العدد الرابع

التصنيفات: غير مصنف

كتابة:

العدد الرابع مارس 2022-لوتس

اليوم العالمي للمرأة

انتصار النساء

معركة القضاء.. المرأة على منصة

السنهوري بعد 70 عامًا من النضال

كريمة علي حسين..

أثر النضال لا يزول

منى ورحمة وإيمان

مناضلات من أجل عالم أفضل

مقاومة 70 عامًا تهزم الرفض الذكوري:

المرأة على منصة السنهوري..

النساء يحسمن معركة القضاء

كتبت – أسماء زيدان

بين ما اعتبره المستشار محمد حسام الدين، حدثًا تاريخيًا مرحبًا بالقاضية رضوى حلمي باعتبارها أول قضية تعتلي منصة محاكم مجلس الدولةوحكم مجلس الدولة في بداية الخمسينيات بأن الوقت لم يحن لتتولى المدعية عائشة راتب منصبًا في إدارة القضايا أو في النيابة العامة، مشيرًا أن هذا التقدير لم يثبت للمحكمة أنه قد شابه تعسف أو انحراف، معركة طويلة خاضتها النساء من أجل الانتصار لحقهن في اعتلاء منصات القضاء.

ولم يكن حسم المعركة وتحقيق حلم المساواة على صعيد القضاء وليد منحة أو صدفة لكنه جاء تتويجًا لنضال ٧٠ عامًا، خاضته النساء رفيقات وبنات وحفيدات عائشة راتب وهانم محمد على كافة الأصعدة، ضمن معارك كثيرة لتحقيق المساواة في ساحات مختلفة. وهي المعارك التي جاءت لتؤكد جدارتهن وقدرتهن على انتزاع النصر، الكامل وحسم المعارك الباقية، لتبقى كلمة السر هي النضال النسوي.”

أخيرًا، جلست المستشارة رضوى حلمي، كأول قاضية في تاريخ مجلس الدولة، منذ إنشائه في عام ١٩٤٦، وكأنها تعلن انتصار معركة عائشة راتب بعد ٧ عقود من المحاولات المتواصلة. معلنة أن الزمن يتغيروداعية النساء لمواصلة المعركة، لـ الالتحاق بأماكن متميزة، تظهر فيها براعة ومهارة المرأة.”

ففي يونيو الماضي، قرر المجلس الأعلى للهيئات القضائية، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي، بدء عمل العنصر النسائي في مجلس الدولة والنيابة العامة اعتبارًا من أول أكتوبر المقبل، مع اعتباره يومًا للقضاء المصري.

وفي خطوة تالية في نوفمبر الماضي ۲۰۲۱ أصدر السيسي قرارًا جمهوريًا بتعيين ٩٨ قاضية بمجلس الدولة بآلية النقل من هيئتي قضايا الدولة والنيابة الإدارية، كما أعلن المجلس مؤخرًا حاجته لتعيين خريجات من دفعة ۲۰۲۱ بكليات الحقوق والشريعة والقانون والشرطة بدرجة مندوب مساعد – أولى درجات السلك القضائي بالمجلس – ليفتح بذلك المجال أمام المرأة لتقلد ولاية القضاء بمجلس الدولة بعد سنوات عديدة من الرفض.

بعدها بشهرين أصدر مكتب رئيس مجلس الدولة إعلانه الأول للعام ۲۰۲۲ والخاص بتعيين خريجات كل من كليات الحقوق والشريعة والقانون وكلية الشرطة وانضمامهن للسلك القضائي، وذلك وفق الاشتراطات المعمول بها طبقًا للمادة ٧٣ من قانون المجلس. وهو القرار الذي كان قد سبقه قرار آخر في مارس ۲۰۲۱ بالتزامن مع يوم المرأة، بتعيين عناصر نسائية في تشكيلة كل من مجلس الدولة والنيابة العامة، من خلال الموافقة على تعيين عدد من عضوات النيابة الإدارية وعضوات هيئة قضايا الدولة بطريق النقل لمجلس الدولة، لشغل وظيفة (مندوب) أو وظيفة (نائب) بالمجلس.

كانت هذه هي قرارات إعلان انتصار النساء وحسم معركة تولي المناصب القضائية كاملة لصالحهن، ولكن قصة هذه القرارات لم تكن وليدة اللحظة لكنها وليدة نضال ومقاومة ۷۰ عامًا من المطالبات والضغط بكافة السبل والوسائل ضمن معركة المطالبة بالمساواة والتي بدأتها جدات عائشة راتب نفسها ضمن سلسلة طويلة من النضالي النسوي، فمتى بدأت معركة الـ ٧٠ عامًا؟

معركة عائشة راتب

والسنهوري.. الشرارة الأولى

شهدت الخمسينيات أول مطالبة نسائية للعمل بالقضاء، وساير مجلس الدولة وجهة النظر التي تحظر على المرأة تولي منصب القضاء عندما أثيرت أول مرة عام ١٩٥١، حيث تقدمت الدكتورة عائشة راتب، وزيرة الشئون الاجتماعية السابقة وأستاذة القانون الدولي العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وسفيرة مصر السابقة للتعيين في مجلس الدولة ورفضها طلبها، بحسب تقرير صادر في ٢٠١٥ عن الهيئة العامة للاستعلامات، بعنوان (المرأة المصرية والقضاء).

لجأت عائشة إلى القضاء الإداري، الذي قضى في ٢ فبراير سنة ١٩٥٢ برئاسة الدكتور عبد الرازق السنهوري، بعدم أحقيتها على أساس أن قصر بعض الوظائف كوظائف مجلس الدولة والقضاء على الرجال دون النساء لا يعدو هو الآخر أن يكون وزنًا لمناسبات التعيين في هذه الوظائف تراعي فيه الإدارة بمقتضى سلطتها التقديرية شتى الاعتبارات من أحوال الوظيفة وملابساتها وظروف البيئة وأوضاع العرف والتقاليد، دون أن يكون في ذلك حط من قيمة المرأة ولا ينال من كرامتها، ولا إنقاص من مستواها الأدبي والثقافي، ولا يحط من نبوغها وتفوقها ولا إجحاف بها، وإنما هو مجرد تخيير الإدارة في مجالس تترخص فيه لملاءمة التعيين في وظيفة بذاتها بحسب ظروف الحال، وملابساتها كما قدرتها هي، وليس في ذلك إخلال بمبدأ المساواة قانونًا، ومن ثم فلا معقب لهذه المحكمة علي تقديرها ما دام قد خلا من إساءة استعمال السلطة.

