الربيع الصامت
تاريخ النشر:
2011
بقلم:
الربيع الصامت: النساء والثورة
يسرى مصطفى*
«الربيع الصامت» هو عنوان كتاب شهير صدر عام 1962 لعالمة الأحياء الأمريكية راشيل جارسون. ويعد هذا الكتاب أحد الإصدارات الأهم في مجال البيئة في عصرنا الراهن، وكان العمل الأول الذي لفت الأنظار إلى الجانب المظلم للثورة التي عرفها العالم في مجال مكافحة الآفات باستخدام المبيدات. فقد أظهر ونبه إلى الآثار المدمرة للمبيدات على البيئة والإنسان والتنوع الحيوى. فقد برهنت «جارسون» من خلال هذا الكتاب على أن استخدام مبيد الـ «دی تی تي» يدمر البيئة الحيوية للطيور فتعجز عن التكاثر، وهو ما يعني أن ربيعًا ما سوف يأتى من دون أن نسمع أصوات الطيور: ربيعًا صامتًا.
تذكرت هذا الكتاب وأنا أتابع ما يقال عن «النساء والربيع العربي». وقد لا تكون هناك علاقة مباشرة بين ربيع «جارسون» الصامت والربيع العربي الصاخب، ولكن في حقيقة الأمر ثمة علاقة. فمن منظور حقوق النساء، ثمة ما يشير إلى أن الربيع العربي جاء صامتًا رغم صخبه السياسي. وأسعى في هذا المقال إلى مقاربة موضوع «النساء والثورة» في مصر من منظور الصمت والصخب، أو بالأحرى تلك العلاقة بين الصخب السياسي والصمت أو الإسكات الحقوقي وخاصة حقوق النساء. فلاشك أن الأحداث الكبرى غالبًا ما تكون صاخبة ومبهرة، ولها ما يؤيدها ويصنع أبواقها وأصواتها المدوية. ولأنها كذلك فغالبًا ما تكون قادرة على الإسكات وعلى فرض الصمت، ما لم يكن في مقدورنا أن ننصت إلى الهمسات التي تسري خفية في دروب الصخب المبهرة والمعتمة في الوقت ذاته.
عندما بدأت التحركات الاحتجاجية في مصر يوم 25 يناير لم يكن في مقدور أحد أن يتنبأ بها سوف تؤول إليه، ولكن ما رأيناه منذ اللحظات الأولى أن هذه التحركات والتي تحولت إلى رحم، لم تكن رجالية أو ذكورية، لأن الجموع الغفيرة تشكلت من فتيان وفتيات ومن رجال ونساء، وكنا نراها كذلك بوصفها أمرًا طبيعيًا، فلم تكن فقط حركية بلا قيادة، بل كانت أيضًا زخمًا بلا قوامة. ولذلك لم نكن بحاجة إلى إلقاء الضوء على مشاركة النساء، فالأمور الطبيعية لا تحتاج إلى تأكيد. ولكن ما كان طبيعيًا وقت الزخم الثوري، سرعان ما صار موضوع جدل بعد الإطاحة بمبارك وجماعته، وما كنا نعايشه ونتعايش معه باعتباره أمرًا طبيعيًا، لم يعد كذلك بعد أن أصبح الصخب ذكوريا أو بالأحرى بعد أن أصبحت الأصوات الذكورية أكثر صخبًا. إن الزخم الذي سعى إلى إبادة آفات النظام السابق، لم يكن في مقدوره القضاء عليها كاملاً ولكن أيضًا حمل بداخله قدرة على قتل التنوع والاختلاف بإسكات أو تغيب الأصوات المطالبة بحقوق النساء.
