القرابة والعمل والأسرة: فهم عمل النساء *
يتناول هذا الفصل عمل النساء، والسياق الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي لعملهن. ويفحص هذا الفصل بعض الموضوعات المهمة التي ظهرت على ساحة المناظرات حول تقسيم العمل على أساس الجنس وتنظيم علاقات الجنسين في العائلة والأسرة. هذه القضايا مجال معقد، وإن كان مهمًا، من مجالات دراسات العلوم الاجتماعية، وهو يتجلى في الكم الهائل من الكتابات التي ظهرت في السنوات الأخيرة. فقد التقى باحثون وباحثات من أصحاب مختلف النُهُج (ماركسيون ونسويون، وكلاسيكيون جدد) من مختلف فروع العلوم (الأنثروبولوجيا، وعلم الاجتماع، والتاريخ والعلوم الاقتصادية) ليركزوا على نطاق عريض من القضايا المتعلقة بهذه الموضوعات. لكن معظم هذه الكتابات تسودها مجموعة من الاهتمامات التي تميزها، وهي الاهتمام بماهية تقسيم العمل على أساس الجنس وكيف يتغير؛ وما العلاقة بينه وبين مكانة النساء في المجتمع؛ وما العلاقة بين تنظيم علاقات النوع في الأسرة ودخول النساء إلى سوق العمل المأجور؛ وكيف يربط بين عمل النساء غير مدفوع الأجر في المنزل وبين إعادة إنتاج القوى العاملة في النظام الرأسمالي؟ 1 كل هذه أسئلة من الواضح أنها بحاجة إلى التحليل بعبارات تاريخية وجغرافية نوعية. مال علم الأنثروبولوجيا إلى صياغة هذه الأسئلة من خلال الاهتمام بكيفية الربط بين تغير تقسيم العمل حسب النوع وبين تنظيم علاقات الزواج والقرابة، والتنوع في أشكال الأسرة. لقد كانت الطبيعة المتغيرة “للعائلة” موضوعًا لكثير من الخلاف في الأنثروبولوجيا، وستظل فكرة سائدة في النقاش الذي تلا ذلك، بسبب الطريقة التي تشكل بها العلاقات “العائلية” سبل حصول النساء على العمل وغيره من الموارد، كما تلعب دورًا أساسيًا في إنتاج أيديولوجيات النوع والحفاظ عليها.
يعيش حوالي نصف نساء العالم ويعملن في المزارع في البلدان النامية، وهن مسئولات عن 40 إلى 80 بالمائة من إجمالي الإنتاج الزراعي، حسب كل بلد من البلدان (تشارلتون Charlton 1984¸ 61)
ففي كل الأسر التي يعمل رجالها بالزراعة تقريبًا، تسهم النساء أيضًا في الإنتاج الزراعي بقدر ما، حتى لو كانت النساء أنفسهن (والرجال حقًا) ينظرن وينظرون إلى هذا الإسهام باعتباره جزءًا من أعمال المنزل (Sharma 1980¸ 132)
والنساء في جميع أنحاء العالم ينخرطن في العمل الإنتاجي، سواء داخل البيت أو خارجه. وتتنوع الطبيعة الحقة لهذا العمل من ثقافة إلى ثقافة، لكن يمكن تصنيفها عمومًا في أربع فئات: العمل الزراعي، والتجارة، والأعمال المنزلية، والعمل المأجور. وقد لاحظ عدد من المراقبين الدأب على الانتقاص من تقدير مدى العمل الفعلي غير المأجور النساء، ومن ثم إسهامهن في دخل الأسرة (Beneria 1981¸ 1982b; Boserup 1970; Bouling 1983; Deere 1983; Dixon 1985). ولهذا عدة أسباب، يتعلق أهمها بشكل واضح بتعريف “العمل” نفسه. العمل ليس مجرد ما يفعله الناس لأن أي تعريف لا بد أن يشمل أيضًا الظروف التي يمارس فيها هذا العمل، وإدراك أي سياق ثقافي معنى لقيمته الاجتماعية وقدره (Burman 1979; Wallman 1979¸ 2). أن الاعتراف بالقيمة الاجتماعية التي تضفي على العمل، أو على أنواع معينة منه يساعدنا على فهم لماذا يمكننا في المجتمع البريطاني مثلاً أن نوجه لامرأة لا تعمل بأجر وأم لخمسة أطفال سؤالاً يقول “هل تعملين؟” فتجيب علينا بقولها “لا“. إن اختفاء عمل النساء عن العيون ظاهريًا من سمات تقسيم العمل على أساس الجنس في الكثير من المجتمعات، وهو أمر تعززه الافتراضات الإثنوغرافية للباحثين وصانعي السياسات، وأيديولوجيات النوع الموجودة داخل كل مجتمع. فاذا جرت العادة على فهم العمل على أنه “العمل المأجور خارج البيت” فإن قيمة أعمال النساء المنزلية وأعمالهن التي تحافظ على عيش الكفاف لا تعتبر ذات قيمة. وقد يحظى هذا التعريف للعمل بالبقاء، حتى ولو تجلت تناقضاته مع خبرات الناس وتوقعاتهم. والكتابات السابقة تزخر بأمثلة تحذيرية عن النساء اللاتي يُعَّرَّفن على أنهن “ربات بيوت“، في حين أنهن ينخرطن فعلاً في العمل الزراعي وإنتاج سلع تجارية على نطاق ضيق، بالإضافة إلى مهامهن في أعمال المنزل ورعاية الأطفال.2 وهؤلاء النساء يسهمن إسهامًا كبيرا من خلال أنشطتهن في دخل الأسرة، سواء بطريق غير مباشر من حيث عملهن الزراعي والمنزلي غير مدفوع الأجر، أو مباشرة من خلال ما يكسبنه من مال في التجارة في السوق وإنتاج السلع الصغيرة. وقد حللت كارمن ديانا ديري أسر مزارعي جماعة الكاجاماركان في بيرو، ووجدت أنه بينما يأتي أهم جزء من الدخل من أجور الرجال عن أعمالهم المأجورة، فقد أسهمت النساء بقدر كبير في دخل الأسرة. “فعبر جميع شرائح جماعة المزارعين، كانت النساء الراشدات مسئولات أساسًا عن الاقتصاد ورعاية الحيوانات، وهي أنشطة تنتج تقريبًا ثلث كل من متوسط صافي دخل السرة ومتوسط الدخل المالي للأسرة” (Deere 1983¸ 120). ولا يوجد في المواد المتاحة لنا من الدراسات التي أجريت عن دخل الأسرة ما يوحي بأن هذه النتائج غير عادية، على الرغم من أن الكم الفعلي إسهام النساء في دخل الأسرة يتباين بوضوح من مجتمع إلى آخر.
وقد كانت إيستر بوزراب من أوائل الباحثات اللاتي قدمن تحليلاً مقارنًا لعمل النساء, على أساس بيانات مستمدة من نطاق عريض من المجتمعات، ففي كتابها عن “دور النساء في التنمية الاقتصادية” (Boserup 1970). تؤكد بوزراب على أنه على الرغم من تنسيط أدوار الجنسين وانتظام حدوث تقسيم العمل على أساس الجنس عبر الثقافات، فإن عمل النساء يختلف من مجتمع إلى آخر. وقد استخدمت بوزراب بيانات مأخوذة من نسق مجتمعات أفريقية تعمل بالزراعة, وأوضحت أن الرجال لم يكونوا دائمًا الكاسبين الأساسيين للقمة العيش لإعالة أسرهم. ففي الكثير من المجتمعات الإفريقية، يمهد الرجال الأرض للزراعة، لكن النساء هن اللاتي يزرعن المحاصيل فعلاً. وقد تمكنت بوزراب بفضل طريقة بحثها المقارنة من مضاهاة الوضع في إفريقيا، حيث تلعب النساء دورًا أساسيًا في الإنتاج الزراعي الذي يغطي عيش الكفاف، بالوضع في آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث يكون دور النساء أقل وضوحًا، وقد شرحت هذا الفارق بربط أوجه تقسيم العمل على أساس الجنس بالكثافة السكانية، ونسق حيازة الأرض والتكنولوجيا. ووضحت بوزرات أيضًا الآثار السلبية للاستعمار الكولونيالي والاختراق الرأسمالي لمجتمعات اقتصاد الكفاف على النساء. في بعض الحالات، أدخل القائمون على الإدارة في ظل الاستعمار الكولونيالي أنواعًا من الإصلاح الزراعي جردت النساء من حقوقهن في الأرض. وكما توضح بوزراب، لم تكن هذه الإصلاحات بعيدة عن الارتباط بالرأي الأوروبي القوي القاتل بأن الزراعة يجب أن تكون أساسًا من أعمال الرجال. وقد ناقشنا بالفعل في الفصل الثاني وقع أيديولوجيات النوع الغربية على تقسيم العمل على أساس الجنس في البلدان النامية، وسأعود إلى ذلك بشكل خاص في مجالات الزراعة القائمة على اقتصاد الكفاف والعمل المنزلي. وقد أشارت بوزراب إلى أن التحيزات الأيديولوجية التي تشكل أساس الفئات الإحصائية تميل إلى الحط من قيمة عمل النساء، وأن “أنشطة الحصول على الكفاف التي عادة ما تستبعد من إحصائيات الإنتاج والدخل هي من عمل النساء إلى حد بعيد” (Boserup 1970¸ 163)
إن کتاب بوزارب نقطة بداية مهمة لأنه يثير قضايا سيطرت على النقاش الدائر حول مكانة النساء وأدوار من الاقتصادية في المجتمع، مما تمخض عن إلهام الكثيرين ممن كتبوا بناء على ملاحظات عملية (إمبيريقية) أجريت عبر السنوات العشر إلى الخمسة عشر المنصرمة.3 إن بوزرات تكتب من منظور عالمة الاقتصاد، وقد أدى بها نهجها المقارن إلى إثارة النوع الصحيح من الأسئلة.4 ويمكن أن نجد نهجًا مماثلاً لتناول هذه القضايا في كتاب جاك جودي عن “الإنتاج والإنجاب“، الذي يناقش فيه جودي العلاقة بين كتابه وكتاب بوزراب (Goody 1976¸ Chapter Four)، ويظهر فيه درجة كبيرة من التماثل بين نتائجهما. يهتم جودي بالربط بين أشكال الزواج وأنماط نقل الملكية وبين أنماط الإنتاج الزراعي، وللوصول إلى غايته، يقارن بين النسقين الأفريقي والآسيوي، بالضبط كما فعلت بوزراب. والقيمة الرئيسية لكتاب جودي تتمثل في ما قدمه من اقتراح بالربط على وجه خاص بين علاقات القرابة والتنظيم الاقتصادي.5 يذهب جودي إلى أن أهم فارق بين نُسُق الإرث الإفريقية واليوروآسيوية أن النسق اليوروآسيوية تتميز بتفتيت الإرث (حيث يؤول الإرث إلى الأطفال من الجنسين) وبوجود الدوطة (حيث تمنح ممتلكات الأب للابنة عند زواجها)، وهما سمتان غير معتادتين في إفريقيا (Goody 1976¸ 6). ويربط جودي بين وجود تفتيت الإرث وبين أشكال الاقتصاد “المتقدمة نسبيًا” المرتبطة بالزراعة الكثيفة واستخدام المحراث. أما المجتمعات الأفريقية التي تزرع الأرض بعزقها بالفأس فتتميز بالإرث المتجانس، “حيث تنتقل ملكية الرجل إلى أفراد قبيلته أو ذريته الذين من نفس جنسه فقط” (Goody 1976¸ 7). في هذه المجتمعات الأفريقية، لا يمكن أن ترث النساء، ولا يحصلن على دوطة عند زواجهن، بل يمر مهر العروس (من هدايا أو ماشية أو غير ذلك من السلع) من أقارب العريس من الذكور إلى أقارب العروس من الذكور. وهذا النقل للسلع لا يضفي مكانة على العروس، كما تفعل الدوطة، بل يعمل كوسيلة لتعويض أقارب العروس عن خسرانهم ليدها العاملة، بينما ينقل في الوقت نفسه الحقوق في القدرات الإنجابية المحتملة للمرأة (أي في ما قد تنجبه المرأة من ذرية) من جماعة أقربائها إلى جماعة أقرباء زوجها.
وتخرج بوزراب بخلاصة مشابهة جدًا لذلك فيما يخص العلاقات بين تقسيم العمل على أساس الجنس، وبين نُسُق الزواج وأنماط الإنتاج الزراعي. وتذهب إلى أنه حيث تسود الزراعة المعتمدة على العزق بالفئوس وحيث تقوم النساء بمعظم العمل الزراعي، كما هو الحال في الكثير من المجتمعات الأفريقية، يزداد حدوث تعدد الزوجات، ونظام دفع مهر لأقارب العروس. في مثل هذه النُسُق لا يكون للنساء إلا قدر محدود جدًا من الدعم عن طريق أزواجهن، لكنهن قد يحقق نوعًا من الاستقلال الاقتصادي عن طريق بيعهن للمحاصيل التي يزرعنها بأنفسهن. لكن في المناطق التي تسود فيها الزراعة باستخدام المحراث، وتقوم النساء بعبء زراعي أقل من الرجال، كما في الأمثلة التي توردها الكاتبة من آسيا، يقل تعدد الزوجات، وعادة ما تُدفع الدوطة. وفي هذه المجتمعات المحلية، تعتمد النساء بالكامل على أزواجهن للدعم الاقتصادي، ويلتزم الزوج بإعالة الزوجة والأطفال (Boserup 1970, 50).
والمؤلفان كلاهما يهتم بالربط بين التغيرات في النُسُق الزراعية وبين التغيرات في المؤسسات المنزلية، بما في ذلك مؤسسة الزواج وتقسيم العمل على أساس الجنس. وتكمن أهمية كتاباتهما في الروابط التي يمكن إيضاحها بين مكانة النساء، وتقسيم العمل على أساس الجنس, وأشكال الزواج والإرث، وعلاقات الإنتاج الاقتصادية. وهذه الروابط هي التي تشكل موضوع الكثير من الدراسات النسوية في الأنثروبولوجيا وفي غيره من الفروع العلمية ذات العلاقة به، وقد كانت على وجه الخصوص السبيل الذي تغيرت به تلك العلاقات نتيجة للتطورات السياسية والاقتصادية في العالم المعاصر – وهي قضية أعادت كتابات بوزراب رسمها – مما وَلَّد أغلبية المناظرات الحية حولها. ولكي نفحص كيف نشأت هذه المناظرات في الأنثروبولوجيا، لا بد أن نلتفت إلى إنجلز والحجج التي ساقها بشأن العلاقات بين العمل الإنتاجي والعمل الإنجابي، وهي حجج تحاول تفسير الروابط بين القرابة والمسائل الاقتصادية في المجتمعات البشرية.
إن تقسيم العمل حسب الجنس، وطبيعة علاقات القرابة و“النشأة” التاريخية للعائلة كلها موضوعات لها تاريخ طويل مع التحليل الاجتماعي. كانت هذه الموضوعات بالطبع موضع اهتمام مفكري القرن التاسع عشر، وقد امتد الكثير من القضايا التي أثارتها تحليلاتهم إلى التنظير المعاصر (انظر/ ي الفصل الثاني). ولا شك أن أفضل مثال لاستمرار وجود هذه القضايا حتى الآن الخلاف النسوي الدائر حول كتاب فريدريك إنجلز “أصل العائلة والملكية الخاصة والدولة“. صدر هذا الكتاب في القرن التاسع عشر (۱۸۸٤)، معتمدًا على الدراسات الأنثروبولوجية للويس هنري مورجان، في محاولة لربط تاريخ العائلة بنشأة الملكية الخاصة وصعود نجم الدولة 6. واهتمام إنجلز بنظريات نشوء وارتقاء العائلة التي ظهرت في القرن التاسع عشر واضح جلي في المديح المفرط الذي كاله لنظرية باشوفين عن النسق الأمومي الذي عم الكون قبل نشأة النظاء الأبوي (Engles 1972¸ 46- 68). وقد ذهب إنجلز إلى أن نمو الملكية الخاصة التي يحوزها الذكور ونشأة العائلة المكونة من زوجة واحدة وزوج واحد وأطفالهما قد حول وضع النساء في المجتمع وجلب “الهزيمة التاريخية العالمية لجنس الأنثى“. وقال إن العلاقات الجنسية السابقة على هذه “الهزيمة” كانت تتسم بأنها قائمة على المساواة والتكامل بين الجنسين.
لقد تفرع تقسيم العمل بشكل خالص وبسيط عن الطبيعة؛ ولم يوجد تقسيم عمل إلا بين الجنسين، فكان الرجال يخوضون غمار الحروب، ويصطادون الحيوانات والأسماك، ويوفرون المواد الأولية للطعام والأدوات الضرورية لمساعي الحصول عليها. وكانت النساء تعنين برعاية البيت، وتجهزن الطعام والكساء؛ فكن يعملن بالطهو، والغزل، والحياكة. وكان كل من الجنسين أستاذًا في مجال نشاطه أو نشاطها؛ الرجال في الغابة، والنساء في البيت. وكان كل من الجنسين يمتلك الأدوات التي يصنعها ويستخدمها: فكان الرجال يمتلكون الأسلحة وأدوات صيد الحيوانات والأسماك، وكانت النساء تمتلكن السلع والأواني المنزلية. وكانت الأسرة مشاعية، تضم عدة عائلات، وأحيانًا العديد من العائلات. وكل ما كانت تنتجه الأسرة وتستخدمه استخدامًا عامًا كان ملكية مشاعية: البيت والحديقة، والقارب الطويل. (Engles 1972¸ 149).
وهكذا يرى إنجلز النساء والرجال أفرادًا متساوين في “القبيلة” أو “العشيرة“؛ فالجنسان كلاهما يمتلك أدوات، وكلاهما يشارك في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية. وفي المجتمع الذي يتصوره إنجلز، كان الإنتاج يخصص بأكمله للاستهلاك، وكان الناس يعملون لصالح الأسرة المشاعية لا لصالح أنفسهم وأنفسهن، وفكرته الأساسية أن عمل النساء والرجال كان متساويًا في القيمة والقدر الاجتماعيين في غياب الملكية الخاصة؛ قد يكون لكل منهما مجال منفصل عن الآخر، لكن هذا لم يكن يعني أن أحدهما يعلو في القيمة عن الآخر. وإنجلز مهتم أساسًا بربط التغيرات التي تطرأ على شكل العائلة والعلاقات بين الجنسين بالتغيرات في الظروف المادية. يذهب إنجلز إلى أن استئناس الحيوانات – ومن ثم نشأة الزراعة – قد أدى إلى إمكانية وجود فائض، وإلى ضرورة التحكم في “الملكية الإنتاجية” التي أوجدت هذا الفائض (انظر/ انظري: Socks 1974¸ 213- 217).. وقد تركزت هذه “الملكية الإنتاجية” (التي تكونت في البداية من الحيوانات المستأنسة) في أيدي الرجال كعاقبة للتقسيم “الطبيعي” للعمل. ويرى إنجلز أن “الموت” النهائي للوحدة الاقتصادية الجمعية وما أعقبها من نشأة العائلة المكونة من زوج وزوجة واحدة وأطفالهما كان نتيجة لرغبة الرجال في نقل الثروة التي راكموها إلى ذريتهم التي من صلبهم، ومن هنا أتت أهمية زواج امرأة واحدة برجل واحد في وقت واحد، الذي ضمن انتماء الأطفال إلى أبيهم (Engles 1972¸ 74).
