المساجد والهوية الجماعية والاختلافات بين الجنسين لدى المسلمين العرب – الأمريكيين*
تقديم المحررة:
يقدم مقال أماني جمال، الذي نشر عام ٢٠٠٥، دراسة إمبيريقية للرجال والنساء من المسلمين العرب الذين ينشطون في المساجد في منطقة ديترويت مترو. وتستخدم المؤلفة أنشطتهم في المساجد لتوضيح كيف تتخذ مشاركة النساء السياسية شكلاً ومحتوى يختلف عن مشاركة الرجال. وقد اخترت هذا المقال لكتابنا لأنه يطرح تحليلاً لممارسة النساء المسلمات للأنشطة في الولايات المتحدة بطريقة تعتبر المساجد ساحة للمشاركة المدنية والسياسية. وهذا التحليل يبعد عن الأدبيات التي تُنشر في العالم العربي، والتي لا تؤكد سوى طابع المعارضة لهذا النشاط.
المساجد والهوية الجماعية والاختلافات بين الجنسين لدى المسلمين العرب – الأمريكيين
أماني جمال
لقد وجدت نظريات النوع الاجتماعي والانخراط والمشاركة السياسية أن النساء، بشكل عام، أقل انخراطًا سياسيًّا من الرجال.1 ويعزو الباحثون ارتفاع مستويات مشاركة الرجال إلى توفر الموارد السياسية مثل: المستويات التعليمية، والدخل، وفرص العمل (Dalton 1988; Scholzman, Burns and Verba 1984. Rosenstone and Hansen). وهناك قليل من الدراسات التي اختبرت كيفية تأثر نساء الأقليات العرقية، أو بوجه خاص النساء المهاجرات، بدينامية النوع الاجتماعي هذه.2 تواجه النساء المهاجرات مجموعة من العقبات التي تفرض صعوبات جدية على المشاركة السياسية العامة في الولايات المتحدة. إن تعلم السياسة في بيئة جديدة يُعتبر بمثابة عملية امتداد معرفي وكفاءة سلوكية، حيث يتضمن مواجهة العديد من الحواجز والتغلب عليها: اكتساب اللغة، التفاعل مع الثقافة الأمريكية وداخلها، ومصالحة الهويتين القومية والأمريكية في الحياة اليومية. وتجد بعض المهاجرات أنفسهن في شبكات أو مجتمعات محلية تتيح لهن إعادة إنتاج الكثير من جوانب حياتهن بأوطانهن. وتجد أخريات أنفسهن في بيئات منفصلة عن العرقيات المماثلة. ومع احتياجهن للتكيف مع شكل الحياة الجديد، تواجه المهاجرات تحديات كبيرة يزيدها طريقة استقبالهن والترحيب بهن في أوطانهن الجديدة. إن الخوف من الآخرين القادمين من خلفيات مختلفة، والحذر من أولئك الذين يتحدثون لغة مختلفة، والقلق من تأثير المهاجرين على مدى توفر الوظائف – كل هذه العوامل تلعب دورًا توسطيًّا في فهم المهاجرين لأنفسهم كأعضاء في مجتمع سياسي جديد. إذن، بالنسبة للمهاجرين، تتضمن السبل المعرفية والسلوكية حول المواطنة المثالية تحديات خاصة لا يواجهها من يستفيدون من مولدهم في الولايات المتحدة، ويقدمون أنفسهم بشكل مختلف للرجال والنساء.
وعلى الرغم من هذه الوفرة من الأدبيات حول النوع الاجتماعي والمشاركة السياسية، فإننا لا نعرف سوى القليل حول العوامل التي تعزز أو تثبط المهاجرات فيما يتعلق بأنماط المشاركة السياسية والانخراط السياسي. وبوجه خاص، هناك القليل المعروف حول العوامل التي تشجع أو تحبط أنماط المشاركة السياسية للمهاجرين العرب المسلمين. متى تزداد احتمالات تعبیر النساء العربيات المسلمات عن أصواتهن السياسية؟ وما العوامل التي تلعب دورًا توسطيًّا في اتخاذهن القرارات المتعلقة بالانخراط النشط في العملية السياسية الدائرة حولهن؟
إنني أجادل في هذه الورقة أن الاختلاف في درجة الانخراط السياسي بين العرب المسلمين من الرجال والنساء لا يرتكز فحسب على عوامل خاصة ترتبط بالنوع الاجتماعي في ذاته، بل هناك بالأحرى عوامل توسطية تشكل أنماط المشاركة والانخراط المدني في الولايات المتحدة. وبوجه خاص، ونظرًا لأن عينتي البحثية تضم نساء مسلمات من المهاجرين العرب بمنطقة ديترويت مترو (Detroit Metro)، فإن احتمالات مشاركتهن في أنشطة المساجد والمنظمات الإثنية أكبر من احتمالات مشاركة الرجال، كما أن مستويات وعيهن الجماعي أعلى من مستويات وعي نظرائهن الرجال. تعتبر النساء أن موقعهن في الولايات المتحدة يرتبط بمصالح المجتمعات العربية والمسلمة الأوسع، بينما يميل الرجال إلى وضع أنفسهم في مواجهة النجاح الاقتصادي الشخصي. وعلاوة على ذلك، ونظرًا لأن النساء المسلمات العربيات يعتبرن مصالحهن مرتبطة بأولويات مجتمعية أكبر، فإن رغبتهن في التعبير عن أصواتهن السياسية أكبر عندما يدركن، أكثر من نظرائهن الرجال، أن مجتمعاتهن المحلية مستهدفة.
استحسنت أمينة ودود مؤخرًا المكاسب التي حققتها النساء المسلمات على مستوى القواعد الشعبية في الولايات المتحدة. “يُعد تنامي المنظمات والشبكات الجماهيرية للنساء المسلمات مجالاً مثيرًا من مجالات تطور تشكيل هوية النساء المسلمات“.3 لقد أصبحت المساجد بالنسبة إلى المسلمين الأمريكيين – الرجال والنساء – مواقع لظهور التأثيرات السياقية الخارجية، وقضايا مثل التمييز والتنميط، على المواعظ الدينية والمبادرات البرنامجية. فالمسجد – كمكان يضم مجموعة أعضاء – يشير إلى ما يتجاوز الارتباط الآلي بالمجتمع المحلي، حيث تتأصل فيه دينامية روحية تنتج في حد ذاتها عن إحساس بالمجتمع المحلي.4
يتراوح عدد السكان المسلمين – الأمريكيين بين 6 و7 ملايين نسمة، وبالتالي فإنهم أحد أسرع الأقليات الدينية نموًا في البلد. واليوم، يقترب عدد المساجد الأمريكية من ۱،۲۰۰ مسجدًا – أي بزيادة قدرها ٦٢% منذ الثمانينيات. وخلال فترة 4 سنوات، شهدت مدينة نيويورك نفسها زيادة مضاعفة في عدد المساجد.5 إن أكثر من ٢٠% من مساجد الولايات المتحدة تضم مدارس إسلامية، وزاد ارتياد المسجد بنسبة 75% خلال السنوات الخمس الأخيرة، بما يعني ارتباط 1.652تقريبًا من المسلمين بكل مسجد.6 إن المجتمع الأمريكي – المسلم يتكون من الجيل الأول من المهاجرين، وأساسًا من الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، ومن الجيل الثاني والثالث والرابع من الأمريكيين.7 وتجمع مساجد الولايات المتحدة المسلمين من كل الطوائف والأجيال، وتخلق فضاءات للتجمع والعبادة. فحوالي 90% من المساجد المعاصرة في الولايات المتحدة تحشد جماعة من المصلين الذين ينتمون إلى خلفيات عرقية مختلطة، بما فيها الأفرو– أمريكيين، والعرب – الأمريكيين، والآسيويين. وتعزز هذه المساجد الإحساس بالهوية الإسلامية العرقية الشاملة. وعلى الرغم من وجود بعض الاحتكاكات التي تحدث بين المجموعات الإثنية المختلفة في مساجد تقع بأماكن معينة، فإن المساجد الأمريكية ترعى نوعًا جديدًا من إسلام الجماعة.
وعلى الرغم من أن الحضور النسائي في المساجد أقل من الحضور النسائي في الكنائس، فإن المسجد يُعد بمثابة موقع مهم لمشاركة النساء المدنية. فالنساء المسلمات من جميع الخلفيات يتجمعن في المساجد لحضور الحلقات الدينية، وأداء صلاة الجمعة، والقيام بالأعمال الخيرية، كما يلتحق أطفالهن بالمدارس الإسلامية،…. إلى جانب مجموعة أخرى من الأنشطة المتنوعة. وعلى حين تُعد المشاركة في أنشطة المساجد، في كثير من أنحاء العالم العربي، جزءًا من مجالات أنشطة الرجال المسلمين، فإن النساء في الولايات المتحدة يلعبن دورًا أكثر بروزًا في المساجدLeonard, 1993; Hermansen, 1991)). وفي واقع الأمر، تكشف مقارنة بيانات مسح من الشرق الأوسط وآخر من ديترويت ميتشيجان عن أن النساء أكثر انخراطًا في أنشطة المساجد بمنطقة ديترويت مترو عن نظرائهن في العالم العربي. وقد أفادت 10% من جميع النساء في الأردن و ٢٠% من النساء في المغرب بأنهن يذهبن إلى المسجد مرة واحدة في الأسبوع على الأقل، بينما أفادت 37% من النساء العربيات المسلمات في منطقة ديترويت مترو بالمستوى نفسه من النشاط.8
إنني أجادل، في الجزء الأول من هذه الورقة، أن تطور الانخراط السياسي للمهاجرين يجري عبر بني مثل المؤسسات الدينية وجماعات المناصرة العرقية، بما يسهم في تطوير الهويات المجتمعية التي تمنح المهاجرين صوتًا وقدرة على الفعل. أما في الجزء الثاني من هذه الورقة، ومن خلال مقارنة ردود أفعال الذكور والإناث من العرب المسلمين، فإنني ألقي الضوء على الأساليب التي تتبعها المؤسسات العرقية لدعم مستويات مشاركة النساء السياسية. ونظرًا لأرجحية انتماء نساء عينتي البحثية إلى جماعات المناصرة العرقية ومشاركتهن في المؤسسات الدينية، فإن مشاركتهن السياسية أكبر أيضًا من الرجال في العينة البحثية.
