*كالبانا كانابيران1
مقدمة: توضيح سياق قوانين الأحوال الشخصية في الهند
سوف تعمل الدولة على تأمين قيام الزواج، بشكل حصري، على الموافقة المتبادلة للجنسين، وصونه من خلال التعاون المشترك والحقوق المتساوية للزوج والزوجة بوصف ذلك أساسًا له. وسوف تعترف الدولة، كذلك، بأن للأمومة أحقية خاصة في الرعاية والحماية.
مسودة المادة 42 من دستور الهند، تم إلغاؤها بدون مداولات (Rao 1968: 323)
تنتهج الهند نظام حكم دستوري، ديمقراطي علماني. وقد سُطرت في ديباجة دستورها مبادئ المساواة والعلمانية. كذلك، يضمن الفصل الخاص بالحقوق الأساسية (الجزء الثالث) من الدستور الهندي المساواة أمام القانون (مادة 14)، وعدم التمييز على أساس الجنس، أو الدين، أو الطبقة، أو العِرق، أو مكان الميلاد، أو أي تصنيف آخر (المادة 15)، والحق في الحياة والحرية الشخصية (المادة 21)، والحق في الحرية الدينية (المادة 25).
بيد أن هذا الإطار الدستوري تتوازى معه، وتتقاطع، قوانين دينية تهيمن على الأمور المتعلقة بالأسرة (الزواج، والطلاق، والمواريث، والتبني، والنفقة، والتركات، والوصاية). وفي هذا الصدد، فقد احتلت مكان الصدارة في النقاشات العامة والفقه القانوني ثلاث مجموعات من قوانين الأحوال الشخصية الدينية، وهي تلك الخاصة بالهندوس والمسلمين والمسيحيين، لاسيما فيما يخص علاقة كل منها بالدستور وغيره من القوانين العامة (خاصةً القانون الجنائي). وذلك بالإضافة إلى التنوع داخل كل من تلك الملل، بطبيعة الحال، وهو الأمر الذي حظي بنقاش مكثف في الخطاب السوسيولوجي. على أن الجانب المهم في تلك الأعراف الدينية الثلاثة هو أنها تثير، على الفور، قضية حقوق الأقليات والامتيازات (المكتوبة وغير المكتوبة) للأغلبية في البلاد – حقوق وامتيازات لا تقتصر على قوانين الأسرة وحدها بل كثيرا ما تمتد إلى الخطاب المتعلق بقوانين الأسرة، صدورًا عن نقاش آخر أوسع، وكثيرًا ما يتسم بالتنازع، حول سطوة الأغلبية وهضم حقوق الأقليات في الهند ما بعد الكلونيالية، المستقلة، الديمقراطية، التعددية، متعددة الثقافات.
وقد ذهبت روبنسونRobinson، بعد تتبعها للسياق التاريخي لانقسام الأقلية–الأغلبية في الهند، إلى أنه يعود إلى الحكام الكولونياليين البريطانيين ” الذين نظروا إلى الهندوس والمسلمين، بشكل أساسي، من خلال منظور الدين، رأوا فيهم مجتمعات متجانسة لا تمايز داخلي فيها… وتطبيق مثل تلك التصنيفات، وكذلك المفهوم الجامد للهوية الثقافية/الطائفية المقترن بها … هو أبعد ما يكون عن طبيعة الهويات المحلية، المتشابكة والمتراكبة التي كانت قائمة قبل التدخلات البريطانية” (Robinson 2012: 6)
كان سنُّ قانون الأحوال الشخصية للمسلمين (وليس إصلاحه) بالغ الأهمية في عملية بناء هويات الأقليات هذه (Williams 2012). وقد ذهب باحثون إلى أن “سياسات حقوق الأقليات في الهند أضعفت قدرة الدولة على حماية حقوق المرأة بوصفها مواطنًة مساويًة في دولة ديمقراطية علمانية” (Robinson 2012: 34) وأكدوا أن الدولة لا يمكنها أن تتحول إلى “حليف للنزعات الاجتماعية المحافظة “، أو أن تسمح بتقويض سلطتها في تشريع حقوق متساوية (Mahajan 1999, cited in Robinson 2012: 34). على أن هناك، أيضًا، ميل إلى إصلاح الخلل الذي يمثله اعتبار “حالة المسلمين” حالة متمايزة عن “قانون الأحوال الشخصية للهندوس الذي تعدله الدولة بين الحين والآخر، والمسيحيين الذين جمعوا كلمتهم على جعل مواد قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين أكثر عدالة بالنسبة للجنسين” (Robinson 2012: 34)
سوف يركز هذا الفصل على العنف داخل الأسرة ومقاربات المتقاضين، والمحاكم، والمشرعين، والنخبة السياسية للقضاء على مثل هذا العنف و/أو تجاهله، متتبعًا العلاقة بين القوانين التي تجرم العنف القائم على النوع وقوانين الأحوال الشخصية التي تهيمن على شؤون الأسرة. وسوف نبدأ نقاشنا بالقول بإن الحالات والحملات كشفت لنا عن تعقيدات في العلاقات بين أوضاع النساء عبر مختلف المجتمعات، فبغض النظر عن الإصلاح وبالرغم منه – لم تبرز المرأة المسلمة، في واقع الحال، بوصفها مقموعة بشكل استثنائي في عالم تتمتع فيه نساء المجتمعات الأخرى بالعدالة والمساواة. على أن هناك ميدان آخر يلعب فيه النوع الاجتماعي دوره بشكل متزامن حيث ينظر للمرأة المسلمة –في مجتمع يتصاعد فيه تشدد الأغلبية–على أنها ضحية مجتمع قمعي ولا تملك أي فاعلية ذاتية، كما يتضح من النقاشات التي تدور حول الطلاق الثلاثي والقانون المدني الموحد.
ومع الاعتراف بالمساحة الشاسعة والمعقدة التي تحتلها الأسرة في حياة المرأة، يركز هذا الفصل على أحد جوانب النضالات النسوية في الهند، وهو النضال ضد العنف ضد المرأة في الأسرة، ويتتبع النقاشات النسوية والمناصرة، والإصلاحات القانونية، وتزايد تناول الفقه القانوني والسياسات العامة (الوطنية والدولية) لقضية العنف المنزلي وعلاقاتها بالتمييز الجندري في قوانين الأسرة، منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي وحتى سنة 2016.
شهدت بدايات ثمانينيات القرن العشرين صعود أصوات نسوية جديدة في الهند، وكان ذلك في الفترة التي أعقبت إعلان حالة الطوارئ سنة 1975 مباشرةً، والتي شهدت أيضًا تنامي النضال من أجل الحريات المدنية والحقوق الديمقراطية في شتى أنحاء البلاد. على أن التعبير عن حقوق المرأة كان مستقلًا عن خطاب حقوق الإنسان السائد، والذي عادةً ما يثير أسئلة متعلقة بالحقوق المدنية والسياسية داخل الدولة، والأهم من ذلك، داخل الجماعات – المجتمعات، والحركات، والعائلات – والذي كان يدفع الدولة إلى السعي لحل تصارع المطالب. ومع اكتساب الحركات النسائية زخمًا، بدأ عدد من الحركات الجماهيرية وجماعات الحقوق الديمقراطية في الإقرار بوجود حاجة لتأطير حقوق المرأة ضمن تحليل أوسع لحقوق الإنسان، وكان من تلك الحركات الحقوقية حركة الداليت والأديفازي.
ولكن، مع صعود الجناح اليميني للقومية الهندوسية والطائفية، خاصةً في أعقاب إزالة مسجد بابري سنة 1992،1 بدأنا نشهد تحولًا في الخطاب العام والتعبير عن القضايا النسوية، خاصةً فيما يتعلق بحقوق المرأة في الأسرة. كانت ملامح تشدد الأغلبية واضحة جلية في ثمانينيات القرن الماضي بالطبع، ولكنها تعززت في العقد التالي.
كانت معظم المجموعات النسائية صغيرة الحجم، تعمل داخل مدن أو بلدات، وبشكل أساسي على قضايا رفع الوعي، وتنظيم الحملات، ومعالجة حالات فردية. شهدت تلك الفترة نموًا سريعًا للمنظمات النسائية، ودخول أعداد غفيرة من النساء، من مختلف الأجيال وشتى مشارب الحياة، إلى ميدان النضال، كاختيار سياسي واعٍ، وقد نبعت جماعات حقوق النساء في شتى أنحاء الهند، كما هو الحال في جميع أنحاء العالم، من الحاجة إلى تصفية الحساب مع التمييز بين الجنسين والتوصل إلى مقاربات نظرية لعمل ذلك بفعالية. قامت الحملات النسوية بإبراز قضايا النساء أمام أعين الجماهير من خلال إستراتيجية متعددة الجوانب شملت الحضور الإعلامي، والتقاضي الاستراتيجي، والعمل على قضايا محددة، والاحتجاجات الجماهيرية، ورفع الوعي والدراية على المستويين المحلي والوطني، وتشكيل جماعات ضغط من أجل تغيير القانون. وكما ذهبت غاندي وشاه، فإن الحشد النسوي حول قضايا العنف ضد المرأة أدى إلى تسييس ما كان حتى تلك الفترة ينظر إليه بوصفه “مشكلة اجتماعية” (Gandhi and Shah 1992: 94)
أصوات من النضال
سوف أبدأ تناولي لإصلاح القانون بثلاثة أصوات من أوائل ثمانينيات القرن الماضي، لأن النساء اللاتي يتحدثن هنا كان لهن تأثير مستمر على صياغة حقوق المرأة داخل الأسرة. فلافيا أجنس Flavia Agnes واحدة من محاميات حقوق المرأة الرائدات في البلاد، وشاهناز شيخ Shahnaz Sheikh أول امرأة مسلمة تتحدى الطلاق الثلاثي في المحكمة العليا الهندية، وساتياراني شادها Satyarani Chadha التي اشتهرت بأنها وجه حركة مناهضة الدوطة – فقد أفضى كفاحها من أجل محاكمة زوج ابنتها على قتل ابنتها إلى تغييرات بعيدة الأثر في القانون الجنائي حول وفيات الدوطة في أوائل ثمانينيات القرن العشرين.
