العمال في القطاع الغير رسمي: سيناريوهات الحماية في النطاق العالمي والمحلي

الشركاء: أندريا

تاريخ النشر:

2019

بقلم:

٢٥ مارس ٢٠١٩

ساهمت في الكتابة رانيا سبيل

تقريبا كل يوم من حياتنا في السودان نواجه أو نتعامل مع عامل غير رسمي، سواء كانت سيدة تحضر الشاي، بائع طعام في الشارع، حارس مدرسة، أو عامل في منزل. ففي الأغلب أن تكون قد مررت بعامل في القطاع الغير رسمي من الإناث (أو الذكور) خلال اليوم. في قطاع مثل الغير رسميالحدود مبهمة، فيواجه العمال غير الرسميين الكثير من النضال لمجرد الحصول على حياة كريمة.

العمالة المنزلية

رواية ذا هيلب” (العمالة المنزلية) التي كتبتها كاثرين ستوكيت هي واحدة من الكتب التي تفتح المجال أمام الكثير من الأفكار. قراءتها تثير مشاعر تدعو إلى إعادة التفكير في الطريقة التي نرى بها عاملات المنازل في القطاع الغير رسمي.

ومع ذلك ، كانت الرواية واحدة من أطرف القراءات التي قرأتها منذ سنوات. عدد المرات التي ضحكت فيها من قلبي أثناء قراءة هذا الكتاب و المتعة والترفيه الخالصين لا تعد ولا تحصى. كانت الألعاب التي قامت بها العاملات من الخلفية الأمريكية الأفريقية ضد أرباب عملهم البيض، في عصر تعرض فيه الأمريكيون السود للتمييز الوحشي ضدهم ، إكتشاف مثيرة للاهتمام لكيفية تعامل هاتي النساء الشابات الشجاعات مع الصعوبات والتغلب عليها. ودعونا لا ننسى كم الشجاعة التي تطلبها الامر بالنسبة لكاتبة القصة من العرق الابيض، سكيتر (التي تلعب دورها إيما ستون في الفيلم المستوحى من الكتاب) لعبور الخطوط الحمراء في ذلك الوقت، من خلال تكوين صداقة وتواصل مع عاملات المنازل. أدت هذه الصداقات إلى الإبلاغ عن قصصهم للعالم، وإعطائهم صوتًا للتفكير في حقيقة الطريقة التي يعاملون بها من قبل أرباب العمل البيض، بطرق إيجابية وسلبية.

Painting by Martina Anagnostou via Fine Art America

لم يفشل الفيلم في تصوير القصة بطريقة جذابة ومسلية، فتلقي الفيلم ثلاثة ترشيحات لجوائز الأوسكار وحصل على جائزة واحدة، مما يعبر عن نجاحه في خلق إنطباعات. بالرغم من ذلك، صرحت الممثلة فيولا ديفيز، التي مثلت دور إحدى العاملات السود، عن عدم رضائها عن الكيفية التي لم يتم بها إيصال رسالة كفاح عاملات المنازل بأكملها للجمهور عبر الفيلم (ولكن بالأحرى من خلال منظور صحفية بيضاء). مضيفة أن الفيلم يفتقر إلى فهم أعمق لما كانت العاملات يشعرون به حقا. ومع ذلك، لا يوجد إنكار لروعة القصة، وكيف أظهرت قصص عاملات المنازل وجهود المؤلفة لوضع نفسها في مكانهن لرواية قصصهم.

مناقشة دبلوماسية

قد لا يكون العمال غير الرسميين وقصصهم وصراعاتهم اليومية من أجل المستقبل غير المحدد؛ مرئيًا لهم ولنا، حيث أنهم موضوع لا يتم تمثيله بالقدر الكافي في الخطاب العالمي. العديد من الأسئلة التي لم يتم الرد عليها والسيناريوهات وراء الكواليس تتبادر إلى الذهن. مثل: هل يتعرضون للإساءة، على الطريقة التي رأيناها في كتاب/ فيلم ذا هيلب؟ هل يتم التبليغ عن ذلك؟ هل هناك أي لوائح تمنحهم الحماية؟ هل هم على علم بحقوقهم؟ ماذا عن حقوق المهاجرين / الأجانب في القطاع غير الرسمي؟

بالنسبة للعاملات في المنازل، أدت المعاملة السيئة التي لا توصف في بعض الحالات إلى تدخل الحكومات، كما هو الحال في حادثة الكويت. وقد أدت الحادثة إلى مزيد من المناقشات بين الوفود الدبلوماسية في كل من الكويت والفلبين، وإلى تطور آخر حيث حظرت الفلبين مواطنيها من السفر إلى العمل في دولة الإمارات العربية المتحدة ، والذي تم رفعه في وقت لاحق. وقد أدى هذا إلى بذل جهد أكثر لوضع إطار قانوني محدد للعاملين المنزليين الإثيوبيين في الإمارات العربية المتحدة.