وأتناول في هذه الورقة بالدراسة جانبًا مهمًا من جوانب الانخراط السياسي: وأعني العملية التي يتعلم المهاجرون من خلالها التعبير عن جوانب همومهن، والاحتجاج عند تعرضهن إلى سوء المعاملة. وتتسم هذه العملية بالأهمية لكل من النساء والرجال. ويختبر هذا الفصل علاقة هذا البُعد من أبعاد الانخراط السياسي، أي حق الشكوى عند التعرض لإساءة مدنية، ومشاركة العرب الأمريكيين المسلمين في أنشطة المساجد. إن أغلب الدراسات المتعلقة بالمؤسسات الدينية والحياة المدنية الأمريكية تركز على دور الكنائس، وخاصة الكنائس الأفرو– أمريكية. لكن عدد الدراسات التي تناولت دور المساجد قليل جدًا. وعلى خلاف الكنائس، تواجه المساجد تأثيرات سياقية خارجية تؤثر بنية الانخراط السياسي على نحو مختلف. ومن حيث الأساس، يقول المسلمون الأمريكيون الذين يرتبطون بمجتمع المسجد أنهم يشعرون أن وسائل الإعلام والسينما الأمريكية تصورهم وتستهدفهم على نحو غير عادل.
يرتكز هذا الفصل على مقابلات كيفية معمقة مع 53 من المهاجرين العرب، نصفهم ذكور ونصفهم إناث، من منطقة ديترويت الكبرى – وهي الموطن الذي يضم أكبر وأوضح تركز مرئي للتجمعات العربية في الولايات المتحدة.9 لقد هاجر جميع المشاركين إلى الولايات المتحدة في سن المراهقة أو النضج، واستمر وجودهم فيها لمدد تتراوح بين خمس سنوات على الأقل إلى خمسين سنة على الأكثر. ويعيشون في ظل ظروف اقتصادية مختلفة (من نساء يعشن على برامج الرفاه، إلى أصحاب دكاكين، إلى صغار رجال الأعمال، إلى أسر ثرية تسكن الضواحي)، وفي أحياء مختلفة (من شوارع في ديربورن، حيث يشكل العرب أغلبية ساكنيها إلى أثرياء يسكنون الضواحي). ومن بين المشاركين، كانت نسبة المسيحيين تبلغ ٢٥% (أرثوذكس أو كاثوليك)، ونسبة المسلمين 75% (سُنة أو شيعة أو دروز). وينتمون إلى سبع جنسيات من حيث أصولهم (فلسطينيين، سوريين، لبنانيين، عراقيين، جزائريين، أردنيين، مصريين)، من 10 مناطق تضم البلدان سالفة الذكر بالإضافة إلى المغرب والعربية السعودية وكندا. ويتمتع 67% منهم بالمواطنة الأمريكية. كما يتمتع جميعهم، ما عدا اثنين من النسبة الباقية، بالإقامة الدائمة.
وجاء اختيار المبحوثين / المبحوثات من خلال مجموعة من الوسائل: الشبكات الشخصية بالمساجد والكنائس، وإعلانات الإذاعة، وإحالات من معارف مختلفين. وعلاوة على ذلك، أمكن الوصول إلى الموظفين والعملاء في غرفة الانتظار بهيئة خدمات اجتماعية تُعنى أساسًا بالعرب – الأمريكيين. كما قدمت الباحثات أنفسهن إلى عملاء المطاعم والمتاجر التي يملكها العرب. على أن العينة التي نتجت عن ذلك ليست عينة تمثيلية إحصائيًّا للتجمع العربي في منطقة ديترويت مترو. ومع ذلك، جرت محاولة متعمدة لزيادة تنوع المبحوثين / المبحوثات، بهدف التعرف على تجارب المهاجرين داخل وخارج المناطق العرقية والدوائر الاجتماعية العرقية في الأساس.
ولفهم ما إذا كانت المشاركة في أنشطة المساجد تشكل بنية لانخراط الرجال السياسي تختلف عن التي تشكلها للنساء، فقد استبعدت المبحوثين المسيحيين من هذه العينة وقمت بتقسيم المسلمين (عددهم: 38=n) إلى مجموعتين: مجموعة تضم من يكثر ترددهم على المساجد (18=n)، ومجموعة تضم من لا يكثر ترددهم على المساجد (20=n). وقد وجدت أن العرب المسلمين بالعينة، ممن لا يترددون على المساجد، يقبلون التنميط ثمنًا لتحولهم إلى أمريكيين، ويوجهون غضبهم نحو مجتمعاتهم العرقية بدلاً من توجيهه إلى من ينتقصون من قدرهم. وفي المقابل، نجد أن العرب المسلمين الذين يترددون على المساجد ويشاركون في أنشطتها يتبعون نهجًا مختلفًا يتحدى القوالب النمطية والتحرش بوصفها ممارسات غير عادلة وغير أمريكية. كما يعتبرون أن هويتهم كمسلمين وكعرب تُكمل، ولا تنافس، تعريفهم كأمريكيين. على أن التمايز بين المترددات / عدم المترددات 10 على المساجد كان أقل أهمية من نظيره لدى رجال العينة. وأناقش أدناه هذه النتيجة، وأعزوها إلى اشتراك النساء غير المترددات على المساجد في جماعات المناصرة العرقية، والتي توازي تأثير المسجد على خلق الشعور بالجماعة.
إن البيانات التي استعنت بها في مقاربتي لأشكال انخراط المهاجرين السياسي، والتي تقدم هذه الورقية البحثية تعريفًا ضيقًا لها يتمثل في رغبتهم في استخدام مؤسسات الدولة للتعبير عن صوتهم السياسي وتغيير سلوك مؤسسات الدولة، ترتكز أساسًا على مجموعة من الأسئلة الافتراضية. ولمعرفة مدى شعورهم بالتمكين نتيجة لإمكانية الشكوى من سوء الإدارة الحكومية، وجهت سؤالاً حول النصيحة التي يمكنهم تقديمها إلى صديق عربي تعرض للتحرش من الشرطي الذي يحرر له غرامة لتجاوز سرعة القيادة المقررة.11 وقد وضعت إجاباتهم حول القلق من تحرشات الشرطة في فئتين. قال البعض دون تردد أنه يشجع صديقه على تقديم شكوى ضد الشرطي. على أن المجموعة الثانية شعرت أنه ربما يجب تحرير غرامة على المُسرع، لكنهم تشككوا حول حقه في الشكوى.12
جدول (۱): إجابات المهاجرين، المترددين أو غير المترددين على المسجد، تجاه تحرشات الشرطة
يترددون على المسجد |
لا يترددون على المسجد |
|
تحرش الشرطة: تقديم شكوى |
60% n=9/15 |
44% n=8/18 |
تحرش الشرطة: المُسرع يستحق |
40% n=6/15 |
56% n=11/18 |
من بين 38 مسلمًا أجريت مقابلات معهم، وجدت أن من يُرجح استخدام أصواتهم كرد فعل لتحرش الشرطة هم من يرجح أيضًا ترددهم على المسجد (انظر / ي جدول 1). لقد كانوا يشعرون بالراحة لاكتسابهم هذا الصوت ومعرفتهم بالطرق المتاحة لمشاركتهم. كما كانوا على ثقة أيضًا أنهم يتمتعون بحق الحصول على تعهد بالحماية. وفي المقابل، من كانوا يعتبرون أفعال الشرطي تمييزية، لم يفتقدوا بالضرورة الإحساس بالمعرفة أو الرغبة في الفعل. لكنهم كانوا يخشون من أن تسفر الشكوى عن تفاقم التنميط بدلاً من تبديده. ومن هنا، كان لديهم اعتقاد استراتيجي في فوائد عدم المشاركة. ويمكن إيجاد هذه المشاعر في عبارات نانسي روزنبلوم (Nancy Rosenblum) التالية:
نحن لا نرغب في الاعتراض، لأننا لا نريد أن نتسبب في وقوع مشهد. لماذا؟ … لأننا نفتقد الإيمان في أن الآخرين يشاركوننا السخط. فنحن نتصور أننا إذا وجهنا اللوم إلى الموظف الذي يتعامل مع عملاء المصرف / البنك بصورة غير عادلة، فإننا سنواجه لا مبالاة أو عداء من المنتظرين في الصف. إننا لا نتوقع أي تشجيع واتفاق. كما أن انعدام الثقة المستتر يستمر إلى الأبد. ۱۳
ما سبب هذا الاختلاف بين المبحوثين المترددين على المساجد والمبحوثين غير المترددين على المساجد؟ وما مدى اختلاف الإجابات عند تقسيم العينة عبر خطوات النوع الاجتماعي؟