إن أطروحة إنجلز أطروحة شهيرة، وقد كان لها أثر شديد على التحليلات الماركسية والنسوية لأسباب تدني منزلة النساء ومنشأه. وقد نتج عن إعادات الصياغة الأنثروبولوجية المبكرة لإنجلز (Gough 1972¸ 1975; Leacock 1972; Brown 1970; Sacks 1974) نقاط نقد لها، تشمل تحفظات على ثبات البيانات الإثنوغرافية التي اعتمدت عليها، لكنها ظلت قريبة من الأطروحة الأصلية.7 لكن مع اعتراف الكتابات النسوية الأحدث عهدًا بأهمية إسهام إنجلز في النقاشات الدائرة حول “مسألة المرأة“، فقد قدمت أكثر من نقد مهم له. فمثلاً، ذهبت روزاليند كوارد إلى أن أطروحة إنجلز مشبعة باقتراضات جوهرية معينة. فقد لاحظت أولاً أنه يفترض وجود تقسيم “طبيعي” للعمل، يهتم فيه الرجال أساسًا بالمهام الإنتاجية والنساء بالمهام المنزلية. ويبدو أنه اقترض هذا التقسيم “الطبيعي” للعمل على أساس ميول مسلم بها. وتعزز مناقشته لموت الزواج الجماعي وجود هذه الميول، حيث يلمح إلى أن النساء “بحكم الطبيعة” سيستنكرن التسيب الجنسي، أما الرجال فسيتابعون دائمًا السعي لإشباع ميولهم نحو التسيب الجنسي بقدر الإمكان. وبنفس الطريقة، فإن حجته المتعلقة بالعلاقة بين الملكية، والأبوة والشرعية تفترض أن الرجال سوف يرغبون “بحكم الطبيعة” في قصر نقل ملكيتهم على ذريتهم التي عن صلبهم وتحمل جيناتهم (Coward 1983¸ 146- 7). أن هذه الافتراضات ذات الطابع الجوهري التي تشكل فعلاً أساس نظرية البناء الاجتماعي لعلاقات النوع تعتورها نقاط ضعف خطيرة.
وتقدم ليز فوجال Lise Vogal نقدًا مشابهًا، لكن اهتمامها الأساسي ينصب على ما تدعوه “منظور الأنساق المزدوجة“.8 ترى فوجال أن هذا الازدواج سمة مميزة للنظرية النسوية – الاشتراكية، وتتبع جذوره إلى إنجلز (Vogal 1983¸ 29- 37)
وفقًا للتصور المادي، فإن العامل المحدد في التاريخ هو– في الملجأ الأخير – الإنتاج والإنجاب من أجل الحياة الراهنة. لكن هذا في حد ذاته يتسم بسمة ذات شقين. فهو يتسم من جهة بإنتاج وسائل عيش الكفاف, من طعام, وكساء، ومأوى، والأدوات اللازمة لكل هذا؛ ومن جهة أخرى بإنتاج البشر أنفسهم، لدفع عجلة بقاء النوع الإنساني. والأوضاع الاجتماعية التي يعيش في ظلها رجال من حقبة تاريخية محددة ومن بلد محدد يشكلها هذان الضربان من ضروب إعادة الإنتاج؛ عن طريق مرحلة تطور العمل من جهة، والعائلة من جهة أخرى، (Engles 1972¸ 25- 26).
إن هذه الفقرة من كتاب إنجلز التي كثيرًا ما يقتبسها الباحثون مفتوحة لعدد من التأويلات، وقد استشهدت بها عدة كتابات في السنوات الأخيرة لدعم مواقف متنوعة. لكن من الواضح أن فوجال محقة في رؤيتها لهذه الفقرة على أنها تفتح الطريق لمنظور مزدوج عن “مشكلة المرأة“. نشأت إمكانية وجود ازدواج لأن النساء يجمعن بين كونهن أمهات وعاملات، منجبات ومنتجات، ويمكن النظر إلى هذين الجانبين من حياتهن كجانيين يمكن فصلهما تحليليًا.9 فالعلاقات الاجتماعية للإنجاب، أو “نسق الجنس والنوع” كما تفضل دراسة روبين (Robin 1975) تسميته، عبارة عن مجموعة من الترتيبات التي تعيد إنتاج الجماعة البشرية من جيل إلى جيل، والتي تشمل سبل فهم وتصور وتنظيم أمور مثل الجنس، والنوع، والخلفة، والعمل المنزلي، والاستهلاك. وهذه العلاقات الاجتماعية لإعادة إنتاج المجتمع تقع في العائلة، ورغم أن لها وقعًا واضحًا على تنظيم الإنتاج، فإنها إلى حد ما متميزة عن العلاقات الاقتصادية للإنتاج التي هي موضوع التحليلات الماركسية التقليدية.
وتنقد فوجال الميل إلى فصل الإنجاب عن بقية علاقات الإنتاج الأخرى، ومن ثم فهم مجموعتي العلاقات كمجالات مختلفة منفصلة عن بعضها البعض. وتلاحظ أن إنجلز يري أن جذور قهر النساء تنشأ من أن تقسيم العمل حسب الجنس مقرر حتميًا “بطبيعة الأمور“، وهو بدوره يشكل أشكال العائلة. وتذهب فوجال إلى أن هذا الفهم يعتبر فكرة العائلة فلة تحليلية مادية محسوسة، بينما يفشل في الوقت نفسه في تحديد كيف تؤدي العائلة وظائفها في مجمل عملية إعادة الإنتاج الاجتماعي.10 والنتيجة أنه بينما ترى علاقات الإنتاج وعلاقات إعادة الإنتاج / الإنجاب کنسقین موجودين معًا، يؤثر بعضهما في البعض الآخر، ويتأثر بعضهما بالبعض الآخر فإن “الاقتصاد” و “العائلة” يفصلان عن بعضهما فصلاً مصطنعًا. وقد وجه كتاب من مختلف الفروع العلمية نقدًا لهذا الفصل، لكنه يظل إشكالية خاصة في علم الأنثروبولوجيا، حيث لا يمكن فصل علاقات العائلات، والأقارب، والناس من النوعين ومن مختلف الأعمار عن العلاقات الاقتصادية والسياسية. ويوضح النقد النسوي في الأنثروبولوجيا أن الأدوار الإنتاجية والإنجابية للنساء لا يمكن فصل بعضها عن البعض، وتحليلها بمعزل عن بعضها.11 وفي التحليل الأخير، لن يزيد مثل هذا الفصل عن كونه تحويلاً للتقسيم بين المنزلي الخاص / العام، الذي ذهبت في الفصل الثاني إلى أنه ليس مجرد فصل مصطنع، بل إنه أيضًا فصل يضع قيودًا على التحليل.
إني أحاج في أن أهم نص أنثروبولوجي لتناول العلاقات المتداخلة بين الإنتاج والإنجاب هو كتاب کلود ميلاسو وموضوعه “خادمات ووجبة ونقود“(Claude Meillassoux 1981) . الموضوع المحوري لكتاب ميلاسو أهمية العلاقات الاجتماعية الداخلة في عملية الإنجاب لدى البشر (أو المجال المنزلي الخاص)، وهو يتساءل عن أي أدوار تلعبها هذه العلاقات في إعادة إنتاج النُسُق الاقتصادية.12 ومن الواضح أن كتابه إسهام مهم في الخلاف الفكري حول العلاقة بين علاقات الإنتاج وعلاقات الإنجاب، لكنه ينطلق من نقطة مختلفة عن التي ينطلق منها إنجلز.
إن الربط الصريح الذي يقول به إنجلز بين تدني منزلة النساء ونشأة الملكية الخاصة یعني أنه يرى أن المكانة المتدنية للنساء ترتبط مباشرة بعدم تملكهن لوسائل الإنتاج (الحيوانات أولاً، ثم الأرض فيما بعد). أما ميلاسو فيحاج في أن التحكم في وسائل الإنتاج أقل أهمية من التحكم في وسائل الإنجاب، أي النساء (Meillassoux 1981¸ xii- Xiii¸ 49). وتردد حجته أصداء خلاف قديم في الأنثروبولوجيا، بدأه ليفي – شتراوس، عن تبادل النساء وأصول السلوكيات الثقافية للبشر (levi- Strauss 1969¸ 1971) .13 يعترف ميلاسو بانشغاله بليفي – شتراوس وغيره من الكتاب الذين تناولوا موضوع القرابة، لأن القرابة هي القالب الذي عالج فيه علم الأنثروبولوجيا علاقات الإنجاب تقليديًا (Meillassoux 1981¸ 10). وهكذا يغرس ميلاسو حجته بعناية في أرض سلسلة من المناظرات المعقدة في الأنثروبولوجيا، لا يمكنني عرضها هنا. لكن بعض أوجه كتاباته ذات صلة على وجه الخصوص بالنقد النسوي للنظرية الماركسية في الأنثروبولوجيا، وهي من ثم تستحق بعض الاهتمام الجاد بها.
ويهدف كتاب “خادمات، ووجبة ونقود” إلى تحليل ما تفعله العلاقات الاجتماعية للإنجاب في ما يسميه ميلاسو “المجتمع المحلي الزراعي المنزلي“.14 يشتغل هذا المجتمع المحلي في الإنتاج الزراعي الذي يضعن حد الكفاف، ويتكون من عدد من “الوحدات المنزلية” المنفصلة عن بعضها البعض، والتي تشكل الخلايا الأساسية العاملة للمجتمع. وهذه الوحدات أو الخلايا المنزلية تقوم على أساس انحدار النسب من جهة الأب (أي أن الأنساب ترجع إلى الرجال) وعلى الإقامة مع الأب (أي أن الزوجين القرينين يقيمان مع جماعة أقرباء الزوج)؛ ولهذا الوضع عاقبتان مهمتان.
أولى هذه العواقب أن الزواج يشمل انتقال النساء من مجتمع محلي إلى آخر؛ والثانية أن الصبيان يحصلون على انتمائهم الاجتماعي وسبل حصولهم على الموارد (بما فيها الزوجات) من خلال أبيهم وأقاربه من الذكور. والنتيجة أن: (1) النساء صرن عالة على أزواجهن لأنهن يقطع عن جماعة أقربائهن الأصلية، و(٢) الشبان يعتمدون على أبائهم في الوصول إلى سبل الحصول على الموارد. وهاتان المجموعتان من علاقات التبعية مهمتان لفهم كيف يعيد المجتمع إنتاج نفسه.
يذهب ميلاسو إلى أن الهم الأساسي للمجتمع المنزلي المحلي إعادة إنتاج نفسه، أو بعبارة أبسط، استمرار وجوده عبر الزمن (Meillassoux 1981¸ 38). ويذهب إلى أنه توجد ثلاثة عوامل رئيسية تحدد إعادة إنتاج المجتمع، ألا وهي: الطعام، والبذور، والنساء. ومن الطبيعي أن يتحكم الذكور الأكبر سنًا في كل مجتمع محلي منزلي في هذه العوامل الرئيسية. فهم يتحكمون في النساء لأنهم يتحكمون في زوجاتهم وبناتهم. وهم يتحكمون في الشبان وقوة عملهم لأن الشبان يريدون زوجات، والذكور الأكبر سنًا فقط هم من يمكنهم تزويدهم بالزوجات وبالسلع اللازمة لدفع مهور العرائس. كما أن الرجال الأكبر سنًا لا يقصرون تحكمهم على مخازن الحبوب، التي تحتوي على التمويل الغذائي اللازم لحياة الأفراد طوال العام، بل يتحكمون أيضًا في الحبوب التي تستخدم بمثابة بذور، والتي هي ضرورية لإعادة إنتاج الدورة الزراعية. يسمى ميلاسو التحكم في النساء والحبوب “وسائل إعادة الإنتاج /الإنجاب“، ويسمي العلاقات الاجتماعية التي تنظم هذه الوسائل “علاقات إعادة الإنتاج / الإنجاب” للمجتمع. وحجة ميلاسو مثيرة للاهتمام لأنها على ما يبدو تجعل من النساء والعلاقات الاجتماعية لإعادة الإنتاج /الإنجاب أمرًا محوريًا لفهم استمرار بقاء المجتمع وتطوره. لكن عالمات الأنثروبولوجيا النسويات وجهن نقدًا واسع النطاق لكل من معالجة ميلاسو للنساء وتصوره الذهني لعلاقات إعادة الإنتاج /الإنجاب.
أكثر ما شاع توجيهه من نقد لمعالجة ميلاسو النساء أنه بدلاً من أن يحلل شكل/ أشكال تدني منزلة النساء، افترض أن هذا التدني حالة متفق عليها ولا تشكل إشكالية، مما لا يستلزم تحليلات أكثر تخصيصًا (Maintosh 1977¸ Harris and Young 1981¸ Edholm et al. 1977) . يرجع هذا جزئيًا إلى أن كتاب ميلاسو يقدم نموذجًا لعلاقة بين علاقات الإنتاج وعلاقات إعادة الإنتاج /الإنجاب، وليس تحليلاً لمجتمع محلي محدد بالملاحظة العملية ويقع في فترة تاريخية محددة، ويتكون من نساء ورجال. وكما أوضحت دراسة ماكينتوش (Macintosh 1977¸ 122)، فإن ميلاسو لا يعطي القاريء أبدًا تفاصيل كافية ليفهم المجتمع الذي يصفه. وهكذا يثير تحليل ميلاسو عددًا من التساؤلات يتركها بلا إجابة. وإذا كانت إعادة إنتاج المجتمع تعتمد على تحكم الذكور الأكبر سنًا في قدرات النساء على الإنتاج والإنجاب، فلم تظهر بين النساء استراتيجيات للتعامل مع هذا التحكم؟ وإذا كان لهن مثل هذا الدور المهم في الإنتاج الزراعي، فماذا يحدث للمحاصيل التي ينتجنها؟ هل يسلمنها كلها حقًا إلى أزواجهن، أم هل يحتفظن لأنفسهن بقدر منها يتحكمن فيه؟
وفقًا لقول ميلاسيو، تتحدد علاقات القرابة بشكل تام عن طريق تلك العلاقات بين الرجال التي تمنحهم سبل الحصول على القوة والسلطة. ولكن، هل لا توجد للنساء علاقات قرابة تخصهن، ألا يحتفظن بروابط مع أخوتهن الذكور، أو غير ذلك من شبكات القرابة خارج شبكات قرابة أزواجهن؟ 15
يعني نقص التفاصيل التاريخية والإثنوغرافية أن تحليل ميلاسو لا يرى بشكل واضح إطلاقًا النساء، وما يقلنه، وما يقلنه، وما يفكرن فيه، على الرغم من أنهن عناصر محورية فيه. وينبغي الذهاب إلى أن الفاعلين الاجتماعيين جميعهم غير مرئيين بدرجة ما في تحليل ميلاسو لأنه قصد أن يكون تحليله نمونجًا وليس مصنفًا إثنوغرافيًا. هذه نقطة لا بأس بها، عدا أن معالجته للنساء تلقى ظلاً من الشك على صدق نموذجه. فهو مثلاً لا يناقش طبيعة تقسيم العمل على أساس الجنس. وهذا أمر إشكالي على وجه الخصوص، علمًا بأن إحدى القضايا التي يتناولها كتاب ميلاسو هي ما إذا كانت قدرة رجال معينين على التحكم في النساء شرط ضروري لإعادة إنتاج التشكيل الاجتماعي (Harris and Young 1981¸ 120). بعبارة أخرى، لو كان ميلاسو يريد الذهاب إلى أن وضعا معينًا للنساء، أو علاقة معينة بين الجنسين من الأمور الضرورية لإعادة إنتاج وحدة اجتماعية معينة عبر الزمن، فإن هذا المسعى يصير مستحيلاً ما لم يحدد هذا الوضع أو العلاقة.
وقد وجه لميلاسو نقد ثان ذو علاقة بالنقد الأول، ألا وهو أنه يعالج النساء كفئة متجانسة، ولا يداوم على مناقشة كيف تتغير ظروف حياة النساء مع تقدمهن في السن؛ فالحماة كبيرة السن ليست في نفس الوضع مقابل أقربائها من الذكور، ولا مقابل النساء الأخريات، كالعرائس حديثات السن. يذكر ميلاسو إمكانية التمايز الاجتماعي بين النساء، لكنه لا يناقشه، ومن ثم يفشل في تناول عدد من القضايا، تشمل بالتحديد القضية الشائكة عن سبب تواطؤ بعض النساء على قهر الأخريات (Millassoux 1981¸ 76).16
بالإضافة إلى هذه النقاط المتعلقة بمعالجة النساء، وجه نقد أيضًا إلى ميلاسو عن طريقة تصويره الذهني لعلاقات إعادة الإنتاج /الإنجاب. فهو يتحدث في تحليله عن العلاقات بعبارة تضخم من الإنجاب، أي إعادة إنتاج البشر مع إعادة إنتاج الوحدات الاجتماعية. لقد كان مفهوم إعادة الإنتاج /الإنجاب مدعاة للكثير من اللجاجة في النظرية النسوية – الماركسية، ولم يحل الخلاف بشأنها أبدًا. ولا يمكنني أن أستعرض انعطاقات والثقافات مختلف الحجج في هذا الكتاب، لكن لا بد من ذكر بعض النقاط المختصرة. لقد ذهب عدد من الكاتبات النسويات إلى أن مفهوم ميلاسو عن علاقات إعادة الإنتاج / الإنجاب يخلط ما بين ثلاث عمليات مختلفة لاعادة الإنتاج يلزم فصلها تحليليًا: إعادة إنتاج المجتمع، وإعادة إنتاج القوى العاملة، وإعادة إنتاج البشر (أو الإنجاب البيولوجي) (Edholm et al. 1977; Harris and Young 1981 ; Macintosh 1977; 1981). يجمع ميلاسو هذه الأنواع الثلاثة من أنواع إعادة الإنتاج في كتلة واحدة لأن إعادة إنتاج المجتمع في التشكيل الاجتماعي السابق على الرأسمالية الذي يتصوره يضمنه التحكم في عمل الآخرين. فالعمل، والفرد الذي يتولاه لابد من إعادة إنتاجهما، وهذا يشمل بدوره التحكم في الإنجاب البيولوجي والأشخاص الذين هم وسيلة هذا الإنجاب، ألا وهن النساء. تتفق الناقدات النسويات مع ميلاسو في النظر إلى هذه العمليات لإعادة الإنتاج على أنها مرتبطة بعضها بالبعض، لكنهن يذهبن إلى أن ما ينقص هو تحليل كيف تفعل هذه الارتباطات فعلها. بالضبط، وبالطبع، يستحيل إجراء مثل هذا التحليل إذا عوملت مختلف أنواع عملية إعادة الإنتاج كمجموعة واحدة من العلاقات.
