المجتمع وخطاب المرأة
عائشة تيمور نموذجًا
إن رصد حياة عائشة التيمورية وتراثها في الصحف بأقلام رموز الصحافة والأدب يعد رصدًا لدرجة تقبل المجتمع المصري لخطاب المرأة الذي طرحته عائشة في كتاباتها.
لقد تضافرت عوامل عدة لتخلق مثل هذه الشخصية الجديرة بالدراسة فقد شهدت حياة عائشة تطور مصر في عهد سبعة من حكامها من محمد على حتى عباس الثاني فكان عصرها حافلاً بجلائل الأعمال التي هيأت لمصر حياتها الجديدة(1).
كما أن أصل عائشة تتقاسمه عناصر ثلاثة كردية وتركية وجركسية. وأخيرًا كانت نشأتها في بيت كل من فيه ينشد العلم ويميل إلى الشعر والأدب فكانت روحًا شاعرية تدرس الشعر فتبث فيها من روحها(٢).
وكان ظهورها أديبة رائدة في مصر إبان القرن التاسع عشر بمثابة ظاهرة اجتماعية، أو هي، كما يصفها المهتمون بالأمور النسوية” طليعة اليقظة النسوية” أو هي كما أطلق عليها المؤرخون الحداثيون إحدى طلائع النهضة الاجتماعية والأدبية في عصر الخديوي إسماعيل(3).
ولا شك أننا أمام حالة شديدة الخصوصية، فقد ظهر رفض التيمورية للدور التقليدي المنوط بها كأنثى فكانت تفر من أدوات النسيج والتطريز إلى قطع القراطيس وصغار الأقلام.
ولأنها ولدت في عائلة أرستقراطية غنية اتسمت تقاليدها بتوفير تعليم خاص لبناتها من الإناث فقد مثل عزوف عائشة عن هذا النمط من التعليم مشكلة عائلية حتى تدخل والدها بفكره المستنير لحل هذه المسألة فخاطب والدتها كما كتبت لنا:” دعى هذه الطفلة للقرطاس والقلم، واحذري أن تكثري من الكسر في قلب هذه الصغيرة وأن تثلمي بالعنف ظهرها وما دامت ابنتنا ميالة بطبعها إلى المحابر والأوراق، فلا تقفي في سبيل ميلها ورغبتها، وتعالى نتقاسم بيننا، فخذي” عفت” وأعطني” عصمت“، وإذا كان لى من” عصمت” كاتبة وشاعرة فسيكون ذلك مجلبة الرحمة لي بعد مماتي“(4).
وهكذا كان وعي الأب هو الذي أنجب لنا شاعرة بحجم عائشة التي يرى العديد من الباحثين أنها من أبرز شاعرات العرب بعد الخنساء(5).
وهكذا عهد الأب إلى ابنته بأستاذين يعلمانها التركية والفارسية والفقه ونحو اللغة العربية(6) .
وهكذا جاء من التيمورية أول صوت نسائي يتكلم عاليًا في مصر فبالرغم من كونها أديبة وشاعرة إلا أننا لا نستطيع بأية حال أن نذكر دورها الريادي في الحركة النسائية. فكما كان الشعر ديوان العرب، صار الأدب أداة لتغيير المجتمع ومعيارًا في الوقت ذاته للتغيير.
وهكذا حفلت الصحافة المصرية بمقالات لتقييم وتفنيد كتابات التيمورية سواء في ذلك الصحافة التي عاصرتها أو التي أرخت لها بعد مماتها بسنوات طوال، ومنها: المقتطف، الرسالة، الكاتب المصري، المجلة الجديدة، المجلة المصرية، الهلال.
ومن هذه الصحف نستقرئ آراء رموز للثقافة والفكر أمثال زينب فواز، ملك حفنی ناصف، مي زيادة، خليل مطران، ومحمود تيمور.
بل إنه من الملفت أن الجامعة العبرية بفلسطين اهتمت بدراسة تراث عائشة التيمورية. ونشر ذلك من خلال مقالات لإيزاك شموش الأستاذ بتلك الجامعة ونشرت بمجلة الرسالة في مصر (وسوف نتطرق للحديث عنها).
وسأحاول في هذه الدراسة إلقاء الضوء على بعض القضايا التي طرحتها عائشة وتناولتها الصحف وأقلام النقاد مرورًا بالاتهامات التي واجهتها.
فقد رحبت إحدى الكاتبات الشاميات بكتابات عائشة التيمورية ودعوتها وتحسرت على حال بنات المشرق حيث مضت قرون لم تنبغ منهن شاعرة أو كاتبة إلا فيما ندر، وكانت نسبة النساء إلى الرجال في حلبة الأدب قليلة دائمًا، وهذا غير ما كانت عليه الحال في أوج ازدهار الممالك الإسلامية وغير ما هي عليه الآن في الممالك الأوربية. ولذا كان إعجابها شديدًا بالشاعرة حتى أتت من بلاد الشام لزيارتها فسألتها عن كيفية أخذ علوم اللغة والأدب مع تعذر مطالبها وتشعب مسالكها فحكت لها عن المشايخ الذين أتي بهم والدها” فأخذت العلم عنهم من وراء حجاب وكلما اجتمعوا في مجلسه وتذاكروا في مسائل العلم جلست وراء حجابي أسمع أقوالهم ومذاكرتهم وأكثرت من المطالعة في كتب العلم ودواوين الشعراء من عرب وفرس إلى أن صارت لي ملكة اللغة ونظمت ما نظمت من القصائد والمقاطيع وأراني مع ذلك متطفلة على موائد الأدب، وما ارتشافي من كؤوس الأدباء إلا إرواء للنفس التي منّ علىّ الخالق بها“.
وتعلق على زيارتها بأنها ساذجة في لبسها ( لم أر عليها حليًا ولا حللاً كأنها تحسب أن حلة الأدب تغنى عن حلى الذهب)(۷)
وكما وجدت عائشة من يرحب بكتاباتها كان عليها أن تواجه من يعترض حتى على اسم واحدة من تلقت منهن عائشة علم الأوزان الشعرية ألا وهي” الطبلاوية” قائلين بأنه على التي تعلم علم الأوزان الشعرية أن تنتحل لها اسمًا يتفق مع عملها (۸).
وكما سنلمس دائمٍا تنبری می زيادة مدافعة بأن الطبل من الموسيقى، وإن لم يكن للطبل شدو اللحن والنغم، أليس له موسيقى الفصل والوقع والتعريف، والسيدة الطبلاوية لم تكن تلقن الشعر، وهو ليس مما يتلقن، بل تعلم كيفية التمييز بين اتزانه وانكساره فاسمها بهذا متضمن لعلمها وعملها(٩).
وتكمل مي” وسواء رضي أهل الذوق بهذا الشرح أم لم يرضوا فليذكروا أنه أمر فائق أن يوجد بين السيدات الشرقيات من يستطعن في ذلك العهد المظلم للنساء أن يدرسن هذه الدروس، في حين أن من يستطعن اليوم نادرات بيننا وقليلات عند الشعوب الأخرى. أذكر أن كاتبًا فرنسيًا كبيرًا هو (ألفرد كابس Alfred Capus ندد قبيل الحرب في مجلة” فمينا” بالسيدات الفرنساويات لأنهن بعد إحصاء فئة من المتعلمات بينهن، ظهر أن العارفات بقواعد النظم وأصول البحور الشعرية يكدن لا يبلغن الخمس في المائة، فما أعظم فضل تينك السيدتين الأزهرية والأخرى، ولو كانت الطبلاوية، بما كانتا تعرفان، وبأنهما أضافتا إلى مصباح عائشة زيتًا يعين على تغذية نوره” (۱۰).
