الحياة بدون إنجاب خبرات سكان الأحياء المدنية الفقيرة في بنغلاديش
ترجمة:
كتابة:
الحياة بدون إنجاب
خبرات سكان الأحياء المدنية الفقيرة في بنغلاديش *
تستكشف هذه الورقة الأسباب التى يسود الاعتقاد بانها وراء عدم الخصوبة أو العقم، وسبل السعى إلى العلاج منه, والآثار المترتبة عليه، وخاصة بالنسبة للنساء، بين سكان الأحياء المدنية الفقيرة فى داكا ببنغلاديش وأغلبيتهم من المسلمين، عقد القائمون على الدراسة مقابلات مكثفة مع ستين رجلاً وستين امرأةً جرى اختيارهم عشوائيًا من مجموعات نظام المراقبة المدنى التابعة للمركز الدولى لبحوث مرض الإسهال ببنغلاديش بالإضافة إلى ٢٠ دراسة حالة لنساء يعرفن أنفسهن بأنهن غير قادرات على الإنجاب ممن شاركن فى دراسة سابقة حول مدى انتشار الأمراض المنقولة جنسيًا وغيرها من أمراض الجهاز التناسلي المعدية. كذلك عُقدت مقابلات مع ثلاثة من المعالجين التقليديين بصفتهم من مقدمى المعلومات الرئيسيين. وفي كلتا المجموعتين التي شملتهما الدراسة ساد الاعتقاد بأن الأسباب الرئيسية وراء العقم ترجع للأرواح الشريرة ولعيوب عضوية لدى النساء، ولمشاكل نفسية – جنسية أو عضوية لدى الرجال. وظهر أن المداوون بالأعشاب والمعالجين التقليديين هم خيار النساء الرئيسي فيما يتعلق بالحصول على العلاج، بينما كانوا يعتبرون خيار الرجال الثانى بعد الزواج من امرأة أخرى. توصلت الدراسة إلى أن عدم الإنجاب يعتبر فشلاً في القيام بالدور المفترض من كل طرف القيام به، وعادة ما يترتب عليه تبعات اجتماعية واقتصادية لكل من الرجال والنساء، ووصمة عار اجتماعية على جبين الزوجين وبشكل خاص المرأة، كما يعرض عدم الإنجاب النساء لخطر العزل الاجتماعى والأسرى، وتتحمل النساء بوضوح العبء الأكبر منه. وتخلص الورقة إلى أن نجاح البرامج المنظمة للتعامل مع العقم في بنغلاديش بحاجة إلى تضمين كل من مصادر وسبل العلاج الفعالة والملائمة على المستوى المجتمعى، بالإضافة إلى التدخل – على المستوى المجتمعى أيضًا – لدحض الأوهام المتعلقة بأسباب العقم حتى يتسنى للناس معرفة السبب وراء عدم تمكن بعض الرجال والنساء من الإنجاب، وتوضيح أفضل الجهات التي يمكنها أن تقدم الرعاية والعلاج لهم.
الكلمات المفتاحية: العقم، ووصمة عار, والسلوك المتعلق بالسعى للعلاج, والمعتقدات التقليدية، وبنغلاديش.
لقد ركز مخططو الصحة إلى يومنا هذا جهودهم بشكل رئيسي على مسألة زيادة السكان في البلدان النامية, خاصة تنظيم الأسرة والتحكم في عدد المواليد، في الوقت الذى أهملوا فيه مشكلة العقم ذات التبعات البيولوجية والاجتماعية الخطيرة(1) . وفى بنغلاديش ، مثلها مثل العديد من البلدان الأخرى، لم تزل مشكلة العقم تؤرق أقلية لا بأس بها من الرجال والنساء غير القادرين على الإنجاب (2). وصل معدل العقم إلى ٦.٩% وفقًا لتقرير مسح قامت به منظمة الصحة العالمية عن انتشار العقم عام ۱۹۷٦ (۳) كما وجدت دراسة أجريت في بنغلاديش (4) عام ۱۹۹٦ ( ن= ٣٤٠) أن نسبة العقم الأولية (أى بعد المعاشرة الجنسية دون استخدام وسيلة لمنع الحمل لمدة اثنى عشر شهرًا على الأقل) قد وصلت إلى 3.2% ، بينما وصلت نسبة العقم الثانوية إلى 2.9%
كما يتسبب عدم إنجاب أطفال فى الشعور بفشل المرء في القيام بالدور المنوط به أو بها، وما يتبع ذلك من مشاكل اجتماعية وعاطفية لكل من الرجال والنساء, مما يصم الزوجين بالعار وبالأخص النساء( 5 – 6) وقد يعني العقم تعرض النساء للإيذاء الجسدى والنفسى داخل المنزل (7).
وفى بنغلاديش, كغيرها من البلدان النامية، تقدم برامج صحة النساء عددًا محدودًا من الخدمات المتعلقة بالحمل ورعاية الأطفال لا غير. وما تحظى مشاكل الصحة الإنجابية(8) بأى اهتمام على صعيد الممارسة, على الرغم من الاتفاقيات التى تم التوصل إليها في المؤتمر الدولى للسكان والتنمية في ١٩٩٤( 9 – 10). فعلى سبيل المثال، لم يحظ العقم باهتمام الباحثين وواضعى السياسات فى البلدان النامية والمنظمات الدولية إلا مؤخرًا، بعد أن أصبح ينظر إلى صحة النساء في سياق حقوق الإنسان. وفى الوقت نفسه، أثار وباء الإيدز الاهتمام بغيره من الأمراض المنقولة جنسيًا، كما أن رفض البعض استخدام موانع الحمل خوفًا من العقم قد ساهم أيضًا في زيادة الاهتمام بهذا الموضوع حديثًا(11) . ومع ذلك، لم يُستكشف إلا القليل فيما يتعلق بالطريقة التي ينظر بها الناس للعقم وتجاربهم ذات الصلة. وفى هذا السياق تهدف الدراسة الحالية إلى تقديم وصف للمخاوف وانماط السلوك الشعبية المحيطة بمسألة العقم في السياقين الاجتماعى والثقافي في بنغلاديش.
تنظر هذه الدراسة فى ثلاث قضايا رئيسية، ألا وهى الأسباب التي يسود الاعتقاد بأنها وراء العقم، وسبل السعى إلى العلاج من العقم, وتبعات عدم إنجاب أطفال وخاصة بالنسبة للنساء. عُقدت هذه الدراسة فيما بين سكان المناطق العشوائية فى داكا, عاصمة بنغلاديش ذات الأغلبية المسلمة. تعاظمت نسبة سكان الحضر في بنغلاديش فى الفترة من ۱۹۷۱ إلى ۱۹۹۷ (12) ، والسبب الأكبر فى ذلك يرجع إلى الفقر وعمليات الهجرة من المناطق الريفية بسبب الكوارث أو ما يتعلق بذلك. وجاء التنامي السريع لعدد المناطق الفقيرة والعشوائية التي يسكنها الفقراء كأحد التبعات الرئيسية لزيادة عدد السكان من الحضر. ويعيش نصف سكان داكا في هذه الأحياء (ما يقرب من ٤.٥ مليون) تحت خط الفقر.