“عندما قال سأضربك للمرة الأولى، حسبته يمزح. لم يخاطبني أحد بتلك الكلمات من قبل. عندما ضربني للمرة الأولى بيديه صُدمت. المرة الثانية كانت بشماعة خشب… المرة الثالثة كانت بالحزام وأصابت التوكة أنفي فكُسرت قصبة الأنف. شعرت بخدر، ليس من الألم بقدر ما كان من اليأس. لم يحذرني أحد من أن الزواج سيشتمل على هذا.” (Agnes 1984: 11)
كتبت شاهناز شيخ عن تجربتها:
“رفعت دعوى، سنة 1983، في المحكمة العليا تحديت فيها قانون الأحوال الشخصية للمسلمين على أساس أنه يميز ضد المرأة المسلمة. زوجي السابق ألقى علي يمين الطلاق ثلاثًا شفاهيةً وطردني في منتصف الليل. كانت الحياة صعبة…كانت كلمة [زوجي] في مقابل كلمتي. استفتيت خمسة قضاة شرعيين فأفتاني كل منهم بفتوى مختلفة بخصوص طلاقي. لم أدر ما هو وضعي الشرعي من الزواج. هل أنا متزوجة أم مطلقة؟ في تلك اللحظة قررت توكيل محامية للاعتراض أمام المحكمة العليا على هذا الشكل من الطلاق، وعلى قانون الأحوال الشخصية للمسلمين على أساس المساواة التي كفلها الدستور. كانت تلك أول قضية من نوعها تنظرها المحكمة.” (Sheikh 2016)
ساتياراني شادها، لقيت ابنتها الحامل ذات العشرين ربيعًا مصرعها نتيجة حروق، في غضون عام من زواجها:
“فقدت ابنتي منذ 35 عامًا، ولكني بما صنعت أنقذت آلاف وآلاف أخريات. ولكن، في نهاية المطاف، علامَ حصلت؟ ما زال حيًا، تزوج وفر. هو ليس في السجن ولكن ابنتي ماتت. خيبة الأمل في القضاء هذه ستلازمني إلى الأبد.” (Jain 2014)
للنقاش حول الإصلاح الاجتماعي، خاصةً في تأثيره على حيوات النساء، تاريخ قديم. ففي حين انصب النقاش في مراحله المبكرة على إخضاع المرأة الهندوسية، خاصة نساء الطبقة العليا الهندوس. فإن الأصوات الإصلاحية التي ركزت على الزواج، والممارسات الزواجية، والأسرة، جاءت من مناطق وجماعات مختلفة، ومن داخل كل ديانة.
على أنه من الصحيح أيضًا أن ارتفاع معدلات العنف خلال النزاع وتوقع العنف بعد النزاع تفضي إلى ظهور مساحات حشد مجتمعية لتقديم الدعم للناجيات. وقد لاحظت فاهيدا ناينار Vahida Nainar أن المناصرة خلال مرحلة النزاع تحسن من مستويات السرد وتقديم الشهادات حول العنف. وذلك أن مجموعات الضحايا /الناجيات تشعرن بنوع من الفعل (بل وحتى التمكين) عند تذكر تجارب العنف التي مرت بها كل منهن، ويتحول فضاء المخيم إلى فضاء مجمع ومتضامن.2 هذا هو بالفعل التضامن الذي قصدته زاكية سومان Zakia Soman عندما تحدثت عن التأثير التتابعي للمناصرة القائمة على المجتمع في فترات ما بعد النزاع، وانتقال هذا التأثير إلى البيوت، في سعي لإعاقة العنف الاقتصادي المقترن بالطرد من بيت الزوجية وانتزاع كل ما تملك المرأة والدي عادة ما يصحب النطق الأحادي بالطلاق في ظل قانون المسلمين.3
هناك تجارب شديدة التباين في العمل مع الناجيات من العنف الأسري – خاصةً العنف الزوجي – عبر المجتمعات الدينية، والطوائف، والمناطق، والطبقات في الهند. وعلى الرغم مما لاحظته بعض المناصرات من أن النساء اللائي يلجأن إليهن للإغاثة في ظل القانون العام ينتمين إلى مجتمع الأغلبية – مما يوحي بأن النساء المسلمات إما يذهبن إلى محاميات مسلمات أو إلى محاكم شرعية – فهناك أخريات من المدينة نفسها مثل مستشارات مجموعة دعم المرأة “شاهين Shaheen” في البلدة القديمة في حيدر آباد، والتي تديرها ناجيات، يشرن إلى حقيقة أن النساء اللاتي لجأن إليهن عانين من مشكلات مشابهة تمامًا، أيًا ما كان موقعهن الاجتماعي. وربما يرجع الاختلاف في النفاذ إلى تلك المجموعات إلى (أ) الموقع الجغرافي – خطوط الاتصال في البلدة الحديثة مختلفة تمامًا عن مثيلاتها في البلدة القديمة لحيدر آباد، و(ب) التمييز بين الممارسة القانونية الاحترافية من جانب، والاستشارات المجتمعية، والخدمات شبه القانونية، ودعم الضحايا من جانب آخر. سلطانة Sultana، من شاهين، ناجية من اعتداء زوجها المروع عندما كانت حبلى؛ هي الآن، وبعد خمسة عشر عامًا، رائدة في مركز استشارات، وتتمتع بدراية فائقة بالجوانب العملية المتعلقة بتحقيق العدالة، والضرورة الحتمية لتوفير الإغاثة للنساء اللاتي يعانين من ظروف صعبة. وقد لاحظت سلطانة أن تعدد الزوجات مشكلة تعاني منها النساء المسلمات وكذلك أولئك اللاتي ينتمين إلى الطبقة المتخلفة من الهندوس، بينما تعاني المسلمات، ونساء الطبقة المتخلفة من الهندوس ونساء الداليت من القيود الشديدة على التنقل. وقد أشارت، كذلك، من واقع خبرتها كمستشارة طيلة عقد من الزمان، إلى أنه ليست كل النساء يخترن الفكاك من زواج تنتهك فيه حقوقهن أو التنازل عن حضانة أبنائهن. فالعديدات منهن تردن الاستمرار مع الأسرة، ولكن مع التخفيف من حدة العنف، خاصة العنف الجنسي الروتيني. وفي سياق يعاني فيه الرجل والمرأة الفقر، والافتقار إلى وظيفة ثابتة، والهشاشة الاجتماعية، يمكن، في بعض الأحيان، تقليص ارتفاع معدلات ضعف المرأة داخل الأسرة عن طريق خدمات الاستشارات التي تقدمها كيانات جماعية مثل شاهين، تستطيع استقدام الزوج إلى مائدة الاستشارة اعتمادًا على نواياها الحسنة مع القضاة الشرعيين، وتواجدهن في المجتمع والحي.4
ومن المهم هنا أن نتذكر إشارة سولانكي Solanki إلى مقاربتين لما يجب أن يُظِل شؤون الأسرة. أولاهما، والتي تطلق عليها سولانكي المقاربة “المتمحورة حول المجتمع“، تقترح “استقلالًا ذاتيًا جماعيًا للمجموعات الثقافية، خاصةً الأقليات، فيما يتعلق بتنظيم شؤون الأسرة“. وهي تقتبس هنا من رؤية شاتيرجي Chatterjee القائلة بوجوب استدعاء ” الأبعاد الإستراتيجية لسياسات الاختلاف” بحيث تتيح “للمجتمعات الثقافية رفض التماهي باسم المنطقية السائدة، وذلك بتطوير “منتدى ديمقراطي داخلي” (Solanki 2011: 5). المقاربة الثانية “تتمحور حول الدولة” وفيها ينقل الاختلاف إلى الفضاء الخاص – حيث تكون الدولة هي موضع التقنين الوحيد ( 5–6نفس المرجع).
يتمثل الجانب المهم في مبادرات الإصلاح التي أطلقت شرارتها الجماعات النسوية في الهند في أنها استثارت سلسلة من ردود الفعل المؤسسية – قبل التشريع، وأثناء التشريع، تتعلق بالفقه القانوني –أحدثت تحولًا مهما في الخطاب العام حول العنف ضد المرأة داخل الأسرة. وهدفنا من هذه الرحلة مع المداولات النسوية عبر ثلاثين عامًا هو فهم كيف تضافرت المناصرة النسوية مع التشريع والتفسيرات القانونية لإحداث تحوُّل في معايير فهم موقع النساء داخل الأسر في الهند – تحولٌ كان له تأثيرات مباشرة على الخطاب العام، ومعالجة حالات النساء داخل الأسرة بشكل فردي، واستجابة النظام القضائي (الرسمي والمجتمعي)، والمسئولية السياسية للنواب المنتخبين.
كان هناك نوعان مختلفين من المنطقية القانونية النسوية في النقاش الدائر حول حقوق النساء وسط مطالبات بالاستقلال الثقافي (والديني) عبر كل الطوائف – من أبناء ديانات الأقليات إلى أبناء ديانات الأغلبية: أيدت حججُ النوع الأول قانونَ أحوال مدنية موحد يهيمن يطبق على الجميع بغض النظر عن الديانة، بينما أيدت حجج النوع الثاني اعترافًا حازمًا بالتنوع الديني–الثقافي، حتى مع طرح أسئلة حول مساواة المرأة، واستحقاقاتها، وحمايتها داخل الفضاءات المجتمعية.
وقد تعقد النقاش لعدة أسباب: (أ) في مجموعة المنادين بالاتجاه الأول –المؤيد لقانون مدني موحد– استولت على النقاش التشكيلاتُ السياسية الهندوسية اليمينية المهيمنة، وطعنت في حجة الفصل بين الفضاءات المختلفة، باعتبارها “استرضاء للمسلمين” عبر “السماح بممارسات محددة مثل تعدد الزوجات، والطلاق الأحادي (خاصةً الطلاق البائن) ونفقة المرأة المسلمة المطلقة/المنفصلة بموجب قانون حماية حقوق المرأة المسلمة في الطلاق، لسنة 1986، بدلًا من الخضوع للمادة المعيارية الواردة في القسم 125 من القانون الجنائي. (ب) بالنسبة للاتجاه الثاني المناصر لدمقرطة الفضاءات المجتمعية، قاوم الفقهاء المسلمون والأحزاب السياسية الاسلامية (التي يطغى عليها الذكور) كل تحرك من أجل إحداث إصلاح داخلي يكون من شأنه التخفيف من ضعف المرأة أمام العنف الهيكلي داخل الأسرة، وذلك بإصرارهم على الاستقلال الكامل للفضاءات المجتمعية بموجب المادة 25 من الدستور الهندي. (ج) الاتجاه الثالث، الذي نأت فيه النسويات، خاصةً المنتميات إلى مجموعات هندوسية، بأنفسهن عن المواقف الأصولية أو الطائفية حول المرأة، لم يكن هناك نقد واضح للميل الأبوي في القوانين الهندوسية المتعلقة بالزواج والطلاق، فضلًا عن “إضفاء الصبغة الهندوسية على قانون الزيجات الخاصة“(Agnes 2008a: 504–505).