وكنت قد أشرت في موضع آخر عقب «الثورة» أن علينا أن نفرق بين لحظتين: مـا قـبـل التنحى وما بعده. فقبل التنحى كان التجانس وكان الشارع هو سيد الموقف، وبعـد التنحى بدأ النزاع وعادت المؤسسات لتنزع عن الشارع قوته وبهجته. فقد بدا الشارع وكأنه مؤسسة فسيحة وغير تقليدية للعمل السياسي، وهذا ما شهدناه في عدد من الميادين وأبرزهـا ميـدان التحرير. فقد أضحى الشارع أكثر من مجرد مسرح للاحتجاج السياسي، بل مجالا للتعايش مع فكرة المواطنة على الأقل لفترة محدودة، وأصبح ميدان التحرير للحظة مجتمعـًا مـدنيًا وسياسيًا في آن واحد، وبدأ وكأنه يؤسس ذاته. وتشكل على مـدار 18 يومًـا عـقـدًا اجتماعيًا ضمنيًا سمح لكل الأطياف أن تتواجد وتتفاعل بداية مـن السياسي المحترف إلى المواطن العادي. وخارج هذه الساحة كان المجتمع «العادي» بمؤسساته يعيش حالة من الترقب أو التضامن أو حتى الخوف من العنف الاجتماعي والمجهول. ولكن ما حدث في التحريـر كـان مجرد لحظة وجدت تماسكها في إجماع لحظى عضَّد التوافق بين الفرقاء. وفي هذا المسرح لم تكن هناك مشكلة تمثيل Representation كما لم تكن هناك مؤسسة. فمن يدخل الميدان عليـه أن يترك مؤسسته خارج حدود الميدان وأن يأخذ مشروعية مـن الحـشـد غـيـر المعروف سياسيًا والمحايد أيديولوجيًا. ولكن سرعان ما انتهت اللحظة وخرجت الجمـوع المتوافقة لتعـود المؤسسات بتوجهاتها ومصالحها وتناقضاتها وبشكل سريع برزت مشكلة التمثيل: من يمثل «الثورة»؟ ومـن يـمـثـل الـرابحين ومـن يمثـل الحـاسرين؟ وهكـذا أيـضًـا تـواري الحيـاد الأيديولوجي، وبدأ الصخب وبدأ الصمت.
وبعد أن استبشرت المجموعات المناصرة لحقوق النساء خيرًا بالأصوات التي دوت مطالبة بالحرية والكرامة، انقلب الحال وأصبح ضجيج الصخب اللاحق ذكوريًا. وبعد أن كانت أصوات النساء جزءًا لا يتجزأ من منظومة المطالبة بالحرية والكرامة، جاءت أصوات النساء خافتة لتذكرنا بمشاركتهن في الثورة، هكذا يسعى المناصرات والمناصرون لحقوق النساء لمواجهة المد المحافظ. وفي الحقيقة أن هذا الاعتراف أو التأكيد ليس ابتهاجًا أو عرفانًا بمشاركة النساء في «الثورة»، ولكن مجرد رد على استبعاد النساء من مسارات ما بعد الثورة، وكذلك الانتهاكات الجسيمة التي لحقت ببعض ممن شاركن في الزخم الثوري.
وبنظرة على خريطة الصخب السياسي والأيديولوجي سنجد أن مصادره متعددة، وأنـه علامة على أن المد الثوري حمل في ذاته آفات مزمنة ظلت عالقة بالبنى الاجتماعية والسياسية. بل يمكن القول إن المد الثوري ربما قد أعطى لهذه الآفات قـوة وزخمـًا وانتشارًا. فقـد بـدت عملية الإسكات والاستبعاد وكأنها متأصلة، بدرجات متفاوتة، في ذهنية وممارسات القـوى السياسية سواء تلك التي في السلطة أو تلك الساعية إليها، بما في ذلك القوى الليبرالية حتى وإن أعلنت، نظريًا، مساندتها لحقوق النساء. ولا نقول جديدًا عندما نذكر ضعف أو غيـاب تمثيل النساء في الكيانات والمسارات السياسية لمرحلـة مـا بعـد «الثورة» سـواء تعلق الأمـر بتمثيلهن في التشكيلات الحكومية المتعاقبة، أو لجان الدستوري، أو القـوائـم الانتخابية للأحزاب السياسية.