أجرى جزء من هذه الدراسة من يوليو/ تموز إلى أكتوبر/ تشرين الأول ۱۹۹٦، على مجموعة نظام المتابعة الحضرى التابع لمركز بحوث الصحة والسكان, بالمركز الدولي لبحوث مرض الإسهال ببنغلاديش في محمدبور ومالباغ وسوترابور فى داكا . عُقدت مقابلات مكثفة مع ستين رجلاً وستين امرأة جرى اختيارهم عشوائيًا , أى … عشرون من الرجال وعشرون من النساء من كل من المناطق الثلاثة سابقة الذكر فى داكا . تضمنت معايير الاختيار كونهم فى سن الإنجاب (١٤ – ٤٩) وفقراء ومتزوجين . وكان أغلبية المشاركين من الآباء والأمهات, وكان أقليتهم متزوجين منذ أقل من عامين دون إنجاب وقليل من النساء كن حوامل. ولم يُضمن أى مشاركين في الدراسة إلا بعد التأكد من أنهم لا يعتبرون انفسهم غير قادرين على الإنجاب، وقد سئلوا أثناء المقابلات عن رأيهم فى العقم بشكل عام وفيما يتعلق بالآخرين.
تمت المرحلة الأخيرة من جمع النتائج خلال شهرى آذار / مارس ونيسان / أبريل ۱۹۹۷ . وكانت دراسة قد أجريت قبل ذلك في عام ۱۹۹٦ حول مدى انتشار التهابات الجهاز التناسلى والأمراض المنقولة جنسيًا في نفس المنطقة. شملت تلك الدراسة ٥٤٠ رجلاً و ٩٩٣ امرأةً، وكان حوالى ٦,٢٤% منهم غير قادرين على الإنجاب (بمعنى أنهم فشلوا فى ذلك بعد عامين من المحاولة) (13).
وفى الدراسة الحالية تم عمل دراسات حالة على عشرين من النساء اللاتي شاركن فى الدراسة الاولى، جميعهن لم ينجبن بعد عامين على الأقل من الزواج، وأقرت معظمهن بأنهن غير قادرات على الاإنجاب. روعى كذلك أن تكون أولئك النساء فى سن الإنجاب وفقيرات ومتزوجات. وقد سئلن عن تجاربهن الخاصة مع العقم وعدم الإنجاب.
وأخيرًا، أجريت مقابلات مع ثلاثة من المعالجين المحليين, اثنان منهم معالجون بالأعشاب والثالث مداو ديني, طلب من كل المشاركين الموافقة مسبقًا على المشاركة في هذه الدراسة، وأحيط من وافق منهم بالهدف منها. وعقدت المقابلات فى خصوصية تامة في منازل المشاركين بحيث جمعت ما بين المشارك أو المشاركة والباحث على انفراد . ومن أجل ضمان السرية الكاملة, لم تسجل أسماء المشاركين واكتفى باستخدام رقم للتعريف.
فولبانو (وذلك ليس اسمها الحقيقى) هى امرأة تبلغ من العمر ٢٦ سنة متزوجة منذ عشر سنوات. على مدار الثماني سنوات الأولى من زواجها عمل زوجها في مصنع بداكا بينما عاشت فولبانو فى قرية بعيدة تقع جنوب شرق بنغلاديش. وخلال العامين الأخيرين ذهبت للعيش مع زوجها في داكا.
تعتبر فولبانو نفسها عاقرًا . بدأ الأمر بألم شديد أسفل الظهر ثم انقطع عنها الحيض (الدورة الشهرية) لمدة عامين، كما كانت تشكو من إفرازات بيضاء اللون ذات رائحة كريهة. وأقرت فولبانو كذلك أن زوجها لديه الإفرازات نفسها، وهى تعتقد أنها على الأغلب قد نقلت إليه العدوى. ويعترف زوجها أنه قد مارس الجنس مع داعرات في الوقت الذى كانت فولبانو تسكن فيه في القرية. ويبرر ذلك قائلاً: “يكلف الذهاب إلى القرية من داكا ٤٠٠ تاكة بينما تكلف ممارسة الجنس مع داعرة ٥٠ تاكة لا غير“.
ذكرت فولبانو أن الناس يتحرشون بها وينادونها بالعاقر، بل ويتجنبون رؤيتها بصورة خاصة في فترة الصباح لأنهم يعتقدون أن رؤية وجهها في الصباح يجلب سوء الحظ. لم تتمكن فولبانو من الربط بين العقم والإفرازات البيضاء. لقد سمعت أن عدم الإنجاب قد يعود إما للزوج أو للزوجة ولكنها ليست متأكدة من مسألة إمكانية تسبب الزوج في هذه المشكلة. وتسأل في تعجب: “هل يمكن أن يكون الرجل فعلاً مسئولاً عن العقم؟ ولكن كيف يمكن فهم أن العيب في الرجل؟“
بدأت فولبانو رحلة العلاج بالذهاب مع أمها إلى معالج روحاني أعطاها علاجًا لم ينجح في شفائها، وأخبرها بأنها مصابة بروح شريرة . ذهبت فولبانو بعد ذلك إلى معالج بالأعشاب أعطاها دواء من الأعشاب وأخبرها بأنها مصابة بأرواح شريرة محمولة على الرياح. ومرة أخرى فشل العلاج. وعندما جاءت إلى داكا أخذتها جارة لها إلى المستشفى حيث شخص الطبيب مرضها على أنها مصابة بحالة سل رئوى ولكنه لم يلتفت لعلاج العقم.
وتوضح فولبانو أن علاقتها بزوجها في تدهور شديد وأنها لم تعد تستمتع بممارسة الجنس معه ولكنها تفعل ذلك فقط لإنجاب أطفال, وهى تعتقد أن زوجها قد يطلقها للبحث عن زوجة أخرى لتنجب له الأبناء.
تظهر هذه الحالة عددًا من القضايا المتناولة في هذه الورقة من أمثلة: المعتقدات الخاصة بأسباب العقم, محاولات البحث عن علاج من مصادر مختلفة، والتبعات الاجتماعية التى تعانى منها المرأة الشابة، بما في ذلك وصمها بالعاقر، والآثار السلبية المنعكسة على علاقتها الزوجية، والخوف من أن يهجرها زوجها.
“جسدى عدوى“
أورد المشاركون قائمة عريضة من مسببات العقم تراوحت بين الأسباب الخارقة للطبيعة إلى الاضطرابات الفسيولوجية أو النفسية – الجنسية. وأرجعت العقم لدى النساء لأسباب خارقة للطبيعة، بصورة خاصة الأرواح الشريرة التي تؤثر على الدورة الشهرية. أن علامة الإصابة بالأرواح الشريرة هى حدوث مشاكل في الدورة، وهكذا فإن الأرواح لا تصيب الرجال بل النساء فحسب. ويعنى ذلك بالضرورة أن المجتمع عادة ما يلقى باللوم على النساء كما أنهن يلمن أنفسهن أيضًا. وصفت سيدتان مشاكل الدورة الشهرية الناجمة عن الأرواح الشريرة قائلتين:
“إذا كان هناك ألم فى الحوض ودم أسود خلال الدورة الشهرية، فإن ذلك يعنى وجود أرواح شريرة“.” إن الروح الشريرة هى قوى شيطانية شرسة بمقدورها أن تلتهم الجنين في رحم أمه. إذا أصابت امرأة ما فإنها تسبب لها مشاكل في الدورة الشهرية وإن حدث حمل فإنها تلتهم الجنين في الرحم“.
