الفصل الثاني: ذكرى ما جرى في أزمة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة

التصنيفات: غير مصنف

ذكرى ما جرى في أزمة تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة

نتناول هذا الفصل في ثلاث أقسام القسم الأول: ذكر ما جرى في مجلس الدولة قبل تفسير الدستورية القسم الثاني: ذكر ما جرى في المحكمة الدستورية القسم الثالث: ذكر ما جرى في مجلس الدولة بعد تفسير الدستورية

ونتناول هذا القسم في فرعين:

الفرع الأول: تسلسل النزاع وتطوره

الفرع الثاني: رؤية المركز حول ما جرى

الفرع الأول:

تسلسل النزاع وتطوره:

تصاعدت الخطابات حول ضرورة الانصياع لقرارات الجمعية العمومية برفض عمل المرأة قاضية على زعم أن ذلك هو التجسيد الحقيقى للديمقراطية والعدالة فقد اتجهت إرادة الأغلبية في الجمعية العمومية إلى هذا القرار وبالتالى يجب الرضوخ لها، وقد نجحت هذه الخطابات في إحداث خلافًا كبيرًا فى المجلس الخاص والذي انقلب على قراراته السابقة. ربما يكون من المفيد الرجوع بالأحداث إلى تسلسلها التاريخى حتى نصل للحقيقة، فربما يكون للعدالة وجوه أخرى:

۱ في ٢٤/ 8/ 2009 وافق المجلس الخاص بالإجماع على الإعلان عن قبول تعيين مندوبين مساعدين بمجلس الدولة من خريجى وخريجات كليات الحقوق من دفعتى ۲۰۰۸ – 2009 الحاصلين على تقدير جيد جدًا ومن الخمسة عشر الأوائل.

۲ في ۱٦/ 11/ 2009 وافق المجلس الخاص بالإجماع على إجراء المقابلات اللازمة للتعيين في الوظيفة المذكورة.

3 – وقد اعتمد المجلس الخاص كشوف هذه المقابلات الثابت بها صلاحية عدد من الخريجين والخريجات المتميزين من دفعتی ۲۰۰۸ – ۲۰۰۹

٤ في ۱۸/ 1/ 2010 وافق المجلس الخاص بالأغلبية على استكمال السير في إجراءات تعيين من تقرر صلاحيتهم للوظيفة المذكورة.

5 – انعقدت الجمعية العمومية الطارئة الأولى فى ١٥ فبراير والتي حضرها ۳۸۰ مستشار وانسحب قبل بدأ التصويت رئيس المجلس – صوت منهم ٣٣٤ مستشار ضد عمل المرأة قاضية فى مقابل ٤٢ مستشار قبلوا عملها وامتنع عن التصويت 4 مستشارين فقط.

٦ في ٢٢ فبراير ۲۰۱۰ وبعد انعقاد جمعية عمومية ١٥ فبراير ۲۰۱۰ انقلبت أغلبية المجلس الخاص إلى وقف إجراءات التعيين.

7 – وفى نفس اليوم أصدر رئيس مجلس الدولة قراره رقم ۹۲ لسنة ۲۰۱۰ باستكمال إجراءات التعيين لمن تقرر صلاحيتهم وذلك بعد استيفائهم التحريات اللازمة واجتياز الكشف الطبى تمهيدًا لعرضهم على المجلس الخاص مرة أخرى لاستصدار قرار رئيس الجمهورية بهذا التعيين.

8 – في 1 مارس ۲۰۱۰ انعقدت الجمعية العمومية الطارئة الثانية لمجلس الدولة بحضور 319 مستشار ليس من بينهم أى عضو من أعضاء المجلس الخاص، وانتهت بامتناع ٢ اثنين عن التصويت وموافقة ۳۱۷ مستشار على إرجاء إجراءات تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة، واعتبار الجمعية العمومية فى حالة انعقاد دائم لمتابعة تنفيذ قراراتها.