وأثيرت هذه القضية للمرة الثانية في قضية هانم محمد حسن، الموظفة الإدارية بمجلس الدولة عام ۱۹۷۸، عندما تقدمت للتعيين في إحدى الوظائف الفنية به، ورفض مجلس الدولة طلبها، ولجأت إلى محكمة القضاء الإداري، ورفضت طلبها وقضت المحكمة الإدارية العليا بعد أحقيتها لذات الاعتبارات التي أوردها حكم محكمة القضاء الإداري في عام ١٩٥٢.

ووفقًا للأحكام المتقدمة كان القضاء الإداري يرى أن مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف العامة لا يمنع من أن تقصر بعض الوظائف على أحد الجنسين، بحسب ظروف الحال وملابساتها التي ترجع إلى عوامل البيئة، وأحكام التقاليد أو إلى طبيعة الوظيفة ومسؤولياتها وما تتميز به من مشقة أو ما يكتنفها من مخاطر وتتمتع الإدارة في ظل هذه الظروف بسلطة تقديرية لا تخضع فيها لرقابة القضاء إلا بالنسبة لإساءة استعمال السلطة. أكثر من نصف قرن من محاولات انتزاع الحق مضى ما يزيد على نحو نصف قرن والمرأة المصرية تسعى بشتى السبل لنيل حقها في أن تترأس منصة القضاء، فعلي الرغم من عدم وجود نص دستوري يمنع تولي المرأة القضاء فقد ظلت منصة القضاء منصبًا عصيًا على المرأة لسنين كثيرة، وظلت المرأة المصرية تنادي بأحقيتها في اعتلاء منصة القضاء كأقرانها من الرجال، وناضلت المرأة كثيرًا من أجل هذا الحلم.

كما أن الشريعة الإسلامية لا تمنع تولي المرأة منصب قاضية، ففي فتوى أصدرتها المؤسسة الدينية في مصر بتاريخ ۲۲ – ۱۰ ۲۰۰۲ موقعة من كل من شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي، ومفتي الجمهورية السابق وشيخ الأزهر الحالي الدكتور أحمد الطيب، ووزير الأوقاف الأسبق الدكتور محمود حمدي زقزوق، حين خاطب وزير العدل الأسبق المستشار فاروق سيف النصر هذه الجهات مجتمعة من أجل معرفة الموقف الشرعي من قضية تعيين المرأة في القضاء.

ونصت الفتوى على أنه لا يوجد نص صريح قاطع من القرآن الكريم أو من السنة النبوية المطهرة يمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء، لكن بالرغم من أنها فتوى صريحة وواضحة وضوح الشمس، فإن كثيرًا من القضاة وللأسف شيوخهم الرافضين لتولي المرأة القضاء دائمًا ما يرددون في حجتهم لرفض تعيينها أنه أمر مخالف للشريعة الإسلامية.

حلم عائشة راتب وهانم محمد يتحقق بعد محاولات 70 عامًاورضوى حلمي أول سيدة فوق منصة مجلس الدولة

دفوع دستورية وقانونية
وبالنظر للنصوص الدستورية والقانونية فلا يوجد فيها من النصوص ما يمنع من تولي المرأة وظائف القضاة، ونص الدستور الصادر سنة ۱۹۷۱ في المادة ٤٠ منه على أن المواطنين لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة.” بل نص فى مادة ٨ على أن تكفل الدولة تكافؤ الفرص لجميع المواطنين، كما تنص المادة 11 منه على أن تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في مجتمع ومساواتها بالرجل في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية.” كذلك تنص المادة ١٤ من الدستور علي أن الوظائف العامة حق للمواطنين، وأن العمل حق وواجب وشرف تكفله الدولة للمواطنين (مادة ١٢). ولما كانت القوانين يجب أن تدور في فلك الدستور، فإن قانون السلطة القضائية رقم ٤٦ لسنة ۱۹۷۲ لم يشترط من بين الشروط التي تطلبتها المادة ۳۸ منه فيمن يعين في القضاء أن يكون من الذكور، وسارت على ذلك النهج باقي القوانين المنظمة للهيئات القضائية، فلم تضع أي حظر علي التحاق المرأة بالعمل فيها.

رضوى حلمى بعد اعتلائها منصة مجلس الدولة: “الزمن يتغير..” وناصر أمين: الموقف المجتمعي ساهم في تأخر الحق

ناصر أمين: الموقف المجتمعي ساهم في تأخر الحق

يؤكد الحقوقي ناصر أمين رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، أن مجلس الدولة الذي رفض إصدار قرارات تلزم وزارة العدل والحكومة بتعيين النساء.

ويضيف أن مجلس الدولة اعتبر أن الأمر شأن قضائي يختص به مجلس القضاء الأعلى، الذي رفض بدوره وجود آلية للطعن على قراراته، وبهذا أصبحت النساء لا تجد وسيلة لوقف هذا التمييز، حيث تخلت الجهتان المعنيتان بالمسألة عن دورهما، وحينها تحججت تلك الهيئات بأن العمل القضائي (شاق لا يصلح للمرأة).

ويتابع أمين أنه في عام ۱۹۹۷ أطلق المركز العربي حملته لتولي المرأة المناصب القضائية، والتي قامت بالعديد من الأنشطة من لقاءات وندوات وحمل الرأي العام على تقبل الفكرة، وتوجت تلك الجهود عام ۲۰۰۳ حين تولت عضو مجلس أمناء المركز العربي تهاني الجبالي أول منصب قضائي في المحكمة الدستورية.

ويؤكد أن الحملة اتخذت قرارها حينها بالاستمرار بغرض توسيع المشاركة النسائية بحيث لا يقتصر الأمر على تعيين الراحلة تهاني الجبالي والمحكمة الدستورية.