كذلك أفاد معالج روحانى أن معظم مرضاه من النساء لأنهن يحضن، وبالتالى من أكثر عرضة للجن والحسد والأرواح الشريرة التي تحب الدم الأحمر الحى.
كما تُرجع الكثير من النساء العقم إلى مشيئة الله، ولكن يبدو أنهن لا يلجأن إلى هذا التفسير إلا بعد استنفاد قائمة من خيارات العلاج التى تفشل فى حل المشكلة. بعدها يستنتجن أن السبب يفوق قوى البشر، ويرددن المثل الذي مفاده أن: “النساء مثل شجر الفاكهة يريد الله لبعضه أن يثمر وللبعض الآخر ألا يثمر“.
وتعتقد بعض النساء أن العقم من الممكن أن يرجع لكل من الأسباب الخارقة للطبيعة والأسباب الطبيعية, مثل المشاكل العضوية. ومن بين الأسباب العضوية التي أشير إليها تراكم الدهون على البطن، وكثرة استعمال أقراص منع الحمل لفترات طويلة، والإجهاض المتعمد. وتفيد النساء اللاتى ألقين باللوم على أقراص منع الحمل بأنها تحرق رحم المرأة .
أما العقم عند الرجال، فيعود بالأساس إلى اضطرابات نفسية – جنسية أو اضطرابات فسيولوجية . فوفقًا لمن شملتهم الدراسة، فإن الأرواح الشريرة لا تؤثر بقواها الخارقة على الرجال. وبدلاً من ذلك أفاد الرجال والنساء على حد سواء أن العقم له صلة بالقلق من فقدان السائل المنوى، أو فقدان القدرة الجنسية، أو قصر العضو الذكرى، أو شدة سيولة السائل المنوى، أو العقم نتيجة للزواج السابق. ويسود الاعتقاد أن الرجال الذين يمارسون العادة السرية كثيرًا قبل الزواج أو يحتلمون أثناء الليل أو يمارسون الجنس بإفراط أكثر عرضة للإصابة بالعقم. وتتردد بعض الأقوال من أمثلة:
“يعجز الرجل عن الإنجاب إذا كان حجم القضيب صغيرا“.
“إن الرجل الذى يمارس الجنس بإفراط تزيد سيولة سائله المنوى ويعجز عن الإنجاب“.
وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثير من المشاركين عبروا عن جهلهم بأسباب العقم عند الرجال. أحد كبار المعالجين بالأعشاب القاطن في أحد الأحياء الفقيرة قال: “الرجال لا يصابون بالإفرازات البيضاء بينما تصاب بها النساء، كما أن النساء يعانين من آلاف الأمراض ومن مشاكل الدورة الشهرية التى تسبب العقم. إن أغلبية من أعالجهن من النساء، ومع ذلك، ففي بعض الحالات النادرة، أجد أن ضعف القدرة الجنسية قد يكون السبب في عقم الرجال أحيانًا” .
جدول رقم 1
الأسباب الرئيسية للعقم عند النساء والرجال وفقًا لعينة الدراسة (۱۲۰ شخصًا )
الأسباب الرئيسية |
لدى الرجال |
لدى النساء |
الحسد / الأرواح الشريرة |
0 |
54 |
خلل عضوي |
16 |
20 |
مشيئة الله |
29 |
16 |
حبوب منع الحمل/ غيرها من العقاقير |
0 |
17 |
اضطرابات نفسية جنسية |
29 |
4 |
الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس |
8 |
2 |
لا أعرف |
38 |
7 |
ويوضح الجدول (۱) الأسباب الرئيسية التي أفاد المشاركون الذين شملتهم الدراسة بأنها وراء العقم لدى الرجال والنساء.
شعر معظم المشاركون فى الدراسة أن المجتمع لا يلوم الرجال على العقم, وبالمثل، اعتقدت معظم النساء العشرين غير القادرات على الإنجاب اللاتى شملتهن هذه الدراسة أنهن مسئولات عن عقمهن. ذكرت خمس منهن عيوبًا عضوية لديهن، واعتقدت واحدة منهن أن عملية توسيع وكحت الرحم هي التي تسببت في مشكلتها .. ولم تشر إلا اثنتان منهن إلى أن وجود خلل نفسى لدى أزواجهن قد يكون هو سبب المشكلة. أعربت واحدة منهن عن جهلها بسبب المشكلة، ولم تقدم اثنتان منهن أية تفسيرات للعقم . ويوضح الجدول (۲) الأسباب التى ذكرتها أولئك النساء العشرون لتفسير العقم
جدول رقم ٢
الأسباب التي أفادت النساء العشرون اللاتى شملتهن الدراسة بأنها السبب في العقم
أسباب العقم |
عدد النساء |
الأرواح الشريرة / الحسد |
8 |
مشاكل الدورة الشهرية |
2 |
مشيئة الله |
2 |
خلل عضوي |
2 |
تابيز كورسي (تعويذة تستخدم لتسبب العقم) |
1 |
التوسيع والكحت |
1 |
إفرازات بيضاء |
1 |
لا أعرف |
1 |
عدم ذكر أسباب |
2 |
لم تربط سوى القليل من النساء بين العقم والأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس. وحتى أولئك اللاتي كن على وعى بأنهن أو أزواجهن قد أصبن ببعض الأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس، لم يربطن بين ذلك وبين عدم قدرتهن على الإنجاب، ولم تربط سوى اثنتان منهن بين الأمراض التى تنتقل عن طريق الجنس والعقم. علمت واحدة منهن عن ذلك من أخت زوجها التي أخبرتها بالآتي:
“لقد اعتاد زوجك الذهاب إلى أماكن سيئة (بيوت دعارة). أنه قد يأتى بـ “أمراض سيئة” (الأمراض المنقولة جنسيًا) من هناك. ولذلك لا يمكنك أن تنجبى . انت تحتاجين للعلاج“.
لقد تسبب الاختلاف في المعتقدات الخاصة بأسباب العقم لدى بعض الرجال والنساء في اختلاف وسائل السعى للعلاج. ويظهر الجدول ٣ الخيارات الأولى فى رحلة العلاج من العقم التى ذكرها كل من الرجال والنساء غير القادرين على الإنجاب.
يتوجب على النساء فى البداية استشارة أزواجهن وحمواتهن قبل السعى إلى علاج العقم, فيرسلن اولاً إلى معالج بالأعشاب أو معالج روحانى أو ديني. أخبر أحد المشاركين الذين شملتهم الدراسة بقصة زوجته التي حملت عقب حصولها على العلاج على يد مداوٍ ديني. لقد فشلت زوجته لعدة سنوات في أن تحمل أثناء علاجها على يد أحد العاملين في المستشفى “لقد حملت زوجتى بعد ثمانى سنوات من زواجنا. زرنا العديد من الأطباء ولكن الأمر لم يفلح. وفى آخر الأمر حصلت على حبة قيمتها ٥٠ تاكة من امرأة تعالج روحانيا فحملت“.
عندما يسود الاعتقاد بأن العقم يرجع إلى إرادة الله يرى البعض أن التبنى قد يعالج المشكلة. يقول البعض: “يشعر الرب بالغيرة إذا قام غير القادرين على الإنجاب بتبنى طفل. ولذلك يمنحهم طفلاً. تبنت اثنتان من النساء العشرين غير القادرات على الإنجاب طفلات صغيرات، ولكن ذلك لم يفض إلى حدوث حمل .