وإذا كان غياب أو ضعف تمثيل النساء يشير إلى استمرار ميراث الاستبعاد، إلا أن عمليات الإسكات فيها بعد الثورة بدت في بعض جوانبها كعملية عنيفة وكنوع من المصادرة على المستقبل أو بمعنى آخر «ختان الثورة». ولعل المحاولة الأولى للإسكات بدت جلية يوم 8 مارس عندما ذهبت المجموعات المناصرة لحقوق النساء للاحتفال بهذا اليوم في ميدان التحرير، ذلك المكان الذي شهد صيحات المطالبين والمطالبات بالحرية والكرامة، ولكن ما تصورن أنه مكان آمن و «ثوري» بدا في ذلك اليوم على العكس من ذلك، حيث تعرضن للتشويش والاعتداء في إشارة أولى إلى أن الأصوات المطالبة بحقوق النساء غير مرحب بها من قبل جماعات تصف ذاتها «ثورية».
وفي الوقت نفسه وعلى مقربة من ميدان التحرير أمام مبنى مجلس الوزراء، كان الصخب الذكوري يعلو من قبل جماعة من السلفيين يطالبون باسترداد «كاميليا»، تلك المرأة التي فقدت صوتها وحريتها وخصوصيتها وأصبحت قربانًا يتنافس عليه اللاهوت الديني: الإسلامي و المسيحي. لقد مر هذا الحادث مرور الكرام، وربما على «كاميليا» نفسها التي قُدر لها أن تعيش في الصمت والعزلة خارج زمن «الثورة» على الرغم من أنها، ومن دون إرادتها، كانت ومازالت موضوعًا للصخبين الذكورى و الديني سواء قبل الثورة أو بعدها، وهي التي تفضح في صمت اتصال الحاضر بالماضي.
وفى ظل أجواء الصخب و الجدل والاحتفال، نكتشف فجأة أن أسفل هذا السطح الصاخب، ثمة عالم سفلى مظلم تحاك فيه مؤامرات فرض الصمت، وهو عالم مؤسسى، عالم السلطة الذي يشكل امتدادًا لأقبية الماضي البعيد والقريب المظلمة، لقد اكتشفنا وجود طرق أكثر عنفًا لإسكات النساء وترويعهن: إنها كشوف العذرية، تلك الواقعة التي صدمتنا في صمت.
وهكذا بدا الجديد في بعض جوانبه امتدادًا لممارسات وذهنية الماضي. ومن المفارقات، مع ذلك، أن مناهضى حقوق النساء يجادلون بأن هذه الحقوق لم تكن إلا أحد تجليات نظام ولى وأن التخلص منها هو أحد مقتضيات تجاوز الماضي، وينسى هؤلاء أو يتناسون أن الامتداد الفعلى ليس احترام حقوق النساء الذي لم يكن موضوع ربح وخسارة بالنسبة لنظام لم يكف يومًا عن انتهاك حقوق النساء، أما الامتداد الفعلي فيتمثل في الذهنية الذكورية الآتية من الماضى والتي وجد بعض رموزها في «الثورة» ساحة مفتوحة زادتهم شبقًا وفجاجة.
ولا نبالغ عندما نقول إن الإجماع السياسي الذي حفظ صورة الجماعة «الثورية» قبل تنحي مبارك، لم يكن إلا إجماعًا هنا من منظور الحقوق والحريات. وكان يجب علينا الانتظار لحين رحيل مبارك وجماعته وانقضاء أسباب وفورة الإجماع والتناغم السياسي، لنكتشف أن حديقة الثورة ليست زهور فقط بل، كذلك، مساحة مليئة بالمتناقضات والآفات وعوالم سفلية. إن ما جمعته السياسة فرقته الثقافة. فسرعان ما يكشف التناحر السياسي والأيديولوجي المواقف العدائية أو الجاهلة والمتجاهلة لحقوق النساء، وكأن الثورة أفرغت ما في جوف النظام من مواقف إزاء المرأة منها العدائي ومنها المساند، ومنها المراوغ ومنها الحالم، وجميعها استمرار لما كان إلا أنها باتت إما أكثر صخبًا أو أكثر صمتًا.
