العلوم السياسية القائمة على النوع الاجتماعي 

تاريخ النشر:

2010

العلوم السياسية القائمة على النوع الاجتماعي  أطروحة غير متواضعة

تقديم المحررة:

تستعرض ماري هوكسوورث (Mary Hawkesworth) في هذا المقال، الذي نُشر عام 2005، التعريفات العديدة لمفهوم النوع الاجتماعي التي طرحها مختلف المنظرين في مختلف الفروع العلمية العديدة – بما يرسخ الطابع البيني متعدد الفروع (interdisciplinary) لهذا المفهوم. وهذا هو السبب الأساسي لاختيار ضم هذا المقال إلى كتابنا، حيث يتيح للقارئ فهمًا شاملاً لهذا المفهوم شديد الأهمية. تدرس المؤلفة بعد ذلك كيف ترك النوع الاجتماعي بصمته على المجالات الفرعية المختلفة داخل ميدان العلوم السياسية. وكما تذهب إلى أن المساهمات العديدة والمهمة التي قدمها علماء السياسة في مختلف ميادين دراسة النوع الاجتماعي تفسر عنوان المقال: “العلوم السياسية القائمة على النوع الاجتماعي: أطروحة غير متواضعة“. وتطرح المؤلفة بوضوح نجاح البحوث المتعددة في إضفاء طابع النوع الاجتماعي على العلوم السياسية، وهو الأمر الذي يجعل الكاتبة غير متواضعة في الحديث عن هذا المشروع المهم.”

 

العلوم السياسية القائمة على النوع الاجتماعي

أطروحة غير متواضعة

ماري هوكسوورث

لقد زعم البحث النسوي، منذ نشأته في سبعينيات القرن العشرين، أنه يقوم بدور التصحيح والتحويل. ومن خلال البحوث الأصلية حول خبرات أغلبية سكان العالم، أي النساء، سعت الباحثات النسويات إلى تصحيح عمليات الحذف والتشويه التي تخللت العلوم السياسية. كما استخدمن النوع الاجتماعي كأداة تحليلية لإلقاء الضوء على العلاقات الاجتماعية والسياسية التي تجاهلتها التقييمات السائدة، وقدمن تفسيرات بديلة للظواهر السياسية، وأوضحن شوائب الفروض المتنافسة، وفضحن زيف الآراء المعارضة. وعلى الرغم من تلك الإنجازات المثيرة للإعجاب، لم تصبح العلوم السياسية النسوية نموذجًا (paradigm) سائدًا. فالقليل من برامج الدكتوراة تتيح للطلاب تطوير مجالات التركيز على المناهج النسوية للدراسات السياسية. وعلى نحو روتيني، هناك القليل من البحوث النسوية في الحلقات الدراسية التي تتناول السياسات الأمريكية، والسياسات المقارنة، والعلاقات الدولية، والنظرية السياسية، والقانون العام، أو السياسة العامة. لكنها لا تتطلب معرفة البحوث النسوية القائدة كمعيار للكفاءة المهنية.

هل يجب أن يطلع من يزعمون ارتداء عباءة العلوم السياسية على الدراسات النسوية للسياسة؟ هل تمنح الأساليب النسوية نظرة ثاقبة لا توفرها الطرق المنهاجية الأخرى؟ هل الحدس والتفنيدالنسوي للخطابات المهيمنة جدير بإدراجه جديًّا داخل النماذج (paradigms) الدراسية الجامعية والعليا في العلوم السياسية؟ إنني أجادل أن الأمر كذلك. وتحقيقًا لهذه الغاية، فإنني أتتبع أثر ظهور النوع الاجتماعي كأداة تحليلية في البحوث النسوية، مع الإشارة إلى بعض التحديات الناتجة من استخدام النوع الاجتماع كأداة تحليلية لجوهر المفاهيم العلمية.

لقد شهدت البحوث النسوية، عبر العقود الثلاثة الماضية، تحولاً في مفهوم النوع الاجتماعي. فعلى الرغم من أن مفهوم النوع الاجتماعي كان في الأساس كأداة لغوية تدل على نظام من التقسيم الفرعي داخل مجموعة نحوية Corbett 1991))، فقد تبنته الباحثات النسويات بهدف التمييز ثقافيًّا لصفات بعينها تقترن بالذكورة والأنوثة من زاوية الملامح البيولوجية المرتبطة بنوع الجنس (الكروموزومات والهرمونات الذكورية والأنثوية، فضلاً عن الأعضاء الجنسية والإنجابية الداخلية والخارجية). في الكتابات النسوية المبكرة، كان مفهوم النوع الاجتماعي يُستخدم لإدانة التحديد البيولوجي من خلال توضيح مدى الاختلافات في البني الثقافية للأنوثة والذكورة. وفي الكتابات التي تلت ذلك، كان مفهوم النوع الاجتماعي يُستخدم لتحليل التنظيم الاجتماعي للعلاقات بين الرجال والنساء Barrett 1980; MacKinnon 1987; Rubin 1975))، ودراسة تشييء الاختلافات البشرية (Hawkesworth 1990; Shanley and Pateman1991 Vetterling-Braggin1982)، وتقديم تصور لسيميوطيقا الجسد والجنس والحياة الجنسية (Doane 1987; de Lauretis 1984; Silverman 1988; Suleiman 1985)، وتفسير توزيع الأعباء والفوائد في المجتمع (Boneparth and Stoper 1988; Cornnell 1987; Walby 1986), وتوضيح التقنيات الجزئية للسلطة (Bartky 1988; de Lauretis 1987; Sawicki 1991)، وإلقاء الضوء على سيكولوجية النفس البشرية Chodorow 1978))، وتقييم هوية الفرد وطموحاته (Butler 1990; Epperson 1988)

وقد استخدمت الباحثات النسويات في مجال الفروع العلمية البينية مفهوم النوع الاجتماعي بطرق مختلفة على نحو ملحوظ. فهناك تحليل النوع الاجتماعي كصفة للأفراد(Bem 1974, 1983) وكعلاقة شخصية بين الأفراد Spelman 1988))، وكنمط للتنظيم الاجتماعي (Eisenstein 1979; Firestone 1970). وهناك تعريف النوع الاجتماعي كوضع اجتماعي (Lopata and Thorne 1978)، وأدوار الجنسين (Amundsen 1971; Epstein 1971; Janeway 1971)، والصور الجنسية النمطية (Anderson 1983; Friedan 1963). كما تم إدراك مفهوم النوع الاجتماعي كبنية للوعي (Rowbotham 1973)، وكنفس مثلثة Chodorow 1978))؛ وكإيديولوجية ذات طابع ذاتي (Barrett 1980; Grant 1993)). ونوقش كنتاج للصفات المعزوة (Kessler and Mckenna 1978) والتنشئة الاجتماعية Gilligan 1982; Ruddick 1980))، والممارسات الضبطية Butler 1990; Singer 1993))، والمواقف المألوفة Devor 1989)). ووصفه كأثر للغة((Daly 1978 Spender 1980، وتطابق سلوكي (Amundsen 1971; Epstein 1971)، وكملمح بنيوي للعمل والقوة وتركيز الطاقة النفسية Connell, 1987))، وكنمط للإدراك Bem 1993; Kessler and Mckenna 1978)). كما وُضع النوع الاجتماعي في قالب من زاوية التضاد الثنائي، والمتغير والمتصل المتغير، وتقسيم الشخصية إلى شرائح. ووُصف باعتباره اختلافًا ,Irigaray 1985a 1985b)) ، وعلاقات قوى تتجلى في السيطرة والخضوع Gordon 1988; MacKinnon,1987)). كما جرى تأويله من خلال النمط السلبي للتسلسل Young 1994))، ومن خلال النمط النشط باعتباره عملية لخلق الاعتماد المتبادل Levi-Strauss 1969, 1971; Smith 1992))، أو كأداة للفصل والاستبعاد Davis 1981; Collins 1990)). كما شُجب النوع الاجتماعي باعتباره سجنًا Cornell) and Thurschwell 1980)، واحتضانه باعتباره تحريريًّا من حيث صفاته الملازمة (Irigaray 1985b; Smith 1992). كما جرى تحديده بوصفه ظاهرة عالمية (Lerner 1986)، وبوصفه نتيجة خاصة تاريخيًّا لزيادة إضفاء الحداثة لطابع جنسي على المرأة Laqueur 1990; Riley 1988)).