ويقول ناصر أمين إن الموقف المجتمعي الجامد تجاه القضية ساهم في تأخر الحصول على الاستحقاق، خاصة على المستوى الرأي الديني الممثل في الأزهر والكنيسة كما أن استطلاعات الرأي قام بها المركز عام ٢٠٠٤ أوضحت أن نسبة النساء الرافضة لتعيين المرأة في السلك القضائي أكبر من الرجال في العينة العشوائية.

وتابع: لم يكسر هذا الجمود سوى قرار تعيين القاضية تهاني الجبالي، وبالتزامن مع الحرج الذي تعرض له النظام عالميًا.

ويضيف ناصر أمين: يجب أن نحيي المستشار فتحي نجيب، الذي قرر تحطيم هذا الجدار، وهو رئيس المحكمة الدستورية آنذاك لأنه تحدى الهيئات القضائية، واتخذ القرار على مسؤوليته الشخصية.

المركز المصري في قلب معركة مجلس الدولة

المركز المصري خاض معركة حصول السيدات على هذا الاستحقاق بالتعاون مع مديرة مركزة المرأة الجديدة، والذي بدأ بحملة أطلقها المركز عام ۲۰١٠ اتخذت منحى جديدًا، حيث ركزت الاهتمام على الاعتراض على رفض مجلس الدولة تعيين المرأة، فضلاًعن محدودية أعداد المنضمات للسلك القضائي.

وكان المركز المصري اشتبك مع محاولات المجتمع المدني للحصول على حق المرأة في التعيين بالقضاء، فبادر برفع دعويين قضائيتين، وذلك في أعقاب قرار الجمعية العمومية الرافض لتلك الخطوة.

وكان رفض الجمعية العمومية قد سبقه موافقة من المجلس الخاص بمجلس الدولة، وهو أعلى سلطة إدارية به، والذي قضى باستكمال إجراءات تعيين من تقررت صلاحيتهم بإجماع المجلس الخاص من خريجي وخريجات ۲۰۰۸ ۲۰۰۹ تمهيدًا لإصدار رئيس الجمهورية قرار التعيين.

وعليه ساد صراع داخل أروقة المجلس، ووفقًا لورقة أصدرها المركز آنذاك وزعها على المعنيين قام وزير العدل بناءً على طلب رئيس الوزراء بطلب تفسير للمحكمة الدستورية العليا لتفسير بعض النصوص التي تتعلق بالأزمة، وصاحب هذا الطلب موجة احتجاج من بعض قدامى قضاة مجلس الدولة حول عدم اختصاص المحكمة الدستورية بهذا الشأن واعتباره مخالفة صريحة للقانون، ووصل الأمر إلى اتهام المجتمع المدني المعارض لحرمان المرأة من تولي منصب القضاء آنذاك بمحاولة تمكين السلطة التنفيذية من مجلس الدولة.

وبينما كان الصراع على أشده أصدر المركز المصري كتابه (المرأة ومنصة القضاء)، والذي قام عليه كل من نيفين عبيد والمحامي خالد علي والشيخ أحمد عبد الهادي ممثلاً لوجهة النظر الدينية.

وتضمن ذكر ما جرى في أزمة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة وموقف الفقه الإسلامي من عمل المرأة بالقضاء، فضلاًعن مواقف المنظمات الحقوقية من القضية.

واستعرض الكتاب الخلفية التاريخية لكفاح المرأة، وخوضها غمار الاشتغال بالقانون علي الأستاذة نعيمة إلياس الأيوبي، أول محامية مصرية والتي كان اشتغالها بالمحاماة خطوة غير مسبوقة في حد ذاتها في ذلك الوقت.

المركز المصري يدخل المعركة عام 2010 بحملة وكتاب بالمشاركة مع المرأة الجديدة وأمنية جاد الله تكمل الطريق في 2014

أمنية جاد اللهعلى خطى عائشة راتب

مع حلول ۲۰۱٤ ظهرت المحامية أمنية جاد الله التي تقدّمت بطلب للعمل كمندوبة مساعدة في مجلس الدولة عقب إعلان الأخير إعلان التعيين لخرّيجي الدفعة ذاتها، ومع رفض مجلس الدولة طلب أمنية كغيرها من خرّيجات كليات الحقوق، بادرت من جانبها برفع دعواها أمام القضاء الإداري للمطالبة بوقف التمييز ضد النساء ورفض تعيينهنّ بمجلس الدولة. وفي ٢٠١٦ رفعت دعوى ثانية تطعن فيها بدستورية بعض نصوص قانون مجلس الدولة ولائحته لتعارضهما مع الالتزام الدستوري كافة الهيئات القضائية المنصوص عليه بالمادة (١١) من دستور ٢٠١٤. ورفض القضاء الإداري الدعويين اللتين تختصم فيهما أمنية المجلس، وتطالبه بالفصل بينها وبين نفسه، وهو ما يضعها في حلقة مُفرغة على حد وصفها، معتبرة أنّ اختصام المجلس في حالتها غير دستوري.

لم تتوقف أمنية عند هذا الحد. ففي عام ۲۰۱۸ أسست مبادرة حقوقية تحمل اسم (المنصة حقها) تختص بمكافحة التمييز ضدّ المرأة وحرمانها من تولي المناصب القضائية. وبعد عقود انتصرت معركة عائشة راتب، وهانم محمد وأمنية جاد الله واستطاعت المرأة المصرية أن تحصل على حق طال انتظاره، وكأنها تؤكد أنه ما ضاع حق وراؤه مطالب.

كريمة علي حسين

أثر النضال لا يزول

كتب محمود السقا:

يزخر التاريخ المصري بنساء أضفن لصفحاته قصصًا وبطولات، لم تطالبن بمجد أو شهرة بل بحقوقهن الطبيعية، نساء مهدن الطريق ورسمن بنضالاتهن الخط العريض الذي تبعه الجميع من بعدهن، دافعن عن حقوقهن وحقوق المرأة بشكل عام، فكن نبراسًا يهتدي به من بعدهن في طريق الحقوق والحريات، كريمة علي حسين، كانت من بين هذه الوجوه المضيئة، كأول سيدة طالبت بتعيينها في القضاء، لذلك اقترن تحقيق أي مكسب نسائي في مصر بشكل عام، وفي قضية تعيين المرأة في القضاء بشكل خاص دائمًا باسمها، ومن باب رد الجميل فوجب علينا تخليد هذه السيرة النضالية بعد مرور ما يقرب من ٨٠ عامًا من بدئها، بعد تتويج هذا الجهد بحصول النساء على هذا الحق مؤخرًا.