وقد طرحت المناصرة ألبرتينا آلميدا Albertina Almeida أسئلة ذات صلة بذلك فيما يتعلق بالنقاش الحالي حول القانون المدني الموحد، مستندةً فيها إلى تجربة ولاية “جوا” في الحفاظ على القانون الموحد:
“حتى مع الترويج للقانون المدني الموحد على أنه البلسم الشافي لانتهاكات حقوق النساء، لم يتساءل أحد عن الدور الفعلي للقانون المدني الموحد في “جوا“. ما الذي يعنيه إطلاق وصف “الموحد” على القانون المدني؟ ولماذا تم الإبقاء عليه في جوا؟ وكيف يلعب دوره لمختلف شرائح النساء؟” (Almeida 2016)
وقد لفتت آلميدا انتباهنا إلى أن الموحد لا يعني افتراض وجود مساواة، وأنه قد يعني موحد في التمييز عبر كل الأديان، وأن المعاملة المتساوية لغير المتساوين تنتج عمليًا عدم مساواة، وذلك في إطار تحليلها لتجربة جوا مع القوانين الموحدة؛ وهو تحليل محدد ويحمل الكثير من الدروس للنقاش الوطني الجاري في الهند حاليًا (نفس المرجع).
باختصار، أيًا ما كان الموقف، لا يبغى ان تفهم المساواة بما يوحي بالتوحيد، بل بالأحرى كإطار يضمن التكافؤ بين المجموعات (خاصةً المجموعات الدينية) والديمقراطية داخل تلك المجموعات (Solanki 2011).
وفيات الدوطة والمرأة الهندوسية وإصلاح القانون: ثمانينيات القرن العشرين.
شهدت أواخر سبعينيات القرن الماضي مصرع أعداد كبيرة من الشابات في بيوت الزوجية، خاصة نتيجة حروق. تلك النساء كنَّ حديثات الزواج (هندوسيات في معظمهن ومتزوجات من طبقتهن نفسها)، حضريات في الغالب، ومتعلمات. واتسع استخدام أفران الكيروسين بسرعة في شتى أنحاء البلاد، لتلتهم حيوات حديثات الزواج. تلك الوفيات كانت عائلات الأزواج تبلغ السلطات بأنها حالات انتحار:
“لم تحظ ساتياراني شادها Satyarani Chadha بتعليم مهني أو انجليزي، ولم تتمتع بمميزات الطبقة النخبوية. كانت ربة أسرة خجولة من الطبقة المتوسطة، وظلت كذلك حتى الوفاة المأساوية لابنتها، كانشانبالا Kanchanbala، ذات العشرين ربيعًا، وهي حامل في شهرها السادس لإصابتها بحروق بنسبة 100% في بيت الزوجية. تلك الحادثة التي وقعت سنة 1979… حولتها إلى ناشطة ومناضلة لا تكل من أجل حقوق المرأة والعدل. وبرفقة أهالي أكثر من 20 من ضحايا الدوطة، قضت 27 سنة في سعي عنيد وتصميم صارم، تناضل في قضايا قانونية وتتردد على المحاكم، حتى حصلت في النهاية على العدالة عندما أيدت المحكمة العليا إدانة زوج ابنتها بدفع ابنتها، كانشانبالا، إلى الانتحار.
حولت ساتياراني حزنها إلى شجاعة واستمدت من صدمتها الشخصية القوة، لتنتقل إلى حياة من النضال من خلال منظمتها “شاكتي شاليني Shakti Shalini لمساعدة الناجيات اللاتي يواجهن العنف الأسري، أو إساءة التعامل بسبب الدوطة، أو التحرش في بيت الزوجية. وقد أمضت سنوات عديدة ترشد، وتقدم الاستشارات، وتدعم الأهالي والفتيات اللاتي يواجهن التحرش والعنف على أيدي الأزواج وأهالي الأزواج بسبب الدوطة.” (Jain 2014)
لقد أصرت النسويات على اعتبار شهادات وفاة النساء اللاتي “حاولن الانتحار” دليلًا على الجرم، وعلى وجوب تشديد الشرطة من إجراءاتها، فتصاعدت احتجاجاتهن ضد تلك الوفيات (Kumar 1990: 115–126)، واتخذت شكل المظاهرات، وعروض مسرح الشارع، والحملات المستدامة. وفي سنة 1978، أي بعد عام من اندلاع المظاهرات التي عمت كل أنحاء البلاد، أكد رئيس الوزراء الهندي، شاران سينج، لوفد نسائي أن الدورة البرلمانية التالية سوف تشهد إدخال “تدابير لوقف إساءة معاملة النساء بسبب الدوطة” (نفس المرجع 120).
وتماشيًا مع مطالبات جماعات حقوق النساء بضرورة تحكيم الأمور الزواجية في فضاء “يخفف من عدم التوازن الكامن في العلاقات الزوجية بإنشاء التزامات جديدة وتعديل أخرى قديمة“، تم إنشاء محاكم الأسرة، بموجب قانون الأسرة لسنة 1984، لتكون لها الولاية القضائية على الأمور الجنائية والمدنية المرتبطة بفسخ الزواج: الطلاق، واسترداد حقوق الزوجية، النفقة المؤقتة، والنفقة الدائمة،* وحضانة الأبناء (Agnes 2008b: 276–277; انظر/انظري أيضاBasu 2014). وقد صمم نظام تلك المحاكم بحيث يتيح مساحة تحرك أيسر منالًا للنساء، وكانت جزءًا مهمًا من التغييرات الهيكلية والمؤسسية التي نجمت عن حشد النسويات لجماعات الضغط على الحكومة. وعلى مسار آخر ذي صلة، وقعت الهند على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد النساء (سيداو) سنة 1980 وصدقت عليها في يوليو 1993 مع بعض التحفظات.
وقد أظهر مسح أجري على مئة حالة وفاة، تم الإبلاغ عنها، لنساء قضين نحبهن في بيت الزوجية بين 1995 و2004، أنه على الرغم من استمرار وجود مشاكل في تفسير وضع المرأة داخل الأسرة، بسبب العقليات الأبوية للقضاة والمحامين؛ وعلى الرغم من استمرار الارتفاع المقلق لعدد النساء اللاتي يتوفين في بيت الزوجية – عن طريق السم، أو الحرق، أو الضرب، أو الإغراق، أو الرمي بالرصاص، أو الشنق، أو الخنق في الكنف “الآمن والمتناغم” للأسرة – فهناك زيادة هامشية في معدلات الإدانة في الحالات التي صُرعت النساء فيها بشكل مروع، وتحول ملحوظ في الضمير القضائي.1 على أن هذا التأثير ليس بالوضوح نفسه في الحالات التي تنجو فيها المرأة وتهرب من وحشية بيت الزوجية. ففي هذه الحالات تشي روايات التعامل مع نظام القضاء الجنائي، بوجود عداء سافر للناجية، لعدم إذعانها لأعراف الزواج الذكورية (المتمثلة في عنف الزوج). وعلى مستوى آخر، فعلى الرغم من أن معظم حالات العنف التي تتعرض لها المرأة في بيت الزوجية تتم بسبق إصرار وترصد، لا يتم إثبات القصد الجنائي في حالات قتل الزوجات بمثل ما يتم إثباته في حالات القتل بوجه عام. فكما لاحظت ناينار Nainar، هناك صعوبة كبيرة في إثبات حدوث تعذيب في حالات العنف بسبب الدوطة – بمعنى إعطاء تلك الأفعال الثقل الذي يتسم به التعذيب – إلا إذا استطعنا تحويل التركيز من الفاعل إلى الفعل نفسه.2 وعادةً ما تمثل العلاقة الأسرية عاملًا مخففًا في سياسات إنزال العقاب، على الرغم من كونها، في واقع الأمر، العامل الذي يضعف المرأة أكثر في مواجهة الاعتداء.
على أي حال، العدالة المتأخرة خير من غياب العدالة تمامًا، كما أثبت بجلاء الحكم الصادر في قضية مقتل ابنة ساتياراني شادها سنة 1979، والتي أطلقت حركة بأسرها لإصلاح القانون الجنائي. فقد نص حكم محكمة دلهي العليا على أنه فيما يتعلق بالقرينة، فإن المادة 113(أ) من قانون الأدلة الهندي، وعلى الرغم من بدء سريانها بعد وقوع الحادثة، فإنها “لم تنشئ جريمة جديدة وبالتالي فهي لم تنشئ أي حق أساسي ولكنها تعلقت فقط بكيفية التعامل مع الدليل، وبالتالي فإن تطبيقها سيكون بأثر رجعي.”3
ولكن، على الرغم من كل ذلك، فقد شهدت ثمانينيات القرن العشرين ظهور قاعدة بديهية جديدة – في المجال العام، ولدى السلطات التشريعية، والتنفيذية، والقضائية – حول حقوق النساء واستحقاقاتهن داخل الأسرة. كانت التناقضات عميقة، ولكن النقاش فتح مساحة لمستوى جديد من الانخراط، وفرض القانون انخراطًا مؤسسيًا مع مشكلة العنف ضد المرأة، وفهمًا للجرائم التي تقع داخل الأسرة وتذهب نساء ضحية لها بشكل يومي. ومع ذلك، فعندما جرى نقاش حول قانون حماية النساء من العنف المنزلي بعد ذلك بعقدين، سأل فقهاء قانون بارزون إنديرا جيسينج “ما هو ذلك الأمر المسمى “عنفًا منزليًا“؟ القانون لا يعترف بمثل هذا الأمر. (Jaising 2013: xv). الأمر المسمى “عنفًا منزليًا” كان عليه الانتظار حتى 2006 ليضع القانون تعريفًا له.