ونظرًا لانتشار المناقشات حول طبيعة النوع الاجتماعي بوصفه خبرة معاشة، قامت العديد من الباحثات النسويات بتطوير طريقة جديدة لفهم النوع الاجتماعي باعتباره أداة تحليلية Lakatos 1970)). وفي مقال مهم ومؤثر، قدمت جوان سكوت (Joan Scott) تعريفًا للنوع الاجتماعي كمفهوم يضم جزئين متداخلا الارتباط وإن كانا متمايزين تحليليًّا: “يُعد النوع الاجتماعي عنصرًا تكوينيًّا للعلاقات الاجتماعية يرتكز على الاختلافات المُدركة بين الجنسين، كما يُعد طريقة أولية للإشارة إلى علاقات القوى” Scott 1986, 1067)). وعند تفسير النوع الاجتماعي كعنصر تكويني للعلاقات الاجتماعية، تؤكد جوان سكوت أن النوع الاجتماعي يعمل من خلال مجالات متعددة، بما فيها الرموز المتاحة ثقافيًّا وتستحضر تمثيلات عديدة، والمفاهيم المعيارية التي تطرح تفسيرات لمعاني الرموز والمؤسسات الاجتماعية والمنظمات، والهوية الذاتية Scott 1986, 1067-68)). ووفقًا لما تطرحه سكوت، يُعتبر النوع الاجتماعي أداة مفيدة للتحليل، لأنه يوفر طريقة لتشفير المعنى ولفهم الروابط المعقدة بين مختلف أشكال الفعل البشري المتبادل” Scott 1986, 1070)).

دعت أيضًا ساندرا هاردينج (Sandra Harding) تقييمًا للنوع الاجتماعي كأداة تحليلية: “يُعد الاختلاف بين الجنسين، في كل ثقافة عمليًّا، أسلوبًا محوريًّا يحدد البشر من خلاله أنفسهم كأشخاص، وينظمون علاقاتهم الاجتماعية، ويعملون على ترميز الأحداث والعمليات الطبيعية والاجتماعية” Harding 1986, 18)). وبالتالي، كما تجادل هاردينج، يجب أن تعمل النسويات على التنظير للنوع الاجتماعي، وإدراكه بوصفه أداة تحليلية يفكر من خلالها البشر في نشاطهم الاجتماعي وينظمونه، بدلاً من اعتباره نتيجة طبيعية للاختلاف بين الجنسين، أو حتى مجرد متغير اجتماعي ينتسب إلى الأفراد بطرق مختلفة من ثقافة إلى ثقافة” (المصدر السابق، ۱۷). وبإدراكها أن النوع الاجتماعي لا يظهر إلا في أشكال خاصة ثقافيًّا، تؤكد هاردينج – مثلها مثل سكوت – أن النوع الاجتماعي كأداة تحليلية يلقي الضوء على عمليات ثقافية بالغة الأهمية تحتاج إلى مزيد من البحث:

يجري إنتاج الحياة الاجتماعية القائمة على النوع الاجتماعي من خلال ثلاث عملیات متمايزة: نتيجة تحديد استعارات مزدوجة للنوع الاجتماعي تجاه مختلف الثنائيات المدركة، والتي نادرًا ما تتعلق باختلاف الجنس (رمزية النوع الاجتماعي)؛ ونتيجة الانجذاب إلى ثنائيات النوع الاجتماعي من أجل تنظيم النشاط الاجتماعي، وتقسيم الأنشطة الاجتماعية الضرورية بين جماعات البشر المختلفة (بنية النوع الاجتماعي)؛ وكشكل من أشكال الهوية الفردية المبنية اجتماعيًّا، وترتبط على نحو غير مكتمل بواقع أو بإدراك اختلافات الجنس (النوع الاجتماعي الفردي). (المصدر السابق، ۱۷۱۸)

ووفقًا لما تطرحه هاردينج، فإن البحوث النسوية – حول رمزية النوع الاجتماعي، وبنية النوع الاجتماعي، والنوع الاجتماعي الفردي تتحدى الافتراضات الأساسية المُسبقة للعلوم الاجتماعية.

بعد سكوت وهاردينج، قامت أيضًا الباحثات النسويات في مجال العلوم السياسية بنشر مفهوم النوع الاجتماعي كأداة تحليلية. وفي التعارض مع الفهم الضيق للنوع الاجتماعي، كبنية ثقافية للذكورة والأنوثة، فإن النوع الاجتماعي يعمل كأداة موجهة تلقي الضوء على مجالات للبحث، وتضع إطارًا حول الأسئلة المطلوب بحثها، كما تحدد المعضلات التي تحتاج إلى دراسة، وتوفر المفاهيم والتعاريف والفروض اللازمة لتوجيه البحث Hawkesworth 1997)). وفي إطار العلوم السياسية، درست الباحثات النسويات آثار النوع الاجتماعي على السلوك الانتخابي عند التصويت، والسياسات الانتخابية، وعمل مؤسسات بعينها مثل: الأحزاب السياسية، والهيئات التشريعية، والهيئات البيروقراطية، والمحاكم (Dodson and Carroll 1991; Duerst-Lahti and .Kelly 1995; Flammang 1997; Freeman 2000; Rosenthal 2002; Swers 2002; Thomas 1994) كما اختبرت الباحثات النسويات أثر النوع الاجتماعي على صنع السياسة وتنفيذها (Mazur 2002)