وبما أن هناك اعتقادًا سائدًا بعدم إمكانية إصابة الرجال بالأرواح الشريرة، فنادرًا ما يلقى باللوم عليهم عندما يتعلق الأمر بالعقم.
جدول رقم 3
أول خيارات العلاج التي يلجأ إليها الرجال والنساء الذين شملتهم الدراسة (۱۲۰ شخصًا)
أول خيارت العلاج |
للرجل |
للنساء |
مداوٍ بالأعشاب |
21 |
63 |
معالج روحاني |
6 |
24 |
التزوج مرة أخرى |
58 |
0 |
غير ذلك من سبل العلاج الروحاني، الحجاب، الماء المبارك |
23 |
25 |
الطب الحديث |
12 |
8 |
جدول رقم 4
أول خيارات العلاج التي ذكرتها النساء غير القادرات على الإنجاب (۲۰ شخصًا )
أول خيارت العلاج |
عدد النساء |
معالج بالأعشاب |
11 |
مداوٍ روحاني |
3 |
حجاب |
2 |
مداوٍ ديني |
1 |
الطب الحديث |
1 |
لا يوجد علاج / لا أعرف |
2 |
وبالتالي عادة ما يُنصح الرجال بالطلاق والتزوج من امرأة يمكنها الإنجاب، وهذا ما ذكره أكثر من نصف من شملتهم الدراسة، بينما لم يذكر الزواج مرة أخرى كخيار متاح بالنسبة للنساء. وفي إحدى الحالات أفاد أحد المشاركين فى الدراسة أن الزواج مرة أخرى ليس حلاً بالنسبة للرجال ولا للنساء, لأن زواج الرجال مرة أخرى سيؤدى إلى إقصاء اجتماعی واقتصادى وهجران لزوجاتهم السابقات. كذلك يوضح أول خيارات العلاج التى ذكرتها النساء العشرون غير القادرات على الإنجاب أن هناك تفضيلاً للجوء إلى المداين التقليديين، ولاسيما المداوون بالأعشاب (جدول ٤)
وفى العديد من الحالات, كانت النساء تمتلك أدلة واضحة على عقم أزواجهن, على سبيل المثال، أوضح السجل الطبي لأحد أزواج السيدات اللاتى شملتهن الدراسة أنه يعاني من نقص الحيوانات المنوية، كما ذكرت الزوجة أيضًا أنه يعانى من ضعف جنسى. ومع ذلك, فإنها هي التي ذهبت سعيًا للعلاج لدى أحد المداوون الروحانيين. وبالمثل، اعتبرت غيرها من النساء – اتساقًا مع الاعتقادات السائدة – بأنهن الملومات عن العقم وليس أزواجهن، وسعين للعلاج بينما لم يعالج أزواجهن، حتى في الحالات التي اعتقدت فيها النساء أن أزواجهن يعانون من مشكلة يمكن أن تتسبب في العقم.
ويمكن للممارسين التقليديين تعزيز التصورات عن مسئولية النساء عن العقم. أفادت واحدة من النساء لقد تلقيت العلاج على يد العديد من المداوين الروحانيين، ولقد أخبروني جميعًا أننى أعانى من مشكلة ما، ولكنهم لم يخبروني بماهية المشكلة. المعالجون الروحانيون لا يشرحون هذه الأشياء“. وعندما هددها زوجها بالتزوج من أخرى، ازداد شعورها بعدم الأمان وتوجهت بالتالى إلى مداوٍ بالأعشاب سعيًا للعلاج.
سُئلت النساء عما إذا كان من المقبول الحصول على طفل من رجل آخر خلاف الزوج. لم ترفض إحدى النساء الفكرة على الفور، حيث أخبرها طبيب بالمستشفى الطبى الوطنى فى داكا أن زوجها غير قادر على الإنجاب. مما دفعها إلى النظر في أن يقوم زوج أخت زوجها بتخصيبها، إلا أن زوجها قد رفض الفكرة قائلاً : لست بحاجة إلى الحصول على طفل بهذه الطريقة” . وقالت امرأة أخرى أن عمتها قد حملت بطفل من زوج أختها بهذه الطريقة دون علم الزوج.
تنبع عواقب العقم من قيمة الأطفال في مجتمع دولة بنغلاديش، وتوضح الأنشودة الفولكلورية التالية أهمية الأطفال فى المجتمع البنغلاديشي، وكيفية الحط من قيمة الأزواج غير المنجبين.
الطفل كنز
کنز, کنز، کنز
يمتلئ المنزل بالثروة
وتفيض الحديقة بالبهجة
ومن لا يحظوا بهذا الكنز,
تخلو حياتهم من البهجة
ماذا لديهم ليشعروا بالفخر؟
لم لا يحترقون ويموتون؟(14)
يعتبر الأطفال النور الذي يضئ حياة الأسرة، وأساس استمرارها والحفاظ على تراثها. وصف أحد المشاركين في الدراسة الأطفال بأنهم “حاملوا الشموع في شجرة العائلة “. وفي غياب الأطفال، وبصورة خاصة الذكور الذين يتأبد من خلالهم اسم العائلة وامتدادها، فإن شمعة الأسلاف تنطفئ تاركة وراءها حياة مظلمة لا غير. ذكر البعض أن العقم يمثل فشلاً للعائلة وينجم عنه عواقب نفسية واجتماعية وخيمة لكل من الرجال والنساء. على أن الأسوأ منها يقع على عاتق النساء.
ثمة اعتقاد قوى بان الحياة تتوقف بالنسبة للمحرومين من الإنجاب. وواقع الأمر هو أن النساء غير القادرات على الإنجاب يشعرن أنهن قد فشلن كزوجات وأمهات ون حياة المرأة دون أطفال لا معنى لها. وبالنسبة للبعض، فإن المعاملة السيئة التي تتعرض لها المرأة المحرومة من الأطفال فى بيت زوجها وبيت أهلها وأيضًا من قبل المجتمع قد تدفعها إلى الانتحار. واعتقدت الكثير من النساء ممن شملتهن الدراسة أن الأسى الذى يتركه العقم فى النفس قد يولد ميولاً انتحارية. وعلى الرغم من أن الانتحار يعد من الكبائر في ظل الإسلام إلا أن العديد من النساء يخترن الانتحار في هذا المجتمع للتخلص من المعاناة الشديدة التى يتعرضن لها كالعنف الأسرى على سبيل المثال. ومع ذلك لم تذكر أى من العشرين امرأة اللاتى شملتهن الدراسة مسألة الانتحار. وتصارع الأسرة التى ليس لديها أطفال من أجل المأكل والملبس. ووفقًا لأحد المشاركين: “لا يرغب أحد في توظيف رجل لا أطفال له“.
وبينما يقدر الأطفال لعدة أسباب، فإن أهم هذه الأسباب هو أن الوالدين ينتظران منهم أن يقدموا لهما الأمن والدعم في شيخوختهما. فالمثل يقول: “إذا كان لديك أطفال، ضمنت الأرز والملبس في الأيام العضال“.
