني تفرغت لبيتي وتربية أولادي كما أنه هو الذي منعني من العمل من أول يوم زواج، والآن ليس لي أى مكان أستطيع أن أعيش فيه سوى بيتي الذي قضيت فيه كل عمري ولذلك استحملت الإهانة والضرب لعله يتركني في حالي وأعيش.. ولكن لم يكفه هذه الإهانات والمعاملة القاسية بل جاء يومًا وقال أنني طلقتك وتزوجت من امرأة أخرى وأنها سوف تأتي لتعيش في هذا المنزل وعليك أن تتركي المنزل وتذهبي لتدبري حالك بنفسك فأنا لم أعد أطيق الحياة معك وحياتك انتهت معي، ظننت في بداية الأمر أنه يمازحني وأن هذا الكلام ليس صحيحًا ولكنه كرر ما قال ثانية وقال متى تستطيعي أن تتركي البيت لكي تحضر زوجتي هنا صدقت أنه حقيقة وليس مجرد مزاح ولكنني لم أستوعب الكلمات من شدة قسوتها على وأخذت أسأل نفسي ماذا فعلت له حتى يفعل بي هذا؟ وماذا أفعل الآن وأنا ليس لدى أى مأوى ألجأ إليه أو دخل أصرف منه؟ كما أن حضانتي لأولادي قد انتهت وكيف أربيهم إذا أخذتهم ليعيشوا معي؟ وكيف أتركهم يعيشون بعيدًا عنى؟ إذا تركتهم لأبيهم؟. قلت له بعد ما دارت كل هذه الأسئلة في عقلي هل أنت تقول الحقيقة؟ هل تريدني فعلاً أن أترك البيت؟ هل تزوجت فعلاً على؟ وهل طلقتني غيابيًا دون أن أعلم؟ رد على وبكل قسوة ليقول لي نعم تزوجت عليك لأنكى أصبحتى كبيرة وقبيحة والحياة معك أصبحت مستحيلة.. قلت له أعمل ما تريد ولكن إذا تركت المنزل أين أذهب فأنا ليس لدى مكان أعيش فيه وأنت تعرف ذلك جيدًا.. قال لي هذه مشكلتك أنتي لك أن تدبري أمرك حتى نهاية الشهر أما بالنسبة للبنات فسوف أربيهم أنا وسوف يظلوا بالبيت لا علاقة لكي بيهم وإذا أردت أن تريهم فلكي المحكمة وسوف أنفذ ما تحكم به لكي.. لم أعرف ماذا أفعل وأنا أمامي أسبوع وأطرد من البيت وأترك بناتي؟

كيف أعيش وأنا بدون عمل وكيف أترك بناتي لأمرأة أخرى تكمل تربيتهم ؟

قام المركز برفع دعوى نفقة متعة ونفقة عدة وحكمت لها المحكمة بجلسة (134) لسنة 2005 بنفقة العدة 150 جنيهًا كما قضت بنفقة متعة 3000 جنيه أما بيت الزوجية فلا حق لها فيه لانتهاء سن حضانة أطفالها. وبذلك طردت هذه السيدة من منزل الزوجية مع عدم حصولها على منقولات بيت الزوجية لأن الزوج قد بدد المنقولات وأتى بغيرها للزوجة الجديدة، والزوجة لم تحتفظ بقائمة المنقولات أو بفواتير تثبت ملكيتها لهذه المنقولات وذلك لعدم تقديرها لغدر الزمن والزوج عليها ولم يكن لها مؤخر صداق سوى 25 قرشًا.