وفي إطار مجال النساء والسياسة، على سبيل المثال، أوضحت الباحثات الساعيات إلى اكتشاف مدى وجود اختلاف بين الرجال والنساء في مجال التشريع أن النساء المُشرعات يعطين أولية أكبر من الرجال المشرعين لقضايا مثل حقوق المرأة، والتعليم، والرعاية الصحية، والأسرة والطفل، والبيئة، والرقابة على الأسلحة، كما يرغبن أيضًا في تكريس جهود كبيرة في العمل باللجان والمجالس بغية كفالة إصدار تشريعات تقدمية في هذه المجالات (انظر/ ي مثلاً: (Dodson and Carroll 1991; Dodson et al. 1995; Kathlene 1989; Rosenthal 2002; Swers 2002; Thomas 1994). كما قامت أيضًا الباحثات في مجال المرأة والسياسة بدراسة الأساليب التشريعية والقيادية النسائية، وتوصلن إلى أن النساء يتَبعن استراتيجيات تشريعية تعاونية، بينما يفضل الرجال التكتيكات التنافسية ذات المجموع الصفري أو الكلي. هذا بالإضافة إلى أن النساء أكثر توجهًا نحو الاتفاق، ويفضلن المقاربات الأقل ترابية والأكثر مشاركة والأكثر تعاونًا عن نظرائهن الرجال (Jewell and Whicker 1994; Rosenthal 2000, Tamerius 1995; Thomas 1994)). ودرست العديد من الباحثات التوترات التي تنشأ بين الاستراتيجيات التشريعية والقيادية التي تفضلها النساء، والأعراف المؤسسية التي تدمج التفضيلات السلوكية الذكورية والنزعة المهنيةوالفهم السياسي” (Jeydel and Taylor 2003; Kathlene 1994; Kenney 1996; Rosenthal 2000). وقد أوضحت هذه البحوث أن كلا من الأولويات التشريعية والإجراءات القياسية بالمؤسسات التشريعية لا تتضمن النوع الاجتماعي أو حتى محايدة تجاهه.

وبتفنيد الأفكار القائلة إن الاختلافات بين الجنسين – مثل التي سبق ذكرها تُعد طبيعيةأو مُعطاة، سعت الباحثات النسويات أيضًا إلى الكشف عن كيفية إنتاج هذه الاختلافات، والحفاظ عليها، ومعارضتها، وإعادة إنتاجها. ووفقًا لبصيرة الناقدات المُنظرات للعنصر والمُنظرات النسويات، سعت النسويات في مجال العلوم السياسية إلى إلقاء الضوء على عمليات إضفاء الطابع العنصري وطابع النوع الاجتماعي والتي تنبني من خلالها علاقات القوة وأشكال عدم المساواة، بما يُشكل هويات الأفراد وممارسات المؤسسات (Hawkesworth 2003a; Smooth 2001) . وبإجراء دراسات تفصيلية للقوانين والأعراف والممارسات التنظيمية التي فرضت الفصل العنصري والفصل بين مجالات الرجال والنساء، توسعت الباحثات النسويات في تنقيبها عن العمليات السياسية التي تسفر عن إنتاج تراتبيات الاختلاف والحفاظ عليها. لقد أوضحن أن المصالح والقدرات الطبيعيةالتي تُعزى للنساء والرجال من مختلف الأعراق هي نتيجة للحدود التي تضعها الدولة في مجالات مثل: التعليم، والعمل، والهجرة، والمواطنة، والمناصب الرسمية (انظر/ ي مثلاً: (Connell 1987; Flammang 1997; Haney Lopez 1996: Siltanen 1994). لقد أنتجت السياسة العنصر والنوع الاجتماعي، ليس بمجرد عمل تقسيمات ترتكز على العنصر والنوع الاجتماعي، والحفاظ عليها بين السكان، وإنما أيضًا بتعريف صفات العنصر والنوع الاجتماعي، وما يترتب بالتالي على تلك التعاريف من تحديد لتمايز الحقوق Yanow 2003)). وعلى سبيل المثال، أوضحت هانيي لوبيز (Haney Lopez) في كتابها بعنوان White by Law أنه من خلال التحكم المباشر في السلوك الإنساني، ومن خلال تشكيل الفهم العام، فإن القانون يترجم الأفكار المتعلقة بالعنصر إلى شروط مادية ومجتمعية ترسخ تلك الأفكار” Haney Lopez 1996, 19)) . وبالتالي، أسفرت قوانين الهجرة ونماذج تزاوج الأجناس إلى إنتاج المظهر البدني لسكان الأمة عن طريق تقييد الخيارات الإنجابية، إن القوانين وقرارات المحاكم وفئات الإحصاء السكاني التي تحدد من أبيضومن غير أبيضقد عزت معان عنصرية الطابع إلى الملامح البدنية والنسب Haney Lopez 1996, 14-15; Yanow 2003)). كما أنتج القانون أيضًا سلوكيات ومواقف بعينها تقترن بنساء ينتمين إلى أكثر من عنصر ورجال ملونين، ذلك من خلال الاستبعاد من المواطنة وتولي المناصب العامة، وتشريعات لا تساوي في المعاملة، والتمايز في إمكانات الحصول على المزايا الاجتماعية (Abramovitz 1996: Fraser 1989: Haney Lopez 1996: Mink 1995)

وبتطوير نظرية للمؤسسات القائمة على النوع الاجتماعي، بدأت الباحثات النسويات في تحديد الطرق العديدة التي تقود إلى خلق سلطة النوع الاجتماعي وعوائق الحفاظ عليها، ليس عبر القانون فحسب وإنما أيضًا من خلال العمليات المؤسسية والممارسات والصور والأيديولوجيات وآليات التوزيع Acker 1989, 1992; Kenney 1996; Steinberg 1992)). لقد أوضحن كيف تلعب الممارسات التنظيمية دورًا مركزيًّا في إعادة خلق وترسيخ تراتبيات النوع الاجتماعي ورموزه والهويات القائمة عليه Duerst-Lahti and Kelly 1995)). إن نظرية المؤسسات القائمة على النوع الاجتماعي كانت تمثل أهمية في إثارة الانتباه إلى هيكلة الممارسات، والإجراءات القياسية، والقواعد، واللوائح التي تعرقل النساء داخل المنظمات المعاصرة. كما ساعدت أيضًا على تشكيل مفهوم سلطة النوع الاجتماعي“(gender Power) لقد ساعدت الباحثات النسويات اللاتي يعملن عبر نطاق من المجالات الفرعية بما فيها النظرية السياسية، والاقتصاد السياسي، والعلاقات الدولية، والسياسة المقارنة، والسياسة الأمريكية – على صياغة مفهوم سلطة النوع الاجتماعي كفئة من العلاقات اللامتماثلة بين الرجال والنساء، والتي تتخلل النظم الدولية، ونظم الدولة، والعمليات المالية والاقتصادية، وسياسات التنمية، والبنى المؤسسية، والنظم الرمزية، والعلاقات الشخصية البينية (Brooks, forthcoming; Enloe 1990, 1993, 2000; Kabeer 2003; Kelly et al. 2001; Peterson 1992, 2003; Peterson and Runyon 1999; Tickner 2001)). وتقود سلطة النوع الاجتماعي إلى توليد ومؤازرة استمرارية ممارسات عدم المساواة التي تمنح للرجال المزايا وتحرم النساء منها. كما أن وجود سلطة النوع الاجتماعي مطمورة داخل القواعد التنظيمية والروتين والسياسات يؤدي إلى تطبيع السيطرة الذكورية، وتجعل وجود النساء غير مرئي – وكذا احتياجاتهن ومصالحهن. وباستقلالها عن الإرادة الفردية أو النية الفردية، تسفر سلطة النوع الاجتماعي عن استمرارية المنع والاستبعاد والتحقير والعوائق التي تضيق حياة النساء.