إن المسلمين الأمريكيين الذين يسيرون على “طريق الأمركة” يعربون عن قلق عميق من تعاظم التنميط المقترن بـ “كونهم مسلمين“. فالصور النمطية التي ترد عبر وسائل الإعلام العام وصناعة السينما في هوليود تصبغ تجمعاتهم ودوائرهم بصبغة الارتباط الوثيق بالإرهاب، وإلي حد ما بالبربرية والرؤى غير الإنسانية للعالم والتي تتصف بقلة اهتمامها بالحياة البشرية. يقول أغلب المسلمين أن كلا من هوليود (۷۷%) ووسائل الإعلام (68%) يقدم تصور غير عادل للمسلمين والإسلام.14 وتناقش ايفون حداد (Yvonne Haddad)، وهي باحثة قيادية في موضوع المسلمين الأمريكيين، نتائج اقتراع الثمانينيات قائلة:
لقد سألنا الناس عما إذا كانوا يعتقدون أن أمريكا تميز ضد المسلمين. ومن عينة تضم 365 شخصًا، قال 100% نعم. وعندما سألناهم عن تعرُض أي منهم لتجربة شخصية مع التمييز، وجدنا أنهم جميعًا لم يتعرضون للمرور بهذه التجربة، إذن المسألة توجد في المناخ العام السائد. إن الصحافة تسهم في هذا الشعور بالاضطهاد، ولا يمكننا تجاهل ذلك… إنهم [المسلمين] يستيقظون في الصباح ويقرأون التقارير الصحفية حول الإرهابيين ويشعرون بالذعر. هناك خوف من ظهور غوغاء، في أية لحظة، يسيرون ويحاولون القاء قنبلة على المسجد. لقد حدث هذا بالفعل.15
في الأيام والأسابيع والشهور التي تلت ۱۱ سبتمبر، تزايدت الهجمات على جميع من لهم خلفيات إسلامية. كما اعتاد المسلمون – الأمريكيون الاستماع إلى التقارير المتعلقة بالهجمات على المسلمين والجوامع، وفي بعض الحالات حتى مشاهدة المقابلات التي لا تنتهي من جانب أفراد مكتب المباحث الفيدرالية (FBI) مع أفراد المجتمعات المحلية الإسلامية.16 وقد أصبحت جرائم الكراهية، التي لا تُرتكب إلا بسبب “إثم الانتماء العرقي“، أمرًا واقعًا يتكيف معه المسلمون– الأمريكيون تدريجيًّا.17 ونظرًا لاستمرار سوء الفهم تجاه الإسلام إلى حد كبير في الولايات المتحدة، لا تزال الصور الإسلامية التي يولدها الإعلام الأمريكي وأجهزة الإعلام والتسلية تسيطر على البنى التقليدية للمعرفة الثقافية. بل أدت هذه المعرفة التقليدية إلى تلوين النقاش السياسي بمصطلحات شديدة الالتباس. ويبدو أن ساسة الولايات المتحدة يعتبرون المسلمين – الأمريكيين مصدرًا متعاظمًا للسلطة السياسية في الولايات المتحدة، ويعمل بعضهم على توسيع جهوده لاكتساب أصوات المسلمين. وعلى سبيل المثال، يقول بونيور (Bonior)، عضو الكونجرس الذي يمثل الديمقراطيين من ميتشيجان: “لقد كان الانخراط مع تلك الدوائر [المسلمة]، في يوم ما، بمثابة قبلة الموت. أما الآن، يسعى كثيرون إلى الحصول على دعمهم“.18 ومع ذلك، هناك سياسيون آخرون أقل استعدادًا لقبول الدعم السياسي من دوائر المسلمين. فأثناء سخونة المنافسات خلال انتخابات مجلس الشيوخ بمدينة نيويورك، وجه ريك لازيو (Rick Lazzio) اتهامًا إلى هيلاري كلينتون (Hillary Clinton) يفيد قبولها “أموال الدية“، عندما تبرع أحد أعضاء مجلس الشؤون العامة الإسلامية بمبلغ 50،00۰ $ لحملتها الانتخابية. وقد تركت القادة المسلمين في حالة سخط وعجز عن الكلام عندما أعادت النقود إلى المتبرع الكريم.
ومن هنا يمكن القول إن المشاركين في أنشطة المساجد يحتلون موقعًا متفردًا متعدد الوظائف، يخدم احتياجاتهم المجتمعية والاجتماعية والتعليمية. وبالمثل، يربطهم هذا الموقع بالمتعاطفين في الطوائف الدينية الأخرى، ويصل بينهم وبين المؤسسات المحلية الحاكمة، ويجعلهم على دراية بكافة التطورات السياسية الجديدة والمهمة. ويقوم المسجد أيضًا بدور مهم آخر، حيث يخلق فضاء يتيح للمسلمين الحديث عن خبراتهم المتعلقة بالتمييز والتنميط. ويعمل المشاركون في أنشطة المسجد على تطوير روابطهم مع الزملاء بالمسجد، والذين يعرفون بالمثل أن المسلمين، كوحدة مجتمعية، يعانون من العالم الخارجي الذي يحكم عليهم بشكل غير عادل. وبالتالي يعملون، من خلال طرق مختلفة، كمجموعات مناصرة عرقية. إن المساجد في الولايات المتحدة تعمل كمنتديات تجميعية تلقي الضوء على نضالات المسلمين المشتركة في المجتمع الأمريكي بوجه عام، وتُفضي مواقف “المصير المشترك” وروابطه إلى توحيد المسلمين – الأمريكيين في تجمعات المساجد، حيث تصبح المظالم التي تصيب أحد المسلمين بمثابة مظالم تصيب المجتمع المسلم برمته.19
وبالإضافة إلي تصورات المصير المشترك بين مجتمع المسلمين بالمساجد، فان العلامات المرئية للاختلاف الديني تؤدي إلى تفاقم الإحساس بأن هذا المجتمع يقع تحت عدسة ميكروسكوب اجتماعي. فأغلب النساء المسلمات اللاتي يترددن على المساجد يمكن تحديدهن وتمييزهن عن الجمهور العام بارتدائهن الحجاب الإسلامي. وفي عينتي البحثية، كانت النساء المسلمات اللاتي يترددن على المساجد يتحدثن حول احتياجهن لإثبات معرفتهن باللغة الإنجليزية، وأنهن لسن غبيات، وأن بإمكانهن استيعاب مناقشات بعينها. ومع اقتران هذه المشاعر بكونهن مختلفات، وهو ما يوضحه المظهر، فمن الأرجح أن هذه المشاعر تُناقش في المساجد. ويستمع الأزواج أيضًا إلى قصص زوجاتهم ويشعرون عادة بالتعاطف مع تجاربهن.
إن شعور المشاركين بأنشطة المساجد، باعتبارهم يُشكلون مجموعة مركزة من المسلمين الحريصين على التقيد بالدين، بغصة التنميط أكثر حدة من شعور المسلمين غير المترددين على المساجد؛ ذلك أن هوياتهم الدينية الأساسية تميزهم بوضوح عن الاتجاه السائد في المجتمع. وتؤدي المساجد إلى زيادة صقل اتجاهات المصير المشترك بين المسلمين. ومن خلال اختبار سياق المشاركة في المساجد بالولايات المتحدة، تسعى هذه الورقة البحثية إلى وضع تصور حول العلاقة بين الانخراط الديني ومستويات المشاركة السياسية بين المسلمين المترددين على المساجد، وأن المشاركة بالمسجد تُترجم بالفعل إلى وعي أكبر بأضرار التنميط، وزيادة استعدادهم للفعل فيما يتعلق بهذه المعرفة. ونظرًا لأن مجموعة المسجد أكثر درايًة ووعيًّا بآثار التنميط والتمييز، فإن ذلك يمنحها فرصة متفردة لدراسة أثر التأثيرات السياقية الخارجية على مستويات المشاركة السياسية بين المسلمين – الأمريكيين – وفي حالتنا هذه: أنماط التنميط المُدركة.
ويمكننا اشتقاق افتراض أولي من نتائج الجدول 1 يطرح أن المسلمين المترددين على المساجد يتسمون، من الناحية السياسية، بأنهم أكثر فاعلية أو معرفة بحقوقهم. ومن الأكثر ترجيحًا أن المترددين على المساجد الذين يتقدمون بشكاوى في حالات تحرش الشرطة، بينما من الأكثر ترجيحًا أن المسلمين غير المترددين على المساجد يلقون اللوم على المُسرع في قيادة السيارة. كما يبدون أقل استعدادًا للربط بين التمييز والتحرش. وقد لا يمتلكون معلومات صحيحة عن حقوقهم، أو قد لا يرغبون، نتيجة شعورهم بالخوف، في مواجهة الشرطة في أفعال قابلة للتشكك. ومع ذلك، الأمر غير صحيح في الحالتين.