حلم الوالد معاون المحكمة

يفتح الطريق

قبل تعيين المرأة في القضاء، كانت هناك فتاة متمردة تخوض معركة كبيرة وجديدة من نوعها من أجل تعيينها في هذا المنصب، حين بدأت كريمة علي حسين، والتي ولدت في القاهرة عام ۱۹۲۰ لأسرة بسيطة من كفر الشيخ إبراهيم بمحافظة المنوفية، معركتها مبكرًا، كما يروي لنا نجلها المحامي الحقوقي نجاد البرعي، حيث كان والدها يحمل شهادة الكفاءة الثانوية العامةولم يكن يحمل شهادة جامعية، وكان واحدًا من بين ١٠ إخوة ٥ منهم ظلوا يعملون بالفلاحة، والآخرون تركوا قريتهم ونزحوا للقاهرة لإكمال تعليمهم.وكان والد كريمة أقل إخوته حظًا، حيث كان له شقيق من أحد الضباط الأحرار ورئيس إحدى محاكم الثورة لاحقًا، ووصل إلى رتبة فريق بالجيش، واثنين آخرين وصلا إلى رتبة لواء شرطة، وخامسهم وصل إلى مرحلة التعليم المتوسط، وبعد تعيينه معاونًا في إحدى المحاكم آنذاك أصر الوالد على تعليم أبنائه الخمسة تحقيقًا لرغبته التي لم يستطع تنفيذها في نفسه.

لم تنل فاطمة – الابنة الكبرى لمعاون المحكمة حظها من التعليم على شاكلة والدها، وأصبحت ربة منزل، لكن كريمة الابنة الثانية، كانت اللبنة الأولى في البناء التعليمي للأسرة، حيث لوحظ ذكائها المبكر واهتمامها البالغ بالتعليم وتفوقها فيه، ما دفع والدها للاهتمام باستكمال تكمل تعليمها في سبيل تحقيق حلمه، وظلت تتنقل في المراحل التعليمية المختلفة بتفوق حتى حصلت على منحة لنيل الشهادة الثانوية، وبعد حصولها على مجموع كبير في الثانوية، حصلت على منحة أخرى لدراسة الحقوق، فضلاً عن معونة فقر نظرًا للوضع المادي لأسرتها.

كان الوالد محبًا للقانون وشغوفًا به، وكان يري القضاة والمحامين في المحكمة وتمني أن تصبح ابنته مثلهم، كما شجع شقيقها الأصغر حسين على دراسة الحقوق، وساهمت كريمة فيما بعد في إلحاقه بهيئة القضاء حتى توفي وهو نائب لرئيس محكمة النقض.

كان حب والدها للمهنة دافعًا لها للتعلق بها، فالفتاة الصغيرة التي كانت تذهب معه إلى المحكمة، ويزداد شغفها بالاستماع إلى مداولاتها، باتت لديها الآن الرغبة في أن تكون جزءًا من هذا الحلم الكبير، تخرجت في كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول عام ١٩٤١، ولم يسبقها من الفتيات في دراسة القانون سوي فتاتان تخرجتا على دفعتين، ثم تخرجت هي في الدفعة الثالثة ضمن ٥ فتيات فقط.

ضمن اول 7 فتيات تخرجت من كلية الحقوق بمصر..

وطالبت بتعيينها معيدة بعد تفوقها في دفعة 1941

لكن تم رفضها

عقبات على الطريق

ونضال حتى النفس الأخير

نظرًا لتفوقها اللافت للنظر، خاضت كريمة معركتها الأولى، فطالبت أولاً بتعيينها معيدةً، والانضمام إلى هيئة التدريس بالجامعة، لكن الجامعة رفضت طلبها بشكل قاطع، بدعوى عدم إمكانية عمل النساء في هذه المهنة، إلا أنها دافعت بشدة عن حقها إيمانًا منها بدور المرأة وأهميته ومساواتها أمام القانون والدستور.

عام 1942 طالبت حكومة الوفد بحق تعيينها في وظيفة معاون نيابة مثل زملائها الرجال وتلقت صدمتها الثانية برفض الطلب

ذهبت إلى عبد الحميد عبد الحق باشا وزير الشئون الاجتماعية وقتها في حكومة الوفد عام ١٩٤٢ تقريبًا، وكان قبل الوزارة نقيبًا للمحامين وأيضًا رجلاً تقدميًا مقارنة بمعايير هذا الزمن، وطالبت بحق تعيينها في وظيفة معاون نيابة، مثل زملائها الرجال، لكنها تلقت صدمتها الثانية برفض هذا الطلب أيضًا.

عرض عليها عبد الحميد باشا العمل كمحققة داخل الوزارة، وقال لها يكفي أنك ستقومين بالتحقيق مع الرجال ، محاولاً استمالتها للقبول بالوظيفة أملاً في استخدامها كانتصار لحكومة الوفد، لكنها صممت على الرفض مقررة استكمال معركتها حتى النفس الأخير.

حينما تيقنت أنها لن تحصل على حقها في ظل ما واجهت من عقبات، قررت كريمة العمل بالمحاماة، حينها لم يسبقها في هذه المهنة من النساء سوى ٤ محاميات فقط، أبرزهن مفيدة عبد الرحمن أول محامية في تاريخ مصر، وأولى خريجات كلية الحقوق بجامعة فؤاد الأول.

وتحت اسم مكتب المحامية كريمة علي حسين أسست الخريجة الشابة مكتبها للمحاماة في ١٩٤١، اتسع عملها حتى حصلت على دبلومتي القانون الخاص والاقتصاد السياسي، ودرجتي الماجستير والدكتوراه لاحقًا، وانضم إلى مكتبها لاحقًا شقيقها المحامي حسين علي حسين، الذي تم اختياره للعمل في القضاء بعد ١٠ سنوات من العمل في المحاماة.