إن النوع الاجتماعي كأداة تحليلية يلقي الضوء على سلطة النوع والمؤسسات القائمة عليه، ويحدد أجندة البحث التي لم توجد، بالمعنى الحرفي، منذ ثلاثين سنة. على أن البحوث التي ظهرت بالتزامن مع هذه الأجندة البحثية تطرح العديد من التساؤلات حول الآراء التي المتلقاه في العلوم السياسية. ولتبيان دور البحوث التي تستخدم النوع الاجتماعي كأداة تحليلية في تفنيد بعض الفروض التأسيسية للعلوم السياسية، وتحديد أسئلة جديدة للبحث، يلقي القسم الأخير من هذا المقال نظرة موجزة حول تناول النسويات لأربعة مفاهيم متنافسة للسلطة (power).

وفقًا لأطروحة جيفري إسحق (Jeffrey Isaac)، يقع مفهوم السلطة في مركز البحوث السياسية. وبالفعل، ربما يمثل المفهوم المركزي للتحليل الوصفي والتحليل المعياري” (Isaac 2003,54) مع ذلك، ومثل جميع المفاهيم المركزية، لا يوجد سوى قليل من الاتفاق حول كيفية تعريف السلطة، ويقل حتى الاتفاق حول كيفية اتصاف التعريف بطابع عملياتي من أجل البحوث الإمبيريقية. إن تصنيف جيفري إسحق للسلطة (1987, 2003) يُعد تصنيفًا مفيدًا، حيث يميز بين المفاهيم التطوعية، والهرمنيوطيقية، والبنيوية، وما بعد البنيوية. وباستعارة الإطار المفهومي لجيفري إسحق من أجل وضع خريطة حول مجموعة متنوعة من المقاربات لدراسة مفهوم السلطة في العلوم السياسية، فإنني أوضح كيف أدى تناول النسويات للنوع الاجتماعي كأداة تحليلية إلى إثارة تساؤلات مهمة حول مدى كفاية بعض تصورات السلطة، بينما يستولى بإبداع على مفاهيم أخرى لإلقاء الضوء على أبعاد للحياة السياسية لا تزال خافية في الخطابات العلمية المهيمنة (paradigms).

إن المفهوم التطوعيللسلطة يمكن اعتباره أحد منتجات الحداثة، نظرًا لامتداد جذوره إلى نظرية العقد الاجتماعي والفردية المنهاجية التي تشكل مقاربات الخيار السلوكي والخيارات العقلانية لدراسة السياسة. لقد كان هوبس (Hobbes) أول من أدرك مفهوم التطوعية كمفهوم يربط السلطة بالنوايا والاستراتيجيات التطوعية للأفراد الذين يسعون إلى تعزيز مصالحهم. وفي هذا الإطار، فإن السلطة ليست سوى الوسيلة الحالية للخير في المستقبل” (Leviathan, Part I,Chap 10, p.150). وبوجوده في عالم تصارع الإرادات وندرة الموارد، فإن الفرد لدى هوبس عادة ما يستخدم السلطة للتخلص من العقبات التي تحول دون تلبية الرغبة. ونظرًا لأن العقبات التي يتكرر التخلص منها تتضمن إرادة أفراد آخرين، جاء بناء المفهوم التطوعي للسلطة في العلوم السياسية باعتباره القدرة على دفع الآخرين للقيام بما يتعذر عليهم، على خلاف ذلك، القيام به Dahl 1957; Lasswell 1950)). وبالتالي، فإن وسيلة الفرد لتحقيق الغايات المرغوبة تنزلق بسهولة نحو القسر: السلطة كقوة لتحقيق أهداف المرء، أو ربما أقل وحشية باعتبارها قدرة على تأمين الامتثال عبر مناورة الثواب والعقاب.

وعلى الرغم من أساسه الفردي، فإن مفهوم السلطة التطوعية لدى هوبس تعرض أيضًا لتعديلات من جانب الواقعيينوالواقعيين الجددفي إطار العلاقات الدولية بغية تقييم عمليات النظام الدولي الأساسية. ومع اعتبار وصف هوبس حرب الجميع ضد الجميعنموذجًا للعلاقات الدولية، يطرح الواقعيون الفوضىكشرط حتمي للعلاقة بين الدول ذات السيادة. وبجدالهم أن رد الفعل العقلاني للدول تجاه الفوضى يتمثل في زيادة السلطة، فإن الواقعيين يدمجون بين المصلحة الوطنيةوالسعي نحو السلطة، وتعريف السياسة الدولية بوصفها نضالاً لا يتوقف من أجل السلطة في عالم خال من سيادة مطلقة قادرة على فرض الاتفاقيات.

قامت الباحثات النسويات بتطوير نقد تفصيلي للمفهوم التطوعي للسلطة، وأوضحن أنه يرتكز على مفهوم معيوب ويتسم بمركزية ذكورية واضحة للطبيعة البشرية، ويضع الأفعال الفردية والشؤون الدولية على قدم المساواة مع نموذج بعينه حول الذكورة التجريدية، كما يضفي شرعية على الأفعال اللاأخلاقية من جانب الأفراد والدول، ويظل غافلاً عن العادات الاجتماعية التي تُشكل بنية العلاقات البشرية والعلاقات بين الدول (Di Stefano 1991; Pateman 1988; Steans 1998; Tickner 1991, 1992)

وأشارت الباحثات النسويات أيضًا إلى أن المفهوم التطوعي للسلطة يُقيد تعسفيًّا الأجندة البحثية للباحثين في مجال العلوم السياسية، بما يحول دون إدراك تساؤلات سياسية بعينها ودراستها إمبيريقيًّا. وعلى سبيل المثال، علي الرغم من أن 85% من مقاعد الهيئات التشريعية الوطنية وأكثر من 99% من مكاتب الرئيس ورئيس الوزراء ووزير الخارجية وفقًا لبيانات الاتحاد البرلماني تقع حاليًا في أيدي الرجال، فإن غياب النساء عن صنع القرار الوطني والدولي غير مطروح للتساؤلوفقًا للنموذج التطوعي للسلطة. فمن المفترض أن الإجابة معروفة بالفعل: الاختيار الفردي، بتوسط مباراة نزاع الإرادات، هو تفسير توزيع سلطة صنع القرار.

أثبتت الباحثات النسويات، على مدار الثلاثين سنة الماضية، أن تفسير الخيار الفرديلسوء تمثيل النساء في المناصب الانتخابية أو بالتعيين غير كافية على الإطلاق، ولا تخدم سوى إخفاء قوة عمليات سلطة النوع الاجتماعي وبنيته (Chappell 2002; Flammang 1997; Mazur 2002 McDonagh 2002; Peterson and Runyan 1999; Rule and Zimmerman 1994). وتلقي هذه الدراسات التفصيلية الضوء على فشل آخر للتصور التطوعي للسلطة: إذ لا يمكنه تفسير كيف أو لماذا يقدر الفاعلون على ممارسة تلك السلطة التي يمارسونها بالفعل. كما أنه يتغافل عن القوى التي تشكل تفضيلاتالفرد أو تحددالإرادة. ويتغافل عن السياقات المؤسسية التي من شأنها تمكين الفعل الفردي وتقييده. ويتغافل أيضًا عن القوى البنيوية التي تضمن عدم تحرر الأفراد من الأغلال على قدم المساواة. كما يخفي أنماط القيود الراهنة على الخيار الفردي المرتبط بكل من العنصر، والنوع الاجتماعي، والطبقة، والجنسية، والجنسانية.