أولاً، وجدت أن مشاركي المساجد أكثر استعدادًا للاعتقاد بأن ضابط الشرطة يسيئون استعمال سلطاتهم عن عمد بموقفهم المتحيز. ومقارنة بالمسلمين غير المشاركين في المساجد، نجد أن المشاركين بالمساجد – في العينة البحثية – أكثر ترجيحًا في الاعتقاد بأن تتميط مجتمعاتهم المحلية ضار بالفعل (44% إلى 15%). وعلاوة على ذلك، ومن بين عينة العرب – الأمريكيين المسلمين، لم يطرح أي من المترددين / المترددات على المساجد أنه عانى من التمييز. على أن 40% من أفراد عينة المترددين على المساجد أشاروا إلى خبرة عسيرة، شعروا خلالها أن دينهم (بما في ذلك رموز ذلك الدين، مثل الحجاب)، أو انتماءهم العرقي، كان مصدرًا أساسيًّا لسوء المعاملة. ومن الأكثر ترجيحًا أن تشهد هذه الدوائر من الأفراد ممارسات تمييزية تغذيها الصور النمطية غير العادلة، ومن الأكثر ترجيحًا أن يواجهون المشكلة بالسعي لرفع وعي غير المسلمين من خلال التعليم. وهناك تلك المرأة المسلمة التي تحدثت عن أنواع من التمييز في الولايات المتحدة، وأشارت بوضوح إلى أنها شعرت أن بحث النساء المحجبات عن وظيفة أكثر صعوبة:
هناك نوع من التمييز … التمييز المستتر ….
[ كيف يكون مستترًا؟] إذا أرادت مثلاً المرأة المسلمة الملتزمة بدينها أن تتقدم إلى وظيفة، فلن يكون العثور على وظيفة يسيرًا بمثل سهولته في حالة عدم اختلاف مظهرها عن الأخريات. إذن إذا كنت مختلفة، لن يكون الأمر يسيرًا.
وقد أفادت هذه المرأة أيضًا باستعدادها تقديم شكوى في حالة تحرش الشرطة:
لكنني أخذت [الشرطي] إلى المحكمة وأشجع الناس على القيام بالشيء نفسه، فلا ينبغي أن نترك الناس يفلتون بهذا السلوك. من الخطأ أن نترك هذه المسألة تمر. يجب أن يعرف الناس أنه أمر مؤلم. ونظرًا لأن البعض جاهل بمشاعر الآخرين، فإنهم يتصورون أنه لا مانع من الأذى، ربما لأنك بدون مشاعر، أو ربما لأنك لست مثلهم. ولكنهم عندما يسمعون صوتك، فإنهم يعرفون عنك المزيد.
لقد شعرت هذه المرأة بالمعاناة من التحرش على نحو سيء لأنها ترتدي الحجاب. رغبتها في الذهاب إلى المحكمة جزء من الرغبة في التأكد أنها لن تتعرض لسوء المعاملة بسبب هويتها الدينية. وتعتقد أنه من خلال التعليم المناسب، يمكن مواجهة الإضرار والتحيزات. وقد أخبرتنا نساء مسلمات أخريات بالعينة، من المشاركات في أنشطة المساجد، عن خبراتهن العصيبة مع الشرطة. وأوضحن أن رجال الشرطة كانوا يتسمون بالوقاحة، وقاموا بتحرير غرامات لهن دون ضرورة. قالت المرأة:
وأوقفني. ثم سألني [لو كنت أعرف ] لماذا أوقفني؟ وقلت كذا وكذا. فقال، هل تعرفين أن ما فعلتيه ليس صحيحًا؟ قلت نعم، لكنها [المرأة التي تقود السيارة الأخرى] كانت تسير ببطء شديد ولم أكن أرغب في تعطيل المرور خلفي. لقد كان شديد الوقاحة والحقارة … يتصرف الشرطي أحيانًا، كما تعرفين، بهذه الطريقة السخيفة.
لقد اعتبرت هي وزوجها أن تصرف الشرطي الموجز تمليه عدسته المنحازة. وأضاف زوجها:
يجب أن أجهر بحقوقي. وحتى إذا خسرت، يجب أن أحارب من أجل حقوقي لكي أشعر بالراحة … لو كانت زوجتي لا ترتدي ذلك الشيء [الحجاب]، ربما سمحوا لها أن تذهب.
وهناك أحد الرجال المترددين على المسجد، ويشعر أيضًا أن المجتمع يعاني من الصور النمطية الظالمة، يشجع السائق المسرع على تقديم شكوى. كما يحثه على “كتابة رسالة إلي رئيس الشرطة، أو عمدة المدينة، أو مجلس المدينة“. ويواصل قائلاً “لا تترك الأمر إطلاقًا“. وبالمثل، يضيف هذا الرجل الذي يتردد على المسجد:
أن تأخذه إلى المحكمة. وهذا ما حدث بالدقة لرجل أوقفه الشرطي وقال له: أنت تسير بسرعة شديدة – كلا. وقد وقع له حادث بالفعل، ولم يكن الخطأ من جانبه، وقال له الشرطي: “يبدو أنك أجنبي. لماذا أتيت إلى هنا، إلى هذا البلد؟” قلت للشرطي: “ماذا تقول له؟“، أجاب: “لا شيء“. قلت للرجل: “إن كنت مكانك، لأخذت رقم بطاقته واسمه وتقدمت بشكوى إلى المحكمة. إنها ليست بلده، فهذا البلد يرتكز أساسًا على الأجانب. وحتى إن لم يكن الوضع كذلك، فبقدر ما تسير وفق القانون في هذا البلد، وبقدر ما تؤدي وظيفتك، وبقدر من أنت – فإن هذا لا يعنيه!” ولذا، فإنني كنت آخذه إلى المحكمة.
وتوضح هذه النتائج أن المسلمين العرب – الأمريكيين الذين يمرون بتجارب مشابهة، وهي في حالتنا هذه خبرة المسجد الجماعية ورموزه الدينية، أكثر إدراكًا لظواهر مثل تحرشات الشرطة التي تُمليها دوافع مؤذية؛ ومن الأقل ترجيحًا أن يتجاهلونها برمتها، كما يفعل غير المترددين على المسجد من أفراد العينة البحثية. وهو الأمر الذي يلقي الضوء على اختلاف طريقة تفكير هاتين المجموعتين المختلفتين من المسلمين العرب – الأمريكيين تجاه المؤسسات السياسية المحيطة وانخراطهم فيها. ومن الأكثر ترجيحًا أن يعتبر رواد المسجد الأفراد أن موقف الشرطي يرتكز على الأذى، ويسعون إلى القنوات المناسبة لبذل جهود من أجل تغيير التصورات الخاطئة الموجودة سلفًا حول مجتمعات المسلمين المحلية، والتأكد من مساءلة ضباط الشرطة عن ممارساتهم التمييزية. على أن الأفراد غير المترددين على المسجد يرفضون اعتبار موقف الشرطي مؤذيًا. وفي محاولة لتبرئة ممثلي الدولة من أفعالهم الخاطئة، يلقي هؤلاء الأفراد اللوم على عائق السائق المسرع، دون أية اعتبارات أخرى.
وكان الذكور من غير المترددين على المسجد يلقون اللوم على المجتمع المحلي، مُشيرين إلى وجود عديد من العرب في ديربورن ميتشيجان الذين يقودون سياراتهم بتهور. ويقول أحدهم: “حسنًا، يوجد هنا شيء. فالجيل الحديد، ولنقل المراهقين – ١٨ أو ٢٠ أو ٢١ سنة – أي الشباب في ديربورن هنا … يقودون سياراتهم بجنون، العرب … أعني بالفعل، بالفعل، لم أسمع أبدًا من تعرض لسوء معاملة الشرطة.” فرد آخر من غير المترددين على المسجد كان يفرق بين “الغرامة” و“التحرش“. ويشير إلى أن الشرطي الأمريكي “لا يتحرش، بل يعطيك فحسب ورقة صغيرة يحرر فيها الغرامة … هذا كل شيء؛ إنهم لا يفعلون ذلك [أي التحرش] هنا“. توضح الإجابتان أعلاه أن غير المترددين على المسجد ليسوا غير راغبين في اعتبار أفعال الشرطي خاطئة، بل يرفضون بالأحرى اعتبار التمييز دافعًا وراء سلوكه. كما أنهم يديرون عدساتهم إلى المجتمع المحلي، كلما أمكن، بحثًا عن أنماط السلوك الذي يمكن إلقاء اللوم عليه. إن غياب خبرة المسجد الجماعية تجعل تصوراتهم لا تتطابق وتصورات المصير المشترك المشابهة حول التمييز والتنميط التي يتقاسمها نظرائهم من المترددين على المسجد (Tate 1994; Stokes 2003; Miller et al. 1991; Calhoun-Brown 1996)
بالإضافة إلى المشاركة في أنشطة المساجد، هناك عوامل أخرى تؤثر على التقييم الفردي لدرجة الممارسات التمييزية وردود الأفعال المناسبة تجاهها. إن جميع المهاجرين العرب المسلمين بالعينة البحثية يتحدثون عن الفرص المتاحة لهم في الولايات المتحدة. وتقارن الغالبية العظمي هذه الفرص الجديدة بافتقادها في الشرق الأوسط. فعندما سألت المبحوثين / المبحوثات التحدث عن التمييز في الولايات المتحدة، وجدت أنهم يعترفون دائمًا بوجود تمييز وقدر كبير من الصور النمطية السلبية حول العرب؛ على أن تأثير هذه البيئة الضارة على إنجازاتهم الشخصية كان قليلاً. وبالتالي، كان من الأكثر ترجيحًا أن الأفراد الذين لا يترددون على المساجد، التي تعتنق اتجاهات المصير المشترك، لا يعزون أفعال الشرطة إلى إلحاق الأذى. وكان من الأكثر ترجيحًا أن الأفراد المترددين على المسجد (أو جماعات المناصرة العرقية المشابهة) يعتبرونها أفعالاً تمييزية، ويعربون عن استعدادهم للشكوى. إن تقييم التمييز لدى المترددين على المساجد، باعتبارهم أفرادًا متدينين في مجتمع محلي بعينه معرض للتمييز، لم يركزوا على أنفسهم ومستوياتهم الشخصية من التحصيل فحسب، وإنما المجتمع المسلم الأكبر. أما غير المترددين على المساجد، فقد كانوا أقل رغبة في إلقاء اللوم على الشرطي، وأقل رغبة في الشكوى، وأكثر استعدادًا لإلقاء اللوم على السائق.