وقد ذهب إيدولم، وهاريس ويونج إلى أن ميلاسو بافتراضه لأن “إعادة إنتاج القوى العاملة مرادف لإعادة إنتاج البشر/ الإنجاب” يفشل في مواجهة ما هو معلوم من أن القوى العاملة تتشكل اجتماعيًا (Edholm et al. 1977¸ 110) فلا يتحول جميع أفراد المجتمع إلى جزء من القوى العاملة؛ إذ يمنع الأفراد المنتمون لفئات معينة من الالتحاق بالقوى العاملة تمامًا، ويجد آخرون أنفسهن وأنفسهم مستبعدات ومستبعدين منها، ولتشهد حالة النساء البريطانيات واللاتي من أمريكا الشمالية اللاتي اجتذبن إلى القوى العاملة أثناء الحرب العالمية الثانية، كعاملات في بناء السفن, وتصنيع الأسلحة، لا لشيء إلا لإعادتهن إلى بيوتهن بلا حمد ولا شكر حين سرح الجيش “رجالهن” فصاروا بحاجة إلى وظائف. وتذهب الناقدات النسويات إلى أن تحليل ميلاسو يعتوره النقص، لأن من المستحيل فهم كيف يعاد إنتاج القوى العاملة دون أن تفهم كيف يعين الأفراد لأداء هذه المهمة في المقام الأول (Harris and Young 1981¸ 128). إن قيمة هذه الحجة واضحة، لأن نظرية بسيطة عن التشكيل الاجتماعي للقوى العاملة كان من شأنها أن تجعل ميلاسو يناقش العلاقة بين الأدوار الإنتاجية والإنجابية للنساء. وقد أفلتت هذه العلاقة من يد ميلاسو لأنه يصر على أن يرى النساء كمنجبات بشكل سائد. وهذا التركيز أحادي الفكر لا يتقدم بفهمنا “لوضع النساء“، كما يجمع مشكلات عمل النساء في إعادة الإنتاج تحت مفهوم عام، ألا وهو مفهوم إعادة إنتاج القوى العاملة.
إن عمل النساء في إعادة الإنتاج يشمل – كما نعرف – ما يزيد كثيرًا عن ولادة الأطفال، لا يشمل أيضًا كل الأنشطة التي تشير إليها عادة باسم الأعمال المنزلية، مثل: الطهو والتنظيف، والعناية بالأطفال، ورعاية المسنين والمرضى، وإدارة شئون الأسرة، الخ. يقدم ميلاسو تحليلاً لعلاقات إعادة الإنتاج /الإنجاب، وهي علاقات لا غنى لها إطلاقًا عن مفهوم المجتمع المحلي المنزلي الخاص، ومع ذلك لم يذكر ميلاسو حتى العمل المنزلي للنساء. ويعيدنا هذا الي خفاء العمل المنزلي للنساء؛ وهو خفاء يعمل على المستويين العملي والنظري (انظري/ انظر الفصل الأول، وما سلف ذكره في هذا الفصل). وقد قالت الناقدات النسويات أن الأنشطة المنزلية تبدو “طبيعية” لأنها ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالاحتياجات الفسيولوجية للجسد البشري (النوم، والأكل، والمأوى، إلخ)، وهي من ثم لا تدمج في الخطابات النظرية المتعلقة بعلاقات إعادة الإنتاج (Harris and Young 1981¸ 131; 61- 62; Macintosh 1979¸ 176- 177) . وحيث أن العمل المنزلي يعتبر من طبائع الأمور، فمن السهل ارتكاب خطأ النظر إليه كأمر ثابت عبر التاريخ، كمجموعة لا تتغير من الضرورات التي لا يلزم إخضاعها للتحليل التاريخي (Haris and Young 1981).
توجد مشكلتان واضحتان في هذا الوضع. فأولاً, العلاقة بين العمل المنزلي والعمل غير المنزلي ليست ثابتة، لكنها عرضة لحتميات تاريخية تقررها. ففي ظل النظام الرأسمالي، يوجد فصل جامد بين العمل المنزلي في البيت والعمل المنتج في مقر العمل. لكن هذا الفصل الواضح بين مجالي النشاط هذين لا يميز الأنواع الأخرى من الاقتصاد (انظر/ انظري Moore 1988¸ Chapter Four). وثانيًا، يرتبط بهذه النقطة الأولى سؤال عن محتوى العمل المنزلي. ومن تبسيط الأمور أن نتخيل أن العمل المنزلي يظل ثابتًا عبر الزمن، ويتضح لنا هذا بوفرة ما أن نشرع في التفكير في أشياء مثل التغيرات التكنولوجية (المكانس الكهربائية وماكينات تحضير الطعام)، ومدى إتاحة الوقود (الغاز الذي يصل إلى المنازل عبر الأنابيب في مقابل جمع الحطب لإشعال المواقد)، وسبل الحصول على المياه، وما إلى ذلك. ويلزمنا أيضًا أن نفكر في عواقب العمل المنزلي من حيث تزايد الانخراط في الاقتصاد الرأسمالي (انظري / انظر الحجج التي قدمت عن الاقتصاديات الاشتراكية في الفصل الخامس)، كالقدرة على ابتياع أطعمة وملابس معينة مثلاً، أو ضرورة زيادة “الإنتاج” في المنزل (تخمير البيرة، والغزل، إلخ) لكسب المال السائل. إن رسم حود حول الأنشطة بحيث يمكن وضع اللافتة الصحيحة عليها ليس أمرًا سهلاً. ويمكن أن يختلف تقسيم العمل على أساس جنس الفرد اختلافًا كبيرًا من مجتمع إلى آخر، خاصة فيما يخص المهام التي تُعَرَّف على أنها مهام “منزلية / خاصة“، وتلك التي تُعَرَّف على أنها من أعمال النساء)، أو التي تجمع بين التعريفين. إن العلاقات الاجتماعية التي تمارس في ظلها هذه المهام يتباين بعضها عن البعض تباينًا شديدًا، كما يحدث مع الوحدات المنزلية الخاصة التي تحددها هذه العلاقات الاجتماعية (انظر/ انظري الفصل الثاني، وما سلف ذكره في هذا الفصل). كما النساء لا يمارسن كلهن المهام المنزلية؛ فالفوارق الطبقية والعمرية تعفي بعض جماعات النساء من أداء الأنشطة المنزلية الأصعب من غيرها والأكثر إثارة للملل.
وقيمة النقد النسوي إنه يؤكد على أن عمل النساء المنزلي/ الإنجابي (العمل في إعادة الإنتاج) لا يمكن افتراض أنه مجموعة من المهام المسلم بها بطبيعة الأمور والتي تعم جميع المجتمعات في كل الأزمان؛ ولا يمكن افتراض أن جميع النساء يمارسن هذه المهام. تؤكد الكاتبات والكتاب النسويات والنسويون أن العلاقة بين عمل النساء الإنجابي / عملهن في إعادة الإنتاج وعملهن الإنتاجي هي العامل المهم الذي يحدد وضعهن في المجتمع17 . ويبدو أن تناول ميلاسو لسؤال وضع النساء محدود بما يراه من مدى ارتباطه بدورهن في علاقات الإنجاب /إعادة الإنتاج. لكن الحق أنه غير قادر على الدخول إلى المشكلة مباشرة، لأنه لا يناقش العلاقة بين عمل النساء الإنتاجي وعملهن الإنجابي / أو عملهن في إعادة الإنتاج، ولأنه يرى أن عمل النساء في الإنجاب إعادة /الإنتاج محدد بحكم الطبيعة، ومن ثم لا يلزمه المزيد من التحديد ولا التحليل. إن الميل إلى افتراض أن السمات المميزة لحياة النساء معروفة عمومًا، وأن الوضوح نفسه ينطبق على الوحدات الاجتماعية، خاصة “العائلة” و“الأسرة“، وهي الوحدات التي تنغمس فيها النساء, افتراض تقف الكثير من الكتابات النسوية في وجهه بقوة. وللمزيد من توضيح هذه النقطة، ولزيادة فهمنا للعلاقة بين عمل النساء الإنتاجي وعملهن في الإنجاب / إعادة الإنتاج، يلزم أن نلتفت إلي تحليل الأسرة.
أضخم الصعوبات في الحديث عن المنزلي / الخاص” أننا نجد أنفسنا وقد اضررنا أوتوماتيكيا إلى نضع اعتبارنا نطاقًا من المفاهيم والكيانات التي ليس لها شكل محدد، مثل “العائلة” و “الأسرة” و “المجال المنزلي / الخاص“، و“تقسيم العمل حسب الجنس“, وهي مفاهيم وكيانات متداخلة ومتفاعلة مع بعضها البعض بطرق مركبة لإنتاج معنى للمجال /المنزلي الخاص. العائلة والأسرة مصطلحان يتميزان خصوصًا بصعوبة الفصل بينهما بوضوح. قد تتداخل العائلة مع الأسرة بشكل جوهري في بعض المجتمعات، كما في المجتمع البريطاني المعاصر مثلاً؛ ولا تتداخلان في مجتمعات أخرى، كمجتمع النايار(Gough 1959)، والتالينسي (Fortes 1949). والعلاقة بين العائلة والأسرة تتطلب دائمًا تحليلاً اجتماعيًا وتاريخيًا مفصلاً. ولطالما وضحت الأبحاث الأنثروبولوجية التنوع في نسق القرابة وترتيبات السكنى الثقافات (Goody 1972). أكدت كتابات تاريخية أحدث عهدًا على التنوع تكوين الأسرة والعائلة عبر الزمن (Anderson 1980; Creighton 1980; Donzelot 1980) .18 وقد شددت فلاندرين تناولت أشكال العائلة الفرنسية على وجود تنوع جغرافي فيها, حيث وضحت وجود تنويعة من أنماط الأسرة في وقت واحد في مختلف أقاليم البلد (Flandrin 1979). وتتنوع أشكال العائلة أيضًا بتنوع مراحل حياة أفرادها واستراتيجياتهم الاجتماعية، وقد بين عدد من الكتاب أن أسرًا فردية مرت بتنويعة من الأشكال المختلفة خلال مختلف تطورها (Goody 1971; Berkner 1972; Hummel 1961¸ 1972; Hareven 1982) .19 وفي الكثير من الكتابات الأنثروبولوجية السابقة، يستخدم مصطلح “الأسرة” للإشارة إلى الوحدة الأساسية للمجتمع التي تشارك في الإنتاج، وإعادة الإنتاج /الإنجاب، والاستهلاك، والتنشئة الاجتماعية. ويتضح تنوع الطبيعة المضبوطة للأسرة ووظيفتها من مرحلة زمنية إلى أخرى، التعريف الأنثروبولوجي يعتمد عادة على ما يعتبره الناس أنفسهم الوحدة المهمة لمجتمعهم. لكن من المهم أن نعرف أنه على الرغم من ضم الأفراد للأسر يأتي عادة من خلال القرابة والزواج، فان هذه الوحدات ليست بالضرورة الشيء نفسه كالعائلات. فإذا تركنا جانبًا صعوبات التعريف، لوجدنا أن الأسر مهمة للتحليل النسوي لأنها تنظم جزءًا كبيرًا من عمل النساء المنزلي الخاص / عملهن في إعادة الإنتاج والإنجاب. نتيجة لذلك، فإن لتكوين الأسر وتنظيمها وقعًا مباشرا على حياة النساء، وخاصة على قدرتهن على الوصول إلى سبل الحصول على الموارد, إلى العمل والدخل.
وعلى الرغم من المجادلات حول التنوع الثقافي والتاريخي للأسر، وعلاقتها بالتشكيلات الاجتماعية الأوسع أو اندغامها فيها، فقد أوضحت كتابات الناقدات والنقاد النسويات والنسويين أننا مازلنا بحاجة لتعلم الكثير عما يحدث داخل الأسر، وعن نوع الروابط الموجودة بينها.20 تتعلق إحدى الصعوبات الواضحة بالافتراضات ذات النزعة الطبيعية التي ما زالت متفشية في الكثير من الكتابات عن الأسر والعلاقات التي يحددها النوع. إن الاعتراف الواضح بتنوع الأسرة يكن إلا وقع قليل – إذا له وقع إطلاقًا – على الميل لافتراض أن محتوى الحياة المنزلية الخاصة معروف عمومًا. توضح أوليفيا هاريس أن الكلمة الإنجليزية “household” التي تشير إلى الأسرة نتضمن الاشتراك في المسكن، وأن يتضمن معاني الحميمية والمشاركة اللذين يفصلان بالضرورة علاقات الأسرة عن غيرها من العلاقات الاجتماعية. وبالطبع، تبدو العلاقات الاجتماعية الأخرى أسهل منالاً بالنسبة للتحليل، بينما تظل العلاقات الأسرية متميزة بالخصوصية وواضحة في آن واحد (Harris 1981¸ 52). تستشهد دراسة هاريسن بدراسة ساهلينز، لأنها وضحت بشكل جلي في مناقشتها “لنمط الإنتاج المنزلي الخاص” كيف تؤثر الافتراضات ذات النزعة الطبيعية في التحليل، كما تصر على أن توزيع الخيرات داخل الأسرة يتميز بالنهل من رافد واحد والمشاركة، على عكس التوزيع الذي يحدث بين الأسر والذي يقوم على التبادل أو المعاملات المتوازنة (Sahlins 1974).21 ومن جهة أخرى، تذهب دراسة هاريس إلى وجود أنواع من الاقتصاد – التي تتميز بتداول السلع بشكل عام – يمكن أن يكون هذا التمييز فيها مبررًا، لكن هذا ليس الحال في جميع المجتمعات بالتأكيد (هاریس، ۱۹۸۱: 54 -5). لكن الأخطر أننا لو افترضنا أن النهل من رافد واحد والمشاركة يميزان جميع العلاقات داخل الأسرة لأخفينا الطبيعة الواقعية لهذه العلاقات، وحجينا أي إمكانية لطرح أسئلة لبحث ودراسة كيف تعمل هذه العلاقات فعلاً.
وتقدم لنا دراسة باتريشيا كابلان (Patricin Caplan) عن القرى الإسلامية الواقعة على سواحل تنزانيا مثالاً لمجتمع لا يتشارك فيه الزوجان في مواردهما ولا يجعلان منها رافدًا واحدًا ينهل منه الجميع داخل الأسرة. فهي تناقش أن نساء القرية يحتفظن بملكيتهن الخاصة بعد الزواج، بما في ذلك أشجار جوز الهند الثمينة. فممتلكات المرأة ودخلها يخصانها، وهي تدير أمورهما وتوزعهما كما يحلو لها، وعلى الرغم من أنها قد تسهم في الاحتياجات المالية الأسرة، فلا يوجد ما يلزمها بذلك. ومن حقها أيضًا الاحتفاظ لنفسها بأية محاصيل تزرعها لحسابها. كما أن المرأة إذا كانت ثرية وزوجها فقير، يمكنه أن “يقترض” منها، لكن لا بد أن يرد إليها ما اقترضه (Caplan 1984¸ 33). وتخلص كابلان إلى أن: “الأسرة عبارة عن تجمع من الأفراد المشتغلين والمشتغلات بأنشطة إنتاجية، لكن كلاً منهم ومنهن يحتفظ لنفسه إلى حد بعيد بثمار عمله. وتتميز العلاقات داخل الأسرة بالتبادل لا بجمع ثمار جهد الجميع في رافد واحد ينهل منه الجميع” (Caplan 1984¸ 34).
وهذه الحالة من تنزانيا ليست غير معتادة، إذ توجد الكثير من الوثائق عن أمثلة أخرى من شرق أفريقيا وغربها عن نساء يدخلن مع أزواجهن في معاملات تبادل ويدخلون معهن فيها. ووفقًا لقول الناقدات والنقاد النسويات والنسويين، فإن عدم القدرة على التعرف على حدوث هذه المعاملات ينشأ من مصدرين: (۱) عدم وجود التنقيب البحثي الكافي عن ظروف النساء والاستراتيجيات التي يستخدمنها بصفتهن فاعلات اجتماعيات، و(۲) افتراض أن الأسر يرأسها رجال، يرسون مركزية الموارد ويتحكمون في تخصيصها داخل الأسرة. وهاتان النقطتان مرتبطتان ببعضهما، لأن الإسراف في التركيز على الرجال، وعلى الوحدات والاستراتيجيات التي يحددها الذكور لا بد أن يؤدي إلى خفاء النساء عن الأنظار وإلى تحريف عمومي في الصور التمثيلية لعلاقات النوع. وبهذا المعنى، وكما أشارت الكثيرات من الكاتبات النسويات، فإن إعطاء “الذكر” امتيازًا في التحليل ينتج كتابات أنثروبولوجية لا تتسم بالكفاءة.
وافتراض أن موارد الأسرة تدار دائمًا بأيدي الرجال ومن خلالهم افتراض غير صحيح، لأن في الكثير من المجتمعات الإفريقية، مثل الحالة التنزانية التي سبق ذكرها، يحتفظ الرجال والنساء بقنوات دخل منفصلة عن بعضها. في هذه الحالات، توضع حدود صارمة على حق الأزواج أو الزوجات في نتاج حقول بعضهم، أو في النخل الآتي من بيع هذا الناتج. لكن لا بد من النظر إلى مسائل الدخل في سياق استخدام العمالة والحق الذي لبعض الأفراد في عمل الآخرين. على الزوجات – والأزواج إلى حد أقل – التزام بالعمل من أجل بعضهم. عادة ما يشار إلى هذا باسم “العمل العائلي“، وهو سمة سائدة تميز المجتمعات الزراعية ذات النطاق الصغير من الإنتاج، كما في حالات المشروعات التجارية الصغيرة، كإدارة دكان.22 والطبيعي أن العمل العائلي عمل غير مأجور، وكثيرًا ما تظهر صراعات بين الزوجين في محاولتهما لموازنة متطلبات العمل العائلي تجاه الوقت والموارد اللازمة لمشروعاتهما وأعمالهما الفردية (Whitehead 1981). إن التحكم في الموارد وفي تخصيصها داخل الأسرة عملية مركبة لا بد أن ترى دائمًا في علاقتها بشبكة من الحقوق والواجبات. وإدارة العمل، والدخل والموارد ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتنظيم أمور الأسرة وبتقسيم العمل حسب الجنس. وتوضح دراسة الحالة التالية بعضًا من هذه النقاط.