كذلك تضطر النساء العاقرات اللاتى هجرهن أزواجهن إلى العمل للحصول على لقمة عيشهن حيث يرفض أهلهن مساعدتهن. ذكر على الأقل خمسة ممن شملتهم الدراسة أن النساء العاقرات اللاتي لم يحصلن على تعليم أو حصلن على تعليم محدود عادة ما يضطررن إلى العمل كبائعات هوى ليعشن.
يقال أن إنجاب الأطفال يؤمن الحياة الزوجية والجنسية, لأن الأطفال يقدمون السعادة للعائلة، ويعززون الروابط الزوجية. وقد عبر أغلب من شملتهم الدراسة عن أن عدم الإنجاب “يدمر السلام العائلي” لكل من الرجل والمرأة، وقد عبرت النساء غير القادرات على الإنجاب مرارًا عن أن أزواجهن لم يعودوا يهتمون بهن، تقول إحداهن: “إن أحوال زوجى تسوء يومًا بعد يوم. لقد أصبح يتأخر فى العودة إلى المنزل ليلاً . لا أعلم إلى أين يذهب. إنه يريد أن يصبح أبًا ، وحيث أن ذلك ليس بمقدوره فهو يتصرف على ذلك النحو معى“.
وأفاد العديد ممن شملتهم الدراسة أن النساء اللاتي لا ينجبن لا يحصلن على الرعاية الكافية والاحترام الواجب من أزواجهن، وقد يعاملونهن كالخادمات أو يهددونهن دومًا بالطلاق، ويرفضون تزويدهن بالمأكل والملبس. أو حتى يطردوهن من المنزل، أو يتزوجون من أخريات. كما أفاد عدد ممن شملتهم الدراسة أن الزوج وأهل الزوج يسيئون معاملة المرأة العاقر بل ويتعرضون لها بالهجوم العنيف والتوبيخ. أفادت إحدى النساء غير القادرات على الإنجاب أن حماتها عندما تراها في الصباح توبخها قائلة:
“يا ليتنى رأيت وجه كلب ولا أرى وجهك في مثل هذا الوقت المبكر من الصباح” .
وقال بعض ممن شملتهم الدراسة أن النساء غير القادرات على الإنجاب يساء معاملتهن على يد كل من أخوات أو إخوة الزوج ووالد الزوج ووالدته حيث يُعهد إليهن بالعمل الشاق، بل وقد يسيء أهلها معاملتها ويوبخونها أيضًا. أفادت إحدى النساء غير المنجبات التي طلبت المأوى بمنزل أخيها بعد أن أساء زوجها معاملتها بأن زوجة أخيها قالت لها :
“جئت تخربين بيتنا بعد أن خربت منزل زوجك ؟!”
كذلك قيل أن الرجال يتعرضون لضغوط من أجل تطليق زوجاتهم اللاتى يعتبرن مسئولات عن العقم فى العائلة. لخص أحد الأزواج هذا الموقف قائلاً :
“ان الناس يطلقون على الرجل الذي يبقى على زوجته العاقر رجلاً سيئًا.
وأفاد آخرون أن الرجال أنفسهم هم الذين يرغبون في الزواج مرة أخرى. وفى العديد من الحالات تُهجر النساء اللاتى لم ينجبن أطفالاً كلية . ولقد أوضحت إحدى النساء المنطق وراء ذلك قائلة: “إذا ما أخذ أحدهم على عاتقه زرع حديقة ولم تأت الحديقة بأية ثمار، تراه يبقى على الحديقة ؟ لا، بل سيقتلع أشجارها غير المثمرة” .
من الأسهل على المرأة، وأقل استجلابًا للعار, أن تكون “أمًا لجنين ميت” على أن يتم وصفها كعاقر. وبالتالي, قد تلجأ النساء غير القادرات على الإنجاب لادعاء الحمل فى محاولة لحماية أنفسهن من هجر أزواجهن لهن. إدعت إحدى النساء غير القادرات على الإنجاب أنها قد حملت ثلاث مرات على مدى أعوام. وفى الحملين الأولين، قالت إنها قد زارت طبيبًا لم يعطها العلاج الملائم، حيث أجرى لها عملية توسيع وكحت في شهرها الخامس مما تسبب فى إجهاض الجنين. وفى المرة الثانية أودعت بالمستشفى لمشاكل بالجهاز الهضمى, وفى هذه الحالة أفادت أن الطبيب لم يكن على علم بحملها وأعطاها دواء تسبب فى إجهاض الجنين. وفى المرة الثالثة التى ادعت فيها أنها حامل، لم تر طبيبًا ولكن دورتها الشهرية انتظمت بعد شهرين. وهكذا فإنها بادعائها الحمل فى كل تلك المرات , أصبح بمقدورها نفى أنها غير قادرة على الإنجاب.
وصفت العديد من النساء غير القادرات على الإنجاب في هذا الدراسة أشكالاً عدة من الرفض الاجتماعي والتهميش الذي تفرضه عليهن مجتمعاتهن . أفاد البعض منهن أن الناس ينظرون إليهن بكراهية وازدراء. وأفاد أحد الشباب ممن شملتهم الدراسة أن العديد من القرويين يعتبرون النساء غير القادرات على الإنجاب مسئولات عن الأوبئة مثل الحصبة والكوليرا . وذكر الكثيرون غيره أن الناس يخشون على أطفالهم لو لمستهم امرأة عاقر. وأفادت كل من العشرين امرأة غير القادرات على الإنجاب أن أمهات الأطفال الآخرين قد قلن لها: “لا تلمسي أطفالي لكي لا تجلبى سوء الحظ“
وأيضًا أفاد العديد من المشاركين أن الرجال غير المنجبين يتمتعون بمكانة أقل مقارنة بالرجال المنجبين, ووفقًا لأحدهم، لا يمكن للرجال غير المنجبين أن يصبحوا قادة أو حتى أن يعربوا عن آرائهم فى المناقشات أو المناظرات الجارية في المجتمع المحلى . ولا يخاطب هؤلاء الرجال بأسمائهم بل يدعون “أتكورا” أي عقيم وأفاد رجل آخر أن الرجال غير المنجبين لا يدعون في المناسبات الاحتفالية مثل حفلات الزفاف لأنهم قد يجلبون سوء الحظ.
استكشفت هذه الدراسة الاعتقادات السائدة لدى الرجال والنساء حول العقم والأسباب المؤدية لذلك وعواقبه, كما استعرضت الدراسة سلوكيات السعى لعلاج العقم بين سكان أحد الأحياء الحضرية الفقيرة في بنغلاديش. ألقت النتائج الضوء على الاختلافات القائمة على النوع الاجتماعي في المعتقدات وأشكال السلوك إزاء أسباب العقم وأوجه الاستجابة لذلك. لم يكن العديد من التفسيرات المقدمة دقيق بالكامل، وكان بعضها غير دقيق بالمرة. كذلك لم تكن أشكال العلاج التي سعي البعض إليها لتساعد على التغلب على المشاكل الفعلية.
في حالة النساء، ظهر أن السبب الرئيسي – وفقًا للاعتقاد السائد – وراء العقم يتصل بالأرواح الشريرة أو الأسباب الخارقة للطبيعة التى تؤثر على النساء خلال الدورة الشهرية. وتعكس أنواع التفسيرات المقدمة تلك التي سجلت سابقًا فى قرى بنغلاديش في ١٩٨٤ عن “بوت” أي شبح يؤثر على جسد المرأة.. ويقوم الربط التقليدي بين جسد النساء والأرواح الشريرة على الاعتقاد بأن ضعف المرأة يكمن بالتحديد في دورتها الشهرية(15).
ونجد وصفًا لبعض المعتقدات التقليدية المشابهة التي تسوق أسبابًا خارقة للطبيعة، بالإضافة إلى إرجاع السبب لإرادة الله عندما تفشل سبل العلاج التقليدية لتفسير عدم قدرة بعض النساء على الإنجاب في مصر وموزمبيق وجنوب الهند(16.11.6). وفى الهند أيضًا تلوم النساء انفسهن وتعتقدن أنهن السبب فى العقم لا أزواجهن (17-18)
وفى الحالات القليلة فى هذه الدراسة التي أعتبر فيها أن للرجال أي دور فى العقم, أرجعت الأسباب لبعض العوامل النفسية – الجنسية أو الاضطرابات الفسيولوجية, وتعلق البعض منها بالإفراط في ممارسة الجنس أو فقدان القدرة الجنسية, اللذين ربطا بعدم القدرة على الإخصاب. كذلك ذكرت العديد من المشاكل العضوية التي تسبب الالتهابات (الإفرازات البيضاء أو تغيرات في السائل المنوى) أو التى قد تكون مصادر محتملة للالتهابات (مثل إجهاض النساء أو عمليات التوسيع والكحت). غير أنه ندر اعتبار أن عدم معالجة الأمراض المنقولة جنسيًا سبب فى العقم سواء عند الرجال أو النساء(19).
يمكن وصف بنغلاديش بأنها مجتمع انتقالى تتعايش فيه أنظمة طبية مختلفة. لم يحل الطب الحديث محل الطب المحلي أو التقليدى كثيرًا بقدر مازاد من الخيارات العلاجية المتاحة. وبالرغم من قدرة قاطني المدن على الوصول إلى المستشفيات والعيادات والحصول على المعلومات الصحية أكثر من القرويين، إلا أن الوضع الصحى فى الأحياء الحضرية الفقيرة أسوأ من الوضع في العديد من المناطق الريفية ببنغلاديش، فمراكز الخدمات الصحية الحضرية لم تصمم لتلبي احتياجات الفقراء في الحضر. كما أنها تدار بشكل سيئ حيث يكون على المرضى الانتظار لفترات طويلة، وعادة ما يتغيب الأطباء، بالإضافة إلى أن العلاج عادة ما يكون باهظًا وغير ملائم . ولعل خير مثال على “رحلة الحج الشاقة نحو الحمل“(21) التى لا تتم بنجاح هو دراسة حالة فولبانو التي أشير لها فى بداية هذه الورقة، حيث توضح ما تخوضه العديد من النساء فى الأحياء الحضرية الفقيرة في بنغلاديش. كما أن الطبيب المعالج الذى استشارته فى آخر الأمر لعلاجها من العقم لم يقدم لها شيئًا محددًا لحالتها بالرغم منه أنه قد عالجها من السل الرئوى الذي قد يكون قد أسهم في حالتها .
وتمنع التكلفة المرتفعة وضعف مستوى الخدمات بالإضافة إلى الرعاية غير اللائقة والتسهيلات غير الملائمة في حرمان الفقراء من استخدام مراكز الصحة الحضرية. وعادة لا يلجأ قاطنو الأحياء الفقيرة بشكل عام لهذه المرافق إلا فى الحالات التي تعتبر شديدة الخطورة. وبالتالي, يلجأ فقراء المناطق الحضرية مثلهم مثل نظرائهم فى الريف إلى المداوين التقليديين والأدوية التقليدية أغلب الوقت(21) ، بما في ذلك سعيهم للعلاج من العقم، حيث لم يذكر أى من المشاركين في الدراسة مسألة اللجوء إلى مصادر العلاج الحديث إلا قليلاً. وعلى أية حال, لا يوجد في بنغلاديش في الوقت الحالي برامج للصحة العامة تركز على العقم، ولا يقدم سوى القليل من العيادات الخاصة خدمات تتعلق بهذه المسألة وتكون تكلفتها مرتفعة للغاية.
وتتوافق الاختلافات المبنية على النوع الاجتماعي فيما يتعلق بالخيارات العلاجية المتبعة مع التباين في إدراك مسببات العقم. كذلك فإن عدم إدراك مسببات العقم لدى النساء قد يدفعهن للبحث عن العلاج لدى الممارسين الذين يعالجون الأمراض الناتجة عن الأسباب الخارقة للطبيعة. وكان المعالجون بالأعشاب، وغيرهم من المعالجين التقليديين من أكثر مصادر العلاج التي ذكرها المشاركون في الدراسة فيما يتعلق بالنساء. وبالمثل انتهت دراسة أجريت فى الهند أن العقم هو أكثر الحالات المتعلقة بأمراض النساء التى تزور النساء بسببها المعالجين الروحانيين(22). وفى هذه الدراسة وجد أن الإيمان بمسببات العقم الخارقة للطبيعة وفشل سبل العلاج التقليدية فى حل المشكلة قد أدى إلى تنامي الاعتقاد لدى النساء بأن علاج العقم صعب للغاية أو مستحيل، وبالتالي أرجع لإرادة الله.
وبالنسبة للرجال، كان التزوج من جديد هو أكثر الحلول التي ذكرت بسبب الاعتقاد بان النساء هن مصدر العقم, على أن المشاركين ذكروا المداوون بالأعشاب والمداوون التقليديين من بين خيارات العلاج المتاحة بالنسبة للرجال. لم تستطع الدراسة أن تحدد إلى أي مدى يذهب الرجال لاولئك الممارسين, على أن أحد المداوين بالأعشاب قد أشار إلى ندرة لجوء الرجال إليه للعلاج من العقم . ولم يذكر أى من المشاركين في الدراسة خيار التزوج من جديد بالنسبة للنساء، وقد يرجع ذلك إلى الصعوبات التي تواجهها النساء اللاتى يحاولن الزواج مرة أخرى، بما فى ذلك الوصمة الاجتماعية, أو عدم قدرتهن على تقديم المهر، والشعور بعدم الأمان إزاء ما إذا كن سيحصلن على الطلاق أم لا، والخوف من محاولة مواصلة الحياة كنساء مطلقات (23).
إن تبعات العقم صعبة بشكل خاص على النساء، حيث ينظر إلى النساء اللاتى لا أطفال لهن على أنهن فأل سيئ. فى بنغلاديش يحتاج الناس الأطفال لتلبية أدوار والتزامات اجتماعية وعائلية مهمة، وينظر إلى العائلات التي لا أطفال لها على أنها فاشلة. ومن المثبط للهمة أن نجد أن النساء دائمًا ما يلمن أنفسهن على العقم حتى إذا كان أزواجهن يعانون من مشاكل تتعلق بالخصوبة. التعليم الدينى فى بنغلاديش يطالب النساء بقبول فوقية الرجال فى جميع مناحي الحياة، وتعلم النساء أن دونية المرأة أمر طبيعى ويقع عليهن اللوم أولاً في أي مشكلة من أى نوع قد تقع بين الرجل وزوجته.
