إدراك النساء للعنف الأسرى في المكسيك*
في ١٩٩٤ بدأ مركز الكوميتان لأبحاث الصحة بالتعاون مع معهد الحدود الجنوبية في تشاياباس بالمكسيك دراسة إثنوجرافية عن الصحة الإنجابية والجنسية بين نساء (لادينا ) فى المنطقة الحدودية (تشاياباس). وقد تضمنت الدراسة أسئلة عن تعاطى الكحوليات العنف، والجنس القسرى. لأنه من الواضح أن هذه الموضوعات وثيقة الصلة بموضوع البحث. وتعرض هذه الورقة بعض النتائج الأولية عن آراء ٤٠ من السيدات فى لادينا حول العنف داخل العلاقة الزوجية الذي قد تتعرض له بعض النساء فى مجتمعهن. وتتباين هذه الآراء وفقًا لرؤيتهن لسلوك المعتدى عليها. فإن كان سلوك المعتدى عليها هو سبب العنف، يكون عليها أن تتحمل ذلك. أما إذا كان سبب العنف لا علاقة له بسلوكها، فإن عليها أن تقاوم ذلك العنف أو أن تترك زوجها. وغالبًا ما يقترن العنف بالحمل والولادة وكذلك بالموضوعات المتعلقة بالأمور الجنسية والإخلاص. ويمثل العنف مشكلة خطيرة فيما يتعلق بالصحة الإنجابية للنساء، تضعف قدرات النساء في أن يلتمسن الرعاية لأنفسهن، وتقف عائقًا قويًا أمام تحقيق المساواة النوعية في هذا المجتمع.
تعانى منطقة تشاياباس من الفقر وتوجد بها أسوأ مستويات للصحة فى المكسيك التى تسير بخطى سريعة نحو التحديث. يعيش فى تشاياباس حوالى ۲۰۲ مليون نسمة (1) وبالرغم من أنها تصدر العديد من المحاصيل، الكهرباء، الدواجن،الأخشاب،العمالة للولايات الأخرى،إلا أن حالة السكان لا تعكس هذا الوضع. حيث تقل ٨٥% من أجور ورواتب العمال عن الحد الأدنى للأجور (٢) ويعيش ما يزيد عن ٥٠% من الأهالي في منازل سيئة وينقصها الماء النقى والصرف الصحى السليم.
في تشاياباس أقل توقع عمرى للسكان عند الميلاد – في المكسيك. وأعلى معدلات وفيات الأطفال والأمهات (۳). وتمثل أمراض الفقر كالسل،وسوء التغذية،والإسهال والتهابات الجهاز التنفسى الحادة، الأسباب الرئيسية للمرض والوفاة فى تشاياباس. إن صحة النساء (كمجموعة) أسوأ بكثير من صحة الرجال فى تشاياباس. ورغم أن التوقع العمرى للسيدات أطول، إلا أن نوعية الخدمات الصحية المتاحة للنساء أقل بالمقارنة بالرجال (٤). وتنتشر الأمراض المنقولة جنسيًا، ومضاعفات الحمل والولادة، والتعرض للأمراض أثناء فترة النفاس ولا توجد خدمات صحية كافية متاحة للتعامل معها. كما تزيد الوفيات الناجمة عن مضاعفات الإجهاض غير القانوني،وسرطان عنق الرحم،عن المعدلات الوطنية بقدر ملحوظ (٥).
في ١٩٩٤ قامت ثورة أهلية احتجاجًا على مثل هذه الأوضاع من عدم المساواة،وضعت تشاياباس في الصفحات الأولى لجرائد العالم. وفي تقديرنا أنه من المهم فهم المشاكل المتعلقة بالصحة الإنجابية والجنسية ومعاناة النساء غير المتكافئة، خاصة في هذا السياق،حيث أن ظروف النزاعات السياسية والموارد المحدودة،يمكن أن تفاقم من معدلات مشاكل الصحة الإنجابية والعنف الأسرى، بل وتحد أيضًا القدرة على توفير الخدمات لهؤلاء الذين تأثروا بتلك الأوضاع.