مها

مها متزوجة من 16 سنة وأنجبت 3 أطفال بأشتغل في البيت وخارج البيت.. مدرسة في مدرسة بها أطفالي. زوجي يعمل أيضًا مدرس ولكن دخله لا يكفى مصاريف البيت حتى لنصف الشهر ومع ذلك يتعاطى المخدرات وحتى أستطيع مواصلة المعيشة بالحدود البسيطة اضطريت أدى دروس خصوصية للأطفال بعد الرجوع من المدرسة. وبالرغم من عملي صباحًا ومساءًا إلا أنني لا أهمل بيتي يومًا، ولا أقصر في تربية أطفالي ولا واجبات زوجي. وتحملت هذه الحياة بكل صعابها حتى تسير الأمور ولكن زوجي لم يكتفي بذلك بل دائما يطلب منى إعطاءه أموالاً لأنه محتاج وإذا امتنعت عن إعطائه الفلوس يضربني بكل وحشية أمام أطفالي ويقول لي وما أهميتك إذن في البيت؟ وكنت أستحمل الإهانات لكي تمشى الحياة بأى شكل. حتى أمتنع تمامًا عن مصاريف البيت ولا يهتم حتى بابنه الذي يعاني من مرض السكر ويحتاج إلى مصاريف أدوية بشكل دوري حتى أنه في ذات يوم رجع إلى البيت متأخرًا كعادته وكان ابني يعاني من غيبوبة سكر فطلبت منه أن يذهب به إلى المستشفى فبدون كلام رأيته ينهال عليا بالضرب كأي شئ (لادم ولا روح) وأطريت أنا للذهاب به للمستشفى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل. ولكنه بعد الضرب والخنق والجر انتقل إلى أساليب أخرى فكان يرجع دائمًا بعد منتصف الليل ويوقظني من نومي لكي أعد له العشاء أو كوب شاي ويفرض على بالقوة أن أظل مستيقظة حتى ينام وأنا لدى عملي صباحًا.. أخيرًا أخذت قراري وهربت من البيت لأعيش مع زوجة أخي مؤقتًا حتى أعرف ماذا أفعل، طاردني وأهانني أمام أهلي وجيراني، حتى مقر عملي لم يتركه فذهب إلى هناك وضربني أمام زميلاتي. هذا هو حالي مع هذا الزوج الذي لا رحمة في قلبه حتى على أطفاله، هذا الزوج الذي لا يهمه رجوعي إلى البيت سوى لكي أصرف عليه وعلى ما يتعاطاه من خمور تعبت وأريد أن أتخلص من تلك الحياة المرة التي لا أرى فيها سوى العذاب والإهانة فهو لا يستطيع أن يكون أبًا ولا حتى أن يكون زوجًا.

أريد الخلاص من تلك الحياة حتى ولو تنازلت عن كل حقوقي المادية لديه فأنا لا أريد سوى الخلاص منه

فعلاً رفعت دعوى خلع لهذه الزوجة حسب ما أرادت لأنها تريد الخلاص منه بأي شكل من الأشكال ولأنها قالت كفاني إهانة وفضيحة أمام الجيران وكفى أطفالي تعرض للعذاب وهم يرون أمهم كل يوم تضرب وتهان وأبيهم مخمور لا يدرى ماذا يفعل ولذلك لا ألجا إلى دعوى التطليق للضرر لأنني لا أستطيع أن ألم الجيران على ليشاهدونني وأنا بأنضرب ويشهدون معي ولا أستطيع أن أذهب إلى قسم الشرطة وأنا دمى على جسدي لكي أعمل لزوجي محضرًا ليكون مستندًا في يدي على وقوع الضرر على وكيف أثبت الضرر النفسي الذي أتعرض له والذي أعتبره أشد عنفًا من الضرب فأنا إذا لم أطلق نفسي منه لا أعرف ماذا أفعل فإذا خيروني بين السجن وبينه فسأختار السجن لأنني في السجن لن يوقظني أحد من النوم لكي أعد له كوب شاي ولن يضربني أحداً كل يوم أمام أطفالي ولن أنام وأنا لا أعرف ماذا تخبئ لي الليلة القادمة.