تناقش آن وايهيد العمل العائلي ودخل الأفراد في مجتمع محلي يعمل بالزراعة في مقاطعة باوكو بشمال شرق غانا (Anne Whitehead 1981; 1984). تسود هذه المنطقة جماعة الكوصاسي. المحصول الرئيسي هو الدخن [الذرة العويجة]، الذي ينتجه الرجال أساسًا، لكن النساء يسهمن بكم معتبر من العمل الزراعي، خاصة أثناء الغرس والحصاد. كل الأسر تشارك في الزراعة، ويتمكن بعضها من إنتاج فائض، لكن نسبة كبيرة منها لا تتمكن من إنتاج ما تحتاجه من طعام لإقامة الأود من عام إلى العام الذي يليه. هذا المجتمع يعتمد نسق انحدار النسب عن طريق الأب، وتشكل فيه الأسر وحدات إنتاج/ استهلاك ذات أهمية، لكن يمكن أن تتفاوت إلى حد بعيد في حجمها وتركيبها. لا تقوم الأسر على أساس شريكي حياة متزوجين ببعضهما البعض ولا على أساس العائلة النووية، يل تميل إلى أن تنظم نفسها على أساس الذكور الذين تربط بينهم قرابة العصبة (الانحدار من سلسال أقرباء الأب)، الذين قد يكون لكل منهم أكثر من زوجة (Whitehead 1981¸ 92). وتوضح وايتهيد الطابع المركب لنظام الأسرة عن طريق وصفها لتركيب الأسرة المثالية لدى جماعة الكوصاسي، فتقول: “عميد الأسرة ذكر، (وتتكون الأسرة منه، ومن أخيه الأصغر منه سنًا, وكل منهما متزوج بزوجتين)، ومن ذكر راشد أعزب (أخ أو ابن) وابنة عفية البدن أو أكثر، وامرأة أخذت رهينة، و“أم” أو أكثر” (Whitehead 1981¸ 95).
يوجد نوعان من المزارع المرتبطة بالأسرة: المزارع الخاصة، وهي أرض زراعية يخصصها رؤساء الجماعة وكبارها لأصحابها، لكن لا توجد ندرة مطلقة في الأراضي، والقيد الأساسي على الإنتاج هو الحصول على العمالة اللازمة الفلاحة الأرض والتحكم فيها (Whitehead 1981¸ 94). أهم المزارع هي المزارع المملوكة لأسر، والتي تستخدم لزراعة الدخن [الذرة العويجة] لإطعام أفراد الأسرة، ولزراعة الفول السوداني الذي يباع للحصول على المال السائل. وأول واجبات أفراد الأسرة هو العمل لإنتاج ما يكفي من الدخن لتغطية احتياجات الأسرة (أي لملء مخازن الحبوب). ويقع على عميد الأسرة عبء التأكد من حدوث هذا، ومن أن الدخن يوزع بانتظام على كل النساء المتزوجات في الأسرة.
يتولى أفراد الأسرة العمل في مزارع الأسر، كما يتولاه الشركاء في “تبادل العمل“. أفراد الأسرة لا يتقاضون أجرًا عن عملهم هذا، أما الآخرون فيعملون بصفة موسمية و “يتقاضون أجرًا” عن عملهم في شكل طعام وشراب. وبالإضافة إلى مزارع الأسر، توجد المزارع الخاصة، التي “يملكها” كل من ذكور الأسرة وإناثها. تستخدم هذه المزارع الخاصة أساسًا لزراعة المحاصيل التي تباع مقابل مال سائل (الأرز، والفول السوداني)، على الرغم من أن بعض المحاصيل التكميلية التي تستخدم لقوت الأسرة تزرع فيها أيضًا. يملك الفلاح الفرد (ذكرًا كان أو أنثى) ناتج هذه المزارع، ويمكنه أو يمكنها توزيعه حسب ما يتراءى لهما. والنتيجة أن النساء والرجال يتاح لهن ولهم سبل الحصول على موارد ودخل مستقلين عن موارد بعضهما البعض، ولا توضع هذه الموارد المستقلة في رافد واحد ينهل منه جميع أفراد الأسرة، ولا يتقاسمه أصحابه (من ذكور أو إناث مع بعضهم (Whitehead 1981¸ 100).
لكن الرجال والنساء لا يتمتعون ولا يتمتعن بالمساواة في سبل الحصول على الموارد التي تأتي من المزارع الخاصة. والسبب – كما توضحه وايتهيد – هو أن النساء والرجال يحتللن ويحتلون مواقع مختلفة من حيث القدرة على توجيه الأمر للآخرين بالعمل. فالرجال يمكنهم استخدام عمالة زوجاتهم وغيرهن من نساء الأسرة بلا أجر، لكن الطريقة الوحيدة التي يمكن للنساء بها استخدام عمل الذكور من أفراد الأسرة أن “يدفعن” لهم أجرًا في شكل أطعمة أو شراب. بعبارة أخرى، النساء مجبرات على العمل لحساب رجال الأسرة الأكبر سنًا، لكن الرجال لا يعملون لحساب النساء إلا لو استطاعوا المشاركة في تبادل العمل معهن (Whitehead 1981¸ 98). من نتائج هذا أن مساحات المزارع الخاصة التي تملكها النساء تكون أصغر من التي يمتلكها الرجال. تعزي وايتهيد هذا جزئيًا إلى أن مطالبة النساء بحقهن في الأرض “أضعف“، في مجتمع تعيش فيه النساء مع أقارب أزواجهن وتخصص فيه الأرض على أساس روابط العصبة، وترجعه جزئيًا إلى القيود التي تضعف من سبل حصول النساء على العمالة. ومن ثم، تجني معظم النساء من مزارعهن الخاصة أرباحًا أقل مما يجنيه الرجال من مزارعهم.
إن “انفصال الذمة المالية” للزوجات والأزواج عن بعضها، وأن القرينين لا يديران مصدر تمويل مشترك بينهما كزوجين لا يعني بالضرورة وجود قدر أكبر من المساواة بين النساء والرجال. ويوجد سببان يفسران هذا الوضع. الأول هو عامل الزواج والقرابة؛ فمن الواضح أن الكثير من العمالة الزراعية تُحشّد من خلال علاقات “لا تقوم على علاقات السوق“، بل على القرابة، والانتماء لأفراد الأسرة والمكانة الاجتماعية. وتتضح الطبيعة المتداخلة لهذه الشبكات من أن عمداء الأسر في جماعة الكوصاسي يقدرون على حشد عمالة غير مأجورة من إناث الأسرة وذكورها، بالإضافة إلى أفراد من “جماعات التبادل” ، للعمل في مزارعهم الخاصة (Whitehead 1981¸ 98). فالنساء يعملن لحساب الرجال، والأصغر سنًا يعمل لحساب الأكبر سنًا، والفقير يعمل لحساب الغني، وكل هذه العلاقات مغروسة في شبكة من الصلات الاجتماعية معزولة في معظمها من خيوط القرابة، والسكنى، والانضواء تحت جناح الرعاية، في حالة المجتمعات المعتمدة على اقتصاديات ريفية زراعية صغيرة. لكن النساء يحشدن هذه العلاقات الاجتماعية للإنتاج من خلال الزواج في المقام الأول. فسبيل هؤلاء النساء إلى معظم فرص الحصول على الأرض، والعمالة (سواء من الذكور أو الإناث) ورأس المال يأتي من خلال كونهن زوجات. كما أن سبل حصول النساء على عمالة من الذكور من خارج نطاق العائلة كثيرًا ما يحدث عبر وساطة أزواجهن؛ سبيل حصولهن على أنواع العمالة الأخرى (“جماعات تبادل العمل” والعمل المأجور) يعتمد على مجمل قدرتهن على التمكن من الموارد، خاصة الدخل. ويرتبط اعتماد النساء على العلاقة الزوجية في الحصول على الموارد بالتزامهن بالعمل لحساب أزواجهن، وذلك بطرق مركبة لكنها متغيرة تاريخيًا (Guyer 1984).23
والسبب الثاني في أن انفصال الذمة المالية للزوجين لا تعني بالضرورة وجود قدر أكبر من المساواة بين النساء والرجال مرتبط بالسبب الأول، ومتعلق بمشكلة المكانة الاجتماعية أو القوة. فالعلاقات داخل نطاق الأسرة بين جماعة الكوصاسي علاقات هرمية بشكل واضح، يعمل النوع والسن فيها كمتغيرات تشمل كل قطاعات الجماعة. من الواضح أن الزوجات الأكبر سنًا لسن أدنى منزلة من الرجال الأحدث سنًا في الرَبْع الذي يقمن فيه وغيره من الربوع التي تربط أهلها بربعهن علاقة عصبة لتشكل جماعة عمل مشاعية. لكن حتى النساء الأكبر سنًا يفتقدن القوة الاجتماعية الحقيقية “التي تجعلهن قادرات على التمكن من الحصول على العمالة“، وعلى الرغم من أن بعضهن يمتلكن ما يكفي من الثراء لفعل هذا، فهن لم يتمكنّ من حشد جماعة تبادل عمل “تغطي كل مجتمعهن المحلي“. وأقصى ما بوسعهن فعله أن “يتوسلن لعميد الأسرة أو الزوج لتوجيه بعض الأيدي العاملة إلى مزارعهن (Whitehead 1984¸ 39). والرجال، من جهة أخرى، وبافتراض أن لديهم الموارد، يتمكنون من حشد جماعات تبادل العمل تلك على نطاق يغطي مجتمعهم المحلي، سواء للعمل في الحقول المملوكة للأسرة أو في مزارعهم الخاصة، أو في المكانين معًا. وترجع عدم قدرة النساء على تكليف الآخرين بالعمل لحسابهن إلى موقعهن في الأسرة وفي مجموعة أوسع من العلاقات الاجتماعية خارج الأسرة. وسأعود إلى هذه النقطة لاحقًا عند مناقشتي لعلاقات الملكية.
من الواضح أن طبيعة الإطار التنظيمي للأسرة والعلاقات لا يمكن افتراضه، لكن لا بد من فحصه بشكل عملي وتاريخي. وقد أشار عدد من الكاتبات النسويات إلى أنه لا يكفي مراجعة أفكارنا عن العلاقات الأسرية على المستوى الدولي؛ بل لا بد أيضًا أن تراجع وجهات نظرنا عن طبيعة العلاقات التي تحدث في إطار الأسرة أو خارج إطارها. أهم النقاط المطروحة هي ما إذا كانت الأسرة أكثر الوحدات التحليلية التي ترضينا. وقد ذهبت الناقدات النسويات إلى أن الإسراف في التأكيد على ترابط الأسرة يؤدي إلى تصور مضلل للأسر على أنها وحدات مستقلة باتخاذ قرارها، حيث الزواج هو العلاقة التي تحدد الأمور بين الجنسين وحيث تتميز العلاقات الزوجية بأفضلية عن غيرها من أنواع العلاقات والاستراتيجيات (Guyer 1981; Whitehead 1984; Harris 1981). وقد وضحت أوليفيا هاريس (Harris 1981) أن طبيعة الأسرة نفسها ليست هي التي تحدد العلاقات بين أفرادها، بل تتحدد العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة بفعل علاقات اجتماعية, واقتصادية وأيديولوجية تقع خارج نطاق وحدة الأسرة. وفي نقاشها للسلطة المستثمرة في عميد الأسرة، تذهب إلى أن هذه السلطة في المجتمعات الزراعية الصغيرة تستمد من تحكم كبار السن من الذكور في المجتمع المحلي على اتساعه، وفي المجتمعات التي تسودها الدولة. تستمد هذه السلطة من الدولة. “إن محاولة فهم كيف يحدد منصب عميد الأسرة ويعاد إنتاجه تتجاوز بنا حدود الوحدة المنزلية الخاصة نفسها” (Harris 1981¸ 59).
إن علاقة الأسرة بالجماعات، والمؤسسات والشبكات التي تقع خارج حدودها قد شكلت لوقت طويل موضوع خلاف مستمر في الأنثروبولوجيا. ومن المعتقد عمومًا أنه في كثير المجتمعات – إن لم يكن في معظمها – تقدم علاقات القرابة الروابط الأساسية التي تتجاوز الأسرة والتي يمكن تنشيط تنويعة عريضة من الأشياء من خلالها: من الترقي إلى المناصب العامة ووراثة الخيرات والألقاب، إلى أشكال أكثر تنوعًا من الولاء, والدعم, وتبادل العون.24 وفي المجتمعات الصغيرة تكون هياكل القرابة هياكل سياسية واقتصادية في نفس الآن.25 لكن في المجتمعات التي تسودها الدولة، يمكن استخدام علاقات القرابة لإفساد الهياكل الاقتصادية والسياسية المؤسسية أو “الالتفاف حولها“. ويتباين “دور” القرابة تباينًا شديدًا عبر الزمان والمكان، ومما يزيد هذا الأمر تعقيدًا الجوانب الأيديولوجية للقرابة. والكتابات الأنثروبولوجية السابقة مليئة بأمثلة عمن ادعوا علاقات قرابة، أو اخترعوها، أو استدعوها، بشكل مستقل تمامًا عن أي علاقة بيولوجية، لتقوية علاقات اجتماعية معينة أو إضفاء الشرعية عليها. وليس هذا بالأمر المثير للدهشة، حيث إن نُسُق القرابة بحكم طبيعتها تصنف الناس في فئات تعلو بعضها بعضًا، وتخلق بذلك فوارق بينهم: فالقريب يختلف عن الغريب، مثلاً، لكن لا تخلق كل النُسُق فوارق بنفس الطريقة، مما يؤدي إلى التأكيد على أنواع معينة من العلاقات دون غيرها.
وهذه الحقائق يعرفها الأنثروبولوجيون حق المعرفة، لكن العلم بها لم يبلغ محللي النساء ونُسُق القرابة بالقدر الذي ينبغي أن يكون. والسبب الرئيسي لهذا أن الأنثروبولجيا مالت بعد فورتيس إلى تقسيم نُسُق القرابة إلى مجالين: المنزلي الخاص، والسياسي – القضائي. وغني عن القول أن النساء قد اعتبرن مشغلات بالمجال المنزلي الخاص، وكانت النظرة الى المجالين المنزلي الخاص والسياسي – القضائي ترى أنهما يتبادلان تقرير الأمور، لكن هذا لم يغير من حقيقة أن نُسُق القرابة كانت تدور أساسًا حول الطرق التي يمكن بها للرجال الحصول على الموارد, بما فيها النساء, يمكنهم بها مساعدة رجال آخرين على الحصول على ذلك. للنساء حقوق بالتأكيد في نُسُق القرابة، لكن نُسُق الزواج، والسكنى، والنسب والإرث نادرًا ما تنظم بطريقة تضم حصول النساء على الموارد أو السماح لهن بتأمين سبل حصول نساء أخريات عليها، أو هذين الأمرين معًا، وقد دار جدال لوقت طويل حول أن نُسُق الانتساب للأم لا تختلف في هذا الصدد عن نُسُق الانتساب للأب. فإذا كان الانتساب للأب يخلق صلات بين “الأب” والأبناء الذكور لزوجته، فإن الانتساب للأم يخلق صلات بين شقيق الأم والأبناء الذكور للأخت (Milliassoux 1981¸ 23).26 ويعتقد البعض أحيانًا أن نُسُق الانتساب للأم تشمل بالضرورة علاقات تتسم بمزيد من المساواة بين الزوجين، لكن أودري ريتشاردز (Audrey Richards) تقول عن جماعة البيمبا التي تنتسب للأم: “هذا مجتمع يسوده الذكور، وحتى لو كان الانتساب يحسب عن طريق الانحدار عن سلسال الأم، فإن الزوجة تخضع إلى حد بعيد لتحكم زوجها فيها، حتى وهو غريب يعيش في قرية زوجته” (Richards 1950¸ 225).
وقد تجاهل التحليل التقليدي لنُسُق القرابة في الأنثروبولوجيا النساء إلى حد بعيد، خاصة بوصفهن فاعلات اجتماعيات مستقلات أو مبادرات بالفعل. لا شك أن الأيديولوجيات الداخلية للجماعة قد عززت التركيز الصريح على اهتمامات الرجال والذكور. لكن تجاهل صلات القرابة للنساء، ومشاركتهن في شبكات القرابة وغيرها من الشبكات خارج الأسرة كان أيضًا بسبب وجهات نظر عامة فحواها أن محتويات المجال المنزلي الخاص كانت معروفة، وبسبب التصور الذهني للأسرة كوحدة مترابطة. وكان الافتراض الضمني أن النساء كن يعملن داخل المجال المنزلي الخاص، بينما كان الرجال يستخدمون الصلات التي تربطهم بغيرهم من الرجال للعمل في المجال العام / السياسي، حيث ينشئون الصلات التي تربط بين الأسر ويحافظون على استمرارها.27
هذه الرؤية للأسرة والصلات التي تربطها بنسق القرابة الأوسع نطاقًا تميل إلى الحفاء الكثير من معالم أنشطة وعلاقات مهمة تنشغل بها النساء. وكما وضحت أوليفيا هاريس، توجد الكثير من أوجه التعاون والنشاط الجمعي في العمل المنزلي بين الأسر وبعضها البعض (Harris 1981¸ 63). فمهام مثل الطهو، والعناية بالأطفال، نيابة عن النساء الأخريات، و“تغطية” غيابهن عمومًا عن هذه المهام يؤسس أنواعًا من العمل “المنزلي الخاص” قد تكون في شدة الأهمية من حيث اشتغال النساء بالعمل “الإنتاجي” . فمساعدة النساء لبعضهن في رعاية الأطفال مثلاً يمكن أن تتيح لنساء أخريات حرية الارتباط بالعمل المأجور، أو زيادة عدد الساعات التي ينفقنها في الحقول أثناء فترات الذروة في الطلب على العمالة. والمساعدة في الطهو من شأنها أن تحدث فارقًا كبيرًا حيث تشمل المساعدة في إعداد الأطعمة للطهو أو حمل الحطب للوقود. وعلى النساء في جميع أنحاء العالم أن يمارسن مهام العمل المنزلي بالإضافة إلى عملهن “خارج البيت” .28 وقد قال عدد من الكتاب أن النساء المعزولات عن شبكات الدعم القوية قد يجدن أنفسهن أكثر اعتمادًا على الرجال وأكثر عرضة للوقوع تحت طائلة السلطة الذكورية داخل الأسرة (Caplan and Bujra 1978; Rosaldo 1974; Sunday 1974; Moore 1986)
وقد تستغل النساء أيضًا صلات القرابة وغيرها من الصلات للحصول على موارد من خارج الأسرة. وتناقش ميجان فوجان (Megan Vaughan) في دراستها عن النساء الريفيات في مجتمع محلي ينتسب للأم في جنوب مالاوي طريقتين تتمكن النساء بهما من فعل ذلك. في الحالة الأولى، تستغل النساء صلات القرابة الوثيقة خارج الأسرة. في المجتمع المحلي الذي تصفه ميجان فوجان، يفترض أن تزرع المرأة الراشدة ما يكفي من الطعام في أرضها لإطعام زوجها وأطفالها. وفكرة الاكتفاء الذاتي “للعائلة” قوية جدًا إلى حد أن الشقيقات اللاتي يعشن في أكواخ متجاورة لن يأخذن حبة غلة واحدة من صوامع غلال شقيقاتهن. ومن لا تمتلك صومعة غلال عليها أن تملأها بنفسها يعني أنها قد صارت بمثابة من انحدرت إلى هوة “الفاقة” (Vaughan 1983¸ 277). لكن في الواقع، كثيرًا ما تكون أفقر الأسر أسرًا ترأسها نساء، يعتمدن اعتمادًا كبيرًا على ما تحوله إليهن الأسر الأخرى من طعام. لكن هذه التحويلات الغذائية تُخفى بقدر الإمكان. فقد تأكل مجموعة من الشقيقات، أو من الشقيقات وغيرهن من الأقارب المنحدرين من نسب الأم نفسها بطريقة مشاعية، وحين يحدث هذا، تطهو كل امرأة منهن طعامها وتأتي به لتتقاسمه مع الأخريات من عضوات المجموعة. والنتيجة أن التحويلات الغذائية للطعام تحدث في مرحلة استهلاكه، لكن لأن هذه التحويلات “مخفية” ومن ثم غير مرئية كآلية من آليات التوزيع، فإن مٌثل الكفاية الذاتية “للعائلة” تظل سليمة (Vaughan 1983¸ 278). وتوضح فوجان أنه مع تزايد التمايز الاقتصادي بين الأسر, بصير هذا التوزيع “الخفي” عند مرحلة الاستهلاك أكثر “مركزية بالنسبة للتنظيم الاقتصادي لجماعات معينة وحسن أحوالها” (Vaughan 1983¸ 278).