إن إحدى اهتماماتنا الأساسية في هذه الدراسة هي التعرف على المعوقات وإيجاد خطط استراتيجية بإمكانها مساعدة هؤلاء النسوة فى تحسين صحتهن الإنجابية،ومواجهة ومنع العنف الأسرى والعنف الجنسي. لذا كان من الهام فهم إدراك النساء أنفسهن، ليس فقط للسلوكيات المختلفة، ولكن تفسيرهن لمدلول ووظيفة تلك السلوكيات،وهي أمور لا يمكن معرفتها إلا عبر الطرق الكيفية للبحث.
لاحظنا أثناء مناقشات المجموعات البؤرية والمقابلات الاستطلاعية، أن النساء يتحدثن بانفتاح عن الحمل،والولادة، وتربية الأطفال. ولكنهن فضلن أن يجبن عن الأسئلة الخاصة بأجسادهن،والشئون الجنسية، والعلاقات الزوجية فى محادثات خاصة. وقد دفعنا ذلك إلى استخدام المقابلات الاثنوجرافية المعمقة لجمع المعلومات بدلاً من المجموعات البؤرية. كان أيضًا من الواضح أن العنف يمثل قضية حساسة في حياة النساء وثيقة الصلة بالأوجه الأخرى للحياة الإنجابية. وقد ساعدنا عدد من المستشارين – فى مناهج البحث الاثنوجرافية،النوع،الشؤون الجنسية، ووضعية النساء في ريف المكسيك – على تطوير الإطار النظري للبحث، وتشكيل ومراجعة الأدوات البحثية وجمع المعلومات وتحليلها.
تناول دليل المقابلات الأولية – والذي استخدم في أربع مقابلات استطلاعية – أربعة عشر موضوعًا عامًا شملت الصحة والمرض التركيب الأسرى والعلاقات الأسرية، التاريخ الجنسى والتاريخ الإنجابي قمنا بوضع سيناريوهات لشخصيات وهمية فى أوضاع حياتية حقيقة،مما سهل على النساء مناقشة الموضوعات “الخاصة“، – تحديداً تلك المتعلقة بالعنف داخل العلاقة الزوجية. ولذلك فقد ضمنا العديد من القصص الافتراضية في المقابلات النهائية، كما في المثال التالي:
في حفل زفاف لورا وجواكين كانت هناك الموسيقى، الطعام، والخمور – ولقد احتسى جواكين كمية كبيرة من الخمر كعادته. وفى هذه الليلة لم تنزف لورا دمًا بعد اجتماعه بها جنسيًا، مما جعله يثور غاضبًا ويضربها،بينما أخذت هى تقسم وتكرر القسم بأنها لم يكن لها أي علاقة جنسية سابقة مع أى شخص آخر وأن هذه هي المرة الأولى لها وأنها لم تمارس الجنس إلا معه.
– لماذا يجب أن تنزف لورا ؟
– ما الذي تعتقدي أنه سوف يحدث لهذين الزوجين ؟
– ما رأى الناس فى الرجال اللذين يتناولون الخمور بكثرة؟
– ما رأى الناس هنا في الرجال اللذين يقومون بضرب زوجاتهم؟
– ماذا تفعل النساء اللاتى فى وضع لورا عندما يتعرضن للضرب؟
كثيراً ما يحدث أن يحتسى جواكين الخمر وعندما يذهب إلى منزله فإنه يجعل لورا تمارس الجنس معه،ويضربها أن لم ترغب في ذلك.
– ما الذي يمكن أن يحدث للمرأة التي تجبر على ممارسة الجنس؟
قامت أربع من نساء لادينا بعمل المقابلات،ممرضتان، وطبيبة وأخصائية نفسية تتراوح أعمارهن بين ٢٥ – ٣٥ عامًا. كلهن لديهن خبرات سابقة في العمل الصحى وفى الأبحاث في هذه المنطقة، وقد تلقين جميعاً تدريبًا خاصًا لهذه الدراسة. وحتى يجدن مشاركات لهذه الدراسة فقد طرقن على الأبواب، ذهبن إلي المحلات التجارية وتحدثن عن الدراسة. شاركت في البحث ٤٠ امرأة ممن وافقن على الاشتراك في الدراسة وانطبقت عليهن الشروط : متزوجات أو كن متزوجات أو في علاقة حالية ولديهن على الأقل طفل واحد.
كانت المشاركات الأربعون جميعًا من لادينا،من ١١ بلدية مختلفة فى المناطق الحدودية لتشياباس (٦– ٧) وتراوحت أعمارهن بين ۱۹ – ٦۲ عامًا بمتوسط ٣٢ سنة. أثناء الدراسة كانت ۸۲% منهن متزوجات أو في علاقة (مرتبطات) وكان لديهن فى المتوسط خمسة أبناء يتراوح عدد الأبناء من طفل واحد حتى اثنى عشر طفلاً. كن جميعاً فقراء تقريبًا (۸). وفيما يتعلق بالتعليم، لم تكمل ٤٥% تعليمهن الأساسى بالمرحلة الابتدائية، ٣٣ % أتممن المرحلة الابتدائية ولكن لم يتممن التعليم الثانوى، ۲۲% أتممن التعليم بالمرحلة الثانوية.
استمرت المقابلات ما بين ساعة إلى أربع ساعات،وتمت غالبيتها فى بيوت النساء المشاركات. تم تسجيل المقابلات على شرائط تسجيل بعد أخذ موافقة النساء ورغم جهودنا الشديدة لإجراء المقابلات بخصوصية كاملة،فإن ١٤ مقابلة من الأربعين حدثت في وجود أشخاص آخرون سواء بالغين أو أطفال (۹).
أحداث العنف كما وصفتها النساء
إن التركيز الأساسى لهذه الورقة هو العنف الموجه من الرجال نحو شريكاتهم من النساء، فهذا النوع هو أكثر أنواع العنف التى تعانى منها النساء شيوعاً. وقد تضمن البحث فقط الأحداث التى يسبب فيها الرجل أذى جسدى للمرأة أو يهدد بإحداث ذلك، ويتضمن البحث أيضًا العلاقات الجنسية القسرية ولكن لم تدرج العلاقات الجنسية التي تخلو من المتعة.
لم نسأل النساء عن التهديد والإهانة والسخرية أو تحديد حرية الحركة خارج المنزل، أو المجتمع، بالرغم من أن هذه القضايا شديدة الأهمية في حياة النساء في تشاياباس، وعادة ما تقترن بالتهديد بالعنف الجسدي (۱۰). وتم التطرق للعنف الجسدى فى الغالب عندما كانت النساء يشرن إلى نصائح ما قبل الزواج سواء التي تلقينها أنفسهن أو أعطينها إلى غيرهن. وعندما طلب منهن تعريف الزوج / الزوجة الجيد أو السئ،غالبًا ما كن يدرجن وجود العنف أو غيابه في التعريف.
وعبر اللقاءات قمنا بتحديد ١١٥ حادثة عنف، سواء عنف فعلى أو تهديد بالعنف الجسدي أو الجنسي. وقد أشارت النساء إلى 35% من تلك الوقائع تلقائياً، دون أن تشير الباحثات لموضوع العنف. فعلى سبيل المثال عندما سألت النسوة عن علاقاتهن سواء داخل أسرة الأهل أو أسرهن الخاصة، أفادت بعض النسوة أنه كان هناك عنف في علاقة أبويهن، أو فى علاقتهن الخاصة مع أزواجهن. أما باقي الأحداث فقد تم وصفها أثناء حكى القصص والسرد. أو فى الاستجابة للأسئلة الخاصة بالعنف.
تنقسم الإفادات عن الأحداث الى أربعة أقسام: خصائص الحدث،الأسباب المدركة للحدث،العواقب المدركة لأحداث العنف، والاستراتيجيات والحلول المدركة للتعامل مع العنف.
خصائص الأحداث:
تم تمييز كل حدث عنيف وفقًا لطبيعة العنف من الذي وقع عليه العنف،ومن الذى أوقع العنف. شملت طبيعة العنف: اللكم،الرفس،شد الشعر،الصراخ،في ٧٤ من ١١٥ حادثة المشار إليها سابقًا. والعلاقات الجنسية القسرية في ٣٥ حدث، والتهديد بعمل أي مما سبق في الـ ٦ أحداث الباقية. وقد وصفت بعض النساء موجات من العنف أثناء الحمل والولادة وفترة النفاس. ١٤ حدث من الـ ۱۱٥ التى تم ذكرها هي تجارب عاشتها النساء المشاركات فى البحث شخصيًا، ١٤ أخرى تجارب حدثت لأهلهن،أو أقاربهن أو أصدقائهن،أو جيرانهن. أما باقى الحوادث الـ ۸۷ فكانت عن شخصيات افتراضية، أو الناس أو النساء بصفة عامة. ولأن اهتمامنا كان منصبًا على إدراك النساء للعنف، وليس مجرد التجارب الفعلية التي مررن بها فإننا لم نفصل بين الحالات الافتراضية والحالات التى تمت الإفادة عنها أو التجارب الشخصية أثناء إجراء تحليلنا. وباستثناء ٢% من الحالات كان من يمارس العنف هو الزوج أو الشريك الحالي للمرأة التي عانت من العنف. “أعرف حالة كان الزوج يتعاطى الخمور وعندما يعود للمنزل ثملاً ومنتشيًا.. يضرب زوجته ويشد شعرها، بل ويطردها خارج المنزل. لقد كان يركلها“. “يأتى زوجى إلى المنزل ويمارس أشياء قبيحة.. يرمى ويركل كل شئ أمامة“.
إدراك النساء لأسباب العنف:
تحدثت النساء عن كل من أسباب السلوك العنيف بشكل عام، وعن ما يعتقدن أنه استثار كل حدث عنيف. وقد تم ذكر الأسباب فى ٦٤ من ١١٥ حدث السابقين،وكثيرًا ما كان هناك أكثر من سبب. وفي الغالب كانت الأسباب مرتبطة بمزاعم حول تجاوز المرأة لدورها، أو أفعالها المستفزة، أو سلوكها السيئ أو تقصيرها في دورها كزوجة.( في ٢٩ حدثًا من ٦٤ )
– “للزوج الحق فى أن يضرب زوجته إذا ارتكبت بعض الأخطاء….. مثلاً لأن الطعام ليس جاهزاً في موعده، أو لأن المدفأة لم تكن معدة عند عودته من عمله.”
– “استطاعت الداية أن تولدني، لكن الوليد كان قد مات بالفعل قبل الولادة. لذلك قال زوجي أننى أنا التي قتلته قبل حتى أن يولد………. وبعدها كان يضربني.”
شملت التجاوزات الأخرى تمرد،المرأة، وخيانتها سواء كان ذلك حقيقياً أو مجرد شك. وبنفس القدر أشارت النساء إلى أن تعاطي الكحوليات عادة ما تتبعه أحداث عنف. وقد شرحت بعض النساء كيف أن الخمور تجعل الرجال يشعرون بالفوقية، فيستعرضون هذه الفوقية من خلال العنف الجسدي.
تعزى كثير من النساء سلوك الرجال العنيف إلى الذكورة ( الماشيزمو Machismo ) (١٩ من 64) فهن يعتقدن أن الرجال يتصفون بالعنف ببساطة لأنهم رجال. وأوضحت إحدى النساء أن الرجال يستخدمون العنف ليضمنوا أن تسير الأمور وفق هواهم، وبطريقتهم، ورأت أخرى أن الرجال يحبون أن يضربوا،كما أن ضغوط الناس الآخرين يمكن أن تحرض الرجال على العنف.
– “عشيقة الرجل تطلب منه : اترك زوجتك أو اذهب إلى البيت واضربها، حتى تتركك وتستطيع أن تتزوجني.”
في هذه المنطقة تمثل النميمة شكلاً من الضغوط الاجتماعية القوية. أفادت النساء أن الإشاعات حول سلوك امرأة ما وخيانتها لزوجها، يمكن أن تجعل رجلاً آخر يشك في زوجته متوقعًا منها سلوكًا مماثلاً ويقوم بضربها. الغيرة أيضًا غالبًا ما تحفز السلوك العنيف عند الرجل
– بعض الرجال أجلاف.. كل ما يفعلوه هو أن يضربوا المرأة. وأكثر من أى شئ آخر توجد الغيرة المفرطة الغيرة مرض….. أفادت ثلاث نساء بأن العنف يمكن أن ينشأ من عدم التفاهم داخل العلاقة، ورأت إحدى النساء أن انعدام المسئولية عند الرجل كسبب للعنف :
– ” يسيء الأزواج معاملة زوجاتهم لأنهم لا يعرفون كيف يعولون أسرهم.”
وقد يبدو في نهاية الأمر أن العنف يمكن تبريره أو شرحه بطرق عديدة. فالرجال يمارسون العنف لأن لديهم نقود،أو لأنهم يفتقرون إليها، أو لأنهم يتعاطون الخمور يسكرون،أو لأن النساء لا يقمن بواجباتهن كزوجات، أو لا ينجبن أطفال، أو لأنهن غير مطيعات، أو أن الرجال معتدون ببساطة لمجرد كونهم رجال.
حددت النساء العديد من العواقب الجسدية والنفسية المترتبة على العنف فى ٥٥ حدثًا من ال ١١٥. أكثر العواقب النفسية التي تكرر ذكرها هى الشعور بالغضب،الإصابة بالتعب بسهولة،المعاناة، النفور من الزوج المعتدى وغياب المتعة الجنسية معه. تلى ذلك بدرجات أقل عواقب نفسية أخرى الحزن، الخوف، الصدمة النفسية، التوتر العصبى، القلق، الإحباط، الهم، اليأس والندم.
– “لقد عانيت من كل هذا مع زوجى وأخيراً انفصلنا لأنه جعلنى أجن تماماً. كنت دائمًا أعانى من الحزن، وأبكي في كل يوم.. كل يوم”
– “المرأة التى تعرضت للعنف تكون مصدومة ومجروحة تترقب بخوف عودة زوجها،أن يجبرها على ممارسة الجنس معه،وأن يقوم بضربها “.
– إن المرأة التي تجبر على ممارسة الجنس، لن تحس بالمتعة أبدًا. ستحس دائمًا بأنها مجرد شيء يتم استخدامه“.
أما العواقب الجسدية للعنف التي ذكرتها النساء فقد شملت الاحساس بالمرض والالتهابات،والكدمات والإصابات، يليها الحمل غير المرغوب فيه، والأمراض المنقولة جنسيًا، والأورام، ثم الموت.
– “إنهن يسرن وقد فقدن أسنانهن والكدمات الزرقاء والسوداء تنتشر على أذرعهن “تتدهور معنوياتها، وتعتقد أن رجلها لا يحبها…. ومن الممكن أن تحمل رغماً عنها…….” “أعرف امرأة كان زوجها يعود الى البيت ثملاً ويضربها.. ومن يعرف ماذا كان يحدث لها أيضًا……. رجل كهذا لا يفكر أبداً فيما يفعله ويحدث الكثير من المشاكل في رحم المرأة ” “ربما تحمل المرأة.. ويولد الطفل وبه شئ خطأ” في حالتين اعتقدت النساء أن التعرض للضرب بقسوة من الممكن أن يسبب أورامًا، وفى حالتين أخريين أشرن إلى أن العنف من الممكن أن ينتج عنه وفاة المرأة الضحية.
– “قرر الأطباء أن جارتى ضربت في أسفل معدتها… وتحول مكان الضرب الى سرطان…. وماتت.”
كما ناقشت عديد من النساء عواقب العنف بالنسبة لباقي أعضاء الأسرة. فعلى سبيل المثال، قالت امرأة عايشت العنف الجسدى بين والديها :
– “عندما ترين أمك تضرب ويعتدى عليها….. فإنك تشعرين باستياء وغيظ تجاه والدك“
استراتيجيات التعامل مع العنف:
تحدثت المشاركات فى الدراسة عن مختلف الاستراتيجيات للتعامل مع العنف، وجميعها يمكن تصنيفها تحت أى من البنود التالية :
– ترك المعتدى
– تحمل العنف والصبر عليه
– الدفاع عن النفس
وقد تمت الإشارة إلى واحدة أو أكثر من الاستراتيجيات الثلاث بنسب متماثلة تقريبًا فى ٦٣ من ۱۱٥ حدث. يعتمد اختيار استراتيجية ما على كيفية إدراك أسباب العنف،وما إذا كانت المرأة تحب شريكها المعتدى أم لا؟ وهل لديها أطفال منه أم لا ؟ هل هي معتمدة اقتصاديًا عليه؟ هل هي متزوجة منه أم لا ؟ ومدى وجود شبكات اجتماعية تدعمها بما فى ذلك الدعم من والديها.
– “في السابق كانت النساء يتحملن العنف ودائمًا ما كن يفعلن ما يطلب منهن. أما الآن فإن على النساء أن يتخذن قراراتهن. قد يطلقن في بعض الأحيان، وأحياناً أخرى يعدن إلى منازل ذويهن “أحيانًا يهجرن أطفالهن، ويتركونهم مع الزوج لأنهن لا يستطعن إعالتهم. وبعض النساء الأخريات لا يتركن أزواجهن إذا كان لديهن أطفال منهم“.
تختار النساء تحمل العنف للعديد من الأسباب: “لو ارتكبت خطأ فإنها يجب أن تبقى في المنزل وتنتظر الزوج وتفعل ما يطلبه أيًا كان“.
– “إنهم يضربوننا لأننا أخطأنا، ويجب علينا أن نطيع“.
– “إذا أحبت المرأة زوجها، حتى إذا كان يعتدى عليها أو يسئ معاملتها فلابد لها أن تصبر على العنف وتتحمله.”
– بعض النساء يجب أن يكن قويات، لأنهن بالفعل قد تزوجن ولا يمكنهن العودة إلى منازلهن“.
الاحتمال الثالث، وهو الدفاع عن النفس أو مقاومة العنف بدون ترك الرجل، يمكن أن تتعدد أشكاله: بدءاً من الجرى والاختباء من المعتدى، إلى المقاومة الجسدية. كما تمت الإشارة إلى طلب المساندة من الأبوين أو الأقارب الآخرين،أو التدخل القضائي.\
– ” تعود إلى المنزل.. وتخبر أمها عن سبب عودتها. أحيانًا تساعدها الأم أو الأسرة….. إنهم يتحدثون إلى الرجل وأحيانًا يقسم بأنه لن يعود إلى مثل ذلك مرة أخرى………
– “بعد المرة الثالثة التى يضرب فيها الرجل امرأته،تستطيع المرأة أن تسجل محضراً ضده. فيقبضون عليه ويوضع فى السجن، ثم يأمره القاضي أن لا يضربها ثانية، ويفرج عنه.
لقد حاولنا أن نربط بين إدراك النساء لأسباب أحداث
جدول رقم (1)
الأسباب والاستراتيجيات |
||
أفعال مقاومة غير صريحة |
أفعال مقاومة صريحة |
|
7 أحداث 16% |
10 أحداث 23% |
رؤية الصحية كجزء من سبب العنف |
15 حدث 35% |
11 حدث 26% |
عدم رؤية الصحية كجزي من سبب العنف |
العنف وبين الاستراتيجيات التي اقترحنها للتعامل مع هذه الأحداث. وقد تم تصنيف الأسباب وفقًا لإدراك النساء لها إلى:
أ ) أسباب تتعلق بسلوك المرأة الخاص مثل الاستفزاز وارتكاب والأخطاء، والتجاوز
ب) عوامل خارجية مثل تعاطى الخمور،الغيرة،الذكورة،الضغط الاجتماعى، وعدم تحمل المسئولية.
أما الإستراتيجيات – وفقًا لإدراك النساء لها – فقد صنفت كما يلي:
أ ) المقاومة الصريحة كالدفاع عن النفس، مقاومة المعتدي أو تركه.
ب) أفعال مقاومة غير صريحة: أي تحمل الموقف، في حالة إدراك سلوك المرأة كسبب العنف. عادة ما يتم اقتراح استراتيجية التحمل، بينما في حالة عدم وجود صلة بين سلوك المرأة والعنف الممارس ضدها كان هناك ميل للمقاومة أو ترك الشريك المعتدي (جدول ۱)
الخاتمة
يكتسب منهج البحث وإستراتيجيات التحليل التي تسمح لنا أن نتعرف على إدراك وتصورات النساء اللاتي تعرضن العنف أهمية محورية فى تطوير التدخلات التي من الممكن أن تساعدهن على مواجهة ومنع العنف الأسرى والجنسي بنجاح أكبر.
لقد تضمنت العديد من أحداث العنف التي ناقشناها أعلاه ليس فقط الضرب والركل ولكن أيضًا الجنس القسرى مسببة إصابات نفسية وجسدية خطيرة. وحقيقة أن المعتدى في معظم تلك الأحداث كان هو الزوج أو الشريك، هو بحد ذاته مؤشر علي أنها لا تستطيع أن تعتمد عليه – شريكها في عملية الإنجاب – في أن يعني بصحتها الإنجابية، أو يحترمها. وفى كثير من الأحوال يحول إحساس المرأة بالذنب – لكونها هي السبب المباشر وراء حدث العنف – عن طلب المساعدة، أو الدفاع عن نفسها أو مقاومة العنف. وتكشف الإستراتيجيات التي اقترحتها النساء للتعامل مع أحداث العنف في الغالب غياب المبادرة،وعدم القدرة علي التحكم، وغياب شبكة الدعم التي بإمكانها مساعدتهن علي ترك الوضع الذي يمثل خطورة علي صحتهن وسلامتهن.