وفي فئة الأفراد الذين قالوا إن السائق المسرع يُستحق التحرش، وجدت فئتين جزئيتين. امتدح الجميع الولايات المتحدة لكرمها معهم، حيث أتاحت لهم تحقيق إمكاناتهم من زاوية المكاسب والفوائد الاقتصادية. وتضم هذه المجموعة: المهنيين، وأصحاب المتاجر، ورجال الأعمال. ونظرًا لنجاحهم في الولايات المتحدة، نجدهم يحرصون على حماية هذا النجاح. وهم ينقسمون إلى فئتين. الأولى، تضم الأفراد الذين لا يعترفون بأن التمييز موجود بالفعل في الولايات المتحدة؛ ويذهبون إلى أن تقدمهم الاقتصادي لم تعرقله أية حواجز تمييزية. إن الولايات المتحدة ترتبط بثرواتهم وازدهارهم؛ وبالتالي فإن إقرارهم بالتمييز وإدراكه يتطلب الاعتراف بأن الأفراد المسؤولين عن نظام تنفيذ القانون الأمريكي لا يُفسدون الارتباط بين “أمريكا” والازدهار الشخصي“. وقد يُفضي إدخال التمييز إلى خطاب الحلم الأمريكي إلى تقويض هذا الحلم برمته، بحيث يتركهم يعانون من المضاعفات الاقتصادية. وقد أوضح أحد المسلمين المترددين على المسجد هذه العلاقة تفصيلاً على النحو التالي:
أنا أعني أن الولايات المتحدة بلد عظيمة، والله يبارك أمريكا. ليس لدي شك في ذلك. فهناك إطعام الصغار والفقراء وعلاجهم مجانًا، ومنح كبار السن الحق في الحياة بقدر قليل من المال. أعني أنهم يمدونهم بالنقود والرعاية الطبية، وهذه بركة. لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك إلا إذا كان غبيًّا أو دنيئًّا أو لا يفهم ما يقول. أتفهمون ما أعني؟
قد أراد هذا الرجل غير المتردد على المسجد أن يؤكد أن الولايات المتحدة مكانًا جيدًا من حيث الأساس؛ فهي كريمة تجاه مواطنيها، وتوفر الفرص لجميع الأعمار والقطاعات. ويخطئ من يقول، كما يطرح، إن الولايات المتحدة مكانًا يمارس التمييز ويمنح الفرص للبعض ولا يمنحها للبعض الآخر. وكان هذا النوع من الإجابات مشتركًا بين غير المترددين على المسجد، حيث كانوا يشعرون أنهم مدينون للولايات المتحدة لكرمها وثروة الفرص المتوفرة لديها. وعادة يقارنون خبراتهم فيها بما يوجد في أوطانهم الأصلية، ومن الأقل ترجيحًا أن يتبنون مواقفًا سلبية حول الولايات المتحدة. وعند الإجابة على أحد أسئلة المسح التي تدور حول تحرشات الشرطة، أعرب هذا الرجل غير المتردد على المسجد عن “عدم اعتقاده في ذلك“.
أولاً، وقبل كل شيء، أنا لا أصدقه. وأعتقد أن الشرطة هنا شديدة الاحترام. فقد أوقفتني الشرطة أكثر من مرة وكان أفرادها على درجة كبيرة من الاحترام والود.
وفي مرحلة تالية بالمقابلة، شرح كيف أنه مدين للنظام الأمريكي لمنحه فرص لم يكن يقدر أن يحصل عليها في بلده الأصلي. “في سوريا“، كما يجادل، “كان يجب أن أتحلى بالقدرة على أن أطلب من رئيسي” المساعدة. وبطبيعة الحال، تطرح بنية تحليله فكرة عدم تمثيل الموظفين الحكوميين في سوريا لمصالح المواطنين.
وعلى خلاف هذه المجموعة، يقر العرب المسلمين الآخرين غير المترددين على المسجد وجود الصور النمطية بالفعل؛ ومع ذلك يتوخون الحذر الشديد فيما يتعلق بالشكوى من الشرطة أو من الولايات المتحدة بشكل عام. وينبع هذا الخوف من مصدرين أساسيين: فمن ناحية يخشون من معاناة مجتمعاتهم المحلية من تبعات اقتصادية إذا تم اعتبارهم غير ممتنين أو شديدي الانتقاد للنظام الذي منحهم حياة جديدة. ومن الناحية الأخرى، نجدهم قلقون أيضًا من أن يؤدي وصف تحرش الشرطة بالتمييز إلى تغذية الصور النمطية المضرة الموجودة سلفًا حول مجتمعهم المحلي. ونظرًا لأن المسلمين والعرب يعتبرون أن الخطاب العام يصفهم بشكل ظالم، تخشى هذه المجموعة من أن يحاول أفراد التجمع العربي الإفلات من مخالفة القانون واللجوء إلى الحديث عن التمييز عند مساءلتهم. وهو الأمر الذي يؤدي، كما يجادلون، إلى تغذية ومفاقمة الصور النمطية السلبية حول مجتمعهم المحلي. ولنختبر عبارة هذا الرجل غير المتردد على المسجد والذي قال إن السائق العربي يستحق التحرش به:
أنني أطلب من المجتمع العربي محاربة أي شخص داخله يضر به. إن من يمارس عملاً غير قانوني يجب أن يعاقبه مجتمعه قبل أن تعاقبه الولايات المتحدة. فعندما يقترف شخص عملاً خاطئًا، ينعكس الأمر على جميع العرب. ومع الأسف، سيقول الإعلام هنا إنهم “العرب“، مع أن من أخطأ ليس كل العرب. إنهم لا يقولون إن فردًا / شخصًا أخطأ وقام بممارسة عملاً خاطئًا، بل يصنفوننا جميعًا، كل العرب، بأننا مارسنا شيئًا خاطئًا. هذا، على الرغم من أن 5% فقط يقترفون أخطاء، و95% يفعلون الصواب.
وفي نفس الاتجاه، شعر رجل آخر من المترددين على المسجد بأن من يسرع في القيادة يستحق اللوم، ولا يجب اعتبار تحرشات الشرطة نموذجًا عامًا في المجتمع:
يجب أن لا تلقي باللوم على المجتمع الأمريكي عند حدوث ذلك. ففي بعض الأحيان يأتي أمريكي سكير ويوجه لك الشتائم لمجرد أنهم يحاربون صدام حسين أو لأي شيء آخر لا علاقة لك به، وليس لديهم ما يفعلونه حيال ذلك. لكنك تجدهم أحيانًا، على المستوى الفردي، لا يحبونك على النحو الذي تبدو عليه. مهما كنت! لكنني لا اعتبر ذلك عقبة أمام النجاح أو أي شيء. إذا اعتبر الناس [العرب] ذلك عقبة في طريقهم، تصبح المشكلة إذن مشكلتهم وليست مشكلة الآخرين.
لقد كان المبحوث الوارد أعلاه واحدًا من خمسة من المترددين على المسجد وقالوا إن المسرع في القيادة يستحق التحرش، أو أن الحادثة لم تكن بدافع إيقاع الضرر من جانب الشرطة. وعلى الرغم من إقراره بأن الصور النمطية قد تُمثل قوة معوقة لتقدم العرب والمسلمين، فقد أشار إلى أنه يتمتع أيضًا بنمط مريح للحياة في الولايات المتحدة. إن غير المترددين على المسجد، الذين يتحدثون عن الصور النمطية السلبية ضد مجتمعهم، بينما يمتدحون مستوى الفرص المتاحة، يحاولون تحقيق المصالحة بين رؤيتين مختلفتين للعالم في إجاباتهم، فمن ناحية، نجدهم يرغبون في مساعدة المجتمع المحلي، عن طريق التأكد من إثارة حالات التمييز “الحقيقية” فقط، وأن أفراد المجتمع المحلي الذين يزعمون وجود تمييز لديهم ما يبرر ذلك. ومن الناحية الأخرى، نجدهم يرغبون أيضًا في ضمان مواصلة الولايات المتحدة منح فرص الحراك إلى أعلى. إن الفرد الذي يرغب في إلقاء اللوم على المُسرع في القيادة يستحضر بالمثل المعرفة بنظام تنفيذ القانون كمعيار لتقديم الشكوى:
عليك فقط أن تعرف النظام، ويمكنك هنا الحصول على مزايا عديدة …. وهناك الكثير من الأشياء التي عليك قولها للوافدين الجدد: إذا كنت ستقود سيارتك بسرعة، فإنك ستدفع غرامة. ومرة أخرى، هذا درس عليهم أن يتعلموه. لا تسيء إلى النظام. هنا يعطونك المزيد من الحرية، فلا تتجاوزها.