ولكن وبعد أن حصلت هذه الزوجة على حكم التطليق من زوجها خلعًا فقد خسرت جميع حقوقها من (نفقة متعة / ونفقة عدة / ومؤخر صداق) بل ولمجازاته عن أعماله الطيبة معها.. قد حكمت المحكمة له بأحقيته فى استرداد ما دفعه لزوجته من مهر وكان قدره (10000) جنيهًا. كيف تدبر هذه الزوجة هذا المبلغ حتى وإن قسطته المحكمة لها من أين تأتى بمبلغ التقسيط كل شهر حتى تسدده. وفى نفس الوقت حكمت المحكمة بنفقة أطفال بـ (100) جنيهًا حسب مرتب الزوج بالإضافة إلى عدم قدرتها الرجوع إلى منزل الزوجية كحاضنة لأن الزوج يهددها بالقتل إذا رجعت وأقامت في البيت وهي لا تعرف أين تعيش لأن أبيها ووالدتها قد توفوا وليس لها سوى بيت أخيها المتزوج التي تقيم فيه بشكل مؤقت وبالرغم من عمل محضر للزوج عدم تعدى إلا أن هذه الزوجة لا تستطيع الرجوع بأطفالها خوفًا من تنفيذ تهديده وخصوصًا أنها قد تعرضت للضرب من أخو زوجها وأخته عندما ذهبت لكي تأخذ من شقتها بعض ملابس أطفالها وتعانى الآن هذه الزوجة من توتر عصبي شديد وحالة نفسية متردية بسبب الخوف الدائم والتهديد المستمر والعمل ليلاً ونهارًا لكي تستطيع الإنفاق على أطفالها ورد مبلغ المهر للزوج.

إن المشاكل التي تعانى منها المرأة فى هذا النوع من القضايا هي وضعها داخل بيت مهددة فيه بالقتل إذا رجعت ونفقة ضئيلة لا تكفى معيشة طفل واحد فقط وحتى هذا المبلغ تعانى شهريًا من الحصول عليه لأنه تحايل على الحكم بشراء أجهزة كهربائية بجميع مرتبه بالتقسيط تبع نقابته فلا يرى بنك ناصر مرتب أمامه لكي يقتطع منه مبلغ النفقة فأصبحت تعيش الزوجة بين تحرير المحاضر بأقسام الشرطة وساحات المحاكم لإثبات عدم الحصول على نفقة الأطفال فى نفس الوقت التي تعمل فيه ليلاً ونهارًا للحصول على مال تربى به أطفالها وتدفع به قسط المهر هل هذه حقًا هي الحماية التي يوفرها القانون للمرأة؟..

تندرج هذه الشهادات الواقعية التي تصرخ بها النساء وتعلن عن العنف الواقع عليهن بكل أشكاله ضمن آلاف الشهادات التي تتضمنها ملفات المحاكم ومراكز استقبال النساء ضحايا العنف ببلادنا وتبين أن هناك أشكال متنوعة ومتعددة تفرزها العلاقات الزوجية التي من المفترض أن تربطهم علاقات حميمة.

فعندما تتحدث النساء عن العنف الواقع عليهن وما يسببه لهن من آلام فإن شهادتهن تتميز بالموضوعية والصدق الذي يصعب على أى تعريف أكاديمي وصفه مهما كان شامل جامع.

ولكن يتبقى أنه من الممكن رصد بعض المؤشرات التي تقربنا من وصف العنف القانوني الموجهة للنساء سواء التمييز من خلال القانون أو الصمت التشريعي عن احتياج النساء إلي مواد قانونية تحمى المرأة بشكل حقيقي من العنف الأسرى الذي مازال محجوبًا عن قوانيننا حتى ولو بالتعريف بأن هناك ما يسمى (العنف الأسرى) الذي يعبر عن إدراك المفهوم واعتباره جريمة يعاقب عليها القانون.

تجارب عديدة ومتنوعة تكشف لنا أنواع العنف المختلفة لكل الفئات الاجتماعية بكل مستوياتها (غنية أو فقيرة متعلمة أو غير متعلمة) تتعدد بين السب والإهانة والتهديد وعادة ما يضاف إلي ذلك الضرب.. سواء باليد أو بآلة حادة. بل وأحيانًا باستعمال السلاح الأبيض أو الحرق ومن المؤسف أن نقابل هذه الأفعال داخل الأسرة على أنها شيء خاص.. وخصوصيته تمنع التدخل بين الرجل والمرأة حتى لا تفسد الحياة الزوجية.