والطريقة الثانية التي قد تحصل بها النساء على الموارد هي طريقة استغلال الصلات التي تربطهن بغير الأقارب. فكلمة شينجيرا تطلق على علاقة صداقة خاصة بين امرأتين، وتشمل التزامات اجتماعية، واقتصادية، وطقسية. لكنها لا تنشأ بين القريبات، والحقيقة أن أي امرأة لن تنشئ مثل هذه العلاقة بأي امرأة أخرى قد تعتقد في وجود شبهة قرابة بينهما ولو من بعيد. فعلاقة الشينجيرا تبنى على الثقة، ويجب أن تكون المرأة قادرة على البوح لصديقتها الأنجيرا بأشياء لا يمكنها البوح بها لقريباتها (Vaughan 1983¸ 282). وتذهب فوجان إلى أن علاقة الشينجيرا لا تقتصر على تكملة صلات القرابة، بل تخفف أيضًا من اعتماد المرأة على الروابط الزوجية. ودائمًا ما تنشأ علاقة الشينجيرا بين نساء لأسرهن “موارد اقتصادية تكمل بعضها بعضًا“، وتنشأ على الأغلب بين النساء اللاتي يعشن مع أزواجهن في المقاطعات المنتجة للشاي، والنساء اللاتي يعشن في القرى المجاورة.
وقتما تزور المرأة صديقتها الإنجيرا تلتزم بأخذ هدية معها. النساء اللاتي من “الخطوط ” [المقاطعات] يأخذن بضائع صغيرة مصنوعة مشتراة من الدكاكين التي في محل إقامتهن. أما النساء اللاتي من القرى فيأخذن مواد غذائية من التي زرعنها في حدائقهن. وقد قالت الإخباريات إن من دواعي السخرية أن تأتي امرأة من أهل “الخطوط” لصديقتها الأنجيرا بغلال، أو أن تأتي امرأة من أهل القرى لصديقتها الأنجيرا بصابون. وهكذا, تستخدم نساء هذه المنطقة العلاقة التي بينهن لتكملة موارد أسرهن وللهرب من بعض القيود التي تفرضها عليهن ظروفهن الاقتصادية (Vaughan 1983¸ 283).
إن أهمية الصلات التي تربط بين النساء تلفت الانتباه إلى عدم كفاية الأسرة كوحدة منفردة للتحليل، ولتشكك أيضًا في الطرق التي مال بها علماء وباحثو الأنثروبولوجيا – لاسيما في الماضي – لفهم الصلات التي تربط بين الأسر.
وجدت الجماعات المنزلية التي تعولها نساء والمتمحورة حول نساء على نطاق واسع من المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم (Smith 1973; Tanner 1974) ,وعلى الرغم من الفوارق المفاهيمية في استخدام مصطلح مثل “التمحور حول الأم“، فمن الواضح أن محاولة إعادة تصور وفهم “الأسرة” يواجه أحد أصعب ما واجهه من اختبارات فيما يرتبط بمثل هذه الأسر.29
في المقام الأول، أدرك الباحثون والباحثات العاملون في منطقة الكاريبي وبين تجمعات السود في أمريكا منذ زمن طويل عدم كفاية الأسرة كوحدة للتحليل، وربما كان هذا لأن بروز النساء “على نحو غير معتاد” في هذه النُسُق الاجتماعية قد أرغمهم على إعادة النظر في فئات وأنماط التحليل التقليدية. تناقش كارول ستاك سيولة الترتيبات المنزلية الخاصة في دراستها عن أحد المجتمعات المحلية الحضرية للأمريكيين السود (Stack 1974) وضعت ستاك في بحثها فكرة عن الشبكة المنزلية الخاصة. وذهبت إلى أن أساس الحياة المنزلية الخاصة تجمع من الأقارب يرتبطون ببعضهم البعض بشكل دائم من خلال الأطفال، وأيضًا من خلال الصداقة والزواج. هذا التجمع أو الشبكة المنزلية الخاصة تمد مظلتها على عدة أسر قائمة على القرابة. وتلاحظ ستاك أن الأسر تتكون حول النساء بسبب دورهن في رعاية الأطفال، وأن الصلات الموجودة بين النساء وبعضهن البعض هي أساس الشبكات المنزلية الخاصة. والمهم أن الشبكات المنزلية الخاصة تقدم الدعم المادي والمعنوي اللازم لرعاية أفراد المجتمع المحلي وتنشئتهم / هن اجتماعيًا، وهو ما لا تقدمه أسرة “مترابطة” ولا عائلة نووية. والأسر الفردية – التي يحددها السكنى والحالة المشاعية – عضويتها متغيرة، لكن هذا لا يؤثر في تكوين الشبكة المنزلية الخاصة. قد تكون حدود الأسرة “مرنة“، لكن صلات القرابة قوية وصامدة (Stuck 1974).
النقطة الأخرى تتعلق بالطريقة التي كان الباحثون يحللون بها الأسر التي تعولها نساء, التي يبدو أنها تزداد عددًا في عدد متنوع من المجتمعات المحلية في جميع أنحاء العالم. من المهم أن نضع في اعتبارنا الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية والأيديولوجية التي تُشكل تحتها الأسر التي تعولها نساء نسبة معتبرة من إجمالي عدد الأسر. الشواهد على هذا مركبة، لكن يبدو أن الأسر التي تعولها نساء تشيع في أوضاع الفقر في المناطق الحضرية؛ وفي الأحوال التي يتفشى فيها ويعمها عدم الأمان وانعدام الحول والقوة (Youssef and Hafler 1983; Merrick and Schmink 1983). فمثلاً؛ تتزايد عدد الأسر التي تعولها نساء في الكثير من المناطق الريفية في أفريقيا. والرأي الشائع في الكتابات السابقة أن السبب في هذا هجرة الأيدي العاملة من الذكور. من الواضح في بعض النُسُق الاقتصادية الريفية أن الإجهاد الذي تتعرض له العلاقات الزوجية بسبب ما يقع عليها من ضغوط ناشئة عن استغلال المناطق الريفية كمخزون للأيدي العاملة يؤدي إلي زيادة ضخمة في الأسر التي تعولها نساء (Murray 1981; Bush et al. 1986).
لكن بالإضافة إلى هجرة الأيدي العاملة من الذكور، توجد أيضًا إشارة إلى أن تزايد التمايز الاجتماعي – الاقتصادي في المجتمعات الريفية ينتج عنه عدد من الأسر التي تعملها نساء (Cliffe 1978). فالتغيرات في نُسُق القرابة وفي تنظيم الإنتاج الزراعي تعني أن الكثير من النساء الأشد فقرًا قد فقدن الأمان الذي كانت توفره لهم شبكات القرابة وعلاقاتها فيما سبق. والحق أن الكثير من الأسر التي تعولها النساء أسر شديدة الفقر، لكن كما توضح دراسة بيترز(Peters) ، لا ينطبق هذا على جميع هذه الأسر، وعلينا أن نتوخى الحذر الشديد لتجنب أي إدغام تحليلي قد يوحي بأن: غياب الذكور = نساء معيلات = هامشية = فقر (Peters 1983). فالوضع أشد تركيبًا من هذا، وهو يتطلب المزيد من البحث. 30 يرجع هذا إلى شيء واحد هو أن لدينا كما معينًا من الشواهد الآتية من أفريقيا – كما من جميع أنحاء العالم – الدالة على أن بعض النساء يخترن ألا يتزوجن (Allison 1985¸ Nelson 1978¸ Obbo 1980)، وأن أعدادًا معتبرة من النساء المتزوجات يخترن العيش منفصلات عن أزواجهن (Bukh 1979¸ Abbott 1976). ربما كان هذا من سمات الحياة الحضرية لا الريفية، لكنه يبرز مخاطر استسهال التعميم ويدعم أهمية البحث القائم على أسس تاريخية واجتماعية.
إن تغير أشكال الأسرة والتغيرات التي تطرأ على تقسيم العمل داخل الأسرة على أساس الجنس لها علاقة بعمليات التحول الاجتماعي، والاقتصادي والسياسي التي تجري على نطاق أعرض. ولتحديد مقاييس التغيرات القابلة للملاحظة في تقسيم العمل على أساس الجنس، وعواقب مثل هذه التغيرات على مكانة النساء، يلزم الالتفات إلى فحص العلاقات الاجتماعية التي تخلق أشكال القرابة والأسرة وتحافظ على استدامتها، ألا وهي الزواج والملكية.
لابد أن تشمل … دراسة دور النساء في عملية الإنتاج … ما يتجاوز مجرد وصف أنواع العمل التي تقوم بها النساء. إذ لا بد أن تشمل تفسيرًا لعلاقات السلطة العائلية التي ينظم هذا العمل وفقًا لها، ولعلاقات الملكية التي يعترف بها هيكل السلطة هذا ويحافظ على استمرارها. (Sharma 1980¸ 15).
هذه الفقرة المقتبسة من دراسة أورسولا شارما تشير إلى أن العمل والملكية مرتبطان ببعضهما بشدة، وأن الاثنان تنظمهما علاقات القرابة التي تشكل المجالات الإنتاجية ومجالات الإنجاب/ إعادة الإنتاج في حياة النساء. وقد عرف الأنثروبولوجيون والأنثروبولوجيات منذ زمن بعيد الارتباطات المهمة بين الملكية والزواج (Bloch 1975; Goody 1976; Goody and Tambiah 1973). في أي تحليل لعلاقة النساء “بالملكية” تأخذ هذه الارتباطات وضعًا مزدوجًا غريبًا، عندما نأتي إلى التفكير في سبل حصول النساء على الملكية والنساء بوصفهن نوعًا من الأملاك. والخلاف الجاري منذ زمن بعيد في الأنثروبولوجيا حول تبادل النساء من خلال الزواج هو نفسه مثال لهذه الازدواجية. 31 وقد عَرَّفت الأنثروبولوجيا تقليديًا مؤسسة الزواج على أنها نقل قانوني لحقوق الملكية والحق في الناس الذين يعملون على استمرار جماعة النسب وخلق روابط التحالف من خلال الزواج من خارج الجماعة. وقد حدد رادكليف – براون صفة الزواج كوسيلة يكتسب بها الزوج وجماعة أقرباؤه حقوقًا في الزوجة. ويمكن أن تكون هذه الحقوق من نوعين: الحق في الزوجة كشخص (الحقوق في عمل الزوجة وواجباتها المنزلية) والحق فيها كشيء (حقوق الحصول على العلاقة الجنسية معها) (Radcliffe- Brown 1950¸ 50) .32 في المجتمعات التي تنتسب إلى الأب، يكتسب الزوج وأقرباؤه أيضًا حقوقًا في الأطفال الذين يولدون ثمرة للزواج. والحقوق التي يكتسبها الرجل في زوجته وأطفالها معلقة بالالتزامات التي عليه نحو زوجته، وأقاربها. عادة ما تركز التزامات الرجل نحو زوجته على مسألة الدعم الاقتصادي، بينما قد تشمل التزاماته نحو أقربائها تحويل الخيرات أو العمل إليهم، وهو ما يعتبر نوعًا من التعويض عن فقدهم لابنتهم. النساء والرجال يجلبون أشياء مختلفة للزواج، ويكتسبون أشياء مختلفة من خلاله، ونُسُق الزواج نفسها متنوعة, وللاهتمام بالعلاقة بين النساء، والملكية، والزواج يلزم دراسة بعض سمات النُسُق نفسها المختلفة.
تناقش إليزابيث كرول (Flizabeth Croll) في دراستها عن النساء والزواج في الصين بعد الثورة محاولات الدولة لتغيير طبيعة الزواج، والمفاوضات والمعاملات المتبادلة (هدايا الخطبة، ودفع الدوطة) التي تتعلق بالنساء والملكية، والتي كانت معضلة تواجه التنظيمات العربية (Croll 1981a¸ 1984). في عام 1950، نشرت الحكومة الصينية قانونًا للزواج سعي إلى إبطال الزيجات المرتبة تقليديًا، وتبادل النساء عبر الزواج، والمفاوضات والمعاملات المتبادلة المصاحبة للزواج وتدني منزلة النساء بالنسبة للرجال. وقد دعم قانون الزواج الجديد حق الشباب والشابات في اختيار شركاء وشريكات حياتهم وحياتهن (الزواج القائم على الاختيار الحر)، وتولي أمر شئون أنفسهم وأنفسهن دون تدخل من العائلة والأقارب. وتبعت الدولة إعلان هذا القانون بسلسلة من الحملات التعليمية التي ربطت صراحة بين إعادة تعريف الزواج وبين “نبذ حقوق الأقارب الذكور في عمل النساء، وخصوبتهن، وشخصهن، ونبذ تبادل النساء بين جماعات القرابة” (Croll 1984¸ 46- 47). لكن دراسة كرول للزواج المعاصر في أرياف الصين كشفت أن الناس ما زالوا يفكرون في الزواج كتعاقد تجري المفاوضات بشأنه بين كبار الذكور (على الرغم من أن الشباب صارت لهم كلمة في شأن الزواج أكثر مما كان معتادًا)، وأن المعاملات المالية المتبادلة ما زالت مرتبطة بنقل حقوق الأهل على الزوجة. تعلل إليزابيث كرول ما تفسيره الحكومة بأنه “النزعة المحافظة” أو “التخلف” لدى المزارعين الريفيين بأن تستنبط الروابط بين الزواج ودور أسرة المزارعين في الاقتصاد الريفي في الصين المعاصرة. وفي الصين ما بعد الثورة، كان الهدف في المناطق الريفية تحويل الإنتاج إلى إنتاج جماعي، وجعل الكوميونات تقدم الخدمات الأساسية اللازمة للسكان المحليين. لو قصدنا الكمال، لشمل هذا تغييرات جذرية في أسرة المزارعين باعتبارها الوحدة الأساسية للإنتاج والاستهلاك، حيث لن تعود الأسر بعد ذلك وحدات تحوز الأرض، حيث أن الكثير من الإنتاج والاستهلاك سيجري خارج الأسرة، وحيث ستضعف المصالح المشتركة للأسرة بفعل دفع أجور الأفراد الأسرة كل على حدة مقابل عملهم أو عملهن في القوى العاملة الجمعية. وقد حدثت تغيرات بالطبع، لكن بعض السمات الاجتماعية – الاقتصادية المعينة لأسر المزارعين المعاصرة خدمت بالفعل تعزيز استراتيجيات معينة للزواج.
تصف إليزابيث كرول الاقتصاد الريفي بأنه مكون من ثلاثة قطاعات: القوة العاملة الجماعية المأجورة، وبعض الأنشطة المساعدة الخاصة، والعمل المنزلي الذي يشمل إدارة الأسرة وتدبير أمورها. القطاعات الثلاثة كلها تضيف إلى دخل الأسرة، أما أموالاً سائلة أو أشياء عينية، والقطاعان الأخيران يقللان تكلفة تدبير أمور الأسرة كوحدة اقتصادية. والأسرة الريفية المنضوية تحت النظام الذي تصفه كرول ما زالت وحدة إنتاجية، وإن كان نطاق أنشطتها الإنتاجية التي تنظمها أضيق، وتظل أيضًا الوحدة الأساسية للاستهلاك (Croll 1984¸ 51). ومن ثم تذهب إلى أنه لو كان على الأسر المنفردة كل على حدة أن تستمر في الوجود كوحدات إنتاج واستهلاك، فلا بد أن تنظم موارد العمل الخاصة بها وتوزعها بكفاءة على القطاعات الثلاثة للاقتصاد الريفي. وقد ظهر أن لهذا الوضع عواقب مهمة على استراتيجيات الزواج وعلى النساء، لأن عمل النساء في شدة الأهمية للقطاعات الثلاثة كلها. الشابات المتزوجات يعملن في قوة العمل الجمعية، لكنهن قد يدرن أيضًا العمل الذي ينتمي للقطاع الخاص المساعد ويقدمن العمل المنزلي في الأسرة. توزع النساء قوة عملهن على القطاعات الثلاثة بطرق تتباين باختلاف دورة حياة كل منهن كفرد. فمثلاً؛ في الأسر المشتركة، قد “تتقاعد” امرأة كبيرة السن من العمل في القطاع الجمعي لكي تدير الأسرة وتقوم على شئون الأنشطة المساعدة، بينما تجعل زوجة ابنها تحل محلها في القوى العاملة في القطاع الجمعي. والنتيجة أن عمل النساء في شدة الأهمية لكي تقوم أسرة المزارعين بوظائفها بكفاءة، وأن تبادل النساء بين الأسر (من خلال الزواج) شيء يتعلق بالمصالح المشتركة لأفراد الأسرة. إن امتلاك عمل زوجات الأبناء وإعادة إنتاج القوى العاملة للأسرة أمر جوهري لاستمرار بقاء أسرة المزارعين، وهذا الوضع يعلل استمرار أهمية الزواج، وضرورة التحكم في المفاوضات والتعاملات المتبادلة المتعلقة به. القانون الصيني يمنع استئجار العمالة الخاصة، ومن ثم يكون الزواج الوسيلة الوحيدة لإعادة إنتاج العمالة وتجنيدها مباشرة للعمل.33 بل إن الزواج يأخذ شكلاً أكثر أهمية حين ندرك أن التحكم في العمالة نوع من الثروة في نَسَق يعتمد فيه نجاح الأسرة على كفاءة استخدام موارد العمالة. وقد صارت العمالة في هذا النَسَق شكلاً من أشكال الملكية (roll 1984¸ 57).