وبديلاً عن النموذج التطوعي للسلطة، هناك المفهوم الهرمنيوطيقيالذي تطور خلال تراث الفينومينولوجيا الألمانية ويدرك أن السلطة مبنية في المعاني المشتركة لمجتمعات بعينها” Isaac 2003, 58)). وباتساقه مع البنى الرمزية والمعيارية المختلفة التي تُشكل العقلانيات العملية للفاعلين الاجتماعيين الموجودين، فإن النموذج الهرمنيوطيقي للسلطة يعي بقوة العادات الذاتية الجماعية البينية التي تجعل الفعل بشكل عام، واستخدام السلطة بوجه خاص، ممكنًا وواضحًا.

وقد خصصت بعض الباحثات النسويات المفهوم الهرمنيوطيقي للسلطة للبحث في الآثار السياسية لرمزية النوع الاجتماعي – أي تشفير أشكال بعينها من السلوك الإنساني باعتبارها ذكورية أو أنثوية في الأساس. لقد اقترحن أن رمزية النوع الاجتماعي تقود إلى توليد منطق لسلوك مناسب يصوغ الفهم الذاتي للفرد وطموحاته، وبالتالي يقود إلى هيكلة الفرص الاجتماعية والسياسية. وعلى سبيل المثال، عند تشفير العقلانية والكفاءة والقيادة بوصفها صفات ذكورية في الأساس، يجري تطبيع السلطة الذكورية وإضفاء الشرعية عليها. وعندما يُرمز للأمة كامرأة ويجري حث الرجال على المخاطرة بحياتهم للدفاع عنهاوحمايتها، تصبح أعراف المواطنة والبسالة ذكورية. وعندما تضفي السرديات القومية امتيازًا على أدوار الرجال بوصفهم الآباء المؤسسين، تُمحى عندئذ مساهمات النساء في بناء الأمة. وعند اختراع هذا الماضي المُلفق داخل الأساطير التأسيسية، فإن أفكار الأسرة الوطنيةتُعيد إدراج حكم الآباء وطاعة الأمهات كأمور طبيعية، حتى عند خلق تراتبية جديدة للنوع الاجتماعي وإضفاء الشرعية عليها. وعند تعزيز الأمن القوميبزيادة العسكرة، فإن تعاظم عدم الأمان البدني للمرأة في المناطق المتاخمة للقواعد العسكرية وفي مناطق النزاع يصبح أقل بروزًا، ويخلق إسفيًن بين مصالح الدولة ورفاه المرأة البدني (Enloe 1990, 1993, 2000: McClintock 1995; Peterson and Runyon1999). وبطرح تقييمات مفحمة حول العمليات الدقيقة التي يجري من خلالها تطبيع الهيمنة الذكورية، أوضحت الباحثات النسويات أن سلطة النوع الاجتماعي مطمورة في منظومات القيم الذاتية الجماعية البينية ونظم المعتقدات التي تشكل هويات وطموحات الفاعلين السياسيين على أساس النوع الاجتماعي، وبالتالي تتقيد إمكانيات الخيار الفردي والفعل الفردي.

وقد حاولت باحثات نسويات أخريات ربط لا تماثل النوع الاجتماعي بالسلطة في معتقدات وقيم بالملامح البنيوية للحياة الاجتماعية والسياسية. واستخلصت هؤلاء الباحثات من نموذج بنيوي للسلطة، يؤكد وجود ممارسات عدم المساواة مطمورة في المؤسسات والهياكل على نحو يؤدي إلى تمكين الميزة الذكورية من العمل بصورة مستقلة عن إرادة فاعلين بعينهم. وبتطوير مفاهيم بنية النوع الاجتماعي والمؤسسات القائمة على النوع الاجتماعي، سعت الباحثات النسويات إلى توضيح كيفية تحويل السيطرة الذكورية في المؤسسات السياسية للدولة القومية وفي الساحة الدولية إلى قواعد وروتين وممارسات وسياسات تخدم مصالح الرجال وتعززها، كما تعمل على تطبيع الاحتكار الذكوري للسلطة، وخلق أبنية الفرصة السياسية التي تميل نحو تفضيل الرجال.

وقد أوضحت الدراسات التي أجريت حول الأحزاب السياسية في جنوب آسيا وأستراليا وكندا وأوروبا وأمريكا اللاتينية والولايات المتحدة، على سبيل المثال، أن السيطرة الذكورية على النخب الحزبية كانت واسعة الحيلة بدرجة ملحوظة في تحويل بؤرة السلطة من الآليات الرسمية إلى غير الرسمية عندما تمكنت النساء من الوصول إلى المواقع الرسمية لصنع القرار (Alvarez 1990; Basu 1995; Chappell 2002; Freeman 2000; Jaquette 1989; Jaquette and Wolchik1998; .Kelly et al.,2001). وكانت الأحزاب التي تختلف التزاماتها الأيديولوجية وأهدافها السياسية تتشابه إلى حد كبير في إتاحة الفرصة أمام الذكور لهيكلة عمليات اختيار المرشحين، من أجل منع ترشيح النساء للمقاعد المفتوحة والآمنة أو التي يسهل الفوز بها في المنافسات في المجالس التشريعية. كما أوضحت أيضًا ممارسات الرعاية داخل الأحزاب السياسية انتشار التحيز تجاه النوع الاجتماعي.

وقد كشفت الدراسات النسوية للبرلمانات الوطنية والهيئات التشريعية الوطنية عن قوة أعراف النوع الاجتماعي. وعلى سبيل المثال، توضح الإجراءات القياسية للبرلمانات في بريطانيا وكندا وأستراليا سلوكًا زاعقًا وعدوانيًّا ومقاومًا – مثل الصراخ والصياح والسخرية، بما يؤدي إلى موقف عدم الفوزبالنسبة للنساء الأعضاء. أما النساء اللاتي يتبنين هذا النمط القتالي، نجدهن معرضات للسخرية وخاضعات لنقد نظرائهن الذكور، بينما تُعتبر النساء اللاتي يخترن نمطًا أكثر رزانة وتشاورًا وتعاونًا ضعيفاتأو غير مناسباتللوظيفة. وبالفعل، قامت شابل Chappell, 2002)) بتوثيق أنماط التحرش بالنوع الاجتماعي في النظم البرلمانية، حيث تواجه النساء اللاتي ينهضن للتحدث مضايقات من خلال التعليقات والمعارضة، وبالسعال، والاستهجان، وإرسال القبلات، والسخرية بأصوات مصطنعة عالية. وفي الولايات المتحدة، نجد أن النساء العاملات في مجال التشريع، ويرفضن تبني استراتيجيات التفاوض القسرية، يصفهن الزملاء الذكور بأنهن فاشلات في فهم قواعد اللعبة Rosenthal 2000)). كما تواجه النساء اللاتي يرأسن اللجان التشريعية أشكالاً مختلفة من المعارضة في جلسات الاستماع، مثل تحدي سلطاتهن ورفض احترام أحكامهن، لا يواجهها الرجال في المواقع نفسها من السلطة (Kathlene 1994). وعادة ما ينظر الرجال المشرعين إلى النساء المُشرعات من زاوية صور نمطية ترتكز على العنصر والنوع الاجتماعي، ولا تتسق وتصورات الرجال عن اللاعبين في ميدان السلطة” ( (Rosenthal 2000; Smooth 2001; Thomas 1994