9 – فى ۱۸ من فبراير سنة ۲۰۱۰ ورد كتاب السيد المستشار وزير العدل، الرقيم ٦٠ م ف سري والمؤرخ في ١٧ من فبراير سنة ۲۰۱۰، بطلب تفسير نصي البند (۱) من المادة ٧٣ والفقرة الثالثة من المادة ۸۳ من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢ ومن الجدير بالذكر أنه لم يعلن عن تقديم هذا الطلب للمحكمة الدستورية إلا فى بداية مارس ۲۰۱۰.

الفرع الثاني:

رؤية المركز حول ما جرى:

منذ صدور قرار الجمعية العمومية 15 فبراير ۲۰۱۰، ثم قرار رئيس المجلس الخاص في ٢٢ فبراير ۲۰۱۰، ثم الجمعية العمومية الثانية فى ١ مارس ۲۰۱۰ لم يتوقف الجدل حول حدود سلطة الجمعية العمومية، ومدى إلزامية ما يصدر منها من قرارات أو توصيات، ومدى مشروعية قراراتها الأخيرة وفى هذا الإطار كان المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد أكد في رؤيته الحقوقية لما جرى آن ذاك – على:

أولاً أن حق المرأة فى تولى الوظائف العامة ومنها القضاء – حق دستورى لا يجوز النيل منه أو انتقاصه تحت أي مبرر.

ثانيًا أن الحقوق والحريات العامة غير قابله للاستفتاء أو التصويت عليها.

ثالثًا – أن الجمعية العمومية لمجلس الدولة اغتصبت سلطة المشرع الذي أناط به الدستور في المادة ١٧٦ تحديد الهيئات القضائية وطريقة تشكيلها على النحو الذي سيلي بيانه.

رابعًا – أنه لم يرد فى قانون مجلس الدولة أى ينص يفيد إلزامية قرارات الجمعية العمومية أو تحصينها وعدم قابليتها للطعن.

خامسًا أن نصوص القانون خلت من أي نص يحظر على المرأة تولى القضاء، وأن رفض عمل المرأة بالقضاء ما هو إلا خلاف فكرى وعقائدى ينظر إلى المرأة باعتبارها لا تصلح لتولى هذه المهمة مستترًا بمبررات الموائمة الاجتماعية

سادسًا على كل أعضاء المجلس الخاص أن يتحملوا كامل المسئولية لأن تباين قراراتهم كان له أبلغ الأثر في زيادة حدة هذه الأزمة.

سابعًا أن قرار رئيس مجلس الدولة ٩٢ لسنة ۲۰۱۰ باستكمال إجراءات تعيين من تقرر صلاحيتهم يتفق وصحيح القانون، وخاصة أن القرار تضمن استيفاء التحريات واجتياز الكشف الطبي ثم العرض مرة أخرى على المجلس الخاص صاحب السلطة في الموافقة على التعيين من عدمه وفقًا لما سلف بيانه بهذا الكتاب.

ثامنًا أن فتاوى شيخ الأزهر ومفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف أكدت منذ ۲۰۰۲ أن الإسلام لا يمانع في عمل المرأة بالقضاء لأنه لم ترد أى نصوص لا فى القرآن ولا السنة النبوية تمانع ذلك، وهناك ١٤ دولة عربية إسلامية تتولى فيها المرأة القضاء منها إيران وباكستان والمغرب وتونس وسوريا والسودان.

تاسعًا أن مناقشة أمور السلطة القضائية ليست حكرًا على القضاة وحدهم لكنها حق للشعب باعتباره مصدر كل السلطات، كما أن قانون المحاماة رقم ١٧ لسنة ۱۹۸۳ في مادته الأولى أكد على أن المحاماة مهنة حرة تشارك السلطة القضائية في تحقيق العدالة وتأكيد سيادة القانون وفي كفالة حق الدفاع عن حقوق المواطنين وحرياتهم، وبالتالي فإن مناقشة مثل هذه الأمور لا يمكن أن تكون بمنأى عن الرقابة الشعبية وعن أرباب مهنة المحاماة الجناح الثاني لطائر العدالة (القضاء الواقف).