ومن أبرز أشكال العنف التي تم رصدها من خلال عملنا مع الزوجات المعنفات اللواتي لجأن إلي مراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف هو استعمال الزوج للقانون الذي ينظم العلاقة الزوجية من أجل ممارسة العنف ضد الزوجة حيث كشفت تصريحات بعض النساء عن حجم المعاناة التى تسببها (مواد قانون العقوبات/ قانون الأحوال الشخصية / قانون الإجراءات) التي جاءت بمواد جامدة تميز بشكل واضح بين المرأة والرجل وتحمى فيها الرجل بشكل خاص وتحرم الزوجة من أى حماية قانونية مهما كان الزوج مهمل أو غائب أو رافض الإنفاق على أسرته وبالرغم من ذلك تعتبره القوانين المعيل للأسرة، وعليه حق التأديب لأفراد أسرته حسب طبيعة الخطأ كما يراه الزوج، وكما يراه القاضي إذا وصلت القضية إلى ساحات المحاكم – فللقاضي السلطة التقديرية فى تحديد مقدار العنف وأهميته تبعًا للحالة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وتبعًا لمستوى التعليم التي وصلت إليه. فنرى أن هذا القاضي الذي هو جزء من المجتمع وثقافته يحكم بما يراه ملائمًا لثقافة ذلك المجتمع.

ومن أساليب التأديب التي يلجأ إليها الرجل فى إطار الأسرة مستغلاً الامتيازات التي يمنحها له القانون نلاحظ طرد الزوجة والأبناء من بيت الزوجية والتزوج بأخرى دون إبداء الأسباب أو رفض الاعتراف بنسب الأطفال والامتناع عن تسجيلهم بالسجل المدني، أو رفض الإنفاق عليهم، أو إجبار الزوجة على ترك عملها، أو إجبارها على العمل.

ويعتبر القانون بنص صريح أن على الزوجة أن تطيع زوجها وأن تقوم بواجباتها وإذا أخلت بها تعتبر ناشزًا يجوز إخضاعها عن طريق القانون وإرجاعها بالقوة إلى البيت الذي غادرته. أما إذا تمادت فيكون عقابها عن طريق حكم قضائي بإسقاط حقوقها القانونية كزوجة. ويعد الطلاق الذي يمنحه القانون كحق غير مشروط للرجل من أكثر أشكال العنف التأديبيالتي يمارسه الزوج في حق أسرته حيث يمكنه بقرار فردى غير مبرر أن ينهي العلاقة الزوجية ويطرد أفراد أسرته من البيت. أما إذا كانت رغبة إنهاء العلاقة الزوجية صادرة عن الزوجة المعنفة فإن الزوج يساومها ويبتزها بدعم من القانون (الطلاق الخلعى) أو يماطلها أو يرفض تطليقها كقرار انتقامي مما يجعلها تعيش سنوات فى ساحات المحاكم بحثًا عن حريتها.

تكشف القضايا والمنازعات التي تبناها المركز في الفترة (من 200 إلى 2005) من خلال إجراءاتها أنها تطرح علينا عدة إشكاليات تبرز مدى الصعوبات التي تعيشها النساء في حالة لجوئهن للقضاء، هذه الصعوبات تظهر بوضوح على مستوى القانون والقضاء والواقع الاجتماعي التي تعيشه النساء.

فنجد في قانون الأحوال الشخصية كل ما يبرز تناقضات القانون وتمييزه الواضح المتمثل في مواده التي تسلب كل حماية عن المرأة في حق الحياة الآمنة.