من الملائم أن نبدأ النقاش حول قوانين الأسرة والمرأة المسلمة بالبيان الصادر في 20 أكتوبر 2016 عن مئة “مسلم ومنحدر من أصول مسلمة” في الهند، والذي عارض الطلاق الثلاثي، والقانون المدني الموحد، و“الحب الذي ظهر حديثًا للمرأة المسلمة” من قِبَل الحزب الهندوسي اليميني الحاكم (حزب بهاراتيا جاناتا)، واستقطاب لجنة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في عموم الهند لأصوات المسلمين.1 سوف أناقش هنا طبيعة مناصرة حقوق المرأة المسلمة في مختلف أنحاء البلاد، مع التركيز على العلاقة بين قوانين الأسرة والنقاشات السياسية الأوسع، والمشروعات المتعلقة بأوضاع الأقليات في الهند.
بحسب رؤية أستاذة العلوم السياسية المرموقة زويا حسن Zoya Hasan، يجب فهم الدين، والسياسة النسوية، وقضية حقوق المرأة المسلمة حتى نستطيع أن نأخذ في الاعتبار التقاطع بين حقوق الأقليات وحقوق النساء. كذلك، فهناك مسألة ثانية تتعلق
“امن جانب، بلإستراتيجيات التي تنتهجها جماعات الأقليات للحفاظ على هويتها المتمايزة في مواجهة التهديدات التي تواجهها تلك الهويات، ومن جانب آخر، كيف تتحدى الشبكات التي تقودها نساء مسلمات سلطة النخبة الدينية في تمثيل “مجتمع المسلمين“، مع إعادة صياغتها، في الوقت نفسه، لتصنيف “المرأة المسلمة” من أجل تأكيد فعلها السياسي الرامي إلى تحسين حقوق المرأة.” (Hasan 2014: 264)
هذ الصوغ الدقيق لحقوق المرأة المسلمة الذي ساقته عبارة زويا حسن، كان هو الموضوع الرئيسي لمقال حديث لشاهناز شيخ، أول امرأة مسلمة تتحدى الطلاق الثلاثي أمام المحكمة العليا الهندية سنة 1986 (Sheikh 2016)
النتيجة “الإيجابية” الوحيدة للعنف الإبادي ضد النساء في جوجارات2، بحسب زكية سومان – إحدى مؤسسات حركة المسلمات الهنديات – كانت خروج النساء العاديات من بيوتهن للتحدث عن العنف الذي شاهدنه أو مرَرن به. كان الغضب واضحًا بينهن. لقد رفضن ببساطة القبول بالوضع القائم، وخرجن من بيوتهن ليصبحن أول جيل من الناشطات – حوالي 200 – 300 امرأة في المرحلة الأولى. وأمام تلك الاعتداءات الصادمة المقصودة، لم تلق الناجيات وصمًا أو نبذًا من الأسرة أو المجتمع. فقد كان الشعور بعدم الأمان مسيطرًا على أذهان الآباء والأمهات، مما دفعهن لتزويج بناتهن صغيرات السن – بين 13 و16 سنة – بأعداد كبيرة، في مرحلة ما بعد النزاع في معسكرات الإغاثة، حيث تولى ترتيب وعقد تلك الزيجات منظمو المخيم، بدعم من منظمات إسلامية. وقد روت سومان أن فعل الخروج للتحدث عن العنف ضد المسلمين أدى، بشكل طبيعي، إلى تحدث النساء عن الظلم والعنف الذي يواجهنه داخل الأسرة – العنف المنزلي، والطلاق، والزواج بأخرى دون إعلام الزوجة الأولى، والمطالبة المفاجئة بالمهر. وفي حين التقين في البداية بوصفهن “تحالف السلام” (أمان ساموداي)، فسرعان ما أدركن أنهن يجب أن يجتمعن بوصفهن نساء، فدعون للاجتماعات تحت راية “نسوان“. وتصف سومان اجتماعهن الأول بوصفهن جماعة نسائية، فتقول:
“أتذكر أن عددًا كبيرًا من النساء حضر، بعضهن مرتديات البرقع بالكامل، ولكن بمجرد حضورنا جميعًا داخل الغرفة، قلنا “لا أحد هنا، نستطيع أن نجلس جميعًا بحرية (آب أوثار دو، آب بوركهي كي زارورات ناهي هاي) أي “تستطعن خلع البراقع الآن، لا حاجة بنا الآن للبراقع“. وخلعن براقعهن فرأيت وجوههن للمرة الأولى. كنت أعرفهن في براقعهن لأنهن كن قادمات من مسيرة أو مظاهرة حول أعمال شغب جوجارات – رأيتهن قبل ذلك من خلال عيونهن فقط.”3
كانت أولى المسائل التي طرحت هي الطلاق وتعدد الزوجات. وعندما كانت بعض النساء يواجهن العنف ويحتجن إلى الانتقال من بيت الزوجية، كان وجود المنظمات، اللاتي كن قد انخرطن في دعم ما بعد النزاع فوثق المجتمع فيهن، مفيدًا في عدم مقاومتهن عند استعادة حاجيات الضحية الشخصية من بيت الزوج. أما فيما يتعلق بالقانون، فقد استخدمن مزيجًا ناجحًا من الأدوات – قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، والمادة 125 من قانون الإجراءات الجنائية للنفقة، وقانون حماية النساء من العنف المنزلي، والمادة 498 أ من القانون الجنائي الهندي، والتفاوض والوساطة مع الزوج المسيء – أي شيء عادل يغيث المرأة التي تمر بوضع معين. والأهم، أن حركة المسلمات الهنديات شعرت بأن تدوين قانون المسلمين والنفاذ إلى العلاجات العامة كلاهما ضروري ومهم.
وفي سياق العمل مع النساء المسلمات، لاحظت نورجِهان صفية نياز أن العنف لا يقتصر على العنف الجسدي فقط، فالتهديد بالطلاق، أو تعدد الزوجات، أو الحرمان من حضانة الأبناء كلها أشكال عنف كثيرًا ما تستخدم ضد النساء.4 وعلى الرغم من أن اللجوء إلى المؤسسات القانونية الرسمية، مثل المحاكم، أمر مرغوب فيه، فإن النساء ليست لهن سيطرة على الإجراءات القانونية، والفقيرات منهن لا يستطعن توفير النفقات التي تتطلبها إجراءات المحاكم. لذلك، تفضل معظمهن التسوية عن طريق محاكم النساء الشرعية التي أنشأتها حركة المسلمات الهنديات. وتتفق نورجهان مع وجهة نظر زكية سومان، حيث شعرت هي أيضًا بأنه في أعقاب إزالة مسجد بابري والعنف الذي اجتاح البلاد ضد المسلمين، كان هناك صعود للمنظمات النسائية المسلمة، ووجدت النساء أصواتهن داخل المجتمع. وعندما تعود بالذاكرة إلى الحالات الأولى، مثل شاه بانو5، تشعر بأن الفرق هو أنه في أواسط الثمانينيات كانت النساء تحاربن معاركهن منفردات، بينما تساند اليوم تجمعات النساء المسلمات وحركاتهن النساء في نضالاتهن المنفردة. وعلى الرغم من تعالي الأصوات المعارضة لنشاطهن (سواء حول مواضيع الطلاق أو دخول المرأة إلى ضريح حاجي علي) فهي تشعر بأن من أمارات الدعم الضمني الذي يتمتعن به عدم صدور فتوى ضدهن حتى اليوم. وهي لا تعتقد أن القوى الرجعية ستستطيع اكتساب السيطرة عليهن.
تهيمن الجماعة الإسلامية على مجتمعات المسلمين في تاميل نادو. وهي كيان كله من الذكور، يتولى تفسير الشريعة في الفصل في القضايا المتعلقة بقانون الأسرة، خاصةً الزواج والطلاق. والنساء، لمجرد كونهن نساء، مستبعدات من الجماعة ويمثلهن الذكور من أقربائهن حتى عندما تستمع الجماعة إلى أمر متعلق بهن مباشرةً. ولكن، في 2004، وتقريبًا في نفس الفترة التي بدأت فيها زكية سومان العمل مع المسلمات في مرحلة ما بعد النزاع في جوجارات، شكلت شريفة خانوم Sherifa Khanum جماعة النساء المسلمات في تاميل نادو، في ولاية تاميل نادو الجنوبية:
“كلما أرادت الجماعة إخضاع النساء لجأت إلى الاستشهاد بآيات قرآنية للاسترشاد بها. وقد وعينا أن السلطة التي يستخدمونها في قمع النساء هي تلك التي يستمدونها من القرآن؛ فما كان منا إلا أن قرأنا القرآن، وأعدنا فهم واقعنا كنساء، وهو ما عزز تصميمنا. كانت الكلمة التي تبلورت فيها تصرفاتهم وسلطتهم هي “الجماعة” – كلمة هائلة الوزن. هكذا ولدت الفكرة أثناء مناقشاتنا. لم لا نشكل نحن جماعة بأنفسنا؟“6
أسست جميلة نيشات Jameela Nishat عام 2002 “جمعية شاهين لموارد ورعاية النساء” للعمل مع النساء في المناطق التي تضررت من أحداث الشغب في المدينة القديمة بحيدر آباد. لقد سارت جميلة في مسار مختلف وعملت مع مكتب القاضي بالإضافة إلى المحكمة المختصة بقانون الأسرة –بدلًا من إنشاء جماعة للنساء أو محاكم شرعية– وقد أكدت على الصعوبات التي تكتنف تقديم الإغاثة للنساء. وازنت شاهين، بين التعامل مع المحاكم الجنائية، ومحاكم الأسرة، والمحاكم الشرعية، لتصل إلى أفضل الخيارات المتاحة للمرأة التي تريد مغادرة بيت تلقى فيه أشد العنت. وفي روايتها عن عملها مع مكتب قاضي القضاة، أشارت إلى أن سجلات القاضي تشي بعدد مهول من قضايا الخلع، التي تطلب فيها المرأة الطلاق مقابل تأمينها لنفقاته. بيد أنها حذرت من قراءة هذا الوقع على أنه تعبير عن حرية المرأة.7 فهو دليل، في خبرة شاهين، على كثرة العنف ضد النساء وعدم قدرتهن على تحمل المزيد منه إلى درجة اختيار إنهاء الزواج.