الفرع الأول: حجج المعارضين لطلب التفسير

الفرع الثاني: الرد على هذه الحجج

الفرع الثالث: ما انتهى إليه طلب التفسير

بعد صدور قرار رئيس المجلس فى ۲۲ فبراير ۲۰۱۰، واحتدام الصراع بينه وبين غالبية أعضاء الجمعية العمومية والمجلس الخاص، تقدم وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء بطلب للمحكمة الدستورية لتفسير البند 1 من المادة ٧٣ من قانون مجلس الدولة لتبيان ما إذا كان المشرع يشترط أن يكون القاضي رجلاً، وطلب تفسير حدود سلطة الجمعية العمومية لمجلس الدولة في شأن إجراءات التعيين ومدى إلزامية قراراتها للمجلس الخاص، وقد عقدت المحكمة ثلاث جلسات في أسبوع واحد وكان محددًا للمحكمة يوم الأحد الموافق ۱٤ مارس ۲۰۱۰ لإصدار تفسيرها.

الفرع الأول:

حجج المعارضين لطلب التفسير:

اعتبر العديد من قضاة مجلس الدولة مجرد تقديم مثل هذا الطلب للمحكمة الدستورية تدخلا في شئونها ووصفه البعض بمخالفة القانون من شقين:

الشق الأول: يزعم أن قانون مجلس الدولة يلزم جميع الجهات الإدارية بإحالة أي موضوع قانوني يغمض عليها إلى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة وليس المحكمة الدستورية (جريدة الشروق ٦ مارس حوار مع المستشار محمد حامد الجمل رئيس المجلس الأسبق).

الشق الثاني: يزعم أن اللجوء للتفسير يقتضى وجود خلاف بين هيئتين قضائيتين أو تناقض بين الأحكام، وأن مسألة تعيين المرأة ليست من الحالات التي ينظمها القانون للعرض على الدستورية (جريدة الشروق ۲۸ فبراير حوار مع المستشار محمد أمين المهدي رئيس المجلس الأسبق).

الفرع الثاني:

الرد على هذه الحجج:

يرى المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن جميع الحجج التي تعارض طلب التفسير المقدم للمحكمة الدستورية لا تصادف صحيح القانون ليس فقط لأن طلب التفسير استند إلى نصوص واضحة في قانون المحكمة الدستورية ولكن أيضًا لأن حجج الاعتراض تخالف القانون، وذلك على النحو التالي:

أولاً: أن الجهة الوحيدة صاحبة الاختصاص في قبول نظر طلب التفسير من عدمه هي المحكمة الدستورية التى لها وحدها بحث صفه مقدم الطلب، ومدى صحة الإجراءات التي اتبعها، وتبيان اختصاصها بنظر مثل هذا النزاع من عدمه.

ثانيًا: أن الاعتراض الذي يطالب بعرض طلب التفسير على الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بالمجلس وليس المحكمة الدستورية لم يصادفه التوفيق لعدة اعتبارات:

1 – أن طلب الفتوى من قسم الفتوى هو أمر اختيارى للجهة الإدارية ولا إلزام عليها إلا عند إبرام أو قبول أو إجازة أى عقد أو صلح أو تحكيم أو تنفيذ قرار محكمين في مادة تزيد قيمتها عن خمسة الآف جنيه بغير استفتاء ادارة الفتوى المختصة (مادة ٥٨ من قانون مجلس الدولة) وبالتالى من حق الجهة الإدارية أن تقرر بإرادتها اللجوء لقسم الفتوى من عدمه.

2 – قد يبدو ظاهريًا أن هناك تشابه بين طلب الفتوى الذى يقدم لمجلس الدولة وطلب التفسير الذي يقدم للمحكمة الدستورية حيث أن كليهما يتضمن بحثًا للوصول للسلوك الصحيح الذي يتفق وإرادة المشرع ولكن فى الواقع هناك اختلافات بينهما من عدة وجوه:

أ الجهة التي تقدم الطلب: أن طلب الفتوى لمجلس الدولة يقدم من رئاسة الجمهورية أو من رئاسة الوزراء أو من الوزارات أو الهيئات العامة، فى حين لا يقدم طلب التفسير إلا من وزير العدل بناء على طلب رئيس الوزراء (مادة ۳۳ من قانون المحكمة الدستورية).