ولعل مقالات مي في المقتطف التي ضمنتها عددًا من المحاضرات التي ألقتها في جمعية” فتاة مصر الفتاة” وجمعية” الشابات المسيحيات“، أقول لعل تلك المقالات التي درست درسًا دقيقا هي من أقيم ما حوته الصحافة المصرية من تراث في الإبداع النسائي فمي زيادة نفسها ظاهرة جديرة بالدراسة والتأمل حتى إننى كنت أنجذب بصدق أحاسيسها فأخلط هل أنا أدرس تراث التيمورية الصحافي أم تراث می زيادة؟!!
ولعل ذلك مؤشر هام لقبول الحركة النسائية في تلك الفترة لريادة عائشة ودخولها مجالات جديدة على المرأة في نظم الشعر وكتابة الأدب.
ففيما يخص مي فقد كانت رهافة الحس ورقة المشاعر روحًا مشتركة بينها وبين التيمورية. وقد عبرت مي عن ذلك في بداية دراستها لشعرعائشة فقد اكتشفت أن من ضمن أسباب اهتمامها بهذا الشعر مقابلة معنوية حدثت بينهما في أحد الأعراس التي حضرتها في بلدة بفلسطين، حيث سمعت صوتًا ينشد على نقرة العود:
كحل بعينيك أم صبغ من الرحمن….. جفن من السحر أم سحر من الأجفان
خال بخديك أم صنع من الريان….. توهت فكر الأنام في الجفن والخالان
تبارك الله ما أحلاك من إنسان(١١)
وتتساءل مي
“أتتصورون أثر هذا الشعر في مخيلة صغيرة شديدة التيقظ وفي نفس لينة ترتعش أمام مظاهر الفن والجمال حتى لقد تبكى لمرور سحابة رهيبة في الأفق الأزرق” (۱۲).
وتقول ميّ:
” لطالما سمعت هذا” الموال” بعدئذ من منشدين وهواة يقبلون عليه إقبالهم على جميع الأدوار المصرية المشوقة، ولكن أكانوا يعلمون من هي شاعرته ؟!!
أرجح أن تلك كانت نشوة الموسيقى الأولى، فأبقت فيّ أثرًا كأنما هو إشارة من روح التيمورية تنبهني. وما تبيئت تلك الإشارة إلا عند مطالعة ديوانها والاهتداء إلى ذلك” الموال” فيه فأدركت أنها حدثتني منذ زمن بعيد تلك الروح التي غاصت نفثاتها الحزينة الطروبة في أرواح المنشدين فحبت على أوتارهم ألحانًا (١٣).
ولم أكن بحاجة لأشعر بقيمة ما كتبته ميّ حتى قادتني المصادفة إلى مجموعة مقالات كتبها الأستاذ محمد سيد الكيلاني في مجلة الرسالة الأسبوعية في خمسينيات القرن العشرين فقد هاجم الكاتب شعر عائشة الغزلي وتساءل: هل يحق للمرأة أن تقول شعرًا في الغزل؟ وإذا حق لها ذلك ففيمن تتغزل؟ أتتغزل في امرأة مثلها؟ أم تتغزل في رجل؟
والواقع أننا إذا نظرنا إلى ما وصل إلينا من آثار شاعرات العرب لا نجد لهن مثل هذا الكم في الشعر الغزلي. فمما لا شك فيه أن عائشة انفردت دون سائر الشاعرات العربيات بما نظمته في مجال شعر الغزل وقد تكون سلكت بذلك مسلكًا وعرًا.
وإذا أخذنا مثلاً لشعرها الغزلي:
أفديه لما صحا من سكره سحرًا …… وللطلى أثر في خده باقي
وقام يخطر والأرداف تقعده …… وخصره يشتكي سقمًا لمشتاق
وقال له بلسان السكر خذ بيدي ……فعدت من لحظة الماضي بخلاقی(14)
كما نرى أن عائشة تذكر الحواجب والوجنات والخصر النحيل والخدود والألحاظ، وتحدثنا عن وقوفها أمام أعتاب الحبيب وما كابدته من عناء وألم في سبيل الحب وما لقيته من العزال وكيد الوشاة وغير ذلك مما يجرى على ألسنة الرجال ويتغنى به الشعراء عادة في قصائدهم الغزلية فكأنها – وهي تنشد هذه الأبيات – تقمصت شخصية الرجل وخلعت عنها أنوثتها .
وبينما أدافع عن عائشة وأنا أقرأ فأرد عليه بأنها كانت تروض القول كدأب الشعراء في ذلك العصر، أجده يحتد على متسائلاً: ولم اختارت باب الغزل بالذات لتتخذه ميدانًا للتمرن على القول ؟ ولم أنت بهذا القول الماجن الذي يكاد يكون مكشوفًا؟ إن كثرة تغزل المرأة يبعدها عن طبيعتها الأنثوية ابتعادٍا كبيرٍا، وحبذا لو أنها لم تطرق هذا الباب(١٥).
وربما تنبأ والد عائشة بما قد تتعرض له من نقد عبر سنوات طوال؛ فقد أمدتنا عائشة بمعلومات مفادها أنها عندما بدأت القراءة ثم كتابة الشعر العاطفي، كان الأب غالبًا ما ينتقدها ولا يشجعها على ذلك ؛ قائلاً إنها إذا قرأت الكثير من هذا النوع من الشعر فإن ذلك سوف يؤدي إلى إهمالها لدروسها الأخرى، وفي محاولة عملية لتوجيهها إلى طريق آخر فإنه أشار إلى المبدأ الأدبي العثماني المعروف وهو أن الشعر الجيد يجب أن يكتب بثلاث لغات وإذا لم يحدث هذا فإنه لا يمكن للإنسان أن يستمتع بقراءة هذا الشعر. وفي هذا الإطار استخدم هذا المبدأ للإصرار على ضرورة تركيزها على الجانب اللغوي في تعليمها على حساب التعبير عن أحاسيسها (١٦).
كان ما توقعه والد عائشة فتعرضت كتاباتها لمثل هذا الهجوم بعد سنوات طوال. والأكثر من ذلك أن الكاتب اتهم الشاعرة في مقالة أخرى بأنها لم تكن مكتملة الأنوثة، وحملها مغبة الإخفاق في حياتها الزوجية إخفاقًا تامًا وهجر زوجها لها(١٧)
ولم يشفع لعائشة أمام قسوة هذا الهجوم أنها برأت نفسها من تلك التهم قبل
ذلك بأكثر من نصف قرن حين كتبت في تصدير بعض أبيات شعرها:
قلت متغزلة في غير إنسان…… والقصد تمرين اللسان(۱۸)
ولو كان كاتب هذه المقالات قد عاد إلى عشرينيات القرن الماضي لوجد خير مدافع عن عائشة وهو مقالات مي زيادة التي ردت على اتهاماته هو وآخرين لها قبل أن يطرحها بأكثر من ربع قرن من الزمان.