وبتوثيق عملية سلطة النوع الاجتماعي داخل المؤسسات الرسمية للدولة، قدمت الباحثات النسويات أدلة قوية على وجود ديناميات سياسية تتفاعل بتلك المؤسسات ولم تدركها مقاربات المناهج السائدة. وأوضحن أيضًا أن التراتبيات القائمة على العنصر والنوع الاجتماعي، والتي جرى تأسيسها والحفاظ عليها وإعادة إنتاجها، تؤثر تأثيرًا محسوسًا ملموسًا على صنع السياسة وعلى السياسات الوطنية والخارجية. وبالتالي، لا يقود تقييم للحياة السياسية يلغي الديناميات القائمة على العنصر والنوع الاجتماعي إلى تعزيز البحث الموضوعي أو المحايد من حيث القيمة. بل على العكس، عندما يتجاهل باحثو العلوم السياسية عمليات سلطة النوع الاجتماعي التي قامت الباحثات النسويات بتوثيقها، فإن ما أزالوه يقر ويؤيد التقييمات المشوهة للعالم السياسي.

إن علاقة باحثي العلوم السياسية بالعالم السياسي، الذي يسعون إلى وصفه وشرحه، كان موضوعًا لجدال متكرر Gunnell 1998; Moon 1975)). وقد طرح ما بعد البونيويين (poststructuralist) الذين يتفقون ورؤية ميشيل فوكو أن جميع الخطابات العلمية تُعد خطابات مثمرة، وتقود إلى توليد مجموعات من السلطة المعرفية التي تخلق عالمًا من وجهة نظرها. أما الباحثات النسويات اللاتي يعملن من داخل نفس الإطار، فقد طرحن أن العلوم السياسية نفسها هي خطاب تكويني Hawkesworth 2003b)). ويسهم الجهاز المفهومي للعلم في إنتاج الفاعل السياسي، ويفهمه بوصفه خاضعًا وفي الوقت نفسه يقاوم الخضوع. إن التقييمات العلمية / الضبطية للسياسة والقانون والتراث والحرب تسفر عن موضوعات سياسية ترتكز على النوع الاجتماعي، وتتسق وتقاوم في آن واحد تقسيم السلطة والفرصة على أساس النوع الاجتماعي. لكن الفشل في إدراك علاقة العلم بعمليات الخضوع والمقاومة المتزامنة التي ترتكز على النوع الاجتماعي يمكن أن يترك العلماء السياسيين في حالة عجز عن تفسير بعض التحولات الأعمق للحياة السياسية. وعلى سبيل المثال، نجد أن علماء السياسة المنتمين إلى الاتجاه السائد غير مسلحين بما يتيح لهم تفسير استمرار تعبئة النساء البرازيليات اللاتي يشكلن 80% من مجموع النشطاء الذين نجحوا في طرد الحكم العسكري بالبرازيل (Alvarez 1990)، أو تفسير النضال الجماعي للنساء الكوريات ضد عنف الدولة واستغلالها الاقتصادي بما أسهم في تحطيم الحكم العسكري في كوريا الجنوبية في الثمانينيات. ويمكن القول، في الحد الأدنى، إن تكرار تحيز العلوم السياسية تجاه النوع الاجتماعي يعوق قدرة العلم على تفسير العالم السياسي. وعلينا التحذير بأن تأبيد تعاريف السياسة، والسلطة، والعلاقات الدولية، والتي تضفي امتيازًا على البحث الفكري للممارسات الذكورية في المواقع ذات الهيمنة الذكورية – مثل حماية الحفاظ على العلوم السياسية – يُعيد إنتاج السلطة الذكورية والظلم القائم على النوع الاجتماعي ويضفي عليهما شرعية.

وعلى الرغم من أن فشل العلوم السياسية في إشراك البحث النسوي يمكن رفضه لمجرد اعتباره مثالاً آخر على النزعة المحافظة في هذا الفرع العلمي، فإنني أود تأكيد زعم أقوى. برفض قراءة وإشراك البحوث النسوية، التي تتحدى الفروض المسبقة الأساسية للفرع العلمي، ينتهك علماء السياسة قواعد الموضوعية والمنهاجية التي تدعم اعتبار بحوثهم علمية“. وبرفض رزانة التفنيد النسوي للآراء التي يجري استقبالها، وعزل فروضهم عن الأدلة المضادة التي تطرحها الباحثات النسويات، ينتهك علماء السياسة منطق العلم الذي طوره کارل بوبر (Karl Popper) وإمري لاكاتوس (Imre Lakatos)، والذي كان يجري تدريسه روتينيًّا في مواد المدى والأساليب والمناهجبغية إثبات الدراسة العلمية للسياسة Popper 1972a, 1972b)). ومع فشلهم في السير وفق معايير البحث العلمي، والذي يناصرونه، يساعد علماء السياسة المنتمين إلى الاتجاه السائد على إعادة إنتاج عالم السيطرة الذكورية – حتى مع استعمالهم لمفاهيم الملاحظة المحايدة، والبحث غير المتحيز، والتحليل الموضوعي بغية حجب وإخفاء أدوارهم الإنتاجية. وإذا رغب علماء السياسة تجنب التكرار غير المقصود للسيطرة الذكورية، عليهم إذن البدء جديًّا في إشراك البحوث النسوية وتعلم نشر النوع الاجتماعي كأداة تحليلية في بحوثهم.

*Mary Hawkesworth, “Engendering Political Science: An Immodest Proposal”, in Politics and Gender, volume 1, number 1 (March 2005), pp. 141-156.

Abramovitz, Mimi. 1996. Regulating the Lives of Women: Social Welfare from Colonial Times to the Present. Boston: South End Press.

Acker, Joan. 1989. “Hierarchies, Job Bodies: A Theory of Gendered Organizations.” Gender and Society 4 (June): 139-58.

—–. 1992. “Gendered Institutions: From Sex Roles to Gendered Institutions.” Contemporary Sociology 21 (September): 565-69.

Alvarez, Sonia. 1990. Engendering Democracy in Brazil. Princeton, NJ: Princeton University Press.

Amundsen, Kirsten. 1971. The Silenced Majority. Englewood Cliffs, NJ: Prentice Hall. Anderson, Margaret. 1983. Thinking About Women. New York: Macmillan.

Barrett, Michele. 1980. Women’s Oppression Today. London: Verso. Bartky, Sandra Lee. 1988. “The Feminine Body” In Feminism and Foucault: Reflections on Resistance, ed. Irene Diamond and Lee Quinby. Boston: Northeastern University Press.