تأسست لجنة قانون الأحوال الشخصية للنساء المسلمات في عموم الهند بقيادة شايستا عنبر Shaista Amber سنة 2005، بوصفها الجناح النسائي للجنة قانون الأحوال الشخصية للمسلمين في عموم الهند. وربما كان مولدها في هذه اللحظة تحديدًا استجابةً لتزايد مطالبات النساء المسلمات في شتى أنحاء البلاد بالإصلاح:
“مازالت المرأة المسلمة اليوم تتحمل وطأة قانون تمييزي. فهي تُطلَّق بشكل أحادي شفاهياً أو كتابةً، ، وتحصل على مهر هزيل،8 إن حصلت عليه أصلًا، وما زال زوجها مستمرًا في الزواج عليها دونما عقاب؛ ولا تؤخذ موافقتها عند عقد الزواج، وتُجبر على الزواج بمحلل،9 وتعيش تحت قيود لا تُطاق أثناء العدة،10 إلخ… إنها لمأساة أن المرأة المسلمة، في حين يمنحها القرآن الكثير من الحقوق، فهي لا تستطيع الحصول عليها. ينبغي أن تصبح تعاليم القرآن واجبة النفاذ بحكم القانون، وذلك بإضافتها إلى دستور الهند.”11
“خولي عدالت” (محكمة مفتوحة) التابعة للجنة قانون الأحوال الشخصية للنساء المسلمات في عموم الهند، هي منتدى تحكيم متنقل يقدم للنساء اللاتي يواجهن أوضاعًا صعبة، خاصةً داخل الأسرة، خدمة طرح مشكلاتهن على فقهاء مسلمين.
ولكن، بوجه عام، فقد نجم عن تجربة النساء المسلمات والنقاش حول إصلاح قانون الأحوال الشخصية، في مقابل القانون المدني الموحد، ثنائيات في الخطاب العام أعاقت إمكانية التوصل إلى حلول عضوية تطرحها وتصيغها النساء بأنفسهن. وعلى الرغم من ذلك، قد رأينا سبلًا مختلفة استطاعت النساء عن طريقها التفاوض مع النظام – إذا كان تشكيل الجماعة الإسلامية النسائية أحد السبل، فالمحاكم الشرعية النسائية والمحاكم المفتوحة سبيل آخر، والعمل مع مكتب القاضي لضمان تمتع النساء بجلسات استماع عادلة وحصولها على نفقة محترمة في قضايا الخلع، سبيل ثالث.
فيما يتعلق بمعالجة مسألة إصلاح القانون للمسلمين، فقد طرحت لجنة قانون الأحوال الشخصية للنساء المسلمات في عموم الهند في 2005 نموذج عقد زواج (نكاحنامه)، في حين بعثت سومان ونياز في 2005 مسودة قانون أسرة للمسلمين للمعنيين لجمع توقيعات عليها.12
ومما له أهمية خاصة في كل تلك المبادرات هو الجهد المبذول لدمج مبادئ العدل والمساواة التي كفلها الدستور للنساء مع الشريعة. في خضم كل تلك التحركات، تزايد حضور منطق نسوي عبر كل المواقع الاجتماعية يتفحص العنف داخل الأسرة، ويبحث عن بدائل – من خلال الاستشارات، أو فسخ الزواج بشروط مقبولة للطرفين، أو التفاوض على تسويات للرجوع إلى حالة الوئام، أو الحق في المسكن، والأهم في مجال القانون العام، التقاضي الاستراتيجي، والإصلاح التشريعي، والتقييم المنتظم المستمر للآثار التشريعية، وغيرها من أمور. تلك هي الأسئلة التي يتعين أن تكون ماثلةً أمامنا ونحن ننتقل إلى النظر في قانون السوابق القضائية والمشكلات المتعلقة بالنص القانوني والتفسيرات في الأعراف الدينية الثلاثة الرئيسية في الهند – الهندوسية والإسلامية والمسيحية.
تم تحدي تشريعين تمييزيين يحتكم إليهما الهندوس في قضية جيتا هاريهاران Gita Hariharan في مواجهة بنك الاحتياطي الهندي (AIR 1999, 2 SCC 228) _ قانون الأقلية الهندوسية والوصاية لسنة 1956، والمادة 19 فقرة (ب) من قانون الأوصياء والأولياء 1891.1 في الدعوى الأولى، رفض بنك الاحتياط الهندي الاعتراف بجيتا هاريهاران وصيةً على ابنها القاصر عندما تقدمت إليه للحصول على سندات إعانة باسمه. وفي الدعوى الثانية طالبت فاندانا شيفا Vandana Shiva بحضانة ابنها القاصر، متحدية العرف القانوني الذي يقضي بأن الأب هو الوصي الطبيعي مقصيًا الأم. وأعادت المحكمة العليا تفسير المواد القانونية في الحالتين لصالح حالة مساواة بين الأم والأب فيما يتعلق بالابن القاصر. وقد استشهدت المحكمة في ذلك بمواد من سيداو، وإعلان بكين، والمادة الثانية من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (لتحليل مفصل انظر(ي) Alwis and Jaising 2016). ويجب أن نؤكد هنا على تباين السبل التي انتُهجت لإصلاح قانون الأحوال الشخصية في كل من الديانات الثلاث الكبرى. وقد تناولنا في قسم سابق الإصلاحات المتعلقة بالتشريعات المناهضة للدوطة، والتي تتأثر بها النساء الهندوسيات في المقام الأول، وكذلك فعلنا أيضًا مع الجهود التي بذلت لتعبئة النساء المسلمات حول قضايا العنف المنزلي، مما أضفى معنى جديدًا على فكرة تعددية الفقه القانوني.
وقد لاحظت سابرامانيان Subramanian، بعد تتبعها للعلاقة بين التحركات التشريعية ومثيلاتها القضائية فيما يتعلق بقوانين الأسرة، أن رجال الدين المسيحيين وحاشدي التأييد كانوا أكثر ميلًا للإصلاح في حقبة ما بعد الثمانينيات، من قيادات المسلمين (Subramanian 2014). وهو ما تسبب في أن مبادرة إصلاح قانون المسيحيين جاءت من الهيئة التشريعية، بينما جاء الدفع في اتجاه إصلاح قانون المسلمين من خلال التفسيرات القانونية والدستورية، وبدون أي مبادرة تشريعية، بالإضافة إلى مطالبات المتقاضيات المظلومات باستحقاقاتهن، خاصة عند فسخ الزواج. على أنه حتى قبل المناقشات التي جرت حول إصلاح قانون الطلاق للمسيحيين، أزالت قضية ميري روي ضد ولاية كيرالا (1986 AIR 1011, 1986 SCR (1) 371) سنة 1986 التمييز القائم على النوع في الميراث بين المسيحيين السوريين في كيرالا، مع ملاحظة أن محاميتها، إنديرا جيسينج، ذكَّرت بأمر مهم، وهو أن ميري روي لم تكن في الأصل تطالب بتأكيد حقها في الملكية، بل بحقها في الانتفاع بممتلكات أسرتها التي ولدت فيها والتي عادت إليها بعد الطلاق.2
وعلى الرغم من وجود درجة معقولة من الإجماع على أن قانون الطلاق للمسيحيين، وقانون الطلاق الهندي، 1869 لا يقدمان سوى درجة محدودة وغير متساوية في حق الطلاق لكلٍ من الرجل والمرأة، فقد تأخر الإصلاح القانوني نفسه كثيرًا. وكانت قضية ميري سونيا زخاريه Mary Sonia Zachariah ضد الاتحاد الهندي (1995 (1) Ker LT 644 (FB)) هي التي جمعت كلمة منظمات دينية وأخرى حقوقية، شملت كنيستين أرثوذوكسيتين مصلحتين في كيرالا، ومنظمات إصلاح مسيحية، وجماعات حقوقية مثل البرنامج النسائي المشترك.
كانت النقاط المحددة التي نظرت فيها المحكمة في قضية ميري سونيا زخاريه هي محدودية إتاحة الطلاق (المرأة محرومة منه على أساس القسوة أو الهجر فقط)، بالإضافة إلى عدم المساواة في النفاذ إلى الطلاق للمسيحيين مقارنةً بالمجموعات الدينية الأخرى. وقد استشعرت المحكمة أن هذه النقطة الأخيرة تخل بالضمانة الدستورية بالمساواة وعدم التمييز على أساس الدين أو النوع. فقد شعرت المحكمة أن رفض اعتبار القسوة مبررًا للهجر ينتهك حق النساء الأساسي في الحياة والحرية الشخصية.
وقد طرح الحكم الثاني، في قضية براجاتي فارغيزي , Pragati Varghese ضد سيريل جورج فارغيزي Cyril George Varghese (AIR 1997 Bom 349) سبيلًا لطلاق المرأة المسيحية أيسر من المتاح للرجل المسيحي، باستغلال نجاح دعوة الإصلاح المسيحي. فقد بُرِّر عدم التناسب هذا باللجوء إلى حقيقة “الضعف العضلي للمرأة، وضعفها الجسماني بوجه عام وضعف وضعها الاجتماعي، وطبيعتها الدفاعية غير العدوانية، خاصةً في هذا البلد.”
وجاء التعديل التشريعي الذي أدخل على قانون الطلاق الهندي سنة 2001 شاملًا، ومساويًا في حق الطلاق بين الرجل والمرأة المسيحيين. فهو (أ) جعل الطلاق متاحًا للرجل والمرأة إذا وافق الطرفان، و(ب) ألغى اشتراط تأكيد المحكمة الأعلى درجةً على قرارات الطلاق الصادرة عن المحكمة الأدنى درجةً، و(ج) رفع استحقاقات النفقة، و(د) ألغى المقاربة العقابية للزنا التي كانت تتيح نقل ملكية المرأة الزانية إلى زوجها وأبنائها عند الطلاق.