ومما لا شك فيه أن الاتجاهات الإسلامية المحافظة هي الأعلى صوتًا والأكثر فجاجة في موقفها المعادى لحقوق النساء. ومع ذلك فعلينا أن نتذكر، أنه من الخطأ العلمي والأخلاقي اعتبار هذه الاتجاهات المصدر الوحيد لتهديد حقوق النساء. فقط علينا أن نتذكر أن أجرى كشوف العذرية لم يكن هم، بل السلطة التي جاءت على أمواج الصخب لتنصب نفسها كحامية للشرعية والحقوق، كما علينا أن نتذكر أن وضع حقوق النساء على جدول أعمال الليبراليين ظل مشروطًا بتوازنات المنازعات السياسية. مع ذلك فإن ما يميز خطاب السلفيين مقارنة بغيرهم أنه الأكثر صخبًا ولكنه الأكثر شفافية حيث يبرر بشكل واضح وفج الحط من كرامة النساء. وفي اعتقادي أنه خطاب بلا مستقبل، لأنه خارج نطاق التاريخ، وكلما زاد صخبه بات أقرب إلى الأفول والعزلة، وإذا أراد أنصاره غير ذلك فعليهم أن يروضوا الانفلات اللاتاريخي لخطاباتهم، وفي هذه الحالة عليهم أن يقبلوا بما لم يقبلوه في السابق.
ومن ناحية أخرى تشهد الساحة خطابًا آخر، وهو ما أسميه مجازًا بالخطاب المراوغ، هو أيضًا امتداد للوضع السابق. وسمة هذا الخطاب أنه لا ينكر حقوق النساء ولكنه يخضعها لمتطلبات السوق السياسي، بمعني معالجة حقوق النساء ليس بوصفها ركيزة أساسية للتحول الديمقراطي، ولكن من منظور المكسب والخسارة في مجال العمل السياسي وإعطاء الأولوية للربح السياسي حتى لو أدى ذلك إلى تجاهل بعض حقوق النساء أو التقليل من شأنها. وهذا ما نلاحظه، بدرجات متفاوتة، من خلال ممارسات عدد من الاتجاهات المتأسلمة والليبرالية والعلمانية. وفي الحقيقة أن هذا لا يمثل جديدًا ولكنه امتداد لحالة مزمنة في الثقافة السياسية السائدة.
أضيف إلى ذلك، أن القوى الليبرالية والعلمانية قد تبدى اهتمامًا بحقوق النساء الآن وربما لفترة قادمة، ولكن ثمة سؤالاً يجب طرحه دائها: هل هذا الاهتمام يمثل شيئًا ما جديدًا أم أنه استمرار لممارسات سابقة؟ في اعتقادي، وأتمنى أن أكون مخطئًا، أن الممارسات السابقة تشير إلى أن جزءًا كبيرًا من اهتمام القوى السياسية الليبرالية والعلمانية بحقوق النساء يأتى كنوع من رد الفعل في إطار الصراع السياسي مع القوى الإسلامية المحافظة، فالنساء دائمًا هم القوى الدينية جزء من اللعبة السياسية لنزع الشرعية عن الخصم. فمن ناحية تتحجج المحافظة بالحفاظ على الهوية الثقافية ويكون ذلك من خلال تسييس أجساد النساء وجعلهن ركيزة صراعات الهوية. ومن ناحية أخرى يسعى العلمانيون إلى نزع المشروعية عن المحافظين الدينيين بوصمهم بالتخلف ولكن باستخدام حقوق النساء كأداة من خلال رد فعل عكسى. وهكذا تظل حقوق النساء مشروطة بهذا النوع من المنازعات السياسية.
ليس تعسفًا، إذن، القول بأن «الثورة» التي أطاحت بجماعة مبارك، لم ترق لأن تكون ثورة حقوق وحريات. فهي عملية تضمنت مسارات متعددة هي في أغلبها إمتداد لتوجهات ونزوعات سابقة عليها. ويمكن القول بأنها بدت حيوية ومخيفة لأنها خلقت صخبًا ومنازعات مكشوفة، وأبرزت نقاط الضعف في البني الاجتماعية والسياسية والثقافية. وربما يكون في مقدورنا القول أن الموقف الحالي من حقوق النساء يكشف لنا أن ما تشهده مصر الآن قد لا يكون إلا محاولة لاتقاء خطر الثورة من خلال إعادة تركيب النظام القديم وفق معطياته السابقة مع بعض المستجدات. كما أن إعادة التركيب هذه ما زالت تتم بالأدوات والمواد القديمة نفسها ولذا فهي هشة مهما كانت صاخبة.