رسائل من عبد الناصر

راسلت عبد الناصر عام 1962 من أجل التعيين بالقضاء وجاءها الرد الرئيس مقتنع تمامًا بحقك.. لكن أصرفي نظر

لم تيأس المحامية المجتهدة كعادتها وظل الحلم يداعبها طوال الوقت، ولم تمر سنوات حتى جاءت ثورة يوليو عام ١٩٥٢، وعادت لتطالب بحقها من جديد وانطلاقًا من مبادئ الثورة، وعملاً بالميثاق الوطني لمصر الذي أُقر عام ١٩٦٢، الذي يكفل مبادئ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، أرسلت خطابًا رسميًا إلى الرئيس جمال عبد الناصر – حينها – لتذكّره بنص القانون الخاص بتعيين ٢٥% من رجال هيئة القضاء من المحامين وطلبت منه تعيينها قاضية بموجب حق المساواة بين الجنسين، وفي عام ١٩٦٣ رن جرس الهاتف في مكتبها، حيث تلقت مكالمة تليفونية من وزير العدل وقتها فتحي الشرقاوي، قائلاً لها – بحسب نجلها نجاد البرعي – أستاذة كريمة تعالي عايزك، أحمل رسالة لك من الرئيس عبد الناصر.”

استقبلها الوزير في مكتبه وبعد الاستماع لشكواها استغرق في الضحك، ثم اعتدل قائلاً: “عايزة تبقي وكيل نيابة يا كريمة، فعلاً القيامة هتقوم، ليعرض عليها التعيين في وظيفة محقق في مكتبه، فقابلت عرضه بالرفض أيضًا. كانت المحامية الثائرة تمتلك يقينًا ثابتًا بأن حق النساء في التعيين في القضاء قادم لا محالة، وتوهج الأمل داخلها بعد حديث عبد الناصر عن تمكين المرأة، خاصة بعد تعيين حكمت أبو زيد أول امرأة وزيرة للشؤون الاجتماعية في عام ١٩٦٢.

لكن وزير العدل بعث لها برسالة صريحة: “الرئيس بيقول لك أصرفي نظر عن موضوع القضاء ده، قبل أن يضيف: “الرئيس مقتنع تمامًا بحقك في التعيين القضاء، ومؤمن بما تقولين، وهو يرى ضرورة دخول النساء في عهده إلى القضاء، لكنه يخوض الآن معركة لتحديث الأزهر، ولا يريد فتح مجالات جديدة للمعركة، فالمعركة مع الأزهر والتيارات الدينية شديدة، وهم يرون الميثاق الوطني اتجاهًا بتبني الدولة المبادئ الشيوعية، وهي في نظرهم كفر وإلحاد، مستكملاً: “الموج عالي، لكن الرئيس طلب مني أن أسألك عن أي شئ تريدينه بديلاً عما تطلبين.” بعد محاولات عدة رضخت كريمة للأمر الواقع مؤقتًا، ورضيت بتعيين شقيقها الأصغر قاضيًا بدلاً منها، الذي تدرج في المناصب القضائية حتى أصبح نائبًا لرئيس محكمة النقض.

قادت بعدها المحامية الثائرة حملة واسعة تطالب بتعيينها قاضية في المحاكم المدنية، وكانت قد بلغت الأربعين من عمرها، كما عممت مطلبها وأصبحت تطالب بتعيين النساء قاضيات، وفي هذه المرة وجدت المساندة هائلة، حيث أفرد لها الكاتب الصحفي أحمد بهاء الدين صفحات في مجلة المصور، وكذلك فعل عبد الله إمام في روز اليوسف، وحذت جميع الصحف حذوهما في هذا الوقت، في حملة وجدت صدًا ومساندة واسعين، حتى من مسئولين حكوميين وقتها: فضلاًعن دعم وتأييد كثير من المجتمعات العربية، فأصبحت كريمة علي حسين صوت المرأة والتغيير في هذا الزمان.

جيل جديد يتسلم الراية

سارت على درب مفيدة عبد الرحمن اول محامية واول خريجة للحقوق في تاريخ مصر وصارت خامس سيدة تؤسس مكتبا للمحاماة

لم يقتصر نضال كريمة على المطالبة فقط بتعيين المرأة في القضاء، بل كانت – تزامنًا مع ذلك – تخوض المعركة تلو الأخرى وتحقق نجاحًا تلو الآخر في سبيل تعزيز دور المرأة، فعملت في المحاكم العسكرية التي تختص بالبتّ في الأمور الخاصة بمعسكرات جنود الاحتلال البريطاني في مصر، كما شغلت منصب محامية أمام المحاكم الشرعية، التي كان يرأس منصاتها رجال قضاء من رجال الأزهر.

اهتمت المحامية بالسياسة والمجتمع المدني، وعملت في تنظيمات سياسية بعد ۲۳ يوليو، منها هيئة التحرير، والاتحاد القومي، قبل أن تستكمل مسيرتها مع الاتحاد الاشتراكي، كما عملت على تدريب المحاميات الناشئات حتى من لم يكملن المسيرة المهنية، وكانت تركز على قضايا الأحوال الشخصية وقضايا المرأة.

تزوجت المحامية المناضلة وأنجبت أبناءً ورثوا منها تمردها وثقافتها ودعمها للمرأة ولكل مظلوم، كان أحد أبنائها المحامي الحقوقي والباحث القانوني الكبير نجاد البرعي، عضو اللجنة الوزارية لتعديل قانون الجمعيات الأهلية، وأمين عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، الذي تخرج في ۱۹۷۷ من الكلية ذاتها التي التحقت بها والدته، والتحق بالعمل في مكتبها وأصبح اسمه مكتب كريمة علي حسين ونجاد البرعي محامون بالنقض.”

وبعد سنوات من النضال والمثابرة والعمل الجاد، وتحديدًا في عام ۱۹۹۹، تقاعدت كريمة عن العمل، وتحول مكتبها إلى شركة محاماة مدنية، باندماجه مع عدد من مكاتب المحاماة وبدخول شركاء جدد، وعلي درب الجدة صارت الحفيدة، وأصبح المحامية بالنقض نبال البرعي إحدى الشركاء، ومن قبلها المستشار حسني عبد الحميد المساعد السابق للمدعي العام الاشتراكي، وأصبح اسم الشركة المجموعة المتحدة.. محامون ومستشارون قانونيون واقتصاديون.”