لقد استشهدت مي بكلمة شهيرة قالتها مدام دي ستايل – وهي مفكرة وأديبة فرنسية ذاعت شهرتها من خلال صالونها الأدبي في باريس إبان اندلاع الثورة الفرنسية – تقول الكلمة: (الحب عارض في حياة الرجل ولكنه حكاية حياة المرأة) … وأتصور أنها مقولة صادقة.
فالحب يسير عند المرأة سيره الطبيعي من الوالدين إلى الأخوة والأخوات والأقارب والأصدقاء ثم يتجه في حينه إلى الخاطب الذي ينبغي أن يكون الحبيب فالزوج والولد والعائلة الجديدة بفروعها، ورغم أن هذا الحب هو نسيج حياة المرأة، فإن المجتمع سد في وجهها باب الانتباه لعواطفها المشروعة وأنكر عليها التعبير عما يدل على أنها ذات يقظة مستقلة. فكل ما اجترأت المرأة على كتابته في العصور المظلمة كان لوصف النبات والحيوان في حكايات قصيرة. ولم تنظم إلا الأناشيد الدينية والصلوات الروحانية، أو لتصف حياة الرعاة وعاداتهم، أما النساء العربيات في الجاهلية وفي صدر الإسلام فلم ينظمن – على ما أعلم – إلا المدح والرثاء وما إليهما (19) .
فلو رجعنا إلى عهد مدام دى ستايل يوم قامت المرأة تنزع إلى تحرير فكرها وإطلاق براعتها، وقابلناه بعهد عائشة وهي في خدرها وراء الحجاب، لوجدنا شاعرتنا في طليعة نساء العهد الجديد العارفات حقهن في حرية العاطفة ومشروعيتها ضمن حدودها الطبيعية ليس في الشرق فقط بل في العالم المتمدين أجمع.
وهكذا كان على عائشة أن تعيش في حالة جيشان عاطفي حتى وإن ادعت أنها” بقصد تمرين اللسان” فشعرها يكون في أصدق لهجاته عندما تذكر هذا السعير الذي
يضرمه الشوق، وقد يثيره الصد في بعض الأمزجة إلى حين، وهي تذكره في أكثر
غزلها:
أشكو الغرام، ويشتكي …… جفن تعذب بالسهر
يا قلب حسيك ما جرى ……أحرقت جسمى بالشرر
رام الحبيب لك الضنى لم ذا وأنت له مقر؟
لكن تعذيب الهوى ……ما للشجى منه مفر (۲۰)
ورأى البعض أن عائشة أرادت أن ترفع لواء النهضة النسوية في مصر وحاولت
أن تخلق حولها جوًا أدبيًا، لذلك صنعت هذا الغزل وكانت فيه متكلفة، ونشرته في حياتها، وهذه جرأة عجيبة وبخاصة في العصر الذي عاشت فيه، ولو أنك طلبت من
فتاة تعيش هذه الأيام أن تقول مثل هذا الغزل، لوجدت منها إعراضًا تامًا (٢١) .
وتبرر مي لعائشة التحدث بلهجة الرجل ؛ لأن عادة الضغط على عواطف المرأة وإخراس صوتها هي الأقوى فكان أيسر لها أن تتخذ لهجة الرجل المصرح له بما يحظر عليها، ثم إنها كانت مقلدة .. فقد قلدت الرجل بداهة في لهجته كما قلدته في معانيه.
وكتبت مي في ذلك” الرجال أساتذتنا نتلقى دروسنا منهم ونقتبس المعرفة عن كتبهم، فقد احتكروا كل أنواع المقدرة والتفوق فلا غرور إذا ما فتحنا عيوننا وأذهاننا فرأينا جميع مناحي السلطة والسيطرة ممثلة فيهم” (23).
إن عواطف المرأة شيء بشرى مشروع.وبالمران ستتعلم الاستسلام لطبيعتها النسائية والركون إليها في التعبير، بعد أن قضت على خوالجها طويلاً فترسل الآن المرأة تشعر أحيانًا بأنها صغيرة ضئيلة أمام من تحب:
وهذه كلمات قادها شغف….. إليك لولاء لم تبرز من القلم
جاءت ومن خجل تمشي على مهل….. تخاف عند لقاها زلة القدم (24)
ولأن مصر في عصر عائشة كانت رائجة الأدوار والمواويل، وهي تلك الأغاني العامية التي استعذبها الجميع ؛ لأنها تخاطب ألصق العواطف للوجدان بلغتهم اليومية وهي كمجموعة المغني العربي القديم محصورة في شكوى الحب ولوم الحبيب ووصف جماله وعبادة ما نثر على وجنته من خال وشامة. ومجموعة شعر عائشة الغزلي لا تعلو على هذه الأغاني إلا يكونها منظومة. لذلك سهل إنشادها. ولا سيما الأدوار والمواويل التي تنشد في حفلات الأفراح واجتماعات الأنس لبساطة معانيها وتراكيبها، ولم يدر المنشدون أنهم يلحقون روح امرأة بإنشادهم(٢٥) .
فنحن – كما تقول مي – الجهة المقابلة في الذات الإنسانية الواحدة تخبر مالا يعرفه الرجل. وإذا قدر للمرأة المصرية أن تلج هذا الباب وتمعن في المسير كان مرجع الفضل إلى التيمورية التي نشرت أول علم في الجادة غير المطروقة، وبكرت في إرسال الزفرة الأولى حيث كانت تكتم الزفرات. ويوم ينمو الأدب النسائي في بلادنا فيجئ حافلاً بحياة فنية غنية ستظل أناشيد عائشة، هذه الأناشيد الساذجة محبوبة كترنيمة المهد القديمة التي همست لنا بها أمهات أمهاتنا، شجية كشدو الناي القائل إن وراء المشاغل يظل القلب البشري مثقلاً بحنين وظمأ لا يعرفان النفاد(٢٦).
كما أن لعائشة تجربة خاصة فقد اتخذت من قصائدها” الرمديات” ميدانا للغزل. فشخصت إنسان عينها وشرعت تتغزل فيه وتتألم لبعاده، وتتمنى قربه، ومثال
ذلك قولها:
وقالوا مات، قل موتوا بغيظ …… فجل القصد حيًا قد أتائي
وجدد بالوصال حياة روحي ……أعوذ بآيات المثاني
فدعتی یا خلى والخل نخلو …… ونكحل بالثنا جفن الأماني
لمرآة الجمال ووجه بدر دعانی…… یوسف الثاني دعانی
حبیبی بالذي أعطاك نورا …… تقود به كما ترضى عناني
فهذه الأبيات تكشف عن نفسية خاصة، فالشاعرة قد استحضرت في ذهنها صورة يوسف الصديق وقد امتنع عن امرأة العزيز حين” همت به وهم بها وغلقت الأبواب وقالت هيت لك فقال معاذ الله” فشبهت نفسها بامرأة العزيز وإنسان عينها بيوسف. ثم تخيلت أنها نهضت وغلقت الأبواب وراودت يوسف عن نفسه وهمت به فلم يمتنع عنها ولم يقل معاذ الله، وهذا الغزل مهما كان من أمره فإنه تظهر فيه الأنوثة. وهو بذلك يختلف عن غزلها المتقدم الذي ذكرت فيه الأرداف والأعجاز، والذي تقمصت فيه شخصية الرجل ونظرت إلى المرأة بمنظاره وفكرت فيها بفكره.