Basu, Amrita, ed. 1995. The Challenge of Local Feminisms: Women’s Movements in Global Perspective. Boulder, CO: Westview. Bem, Sandra. 1974. “The Measurement of Psychological Androgyny.” Journal of Consulting and Clinical Psychology 42 (2): 155-62.

—–. 1983. “Gender Schematic Theory and Its Implications for Child Development.” Signs 8 (4): 598-616.

—–. 1993. Lenses of Gender. New Haven, CT: Yale University Press. Boneparth, Ellen, and Emily Stoper, eds. 1988. Women, Power and Policy: Towards the Year 2000. New York: Pergamon.

Brooks, Ethel. forthcoming. The Empire’s New Clothes. Minneapolis: University of Minnesota Press.

Butler, Judith. 1990. Gender Trouble: Feminism and the Subversion of Identity. New York and London: Routledge.

Chappell, Louise. 2002. Gendering Government. Vancouver: University of British Columbia Press.

Chodorow, Nancy, 1978. The Reproduction of Mothering. Berkeley: University of California Press.

Collins, Patricia Hill. 1990. Black Feminist Thought. New York: Harper Collins.

Connell, R. W. 1987. Gender and Power. Stanford, CA: Stanford University Press.

Corbett, Greville J. 1991. Gender. Cambridge: Cambridge University Press.

Cornell, Drucilla, and Adam Thurschwell. 1986. “Feminism, Negativity, Intersubjectivity.” Praxis International 5 (4): 484-504.

Dahl, Robert. 1957. “The Concept of Power.” Behavioral Science 2 (3): 201-15.

Daly, Mary. 1978. GYN/Ecology. Boston: Beacon.

Davis, Angela. 1981. Women, Race, and Class. New York: Random House.

de Lauretis, Teresa. 1984. Alice Doesn’t: Feminism, Semiotics, Cinema. Bloomington: Indiana University Press.

—–. 1987. Technologies of Gender. Bloomington: Indiana University Press.

Devor, Holly. 1989. Gender Blending: Confronting the Limits of Duality. Bloomington: Indiana University Press.

Di Stefano, Christine. 1991. Configurations of Masculinity. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Doane, Mary Ann. 1987. The Desire to Desire. Bloomington: Indiana University Press.

Dodson, Debra, and Susan Carroll. 1991. Reshaping the Agenda: Women in State

Legislatures. New Brunswick, NJ: Center for American Women and Politics.

Dodson, Debra, et al. 1995. Voices, Views, and Votes: The Impact of Women in the 103rd

Congress. New Brunswick, NJ.: Center for American Women and Politics.

Duerst-Lahti, Georgia, and Rita Mae Kelly, eds. 1995. Gender Power, Leadership and

Governance. Ann Arbor: University of Michigan Press.

Eisenstein, Zillah. 1979. Capitalist Patriarchy and the Case for Socialist Feminism. New York: Monthly Review Press.

Enloe, Cynthia. 1990. Bananas, Beaches, and Bases: Making Feminist Sense of International Politics. Berkeley: University of California Press.

—–. 1993. The Morning After: Sexual Politics at the End of the Cold War. Berkeley: University of California Press.

—–. 2000. Maneuvers: The International Politics of Militarizing Women’s Lives. Berkeley: University of California Press.

Epperson, Sharon. 1988. “Studies Link Subtle Sex Bias in Schools with Women’s Behavior in the Workplace,” Wall Street Journal, 16 September, p. 19.

Epstein, Cynthia Fuchs. 1971. Woman’s Place. Berkeley: University of California Press.

Firestone, Shulamith. 1970. The Dialectic of Sex. New York: William Morrow

Flammang, Janet. 1997. Women’s Political Voice. Philadelphia: Temple University Press Fraser, Nancy. 1989. “Women, Welfare, and the Politics of Need Interpretation.” In her Unruly Practices. Minneapolis: University of Minnesota Press.

Freeman, Jo. 2000. One Room at a Time. Lanham, MD: Rowman and Littlefield.

Friedan, Betty. 1963. The Feminine Mystique. New York: W. W. Norton.

Gilligan, Carol. 1982. In a Different Voice. Cambridge, MA: Harvard University Press.

Gordon, Linda. 1988. Heroes of Their Own Lives: The Politics and History of Family

Violence. New York: Viking.

Grant, Judith. 1993. Fundamental Feminism. New York: Routledge.

Gunnell, John. 1998. The Orders of Discourse: Philosophy, Social Science and Politics. Lanham, MD: Rowman and Littlefield.

Haney Lopez, Ian. 1996. White by Law. New York: New York University Press.

Harding, Sandra. 1986. The Science Question in Feminism. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Hawkesworth, Mary. 1990. “The Reification of Difference.” In Beyond Oppression. New York: Continuum.

—–. 1997. “Confounding Gender,” Signs 22 (3): 649-85.

—–. 2003a. “Congressional Enactments of Race-Gender: Toward a Theory of Raced- Gendered Institutions.” American Political Science Review 97 (4): 529-50.

—–. 2003b. “Political Science in a New Millennium: Issues of Knowledge and Power.” In Encyclopedia of Government and Politics, 2d ed., ed. Mary Hawkesworth and Maurice Kogan. London: Routledge.

Hobbes, Thomas. [1651] 1971. Leviathan. Hamondsworth: Penguin Books.

Irigaray, Luce. 1985a. Speculum of the Other Woman. Trans. Gillian Gill. Ithaca, NY: Cornell University Press.

—–. 1985b. This Sex Which Is Not One. Trans. Catherine Porter. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Isaac, Jeffrey. 1987. Power and Marxist Theory: A Realist View. New York: Cornell

University Press.

—–. 2003. “Conceptions of Power. In Encyclopedia of Government and Politics, 2d ed., ed. Mary Hawkesworth and Maurice Kogan. London: Routledge.

Janeway, Elizabeth. 1971. Man’s World, Women’s Place. New York: Delta Books.

Jaquette, Jane, ed. 1989. The Women’s Movement in Latin America: Feminism and the Transition to Democracy. Boston: Unwin Hyman.

Jaquette, Jane, and Sharon Wolchick, eds. 1998. Women and Democracy: Latin America and Central and Eastern Europe. Baltimore: Johns Hopkins University Press.

Jewell, Malcolm E., and Marcia Lynn Whicker. 1994. Legislative Leadership in the American States. Ann Arbor, MI: University of Michigan Press.

Jeydel, Alana, and Andrew Taylor. 2003. “Are Women Legislators Less Effective? Evidence from the U.S. House in the 103rd-105th Congress.” Political Research Quarterly 56 (March): 19-27.

Kabeer, Naila. 2003. Reversed Realities: Gender Hierarchies in Development Thought. London: Verso.

Kathlene, Lyn. 1989. “Uncovering the Political Impacts of Gender: An Exploratory Study.” Western Political Quarterly 42 (November): 397-421.

—–. 1994. “Power and Influence in State Legislative Policymaking: The Interaction of Gender and Position in Committee Hearing Debates.” American Political Science Review 88 (September): 560-76.

Kelly, Rita, Jane Bayes, Mary Hawkesworth, and Brigitte Young, eds. 2001. Gender, Globalization and Democratization. Boulder, CO: Rowman and Littlefield.