ولأن حفظ تماسك هذه العملية يتطلب نوعًا من الأسمنت الأيديولوجي، فقد تم من صناعته إعلاميًا من خلال صناعة ثورة موازية في الفضاء الإعلامي على الأقل قبل أن يكتشف البعض أن ما تصوروه على أنه ثورة لم يكن كذلك. ولذلك ليس غريبًا أن يأتى صخب الاحتفاء بالثورة في الشهور الأولى من كل حدب وصوب، بداية من شباب الميادين المتحمس والطامح فعلاً إلى تغيير ما، وانتهاء بمن كانوا مكونًا أصيلاً من مكونات النظام السابق، مرورًا بالإعلام الخليجي والدولي. وفي مرحلة لاحقة دخل الإعلام الرسمي المحلى بكامل قوته التقليدية كمؤيد ومحتفل، وسعى للتماسك، بعد أن فقد توازنه لفترة، من خلال الاحتفاء الساذج بالثورة من خلال حماسات مفتعلة، أو أغان وطنية تعود إلى الستينيات أو الخمسينيات من القرن الماضي. وفي كل الأحول فإن الصخب الإعلامي كان ملحوظًا، ولعب دورًا في صناعة المرئى وغير المرئى، وقد يكون علينا إعادة قراءة وتحليل الصخب الإعلامي من منظور النوع الاجتماعي، ودوره في صناعة الرموز الثورية، ودور هذه الرموز في صياغة الرؤية حول منازعات ومتطلبات الواقع. وأزعم أن الإعلام قد قدم تغطية مبهرة للأحداث، ولكنه من ناحية أخرى حدد لنا زاوية النظر، وهي زاوية أخفت فيما أخفت حقوق النساء واكتفت بصناعة عدد محدود من الرموز النسائية الشبابية.
من المؤكد أن كثيرين يهمهم الحفاظ على صورة «الثورة» نقية، كما أنهم يريدون أن يبرزوا التضحيات والزهور والطيور في حدائق الثورة، وهذا حقهم/ ن، ولكن الأمر الذي لا شك فيه أن عمليات صناعة المقدس يجب ألا تتجاهل أن الربيع في مصر كان من الصخب بحيث أسكت أصواتًا لا يمكن أن تسكت. إن الأكيد أن الزخم الذي شهدته مصر لم يكن متجانسًا لا بالمعنى السياسي ولا بالمعنى الأيديولوجي والثقافي، ولكن الأكيد أيضًا أن هناك تطلعات كبرى حقيقية لأجيال جديدة أعلنت سياسيًا وضميريًا أن «ما كان يجب ألَّا يبقي” ،ومأزق «الثورة» أنها أبقت على ما كان وزادته صخبًا. وهنا تحديدًا مأزق «الثورة» وتحديات المستقبل، فنداء «ما كان يجب ألَّا يبقى» سيكشف إن آجلاً أو عاجلاً آفات الماضي التي أصبحت ضمن الحاضر.
وتبقى كلمة أخيرة بشأن دور الحركات والمجموعات النسائية، فكثير منها مازال يعيش ضمن شروط الماضى ومنازعاته. وإذا لم تَعِ هذه المجموعات تحديات المرحلة فسوف تضيع في الصخب السياسي والثقافي السائد. ذلك، فإن الحركة لن تموت لأن هناك المزيد الذي سوف يأتي مع الأجيال الجديدة من الشابات والشباب ممن لن يقبلوا أن يكون ربيعهم/ن صامتًا.
* مدير برنامج دعم حقوق المرأة بوكالة التعاون الفنى الألمانى، وباحث فى مجال حقوق الإنسان.