“النساء الصالحات مطيعات ويحفظن السر ليحفظهن الله (٢٤)
وهكذا تجبر المعايير الاجتماعية والدينية ومعايير النوع الاجتماعى فى بنغلاديش النساء على تلقى اللوم عن العقم وتحمل القدر الأكبر من التبعات. وقد تكون ردة فعل المجتمع هى وصم المرأة بالعار أو السخرية منها أو الاستخفاف بالزوج الذى لا ينفصل عن زوجته العاقر*. وتصف “انهورن” انطلاقًا من نظرية “جوفمان” حول الوصمة الاجتماعية(19) ، كيف تدرك المرأة العقم قائلة: أنه يجعل منها امرأة مختلفة عن الأخريات في الفئات التي قد يتاح لها أن تكونها, امرأة من نوع غير مرغوب فيه، وفى أقصى الحالات، امرأة سيئة تمامًا أو خطرة أو ضعيفة. وهكذا يتم اختزالها من امرأة كاملة وعادية فى عقولنا إلى امرأة لا ملامح لها أو امرأة لا تحسب ضمن النساء. أن هذه الصفة تسم المرأة بالعار خاصة عندما يكون أثرها الذي ينزع عن المرأة قيمتها ومصداقيتها شديدًا (٢٥) .
وتسبب الوصمة المرتبطة بالعقم التى تواجه المرأة غير القادرة على الإنجاب مشاكل لها سواء في منزل أهل زوجها أو أهلها هي شخصيًا. تنتقل النساء المتزوجات في بنغلاديش من بيت العائلة إلى بيت أهل الزوج. وعودتها بصورة دائمة إلى بيت أهلها بعد زواجها تجلب سوء الحظ الشديد لأهلها. وما يمكن لأقاربها التدخل لصالحها لدى أهل زوجها حتى إذا كانت هناك ضرورة لذلك. كما أوضحت دراسة أجريت على النساء والعنف الأسرى في بنغلاديش أن الحماة وأخت الزوج عادة ما يناصرن الزوج مما يزيد من المواقف التي قد تنتهى باستخدام العنف(26).
وفى اندرا براديش بالهند وجدت “أنسيا” أن ثلثي النساء من بين الأزواج غير القادرين على الإنجاب يعانين من العنف على يد أزواجهن, والذين كانوا في ١٣% من الحالات هم الذين يعانون من العقم (27). ذكرت بعض المشاركات في دراستنا الانتحار كأحد السبل المحتملة للهروب من العنف. وفى دراسة في “مطلب” عن العوامل المؤدية للوفاة في علاقتها بالعنف, وجد أن ٢% من النساء من بين عينة مكونة من ۱5۷ امرأة – في سن الإنجاب قد انتحرن على ما يبدو بسبب العنف الأسرى(28).
إحدى الاستراتيجيات لتجنب وصمة العقم هي ادعاء الحمل: فقد ذكرتها إحدى النساء غير القادرات على الإنجاب في الدراسة بأنها قد ادعت الحمل عدة مرات وألقت باللوم على الأطباء فى التسبب في إجهاضها مرتين لتتجنب وصفها كعاقر. وفى هذا مثال على ما يسميه البعض “سلاح الضعفاء“(29)، وهي آلية يستخدمها من لا حول لهم وما قوة لتجنب الأذى. قدمت “ريسمان” أوصافًا لغير ذلك من أشكال المقاومة وتجنب الوصمة الاجتماعية للعقم التى تستخدمها النساء في الهند, بحيث يلقى باللوم على أى عامل آخر غير العامل الحقيقى، وتتضمن هذه الأشكال المواجهة ورفض اعتبارهن منحرفات، أو تجنب المواقف التى تؤدى لمواجهات عن عمد ، وأخيرًا رفض الأمومة تمامًا(17).
وجدت الدراسة المشار إليها أعلاه في اندرا برادش أن خطر تطليق الأزواج لزوجاتهن بسبب العقم ضئيل للغاية (27). أما فى هذه الدراسة، فقد كانت النساء غير القادرات على الإنجاب يخشين بشدة من هجر أزواجهن لهن، بالرغم من أن الدراسة لم تتمكن من تحديد عدد الحالات التى حدث فيها ذلك بالفعل في الأحياء الحضرية الفقيرة. ثمة أدلة على تمزق أواصر الزواج بسبب العقم فى بلدان أخرى بآسيا وأفريقا وأمريكا الشمالية(30 – 43) . ولقد وجدت “لوفتون” أن العقم كان من بين العوامل القوية والمهمة التي قد تؤدى إلى الطلاق بين سكان الريف ببنغلاديش (35) .
يدين 87% من سكان بنغلاديش بالإسلام، وحيث أن الشريعة الإسلامية تسمح بالطلاق، يتمتع الرجال في بنغلاديش بحرية أكبر فيما يتعلق بتطليق زوجاتهم, في حين ليس من حق النساء المسلمات تطليق أنفسهن إلا إذا منحهن أزواجهن ذلك الحق في عقد الزواج.
تظهر هذه الدراسة أن النساء والرجال غير القادرين على الإنجاب يواجهون العديد من مختلف انواع العار الاجتماعي. ورغم أن حدة المسألة أقل بالنسبة للرجال إلا أن وضعهم الاجتماعى (الرجال غير المنجبين) يتدنى بوضوح, كما يتعرضون لضغوط من أجل التزوج مرة أخرى لإنجاب أطفال. ومع ذلك فمن الواضح أن النساء يتحملن العبء الأكبر من تبعات العقم في بنغلاديش ويعانين من تبعات عاطفية واجتماعية واقتصادية خطيرة.
لقد أهمل المسئولون عن التخطيط الصحى قضية العقم في العديد من البلدان النامية على الرغم من كونها قضية صحية عامة على قدر كبير من الأهمية(27) . وتتطلب التدخلات على مستوى المجتمع المحلى للتعامل مع مشكلة العقم فهمًا – من المنظور المجتمعي – للأسباب التي يسود الاعتقاد بأنها وراء العقم، والقوى المحركة للسلوك المتعلق بالسعى إلى العلاج، وهو ما تقدمه هذه الدراسة. كانت معظم سبل العلاج التي لجأ إليها الناس في إطار العلاج التقليدى ولم تكن ناجحة، وهو ما أفضى بهم إلى الاعتقاد بصعوبة علاج العقم أو استحالته . ولم يربط إلا عدد قليل من المشاركين بين العقم وبين الأمراض المنقولة جنسيًا أو غيرها من مسببات العقم المثبتة مثل نقص الحيوانات المنوية، وبالتالي فقد أرجعوا العقم إلى أسباب خارقة للطبيعة أو للقدر أو للمشاكل النفسية الجنسية.
إن نجاح البرامج التي تتعامل مع مشكلة العقم في بنغلاديش يحتاج إلى تضمين مصادر العلاج الفعالة والملائمة على المستوى المجتمعى, والتدخل على مستوى المجتمع المحلى لكشف ستار الغموض الذي يحيط بمسببات العقم وتوعية الناس بمسبباته الحقيقة لكي يعلموا لماذا يعجز بعض الرجال والنساء عن الإنجاب، وتوضيح أفضل الجهات التي يمكنها أن تقدم الرعاية والعلاج لهم .
