عمارة (۲۱) عمارة عادية مثلها مثل العمارات المجاورة لها لا تختلف عنهم في شيء، حتى السكان مثلهم مثل غيرهم من سكان المنطقة، لكن في هذا اليوم اختلف وضع العمارة وأصبحت محور اهتمام وشغف من سكانها قبل سكان العمارات المجاورة بعد أن انتشر خبر من عوضين بواب العمارة بأن شقة رقم ١٥ بالدور الرابع سكنت بها راقصة، بعد أن كان أقصى تعامل السكان مع بعضهم البعض هو إلقاء التحيات أصبح الآن لقاءات واجتماعات لبحث وضع العمارة بعد أن سكنت بها الراقصة فانقسم سكان العمارة قال البعض لا شأن لنا بالراقصة فهي في شققنها ونحن في شققنا أما الآخرون فكانوا متذمرين لوجود الراقصة بالعمارة بل ذهب البعض منهم إلى ضرورة طرد الراقصة من العمارة حتى لا تنجسها وكان من أكثر الرافضين بشدة لوجود الراقصة بالعمارة خمسة أشخاص سمير طه مهندس، فؤاد ذكرى محاسب، رجب الامام بالمعاش، عمر فريد طبيب شاب، ميشيل فوزى صيدلي، فكان رأی سمیر أنها شيطان نزل بالعمارة ولابد من طرده أما عمر فقال أنا كشاب أخشى على الشباب بالعمارة من هذه الفتنة المتحركة أمامهم خاصة الشباب الآن بيعاني وغير قادر على الزواج، أما فؤاد فقال إنه يخشى على زوجته وبناته من هذه اللعنة وأكد على أن النساء ناقصات عقل ودين ويمكن يتأثرن بهذه البلوي أما ميشيل فقال إن سمعة العمارة سوف تسوء وبالتالي سمعتنا من سمعة العمارة واتفق الجميع على محاربة الشيطان حتى يخرج من العمارة…
في كل صباح ومساء يسأل سكان العمارة عوضين عن الراقصة، فيسأل سمير عن الشيطان غادر العمارة أم لا فيرد عوضین لا يابيه فيقول متمتما إمتى تغور ثم يقابلهم رجب ويسألهم عن أخبار المصيبة اللى فوق إيه؟
فيرد عوضین بخير يا بيه ثم يلتفت رجب إلى سمير ويقول يا مهون أثناء حديثهم يقابلهم ميشيل ويسألهم بسخرية أخبار الهشتك بشتك ايه ؟ فيرد الجميع الشيطان لسة قاعد، يتجهون نحو المصعد فيقابلون عمر فيسألونه في نفس واحد: مشفتش العفريت فيرد عمر مستنكفا: أعوذ بالله ولا عايز اسمع سيرتها.
يتكرر هذا السؤال عن الشيطان القاطن بالدور الرابع يوميا ولم يسمع أحد من سكان العمارة عن الشيطان شيئا حتى بدأ السكان يظنون أن الراقصة تركت العمارة فبدأ الفضول يسرى في عروق السكان خاصة الخمسة المتحمسين لطرد الراقصة، فهؤلاء الخمسة يتقابلون في المصعد كل صباح يوميًا بحكم عملهم فكانوا قليلي الكلام في الماضي مجرد إلقاء التحيات أما الآن فأصبحت المصيبة القاطنة بالدور الرابع محور اهتمامهم وأحاديثهم، ففي صباح يوم التقى الخمسة في المصعد فيقول رجب تلك الراقصة لم نرها منذ أن سكنت في العمارة ويضيف ميشيل ولم نسمع لها حسا ويسأل عمر ترى ما شكلها؟ ويسأل فؤاد و يا ترى ملابسها على أية هيئة؟
فيرد سمير متجهما بالتأكيد مثل بدل الرقص اللي اعتادت عليها، يخرج الجميع من المصعد نحو بوابة العمارة فيلقي عوضين التحية عليهم فيسألونه بتأفف عن مواعيد الراقصة حتى لا يخرجوا فيجدوها في المصعد، فأجاب عوضين الست بتنزل التاسعة بالليل وتعود الخامسة صباحا، نظر كل واحد منهم للآخر وعلامات الامتعاض تملاً وجوههم ويقولون مواعيد راقصة !! تمر الشهور ولم يروا أو يسمعوا شيئًا عن الراقصة ويستمرون في البحث عن أية أخبار عنها ولم يجدوا شيئا يهدئ من شغفهم أو قصصا تثيرهم عن عالم الراقصات، وأخذ كل واحد منهم يحلم ماذا يحدث إذا قابلها في المصعد وتطير برأس كل واحد منهم الأحلام والظنون كيف سيكون اللقاء وكل واحد أخذ يحلم بهذا اللقاء، قرر رجب أن يحقق الحلم فنزل من شقته في الخامسة فجرًا متجها نحو المصعد، فإذا به يلتقى بمشيل يفتحان باب المصعد ليفاجآ بعمر وفؤاد وسمير داخل المصعد ينظر كل شخص للآخر بنظرات توجس وغل، فيبدأ رجب الكلام أنا أصلى حبيت أمارس رياضة المشي قبل الزحمة والشغل لأنها مفيدة للقلب أما ميشيل فيقول أنا نسيت الموبايل داخل السيارة فذهبت لإحضاره أما فؤاد فقال أنا ذاهب لشراء دواء للحموضة، أما عمر فقال أنا ذاهب للاطمئنان على حالة مريض، أما سمير فقال أنا نسيت السبحة الخاصة بي في المسجد فسأذهب لإحضارها.
يصل المصعد إلى الدور الأرضى ليجدا عوضين يفتح لهم الباب ويلقى عليهم التحية يخرج كل واحد منهم ليذهب إلى ما كان يريد أن يذهب. انتهت