ب موضوع الطلب: موضوع الطلب فى الفتوى قد يرتكز على شرح واقعة معينة ويهدف إلى التعرف على النص الواجب التطبيق، فى حين يرتكز طلب التفسير على وجود نص تشريعي هناك خلاف حول تطبيقه.

ج شروط تقديم الطلب: لا يشترط لصحة طلب الفتوى أن يكون هناك خلاف بل يكفي أن تكون هناك واقعة تريد الجهة الإدارية أن تستهدى برأى مجلس الدولة قبل إصدار قرارها حتى ولو كانت فردية أو لم تكن مهمة، إلا أن طلب التفسير يشترط لصحته أن يتضمن تبيان الخلاف الذي أثاره النص القانوني في التطبيق، وإيضاح مدى أهميته التي تستدعى تفسيره تحقيقًا لوحدة تطبيقه.

3 – أن لجوء الجهات الإدارية إلى المحكمة الدستورية أمر يتفق والمنطق فهناك خلاف بين قيادات مجلس الدولة ذاته في شأن تفسير النصوص التي تتناول شروط التعيين، وحدود اختصاصات الجمعية العمومية لمجلس الدولة، ومدى إلزامية قراراتها فى مواجهة المجلس الخاص ومن المنطق أن يعهد للفصل في هذا التفسير إلى جهة قضائية أناط بها المشرع القيام بهذه الوظيفة، وتتسم بالحياد بعيدًا عن فريقى الخلاف.

ثالثًا أن الاعتراض الذي يزعم ضرورة أن اللجوء للتفسير يقتضى وجود خلاف بين هيئتين قضائيتين أو تناقض بين الأحكام، لم يصادفه التوفيق لأنه خلط بين ثلاثة وظائف من الوظائف الأربعة التي تقوم بها المحكمة الدستورية:

فالوظيفة الأولى: الفصل في مدى دستورية القوانين واللوائح.

الوظيفة الثانية: الفصل فى تنازع الاختصاص بتعيين الجهة المختصة من بين جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي وذلك إذا رفعت الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين منهما ولم تتخل إحداهما عن نظرها، أو تخلت كلتاهما عنها.

الوظيفة الثالثة: الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين صادر أحدهما من أي جهة من جهات القضاء أو أى هيئة ذات اختصاص قضائى والآخر من جهة أخرى منها.

أما الوظيفة الرابعة: فهي تتعلق بطلبات تفسير نصوص القوانين الصادرة من السلطة التشريعية والقرارات بقوانين الصادرة من رئيس الجمهورية وفقًا لأحكام الدستور وذلك إذا أثارت خلافًا في التطبيق وكان لها من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسيرها.

ومما سبق بيانه يتضح أن الاعتراض خلط بين الوظيفتين الثانية والثالثة وبين الوظيفة الرابعة التي تتعلق بطلب التفسير فهو لا يقتضي وجود خلاف بين هيئتين قضائيتين أو تناقض بين الأحكام لصحته، ولكن يكفى أن يكون هناك خلافًا في تطبيق نص وله من الأهمية ما يقتضى توحيد تفسير وهو ما يتوافر في الطلب المقدم من وزير العدل للمحكمة الدستورية.

الفرع الثالث:

ما انتهى إليه طلب التفسير

بتاريخ ١٨ من فبراير سنة ۲۰۱۰ ورد للمحكمة الدستورية كتاب السيد المستشار وزير العدل، الرقيم ٦٠ م ف سري والمؤرخ في ١٧ من فبراير سنة ۲۰۱۰، بطلب تفسير نصي البند (۱) من المادة ٧٣ والفقرة الثالثة من المادة ٨٣ من القانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢.