وكما لمسنا دهشة النقاد من عائشة عند تقمصها لشخصية الرجل تلمس إحساسهم بأن عائشة أول شاعرة تقول هذا الغزل الأنثوي المكشوف” وهي بذلك قد خرجت على العرف والمألوف. ولكنها – بوصفها شاعرة – لا يضرها هذا ولا ينقص من قيمتها ولا يحط من قدرها. وأي شاعر موهوب حافظ على العرف ووقف عند التقاليد ؟ !! (۲۷)
وإذا كانت مي قد وقفت قبل ذلك بسنوات تدافع وتنتصر لكاتبة من بنات جنسها فقد كان إيزاك شموش أستاذ الأدب العربي الحديث بالجامعة العبرية محايدًا تمامًا في دراساته بمجلة الرسالة حيث أرجع ما نظمته من أبيات في الشعر الغزلي إلى نزوع شعرها إلى الشعر القديم نزوعًا قويًا، ولاسيما في تشبيهاته واستعاراته وكناياته فاللحاظ سيوف، والخدود ورود، والقدود غصون، والأسنان درر، دون أن يرى في ذلك تجاوزًا لحدودها كامرأة قبل أن تكون شاعرة وأديبة(٢٨).
ولأنها كما سبق أن ذكرنا صاحبة تجربة شديدة الخصوصية تجد من يشكك فيما بعد في نزوع شعرها إلى الشعر القديم نزوعًا قويًا على الدوام كما رأى شموش, فقد نظم بعض أدباء عصرها قصيدة جاء فيها:
فأجابته قائلة:
إن كان موتك من قسى حواجب …… كالنون أو من سحر جفن ذابل
أو من لحاظ تسحر الألباب إذ …… تروى لنا سلب النهى عن بابل
فهي التي فعلت ولم أشعر بما …… فعلت فكيف تلومنی یا سائلی
أنا ما قتلت وإنما أنا آلة …… في القتل فاطلب إن ترد من قاتل
ومتى أريد قصاص سيف أو قنا …… هل من سميع مثل ذا أو قائل
والله قد خلق الجميل ولم يقل …… هيموا بلين قده المتمايل
ما قال ربك قط يا عبدي أطل …… نظر الملاح ويا جميلة واصلي
فعلام تطلب بالدعاء وتدعى …… زورًا ونطمع في مجال باطل
وقبل عائشة، ليث الشعراء أجيالاً طوالاً يشكون من سهام العيون وسحر الألحاظ، ويبكون لهجر الحبيب وامتناعه عنهم، ويتألمون لقسوته وإعراضه، ويطلبون وصاله ويتمنون قربه، قلم تنهض للرد عليهم امرأة واحدة. وفي الحقيقة إن هذا الجواب طريف ومفحم في نفس الوقت. طريف لأنه لم يسبق له مثيل في الشعر العربي.ومفحم لقوة حجته ووضوح بينته. فأنت ترى مقدمة الشعر منطقية تنتهي إلى نتيجة لا يسعك معها إلا التسليم.أما المقدمة فهي أن المرأة آلة وليست فاعلة للقتل. النتيجة التي تصل إليها أن الآلة لا تسأل وإنما يسأل القاتل.
ومن هنا تبطل دعوى من يطالب بدمائه المسفوكة لأن دعواه أقيمت على غير أساس كما تقول عائشة.
ولو أن الشعراء من قديم الزمن سمعوا هذا الرأي واقتنعوا به لأراحونا من بكائهم ونحيبهم على هجران الحبيب وأعفونا من الشكوى من بعده وصده، ولفقد الشعر العربي جزًاً كبيرًا من ثروته(٢٩).
كما أن شعرها لا يخلو من إشارة مزهوة بفضلها على سائر النساء اللواتي إن
نظرن في المرأة فللتجمل والتزين، وأما هي به فتقول:
فجعلت مرآتي جبين دفاتری …… وجعلت من نقش المواد خضابی
كم زخرفات وجنات طرس أغلى…… بعذار خط أو إهاب شباب(۳۰)
ولأن عائشة اختارت دور الريادة فقد أتى شعرها الأخلاقي والديني ليذكرنا بأنها كانت تقف لتؤدي دورًا تجاه المجتمع، فقد ذكرت غير مرة في شعرها ما بينها وبين مجتمعها من خلاف، وقد بذلت مجهودًا في سبيل التلاقي مع ذلك الوسط والتفاهم وإياه في حين لم يبذل هو من ناحيته جهدًا ولم يبد لملاقاتها اهتمامًا(۳۱).
وترى مي أن العاطفة الدينية تتلون بشتى الألوان على تنوع النفوس، غير أنهاعريقة متأصلة في قلب الإنسان الذي يروعه هذا الكون العظيم فيتساءل من ذا الذي أنشأه، ويذهله النظام الدقيق في هذا الفلك الدائر فيبحث عن الغاية التي من أجلها خلق الإنسان الذي يجزع مما يهدده من حاجة ومرض وعجز وألم وموت فيلجأ إلى قوة عليًا تهيمن على عوز البشر وبؤسهم ويبتهل إليها مستسلمًا لعوامل رحمتها وأحكام حكمتها.
وإذا كانت هذه هي البواعث الأولية للشعور الديني الذي جبلت عليه كل نفس؛ فقد كانت العاطفة الدينية حية كل الحياة عند شاعرتنا. وتقول مي إنها سمعت من شقيقها أحمد تيمور باشا أنها كانت تقية تصلي وتصوم وتقوم بكل الفرائض الدينية, على أنها لا تتعمق في شعرها الديني فهو كسائر شعرها يتناول الناحية المألوفة للجميع وهو يمتزج بالعاطفة الأخلاقية من حيث الاعتراف بالذنوب والرغبة في التوبة. ومن ثم يبدو فيه الاستعداد لساعة الرحيل. وذكر هذه الساعة يحملها على وصف بعض ما يجول في القلب من مخاوف حتى عند سرير المحتضر أمام حشرجة النزع، وعند هيل الثرى على نعوش الأقربين.
وعبرت عائشة عن حيرة النفس وترددها بين ما يخالجها من عوامل الإغراء بملذات العالم وبين نزعتها إلى البر والتقوى:
كيف المسير إلى أرض المنى وأنا ……بطاعة النفس في يد الضلالات؟
وأجابت عائشة عن تساؤلها في بيت يجيش بالابتهال، الأمر الذي دفع مي زيادة إلى وصف شعر عائشة الديني بالشعر الابتهالي، وتقول فيه:
إن كان عصيانی وسوء جنایتی …… عظما وصرت مهدداً بجزائي
ففضاء عفوك لا حدود لوسعه ……وعليه معتمدی وحسن رجائی (32)
عقدت می مقارنة بين الشعر الابتهالي لعائشة الشاعرة المسلمة المصرية العربية وبين شعر القديسة تريزا الإسبانية المسيحية التي عاشت في القرن السادس عشر
وأسست رهبنة الراهبات الكرمليات، وقد لقبت” بالعذراء الساروفية” نسبة إلى الملائكة الساروفيم لفرط تقواها، ونقاء نفسها، وروحانيتها الحارة وشغفها بالسيد المسيح الذي كانت تتخيل أنه يتجلى لها في ساعات الانخطاف والرؤيا ويخاطبها، وقد نظمت شعرًا ابتهاليًا جميلاً في لغتها الإسبانية الجميلة، أشهره نشيد قصير ترجو فيه من الله أن يمن عليها بالمنون لتتجرد من ثوبها الترابي فتراه وجهًا لوجه فتقول :
يا إلهى انظر كيف أذوب شوقا لرؤياك .