وفي نوفمبر عام ٢٠١٧، ولمواكبة التغيرات القانونية التي طرأت على البنية التشريعية في مصر، غيرت المجموعة المتحدة علامتها التجارية القديمة إلى علامة تجارية أكثر حداثة ومعبرة أكثر عن رسالتها القانونية، لتكون بذلك واحدة من مكاتب المحاماة القليلة التي تملك علامة مسجلة، وأيضًا غيرت السمة التجارية لها لتصبح المجموعة المتحدة للقانون.”

محطات في معركة انتزاع الحق

كان مجلس الدولة مسايرًا وجهة النظر التي تحظر على المرأة تولي منصب القضاء عندما أثيرت في عام ١٩٥١، حيث قوبل طلب الدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون الاجتماعية السابقة التعيين في المجلس بالرفض حينها. لجأت عائشة إلى القضاء الإداري، الذي قضى في ٢ فبراير سنة ١٩٥٢ برئاسة الدكتور عبد الرازق السنهوري، بعدم أحقيتها في الطلب، بدعوى قصر وظائف مجلس الدولة والقضاء على الرجال دون النساء لاعتبارات العرف والتقاليد.

أثيرت القضية مجددًا في قضية هانم محمد حسن الموظفة الإدارية بمجلس الدولة عام ۱۹۷۸، عندما تقدمت للتعيين في إحدي الوظائف الفنية به، ورفض مجلس الدولة طلبها، فلجأت إلى محكمة القضاء الإداري، ورفضت طلبها أيضًا، وقضت المحكمة الإدارية العليا بعدم أحقيتها اعتدادًا بالاعتبارات التي أوردها محكمة القضاء الإداري في عام ١٩٥2.

وبعد ما يقارب ٣ عقود، وتحديدًا في عام ٢٠٠٣ أصدر الرئيس المخلوع مبارك قرارًا بتعيين المستشارة تهاني الجبالي كأول امرأة قاضية في المحكمة الدستورية العليا، وفي أبريل ۲۰۰۷ ووسط معارضة واسعة من القضاة، صدر قرار آخر بتعيين ٣١ قاضية في القضاء المدني، وفي ۲۰۱۰، حاول المستشار محمد الحسيني رئيس مجلس الدولة الدفع بالنساء على تلك المنصة، وعقدت جمعية عمومية خاصة لقضاة مجلس الدولة، لكنها رفضت بالإجماع تعيين النساء في منصب قضائي.

ظلت القضية معلقة حتى أعيد فتحها بعد ثورة ٢٥ يناير، لكنها قوبلت برفض جديد من القضاة، حتى وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي النيابة العامة ومجلس الدولة في مارس ۲۰۲۱ تزامنًا مع يوم المرأة العالمي بالاستعانة بالنساء في تعييناتها، ولحقه بيان من مجلس الدولة أقرّ فيه بالاستعانة بالنساء من خلال تعيين ونقل نساء يشغلن مناصب قضائية في هيئات قضائية أخرى مثل النيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.

وفي الأول من فبراير الماضي، أعلن مجلس الدولة بدء تلقي طلبات التعيين في وظيفة مندوب مساعد للخريجين الجدد من الذكور والإناث، وبعد شهر جلست المستشارة رضوى حلمي أحمد، على منصة القضاء، كأول قاضية في تاريخ مجلس الدولة، منذ إنشائه في عام ١٩٤٦، في الوقت الذي ما تزال المرأة بعيدة عن منصات القضاء المدني والجنائي منذ عقود.

يأتي تعيين النساء في القضاء إنجازًا وانتصارًا عظيمًا للمرأة المصرية، ويحسب جزء كبير من هذا لكريمة علي حسين، أول من ناضلت وطالبت بهذا الحق، لم تحيا لترى حلمها يتحقق أمام عينها، لكن سيرتها العطرة تركت أثرًا لا يمكن أن يزول، وأسست لتاريخ نضالي تتناقله الأجيال، مع كل إنجاز جديد وحق تنتزعه المرأة.

منى مينا ورحمة رفعت وإيمان علام

.. مناضلات

من أجل عالم أفضل

كتبت ليلى فريد

منى مينا ورحمة رفعت وإيمان علام ٣ سيدات خضن معارك الدفاع عن حقوق المواطنين وحقوق زملائهن في حياة أفضل وعلاقات عمل عادلة، كل في مجالها ضرين المثل حول كيف تكون مهنيًا ومدافعًا عن الحقوق والحريات وما زال عطاؤهن مستمر من نقابة الأطباء التي تحولت فيها منى مينا لرمز نقابي يفضل ما تقوم به سواء كانت داخل النقابة أو خارجها، وحتى نقابة المهندسين التي كانت إيمان علام واحدة من رموز الاستقلال النقابي ورفض الحراسة فنالت ثقة قطاعات كبيرة من زملائها، وصولاًللمعارك العمالية التي خاضتها المحامية والمناضلة العمالية رحمة رفعت حاملة كل أدوات المحامي والنقابي بلا كلل من أجل الانتصار للعمال وحقوقهم في حياة كريمة وظروف عمل لائقة.

مني مينا.. اول سيدة تشغل منصب أمين عام اﻷطباء وقات مظاهرات الدفاع عن حقوقهن

وهاجمت سياسات الخصخصة

منى مينا.. سيدة لا تعرف الهزيمة ولا تتوقف عن المحاولة

واحدة من أبرز رموز العمل النقابي في العقد الأخير، إنها الدكتورة منى مينا أول، أمين عام في تاريخ نقابة الأطباء، لم تتوقف منى مينا يومًا عن أداء دورها في الدفاع عن صحة المصريين وحق زملائها في ظروف عمل وأجور مناسبة أينما كان موقعها، عرفتها المواقع وميادين الثورة وعرفها الأطباء والمرضى والمدافعون عن الحقوق ثابتة على مبادئها.

