العالم يريدنا سعداء
ده كان جزء من فيديو بيناقش فكرة ليه لازم نكون سعداء وهل دا شيء لازم. الحقيقة أن النظام بيحط معايير للإنسان السوي اللي لو حد حققها فهو كده أصبح فرد ناجح ومنتج في المجتمع, من ضمن المعايير دي هي السعادة والرضا. أن تكون متى سعيد مبقاش اختیار، بل بقى كمان اختیار شخصی بأید الناس تعمله لو “هي فعلاً عايزة” ونحى تمامًا المشاعر الأخرى التي لها نفس الأحقية وحطها في إطار كبير وسماه “مشاعر سلبية“.
مشاعر زي الحزن أو الغضب أو الخوف يمكن سموها سلبية عشان يتأثر سلبًا على الإنتاج، شعور زي الغضب بيخلينا مدركين أكثر للظلم وعدم الإنصاف اللي حوالينا وبيخلينا نتساءل عن أشياء مش من مصلحة النظام أن تكون أسئلة مطروحة ومشروعة.
“الشخصي سياسي“.
ده فتحلي باب للفهم وإدراك ليه أنا مش سعيدة؟ ليه بحس إني طول الوقت في صراع مع نفسي؟ وإن عدم سعادتي ده ممكن يكون بسبب الواقع المحيط بيا مش بس بسببي أنا. إدراكي لأحقية إحساسي بالمشاعر “السلبية” وإحساسي بالغضب خاصة وربطه بالنظام ومحاولته طول الوقت في تنحية المشاعر دي، وإدراكي للواقع المحيط بيا والظلم، خلاني أفكر في طرق للمقاومة وإن مشاعري “السلبية” اللي كنت بحسها هي في الحقيقة ترجمة لواقع سياسي واجتماعي واقتصادي متهلهل غير عادل, وتحول ده المعركة سياسية وإدراكي أن خلاصي لن يتحقق إلا بهدم المنظومة دي كلها.
ده خلاني أنضم لحزب سياسي معارض باعتبار إن هدفنا هيبقى مشترك وباعتباره منصة للمقاومة. ومع الوقت ابتديت أهتم بحاجات تانية وخاصة الحريات الجسدية والجنسية وابتديت أتكلم في الحزب ليه منضُمش في برنامج التثقيف جزء خاص عن ده أو ليه مننزلش ننسق مع مجموعات مهتمة بده, كان الرد أن “تحرر النساء سيأتي من تحرر المجتمع” وإن دي “قضايا ثانوية” ومش من الأولويات وأن ده هيليهنا عن هدفنا الرئيسي. حسيت وقتها بانتهاك وخيانة وأن المكان المفتوح اللي بيدعي تقدميته ومطالبته بحقوق الناس كافة بيمارس نفس الوصاية اللي بيمارسها المجتمع, بس بشكل مختلف.. المجتمع بيحدد للناس إيه هي المعايير اللي تخليك فرد ناجح والحزب بيحدد مين الفئات المضهدة ومين لأ، وإيه الحقوق المهمة وإيه لأ، وأيه هي معايير الثوري الناجح…
“الكتابة كمساحة للتعبير وآلية للمقاومة“
سواء في فترة ما قبل الثورة اللي كان صوت النظام فيها هو الوحيد اللي موجود وحتى بعد انفتاح المجال العام نسبيًا بعد الثورة وارتفاع صوت المعارضة .. تم تنحية أي كلام عن كل ما يخص مشاعرنا كثوريين وكستات وارتباطها بشكل مباشر بالوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وبكل الأنظمة المتحكمة في حياتنا.. المهتمين بده مكانوش بيكتبوا وكانوا بيكتفوا بالمناقشات في الدوائر الضيقة واللي كانوا بيكتبوا يا إما كانوا بيكتبوا بلغة تانية غير العربي أو بلغة عربية معقدة.
أنا أدركت إن محدش غيري هيقدر يعبر عن غضبي وملقيتش غير الكتابة اللي مدياني مساحة واسعة قادرة على تحويل كل اللي حاسة بيه لكلمات قادرة توصل مشاكلي والمشاعر والغضب. وإن بقى ضرورة يبقى في صوت مختلف بیطرح تحليلات مختلفة ورؤى مختلفة للتغيير، وضرورة إننا نوثق ده في كتابات. وخاصة في ظل جمود الحركات السياسية المختلفة وعدم استعدادها لمناقشة تحليلات مختلفة أو تطوير رؤياها وفرض إطار نظري وعملي لا يمكن الخروج عنه.
وهنا تأتي الكتابة كآلية للمقاومة والتعبير.
الكتابة هي أكثر الطرق فعالية للمشاركة, وفي وقت هزيمة زي دلوقت أصبح في ضرورة أكبر للمشاركة والتعبير عن الإحباطات واستمرار طرح الأفكار, لأن في لحظات الجذر مفيش حاجات كتير متاح إنو يتعمل فيها. والكتابة هي أكثر طريقة مناسبة وقادرة على المقاومة. وبالتالي أصبح هناك ضرورة لخلق مساحة آمنة وشاملة ومختلفة وتشجع أن ده يزدهر أكثر.