وكان مضمون واقعات الطلب في أن السيد الدكتور رئيس مجلس الوزراء قد طلب، بموجب كتابه الرقيم 1508/ – 1 المؤرخ في ١٧ من فبراير سنة ۲۰۱۰، إلى السيد المستشار وزير العدل تقديم طلب تفسير النصين الآنف إيرادهما إلى المحكمة الدستورية العليا، وذلك استنادًا إلى سبق مخاطبة السيد المستشار وزير العدل له، بالكتاب رقم ١٦٤ المؤرخ في ١٦ من فبراير سنة ٢٠١٠، والذي تضمن أن الخلاف قد شجر بين المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة والجمعية العمومية بالمجلس حول تفسير نصى البند (۱) في المادة ۸۳ من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ۱۹۷۲ والفقرة الثالثة من المادة ۸۳ من ذات القانون، بشأن جواز تعيين السيدات في وظيفة مندوب مساعد بمجلس الدولة، وصاحب السلطة في الموافقة على هذا التعيين، حال حدوثه، وما إذا كانت هذه السلطة للمجلس الخاص وحده، ومدى خضوعه في ممارسته لها لرقابة الجمعية العمومية للمجلس. فقد ارتأى المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة جواز تعيين السيدات بالوظائف القضائية بالمجلس، وأنه المختص بالموافقة على هذا التعيين، وأعلن بالفعل عن فتح باب تقديم السيدات للتعيين فى وظيفة مندوب مساعد بالمجلس، في حين رفضت الجمعية العمومية ذلك الأمر. وتضمن ذات الكتاب أن المسألة، محل الخلاف، بالغة الأهمية، إذ فضلاً عن تعلقها بالعديد من المبادئ الدستورية السامية، ومن أهمها حقوق المواطنة والحق في المساواة، فإن العمل قد جرى في الهيئات القضائية الأخرى، وعلى رأسها المحكمة الدستورية العليا وجهه القضاء العادي على تعيين النساء في وظائف القضاء، وبموافقة المجالس المماثلة للمجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة؛ ارتكانًا لنصوص تتطابق مع النصين المعروضين، وهو ما يستتبع ضرورة الوقوف على التفسير الصحيح لهذين النصين، مما يستنهض اختصاص المحكمة الدستورية العليا بتفسير القوانين والقرارات بقوانين. فكان أن تقدم وزير العدل بطلب التفسير الماثل.

وقد ثبت بكتاب السيد المستشار وزير العدل، بطلب التفسير، أن المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة ووافق على مبدأ تعيين السيدات بمجلس الدولة، وأعلن بتاريخ ٢٤/ 8/ 2009، بمقتضي الإعلان رقم ۲ لسنة ۲۰۰۹، عن قبول طلبات الراغبين في شغل وظيفة مندوب مساعد بالمجلس من الجنسين، بيد أنه، وبتاريخ ١٥/ 5/ ۲۰۱۰، ورفضت الجمعية العمومية لمجلس الدولة قرار المجلس الخاص للشئون الإدارية بالموافقة من حيث المبدأ على تعيين السيدات بوظائف مجلس الدولة.

وأنه لما كانت المادة ۸۳ من القانون رقم ٤٧ لسنة ۱۹۷۲ بشأن مجلس الدولة تنص على أنه يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأي جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين اللذين شغلو وظيفة مستشار لمدة سنتين.

ويعين نواب رئيس المجلس ووكلاؤه بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة الجمعية العمومية للمجلس.

ويعين باقي الأعضاء والمندوبين المساعدون بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية

ويعتبر تاريخ التعيين أو الترقية من وقت موافقة الجمعية العمومية أو المجلس المشار إليه حسب الأحوال

وكان البند (۱) من المادة ٧٣ من ذات القانون قد جرى على أنه يشترط فيمن يعين عضوًا في مجلس الدولة:

أن يكون مصريًا متمتعًا بالأهلية المدنية الكاملة

وكان الخلاف قد ثار بين جهتين من جهات مجلس الدولة حول تفسير النصين نفي الذكر من وجهيين، الأول: ما إذا كانت سلطة تعيين المندوبين المساعدين بمجلس الدولة، والمنصوص عليها في الفقرة الثالثة من المادة ٨٣ والمشار إليها آنفا، رهنًا بموافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة دون غيره، أم أن تقيد سلطة المجلس الخاص في هذا الصدد. أما الأمر الثاني: فهو ما إذا كان نص البند (۱) في المادة ٧٣ يقصر التعيين على الذكور من المصريين دون الإناث، أم أن النص يتسع ليشمل الجنسين ؟ بحيث لا يكون من مجال للمحاجة حول هذا الأمر قانونًا. إذ انقسم الرأي في تفسير النصين المشار إليهما، ففي حين ذهب المجلس الخاص للشئون الإدارية بمجلس الدولة إلى تبني الرأي القائل بأن قانون مجلس الدولة يسمح بتعيين السيدات بوظائف المجلس الخاص في شأن التعيين لوظيفة المندوب المساعد، وأن نص المادة ٧٣ من قانون المجلس يسمح بمنع تعيين السيدات بالمجلس.

وبالتالي اقتصر طلب التفسير على نصي البند (۱) من المادة ٧٣ والفقرة الثالثة من المادة ٨٣ من القانون رقم ٤٧ لسنة ۱۹۷۲، واللذين يجرى نصهما على ما يلي:

المادة ٧٣:

يشترط فيمين يعين عضوًا في مجلس الدولة:

أن يكون مصريًا متمتعًا بالأهلية المدنية الكاملة

المادة ٨٣:

يعين رئيس مجلس الدولة بقرار من رئيس الجمهورية من بين نواب رئيس المجلس بعد أخذ رأي جمعية عمومية خاصة تشكل من رئيس مجلس الدولة ونوابه ووكلائه والمستشارين الذين شغلوا وظيفة مستشار لمدة سنتين.

ويعين نواب رئيس المجلس ووكلاؤه بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة الجمعية العمومية للمجلس.

ويعين باقي الأعضاء والمندوبين المساعدون بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية.

ويعتبر تاريخ التعيين أو الترقية من وقت موافقة الجمعية العمومية أو المجلس المشار إليه حسب الأحوال“.

وقد انتهى تقرير هيئة مفوضي المحكمة الدستورية إلى:

نرى:

أولاً: إن لفظة مصرياًالواردة في البند (۱) في المادة ٧٣٦ من قانون مجلس الدولة رقم ٤٧ لسنة ۱۹۷۲ غير قاصدة على الذكور دون الإناث، وأن النص يتسع لتعيين الخريجين ذكوراً وإناثًا؛ وإذا توافر فيهم باقي الشروط المطلوبة في القانون.

ثانيًا: إن الاختصاص بالموافقة على تعيين المندوبين وباقي أعضاء حتى درجة مستشار هو اختصاص استشاري للمجلس الخاص للشؤون الإدارية ولا تشاركه فيه الجمعية العمومية للمجلس باي صورة من الصور“.

وفى يوم الأحد ١٤ مارس سنة 2010م، الموافق 28 من ربيع أول سنة ١٤٣١ هـ أصدرت المحكمة الدستورية العليا القرار الآتي الطلب رقم واحد لسنة ۳۲ قضائية تفسيرالمقدم من وزير العدل:

وبعد الإطلاع على نص الفقرة الثالثة من المادة ٨٣ من قانون مجلس الدولة الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٤٧ لسنة ١٩٧٢

قررت المحكمة

أن الاختصاص بالموافقة على تعيين المندوبين المساعدين بمجلس الدولة معقود للمجلس الخاص للشئون الإدارية دون الجمعية العمومية للمجلس“.

في ١٤ مارس ۲۰۱۰ قضت المحكمة الدستورية العليا في طلب التفسير بما يفيد أنه لا يوجد في نصوص قانون مجلس الدولة ما يحول دون تولى المرأة منصب القضاء

أثار قرار المحكمة الدستورية العليا العديد من قضاة مجلس الدولة واعتبروا أن ذلك تدخلاً في شئونه وتمسكوا بكون الجمعية العمومية هى السلطة العليا التي تتولى أموره الداخلية ولكن في هذه المرة قرر المجلس الخاص تهدئة الأوضاع لحين إعادة تشكيله مرة أخرى بعد خروج بعض رجاله على المعاش ومنهم المستشار محمد الحسيني رئيس المجلس وأعلن عن تشكيل لجنة برئاسة المستشار عادل فرغلي لدراسة مدى إمكانية تعيين المرأة قاضية بمجلس الدولة من عدمه على أن يقوم بإعداد تقرير بالرأى ويعرض على المجلس الخاص.