لقد كان لقيمة عمل النساء في الاقتصاد الريفي أثر على الترتيبات المالية المتعلقة بالزواج، فبمعنى ما، أضفى دخول النساء إلى سوق العمل المأجور في العقود الثلاثة الماضية “قيمة” جديدة على البنات. يمكن التعرف على هذه القيمة جزئيًا بارتفاع كم أو تكلفة هدايا الخطوبة التي تتلقاها أسرة العروس من أسرة العريس على سبيل تعويضها عن القد ابنة من بناتها. وحيت إن تكلفة هذه الهدايا التي تقدم عند الخطوبة قد ارتفعت، فقد زادت صعوبة تمكن الأسر من اكتناز موارد كافية لتزويج أبنائها. لكن رغم أن ارتفاع كلفة هدايا الخطوبة قد خلق صعوبات لعائلة العريس، فقد كان له أيضًا عواقب مهمة بالنسبة للبنات من حيث قدرتهن على المطالبة بحقهن في الحصول على مصادر تمويل وممتلكات من الأسرة. في الماضي، كان يمكن أن ترد أسرة العروس هدايا الخطوبة إلى أسرة العريس في شكل دوطة تدفعها لابنتها، وكانت هذه الدوطة أيضًا تزود العروس بمصدر يحمل لها إمكانية الاستقلال. لكن حالات دفع الدوطة تتناقص لأن أسرة العروس قد ترغب الآن في استخدام الموارد التي كسبتها عن طريق الخطوبة لتزويج أبنائها، لا للإنعام بها على بناتها.34 من ثم يقل احتمال إعطاء دوطة لبنات الأسرة، حتى لو كن يسهمن بأجورهن في تمويل العائلة لعدة سنوات قبل زواجهن (عادة ما تدفع أجور العمل الزراعي في شكل مظروف واحد به مرتب الجميع يعطى لعائل الأسرة). هذا يعني أنه على الرغم من أن عائلة العروس قد يمكنها المطالبة بهدية خطوبة كبيرة “تعويضًا” عن خسارة الابنة “الغالية“، فالمرأة نفسها لا تلقى اعترافًا بجهدها ولا تربح من إسهامها في تمويل العائلة.
وقد كان لارتفاع كلفة هدية الخطوبة أيضًا عواقب على زوجات الأبناء كما كان لها على بنات الأسرة. فقد تعتبر أسرة الزوج مكاسب المرأة بعد زواجها من ابنهم بمثابة تعويض عن تكاليف “الحصول عليها“، وتدمج أجورها في صندوق المال العام للأسرة. “ففي الحاضر، لا يقتصر الأمر على حرمان المرأة من الدوطة التي شكلت في زمن فات أساسًا محتملاً لاستقلالها، بل قد لا تحظى بالاعتراف بأن لها الحق في ما تكسبه بعرق جبينها بعد زواجها” (Croll 1984¸ 59). يحدث هذا طبعًا على الرغم من أن القانون يعطي النساء حقوقًا متساوية في الإرث وفي الحصول على حقهن من ممتلكات العائلة. وكما توضح إليزابيث كرول، فإن من المفارقات أن تزايد قيمة عمل النساء هو الذي فرض سبل حصولهن على الدوطة وغيرها من الممتلكات (Croll 1984¸ 61).
إن قضية الأموال التي تدفع عند الزواج وعلاقتها بالأمان والاستقلال الاقتصاديين للنساء كانت دائمًا قضية يصعب حلها. وسبب هذا بسيط، ألا وهو أن الأنماط المتشابهة سطحيًا من نُسُق الزواج وممارساته قد تعني أشياء شديدة الاختلاف عن بعضها البعض، وهكذا يكون لها عواقب شديدة الاختلاف.35 فالدوطة مثلاً كثيرًا ما يُعتقد أنها تشير إلى حق المرأة في أن ترث نصيبًا من ممتلكات الأب وأقاربه (Goody 1976) وأنها تعطيها قدرًا أكبر من الأمان الاقتصادي، والمكانة والاستقلال في إطار مؤسسة الزواج. وتذهب إرنشتاين فريدل في تحليلها لقرية بونانية إلى أن النساء قوة معتبرة في المجال المنزلي الخاص بسبب الأرض التي يجلبنها عند زواجهن على سبيل الدوطة. في المجتمع المحلي الذي درسته فريدل، تستمر النساء في التحكم في هذه الأرض التي لا يمكن لأزواجهن نزعها منهن دور رضاهن، وفي بعض الحالات لا يمكن للأزواج ذلك دون رضا أعمام الزوجات أو أولياء أمورهن (Friedl 1967¸ 105) 36 وقد اعتبرت الأنثروبولوجيا التقليدية أن الدوطة شكل من إعطاء إرث للنساء قبل موت مورثهن (Goody and Tambiah 1973; Goody 1976).
لكن الكتابات النسوية الحديثة عن الموضوع لم تقتصر على تبيان مدى تنوع مؤسسات الدوطة، بل شككت أيضًا بقوة في هذا الرأي. لقد مالت النقاشات الأنثروبولوجية السابقة عن الأموال التي تدفع عند الزواج إلى النظر إليها من حيث العلاقات التي تنشئها بين جماعات القرابة، والوحدات التي تمسك بزمام الملكية، أو الأسر، وهي كيانات قد تتداخل مع بعضها البعض وقد لا تتداخل، حسب الظروف. لكن كثيرًا ما تكون النساء أدنى منزلة في هذه النُسُق، ولم يلتفت الباحثون والباحثات بما يكفي لهمومهن ومصالحهن المتعلقة بالأموال التي تدفع عند الزواج ووراثة الممتلكات، وقد أشارت الكاتبات النسويات إلى أن التعامل مع الدوطة كمجرد شكل من إعطاء إرث قبل موت المورث يفشل في تحديد الكثير من المسائل المهمة، مثل: ما نوع الممتلكات التي ترثها النساء؛ وكم لهن من تحكم في هذه الممتلكات وما نوع التحكم الذي لهن فيها بالفعل؛ ما مكانتهن كمالكات للأملاك /متحكمات في الأملاك مقارنة بغيرهن من أعضاء عائلاتهن التي ولدن بين ظهرانيها والتي تزوجن من أبنائها؛ ومتى تتمكن المرأة في دورة حياتها من التحكم الفعلي في أملاكها (عند زواجها، أم عند وفاة والديها، أم عند وفاة زوجها). أن وضع مثل هذه الأسئلة في الاعتبار قد أتاح للكاتبات النسويات النظر إلى العلاقة بين النساء والأموال التي تدفع عند الزواج، وإلى إعادة النظر في الارتباطات بين الملكية، والإرث، والزواج، والإنتاج.37
وفي مناقشة أورسولا شارما لعمل النساء والملكية في شمال غرب الهند، خرجت بشواهد عن أنواع من نُسُق الدوطة تختلف بشدة عن الأنواع التي وصفتها إرنشتين فريدل, وقد توصلت إلى ذلك بتركيزها على أسئلة من النوع الذي أثرته لتوي (Sharma 1980¸ 1984). ووفقًا لقول شارما، فإن الممارسات التقليدية للهندوس والسيخ في مقاطعتي هيماشال براديش والبنجاب تمنع البنات من وراثة الأرض عن آبائهن، إلا في حالة عدم وجود أبناء، لأنهن يرثن نصيبهن في أموال الأب في وقت زواجهن في شكل دوطة. وعلى الرغم من أن قانون الوراثة الهندوسي الصادر في عام 1956 يسمح للبنات، والأرامل، والأمهات بأن يرثن الأرض على قدم المساواة مع الأبناء، فالظاهر أن قلة من النساء يمارسن هذا الحق (Sharma 1980¸ 47). تنقد شارما الأنثربولوجيين والأنثروبولوجيات الذين واللاتي يعتبرون الدوطة شكلاً من الإرث قل وفاة المورث، وتصر على أن الناس لا يتصورون أن الدوطة نصيب في أموال معينة للأب قابلة للتقسيم، وأن أنواع الخيرات التي يمكن نقلها التي ترثها البنات لا يمكن أن تقارن بالملكية الثابتة أو الأرض التي يتلقاها الأبناء (Sharma 1980¸ 48).
إن الهدايا التي تدرج تحت مصطلح الدولة .. تمنح في وقت الزفاف أو بعده بفترة قصيرة، وعادة ما تشمل بضائع تنفع الأسرة (مثل الأثاث، والأواني وأغطية الفراش وربما الأجهزة الكهربائية) كما تشمل الملابس (التي يقدر لمعظمها أن يعاد توزيعها على أقارب العريس). وقد توجد أيضًا بعض البضائع مصممة كهدايا شخصية للعريس إلى حد ما. وقد يمنح العريس بعضًا من المال السائل، لكن في شمال الهند، لا يحدث أبدًا أن تشمل الدوطة أرضًا، ولا أدوات زراعية، ولا ماشية، وذلك حسب علمي، على الرغم من أهميتها المحورية للمجتمع الريفي.(Sharma 1984¸ 63).
ومن المعتاد أن تعد العروس نفسها بعض الأشياء لدوطتها، والنساء العاملات بأجر اليوم، قد يبتعن أشياء بأموالهن (Sharma 1980¸ 109). ومن المهم أيضًا أن تدرك أنه عند نقل الدوطة، لا تكتسب العروس قدرة على التحكم فيها بالطريقة التي يكتسب بها الابن الحق في التحكم في إرثه. تنتقل الدوطة إلى والدي العريس، وهما اللذان سيوزعانها بنفسيهما على بقية الأقارب. ومن طبائع الأمور تخصيص جزء من الدوطة للعروس والعريس، لكنه يخصص لهما كقرينين، لا للعروس كفرد (Sharma 1980¸ 48) .38 بل إن والدي الزوج يحددان طريقة تحكمه في دوطة زوجته طالما بقيا على قيد الحياة. وتقدم شارما حجة تقول إنه في حالة شمال غرب الهند، لا تعزز الدوطة موقع المرأة في الأسرة إلا لأنها تظهر عائلتها بمظهر محترم؛ فهي لا تعطيها بالفعل أية قوة أو استقلال باتخاذ القرار في إطار أسرة زوجها (Sharma 1980¸ 50).
وعند الأخذ في الاعتبار بطبيعة الملكية التي تتلقاها الابنة عند زواجها، ودرجة تحكمها فيها، تخرج شارما بخلاصة مفادها أنه مما ينافي الدقة، أو مما ليس صحيحًا بالفعل اعتبار الدوطة شكلاً من أشكال الإرث (Sharma 1980¸ 48; Sharma 1984¸ 70). وتدور حجتها حول أن الأنثروبولوجيين والأنثروبولوجيات الذين واللاتي يعتبرون الدوطة شكلاً من أشكال الميراث الذي يعطى في حياة المورث قد قبلوا وقبلن بلا تمحيص نقدي القصة الخيالية التي تقول إن النساء يرثن أملاكًا منقولة عند زواجهن مقابل ما يرثه أخوتهم الذكور في وقت لاحق من ملكيات عبارة عن أصول ثابتة. وتقول إن هذه الخرافة تساعد على إخفاء فرق واقعي جدًا بين علاقة النساء والرجال بالملكية (Sharma 1980¸ 47). من حق البنات قانونًا الآن أن يرثن في الأرض مثل إخوتهن الذكور، لكن القليلات هن من يمارسن هذا الحق، وكما توضح شارما، في ضوء هذه الحقيقة، من دواعي الدقة القول بأن الدوطة تخدم في “شراء إلغاء حق الابنة في أن ترث أوتوماتيكيًا حين يكون لها إخوة ذكور يمكن تحويل نصيبها إليهم” (Sharma 1980¸ 48). في هذه الحالة، لا تكون الدوطة إنعامًا على البنات واعترافًا بنصيبهن في أموال الأب، بقدر ما هي آلية للحفاظ على حقوق الأبناء في ممتلكات الأب. وما توضحه دراسة شارما أن من المهم ألا نعتبر الدوطة شيئًا يمنح النساء بالضرورة القوة أو التحكم في إطار الأسرة.39
على عكس الدوطة، التي هي عبارة عن نقل للخيرات من أقارب العروس إلى أقارب العريس، فالمهر شكل من أشكال دفع المال عند الزواج تنقل به النفائس في الاتجاه المعاكس. في معاملات المهر، تتبادل جماعات الرجال فيما بينها سلعًا مقابل النساء، أو الحق في النساء. ولا يبدو أن للنساء كلمة ذات بال في هذه المعاملات، ويبدو أيضًا أنهن لا يربحن منها بصفتهن أفرادًا إلا النزر اليسير. وكثيرًا ما تشمل الحقوق المنقولة مع دفع مهر العروس نقل الحق في الولاية على الأطفال، يوضح ديفيد باركين (David Parkin) هذه النقطة بدرجة عالية من الجلاء في مناقشته للأموال المدفوعة عند الزواج بين شعبي الجيرياما والشونيي بكينيا (Parkin 1980). يميز كل من شعبي الجيرياما والشونيي بين نمطين من دفع الأموال عند الزواج، يشكلان معًا مهر العروس، وهما الأموال التي تدفع مقابل الحقوق التي للزوج على الزوجة (حقوق العلاقة الجنسية والخدمة المنزلية)، وحقوقه في النسل (أن تلد له الزوجة أطفالاً). تكتسب القضايا المتعلقة بالاعتراف الاجتماعي بالأطفال أهمية خاصة عند حدوث الطلاق. وفي المجتمعات التي يقوم فيها الزواج على دفع مهر العروس كثيرًا ما يحتفظ الآباء بحقوق الولاية على أطفالهم. فحضانة الأطفال والحقوق في الملكية من سمات الحياة الاجتماعية المرتبطة ببعضها البعض.
تناقش ساندرا بورمان (Sandra Burman) موضوع النساء والطلاق في المناطق الحضرية بجنوب أفريقيا، حيث يقضي قانون الحضانة بنقل المهر (المعروف هناك باسم لوبولا) من الزوج إلى عائلة المرأة. (يمكن للرجال والنساء أن يتزوجوا أيضًا بالقانون المدني، ويبدو أن الكثير من نساء المناطق الحضرية بأفريقيا يخترن الزواج المدني). وما إن يدفع اللوبولا ، حتى يصير الأطفال الآتين ثمرة للزواج منتمين إلى عائلة الزوج. وعند الطلاق، لابد من إعادة جزء من اللوبولا للزوج، ويقل الكم الذي يرد لو أن المرأة كانت قد ولدت أطفالاً لصالح عائلة الزوج (Burman 1984¸ 122). (لكن في هذه الأيام، يتزايد انهيار مؤسسة رد اللوبولا في المناطق الحضرية). وكما توضح بورمان، فإن الطبيعة المضبوطة لاستراتيجيات الزواج ودفع المهور ومحدداتها يصعب حلها بسبب “التشريعات التي تحكم تفكك حياة العائلة الأفريقية” والتي تشكل جزءًا من نظام الفصل العنصري (الأبارتهيد).40 لكن دراسة بورمان تقول إن التحكم في الإسكان له أهمية خاصة في حالات الطلاق بسبب قلة المعروض من المساكن، وتميل السلطات إلى منح المسكن لأي من الوالدين يحكم له بحضانة الأطفال (Burman 1984¸ 131). من ثم، يمكن أن تكون المنازعات التي تشجر حول تسوية مسائل الطلاق مريرة. ووفقًا لقول بورمان، يعتقد الكثير من الرجال أن دفع اللوبولا يجب أن يعطي الزوج حق حضانة الأطفال الأكبر سنًا على الأقل، ويجب أيضًا أن يعفيه من الاضطرار لدفع النفقة. ومما يعزز الامتناع عن إعطاء الحضانة للأم ودفع النفقة لها، أو الاثنين معًا صعوبات دفع النفقة في حالة من يتقاضون أجورًا بالغة الضآلة، وإمكانية أن يخسر الزوج المنزل لصالح الأم (Burman 1984¸ 132). ومن الواضح أن جنوب أفريقيا حالة خاصة، لكن دراسة بورمان تثبت أن الحقوق في الولاية على الأطفال والحقوق في الملكية يجب ألا ترى كل منها بمعزل عن الأخرى، وأن مؤسسة مهر العروس لها أثر حاسم على قدرة النساء على الحصول على الحضانة والنفقة.
توجد كتابات غزيرة في علم الأنثروبولوجيا الاجتماعي عن مهر العروس كمؤسسة اجتماعية، لكن لا توجد تقريبًا أي دراسة تنظر إلى المهر من وجهة نظر المرأة.41 وما زال على الأنثروبولوجيات النسويات أن يدرسن هذا المجال بأنسهن بطريقة مستديمة، وهو مجال بحاجة ملحة إلى أبحاث إثنوغرافية جديدة. وقد ذهبت أورسولا شارما في مناقشتها لتحول بعض مناطق شمال غرب الهند من نظام المهر إلى نظام الدوطة إلى أنه عند النظر إلى الفوارق بين المهر والدوطة من وجهة نظر النساء، نرى أن الفوارق بينهما ليست بهذه الأهمية التي للسؤال عن ما قدر التحكم الذي تمارسه المرأة نفسها في هذه المعاملات ونتائجها.
عند النظر في الأمر من وجهة نظر نسوية نجد أن التعارض الذي رسمه الأنثروبولجيون تقليديًا بين الدوطة والمهر قد لا يكون مثل هذه الأهمية كغيره من أنواع التمييز التي تقوم على أساس درجة ونوع التحكم الذي تملكه العرائس في ثروتهن التي تئول لهن بحكم الزواج وفي الممتلكات التي تنتقل إليهن عند زواجهن. (Sharma 1984¸ 73)
يتضح من النقاش السابق أنه لا بد من النظر إلى مسألة تحكم المرأة في الممتلكات وفي ثروتها التي تئول إليها عند الزواج) في ضوء علاقات القرابة التي تشكل الأرض التي يغرس فيها الزواج، والعمل، والملكية جميعهم. وقد ألمحت آن وايتهيد إلى أن ما يعزز فهمنا لهذه المسألة هو النظر إلى كيف تساعد نُسُق القرابة على إنشاء النساء والرجال بطرق مختلفة، كأشخاص من نوعين مختلفين. فمفاهيم الملكية ترتبط في التحليل الأخير بالمفاهيم المرتبطة بالشخص. من أمثلة هذا الطريقة التي يحدد بها التعريف القانوني لحقوق الملكية الملائم لأنواع مختلفة من الأشخاص والمسموح لهم بقعه بأنواع معينة من الملكية.