ولا طاقة لي على الحياة بدونك حتى أني
لا أموت لأني لا أموت .
فمن يتيسر لي، يا إلهي أن أقول القول
الفصل بأني أموت لأني لا أموت(۳۳)
وترى مي أن القديسة المسيحية واثقة برضا الله تعالى، عالمة بحبه لها، وإنما تعذبها قيود الجسد التي تشد وثاقها بالأرض وتحول دون فناء روحها في روح الله ففي صيحتها شيء من التدلل على المحبوب، أما التيمورية فذليلة في لهجتها كأنها كانت تيأس لولا رحمة الله الواسعة ولولا شفاعة النبي الكريم الذي تلوذ بحماه، وتترنم
بمدحه وبتمجيد أمته، فتقول:
وما سوى عز كوني بعض أمته …… ذخرا أفوز به من زلة الوصم
إلا التماس عفوا بالشفاعة لي …… من خاتم الرسل خير الخلق كلهم
وتخرج مي من المقارنة بفكرة تلاقي البشر وتشابه عواطف البر والتقوى في قلوب الصالحين امرأتان مختلفتان دينًا وأمة، تعيشان على تباعد ثلاثمائة عام في بيئتين إحداهما غريبة عن الأخرى كل الغربة، وهما رغم ذلك تناجيان إلهًا واحدًا, وتصليان صلاة واحدة حافلة بالأمل والتوكل على الخالق في لغة الغرب والشرق على السواء(34).
وتقول می:
“وبين ما يبرز الآن في الشرق من العوامل الجديدة نجد الدعوة إلى وحدة قومية ووحدة إنسانية مع احترام العقائد الدينية، وترك الحرية لكل واحد يتمتع بها دون التعدي على حرية أخيه ودون أن تكون هذه العقائد واحترامها عاملة في تفريق الكلمة وتمزيق الشمل.
وإني لأحسبها لعائشة مفخرة أن تكون جاءت بقول له، فوق قيمته الأدبية والتاريخية، ما يستمد منه هذه المقابلة القيمة، وقد أتاح لنا فرصة للإلماح إلى هذه الوحدة النبيلة التي يتفشى الآن حبها في المشرق، والتي يتصافح عندها بنو الإنسان فضلاً عن بني الأوطان“ (٣٥).
بين الحجاب والسفور:
وفي واحد من مقالات مي اختارت أبياتا لعائشة :
تركت الحب لا عن عجز طول ……ولا عن لوم واش أو رقيب
ولكنى اصطفیت عفاف نفسی …… تقر بصفوه عين الأديب
فعائشة ترى أنها” اصطفت ذلك بدافع عفاف النفس” ولماذا ؟
وذاك لأنني في عصر قوم…… به التهذيب كالأمر العجيب(36)
واختارت مي هذا البيت حدًا فاصلاٍ بين ما نظمته التيمورية في العاطفة والغزل وما بين ما نظمته لتأدية صورة ما من رأي لها في أحوال المجتمع، أو تبصر في شؤون الناس والأخلاق بين تقلبات الأيام وطوارئ الزمان. على أننا يهمنا هنا أن شاعرتنا أخذت به ولو من وجهة سطحية ذلك أن عائشة لم تتعمق أصلاٍ في فكرة أو عاطفة. بل كانت تكتفى بالناحية المطروقة وترضى لها بالتعبير المألوف (37) .
فهي تطرح مسألة الحجاب والسفور من خلال شعرها ونثرها بل أن هناك من يرى أنها لجأت إلى النثر أحيانا لمعالجة القضايا النسائية كما سنرى لاحقا. وفي نفس الوقت نلمس تناقضًا واضحًا استشعرته الأقلام الصحفية التي تناولتها فتقول بأنها لم تثبت على رأي واحد فبينما تكتب في شعرها :
بين العفاف أصون عز حجابي …… وبعصمتى أسمو على أترابی(۳۸)
ويفهم من ذلك أنها حجابية.
ثم تكتب في نثرها (وأنا بين جدران الخدر كقطاطة سجنها المطر، وعاقها عن الانسياب برق يخطف البصر)(39) فيفهم أنها سفورية.
وتعلق مي على ذلك بأن كتابات عائشة في هذا المجال لا تقف فيها على متين الحجة أو مكتمل الرأي(40) .
حتى أن ميًا تناولت القضية بالمناقشة بدلاً منها لتثبت أن الصون لا يكون بإسدال الخمار كما أن الابتذال ليس قائمًا بالسفور، إنما الصون والعفة ملكتان نبيلتان من ملكات النفس تخضع لهما المرأة بغض النظر عن الذي في هندام رأسها جسدها.
وتبررمي ذلك بأن عائشة إن هي فاخرت بالاحتجاب في شعرها فهي تشكوه في نثرها وتقول إنه حرمها مجالسة أهل الفضل والأدب وحال دون تزودها بما ترغب فيه من العلم والمعرفة(41).
وإذا تباهت هي:
ما ساءنی خدرى، وعقد عصابتي …… وطراز ثوبي، واعتزاز رحابي
عن طى مضمار الرهان، إذا اشتكت…… صعب السباق مطامح الركاب
بك صولتي في راحتى وتفرسي …… في حسن ما أسعى لخير مآب
وتحتج مي على هذا التباهي بأنه لا يتطابق والواقع. فالشعر الأخلاقي غير الشعر الغزلي.فالأخير يلقى علينا بما يريد من العواطف والخيالات والمبالغات فيروقنا ونطرب لأثره سواء صدقناه أو كذبناه أما الشعر الأخلاقي فشيء آخر. أنه يلقي علينا درسًا ويختط لنا طريقٍا. فلنا الحق أن نناقشه عندما يقول لنا إن السعادة في حسن الأخلاق،” أحفظ لساني عن ذم الأيام، إلى آخر ما أغدقته من النصائح. فأنا إنسان صالح لم أجن إثمًا، ولا آذيت أحدًا أعبد الله وأسالم الناس وأتكل على ذاتي وأعمل ليل نهار، ولا أتبادل وإخواني البشر منافع العمل وحسناته. ورغم ذلك فلست سعيدًا, في حين أن فلانًا الذي لا يراعي في معاملته عدلاً، ولا ذمامًا، ولا كرامة، ولا حقًا وهو سيئ الأخلاق بشهادة الذين أرغموا على معاشرته، فهو مع ذلك سعيد تبسم له الدنيا, ويساعده الحظ في جميع شؤونه. إذًا لماذا تثبتين لي ما لا يتطابق والواقع، وكيف أحتمل السعادة حولي يتمتع بها الجميع وأنا محروم ؟ عبثًا تلقى على شاعرتنا هذه الأسئلة وهي لا تعطينا جوابًا لها. وإنما تحدثنا عما فعلت هي عند شعورها بمثل ما نتألم منه، فكانت لها النوائب وسيلة للتشدد والتقوى والتغلب على النفس المتألمة وعلى العالم الظالم:
کم قابلتني ليال ريحها سعر …… بطيئة السير ترمي بالشرارات
لاقيتها بجميل الصبر من جلدی …… وبت استقى الثرى من غيث عبرات(٤٢)
النثر والمجتمع الجديد:
إذا كانت عائشة قد فرضت الشعر كما قالت:
ما قلته إلا فكاهة ناطق …… يهوى بلاغة منطق وكتاب
فإنها عالجت النثر لإملاء ساعات الفراغ الطويلة التي لم تكن لتستنفذها رعاية الأبناء وفروض العبادة وقرض الشعر ففي كتاب” نتائج الأحوال تبسط لنا في مقدمته الباعث على إنشائه وتخبرنا كيف كانت دومًا تميل إلى استقصاء أحاديث السلف, ومسامرة الكبار ومجالس العجائز لتسمع أخبارهم” والتقط من تلك النوادر أعاجيب القدر“. ولما تم لها ذلك وأنشأت تطالع من التواريخ ما قدرت قدرتي أن تدانيه، وما أمكن فكرتي الخامدة أن تصل إلى فهم معانيه“.