تمثل هذه الورقة جزءًا من نتائج دراسة مشتركة قام بها برنامج العلوم الاجتماعية والسلوكية وبرنامج (MCHEP) التابع لقسم علوم الصحة العامة بالمركز الدولي لبحوث مرض الإسهال فى بنجلادش بدعم من المنحة المقدمة من وزارة التنمية الهولندية. يتقدم المركز الدولي لبحوث مرض الإسهال فى بنجلادش بالعرفان لحكومة هولندا لالتزامها بدعم بحوث المركز. كل الشكر لبيرت بيلتو للمشورة الفنية التى قدمها أثناء الجمع الأولى للبيانات. ولـ انهورن للاقتراحات القيمة التى قدمتها أثناء مرحلة الصياغة، وعباس بهويا لتعاونه القيم. ونوجه الشكر أيضًا لترودى جيرتس وفرانك فان بالين لتقديم الفرصة لعرض جزء من الدراسة فى مؤتمر “تفسير العقم: البحوث العلمية الاجتماعية حول العقم من منظور عالمى” (وهو المؤتمر الاول للعلوم الاجتماعية حول العقم المنعقد في نوفمبر/ تشرين الثانى ۱۹۹۹ في أمستردام. وكل الامتنان إلى لورين بلام المراجعة الورقة في المرحلة النهائية من الكتابة. وأخيرًا وليس آخر, نحن مدينون بالعرفان لكل المشاركين في الدراسة
* العدد ١٥ الصادر باللغة الإنجليزية مايو 2000ص 33 – 44
1-Bergstrom S , 1992. Reproductive failure as a health priority in the third world : a review . East African Medical Journal . 69 ( 4 ) : 174-80 .
2-Bhuiya A , Chowdhury M , Momen M et al , 1997. Marital Disruption in a Rural Area of Bangladesh : Predisposing Factors and Consequences on Women’s Life . ICDDR , B , Dhaka .
3-World Health Organisation , 1991. Infertility : A Tabulation of Available Data on Prevalence of Primary and Secondary Infertility . MCHFP / 91.9 . WHO , Geneva .
4-Akhter HH , 1997. Reproductive Health Care Needs Study , BIRPERTHT , 1996. In : Women’s Health in Bangladesh . Proceedings : Workshop on Implementation Women’s Health Programs in the Community : The Bangladesh Experience . BRAC , Dhaka .
5-Singh A , Dhaliwal LK , Kaur A , 1997. Infertility in primary health center of North India : a follow up study . Journal of Family Welfare . 42 ( 1 ) : 51-56 .
6-Neff DL , 1994. The social construction of infertility : the case of the matrilineal Nayars in South India . Social Science and Medicine . 39 : 475-85 .
7-Ahmed A , 1991. Women and Fertility in Bangladesh . Sage Publications , New Delhi .
8-Ford Foundation , 1991. Reproductive Health : A Strategy for the 1990s . Ford Foundation , New York .
9-Pachauri S , 1994. In : Women’s Reproductive Health in India : Research Needs and Priorities . J Gittelsohn , ME Bentley , PJ Pelto et al ( eds ) . New Delhi .
10-ICPD Programme of Action . UN , New York , 1994 .
11-Gerrits T , 1997. Social and cultural aspects of infertility in Mozambique . Patient Education and counselling . 31 : 39-48 .
12-Ministry of Health and Family Planning Welfare Report , 1996. MOHFW , Dhaka .
13-Sabin K , Rahman M , Hawkes S , 1997. Cross – sectional study on the prevalence of sexually transmitted infections among Dhaka slum dwellers , Abstract , Sixth Annual Scientific Conference , ICDDR , B , Dhaka .
14-Local rhymes , Ashrafuzzaman , personal communication , February 1996 .
15-Blanchet T , 1984. Women , Pollution and Marginality : Meaning and Rituals of Birth in Rural Bangladesh . University Press . Dhaka .
16-Inhorn MC , 1994. Kabsa ( A.K.A. Mushahara ) and threatened fertility in Egypt . Social Science and Medicine . 39 : 487-505 .
17-Riessman , CK , 2000. Stigma and everyday resistance practices : childless women in South India . Gender and Society . 14 ( 1 ) : 111-135 .
18-Jindal UN , Gupta A , 1989. Social problems of infertile women in India . International Journal of Fertility . 34 : 30-33 .
19-Faundes A , 1994. Reproductive tract infections . International Journal of Gynecology and Obstetrics . 46 ( 2 ) : 181-87 .
20-Inhorn MC , 1994. Quest for Conception : Gender , Infertility , and Egyptian Medical Tradition . University of Pennsylvania Press , Philadelphia .
21-Perry H et al , 1996. The quality of urban EPI services in Bangladesh : Findings from the urban initiative needs assessment study in Zone 3 of Dhaka city , MCHFP extention project ( Urban , ICDDR , B , Dhaka ) . 90 mothers were interviewed .
22-Parikh I , Taskar V , Dharap N et al , 1996. Gynaecological morbidity among women in a Bombay slum . ( Unpublished ) .
23-Sharma Anjali , Papreen Nahar , Sabin K , 1996. Sexual behaviours among cases with sexually transmitted diseases in Dhaka slums . Abstract , Sixth Annual Scientific Conference , ICDDR , B , Dhaka .
24-Choudhury RH , Ahmed RN , 1980. Female Status in Bangladesh . Bangladesh Institute of Development Studies , Dhaka , Quotes this passage from the Koran [ Sura 4:35 ] from AJ Arberry , 1955. The Koran Interpreted . Vol . 2. MacMillan , New York . p9 .
25-Goffman E , 1993. Stigma : Notes on the Management of Spoiled Identity . Prentice – Hall , Englewood Cliffs NJ .
26-Jahan R , 1994. Hidden Danger : Women and Family Violence in Bangladesh . Women for
Women , Dhaka .
27-Unisa S , 1999. Childlessness in Andhra Pradesh , India : treatment – seeking and consequences . Reproductive Health Matters . 7 ( 13 ) : 54-64 .
28-Ahmed KM , 1999. Risk factors of morbidity due to violence among women of reproductive age in Matlab , Bangladesh . ( Unpublished , study ongoing )
29-Scott , C. J , 1985. Weapons of the weak ; Everyday Forms of Peasant Resistance . Yale University Press , New Haven .
30-30- Ko Grace – Po – Chee , 1995. Multiple case study ( women ) of infertility in Hong Kong : Implications for social work intervention . Hong Kong Journal of Social Work . 29 ( 2 ) .
31-Leiblum S R , 1993. Annual Review of Sex Research . Dept of Psychiatry , Robert Wood Johnson Medical School , Piscataway NJ .
32-Inhorn MC , 1996. Infertility and Patriarchy : The Cultural Politics of Gender and Family Life in Egypt . University of Pennsylvania , Philadelphia .
33-Favot I , Nagalulu J et al , 1997. HIV infection and sexual behaviour among women with infertility in Tanzania : a hospital based study . International Journal of Epidemiology . 26 ( 2 ) : 414 19 .
34-Okonofua FE et al , 1997. The social meaning of infertility in south west Nigeria . Health Transition Review . 7 : 205-20 .
35-Lutfun N , Jeronen K , van Ginneken , 1997. Childlessness as a risk factor of divorce among young married women in Bangladesh . Annual Report , ICDDR , B , Dhaka .
36-Bangladesh Bureau of Statistics , 1997 .
37-Rowe PJ , 1999. Clinical aspects of infertility and the role of health care services . Reproductive Health Matters . 7 ( 13 ) : 103-111 .