اشترطت المادة 125 من قانون الإجراءات الجنائية (جديدة) التي تم إقرارها سنة 1974 على الرجل أن يعول مطلقته التي كان مسئولا عنها. وهو ما كان يعني بالنسبة للرجل المسلم امتداد النفقة إلى ما بعد انقضاء العدة حتى تجد المرأة المطلقة دعمًا إما من خلال توظفها وإما بزواجها مرة أخرى. وعلى الرغم من إضافة استثناء في الفقرة 127(2)(6)، تحت وطأة ضغوط المشرعين المسلمين المحافظين، يعفي الزوج المسلم من نفقة مطلقته بعد انقضاء العدة، فإن الأحكام الخاصة بدعاوى النفقة التي رفعتها نساء مطلقات مسلمات اختلفت في تطبيق المادتين بين 1974 و1985. فقد كانت هناك رؤية قضائية سائدة ترى أن الزوج عليه النفقة الدائمة – على النقيض من أحكام متعلقة بنساء هندوسيات ومسيحيات، كانت النفقة المؤقتة فيها هي القاعدة السائدة بعد 1974. كانت القضية التي طرحت مسألة نفقة المرأة المسلمة المطلقة هي قضية شاه بانو Shah Bano، التي فصلت فيها الهيئة الدستورية بالمحكمة العليا بالهند.3
ولكن، في حين صاغت مناصرة شاه بانو والأكاديمية القانونية دانيال لطيفي الحجج التي أيدت موقفها بفهم عميق ودقيق لقانون المسلمين، فإن كاتب منطوق الحكم، القاضي واي. في. تشادراشود Y.V. Chandrachud بدلًا من أن يبني على الحجج التي تم تقديمها، نثر في حكمه عبارات من قبيل “النقطة الكارثية في الإسلام هي الحط من وضع المرأة” وطالب بقانون مدني موحد (Subramanian 2014).
وقد أدى الحنق الذي أعقب هذا الحكم، خاصةً بين المسلمين، بشاه بانو نفسها إلى التنازل عن النفقة التي حكمت بها المحكمة. واستجابةً لمطالب القطاعات المحافظة تم إقرار قانون حماية حقوق الطلاق للنساء المسلمات، 1986. وبحسب هذا القانون تتحمل الأسرة التي ولدت فها المرأة والأوقاف مسئولية توفير الدعم الاقتصادي للمرأة بعد انقضاء عدتها.
بيد أن القانون كان غامضًا فيما يتعلق بمسئولية الرجل في النفقة على مطلقته بعد انقضاء فترة العدة – لم يكن هناك عبارة واضحة تقضي بعدم مطالبة الرجل بنفقة مطلقته بعد انقضاء العدة. لذلك، استمرت النساء في السعي للحصول على النفقة بموجب المادة 125 من قانون الإجراءات الجنائية، وغيرها من آليات تعددية وصفناها في القسم السابق. وقد تم تعديل المادة 125 نفسها في 2001 حيث تم إلغاء الحد الأقصى للنفقة الشهرية والذي كان مقدرًا بـ 500 روبية.
وفي 2001 في قضية دانيال لطيفي Danial Latifi ضد الاتحاد الهندي (2001 (7) SCC 740) طالب المحامون الذين مثلوا شاه بانو بإلزام الرجل المسلم بنفقة دائمة لمطلقته حتى بعد إقرار قانون حماية حقوق الطلاق للمرأة المسلمة. ودون أن تلغي حكم قضية شاه بانو أو قانون حماية حقوق الطلاق للمرأة المسلمة، طبقت المحكمة قاعدة قانونية مستقرة وهي: تفسير التشريع في ضوء الدستور، فأكدت أنه “من الصعوبة بمكان تصور أن قانون المسلمين يحمل أناسًا لا علاقة لهم بالعلاقة الزوجية مسئولية توفير الدعم الاقتصادي الكامل للمرأة المطلقة” (نقلًا عن Subramanian 2014). ومن المهم أن نشير هنا أيضًا إلى أن الفترة التي صدر فيها قرار المحكمة في قضية لطيفي، كان المناخ السياسي في البلاد قد مال بشدة ضد الأقليات. وفي ظل المقاربة التفسيرية التوفيقية والمتأنية، استُقبل حكم قضية لطيفي دون مقاومة كبيرة من أولئك الذين كانوا قد اعترضوا على حكم قضية شاه بانو فيما مضى.
أخيرًا، وبعد عقود من معارضة منظمات النساء المسلمات لممارسة “الطلاق الثلاثي“، قضت المحكمة في أغسطس 2017 في قضية شاه بانو ضد الاتحاد الهندي وآخرين،4 بتطبيق مبدأ التعسف البين لتقمع ممارسة الطلاق الثلاثي.
بدأ تطبيق قانون حماية النساء من العنف المنزلي في 26 أكتوبر 2006، ليوفر “حماية أكثر فاعلية للحقوق التي كفلها الدستور للمرأة التي تقع ضحية عنف من أي نوع داخل الأسرة” (قانون حماية النساء من العنف المنزلي، بيان الأهداف والمبررات، نقلًا عن Jaising 2014: 3). وقد أوضحت إنديرا جيسينج، المناصرة القديمة، أن الاستدعاء التشريعي للدستور في قانون حول العنف المنزلي، إن هو إلا شاهد على الرحلة النسوية عبر وهاد القانون الأبوية الوعرة، أكملنا فيها الدائرة لنعود إلى النقطة التي حكم فيها قاض محكمة عليا حكمًا شهيرًا أعلن فيه أن إدخال القانون الدستوري إلى المنزل “كمن يدخل ثورًا إلى محل خزف صيني“.1 وقد تعامل هذا القانون مع المنزل بوصفه مساحة مشتركة لا تترتب حقوق الإقامة فيها على الملكية. ولفتت جيسينج إلى أن فكرة “البيت المشترك” في قانون حماية النساء من العنف المنزلي “يتسق مع الأنماط الأسرية السارية في الهند، حيث يقيم الزوجان في بيت العائلة المملوك لأهل أحدهما” (Jaising 2014: 3). لم يُقصَر العنف المنزلي في هذا القانون على عنف الزوج، وحلت “العلاقة المنزلية” محل “العلاقة الزوجية“.2
في ضوء تاريخ الدعم النسوي للناجيات من العنف المنزلي، وحرمان الناجيات من حقوقهن في بيت الميلاد عند الزواج، وبيت الزوجية من خلال القسوة، لم يتم التعامل مع احتياج الناجيات للإعاشة والمأوى. لذلك جاء الدمج بين العناصر الجنائية والمدنية في هذا التشريع ليضمن ردع العنف وتأمين احتياجات المرأة الأخرى. والحقيقة أن “المرأة أمست تحصل على الإعانة والغوث تحت سقف واحد، لا تضطر معه إلى الجري وراء النفقة، والحضانة والتعويض ثم الحق في المسكن كلًا على حدة – إنه أمر عظيم.”3
تم إقرار قانون حماية النساء من العنف المنزلي بعد ثلاثة عقود من النضال لإنهاء العنف في المنزل. وشمل هذا النضال تشريعات، وتقييم لآثار القوانين، ومناقشات في اللجنة البرلمانية الدائمة، ومراقبة عن كثب وتقييم (Jaising 2014). والواقع أننا لا نبعد عن الحقيقة كثيرًا إذا قلنا إن قانون حماية النساء من العنف المنزلي إنما هو نتيجة مباشرة لتلك التحركات.
المثير حقًا في مسار هذا التشريع هو تلك الميادين المؤسسية والممارسات المختلفة التي تداخلت معها. فقانون حماية النساء من العنف المنزلي يعترف بالمرافق الصحية العامة بوصفها مقدمة خدمات، ويتعامل مع مشكلة العنف بوصفها من شؤون الصحة العامة لأول مرة في تشريع (Bhate-Deosthali et al. 2012: 67). وتكمن أهمية تلك النقطة في أنها ربما تكون المرة الأولى التي يشتمل فيها جبر الضرر الناجم عن العنف ضد النساء على انخراط وثيق مع نظام الرعاية الصحية الحكومي – سواء بسبب الحاجة إلى جمع الأدلة في القضايا القانونية الطبية، أو الوفاء باحتياجات الإسعاف، والرعاية، والاستشارات المتعلقة بالصدمة.4 فقد كانت الرؤية السائدة حتى تلك اللحظة هي أن العنف المنزلي مشكلة “شخصية“، تقتصر علاقة مقدم الرعاية الصحية بها على توفير التخفيف من أعراضه.
تجارب النساء مع العنف سلسلة متصلة الحلقات. فقد أشارت العديد من المناصرات التي أجريت معهن مقابلات في إطار الإعداد لهذا الفصل، إلى أن قضية نيرابهايا Nirbhaya كان لها تأثير ملحوظ، حيث جعلت النساء يذكرن الاغتصاب الزواجي والعنف الجنسي بوصفهما عنفًا منزليًا – على الرغم من أن القانون الجنائي في الهند لا يعترف بجريمة الاغتصاب الزواجي، وبذكرهن لذلك سقط مستوى التسامح مع العنف المنزلي، حيث رفعت العديد من أسر الميلاد أصواتها دعمًا لبناتهن.5
هذا فضلًا عن أن مقاربات طلب العدالة متعددة – ولا تمر كلها بالنظام القانوني الرسمي. ورغم ذلك، فمن السمات الملحوظة للمناصرة النسوية ضد العنف أن الوعي المتراكم الذي تبلور في قانون حماية النساء من العنف المنزلي (على سبيل المثال) وجدت سبيلها، ولو على نحو بسيط ولكنه مهم، إلى فضاءات قانون الأحوال الشخصية، فطرحت أدوات مهمة لتحديد المعايير في مناطق جغرافية مختلفة. ومع كون قانون حماية النساء من العنف المنزلي نفسه عنصرًا محوريًا في تنظيم المناصرة الجيد حول سيداو، تتسلل النقاشات والمعايير والقصص الدولية إلى أصغر المبادرات من خلال مجموعة من ممارسات التقاضي الإستراتيجي – الجماعة الإسلامية النسائية، والمحاكم الشرعية، المجالس الطائفية غير الرسمية، ومحكمة الصلح، والمحكمة الدستورية، وجلسات لجنة السيداو التي تسائل الحكومات.
أهم درس نخرج به من هذا التشريع، فيما يتعلق بفهمنا لتغير وضع المرأة في الأسرة، بحسب إنديرا جيسينج، هو أنه يمثل انعتاقًا من حمائية الدولة، وظهورًا لحقوق المرأة المستقلة وغير القابلة للتنازل أو الانتزاع، داخل الأسرة – وإلى حياة خالية من العنف وكذلك من التجريد من الاستحقاقات.