وعمدت عائشة فيه إلى تحيل الخيالات ونسج الحكايات، وذلك لن يكلفها أكثر من جمع شتات ما استقر في ذهنها من حكمة العجائز وما يتطابق مع تجربتها الشخصية لتدوين آراء شائعة مقبولة في أحوال الناس: في السعادة والحزن، في الصبر والمواساة، في الخيانة والوفاء، في القضاء والقدر وفي التربية الصالحة(٤٣).
هذا هو” نتائج الأحوال” وهو حقًا من رواسب تلك القصص التي سمعناها جميعا في طفولتنا، خلال الليالي الساهرة في زمهرير الشتاء وهزيم الرعد وتدفق الأمطار فمنحتنا متعة الاحتماء من غضب الطبيعة وصقيعها في ملجأ دافئ ومتعة استماع سير الملك والجان والأبطال والعاشقين، وأحكام القضاء والقدر، لينتهي بنا الأمر في الغالب إلى اندحار الشر وفوز الصلاح(44).
ورغم أن ميًا أدركها التعب في مطالعة هذه القصة المكتوبة في هذا الكتاب بلغة المقامات ذات الكناية والسجع والتطويل، إلا أنها رأت أن هذا الكتاب بارقة للفن القصصي الحديث، ذلك الفن الذي كان لا يزال آنذاك جنينًا ولم يبلغ بعد طور النضج والقوة.
فحكاية عائشة بعيوبها ورواسبها تجربة أولى من النزعة المتجددة، لاسيما فيما يختص بالأدب النسائي. إذ لم يحدث أن امرأة عربية وضعت قصة تامة قبل عائشة فهي بتجربتها هذه من رائدات المنهج الجديد.
والقصة بعيوبها ذات مغزى أخلاقي لأن كاتبتها جعلت سوء تربية البطل وعجزه عن معرفة العدو من الصديق منشأ مصائب فهو رأى العدو فيمن يحسن إرشاده ويعلمه كبح جماح أهوائه، وينبه إلى واجباته ومسؤوليته.وظنه صديقًا من أهاج طيشة وغروره، وملق منه الزهو والعجرفة، وشجعه على العبث بكرامة الناس وكرامته الشخصية فعوقب بنتائج ضلاله. ولكن يوم ثاب واعترف بخطئه وبعد أن أتمت المحن تهذيبه وتهيئته لمنصبه، عادت إليه حقوقه ومسراته ونال جميع رغباته. ومن ثم سمته ب” نتائج الأحوال“.
وما كان أعدل الدنيا وأنصف الأقدار لو كوفئ كل بما يأتيه، وكان الجزاء حقًا من نوع العمل(45).
على أنه لا مناص لنا من نشر المبادئ الأخلاقية والأخذ بها وتلقين النشء دروس الصدق والاستقامة والصلاح، فالمبادئ الأخلاقية مع المواهب الفكرية والذهنية، إنما هي لباب الفضل في الإنسانية وهي التي لا يتغلب عليها مذهب سیاسي ولا تذهب بها ثورة اجتماعية.
شاع أن” باحثة البادية” هي أول مصرية عالجت الموضوعات الاجتماعية بينما كانت التيمورية أول من نشرت مقالات مختلفة في صحف زمانها وفي” مرآة التأمل في الأمور“. وليس لهذه الرسالة من تاريخ يومها إلا أن كاتبتها ختمتها (على طريقة ذلك العصر الكتابي) بامتداح الخديوى عباس حلمي باشا مما يدل على أنها نشرت بعد توليته أي بعد ۱۸٩٢.
ولغة هذه الرسالة ككل ما نثرته عائشة، هي لغة المقامات ذات السجع والتطويل وهي تستهلها بالشكوى فتقول” لعلى أرى لسماء الصفو هلالاً ولعقد الأزمنة انحلالاً“. ويبدو أنها عثرت على” انحلال لعقد الأزمة” لأنها تقول:” فناداني زعيم الجسارة هلمي إلى مقصورة السلامة، ولا تحذري الانتقاد والملامة“.
وبعد صفحتين من السجع نجد القضية التي طرحتها عائشة هي انقلاب الأدوار بين الرجال والنساء، وتسرب الفساد إلى داخل الأسرة. ومنشأ ذلك في تقديرها أن جماعة من الشبان” غرهم الله بالغرور حتى إن كل إنسان هم بالاقتران من وضيع ورفيع وخامل ونبيه كان كل بحثه عن الحلي والحلل والضياع والعقاد، لا عن النسب والتدين والعفة والوقار” (46).
وناشدت عائشة الرجال في آخر الرسالة أن يستمعوا لها ورجتهم” أن لا تنبذوا خطاب هذه الضعيفة ولا تقيسوه بأقوال النساء السخيفة“. وقد لبي الرجال هذه الدعوة بداهة واختيارًا.فالنقد الاجتماعي الذي سيعالجه قاسم أمين سبقته التيمورية بهذه الدعوة إلى الإصلاح. فقد وضع قاسم كتابًا بالفرنسية رد به على الدوق داركور عام 1894 وعقليته لم تنفتق فيه عن تلك الثورة النبيلة الكامنة: ولم يصدر كتاب” تحرير المرأة” الذي بسط فيه نظرياته الجريئة إلا بعد سنوات عام ١٨٩٩ حيث أردفه بكتاب” المرأة الجديدة” (47).
يقول ابن أخي عائشة محمود بك تيمور إن التيمورية نشرت مقالات في جريدة المؤيد“.وخير تلك المقالات أدرجتها زينب فواز في كتابها” الدر المنثور“. وقالت إنها اقتبستها عن جريدة” الآداب” الصادرة عام ١٨٨٨م.