مثال آخر، فالطريقة التي يمكن أن يكتسب بها شخص حقوقًا في شخص آخر، يصير عندها مملوكًا للشخص الأول بطريقة ما, والزواج من هذا النوع بالضبط من المؤسسات في كثير من الحالات. وتذهب وايتهيد إلى أنه مهما كانت طبيعة النَسَق الاقتصادي، من حيت علاقات لإنتاج والتبادل، فإن قدرة النساء على التصرف كأفراد لهن الحق العام في الفعل في علاقتهن بممتلكاتهن أو بالجوانب التي يمكن معاملتها كممتلكات في أشخاص آخرين (أي الحقوق في الناس)، أو في الاثنين معًا تكون دائمًا أقل مما للرجال (Whitehead 1984¸ 180). وترى وايتهيد أن نُسُق القرابة / العائلة هي التي تتشئ النساء في أي مجتمع من المجتمعات بهذه الطريقة بحيث يكن أقل من الرجال قدرة على الفِعل كفاعلات لهن كامل القدرة على الفِعل.
إن قدرة المرأة على “تمتلك” الأشياء تعتمد على مدى تمكنها من الاستقلال عن غيرها من الناس قانونيًا وفعليًا … والقضية المثارة تتعلق بالمدى الذي تسمح لها به أشكال علاقات الاقتران، والعائلة، والقرابة بالوجود المستقل بحيث تتمكن من تأكيد حقوقها كفرد في مواجهة أفراد آخرين. تقلص كثير من المجتمعات قدرة المرأة على الفعل بهذه الطريقة بشكل شديد مقارنة بالرجال. وكثيرًا ما يبدو أن نُسُق الزواج، والعائلة، والقرابة تعمل على إنشاء النساء كنوع متدني المنزلة، كأن تنتقص من حرية النساء في التصرف كفاعلات كاملات الأهلية تجاه الأشياء، وأحيانًا تجاه الناس بحكم وضعهن من حيث الزواج، أو العائلة أو القرابة. (Whitehead 1984¸ 189- 190)
هذه حجة قوية، وعلى الرغم من أن لها اتصال مستمر بالمدخل الأنثروبولوجي القديم القائل بأن النساء عديمات الحول والقوة لارتباطهن بالمجال “المنزلي الخاص“، وبحجة العلوم الاجتماعية القائلة بأن “العائلة هي موضع قهر النساء“، فالحقيقة أنها تطورات نظرية حاذقة لكل من هاتين الحجتين (انظر / ي أيضًا: (Strathern 1984b، كما أنها إشارة إلى الاتجاه الذي تقودنا اليه الآن أفضل البحوث والدراسات النسوية في موضوعات القرابة والنظم الاقتصادية.
* Henrietta Moore¸ “Kinship¸ Labour and Household: Understanding Women`s Work” in Feminism and Anthropology (University of Minnesota Press, 1988) ,pp. 42- 73
1 للاطلاع على أحد أفضل النقاشات لهذه القضايا، بما في ذلك ملخصات عن المواقف النظرية وعروض المجالات المختلفة للخلاف انظر / ي انظر المقالات المنشورة في كتاب: Young et al. 1981
2 وجدت لينا فروزيتي (Lina fruzzetti 1985) في دراستها عن الفلاحات في مديرية النيل الأزرق بالسودان أن الناس يعتقدون أن النساء يعملن فقط في البيت وفي “الأنشطة المتعلقة بالأسرة“. وكانت النتيجة أن جميع النساء اللاتي أجرت مسحًا لحالتهن ادعين أنهن لا يعملن في أي وظائف، إما لأنهن زوجات أو بنات. ومن سبعة عشرة وظيفة حددت بأنها من وظائف الرجال، لم يكن بينها ولا وظيفة يمكن أن تنطبق علنًا على النساء، حتى على الرغم من أنهن كن يمارسن عددًا من هذه الوظائف.
3 لكن للاطلاع على نقد ليوزراب، انظر/ ي:Beneria and Sen 1981¸ Wright 1983¸ and Guyer 1984
4 بدا أن الأنثروبولوجيا في خمسينيات وستينيات القرن العشرين تفقد منهج البحث المقارن والاهتمام بالتغير الاجتماعي اللذين تميزت بهما الكتابات المبكرة. من الأمثلة الجيدة لهذه الكتابات كتاب أودري ريتشاردز المعنون الجوع والعمل في قبيلة من المتوحشين، والذي نشر في عام ۱۹۳۲ (Audrey¸ Richards Hunger and Work it a Savage Tribe¸ 1932) ؛ وكان دراسة مقارنة للتغذية والإنتاج الاقتصادي لدى شعب البانتو بجنوب أفريقيا، ولم تظهر اهتمامات كتلك في الأنثروبولوجيا الاجتماعية في بريطانيا حتى سبعينيات القرن العشرين (Goody 1976¸ 2). لكن على الرغم ما بدا على الأنثروبولوجيا من فقد الاهتمام بالكتابات المقارنة في خمسينيات وستينيات القرن العشرين فلابد أن نلاحظ أن رادكليف – براون ادعي في خمسينيات القرن العشرين أن أسمى أهداف أبحاثه الأنثروبولوجية كان “علم الاجتماع المقارن” (Radcliffe-Brown 1958¸ 65). لكني أرى أن البحث المقارن بين الثقافات الذي أجرته جودي يختلف عن بحث رادكليف – براون عن التعميم الذي هو خليق بأن يسير كقانون عام. للاطلاع على تاريخ الأنثروبولوجيا البريطانية انظر/ ي أيضًا: Kuper 1983
5 لكن للإطلاع على نقد لأعمال جودي (Goody) انظر/ ي:Whitehead 1977
6 للإطلاع على نقد نسوي حديث لإنجلز انظر/ ي: Sayers et al. 1987¸ Vogel 1983 Chapters 3¸ 5¸ 6¸ Coward 1983 Chapters 1¸ 2; Edholm et al. 1977; and Delmar 1976
7 يذكر آباي (Abay 1977¸ 32- 33) هذه الفكرة أيضًا، ثم يمضى في سرد الأسباب التي جعلته يعتقد أن نقادهم لم يذهبوا بعيدًا في نقدهم بما فيه الكفاية. ولم أناقش دراسته هنا لأن نقاد إنجلز النسوبين والنسويات الحديثين عهدا قد تجاوزوها في رأيي (انظر/ ي الهامش رقم 6). وللاطلاع على وصف لمواقف جوف وساكس وليكوك، وأيضًا على النقاشات المبكرة التي تناولت أعمال ساكس وليكوك في الفصل الثاني انظر/ي: Burton 1985: Chapter 1¸ 2
8 “الأنساق المزدوجة” عبارة استمدتها فوجال (Vogal) من يونج (Young 1980). انظر/ي أيضًا: Beechey 1979
9 كثيرًا ما تناقش العلاقات الاجتماعية لإعادة الإنتاج / الإنجاب تحت مصطلح “الأبوية“، الذي يعتبر مصطلحًا ذا مكونين: أحدهما مادي، والآخر أيديولوجي. إن صدق مصطلح “الأبوية“، والفصل التحليلي لعلاقات إعادة الإنتاج / الإنجاب عن علاقات الإنتاج، وأهمية هذا التمييز لفهم قهر النساء كلها مسائل نوقشت
في سلسلة المصادر التالية:
Eisenstein197¸ Sargent1981¸ and Kuhn and Wolpe 1978¸
وانظر /ي أيضًا: Beechey 1970¸ and Gittins 1985 ,36
10 تقدم دراسة كوارد (Coward 1983¸ 146¸ 150- 152) حجة مماثلة عن محاباة إنجلز للعائلة، وتوضح أنه ارتكب خطأ فاحشًا إذ زعم أن الممكن أن يوجد تاريخ عام في كل الكون للعائلة“.
11 للاطلاع على مثال لهذه الحجة انظر/ ي: O` Laighli 1977 وللإطلاع على نقد لموقفها انظر/ ي:
Edholm et al. 1977
12ميلاسو ليس الكاتب الوحيد الذي ناقش النساء بوصفهن “وسائل لإعادة الإنتاج / الإنجاب في المجتمعات السابقة على الرأسمالية، انظري / انظر أيضًا: Hindess and Hirst 1975¸ Taylor 1975
وقد استمدت مناقشتي لدراسة ميلاسو مباشرة من سلسلة من المقالات كتبتها ناقدات نسويات، وقد حاولت “إعادة إنتاج” جوهر حججهن على أفضل وجه ممكن، انظر/ ي:
Edholm et al 1977¸ O`Laghlin1977¸ Rapp 1977 Macintosh 1977¸ 1979¸ Harris and Young 1981¸ and Ennew 1979.
13 للإطلاع على دراسة ليفي شتراوس عن هذا الموضوع انظر/ ي Van Baal 1975
14 لم يحدد ميلاسو أبدًا بدقة مفهومة عن “المجتمع المحلي المنزلي الخاص“. يرجع هذا جزئيًا إلى أنه يحاول ينشئ فكرة “وحدة” ستوجد في كل أنماط الإنتاج التي وصلت إلى مستوى معين من التطور (أساسًا إنتاج الحبوب بما يكفي حد الكفاف)، وستكون بمثابة الوحدة الأساسية للإنتاج والاستهلاك. بهذا المعنى، يحمل “المجتمع المحلي المنزلي الخاص” الذي قال به ميلاسو شبهًا قويًا “بالأسرة” كما حددها كتاب ساهلينز النمط المنزلي الخاص للإنتاج (Sahlins 1974¸ Chapters 2, 3) للاطلاع على عرض توسع في دراسة هذه الفكرة انظر/ي Edholm et al. 1977¸ 108- 9¸ and Harris 1981, 53
15 يذكر كتاب ميلاسو تحكم النساء في المحاصيل في فقرة واحدة موجزة (Meillassoux 1981, 77)، لكنه لا يناقش كيف تكتسب النساء حقوقًا في التحكم الأرض الزراعية أو ما حقوقهن في التحكم في نواتج عملهن، فهو لا يزيد عن افتراضه أن النساء يفقدن كل حق في محاصيل الحبوب التي ينتجنها (وهو وضع لا يرجح وجوده في الواقع)، وملاحظاته من أمثلة طريقة تصويره للنساء “كمفعول بهن” سلبيات، لا يأخذن فيما يبدو أي خطوة ولا يوظفهن أي استراتيجيات اجتماعية تخصهن. وبطريقة مماثلة، يفترض ميلاسو أن كل علاقات القرابة لدى النساء تتحدد من خلال “انتماء” لذكور، وهذا أيضًا شيء لا يرجح حدوثه، انظر/ ي:Meillassoux 1981: 76- 8
16 للإطلاع على نقاشات الطرق التي يمكن أن يتدخل بها التمايز الاجتماعي، والسن، و“جماعات المصالح” الأخرى في المواقف التي “تقهر” فيها النساء بعضهن البعض انظر/ ي Dwyer 1978¸ Bledsoe 1985¸ Caplan and Bujra 1978
17 يأخذ بهذا الرأي في الأنثروبولوجيا مثلاً: Bujra 1978¸ 20¸ Whitehead 1981
وقد عبر بعض الكتاب الذين حللوا العمل المنزلي في المجتمع الرأسمالي عن هذا الرأي بعدة طرق مختلفة؛ للإطلاع على عرض “للخلاف بشأن العمل المنزلي انظر/ ي: Burton 1985¸ Ch. 4¸ Molyneux 1979¸ Beechey 1978
وللإطلاع على تحليلات للعلاقة بين الرأسمالية وقهر النساء انظر/ ي Gittins 1985¸ ch. 6¸ Barrett 1980¸ Delphy 1984
18 من المهم أيضًا أن نلحظ أن تعريفات البيت، والأمومة، والطفولة ، الخ ليست ثابتة، لكنها تتغير استجابة الظروف الاجتماعية، والاقتصادية، والقانونية والأيديولوجية. لقد ناقشت هذه الفكرة في الفصل الثالث، لكن انظر/ ي:
Hall 1979; Rapp et al. 1979
19 للإطلاع على عروض جيدة للكتابات التي تناولت الأسرة والتي تناولت صعوبات التعريف والمقارنة بين الثقافات انظر/ي: Netting et al. 1984¸ Wilk and Netting 1984
20 تقوم حجتي هنا على دراستي أوليفيا هاريس (Harris 1981) وجیر جویار (Guyer 1981)، رغم أن باحثات نسويات أخريات قد قدمن حججًا مماثلة.
21 للإطلاع على تفسير لكيفية ارتباط الفرق بين العلاقات داخل الأسرة وبينها وبين غيرها من الأسر بالفرق بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية للسلع في التحليل الماركسي انظر/ي: Harris 1981¸ 54- 5
22 للإطلاع على مزيد من النقاش حول هذه الفكرة انظر/ ي: Guyer 1981¸ 98- 9
وللإطلاع على مزيد من الأمثلة انظر/ي Roberts 1979¸ Whitehead 1981¸ Dey 1981
23 يبين عرض الكتابات السابقة أن النساء كثيرًا ما يرغمن على العمل في كل من “الحقول المملوكة للأسرة” و“الحقول المملوكة ملكية خاصة لأزواجهن“، مما يؤدي إلى إهمالهن لمشروعاتهن الخاصة أو دفعها إلى المرتبة الثانية من اهتمامهن (Rogers 1980)، للاطلاع على نقاش حول نساء اليوروبا وإرغامهن باستمرار على العمل في إنتاج ما يكفي الأسرة من عيش الكفاف وفي المشروعات الخاصة بأزواجهن انظر/ ي: Berry 1984
وتوضح دراسة بيري كيف تصنع هذه الواجبات النساء من تخصيص حصة كافية من وقت عملهن لمشروعاتهن الخاصة، ويمكن أيضًا أن تحد من تمكنهن من جلب سالة أخرى. وتوضح بيري أيضًا أن النساء لا يتمتعن بحق متساو في طلب عمل أزواجهن لصالح مشروعاتهن وأن حقهن في هذا محدود جدًا. ولا تقتصر مشكلة حصول النساء على الموارد على المجتمعات التي تنتسب للأب طبعًا. أجرت كريستين أوكالي (Christine Okuli) دراسة عن شعب الآكان بغانا الذي ينتسب للأم، والذي يزرع أهله الكاكاو كمحصول يباع مقابل مال سائل، ووجدت أن النساء يرجح أن يشتغلن في مزارع الكاكاو التي يدرنها لحسابهن الخاص إذا لم يكن يعشن مع أزواجهن، أو إذا لو لم يكن متزوجات (Okali 1983¸ 56). للإطلاع على مقارنة بين “نسق زراعة الرجال” و“نسق زراعة النساء” والطرق المختلفة التي يفعل بها تقسيم العمل حسب جنس الفرد فعله والتي يجري بها تأمين الحصول على العمالة، انظر/ ي:Guyer 1980 وأشار مقال جويار نفسه أنه مع تحويل كل شيء إلى سلعة، يصير استخدام عمالة النساء مجالاً للتفاوض والتوتر بين النساء والرجال.
24 وجدت فكرة سابقة تقول أن القرابة ليست مهمة في المجتمع “الصناعي“، وقد نبذت هذه الفكرة الآن. لقد كانت هذه الفكرة الامتداد المنطقي للإفراط في التركيز على أهمية العائلة “النووية” . للإطلاع على تحليل الروابط القرابة بين الأستراليين من الطبقة الوسطى انظر/ ي Stivens 1978K ¸ 1981 وكذلك الدراسة الشهيرة التي أجراها يونج وويلموت (١٩٦٢) عن علاقات القرابة بحي بيثنال جرين بلندن.
25 إن الخلافات حول القرابة في الأنثروبولوجيا مركبة، وكثيرًا ما يستحيل ربطها بشكل معقول بالبيانات الملحوظة عمليًا. إن الأنثروبولوجيين البريطانيين، مثل إيفانز بريتشاردز وفورتيس هم “الآباء المؤسسون” للنظرية الآنجلو ساكسونية عن القرابة من حيث علاقتها بالأنساب والجماعات التي يجمعها الانحدار عن نسب واحد. يرى هؤلاء الأنثروبولوجيون علاقات القرابة كمبدأ منَظِّم للحياة الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية والدينية. أما الأنثروبولوجيون الفرنسيون الماركسيون, فلهم رأي مخالف لذلك، إذ يذهبون إلى أن طبيعة علاقات الإنتاج وإعادة الإنتاج / الإنجاب هي التي تقرر طبيعة القرابة. وما هذا إلا نقطة في بحر من خلاف لا يكف عن التشعب، ومازال على عالمات وعلماء الأنثروبولوجيا النسويات والنسويين أن يتناوله بأي طريقة يرونها وتضمن استمرار العمل عليه انظر/ ي: Tasing and Yanagisako 1983¸ Cocontz and Henderson 1986
26 للإطلاع على حجج معارضة عن النُسُق الاجتماعية التي تأخذ بالانتساب للأم، والتي تركز على أهمية الروابط بين النساء، انظر / ي: Weiner 1979
27 كثيرًا ما تعبر الأيديولوجيات الداخلية للمجتمعات عن مثل هذه الأفكار، حيث تربط هذه الأفكار بين النساء وبين المصالح “ذات الصبغة الفردية” للأسرة، بينما تربط الرحال بمصالح الأنسباء أو جماعات النسب؛ للإطلاع على المزيد من الإشارات إلى هذه الفكرة انظر/ ي: Moore 1986¸ 110- 11
28 انظر /ي: Rogers 1980
29 استفادت الدراسات المبكرة التي أجريت في منطقة الكاريبي والأمريكتين من مصطلح “متمحور حول الأم“، للإطلاع عليها انظر/ي: Gonzalez¸ 1965¸ Smith¸ 1962¸ Smith¸ 1956¸ 1970¸ 1973¸ Slack 1974
والتمحور حول الأم (التمحور حول الأنثى) يوجد في كثير من مختلف أنواع نُسُق القرابة، وهو ليس نفس الشيء كالانتساب للأم (انحدار النسب عن الأم) أو السكنى مع جماعة الأم. أن مصطلح التمحور حول الأم، مثله كمثل الكثير من المصطلحات الدالة على القرابة، لا يصف تنظيمًا وحيدًا ثابتًا عمليًا، بل يشير إلى نطاق واسع من الإمكانات؛ انظر/ي: Peters 1983¸ 114
إن تقسيم القرابة إلى مراتب ، مثله كمثل الكثير من الأمور في الأنثروبولوجيا، يعاني من مشكلة الاضطرار إلى تعليل الوضع الخاص بأي مجتمع محلى بعينه، بينما يقدم في نفس الوقت أساسًا لإجراء مقارنة بين الثقافات. وأبرز الأمثلة على ذلك مصطلحي “الانتساب للأب” و “الانتساب للأم” . فالنُسُق التي تصنف مثلاً على أنها ونُسُق انتساب للأب قد لا يجمع بينها إلا القليل، ولا تشرك إلا في أيديولوجية انحدار النسب عن الرجال. وأيديولوجية انحدار النسب ليست إلا جزءًا من النَسَق، ويرجح وجود سياقات متنوعة – كالحصول على الأرض، والحق في الألقاب، وأنماط السكنى – عند التركيز على الأنواع الأخرى من روابط القرابة (كالقرابة من الطرفين مثلاً). أدى هذا ببعض الأنثروبولوجيين إلى الذهاب إلى أن مصطلحات مثل “الانتساب للأب” و“الانتساب للأم” غير كافية لا نظريًا ولا عمليًا. وللاطلاع على نقد لتقسيم القرابة إلى مراتب على أساس قواعد النسب والجماعات المترابطة انظر/ي: Eades 1980¸ Kuper 1982¸ Leach 1961¸ Karp 1978b
وقد حاول أنثروبولوجيون آخرون التأكيد على أن ما يحدد نُسُق القرابة الطريقة التي يترجم بها هذا المفهوم إلى خطوات عملية يمكن قياسه وتناوله بها. فمثلاً، دخل كل من (Blidsoe 1980) وفيردون (Verdon 1980)، وكوماروف (Comaroff 1980b) إلى نُسُق القرابة ممن باب وجهة النظر السلوكية، والسياقية، والمتعلقة باتخاذ القرار، وربما كان أكثر المداخل فائدة مدخل وسيط، ينظر إلى نُسُق القرابة في سياقاتها التاريخية الخاصة ويحاول تحليل كيف تفعل فعلها في الواقع العملي. للاطلاع على مثال لهذا المدخل انظر/يKarp 1978a
30 تشير دراسة بوش وآخرون (Bush et al. 1986) إلى الظروف المختلفة لتنويعة من “الوحدات” التي تجمع تحت مصطلح “الأسر التي ترأسها نساء“، انظر/ ي أيضًا: Youssef and Hafler 1983¸ Geisler et al. 1985
فهي دراسات قدمت فكرة مشابهة عن ولاية شمال زامبيا، حيث يعتقد أن الأسر التي ترأسها نساء تشكل أكثر من ثلث إجمالي الأمر في بعض المناطق. انظر/ي أيضًا: Moore and Vaughan 1987
31 يناقش ليفي شتراوس (Levi- Strauss 1969) تبادل النساء من خلال الزواج. للإطلاع على ملخص للمدخل البنيوي إلى الزواج وتبادل النساء في سياق إعادة تقييم معلى ما يدفع عند الزواج من مال أو سلع، انظر/ ي:Comaroff 1980b, 26- 31
32 هذا المدخل إلى الزواج في الأنثروبولوجيا متأثر بشدة بفلسفة القانون، وبناء على ذلك، يعرف باسم المدخل القانوني. ولدينا الآن عدد من الأعمال النقدية التي تناولته، خاصة من حيث محاباته للحدث على العملية، والبنية على الاستراتيجية، والموضوع على الذات. للإطلاع على نقاشات ذات أهمية لما في هذا المدخل من أوجه قصور انظر/ي: Comaroff 1980b¸ Whitehead 1984
33 في وقت كتابة هذا الكتاب، تمر الصين مرة أخرى بفترة من التغير السريع، يشمل – من بين عدة أمور أخرى – إعادة تقييم الكوميونات ومكانها في الاقتصاد الريفي. ومن ثم يبدو من المرجح أن من نتائج هذا حدوث تغيرات في بعض ما تصفه إليزابيث كرول في كتابها، بما في ذلك بعد التدابير القانونية، أو انتظار حدوثها في المستقبل القريب..