Kenney, Sally. 1996. “New Research on Gendered Political Institutions.” Political Research Quartely 49 (June): 445-66.

Kessler, Suzanne, and Wendy McKenna. 1978. Gender: An Ethnomethodological Approach. New York: John Wiley.

Lakatos, Imre. 1970. “Falsification and the Methodology of Scientific Research Programmes.” In Criticism and the Growth of Knowledge, ed. Imre Lakatos and Alan Musgrave. Cambridge: Cambridge University Press.

Laqueur, Thomas. 1990. Making Sex: Body and Gender from the Greeks to Freud. Cambridge, MA: Harvard University Press.

Lasswell, H. 1950. Politics: Who Gets What, When, How. New York: P. Smith.

Lerner, Gerda. 1986. The Creation of Patriarchy. New York: Oxford University Press.

Levi-Strauss, Claude. 1969. The Elementary Structures of Kinship. Boston: Beacon Press.

—–. 1971. “The Family.” In Man, Culture and Society, ed. H. Shapiro. London: Oxford University Press, 340-58.

Lopata, Helena, and Barrie Thorne. 1978. “On the Term, ‘Sex Roles.'” Signs 3 (3): 718-21.

MacKinnon, Catharine. 1987. Feminism Unmodified. Cambridge, MA: Harvard University Press.

Mazur, Amy. 2002. Theorizing Feminist Policy. Oxford: Oxford University Press.

McClintock, Anne. 1995. Imperial Leather. New York: Routledge.

McDonagh, Eileen. 2002. “Political Citizenship and Democratization: The Gender

Paradox.” American Political Science Review 96 (30): 535-52.

Mink, Gwendolyn. 1995. The Wages of Motherhood: Inequality in the Welfare State.

Ithaca, NY: Cornell University Press.

Moon, D. 1975. “The Logic of Political Inquiry: A Synthesis of Opposed Perspectives.” In Handbook of Political Science, ed. F. Greenstein and N. Polsby, vol. 1. Reading, MA: Addison-Wesley.

Pateman, Carole. 1988. The Sexual Contract. Cambridge, UK: Polity.

Peterson, V. Spike. 1992. Gendered States: Feminist (Re)Visions of International Relations Theory. Boulder, CO: Lynne Reinner.

Peterson, V. Spike. 2003. A Critical Rewriting of Global Political Economy: Integrating Reproductive, Productive, and Virtual Economies. New York: Routledge.

Peterson, V. Spike, and Anne Sisson Runyan. 1999. Global Gender Issues, 2nd Edition. Boulder, CO: Westview.

Popper, Karl. 1972a. Conjectures and Refutations: The Growth of Scientific Knowledge, 4th ed. London: Routledge and Kegan Paul.

—–. 1972b. Objective Knowledge: An Evolutionary Approach. Oxford: Clarendon Press.

Riley, Denise. 1988. Am I That Name?: Feminism and the Category of ‘Women’ in History. Minneapolis: University of Minnesota Press.

Rosenthal, Cindy Simon. 2000.”Gender Styles in State Legislative Committees: Raising Their Voices and Resolving Conflict.” Women and Politics 21 (2): 21-45.

—–. 2002. Women Transforming Congress. Norman: University of Oklahoma Press.

Rowbotham, Sheila. 1973. Women’s Consciousness, Man’s World. London: Penquin.

Rubin, Gayle. 1975. “The Traffic in Women: Notes on the Political Economy of Sex.” In Towards an Anthropology of Women, ed. Rayner Reiter. New York: Monthly Review Press.

Ruddick, Sara. 1980. “Maternal Thinking.” Feminist Studies 6 (2): 342-67.

Rule, Wilma, and Joseph Zimmerman, eds. 1994. Electoral Systems in Comparative Perspective: Their Impact on Women and Minorities. Westport, CT.: Greenwood.

Sawicki, Jana. 1991. “Foucault and Feminism: Towards a Politics of Difference.” In Feminist Interpretations and Political Theory, ed. Mary Shanley and Carole Pateman. University Park: Pennsylvania State University Press.

Scott, Joan. 1986. “Gender: A Useful Category for Historical Analysis.” American Historical Review 91 (5): 1053-75.

Shanley, Mary, and Carole Pateman, eds. 1991. Feminist Interpretations and Political Theory. University Park: Pennsylvania State University Press.

Siltanen, Janet. 1994. Locating Gender: Occupational Segregation, Wages and Domestic Responsibilities. London: UCL.

Silverman, Kaja. 1988. The Acoustic Mirror. Bloomington: Indiana University Press.

Singer, Linda. 1993. Erotic Welfare: Sexual Theory and Politics in the Age of Epidemic. New York: Routledge.

Smith, Steven G. 1992. Gender Thinking. Philadelphia: Temple University Press.

Smooth, Wendy. 2001. “African American Women State Legislators: The Impact of

Gender and Race on Legislative Influence.” Ph.D. diss. University of Maryland.

Spelman, Elizabeth. 1988. Inessential Woman. Boston: Beacon.

Spender, Dale. 1980. Man Made Language. London: Routledge and Kegan Paul.

Steans, Jill. 1998. Gender and International Relations: An Introduction. New Brunswick, NJ: Rutgers University Press.

Steinberg, Ronnie. 1992. “Gender on the Agenda: Male Advantage in Organizations.”Contemporary Sociology 21 (September): 576-81.

Suleiman, Susan Rubin, ed. 1985. The Female Body and Western Culture. Cambridge, MA: Harvard University Press.

Swers, Michele. 2002. The Difference Women Make: The Policy Impact of Women in

Congress. Chicago: The University of Chicago Press.

Tamerius, Karin. 1995. “Sex, Gender, and Leadership in the Representation of Women.” In Gender Power, Leadership and Governance, ed. Georgia Duerst-Lahti and Rita Mae Kelly. Ann Arbor: University of Michigan Press.

Thomas, Sue. 1994. How Women Legislate. New York: Oxford University Press.

Tickner, J. Ann. 1991. “Hans Morgenthau’s Principles of Political Realism: A Feminist

Reformulation.” In Gender and International Relations, ed. Rebecca Grant and

Kathleen Newland. Bloomington: Indiana University Press.

—–. 1992. Gender and International Relations, New York: Columbia University Press.

—–. 2001. Gendering World Politics: Issues and Approaches in the Post-Cold War Era.

New York: Columbia University Press.

Vetterlinge-Braggin, Mary, ed. 1982. “Femininity,” “Masculinity,” and “Androgyny.”

Totowa, NJ: Littlefield Adams.

Walby, Sylvia. 1986. Patriarchy at Work. Minneapolis: University of Minnesota Press.

Yanow, Dvora. 2003. Constructing “Race” and “Ethnicity” in America: Category-Making in Public Policy and Administration. Armonk, NY: M. E. Sharpe.

Young, Iris. 1994. “Gender as Seriality: Thinking About Women as a Social Collective.” Signs 19 (3): 713-38.

شارك:

اصدارات متعلقة

شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11
شهادة 10
شهادة 9
شهادة 8
شهادة 7
شهادة 6
شهادة 5
شهادة 4