السودان

للوصول على فهم أوضح لحالة العاملات في القطاع الغير رسمي في السودان، ساعدت مقابلة أجريت مع أستاذة سليمه إسحاق، وهي محاضرة في جامعة الأحفاد، في توضيح بعض الأسئلة التي كانت في ذهننا. سليمة هي طبيبة ومعيدة ورئيسة مركز الاحفاد للتعامل مع الصدمات. إن النضالات التي يواجهها العمال غير الرسميين كثيرة، ووفقا لما ذكرته أستاذة سليمة على سبيل المثال لا الحصر: الفقر وظروف العمل غير الآمنة، وكذلك عدم الوعي بحقوقهم، والعنف البدني واللفظي والتحرش الجنسي. كما تتعرض الإناث في الغالب للعنف من الزبائن عندما يرفضون دفع ثمن الخدمات التي تتكبدها العاملات في القطاع الغير رسمي. كما تحدثت أستاذة سليمة عن حالات قيام ضباط الشرطة بسوء استخدام سلطاتهم وإساءة معاملة العاملات في القطاع الغير رسمي. عدد قليل جدا في الواقع يقدم تقارير بهذه الإنتهاكات إلى المسؤولين. لكن الأغلبية تلجأ إلى إخبار أصدقائهن ومعارفهن وأفراد أسرهن وعاملي المجتمع المدني.

ذكرت أستاذة سليمه وجود مواد قانونية يمكن أن تحمي العاملات في القطاع الغير رسمي، لكنها غامضة وليست محددة. هذا يعطي مجالا لسلوكيات غير فعالة من منفذي القانون للتدخل و تطبيق القانون. من ناحية أخرى، لا تندرج اللاجئات اللواتي يعملن بشكل غير رسمي تحت هذه اللوائح، مما يجعلهن أكثر عرضة للإساءة.

Photo credit: COSV via http://globaltableadventure.com

في محاولة لإلقاء مزيد من الضوء على هذه القضية، تم إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية القصيرة من قبل شبكة صيحة. تروي الأفلام قصصاً عن العاملات في القطاع الغير رسمي في قطاعات مختلفة. قدم كل فيلم زاوية للمشكلة، ورؤى حول كيفية تغلب النساء على نضالاتهن اليومية من أجل البقاء.

إن البحث عبر الإنترنت عن الأرقام والإحصائيات المتعلقة بالاعتداء و / أو المضايقة ضد النساء العاملات في القطاع الغير رسمي في السودان لم يوفر أية معلومات وكما تنص قاعدة البيانات العالمية حول العنف ضد المرأة ، لا توجد في السودان إحصائيات رسمية حول العنف سواء من الشركاء الحميمين او من خارج العائلة على مدي بعيد من ال 12 شهر الماضى، ناهيك عن أي إحصائيات تتعلق بالعمال غير الرسميين. كما تفتقر الحركات والمبادرات المحلية الأخرى التي يوجد مقرها في السودان إلى الإحصاءات المتعلقة بالعنف تجاه العاملات في القطاع الغير رسمي، مما يزيد من صعوبة تحديد حجم المشكلة وأبعادها. بعض الحركات مثل لا لقهر النساءتنشط في هذا المجال، لكنها تواجه تحديات في عملها.

ما تقترحه أستاذة سليمه هو طريقة تفكير إصلاحية تعزز رؤية أكثر إيجابية للعمال و العاملات في القطاع الغير رسمي. وتقول إن منهجًا أكثر علمية يحتاج إلى بحث جيد واعتماده للتعامل مع المشكلة بشكل أكثر كفاءة“. في رأيها، يجب على المجتمعات أن تتملك المشكلة، وأن تعد نفسها لتبني التغيير الذي تطرحه الحلول المقترحة.

هذه المقالة جزء من سلسلة في شراكة مع مبادرة آمنة لمناهضة العنف ضد المرأة. تابعوا آمنة على تويتر لمعرفة المزيد عن نشاطاتها.

شارك:

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات