الفتيات في تعليم العلوم: عن أشجار الأرز والفاكهة

تاريخ النشر:

2009

ترجمة:

كتابة:

الفتيات في تعليم العلوم: عن أشجار الأرز والفاكهة (*)

ترجمة: سامح سمير**

لو أردت أن تربح في عام واحد ازرع أرزًا، في عشرة أعوام ازرع أشجار فاكهة، في مائة عام علم النساء.

مثل صيني قديم

مقدمة:

سأحاول في هذا المقال أن أستكشف الأسباب وراء ضآلة أعداد الفتيات اللاتي أقبلن على العلم وامتلكن الدافع لدراسته في المدرسة، ومن ثم الاشتغال بمهن ذات طابع علمی.

سوف أبدأ بمنظور تاريخي وسوف أقدم تفسيرات وثيقة الصلة بالوقت الراهن لعدم تمكن الفتيات، بصورة عامة، من تحقيق إنجازات في المساعي العلمية مكافئة لإنجازات أشقائهن الذكور.

سوف آخذ أيضًا بعين الاعتبار التغيرات حديثة العهد التي شهدتها سياسة تدريس العلوم، وأستكشف الوعود التي تحملها لمستقبل الفتيات في مجال العلم.

رکزت معظم البحوث التي أجريت في العقود الأخيرة والمتعلقة بمسألة الفتيات والعلم اهتمامها على العلم في التعليم الثانوي. وبالرغم من أن التمويل المخصص لجميع الأبحاث في هذا المجال كان ولا يزال ضئيلاً للغاية، وبالرغم من أن معظم المعلمين والباحثين المهتمين بهذا المجال مجبرون على العمل في أوقات فراغهم وبميزانيات محدودة للغاية، فإن العمل الأحدث والأكثر إثارة قد أنجز مؤخرا في ميدان التعليم الابتدائي وهي المنطقة التي سوف أبدأ منها بغية تقديم منظور أفضل لما يحدث للفتيات في المدرسة الثانوية. سوف أقوم أيضًا بإلقاء نظرة سريعة على تدريس العلم في بلدين غير صناعيين بغرض توسيع مجال النقاش وطرح منظور بديل، فبرغم التباين الكبير في وضع و ظروف تدريس العلوم تلك السائدة في بريطانيا ومعظم البلدان الأوروبية الأخرى، توجد بعض المشاكل عن والصعوبات المشتركة.

 

إن تدريس العلم في المدارس الابتدائية ظاهرة جديدة إلى حد ما.

فحتى عشرينيات القرن العشرين كان كم العلم الذي يدرس للفتيات والفتيان قليلاً أو يكاد ينعدم، وعلى كل حال لم تتعد نسبة الفتيات اللاتي كن يترددن على المدارس بانتظام 30 %. في هذا الوقت تقريبًا بدأ إدخال العلم في صورة تاريخ طبیعی.

الجزء الأكبر من التعلم كان يتم بطريقة الاستظهار، وقد افتقر الكثير من المدرسين الذين استخدموا هذه الطريقة إلى فهم المبادئ العلمية الأساسية، وبالفعل تم حظر تدريس العلوم بشكل خاص في بعض المدارس. وقد توجب الانتظار حتى منتصف القرن التاسع عشر ليصبح تدريس قدر من العلم إجباريًا في عملية تأهيل المعلمين.

حتى ذلك الوقت لم يكن كم العلم الذي يدرسه الفتيان أو الفتيات كبيرًا. ومع ذلك ظل الفتيان يحصلون على قسط أوفر من التعليم حيث كان الرأى السائد يذهب إلى أن الغرض من تعليم الفتيات هو إعدادهن ليصبحن كائنات نافعة اجتماعيًا (مع ذلك لم يحظ هذا الرأى بقبول نساء ذلك العصر حيث فاقت أعدادهن أعداد الرجال في اجتماعات الرابطة البريطانية لتطوير العلوم في ثلاثينيات القرن التاسع العشر).

مؤخرًا، حقق تدريس العلم تقدما مهما و يتم في الوقت الحاضر تشجيع المعلمين لتبني أسلوب في تدريس العلم يتسم بانفتاح الذهن والتساؤل والتمحور حول الطفل. لكن من ناحية أخرى يضع هذا النهج متطلبات ضخمة على عاتق المعلمين ويقتضيهم أن يكونوا على ثقة من معرفتهم العلمية.

والحال أن كلاً من الطفل ومعلمي المدارس الابتدائية لا يزالون غير مؤهلين جيدًا لتبني هذا النهج، وقد كشف تقرير حديث أن أقل من نصف معلمي المرحلة الابتدائية قد درسوا العلم بعد سن الثالثة عشرة وأن أقل من 10% من هؤلاء الذين يدرسون لأطفال في عمر العاشرة كان العلم هو المادة الأساسية في دراستهم المؤهلة (ملحق التعليم بجريدة التايمز، 1989).

(في الفترة من 1990 إلى 1993 قام قسم التعليم والعلومبتخصيص اعتمادات مالية لعقد دورات تدريبية أثناء الخدمة لمدرسي المرحلة الابتدائية لإكسابهم المعارف العلمية الأساسية. هذا التمويل بالكاد يكفى نفقات تدريب معلم واحد في نصف المدارس الابتدائية في إنجلترا و ويلز).

إن الكيفية التي تطورت بها المواقف خلال الأعوام لها أهمية كبرى.

وکما تكتب نایا براون:

مع بدء العمل بالمقرر الوطني وتحديده للعلم كإحدى المواد الثلاث الرئيسية والتكنولوجيا كإحدى المواد السبع الأساسية يصبح الإعداد لتدريس هذه المواد في الأعوام الدراسية الأولى أمرًا حيويًا حيث تبدأ تتشكل أفكار حاسمة حول مدى ملاءمة تدريس العلم والتكنولوجيا للفتيات خلال تلك الأعوام المبكرة وحيث يسهل تقويض حافزهن للتعاطي مع هذه الأجزاء من المقرر (براون 1991).

حتى وقت قريب، وقبل أن يصبح العلم مادة إجبارية في التعليم الابتدائي، كان يعتقد أن تقديمالعلم للفتيات في المدارس الثانوية قد يحل المشكلة حيث سيكون بمقدورهن التعاطي مع العلم على قدم المساواة مع الفتيان.

ومع ذلك، وكما ندرك الآن، فإن تقديم المواد الدراسية نفسها للفتيات والفتيان في سن 11 أو 13 لا يعالج هذا الاختلال في التوازن وذلك بسبب تعرض الفتيات لـ المقرر الخفيالذي يؤثر في دافعهن وفيما بعد على قرارهن بشأن الاشتغال بالعلم.

هذا المقرر الخفيفي المدارس الابتدائية يشمل شبكة معقدة من الافتراضات والإجراءات المسلم بها والتي يمكن مقاومتها فقط شرط توافر قدر كبير من الوعي واليقظة لدى المعلمين ومستشاري السلطة المحلية. على المعلمين أن يدركوا أنهم وسائط قوية للتنشئة وأنهم يجلبون معهم منظوراتهم الخاصة المكتسبة ثقافيًا.

لقد لوحظ أن تقديم المعلومات لا ينتج عنه بالضرورة تغيير في المواقف مهما توفر لهذه المعلومات من وثاقة وقدرة على الإقناع. لإحداث تغيير، على هؤلاء القائمين على تأهيل المدرسين والمدرسين أنفسهم أن يواجهوا مواقفهم وإدراكاتهم وأن تتاح لهم الفرصة لتحديها وتغييرها.

من الممكن إذن إمداد المعلمين بذخيرة من المهارات والإستراتيجيات تمكنهم من التعاطي مع قضية عدم المساواة بين الجنسين.

داخل حجرة الدراسة، أظهرت الدراسات التي أجريت على سلوك الأطفال أثناء الأنشطة التركيبيةتلك التي تتضمن محتوى علميًا أو تكنولوجيًا أو رياضيًا مرتفعًافروقًا ملحوظة بين الفتيان والفتيات على سبيل المثال يستخدم كل من الفتيات والفتيان الليجو بطرق جد متباينة، ويظهرون أثناء اللعب ميلاً كبيرًا للبقاء مع زملاء من النوع نفسه.

في دراسة حديثة تصرح برن (1989):

من الممكن أن تستخدم الألعاب، وتستخدم فعلاً، لتدعيم الامتثال للأدوار المرتبطة بالجندر. لقد أظهرت لعبة الليجو أن الفتيان من سن السادسة إلى السابعة، يبدون استعدادًا أكبر للأنشطة الموجهة لإنجاز المهام وأنهم قد طوروا، بشكل مستقل، مهارات تركيبية ونماذج قبلخططية أكثر رقيًا. بالمقابل تنظر الفتيات إلى الليجو كلعبة تخص الفتيان بالأساس كما أن نماذجهن أكثر بساطة من حيث التصميم وغير مندمجة في ألعاب الخيال. كما يبدو أن مقدار الإشباع الذي يحصلن عليه من أنشطة كتلك محدود للغاية. أخيرًا، في الفترة ما بين سن الخامسة والتاسعة يغدو الانفصال بين الفتيان والفتيات ملحوظًا بصورة أكبر وكثيرًا ما يتعرض الأعضاء من الجنس الآخر، في ألعاب مجموعات الأنداد، للسخرية في حال عدم توافقهم مع التوقعات الخاصة بالجندر.

طبقًا للدراسة، لا يتأثر اختيار الأطفال لنشاط ما بمدى اهتمامهم فقط ولكن أيضًا بمقدار الثقةغالبًا ما افتقرت الفتيات اللاتي مارسن لعبة الليجو إلى الثقة، والأمر على خلاف ذلك تمامًا بالنسبة للأولاد. نادرًا ما تختار الفتيات لعبة تركيب عند دخولهن قاعة الدرس للمرة الأولى، في حين أن الفتيان غالبًا ما يفعلون. تبنت الفتيات إستراتيجيات متنوعة ليتمكن من اللعب مع الفتيان وبألعاب الفتيان وانتقصن من أنفسهن بتبني أدوار خانعة أو باللعب بشروط الفتيان. وفي بعض الأحيان توافرت للفتيات الثقة الكافية للانضمام الى ألعاب الفتيان واللعب بشروطهن الخاصة (ص 146).

في دراسة أخرى (سكياتون A 1989) أتاح المعلمون للأطفال أن يختاروا من بين أنشطة ترتبط كلها بتيمة البيت“. قام المعلم بتقديم النشاط ثم ترك الأطفال ليواصلوا. اختار الفتيان أن يبنوا دائرة كهربائية لبيت الدمية في حين اختارت الفتيات أن يصممن رسمًا زخرفيًا للستائر. ومع ذلك، ودت بعض الفتيات لو اشتغلن في الدائرة الكهربائية ولكنهن قلن إن الأولاد قد سبقوهن إلى هناك.

في بعض الأنشطة الأخرى التي عرضت على الصف الدراسي نفسه عزفت الفتيات عن أنشطة التركيب (صنع منضدة لطائر) لأن هذا كان يقتضى العمل مع مجموعة من الأولاد. تلك ليست وقائع منعزلة. كثيرًا ما تقود ملاحظة طريقة استعمال الفتيان والفتيات للموارد المتاحة في حجرة الدراسة إلى نتائج مشابهة. إن منهج الفرص المتساويةفي تدريس العلم کا سبق ووصفناها لا يضمن أن يحصل الأولاد والبنات على خبرة تعلم العلم نفسها.

أن نتجاهل الجندر معناه ببساطة أن ندعم التنميط لأننا بهذا لا نفعل شيئا لمقاومة إلصاق صفة الذكورة أو الأنوثة ببعض جوانب المقرر.

يجلب الأطفال (والمعلمون) معهم تأثيرات التنشئة إلى حجرة الدرس وهذا بدوره يؤثر على كيفية تعاطيهم مع التدريس ومع الموارد المتاحة بالمدرسة.

قامت بعض المدارس بإدخال نظام ساعة الفتياتفي فصول الحضانة بغية مكافحة نقص ثقة الفتيات في الألعاب التركيبية يتاح للفتيات أثناء تلك الساعة، في غياب الفتيان، فرصة استخدام تشكيلة من الموارد بدون قيد أو شرط. تساعد هذه الاستراتيجية على تعزيز ثقة الفتيات في قدرتهن على استخدام الموارد، كما يستخدمنها بطريقتهن الخاصة: لا يصنعن أشياء كتلك التي يصنعها الفتيان ومع ذلك يمكن أن يكون لهذه الأنشطة القيمة نفسها في تطوير قدراتهن الفراغية. إن تطور القدرات الفراغية مرتبط بتزايد القدرة الرياضية، ومن الشائع أن يعثر المرء على فتيات يتفوقن على الفتيان في الرياضيات في المرحلة الابتدائية. بمقدور إستراتيجيات تدخل كتلك أن تزيد من ثقتهن في واهتمامهن بالألعاب التركيبية دون أن يكون لذلك أي تأثير ضار على الفتيان.

إن النهج التعليمي المفضل لدى القائمين على تعليم المعلم في الوقت الحالى هو التعليم ذو النهاية المفتوحة والمتمحور حول الطفل. يتوخى هذا النهج أن يعامل الطفل كإنسان فرد، وأن يشرع في تعليم كل طفل انطلاقًا من نقطة بدايته/ ها الحالية وأن يدع للطفل حرية تحديد المسار الذي سوف تسلكه أي موضوعة معينة.

ينبثق عن هذا النهج رؤية مفادها أن التنميط المتعلق بالجندر لا يمثل أي مشكلة لأن ما يعول عليه أثناء التدريس هو احتياجات الطفل الفرد، من ناحية أخرى لا يأخذ هذا المنهج في الاعتبار علاقات القوة المتعلقة بالجندر التي توجد داخل حجرة الدرس ولا كم التنميط الذي يتعرض له الأطفال خارج المدرسة.

لا أود أن أدعى أن هذا النهج ليس لديه سوى القليل ليساهم به لأني أعتقد بالأحرى أنالانطلاق من النقطة التي يوجد عندها الطفليعد بمثابة بداية ممتازة، ومع ذلك فالبحوث الحالية وما يتمخض عنها من مصادر تدريس والتي يتم إنتاجها من هذا المنظور تفتقر (فيما أرى) إلى البعد الضروري المتعلق بالجندر.

بدأ الاهتمام في الآونة الأخيرة يتوجه بشكل كبير إلى خلق سياق ملائم لتعليم الأطفال، وهو الأمر الذي كانت له بعض الانعكاسات على الاختبارات التي تجرى للأطفال في سن 7، 11، 13، و 16 كجزء من المقرر الوطني. إن وضع أسئلة وإقامة أنشطة ترتبط بخبرة الطفل الخاصة هي طريقة جيدة لتشجيع الأطفال على التعاطي مع هذه الأسئلة أو الأنشطة. عندما يكون السياق أكثر ملاءمة لرؤية الفتيان للعالم منه لرؤية الفتاة سيكون لذلك نتائج كارثية على تحصيل الفتيات كما تقيسها مستويات التحصيل الخاصة بالمقرر الوطني. ومع ذلك، فهذه منطقة بالغة التعقيد وطبقًا لما جاء في تقرير صادر عن وحدة تقييم الأداءفإن:

من الممكن العثور، في معظم جوانب إطار التقييم، على أمثلة لفروق الأداء المرتبطة بالجندر. لا يمكن تفسير هذه الفروقات بـ (سبب مفرد )….. يمكن بالأحرى العثور عليها في الاشتغال المعرفي والعاطفي والاجتماعي وغالبا ما يستحيل الفصل بين تأثير معين وباقي التأثيرات“.

بشكل عام لا يتطرق المقرر الوطني إلى قضية الفرد المتساوية في مجال العلم بالرغم من أن الخطوط الإرشادية غير الملزمةالصادرة عن مجلس المقرر الوطنيقد حاولت بشكل ما أن تفعل ذلك عندما أوضحت:

هناك فئات من الطلاب الذين، بحسب معلميهم وكما أظهر البحث، لم يتمكنوا في الماضي من تحقيق جميع إمكاناتهم في ميدان العلم. تندرج الفتيات ضمن هذه الفئات. وسيساعد المقرر الموحد والمتوازن في القضاء على مشاكل عدم التوازن بين الجنسين في التعاطي مع مناهج العلم النوعي.

ومع ذلك فمن المرجح أن المشاكل المتعلقة بانخفاض مستوى التوقعات لدى الفتيات وخصوصًا في علم الفيزياء سوف تستمر“.

(م. م. و،1989، ص A 9).

وبالرغم من هذا الموقف الشديد الانهزامية فإن المقرر الوطني سوف يضمن أن يدرس الأطفال من 5 الى 16 عامًا العلم، وبالتالي فإن الفتيات اللاتي سبق واخترن الاستمرار في دراسة الأحياء، وأسقطن كل العلوم الأخرى في المرحلة الثانوية، ربما يشعرن الآن أنهن مؤهلات بصورة أفضل لمواصلة دراسة كل العلوم في المرحلة الثانوية، فيما سبق كان الكثير من الفتيات اللاتي يواصلن دراسة العلم فيما بعد سن الرابعة عشرة، يواصلن فقط مع علم الأحياء، حيث سبق واكتسبن بعض المعرفة والثقة بالنفس من جراء التعرض لـ دراسة الطبيعةفي المدرسة الابتدائية.

تضمن الاتجاهات التي تم تطويرها في المستوى الابتدائي أنه، ببلوغ المرحلة الثانوية، سوف تبخس الفتيات قدراتهن وتأتى إنجازاتهن في العلوم والتكنولوجيا والرياضيات دون المتوقع.

يستطيع الفتيان أن يحصلوا على قسط أكبر من وقت المعلم وأن يحتكروا الموارد النادرة في غرفة الدرس. مع بدء العمل بالمقرر الوطني سيتعين على جميع الأطفال في القطاع الحكومي أن يدرسوا مقرر علوم متوازن من سن 5 إلى 16 عامًا، لن يكون بمقدور الفتيات (و الفتيان) بعد الآن أن يسقطن بعض أو كل العلوم في سن الرابعة عشرة. من الممكن اعتبار ذلك بمثابة نتيجة إيجابية للمقرر الوطني. غير أن فحصًا أكثر تدقيقًا لهذه الخطوة قد يظهر أنه ليس لها تلك الآثار المحمودة والتي كنا نرجوها للفتيات. أولاً، هناك نموذجان لمقرر العلوم في المرحلة الأساسية الرابعة (الطلاب من سن 14 إلى 16).

النموذج الذي يؤمل أن يتبعه غالبية الطلاب (نموذج أ) يقضى بتخصيص (زمن المقرر للعلم النموذج بيسمح بتخصيص 12.5 % فقط من زمن المقرر للعلم. هناك مخاوف من أن يتم توجيه الأطفال ذوي القدرات الأدنى والكثير من الفتيات إلى النموذج ب. لن يؤهل النموذج بالطلاب لدراسة العلوم في المستويات أ. التحفظ الثاني على المقرر القومي يتعلق بالقيود التي يضعها على الفتيات. إذا ظل العلم الذي يدرس لهن علمًا ذكورياستكون النتيجة هي استمرار الشعور بالاغتراب لدى الفتيات اللاتي لا يتطابقن مع هذه النظرة الذكورية، ولن يتمكن من تحقيق أي نجاحات فيه ولن يستمتعن به.

وبالرغم من ذلك، وبعد أن عرضنا لتلك التحفظات على المقرر الوطني، يمكننا القول أنه يكفل التوسع في تدريس العلم، كما أنه يتمثل الممارسات المعاصرة الجيدة في ميدان تدريس العلم.

فمثلا تبلغ القيمة النسبية ل هدف التحصيل 1″- سيرورة العلم-50%. حيث ستقوم الممارسات الجيدة في عملية تدريس العلوم بإدماج هدف تحصيل 1″ (تعلم العلوم كعملية، التعلم عن طريق ممارسة العلم) مع أهداف التحصيل الأخرى المرتكزة على الوقائع، ويعتبر هذا بمثابة خطوة إلى الأمام. يساعد التعلم الفعال بدرجة كبيرة في بناء الثقة بالنفس. ولكن، وكما ذكر بينتلي و واتس في معرض تعليقهما على عمل كيللي (1987):

في البدايات الأولى للبحوث في مسألة العلم والفتيات، كان ينظر إلى بناء الثقة كنهج شديد المعقولية. كان يقال إن عزوف الفتيات عن العلم لابد أنه يرجع لقصور ما في إدراكهن للعلم أو للعالم أو لأنفسهن. استتبع ذلك منطقيا القيام بتصميم إستراتيجيات للتدخل بغرض تعزيز ثقة الفتيات بأنفسهن وتصحيح اعتقاداتهن الخاطئة بشأن العلم (كيللي 1987) (بنتلى وواتس، 1989، ص 191).

لم تعد كيللي تعتقد أن قصور الإنجاز العلمي لدى الفتيات يرجع بشكل أساسي إلى نقص الثقة بالنفس و التنشئة الاجتماعية الباكرة. الآن هي تشدد أكثر على الدور الذي تلعبه المدارس والمعلمون في عزوف الفتيات عن العلم، وأقل على الحالة الداخلية للفتيات وتعتقد أنه قد أصبح من الضروري أن يتغير العلم.

تعتقد كل من بينتلي وواتس مع كيللي، أن التعامل مع الفتيات، كما لو أن المشكلة تكمن فيهن، وتصميم مناهج للعلم صديقة للفتياتليس هو الأسلوب الأمثل لضمان أن تحصل النساء على فرص متساوية لفرض أفكارهن على أطر العلم الموجودة (بينتلى و واتس 1989 ص 191-2):

إن تصوير المشكلة على أنها تتعلق بإغراء الفتيات لدراسة العلم قد لا يكون أكثر الطرق الواعدة للتقدم. بالأحرى إن إعادة بناء العلم وبالأخص تدريس العلم بحيث يصبح كلاهما أكثر توافقًا مع خبرات وتفسيرات العالم المألوفة لدى النساء، من شأنها أن تخدم المعلمين بكيفية أفضل (كيللي، 1987).

لقد توصل أليسون كيللى الى هذا الرأى بعد أن أسس وعمل على مشروع الفتيات في العلم والتكنولوجيافي مانشستر من 1979 إلى 1984. كان مشروع الفتيات في العلم والتكنولوجياهو أول مشروع كبير مرتكز على المدارس يتعاطى مع مشكلات التنميط النوعي في المدرسة ويمكن اعتباره مثالاً لبحوث الفعل. عمل المشروع، وبشكل متزامن، على تحسين إنجازات الفتيات في ميدان العلم والتكنولوجبا واستقصاء أسباب ضعف إنجازاتهن.

لقد وجدنا أن الأولاد يتصرفون داخل حجرة الدرس بطريقة تجعل العلم يبدو أكثر ذكورية مما هو عليه في واقع الأمر. المعلمون أيضًا ساهموا في خلق انطباع أن العلم شأن ذكورى إلى حد بعيد. غالبا ما يشير المعلمون، أثناء الدرس الأول، إلى خطورة المعدات والمواد الكيميائية الموجودة بالمعمل، مساهمين بذلك في إدخال الغبطة على الفتيان الذين أبدوا قدرًا كبيرًا من التظاهر بالشجاعة في حصص لاحقة، مثلا عن طريق استخدام المغناطيس في لعبة شد الحبل، ومحاولة إحداث صدمات كهربائية في بعضهم البعض باستخدام بطارية 6 فولت. بالنسبة للفتيات كان لعامل الخطر تأثير محبط بشكل أكبر. يبدو أن كلاً من المعلمين والفتيان قد ساهموادون وعي منهمفي تكوين صورة عن العلم كميدان للمسعى الذكوري، تقصى الفتيات منه وهي الرسالة التي فهمتها وأقرتها الفتيات على الفور (وايت، 1985، ص 81- 2).

يشير أليسون كيللى إلى ذكورية العلم بأربعة معانٍ:

  • اتجاهات المعلمين والتلاميذ.

  • الصورة المعروضة من خلال الكتب والمصادر الأخر

  • يمثل الذكور الغالبية العظمى من الممارسين للعلم.

  • يجسد التفكير العلمي رؤية للعالم ذكورية بصورة جوهرية.

النقطة الرابعة صحيحة إذا ما تمسكنا بمفهوم ضيق جدًا للعلم والتفكير العلمي. إن موضوعات من قبيل التأثير الصناعي والاجتماعي للعلم على الصحة والسكان والبيئة وتسليط الضوء على جمال وتعقد عالم الطبيعة، قد أغفلت بشكل لافت من المقررات المدرسية إلى أن تم إدخالها بواسطة المقرر الوطني. ومع هذا فإن هدف التحصيل المعنى بطبيعة/ فلسفة العلم متاح فقط لطلاب النموذج أو الذي قد لا يشمل، كما أوضحت سابقًا، الكثير من الفتيات. إن هذا لما يدعو للأسف الشديد حيث قد يكون هذا المجال جديرًا بإثارة اهتمامهن.

الفتيات لسن عازفات عن العلم، هن فقط يشعرن بالضجر من نسخته المبتسرة التي يجدنها في المدرسة.

إذن، إذا كان تغيير طريقة تعاطى الفتيات مع العلم لن يحل المشكلة، فكيف نستطيع تغيير العلم؟ هل لدى النسوية ما تقدمه في هذا الصدد؟ وكما تقترح هيلين ويتشر (1985) فإن باحثة نسوية تستقصى عملية تدريس العلم بالمدارس لن تشير ببساطة إلى ضعف إقبال الفتيات على لعبة الليجو مقارنة بالفتيان. ستلاحظ أن:

  • ربما يعزى هذا إلى التباين بين أنماط تنشئة الفتيات والفتيان، ربما تناقش كيفية التصدى لتلك الأنماط وتغييرها.

  • وجود ارتباط بين التمايز في الخبرة وعزوف الفتيات عن النشاطات الميكانيكية والتركيبية بشكل عام، ويؤدي هذا العزوف مباشرة إلى الضعف والتبعية.

  • إن لنقص الخبرات ثلاثية الأبعاد تأثيرًا بالغًا على التطلعات المهنية وبإمكانه أن يقصى الفتيات عن مسارات مهنية تعود حاليا على ممارسيها بالقوة والمكانة في المجتمع كالعلم والهندسة.

  • بإمكانها أن تتدخل بطرق إيجابية للتصدى لهذه الأوضاع والتي تبدو في نظر باحثة غير نسوية، خالية تماما من المشاكل.

عدد ضئيل فقط من معلمي العلم سوف يقبلون بوجهة النظر النسوية تلك. لقد كانت الفكرة القائلة: إن تعليم العلم يتضمن تمرير كتلة من المعارف الخالية من القيم، هي الأيديولوجية المهيمنة والسائدة بين المتخصصين في تعليم العلوم.

وكما تجادل «إيفيلين فوكس كيللر» (بند 1-3)، فإن العلم الحديث كما نعرفه هو ممارسة ثقافية نوعية وتتحدد ماهية العلم الجيدفي حقبة ما بمحددات ثقافية وتاريخية.

عندما تفحص البحوث الاجتماعية المختصة بالعلم عن كثب العملية التي يتم من خلالها تحديد ماهية العلم الجيد فإن ما يتجلى لها هو تشكيلة ونطاق من الممارسات والرؤى والصيغ المتعلقة بالعلم والتي تفوق بما لا يقاس أي وصفات أيديولوجية. بإمكاننا أن نعثر في كل حقبة من تاريخ العلم، في كل مدرسة للعلم، على تنوع خصب من المعاني والممارسات. وفي الحقيقة يبدو أن الأيديولوجيا تعلن عن قوتها بأجلى ما يكون في الدور الذي تلعبه في العملية التي من خلالها يتم انتخاب بعض النظريات والمنهجيات والتفسيرات كممثل للعلم الجيد وإقصاء البعض الآخر (فوكس كيللر، 1986، ص. 174).

يواجه معلمو العلم في البلدان المتخلفة إشكالية مزدوجة. هناك عاملان اجتماعيانثقافيان ينفران الفتيات من الاهتمام بالعلم – الظروف غير المواتية الناتجة عن الضعف العام للاقتصاد (يعاني الفتيان من المشكلة نفسها بطبيعة الحال)، والتمييز الشائع ضد الفتيات في تدريس العلم: توقعات المعلمين وأولياء الأمور المختلفة حيال الفتيات، عدم المساواة في المعاملة بين الفتيان والفتيات داخل غرف الدراسة والتجميع (الرسوم التوضيحية في الكتب المدرسية). إن المعلمين الذين ينجحون في تحفيز الفتيات للإقبال على العلم هم معلمون نموذجيون لديهم غرف دراسية جيدة التجهيز بملصقات على الجدران ونماذج وأجهزة بالمعمل، هذا النوع من البيئات التعليمية غير شائع في البلدان الفقيرة. والوضع في الكثير من البلدان الأفريقية كارثي بشكل خاص.

في سيراليون على سبيل المثال، هناك القليل من التدريس المرتكز على العملية (10% فقط من المعلمين يمارسونه بانتظام) بسبب نقص الوقت والموارد (أمارا، 1990). في ستينيات القرن العشرين كان هناك برنامج كبير للتدخل التعليمي الهدف منه هو نشر التعلم المرتكز على العملية في البلدان الأفريقية إلا أنه أصبح في طي النسيان الآن.

القسم الأعظم من التدريس ينتهج أسلوب الطباشير والكلامالذي عفا عليه الزمن. كل هذا له تأثير مثبط بشكل مضاعف على الفتيات خاصة في المستوى الابتدائي. تصف «جوليا أمارا» غرف الدرس في سيراليون بالجرداء، لا يوجد بها شيء سوى المقاعد والأدراج.