فكما رأينا في جميع قضايا الطلاق والتي تندرج تحت مواد قانون الأحوال الشخصية أن الطلاق يوقعه الزوج أو وكيله أو من يفوض له فى ذلك. ومعنى ذلك أن الطلاق يبقى حسب القانون حقًا مطلقًا بيد الرجل يستعمله بكل حرية متى شاء ولا تتمتع المرأة بهذا الحق إلا إذا اشترطته فى عقد الزواج حيث ترد في هذه الحالة عبارة (العصمة في يد الزوجة متى شاءت وكيفما شاءت) وهذا لا يسلب بالطبع حق الطلاق للرجل كما يتناوله الإعلام بشكل كاريكاتوري بعدم مقدرة الرجل على الطلاق. ومن ناحية أخرى إذا تراضى الطرفان عليه بأن خالعت الزوجة نفسها كما جاء بالقانون رقم (1) لسنة 2000 فإنها تخسر كل حقوقها المادية فى سبيل الحصول على حقها في الحياة، ويبقى فوق ذلك الطلاق سيفا يلوح به الزوج لزوجته يهددها به مما يعتبر هذا التهديد نوعًا من العنف النفسي الشديد على الزوجة الذي يفقدها الثقة في نفسها وشعورها بالأمان الاستقرار النفسي، وهذا النوع من العنف لا يعترف به القانون. ولا يعتبره شرطًا من الشروط التي تجيز للقاضى وجوب الطلاق. وبالتالي نرى القانون يكرس هذه الفكرة ويجعل حق الطلاق لا مقيد ولا مشروط ولا هو موكل للطرفين على قدم المساواة.

إذا تجرأت الزوجة واستعملت حقها كما خوله لها القانون بطلب التطليق

وهى الحالات التي يجوز فيها للمرأة أن ترفع دعوى أمام المحكمة لتطليق نفسها وفقًا لما خوله لها القانون من أسباب للضرر، والتي تتمثل فى أسباب تبدو في شكلها الأول أنها تحمى المرأة وتعطى لها حقوقها القانونية إذا تعرضت لأحد أسبابها والمتمثلة في: (عدم الإنفاق أو المرض المستحكم أو الضرر الذي يحول دون دوام العشرة بين أمثالها المتمثل فى الضرب أو الضرر النفسي أو الزواج بأخرى أو السجن ما لا يقل عن ثلاث سنوات) فنجد مدى الصعوبة التي غالبًا تواجها المرأة فى إثبات الضرر الواقع عليها واثبات توفر هذه الشروط وخصوصًا الضرر المعنوي الذي أحيانًا يصبح أصعب وأشد قسوة من الضرر المادي مما يجعل حق طلب التطليق مقيدًا، مما يوضح بشدة خرق القانون لمواد الدستور التي تقر مبدأ مساواة الجميع أمام القانون بغض النظر عن الجنس أو اللغة أو الدين، والتي أقرتها أيضًا جميع المواثيق الدولية التي صدقت ووقعت عليها مصر بما فيها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة.

وعندما تتخطى المرأة خطوة الطلاق وتحصل عليه تبدأ مرحلة جديدة من المعاناة للحصول على حق أطفالها فى نفقة والدهم عليهم كما أقره قانون الأحوال الشخصية من:

مبدأ نفقة الزوجة على زوجها ونفقة الأطفال على والدهم.. إلا أنها في نفس الوقت وضعتها تحت تقدير القاضي. فأعطت له السلطة التقديرية في تقدير مبلغ النفقة وغالبًا ما يكون مبلغًا هزيلاً لا يفي بأبسط احتياجات المعيشة. وبالرغم من ذلك لا يحكم بها القاضي إلا بعد فترة تقضيها الزوجة فى ساحات المحاكم قد تصل إلى عدة أشهر فتظل كل هذه الفترة بلا مورد تستطيع أن تنفق منه على أبسط احتياجات أطفالها. بالإضافة إلى عدم مقدرتها أحيانًا حتى المطالبة بها لما تستدعيه من مصاريف محاماة لا تقدر عليها فى هذه الفترة. وإذا حكم لها تبدأ معاناة جديدة وهي معاناة التنفيذ، وهروب الزوج أو استئنافه الحكم لعدم مقدرته المالية على دفع هذا المبلغ وعند لجوء الزوجة إلى تنفيذ الحكم بالإكراه وحبس الزوج لا تستطيع لأنه أما أن يثبت عدم مقدرته المالية أمام المحكمة وإما أن يدفع المتجمد عليه فيعفى من الحبس ليبدأ من جديد سلسلة التهرب شهورًا جديدة.

