المشكلات الاجتماعية للمرأة الفقيرة في السعودية

عندما وقعت أيدينا في أحد المواقع الإلكترونية على بحث للباحثة السعودية “الجارية بنت محمد الشبكي” المشكلات الاجتماعية للمرأة الفقيرة في السعودية، وجدنا ما يؤكد مقولة “كوفي عنان” الأمين العام السابق للأمم المتحدة “الفقر وجهه امرأة” حتى في البلدان النفطية التي أصابها الثراء الفاحش من عائد بيع البترول، وهناك سبب آخر من أسباب تحمسنا لعرض البحث وهو الكشف عن منطقة قد تكون مجهولة بشكل أو بآخر، وقد أوضحها البحث، ففي معظم ما يتعلق بالنساء في السعودية يتم التركيز على غياب الحرية وخضوعهن للقهر والسلطة “الذكورية” الممثلة في الأسرة والمجتمع وقيمه وسلطة الدين المتمثلة في المنظومة المغلقة التي صنعها الفقهاء وسجنوا داخلها نساء المجتمع السعودي، وقد تكون هناك صور نمطية لحياة النساء السعوديات الغارقة في الترف والدعة رغم وجود محاولات جنينية لكسر محدود في طوق الحصار لبعضهن في مجال التعليم والعمل في حدود المسموح به من حيث شغل وظائف محدودة، والقيام بأعمال تتفق ورؤية المجتمع للمرأة. من هنا كانت أهمية البحث الذي يكشف كما قلنا جانبًا مهمًا يجب التعرف عليه.

ولن نتعرض هنا لمنهج البحث ولا لأبعاد قضية النساء عالميًا وعربيًا رغم أهمية ما قدمته الباحثة وأكدت به بالأرقام – من خلاله – أن النساء ظللن وعلى مدى القرن الماضي وبداية هذا القرن أكثر فقرًا من الرجال، وإن كان لابد أن نذكر عدة أرقام للدلالة فحسب على معاناة النساء من الفقر فقد ذكرت الباحثة: أنه في بداية هذا القرن كانت نسبة 61% من إجمالي الكبار الذين يحصلون على إعانات فقر من النساء، وأن نسبة النساء الفقيرات بشكل عام في العالم تصل إلى ۷۰% من بين 1.3 ملايين فقير، أما النساء العاملات على وجه الخصوص فيمثلن حوالي 60% من ٥٥٠ مليونًا من العمال الفقراء.

وتؤكد الباحثة : أنه وفي ظل النظام العالمي الجديد وفي ظل العولمة والتعديل الهيكلي فإن ظاهرة فقر النساء في ازدياد مستمر، ومن المتوقع زيادة أعداد النساء الفقيرات زيادة كبيرة في السنوات المقبلة ورغم الإغراء بما عرض وما جاء بالبحث حول أوضاع النساء الفقيرات في بلدان عربية مختلفة نظرًا لما به من توثيق رقمي ورصد ميداني، فإننا سنكتفي بذكر جزء من آثار الفقر على نسائنا الفقيرات في بعض البلدان العربية، إلا أن لفقر النساء آثارًا سلبية متعددة على أنفسهن وعلى أطفالهن وبالتالي على تقدم مجتمعهن وتنمية بلادهن، فقد توصلت بعض الأبحاث إلى أن الفقر وانعكاساته على سوء التغذية والوفاة والصحة وأنه يلعب دورًا واضحًا في وفيات الإناث، كما تبين ذلك في دراسات تمت في مصر واليمن والسودان وبلدان شمال أفريقيا، وتوضح بعض دراسات الحالة في مصر والمغرب ولبنان أن النساء الفقيرات غالبًا ما تلجأن إلى التطبيب الشعبي لارتفاع تكلفة العلاج الخاص، وعدم توافر إمكانات العلاج في المستشفيات والمصحات الحكومية.

كما تعاني النساء من نقص البروتين الحيواني والفيتامينات في غذائها.

نعود لموضوعنا الأساسي وهو “أبعاد فقر النساء في السعودية مؤشراته” وترصد الباحثة أولاً : لم يكن لفقر النساء بصفته المفردة خصوصيته البارزة قبل التغيرات الاقتصادية الحديثة للمجتمع السعودي منذ استقرار الأحوال السياسية واكتشاف النفط وما لحق به من تطورات وتغيرات في البيئة الاجتماعية للمجتمع من عادات وتقاليد وقيم وأنماط سلوكية ووسائل معيشة: حيث كان الفقر في السابق يعم المجتمع بشكل عام ولا يتضح فيه فقر أي فرد من أفراد الأسرة على حساب الآخرين“.