من غير الممكن أن يمارس التلاميذ علمًا حقيقيًا بدون معدات خاصة في المرحلة الابتدائية حيث يعتبر التجريب عنصرًا أساسيًا في عملية التعلم. كثيرًا ما يجد التلاميذ في الدول الفقيرة أنفسهم مضطرين إلى شراء كتبهم الخاصة – وهو الأمر الذي يفوق إمكانات معظمهمكما أن المكتبات الموجودة بالمدارس الابتدائية عددها محدود للغاية. فيما يتعلق بالإمكانات المتاحة، فإن مدارس الفتيات أقل حظًا بصفة عامة من مدارس الفتيان. من بين 16 مدرسة مخصصة للفتيات في سيراليون توجد مدرسة واحدة فقط مؤهلة لتدريس مقرر علوم الصف السادس في حين أن هناك العديد من مدارس الفتيان مؤهلة لتدريس هذا المقرر. جزء كبير من المشكلة يتعلق بالنقص في المواد التعليمية.

في الهند، نساء الحضر بوضع أفضل. وقد شهدت أعداد النساء المؤهلات يتمتع والممارسات للمهن ارتفاعًا كبيرًا. تبلغ النسبة المئوية للنساء العاملات في ميدان العلم 31.4 % وفي الطب 30.4 % كما شهد ميدان الهندسة زيادة في أعداد النساء مقدارها 4% في الفترة ما بين 1976 إلى 1987.

ذلك ومع تبلغ نسبة البطالة بين النساء المؤهلات في مجالي العلم والتكنولوجيا حوالي 50 % ويرجع ذلك إلى أن ظروف العمل كثيرًا ما تقتضى التعامل مع زملاء وعملاء من الذكور والاستعداد للعمل في ورديات ليلية. يتمكن عدد محدود فقط من نساء الهند من تحقيق نجاحات في مستوى الدراسات العليا ونسبة أكبر من ذلك في مستوى التعليم الجامعي. بمجرد أن يتمكن من اختراق حواجز الأفكار المسبقة، يصبح بإمكانهن أن يواصلن بالرغم من كل هذا لا يزال التعليم شأنًا خاصًا بالطبقة الوسطى ومازالت أعداد غفيرة من نساء الريف غير متعلمات (راغوانشی، 1990).

يشير هذان المثالان إلى مشاكل تطوير نظام جيد لتدريس العلم للنساء والفتيات في البلدان الفقيرة. قد يدفع النقص في الموارد، وفى المعلمين المدربين إلى التفكير في نماذج علم بديلة، ولكن حتى نماذج كتلك لا يمكن أن تدرس بطريقة جيدة داخل غرف درس جرداء“.

كان هدفى في هذه المقالة أن أوضح الطبيعة المتعددة المستويات لمشكلة تدريس العلوم للفتيات في المرحلة الابتدائية و الثانوية. إن التطورات الجديدة التي شهدتها سياسة التعليم بالمملكة المتحدة – إدخال المقرر الوطنيوما تلا ذلك من توسيع لنطاق التدريس بعيدًا عن نهج التعلم الفعال المرتكز على المحتوىسوف تسهم بشكل ما في التطرق لهذه المشكلة. ومع ذلك فهنالك العديد من العوامل التي يتعين أخذها في الاعتبار، الأمر الذي ينتفى معه وجود حل أحادي البعد.

بعد مضى تسعة أشهر فقط على إدخاله إلى المدارس تم تعديل المقرر الوطنيحيث وجد أن تدريس 17 “هدف تحصيلأمر غير قابل للتحقق، طبقا للمقترحات التي أوصت بها وزارة الخارجية في مايو 1991، تم إعادة تنظيم حقل العلم في خمسة هدف تحصيل“. لقد تم الإبقاء على هدف تحصيل A”، البحث العلمي، بينما تم استبعاد هدف تحصيل 17″ والذي يتعامل مع الأفكار الاجتماعية والثقافية والتاريخية في العلم. يعتبر هذا الإجراء بمثابة خطوة إلى الوراء بالنسبة للفتيات المهتمات بالعلم، حيث كانت الآمال معقودة على هذا الـ «هدف تحصيل» لتعريف الفتيات بالأفكار العلمية من خلال سياقات الحياة الواقعية.

من كتاب:

(*) Inventing Women:: Science, Technology and Gender, Edited by Gill Kirkup and Laurie smith keller, Cambridge: polity Press, 1992

**مترجم.

اصدارات متعلقة

استفحال المنظومة الأبوية المصرية في انتهاك أجساد القاصرات / القصر
دور قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في تمكين المرأة في مصر
ملك حفنى ناصف
غياب السلام في “دار السلام”.. نحو واقع جديد للعلاقات الزوجية
مطبوعات
نبوية موسى
من قضايا العمل والتعليم
قائمة المصطلحات Glossary
مطبوعات
مطبوعات