وكانت عائشة وزينب فواز على اتصال وائتلاف، وقد ترجمت زينب لعائشة في حياتها واستقت منها مصادر تلك الترجمة، بما فيها مراسلاتها مع وردة اليازجي(٤٨) نظمًا ونثرًا. كما أنها صدرت كتاب” الدر المنثور” بخطاب من عائشة كله ثناء وتقريظ على طريقة ذلك العصر. وحيث إنها أدرجت هذا المقال دون سواه فأكبر الظن أنها فعلت ذلك بإشارة من التيمورية التي فضلته على غيره من المقالات(٤٩).
عنوان هذا المقال هو” لا تصلح العائلات إلا بتربية البنات“.وكما أنها في” مرآة التأمل في الأمور” تجعل منشأ الشقاء في بحث الرجل عن الثروة ليسئ التصرف بها ويهدم بيته بيده. ففي هذا المقال تلوم المرأة على مبالغتها في الزينة دون الانتباه إلى واجباتها، وترى في ذلك مبعث الخلل والفساد وتعجب من” مدنية تشغف بتزيين فتياتها بحلي مستعارة، وتستعين على إظهار جمالهن بزخرف المعادن والأحجار، وتتخيل أنها زادتهن بسطة في الحسن والدلال. والحال أنها ألقت تلك الأحداث في أخدود الوبال لأنه لم يعد عليهن من تلك المستعارات إلا العجب والغرور المؤدي بهن إلى ساحات المباهاة والفجور. وذلك لكف بصيرتهن عن الإدراك وعدم علمهن بنتائج الأحوال وعواقب الأمور“.
وعائشة ترى أن أعنف العتب يقع على الرجل – وباحثة البادية ستقول هذا القول فيما بعد – فإذا بها تنادي:
“فيا رجال أوطاننا! لم تركتموهن سدى؟ وهن بين أناملكم أطوع من قلم؟ فعلام ترفعون أكف الحيرة عند الحاجة كالضال المعنى، وقد سخرتم بأمرهن وازدريتموهن باشتراكهن معكم في الأعمال واستحسنتم انفرادكم في كل معنى؟! فانظروا عائد اللوم على من يعود؟!” .
وتقول باحثة البادية :” منذ خمسة وثلاثين عامًا طلبت عائشة اشتراك المرأة مع الرجل في الأعمال، ولم هذا الاشتراك ؟ لأنه طبيعي” من حكم بارى النسمات وموجد المخلوقات” ولأنه الأساس الأصلي” الصيرورة مدار عمران هذا العالم على الزوجين، ولو أمكن الانفراد لخص عالم الأسرار أحدهما دون الآخر“.
لقد طالبت عائشة بالمساواة بين الرجل والمرأة، طالبت بذلك تصريحًا لا تلميحًا:” إذ لو أمكن الانفراد للرجل لخصه الله بالوجود دون المرأة. فهما ضروريان كل منهما للآخر، موجودان معًا تحت شمس واحدة وأحكام واحدة ليأتي كل بقسط من واجبات متعادلة“ (50) .
لقد قالت هذا في الشرق، ورأت أن يتساوى الرجل والمرأة، وأن يتشاركا في الأعمال، وهي محجوبة رهن جدران الخدر .. ومتى ؟! في حين كان هذا يعد بدعة في أوربا. إذ لا يفوتني أن لفظة” ذكر” لم يتفق على حذفها من قوانين انجلترا والاستعاضة عنها بلفظ” أحد” إلا منذ سنة ١٨٥٠، وكان ذلك عنوان تحرير المرأة عنده وإدخالها في طائفة بني الإنسان(5۱).
وبالرغم من كل ما كتبته عائشة فإن المساواة لديها معنى عارض في كلامها رغم أهميته بالنسبة للوقت الذي أورد فيه، فهي كما تعودنا منها في مجال القضايا الاجتماعية نجدها تقف أكثر من موقف تجاه قضية واحدة. حتى أن مجلة الرسالة وصفت موقفها من قضية المرأة بأنه موقف المحافظات المسرفات في المحافظة. وتأخذ دليلاً على هذا ما جاء في” مرآة التأمل في الأمور” حيث تستعير لغة فقهاء الإسلام لمعالجة مواضيع على جانب كبير من الخطورة:
(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض بما أنفقوا من أموالهم….) (سورة النساء: الآية ٣٤ ). فالرجل يقوم بأمر الزوجة مجتهدًا في حفظها وصيانتها وأداء كل ما تحتاج إليه. ثم إن الحق، سبحانه وتعالى، لم يكتف بالحكم حتى بين السبب بقوله: بما فضل يعني بأمور لها وفرة في العقل والدين، ولذا جعل لهم الولاية والإمامة، وجعل فيهم الخلفاء والأئمة، وميزهم في الشهادة فقال في آية أخرى:
(فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى) (سورة البقرة : الآية ٢٨٢).
وهنا يظهر الجانب المحافظ لعائشة فهي ترى في خروج النساء من بيوتهن ممارسات جديدة وغير جيدة، وتجد الحل في ضرورة العودة إلى القيم الإسلامية التي تحدد” طرق الاستقامة” للرجال والنساء، كما أنها تدعو الرجال إلى الغيرة على مراكزهم الاجتماعية التي أعطاهم إياها سبحانه وتعالى، والنظر في عواقب هذه الأحوال (۵۲).
على أية حال كانت الأمثلة النثرية التي استخدمتها عائشة دالة دلالة واضحة على أن صلة نثرها بالقديم وثيقة، كصلة شعرها، إن لم تكن أقوى وأشد، إذ جرت فيه على نسق المقامات وكليلة ودمنة، فأغرقته في فيض من المحسنات البديعية اللفظية منها والمعنوية، وأفعمته بالأمثلة على ألسنة الطيور والحيوانات(53).
ومما لا ريب فيه أن تأثيرها فيمن تتلمذ عليها، كان عظيمًا، ولاسيما في باحثة البادية” ملك حفنى ناصف” التي أخذت عنها وتأثرت بها ورثتها في المجلة المصرية التي كان يصدرها خليل مطران:
لقد أحييت ذكر نساء مصر …… وجددت العلا بعد انقطاع
فقد تلقت ملك من التيمورية ميراثًا غاليًا فحملت تلك النفحة النسائية الأولى وأضافت إليها نفحاتها (54).
وأخيرًا إذا كانت أول صيحة بوجوب تعليم المرأة والنهوض بها قد صدرت من قاسم أمين فإن القضايا التي تناولتها عائشة تيمور من خلال شعرها ونثرها كانت بمثابة إرهاصات للتغيير الذي شهدته مصر مع بداية دعوة قاسم أمين لتحرير المرأة.
(1) عن عائشة التيمورية: جهود الفتاة المصرية في عالم الأدب.انظر المجلة الجديدة: سلامة موسى العدد العاشر من السنة السابعة أكتوبر ۱۹۳۸ ص ٢٤، ٢٥.
(۲) حلية الطراز: لجنة نشر المؤلفات التيمورية. القاهرة ١٩٥٢ ص 41/ 42/ 43. كتب سلامة موسى في المجلة الجديدة مقالاً بعنوان” أسرة مصرية تخدم الأدب المصري” كتب عن أسرة عائشة تيمور التي منحت مصر أعلامًا كانوا أدباء واعتبرها أسرة مصرية تخدم الأدب المصري والمجتمع المصري رغم أن أصولها غير مصرية.