34 مما يزيد من تعقيد العلاقة الفعلية بين هدايا الخطوبة ودفع مهر العروس أن قانون الزواج الصادر في عام 1950 قد ألغي هدايا الخطوبة، ووصفها بأنها “أشياء تدفع” العروس. من ثم, يوجد تحت الظروف الحالية توتر بين عائلات العرائس التي ترغب في تلقي تعويض عن خسارتها لابنة غالية, وعائلات العرسان التي ترغب في تزويج أبنائها “بالطريقة الجديدة“، وهكذا في حصول الأبناء على عرائسهم “مجانًا“. تورد دراسة (Croll 1984¸ 56) مثالاً لأحد الآباء طلب لابنته هدية خطوبة، لكنه جعل أبناءه يتزوجون “بالطريقة الجديدة“، بحيث لا يضطر إلى دفع أي شيء لزوجات أبنائه.
35 إن الكتابات السابقة عن ما يدفع من أموال وسلع عقد الزواج كثيرة جداً، وتوجد بها عدة مداخل مختلفة للموضوع. يمكن مثلاً إجراء مقارنة تعليمية بين دراستي جودي وتامبيا(Goody and Tambiah 1973) وکوماروف (Comaroff 1980b). إن تنوع نظم مهر العروس والدوطة ، وأشكالهما، وقيمتهما تنوعًا شديدًا في مختلف المجتمعات، بل أن دراسة هيرشون أشارت إلى أن الفروق داخل هذه الفئات تكاد تكون بضخامة الفروق بينها وبين بعضها البعض. انظر/ي: Hirschon 1984, 10
36 تأخذ الدوطة في اليونان أشكالاً شديدة التنوع من منطقة إلى أخرى؛ للاطلاع على تقارير إثنوغرافية كلاسيكية عن نُسُق الدوطة وتنوعها انظر/ي: Du Boulay 1974¸ Campbell 1964¸ Loizos 1975
37 لقد سمح النظر إلى مسائل الملكية والعمل والزواج للكاتبات النسويات والنسويين بالبدء في إعادة تقييم مفهوم الشخص، خاصة مع تعريفه من خلال الحقوق التي قد تحق لشخص ما في شخص آخر. انظر/ ي مثلاً: Strathern 1984a¸ 1984b
وانظر/ ي أيضًا الهامش رقم 31.
38 يبدو أن الحلي الشخصية للمرأة هي الممتلكات الوحيدة التي تعتبر ملكًا خاصًا لها، رغم أنه لا يبدو واضحًا دائمًا ما إذا كان موقعها منها يسمح لها بالتصرف فيها دون الرجوع للآخرين. انظر/ ي: Sharma 1980¸ 50- 3
39 لكن لمن أراد الإطلاع على دراسة تتباين تباينًا مدهشًا مع دراسة أورسولا شارما يمكن الرجوع إلى مناقشة جواو دي بينا – كابرال لقوة الأنثى وثروتها في شمال غرب البرتغال، حيث ترث النساء الأرض ويبدو أنهن يمتلكن قوة طائلة في داخل الأسرة، انظر/ ي: Pina- Cabral¸ 1984
40 الدولة تبني بالطبع علاقات النوع والقرابة بطريقة معينة، وتحرِّف جوانب من هذه العلاقات لأغراض تخصها. سنناقش هذه القضية في الفصل الخامس.
41 تطرح دراسة سينجر (Singer 1973) حجة تقول إن معاملات مهر العروس قد عولجت بالكامل تقريبًا من وجهة نظر الرجال في الأنثروبولوجيا.
انظر / ي أيضًا دراسة أوجبو (Ogbu 1978) التي تناقش مهر العروس في ستين مجتمعًا من منظوري كل من المرأة والرجل.
Abbott, Susan 1976 “Full-time Farmers and Weekend Wives”. Journal of Marriage and the Family, 38 (1): 165-73.
Allison, Caroline 1985 “Women, Land, Labour and Survival: Getting Some Basic Facts
Straight”. Institute of Development Studies Bulletin, 16 (3): 24-30.
Anderson, M. 1982 Approaches to the History of the Western Family 1500-1914. London:
Macmillan.
Beneria, Lourdes 1981 “Conceptualising the Labour Force: the Underestimation of
Women’s Economic Activities”. In N. Nelson (ed.), African Women in the Development Process, 10-28. London: Frank Cass.
Beneria, Lourdes 1982 “Accounting for Women’s Work”. In L. Beneria (ed.), Women and Development, 119-47. New York: Praeger.
Berkner, Lutz K. 1972 “The Stern Family and the Development Cycle of the Peasant
Household: an 18th Century Austrian Example”. American Historical Review, 77 (2): 398-418.
Bloch, Maurice 1975 “Property and the End of Affinity”. In M. Bloch (ed.), Marxist
Analyses in Social Anthropology. London: Malaby Press.
Boserup, Esther 1970 Women’s Role in Economic Development. London: George Allen & Unwin.
Boulding, Elise 1983 “Measures of Women’s Work in the Third World: Problems and
Suggestions”. In M. Buvinic et al., Women and Poverty in Third World, 286-99.
Baltimore: Johns Hopkins University Press.
Brown, Judith 1970 “A Note on the Division of Labour by Sex”. American Anthropologist,72 (5): 1073-8.
Bukh, Jette 1979 The Village Woman in Ghana. Uppsala: Scandinavian Institute of AfricanStudies.
Burman, Sandra (ed.) 1979 Fit Work for Women. London: Croom Helm.
Burman, Sandra 1984 “Divorce and the Disadvantages: African Women in Urban South
Africa”. In R. Hirschon (ed.), Women and Property, Women as Property, 117-39. London:Croom Helm.
Bush, Ray, Cliffe, Lionel and Jansen, Valerey 1986 “The Crisis in the Reproduction ofMigrant Labour in Southern Africa”. In Peter Lawrence (ed.), World Recession and the Food Crisis in Africa, 283-99. London: James Currey.
Caplan, Patricia 1984 “Cognatic Descent, Islamic Law and Women’s Property on the East Africa Coast”. In R. Hirschon (ed.), Women and Property, Women as Property, 23-43.
London: Croom Helm.
Caplan, Patricia and Bujra, Janet (eds) 1978 Women United, Women Divided. London: Tavistock.
Charlton, Sue Ellen M. 1984 Women in Third World Development. Epping: Bowker.
Cliffe, Lionel 1978 “Labour Migration and Peasant Differentiation: Zambian Experiences”.
Journal of Peasant Studies, 5 (3): 326-46.
Coward, Rosalind 1983 Patriarchal Precedents. London: Routledge & Kegan Paul.
Creighton, Colin 1980 “Family, Property and the Relations of Production in Western
Europe”. Economy and Society, 9: 128-67.
Croll, Elizabeth 1981 The Politics of Marriage in Contemporary China. Cambridge:
Cambridge University Press.
Croll, Elizabeth 1984 “The Exchange of Women and Property: Marriage in Post-
Revolutionary China”. In R. Hirschon (ed.), Women and Property, Women as Property, 44-61. London: Croom Helm.
Deere, Carmen Diana 1983 “The Allocation of Familia Labour and the Formation of
Peasant, Household Income in the Peruvian Sierra”, In M. Buvinic, M. Lycette and W. P.
McGreevey (eds), Women and Poverty in the Third World, 104-29. Baltimore: Johns
Hopkins University Press.
Dixon, Ruth 1985 “Seeing the Invisible Women Farmers in Africa: Improving Research and
Data Collection Methods”. In J. Monson and M. Kalb (eds), Women as Food Producers in
Developing Countries, 19-35. Los Angeles: UCLA African Studies Centre.
Donzelot, J. 1980 Policing the Family. London: Routledge & Kegan Paul.
Edholm, Felicity, Harris, Olivia and Young, Kate 1977 “Conceptualising Women”.
Critique of Anthropology, 3 (9 and 10): 101-30.
Engels, Friedrich 1972 (1884) The Origins of the Family, Private Property, and the State.New York: Pathfinder Press.
Fortes, Meyer 1949 The Web of Kinship among the Tallensi. London: Oxford UniversityPress.
Friedl, Ernestine 1967 Vasilika. New York: Holt, Rinehart & Winston.
Goody, Jack (ed.) 1971 The Development Cycle in Domestic Groups. Cambridge:
Cambridge University Press.
Goody, Jack 1972 “The Evolution of the Family”. In P. Laslett and R. Wall (eds),
Household and Family in Past Time, 103-24. Cambridge: Cambridge University Press.
Goody, Jack 1976 Production and Reproduction. Cambridge: Cambridge University Press.
Goody, Jack and Tambiah S. J., 1973 Bridewealth and Dowry. Cambridge: Cambridge University Press.
Gough, Kathleen 1959 “The Nayars and the Definition of Marriage”. Journal of the Royal Anthropological Institute, 89 (2): 23-34.
Gough, Kathleen 1972 “An Anthropologist Looks at Engels”. In N. Glazer-Malbin and H.Youngelson Waehrer (eds), Woman in a Man-Made World. Chicago: Rand McNally.
Guyer, Jane I 1984 “Naturalism in Models of African Production”. Man, 19 (3): 371-88.
Guyer, Jane I. 1981 “Household and Community in African Studies”. African Studies
Review, 24 (2/3): 87-138.
Hammel E.A. 1961 “The Family aCycle in a Coastal Peruvian Slum and Village”. American
Anthropologist, 63: 989-1005.
Hammel, E. A. 1972 “The Zadruga as Process”. In P. Laslett and R. Wall (eds), Household
and Family in Past Time, 335-73. Cambridge: Cambridge University Press.
Hareven, Tamara 1982 Family Time and Industrial Time. Cambridge: Cambridge University Press.
Harris, Olivia 1981 “Households as Natural Units”. In K. Young et al. (eds), Of Marriage and the Market, 49-68. London: CSE Books.
Harris, Olivia and Young, Kate 1981 “Engendered Structures: Some Problems in the
Analysis of Reproduction”. In J. Kahn and J. Llobera (eds), The Anthropology of Pre-
Capitalist Societies, 109-47. London: MacMillan.
Leacock, Eleanor 1972 Introduction to F. Engels, The Origin of the Family, Private
Property and the State. New York: International Publishers.
Levi-Strauss, Claude 1969 The Elementary Structures of Kinship. London: Tavistock.
Levi-Strauss, Claude 1971 “The Family”. In H. Sharpio (ed.), Man, Culture and Society, 333-57. London: Oxford University Press.
Mackintosh, Maureen 1977 “Reproduction and Patriarchy: A Critique of Claude
Meillassoux, Femmes, Greniers et Capitaux”. Capital and Class, 2:119-27.
Mackintosh, Maureen 1979 “Domestic Labour and the Household”. In S. Burman (ed.), Fit
Work for Women, 173-91. London: Croom Helm.
Meillassoux, Claude 1981 Maidens, Meal and Money. Cambridge: Cambridge University Press.
Merrick, Thomas and Schmink, Maianne 1983 “Households Headed by Women and Urban
Poverty in Brazil”. In M. Buvinic et al. (eds), Women and Poverty in the Third World,
244-71. Baltimore: Johns Hopkins University Press.
Moore, Henrietta 1988 “The Changing Nature of Women’s Lives: Kinship, Labour and Household”. Feminism and Anthropology. University of Minnesota Press.
Moore, Henrietta L. 1986 Space, Text and Gender: An Anthropological Study of the
Marakwet of Kenya. Cambridge: Cambridge University Press.
Murray, Colin 1981 Families Divided: The Impact of Migrant Labour in Lesotho.
Cambridge: Cambridge University Press.
Nelson, Nici 1978 “Women Must Help Each Other”. In P. Caplan and J. Bujra (eds),
Women United, Women Divided, 77-98. London: Tavistock.Zed Press.
Obbo, Christine 1980 African Women: Their Struggle for Economic Independence. London: Parkin, David 1980 “Kind Bridewealth and Hard Cash: Eventing a Structure”. In J.
Comaroff (ed.), The Meaning of Marriage Payments, 197-220. London: Academic Press.
Peters, Pauline 1983 “Gender, Development Cycles and Historical Process: A Critique of Recent Research on Women in Botswana”. Journal of Southern African Studies, 10 (1): 83-105.
Radcliffe-Brown, A. R. 1950 “Introduction”. In A. R. Radcliffe-Brown and D. Forde (eds), African Systems of Kinship and Marriage, 1-85. London: Oxford University Press.
Richards, Audrey I. 1950 “Some Types of Family Structure amongst the Central Bantu”. In A. R. Radcliffe-Brown and Daryll Forde (eds), African Systems of Kinship and Marriage, 207-51. London: Oxford University Press.
Rosaldo, Michelle Z. 1974 “Woman, Culture and Society: a Theoretical Overview”. In M. Rosaldo and L. Lamphere (eds), Women, Culture and Society, 17-42. Stanford: Stanford University Press.
Rubin, Gayle 1975 “The Traffic in Women: Notes on the “Political Economy” of Sex”. In R. Reiter (ed.), Toward An Anthropology of Women, 157-210. New York: Monthly Review Press.
Sacks, Karen 1974 “Engels Revisited: Women, the Organization of Production, and Private Property”. In M. Rosaldo and L. Lamphere (eds), Woman, Culture and Society, 207-22. Stanford: Stanford University Press.
Sahlins, Marshall 1974 Stone Age Economics. London: Tavistock.
Sanday, Peggy 1974 “Female Status in the Public Domain”. In M. Rosaldo and L. Lamphere (eds), Women, Culture and Society, 189-206. Stanford: Stanford University Press.
Sharma, Ursula 1980 Women, Work and Property in North-West India. London: Tavistock.
Sharma, Ursula 1984 “Dowry in India: Its Consequences for Women”. In R. Hirschon (ed.), Women and Property, Women as Property, 62-74. Croom Helm.
Smith, Raymond T. 1973 “The Matrifocal Family”. In J. Goody (ed.) The Character of Kinship, 121-44. Cambridge: Cambridge University Press.
Stack, Carol 1974 All Our Kin: Strategies for Survival in a Black Community. New York: Harper & Row.
Strathern, Marilyn 1984 “Subject or Object? Women and the Circulation of Valuables in Highlands New Guinea”. In R. Hirschon (ed.), Women and Property, Women as Property, 158-75. London: Croom Helm.
Tanner, Nancy 1974 “Matrifocality in Indonesia and Africa and among Black Americans”.
In M. Rosaldo and L. Lamphere (eds), Women, Culture and Society, 129-56. Stanford: Stanford University Press.
Vaughan, Megan 1983 “Which Family?: Problems in the Reconstruction of the History of the Family as an Economic and Cultural Unit”. Journal of African History, 24: 275-83.
Vogel, Lise 1983 Marxism and the Oppression of Women. London: Pluto Press,
Wallman, Sandra 1979 Introduction to S. Wallman (ed.), The Social Anthropology of Work, 1-24. London: Academic Press.
Whitehead, Ann 1981 “I’m Hungry, Mum: The Politics of Domestic Budgeting”. In K.
Young et al. (eds), Of Marriage and the Market, 88-111. London: CSE Books.
Whitehead, Ann 1984 “Men and Women, Kinship and Property: Some General Issues”. In R. Hirschon (ed.), Women and Property, Women as Property, 176-92. London: Crrom Helm.
Youssef, Nadia and Hefler, Carol 1983 “Establishing the Economic Condition of Woman- headed Household in the Third World: A New Approach”. In M. Buvinic et al. (eds), Women and Poverty in the Third World, 216-43. Baltimore: Johns Hopkins University Press.