ويشير هذا الرجل الذي لا يتردد على المسجد إلى تمايز مثير للاهتمام بينه وبين “الآخرين” الذين قد يرغبون في اعتبار التمييز بمثابة مصدر معاملة الشرطة. و“الآخرون” هنا هم الوافدون الجدد الذين قد يعرضون للخطر مكاسب وإنجازات الأجيال السابقة من المهاجرين المسلمين. وعلى الرغم من أن المبحوثين أعلاه يطرحون أسبابًا مختلفة لعدم إلقاء اللوم على الشرطة، أو اعتبار أفعالها تحرشًا، فإن منطق إجاباتهم متشابه. أنهم يرغبون في ضمان مستوى الفرص الممنوحة لهم في المجتمع الأمريكي والحفاظ عليها، ويشعرون أنهم مجبرون على إظهار قبولهم للمعايير القانونية التي تشكل أساس مواطنتهم الأمريكية وإخلاصهم لأمريكا.
وعلى خلاف الأفراد غير المترددين على المسجد ويتحدثون عن المكاسب الاقتصادية في أمريكا (أغلبهم من الذكور في العينة)، ويعبرون عن قلقهم تجاه الصور النمطية، هناك مجموعة الأفراد المترددين على المسجد الذين قالوا على الفور أنهم قد يتقدمون بشكاوى حول سلوك الشرطة. واعتبر الراغبون في تقديم الشكاوى أن موقفهم يُعد إنقاذًا للحقوق المدنية، ويتمتعون بالحق في حماية أنفسهم. ومن الأكثر ترجيحًا أن من يلقون اللوم على عاتق القائد المسرع ينتمون إلى الفئة التي حاولت تحقيق التوازن بين جانبي القلق الذي يشعرون به: حراكهم الاقتصادي الفردي في المجتمع الأمريكي، وتصورات المصير المشترك المرتبطة بتأثيرات الصور النمطية. ويجب على المسلمين المهاجرين المصالحة بين الرؤيتين تجاه العالم: الرؤية التي ترتكز على إيجاد الفرصة والحظ في الولايات المتحدة، والرؤية التي ترتكز على الإقرار بأن المسلمين والعرب هم أهداف غير عادلة للصور المشوهة – وذلك بهدف تحديد تأثير الممارسات التمييزية، فضلاً عن رغبتهم في الانخراط في المؤسسات السياسية الموجودة حولهم.
وفي هذا الإطار الفكري، من الأرجح أن يفكر هؤلاء الأفراد من زاوية واجباتهم المدنية تجاه لنظام: ما أفضل الطرق لخدمة النظام الذي منحهم الفرص، وكفالة عدم تعرضه على نحو ظالم للهجوم من الأعراق الأخرى علي أرضية الممارسات التمييزية من جانب موظفي الدولة. إن جوانب القلق هذه، كما تجسدت في إجابات بعينها على السؤال المتعلق بتحرش الشرطة، تعكس تسوية ذهنية خضعت للتفاوض، وتتسم بتقييم المزايا الشخصية والمجتمعية. وهم يؤمنون بأن رغبتهم في عدم ربط سلوك الشرطي بالتمييز، فضلاً عن عدم رغبتهم في إشراك الدولة على هذه الأسس، لا تخدم في الواقع مصلحة المجتمع المسلم الأوسع نطاقًا فحسب، وإنما تمتد لتشمل أيضًا مصلحة استقرارهم الاقتصادي.
إن تقسيم العينة على أساس النوع الاجتماعي يلقي الضوء على تلك النقاط بصورة أكثر وضوحًا (انظر/ ي جدول ٢). من المرجح أن النساء في هذه العينة يعتبرن إيقاع الأذى والأضرار بمثابة الدافع وراء أفعال الشرطة. ولهذا، تزداد احتمالات تقديمهن للشكاوى. وتتقاسم النساء العربيات غير المترددات على المسجد خبرات عديدة مع نظيراتهن اللاتي يترددن عليه. ونجد أن جميع النساء غير المترددات على المسجد، وأفدن بأنهن سيتقدمن بشكاوى، مشاركات أيضًا في المجموعات العربية – الأمريكية للمناصرة العرقية، والتي تؤدي وظائف مشابهة للوظائف التي يؤديها المسجد لخلق هوية جمعية واعية بالتنميط المُضر. أما نساء العينة اللاتي ينتقصن من قيمة أفعال ضابط الشرطة، فيتقاسمن الملامح مع الذكور غير المترددين على المساجد. ومن الأرجح عدم ارتباطهن بالمجموعات العرقية الرئيسية للمناصرة.
الجدول (۲): الإجابات إزاء تحرشات الشرطة، مقسمة على أساس النوع الاجتماعي
الإناث |
الذكور |
|||
يترددون على المسجد |
لا يترددون على المسجد |
يترددن على المسجد |
لا يترددن على المسجد |
|
تحرشات الشرطة: تقديم شكوى |
83% N=5/6 |
78% N=7/9 |
44% N=4/9 |
11% N=1/9 |
تحرشات الشرطة: المسرع يستحق |
27% N=1/6 |
22% N=2/9 |
56% N=5/9 |
89% N= 8/9 |
عندما قمت بتقسيم البيانات عبر خطوط النوع الاجتماعي، كانت أكثر النتائج إثارة للدهشة تكمن في تأثير النوع الاجتماعي على تقييم قائد السيارة المُسرع. وكان من الأرجح أن يطرح الرجال، أكثر من النسا، أن المُسرع يستحق الغرامة (64% إلى ٢٥%). فمن ناحية، نجد أن فئة الرجال العرب المسلمين غير المترددين على المسجد تضم أكبر نسبة مئوية من الأفراد الذين يُبرؤون الشرطة. ومن الناحية الأخرى، كان من الأرجح أن يتقدم الرجال المترددين على المسجد بشكوى ضد تحرش الشرطة. وفي المقابلات، كان من الأرجح أيضًا أن يتحدث هؤلاء الرجال، مثلهم مثل النساء المترددات على المسجد، عن الحوادث الشخصية في مجال التمييز، ومن الأرجح تبيان نبرة المصير المشترك فيما يتعلق بالمعاملة الظالمة المقترنة بالمشاركة في المسجد. ولهذا، فإن احتمالات أن ينبذ الرجال المترددين على المسجد، علاوة على النساء، سلوك رجل الشرطة تقل عن نفس الاحتمالات لدى الرجال غير المترددين على المسجد.
وقد طرح الذكور غير المترددين على المسجد بالعينة رواية ثرية حول العمليات المقترنة بتقييم التمييز وإشراك السلطات المحلية كعلاج، وهم ينخرطون، في واقع الأمر، في النظام السياسي الأمريكي. وقد أفادت نسبة 50% من الناشطين سياسيًّا بأنهم يدلون بأصواتهم، ويقدمون العرائض و / أو يشاركون في المظاهرات العامة. كما أنهم من المهنيين الناجحين، والطلاب، ورجال الأعمال الذين يتفاعلون بصورة دالة مع الاتجاه العام في أمريكا. إن خيبة أملهم في موقف المُسرع وليس الشرطة مبني على الافتقار إلى خبرات المصير المشترك، والتي تربط بشكل مباشر بين الصور النمطية والخبرات الفردية والشخصية للتمييز. وبدراسة التبادل بين الشرطي – المُسرع المخالف من خلال عدسة موجهة نحو الداخل، نجدهم لا يعتبرون أن الصور النمطية ضد العرب والمسلمين تعوق جهودهم الشخصية في النجاح. ونظرًا لعدم تعرضهم للتمييز، كما يقولون، نجدهم غير قادرين علي ربط الصور النمطية بالحواجز التي تعوق تقدم المجتمع المحلي. لقد كانوا قادرين على التحرك خلال المجتمع بصورة غير مشتتة نسبيًّا نتيجة تأثيرات التمييز، كما أنهم يذهبون أيضًا إلى أن اتهامات بالتمييز يمكن أن تبدو زائفة وغير ناضجة أو غير مبررة، ولا تفعل شيء أكثر من إدانة البلد الذي كان كريمًا معهم. بل يمكن حتى أن يؤدي الاتهام بالتمييز إلى خلق تمييز “حقيقي” أو يعرقل التقدم الذي بمقدورهم تحقيقه في ذلك المجتمع.
وقد يبدو أن النوع الاجتماعي فحسب يلقي الضوء على الاختلافات في العينة، لكننا أوضحنا أن هناك أيضًا الشريحة الاقتصادية التي تبني علاقة العرب المسلمين بين تصورات المصير المشترك (أو افتقاده) والأنماط التمييزية الظاهرة (الجدول 3). ويؤثر هذا التقسيم الاقتصادي تأثيرًا مباشرًا على شكل ومضمون الانخراط السياسي الذي تعتنقه هذه المجموعة من العرب المسلمين. وكان أغلب الذكور غير المترددين على المسجد بالعينة من الموظفين، والمهنيين، أو أصحاب الأعمال التجارية الخاصة. وتقل أرجحية مشاركتهم في مجموعات المناصرة العربية: المجموعات التي يمكن أن تقود إلى توليد تصورات المصير المشترك تجاه تأثير الصور النمطية السلبية. وهناك ثلاثة ذكور فقط، من تسعة ذكور لا يترددون على المسجد، يشاركون في جماعة مناصرة عربية. وبالمثل، كان الرجال الذين يترددون على المسجد في وظائف مماثلة، وينقسمون على قدم المساواة تقريبًا حول رد الفعل تجاه الشرطة. ومن يقولون إن المسرع يستحق ذلك، إنما يوازنون امتنانهم بالفرص الاقتصادية في الولايات المتحدة مع التصورات حول تأثير التمييز. إنهم يخشون أن تُفضي زيادة المواجهات مع الدولة إلى سوء الأمور بالنسبة للعرب – الأمريكيين. على أن الرجال الذين يترددون على المسجد، ويقولون أنهم قد يتقدمون بشكاوى، يعتبرون إمكانية التمييز قوة تدميرية. ومثلهم مثل أفراد النساء المترددات على المسجد بالعينة، أو غير المترددات على المسجد لكنهن ناشطات سياسيًّا، يشعرون بأن عليهم التزامًا بالتعبير عن قلقهم إلى السلطات المناسبة.