ونتساءل هنا لماذا لا ينص القانون على أية إجراءات مؤقتة أو تعويضية أو بديلة تكفل الحماية اللازمة للزوجة أو للمطلقة وأطفالها ؟

وعلي الرغم من قناعتنا الشديدة أن إصلاح القوانين أو تغييرها أمرًا هامًا في وقتنا هذا إلا أن التغيير فى القانون وحده لا يكفى فى حد ذاته إن لم يسايره تغيير في نظرة المجتمع للمرأة وتغيير بعض عاداته وتقاليده التي أحيانًا ما تكون أقوى من القانون. وكذلك تغيير ثقافة من يقوم بتطبيقها والذي يعتبر جزء لا يتجزأ من ثقافة هذا المجتمع الذي يخول له القانون السلطة التقديرية والذي يحتوى علي تمييزًا جديدًا بين النساء.

فإصلاح المجتمع بمورثاته الثقافية عن المرأة يفرض نفسه الآن ربما أكثر من أي وقت مضى فهذا الإصلاح ضروري بل يكاد يكون شرطًا أساسيًا لتفعيل القانون ولكن تبقى هذه الإصلاحات مرتبطة ارتباطًا أساسيًا بوعي المرأة بحقوقها لأنه ليس هناك مطالب بدون معرفة فلنتكاتف جميعا (ربة بيت أو عاملة أو طالبة / متزوجة أو غير متزوجة) للمطالبة بحقنا في الحياة كما خوله لنا دستورنا والإعلان العالمي لحقوق الإنسان. والمواثيق الدولية دون تمييز فى الحقوق بين رجل وامرأة فكلنا إنسان يشعر ويتألم ويحب ويكره ويتفاعل مع الحياة بحلوها ومرها فلماذا التمييز بين إنسان وإنسان ولماذا إعطاء الحماية القانونية لنصف المجتمع وسلبها من النصف الآخر؟!

1

طلاق للضرر

8

2

خلع

7

3

نفقة

9

4

رؤية طفل

7

5

حضانة

7

6

زنا محارم

1

7

تبديد منقولات

6

8

التمكين من بيت الزوجية

3

الإجمالي

48

إجمالي محاضر حررت بأقسام الشرطة

1

تبديد منقولات

15

2

طرد من بيت الزوجية

19

3

ضرب

28

4

رؤية

12

5

عدم تعدى

22

إجمالي استشارات قانونية

(القاهرة / الإسكندرية / بنى سويف / المنيا)

1

الطلاق من جانب الزوج

18

2

الخلع

32

3

النفقة

28

4

الحضانة في حالة زواج الأم

25

5

تبديد منقولات

52

6

الزواج العرفي

16

7

رؤية

48

8

زنا محارم

3

9

خيانة زوجية

12

10

ضرب

92

11

طرد من منزل الزوجية

86

12

شروط عقد الزواج

46

محكمة الأسرة

87

13

حالات التطليق للضرر

78

المجموع

 

سماح ليست الحالة الوحيدة التى تتعرض لذلك يوميًا وتأتى لنا إلى المركز ويقف القانون عاجزًا عن حمايتها، تارة لعدم وجود مواد قانونية تجرم العنف الأسرى ، وتارة لعدم قدرتنا على تفعيل حتى القوانين الموجودة تحت شعار أن الأسرة كيان له خصوصية لا يجب التدخل فى أنهيارها لضربة قلم أو علقة من أجل تأديب زوجة..

شارك:

اصدارات متعلقة

أسئلة وأجوبة بشأن الوقاية من كوفيد 19 ومكافحتها للعاملين /ات في مجال الرعاية الصحية
الحصاد - عامان على الخلع " دراسة تحليلية "
دليل تدريبي " العنف ضد النساء "
فتحي نجيب والحركة النسائية المصرية وحقوق الانسان
ممنوع على الستات
ماما تحت الأنقاض
تشويه مش طهارة
العمالة المنزلية : استغلال جنسي تحت نظام الكفالة
المرآة لم تحررني، بل زادتني بوعي وثقل تاريخي كأنثي