المجلة الجديدة: المجلد الأول، السنة الأولى، أول يوليو سنة ١٩٣٠.
(3) میرفت حاتم: دموع عائشة التيمورية ونقد الخطاب الحداثي والنسوي بمصر في القرن التاسع عشر، ترجمة : أمال مظهر، ص 79، المشروع القومي للترجمة: الحركة النسائية وتطورها في الشرق الأوسط القاهرة 1999.
(4) مي زيادة :عائشة تيمور. ص ٦٢، القاهرة بدون تاريخ.
(5) أميرة خواسك : رائدات الأدب النسائي في مصر القاهرة ٢٠٠١ ص 14.
(6) میرفت حاتم : دموع عائشة التيمورية ص ٨٤.
(۷) المقتطف: باب المراسلة والمناظرة يوليو ١٩٠٢ ص 692/ 693 لم تفصح الكاتبة عن شخصيتها واكتفت التوقيع بـ” إحدى قارئات المقتطف“، مما يعد أمرًا غريبًا بالنسبة للكاتبات الشاميات المعروفات بالجرأة والتحرر.
(۸) المقتطف نوفمبر ۱۹۲۳ عائشة عصمت تيمور، ص ٢٤٥.
كان لقب” الطبلاوية” يدل على انتماء صاحبته للطبقة العاملة ويعنى” آلات النقر” وغير معروف لدينا كيفية اكتسابها المهارات الأدبية.
میرفت حاتم : دموع عائشة التيمورية ونقد الخطاب الحداثي ص 9.
(۹) المقتطف نوفمبر ۱۹۲۳ ص ٢٤٦.
(۱۰) المقتطف نوفمبر ۱۹۲۳ ص ٢٤٦.
(۱۱) المقتطف: حديقة المقتطف، نوفمبر ١٩٤١ ص ۳۹۰.
(۱۲) المقتطف: عائشة تيمور بقلم مي، في فبراير ۱۹۲۳ ص 158/ 159.
(۱۳) مي زيادة: عائشة عصمت تيمور، المقتطف نوفمبر ١٩٤١ ص 390/ ۳۹۱.
(۱٤) محمد سيد الكيلاني: في شعر عائشة التيمورية 1840/ 1902 الرسالة والرواية: السنة التاسعة عشر العدد 1949. سبتمبر1951 ص ١٠٢٦.
(15) المرجع السابق ص ۱۰۲۷.
(16) میرفت حاتم: دموع عائشة التيمورية ص 86/87.
(۱۷) من خلال استقراء شعرها لم تذكر عائشة هذا الزوج في بيت واحد من أبياتها الشعرية.
(۱۸) می: عائشة عصمت تیمور، شعرها الغزلي، المقتطف يناير ١٩٢٥، ص 60.
(۱۹) المرجع السابق ص 59.
عائشة عصمت تيمور: حلية الطراز، القاهرة ۱۹٥٢ ص ١١٤/115.
(۲۰) نفس المرجع، ص 60.
(۲۱) الكيلاني: في شعر عائشة، ص ١٠٢٦.
(۲۲) نفس المرجع، ص ٦٢.
(23) نفس المرجع، ص 66.
(٢٤) حلية الطراز، ص 11.
(٢٥) نفس المرجع، ص 64، حلية الطراز : ص ۱۲۰، ۱۲۱.
(٢٦) مي زيادة, المقتطف فبراير ١٩٢٥ ص 66.
(٢٧) الرسالة: الكيلاني، ص ۲۷، ۱۰۲۸ .
(۲۸) إيزاك شموش: السيدة عائشة عصمت تيمور، بمناسبة أربعين عامًا على وفاتها، مجلة الرسالة. أسبوعية للآداب والعلوم والفنون، الاثنين أول يونية سنة ١٩٤٢ العدد ٤٦٥ ص ٥٨٤ / ٥٨٥ .
(۲۹) الکیلانی: نفسه, ص ۱۰۲۷ .
(۳۰) دیوان حلية الطراز، ص 3.
(۳۱) مي زيادة: عائشة عصمت تيمور، شعرها الأخلاقي والديني المقتطف، فبراير ١٩٢٥ ص ١٥٩.
(۳۲) مي: المصدر السابق ص 163.
(۳۳) حلية الطراز : ص ۱۳۱، ۱۳۲.
(٣٤) ديوان حلية الطراز: ص ۱۳۲.
(٣٥) می: المقتطف، فبراير ١٩٢٥، ص164/165.
(٣٦) مي زيادة: شاعرة الطليعة عائشة تيمور، ص ١٥6/157.
(۳۷) المقتطف، فبراير ١٩٢٥، ص ١٥٨.
(۳۸) المقتطف: باب المراسلة والمناظرة، يوليو ۱۹۰۲، ص ٦٩٣ .
(٣٩) إيزاك شموش: نفس المصدر، ص 586.
بلاغة النساء في القرن العشرين، ص ۹۲.
(٤٠) المقتطف: فبراير ١٩٢٥، ص ١٦٢.
(٤١) المقتطف: فبراير ١٩٢٥، ص 163 .
(٤٢) المقتطف، فبراير ١٩٢٥، ص160/161
(٤٣) مي: عائشة عصمت تيمور، نثرها، المقتطف، مارس ١٩٢٥، ص ۲۸۱ .
(٤٤) نتائج الأحوال، وأيضا حلية الطراز، ص 134/135.
(٤٥) المقتطف، مارس ١٩٢٥، ص ۲۸۷.
دیوان حلية الطراز، من ١٤٠.
(٤٦) انظر میرفت حاتم: عائشة تيمور وقاسم أمين ورؤى متميزة للحداثة. مائة عام على تحرير المرأة / الجزء الأول / المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ۲۰۰۱، ص ۱۰۹ .
(٤٧) می زيادة: عائشة عصمت تیمور، نثرها، مرآة التأمل في الأمور. المقتطف، أبريل ١٩٢٥، ص 408/409
(٤٨) اشتركت وردة اليازجي مع عائشة في النشأة حيث نشأت كل منهما في عائلة مستنيرة وكان أبو كل منهما يرعى تعليمها وكتبت كل منهما الشعر والنثر.
أنظر میرفت حاتم دموع عائشة التيمورية ص 79. وعن مراسلات عائشة ووردة اليازجي.أنظر عمر رضا كحالة: أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام، الجزء الثاني، دمشق ١٩٤٠.
(٤٩) المقتطف: أبريل ١٩٢٥، ص ٤١٠ .
(50) مي: مرآة التأمل المقتطف، أبريل ١٩٢٥، ص 412/413.
(51) نفسه، ص ٤١٣.
(52) میرفت حاتم: عائشة تيمور وقاسم أمين ورؤى متميزة للحداثة، ص ۱۱۱ .
(5۳) شموش، نفس المصدر، ص ٥٨٦.
انظر عائشة تيمور: مرآة التأمل في الأمور القاهرة، بدون تاریخ، ص ٧٥٦.
(54) المجلة المصرية، ديسمبر ۱۹۰۲, رثاء عائشة التيمورية.
وأيضًا: المقتطف يناير ١٩٢٦: أصول النهضة النسوية في مصر.