جدول (۳): إجابات المسلمين غير المترددين على المسجد، وفقًا للمشاركة في جماعات المناصرة العربية أو المسلمة
الإناث |
الذكور |
|||
ينتمون إلى مجموعة مناصرة عرقية |
لا ينتمون إلى مجموعة مناصرة عرقية |
ينتمون إلى مجموعة مناصرة عرقية |
لا ينتمون إلى مجموعة مناصرة عرقية |
|
تحرشات الشرطة: تقديم شكوى |
86% N=6/7 |
50% N=1/2 |
33% N=1/3 |
0% N=0/6 |
تحرشات الشرطة المُسرع يستحق |
14% N=1/7 |
50% N=1/2 |
67% N=2/3 |
100% N=6/6 |
في هذه العينة، تتقاسم النساء غير المترددات على المسجد العديد من الملامح المتشابهة مع نظيراتهن المترددات على المسجد. إن سبعة من تسعة نساء غير مترددات على المسجد ينتمين إلى عضوية جماعات المناصرة العربية العرقية، والتي تساعد على خلق الإحساس بالصور النمطية، والتمييز، وتصورات المصير المشترك – والتي تماثل تصورات النساء اللاتي يترددن على المسجد. وبوصفهم طالبات أو موظفات بالأعمال التجارية المملوكة للعرب، فمن الأقل ترجيحًا أن يعملن في وظائف مهنية بالشركات السائدة. ومن الناحية الأخرى، نجد أن النساء غير المترددات على المسجد، ويعتبرن أن المُسرع يستحق الغرامة، لا يشاركن في أعمال المناصرة ويطرحون تقييمات مرتفعة لمستويات الفرص المتاحة في الولايات المتحدة. ولهذا، لا يطرحن اتجاهات المصير المشترك التي تطرحها النساء الأخريات بالعينة ومشاركات في جماعات. إن إحدى أفراد هذه الفئة، وتقوم بإلقاء اللوم على المُسرع وتشترك في الوقت نفسه في مجموعة مناصرة عربية، توضح منطقًا مماثلاً للرجال الذين يترددون على المسجد ويلقون اللوم على المُسرع. إنها تخشي من أن يجلب المجتمع المحلي على نفسه مستويات متزايدة من التنميط:
وعليه أن يعترف أنه كان يقود سيارته بسرعة. فأنا لا أحب أيضًا أن يتحدث الناس عن التمييز عندما يقترفون أخطاء! لكن هذا يحدث! …إننا 100% مواطنين أمريكيين من أصل عربي. وعلينا أن نحارب التمييز ضد العرب والصور النمطية التي تجعل العرب إرهابيين مخيفين. هذا ما يجب الوقوف ضده، لأن كل إنسان جدير بالاحترام.
وعلى الرغم من إقرارها بوجود التمييز والتنميط، فإنها – وهي ناجحة في عملها وكيلة عقارات – معنية أيضًا بالعواقب التي يمكن أن تترتب عن الحديث بتهور عن التمييز، أو إحاطة مؤسسات الدولة بهذه الأنواع من المخاوف.
تتيح لنا هذه البيانات تقييمًا مثيرًا للاهتمام لتأثير الصور النمطية والتمييز على المشاركة السياسية. ولن يتخذ الأفراد سبيل رد الفعل لتلك المواقف إلا عندما يعتقدون أن فوائد الشكوى أكبر وزنًا من الآثار المعقولة. ونجد أن التقدم بالشكوى لمصلحة رفاه المجتمع المحلي يفوق الاهتمامات الأخرى لدى النساء المشاركات في الجوامع والروابط العرقية. ونظرًا لمشاركتهن في المنظمات الدينية وغيرها من المنظمات المدنية، فإن الأفراد المترددين على المسجد يعززون الروابط التي تقوم على الرؤية العامة حول المصير المشترك، وبالتالي أكثر استعدادًا للرد على أفعال التحرش، على اعتبار أن ذلك يُمثل وسيلة لحماية حقوقهم المدنية وحقوق مجتمعهم المحلي بشكل عام. ومن الأكثر ترجيحًا أن تشارك نساء العينة المسلمات العربيات – الأمريكيات في جماعات المناصرة العرقية العربية. وبالتالي، يوضحن اتجاهات مماثلة لاتجاهات نظيراتهن اللاتي يترددن على المسجد. ومن الأكثر ترجيحًا أن يعتبرن أفعال الشرطة تمييزية ويقمن باتخاذ موقف.
تلعب المؤسسات العرقية أدوارًا متعددة الأوجه في الحياة اليومية للنساء العربيات المسلمات. ولا يقتصر الأمر على ما تتيحه المشاركة في المؤسسة ذات الطابع العرقي، مثل المساجد، من فرصة للنساء لممارسة العقيدة والحفاظ على العناصر الأساسية لهوياتهن ووضع أنفسهن في خطابات مجتمعية أوسع، وإنما يمتد ليشمل أيضًا ارتفاع مستوى كفاءتهم السياسية ورغبتهم في ممارسة التصويت الانتخابي وليس الصمت. ولهذا، وبالنسبة للنساء المسلمات العربيات، تعمل المؤسسات العرقية بمثابة أدوات للحفاظ على الثقافة والهوية، بينما تزيد في الوقت نفسه من مستويات رأس المال السياسي النسائي على نحو يُبشر بالمشاركة السياسية في الاتجاه العام السائد. وكما جادلنا، تضع النساء العربيات والمسلمات مصالح مجتمعاتهن المحلية أعلى من مصالحهم الشخصية وبما يتجاوزها. على أن هذه الورقة البحثية توضح أن تعزيز الإناث لمصالح المجتمع المحلي لا يجب أن يأتي على حساب رفاه الأفراد. ومن خلال المشاركة في جمعيات وروابط المجتمع العرقي، تبنت النساء المسلمات العربيات خطابات الحقوق والمسؤوليات الفردية، بينما يضطلعن في الوقت نفسه بأدوارهن كحارسات للمجتمع المحلي.
أود التوجه بالشكر إلى كل من:
Sondra Hale, Frances Hasso, Ann Lin, Ellen Lust-Okar, John Mollenkoph, Andrew Shryock, Sherifa Zuhur
وإلى محررات مجلة Journal of Middle East Women’s Studies لما قدموه جميعًا من تعلقات مفيدة وبناءة.
“*Amaney Jamal, “Mosques, Collective Identity and Gender Differences Among Arab- American Muslims” Journal of Middle East Women’s Studies, volume 1, number 1 (Winter 2005), pp. 53-73
1- انظر/ي:
Pei, Te, Lien. “Does the Gender Gap in Political Attitudes and Behavior Vary Across Racial Groups?” Political Science Research. December 1998. (Vol 51, Issue 4, pg 869-895).
2- انظر/ ي:
Verba, Sydney, Burns, Nancy, and Kay Lehman Schlozman, “Knowing and Caring About Politics: Gender and Political Engagement,” The Journal of Politics, November, 1997; Burns, Nancy, Schlozman, Kay Lehman, and Sidney Verba. The Private Roots of Public Action: Gender, Equality and Political Participation. Cambridge: Harvard University Press, 2001.
3- انظر/ ي:
Wadud, Amina. “The Role of Women in the American-Muslim Community and Their Impact on Perceptions of Muslim Women Worldwide,” Muslims in the United States. Eds Philippa Strum and Danielle Tarantolo.: Washington DC: Woodrow Wilson International Center for Scholars. 2003.
4- انظر/ ي:
Ihsan Bagby, Paul Perl, and Bryan Froehle, The Mosque in America a National Portrait: A Report from the Mosque Study Project. (Washington D.C.: Council of American Islamic Relations. 2001).
5-انظر/ ي:
Jamal, Amaney. “The Political Participation and engagement of Muslim Americans: Mosque Involvement and Groups Consciousness,” American Politics Research. Forthcoming, Abraham, Nabeel. “Arab’Detroit’s “American” Mosque,” in Arab Detroit (eds) Shryock, Andrew and Nabeel Abraham. Detroit: Wayne State University, 2000
انظر/ ي:
Bagby, Ihsan, Perl, Paul and bryan Froehle. The Mosque in America a National Portrait: A Report from the Mosque Study Project. Council of American Islamic Relations. 2001; and a Bagby, Ihsan. A Portrait of Detroiy Mosques: Muslim Views on Policy, Politics and Religion. Michigan: Institute for Social Policy and Understanding, 2004.
6- في عام 1980، كانت الأقسام الإدارية الخمسة بمدينة نيويورك تضم 8 أو 9 مساجد فقط. ويقول مارك فيريس (Mark Ferris) إن هذا العدد تزايد إلى حوالي 37 في عام ١٩٩١. ومع حلول عام 1994، تضاعف عدد المساجد إلى 70 مسجدًا خلال ثلاث سنوات. انظر/ ي: Jerrilynn Dodds. The Mosques of New York city. (New York: PowerHouse Book2002).
7- يُشكل المجتمع الأفرو – أمريكي 30% من المسلمين– الأمريكيين في الولايات المتحدة.
8- ترتكز النتائج على الموجة الرابعة من المسح العالمي للقيم ودراسة العرب – الأمريكيين في ديترويت.