حاولت هذه الدراسة أن تقدم رؤية شاملة للتقاطعات في الهند، بين النضالات النسوية ضد العنف ضد المرأة داخل الأسرة، وصعود الدراسات الأكاديمية القانونية النسوية، والحملات من أجل إصلاح القانون، والمراحل الأخيرة من الانخراط النسوي مع القانون.
كان لعنف الأغلبية الهندوسية، آثار شديدة التحديد على الخطاب المتعلق بحقوق النساء، خاصةً من مجموعات الأقليات، سواء داخل المحاكم أو في المجال العام. فبعد نجاح النساء المسلمات في التصدي لممارسة الطلاق الثلاثي أمام المحكمة العليا الهندية، استولى الحزب الحاكم على هذا الخطاب من خلال إجراء يجرم إلقاء يمين الطلاق الثلاثي، واستغله لخدمة الأجندة الهندوتفية بوصم الأقليات لمعاملتهم المشينة “لنسائهم“. وقد خلق ذلك صعوبة هائلة في التعامل مع الموضوع أمام النساء بوجه عام، ولاسيما المسلمات اللاتي كن تناضلن من أجل الإصلاح من داخل أعراف قانون الأحوال الشخصية.1 وهناك ملاحظة مؤلمة ولكنها حقيقية، وهي أن شهود العنف الجماعي ضد الأقليات و/أو النجاة منه تجعل الحكي عن العنف (داخل الأسرة) ممكنًا. هذا السياق الأوسع لسياسات الأغلبية–الأقلية التي تلقى معارضة مريرة، والتي تمسكت في إطارها النساء المسلمات – من شاهناز شيخ وشاه بانو في ثمانينيات القرن العشرين، إلى شايارا بانو في 20162 – بمواقفهن في مواجهة كل من التشدد الإسلامي والسياسات الهندوتفية، إنما تسلط ضوءً ساطعًا على قوة النسوية في الهند، حتى في زمن الحصار.
ومن الملامح المهمة لهذا الانخراط أن حل تلك القضايا كان دائمًا يجري باللجوء، بالتوازي، إلى المحاكم وفضاءات التحكيم المجتمعية – تلك التي تقودها نساء، مثل جماعة النساء المسلمات (Dhanraj 2011)، وكذلك من خلال تدخلات مبتكرة في المحاكم الشرعية.3 وفيما يتعلق بطرحه لممارسات أوسع للإصلاح النسوي للقانون، تمثلت أهم الملامح في أنه لا غنى عن تعددية الفضاءات القانونية، والاستخدام الدقيق لكل منها، لاكتساب مساحات جديدة للنساء (Vatuk 2017)
حاول هذا العرض أن يجلي أهم ملامح السبل المختلفة التي تشكلت من خلالها جهود الإصلاح القانوني في الهند. سن القوانين ليس هو الجواب في كل الأحوال كما رأينا، فقد يفضي إلى تجريد النساء من حقوقهن بشكل خبيث، وكذلك فإن حق الملكية وحده ليس هو الجواب، كما أوضحت إنديرا جيسينج. فالمرأة –في كل المجتمعات– التي تخرج من زواج تُنتهك فيه (أو تُقصى منه) تجد نفسها على حافة البقاء على قيد الحياة. أما من يتوقعن تلك الاضطرابات وتؤثرن البقاء، فعادةً ما تُقتلن. لقد أحدثت حملاتُ إصلاح القانون الجنائي بحيث يشتمل على جريمة جديدة، وهي التعذيب والقتل من أجل الدوطة في ثمانينيات القرن الماضي، منعطفًا جديدًا في التعبئة النسوية. ورغم ذلك، فبعد عقدين، أشارت لجنة سيداو إلى ارتفاع معدلات الوفاة بسبب الدوطة بوصفها مثار قلق، ونشرت لجنة القانون الهندية (2007) تقريرًا ثانيًا حول وفيات الدوطة، أوصت فيه بتطبيق عقوبة الإعدام.
على أن الدروس المهمة المستفادة من الحملة ضد العنف المنزلي تمثلت في: (أ) السبل التي نستطيع من خلالها إحياء ممارسات العدالة القديمة التي كانت قوانين الأحوال الشخصية تشتمل عليها ثم صُرف عنها النظر في تدوين القوانين، من أجل صيغة جديدة للعدالة، و(ب) كيف تتقاطع التدخلات النسوية للإصلاح القانوني. لقد شكل تركيز قانون حماية النساء من العنف المنزلي على التشارك في المسكن – استنادًا إلى حق الانتفاع القديم الذي كانت المرأة تتمتع به – انفصالًا حادًا عن مقاربة حمائية الدولة تجاه حق المرأة في المسكن. وكان ذلك أيضًا هو الأساس الذي استندت إليه ميري روي في معالجتها لحق المرأة المسيحية في الميراث، والذي ركز على حق روي في استخدام ممتلكات الأسرة.4وبالمثل، أكدت روايات عديدة على حقيقة أن الانتفاضة ضد الاعتداء الجنسي في 2012، وما أعقبها من إصلاح قانون الاغتصاب قلص من مستوى التسامح مع العنف المنزلي،5مع إبلاغ الناجيات من العنف الزواجي عنه في المستشفيات العامة.6 وفي الموضوع نفسه نشير إلى أن أهمية العلاج (من الأضرار الجسدية والنفسية) وتسجيل الدليل الطبي للناجيات اللاتي يتوجهن إلى مرافق الرعاية الصحية، قلما تتم مناقشته بوصفه جزءًا لا يتجزأ من الإصلاح القانوني المتعلق بالعنف ضد المرأة. وفي هذه الصدد، تنير لنا الطريق حالة “مركز الاستقصاء في الصحة والموضوعات ذات الصلة” في مومباي. (Bhate-Deosthali et al. 2012 and Bhate-Deosthali et al. 2013)
لقد تمثلت القوة الرئيسية للحركة النسوية ضد العنف في الهند في الظهور المستمر للناجيات ليلعبن دور القائدات للحركة من أجل إنهاء العنف، والمقاربة التقاطعية لحقوق النساء. نأمل أن يخدم وصفنا هذا لمسارات مناصرة الحقوق، والتشريع، وصعود حساسيات ووعي جديدين، غرضين في آن واحد: توفير صيغة نستطيع من خلالها أن نفهم الحركات الاجتماعية الأخرى، وطرح صيغة للتفكير من خلال السياسات المتقاطعة لحوق النساء، والتي يعتبر فيها الانخراط مع النظم القانونية/المشهد القانوني أمرًا حاسمًا.
*كالبانا كانابريان Kalpana Kannabiran
كالبانا عالمة اجتماع نسوية، وباحثة قانونية، ومدافعة عن حقوق الإنسان، أستاذة علم الاجتماع والقانون، مديرة مجلس التنمية الاجتماعية في حيدر أباد – الهند، شاركت في تأسيس الأكاديمية الوطنية للدراسات والبحوث القانونية بكلية القانون. من مؤسسي مركز موارد أسميتا Asmita للنساء، وقادت برنامج الخدمات القانونية فيه. ركَّزت أعمالها ومنشوراتها حول مسائل الدستورية والعدالة الاجتماعية في الهند، مع التركيز بشكل خاص على النوع الاجتماعي والأقليات الجنسية والدينية والطائفة وحقوق السكان الأصليين وحقوق الإعاقة.
1 أود أن أعبر عن امتناني لياكين إرتوك وفريق WLP على دعمهم وتعليقاتهم ومقترحاتهم. وأدين بالفضل كذلك لدعم كلٍ من فاسانث كانابيران، وستانلي ثانجاراج، وباندانا بوركاياستها. كما أتقدم بالشكر إلى جميلة نيشات، وشاهدة، وسلطانة، وسومان من شاهين بحيدر آباد، وزكية سومان ونورجهان صفية نياز من بهاراتيا مسلم ماهيلا أندولان (حركة المسلمات الهنديات) في أحمد آباد، ومومابي، وبادما بهاتي–ديوستهالي وسانجيتا ريجي من مركز الاستقصاء في الصحة والموضوعات ذات الصلة في مومباي، وأنورادها كابور من سوايام كولكاتا، والمناصرات رينو ميشارا، وأنشال جوبتا، وبريانكا سينجه، وأبهاي براتاب سينجه من جمعية المناصرة والمبادرات القانونية، في لكناو، وفاهيدا ناينار، ناشطة حقوق المرأة وحقوق الإنسان، في مومباي، والمناصرة فاسودها ناجاراج من حيدر آباد، والمناصرة الكبيرة إنديرا جيسينج، بجمعية المحامين في دلهي، على ما اقتسمنه معي من رؤى ومواد قيمة من أرشيفاتهن.
2 في 6 ديسمبر 1992، نظم فيشفا هندو باريشاد وحزب بهارتيا جاناتا هدم مسجد بابري في أيودهيا، أوتار براديش، بمشاركة 150,000 (متطوع). فاقت الجموع قوات الأمن عددًا فساوت المسجد بالأرض، فاندلعت توترات مجتمعية مستعرة لشهور، وانتشرت الاحتجاجات على الهدم، والعنف المنظم ضد المسلمين، ووفاة ألفي شخص على الأقل.
3 مقابلة مع فاهيدا ناينار في 23 ديسمبر 2016
4 مقابلة مع زكية سومان في 21 ديسمبر 2016
5 مقابلة مع سلطانة، وشاهدة، وسومان، وجمعية شاهين لموارد ورعاية المرأة في 28 ديسمبر 2016
* حسب القوانين والأعراف الهندية يدفع الزوج أثناء نظر القضية وحتى صدور الحكم نفقة مؤقتة alimony، وعندما تفصل المحكمة في القضية بحكم نهائي وتحدد مبلغ النفقة، يبدأ الزوج في دفع النفقة الدائمة maintenance، وهي مستمرة (حتى وفاة الزوجة أو زواجها بآخر). (المترجم)
6 تخص تلك الحالات قضايا نظرتها مختلف المحاكم عالية الدرجة بالإضافة إلى المحكمة العليا. التفاصيل موثقة لدى الكاتبة.