في يوليه ۲۰۱۰ أحيل المستشار محمد الحسينى رئيس المجلس للتقاعد بسبب بلوغه السن القانونية، وكذلك أحيل للتقاعد لنفس السبب نائبه المستشار عادل فرغلى، وترتب على ذلك إعادة تشكيل المجلس الخاص برئاسة المستشار محمد عبد الغنى رئيسًا للمجلس، والمستشار د محمد أحمد عطية رئيسًا للجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع، والمستشار كمال اللمعى رئيسًا لمحكمة القضاء الادارى والمستشار عبد الله أبو العز رئيسًا للتفتيش القضائي، والمستشار على فكرى رئيسًا للمفوضين، والمستشار أحمد شمس الدين خفاجى رئيسًا للتشريع، والمستشار منير جويفل رئيس الدائرة الثانية بالادارية العليا (وقد ذهبت جريدة الشروق الجديد في عددها الصادر في ۲۲ يونيو ۲۰۱۰ أن الأربعة مستشارين الأوائل من المعارضين لعمل المرأة في القضاء في حين يوافق باقى المستشارين الثلاثة على عملها بالقضاء).

في 5 يوليو اجتمع المجلس الخاص الجديد وحضر الاجتماع بشكل استثنائي المستشار عادل فرغلى والذي أحيل للتقاعد ليعرض نتائج التقرير الذي أعدته اللجنة التي كان يرأسها في شأن عمل المرأة بالقضاء ولم يتم نشر التقرير ولكن ترددت أنباء على أنه أوصى بإرجاء تعيين المرأة لحين اكتمال مرافق الاستراحات ودور الحضانة……

وفى ۱۲ يونيه ۲۰۱۰ اجتمع المجلس الخاص واستعرض التوصيات التي وردت في تقرير اللجنة الثلاثية التي كانت تبحث عمل المرأة بالقضاء برئاسة المستشار عادل فرغلى وانتهى المجلس إلى إرجاء تعيين النساء.

أوقف المجلس الخاص جميع إجراءات التعيين للمندوبين والمندوبات والتي ثار بشأنها كل النزاع السالف بيانه، وأعلن عن قبول دفعة جديدة من الخريجين ولم يذكر في الإعلان كلمة الخريجات كما كان بالإعلان السابق، لنعود مرة أخرى إلى نقطة الصفر، حيث عصف الإعلان الثاني بكل الاجراءات التى تمت استنادًا للإعلان الأول وأسقط ما ترتب عنه من مقابلات لفتيات انطبقت عليهن شروط الإعلان.

ربما كانت هذه اللحظة هي أكثر اللحظات السانحة في تصعيد موقف قانوني إما من خلال الاشتباك قضائيًا مع هذا التراجع من المجلس حتى فى صورة دعوى تعويض، أو من خلال الإصرار على التقدم بأوراق خريجات من خلال الإعلان الثاني لكن كانت حالة الإحباط التي أصابت الخريجات بلغت ذروتها أيضًا فقد فقدوا الآمال في الالتحاق بالقضاء الإداري، والبعض الآخر استوعبته الجامعات كمعيدات بكليات الحقوق، والباقى فضلن عدم الدخول في قضايا مع مجلس الدولة حتى لا تفقدهن التحريات فرصة الالتحاق بالنيابة الإدارية أو هيئة قضايا الدولة.

 

شارك:

اصدارات متعلقة

العنف ضد النساء
النسوية الإلغائية في فلسطين
نصائح من اجل بيئة عمل آمنة للنساء
نصائح للنساء لضمان السلامة خلال الحمل والولادة والوقاية من كوفيد19
الإجهاض القسري في نيجيريا وسؤال العدالة الانجابية
اغتصاب وقتل طفلة رضيعة سودانية في مصر
نحو وعي نسوي : أربع سنوات من التنظيم والتعليم السياسي النسوي
شهادة 13
شهادة 12
شهادة 11