9- تولت أماني جمال وآن تشیه لین (Ann Chih Lin) إجراء المقابلات بدعم من “معهد بحوث المرأة والنوع الاجتماعي” وكلية Rackham بجامعة ميتشيجان (۱۹۹۷– ۲۰۰۲). ولحماية خصوصية المبحوثين / المبحوثات، قمنا بوضع أسماء مستعارة، بالإضافة إلى تغيير بعض التفاصيل. وقد قامت أماني جمال وآن تشيه لين بإجراء جميع المقابلات، باستخدام اللغة العربية أو الإنجليزية حسب رغبة المبحوث / المبحوثة. كما جرت المقابلات في خصوصية، شخصيًّا، في المواقع التي اختارها المبحوثون / المبحوثات. واستمرت كل مقابلة من ساعة إلى ساعتين، وتلاها استبيان بنيوي مفتوح.
10- برجاء ملاحظة أنني استخدمت هذا التصنيف تحقيقًا لأغراض هذه الورقة البحثية.
11- سؤال حول تحرش الشرطة: “تخيل أن صديق عربي أخبرك بأن الشرطة أوقفته لأنه كان يقود سيارته بسرعة، وكان مسرعًا بالفعل، لكن رجال الشرطة تحرشوا به عند تحرير غرامة السرعة، وكانوا وقحاء ووجهوا إليه إهانة. شعر صديقك بالضيق بالفعل، وطلب منك النصح، بماذا تنصحه؟“
12- قال خمسة مبحوثين آخرين أنهم لا يردون على التحرشات إطلاقًا، حيث من الأفضل البقاء بعيدًا عن الشرطة. لكن ورقتنا البحثية لا تشتمل على تحليل لهذه الفئة من الإجابات، لأننا نعتقد أن التصورات حول الشرطة ككيان لا ينبغي إشراكه تخضع بدرجة كبيرة لتأثير خبرات المبحوثين في الوطن الأم مقارنة بخبراتهم في الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإننا لا نعتقد أن إلغاء هذا الجانب من الدراسة يجعل نتائجها متحيزة. ومن بين المبحوثين الخمسة الذين لا نناقشهم هنا، يتردد ثلاثة منهم على المسجد ولا يتردد أثنان عليه. ونظرًا لأن توزيعهم بين الفئتين متساو تقريبًا، فإننا على ثقة أن تصنيفنا (التردد أو عدم التردد على المسجد) لا يُشكل ما يفسر هذه الإجابات.
13- انظر/ ي:
Nancy Rosenblum. “Navigating Pluralism: The Democracy of Everyday Life (and where it is learned),” in Stephen Elkin and Koral Edward Soltan, eds. Citizen Competence and Democratic Institutions. (University Park: Pennsylvania University Press, 1999) pg. 81.
14- انظر/ ي:MAPS poll, 2001.
١٥– انظر/ ي:
Islam in America – A Tentative Ascent: A Conversation with Yvonne Haddad. Islam for Today: https://www.islamfortoday.com/usahaddad.htm.
16- أنظر/ ي:
Mistreating Muslim-Americans, Islamic Horizons, May/June, 2002
17- نظر/ي:
William Haddad, “Report on the Governmental War Measures affecting Arabs and Muslims in the United States,” Submission to State Advisory Committee. The United States Commission on Civil Rights. March 29, 2002. Available at https://www.arabbar.org/govrep.htm.
18- كما اقتبسها سام أفريدي، انظر/ي:
Sam Afridi, “The Carnegie Challenge 2001, Muslims in America: Identity, Diversity and the Challenge of Understanding Islam.” 2001. (Carnegie Research Newsletter: https://www.carnegie.org/pdf/muslims.pdf.
19- تركز دراسات الأنماط الأفرو– أمريكية للسلوك السياسي على مفهوم المصير المشترك كعامل مُحدد في تشكيل مواقف السود في الولايات المتحدة. انظر/ ي:
Bobo, Lawrence and Franklin Gilliam, “Race, Sociopolitical Participation and Black Empowerment.” American Political Science Review, 1990; Miller, Arthur, Gurin Patricia, Gurin, Gerald, Oksana Malanchuk. “Group Consciousness and Political Participation,” American Journal of Political Science. Volume 25, Issue 3, 1981.
Abraham, Nabeel. 2000. Arab Detroit’s “American” Mosque. In Arab Detroit: From Margin to Mainstream. Andrew Shryock and Nabeel Abraham, eds. 279-312. Detroit: Wayne State University.
Bagby, Ihsan. 2004. A Portrait of Detroit Mosques: Muslim Views on Policy, Politics and Religion. Michigan: Institute for Social Policy and Understanding.
Bagy, Ihsan, Raul Perl, and Bryan Froehle. 2001. The Mosque in America: A National Portrait, A Report from the Mosque Study Project. Washington, DC: Council on American-Islamic Relations.
Burns, Nancy, Kay Lehman Schlozman, and Sidney Verba. 2001. The Private Roots of Public Action: Gender, Equality and Political Participation. Cambridge: Harvard University Press.
Calhoun-Brown, Allison. 1996. “African American Churches and Political Mobilization: The Psychological Impact of Organizational Resources”. The Journal of Politics 58(4):935-53
Dalton, Russell. 1998. Citizen Politics in Western Democracies: Public Opinion and Political Parties in the United States, Great Britain, West Germany, and France. 5th edition. Chatham: Chatham House.
Djupe, Paul and Tobin Grant. 2001. “Religious Institutions and Political Participation in America”. Journal of the Scientific Study of Religion 40(2): 303-14.
Greenberg, Anna. 2000. “The Church and the Revitalization of Politics and Community”. Political Science Quarterly 115(3):377-94.
Haddad Yvonne, and Jane Smith. 1996. “Islamic Values Among American Muslims”. In Family and Gender Among American Muslims. Barbara Aswad and Barbara Bilge, eds. 19-40. Philadelphia: Temple University Press.
Harris, Frederick. 1994. “Something Within: Religion as a Mobilizer of American Political Activism”. The Journal of Politics 56(1)42-68.
Hermansen, Marcia. 1991. “Two-Way Acculturation: Muslim Women in America Between Individual Choice (Liminality) and Community Affiliation (Communitas)”. In The Muslims of America. Yvonne Haddad, ed. 188-201. New York: Oxford University Press.
Jamal, Amaney. In press (July 2005). “The Political Participation and Engagement of Muslim Americans: Mosque Involvement and Groups Consciousness”. American Politics Research.
Jones-Correa, Michael and David Leal. 2001. “Political Participation: Does Religion Matter?” Political Research Quarterly 54(4):751-70.
Leighley, Jan. 1996. “Group Membership and Mobilization of Political Participation”. The Journal of Politics 58(2):447-63.
Leighley, Jan and Arnold Vedlitz. 1999. “Race, Ethnicity, and Political Participation: Competing Models and Contrasting Explanations”. The Journal of Politics 56(1):42-68.
Leonard, Karen. 2003. Muslim in the United States: The State of Research. New York: Russell Sage Foundation.
Lien, Pei-te. 1998. “Does the Gender Gap in Political Attitudes and Behavior Vary Across Racial Groups? Comparing Asians to Whites, Blacks, and Latinos”. Political
Research Quarterly 51(4):869-94.
Lien, Pei-te, Christian Collet, Janelle Wong, and Karthick Ramakrishnan. 2001. “Asian Pacific American Public Opinion and Political Participation”. Political Science and Politics 34(3):625-30.
Peterson, Steven. 1992. :Church Participation and Political Participation: The Spillover Effect”. American Politics Quarterly 20(1):123-39.
Rosenstone, Steven and John Mark Hansen. 1993. Mobilization, Participation and Democracy in America. New York: Macmillan.
Schlozman, Kay, Nancy Burns, and Sidney Verba. 1994. “Gender and the Pathways to Participation: The Role of Resources”. The Journal of Politics 56(4):963-90.
Seikaly, May. 1999. “Attachment and Identity: The Palestinian Community of Detroit”. In Arabs in America: Building a New Future. Michael Suleiman, ed. 25-38. Philadelphia: Temple University Press.
Smidt, Corwin. 1999. “Religion and Civic Engagement: A Comparative Analysis”. The Annals of the American Academy of Political and Social Science 565(1): 176-92.
Stokes, Atiya Kai. 2003. “Latino Group Consciousness and Political Participation”. American Politics Research 31(4):361-78.
Suleiman, Michael, ed. 1999. “The Arab Immigrant Experience”. In Arabs in America: Building a New Future. 1-21. Philadelphia: Temple University Press.
Tate, Katherine. 1993. From Protest to Politics. Cambridge: Sage.
Verba, Sidney, Kay Schlozman, Henry Brady, and Norman Nie. 1993. “Citizen Activity: Who Participates? What Do They Say?” American Political Science Review 87(2):303-18.
Verba, Sidney, Nancy Burnsm and Kay Lehman Schlozman. 1997. “Knowing and Caring About Politics: Gender and Political Engagement”. The Journal of Politics 59(4):1051-1072.
Wadud, Amina. 2003. “The Role of Women in the American-Muslim Community and Their Impact on Perceptions of Muslim Women Worldwide”. In Muslims in the United States. Philippa Strum and Danielle Tarantolo, eds. Washington, DC: Woodrow Wilson International Center for Scholars.
Wuthnow, Robert. 1999. “Mobilizing Civic Engagement: The Changing Impact of Religious Involvement”. In Civic Engagement in American Democracy. Theda
Skocpol and Morris Fiorina, eds. 331-363. New York: Russell Sage.