7 مقابلة مع فاهيدا ناينار Vahida Nainar في 23 ديسمبر 2016
8 Subhash Chander and Anr. v. State on 16 December 1991, 46 (1992) Delhi Law Times 366
9 http://thewire.in/74667/triple-talaq-statement-muslims/.. هناك العديد من القرارات المتعلقة بالطلاق الثلاثي وتطليق الرجل زوجته بشكل أحادي بين المسلمين. لقائمة مفصلة للقضايا انظر(ي) Subramanian 2014: n. 98
10 في 2002 لقي أكثر من ألفي شخص حتفهم خلال شهرين من أعمال العنف الإبادية ضد المسلمين في جوجارات، تلك الولاية التي كان يقودها حينذاك نارندرا مودي، رئيس وزراء الهند الحالي.
11 مقابلة مع زكية سومان في 21 ديسمبر 2016
12 مقابلةمع نورجهان صفية نياز في 2 يناير 2017
13 في 1978 قام زوج شاه بانو، وهي أم مسلمة لخمسة من الأبناء، من بادهيا براديش، وتبلغ من العمر 62 عامًا، بتطليقها. رفعت قضية أمام المحكمة العليا الهندية، وحصلت على الحق في النفقة. ولكن، تحت ضغط قيادات إسلامية، قام البرلمان الهندي فيما بعد بنقض الحكم.
14 Sherifa Khanum in Invoking Justice, a documentary film on the Tamil Nadu Muslim Women’s Jamaat directed by Deepa Dhanraj, 2011
15 مقابلة مع جميلة نيشات في 26 ديسمبر 2016
16 المهر من شروط الزواج عند المسلمين، وقد يكون مالًا سائلًا أو ثابتًا، يدفعه العريس للعروس عند الزواج، ويصبح ملكًا لها شرعًا.
17 المحلل هو الرجل الذي يتعين على المطلقة ثلاثًا الزواج منه والدخول ثم إذا طلقت منه يمكنها العودة غلى زوجها الأول.
18 العدة هي الفترة التي تقضيها الزوجة بعد طلاقها أو وفاة زوجها ولا يمكنها خلالها الزواج مجددًا.
19 موقع لجنة قانون الأحوال الشخصية للنساء المسلمات في عموم الهند www.aimwplb.com/about
20 وطرحوا كذلك مسودة تشريع لقانون الأسرة المسلمة (Soman and Niaz 2015)
21 الحالات التي يناقشها هذا الفصل، والتفسيرات والإصلاحات القانونية اعتمدنا فيها على
Subramanian 2014
22 مقابلة مع إنديرا جيسينج في 5 فبراير 2017
23 قضية محمد أحمد خان ضد شاه بانو بيجوم 1985 SCR (3) 844
24 Writ Petition (Civil) 118 of 2016
25 هارفيندر كاور Harvinder Kaur ضد هارماندر سينجه Harmander Singh، AIR 1984 Del 66
26 تشمل العلاقة المنزلية “كل العلاقات القائمة على القرابة، أو الزواج، أو التبني، أو حتى ’العلاقات التي هي من طبيعة الزواج‘” (Jaising 2014: 9)
27 مقابلة مع أنواردها كابور Anuradha Kapoor، في سوايام، كولكاتا في 21 ديسمبر 2016
28 مقابلة مع بادما بهاتي–ديوستهالي Padma Bhate-Deosthali وسانجيتا ريجي Sangeeta Rege في 27 ديسمبر 2016
29 مقابلات مع المناصرة فاسودها ناجاراج Vasudha Nagaraj في حدير آباد في 29 ديسمبر 2016، ونورجهان ص. نياز في 2 يناير 2017. تتعلق قضية نيربهايا Nirbhaya بالاعتداء الجنسي على شابة وقتلها في شوارع دلهي في ديسمبر 2012، وقد أفضت إلى تعديلات في قانون الاغتصاب سنة 2013.
30 مقابلة مع إنديرا جيسينج في 5 نوفمبر 2017.
31 قانون حماية الزواج (للمرأة المسلمة) 2017، الصادر في ديسمبر 2017، ينص في المادة 4 على الحبس ثلاث سنوات والغرامة عقابًا للرجل الذي يلقي يمين الطلاق الثلاثي.
32 Shayara Bano v. Union of India, Writ Petition (Civil) 118 of 2016
33 مقابلة مع جميلة نيشات في 26 ديسمبر 2016، وسلطانة شاهدة، وسومان، بجمعية شاهين لموارد ورعاية المرأة في 28 ديسمبر 2016.
34 مقابلة مع إنديرا جيسينج في 5 فبراير 2017.
35 مقابلة مع فاسودها ناجاراج في 29 ديسمبر 2016، ورينو ميشرا وفريق AALI في 5 يناير 2017.
36 مقابلة مع بادما بهاتي–ديوستهالي وسينجاتا ريجي في 27 ديسمبر 2017.
Agnes, Flavia (1984) My Story… Our Story, of Re-Building Broken Lives, Bombay: Women’s Centre.
——— (2008a) “Women’s Movement in a Secular Framework: Redefining the Agendas,”
in Mary E. John (ed.), Women’s Studies in India, Delhi: Penguin: 501–508.
——— (2008b) “Family Courts: From the Frying Pan into the Fire?” in Mary E. John (ed.),
Women’s Studies in India, Delhi: Penguin: 272–278.
Almeida, Albertina (2016) “Goa’s Civil Code Shows That Uniformity Does Not Always
Mean Equality,” The Wire, 8 August 2016, https://thewire.in/57211/goas-uniform-
civil-code-is-not-the-greatest-model-to-follow/.
Basu, Srimati (2014) “Dreaming a Better Court for Women: Adjudication and subjectivity
in the Family Court of Kolkata, India,” in Ravinder Kaur and Rajni Palriwala
(eds.), Marrying in South Asia: Shifting Concepts, Changing Practices in a Globalising World,
Hyderabad: Orient Blackswan: 351–370.
Bhate-Deosthali, Padma, T.K. Sundari Ravindran, and U. Vindhya (2012) “Addressing
Domestic Violence within Healthcare Settings: The Dilaasa Model,” Economic and
Political Weekly, Vol. XLVII, No. 17, 28 April: 66–75.
Bhate-Deosthali, Padma, Sangeeta Rege, and Padma Prakash (eds.) (2013) Feminist
Counselling and Domestic Violence in India, New Delhi: Routledge.
CEDAW (2007) Concluding Comments of the Committee on the Elimination of Discrimination
against Women: India, 37th session, 15 January–2 February, www.un.org/womenwatch/
daw/cedaw/cedaw25years/content/english/CONCLUDING_COMMENTS/India/
India-CO-3.pdf.
——— (2014) “Concluding Observations on the Combined Fourth and Fifth Periodic
Reports of India, 1219th and 1220th sessions,” CEDAW/C/IND/CO/4-5, 18 July; http://
tbinternet.ohchr.org/Treaties/CEDAW/Shared%20Documents/Ind/CEDAW_C_IND_
CO_4-5_17678_E.doc.
De Alwis, Rangita de Silva and Indira Jaising (2016) “The Role of Personal Laws in
Creating a ‘Second Sex,’” Faculty Scholarship, Paper 1681, http://scholarship.law.upenn.
edu/faculty_scholarship/1681.
Dhanraj, Deepa (2011) (Dir.) Invoking Justice (documentary film).
Gandhi, Nandita and Nandita Shah (1992) The Issues at Stake: Theory and Practice in the
Contemporary Women’s Movement in India, New Delhi: Kali for Women.
Hasan, Zoya (2014) “Religion, Feminist Politics and Muslim Women’s Rights in India,”
in Kalpana Kannabiran (ed.), Women and Law: Critical Feminist Perspectives, New Delhi:
Sage: 264–273.
Jain, Juhi (2014) “A Tribute to Satyarani Chadha, the Face of the Anti Dowry Movement,”
7 July 2014, http://feministsindia.com/tribute-satyarani-chadha-face-indias-anti-dowry-
movement/.
Jaising, Indira (2013) “Foreword,” in Padma Bhate-Deosthali, Sangeeta Rege, and Padma
Prakash (eds.), Feminist Counselling and Domestic Violence in India, New Delhi: Routledge:
xv–xviii.
——— (2014) “Bringing Rights Home: Review of the Campaign for a Law on Domestic
Violence,” in Kalpana Kannabiran (ed.), Women and Law: Critical Feminist Perspectives,
Delhi: Sage: 1–31.
Kumar, Radha (1990) The History of Doing: An Illustrated Account of Movements for Women’s
Rights and Feminism in India, 1800–1990, New Delhi: Zubaan.
Law Commission of India (2007) 202nd Report on Proposal to Amend Section 304B of Indian
Penal Code.
Rao, B. Shiva (1968) The Framing of India’s Constitution: A Study, New Delhi: Indian
Institute of Public Administration.
Robinson, Rowena (2012) “Introduction,” in Rowena Robinson (ed.), Minority Studies,
New Delhi: Oxford University Press: 1–48.
Sheikh, Shahnaz (2016) “Why I Took on Triple Talaq and Why I Oppose the Uniform
Civil Code,” Indian Express, 16 November 2016, http://indianexpress.com/article/
opinion/columns/triple-talaq-uniform-civil-code-indian-constitution-4377532/.
Solanki, Gopika (2011) Adjudication in Religious Family Laws: Cultural Accommodation, Legal
Pluralism, and Gender Equality in India, New Delhi: Cambridge University Press.
Soman, Zakia and Noorjehan Safia Niaz (2015) No More Talaq Talaq Talaq: Muslim Women
Call for a Ban on an UnIslamic Practice, Mumbai: Bharatiya Muslim Mahila Andolan.
Subramanian, Narendra (2014) Nation and Family: Personal Law, Cultural Pluralism and
Gendered Citizenship in India, Stanford, CA: Stanford University Press. E-book.
Vatuk, Sylvia (2017) Marriage and its Discontents: Women, Islam and the Law in India, New
Delhi: Women Unlimited.
Williams, Rina Verma (2012) “Making Minority Identities: Gender, State and Muslim
Personal Law,” in Rowena Robinson (ed.), Minority Studies, New Delhi: Oxford
University Press: 73–94.
Abbreviations in Case Citations
AIR: All India Reporter; Bom: Bombay; Del: Delhi; ILR: Indian Law Reports; Kar LJ:
Karnataka Law Journal; Ker LT: Kerala Law Times; SC: Supreme Court; SCC: Supreme
Court Cases; SCR: Supreme Court Reports