يمكن تعريف الصحة الإنجابية بأنها كل الأمور المتعلقة بالصحة والتى يعتمد تعريفها على علاقتها بالنوع الاجتماعي (الجندر). يمثل العنف الأسرى والجنسي مشكلة بالنسبة للصحة الإنجابية لأنه غالباً ما يرتبط بالحمل،والولادة، والإخلاص، والأمور الجنسية. بالإضافة إلي أن العنف والتهديد بالعنف يوفران بيئة تساعد على تقويض إمكانيات النساء فى التماس الرعاية،وتشدد من التحكم الذي يمارسه الرجال ضدهن. والواقع أن العنف الجسدي والجنسي، واحتمال حدوث مثل هذا العنف هو من أكبر العوائق أما تحقيق المساواة النوعية في مجتمعنا.
نشكر هيئة التدريس في مركز الكوميتان لأبحاث الصحة وخاصة ,باتريشيا دى ليون، إيميلدا مارتيز،مارتا باريوس،كسافير فلورس وجيسيلا سيجنوفيش،اللذين قاموا بعمل المقابلات ميجول سوازنافار وأولجا مونتيجو الذين سجلوا ونسخوا المقابلات ولندا هانت،جلوريا كاريجا، سولیداد جونزاليز،جوان كاروس. هيرنانذر،إسبيرانزا تينون ورلاند تينوكو، الذين قدموا لنا دعمًا نظريًا وتقنيًا. والمزيد من الشكر أيضًا أوستريبيرتا نازار في كلية فرونيترا لتدعميها لنا.
* مايو 1996، ص 122
– تم تمويل هذه الدراسة عن طريق منظمة فورد
1- Instituto Nacional de Estadistica Geogrofior e Informatica, 1990. Resultados Preliminares, XI Censo
General de Poblacion y Vivienda. Aguascalientes, Mexico.
2- Instituto Nacional de Estadistica Geografia e Informatica, 1990. Resultados Definitivos, Tomo III,
Tabulados Basicos, XI Censo General de Poblacion y Vivienda. Aguascalientes, Mexico.
3- Instituto Nacional de Estadistica Geografia e Informatica, 1990. Resultados Definitivos, Tomo 11,
Tabulados Basicos, XI Censo General de Poblacion y Vivienda. Aguascalientes, Mexico.
4 – Sanchez Perez HJ and Halperin Frisch D, 1995. Retos a superar en el control de la tuberculosis
pulmonar en la Region Fronteriza de Chiapas, Mexico. (Unpublished paper)
5 – Lenero Otero L and Elu MC, 1993. La Salud Reproductiva de la Mujer en Chiapas, Mexico:
Reflexiones y Recomendaciones. Instituto Mexicano de Estudios Sociales, Servicios Integrales de
Educacion y Salud, Mexico.
6- Mestizas (members of the non- indigenous population) are commonly referred to in Chiapas as Ladinas.
7-Utilising the same interview guide, a male interviewer conducted interviews with ten men in the
same region. However, it became clear that a study designed especially for men would be necessary to
adequately explore reproductive health from the men’s perspective. Therefore, the data presented in this
article are limited to our experience with women only.
8- Pilotỉng of the study within indigenous communities proved our instruments to be inappropriate,
not only due to the difficulty of translating into Tojolabal and Tzeltal (che two Mayan languages spoken
in the region), but also because the Mayan cosmovision provides very different models of health and
well-being than that of the Ladino population. A study specific to this Mayan population began in July
1995.
9- The presence of others during the interview did not seem to inhibit discussion of violence, as seven
of the 14 worn en interviewed in the presence of non-infant children and/or adults mentioned physical
and sexual violence spontaneously; I1 of the 14 responded to the interview questions on violence; and
two discussed their own personal experiences as victims of such violence.
10- Ferreira G, 1992. El libreto del. hombre violento. Hombres Violentos, Mujeres Maltratadas: Aportes
a la Investigacion y Tratamiento de un Problema Social. Ediciones Sudamericana,
Buenos Aires