قبل دخولها مجلس نقابة الأطباء أسست منى مينا مع آخرين جماعة أطباء بلا حقوق، وبعد ثورة ٢٥ يناير ۲۰۱۱ انتخبت عضوة بمجلس نقابة الأطباء، وتولت منصبي أمين عام ووكيلة نقابة الأطباء، وبعد ٨ سنوات خاضت فيهما عشرات المعارك لصالح زملائها، قررت ألا تترشح للانتخابات الأخيرة.

وقالت منى مينا يومها: ” أرى لأسباب كثيرة، أن الأنسب لي في الفترة القادمة هو العمل بهامش أوسع من الحرية، بعيدًا عن أي موقع رسمي بالنقابة ، وهي المقولة التي طبقتها خلال الفترة التي تلت خروجها من النقابة.

يظن البعض أنها ما زالت عضوة بمجلس النقابة، وهو ما نفته أكثر من مرة عبر صفحتها على مواقع التواصل الاجتماعي، والسبب في ذلك تصديها المستمر لأزمات نقابية ومشكلات تخص الفريق الطبي.

منذ أزمة كورونا تحرص منى مينا بشكل يومي على نشر النصائح للمواطنين، ومتابعة أوضاع الأطباء وظروف العمل في ظل الوباء، وجمع توقيعات للمطالبة بمعاش شهيد.

ورغم أنه نالتها حملات التشويه وصلت إلى حد تقديم بلاغات ضدها، لكن لم تتوقف كثيرًا أمام ذلك وأكدت أنها تركز فيما هو مفيد.

وفي مواجهة حملات التشويه خرجت أصوات تدافع عن السيدة التي وهبت نفسها للدفاع عن حق الطواقم الطبية والمواطنين في خدمة صحية لائقة، وأكدوا أنها صوت الأطباء القوي الذي لم تغيره المواقع أو تسكته التهديدات وخلال ٨ سنوات قضتهم في النقابة كانت صوتًا قويًا يدافع عن الأطباء ويرفض أي انتهاك لحقهم أو انتقاص من حقوقهم.

عشرات المعارك خاضتها ببسالة نادرة قادت المظاهرات لمبنى وزارة الصحة، ولم تمانع أن تجلس مع قيادات الوزارة تتفاوض عن حقوق زملائها، عرضها العمل العام لبعض الهجوم لكنها كانت وما زالت في طريقها لا تلفت إلا لقضيتها وما تؤمن به وتدافع عنه.

خاضت منى مينا المعارك الواحدة تلو الأخرى بثبات وشجاعة هاجمت سياسات الدكتور حاتم الجبلي، وزير الصحة في عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، ووقفت ضد سياسات الخصخصة، ونادت بزيادة ميزانية وزارة الصحة، لم تغير خطابها طوال السنوات الماضية ولم تهادن على حقوق زملائها وكرامتهم.

أثناء ثورة ٢٥ يناير كانت من أوائل الأطباء الذين أقاموا مستشفى ميداني بالتحرير لعلاج المصابين، وبعد الثورة قادت مسيرات الأطباء للتحرير في فاعليات عديدة، كانت ترى أن الفرصة سانحة من أجل تحسين المنظومة الصحية بالكامل، لتؤكد دائمًا أنها تدافع عن حق المريض في رعاية جيدة وحق الطبيب في وضع أفضل، وأن تحسين منظومة الصحة سيعود بالنفع على الجميع.

قادت منى مينا عدة مسيرات لوزارة الصحة ومجلس الوزراء للمطالبة برفع ميزانية الصحة، وحل مشكلة الاعتداء على المستشفيات، وإقرار كادر الأطباء.

كما اعتصمت مع بعض الأطباء أمام وزارة الصحة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي للمطالبة بكادر خاص للأطباء، وشاركت في تنظيم أطول إضراب جزئي عن العمل بالمستشفيات الحكومية من أجل تحسين المنظومة الصحية وحل أزمة تكرار الاعتداء على الأطباء في ٢٠١٢.

كما شاركت في إضرابي الأطباء في ۲۰۱۱ و٢٠١٤ للمطالبة بتحسين الأجور، وتأمين المستشفيات، ورفع ميزانية الصحة وحل مشكلة الاعتداء على المستشفيات.

ستظل منى مينا رمزًا للنضال من أجل حقوق الأطباء وحق المرضى في العلاج، وحق الجميع في تحسين الخدمية الصحية المقدمة، تسير السيدة الشجاعة في طريقها الذي اختارته بحب لتدافع عن الحق في الصحة وحق زملائها بالعمل في ظروف أفضل.

إيمان علام.. مهندسة تصدت لرفض الحراسة ونافست على منصب النقيب وعملت عضوة بلجنة حصر أصول النقابة

إيمان علام.. مهندسة ضد الحراسة تنافس على منصب النقيب

المهندسة إيمان علام، واحدة من المهتمات بالشأن العام والنقابي، حملت مطالب زملائها وهي تخوض الانتخابات على منصب نقيب المهندسين التي تجري خلال الشهر الحالي. وشغلت إيمان مناصب عضو مؤسس في مهندسين ضد الحراسة التي تشكلت عام 2003، وسبق لها الترشح على مقعد نقيب مهندسي القاهرة عام ٢٠١١، كما عملت عضو مؤسس في لجنة الحريات في نقابة المهندسين عام ٢٠١١، وعضو لجنة تطوير النقابة في مجلسي ۲۰۱۱ و٢٠١٤، عضو لجنة حصر أصول النقابة في مجلس ٢٠١٤.

وعن خوضها المنافسة على منصب النقيب، قالت إيمان: ” ترشحي يأتي استكمالاً لدوري في العمل النقابي التطوعي والذي بدأ منذ ما يقرب من عشرين عامًا بالمشاركة الفاعلة في تجمع مهندسين ضد الحراسة الذي قام بالدور النقابي والقانونى المشهود في انتزاع الحكم التاريخى برفع الحراسة عن النقابة، وإجراء أول انتخابات نقابية في ٢٥ نوفمبر ۲۰۱۱ بعد تجميد للعمل النقابي وحرمان أجيال من المهندسين من المشاركة في جمعيتهم العمومية واختيار مجلس نقابتهم لما يقارب الـ ١٧ عشر عامًا.”