ومن أهم المؤشرات التي ذكرتها الباحثة في رصد وضع الفقر على كاهل النساء أكثر من وضعه على كاهل الرجل، زيادة أعداد النساء المستفيدات من مخصصات الكيان الاجتماعي سواء المعاشات أو المساعدات الاجتماعية على الرغم من أن تلك الأعداد غير معلن رسميًا عنها.

أما عن الآثار الناجمة عن فقر النساء في السعودية فهي تتمثل في الآتي:

المرض وسوء التغذية واعتلال الصحة الإنجابية

التأخر في مراجعة الطبيب خوفًا من الإعلان عن المرض للزوج

أولاً : المرض وسوء التغذية واعتلال الصحة الإنجابية أثناء الحمل والولادة، والتي من الممكن أن تؤدي إلى الوفاة، كما أنه ثبت تأخر النساء عن مراجعة الأطباء لإجراء الفحوصات اللازمة في بداية المرض خوفًا من الإعلان عن المرض للزوج فيطلقها أو يهجرها أو يتزوج من غيرها أو يتزوج بأخرى.

التسول للحصول على الأدوية التي لم تعد تصرف بشكل منتظم حاليًا في المملكة

وقد رصدت البحوث الفترة بين الإحساس بأعراض المرض والعرض على الطبيب بأكثر من سنة، والإشكالية في مرض النساء الفقيرات ليس في الحصول على علاج لأن العلاج في المجتمع السعودي بالمجان لجميع المواطنين والمواطنات، ولكن الإشكالية في وعي النساء بطريقة العلاج الصحيحة والالتزام بتنفيذ تعليمات الطبيب، وهناك إشكالية حقيقية تظهر عندما يزداد وضع أحوالها الصحية سوءًا ويتطلب الأمر علاجًا متخصصًا تبدأ المشكلة الصحية الحقيقية للمرأة الفقيرة من حيث الانتظار الذي قد يمتد بالأشهر لمواعيد المستشفيات المتخصصة المجانية أو شبه المجانية، والذي قد لا تحصل عليه بسهولة إلا من خلال مشوار طويل من التردد والإثباتات والوساطات!! مما قد يضطرها إلى طلب الإعانة لعلاج نفسها في المستشفيات أو العيادات الخاصة من الجمعيات الخيرية أو المحسنين، أو قد تضطر إلى التسول للحصول على قيمة الأدوية التي لا تصرف في الوقت الحاضر بشكل منظم بالكمية المطلوبة في المستشفيات العامة خاصة الأدوية الدائمة والمكلفة، ولا يوجد في نظام الضمان الاجتماعي أي بند بمساعدات المرضى بصفتهم مرضى ودفع تكاليف علاجهم وقد يعود ذلك إلى أنه ليس هناك ما يسمى بفئة المرضى من فئات الضمان الاجتماعي، ولكنهم مدرجون تحت فئة العاجزين عن العمل لأسباب صحية تؤكد هنا على العاجزين وليس العاجزات.

ثانيًا : التفكك الأسري ونذكر هنا أن النساء من ضحايا أغلب أنواع التفكك الأسري من ترمل وطلاق وهجر وسجن عائلي، ومن مظاهر التفكك الأسري في المجتمع السعودي:

العنف العائلي قد يصل لحد الإعاقة

أ ) العنف العائلي الذي يكون ضحيته النساء والأطفال، ورغم أنه لا توجد إحصاءات محددة عن العنف ضد النساء بالذات على حد علم الباحثة، فإن العديد من الجمعيات النسائية الخيرية وطوارئ المستشفيات رصدت حالات متعددة من العنف العائلي ضد النساء من الزوج والأب والأخ وغيرهم، وقد يصل العنف إلى حد الإعاقة.

ارتفاع معدلات الطلاق وطول إجراءات المحاكم

ب) الطلاق وقد ارتفعت معدلاته في الفترة الأخيرة، وتتضرر النساء من وقوع الطلاق أكثر من تضرر الرجال في الغالب، خاصة إذا كانت المرأة فقيرة وغير متعلمة، وتواجه النساء المطلقات عدة مشاكل في المحاكم من أجل النفقة والحضانة، وإذا كانت النساء تعاني بشكل عام في المجتمع من تعقد وطول إجراءات المحاكم، فإن النساء الفقيرات تتحمل تلك المعاناة بدرجات مضاعفة، ومن المشكلات التي تواجه النساء الفقيرات أن يكون لديها أبناء يعملون ولكنهم غير قادرين على مساعدتها ماديًا، وتؤكد الباحثة وجود مشكلات أخرى للمرأة الفقيرة متفرقة ومتعددة تحتاج لعشرات البحوث وتحتاج إلى جهود كبيرة ومنظمة للخروج بالنساء الفقيرات بالسعودية من نفق حياتهن المظلمة.

ونحن نتساءل: هل يختلف نفق النساء السعوديات الفقيرات عن نفق قريناتهن المصريات أو غيرهن من النساء الفقيرات في العالم؟