وتابعت في بيان لها: ” ترشحي يأتي استكمالاً للخبرات والمهارات المكتسبة في إدارة العديد من المشاريع القومية، من خلال كوني مهندسة أعمل في إحدى أجهزة الدولة التنفيذية لما يقارب الـ ٣٥ عاماً، تدرجت فيها في جميع المناصب بدءًا من مهندس موقع إشراف على التنفيذ حتى مدير عام التنفيذ ومن خلال مشاركتي في الكثير من الفعاليات واللجان النقابية.”

وأضافت: ” إيمانًا بقيمة العمل التطوعي المنزه من أي مصلحة الذي مارسته لأعوام طويلة متحيزة لمصلحة المهندسات والمهندسين وبحق الجميع في المشاركة في الدفاع عن مصالحهم الجماعية من خلال النقابة، الأمر الذي لا يقف عند الحصول على منصب بل ينسحب على العمل في كل فاعلية أو قضية نقابية للمهندسات المصريات اللاتي يعملن في المواقع والمكاتب الهندسية في بيئة ليست صديقة لإثبات قدراتهن وتمثيلاً وانتزاع حقهن في العمل والترقي.”

وأكدت إيمان: ” لا أرى أن سبب البطالة الوحيد هو تزايد أعداد الخريجين، لكن سببها عدم استغلال الموارد البشرية من شباب المهندسين الاستغلال الجيد، مقترحة أن يتم وضع قوانين تنص على عدم منح التراخيص للمنشآت الهندسية أو شركات الاتصالات أو الورش ومراكز الصيانة وجميع الأعمال المتعلقة بمهنة الهندسة، إلا بعد تعيين عدد كافٍ من المهندسين في هيكلها الإدارى.”

رحمة رفعتمحامية وقيادية بدار الخدمات دافعت عن حقوق العمال وأحد أبطال معركة رفض تصفية الحديد والصلب

رحمة رفعت.. صوت العمال القوي وأحد أبطال

معركة رفض تصفية الحديد والصلب

خاضت الخبيرة القانونية ومنسقة البرامج بدار الخدمات النقابية والعمالية رحمة رفعت العديد من المعارك دفاعًا عن العمال، وما زالت تواصل عملها بدأب من أجل ظروف عمل افضل للجميع.

وفي معركة تصفية الحديد بالصلب بحلوان، كانت رحمة من بين هيئة الدفاع بدعوى رفض تصفية الحديد والصلب التي أقامها عدد من المساهمين.

دافعت رحمة رفعت عن العمالة غير المنتظمة، وقالت في تصريحات مؤخرًا: ” يجب تناول أزمة تلك العمالة من خلال محاور ٣ وهي: ” الحماية القانونية لهؤلاء العمال وكفالة شروط عمل عادلة لهم، وشمولهم بالمظلة التأمينية، وتمكينهم من تكوين نقابات فاعلة وديمقراطية تتبنى قضاياهم وتشارك في عمليات المتابعة والرقابة على أوضاعهم.”

وعن مشروع لائحة الموارد البشرية الموحدة للعاملين بقطاع الأعمال العام، قالت رحمة: رفعت المتداول الآن بين ارتباك وتناقض تشريعي واضح لمخالفته لقانون العمل ١٢ لسنة ۲۰۰۳، موضحة أن المادة 3 من القانون تشير إلى أنه هو القانون الحاكم لكل علاقات العمل، وأن المادة ٥ تشير إلى أنه يقع باطلاً كل تشريع ينتقص من الحقوق التي يقرها القانون، وهو ما حدث بالفعل في المشروع في العلاوة الدورية التي منح المشروع مجلس الإدارة والجمعية العمومية حق تحديدها وهو مخالف لقانون العمل الذي حدد الحد الأدنى منها بنسبة ٧%، ولا يجوز ذلك بحال من الأحوال أن تقل نسبة العلاوة الدورية ويمكن التدخل وزيادة نسبتها وليس الانتقاص منها. وأضافت رفعت، أن القانون أسبغ حمايته على المزايا والحقوق التي تضمنتها لوائح ونظم العمل بشركات قطاع الأعمال العام قبل إصداره والتي يستمر العمل بها حتى الآن، وهو ما ورد في المادة الرابعة من مواد إصدار القانون، وهو ما يشير إلى مخالفة المشروع للقانون.

وحول العقوبات التأديبية والتي نص القانون فيها على أنه لا يجوز الفصل إلا وفقًا للقانون بينما يعطي المشروع للإدارة حق الفصل بغير الإجراءات التي نظمها القانون وجعلها عقوبة تأديبية دون اتصالها بعبارة وفقًا لأحكام القانون، وهو ما يخالف نص المادة ٦٨، والتي تجعل اختصاص جزاءً الفصل من الخدمة للمحكمة العمالية.

وعن العمالة غير المنتظمة تؤكد رحمة، أنه يجب على الحكومة الكف عن استهداف جباية الأموال من أصحاب الأعمال بدلاً من تمتع العمال بحقوقهم التأمينية، وأن تبدأ الحكومة بنفسها بتسجيل جميع العاملين أعمالاً غير منتظمة في المشروعات التابعة لها والتأمين عليهم، وإعادة النظر في المدد الزمنية المطلوبة للحصول على المستحقات التأمينية، وكذلك في نسب الاشتراك والمعامل التي يصعب تطبيقها على العمالة غير المنتظمة، والتي تؤدي إلى شعور العمال بعدم الثقة أو عدم جدوى الاشتراك في هذا النظام، وأهمية تمكين هؤلاء العمال من تكوين نقاباتهم الفاعلة.

شارك:

اصدارات متعلقة

النسوية الإلغائية في فلسطين
نصائح من اجل بيئة عمل آمنة للنساء
نصائح للنساء لضمان السلامة خلال الحمل والولادة والوقاية من كوفيد19
الإجهاض القسري في نيجيريا وسؤال العدالة الانجابية
اغتصاب وقتل طفلة رضيعة سودانية في مصر
نحو وعي نسوي : أربع سنوات من التنظيم والتعليم السياسي النسوي
شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10